Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=133191&book=5547#fa6f11
ذو النون بْن إِبْرَاهِيمَ، أَبُو الفيض المعروف بالمصري :
أصله من النوبة. وَكَانَ من قرية من قرى صعيد مصر يقال لها إخميم، فنزل مصر.
وَكَانَ حكيما فصيحا زاهدا، وَجه إليه المتوكل على الله فحمل إلى حضرته بسرمن رأى، حَتَّى رآه وَسمع كلامه، ثُمَّ انحدر إِلَى بَغْدَاد، فأقام بها مديدة وَعاد إِلَى مصر.
وقيل إن اسمه ثوبان، وذو النون لقب له، وقد أسند عنه أحاديث غير ثابتة وَالحمل فيها على من دونه. وَحكى عنه من البغداديين: سَعِيد بْن عَيَّاشٍ الحناط، وأبو العبّاس ابن مسروق الطوسي.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ المحتسب حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي. قَالَ: ذو النون بْن إِبْرَاهِيمَ كنيته أَبُو الفيض، وَيقال إن اسمه الفيض بْن إِبْرَاهِيمَ وَذو النون لقب، وَيقال إن اسمه ثوبان.
أَخْبَرَنَا الأزهري أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن عُمَر الدَّارَقُطْنِيُّ. قَالَ: ذو النون بْن إِبْرَاهِيمَ المصري روي عنه عَنْ مَالِك أحاديث فِي أسانيدها نظر، وَكَانَ وَاعظا.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد الحيري أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السلمي قَالَ:
سألت عَلِيّ بْن عُمَر عَنْ ذي النون فَقَالَ: إذا صح السند إليه فأحاديثه مستقيمة وَهُوَ ثقة.
أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى قَالَ سمعت عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيّ يقول سمعت مُحَمَّد بْن دَاوُد الرَّقِّيّ يقول سمعت ابْن الجلا يقول: لقيت ستمائة شيخ ما لقيت فِيهِم مثل أربعة، أحدهم ذو النون.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِم عَبْد الْوَاحِدِ بْنُ محمد بن عثمان البجليّ أخبرنا جعفر ابن محمّد بن نصير الخلدي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مسروق قَالَ سمعت ذا النون المصري يقول: بينا أنا فِي بعض مسيري إذ لقيتني امرأة فقالت لي: من أين؟ قلت رجل غريب، فقالت لي: ويحك وهل يوجد مع الله إخوان الغربة، وَهُوَ مؤنس الغرباء، وَمعين الضعفاء، فبكيت، فقالت لي ما يبكيك؟ قلت وَقع الدواء على داء قد قرح فأسرع فِي نجاحه، قالت إن كنت صادقا فلم بكيت؟ قلت والصادق لا يبكى؟
قالت: لا، قلت: وَلم؟ قالت: لأن البكاء راحة القلب، وَملجأ يلجأ إليه، وَما كتم القلب شيئا أحق من الشهيق وَالزفير، فإذا أسبلت الدمعة استراح القلب، وَهذا ضعف عند الألباء يا بطال، فبقيت متعجبا من كلامها، فقالت: مَالِك؟ قلت: تعجبا من هذا الكلام، قالت: وَقد أنسيت القرحة الَّتِي سألت عنها؟ قلت: لا، قلت: علميني شيئا ينفعني اللَّه به، قالت: وَما أفادك الحكيم فِي مقامك هذا من الفوائد ما تستغني به عَنْ طلب الزوائد؟ قلت: لا، ما أنا مستغن عن طلب الزوائد، قالت: صدقت. أحب ربك وَاشتق إليه فإن له يوما يتجلى فيه على كرسي كرامته لأوليائه وَأحبائه فيذيقهم من محبته كأسا لا يظمئون بعدها أبدا، قَالَ: ثُمَّ أخذت فِي البكاء وَالزفير وَالشهيق وَهي تقول: سيدي إِلَى كم تخلفني فِي دار لا أجد فيها أحدا يسعدني على البكاء أيام حياتي؟ ثُمَّ تركتني وَمضت.
أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن عبد الله المعدل أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مسروق قَالَ: سمعت ذا النون المصري يقول:
اعلموا أن الَّذِي أقام الحياء من اللَّه، معرفته بإحسانه إليهم، وَعلمهم بتضييع ما افترض من شكره، فليس لشكره نهاية.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَليّ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مُحَمَّد بن أحمد بن فضالة النيسابوري- بالري- أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شاذان الرازي- بنيسابور- قَالَ: سمعت يوسف بْن الْحُسَيْن يقول: حضرت مَعَ ذي النون مجلس المتوكل، وَكَانَ المتوكل مولعا به يفضله على العباد وَالزهاد، فَقَالَ له المتوكل: يا أبا الفيض صف لنا أولياء اللَّه؟ فَقَالَ ذو النون: يا أمير المؤمنين هؤلاء قوم ألبسهم اللَّه النور الساطع من محبته وَجللهم بالبهاء من أردية كرامته، وَوضع على مفارقهم تيجان مسرته، وَنشر لهم المحبة فِي قلوب خليقته، ثُمَّ أخرجهم وَقد أودع القلوب ذخائر الغيوب، فهي معلقة بمواصلة المحبوب فقلوبهم إليه سائرة، وَأعينهم إِلَى عظيم جلاله ناظرة، ثُمَّ أجلسهم بعد أن أحسن إليهم على كراسي طلب المعرفة بالدواء، وَعرفهم منابت الأدواء، وَجعل تلاميذهم أَهْل الورع وَالتقى، وَضمن لهم الإجابة عند الدعاء، وَقَالَ: يا أوليائي إن أتاكم عليل من فرقي فداووه، أَوْ مريض من إرادتي فعالجوه، أَوْ مجروح بتركي إياه فلاطفوه، أَوْ فار مني فرغبوه، أَوْ آبق مني فخادعوه، أَوْ خائف مني فأمنوه، أَوْ راغب فِي مواصلتي فمنوه، أَوْ قاصد نحوي فأدوه، أَوْ جبان فِي متاجرتي فجرءوه، أَوْ آيس من
فضلي فعدوه، أَوْ راج لإحساني فبشروه، أَوْ حسن الظن بي فباسطوه، أَوْ محب لي فواصلوه، أَوْ معظم لقدري فعظموه، أَوْ مستوصف نحوي فارشدوه، أَوْ مسيء بعد إحساني فعاتبوه، أَوْ ناس لإحساني فذكروه، وَان استغاث بكم ملهوف فأغيثوه، وَمن وَصلكم فِي فواصلوه، فإن غاب عنكم فافتقدوه، وَإن ألزمكم جناية فاحتملوه، وَإن قصر فِي وَاجب حق فاتركوه، وَإن أخطأ خطيئة فانصحوه، وَإن مرض فعودوه، وَإن وَهبت لكم هبة فشاطروه وَإن رزقتكم فآثروه، يا أوليائي لكم عاتبت، وَلكم خاطبت، وَإياكم رغبت ومنكم الوفا طلبت، لأنكم بالأثرة آثرت وَانتخبت، وَإياكم استخدمت وَاصطنعت وَاختصصت. لا أريد استخدام الجبّارين. وَلا مطاوعة الشرهين.
جزائي لكم أفضل الجزاء، وَعطائي لكم أوفر العطاء، وَبذلي لكم أغلى البذل. وَفضلي عليكم أكبر الفضل. وَمعاملتي لكم أوفى المعاملة. وَمطالبتي لكم أشد المطالبة. أنا مفتش القلوب، أنا علام الغيوب. أنا ملاحظ اللحظ. أنا مراصد الهمم، أنا مشرف على الخواطر، أنا العالم بأطراف الجفون، لا يفزعكم صوت جبار دوني، وَلا مسلط سواي، فمن أرادكم قصمته، وَمن آذاكم آذيته، وَمن عاداكم عاديته، ومن والاكم وَاليته، وَمن أحسن إليكم أرضيته، أنتم أوليائي، وَأنتم أحبائي. أنتم لي وَأنا لكم.
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْخَرْجُوشِيُّ- لَفْظًا- قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْحَسَنُ بْن سعد المطوعي حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن بنان بْن عَبْد اللَّهِ المصري- بمصر- قَالَ سمعت أبا الفيض ذا النون بْن إِبْرَاهِيمَ المصري يقول: سألني جَعْفَر المتوكل أمير المؤمنين أن أكتب له دعاء يدعو به، وَأمر يَحْيَى بْن أكثم أن يكتبه له، فقلت له اكتب: رب أقمني فِي أَهْل وَلايتك، مقام رجاء الزيادة من محبتك، وَاجعلني وَلها بذكرك فِي ذكرك إِلَى ذكرك، وَفي روح بحابح أسمائك لاسمك، وهب إلي قدما أعادل بها بفضلك أقدام من لم يزل عَنْ طاعتك، وَأحقق بها ارتياحا فِي القرب منك، واحف بها جولا فِي الشغل بك، ما حييت، وَما بقيت، رب العالمين، إنك رءوف رحيم، اللهم بك أعوذ، وَألوذ وَأؤمل البلغة إِلَى طاعتك، وَالمثوى الصالح من مرضاتك، وَأنت وَلي قدير.
قَالَ ذو النون: فقال لي يَحْيَى بْن أكثم: هذا بس يا أبا الفيض؟ فقلت له هذا لهذا كثير إن أراد اللَّه به خيرا، قَالَ: ثُمَّ خرجت وَودعته.
حدّثنا عبد العزيز بن عليّ الورّاق حدّثنا عليّ بن عبد الله الهمذاني حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مقاتل الحريري- مذاكرة- قَالَ: لما وَافى ذو النون إِلَى بَغْدَاد، اجتمع إليه جماعة من الصوفية وَمعهم من يقول، فاستأذنوه أن يقول شيئا من عنده، فَقَالَ: نعم، فابتدأ القوال:
صغير هواك عذبني ... فكيف به إذا احتنكا
وَأنت جمعت من قلبي ... هوى قد كَانَ مشتركا
أما ترثي لمكتئب ... إذا ضحك الخلي بكى؟
فقام ذو النون قائما، ثُمَّ سقط على وجهه، ترى الدم يجري منه وَلا يسقط إلى الأرض منه شيء. ثُمَّ قام بعده رجل ممن كَانَ حاضرا فِي المجلس يتواجد، فَقَالَ له ذو النون: الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ
[الشعراء 218] فجلس الرجل.
أَخْبَرَنِي عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد الخطيب حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الحسين الهمذاني الفقيه.
قَالَ سمعتُ مُحَمَّد بْن أَبِي إِسْمَاعِيل العلوي يقول سمعت أَحْمَد بْن رجاء- بمكة- يقول سمعت ذا الكفل المصري- وَهُوَ أخو ذي النون- يقول: دخل غلام لذي النون إِلَى بَغْدَاد فسمع قوالا يقول: فصاح غلام ذي النون صيحة خر ميتا، فاتصل الخبر بذي النون، فدخل إِلَى بَغْدَاد فَقَالَ علي بالقوال، وَاسترد الأبيات، فصاح ذو النون صيحة فمات القوال، ثُمَّ خرج ذو النون وَهُوَ يقول النفس بالنفس والجروح قصاص.
أخبرنا الجوهريّ أخبرنا محمّد بن العبّاس. وأخبرنا الأزهري أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْقُرَشِيُّ قَالا: أَخبرنا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَد بْن جَعْفَرِ بْن المنادي قَالَ:
وَدخلها- يعني بَغْدَاد- أَبُو الفيض ذو النون النوبي المعروف بالمصري، حين أشخص إِلَى سر من رأى أيام المتوكل، ثُمَّ زار جماعة من إخوانه، فأقام بِبَغْدَادَ أياما يسيرة، ثُمَّ رجع إِلَى مصر.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْد الماليني- إجازة- أخبرنا الحسن بن رشيق المصري حدّثني جبلة ابن محمّد الصدفي حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّه بْن سَعِيد بْن كثير بْن عفير قَالَ: توفي ذو النون المصري سنة خمس وَأربعين وَمائتين.
وَقَالَ ابْن رشيق: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي مَالِك الإخميمي قَالَ:
سمعت أبا الْعَبَّاس حيان بْن أَحْمَد السهمي يقول: مات ذو النون بالجيزة، وَحمل فِي مركب حَتَّى عدي به إِلَى الفسطاط خوفا من زحمة الناس عند الجسر، وَدفن فِي مقابر
أَهْل المعافر، وَذلك فِي يوم الإثنين لليلتين خلتا من ذي القعدة من سنة ست وَأربعين وَمائتين، وَكَانَ وَالده يقال له: إِبْرَاهِيم مولى إسحاق بْن مُحَمَّد الأنصاري، وَكَانَ له أربعة بنين؛ ذو النون وَالهميسع، وَعبد الباري، وَذو الكفل، وَلم يكن أحد منهم على مثل طريقة ذي النون.