عمرو بْن شأس بْن عُبَيْد بْن ثعلبة
من بني دودان بْن أَسَد بْن خزيمة الأسدي. له صحبة ورواية. هو ممن شهد الحديبية، وممن اشتهر بالبأس والنجدة. وكان شاعرا مطبوعا. يعد فِي أهل الحجاز. ومن نسبه يَقُول: هُوَ عَمْرو بْن شأس بْن عُبَيْد بْن ثعلبة بْن رويبة بْن مَالِك بْن الْحَارِث بْن سَعْد بْن ثعلبة بْن دودان بْن أَسَد بْن خزيمة. قد قيل التميمي من بني مجاشع بْن دارم، وإنه كَانَ فِي الوفد الذين قدموا من بني تميم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والأول أصح وأكثر، وأشعاره فِي امرأته أم حَسَّان وابنه عرار بْن عَمْرو، مشهورة حَسَّان، ومن قوله فيها وفي عرار ابنه وكانت تؤذيه وتظلمه:
أرادت عرارا بالهوان ومن برد ... عرارا لعمري بالهوان لقد ظلم
فإن كنت مني أو تريدين صحبتي ... فكوني له كالسمن ربت بِهِ الأدم
ويروي:
فكوني لَهُ كالسمن ربت لَهُ الأدم
وهو شعر مجود عجيب، وفيه يَقُول:
وإن عرارا إن يكن غير واضحٍ ... فإنّي أحب الجون ذا المنكب العمم
ويروى عرار- بالفتح، وعرار- بالكسر. والعرار- بالفتح:
شجر. والعرار- بالكسر: صياح الظلم، وَكَانَ عرار ابنه أسود من أمةٍ سوداء، وكانت امرأته أم حَسَّان السعدية تعيره بِهِ وتؤذي عرارا وتشتمه، فلما أعياه أمرها، ولم يقدر على إصلاحها فِي شأن عرار طلقها، ثُمَّ تبعتها نفسه، وله فيها أشعار كثيرة. وعرار هَذَا هُوَ الَّذِي وجهه الْحَجَّاج برأس عبد الرحمن ابن مُحَمَّد بْن الأَشْعَث إِلَى عَبْد الْمَلِكِ، وكتب معه بالفتح كتابا، فجعل عَبْد الْمَلِكِ يقرأ كتاب الْحَجَّاج، فكلما شك فِي شيءٍ سأل عَنْهُ عرارا فأخبره، فعجب عَبْد الْمَلِكِ من بيانه وفصاحته مع سواده فتمثل:
وإن عرارا إن يكن غير واضح ... فإني أحب الجون ذا المنكب العمم
فضحك عرار، فقال عبد الملك: مالك تضحك! فَقَالَ: أتعرف عرارا يَا أمير المؤمنين الَّذِي قيل فِيهِ هَذَا الشعر؟ قَالَ: لا. قال: فأنا هُوَ. فضحك عَبْد الْمَلِكِ، ثُمَّ قَالَ: حظ وافق كلمة، وأحسن جائزته، ووجهه. هكذا ذكر بعض أهل الأخبار أن هَذَا الخبر كَانَ فِي حين بعث الْحَجَّاج برأس ابْن الأَشْعَث إِلَى عَبْد الْمَلِكِ.
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو محمد عبد الله بن جعفر ابن الْوَرْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو حُمَيْدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ خَلادٍ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْعُتْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَتَبَ الحجاج كتابا إلى عبد الملك ابن مَرْوَانَ يَصِفُ لَهُ فِيهِ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَمَا ألفاهم عليه من الاختلاف،
وَمَا يَكْرَهَ مِنْهُمْ، وَعَرَّفَهُ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ التَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ، وَيَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُودِعَ قُلُوبَهُمْ مِنَ الرَّهْبَةِ، وَمَا يَخِفُّونَ بِهِ إِلَى الطَّاعَةِ. وَدَعَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِهِ كَانَ يَأْنَسُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: انْطَلِقْ بِهَذَا الْكِتَابِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلا يَصِلَنَّ مِنْ يَدِكَ إِلا إِلَى يَدِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ. فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، وَجَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ كُلَّمَا شَكَّ فِي شَيْءٍ اسْتَفْهَمَهُ، فَوَجَدَهُ أَبْلَغَ مِنَ الْكِتَابِ، فَقَالَ عبد الملك:
وإن عرارا إن يكن غير واضح ... فإني أُحِبُّ الْجَوْنَ ذَا الْمَنْكِبِ الْعَمَمْ
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَدْرِي مَنْ يُخَاطِبُكَ؟ قَالَ: لا.
فَقَالَ: أَنَا وَاللَّهِ عِرَارٌ، وَهَذَا الشِّعْرُ لأَبِي، وَذَلِكَ أَنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَأَنَا مُرْضَعٌ، فَتَزَوَّجَ أَبِي امْرَأَةً، فَكَانَتْ تُسِيءُ وِلايَتِي، فقال أبى:
فإن كنت مني أو تريدين صحبتي ... فكوني لَهُ كَالسَّمْنِ رُبَّتْ لَهُ الأَدَمْ
وَإِلا فَسِيرِي سَيْرَ رَاكِبِ نَاقَةٍ ... تَيَمَّمَ غَيْثًا لَيْسَ فِي سَيْرِهِ أَمَمْ
أَرَادَتْ عِرَارًا بِالْهَوَانِ وَمَنْ يُرِدْ ... عِرَارًا لَعَمْرِي بِالْهَوَانِ لَقَدْ ظُلِمْ
وَإِنَّ عِرَارًا إن يكن غير واضح ... فإني أحب الجون ذَا الْمَنْطِقِ الْعَمَمْ
وعمرو بْن شأس هُوَ القائل:
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا ... كفى لمطايانا بوجهك هاديا
أليس تريد العيس خفة أذرعٍ ... وإن كنّ حسرى أن تكون أماميا
وكان ابْن سِيرِين يحفظ هَذَا الشعر وينشد منه الأبيات، وَهُوَ شعر حسن، يفتخر فِيهِ بخندف على قَيْس.
قال أَبُو عَمْرو الشيباني: جهد عَمْرو بْن شأس أن يصلح بين امرأته فلم يمكنه ذاك، فطلقها ثُمَّ ندم ولام نفسه، فقال:
تذكر ذكرى أم حَسَّان فاقشعر ... على دبرٍ لما تبين مَا ائتمر
تذكرتها وهنا وقد حال دونها ... رعان وقيعان بها الماء والشجر
فكنت كذات البو لما تذكرت ... لها ربعا حنت لمعهده سحر
وذكر الشعر وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شَأْسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان، حدثنا قاسم ابْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا أبى، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ابن سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مَعْقِلِ بن سنان، عن عبد الله بن نيار، عَنْ عَمْرِو بْنِ شَاسٍ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ آذَيْتَنِي. فَقُلْتُ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُوذِيكَ. فَقَالَ: مَنْ آذَى عَلِيًّا فَقَدْ آذَانِي. قَالَ أَحْمَد بْن زُهَيْر: وأخبرناه مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا مَسْعُود بن سعد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن الفضل بن معقل بن سنان، عن عبد الله بن نيار، عن عمرو بن شاس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
من بني دودان بْن أَسَد بْن خزيمة الأسدي. له صحبة ورواية. هو ممن شهد الحديبية، وممن اشتهر بالبأس والنجدة. وكان شاعرا مطبوعا. يعد فِي أهل الحجاز. ومن نسبه يَقُول: هُوَ عَمْرو بْن شأس بْن عُبَيْد بْن ثعلبة بْن رويبة بْن مَالِك بْن الْحَارِث بْن سَعْد بْن ثعلبة بْن دودان بْن أَسَد بْن خزيمة. قد قيل التميمي من بني مجاشع بْن دارم، وإنه كَانَ فِي الوفد الذين قدموا من بني تميم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والأول أصح وأكثر، وأشعاره فِي امرأته أم حَسَّان وابنه عرار بْن عَمْرو، مشهورة حَسَّان، ومن قوله فيها وفي عرار ابنه وكانت تؤذيه وتظلمه:
أرادت عرارا بالهوان ومن برد ... عرارا لعمري بالهوان لقد ظلم
فإن كنت مني أو تريدين صحبتي ... فكوني له كالسمن ربت بِهِ الأدم
ويروي:
فكوني لَهُ كالسمن ربت لَهُ الأدم
وهو شعر مجود عجيب، وفيه يَقُول:
وإن عرارا إن يكن غير واضحٍ ... فإنّي أحب الجون ذا المنكب العمم
ويروى عرار- بالفتح، وعرار- بالكسر. والعرار- بالفتح:
شجر. والعرار- بالكسر: صياح الظلم، وَكَانَ عرار ابنه أسود من أمةٍ سوداء، وكانت امرأته أم حَسَّان السعدية تعيره بِهِ وتؤذي عرارا وتشتمه، فلما أعياه أمرها، ولم يقدر على إصلاحها فِي شأن عرار طلقها، ثُمَّ تبعتها نفسه، وله فيها أشعار كثيرة. وعرار هَذَا هُوَ الَّذِي وجهه الْحَجَّاج برأس عبد الرحمن ابن مُحَمَّد بْن الأَشْعَث إِلَى عَبْد الْمَلِكِ، وكتب معه بالفتح كتابا، فجعل عَبْد الْمَلِكِ يقرأ كتاب الْحَجَّاج، فكلما شك فِي شيءٍ سأل عَنْهُ عرارا فأخبره، فعجب عَبْد الْمَلِكِ من بيانه وفصاحته مع سواده فتمثل:
وإن عرارا إن يكن غير واضح ... فإني أحب الجون ذا المنكب العمم
فضحك عرار، فقال عبد الملك: مالك تضحك! فَقَالَ: أتعرف عرارا يَا أمير المؤمنين الَّذِي قيل فِيهِ هَذَا الشعر؟ قَالَ: لا. قال: فأنا هُوَ. فضحك عَبْد الْمَلِكِ، ثُمَّ قَالَ: حظ وافق كلمة، وأحسن جائزته، ووجهه. هكذا ذكر بعض أهل الأخبار أن هَذَا الخبر كَانَ فِي حين بعث الْحَجَّاج برأس ابْن الأَشْعَث إِلَى عَبْد الْمَلِكِ.
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو محمد عبد الله بن جعفر ابن الْوَرْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو حُمَيْدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ خَلادٍ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْعُتْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَتَبَ الحجاج كتابا إلى عبد الملك ابن مَرْوَانَ يَصِفُ لَهُ فِيهِ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَمَا ألفاهم عليه من الاختلاف،
وَمَا يَكْرَهَ مِنْهُمْ، وَعَرَّفَهُ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ التَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ، وَيَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُودِعَ قُلُوبَهُمْ مِنَ الرَّهْبَةِ، وَمَا يَخِفُّونَ بِهِ إِلَى الطَّاعَةِ. وَدَعَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِهِ كَانَ يَأْنَسُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: انْطَلِقْ بِهَذَا الْكِتَابِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلا يَصِلَنَّ مِنْ يَدِكَ إِلا إِلَى يَدِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ. فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، وَجَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ كُلَّمَا شَكَّ فِي شَيْءٍ اسْتَفْهَمَهُ، فَوَجَدَهُ أَبْلَغَ مِنَ الْكِتَابِ، فَقَالَ عبد الملك:
وإن عرارا إن يكن غير واضح ... فإني أُحِبُّ الْجَوْنَ ذَا الْمَنْكِبِ الْعَمَمْ
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَدْرِي مَنْ يُخَاطِبُكَ؟ قَالَ: لا.
فَقَالَ: أَنَا وَاللَّهِ عِرَارٌ، وَهَذَا الشِّعْرُ لأَبِي، وَذَلِكَ أَنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَأَنَا مُرْضَعٌ، فَتَزَوَّجَ أَبِي امْرَأَةً، فَكَانَتْ تُسِيءُ وِلايَتِي، فقال أبى:
فإن كنت مني أو تريدين صحبتي ... فكوني لَهُ كَالسَّمْنِ رُبَّتْ لَهُ الأَدَمْ
وَإِلا فَسِيرِي سَيْرَ رَاكِبِ نَاقَةٍ ... تَيَمَّمَ غَيْثًا لَيْسَ فِي سَيْرِهِ أَمَمْ
أَرَادَتْ عِرَارًا بِالْهَوَانِ وَمَنْ يُرِدْ ... عِرَارًا لَعَمْرِي بِالْهَوَانِ لَقَدْ ظُلِمْ
وَإِنَّ عِرَارًا إن يكن غير واضح ... فإني أحب الجون ذَا الْمَنْطِقِ الْعَمَمْ
وعمرو بْن شأس هُوَ القائل:
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا ... كفى لمطايانا بوجهك هاديا
أليس تريد العيس خفة أذرعٍ ... وإن كنّ حسرى أن تكون أماميا
وكان ابْن سِيرِين يحفظ هَذَا الشعر وينشد منه الأبيات، وَهُوَ شعر حسن، يفتخر فِيهِ بخندف على قَيْس.
قال أَبُو عَمْرو الشيباني: جهد عَمْرو بْن شأس أن يصلح بين امرأته فلم يمكنه ذاك، فطلقها ثُمَّ ندم ولام نفسه، فقال:
تذكر ذكرى أم حَسَّان فاقشعر ... على دبرٍ لما تبين مَا ائتمر
تذكرتها وهنا وقد حال دونها ... رعان وقيعان بها الماء والشجر
فكنت كذات البو لما تذكرت ... لها ربعا حنت لمعهده سحر
وذكر الشعر وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شَأْسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان، حدثنا قاسم ابْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا أبى، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ابن سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مَعْقِلِ بن سنان، عن عبد الله بن نيار، عَنْ عَمْرِو بْنِ شَاسٍ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ آذَيْتَنِي. فَقُلْتُ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُوذِيكَ. فَقَالَ: مَنْ آذَى عَلِيًّا فَقَدْ آذَانِي. قَالَ أَحْمَد بْن زُهَيْر: وأخبرناه مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا مَسْعُود بن سعد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن الفضل بن معقل بن سنان، عن عبد الله بن نيار، عن عمرو بن شاس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.