صعصعة بن صُوحان بن حُجر
ابن الحارث بن الهِجْرس بن صَبرة بن حِدّرِجان بن عِسَاس بن ليث بن حُدَاد بن ظالم بن ذُهل ابن عِجل بن عمرو بن وديعة بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن جديلة بن دُعميّ بن أسد ابن ربيعة بن نزار أبو عمرو ويقال: أبو طلحة - العبدي أخو زند بن صوحان. من أهل الكوفة. شهد مع علي صفين، وأقره على بعض الكراديس. وسيّره عثمان إلى الشام. ثم قدم دمشق على معاوية.
حدث صعصة بن صوحان عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُستمتع من الحرير بشيء.
وعن مالك بن عمير قال: إن لقاعد مع علي إذ جاءه صعصة بن صوحان فقال: يا أمير المؤمنين، انهَنا
عم نهاك عنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: نهانا عن الدُّباء، والحنتم، والنقير، والمِيثَرة الحمراء، ونهانا عن لبس الحرير، ونهانا عن لبس القَسِّي، وعن حلي الذهب. قال: وكساني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بردين من حرير فخرجت فيهما إلى الناس لينظروا إلى كسوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي، فرآهما علي فأمرني بنزعهما، وأعطى أحدهما فاطمة. وشق الآخر باثنين لبعض نسائه.
عن بريدة بينا هو جالس بالكوفة في مجلس مع أصحابه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن من البيان سحراً، وإن من العلم جهلاً، وإن من الشعر حكماً، وإن من القول عِيالاً ". قال: فقال صعصعة بن صوحان - وهو أحدث القوم سناً - صدق الله ورسوله. ولو لم يقلها كان كذلك: فتوسمه رجل من الجلساء فقال له بعد ما تصدع القوم من مجلسهم: ما حملك على أن قلت: صدق نبي الله، ولو لم يقلها كان كذلك؟ قال: بلى، أما قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن من البيان سحراً؛ فالرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بالحجج من صاحب الحق، فيسحر القوم ببيانه، فيذهب بالحقّ وهو عليه. وأما قوله: إن من العلم صاحب جهلاً؛ تكلُّف العالم إلى علمه ما لا يعلم، فيجهّله ذلك. وأما قوله: إن من الشعر حكماً: فهي هذه المواعظ والأمثال التي يعظ بها الناس. وأما قوله: إن من القول عيالاً: فعَرضُك كلامَك وحديثَك على من ليس من شأنه، ولا يريده.
وعن حميد بن هلال العدوي قال: قام صعصعة بن صوحان العبدي إلى عثمان بن عفان، وهو على المنبر فقال: يا أمير المؤمنين، مِلت فمالت أمتك، يا أمير المؤمنين، أعتدل تعتدل أمتك. قال: أسامع أنت مطيع؟ قال: نعم. قال: فاخرج إلى الشام. قال: فطلق امرأته كراهة أن يعضِلها، وكانوا يرون الطلقة عليهم حقاً.
وكان صعصعة من أصحاب الخطط، وكان خطيباً. وكان من أصحاب علي بن أبي
طالب، وشهد معه الجمل هو وأخواه زيد وسيحان ابنا صوحان. وكان سيحان الخطيب قبل صعصعة. وكانت الراية يوم الجمل في يده. فقتل فأخذها زيد فقتل فأخذها صعصعة.
وتوفي صعصعة في خلافة معاوية بن أبي سفيان. وكان ثقة، قليل الحديث.
دخل علي على صعصعة يعوده، فقال له علي: لا تتخذها أبهة على قومك أن عادكَ أهلُ بين نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مرضك. قال: بلى، منٌّ علي من الله أن عادني أهل بيت نبيّي في مرضي. قال: فقال له علي: إنك والله ما علمت خفيف المؤنة، حسن المعونة. فقال له صعصعة: وأنت - والله ما علمت - بالله عليم، والله في عينك عظيم.
وعن صعصعة بن صوحان قام ذات يوم فتكلم فأكثر، فقال عثمان: يا أيها الناس، إن هذا البجباج النفّاج، لا يدري من الله، ولا أين الله، فقال صعصعة: أما قولك: ما أدري مَن الله، فإن الله ربنا وربّ أبائنا الأولين. وأما قولك: لا أدري أين الله، فإن الله بالمرصاد ثم قرأ: " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوْا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيْرٌ " حتى فرغ من هذه الآيات فقال - يعني عثمان -: ويحك ما نزلت هذه الآية إلا فيّ وفي أصحابي. أُخرجنا من مكة بغير حق.
أرسل المغيرة بن شعبة إلى صعصعة فسأله عن عثمان، فذكر صعصعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعزره وأثنى عليه بما هو أهله. ثم ذكر أبا بكر فقال: هو أول من جمع المصحف، وورث الكلالة. ثم ذكر عمر فقال: هو أول من دون الدواوين ومصّر الأمصار، وخلط الشدة باللين. ثم ذكر عثمان فقال: كانت إمارته قدراً، وكان قتله قدراً. فقال له المغيرة: اسكت، كانت إمرته قدراً وكان قتله قدراً. فقال له صعصعة بن صوحان: دعَوتَني فأجبت، واستنطقتني فنطقت، وأسكتني فسكتُّ.
قال زرارة بن أوفى: إن معاوية خطب الناس فقال: يأ أيها الناس، إنا نحن أحق بهذا الأمر، نحن شجرة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبيضته التي انفلقت عنه، ونحن ونحن، فقال صعصعة: فأين بنو هاشم منكم؟ قال: نحن أسوَس منهم، وهم خير منا. قال: أمرنا بالطاعة الطاعة. وقال فيها: إنا لكم جنّة. قال: فقال صعصعة: فإذا احترقت الجّنّة فكيف نصنع؟ قال: أيها الناس، أما إن هذا ترابي، فقال: إني ترابي. خلقت من التراب، وإلى التراب أصير.
وعن صعصعة بن صوحان العبدي أنه دخل على معاوية بن أبي سفيان فلم يسلم عليه بالخلافة فقال له: ممن أنت؟ قال: من نزار. قال: وما نزار؟ قال: كان إذا غزا احتوش، وإذا انصرف انكمش، وإذا لقي افترش. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من ربيعة. قال: وما ربيعة؟ قال: كان يغزو بالخيل، ويُغير بالليل، ويجود بالنّيل. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من أسد. قال: وما أسد؟ قال: كان إذا طلب أقصى، وإذا أدرك أرضى، وإذا آب أنضى. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: مِن دُعميّ قال: وما دعمي. قال: كان يطيل النجاد، ويُعدّ الجياد، ويجيد الجلاد. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من أفصى. قال: وما أفصى؟ قال: كان ينزل القارات، ويحسن الغارات، ويحمي الجارات. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من عبد القيس. قال: ومن عبد القيس؟ قال: أبطال ذادة، جحاجحة سادة، صناديد قادة. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال من أفصى. قال وما أفصى؟ قال: كان يباشر القتال، ويعانق الأبطال، ويبذر المال.
قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من عمرو. قال: وما عمرو؟ قال: كانوا يستعملون السيف، ويكرمون الضيف، في الشتاء والصيف. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من عجل. قال: وما عجل؟ قال: ليوث ضراغمة، قروم قشاعمة، ملوك قماقمة قال: فمن أي ولده أنت؟: قال: من كعب. قال: وما كعب؟ قال: كان يغشى الحروب، ويكشف الكروب. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من مالك. قال: وما مالك؟ قال: الهُمام الهُمام، والقُمقام. قال: يا بن صوحان، ما تركت لهذا الحي من قريش شيئاً! قال: بلى. تركت لهم الوبر والمدر، والأبيض والأصفر، والصفا والمشعر، والقبة والمنحر، والسرير والمنبر، والملك إلى المحشر، ومن الآن إلى المنشر. قال: أما والله يا بن صوحان، إن كنت لأبغض أن أراك خطيباً. قال: وأنا والله إن كنت لأبغض أن أراك أميراً.
قال معاوية لصعصعة بن صوحان: ما المروءة؟ قال: الصبر والصمت. فالصبر على ما ينوبك، والصمت حتى تحتاج إلى الكلام.
مرّ صعصعة بن صوحان بقوم - وهو يريد مكة - فقالوا له: ما أين اقبلت؟ قال: من الفج العميق، قالوا: ماتريد؟ قال: البيت العتيق. قالوا: هل كان من مطر؟ قال: نعم. عفّى الأثر، وانضر الشجر، ودهده الحجر. قالوا: أي آية في كتاب الله أحكم؟ قال: " مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه ".
حدث عبد الرزاق عن أبيه أن صعصعة بن صوحان حين أصابه ما أصابه قطع بعض لسانه، فأتاه رجل، فبال في أذنه، فإما قال لهم، وإما كتب لهم: انظروه، فإن كان من العرب فهو من هذيل. وإن كان من العجم فهو من بربر. قال: فنظروا فإذا هو بربري.
ابن الحارث بن الهِجْرس بن صَبرة بن حِدّرِجان بن عِسَاس بن ليث بن حُدَاد بن ظالم بن ذُهل ابن عِجل بن عمرو بن وديعة بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن جديلة بن دُعميّ بن أسد ابن ربيعة بن نزار أبو عمرو ويقال: أبو طلحة - العبدي أخو زند بن صوحان. من أهل الكوفة. شهد مع علي صفين، وأقره على بعض الكراديس. وسيّره عثمان إلى الشام. ثم قدم دمشق على معاوية.
حدث صعصة بن صوحان عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُستمتع من الحرير بشيء.
وعن مالك بن عمير قال: إن لقاعد مع علي إذ جاءه صعصة بن صوحان فقال: يا أمير المؤمنين، انهَنا
عم نهاك عنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: نهانا عن الدُّباء، والحنتم، والنقير، والمِيثَرة الحمراء، ونهانا عن لبس الحرير، ونهانا عن لبس القَسِّي، وعن حلي الذهب. قال: وكساني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بردين من حرير فخرجت فيهما إلى الناس لينظروا إلى كسوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي، فرآهما علي فأمرني بنزعهما، وأعطى أحدهما فاطمة. وشق الآخر باثنين لبعض نسائه.
عن بريدة بينا هو جالس بالكوفة في مجلس مع أصحابه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن من البيان سحراً، وإن من العلم جهلاً، وإن من الشعر حكماً، وإن من القول عِيالاً ". قال: فقال صعصعة بن صوحان - وهو أحدث القوم سناً - صدق الله ورسوله. ولو لم يقلها كان كذلك: فتوسمه رجل من الجلساء فقال له بعد ما تصدع القوم من مجلسهم: ما حملك على أن قلت: صدق نبي الله، ولو لم يقلها كان كذلك؟ قال: بلى، أما قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن من البيان سحراً؛ فالرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بالحجج من صاحب الحق، فيسحر القوم ببيانه، فيذهب بالحقّ وهو عليه. وأما قوله: إن من العلم صاحب جهلاً؛ تكلُّف العالم إلى علمه ما لا يعلم، فيجهّله ذلك. وأما قوله: إن من الشعر حكماً: فهي هذه المواعظ والأمثال التي يعظ بها الناس. وأما قوله: إن من القول عيالاً: فعَرضُك كلامَك وحديثَك على من ليس من شأنه، ولا يريده.
وعن حميد بن هلال العدوي قال: قام صعصعة بن صوحان العبدي إلى عثمان بن عفان، وهو على المنبر فقال: يا أمير المؤمنين، مِلت فمالت أمتك، يا أمير المؤمنين، أعتدل تعتدل أمتك. قال: أسامع أنت مطيع؟ قال: نعم. قال: فاخرج إلى الشام. قال: فطلق امرأته كراهة أن يعضِلها، وكانوا يرون الطلقة عليهم حقاً.
وكان صعصعة من أصحاب الخطط، وكان خطيباً. وكان من أصحاب علي بن أبي
طالب، وشهد معه الجمل هو وأخواه زيد وسيحان ابنا صوحان. وكان سيحان الخطيب قبل صعصعة. وكانت الراية يوم الجمل في يده. فقتل فأخذها زيد فقتل فأخذها صعصعة.
وتوفي صعصعة في خلافة معاوية بن أبي سفيان. وكان ثقة، قليل الحديث.
دخل علي على صعصعة يعوده، فقال له علي: لا تتخذها أبهة على قومك أن عادكَ أهلُ بين نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مرضك. قال: بلى، منٌّ علي من الله أن عادني أهل بيت نبيّي في مرضي. قال: فقال له علي: إنك والله ما علمت خفيف المؤنة، حسن المعونة. فقال له صعصعة: وأنت - والله ما علمت - بالله عليم، والله في عينك عظيم.
وعن صعصعة بن صوحان قام ذات يوم فتكلم فأكثر، فقال عثمان: يا أيها الناس، إن هذا البجباج النفّاج، لا يدري من الله، ولا أين الله، فقال صعصعة: أما قولك: ما أدري مَن الله، فإن الله ربنا وربّ أبائنا الأولين. وأما قولك: لا أدري أين الله، فإن الله بالمرصاد ثم قرأ: " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوْا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيْرٌ " حتى فرغ من هذه الآيات فقال - يعني عثمان -: ويحك ما نزلت هذه الآية إلا فيّ وفي أصحابي. أُخرجنا من مكة بغير حق.
أرسل المغيرة بن شعبة إلى صعصعة فسأله عن عثمان، فذكر صعصعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعزره وأثنى عليه بما هو أهله. ثم ذكر أبا بكر فقال: هو أول من جمع المصحف، وورث الكلالة. ثم ذكر عمر فقال: هو أول من دون الدواوين ومصّر الأمصار، وخلط الشدة باللين. ثم ذكر عثمان فقال: كانت إمارته قدراً، وكان قتله قدراً. فقال له المغيرة: اسكت، كانت إمرته قدراً وكان قتله قدراً. فقال له صعصعة بن صوحان: دعَوتَني فأجبت، واستنطقتني فنطقت، وأسكتني فسكتُّ.
قال زرارة بن أوفى: إن معاوية خطب الناس فقال: يأ أيها الناس، إنا نحن أحق بهذا الأمر، نحن شجرة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبيضته التي انفلقت عنه، ونحن ونحن، فقال صعصعة: فأين بنو هاشم منكم؟ قال: نحن أسوَس منهم، وهم خير منا. قال: أمرنا بالطاعة الطاعة. وقال فيها: إنا لكم جنّة. قال: فقال صعصعة: فإذا احترقت الجّنّة فكيف نصنع؟ قال: أيها الناس، أما إن هذا ترابي، فقال: إني ترابي. خلقت من التراب، وإلى التراب أصير.
وعن صعصعة بن صوحان العبدي أنه دخل على معاوية بن أبي سفيان فلم يسلم عليه بالخلافة فقال له: ممن أنت؟ قال: من نزار. قال: وما نزار؟ قال: كان إذا غزا احتوش، وإذا انصرف انكمش، وإذا لقي افترش. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من ربيعة. قال: وما ربيعة؟ قال: كان يغزو بالخيل، ويُغير بالليل، ويجود بالنّيل. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من أسد. قال: وما أسد؟ قال: كان إذا طلب أقصى، وإذا أدرك أرضى، وإذا آب أنضى. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: مِن دُعميّ قال: وما دعمي. قال: كان يطيل النجاد، ويُعدّ الجياد، ويجيد الجلاد. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من أفصى. قال: وما أفصى؟ قال: كان ينزل القارات، ويحسن الغارات، ويحمي الجارات. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من عبد القيس. قال: ومن عبد القيس؟ قال: أبطال ذادة، جحاجحة سادة، صناديد قادة. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال من أفصى. قال وما أفصى؟ قال: كان يباشر القتال، ويعانق الأبطال، ويبذر المال.
قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من عمرو. قال: وما عمرو؟ قال: كانوا يستعملون السيف، ويكرمون الضيف، في الشتاء والصيف. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من عجل. قال: وما عجل؟ قال: ليوث ضراغمة، قروم قشاعمة، ملوك قماقمة قال: فمن أي ولده أنت؟: قال: من كعب. قال: وما كعب؟ قال: كان يغشى الحروب، ويكشف الكروب. قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من مالك. قال: وما مالك؟ قال: الهُمام الهُمام، والقُمقام. قال: يا بن صوحان، ما تركت لهذا الحي من قريش شيئاً! قال: بلى. تركت لهم الوبر والمدر، والأبيض والأصفر، والصفا والمشعر، والقبة والمنحر، والسرير والمنبر، والملك إلى المحشر، ومن الآن إلى المنشر. قال: أما والله يا بن صوحان، إن كنت لأبغض أن أراك خطيباً. قال: وأنا والله إن كنت لأبغض أن أراك أميراً.
قال معاوية لصعصعة بن صوحان: ما المروءة؟ قال: الصبر والصمت. فالصبر على ما ينوبك، والصمت حتى تحتاج إلى الكلام.
مرّ صعصعة بن صوحان بقوم - وهو يريد مكة - فقالوا له: ما أين اقبلت؟ قال: من الفج العميق، قالوا: ماتريد؟ قال: البيت العتيق. قالوا: هل كان من مطر؟ قال: نعم. عفّى الأثر، وانضر الشجر، ودهده الحجر. قالوا: أي آية في كتاب الله أحكم؟ قال: " مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه ".
حدث عبد الرزاق عن أبيه أن صعصعة بن صوحان حين أصابه ما أصابه قطع بعض لسانه، فأتاه رجل، فبال في أذنه، فإما قال لهم، وإما كتب لهم: انظروه، فإن كان من العرب فهو من هذيل. وإن كان من العجم فهو من بربر. قال: فنظروا فإذا هو بربري.