عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى الأَنْصَارِيُّ الكُوْفِيُّ
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عِيْسَى الأَنْصَارِيُّ، الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، وَيُقَالُ:
أَبُو مُحَمَّدٍ، مِنْ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ.وُلِدَ فِي: خِلاَفَةِ الصِّدِّيْقِ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَبِلاَلٍ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَصُهَيْبٍ، وَقَيْسِ بنِ سَعْدٍ، وَالمِقْدَادِ، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَوَالِدِهِ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ - وَمَا إِخَالُهُ لَقِيْهُ، مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ فِي (السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ) -.
وَقِيْلَ: بَلْ وُلِدَ فِي وَسَطِ خِلاَفَةِ عُمَرَ، وَرَآهُ يَتَوَضَّأُ، وَيَمْسَحُ عَلَى الخُفِّيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَالأَعْمَشُ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى عَلِيٍّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ: جَلَسْتُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَصْحَابُهُ يُعَظِّمُوْنَهُ، كَأَنَّهُ أَمِيْرٌ.
وَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: كُنَّا إِذَا قَعَدْنَا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ لِرَجُلٍ:
اقْرَأِ القُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَدُلُّنِي عَلَى مَا تُرِيْدُوْنَ، نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي كَذَا، وَهَذِهِ الآيَةُ فِي كَذَا.
وَرَوَى: عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، [عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى]، قَالَ:
أَدْرَكْتُ عِشْرِيْنَ وَمائَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الأَنْصَارِ، إِذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَنْ شَيْءٍ، وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ: أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَقَالَ: مَا شَعَرْتُ أَنَّ النِّسَاءَ وَلَدْنَ مِثْلَ هَذَا.شُعْبَةُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
صَحِبْتُ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَأَكْثَرُ مَا يَتَحَدَّثُوْنَ عَنْهُ بَاطِلٌ.
قَالَ الأَعْمَشُ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَقَدْ ضَرَبَهُ الحَجَّاجُ، وَكَأَنَّ ظَهْرَهُ مِسْحٌ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى ابْنِهِ، وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: الْعَنِ الكَذَّابِيْنَ، فَيَقُوْلُ: لَعَنَ اللهُ الكَذَّابِيْنَ.
يَقُوْلُ: اللهُ اللهُ، عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، المُخْتَارُ بنُ أَبِي عُبَيْدٍ.
قَالَ: وَأَهْلُ الشَّامِ كَأَنَّهُمْ حَمِيْرٌ لاَ يَدْرُوْنَ مَا يَقْصِدُ، وَهُوَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ اللَّعْنِ.
قُلْتُ: ثُمَّ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ كِبَارِ مَنْ خَرَجَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَشْعَثِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، وَكَانَ لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ.
ذَكَرَهَا: وَلَدُهُ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، حَدَّثَنَا اللَّبَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى يُصَلِّي، فَإِذَا دَخَلَ الدَّاخِلُ نَامَ عَلَى فِرَاشِهِ.
وَبِهِ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ:رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَحْلُوْقاً عَلَى المِصْطَبَةِ، وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ لَهُ: الْعَنِ الكَذَّابِيْنَ.
وَكَانَ رَجُلاً ضَخْماً، بِهِ رَبْوٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنِ الكَذَّابِيْنَ، آهٍ - ثُمَّ يَسْكُتُ - عَلِيٌّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، وَالمُخْتَارُ.
اسْمُ وَالِدِهِ أَبِي لَيْلَى: يَسَارٌ.
وَقِيْلَ: بِلاَلٌ.
وَقِيْلَ: دَاوُدُ بنُ أَبِي أُحَيْحَةَ بنِ الجُلاَحِ بنِ الحَرِيْشِ بنِ جَحْجَبَى بنِ كُلْفَةَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
كَانَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى بَيْتٌ فِيْهِ مَصَاحِفُ، يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ فِيْهِ القُرَّاءُ، قَلَّمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ عَنْ طَعَامٍ.
فَأَتَيْتُهُ وَمَعِي تِبْرٌ، فَقَالَ: أَتُحَلِّي بِهِ سَيْفاً؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَتُحَلِّي بِهِ مُصْحَفاً؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَلَعَلَّكَ تَجْعَلُهَا أَخْرَاصاً، فَإِنَّهَا تُكْرَهُ.
قَالَ ثَابِتٌ: كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ، نَشَرَ المُصْحَفَ، وَقَرَأَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.
شَرِيْكٌ: عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ يَعْمَلُ بِمِسْحَاةٍ لَهُ، فَأَصَابَ أَبَاهُ، فَشَجَّهُ، فَقَالَ: لاَ يَصْحَبُنِي مَنْ فَعَلَ بِأَبِي مَا فَعَلَ.
فَقَطَعَ يَدَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ بَنِي إِسْرَائِيْلَ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَةَ المَلِكِ أَرَادَتْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ، فَقَالَ: مَنْ نَبْعَثُ بِهَا؟
قَالُوا: فُلاَنٌ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَعْفِنِي.
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَأَجِّلْنِي إِذاً أَيَّاماً.
قَالَ: فَذَهَبَ، فَقَطَعَ مَذَاكِيْرَهُ فِي حُقٍّ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ خَاتِمُهُ
عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَذِهِ وَدِيْعَتِي عِنْدَكَ، فَاحْفَظْهَا.قَالَ: وَنَزَّلَهَا المَلِكُ مَنْزِلاً مَنْزِلاً، انْزِلْ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا، وَيَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا، فَوَقَّتَ لَهُ وَقْتاً.
فَلَمَّا سَارَ، جَعَلَتِ ابْنَةُ المَلِكِ لاَ تَرْتَفِعُ بِهِ، فَتَنْزِلُ حَيْثُ شَاءتْ، وَتَرْتَحِلُ مَتَى شَاءتْ، وَجَعَلَ إِنَّمَا هُوَ يَحْرُسُهَا، وَيَنَامُ عِنْدَهَا.
فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ، قَالُوا لَهُ: إِنَّمَا كَانَ يَنَامُ عِنْدَهَا.
فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: خَالَفْتَ، وَأَرَادَ قَتْلَهُ.
فَقَالَ: ارْدُدْ عَلَيَّ وَدِيْعَتِي.
فَلَمَّا رَدَّهَا، فَتَحَ الحُقَّ، وَتَكَشَّفَ عَنْ مِثْلِ الرَّاحَةِ، فَفَشَا ذَلِكَ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ.
قَالَ: فَمَاتَ قَاضٍ لَهُمْ، فَقَالُوا: مَنْ نَجْعَلُ مَكَانَهُ؟
قَالُوا: فُلاَنٌ.
فَأَبَى، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَالَ: دَعُوْنِي حَتَّى أَنْظَرَ فِي أَمْرِي.
فَكَحَّلَ عَيْنَيْهِ بِشَيْءٍ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ.
قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ عَلَى القَضَاءِ، فَقَامَ لَيْلَةً، فَدَعَا اللهَ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي صَنَعْتُ لَكَ رِضَىً، فَارْدُدْ عَلَيَّ خَلْقِي أَصَحَّ مَا كَانَ.
فَأَصْبَحَ، وَقَدْ رَدَّ اللهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَمُقْلَتَيْهِ أَحْسَنَ مَا كَانَتَا، وَيَدَهُ، وَمَذَاكِيْرَهُ.
أَنْبَأَنَا بِهَا: أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ -يَعْنِي: العَسَّالَ فِي كِتَابِهِ- حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، فَذَكَرَهَا.
وَبِهِ: إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عُمَرَ، فَأَتَاهُ رَاكِبٌ، فَزَعَمَ أَنَّهُ رَأَى الهِلاَلَ؛ هِلاَلَ شَوَّالٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْطِرُوا.
ثُمَّ قَامَ إِلَى عُسٍّ مِنْ مَاءٍ،
فَتَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى مُوْقَيْنِ لَهُ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ.فَقَالَ لَهُ الرَّاكِبُ: مَا جِئْتُكَ إِلاَّ لأَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا، أَشَيْئاً رَأَيْتَ غَيْرَكَ يَفْعَلُهُ؟
قَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ خَيْراً مِنِّي، وَخَيْرَ الأُمَّةِ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ.
تَفَرَّدَ بِهِ: إِسْرَائِيْلُ.
رُوِيَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ: أَنَّ الحَجَّاجَ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي لَيْلَى عَلَى القَضَاءِ، ثُمَّ عَزَلَهُ، ثُمَّ ضَرَبَهُ لِيَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَكَانَ قَدْ شَهِدَ النَّهْرَوَانَ مَعَ عَلِيٍّ.
وَقَالَ شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ: قَدِمَ عَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادِ بنِ الهَادِ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَاقْتَحَمَ بِهِمَا فَرَسُهُمَا الفُرَاتَ، فَذَهَبَا -يَعْنِي: غَرَقاً -.
وَأَمَّا أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، فَقَالَ: قُتِلَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بِوَقْعَةِ الجَمَاجِمِ، يَعْنِي: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ.
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عِيْسَى الأَنْصَارِيُّ، الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، وَيُقَالُ:
أَبُو مُحَمَّدٍ، مِنْ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ.وُلِدَ فِي: خِلاَفَةِ الصِّدِّيْقِ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَبِلاَلٍ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَصُهَيْبٍ، وَقَيْسِ بنِ سَعْدٍ، وَالمِقْدَادِ، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَوَالِدِهِ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ - وَمَا إِخَالُهُ لَقِيْهُ، مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ فِي (السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ) -.
وَقِيْلَ: بَلْ وُلِدَ فِي وَسَطِ خِلاَفَةِ عُمَرَ، وَرَآهُ يَتَوَضَّأُ، وَيَمْسَحُ عَلَى الخُفِّيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَالأَعْمَشُ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى عَلِيٍّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ: جَلَسْتُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَصْحَابُهُ يُعَظِّمُوْنَهُ، كَأَنَّهُ أَمِيْرٌ.
وَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: كُنَّا إِذَا قَعَدْنَا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ لِرَجُلٍ:
اقْرَأِ القُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَدُلُّنِي عَلَى مَا تُرِيْدُوْنَ، نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي كَذَا، وَهَذِهِ الآيَةُ فِي كَذَا.
وَرَوَى: عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، [عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى]، قَالَ:
أَدْرَكْتُ عِشْرِيْنَ وَمائَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الأَنْصَارِ، إِذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَنْ شَيْءٍ، وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ: أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَقَالَ: مَا شَعَرْتُ أَنَّ النِّسَاءَ وَلَدْنَ مِثْلَ هَذَا.شُعْبَةُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
صَحِبْتُ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَأَكْثَرُ مَا يَتَحَدَّثُوْنَ عَنْهُ بَاطِلٌ.
قَالَ الأَعْمَشُ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَقَدْ ضَرَبَهُ الحَجَّاجُ، وَكَأَنَّ ظَهْرَهُ مِسْحٌ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى ابْنِهِ، وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: الْعَنِ الكَذَّابِيْنَ، فَيَقُوْلُ: لَعَنَ اللهُ الكَذَّابِيْنَ.
يَقُوْلُ: اللهُ اللهُ، عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، المُخْتَارُ بنُ أَبِي عُبَيْدٍ.
قَالَ: وَأَهْلُ الشَّامِ كَأَنَّهُمْ حَمِيْرٌ لاَ يَدْرُوْنَ مَا يَقْصِدُ، وَهُوَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ اللَّعْنِ.
قُلْتُ: ثُمَّ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ كِبَارِ مَنْ خَرَجَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَشْعَثِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، وَكَانَ لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ.
ذَكَرَهَا: وَلَدُهُ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، حَدَّثَنَا اللَّبَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى يُصَلِّي، فَإِذَا دَخَلَ الدَّاخِلُ نَامَ عَلَى فِرَاشِهِ.
وَبِهِ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ:رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَحْلُوْقاً عَلَى المِصْطَبَةِ، وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ لَهُ: الْعَنِ الكَذَّابِيْنَ.
وَكَانَ رَجُلاً ضَخْماً، بِهِ رَبْوٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنِ الكَذَّابِيْنَ، آهٍ - ثُمَّ يَسْكُتُ - عَلِيٌّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، وَالمُخْتَارُ.
اسْمُ وَالِدِهِ أَبِي لَيْلَى: يَسَارٌ.
وَقِيْلَ: بِلاَلٌ.
وَقِيْلَ: دَاوُدُ بنُ أَبِي أُحَيْحَةَ بنِ الجُلاَحِ بنِ الحَرِيْشِ بنِ جَحْجَبَى بنِ كُلْفَةَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
كَانَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى بَيْتٌ فِيْهِ مَصَاحِفُ، يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ فِيْهِ القُرَّاءُ، قَلَّمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ عَنْ طَعَامٍ.
فَأَتَيْتُهُ وَمَعِي تِبْرٌ، فَقَالَ: أَتُحَلِّي بِهِ سَيْفاً؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَتُحَلِّي بِهِ مُصْحَفاً؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَلَعَلَّكَ تَجْعَلُهَا أَخْرَاصاً، فَإِنَّهَا تُكْرَهُ.
قَالَ ثَابِتٌ: كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ، نَشَرَ المُصْحَفَ، وَقَرَأَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.
شَرِيْكٌ: عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ يَعْمَلُ بِمِسْحَاةٍ لَهُ، فَأَصَابَ أَبَاهُ، فَشَجَّهُ، فَقَالَ: لاَ يَصْحَبُنِي مَنْ فَعَلَ بِأَبِي مَا فَعَلَ.
فَقَطَعَ يَدَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ بَنِي إِسْرَائِيْلَ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَةَ المَلِكِ أَرَادَتْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ، فَقَالَ: مَنْ نَبْعَثُ بِهَا؟
قَالُوا: فُلاَنٌ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَعْفِنِي.
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَأَجِّلْنِي إِذاً أَيَّاماً.
قَالَ: فَذَهَبَ، فَقَطَعَ مَذَاكِيْرَهُ فِي حُقٍّ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ خَاتِمُهُ
عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَذِهِ وَدِيْعَتِي عِنْدَكَ، فَاحْفَظْهَا.قَالَ: وَنَزَّلَهَا المَلِكُ مَنْزِلاً مَنْزِلاً، انْزِلْ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا، وَيَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا، فَوَقَّتَ لَهُ وَقْتاً.
فَلَمَّا سَارَ، جَعَلَتِ ابْنَةُ المَلِكِ لاَ تَرْتَفِعُ بِهِ، فَتَنْزِلُ حَيْثُ شَاءتْ، وَتَرْتَحِلُ مَتَى شَاءتْ، وَجَعَلَ إِنَّمَا هُوَ يَحْرُسُهَا، وَيَنَامُ عِنْدَهَا.
فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ، قَالُوا لَهُ: إِنَّمَا كَانَ يَنَامُ عِنْدَهَا.
فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: خَالَفْتَ، وَأَرَادَ قَتْلَهُ.
فَقَالَ: ارْدُدْ عَلَيَّ وَدِيْعَتِي.
فَلَمَّا رَدَّهَا، فَتَحَ الحُقَّ، وَتَكَشَّفَ عَنْ مِثْلِ الرَّاحَةِ، فَفَشَا ذَلِكَ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ.
قَالَ: فَمَاتَ قَاضٍ لَهُمْ، فَقَالُوا: مَنْ نَجْعَلُ مَكَانَهُ؟
قَالُوا: فُلاَنٌ.
فَأَبَى، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَالَ: دَعُوْنِي حَتَّى أَنْظَرَ فِي أَمْرِي.
فَكَحَّلَ عَيْنَيْهِ بِشَيْءٍ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ.
قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ عَلَى القَضَاءِ، فَقَامَ لَيْلَةً، فَدَعَا اللهَ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي صَنَعْتُ لَكَ رِضَىً، فَارْدُدْ عَلَيَّ خَلْقِي أَصَحَّ مَا كَانَ.
فَأَصْبَحَ، وَقَدْ رَدَّ اللهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَمُقْلَتَيْهِ أَحْسَنَ مَا كَانَتَا، وَيَدَهُ، وَمَذَاكِيْرَهُ.
أَنْبَأَنَا بِهَا: أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ -يَعْنِي: العَسَّالَ فِي كِتَابِهِ- حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، فَذَكَرَهَا.
وَبِهِ: إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عُمَرَ، فَأَتَاهُ رَاكِبٌ، فَزَعَمَ أَنَّهُ رَأَى الهِلاَلَ؛ هِلاَلَ شَوَّالٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْطِرُوا.
ثُمَّ قَامَ إِلَى عُسٍّ مِنْ مَاءٍ،
فَتَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى مُوْقَيْنِ لَهُ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ.فَقَالَ لَهُ الرَّاكِبُ: مَا جِئْتُكَ إِلاَّ لأَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا، أَشَيْئاً رَأَيْتَ غَيْرَكَ يَفْعَلُهُ؟
قَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ خَيْراً مِنِّي، وَخَيْرَ الأُمَّةِ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ.
تَفَرَّدَ بِهِ: إِسْرَائِيْلُ.
رُوِيَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ: أَنَّ الحَجَّاجَ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي لَيْلَى عَلَى القَضَاءِ، ثُمَّ عَزَلَهُ، ثُمَّ ضَرَبَهُ لِيَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَكَانَ قَدْ شَهِدَ النَّهْرَوَانَ مَعَ عَلِيٍّ.
وَقَالَ شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ: قَدِمَ عَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادِ بنِ الهَادِ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَاقْتَحَمَ بِهِمَا فَرَسُهُمَا الفُرَاتَ، فَذَهَبَا -يَعْنِي: غَرَقاً -.
وَأَمَّا أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، فَقَالَ: قُتِلَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بِوَقْعَةِ الجَمَاجِمِ، يَعْنِي: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ.