عبد الله بن قارب أنه كان صديقا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وارتفع إليه في جارية اشتراها وأسقطت سقطا للبائع روى عمر ابن ذر عن محمد بن عبد الله بن قارب الثقفي عن أبيه عبد الله بن قارب.
Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī (d. 938 CE) - al-Jarḥ wa-l-taʿdīl - ابن أبي حاتم الرازي - الجرح والتعديل
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 17284 10164. عبد الله بن فروخ اليمامي1 10165. عبد الله بن فروخ مولى ال طلحة بن عبيد الله القرشى التيمي...1 10166. عبد الله بن فروخ مولى عائشة1 10167. عبد الله بن فضالة الليثي5 10168. عبد الله بن فيروز الداناج ويقال الدانا...2 10169. عبد الله بن قارب510170. عبد الله بن قبيصة الفزاري ابو قبيصة1 10171. عبد الله بن قتادة المحاربي4 10172. عبد الله بن قدامة بن عنزة1 10173. عبد الله بن قرط الازدي ويقال الثمالي...1 10174. عبد الله بن قريط3 10175. عبد الله بن قيس10 10176. عبد الله بن قيس ابو بحرية السكوني1 10177. عبد الله بن قيس ابو خميصة الزبيدي1 10178. عبد الله بن قيس ابو موسى الاشعري2 10179. عبد الله بن قيس الاسلمي5 10180. عبد الله بن قيس البصري2 10181. عبد الله بن قيس الخزاعي4 10182. عبد الله بن قيس النخعي2 10183. عبد الله بن قيس الهمداني الحمصي2 10184. عبد الله بن قيس بن عباد1 10185. عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب القرشي...1 10186. عبد الله بن كاسب3 10187. عبد الله بن كامل1 10188. عبد الله بن كثير الطويل القاري الدمشقي...1 10189. عبد الله بن كثير المكي2 10190. عبد الله بن كرز القرشي ابو كرز1 10191. عبد الله بن كعب العبدي2 10192. عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان القرشي...1 10193. عبد الله بن كليب3 10194. عبد الله بن كناز3 10195. عبد الله بن كيسان6 10196. عبد الله بن كيسان ابو عمر مولى اسماء بنت ابي بكر...1 10197. عبد الله بن كيسان ابو مجاهد المروزي3 10198. عبد الله بن كيسان مولى طلحة بن عبد الله بن عوف...1 10199. عبد الله بن لاحق المكي3 10200. عبد الله بن لحى ابو عامر الهوزني2 10201. عبد الله بن ليث1 10202. عبد الله بن ماعز2 10203. عبد الله بن مالك ابن بحينة الاسدي1 10204. عبد الله بن مالك ابو تميم الجيشاني2 10205. عبد الله بن مالك ابو كاهل3 10206. عبد الله بن مالك ابو كثير الزبيدي1 10207. عبد الله بن مالك الاوسي الحجازي1 10208. عبد الله بن مالك الخزاعي1 10209. عبد الله بن مالك الهمداني4 10210. عبد الله بن مالك اليحصبي2 10211. عبد الله بن مالك بن ابراهيم بن الاشتر النخعي...1 10212. عبد الله بن مالك بن الحويرث الليثي البصري...1 10213. عبد الله بن مالك بن حذافة3 10214. عبد الله بن مبشر جليس ابن ابي ذئب1 10215. عبد الله بن محدوج بن ابي مودود1 10216. عبد الله بن محرر الرقي1 10217. عبد الله بن محمد ابو عبد الرحمن الزاهد...1 10218. عبد الله بن محمد الرملي1 10219. عبد الله بن محمد القداح1 10220. عبد الله بن محمد بن معن1 10221. عبد الله بن محمد ابن الحنفية3 10222. عبد الله بن محمد ابو جراب القرشي1 10223. عبد الله بن محمد ابو نعيم الانصاري البياضي...1 10224. عبد الله بن محمد البزار1 10225. عبد الله بن محمد العدوي6 10226. عبد الله بن محمد الفهمي المصري ابو محمويه...1 10227. عبد الله بن محمد الهذلي1 10228. عبد الله بن محمد الوهبي1 10229. عبد الله بن محمد اليمامي البكري1 10230. عبد الله بن محمد بن ابي بكر الثقفي1 10231. عبد الله بن محمد بن ابي بكر القرشي التيمي...1 10232. عبد الله بن محمد بن ابي شيبة4 10233. عبد الله بن محمد بن ابي يحيى الاسلمي...1 10234. عبد الله بن محمد بن اسحاق الاذرمي الموصلي ابو عبد الرحمن...1 10235. عبد الله بن محمد بن اسماء بن عبيد ابو عبد الرحمن...1 10236. عبد الله بن محمد بن الحسن بن المختار ابو القاسم...1 10237. عبد الله بن محمد بن الربيع الكرانى العائذى...1 10238. عبد الله بن محمد بن الفضل بن الشيخ بن عميرة الاسدي ابو بكر...1 10239. عبد الله بن محمد بن المغيرة الكوفي2 10240. عبد الله بن محمد بن جبير مولى علي بن ابي طالب...1 10241. عبد الله بن محمد بن حكيم الطائي1 10242. عبد الله بن محمد بن حميد بن ابي الاسود ابو بكر...1 10243. عبد الله بن محمد بن داود بن ابي امامة بن سهل بن حنيف...1 10244. عبد الله بن محمد بن زاذان المديني1 10245. عبد الله بن محمد بن زيد المليكي2 10246. عبد الله بن محمد بن سالم القزاز السلولي...1 10247. عبد الله بن محمد بن سيرين مولى انس بن مالك...1 10248. عبد الله بن محمد بن شارك العنبري ابو البختري...1 10249. عبد الله بن محمد بن صيفى ابو يحيى1 10250. عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور الزهري البصري...1 10251. عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ابو حذيفة الصنعاني...1 10252. عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ابي فروة ابو علقمة الفروي مولى ال...1 10253. عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر الجعفي المسندي البخاري...1 10254. عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الانصاري الخزرجي...1 10255. عبد الله بن محمد بن عبد الملك3 10256. عبد الله بن محمد بن عبيد ابن ابي الدنيا...1 10257. عبد الله بن محمد بن عجلان6 10258. عبد الله بن محمد بن عقيل بن ابي طالب1 10259. عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل ابو جعفر الحراني...1 10260. عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد القرظ...1 10261. عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن ابي طالب...1 10262. عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي ابو العباس...1 10263. عبد الله بن محمد بن موسى بن ابي نعيم الواسطي...1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 17284 10164. عبد الله بن فروخ اليمامي1 10165. عبد الله بن فروخ مولى ال طلحة بن عبيد الله القرشى التيمي...1 10166. عبد الله بن فروخ مولى عائشة1 10167. عبد الله بن فضالة الليثي5 10168. عبد الله بن فيروز الداناج ويقال الدانا...2 10169. عبد الله بن قارب510170. عبد الله بن قبيصة الفزاري ابو قبيصة1 10171. عبد الله بن قتادة المحاربي4 10172. عبد الله بن قدامة بن عنزة1 10173. عبد الله بن قرط الازدي ويقال الثمالي...1 10174. عبد الله بن قريط3 10175. عبد الله بن قيس10 10176. عبد الله بن قيس ابو بحرية السكوني1 10177. عبد الله بن قيس ابو خميصة الزبيدي1 10178. عبد الله بن قيس ابو موسى الاشعري2 10179. عبد الله بن قيس الاسلمي5 10180. عبد الله بن قيس البصري2 10181. عبد الله بن قيس الخزاعي4 10182. عبد الله بن قيس النخعي2 10183. عبد الله بن قيس الهمداني الحمصي2 10184. عبد الله بن قيس بن عباد1 10185. عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب القرشي...1 10186. عبد الله بن كاسب3 10187. عبد الله بن كامل1 10188. عبد الله بن كثير الطويل القاري الدمشقي...1 10189. عبد الله بن كثير المكي2 10190. عبد الله بن كرز القرشي ابو كرز1 10191. عبد الله بن كعب العبدي2 10192. عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان القرشي...1 10193. عبد الله بن كليب3 10194. عبد الله بن كناز3 10195. عبد الله بن كيسان6 10196. عبد الله بن كيسان ابو عمر مولى اسماء بنت ابي بكر...1 10197. عبد الله بن كيسان ابو مجاهد المروزي3 10198. عبد الله بن كيسان مولى طلحة بن عبد الله بن عوف...1 10199. عبد الله بن لاحق المكي3 10200. عبد الله بن لحى ابو عامر الهوزني2 10201. عبد الله بن ليث1 10202. عبد الله بن ماعز2 10203. عبد الله بن مالك ابن بحينة الاسدي1 10204. عبد الله بن مالك ابو تميم الجيشاني2 10205. عبد الله بن مالك ابو كاهل3 10206. عبد الله بن مالك ابو كثير الزبيدي1 10207. عبد الله بن مالك الاوسي الحجازي1 10208. عبد الله بن مالك الخزاعي1 10209. عبد الله بن مالك الهمداني4 10210. عبد الله بن مالك اليحصبي2 10211. عبد الله بن مالك بن ابراهيم بن الاشتر النخعي...1 10212. عبد الله بن مالك بن الحويرث الليثي البصري...1 10213. عبد الله بن مالك بن حذافة3 10214. عبد الله بن مبشر جليس ابن ابي ذئب1 10215. عبد الله بن محدوج بن ابي مودود1 10216. عبد الله بن محرر الرقي1 10217. عبد الله بن محمد ابو عبد الرحمن الزاهد...1 10218. عبد الله بن محمد الرملي1 10219. عبد الله بن محمد القداح1 10220. عبد الله بن محمد بن معن1 10221. عبد الله بن محمد ابن الحنفية3 10222. عبد الله بن محمد ابو جراب القرشي1 10223. عبد الله بن محمد ابو نعيم الانصاري البياضي...1 10224. عبد الله بن محمد البزار1 10225. عبد الله بن محمد العدوي6 10226. عبد الله بن محمد الفهمي المصري ابو محمويه...1 10227. عبد الله بن محمد الهذلي1 10228. عبد الله بن محمد الوهبي1 10229. عبد الله بن محمد اليمامي البكري1 10230. عبد الله بن محمد بن ابي بكر الثقفي1 10231. عبد الله بن محمد بن ابي بكر القرشي التيمي...1 10232. عبد الله بن محمد بن ابي شيبة4 10233. عبد الله بن محمد بن ابي يحيى الاسلمي...1 10234. عبد الله بن محمد بن اسحاق الاذرمي الموصلي ابو عبد الرحمن...1 10235. عبد الله بن محمد بن اسماء بن عبيد ابو عبد الرحمن...1 10236. عبد الله بن محمد بن الحسن بن المختار ابو القاسم...1 10237. عبد الله بن محمد بن الربيع الكرانى العائذى...1 10238. عبد الله بن محمد بن الفضل بن الشيخ بن عميرة الاسدي ابو بكر...1 10239. عبد الله بن محمد بن المغيرة الكوفي2 10240. عبد الله بن محمد بن جبير مولى علي بن ابي طالب...1 10241. عبد الله بن محمد بن حكيم الطائي1 10242. عبد الله بن محمد بن حميد بن ابي الاسود ابو بكر...1 10243. عبد الله بن محمد بن داود بن ابي امامة بن سهل بن حنيف...1 10244. عبد الله بن محمد بن زاذان المديني1 10245. عبد الله بن محمد بن زيد المليكي2 10246. عبد الله بن محمد بن سالم القزاز السلولي...1 10247. عبد الله بن محمد بن سيرين مولى انس بن مالك...1 10248. عبد الله بن محمد بن شارك العنبري ابو البختري...1 10249. عبد الله بن محمد بن صيفى ابو يحيى1 10250. عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور الزهري البصري...1 10251. عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ابو حذيفة الصنعاني...1 10252. عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ابي فروة ابو علقمة الفروي مولى ال...1 10253. عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر الجعفي المسندي البخاري...1 10254. عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الانصاري الخزرجي...1 10255. عبد الله بن محمد بن عبد الملك3 10256. عبد الله بن محمد بن عبيد ابن ابي الدنيا...1 10257. عبد الله بن محمد بن عجلان6 10258. عبد الله بن محمد بن عقيل بن ابي طالب1 10259. عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل ابو جعفر الحراني...1 10260. عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد القرظ...1 10261. عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن ابي طالب...1 10262. عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي ابو العباس...1 10263. عبد الله بن محمد بن موسى بن ابي نعيم الواسطي...1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī (d. 938 CE) - al-Jarḥ wa-l-taʿdīl - ابن أبي حاتم الرازي - الجرح والتعديل are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=103827&book=5525#e5c578
عَبْد اللَّه بْن قَارب الثَّقَفِيّ لَهُ صُحْبَة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=103827&book=5525#f1725f
عبد الله بْن قارب الثقفي
ويقال: عَبْد اللَّهِ بْن مأرب، والصحيح قارب.
حَدِيثُهُ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَيْرَةَ، عن وهب بن عبد الله بن قارب، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله المحلّقين ... الحديث.
ويقال: عَبْد اللَّهِ بْن مأرب، والصحيح قارب.
حَدِيثُهُ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَيْرَةَ، عن وهب بن عبد الله بن قارب، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله المحلّقين ... الحديث.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=103827&book=5525#aad58c
عَبْدُ اللهِ بْنُ قَارَبٍ الثَّقَفِيُّ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا بَشَّارُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِبٍ، أَوْ مَارِبٍ، ح وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِيَدِهِ: «رَحِمَ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ» ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالْمُقَصِّرِينَ؟ فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ: «وَالْمُقَصِّرِينَ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا بَشَّارُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِبٍ، أَوْ مَارِبٍ، ح وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِيَدِهِ: «رَحِمَ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ» ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالْمُقَصِّرِينَ؟ فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ: «وَالْمُقَصِّرِينَ»
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=102774&book=5525#72c307
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَارِبِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ قَسِيٍّ وَهُوَ ثَقِيفُ بْنُ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا الْحُمَيْدِيُّ قَالَا: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ قَارِبٍ , أَوْ مَارِبٍ، شَكَّ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ يَقُولُ: «يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «وَالْمُقَصِّرِينَ» وَهَذَا لَفْظُ عَلِيٍّ وَقَالَ بِشْرٌ: عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا الْحُمَيْدِيُّ قَالَا: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ قَارِبٍ , أَوْ مَارِبٍ، شَكَّ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ يَقُولُ: «يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «وَالْمُقَصِّرِينَ» وَهَذَا لَفْظُ عَلِيٍّ وَقَالَ بِشْرٌ: عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=156507&book=5525#722e09
عَبْدُ اللهِ بنُ سَوَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قُدَامَةَ العَنْبَرِيُّ
القَاضِي، الإِمَامُ، أَبُو السَّوَّارِ العَنْبَرِيُّ، البَصْرِيُّ، كَانَ هُوَ وَأَبُوْهُ وَجَدُّهُ قُضَاةَ البَصْرَةِ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَكْرٍ المُزَنِيِّ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَوُهَيْبِ بنِ خَالِدٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ سَوَّارٌ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَحَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصِلٍ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
خَرَّجَ لَهُ النَّسَائِيُّ فِي الفَرَائِضِ حَدِيْثاً.
وَثَّقَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ.وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ، وَعِلْمٍ، وَمَعْرِفَةٍ.
مَاتَ فِي: سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِيْنَ.
وَتُوُفِّيَ وَلَدُهُ سَوَّارُ بنُ عَبْدِ اللهِ قَاضِي البَصْرَةِ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَدْرَكَ عَبْدَ الوَارِثِ التَّنُّوْرِيَّ، وَنَحْوَهُ، وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ.
القَاضِي، الإِمَامُ، أَبُو السَّوَّارِ العَنْبَرِيُّ، البَصْرِيُّ، كَانَ هُوَ وَأَبُوْهُ وَجَدُّهُ قُضَاةَ البَصْرَةِ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَكْرٍ المُزَنِيِّ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَوُهَيْبِ بنِ خَالِدٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ سَوَّارٌ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَحَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصِلٍ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
خَرَّجَ لَهُ النَّسَائِيُّ فِي الفَرَائِضِ حَدِيْثاً.
وَثَّقَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ.وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ، وَعِلْمٍ، وَمَعْرِفَةٍ.
مَاتَ فِي: سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِيْنَ.
وَتُوُفِّيَ وَلَدُهُ سَوَّارُ بنُ عَبْدِ اللهِ قَاضِي البَصْرَةِ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَدْرَكَ عَبْدَ الوَارِثِ التَّنُّوْرِيَّ، وَنَحْوَهُ، وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=156491&book=5525#bef7e6
عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ الجُهَنِيُّ
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ المِصْرِيِّيْنَ، أَبُو صَالِحٍ الجُهَنِيُّ مَوْلاَهُمُ، المِصْرِيُّ، كَاتِبُ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ.
قَدْ شَرَحْتُ حَالَهُ فِي (مِيْزَانِ الاعْتِدَالِ) ، وَليَّنَّاهُ.
وَبِكُلِّ حَالٍ، فَكَانَ صَدُوْقاً فِي نَفْسِهِ، مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، أَصَابَهُ دَاءُ شَيْخِهِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، وَتَهَاوَنَ بِنَفْسِهِ حَتَّى ضَعُفَ حَدِيْثُهُ، وَلَمْ يُتْرَكْ بِحَمْدِ اللهِ، وَالأَحَادِيْثُ الَّتِي نَقَمُوهَا عَلَيْهِ مَعْدُوْدَةٌ فِي سَعَةِ مَا رَوَى.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
ورَأَى: زَبَّانَ بنَ فَائِدٍ، وَعَمْرَو بنَ الحَارِثِ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُوْسَى بنِ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّمَشْقِيِّ، وَنَافِعِ بنِ يَزِيْدَ، وضِمَامِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَابْنِ وَهْبٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَلاَزمَ اللَّيْثَ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَحَمَلَ عَنْهُ تَصَانِيْفَهُ، وَكَانَ كَاتِباً لَهُ عَلَى أَمْوَالِهِ.حَدَّثَ عَنْهُ: اللَّيْثُ - شَيْخُهُ - وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَحَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ، خَاتِمَتُهُم: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي السَّوَّارِ المِصْرِيُّ المُتَوْفَى سَنَةَ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ الوَلِيْدِ أَبُو المُهَنَّى، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ، عَمَّنْ أَخْبَرَهُ:
يَرْفَعُ الحَدِيْثَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ الشُّكْرَ، فَمُنِعَ الزِّيَادَةَ) ، الحَدِيْثَ.
قَالَ ابْنُ دَيْزِيْلَ: ثُمَّ لَقِيْتُ أَبَا صَالِحٍ، فَقَالَ: أَنَا حَدَّثْتُ اللَّيْثَ بِهَذَا.
قُلْتُ: فَمَنْ حَدَّثَكَ؟
قَالَ: يَحْيَى بنُ عُطَارِدِ بنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِيْهِ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قُلْتُ: وَهُوَ مُرْسَلٌ، لاَ، بَلْ مُعْضَلٌ.
استَشْهَدَ البُخَارِيُّ فِي (صَحِيْحِهِ) بِأَبِي صَالِحٍ، بَلْ قَدْ رَوَى عَنْهُ حَدِيْثاً، وَقَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، وَهَذَا ثَابِتٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ
المُتْقَنَةِ، فَقَالَ: فِي أَوِّلِ الحَدِيْثِ:قَالَ اللَّيْثُ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِحَدِيْثِ الَّذِي اسْتَدَانَ مِنْ رَجُلٍ أَلفَ دِيْنَارٍ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِكَفِيْلٍ، قَالَ: كَفَى بِاللهِ وَكِيْلاً.
وَالحَدِيْثُ مَشْهُوْرٌ، عَلَّقَهُ البُخَارِيُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
وَقَدِ اسْتَشْكَلَ المُحَدِّثُوْنَ قَبْلَنَا فِي تَفْسِيْرِ الفَتْحِ مِنَ (الصَّحِيْحِ ) :
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ هِلاَلٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَذَكَرَ حَدِيْثَ: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيْراً.
فَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ، وَالوَلِيْدُ بنُ بَكْرٍ الأَنْدَلُسِيُّ، وَهِبَةُ اللهِ اللاَّلْكَائِيُّ: عَبْدُ اللهِ هَذَا هُوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ العِجْلِيُّ الكُوْفِيُّ.وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ السَّكَنِ فِي رِوَايَتِهِ الصَّحِيْحَ عَنِ الفَرَبْرِيِّ، عَنِ البُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ -يَعْنِي: القَعْنَبِيَّ- حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ الحَافِظُ فِي (الأَطْرَافِ) : عَبْدُ اللهِ هُوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ.
ثُمَّ قَالَ: وَالحَدِيْثُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءَ، وَعِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ الحَافِظُ : بَلْ هُوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ.
قَالَ لَنَا أَبُو الحَجَّاجِ الحَافِظُ: وَهَذَا أَوْلَى الأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ.قَالَ: لأَنَّ البُخَارِيَّ رَوَاهُ فِي كِتَابِ (الأَدَبِ ) فِي بَابِ الانْبِسَاطِ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ.
ذَكَرَهُ عَقِيْبَ حَدِيْثِ مُحَمَّدِ بنِ سِنَانٍ العَوَقِيِّ، عَنْ فُلَيْحٍ، عَنْ هِلاَلٍ.
وَرَوَاهُ فِي البُيُوعِ مِنَ (الجَامِعِ الصَّحِيْحِ ) ، عَنِ العَوَقِيِّ.
فَالحَدِيْثُ عِنْدَ البُخَارِيِّ عَنِ الرَّجُلَيْنِ فِي (الأَدَبِ) ، وَفِي (الصَّحِيْحِ) ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ الرَّجُلَيْنِ، وَقَعَ الاشْتِرَاكُ فِي قَوْلِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ بَيْنَ العِجْلِيِّ الكُوْفِيِّ، وَبَيْنَ الجُهَنِيِّ الكَاتِبِ، فَكَوْنُهُ الكَاتِبَ أَوْلَى، لأَنَّا تَيَقَنَّا أَنَّ البُخَارِيَّ قَدْ سَمِعَ مِنْ كَاتِبِ اللَّيْثِ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ فِي (تَارِيْخِهِ) ، وَفِي أَمَاكِنَ، وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي حَقِّ العِجْلِيِّ، فَإِنَّ البُخَارِيَّ ذَكَرَ لَهُ تَرْجَمَةً صَغِيْرَةً مُخْتَصَرَةً جِدّاً فِي (تَارِيْخِهِ) ، لَمْ يَرْوِ عَنْهُ فِيْهَا شَيْئاً، وَلاَ وَجَدْنَا أَبَداً لَهُ رِوَايَةً مُتَيَقَّنَةً عَنْهُ، لاَ فِي (الصَّحِيْحِ) ، وَلاَ فِي شَيْءٍ مِنْ تَوَالِيْفِهِ، بَلْ قَدْ رَوَى فِي (تَارِيْخِهِ) عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
نَعَمْ، وَلَمْ نَجِدْ لِلْعِجْلِيِّ رِوَايَةً عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ، مَتْنُهُ (الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ ) .
رَوَاهُ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، بِخِلاَفِ كَاتِبِ اللَّيْثِ، فَإِنَّهُ مُكْثِرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ.
قُلْتُ: وَأَيْضاً فَإِنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ رَوَى الحَدِيْثَ المَذْكُوْرَ عَنْ كَاتِبِ اللَّيْثِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ هُوَ.وَفِي الجِهَادِ مِنَ (الصَّحِيْحِ ) أَيْضاً: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَفَلَ مِنْ حَجٍّ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ السَّكَنِ: حَدَّثَنَا الفِرْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ فَذَكَرَ، رَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي (مُصَنَّفِهِ) .
وَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ فِي (الأَطْرَافِ) : هَذَا الحَدِيْثُ يَرْوِيْهِ النَّاسُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ.
قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ أَيْضاً عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءَ، فَاللهُ أَعْلَمُ أَيُّهُمَا هُوَ.
وَقَالَ الغَسَّانِيُّ: بَلْ هُوَ كَاتِبُ اللَّيْثِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِباً عَلَى مَغَلِّ اللَّيْثِ، مُنْكَرَ الحَدِيْثِ جِدّاً، وَكَانَ فِي نَفْسِهِ صَدُوْقاً، سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: كَانَ لَهُ جَارٌ يُعَادِيهِ، فَكَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ عَلَى شَيْخِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ، وَيَكْتُبُ فِي
قِرْطَاسٍ بِخَطٍّ يُشبِهُ خَطَّ عَبْدِ اللهِ، وَيَطْرَحُهُ فِي دَارهِ بَيْنَ الكُتُبِ، فَيَجِدُهُ عَبْدُ اللهِ، فَيُحَدِّثُ بِهِ عَلَى التَّوَهُّمِ أَنَّهُ خَطُّهُ.ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (حَجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ خَيْرٌ مِنْ عَشْرِ غَزَوَاتٍ، وَغَزْوَةٌ لِمَنْ حَجَّ خَيْرٌ مِنْ عَشْرِ حِجَجٍ، وَغَزْوَةٌ فِي البَحْرِ خَيْرٌ مِنْ عَشْرَةٍ فِي البِرِّ ) .
حَدَّثَنَاهُ: أَبُو عَرُوْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَزُّوْنَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَرَوَى عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ سَيْفٍ، عَنْ شُفَيٍّ الأَصْبَحِيِّ، سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (يَكُوْنُ خَلْفِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيْفَةً: أَبُو بَكْرٍ لاَ يَلْبَثُ إِلاَّ قَلِيْلاً، وَصَاحِبُ رَحَا دَارَةِ العَرَبِ عُمَرُ ... ) ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ.
قُلْتُ: قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ المُؤَيَّدِ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ صِرْمَا، وَابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ
النَّقُّوْرِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا الصُّوْفِيُّ، فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ.فَأَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ أَبِي زَكَرِيَّا وَنَقْدِهِ، كَيْفَ يَسْتَحِلُّ رِوَايَةَ مِثْلِ هَذَا، وَيَسْكُتُ عَنْ تَوْهِيَتِهِ؟!
وَسَاقَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ عَدِيٍّ جَمَاعَةَ أَحَادِيْثَ تَفَرَّدَ بِهَا مُنْكَرَةٍ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، رَوَى عَنْهُ: اللَّيْثُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَدُحَيْمٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ: سَمِعْتُ أَبِي - وَسُئِلَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ - فَقَالَ:
أَتَسْأَلُوْنِي عَنْ أَقرَبِ رَجُلٍ إِلَى اللَّيْثِ؟ رَجُلٍ مَعَهُ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ، وَسَفَرِهِ وَحَضَرِهِ، وَيَخْلُو مَعَهُ غَالباً، فَلاَ يُنْكَرُ لِمِثْلِهِ أَنْ يُكْثِرَ عَنِ اللَّيْثِ.
وَقَالَ أَبِي؛ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَمِيْنٌ، صَدُوْقٌ مَا عَلِمتُهُ.
وَأَثْنَى عَلَى عَبْدِ اللهِ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ عَالِمُ مِصْرَ.
وَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ شُعَيْبِ بنِ اللَّيْثِ: هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، سَمِعَ مِنْ جَدِّي حَدِيْثَهُ، وَكَانَ أَبِي يَحُضُّهُ عَلَى التَّحْدِيْثِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: فَسَدَ بِأَخَرَةٍ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
أَقَلُّ الأَحْوَالِ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الكُتُبَ عَلَى اللَّيْثِ، فَأَجَازَهَا لَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ كَتَبَ إِلَى اللَّيْثِ بِهَذَا الدُّرْجِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: لاَ أَعْلَمُ أَحَداً رَوَى عَنِ اللَّيْثِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ إِلاَّ أَبَا صَالِحٍ، وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ أَخْرَجَ دُرْجاً قَدْ ذَهَبَ أَعلاَهُ، وَلَمْ يَدْرِ حَدِيْثَ مَنْ هُوَ، فَقِيْلَ لَهُ: حَدِيْثُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، فَرَوَى عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يُوَثِّقُهُ، وَعِنْدِي أَنَّهُ كَانَ يَكْذِبُ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَرَوَى إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ، قَالَ: صَحِبْتُ
اللَّيْثَ عِشْرِيْنَ سَنَةً.قَالَ الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ: مَا رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ صَالِحٍ إِلاَّ وَهُوَ يُحَدِّثُ أَوْ يُسَبِّحُ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا الرَّجُلُ الصَّالِحُ عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ.
الرَّمَادِيُّ: عَنْ أَبِي صَالِحٍ: شَهِدْنَا الأَضْحَى بِبَغْدَادَ مَعَ اللَّيْثِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: ضَرَبْتُ عَلَى حَدِيْثِ كَاتِبِ اللَّيْثِ، وَلاَ أَرْوِي عَنْهُ شَيْئاً.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي، وَأَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلاَنِ:
حَدِيْثُ (إِنَّ اللهَ اخْتَارَ أَصْحَابِي) مَوْضُوْعٌ، وَالحَمْلُ فِيْهِ عَلَى أَبِي صَالِحٍ.
قُلْتُ: وَمِنْ أَنْكَرِ مَا نَقَمُوا عَلَى أَبِي صَالِحٍ رِوَايَتُهُ عَنْ نَافِعِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ زُهْرَةَ بنِ مَعْبَدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ:
عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوْعاً: (إِنَّ اللهَ اخْتَارَ أَصْحَابِي عَلَى جَمِيْعِ العَالَمِيْنَ ) ، الحَدِيْثَ بِطُولِهِ.
لَكِنْ قَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ نَافِعٍ، رَوَاهُ عَلِيُّ بنُ دَاوُدَ القَنْطَرِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ الحَارِثِ العَسْكَرِيُّ، عَنْ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ، فَتَخَلَّصَ أَبُو صَالِحٍ.وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَغَيْرُهُ: هُوَ مِنْ وَضْعِ خَالِدِ بنِ نَجِيْحٍ المِصْرِيِّ، وَكَانَ يَضَعُ فِي كُتُبِ الشُّيُوْخِ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَافِعِ بنِ يَزِيْدَ، مَعَ أَنَّ نَافِعاً صَدُوْقٌ، قَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: أَبُو صَالِحٍ عِنْدِي مُسْتَقِيْمُ الحَدِيْثِ، إِلاَّ أَنَّهُ يَقَعُ فِي حَدِيْثِهِ غَلَطٌ، وَلاَ يَتَعَمَّدُ الكَذِبَ.
نَقَلَ ابْنُ يُوْنُسَ وَغَيْرُهُ مَوْتَ أَبِي صَالِحٍ: فِي يَوْمِ عَاشُوْرَاءَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ قَارَبَ التِّسْعِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَهُوَ فِي عَقْلِي أَقْوَى مِنْ نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ، وَأَسِيْدٍ الجَمَّالِ، وَمَا هُوَ بِدُوْنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ الأَصْبَحِيِّ.
أُنْبِئْتُ عَنْ جَمَاعَةٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بنُ شُعَيْبٍ، وَبَكْرُ بنُ سَهْلٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ الحَارِثِ، عَنْ
مَكْحُوْلٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُم مَعَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، وَإِنْ هُوَ عَمِلَ الكَبَائِرَ، وَالصَّلاَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُم عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَمْوُتُ، بَرّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً، وَإِنْ هُوَ عَمِلَ الكَبَائِرَ).
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ المِصْرِيِّيْنَ، أَبُو صَالِحٍ الجُهَنِيُّ مَوْلاَهُمُ، المِصْرِيُّ، كَاتِبُ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ.
قَدْ شَرَحْتُ حَالَهُ فِي (مِيْزَانِ الاعْتِدَالِ) ، وَليَّنَّاهُ.
وَبِكُلِّ حَالٍ، فَكَانَ صَدُوْقاً فِي نَفْسِهِ، مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، أَصَابَهُ دَاءُ شَيْخِهِ ابْنِ لَهِيْعَةَ، وَتَهَاوَنَ بِنَفْسِهِ حَتَّى ضَعُفَ حَدِيْثُهُ، وَلَمْ يُتْرَكْ بِحَمْدِ اللهِ، وَالأَحَادِيْثُ الَّتِي نَقَمُوهَا عَلَيْهِ مَعْدُوْدَةٌ فِي سَعَةِ مَا رَوَى.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
ورَأَى: زَبَّانَ بنَ فَائِدٍ، وَعَمْرَو بنَ الحَارِثِ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُوْسَى بنِ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّمَشْقِيِّ، وَنَافِعِ بنِ يَزِيْدَ، وضِمَامِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَابْنِ وَهْبٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَلاَزمَ اللَّيْثَ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَحَمَلَ عَنْهُ تَصَانِيْفَهُ، وَكَانَ كَاتِباً لَهُ عَلَى أَمْوَالِهِ.حَدَّثَ عَنْهُ: اللَّيْثُ - شَيْخُهُ - وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَحَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ، خَاتِمَتُهُم: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي السَّوَّارِ المِصْرِيُّ المُتَوْفَى سَنَةَ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ الوَلِيْدِ أَبُو المُهَنَّى، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ، عَمَّنْ أَخْبَرَهُ:
يَرْفَعُ الحَدِيْثَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ الشُّكْرَ، فَمُنِعَ الزِّيَادَةَ) ، الحَدِيْثَ.
قَالَ ابْنُ دَيْزِيْلَ: ثُمَّ لَقِيْتُ أَبَا صَالِحٍ، فَقَالَ: أَنَا حَدَّثْتُ اللَّيْثَ بِهَذَا.
قُلْتُ: فَمَنْ حَدَّثَكَ؟
قَالَ: يَحْيَى بنُ عُطَارِدِ بنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِيْهِ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قُلْتُ: وَهُوَ مُرْسَلٌ، لاَ، بَلْ مُعْضَلٌ.
استَشْهَدَ البُخَارِيُّ فِي (صَحِيْحِهِ) بِأَبِي صَالِحٍ، بَلْ قَدْ رَوَى عَنْهُ حَدِيْثاً، وَقَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، وَهَذَا ثَابِتٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ
المُتْقَنَةِ، فَقَالَ: فِي أَوِّلِ الحَدِيْثِ:قَالَ اللَّيْثُ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِحَدِيْثِ الَّذِي اسْتَدَانَ مِنْ رَجُلٍ أَلفَ دِيْنَارٍ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِكَفِيْلٍ، قَالَ: كَفَى بِاللهِ وَكِيْلاً.
وَالحَدِيْثُ مَشْهُوْرٌ، عَلَّقَهُ البُخَارِيُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
وَقَدِ اسْتَشْكَلَ المُحَدِّثُوْنَ قَبْلَنَا فِي تَفْسِيْرِ الفَتْحِ مِنَ (الصَّحِيْحِ ) :
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ هِلاَلٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَذَكَرَ حَدِيْثَ: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيْراً.
فَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ، وَالوَلِيْدُ بنُ بَكْرٍ الأَنْدَلُسِيُّ، وَهِبَةُ اللهِ اللاَّلْكَائِيُّ: عَبْدُ اللهِ هَذَا هُوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ العِجْلِيُّ الكُوْفِيُّ.وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ السَّكَنِ فِي رِوَايَتِهِ الصَّحِيْحَ عَنِ الفَرَبْرِيِّ، عَنِ البُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ -يَعْنِي: القَعْنَبِيَّ- حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ الحَافِظُ فِي (الأَطْرَافِ) : عَبْدُ اللهِ هُوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ.
ثُمَّ قَالَ: وَالحَدِيْثُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءَ، وَعِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ الحَافِظُ : بَلْ هُوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ.
قَالَ لَنَا أَبُو الحَجَّاجِ الحَافِظُ: وَهَذَا أَوْلَى الأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ.قَالَ: لأَنَّ البُخَارِيَّ رَوَاهُ فِي كِتَابِ (الأَدَبِ ) فِي بَابِ الانْبِسَاطِ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ.
ذَكَرَهُ عَقِيْبَ حَدِيْثِ مُحَمَّدِ بنِ سِنَانٍ العَوَقِيِّ، عَنْ فُلَيْحٍ، عَنْ هِلاَلٍ.
وَرَوَاهُ فِي البُيُوعِ مِنَ (الجَامِعِ الصَّحِيْحِ ) ، عَنِ العَوَقِيِّ.
فَالحَدِيْثُ عِنْدَ البُخَارِيِّ عَنِ الرَّجُلَيْنِ فِي (الأَدَبِ) ، وَفِي (الصَّحِيْحِ) ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ الرَّجُلَيْنِ، وَقَعَ الاشْتِرَاكُ فِي قَوْلِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ بَيْنَ العِجْلِيِّ الكُوْفِيِّ، وَبَيْنَ الجُهَنِيِّ الكَاتِبِ، فَكَوْنُهُ الكَاتِبَ أَوْلَى، لأَنَّا تَيَقَنَّا أَنَّ البُخَارِيَّ قَدْ سَمِعَ مِنْ كَاتِبِ اللَّيْثِ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ فِي (تَارِيْخِهِ) ، وَفِي أَمَاكِنَ، وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي حَقِّ العِجْلِيِّ، فَإِنَّ البُخَارِيَّ ذَكَرَ لَهُ تَرْجَمَةً صَغِيْرَةً مُخْتَصَرَةً جِدّاً فِي (تَارِيْخِهِ) ، لَمْ يَرْوِ عَنْهُ فِيْهَا شَيْئاً، وَلاَ وَجَدْنَا أَبَداً لَهُ رِوَايَةً مُتَيَقَّنَةً عَنْهُ، لاَ فِي (الصَّحِيْحِ) ، وَلاَ فِي شَيْءٍ مِنْ تَوَالِيْفِهِ، بَلْ قَدْ رَوَى فِي (تَارِيْخِهِ) عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
نَعَمْ، وَلَمْ نَجِدْ لِلْعِجْلِيِّ رِوَايَةً عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ، مَتْنُهُ (الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ ) .
رَوَاهُ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، بِخِلاَفِ كَاتِبِ اللَّيْثِ، فَإِنَّهُ مُكْثِرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ.
قُلْتُ: وَأَيْضاً فَإِنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ رَوَى الحَدِيْثَ المَذْكُوْرَ عَنْ كَاتِبِ اللَّيْثِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ هُوَ.وَفِي الجِهَادِ مِنَ (الصَّحِيْحِ ) أَيْضاً: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَفَلَ مِنْ حَجٍّ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ السَّكَنِ: حَدَّثَنَا الفِرْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ فَذَكَرَ، رَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي (مُصَنَّفِهِ) .
وَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ فِي (الأَطْرَافِ) : هَذَا الحَدِيْثُ يَرْوِيْهِ النَّاسُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ.
قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ أَيْضاً عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءَ، فَاللهُ أَعْلَمُ أَيُّهُمَا هُوَ.
وَقَالَ الغَسَّانِيُّ: بَلْ هُوَ كَاتِبُ اللَّيْثِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِباً عَلَى مَغَلِّ اللَّيْثِ، مُنْكَرَ الحَدِيْثِ جِدّاً، وَكَانَ فِي نَفْسِهِ صَدُوْقاً، سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: كَانَ لَهُ جَارٌ يُعَادِيهِ، فَكَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ عَلَى شَيْخِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ، وَيَكْتُبُ فِي
قِرْطَاسٍ بِخَطٍّ يُشبِهُ خَطَّ عَبْدِ اللهِ، وَيَطْرَحُهُ فِي دَارهِ بَيْنَ الكُتُبِ، فَيَجِدُهُ عَبْدُ اللهِ، فَيُحَدِّثُ بِهِ عَلَى التَّوَهُّمِ أَنَّهُ خَطُّهُ.ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (حَجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ خَيْرٌ مِنْ عَشْرِ غَزَوَاتٍ، وَغَزْوَةٌ لِمَنْ حَجَّ خَيْرٌ مِنْ عَشْرِ حِجَجٍ، وَغَزْوَةٌ فِي البَحْرِ خَيْرٌ مِنْ عَشْرَةٍ فِي البِرِّ ) .
حَدَّثَنَاهُ: أَبُو عَرُوْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَزُّوْنَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَرَوَى عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ سَيْفٍ، عَنْ شُفَيٍّ الأَصْبَحِيِّ، سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (يَكُوْنُ خَلْفِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيْفَةً: أَبُو بَكْرٍ لاَ يَلْبَثُ إِلاَّ قَلِيْلاً، وَصَاحِبُ رَحَا دَارَةِ العَرَبِ عُمَرُ ... ) ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ.
قُلْتُ: قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ المُؤَيَّدِ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ صِرْمَا، وَابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ
النَّقُّوْرِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا الصُّوْفِيُّ، فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ.فَأَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ أَبِي زَكَرِيَّا وَنَقْدِهِ، كَيْفَ يَسْتَحِلُّ رِوَايَةَ مِثْلِ هَذَا، وَيَسْكُتُ عَنْ تَوْهِيَتِهِ؟!
وَسَاقَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ عَدِيٍّ جَمَاعَةَ أَحَادِيْثَ تَفَرَّدَ بِهَا مُنْكَرَةٍ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، رَوَى عَنْهُ: اللَّيْثُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَدُحَيْمٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ: سَمِعْتُ أَبِي - وَسُئِلَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ - فَقَالَ:
أَتَسْأَلُوْنِي عَنْ أَقرَبِ رَجُلٍ إِلَى اللَّيْثِ؟ رَجُلٍ مَعَهُ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ، وَسَفَرِهِ وَحَضَرِهِ، وَيَخْلُو مَعَهُ غَالباً، فَلاَ يُنْكَرُ لِمِثْلِهِ أَنْ يُكْثِرَ عَنِ اللَّيْثِ.
وَقَالَ أَبِي؛ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَمِيْنٌ، صَدُوْقٌ مَا عَلِمتُهُ.
وَأَثْنَى عَلَى عَبْدِ اللهِ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ عَالِمُ مِصْرَ.
وَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ شُعَيْبِ بنِ اللَّيْثِ: هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، سَمِعَ مِنْ جَدِّي حَدِيْثَهُ، وَكَانَ أَبِي يَحُضُّهُ عَلَى التَّحْدِيْثِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: فَسَدَ بِأَخَرَةٍ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
أَقَلُّ الأَحْوَالِ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الكُتُبَ عَلَى اللَّيْثِ، فَأَجَازَهَا لَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ كَتَبَ إِلَى اللَّيْثِ بِهَذَا الدُّرْجِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: لاَ أَعْلَمُ أَحَداً رَوَى عَنِ اللَّيْثِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ إِلاَّ أَبَا صَالِحٍ، وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ أَخْرَجَ دُرْجاً قَدْ ذَهَبَ أَعلاَهُ، وَلَمْ يَدْرِ حَدِيْثَ مَنْ هُوَ، فَقِيْلَ لَهُ: حَدِيْثُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، فَرَوَى عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يُوَثِّقُهُ، وَعِنْدِي أَنَّهُ كَانَ يَكْذِبُ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَرَوَى إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ، قَالَ: صَحِبْتُ
اللَّيْثَ عِشْرِيْنَ سَنَةً.قَالَ الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ: مَا رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ صَالِحٍ إِلاَّ وَهُوَ يُحَدِّثُ أَوْ يُسَبِّحُ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا الرَّجُلُ الصَّالِحُ عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ.
الرَّمَادِيُّ: عَنْ أَبِي صَالِحٍ: شَهِدْنَا الأَضْحَى بِبَغْدَادَ مَعَ اللَّيْثِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: ضَرَبْتُ عَلَى حَدِيْثِ كَاتِبِ اللَّيْثِ، وَلاَ أَرْوِي عَنْهُ شَيْئاً.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي، وَأَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلاَنِ:
حَدِيْثُ (إِنَّ اللهَ اخْتَارَ أَصْحَابِي) مَوْضُوْعٌ، وَالحَمْلُ فِيْهِ عَلَى أَبِي صَالِحٍ.
قُلْتُ: وَمِنْ أَنْكَرِ مَا نَقَمُوا عَلَى أَبِي صَالِحٍ رِوَايَتُهُ عَنْ نَافِعِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ زُهْرَةَ بنِ مَعْبَدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ:
عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوْعاً: (إِنَّ اللهَ اخْتَارَ أَصْحَابِي عَلَى جَمِيْعِ العَالَمِيْنَ ) ، الحَدِيْثَ بِطُولِهِ.
لَكِنْ قَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ نَافِعٍ، رَوَاهُ عَلِيُّ بنُ دَاوُدَ القَنْطَرِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ الحَارِثِ العَسْكَرِيُّ، عَنْ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ، فَتَخَلَّصَ أَبُو صَالِحٍ.وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَغَيْرُهُ: هُوَ مِنْ وَضْعِ خَالِدِ بنِ نَجِيْحٍ المِصْرِيِّ، وَكَانَ يَضَعُ فِي كُتُبِ الشُّيُوْخِ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَافِعِ بنِ يَزِيْدَ، مَعَ أَنَّ نَافِعاً صَدُوْقٌ، قَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: أَبُو صَالِحٍ عِنْدِي مُسْتَقِيْمُ الحَدِيْثِ، إِلاَّ أَنَّهُ يَقَعُ فِي حَدِيْثِهِ غَلَطٌ، وَلاَ يَتَعَمَّدُ الكَذِبَ.
نَقَلَ ابْنُ يُوْنُسَ وَغَيْرُهُ مَوْتَ أَبِي صَالِحٍ: فِي يَوْمِ عَاشُوْرَاءَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ قَارَبَ التِّسْعِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَهُوَ فِي عَقْلِي أَقْوَى مِنْ نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ، وَأَسِيْدٍ الجَمَّالِ، وَمَا هُوَ بِدُوْنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ الأَصْبَحِيِّ.
أُنْبِئْتُ عَنْ جَمَاعَةٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بنُ شُعَيْبٍ، وَبَكْرُ بنُ سَهْلٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ الحَارِثِ، عَنْ
مَكْحُوْلٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُم مَعَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، وَإِنْ هُوَ عَمِلَ الكَبَائِرَ، وَالصَّلاَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُم عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَمْوُتُ، بَرّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً، وَإِنْ هُوَ عَمِلَ الكَبَائِرَ).
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=156202&book=5525#e46e1d
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَوْدِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُقْرِئُ، القُدوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، الأَوْدِيُّ، الكُوْفِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَحُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي
صَالِحٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمِسْعَرٍ، وَسُفْيَانَ، وَالحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَالمُخْتَارِ بنِ فُلْفُلٍ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَعَاصِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَلَيْثِ بنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، وَابْنِ عَجْلاَنَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَخَلْقٍ.وَتَلاَ عَلَى نَافِع، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَالِكٌ - وَهُوَ مِنْ مَشَايِخِهِ - وَابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَهَنَّادٌ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَدْ أَقْدَمَهُ الرَّشِيْدُ بَغْدَادَ لِيُوَلِّيَهُ قَضَاءَ الكُوْفَةِ، فَامْتَنَعَ.
قَالَ بِشْرُ بنُ الحَارِثِ: مَا شَرِبَ أَحَدٌ مَاءَ الفُرَاتِ فَسَلِمَ، إِلاَّ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ابْنُ إِدْرِيْسَ نَسِيجَ وَحْدِهِ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: كَانَ عَابِداً، فَاضِلاً، كَانَ يَسْلُكُ فِي كَثِيْرٍ مِنْ فُتْيَاهُ وَمَذَاهِبِهِ مسَالكَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، يُخَالِفُ الكُوْفِيِّيْنَ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكٍ صدَاقَةٌ.
ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّ جَمِيْعَ مَا يَرْوِيْهِ مَالِكٌ فِي
المُوَطَّأِ، فَيَقُوْلُ بَلَغَنِي عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ.قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ حُجَّةٌ، إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ.
وَقِيْلَ: لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ أَحَدٌ أَعبدَ للهِ مِنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ أَفْضَلَ مِنْهُ.
أَبُو دَاوُدَ: عَنْ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الكِسَائِيِّ، قَالَ:
قَالَ لِي هَارُوْنُ الرَّشِيْدُ: مَنْ أَقرَأُ النَّاسِ؟
فَقُلْتُ: عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ.
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قُلْتُ: ثُمَّ حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ.
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قُلْتُ: رَجُلٌ آخرُ.
وَعَنْ حُسَيْنٍ العَنْقَزِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ بِابْنِ إِدْرِيْسَ المَوْتُ، بَكَتْ بِنْتُهُ.
فَقَالَ: لاَ تَبْكِي يَا بُنَيَّة، فَقَدْ خَتَمْتُ القُرْآنَ فِي هَذَا البَيْتِ أَرْبَعَةَ آلاَفِ ختمَةٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: كَانَ ابْنُ إِدْرِيْسَ إِذَا لَحَنَ أَحَدٌ فِي كَلاَمِهِ، لَمْ يُحَدِّثْهُ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ: عِنْدِي قَوْصَرَّةُ
ملكَايَةٌ، وَرَاويَةٌ مِنْ حَوْضِ الرَّبَابِيْنَ، وَدَبَّةُ زَيْتٍ، مَا أَحَدٌ أَغْنَى مِنِّي.وَكَانَ ابْنُ إِدْرِيْسَ يُحَرِّمُ النَّبِيذَ، وَقَالَ: قُلْتُ لِحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ: اتركِ الجُلُوْسَ فِي المَسْجَدِ.
فَقَالَ: أَنْتَ قَدْ تَرَكتَ ذَلِكَ وَلَمْ تَتركْ؟
قُلْتُ: لأَنْ يَأْتِيَنِي البَلاَءُ وَأَنَا فَارٌّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْتِيَنِي وَأَنَا مُتَعَرِّضٌ لَهُ.
قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ:
كُلُّ شرَابٍ مُسْكِرٍ كَثِيْرُهُ ... فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ يَسِيْرُهُ
إِنِّيْ لَكُم مِنْ شَرِّهِ نَذِيرُهُ ...
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ: كَتَبتُ حَدِيْثَ أَبِي الحورَاءِ، فَكَتَبتُ تَحْتَهُ: حورٌ عِيْنٌ.
قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ لَهُم فِي ذَلِكَ الوَقْتِ شَكْلٌ بَعْدُ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ البُورَانِيُّ، قَالَ:
قُرِئَ كِتَابُ الخَلِيْفَةِ إِلَى ابْنِ إِدْرِيْسَ وَأَنَا
حَاضِرٌ: مِنْ عَبْدِ اللهِ هَارُوْنَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ.قَالَ: فَشَهقَ ابْنُ إِدْرِيْسَ شَهْقَةً، وَسقطَ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَقُمْنَا إِلَى العَصْرِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ، وَانتبَهَ قُبِيْلَ المَغْرِبِ، وَقَدْ صَبَبْنَا عَلَيْهِ المَاءَ، فَلاَ شَيْءَ.
قَالَ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، صَارَ يَعْرِفُنِي حَتَّى يَكْتُبَ إِلَيَّ، أَيُّ ذَنْبٍ بَلَغَ بِي هَذَا؟!
قُلْتُ: قَدْ وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ، وَالنَّاسُ.
وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ، وَمَاتَ بِالكُوْفَةِ، فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ: كَانَ ابْنُ إِدْرِيْسَ مِنْ عِبَادِ الله الصَّالِحِيْنَ، مِنَ الزُّهَادِ، وَكَانَ ابْنُهُ أَعبدَ مِنْهُ، وَلَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ أَحَداً أَفْضَل مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَعَبْدَةَ بنِ سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ جَوَّاسٍ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةٌ فِي مَوْلِدِهِ، وَهُوَ المَحْفُوْظُ.
وَرَوَى: العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ الخَلاَّلُ، عَنْ عَرَفَةَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: مَاتَ حَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: وَفِيْهَا مَوْلِدِي، فَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ 92، قَالَهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مُثَنَّى، وَالأَشَجُّ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَزَادَ فِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ.وَقَدْ غلطَ بَعْضُ القُرَّاءِ، وَزَعَمَ أَنَّ ابْنَ إِدْرِيْسَ تَلاَ عَلَى ابْنِ كَثِيْرٍ، مَا لَحِقَهُ، وَلاَ قَاربَ.
وَرُوِيَ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ وَكِيْعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ إِدْرِيْسَ امْتنعَ مِنَ القَضَاءِ، وَقَالَ لِلرَّشِيْدِ: لاَ أَصلُحُ.
فَقَالَ الرَّشِيْدُ: وَدِدْتُ أَنِّيْ لَمْ أَكنْ رَأَيتُكَ.
فَقَالَ: وَأَنَا وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ رَأَيتُك، فَخَرَجَ، ثُمَّ وَلَّى حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ، وَبَعَثَ الرَّشِيْدُ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ إِلَى ابْنِ إِدْرِيْسَ،
فَقَالَ لِلرَّسولِ - وَصَاحَ بِهِ -: مُرَّ مِنْ هُنَا.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ الرَّشِيْدُ: لَمْ تَلِ لَنَا، وَلَمْ تَقْبَلْ صِلَتَنَا، فَإِذَا جَاءكَ ابْنِي المَأْمُوْنُ، فَحَدِّثْه.
فَقَالَ: إِنْ جَاءَ مَعَ الجَمَاعَةِ حَدَّثْنَاهُ، وَحَلَفَ أَلاَ يُكَلِّمَ حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ حَتَّى يَمُوْتَ.
أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، قَالَ لِي الأَعْمَشُ: وَاللهِ لاَ حَدَّثْتُكَ شَهْراً.
فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَتَيْتُكَ سَنَةً.
قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ سَنَةٍ.
فَقَالَ: ابْنُ إِدْرِيْسَ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: أُحِبُّ أَنْ يَكُوْنَ لِلْعربِيِّ مَرَارَةٌ.
قَالَ حُسَيْنُ بنُ عَمْرٍو العَنْقَزِيُّ لَمَّا نَزَلَ بعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ المَوْتُ: بَكتْ بِنتُهُ.
فَقَالَ: لاَ تَبْكِي، قَدْ خَتَمْتُ فِي هَذَا البَيْت أَرْبَعَةَ آلاَفِ ختمَةٍ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَجَعَلَ يَذُمَّ قِرَاءةَ
حَمْزَةَ، وَقَالَ: إِنَّمَا نَزَلَ القُرْآنُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، وَهِيَ التَّفخِيمُ،فَقَالَ لَهُ: بِشْرُ بنُ مُوْسَى: حَدَّثَنَا نَوْفَلُ.
فَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: نَوْفَلٌ ثِقَةٌ.
قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ لحَمْزَةَ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّكَ رَجُلٌ تَتَأَلَّهُ، وَهَذِهِ القِرَاءةُ لَيْسَتْ قِرَاءةَ عَبْدِ اللهِ، وَلاَ قِرَاءةَ غَيْرِهِ.
فَقَالَ حَمْزَةُ: أَمَّا إِنِّيْ أَتَحَرَّجُ أَنْ أَقرَأَ بِهَا فِي المِحْرَابِ.
قُلْتُ: لِمَ؟
قَالَ: لأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ قِرَاءةُ القَوْمِ.
قُلْتُ: فَمَا تَصْنَعُ بِهَا إِذاً؟
قَالَ: إِنْ رَجَعتُ مِنْ سَفَرِي، لأَتْرُكَنَّهَا.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: مَا أَسْتجِيْزُ أَنْ أَقُوْلَ لِمَنْ يَقرَأُ لِحَمْزَةَ: إِنَّهُ صَاحِبَ سُنَّةٍ.
قُلْتُ: اشْتُهِرَ تَحذِيرُ ابْنِ إِدْرِيْسَ مِنْ ذَلِكَ، وَاللهُ يَغفرُ لَهُ، وَقَدْ تَلَقَّى المُسْلِمُوْنَ حُرُوْفَهُ بِالقَبُوْلِ، وَأَجْمَعُوا اليَوْمَ عَلَيْهَا.
وَأَعْلَى مَا يَقَعُ حَدِيْثُ ابْنِ إِدْرِيْسَ فِي جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بِي أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ وَجَرِيْرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ فِي اللَّيْلِ سَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِم يَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- فِيْهَا خَيْراً مِنْ أَمرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ) .
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ جَرِيْرٍ وَحْدَهُ.
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُقْرِئُ، القُدوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، الأَوْدِيُّ، الكُوْفِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَحُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي
صَالِحٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمِسْعَرٍ، وَسُفْيَانَ، وَالحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَالمُخْتَارِ بنِ فُلْفُلٍ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَعَاصِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَلَيْثِ بنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، وَابْنِ عَجْلاَنَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَخَلْقٍ.وَتَلاَ عَلَى نَافِع، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَالِكٌ - وَهُوَ مِنْ مَشَايِخِهِ - وَابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَهَنَّادٌ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَدْ أَقْدَمَهُ الرَّشِيْدُ بَغْدَادَ لِيُوَلِّيَهُ قَضَاءَ الكُوْفَةِ، فَامْتَنَعَ.
قَالَ بِشْرُ بنُ الحَارِثِ: مَا شَرِبَ أَحَدٌ مَاءَ الفُرَاتِ فَسَلِمَ، إِلاَّ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ابْنُ إِدْرِيْسَ نَسِيجَ وَحْدِهِ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: كَانَ عَابِداً، فَاضِلاً، كَانَ يَسْلُكُ فِي كَثِيْرٍ مِنْ فُتْيَاهُ وَمَذَاهِبِهِ مسَالكَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، يُخَالِفُ الكُوْفِيِّيْنَ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكٍ صدَاقَةٌ.
ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّ جَمِيْعَ مَا يَرْوِيْهِ مَالِكٌ فِي
المُوَطَّأِ، فَيَقُوْلُ بَلَغَنِي عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ.قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ حُجَّةٌ، إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ.
وَقِيْلَ: لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ أَحَدٌ أَعبدَ للهِ مِنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ أَفْضَلَ مِنْهُ.
أَبُو دَاوُدَ: عَنْ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الكِسَائِيِّ، قَالَ:
قَالَ لِي هَارُوْنُ الرَّشِيْدُ: مَنْ أَقرَأُ النَّاسِ؟
فَقُلْتُ: عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ.
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قُلْتُ: ثُمَّ حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ.
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قُلْتُ: رَجُلٌ آخرُ.
وَعَنْ حُسَيْنٍ العَنْقَزِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ بِابْنِ إِدْرِيْسَ المَوْتُ، بَكَتْ بِنْتُهُ.
فَقَالَ: لاَ تَبْكِي يَا بُنَيَّة، فَقَدْ خَتَمْتُ القُرْآنَ فِي هَذَا البَيْتِ أَرْبَعَةَ آلاَفِ ختمَةٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: كَانَ ابْنُ إِدْرِيْسَ إِذَا لَحَنَ أَحَدٌ فِي كَلاَمِهِ، لَمْ يُحَدِّثْهُ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ: عِنْدِي قَوْصَرَّةُ
ملكَايَةٌ، وَرَاويَةٌ مِنْ حَوْضِ الرَّبَابِيْنَ، وَدَبَّةُ زَيْتٍ، مَا أَحَدٌ أَغْنَى مِنِّي.وَكَانَ ابْنُ إِدْرِيْسَ يُحَرِّمُ النَّبِيذَ، وَقَالَ: قُلْتُ لِحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ: اتركِ الجُلُوْسَ فِي المَسْجَدِ.
فَقَالَ: أَنْتَ قَدْ تَرَكتَ ذَلِكَ وَلَمْ تَتركْ؟
قُلْتُ: لأَنْ يَأْتِيَنِي البَلاَءُ وَأَنَا فَارٌّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْتِيَنِي وَأَنَا مُتَعَرِّضٌ لَهُ.
قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ:
كُلُّ شرَابٍ مُسْكِرٍ كَثِيْرُهُ ... فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ يَسِيْرُهُ
إِنِّيْ لَكُم مِنْ شَرِّهِ نَذِيرُهُ ...
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ: كَتَبتُ حَدِيْثَ أَبِي الحورَاءِ، فَكَتَبتُ تَحْتَهُ: حورٌ عِيْنٌ.
قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ لَهُم فِي ذَلِكَ الوَقْتِ شَكْلٌ بَعْدُ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ البُورَانِيُّ، قَالَ:
قُرِئَ كِتَابُ الخَلِيْفَةِ إِلَى ابْنِ إِدْرِيْسَ وَأَنَا
حَاضِرٌ: مِنْ عَبْدِ اللهِ هَارُوْنَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ.قَالَ: فَشَهقَ ابْنُ إِدْرِيْسَ شَهْقَةً، وَسقطَ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَقُمْنَا إِلَى العَصْرِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ، وَانتبَهَ قُبِيْلَ المَغْرِبِ، وَقَدْ صَبَبْنَا عَلَيْهِ المَاءَ، فَلاَ شَيْءَ.
قَالَ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، صَارَ يَعْرِفُنِي حَتَّى يَكْتُبَ إِلَيَّ، أَيُّ ذَنْبٍ بَلَغَ بِي هَذَا؟!
قُلْتُ: قَدْ وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ، وَالنَّاسُ.
وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ، وَمَاتَ بِالكُوْفَةِ، فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ: كَانَ ابْنُ إِدْرِيْسَ مِنْ عِبَادِ الله الصَّالِحِيْنَ، مِنَ الزُّهَادِ، وَكَانَ ابْنُهُ أَعبدَ مِنْهُ، وَلَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ أَحَداً أَفْضَل مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَعَبْدَةَ بنِ سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ جَوَّاسٍ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةٌ فِي مَوْلِدِهِ، وَهُوَ المَحْفُوْظُ.
وَرَوَى: العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ الخَلاَّلُ، عَنْ عَرَفَةَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: مَاتَ حَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: وَفِيْهَا مَوْلِدِي، فَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ 92، قَالَهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مُثَنَّى، وَالأَشَجُّ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَزَادَ فِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ.وَقَدْ غلطَ بَعْضُ القُرَّاءِ، وَزَعَمَ أَنَّ ابْنَ إِدْرِيْسَ تَلاَ عَلَى ابْنِ كَثِيْرٍ، مَا لَحِقَهُ، وَلاَ قَاربَ.
وَرُوِيَ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ وَكِيْعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ إِدْرِيْسَ امْتنعَ مِنَ القَضَاءِ، وَقَالَ لِلرَّشِيْدِ: لاَ أَصلُحُ.
فَقَالَ الرَّشِيْدُ: وَدِدْتُ أَنِّيْ لَمْ أَكنْ رَأَيتُكَ.
فَقَالَ: وَأَنَا وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ رَأَيتُك، فَخَرَجَ، ثُمَّ وَلَّى حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ، وَبَعَثَ الرَّشِيْدُ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ إِلَى ابْنِ إِدْرِيْسَ،
فَقَالَ لِلرَّسولِ - وَصَاحَ بِهِ -: مُرَّ مِنْ هُنَا.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ الرَّشِيْدُ: لَمْ تَلِ لَنَا، وَلَمْ تَقْبَلْ صِلَتَنَا، فَإِذَا جَاءكَ ابْنِي المَأْمُوْنُ، فَحَدِّثْه.
فَقَالَ: إِنْ جَاءَ مَعَ الجَمَاعَةِ حَدَّثْنَاهُ، وَحَلَفَ أَلاَ يُكَلِّمَ حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ حَتَّى يَمُوْتَ.
أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، قَالَ لِي الأَعْمَشُ: وَاللهِ لاَ حَدَّثْتُكَ شَهْراً.
فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَتَيْتُكَ سَنَةً.
قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ سَنَةٍ.
فَقَالَ: ابْنُ إِدْرِيْسَ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: أُحِبُّ أَنْ يَكُوْنَ لِلْعربِيِّ مَرَارَةٌ.
قَالَ حُسَيْنُ بنُ عَمْرٍو العَنْقَزِيُّ لَمَّا نَزَلَ بعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ المَوْتُ: بَكتْ بِنتُهُ.
فَقَالَ: لاَ تَبْكِي، قَدْ خَتَمْتُ فِي هَذَا البَيْت أَرْبَعَةَ آلاَفِ ختمَةٍ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَجَعَلَ يَذُمَّ قِرَاءةَ
حَمْزَةَ، وَقَالَ: إِنَّمَا نَزَلَ القُرْآنُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، وَهِيَ التَّفخِيمُ،فَقَالَ لَهُ: بِشْرُ بنُ مُوْسَى: حَدَّثَنَا نَوْفَلُ.
فَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: نَوْفَلٌ ثِقَةٌ.
قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ لحَمْزَةَ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّكَ رَجُلٌ تَتَأَلَّهُ، وَهَذِهِ القِرَاءةُ لَيْسَتْ قِرَاءةَ عَبْدِ اللهِ، وَلاَ قِرَاءةَ غَيْرِهِ.
فَقَالَ حَمْزَةُ: أَمَّا إِنِّيْ أَتَحَرَّجُ أَنْ أَقرَأَ بِهَا فِي المِحْرَابِ.
قُلْتُ: لِمَ؟
قَالَ: لأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ قِرَاءةُ القَوْمِ.
قُلْتُ: فَمَا تَصْنَعُ بِهَا إِذاً؟
قَالَ: إِنْ رَجَعتُ مِنْ سَفَرِي، لأَتْرُكَنَّهَا.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: مَا أَسْتجِيْزُ أَنْ أَقُوْلَ لِمَنْ يَقرَأُ لِحَمْزَةَ: إِنَّهُ صَاحِبَ سُنَّةٍ.
قُلْتُ: اشْتُهِرَ تَحذِيرُ ابْنِ إِدْرِيْسَ مِنْ ذَلِكَ، وَاللهُ يَغفرُ لَهُ، وَقَدْ تَلَقَّى المُسْلِمُوْنَ حُرُوْفَهُ بِالقَبُوْلِ، وَأَجْمَعُوا اليَوْمَ عَلَيْهَا.
وَأَعْلَى مَا يَقَعُ حَدِيْثُ ابْنِ إِدْرِيْسَ فِي جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بِي أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ وَجَرِيْرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ فِي اللَّيْلِ سَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِم يَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- فِيْهَا خَيْراً مِنْ أَمرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ) .
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ جَرِيْرٍ وَحْدَهُ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=138032&book=5525#11bce0
عبد المنعم بن عبد العزيز بن أبي بكر بن عبد المؤمن، أبو الفضل القرشي العبدري، المعروف بابن النطروني :
من أهل الإسكندرية. قدم بغداد واستوطنها، ومدح بها الإمام الناصر لدين الله.
وكان شاعرا مجيدا، مليح الشعر، فاضلا، أديبا، فقيها مالكيا، مليح الشيبة، حسن السمت؛ رتب شيخا برباط العميد بالجانب الغربي، وناظرا في أوقافه.
أنشدني عبد العزيز بن عبد المنعم العبدري بالإسكندرية، قال: أنشدني والدي لنفسه ببغداد مادحا أمير المؤمنين الناصر لدين اللَّه، ويهنئه:
يا ساحر الطرف ليلى ما له سحر ... وقد أضر بجفني بعدك السهر
يكفيك مني إشارات بعين ضنى ... لم يبق مني لا عين ولا أثر
أعاذك اللَّه من شر الهوى فلقد ... أذكى على كبدي نارا لها شرر
غررت فيه بروحي بعد ما علمت ... أن السلامة من أسبابه غرر
وكان عذبا عذابي في بدايته ... فصار في الصبر طعما دونه الصبر
ولست أدري وقد مثلت شخصك في ... قلبي المشوق أشمس أنت أم قمر؟
ما صور اللَّه هذا الحسن في بشر ... وكان يمكن أن لا تعبد الصور
من لي برد غديات بذي سلم ... حيث النسيم عليل والثرى عطر
ومنها:
وللغصون مناجاة إذا سمعت ... من النسيم أحاديثا لها خطر
وهي قصيدة طويلة.
توفي ببغداد في جمادى الآخرة لأربع خلون منه من سنة ثلاث وستمائة، ودفن بالشونيزية، وقد قارب السبعين- رحمه الله.
من أهل الإسكندرية. قدم بغداد واستوطنها، ومدح بها الإمام الناصر لدين الله.
وكان شاعرا مجيدا، مليح الشعر، فاضلا، أديبا، فقيها مالكيا، مليح الشيبة، حسن السمت؛ رتب شيخا برباط العميد بالجانب الغربي، وناظرا في أوقافه.
أنشدني عبد العزيز بن عبد المنعم العبدري بالإسكندرية، قال: أنشدني والدي لنفسه ببغداد مادحا أمير المؤمنين الناصر لدين اللَّه، ويهنئه:
يا ساحر الطرف ليلى ما له سحر ... وقد أضر بجفني بعدك السهر
يكفيك مني إشارات بعين ضنى ... لم يبق مني لا عين ولا أثر
أعاذك اللَّه من شر الهوى فلقد ... أذكى على كبدي نارا لها شرر
غررت فيه بروحي بعد ما علمت ... أن السلامة من أسبابه غرر
وكان عذبا عذابي في بدايته ... فصار في الصبر طعما دونه الصبر
ولست أدري وقد مثلت شخصك في ... قلبي المشوق أشمس أنت أم قمر؟
ما صور اللَّه هذا الحسن في بشر ... وكان يمكن أن لا تعبد الصور
من لي برد غديات بذي سلم ... حيث النسيم عليل والثرى عطر
ومنها:
وللغصون مناجاة إذا سمعت ... من النسيم أحاديثا لها خطر
وهي قصيدة طويلة.
توفي ببغداد في جمادى الآخرة لأربع خلون منه من سنة ثلاث وستمائة، ودفن بالشونيزية، وقد قارب السبعين- رحمه الله.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=138032&book=5525#1fec8f
عبد المنعم بن عبد العزيز بن أبي بكر بن عبد المؤمن، أبو الفضل القرشي العبدري المعروف بابن النطروني:
من أهل الإسكندرية، قدم بغداد واستوطنها، ومدح بها الإمام الناصر لدين اللَّه بعدة قصائد ، وكان شاعرا مجيدا، مليح الشعر، فاضلا أديبا، فقيها مالكيا ،
مليح الشيبة حسن السمت ، رتب شيخا برباط العميد بالجانب الغربي وناظرا في أوقافه، ثم نفذ رسولا من الديوان إلى يحيى بن عافية الميورقي المقيم ببلاد المغرب، الداعي إلى الدولة العباسية، فأقام هناك مدة طويلة وولده عبد العزيز ينوبه في الرباط، قدم بغداد وقد حصل له مال طائل، فرتب ناظرا في المارستان العضدي، فلم يزل على ذلك إلى حين وفاته، اجتمعت به مرة واحدة في مجلس شيخنا أبي أحمد ابن سكينة وقد جاء زائرا، وسمعت من لفظه شيئا من شعره ولم أجتمع به بعد ذلك.
أنشدني عبد العزيز بن عبد المنعم بن عبد العزيز بن النطروني من لفظه على باب منزله بالإسكندرية قال: أنشدني والدي لنفسه ببغداد:
باتت تصد عن النوى ... وتقول كم تتغرب
إن الحياة مع القنا ... عة والمقام لأطيب
فأجبتها يا هذه ... غيري بقولك يخلب
إن الكريم مفارق ... أوطانه إذ تجدب
والبدر حين يشينه ... نقصانه يتغيب
لا يرتقي درج العلي ... من لا يجد ويتعب
وأنشدني عبد العزيز بن عبد المنعم بن عبد العزيز العبدري بالإسكندرية قال:
أنشدني والدي لنفسه ببغداد مادحا أمير المؤمنين الناصر لدين اللَّه ويهنئه بسنة ثلاث وتسعين وخمسمائة:
يا ساحر الطرف ليلى ما له سحر ... وقد أضر بجفني بعدك السهر
يكفيك مني إشارات بعين ضنى ... لم يبق مني [به] عين ولا أثر
أعاذك اللَّه من شر الهوى فلقد ... أذكى على كبدي نارا لها شرر
غررت فيه بروحي بعد ما علمت ... أن السلامة من أسبابه غرر
وكان عذبا عذابي في بدايته ... فصار في الصبر طعما دونه الصبر
ولست أدري وقد مثلت شخصك في ... قلبي المشوق أشمس أنت أم قمر
ما صور اللَّه هذا الحسن في بشر ... وكان يمكن أن لا تعبد الصور
من لي برد غديات بذي سلم ... حيث النسيم عليل والثى عطر
والنورك يضحك [في] وجه السحاب إذا ... أبدى عبوسا وأبكى جفنه المطر
والورق يدرع الأوراق إن نظرت ... سهام قطر بذاك القطر ينحدر
وللغصون مناجات إذا سمعت ... من النسيم أحاديثا لها خطر
ما كنت أحسب أن العيش يخلف ما ... قد كان من صفوه فيما مضى كدر
ولا تخيلت أن الساكنين ربى ... نجد تغيرهم من بعدنا الغير
وفيت بالقول إذ وافيتهم نكثوا ... وصنت عهدي إذ غادرتهم غدروا
ما حرموا غير وصلي في محرمهم ... وحال في صفر ما بيننا سفر
واضزّ قلباه إن لم يدن لي وطن ... عما قليل وإن لم يقض لي وطر
لو كنت [يا رب] تدري ما صنعت بنا ... لكنت في عاجل الأحوال تعتذر
وأنت يا دهر لو أنصفت كنت على ... مقدار جهدي من الآفات تقتصر
قف حيث أنت فإني بالإمام أبي العباس ... ناصر دين اللَّه أقتصر
خير الخلائف من آل النبي إذا ... وعدوا وأطيبهم ذكرا إذا ذكروا
الواجب الأمر في نص الكتاب على ... كل البرية إن غابوا وإن حضروا
والحائز الفخر إرثا كلما سردت ... حساب أحسابها عدنان أو مضر
والواهب المال في أكياسه بدرا ... والطاعن الخيل آلافا إذا بدروا
والمرسل الجيش في أرض العدى لجبا ... عرمرما لا يقي من بأسه وزر
فوارسا من بني الأتراك ما تركوا ... أمرا على خطر في الملك مذ خطروا
من كل أغلب مجدول العزيمة لا ... يبقى إذا هاج في الهيجا ولا يذر
في متن أدهم جون كله طرزا ... وظهر أشهب صاف كله غرر
إن قابلوا فتنوا أو قاتلوا قتلوا ... أو أنشبوا ظفر في معرك ظفروا
مؤيدين بنصر اللَّه إن وردوا ... يوم الكريهة في درع وإن صدروا
أما لك الأرض والأملاك قاطبة ... ملكا مؤيده التأييد والظفر
يا من مقانبه الأولى ملائكة ... ومن مناقبه الآيات والسور
إن الزمان الذي أصبحت صاحبه ... قد مسني من يدي أحداثه ضرر
وإن تقبضه قهرا وتبسطه ... أمرا وتزجره مهنا فيزدجر
هذا دراك وقد ناديت من كثب ... بحيث يسمعني الأنباء والسير
وأنت أقرب من حبل الوريد إلى ... الراجي وما أنت مما يدرك البصر
فانظر إلي أمير المؤمنين ففي ... فيها المآثر وازدانت بها العصر
وأبشر فإنك ركن اللَّه أسكبه ... في أرضه ليرى إتقانه البشر
توفي عبد المنعم بن النطروني في يوم الجمعة لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وستمائة، ودفن من الغد بالشونيزية وقد قارب السبعين.
من أهل الإسكندرية، قدم بغداد واستوطنها، ومدح بها الإمام الناصر لدين اللَّه بعدة قصائد ، وكان شاعرا مجيدا، مليح الشعر، فاضلا أديبا، فقيها مالكيا ،
مليح الشيبة حسن السمت ، رتب شيخا برباط العميد بالجانب الغربي وناظرا في أوقافه، ثم نفذ رسولا من الديوان إلى يحيى بن عافية الميورقي المقيم ببلاد المغرب، الداعي إلى الدولة العباسية، فأقام هناك مدة طويلة وولده عبد العزيز ينوبه في الرباط، قدم بغداد وقد حصل له مال طائل، فرتب ناظرا في المارستان العضدي، فلم يزل على ذلك إلى حين وفاته، اجتمعت به مرة واحدة في مجلس شيخنا أبي أحمد ابن سكينة وقد جاء زائرا، وسمعت من لفظه شيئا من شعره ولم أجتمع به بعد ذلك.
أنشدني عبد العزيز بن عبد المنعم بن عبد العزيز بن النطروني من لفظه على باب منزله بالإسكندرية قال: أنشدني والدي لنفسه ببغداد:
باتت تصد عن النوى ... وتقول كم تتغرب
إن الحياة مع القنا ... عة والمقام لأطيب
فأجبتها يا هذه ... غيري بقولك يخلب
إن الكريم مفارق ... أوطانه إذ تجدب
والبدر حين يشينه ... نقصانه يتغيب
لا يرتقي درج العلي ... من لا يجد ويتعب
وأنشدني عبد العزيز بن عبد المنعم بن عبد العزيز العبدري بالإسكندرية قال:
أنشدني والدي لنفسه ببغداد مادحا أمير المؤمنين الناصر لدين اللَّه ويهنئه بسنة ثلاث وتسعين وخمسمائة:
يا ساحر الطرف ليلى ما له سحر ... وقد أضر بجفني بعدك السهر
يكفيك مني إشارات بعين ضنى ... لم يبق مني [به] عين ولا أثر
أعاذك اللَّه من شر الهوى فلقد ... أذكى على كبدي نارا لها شرر
غررت فيه بروحي بعد ما علمت ... أن السلامة من أسبابه غرر
وكان عذبا عذابي في بدايته ... فصار في الصبر طعما دونه الصبر
ولست أدري وقد مثلت شخصك في ... قلبي المشوق أشمس أنت أم قمر
ما صور اللَّه هذا الحسن في بشر ... وكان يمكن أن لا تعبد الصور
من لي برد غديات بذي سلم ... حيث النسيم عليل والثى عطر
والنورك يضحك [في] وجه السحاب إذا ... أبدى عبوسا وأبكى جفنه المطر
والورق يدرع الأوراق إن نظرت ... سهام قطر بذاك القطر ينحدر
وللغصون مناجات إذا سمعت ... من النسيم أحاديثا لها خطر
ما كنت أحسب أن العيش يخلف ما ... قد كان من صفوه فيما مضى كدر
ولا تخيلت أن الساكنين ربى ... نجد تغيرهم من بعدنا الغير
وفيت بالقول إذ وافيتهم نكثوا ... وصنت عهدي إذ غادرتهم غدروا
ما حرموا غير وصلي في محرمهم ... وحال في صفر ما بيننا سفر
واضزّ قلباه إن لم يدن لي وطن ... عما قليل وإن لم يقض لي وطر
لو كنت [يا رب] تدري ما صنعت بنا ... لكنت في عاجل الأحوال تعتذر
وأنت يا دهر لو أنصفت كنت على ... مقدار جهدي من الآفات تقتصر
قف حيث أنت فإني بالإمام أبي العباس ... ناصر دين اللَّه أقتصر
خير الخلائف من آل النبي إذا ... وعدوا وأطيبهم ذكرا إذا ذكروا
الواجب الأمر في نص الكتاب على ... كل البرية إن غابوا وإن حضروا
والحائز الفخر إرثا كلما سردت ... حساب أحسابها عدنان أو مضر
والواهب المال في أكياسه بدرا ... والطاعن الخيل آلافا إذا بدروا
والمرسل الجيش في أرض العدى لجبا ... عرمرما لا يقي من بأسه وزر
فوارسا من بني الأتراك ما تركوا ... أمرا على خطر في الملك مذ خطروا
من كل أغلب مجدول العزيمة لا ... يبقى إذا هاج في الهيجا ولا يذر
في متن أدهم جون كله طرزا ... وظهر أشهب صاف كله غرر
إن قابلوا فتنوا أو قاتلوا قتلوا ... أو أنشبوا ظفر في معرك ظفروا
مؤيدين بنصر اللَّه إن وردوا ... يوم الكريهة في درع وإن صدروا
أما لك الأرض والأملاك قاطبة ... ملكا مؤيده التأييد والظفر
يا من مقانبه الأولى ملائكة ... ومن مناقبه الآيات والسور
إن الزمان الذي أصبحت صاحبه ... قد مسني من يدي أحداثه ضرر
وإن تقبضه قهرا وتبسطه ... أمرا وتزجره مهنا فيزدجر
هذا دراك وقد ناديت من كثب ... بحيث يسمعني الأنباء والسير
وأنت أقرب من حبل الوريد إلى ... الراجي وما أنت مما يدرك البصر
فانظر إلي أمير المؤمنين ففي ... فيها المآثر وازدانت بها العصر
وأبشر فإنك ركن اللَّه أسكبه ... في أرضه ليرى إتقانه البشر
توفي عبد المنعم بن النطروني في يوم الجمعة لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وستمائة، ودفن من الغد بالشونيزية وقد قارب السبعين.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=138176&book=5525#3e3619
عَبْد الوهاب بْن عليّ بْن عليّ بْن عبيد الله، أبو أحمد بن أبي منصور الأمين، المعروف بابن سكينة :
شيخ وقته في علو الإسناد والمعرفة، والإنفاق والزهد والعبادة، وحسن السمت، وموافقة السنة وسلوك طريق السلف الصالح. بكر به والده فأسمعه في صباه من الحافظ أبي الفضل بن ناصر وقرأ به من أبوي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وزاهر بن طاهر الشحامي وأبي [عبد الله] محمد بن حمويه الجويني وأخيه عبد الصمد وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي، ثم صحب أبا سعد بن السمعاني وأبا القاسم ابن عساكر الحافظ الدمشقي وسمع بهما الكثير من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ ومن والده أبي منصور علي ومن جده لأمه أبي البركات إسماعيل بن أحمد النيسابوري وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي وأبي الحسن عليّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السَّلام وأبي سعد أحمد بن محمد الزوزني وأبي الفتح عبد الله بن محمد بن البيضاوي وأبي محمد يحيى بن علي بن محمد بن الطراح وأبي الحسن محمد ابن أحمد بن توبة وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وبدر بن عبد الله الشيحي
وأبي منصور عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد القزاز وأبي البدر إبراهيم بن محمد ابن منصور الكرخي وأبي عبد الله الحسين وأبي محمد عبد الله ابني علي بن أحمد الخياط وأبي بكر أحمد بن علي بن عبد الواحد الدلال وأبي المعالي عبد الخالق بن عبد الصمد بن علي بن البدن الصفار وأبي الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم الصائغ وأبي الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي والوزير أبي القاسم علي بن طراد الزينبي وأخيه نقيب النقباء أبي الحسن محمد وأبي بكر محمد بن حمد بن خلف البندنيجي وأخيه عمر بن حمد وفاطمة بنت أبي حكيم الخبري، وجماعة غيرهم.
وقرأ بنفسه كثيرا على أبي الفضل بن ناصر ولازمه مدة طويلة، قرأ فيها كتبا كثيرة وأجزاء كثيرة، وعلى أحمد بن أبي غالب بن الطلاية وأبي الفرج بن أحمد بن يوسف وأبي القاسم نصر بن نصر بن علي العكبري وأبي الفضل أحمد بن طاهر بن سعيد الميهني والقاضي أبي الفضل مُحَمَّد بن عمر الأرموي وأبي المظفر سعيد بن سهل الفلكي وأبي الفضل محمد بن يحيى بن بذال وأبي الحسن بن أحمد بن محمويه اليزدي وأبي العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي المكي وأبي المظفر هبة اللَّه بن الشبلي وأبي السعود المبارك بن خيرون بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون، وخلق كثير غيرهم.
وكتب بخطه كثيرا من الحديث وغيره في صباه وبعد علو سنه، وحصل الأصول والنسخ الملاح بالخطوط الحسنة، وسمع بالكوفة من الشريف أبي البركات عمر بن إبراهيم العلوي وأَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن محمد بن غبرة الحارثي.
وقرأ القرآن بالروايات والطرق على أبي محمد عبد الله بن علي سبط أبي منصور الخياط وعلي الحافظ أَبِي العلاء الْحَسَن بْن أَحْمَد العطار الهمذاني وأبي الحسن علي بن أحمد بن محمويه اليزدي وغيرهم.
وقرأ المذهب والخلاف على أبي منصور سعيد بن محمد بن الرزاز وغيره. وقرأ
الأدب على أبي محمد بن الخشاب، وصحب جده أبا البركات إسماعيل شيخ الشيوخ فانتفع بصحبته، ولبس منه الخرقة، وتخلق بأخلاقه وتأدب بآدابه، وأخذ علم الحديث ومعرفته من ابن ناصر، وكان كثيرا يحكي عنه من الفوائد الحسنة والنكت الغريبة والمعاني الدقيقة، ومد اللَّه له في العمر حتى حدث بجميع مروياته مرارا، وقصده طلاب العلم من سائر الأقطار، وكانت أوقاته محفوظة، وكلماته معدودة، فلا تمضي له ساعة إلا في قراءة القرآن والذكر والتهجد وقراءة الناس، وكان يمنع الناس من التحديث في مجلسه بلغو أو غيبة إنسان أو ذكر ما لا فائدة فيه، وإذا قرئ عليه الحديث منه أن يقام له، [و] إذا حضر غيره أيضا فلا يقام له، وكان كثير الحج والعمرة والمجاورة بمكة، وكان دائما على سجادته على طهارة مستقبل القبلة، يقرأ القرآن ليلا ونهارا، والمصحف في يده ينظر فيه، وإذا غلبه النوم نام على سجادته، وما استيقظ إلا جدد وضوءا، ولا يخرج من منزله إلا لحضور صلاة الجمعة أو العيد أو جنازة أو زيارة صالح حي أو ميت أو حضور مجلس ذكر، ولم يكن يحضر دور أبناء الدنيا ولا أرباب المناصب في هناء ولا عزاء، وكان مديما للصيام في أكثر أوقاته مع علو سنة، وكان يستعمل السنة في جميع أحواله: في مدخله ومخرجه وملبسه ومأكله ومشربه، ويحب الصالحين، ويقتفي بسيرة السلف عقدا وفعلا، ويعظم العلماء، ويستفيد من الكبير والصغير ويتواضع لجميع الناس وفي سائر أحواله، وكان دائما يقول: نسأل اللَّه [أن] يميتنا مسلمين! وإذا دعا له أحد بطول البقاء قال: أسأل اللَّه الوفاة على الإسلام، ويبكي. وكان ظاهر الخشوع عند الذكر، غزير الدمعة عند قراءة القرآن والحديث وأخبار الصالحين.
وكان إذا أكثر من البكاء يعتذر إلى الحاضرين ويقول: قد كبر سني ورق عظمي فلا أملك دمعتي- نفيا لإظهار الخشوع وخوفا من الرياء وسترا لحاله، وكان الله
سبحانه قد ألبسه رداء جميلا من البهاء وحسن الخلقة وقبول الصورة ونور الطاعة وجلالة العبادة، فكانت له في القلوب منزلة عظيمة، يحبه الكبير والصغير والرجال والنساء، وكان الرجل إذا رآه انتفع برؤيته قبل سماع كلامه، فإذا تكلم كان البهاء والنور على ألفاظه، وتقبلها الأسماع والقلوب، ولا يشبع جليسه من مجالسته، ولقد طفت شرقا وغربا، ورأيت الأئمة والعلماء والزهاد، فما رأيت أكمل منه ولا أكثر عبادة ولا أحسن سمتا، صحبته قريبا من عشرين سنة ليلا ونهارا، وتأدبت به وخدمته، وقرأت عليه القرآن بجميع مروياته وقراءاته، وسمعت منه أكثر مروياته، وقرأت عليه الكتب المطولات، واستفدت منه كثيرا، وكان ثقة صدوقا حجة نبيلا، ركنا من أركان الدين، وعلما من أعلام المسلمين. سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي والحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي وخلق من الأئمة الكبار ورووا عنه وهو حجة.
أَخْبَرَنَا شَيْخُنَا السَّعِيدُ أبو أحمد عَبْد الوهاب بْن عليّ بْن عَلِيِّ بْن عُبَيْدِ اللَّهِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين بِقِرَاءَةِ شَيْخِنَا أَبِي الْفَضْلِ بْنِ نَاصِرٍ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وعشرين وخمسمائة، أنبأنا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ غَيْلانَ الْبَزَّازُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْنِ إبراهيم الشافعي، حدثنا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّهِ النَّرْسِيُّ، أنبأنا روح بن عبادة، حدثنا عثمان بن غياث، حدثنا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَمُرُّ النَّاسُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ، وَعَلَيْهِ حَسَكٌ وَكَلالِيبُ وَخَطَاطِيفُ تَخْطَفُ النَّاسَ يَمِينًا وَشِمَالا وَبِجَنْبَتَيْهِ مَلائِكَةٌ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَمُرُّ مِثْلَ الْبَرْقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ مِثْلَ الرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ مِثْلَ الْفَرَسِ الْمُجْرِي، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْعَى سَعْيًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْبُو حَبْوًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْحَفُ زَحْفًا؛ فَأَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَلا يَمُوتُونَ ولا يحيون،
وَأَمَّا أُنَاسٌ فَيُؤْخَذُونَ بِذُنُوبٍ وَخَطَايَا؛ قَالَ: فَيَحْتَرِقُونَ فَيَكُونُونَ فَحْمًا ثُمَّ يُؤْذَنُ فِي الشَّفَاعَةِ فَيُؤْخَذُونَ ضُبَارَاتٍ ضُبَارَاتٍ فَيُقْذَفُونَ عَلَى نَهْرٍ مِنْ أَنْهَارِ الجنة فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ»
، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا رَأَيْتُمُ الصَّبْغَاءَ شَجَرَةً تَنْبُتُ فِي الْفَيَافِي ، فَيَكُونُ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ رَجُلٌ يَكُونُ عَلَى شَفَّتِهَا فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! اصْرَفْ وَجْهِي عَنْهَا، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: عَهْدُكَ وَذِمَّتُكَ لا تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا؛ قَالَ:
وَعَلَى الصِّرَاطِ ثَلاثُ شَجَرَاتٍ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! حَوِّلْنِي إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ آكُلَ مِنْ ثمرها وَأَكُونَ فِي ظَلِّهَا، قَالَ: فَيَقُولُ: عَهْدُكَ وَذِمَّتُكَ لا تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا؛ قَالَ: ثُمَّ يَرَى أُخْرَى أَحْسَنَ مِنْهَا فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! حَوِّلْنِي إِلَى هَذِهِ آكُلَ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكُونَ فِي ظَلِّهَا؛ ثُمَّ يَرَى سَوَادَ النَّاسِ وَيَسْمَعُ كَلامَهُمْ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ! قَالَ أَبُو نَضْرَةَ:
فَاخْتَلَفَ أَبُو سَعِيدٍ ورَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيُعْطَي الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا، وَقَالَ الآخَرُ: يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيُعْطَى الْجَنَّةَ وَعَشْرَ أَمْثَالِهَا» .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ قَدِمَ عَلَيْنَا في شوال سنة خمس وعشرين وخمسمائة قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَنْجَرُوذِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ» .
أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن أبي منصور الأمين بقراءتي عليه قال: أنبأنا أبو القاسم هبة اللَّه بن محمد بن الحصين قراءة عليه، أنبأنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان، أنبأنا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى المزكي، أنبأنا السّرّاج، حدثنا قتيبة، حدثنا سعيد، حدثنا بكر بن نصر عن عمرو بن الحارث قال: بلغني أن رجلا كتب إلى
ابن عمر يسأله عن العلم فكتب إليه أن العلم كبير يا ابن أخ، ولكن إن استطعت أن تلقى اللَّه عز وجل خفيف الظهر من دماء المسلمين كاف اللسان عن أعراضهم خامص البطن من أموالهم لازما لجماعتهم فافعل.
أخبرنا عبد الوهاب الأمين بقراءتي عليه قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قال: أنشدنا أبو القاسم علي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحسن بْن عليك قدم علينا قال: أنشدنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى السلمي، أنشدني نصر بن أبي نصر البستي لعلي بن محمد بن بسام:
أقصرت عن طلب البطالة والصبا ... لما علاني للمشيب قناع
لله أيام الشباب ولهوه ... لو أن أيام الشباب تباع
فدع الصبا يا قلب واسل عن الهوى ... ما فيك بعد مشيبك استمتاع
وانظر إلى الدنيا بعين مودع ... فلقد دنا سفر وحان وداع
والحادثات موكلات بالفتى ... والمرؤ بعد الحادثات سماع
وسمعت أبا محمد بن الأخضر الحافظ غير مرة يقول: لم يبق ممن طلب الحديث، وعنى به غير عبد الوهاب بن سكينة. وسمعت عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلي يقول:
رأيت عبد الوهاب بن سكينة يجيء إلى ابن ناصر ليقرأ عليه، وكان من ظراف طلبة الحديث، وسمعت ابن الأخضر يقول: كان شيخنا ابن ناصر يجلس في داره على سرير لطيف، فكل من حضر عنده يجلس تحت سريره كابن شافع والباقداري وأمثالهم، وما رأيته أجلس معه أحدا على سريره إلا عبد الوهاب بن سكينة. ورأيت بخط الشيخ أبي محمد عبد الله بن علي بن أحمد المقرئ شيخ العراق على الكتب والمفردات التي قرأها عليه شيخنا عبد الوهاب: قرأ علي سيدنا ضياء الدين أبو أحمد عبد الوهاب، وكان شيخنا لما قرأ عليه قارب العشرين من عمره- رحمة اللَّه عليهما.
أنبأنا القاضي الفقيه يحيى بن القاسم التكريتي مدرس المدرسة النظامية قال في ذكر
مشايخه: أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي المعروف بابن سكينة كان رجلا عالما عاملا بمذهب الشافعي، كثير المباحثة في مسائله، دائم التكرار لكتاب التنبيه في الفقه حافظا له، كثير الاشتغال بكتاب المهذب والوسيط في الفقه، لا يضيع من وقته شيئا، وكنا إذا دخلنا عليه يقول: لا تزيدوا على «سلام عليكم» مسألة، لكثرة حرصه على المباحثة في المسائل وتقرير أحكامها.
سمعت عبد الكريم بن المفضل اليزدي بأصبهان وكان ينوب في التدريس بالمدرسة النظامية بها عن ابن الخجندي. وحج في تلك السنة شيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم من بغداد، فلما دخلنا المدينة اجتمعنا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فجاء رجل مستفتيا إلى صدر الدين بن الخجندي فكتب فيها، ثم التفت [الرجل] إلي [وقال] : قد سهى صدر الدين في الفتيا فكتبها على غير الصواب، فنبهه على ذلك حتى يصلحها، ثم ناولنيها فإذا هي كما قال، فقمت إلى صدر الدين وذكرت ذلك له، فقال لي: ومن هذا الرجل؟ فقلت: لا أعرفه، فسأل عنه شيخ الشيوخ [فقال] :
ابن أختي عبد الوهاب وهو فقيه محدث، فقام إليه صدر الدين واعتذر إليه.
سألت شيخنا عبد الوهاب بن علي عن مولده فقال: في ليل الجمعة رابع شعبان سنة تسع عشرة وخمسمائة؛ وتوفي سحرة يوم الاثنين التاسع عشر من شهر ربيع الآخر من سنة سبع وستمائة، وصلى عليه بجامع القصر وبعدة أمكنة بالجانب الغربي، ودفن عند جده شيخ الشيوخ مقابل جامع المنصور، وكان يوما مشهودا.
شيخ وقته في علو الإسناد والمعرفة، والإنفاق والزهد والعبادة، وحسن السمت، وموافقة السنة وسلوك طريق السلف الصالح. بكر به والده فأسمعه في صباه من الحافظ أبي الفضل بن ناصر وقرأ به من أبوي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وزاهر بن طاهر الشحامي وأبي [عبد الله] محمد بن حمويه الجويني وأخيه عبد الصمد وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي، ثم صحب أبا سعد بن السمعاني وأبا القاسم ابن عساكر الحافظ الدمشقي وسمع بهما الكثير من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ ومن والده أبي منصور علي ومن جده لأمه أبي البركات إسماعيل بن أحمد النيسابوري وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي وأبي الحسن عليّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السَّلام وأبي سعد أحمد بن محمد الزوزني وأبي الفتح عبد الله بن محمد بن البيضاوي وأبي محمد يحيى بن علي بن محمد بن الطراح وأبي الحسن محمد ابن أحمد بن توبة وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وبدر بن عبد الله الشيحي
وأبي منصور عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد القزاز وأبي البدر إبراهيم بن محمد ابن منصور الكرخي وأبي عبد الله الحسين وأبي محمد عبد الله ابني علي بن أحمد الخياط وأبي بكر أحمد بن علي بن عبد الواحد الدلال وأبي المعالي عبد الخالق بن عبد الصمد بن علي بن البدن الصفار وأبي الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم الصائغ وأبي الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي والوزير أبي القاسم علي بن طراد الزينبي وأخيه نقيب النقباء أبي الحسن محمد وأبي بكر محمد بن حمد بن خلف البندنيجي وأخيه عمر بن حمد وفاطمة بنت أبي حكيم الخبري، وجماعة غيرهم.
وقرأ بنفسه كثيرا على أبي الفضل بن ناصر ولازمه مدة طويلة، قرأ فيها كتبا كثيرة وأجزاء كثيرة، وعلى أحمد بن أبي غالب بن الطلاية وأبي الفرج بن أحمد بن يوسف وأبي القاسم نصر بن نصر بن علي العكبري وأبي الفضل أحمد بن طاهر بن سعيد الميهني والقاضي أبي الفضل مُحَمَّد بن عمر الأرموي وأبي المظفر سعيد بن سهل الفلكي وأبي الفضل محمد بن يحيى بن بذال وأبي الحسن بن أحمد بن محمويه اليزدي وأبي العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي المكي وأبي المظفر هبة اللَّه بن الشبلي وأبي السعود المبارك بن خيرون بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون، وخلق كثير غيرهم.
وكتب بخطه كثيرا من الحديث وغيره في صباه وبعد علو سنه، وحصل الأصول والنسخ الملاح بالخطوط الحسنة، وسمع بالكوفة من الشريف أبي البركات عمر بن إبراهيم العلوي وأَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن محمد بن غبرة الحارثي.
وقرأ القرآن بالروايات والطرق على أبي محمد عبد الله بن علي سبط أبي منصور الخياط وعلي الحافظ أَبِي العلاء الْحَسَن بْن أَحْمَد العطار الهمذاني وأبي الحسن علي بن أحمد بن محمويه اليزدي وغيرهم.
وقرأ المذهب والخلاف على أبي منصور سعيد بن محمد بن الرزاز وغيره. وقرأ
الأدب على أبي محمد بن الخشاب، وصحب جده أبا البركات إسماعيل شيخ الشيوخ فانتفع بصحبته، ولبس منه الخرقة، وتخلق بأخلاقه وتأدب بآدابه، وأخذ علم الحديث ومعرفته من ابن ناصر، وكان كثيرا يحكي عنه من الفوائد الحسنة والنكت الغريبة والمعاني الدقيقة، ومد اللَّه له في العمر حتى حدث بجميع مروياته مرارا، وقصده طلاب العلم من سائر الأقطار، وكانت أوقاته محفوظة، وكلماته معدودة، فلا تمضي له ساعة إلا في قراءة القرآن والذكر والتهجد وقراءة الناس، وكان يمنع الناس من التحديث في مجلسه بلغو أو غيبة إنسان أو ذكر ما لا فائدة فيه، وإذا قرئ عليه الحديث منه أن يقام له، [و] إذا حضر غيره أيضا فلا يقام له، وكان كثير الحج والعمرة والمجاورة بمكة، وكان دائما على سجادته على طهارة مستقبل القبلة، يقرأ القرآن ليلا ونهارا، والمصحف في يده ينظر فيه، وإذا غلبه النوم نام على سجادته، وما استيقظ إلا جدد وضوءا، ولا يخرج من منزله إلا لحضور صلاة الجمعة أو العيد أو جنازة أو زيارة صالح حي أو ميت أو حضور مجلس ذكر، ولم يكن يحضر دور أبناء الدنيا ولا أرباب المناصب في هناء ولا عزاء، وكان مديما للصيام في أكثر أوقاته مع علو سنة، وكان يستعمل السنة في جميع أحواله: في مدخله ومخرجه وملبسه ومأكله ومشربه، ويحب الصالحين، ويقتفي بسيرة السلف عقدا وفعلا، ويعظم العلماء، ويستفيد من الكبير والصغير ويتواضع لجميع الناس وفي سائر أحواله، وكان دائما يقول: نسأل اللَّه [أن] يميتنا مسلمين! وإذا دعا له أحد بطول البقاء قال: أسأل اللَّه الوفاة على الإسلام، ويبكي. وكان ظاهر الخشوع عند الذكر، غزير الدمعة عند قراءة القرآن والحديث وأخبار الصالحين.
وكان إذا أكثر من البكاء يعتذر إلى الحاضرين ويقول: قد كبر سني ورق عظمي فلا أملك دمعتي- نفيا لإظهار الخشوع وخوفا من الرياء وسترا لحاله، وكان الله
سبحانه قد ألبسه رداء جميلا من البهاء وحسن الخلقة وقبول الصورة ونور الطاعة وجلالة العبادة، فكانت له في القلوب منزلة عظيمة، يحبه الكبير والصغير والرجال والنساء، وكان الرجل إذا رآه انتفع برؤيته قبل سماع كلامه، فإذا تكلم كان البهاء والنور على ألفاظه، وتقبلها الأسماع والقلوب، ولا يشبع جليسه من مجالسته، ولقد طفت شرقا وغربا، ورأيت الأئمة والعلماء والزهاد، فما رأيت أكمل منه ولا أكثر عبادة ولا أحسن سمتا، صحبته قريبا من عشرين سنة ليلا ونهارا، وتأدبت به وخدمته، وقرأت عليه القرآن بجميع مروياته وقراءاته، وسمعت منه أكثر مروياته، وقرأت عليه الكتب المطولات، واستفدت منه كثيرا، وكان ثقة صدوقا حجة نبيلا، ركنا من أركان الدين، وعلما من أعلام المسلمين. سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي والحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي وخلق من الأئمة الكبار ورووا عنه وهو حجة.
أَخْبَرَنَا شَيْخُنَا السَّعِيدُ أبو أحمد عَبْد الوهاب بْن عليّ بْن عَلِيِّ بْن عُبَيْدِ اللَّهِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين بِقِرَاءَةِ شَيْخِنَا أَبِي الْفَضْلِ بْنِ نَاصِرٍ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وعشرين وخمسمائة، أنبأنا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ غَيْلانَ الْبَزَّازُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْنِ إبراهيم الشافعي، حدثنا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّهِ النَّرْسِيُّ، أنبأنا روح بن عبادة، حدثنا عثمان بن غياث، حدثنا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَمُرُّ النَّاسُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ، وَعَلَيْهِ حَسَكٌ وَكَلالِيبُ وَخَطَاطِيفُ تَخْطَفُ النَّاسَ يَمِينًا وَشِمَالا وَبِجَنْبَتَيْهِ مَلائِكَةٌ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَمُرُّ مِثْلَ الْبَرْقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ مِثْلَ الرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ مِثْلَ الْفَرَسِ الْمُجْرِي، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْعَى سَعْيًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْبُو حَبْوًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْحَفُ زَحْفًا؛ فَأَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَلا يَمُوتُونَ ولا يحيون،
وَأَمَّا أُنَاسٌ فَيُؤْخَذُونَ بِذُنُوبٍ وَخَطَايَا؛ قَالَ: فَيَحْتَرِقُونَ فَيَكُونُونَ فَحْمًا ثُمَّ يُؤْذَنُ فِي الشَّفَاعَةِ فَيُؤْخَذُونَ ضُبَارَاتٍ ضُبَارَاتٍ فَيُقْذَفُونَ عَلَى نَهْرٍ مِنْ أَنْهَارِ الجنة فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ»
، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا رَأَيْتُمُ الصَّبْغَاءَ شَجَرَةً تَنْبُتُ فِي الْفَيَافِي ، فَيَكُونُ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ رَجُلٌ يَكُونُ عَلَى شَفَّتِهَا فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! اصْرَفْ وَجْهِي عَنْهَا، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: عَهْدُكَ وَذِمَّتُكَ لا تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا؛ قَالَ:
وَعَلَى الصِّرَاطِ ثَلاثُ شَجَرَاتٍ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! حَوِّلْنِي إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ آكُلَ مِنْ ثمرها وَأَكُونَ فِي ظَلِّهَا، قَالَ: فَيَقُولُ: عَهْدُكَ وَذِمَّتُكَ لا تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا؛ قَالَ: ثُمَّ يَرَى أُخْرَى أَحْسَنَ مِنْهَا فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! حَوِّلْنِي إِلَى هَذِهِ آكُلَ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكُونَ فِي ظَلِّهَا؛ ثُمَّ يَرَى سَوَادَ النَّاسِ وَيَسْمَعُ كَلامَهُمْ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ! قَالَ أَبُو نَضْرَةَ:
فَاخْتَلَفَ أَبُو سَعِيدٍ ورَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيُعْطَي الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا، وَقَالَ الآخَرُ: يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيُعْطَى الْجَنَّةَ وَعَشْرَ أَمْثَالِهَا» .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ قَدِمَ عَلَيْنَا في شوال سنة خمس وعشرين وخمسمائة قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَنْجَرُوذِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ» .
أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن أبي منصور الأمين بقراءتي عليه قال: أنبأنا أبو القاسم هبة اللَّه بن محمد بن الحصين قراءة عليه، أنبأنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان، أنبأنا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى المزكي، أنبأنا السّرّاج، حدثنا قتيبة، حدثنا سعيد، حدثنا بكر بن نصر عن عمرو بن الحارث قال: بلغني أن رجلا كتب إلى
ابن عمر يسأله عن العلم فكتب إليه أن العلم كبير يا ابن أخ، ولكن إن استطعت أن تلقى اللَّه عز وجل خفيف الظهر من دماء المسلمين كاف اللسان عن أعراضهم خامص البطن من أموالهم لازما لجماعتهم فافعل.
أخبرنا عبد الوهاب الأمين بقراءتي عليه قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قال: أنشدنا أبو القاسم علي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحسن بْن عليك قدم علينا قال: أنشدنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى السلمي، أنشدني نصر بن أبي نصر البستي لعلي بن محمد بن بسام:
أقصرت عن طلب البطالة والصبا ... لما علاني للمشيب قناع
لله أيام الشباب ولهوه ... لو أن أيام الشباب تباع
فدع الصبا يا قلب واسل عن الهوى ... ما فيك بعد مشيبك استمتاع
وانظر إلى الدنيا بعين مودع ... فلقد دنا سفر وحان وداع
والحادثات موكلات بالفتى ... والمرؤ بعد الحادثات سماع
وسمعت أبا محمد بن الأخضر الحافظ غير مرة يقول: لم يبق ممن طلب الحديث، وعنى به غير عبد الوهاب بن سكينة. وسمعت عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلي يقول:
رأيت عبد الوهاب بن سكينة يجيء إلى ابن ناصر ليقرأ عليه، وكان من ظراف طلبة الحديث، وسمعت ابن الأخضر يقول: كان شيخنا ابن ناصر يجلس في داره على سرير لطيف، فكل من حضر عنده يجلس تحت سريره كابن شافع والباقداري وأمثالهم، وما رأيته أجلس معه أحدا على سريره إلا عبد الوهاب بن سكينة. ورأيت بخط الشيخ أبي محمد عبد الله بن علي بن أحمد المقرئ شيخ العراق على الكتب والمفردات التي قرأها عليه شيخنا عبد الوهاب: قرأ علي سيدنا ضياء الدين أبو أحمد عبد الوهاب، وكان شيخنا لما قرأ عليه قارب العشرين من عمره- رحمة اللَّه عليهما.
أنبأنا القاضي الفقيه يحيى بن القاسم التكريتي مدرس المدرسة النظامية قال في ذكر
مشايخه: أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي المعروف بابن سكينة كان رجلا عالما عاملا بمذهب الشافعي، كثير المباحثة في مسائله، دائم التكرار لكتاب التنبيه في الفقه حافظا له، كثير الاشتغال بكتاب المهذب والوسيط في الفقه، لا يضيع من وقته شيئا، وكنا إذا دخلنا عليه يقول: لا تزيدوا على «سلام عليكم» مسألة، لكثرة حرصه على المباحثة في المسائل وتقرير أحكامها.
سمعت عبد الكريم بن المفضل اليزدي بأصبهان وكان ينوب في التدريس بالمدرسة النظامية بها عن ابن الخجندي. وحج في تلك السنة شيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم من بغداد، فلما دخلنا المدينة اجتمعنا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فجاء رجل مستفتيا إلى صدر الدين بن الخجندي فكتب فيها، ثم التفت [الرجل] إلي [وقال] : قد سهى صدر الدين في الفتيا فكتبها على غير الصواب، فنبهه على ذلك حتى يصلحها، ثم ناولنيها فإذا هي كما قال، فقمت إلى صدر الدين وذكرت ذلك له، فقال لي: ومن هذا الرجل؟ فقلت: لا أعرفه، فسأل عنه شيخ الشيوخ [فقال] :
ابن أختي عبد الوهاب وهو فقيه محدث، فقام إليه صدر الدين واعتذر إليه.
سألت شيخنا عبد الوهاب بن علي عن مولده فقال: في ليل الجمعة رابع شعبان سنة تسع عشرة وخمسمائة؛ وتوفي سحرة يوم الاثنين التاسع عشر من شهر ربيع الآخر من سنة سبع وستمائة، وصلى عليه بجامع القصر وبعدة أمكنة بالجانب الغربي، ودفن عند جده شيخ الشيوخ مقابل جامع المنصور، وكان يوما مشهودا.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155401&book=5525#a354d5
عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي أَوْفَى عَلْقَمَةَ بنِ خَالِدِ بنِ الحَارِثِ الأَسْلَمِيُّ
الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ، صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو مُعَاوِيَةَ.
وَقِيْلَ: أَبُو مُحَمَّدٍ.
وَقِيْلَ: أَبُو إِبْرَاهِيْمَ الأَسْلَمِيُّ، الكُوْفِيُّ.
مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، وَخَاتِمَةُ مَنْ مَاتَ بِالكُوْفَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَكَانَ أَبُوْهُ صَحَابِيّاً أَيْضاً.
وَلَهُ: عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُسْلِمٍ الهَجَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّكْسَكِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَأَبُو يَعْفُوْرٍ وَقْدَانُ، وَمَجْزَأَةُ بنُ زَاهِرٍ، وَغَيْرُهُم.
وَقِيْلَ: لَمْ يُشَافِهْهُ الأَعْمَشُ مَعَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي البَلَدِ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى، كَانَ الأَعْمَشُ رَجُلاً لَهُ بِضْعٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً.
وَقَدْ فَازَ عَبْدُ اللهِ بِالدَّعْوَةِ النَّبَوِيَّةِ حَيْثُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِزَكَاةِ وَالِدِهِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى) .
وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ مِنَ الكِبَرِ.
شُعْبَةُ: عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - قَالَ:
نَهَانَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ النَّبِيْذِ فِي الجَرِّ الأَخْضَرِ.
شُعْبَةُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أُتِيَ بِصَدَقَةٍ، قَالَ: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِم) .
فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَةِ قَوْمِهِ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى) .
وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِنَا.
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي يَعْفُوْرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ:غَزَوْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ الجَرَادَ.
المُحَارِبِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ بِذِرَاعِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى ضَرْبَةً، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟
قَالَ: ضُرِبْتُهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ.
تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ.
وَقِيْلَ: بَلْ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ، وَقَدْ قَارَبَ مِائَةَ سَنَةٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ، صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو مُعَاوِيَةَ.
وَقِيْلَ: أَبُو مُحَمَّدٍ.
وَقِيْلَ: أَبُو إِبْرَاهِيْمَ الأَسْلَمِيُّ، الكُوْفِيُّ.
مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، وَخَاتِمَةُ مَنْ مَاتَ بِالكُوْفَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَكَانَ أَبُوْهُ صَحَابِيّاً أَيْضاً.
وَلَهُ: عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُسْلِمٍ الهَجَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّكْسَكِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَأَبُو يَعْفُوْرٍ وَقْدَانُ، وَمَجْزَأَةُ بنُ زَاهِرٍ، وَغَيْرُهُم.
وَقِيْلَ: لَمْ يُشَافِهْهُ الأَعْمَشُ مَعَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي البَلَدِ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى، كَانَ الأَعْمَشُ رَجُلاً لَهُ بِضْعٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً.
وَقَدْ فَازَ عَبْدُ اللهِ بِالدَّعْوَةِ النَّبَوِيَّةِ حَيْثُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِزَكَاةِ وَالِدِهِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى) .
وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ مِنَ الكِبَرِ.
شُعْبَةُ: عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - قَالَ:
نَهَانَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ النَّبِيْذِ فِي الجَرِّ الأَخْضَرِ.
شُعْبَةُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أُتِيَ بِصَدَقَةٍ، قَالَ: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِم) .
فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَةِ قَوْمِهِ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى) .
وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِنَا.
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي يَعْفُوْرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ:غَزَوْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ الجَرَادَ.
المُحَارِبِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ بِذِرَاعِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى ضَرْبَةً، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟
قَالَ: ضُرِبْتُهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ.
تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ.
وَقِيْلَ: بَلْ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ، وَقَدْ قَارَبَ مِائَةَ سَنَةٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=78506&book=5525#3753a7
عَبْد اللَّه بْن مكرم (3) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قارب، قَالَه ابْن أَبِي أويس عَنْ أَبِيه عَنِ ابْن إِسْحَاق.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=78506&book=5525#05364a
عَبْد اللَّهِ بْن مكرم يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارب روى عَنهُ بن إِسْحَاق أَحْسبهُ بْن نيار بْن مكرم أسقط بْن إِسْحَاق اسْم أَبِيه فَإِن لم يكن ذَاك فَهُوَ آخر
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=137961&book=5525#76725b
عبد الملك بن عَبْد الرَّحْمَن بْن سعود بْن سرور الملاح، أبو القاسم:
من أهل قصر عيسى بالجانب الغربي، من أولاد المحدثين، تقدم ذكر والده، سمع أبا الحارث أحمد بن سعيد بن الحسن العسكري وغيره، كتبت عنه وكان شيخا لا بأس به.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سعود الملاح قال: أنبأنا أبو الحارث أحمد بن سعيد العسكري قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ علي بن ميمون الكوفي، أنبأنا أبو عبد الله مُحَمَّد بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي، أنبأنا أبو الطيب علي بن محمد ابن بنان، حدثنا أبو العباس أحمد بن علي بن محمد الموهبي، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو عُمَرَ الأموي، حدثنا محمد بن عمارة بن صبيح، حدثنا سهل بن عامر، حدثنا عَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ سَعَادَةِ الرَّجُلِ زَوْجَةً صَالِحَةً وَوَلَدًا بَرًّا وَخُلَطَاءَ صَالِحِينَ وَمَعِيشَةً فِي بِلادِهِ» .
توفي في المحرم سنة تسع وعشرين وستمائة، ودفن بباب حرب وقد قارب الثمانين.
من أهل قصر عيسى بالجانب الغربي، من أولاد المحدثين، تقدم ذكر والده، سمع أبا الحارث أحمد بن سعيد بن الحسن العسكري وغيره، كتبت عنه وكان شيخا لا بأس به.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سعود الملاح قال: أنبأنا أبو الحارث أحمد بن سعيد العسكري قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ علي بن ميمون الكوفي، أنبأنا أبو عبد الله مُحَمَّد بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي، أنبأنا أبو الطيب علي بن محمد ابن بنان، حدثنا أبو العباس أحمد بن علي بن محمد الموهبي، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو عُمَرَ الأموي، حدثنا محمد بن عمارة بن صبيح، حدثنا سهل بن عامر، حدثنا عَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ سَعَادَةِ الرَّجُلِ زَوْجَةً صَالِحَةً وَوَلَدًا بَرًّا وَخُلَطَاءَ صَالِحِينَ وَمَعِيشَةً فِي بِلادِهِ» .
توفي في المحرم سنة تسع وعشرين وستمائة، ودفن بباب حرب وقد قارب الثمانين.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=94126&book=5525#c0695f
عَبد الرحمن بن قارب بن الأسود.
سمعتُ ابن حماد يقول: قال البُخارِيّ عَبد الرحمن بن قارب بن الأسود عن النبي عليه السلام في ثقيف لم يصح.
قال ابنُ عَدِي وهذا الذي قاله البُخارِيّ من قوله لم يصح أن عَبد الرحمن هذا لم يسمع من أبيه، وإِنَّما هو حديث واحد.
سمعتُ ابن حماد يقول: قال البُخارِيّ عَبد الرحمن بن قارب بن الأسود عن النبي عليه السلام في ثقيف لم يصح.
قال ابنُ عَدِي وهذا الذي قاله البُخارِيّ من قوله لم يصح أن عَبد الرحمن هذا لم يسمع من أبيه، وإِنَّما هو حديث واحد.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=137156&book=5525#106929
عَبْد اللَّه بْن الخضر بْن الْحُسَيْن أَبُو البركات بْن الشيرجي الفقيه الشَّافعيّ الموصلي :
انتفع بِهِ جماعة وحصل المذهب وناظر وسمع القاضي أبا بَكْر وابن زريق القزاز وجماعة وحدث وروى عَنْهُ غير واحد بالموصل. قرأت عَلَى مُحَمَّد بْن علوان الفقيه، أنبأنا عَبْد اللَّه بْن الشيرجي، أنبأنا عَبْد الملك الكروخي. فذكر حديثًا. توفي سنة أربع وسبعين وخمسمائة وَقَدْ قارب الثمانين. ذكر ذَلِكَ أَبُو المواهب بْن صصرى.
انتفع بِهِ جماعة وحصل المذهب وناظر وسمع القاضي أبا بَكْر وابن زريق القزاز وجماعة وحدث وروى عَنْهُ غير واحد بالموصل. قرأت عَلَى مُحَمَّد بْن علوان الفقيه، أنبأنا عَبْد اللَّه بْن الشيرجي، أنبأنا عَبْد الملك الكروخي. فذكر حديثًا. توفي سنة أربع وسبعين وخمسمائة وَقَدْ قارب الثمانين. ذكر ذَلِكَ أَبُو المواهب بْن صصرى.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=78831&book=5525#231990
عَبْد الرَّحْمَن بْن قارب بْن الأَسْوَدِ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثقيف، لم يصح، قَالَه ابْن أَبِي أويس عَنْ أَبِيه عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ (1) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مكرم، لم يصح (2) .
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثقيف، لم يصح، قَالَه ابْن أَبِي أويس عَنْ أَبِيه عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ (1) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مكرم، لم يصح (2) .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=156336&book=5525#052814
عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرِ بنِ حَبِيْبٍ السَّهْمِيُّ البَاهِلِيُّ
الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو وَهْبٍ السَّهْمِيُّ، البَاهِلِيُّ، البَصْرِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
مَوْلِدُهُ: فِي خِلاَفَةِ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
سَمِعَ: أَبَاهُ؛ بَكْرَ بنَ حَبِيْبٍ شَيْخَ العَرَبِيَّةِ، وَحُمَيْداً الطَّوِيْلَ، وَابْنَ عَوْنٍ، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَهِشَامَ بنَ حَسَّانٍ، وَحَاتِمَ بنَ أَبِي صَغِيْرَةَ، وَشُعْبَةَ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُنِيْرٍ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي العَوَّامِ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ الأَزْرَقُ، وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدُوَيْه، وَآخَرُوْنَ.وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الأَثْرَمَ لَقِيَهُ، وَحَمَلَ عَنْهُ، وَهَذَا بَعِيْدٌ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ أَحَدَ الفُقَهَاءِ، وَأَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، أَوْ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ -يَعْنِي: أَنَّهُ أَخَذَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَتغَيَّرَ-.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِيْنَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا عَمْرٍو بنَ العَلاَءِ المَازِنِيَّ، وَعِيْسَى بنَ عُمَرَ اخْتَلَفَا فِي كَلِمَةِ سَطْرٍ وَسَطَرٍ، فَحَكَّمَا بَكْرَ بنَ حَبِيْبٍ عَلَيْهِمَا.
الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو وَهْبٍ السَّهْمِيُّ، البَاهِلِيُّ، البَصْرِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
مَوْلِدُهُ: فِي خِلاَفَةِ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
سَمِعَ: أَبَاهُ؛ بَكْرَ بنَ حَبِيْبٍ شَيْخَ العَرَبِيَّةِ، وَحُمَيْداً الطَّوِيْلَ، وَابْنَ عَوْنٍ، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَهِشَامَ بنَ حَسَّانٍ، وَحَاتِمَ بنَ أَبِي صَغِيْرَةَ، وَشُعْبَةَ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُنِيْرٍ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي العَوَّامِ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ الأَزْرَقُ، وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدُوَيْه، وَآخَرُوْنَ.وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الأَثْرَمَ لَقِيَهُ، وَحَمَلَ عَنْهُ، وَهَذَا بَعِيْدٌ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ أَحَدَ الفُقَهَاءِ، وَأَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، أَوْ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ -يَعْنِي: أَنَّهُ أَخَذَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَتغَيَّرَ-.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِيْنَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا عَمْرٍو بنَ العَلاَءِ المَازِنِيَّ، وَعِيْسَى بنَ عُمَرَ اخْتَلَفَا فِي كَلِمَةِ سَطْرٍ وَسَطَرٍ، فَحَكَّمَا بَكْرَ بنَ حَبِيْبٍ عَلَيْهِمَا.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=156122&book=5525#9aaa91
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ هِشَامٍ الأُمَوِيُّ
ابْنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، أَمِيْرُ الأَنْدَلُسِ وَسُلْطَانُهَا، أَبُو المُطَرِّفِ الأُمَوِيُّ، المَرْوَانِيُّ، المَشْهُوْرُ: بِالدَّاخِلِ؛ لأَنَّهُ حِيْنَ انْقَرَضَتْ خِلاَفَةُ بَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الدُّنْيَا، وَقُتِلَ مَرْوَانُ الحِمَارُ، وَقَامَتْ دَوْلَةُ بَنِي العَبَّاسِ، هَرَبَ هَذَا، فَنَجَا، وَدَخَلَ إِلَى الأَنْدَلُسِ، فَتَمَلَّكَهَا.
وَذَلِكَ أَنَّهُ فَرَّ مِنْ مِصْرَ، فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، إِلَى أَرْضِ بَرْقَةَ، فَبَقِيَ بِهَا خَمْسَ سِنِيْنَ، ثُمَّ دَخَلَ المَغْرِبَ، فَنَفَّذَ مَوْلاَهُ بَدْراً يَتَجَسَّسُ لَهُ، فَقَالَ لِلْمُضَرِيَّةِ: لَوْ وَجَدْتُمْ رَجُلاً مِنْ بَيْتِ الخِلاَفَةِ، أَكُنْتُم تُبَايِعُوْنَهُ؟
قَالُوا: وَكَيْفَ لَنَا بِذَلِكَ؟
فَقَالَ: هَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ.
فَأَتَوْهُ، فَبَايَعُوْهُ، فَتَمَلَّكَ الأَنْدَلُسَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَبَقِيَ المُلْكُ فِي عَقِبِهِ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعٍ مائَةٍ.
وَلَمْ يَتَلَقَّبْ بِالخِلاَفَةِ، لاَ هُوَ وَلاَ أَكْثَرُ ذُرِّيَتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يُقَالُ: الأَمِيْرُ فُلاَنُ.
وَأَوَّلُ مَنْ تَلَقَّبَ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ مِنْهُم: النَّاصِرُ لِدِيْنِ اللهِ، فِي حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عِنْدَمَا بَلَغَهُ ضَعْفُ خُلَفَاءِ العَصْرِ، فَقَالَ: أَنَا أَوْلَى بِإِمْرَةِ المُؤْمِنِيْنَ.
دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ الأَنْدَلُسَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ.وَمَوْلِدُهُ: بِأَرْضِ تَدْمُرَ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ، فِي خِلاَفَةِ جَدِّهِ.
وَأَمَّا أَبُو القَاسِمِ بنُ بَشْكُوَالَ الحَافِظُ، فَقَالَ:
فَرَّ مِنَ المَشْرِقِ عِنْد انْقِرَاضِ مُلْكِهِم، هُوَ وَأَخَوَانِ أَصْغَرَ مِنْهُ، وَغُلاَمٌ لَهُم، فَلَمْ يَزَالُوا يُخفُوْنَ أَنْفُسَهُم، وَالجَعَائِلُ قَدْ جُعِلتْ عَلَيْهِم، وَالمَرَاصِدُ، فَسَلَكُوا حَتَّى وَصَلُوا وَادِي بِجَايَةَ، فَبَعَثَوا الغُلاَمَ يَشْتَرِي لَهُم خُبْزاً، فَأُنكِرَتِ الدَّرَاهِمُ، وَقُبِضَ عَلَى الغُلاَمِ، وَضُرِبَ، فَأَقَرَّ، فَأَركَبُوا خَيْلاً، فَرَأَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ الفُرْسَانَ، فَتَهَيَّأَ لِلسِّبَاحَةِ، وَقَالَ لأَخَوَيْهِ: اسْبَحَا مَعِي.
فَنجَا هُوَ، وَقَصَّرَا، فَأَشَارُوا إِلَيْهِمَا بِالأَمَانِ، فَلَمَّا حَصَلاَ فِي أَيْدِيهِم، ذَبَحُوْهُمَا، وَأَخُوْهُمَا يَنْظُرُ مِنْ هُنَاكَ، ثُمَّ آوَاهُ شَيْخٌ كَرِيْمُ العَهْدِ، وَقَالَ: لأَسْتُرَنَّكَ جَهدِي.
فَوَقَعَ عَلَيْهِ التَّفَتِيشُ بِبِجَايَةَ، إِلَى أَنْ جَاءَ الطَّالِبُ إِلَى دَارِ الشَّيْخِ، وَكَانَ لَهُ امْرَأَةٌ ضَخْمَةٌ، فَأَجْلَسَهَا تَتَسَرَّحُ، وَأَخْفَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ تَحْتَ ثِيَابِهَا، وَصَيَّحَ الشَّيْخ: يَا سُبْحَانَ اللهِ! الحُرَمُ.
فَقَالُوا: غَطِّ أَهْلَكَ.
وَخَرَجُوا، وَسَتَرَهُ اللهُ مُدَّةً، ثُمَّ دَخَلَ الأَنْدَلُسَ فِي قَارِبِ سَمَّاكٍ، فَحَصَلَ بِمَدِيْنَةِ المُنَكَّبِ.
وَكَانَ قُوَّادُ الأَنْدَلُسِ وَجُنْدُهَا مَوَالِي بَنِي أُمَيَّةَ، فَبَعَثَ إِلَى قَائِدٍ، فَأَعْلَمَهُ بِشَأْنِهِ، فَقَبَّلَ يَدَيْهِ، وَفَرِحَ بِهِ، وَجَعَلَهُ عِنْدَهُ، ثُمَّ قَالَ: جَاءَ الَّذِي كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ إِذَا انْقَرَضَ مُلْكُ بَنِي أُمَيَّةَ بِالمَشْرِقِ، نَبَغَ مِنْهُم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِالمَغْرِبِ.
ثُمَّ كَتَبَ إِلَى المَوَالِي، وَعَرَّفَهُم، فَفَرِحُوا، وَأَصْفَقُوا عَلَى بَيْعَتِهِ، وَاسْتَوْثَقُوا مِنْ
أُمَرَاءِ العَرَبِ، وَشُيُوْخِ البَرْبَرِ.فَلَمَّا اسْتَحكَمَ الأَمْرُ، أَظْهَرُوا بَيْعَتَه بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، وَذَلِكَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، فَقَصَدَ قُرْطُبَةَ، وَمُتَوَلِّي الأَنْدَلُسِ يَوْمَئِذٍ: يُوْسُفُ الفِهْرِيُّ، فَاسْتَعَدَّ جَهدَهُ، فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ يُوْسُفُ، وَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ الدَّاخِلُ قَصْرَ قُرْطُبَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، يَوْمَ الأَضْحَى مِنَ العَامِ.
ثُمَّ حَارَبَه يُوْسُفُ ثَانِياً، وَدَخَلَ قُرْطُبَةَ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَكَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ، فَهَرَبَ يُوْسُفُ، وَالْتَجَأَ إِلَى غَرْنَاطَةَ، فَامْتَنَعَ بِإِلْبِيْرَةَ.
فَنَازَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَرَأَى يُوْسُفُ اجْتِمَاعَ الأَمْرِ لِلدَّاخِلِ، فَنَزَلَ بِالأَمَانِ بِمَحْضَرٍ مِنْ قَاضِي الأَنْدَلُسِ يَحْيَى بنِ يَزِيْدَ التُّجِيْبِيِّ، وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى القَضَاءِ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَزَادَهُ الدَّاخِلُ إِجْلاَلاً وَإِكْرَاماً، فَبَقِيَ عَلَى قَضَائِهِ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَى القَضَاءِ مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ.
فَلَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ هَذَا، الحَجَّ، وَجَّهَهُ الدَّاخِلُ إِلَى أُخْتَيْهِ بِالشَّامِ، وَعَمَّتِهِ رَمْلَةَ بِنْتِ هِشَامٍ، لِيَعمَلَ الحِيْلَةَ فِي إِدْخَالِهِنَّ إِلَى عِنْدِهِ، وَأَنْشَدَ عِنْدَ ذَلِكَ:
أَيُّهَا الرَّكْبُ المُيَمِّمُ أَرْضِي ... أَقْرِ مِنْ بَعْضِي السَّلاَمَ لِبَعْضِي
إِنَّ جِسْمِي - كَمَا عَلِمْتَ - بِأَرْضٍ ... وَفُؤَادِي وَمَالِكِيْهِ بِأَرْضِ
قُدِّرَ البَيْنُ بَيْنَنَا فَافْتَرَقْنَا ... فَطَوَى البَيْنُ عَنْ جُفُوْنِي غَمْضِي
وَقَضَى اللهُ بِالفِرَاقِ عَلَيْنَا ... فَعَسَى بِاجْتِمَاعِنَا سَوْفَ يَقْضِي
فَلَمَّا وَصلَ إِلَيْهنَّ، قُلْنَ: السَّفَرُ، لاَ نَأْمَنُ غوَائِلَهُ عَلَى القُربِ، فَكَيْفَ وَقَدْ حَالَتْ بَيْننَا بِحَارٌ وَمَفَاوِزُ، وَنَحْنُ حُرَمٌ، وَقَدْ آمَنَنَا هَؤُلاَءِ القَوْمُ عَلَى مَعْرِفَتِهِم
بِمَكَانِنَا مِنْهُ، فَحَسْبُنَا أَنْ نَتَمَلَّى المَسَرَّةَ بِعِزَّةٍ وَعَافِيَةٍ.فَانْصَرَف بِكِتَابِهِمَا، وَبَعَثَا إِلَيْهِ بِأَعلاَقٍ نَفِيْسَةٍ مِنْ ذَخَائِرِ الخِلاَفَةِ، فَسُرَّ بِهَا الأَمِيْرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَقَضَى لِرَأْيِهِمَا بِالرَّجَاحَةِ، ثُمَّ بَعْدُ وَصَلَ آخَرُ مِنَ الشَّامِ بِكِتَابٍ مِنْهُنَّ، وَبِهَدَايَا وَتُحَفٍ مِنْهَا: رُمَّانٌ مِنْ رُصَافَةِ جَدِّهِم هِشَامٍ، فَسُرَّ بِهِ الدَّاخِلُ، وَكَانَ بِحَضْرتِهِ سَفَرُ بنُ عُبَيْدٍ الكَلاَعِيُّ مِنْ أَهْلِ الأُرْدُنِّ، فَأَخَذَ مِنَ الرُّمَّانِ، وَزَرَعَ مِنْ عَجَمِهِ بِقَرْيَتِهِ حَتَّى صَارَ شَجَراً، وَزَادَ حُسْناً، وَجَاءَ بِثَمَرِهِ إِلَى الأَمِيْرِ، وَكَثُرَ هُنَاكَ، وَيُعْرَفُ بِالسَّفَرِيِّ، وَغَرَسَ مِنْهُ بِمُنْيَةِ الرُّصَافَةِ.
وَرَأَى الدَّاخِلُ نَخْلَةً مُفرَدَةً بِالرُّصَافَةِ، فَهَاجَتْ شَجَنَهُ، وَتذَكَّرَ وَطَنَهُ، فَقَالَ :
تَبَدَّتْ لَنَا وَسْطَ الرُّصَافَةِ نَخْلَةٌ ... تَنَاءتْ بِأَرْضِ الغَرْبِ عَنْ بَلَدِ النَّخْلِ
فَقُلْتُ: شَبِيْهِي فِي التَّغَرُّبِ وَالنَّوَى ... وَطُوْلِ انْثِنَائِي عَنْ بَنِيَّ وَعَنْ أَهْلِي
نَشَأْتِ بِأَرْضٍ أَنْتِ فِيْهَا غَرِيْبَةٌ ... فَمِثْلُكَ فِي الإِقْصَاءِ وَالمُنْتَأَى مِثْلِي
سَقَتْكِ عَوَادِي المُزْنِ مِنْ صَوْبِهَا الَّذِي ... يَسُحُّ وَتَسْتَمِرِي السِّمَاكَيْنِ بِالوَبْلِ
قَالَ ابْنُ حَيَّانَ: وَحِيْنَ افْتَتَحَ المُسْلِمُوْنَ قُرْطُبَةَ، شَاطَرُوا أَهْلَهَا كَنِيْسَتَهُمُ العُظْمَى، كَمَا فَعَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَخَالِدٌ بِأَعَاجِمِ دِمَشْقَ، فَابْتَنَوْا فِيْهِ مَسْجِداً، وَبَقِيَ الشَّطْرُ بِأَيْدِي الرُّوْمِ إِلَى أَنْ كَثُرَتْ عِمَارَةُ قُرْطُبَةَ، وَتَدَاوَلَتْهَا بُعُوْثُ العَرَبِ، فَضَاقَ المَسْجِدُ، وَعُلِّقَ مِنْهُ سَقَائِفُ، وَصَارَ النَّاسُ يَنَالُوْنَ مَشَقَّةً لِقِصَرِ السَّقَائِفِ إِلَى أَنْ أَذْخَرَ اللهُ فِيْهِ الأَجْرَ لِصَحِيْفَةِ الدَّاخِلِ، وَابْتَاعَ الشَّطْرَ الثَّانِي مِنَ النَّصَارَى بِمائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَقَبَضُوهَا عَلَى مَلأٍ مِنَ النَّاسِ، وَرَضُوا بَعْدَ تَمَنُّعٍ، وَعَمِلَ هَذَا الجَامِعَ الَّذِي هُوَ فَخْرُ الأَرْضِ وَشَرَفُهَا مِنْ مَالِ الأَخْمَاسِ، وَكَمُلَ عَلَى مُرَادِهِ، وَكَانَ تَأْسِيسُهُ فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، فَتَمَّتْ أَسْوَارُهُ فِي عَامٍ.وَبَلَغَ الإِنفَاقُ فِيْهِ إِلَى ثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، فَقَالَ دِحْيَةُ البَلَوِيُّ:
وَأَبْرَزَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَوَجْهِهِ ... ثَمَانِيْنَ أَلْفاً مِنْ لُجَيْنٍ وَعَسْجَدِ
وَأَنْفَقَهَا فِي مَسْجِدٍ أُسُّهُ التُّقَى ... وَمِنْحَتُهُ دِيْنُ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
تَرَى الذَّهَبَ النَّارِيَّ بَيْنَ سَمُوكِهِ ... يَلُوحُ كَلَمْعِ البَارِقِ المُتَوَقِّدِ
وَقَالَ أَيْضاً:
بَنَيْتَ لأَهْلِ الدِّيْنِ بِالغَرْبِ مَسْجِداً ... لِيُرْكَعَ لِلرَّحْمَنِ فِيْهِ وَيُسْجَدَا
جَمَعْتَ لَهُ الأَكْفَاءَ مِنْ كُلِّ صَانِعٍ ... فَقَامَ بِمَنِّ اللهِ بَيْتاً مُمَجَّدَا
فَمَا لَبَّثُوْهُ غَيْرَ حَوْلٍ وَمَا خَلاَ ... إِلَى أَنْ أَقَامُوْهُ مَنِيْعاً مُشَيَّدَا
وَزُخْرِفَ بِالأَصْبَاغِ مِنْهُ سُقُوْفُهُ ... كَمَا تَمَّمَ الوَشَّاءُ بُرْداً مُقَصَّدَاوَبِالذَّهَبِ الرُّوْمِيِّ مُوِّهَ وَجْهُهُ ... فَبُوْرِكَ مِنْ بَانٍ لِذِي العَرْشِ مَسْجِدَا
وَكَمُلَتْ أَبْهَاءُ الجَامِعِ سَبْعَةَ أَبْهَاءٍ، ثُمَّ زَادَ مِنْ بَعْدِهِ حَفِيْدُهُ الحَكَمُ الرَّبَضِيُّ بَهْوَيْنِ، ثُمَّ زَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَكَمِ بَهْوَيْنِ، فَصَارَتْ أَحَدَ عَشَرَ بَهْواً، ثُمَّ زَادَ المَنْصُوْرُ بنُ أَبِي عَامِرٍ ثَمَانِيَةَ أَبْهَاءٍ، وَعَمِلَ جَامِعَ إِشْبِيْلِيَةَ وَسُوْرَهَا بَعْدَ المائَتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَالَ: كَانَ عَدَدُ القَومَةِ لِجَامِعِ قُرْطُبَةَ فِي مُدَّةِ المَنْصُوْرِ وَقَبْلَهَا ثَلاَثَ مائَةِ رَجُلٍ.
وَقَالَ ابْنُ مُزْيَنٍ: فِي قِبْلَتِهِ انْحِرَافٌ.
وَقَدْ رَكِبَ الحَكَمُ المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ مَعَ الوُزَرَاءِ وَالقَاضِي مُنْذِرٍ البَلُّوْطِيِّ، وَقَدْ هَمَّ بِتَحْرِيْفِ القِبْلَةِ، فَقَالُوا: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، قَدْ صَلَّى بِهَذِهِ القِبْلَةِ خِيَارُ الأَئِمَّةِ وَالتَّابِعُوْنَ، وَإِنَّمَا فُضِّلَ مَنْ فُضِّلَ بِالاتِّبَاعِ، وَأَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَوْلَى مَنِ اتَّبَعَ، فَتَرَكَ القِبْلَةَ بِحَالِهَا.
قَالَ ابْنُ حَيَّانَ: بَلَغَ الإِنفَاقُ فِي المِنْبَرِ الحَكَمِيِّ إِلَى خَمْسَةٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ وَسَبْعِ مائَةِ دِيْنَارٍ وَنَيِّفٍ، وَقَامَ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفَ وَصْلَةٍ مِنَ الأَبْنُوْسِ، وَالصَّنْدَلِ، وَالعُنَّابِ، وَالبَقَّمِ فِي مُدَّةِ أَرْبَعِ سِنِيْنَ، وَأَوَّلُ مَنْ خَطَبَ عَلَيْهِ مُنْذِرُ بنُ سَعِيْدٍ البَلُّوْطِيُّ، وَبَلَغَتْ أَعمِدَةُ جَامِعِ قُرْطُبَةَ إِلَى أَلْفٍ وَأَرْبَعِ مائَةِ سَارِيَةٍ وَتِسْعِ سَوَارِيَ، وَعَمِلَ النَّاصِرُ صَوْمَعَةً ارْتِفَاعُهَا مِنَ الأَرْضِ إِلَى مَوْقِفِ المُؤَذِّنِ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُوْنَ ذِرَاعاً، وَعَرضُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً، وَبَأَعْلَى ذِرْوَتِهَا سَفُّوْدٌ طَوِيْلٌ فِيْهِ ثَلاَثُ رُمَّانَاتٍ: إِحْدَاهُمَا فِضَّةٌ، وَالأُخْرَى ذَهَبُ إِبرِيْزَ، وَفَوْقَهَا سَوْسَنَةٌ ذَهَبٌ مُسَدَّسَةٌ، فَهَذِهِ المَنَارَةُ إِحْدَى عَجَائِبِ
الدُّنْيَا، وَذَرْعُ المِحْرَابِ إِلَى دَاخِلَ ثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، وَمِنَ الشَّرقِ إِلَى الغَرْبِ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، وَارْتِفَاعُ قَبْوِهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً وَنِصْفٌ، وَذَرْعُ المَقْصُوْرَةِ مِنَ الشَّرقِ إِلَى الغَرْبِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُوْنَ ذِرَاعاً، وَعَرضُهَا مِنْ جِدَارِ الخَشَبِ إِلَى القِبْلَةِ اثْنَانِ وَعِشْرُوْنَ ذِرَاعاً، وَطُولُ الجَامِعِ ثَلاَثُ مائَةٍ وَثَلاَثُوْنَ ذِرَاعاً، وَمِنَ الشَّرقِ إِلَى الغَرْبِ مائَتَانِ وَخَمْسُوْنَ ذِرَاعاً.وَأَمَّا الإِسْلاَمُ، فَكَانَ عَزِيْزاً مَنِيْعاً بِالأَنْدَلُسِ فِي دَوْلَةِ الدَّاخِلِ، فَانْظُرْ إِلَى هَذَا الأَمَانِ الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ لِلنَّصَارَى:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ:
كِتَابُ أَمَانٍ وَرَحْمَةٍ، وَحَقْنِ دِمَاءٍ وَعِصْمَةٍ، عَقَدَهُ الأَمِيْرُ الأَكْرَمُ المَلِكُ المُعَظَّمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ، ذُو الشَّرَفِ الصَّمِيْمِ، وَالخَيْرِ العَمِيْمِ، لِلْبَطَارِقَةِ وَالرُّهْبَانِ، وَمَنْ تَبِعَهُم مِنْ سَائِرِ البُلْدَانِ، أَهْلِ قَشْتَالَةَ وَأَعْمَالِهَا، مَا دَامُوا عَلَى الطَّاعَةِ فِي أَدَاءِ مَا تَحَمَّلُوْهُ، فَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ عَهْدَهُ لاَ يُنسَخُ مَا أَقَامُوا عَلَى تَأْدِيَةِ عَشْرَةِ آلاَفِ أُوْقِيَّةٍ مِنَ الذَّهَبِ، وَعَشْرَةِ آلاَفِ رَطْلٍ مِنَ الفِضَّةِ، وَعَشْرَةِ آلاَفِ رَأْسٍ مِنْ خِيَارِ الخَيْلِ، وَمِثْلِهَا مِنَ البِغَالِ، مَعَ ذَلِكَ أَلْفُ دِرْعٍ وَأَلْفُ بَيْضَةٍ، وَمِنَ الرِّمَاحِ الدَّرْدَارِ مِثْلُهَا فِي كُلِّ عَامٍ، وَمَتَى ثَبتَ عَلَيْهِمُ النَّكْثُ بَأَسِيْرٍ يَأْسِرُوْنَهُ، أَوْ مُسْلِمٍ يَغْدِرُوْنَه، انْتَكَثَ مَا عُوْهِدُوا عَلَيْهِ، وَكُتِبَ لَهُم هَذَا الأَمَانُ بِأَيْدِيهِم إِلَى خَمْسِ سِنِيْنَ، أَوَّلُهَا صَفَرٌ عَامَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ بِإِسْنَادٍ لَهُ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَمَّا عَدَّى إِلَى الجَزِيْرَةِ، فَنَزَلَهَا، اتَّبَعَهُ أَهْلُهَا، ثُمَّ مَضَى إِلَى إِشْبِيْلِيَةَ، فَاتَّبَعَهُ أَهْلُهَا، ثُمَّ مَضَى إِلَى
قُرْطُبَةَ، فَاتَّبَعَهُ مَنْ فِيْهَا، فَلَمَّا رَأَى يُوْسُفُ الفِهْرِيُّ العَسَاكِرَ قَدْ أَظَلَّتْه، هَرَبَ إِلَى دَارِ الشِّركِ، فَتَحَصَّنَ هُنَاكَ، وَغَزَاهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَوَقَعَتْ نُفْرَةٌ فِي عَسْكَرِه، فَانْهَزَمَ، وَرُدَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِلاَ حَرْبٍ، وَجَعَلَ لِمَنْ أَتَاهُ بِرَأسِ يُوْسُفَ جُعلاً، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ يُوْسُفَ بِرَأسِهِ.وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَنْدَلُسَ، فَقَامَت مَعَهُ اليَمَانِيَّةُ، وَحَارَبَ يُوْسُفَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفِهْرِيَّ مُتَوَلِّي الأَنْدَلُسَ، فَهَزَمَه، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ عَلَى سِيْرَةٍ جَمِيْلَةٍ مِنَ العَدْلِ.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّرِ الأَبِيْوَرْدِيُّ فِي (أَخْبَارِ بَنِي أُمَيَّةَ) :
كَانَ النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ: مَلَكَ الأَرْضَ ابْنَا بَرْبَرِيَّتَيْنِ -يَعْنِي: عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَالمَنْصُوْرَ-.
وَكَانَ المَنْصُوْرُ يَقُوْلُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ: ذَاكَ صَقْرُ قُرَيْشٍ، دَخَلَ المَغْرِبَ وَقَدْ قُتِلَ قَوْمُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَضرِبُ العَدْنَانِيَّةَ بِالقَحْطَانِيَّةِ حَتَّى مَلَكَ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ اللُّغَوِيُّ المُتَوَفَّى سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ:
كَانَتْ بِقُرْطُبَةَ جَنَّةٌ اتَّخَذَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ، كَانَ فِيْهَا نَخْلَةٌ أَدْرَكْتُهَا، وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ:
يَا نَخْلَ! أَنْتِ غَرِيْبَةٌ مِثْلِي ... فِي الغَرْبِ نَائِيَةٌ عَنِ الأَهْلِ
فَابْكِي، وَهَلْ تَبْكِي مُلَمَّسَةٌ ... عَجْمَاءُ، لَمْ تُطْبَعْ عَلَى خَبْلِ ؟
لَوْ أَنَّهَا تَبْكِي، إِذَنْ لَبَكَتْ ... مَاءَ الفُرَاتِ وَمَنْبِتَ النَّخْلِ
لَكِنَّهَا ذَهَلَتْ وَأَذْهَلَنِي ... بُغْضِي بَنِي العَبَّاسِ عَنْ أَهْلِي وَقَدْ وَلِيَ عَلَى الأَنْدَلُسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ الغَافِقِيُّ فِي أَيَّامِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَبَنَى تِلْكَ القَنَاطِرَ بِقُرْطُبَةَ بِقِبْلِيِّ القَصْرِ وَالجَامِعِ، وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَوْساً، طُوْلُهَا ثَمَانُ مائَةِ بَاعٍ، وَعَرضُهَا سِوَى سَتَائِرِهَا عِشْرُوْنَ بَاعاً، وَارتِفَاعُهَا سِتُّوْنَ ذِرَاعاً، وَهِيَ مِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا.
وَلَمَّا انْقَرَضَتْ دَوْلَةُ بَنِي أُمَيَّةَ، اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى تَقْدِيْمِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عُقْبَةَ بنِ نَافِعٍ الفِهْرِيِّ، فَعَمُرتِ البِلاَدُ فِي أَيَّامِهِ، وَاتَّسَعَتْ، فَلَمَّا أَرَادَ اللهُ ظُهُوْرَ مُلكِ بَنِي أُمَيَّةَ بِالأَنْدَلُسِ، ذلَّتْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ قَبَائِلُ العَرَبِ، وَسُلِّمَ لَهُ الأَمْرُ، وَقُتِلَ يُوْسُفُ الفِهْرِيُّ بِوَادِي الزَّيْتُوْنِ، وَخُطِبَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بِجَمِيْعِ الأَمْصَارِ بِهَا، وَشَيَّدَ قُرْطُبَةَ، وَغَزَا عِدَّةَ غَزَوَاتٍ.
مِنْ ذَلِكَ: غَزْوَةُ قَشْتَالَةَ، جَازَ إِلَيْهَا مِنْ نَهْرِ طُلَيْطِلَةَ، وَفَرَّتِ الرُّوْمُ أَمَامَهُ، وَتَعلَّقَتْ بِالحِبَالِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى وَصَلَ مَدِيْنَة بَرْنِيْقَةَ، مِنْ مَمْلَكَةِ قَشْتَالَةَ، فَنَزَلَ عَلَيْهَا، وَأَمَرَ بِرَفْعِ الخِيَامِ، وَشَرَعَ فِي البِنَاءِ، وَأَخَذَ النَّاسُ يَبنُوْنَ، فَسَلَّمُوا إِلَيْهِ بِالأَمَانِ عِنْد إِيَاسِهِم مِنَ النَّجْدَةِ، وَخَرَجُوا بِثِيَابِهِم فَقَطْ، وَمَا يُزَوِّدُهُم، ثُمَّ كَتَبَ لأَهْلِ قَشْتَالَةَ ذَلِكَ الأَمَانَ الَّذِي تَقَدَّمَ، وَهُوَ بِخَطِّ الوَزِيْرِ بِشْرِ بنِ سَعِيْدٍ الغَافِقِيِّ.
وَلَمَّا صَفَا الأَمْرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بنِ حَمْزَةَ، مِنْ وَلَدِ عُمَرَ
بنِ الخَطَّابِ، وَذَلِكَ بَعْدَ سَبْعَةِ أَعْوَامٍ مِنْ تَمَنُّعِهِ بِطُلَيْطِلَةَ، عَظُمَ سُلْطَانُه، وَامْتَدَّتْ أَيَّامُهُ، وَعَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَأَيِسَتْ بَنُو العَبَّاسِ مِنْ مَمْلَكَةِ الأَنْدَلُسِ لِبُعْدِ الشُّقَّةِ.
ابْنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، أَمِيْرُ الأَنْدَلُسِ وَسُلْطَانُهَا، أَبُو المُطَرِّفِ الأُمَوِيُّ، المَرْوَانِيُّ، المَشْهُوْرُ: بِالدَّاخِلِ؛ لأَنَّهُ حِيْنَ انْقَرَضَتْ خِلاَفَةُ بَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الدُّنْيَا، وَقُتِلَ مَرْوَانُ الحِمَارُ، وَقَامَتْ دَوْلَةُ بَنِي العَبَّاسِ، هَرَبَ هَذَا، فَنَجَا، وَدَخَلَ إِلَى الأَنْدَلُسِ، فَتَمَلَّكَهَا.
وَذَلِكَ أَنَّهُ فَرَّ مِنْ مِصْرَ، فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، إِلَى أَرْضِ بَرْقَةَ، فَبَقِيَ بِهَا خَمْسَ سِنِيْنَ، ثُمَّ دَخَلَ المَغْرِبَ، فَنَفَّذَ مَوْلاَهُ بَدْراً يَتَجَسَّسُ لَهُ، فَقَالَ لِلْمُضَرِيَّةِ: لَوْ وَجَدْتُمْ رَجُلاً مِنْ بَيْتِ الخِلاَفَةِ، أَكُنْتُم تُبَايِعُوْنَهُ؟
قَالُوا: وَكَيْفَ لَنَا بِذَلِكَ؟
فَقَالَ: هَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ.
فَأَتَوْهُ، فَبَايَعُوْهُ، فَتَمَلَّكَ الأَنْدَلُسَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَبَقِيَ المُلْكُ فِي عَقِبِهِ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعٍ مائَةٍ.
وَلَمْ يَتَلَقَّبْ بِالخِلاَفَةِ، لاَ هُوَ وَلاَ أَكْثَرُ ذُرِّيَتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يُقَالُ: الأَمِيْرُ فُلاَنُ.
وَأَوَّلُ مَنْ تَلَقَّبَ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ مِنْهُم: النَّاصِرُ لِدِيْنِ اللهِ، فِي حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عِنْدَمَا بَلَغَهُ ضَعْفُ خُلَفَاءِ العَصْرِ، فَقَالَ: أَنَا أَوْلَى بِإِمْرَةِ المُؤْمِنِيْنَ.
دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ الأَنْدَلُسَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ.وَمَوْلِدُهُ: بِأَرْضِ تَدْمُرَ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ، فِي خِلاَفَةِ جَدِّهِ.
وَأَمَّا أَبُو القَاسِمِ بنُ بَشْكُوَالَ الحَافِظُ، فَقَالَ:
فَرَّ مِنَ المَشْرِقِ عِنْد انْقِرَاضِ مُلْكِهِم، هُوَ وَأَخَوَانِ أَصْغَرَ مِنْهُ، وَغُلاَمٌ لَهُم، فَلَمْ يَزَالُوا يُخفُوْنَ أَنْفُسَهُم، وَالجَعَائِلُ قَدْ جُعِلتْ عَلَيْهِم، وَالمَرَاصِدُ، فَسَلَكُوا حَتَّى وَصَلُوا وَادِي بِجَايَةَ، فَبَعَثَوا الغُلاَمَ يَشْتَرِي لَهُم خُبْزاً، فَأُنكِرَتِ الدَّرَاهِمُ، وَقُبِضَ عَلَى الغُلاَمِ، وَضُرِبَ، فَأَقَرَّ، فَأَركَبُوا خَيْلاً، فَرَأَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ الفُرْسَانَ، فَتَهَيَّأَ لِلسِّبَاحَةِ، وَقَالَ لأَخَوَيْهِ: اسْبَحَا مَعِي.
فَنجَا هُوَ، وَقَصَّرَا، فَأَشَارُوا إِلَيْهِمَا بِالأَمَانِ، فَلَمَّا حَصَلاَ فِي أَيْدِيهِم، ذَبَحُوْهُمَا، وَأَخُوْهُمَا يَنْظُرُ مِنْ هُنَاكَ، ثُمَّ آوَاهُ شَيْخٌ كَرِيْمُ العَهْدِ، وَقَالَ: لأَسْتُرَنَّكَ جَهدِي.
فَوَقَعَ عَلَيْهِ التَّفَتِيشُ بِبِجَايَةَ، إِلَى أَنْ جَاءَ الطَّالِبُ إِلَى دَارِ الشَّيْخِ، وَكَانَ لَهُ امْرَأَةٌ ضَخْمَةٌ، فَأَجْلَسَهَا تَتَسَرَّحُ، وَأَخْفَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ تَحْتَ ثِيَابِهَا، وَصَيَّحَ الشَّيْخ: يَا سُبْحَانَ اللهِ! الحُرَمُ.
فَقَالُوا: غَطِّ أَهْلَكَ.
وَخَرَجُوا، وَسَتَرَهُ اللهُ مُدَّةً، ثُمَّ دَخَلَ الأَنْدَلُسَ فِي قَارِبِ سَمَّاكٍ، فَحَصَلَ بِمَدِيْنَةِ المُنَكَّبِ.
وَكَانَ قُوَّادُ الأَنْدَلُسِ وَجُنْدُهَا مَوَالِي بَنِي أُمَيَّةَ، فَبَعَثَ إِلَى قَائِدٍ، فَأَعْلَمَهُ بِشَأْنِهِ، فَقَبَّلَ يَدَيْهِ، وَفَرِحَ بِهِ، وَجَعَلَهُ عِنْدَهُ، ثُمَّ قَالَ: جَاءَ الَّذِي كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ إِذَا انْقَرَضَ مُلْكُ بَنِي أُمَيَّةَ بِالمَشْرِقِ، نَبَغَ مِنْهُم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِالمَغْرِبِ.
ثُمَّ كَتَبَ إِلَى المَوَالِي، وَعَرَّفَهُم، فَفَرِحُوا، وَأَصْفَقُوا عَلَى بَيْعَتِهِ، وَاسْتَوْثَقُوا مِنْ
أُمَرَاءِ العَرَبِ، وَشُيُوْخِ البَرْبَرِ.فَلَمَّا اسْتَحكَمَ الأَمْرُ، أَظْهَرُوا بَيْعَتَه بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، وَذَلِكَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، فَقَصَدَ قُرْطُبَةَ، وَمُتَوَلِّي الأَنْدَلُسِ يَوْمَئِذٍ: يُوْسُفُ الفِهْرِيُّ، فَاسْتَعَدَّ جَهدَهُ، فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ يُوْسُفُ، وَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ الدَّاخِلُ قَصْرَ قُرْطُبَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، يَوْمَ الأَضْحَى مِنَ العَامِ.
ثُمَّ حَارَبَه يُوْسُفُ ثَانِياً، وَدَخَلَ قُرْطُبَةَ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَكَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ، فَهَرَبَ يُوْسُفُ، وَالْتَجَأَ إِلَى غَرْنَاطَةَ، فَامْتَنَعَ بِإِلْبِيْرَةَ.
فَنَازَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَرَأَى يُوْسُفُ اجْتِمَاعَ الأَمْرِ لِلدَّاخِلِ، فَنَزَلَ بِالأَمَانِ بِمَحْضَرٍ مِنْ قَاضِي الأَنْدَلُسِ يَحْيَى بنِ يَزِيْدَ التُّجِيْبِيِّ، وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى القَضَاءِ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَزَادَهُ الدَّاخِلُ إِجْلاَلاً وَإِكْرَاماً، فَبَقِيَ عَلَى قَضَائِهِ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَى القَضَاءِ مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ.
فَلَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ هَذَا، الحَجَّ، وَجَّهَهُ الدَّاخِلُ إِلَى أُخْتَيْهِ بِالشَّامِ، وَعَمَّتِهِ رَمْلَةَ بِنْتِ هِشَامٍ، لِيَعمَلَ الحِيْلَةَ فِي إِدْخَالِهِنَّ إِلَى عِنْدِهِ، وَأَنْشَدَ عِنْدَ ذَلِكَ:
أَيُّهَا الرَّكْبُ المُيَمِّمُ أَرْضِي ... أَقْرِ مِنْ بَعْضِي السَّلاَمَ لِبَعْضِي
إِنَّ جِسْمِي - كَمَا عَلِمْتَ - بِأَرْضٍ ... وَفُؤَادِي وَمَالِكِيْهِ بِأَرْضِ
قُدِّرَ البَيْنُ بَيْنَنَا فَافْتَرَقْنَا ... فَطَوَى البَيْنُ عَنْ جُفُوْنِي غَمْضِي
وَقَضَى اللهُ بِالفِرَاقِ عَلَيْنَا ... فَعَسَى بِاجْتِمَاعِنَا سَوْفَ يَقْضِي
فَلَمَّا وَصلَ إِلَيْهنَّ، قُلْنَ: السَّفَرُ، لاَ نَأْمَنُ غوَائِلَهُ عَلَى القُربِ، فَكَيْفَ وَقَدْ حَالَتْ بَيْننَا بِحَارٌ وَمَفَاوِزُ، وَنَحْنُ حُرَمٌ، وَقَدْ آمَنَنَا هَؤُلاَءِ القَوْمُ عَلَى مَعْرِفَتِهِم
بِمَكَانِنَا مِنْهُ، فَحَسْبُنَا أَنْ نَتَمَلَّى المَسَرَّةَ بِعِزَّةٍ وَعَافِيَةٍ.فَانْصَرَف بِكِتَابِهِمَا، وَبَعَثَا إِلَيْهِ بِأَعلاَقٍ نَفِيْسَةٍ مِنْ ذَخَائِرِ الخِلاَفَةِ، فَسُرَّ بِهَا الأَمِيْرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَقَضَى لِرَأْيِهِمَا بِالرَّجَاحَةِ، ثُمَّ بَعْدُ وَصَلَ آخَرُ مِنَ الشَّامِ بِكِتَابٍ مِنْهُنَّ، وَبِهَدَايَا وَتُحَفٍ مِنْهَا: رُمَّانٌ مِنْ رُصَافَةِ جَدِّهِم هِشَامٍ، فَسُرَّ بِهِ الدَّاخِلُ، وَكَانَ بِحَضْرتِهِ سَفَرُ بنُ عُبَيْدٍ الكَلاَعِيُّ مِنْ أَهْلِ الأُرْدُنِّ، فَأَخَذَ مِنَ الرُّمَّانِ، وَزَرَعَ مِنْ عَجَمِهِ بِقَرْيَتِهِ حَتَّى صَارَ شَجَراً، وَزَادَ حُسْناً، وَجَاءَ بِثَمَرِهِ إِلَى الأَمِيْرِ، وَكَثُرَ هُنَاكَ، وَيُعْرَفُ بِالسَّفَرِيِّ، وَغَرَسَ مِنْهُ بِمُنْيَةِ الرُّصَافَةِ.
وَرَأَى الدَّاخِلُ نَخْلَةً مُفرَدَةً بِالرُّصَافَةِ، فَهَاجَتْ شَجَنَهُ، وَتذَكَّرَ وَطَنَهُ، فَقَالَ :
تَبَدَّتْ لَنَا وَسْطَ الرُّصَافَةِ نَخْلَةٌ ... تَنَاءتْ بِأَرْضِ الغَرْبِ عَنْ بَلَدِ النَّخْلِ
فَقُلْتُ: شَبِيْهِي فِي التَّغَرُّبِ وَالنَّوَى ... وَطُوْلِ انْثِنَائِي عَنْ بَنِيَّ وَعَنْ أَهْلِي
نَشَأْتِ بِأَرْضٍ أَنْتِ فِيْهَا غَرِيْبَةٌ ... فَمِثْلُكَ فِي الإِقْصَاءِ وَالمُنْتَأَى مِثْلِي
سَقَتْكِ عَوَادِي المُزْنِ مِنْ صَوْبِهَا الَّذِي ... يَسُحُّ وَتَسْتَمِرِي السِّمَاكَيْنِ بِالوَبْلِ
قَالَ ابْنُ حَيَّانَ: وَحِيْنَ افْتَتَحَ المُسْلِمُوْنَ قُرْطُبَةَ، شَاطَرُوا أَهْلَهَا كَنِيْسَتَهُمُ العُظْمَى، كَمَا فَعَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَخَالِدٌ بِأَعَاجِمِ دِمَشْقَ، فَابْتَنَوْا فِيْهِ مَسْجِداً، وَبَقِيَ الشَّطْرُ بِأَيْدِي الرُّوْمِ إِلَى أَنْ كَثُرَتْ عِمَارَةُ قُرْطُبَةَ، وَتَدَاوَلَتْهَا بُعُوْثُ العَرَبِ، فَضَاقَ المَسْجِدُ، وَعُلِّقَ مِنْهُ سَقَائِفُ، وَصَارَ النَّاسُ يَنَالُوْنَ مَشَقَّةً لِقِصَرِ السَّقَائِفِ إِلَى أَنْ أَذْخَرَ اللهُ فِيْهِ الأَجْرَ لِصَحِيْفَةِ الدَّاخِلِ، وَابْتَاعَ الشَّطْرَ الثَّانِي مِنَ النَّصَارَى بِمائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَقَبَضُوهَا عَلَى مَلأٍ مِنَ النَّاسِ، وَرَضُوا بَعْدَ تَمَنُّعٍ، وَعَمِلَ هَذَا الجَامِعَ الَّذِي هُوَ فَخْرُ الأَرْضِ وَشَرَفُهَا مِنْ مَالِ الأَخْمَاسِ، وَكَمُلَ عَلَى مُرَادِهِ، وَكَانَ تَأْسِيسُهُ فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، فَتَمَّتْ أَسْوَارُهُ فِي عَامٍ.وَبَلَغَ الإِنفَاقُ فِيْهِ إِلَى ثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، فَقَالَ دِحْيَةُ البَلَوِيُّ:
وَأَبْرَزَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَوَجْهِهِ ... ثَمَانِيْنَ أَلْفاً مِنْ لُجَيْنٍ وَعَسْجَدِ
وَأَنْفَقَهَا فِي مَسْجِدٍ أُسُّهُ التُّقَى ... وَمِنْحَتُهُ دِيْنُ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
تَرَى الذَّهَبَ النَّارِيَّ بَيْنَ سَمُوكِهِ ... يَلُوحُ كَلَمْعِ البَارِقِ المُتَوَقِّدِ
وَقَالَ أَيْضاً:
بَنَيْتَ لأَهْلِ الدِّيْنِ بِالغَرْبِ مَسْجِداً ... لِيُرْكَعَ لِلرَّحْمَنِ فِيْهِ وَيُسْجَدَا
جَمَعْتَ لَهُ الأَكْفَاءَ مِنْ كُلِّ صَانِعٍ ... فَقَامَ بِمَنِّ اللهِ بَيْتاً مُمَجَّدَا
فَمَا لَبَّثُوْهُ غَيْرَ حَوْلٍ وَمَا خَلاَ ... إِلَى أَنْ أَقَامُوْهُ مَنِيْعاً مُشَيَّدَا
وَزُخْرِفَ بِالأَصْبَاغِ مِنْهُ سُقُوْفُهُ ... كَمَا تَمَّمَ الوَشَّاءُ بُرْداً مُقَصَّدَاوَبِالذَّهَبِ الرُّوْمِيِّ مُوِّهَ وَجْهُهُ ... فَبُوْرِكَ مِنْ بَانٍ لِذِي العَرْشِ مَسْجِدَا
وَكَمُلَتْ أَبْهَاءُ الجَامِعِ سَبْعَةَ أَبْهَاءٍ، ثُمَّ زَادَ مِنْ بَعْدِهِ حَفِيْدُهُ الحَكَمُ الرَّبَضِيُّ بَهْوَيْنِ، ثُمَّ زَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَكَمِ بَهْوَيْنِ، فَصَارَتْ أَحَدَ عَشَرَ بَهْواً، ثُمَّ زَادَ المَنْصُوْرُ بنُ أَبِي عَامِرٍ ثَمَانِيَةَ أَبْهَاءٍ، وَعَمِلَ جَامِعَ إِشْبِيْلِيَةَ وَسُوْرَهَا بَعْدَ المائَتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَالَ: كَانَ عَدَدُ القَومَةِ لِجَامِعِ قُرْطُبَةَ فِي مُدَّةِ المَنْصُوْرِ وَقَبْلَهَا ثَلاَثَ مائَةِ رَجُلٍ.
وَقَالَ ابْنُ مُزْيَنٍ: فِي قِبْلَتِهِ انْحِرَافٌ.
وَقَدْ رَكِبَ الحَكَمُ المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ مَعَ الوُزَرَاءِ وَالقَاضِي مُنْذِرٍ البَلُّوْطِيِّ، وَقَدْ هَمَّ بِتَحْرِيْفِ القِبْلَةِ، فَقَالُوا: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، قَدْ صَلَّى بِهَذِهِ القِبْلَةِ خِيَارُ الأَئِمَّةِ وَالتَّابِعُوْنَ، وَإِنَّمَا فُضِّلَ مَنْ فُضِّلَ بِالاتِّبَاعِ، وَأَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَوْلَى مَنِ اتَّبَعَ، فَتَرَكَ القِبْلَةَ بِحَالِهَا.
قَالَ ابْنُ حَيَّانَ: بَلَغَ الإِنفَاقُ فِي المِنْبَرِ الحَكَمِيِّ إِلَى خَمْسَةٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ وَسَبْعِ مائَةِ دِيْنَارٍ وَنَيِّفٍ، وَقَامَ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفَ وَصْلَةٍ مِنَ الأَبْنُوْسِ، وَالصَّنْدَلِ، وَالعُنَّابِ، وَالبَقَّمِ فِي مُدَّةِ أَرْبَعِ سِنِيْنَ، وَأَوَّلُ مَنْ خَطَبَ عَلَيْهِ مُنْذِرُ بنُ سَعِيْدٍ البَلُّوْطِيُّ، وَبَلَغَتْ أَعمِدَةُ جَامِعِ قُرْطُبَةَ إِلَى أَلْفٍ وَأَرْبَعِ مائَةِ سَارِيَةٍ وَتِسْعِ سَوَارِيَ، وَعَمِلَ النَّاصِرُ صَوْمَعَةً ارْتِفَاعُهَا مِنَ الأَرْضِ إِلَى مَوْقِفِ المُؤَذِّنِ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُوْنَ ذِرَاعاً، وَعَرضُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً، وَبَأَعْلَى ذِرْوَتِهَا سَفُّوْدٌ طَوِيْلٌ فِيْهِ ثَلاَثُ رُمَّانَاتٍ: إِحْدَاهُمَا فِضَّةٌ، وَالأُخْرَى ذَهَبُ إِبرِيْزَ، وَفَوْقَهَا سَوْسَنَةٌ ذَهَبٌ مُسَدَّسَةٌ، فَهَذِهِ المَنَارَةُ إِحْدَى عَجَائِبِ
الدُّنْيَا، وَذَرْعُ المِحْرَابِ إِلَى دَاخِلَ ثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، وَمِنَ الشَّرقِ إِلَى الغَرْبِ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، وَارْتِفَاعُ قَبْوِهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً وَنِصْفٌ، وَذَرْعُ المَقْصُوْرَةِ مِنَ الشَّرقِ إِلَى الغَرْبِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُوْنَ ذِرَاعاً، وَعَرضُهَا مِنْ جِدَارِ الخَشَبِ إِلَى القِبْلَةِ اثْنَانِ وَعِشْرُوْنَ ذِرَاعاً، وَطُولُ الجَامِعِ ثَلاَثُ مائَةٍ وَثَلاَثُوْنَ ذِرَاعاً، وَمِنَ الشَّرقِ إِلَى الغَرْبِ مائَتَانِ وَخَمْسُوْنَ ذِرَاعاً.وَأَمَّا الإِسْلاَمُ، فَكَانَ عَزِيْزاً مَنِيْعاً بِالأَنْدَلُسِ فِي دَوْلَةِ الدَّاخِلِ، فَانْظُرْ إِلَى هَذَا الأَمَانِ الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ لِلنَّصَارَى:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ:
كِتَابُ أَمَانٍ وَرَحْمَةٍ، وَحَقْنِ دِمَاءٍ وَعِصْمَةٍ، عَقَدَهُ الأَمِيْرُ الأَكْرَمُ المَلِكُ المُعَظَّمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ، ذُو الشَّرَفِ الصَّمِيْمِ، وَالخَيْرِ العَمِيْمِ، لِلْبَطَارِقَةِ وَالرُّهْبَانِ، وَمَنْ تَبِعَهُم مِنْ سَائِرِ البُلْدَانِ، أَهْلِ قَشْتَالَةَ وَأَعْمَالِهَا، مَا دَامُوا عَلَى الطَّاعَةِ فِي أَدَاءِ مَا تَحَمَّلُوْهُ، فَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ عَهْدَهُ لاَ يُنسَخُ مَا أَقَامُوا عَلَى تَأْدِيَةِ عَشْرَةِ آلاَفِ أُوْقِيَّةٍ مِنَ الذَّهَبِ، وَعَشْرَةِ آلاَفِ رَطْلٍ مِنَ الفِضَّةِ، وَعَشْرَةِ آلاَفِ رَأْسٍ مِنْ خِيَارِ الخَيْلِ، وَمِثْلِهَا مِنَ البِغَالِ، مَعَ ذَلِكَ أَلْفُ دِرْعٍ وَأَلْفُ بَيْضَةٍ، وَمِنَ الرِّمَاحِ الدَّرْدَارِ مِثْلُهَا فِي كُلِّ عَامٍ، وَمَتَى ثَبتَ عَلَيْهِمُ النَّكْثُ بَأَسِيْرٍ يَأْسِرُوْنَهُ، أَوْ مُسْلِمٍ يَغْدِرُوْنَه، انْتَكَثَ مَا عُوْهِدُوا عَلَيْهِ، وَكُتِبَ لَهُم هَذَا الأَمَانُ بِأَيْدِيهِم إِلَى خَمْسِ سِنِيْنَ، أَوَّلُهَا صَفَرٌ عَامَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ بِإِسْنَادٍ لَهُ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَمَّا عَدَّى إِلَى الجَزِيْرَةِ، فَنَزَلَهَا، اتَّبَعَهُ أَهْلُهَا، ثُمَّ مَضَى إِلَى إِشْبِيْلِيَةَ، فَاتَّبَعَهُ أَهْلُهَا، ثُمَّ مَضَى إِلَى
قُرْطُبَةَ، فَاتَّبَعَهُ مَنْ فِيْهَا، فَلَمَّا رَأَى يُوْسُفُ الفِهْرِيُّ العَسَاكِرَ قَدْ أَظَلَّتْه، هَرَبَ إِلَى دَارِ الشِّركِ، فَتَحَصَّنَ هُنَاكَ، وَغَزَاهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَوَقَعَتْ نُفْرَةٌ فِي عَسْكَرِه، فَانْهَزَمَ، وَرُدَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِلاَ حَرْبٍ، وَجَعَلَ لِمَنْ أَتَاهُ بِرَأسِ يُوْسُفَ جُعلاً، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ يُوْسُفَ بِرَأسِهِ.وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَنْدَلُسَ، فَقَامَت مَعَهُ اليَمَانِيَّةُ، وَحَارَبَ يُوْسُفَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفِهْرِيَّ مُتَوَلِّي الأَنْدَلُسَ، فَهَزَمَه، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ عَلَى سِيْرَةٍ جَمِيْلَةٍ مِنَ العَدْلِ.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّرِ الأَبِيْوَرْدِيُّ فِي (أَخْبَارِ بَنِي أُمَيَّةَ) :
كَانَ النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ: مَلَكَ الأَرْضَ ابْنَا بَرْبَرِيَّتَيْنِ -يَعْنِي: عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَالمَنْصُوْرَ-.
وَكَانَ المَنْصُوْرُ يَقُوْلُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ: ذَاكَ صَقْرُ قُرَيْشٍ، دَخَلَ المَغْرِبَ وَقَدْ قُتِلَ قَوْمُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَضرِبُ العَدْنَانِيَّةَ بِالقَحْطَانِيَّةِ حَتَّى مَلَكَ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ اللُّغَوِيُّ المُتَوَفَّى سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ:
كَانَتْ بِقُرْطُبَةَ جَنَّةٌ اتَّخَذَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ، كَانَ فِيْهَا نَخْلَةٌ أَدْرَكْتُهَا، وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ:
يَا نَخْلَ! أَنْتِ غَرِيْبَةٌ مِثْلِي ... فِي الغَرْبِ نَائِيَةٌ عَنِ الأَهْلِ
فَابْكِي، وَهَلْ تَبْكِي مُلَمَّسَةٌ ... عَجْمَاءُ، لَمْ تُطْبَعْ عَلَى خَبْلِ ؟
لَوْ أَنَّهَا تَبْكِي، إِذَنْ لَبَكَتْ ... مَاءَ الفُرَاتِ وَمَنْبِتَ النَّخْلِ
لَكِنَّهَا ذَهَلَتْ وَأَذْهَلَنِي ... بُغْضِي بَنِي العَبَّاسِ عَنْ أَهْلِي وَقَدْ وَلِيَ عَلَى الأَنْدَلُسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ الغَافِقِيُّ فِي أَيَّامِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَبَنَى تِلْكَ القَنَاطِرَ بِقُرْطُبَةَ بِقِبْلِيِّ القَصْرِ وَالجَامِعِ، وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَوْساً، طُوْلُهَا ثَمَانُ مائَةِ بَاعٍ، وَعَرضُهَا سِوَى سَتَائِرِهَا عِشْرُوْنَ بَاعاً، وَارتِفَاعُهَا سِتُّوْنَ ذِرَاعاً، وَهِيَ مِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا.
وَلَمَّا انْقَرَضَتْ دَوْلَةُ بَنِي أُمَيَّةَ، اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى تَقْدِيْمِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عُقْبَةَ بنِ نَافِعٍ الفِهْرِيِّ، فَعَمُرتِ البِلاَدُ فِي أَيَّامِهِ، وَاتَّسَعَتْ، فَلَمَّا أَرَادَ اللهُ ظُهُوْرَ مُلكِ بَنِي أُمَيَّةَ بِالأَنْدَلُسِ، ذلَّتْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ قَبَائِلُ العَرَبِ، وَسُلِّمَ لَهُ الأَمْرُ، وَقُتِلَ يُوْسُفُ الفِهْرِيُّ بِوَادِي الزَّيْتُوْنِ، وَخُطِبَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بِجَمِيْعِ الأَمْصَارِ بِهَا، وَشَيَّدَ قُرْطُبَةَ، وَغَزَا عِدَّةَ غَزَوَاتٍ.
مِنْ ذَلِكَ: غَزْوَةُ قَشْتَالَةَ، جَازَ إِلَيْهَا مِنْ نَهْرِ طُلَيْطِلَةَ، وَفَرَّتِ الرُّوْمُ أَمَامَهُ، وَتَعلَّقَتْ بِالحِبَالِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى وَصَلَ مَدِيْنَة بَرْنِيْقَةَ، مِنْ مَمْلَكَةِ قَشْتَالَةَ، فَنَزَلَ عَلَيْهَا، وَأَمَرَ بِرَفْعِ الخِيَامِ، وَشَرَعَ فِي البِنَاءِ، وَأَخَذَ النَّاسُ يَبنُوْنَ، فَسَلَّمُوا إِلَيْهِ بِالأَمَانِ عِنْد إِيَاسِهِم مِنَ النَّجْدَةِ، وَخَرَجُوا بِثِيَابِهِم فَقَطْ، وَمَا يُزَوِّدُهُم، ثُمَّ كَتَبَ لأَهْلِ قَشْتَالَةَ ذَلِكَ الأَمَانَ الَّذِي تَقَدَّمَ، وَهُوَ بِخَطِّ الوَزِيْرِ بِشْرِ بنِ سَعِيْدٍ الغَافِقِيِّ.
وَلَمَّا صَفَا الأَمْرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بنِ حَمْزَةَ، مِنْ وَلَدِ عُمَرَ
بنِ الخَطَّابِ، وَذَلِكَ بَعْدَ سَبْعَةِ أَعْوَامٍ مِنْ تَمَنُّعِهِ بِطُلَيْطِلَةَ، عَظُمَ سُلْطَانُه، وَامْتَدَّتْ أَيَّامُهُ، وَعَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَأَيِسَتْ بَنُو العَبَّاسِ مِنْ مَمْلَكَةِ الأَنْدَلُسِ لِبُعْدِ الشُّقَّةِ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=134460&book=5525#46305e
عبد المنعم بن إدريس بن سنان ابن بنت وهب بن منبه، يكنى أبا عبد الله :
حدث عن أبيه بكتاب «المبتدأ» . وروى عن كوثر بن حكيم، وزعم أنه سمع من معمر بن راشد، وابن جريج. روى عنه محمد بن سعيد بن زياد الجمال، وعيسى بن إسحاق الأنصاري، وَمحمد بْن أَحْمَدَ بْن البراء، وَأَبُو بَكْر بن أبي الدنيا.
أَخْبَرَنَا هِلالُ بْنُ محمّد الحفار، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَدَمِيُّ المعدّل، حدّثنا محمّد بن أحمد بن البراء، حدّثنا عبد المنعم بن إدريس، حَدَّثَنَا كَوْثَرُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا وَلَدَتْهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ عُرَاةً، حُفَاةً، غُرْلا» فَقَالَتْ له عائشة: وا سوأتاه، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟! فَضَرَبَ عَلَى مَنْكِبِهَا وقال: «يا بِنْتَ أَبِي قُحَافَةَ، شُغِلَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّظَرِ، وَسَمَوْا بِأَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَيُوقَفُونَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لا يَأْكُلُونَ، وَلا يَشْرَبُونَ، وَلا يَجْلِسُونَ، وَلا يُكَلِّمُونَ، سَامِينَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، حَتَّى يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْعَرَقُ قَدَمَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْعَرَقُ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ فَخِذَيْهِ وَبَطْنَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ، ثُمَّ يَتَرَحَّمُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْعِبَادِ، فَيَأْمُرُ الْمَلائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ فَيَحْمِلُونَ عَرْشَ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى يُوضَعَ فِي أَرْضٍ بَيْضَاءَ كَأَنَّهَا الْفِضَّةُ، لَمْ يُسْفَكْ فِيهَا دَمٌ حَرَامٌ، وَلَمْ تُعْمَلْ فِيهَا خَطِيئَةٌ، وَذَلِكَ أَوَّل يَوْمٍ نَظَرَتْ عَيْنٌ إِلَى اللَّهِ، ثُمَّ تَقُومُ الْمَلائِكَةُ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ، ثُمَّ يَأْمُرُ مُنَادِيًا فَيُنَادِي بصوت يسمعه الثقلان، الجن والأنس، فتشرئب الناس لذلك الصوت، ثم يخرج الرَّجُلُ مِنَ الْمَوْقِفِ، فَيُعَرَّفُ النَّاسُ كُلُّهُمُ اسْمَهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِحَسَنَاتِهِ أَنْ تَخْرُجَ مَعَهُ، فَيَخْرُجُ بشيء لم ير الناس مثله كثرة،
وتعرف النَّاسُ تِلْكَ الْحَسَنَاتِ فَإِذَا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ: أَيْنَ أَصْحَابُ الْمَظَالِمِ؟ فَيَقُولُ لَهُ الرَّحْمَنُ تَعَالَى: أَظَلَمْتَ فُلانَ بْنَ فُلانٍ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ نَعَمْ يَا رَبِّ، وَذَلِكَ: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ
[النور 24] فَإِذَا فَرغ مِنْ ذَلِكَ، فَيُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَيُدْفَعُ إِلَى مَنْ ظَلَمَهُ، وَذَلِكَ يَوْمَ لا دِينَار وَلا دِرْهَم، إِلا أَخْذٌ مِنَ الْحَسَنَاتِ وتورك من السيئات فإذا لم يبق حَسَنَةٌ قَالَ:
مَنْ بَقِيَ: يَا رَبَّنَا مَا بَالُ غَيْرِنَا اسْتَوْفَوْا حُقُوقَهُمْ وَبَقِينَا؟ قِيلَ لَهُمْ لا تَعْجَلُوا، فَيُؤْخَذُ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ فتورك، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ قِيلَ لَهُ ارْجِعْ إِلَى أُمِّكَ الْهَاوِيَةِ، فَإِنَّهُ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ، إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ. وَلا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلا صِدِّيقٌ، وَلا شَهِيدٌ، إِلا ظَنَّ أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ مِمَّا رَأَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ» .
أَخْبَرَنَا البرقاني، حدّثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي، حدثنا أحمد بن طاهر بن النجم قال: حدّثنا سعيد بن عمرو البرذعي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ:
سمعت أحمد بن حنبل يقول: عبد المنعم بن إدريس يكذب على وهب بن منبه.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، أخبرنا عبد اللَّه بْن عُثْمَان الصفار، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصّيرفيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قال: سمعت أبي يقول: عبد المنعم- الذي روى عن وهب بن منبه- ليس بثقة، أخذ كتبا فرواها.
أَخْبَرَنَا علي بن الحسين- صاحب العباسي- أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر، حدّثنا محمّد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا بكر بن سهل قال: حدثنا عبد الخالق بْن منصور قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين- وذكر عبد المنعم- فقال: الكذاب الخبيث. فقيل له: بم عرفته يا أبا زكريا؟ قال: حَدَّثَنِي شيخ صدوق أنه رآه في زمن أبي جعفر يطلب هذه الكتب من الوراقين وهو اليوم يدعيها. فقيل له: أنه يروي عن معمر؟ فقال:
كذب.
قرأت على البرقاني عن محمد بن العباس قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن مسعدة، حدّثنا جعفر بن درستويه، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز قَالَ:
سمعت يَحْيَى بْن معين- وذكر له عبد المنعم بن إدريس- قيل له: قد سمع من معمر وابن جريج؟ فقال: لم يسمع من معمر قط، أَخْبَرَنِي قرط بن حريث أنه رآه يلتقط هذه الكتب يشتريها من السوق.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا عثمان بن أحمد، حدّثنا سهل بن أحمد الواسطيّ، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: وعبد المنعم متروك الحديث، أخذ كتب أبيه فحدث بها عن أبيه، ولم يكن سمع من أبيه شيئا.
وأخبرنا ابن الفضل، أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي، حدّثنا أبو أحمد بن فارس، حَدَّثَنَا البخاري قال: عبد المنعم بن إدريس البغداديّ ذاهب الحديث.
أخبرنا البرقاني، حدّثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي، حدّثنا أحمد بن طاهر بن النجم، حدثنا سعيد بن عمرو قال: قلت لأبي زرعة: عبد المنعم بن إدريس بن سنان؟
قال: واهي الحديث. ولد بعد موت أبيه، وحدث عن أبيه.
أخبرنا البرقاني، أخبرنا أحمد بن سعيد بن سعد، حدثنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النّسائيّ، حَدَّثَنَا أبي قال: عبد المنعم بن إدريس لَيْسَ بثقة.
أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن محمّد الأدمي، حدّثنا محمّد بن عليّ الإيادي، حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال: عبد المنعم بن إدريس، كان يشتري كتب السيرة، فيرويها، ما سمعها من أبيه ولا بعضها.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا جعفر بن محمّد الخلدي، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قَالَ: سنة ثمان وعشرين ومائتين فيها مات عبد المنعم بن إدريس.
قرأت على البرقاني عن أبي إسحاق المزكي قال: أخبرنا محمّد بن إسحاق السّرّاج، حَدَّثَنِي الجوهري قال: عبد المنعم بن إدريس بن سنان، يكنى أبا عبد الله، رأيته يخضب بالحناء، أحمر الرأس واللحية، مات ببغداد في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين ومائتين. وله نحو من تسعين سنة.
أخبرنا الأزهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أخبرنا أَحْمَد بْن معروف، حَدَّثَنَا الحسين بن فهم قال: عبد المنعم بن إدريس روى كتب وهب بن منبه عن أبيه عن وهب، وذكر أنه قد لقي معمر بن راشد باليمن وسمع منه. مات ببغداد وقد قارب مائة سنة، في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين ومائتين.
حدث عن أبيه بكتاب «المبتدأ» . وروى عن كوثر بن حكيم، وزعم أنه سمع من معمر بن راشد، وابن جريج. روى عنه محمد بن سعيد بن زياد الجمال، وعيسى بن إسحاق الأنصاري، وَمحمد بْن أَحْمَدَ بْن البراء، وَأَبُو بَكْر بن أبي الدنيا.
أَخْبَرَنَا هِلالُ بْنُ محمّد الحفار، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَدَمِيُّ المعدّل، حدّثنا محمّد بن أحمد بن البراء، حدّثنا عبد المنعم بن إدريس، حَدَّثَنَا كَوْثَرُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا وَلَدَتْهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ عُرَاةً، حُفَاةً، غُرْلا» فَقَالَتْ له عائشة: وا سوأتاه، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟! فَضَرَبَ عَلَى مَنْكِبِهَا وقال: «يا بِنْتَ أَبِي قُحَافَةَ، شُغِلَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّظَرِ، وَسَمَوْا بِأَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَيُوقَفُونَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لا يَأْكُلُونَ، وَلا يَشْرَبُونَ، وَلا يَجْلِسُونَ، وَلا يُكَلِّمُونَ، سَامِينَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، حَتَّى يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْعَرَقُ قَدَمَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْعَرَقُ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ فَخِذَيْهِ وَبَطْنَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ، ثُمَّ يَتَرَحَّمُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْعِبَادِ، فَيَأْمُرُ الْمَلائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ فَيَحْمِلُونَ عَرْشَ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى يُوضَعَ فِي أَرْضٍ بَيْضَاءَ كَأَنَّهَا الْفِضَّةُ، لَمْ يُسْفَكْ فِيهَا دَمٌ حَرَامٌ، وَلَمْ تُعْمَلْ فِيهَا خَطِيئَةٌ، وَذَلِكَ أَوَّل يَوْمٍ نَظَرَتْ عَيْنٌ إِلَى اللَّهِ، ثُمَّ تَقُومُ الْمَلائِكَةُ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ، ثُمَّ يَأْمُرُ مُنَادِيًا فَيُنَادِي بصوت يسمعه الثقلان، الجن والأنس، فتشرئب الناس لذلك الصوت، ثم يخرج الرَّجُلُ مِنَ الْمَوْقِفِ، فَيُعَرَّفُ النَّاسُ كُلُّهُمُ اسْمَهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِحَسَنَاتِهِ أَنْ تَخْرُجَ مَعَهُ، فَيَخْرُجُ بشيء لم ير الناس مثله كثرة،
وتعرف النَّاسُ تِلْكَ الْحَسَنَاتِ فَإِذَا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ: أَيْنَ أَصْحَابُ الْمَظَالِمِ؟ فَيَقُولُ لَهُ الرَّحْمَنُ تَعَالَى: أَظَلَمْتَ فُلانَ بْنَ فُلانٍ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ نَعَمْ يَا رَبِّ، وَذَلِكَ: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ
[النور 24] فَإِذَا فَرغ مِنْ ذَلِكَ، فَيُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَيُدْفَعُ إِلَى مَنْ ظَلَمَهُ، وَذَلِكَ يَوْمَ لا دِينَار وَلا دِرْهَم، إِلا أَخْذٌ مِنَ الْحَسَنَاتِ وتورك من السيئات فإذا لم يبق حَسَنَةٌ قَالَ:
مَنْ بَقِيَ: يَا رَبَّنَا مَا بَالُ غَيْرِنَا اسْتَوْفَوْا حُقُوقَهُمْ وَبَقِينَا؟ قِيلَ لَهُمْ لا تَعْجَلُوا، فَيُؤْخَذُ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ فتورك، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ قِيلَ لَهُ ارْجِعْ إِلَى أُمِّكَ الْهَاوِيَةِ، فَإِنَّهُ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ، إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ. وَلا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلا صِدِّيقٌ، وَلا شَهِيدٌ، إِلا ظَنَّ أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ مِمَّا رَأَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ» .
أَخْبَرَنَا البرقاني، حدّثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي، حدثنا أحمد بن طاهر بن النجم قال: حدّثنا سعيد بن عمرو البرذعي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ:
سمعت أحمد بن حنبل يقول: عبد المنعم بن إدريس يكذب على وهب بن منبه.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، أخبرنا عبد اللَّه بْن عُثْمَان الصفار، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصّيرفيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قال: سمعت أبي يقول: عبد المنعم- الذي روى عن وهب بن منبه- ليس بثقة، أخذ كتبا فرواها.
أَخْبَرَنَا علي بن الحسين- صاحب العباسي- أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر، حدّثنا محمّد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا بكر بن سهل قال: حدثنا عبد الخالق بْن منصور قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين- وذكر عبد المنعم- فقال: الكذاب الخبيث. فقيل له: بم عرفته يا أبا زكريا؟ قال: حَدَّثَنِي شيخ صدوق أنه رآه في زمن أبي جعفر يطلب هذه الكتب من الوراقين وهو اليوم يدعيها. فقيل له: أنه يروي عن معمر؟ فقال:
كذب.
قرأت على البرقاني عن محمد بن العباس قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن مسعدة، حدّثنا جعفر بن درستويه، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز قَالَ:
سمعت يَحْيَى بْن معين- وذكر له عبد المنعم بن إدريس- قيل له: قد سمع من معمر وابن جريج؟ فقال: لم يسمع من معمر قط، أَخْبَرَنِي قرط بن حريث أنه رآه يلتقط هذه الكتب يشتريها من السوق.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا عثمان بن أحمد، حدّثنا سهل بن أحمد الواسطيّ، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: وعبد المنعم متروك الحديث، أخذ كتب أبيه فحدث بها عن أبيه، ولم يكن سمع من أبيه شيئا.
وأخبرنا ابن الفضل، أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي، حدّثنا أبو أحمد بن فارس، حَدَّثَنَا البخاري قال: عبد المنعم بن إدريس البغداديّ ذاهب الحديث.
أخبرنا البرقاني، حدّثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي، حدّثنا أحمد بن طاهر بن النجم، حدثنا سعيد بن عمرو قال: قلت لأبي زرعة: عبد المنعم بن إدريس بن سنان؟
قال: واهي الحديث. ولد بعد موت أبيه، وحدث عن أبيه.
أخبرنا البرقاني، أخبرنا أحمد بن سعيد بن سعد، حدثنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النّسائيّ، حَدَّثَنَا أبي قال: عبد المنعم بن إدريس لَيْسَ بثقة.
أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن محمّد الأدمي، حدّثنا محمّد بن عليّ الإيادي، حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال: عبد المنعم بن إدريس، كان يشتري كتب السيرة، فيرويها، ما سمعها من أبيه ولا بعضها.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا جعفر بن محمّد الخلدي، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قَالَ: سنة ثمان وعشرين ومائتين فيها مات عبد المنعم بن إدريس.
قرأت على البرقاني عن أبي إسحاق المزكي قال: أخبرنا محمّد بن إسحاق السّرّاج، حَدَّثَنِي الجوهري قال: عبد المنعم بن إدريس بن سنان، يكنى أبا عبد الله، رأيته يخضب بالحناء، أحمر الرأس واللحية، مات ببغداد في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين ومائتين. وله نحو من تسعين سنة.
أخبرنا الأزهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أخبرنا أَحْمَد بْن معروف، حَدَّثَنَا الحسين بن فهم قال: عبد المنعم بن إدريس روى كتب وهب بن منبه عن أبيه عن وهب، وذكر أنه قد لقي معمر بن راشد باليمن وسمع منه. مات ببغداد وقد قارب مائة سنة، في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين ومائتين.