عبد الله بن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن علوان بن عبد الله بن علوان بن رافع، الأسدي، أبو محمد :
من أهل حلب. أسمعه والده في صباه من أبي الفرج يحيى الثقفي ومن جماعة أخرى، ثم إنه هو سمع بنفسه كثيرا، وكتب بخطه، وحصل بهمة وافرة، وتفقه على مذهب الإمام الشافعي على أبي المحاسن يوسف بن رافع قاضي حلب، وصحبه، وعنى به عناية شديدة بما رأى من نجابته وفهمه وذكائه، واتخذه ولدا وصاهره، وصار معيدا لمدرسته وله نيف وعشرون سنة. ثم ولى التدريس بعدة مدارس، ونبل مقداره؛ وتقدم عند الملوك والسلاطين، وعلا به جاهه وارتفع شأنه، وروسل به إلى ملوك الشام ومصر، ثم إنه ناب في القضاء بحلب مدة حياة القاضي، فلما توفي ولي القضاء، وأرسل رسولا إلى دار الخلافة، فقدم علينا في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وستمائة، وأكرم مورده وجمع له فقهاء مدينة السلام بدار الوزارة، وأحضر وتكلم مع الفقهاء. وكانت له معرفة حسنة بالحديث ويد باسطة فِي الأدب.
وكان محبا لأهل الدين والصلاح، وكان حسن الخلق والخلق، لطيفا مزّاحا، طيب المعاشرة، حلو المحاضرة، مقبول الصورة. اجتمعت به عند شيخنا أبي اليمن الكندي ثم بحلب مرات كثيرة. وله على أياد يعجز عن حصرها قلمي، ويقصر عن شرحها كلمي.
سمعت منه بحلب وسمع مني، وحدث ببغداد، وكان ثقة نبيلا، ما رأت عيناي أكمل منه.
أنشدني القاضي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأسدي لنفسه ببغداد، وذكر أنه اجتمع ببعض أصدقائه وأخصائه من أهل حلب بحمص متوجها إلى دمشق، فكتب إليه من حلب:
إلى الله أشكو ما وجدت من الأسى ... بحمص وقد أمسى الحبيب مودعا
وأودع في العين السهاد وفي الحشا ال ... لهيب وفي القلب الجوى والتصدعا
ولله أيام تقضت بقرية ... فيا طيبها لو دمت فيها ممتعا
ولكنها عما قليل تصرمت ... فأصبحت منبت السرور مفجعا
وقد كان ظني أن عند قفولنا ... إلى حلب ألقى من الهم مفزعا
فأنشدت بيتي شاعر ذاق طعم ما ... شربت بكأسات الفراق تجرعا
فلا مرحبا بالربع لستم حلوله ... ولو كان مخضرّ الجوانب ممرعا
ولا خير في الدنيا ولا في نعيمها ... إذا لم يكن شملي وشملكم معا
سألت القاضي عن مولده، فَقَالَ: فِي جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
وبلغني أنه توفي في شعبان من سنة خمس وثلاثين وستمائة في ليلة السادس عشر منه.
من أهل حلب. أسمعه والده في صباه من أبي الفرج يحيى الثقفي ومن جماعة أخرى، ثم إنه هو سمع بنفسه كثيرا، وكتب بخطه، وحصل بهمة وافرة، وتفقه على مذهب الإمام الشافعي على أبي المحاسن يوسف بن رافع قاضي حلب، وصحبه، وعنى به عناية شديدة بما رأى من نجابته وفهمه وذكائه، واتخذه ولدا وصاهره، وصار معيدا لمدرسته وله نيف وعشرون سنة. ثم ولى التدريس بعدة مدارس، ونبل مقداره؛ وتقدم عند الملوك والسلاطين، وعلا به جاهه وارتفع شأنه، وروسل به إلى ملوك الشام ومصر، ثم إنه ناب في القضاء بحلب مدة حياة القاضي، فلما توفي ولي القضاء، وأرسل رسولا إلى دار الخلافة، فقدم علينا في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وستمائة، وأكرم مورده وجمع له فقهاء مدينة السلام بدار الوزارة، وأحضر وتكلم مع الفقهاء. وكانت له معرفة حسنة بالحديث ويد باسطة فِي الأدب.
وكان محبا لأهل الدين والصلاح، وكان حسن الخلق والخلق، لطيفا مزّاحا، طيب المعاشرة، حلو المحاضرة، مقبول الصورة. اجتمعت به عند شيخنا أبي اليمن الكندي ثم بحلب مرات كثيرة. وله على أياد يعجز عن حصرها قلمي، ويقصر عن شرحها كلمي.
سمعت منه بحلب وسمع مني، وحدث ببغداد، وكان ثقة نبيلا، ما رأت عيناي أكمل منه.
أنشدني القاضي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأسدي لنفسه ببغداد، وذكر أنه اجتمع ببعض أصدقائه وأخصائه من أهل حلب بحمص متوجها إلى دمشق، فكتب إليه من حلب:
إلى الله أشكو ما وجدت من الأسى ... بحمص وقد أمسى الحبيب مودعا
وأودع في العين السهاد وفي الحشا ال ... لهيب وفي القلب الجوى والتصدعا
ولله أيام تقضت بقرية ... فيا طيبها لو دمت فيها ممتعا
ولكنها عما قليل تصرمت ... فأصبحت منبت السرور مفجعا
وقد كان ظني أن عند قفولنا ... إلى حلب ألقى من الهم مفزعا
فأنشدت بيتي شاعر ذاق طعم ما ... شربت بكأسات الفراق تجرعا
فلا مرحبا بالربع لستم حلوله ... ولو كان مخضرّ الجوانب ممرعا
ولا خير في الدنيا ولا في نعيمها ... إذا لم يكن شملي وشملكم معا
سألت القاضي عن مولده، فَقَالَ: فِي جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
وبلغني أنه توفي في شعبان من سنة خمس وثلاثين وستمائة في ليلة السادس عشر منه.