25972. المستمر بن الريان الايادي1 25973. المستملي أبو عمرو أحمد بن المبارك1 25974. المستملي إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد...1 25975. المستنجد بالله يوسف ابن المقتفي لأمر الله...1 25976. المستنصر أبو القاسم أحمد ابن الظاهر بأمر الله الهاشمي...1 25977. المستنصر بالله أبو جعفر منصور بن الظاهر بأمر الله العباسي...125978. المستنصر بالله الحكم بن عبد الرحمن الأموي...1 25979. المستنصر بالله معد بن الظاهر لإعزاز دين الله...1 25980. المستنير بن صعصعة1 25981. المستورد بن الأحنف1 25982. المستورد بن الأحنف الفهري1 25983. المستورد بن الاحنف2 25984. المستورد بن جيلان1 25985. المستورد بن شداد2 25986. المستورد بن شداد الفهري1 25987. المستورد بن شداد الفهري القرشي3 25988. المستورد بن شداد بن عمرو3 25989. المستورد بن شداد بن عمرو الفهري القرشي...1 25990. المستورد بن شداد بن عمرو بن الاحنف1 25991. المستورد بن منهال1 25992. المسجدي أبو القاسم سهل بن إبراهيم النيسابوري...1 25993. المسعود أقسيس بن محمد بن أبي بكر بن أيوب...1 25994. المسعودى1 25995. المسعودي1 25996. المسعودي أبو الحسن علي بن الحسين بن علي...1 25997. المسعودي أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن بن محمد...1 25998. المسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة...1 25999. المسلم بن أحمد بن الحسين1 26000. المسلم بن إبراهيم1 26001. المسلم بن الحسن بن عبد الله1 26002. المسلم بن الحسن بن هلال بن الحسن1 26003. المسلم بن الحسين بن الحسن1 26004. المسلم بن الخضر بن المسلم بن قسيم1 26005. المسلم بن عبد الواحد بن عمرو1 26006. المسلم بن عبد الواحد بن محمد بن عمرو1 26007. المسلم بن علي بن سويد1 26008. المسلم بن هبة الله بن مختار1 26009. المسندي أبو جعفر عبد الله بن محمد1 26010. المسوحي أبو علي الحسن بن علي البغدادي...1 26011. المسور1 26012. المسور ابو عبد الله1 26013. المسور بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف...1 26014. المسور بن رفاعة1 26015. المسور بن رفاعة القرظي1 26016. المسور بن رفاعة بن أبي مالك القرظي المدني...1 26017. المسور بن رفاعة بن ابي مالك القرظي1 26018. المسور بن مخرمة1 26019. المسور بن مخرمة الزهري1 26020. المسور بن مخرمة بن نوفل2 26021. المسور بن مخرمة بن نوفل أبو عبد الرحمن الزهري...1 26022. المسور بن مخرمة بن نوفل القرشي الزهري...1 26023. المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب الزهري...1 26024. المسور بن مخرمة بن نوفل بن اهيب1 26025. المسور بن مخرمة بن نوفل بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ابو عب...1 26026. المسور بن مخرمة بن نوفل بن وهيب2 26027. المسور بن مخزمة بن نوفل1 26028. المسور بن يزيد2 26029. المسور بن يزيد الاسدي1 26030. المسور بن يزيد الجذامي1 26031. المسور بن يزيد المالكي الاسدي2 26032. المسيب الاعرج2 26033. المسيب الثقفي1 26034. المسيب السلمي2 26035. المسيب بن ابي السائب1 26036. المسيب بن ابي السائب بن عائذ بن عبد الله...1 26037. المسيب بن ابي وهب1 26038. المسيب بن ابي وهب اسم ابي وهب حزن بن عمرو...1 26039. المسيب بن جحدر1 26040. المسيب بن حزن1 26041. المسيب بن حزن بن أبي وهب2 26042. المسيب بن حزن بن ابى وهب بن عمرو1 26043. المسيب بن حزن بن ابي وهب3 26044. المسيب بن حزن بن ابي وهب المخزومي1 26045. المسيب بن حزن بن ابي وهب بن عمرو1 26046. المسيب بن حزن والد سعيد بن المسيب1 26047. المسيب بن دارم3 26048. المسيب بن دارم ابو صالح1 26049. المسيب بن رافع2 26050. المسيب بن رافع أبو العلاء الأسدي1 26051. المسيب بن رافع ابو العلاء الكاهلي الاسدي...1 26052. المسيب بن رافع ابو العلاء الكاهلي الاسدي الكوفي...1 26053. المسيب بن رافع الأسدي أبو العلاء الكوفي...1 26054. المسيب بن رافع الاسدي1 26055. المسيب بن رافع الاسدي التغلبي الكاهلي...1 26056. المسيب بن رافع الاسدي الكاهلي1 26057. المسيب بن رافع الكاهلي الاسدي الكوفي...1 26058. المسيب بن رافع عمن1 26059. المسيب بن زهير بن عمرو ابو مسلم الضبي...1 26060. المسيب بن زهير بن مسلم ابو مسلم التاجر...1 26061. المسيب بن سلمان1 26062. المسيب بن سويد2 26063. المسيب بن شريك4 26064. المسيب بن شريك ابو سعيد التميمي1 26065. المسيب بن شريك ابو سعيد التميمي الشقري...1 26066. المسيب بن شريك ابو سعيد التميمي الشقري الكوفي...1 26067. المسيب بن شريك التميمي2 26068. المسيب بن عبد الكريم1 26069. المسيب بن عبد الله1 26070. المسيب بن عبد الملك الحشاش1 26071. المسيب بن عبد خير الهمداني1 Prev. 100
«
Previous

المستنصر بالله أبو جعفر منصور بن الظاهر بأمر الله العباسي

»
Next
المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ أَبُو جَعْفَرٍ مَنْصُوْرُ بنُ الظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ العَبَّاسِيُّ
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، أَبُو جَعْفَرٍ مَنْصُوْرُ ابْن الظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ مُحَمَّد ابْن النَّاصِرِ
لِدِيْنِ اللهِ أَحْمَد ابْن المُسْتَضِيْء بِأَمْرِ اللهِ حسن ابْن المُسْتَنْجِد بِاللهِ يُوْسُف ابْن المُقْتَفِي العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، وَاقفُ المُسْتَنْصِرِيَّة الَّتِي لاَ نَظِير لَهَا.مَوْلِدُه: سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأُمّه تُركيَّة، وَكَانَ أَبْيَضَ أَشقر، سَمِيناً، رَبْعَة، مَليح الصُّوْرَة، عَاقِلاً حَازِماً سَائِساً، ذَا رَأْيٍ وَدَهَاءٍ وَنُهُوْض بِأَعبَاءِ المُلْك، وَكَانَ جَدُّهُ النَّاصِرُ يُحِبُّه وَيُسمِّيه القَاضِي لِحُبِّه لِلْحقِّ وَعَقلِهِ.
وَبُوْيِعَ عِنْدَ مَوْتِ وَالِده يَوْمَ الجُمُعَةِ، ثَالِثَ عَشَرَ رَجَبٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ البَيْعَةَ الخَاصَّة مِنْ إِخْوَته وَبنِي عَمِّهِ وَأُسرتِه، وَبَايَعَهُ مِنَ الغَدِ الكُبَرَاء وَالعُلَمَاء وَالأُمَرَاء.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: فَنشرَ العَدْلَ، وَبثَّ المَعْرُوفَ، وَقَرَّبَ العُلَمَاء وَالصُّلَحَاء، وَبَنَى المَسَاجِد وَالمدَارس وَالرُّبط، وَدُورَ الضِّيَافَة وَالمَارستَانَات، وَأَجرَى العطيَات، وَقمعَ المُتمرِّدَةَ، وَحَمَلَ النَّاسَ عَلَى أَقوم سَنَنٍ، وَعَمَّرَ طُرُقَ الحَاجِّ، وَعَمَّرَ بِالحَرَمَيْنِ دُوراً لِلمَرْضَى، وَبَعَثَ إِلَيْهَا الأَدويَةَ:
تَخْشَى الإِلَهَ فَمَا تَنَامُ عِنَايَةً ... بِالمُسْلِمِيْنَ وَكُلُّهُم بِكَ نَائِمُإِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ قَامَ بِأَمر الجِهَاد أَحْسَن قيَامٍ، وَجَمَعَ العَسَاكِر، وَقمع الطغَام، وَبَذَلَ الأَمْوَالَ، وَحفظَ الثُّغُوْر، وَافتَتَح الحُصُون، وَأَطَاعَهُ المُلُوْك.
قَالَ: وَبيعت كُتب العِلْم فِي أَيَّامِهِ بِأَغلَى الأَثَمَان لِرَغبته فِيْهَا، وَلوَقفِهَا.
وَخَطَهُ الشَّيبُ، فَخَضَّب بِالحِنَّاءِ، ثُمَّ تَركه.
قُلْتُ: كَانَتْ دَوْلَتُه جيِّدَةَ التّمكن، وَفِيْهِ عدلٌ فِي الجُمْلَةِ، وَوَقْعٌ فِي النُّفُوْس.
اسْتَجَدَّ عَسْكَراً كَثِيْراً لَمَّا عَلِمَ بِظُهُوْرِ التَّتَارِ، بِحَيْثُ إِنَّهُ يُقَالَ: بَلغَ عِدَّةُ عَسْكَرِهِ مائَةَ أَلْفٍ، وَفِيْهِ بُعْدٌ، فَلَعَلَّ ذَلِكَ نَمَى فِي طَاعَتِهِ مِنْ مُلُوْكِ مِصْر وَالشَّام وَالجَزِيْرَة، وَكَانَ يُخْطَبُ لَهُ بِالأَندلسِ وَالبِلاَدِ البعيدةِ.
قَالَ السَّاعِي: حَضَرتُ بَيعَتَهُ، فَلَمَّا رُفِعَ السَّتر شَاهَدتُه وَقَدْ كَمَّل اللهُ صُوْرَتَه وَمَعْنَاهُ، كَانَ أَبْيَضَ بِحُمْرَةٍ، أَزَجَّ الحَاجِبَيْن، أَدعَجَ الْعين، سَهْلَ الخَدَّيْنِ، أَقْنَى، رَحْبَ الصَّدْرِ، عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبيَضُ وَبَقيَار أَبيض، وَطَرْحَةُ قَصَب بيضَاء، فَجَلَسَ إِلَى الظُّهْر.
قَالَ: فَبَلَغَنِي أَن عِدَّة الخِلَع بلغتْ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَ مائَةٍ وَسَبْعِيْنَ خِلْعَةًَ.
قُلْتُ: بلغَ مَغَلُّ وَقْفِ المُسْتَنْصِرِيَّة مَرَّةً نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَار فِي العَامِ، وَاتَّفَقَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي أَيَّامِهِ مَعَهُ سُلْطَانٌ يَحكمُ عَلَيْهِ، بَلْ مُلُوْك الأَطرَاف خَاضِعُوْنَ لَهُ، وَفِكْرُهُم مُتَقَسِّم بِأَمر التَّتَار وَاسْتيلاَئِهِم عَلَى خُرَاسَانَ.
تُوُفِّيَ : فِي بُكرَة الجُمُعَة، عَاشرَ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ: التقَى خُوَارِزْم شَاه التَّتَار بِبلاَد أَصْبَهَانَ فَهَزمَهُم وَمَزَّقَهُم، ثُمَّ تَنَاخَوْا وَكرُّوا عَلَيْهِ، فَانْفلَّ جَمعُه، وَبَقِيَ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَارِساً وَأُحِيْطَ بِهِ، فَخَرَقهُم عَلَى حَمِيَّة، فَكَانَتْ وَقْعَة مُنْكئَة لِلْفَرِيقَينِ، فَتَحَصَّنَ بِأَصْبَهَانَ.
وَقتلت الإِسْمَاعِيْلِيَّةُ أَمِيْرَ كنجَة، فَتَأَلَّمَ جَلاَلُ الدِّيْنِ، وَقَصدَ بِلاَدَ الإِسْمَاعِيْلِيَّةِ، فَقتَلَ وَسَبَى، ثُمَّ تَحَزَّبُوا لَهُ، وَسَارَ جَيْشُ الأَشْرَفِ مَعَ الحَاجِبِ عَلِيٍّ، فَافْتَتَحَ مِرَند وَخُوَي، وَرَدُّوا إِلَى خِلاَط، وَأَخَذُوا زَوْجَةَ خُوَارِزْم شَاه، وَهِيَ بِنْتُ السُّلْطَان طُغْرِل بن رسلاَن السَّلْجُوْقِيّ، وَكَانَ تَزَوَّجَ بِهَا بَعْد أزبك ابْن البَهْلَوَان صَاحِب تِبْرِيْز، فَأَهملهَا، فَكَاتَبَتِ الحَاجِبَ، وَسَلَّمت إِلَيْهِ البِلاَدَ.
وَمَرِضَ المُعَظَّم، فَتصدَّق بِأَلف غرَارَة وَثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِرْهَم، وَحَلَّفَ الأُمَرَاء لوَلَده النَّاصِر دَاوُد، وَمَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ.
وَفِيْهَا مَاتَ القَان جِنْكزخان المَغُلي، طَاغِيَةُ التَّتَار، فِي رَمَضَانَ، وَكَانَتْ أَيَّامُهُ المشؤومَةُ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: كَانَ أَوّلُ أَمره حَدَّاداً يُدعَى تَمرجين، وَتسلطن بَعْدَهُ ابْنه أوكتَاي.
وَعَاشَ المُعَظَّم تِسْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ يَعْرِفُ مَذْهَب أَبِي حَنِيْفَةَ
وَالقُرْآن وَالنَّحْو، وَشَرَحَ (الجَامِع) فِي عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ بِإِعَانَةِ غَيْرِهِ.وَفِي سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ : جَاءَ المَنْشُوْرُ مِنَ الكَامِلِ لابْنِ أَخِيْهِ النَّاصِرِ بِسَلطَنَةِ دِمَشْقَ، ثُمَّ بَعْدَ أَشْهُرٍ قَدِمَ الكَامِلَ لِيَأْخُذَ دِمَشْقَ، وَأَتَاهُ صَاحِبُ حِمْص وَالعَزِيْزُ أَخُوْهُ، فَاسْتنجدَ النَّاصِرُ بعَمِّهِ الأَشْرَفِ، فَسَارَ وَنَزَلَ بالدّهشَة، فَرَجَعَ الكَامِل، وَقَالَ: لاَ أُقَاتِل أَخِي.
فَقَالَ الأَشْرَفُ: المَصْلَحَةُ أَنْ أُدْركَ السُّلْطَانَ وَأُلاَطِفَهُ.
فَاجْتَمَعَ بِهِ بِالقُدْس، وَاتَّفَقَا عَلَى النَّاصِرِ وَأَنَّ تَكُوْنَ دِمَشْقُ لِلأَشْرَفِ، وَتبْقَى الكركُ لِلنَّاصِرِ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّاصِر، حَصَّن البَلَدَ.
وَفِيْهَا عُزِلَ الصَّدْرُ البَكْرِيُّ عَنْ حسْبَة دِمَشْق، وَمَشْيَخَةِ الشُّيُوْخ.
وَفِيْهَا جَرَى الكُوَيز السَّاعِي مِنْ وَاسِطَ إِلَى بَغْدَادَ فِي يَوْمٍ وَليلَةٍ، وَرُزِقَ قَبُولاً، وَحَصَلَ لَهُ سِتَّةُ آلاَفِ دِيْنَارٍ وَنَيِّفٌ وَعِشْرُوْنَ فَرساً.
وَشَرَعُوا فِي أَسَاسِ المُسْتَنْصِرِيَّة، وَدَامَ البِنَاءُ خَمْس سِنِيْنَ، وَكَانَ مشدّ العمَارَةِ أُسْتَاذ دَارِ الخَلِيْفَةِ.
وَكَانَتْ فَرقَةٌ مِنَ التَّتَار قَدْ أَبعدَهُم جَنْكِز خَان وَغَضِبَ عَلَيْهِم، فَأَتَوا خُرَاسَان، فَوَجَدُوهَا بلاَقع، فَقصدُوا الرَّيَّ، فَالتقَاهُم خُوَارِزْم شَاه مَرَّتين وَيَنهزِمُ، فَنَازلُوا أَصْبَهَان، ثُمَّ أَقْبَلَ خُوَارِزْم شَاه، وَخرق التَّتَار، وَدَخَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ وَأَهْلُهَا مِنْ أَشجعِ الرِّجَالِ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِم، فَهَزم التَّتَارَ وَطَحَنَهُم، وَسَاقَ خَلْفَهُم إِلَى الرَّيِّ قَتْلاً وَأَسْراً، ثُمَّ أَتَتْهُ رُسُلٌ مِنَ القَانِ بِأَنَّ هَؤُلاَءِ أَبعَدْنَاهُم، فَاطْمَأَنَّ لِذَلِكَ، وَعَادَ إِلَى تِبْرِيْز.
وَاستولَى الفِرَنْج عَلَى صَيْدَا، وَقَوِيَت نُفُوْسُهُم، وَجَاءهُم مَلِكُ الأَلمَانِ
الأَنبرُوْرُ وَقَدِ اسْتولَى عَلَى قُبرس، فَكَاتَبَهُ الكَامِلُ لِيعينه عَلَى النَّاصِرِ، وَخَافَتْهُ مُلُوْكُ السّوَاحلِ وَالمُسْلِمُوْنَ، فَكَاتَبَ مُلُوْكُ الفِرَنْجِ الكَامِلَ بِأَنَّهُم يُمْسِكُوْن الأَنبرُوْر، فَبَعَثَ وَأَوْقَفَهُ عَلَى عَزْمِهِم، فَعَرفَهَا لِلكَامِلِ، وَأَجَابَهُ إِلَى هَوَاهُ، وَتردَّدتِ المرَاسلاَت، وَخضعالأَنبرُوْر، وَقَالَ : أَنَا عَتِيْقُكَ، وَإِنْ أَنَا رَجَعت خَائِباً انْكَسَرت حُرمتِي، وَهَذِهِ القُدْس أَصلُ دِيْنِنَا وَهِيَ خرَابَةٌ، وَلاَ دَخَلَ لَهَا، فَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِقصبَةِ البَلَدِ وَأَنَا أَحْمِلُ مَحْصُوْلَهَا إِلَى خزَانَتِكَ، فَلاَنَ لِذَلِكَ.
وَفِي سَنَةِ 626: سلّم الكَامِل القُدْسَ إِلَى الفِرَنْجِ - فَواغوثَاهُ بِاللهِ - وَأَتبعَ ذَلِكَ بِحصَارِ دِمَشْقَ، وَأَذِيَّة الرَّعِيَّة، وَجَرَتْ بَيْنهُم وَقعَاتٌ، مِنْهَا وَقْعَةٌ قُتِلَ فِيْهَا خلق مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، وَأُحرقت الحوَاضرُ، وَزحفُوا عَلَى دِمَشْقَ مرَاراً، وَاشتدَّ الغلاَء، وَدَام البَلاَء أَشْهُراً، ثُمَّ قَنِعَ النَّاصِر بِالكَرَك وَنَابُلُس وَالغُوْر، وَسلّم الكَامِل دِمَشْق لِلأَشْرَف، وَعُوِّضَ عَنْهَا بِحَرَّانَ وَالرَّقَّة وَرَأْس عين، ثُمَّ حَاصرُوا الأَمْجَدَ بِبَعْلَبَكَّ، وَرَمَوْهَا بِالمَجَانِيْقِ، وَأُخِذَت، فَتحوَّلَ الأَمْجَدُ إِلَى دَارِهِ بِدِمَشْقَ.
وَنَازل خُوَارِزْم شَاه خِلاَطَ بِأَوبَاشه، وَبَدَّعَ، وَأَخَذَ حَيْنَةَ، وَقَتَلَ أَهْلَهَا، ثُمَّ أَخَذَ خِلاَطَ.
وَفِي سَنَةِ 627 : هَزمَ الأَشْرَفُ وَصَاحِبُ الرُّوْمِ جَلاَلَ الدِّيْنِ خُوَارِزْم شَاه، وَتَمَزَّقَ جَمْعُهُ، وَاسْتردَّ الأَشْرَفُ خِلاَط.وَقَدِمَ رَسُوْلُ مُحَمَّد بن هود الأَنْدَلُسِيّ بِأَنَّهُ تَمَلَّكَ أَكْثَر المَغْرِب، وَخَطَبَ بِهَا لِلمُسْتَنْصِر، فَكُتِبَ لَهُ تَقليدٌ بِسلطنَةِ تِلْكَ الدِّيَار، وَنفذت إِلَيْهِ الخِلَعُ وَاللِّوَاء.
وَبَعَثَ خُوَارِزْم شَاه يَطلُبُ مِنَ الخَلِيْفَةِ لِبَاسَ الفُتَوَّةِ، فَأُجِيبَ.
وَقَدْ أَخذتِ الْعَرَب مِنْ مُخَيَّم خُوَارِزْم شَاه يَوْمَ كَسْرَتِهِ باطيَةً مِنْ ذَهَبٍ وَزْنُهَا رُبُعُ قِنطَارٍ، وَالعجب أَنّ هَذِهِ المَلْحَمَة مَا قُتل فِيْهَا مِنْ عَسْكَر الشَّامِ سِوَى وَاحِد جُرِحَ، لَكِنْ قُتِلَ مِنَ الرُّوْمِيِّيْنَ أُلُوف، وَأَمَّا الخُوَارِزْمِيَّةِ فَاسْتَحَرَّ بِهِمُ القَتلُ، وَزَالت هَيْبَتُهُم مِنَ القُلُوْبِ، وَوَلَّتْ سَعَادَتُهُم، وَالوَقْعَةُ فِي رَمَضَانَ.
وَفِي سَنَةِ 628 : فِيْهَا خَرَجَ عَلَى ابْنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ، وَظَفِرَ بِالمُلْكِ، وَقتله، وَقتلَ مِنَ البَرْبَر خَلاَئِق.
وَفِي رَجَبٍ بَلَغَنَا كسرَة التَّتَار لِخُوَارِزْم شَاه، وَتَفرَّق جَمْعُهُ، وَذَاقَ
الذُّلّ؛ وَذَاكَ أَن خُوَارِزْم شَاه لَمَّا انْهَزَم فِي العَامِ المَاضِي، بعثَت الإِسْمَاعِيْلِيَّة تُعَرِّف التَّتَار ضَعْفه، فَسَارعت طَائِفَةٌ تَقصدهُ بتورِيز فَلَمْ يَقدم عَلَى الملتقَى، وَأَخَذُوا مَرَاغَة وَعَاثُوا، وَتَقَهْقَرَ هُوَ إِلَى آمد فَكبَسَته التَّتَار، وَتَفرَّقَ جَمْعُهُ فِي كُلِّ جهَة، وَطَمِعَ فِيهِم الفَلاَّحُوْنَ وَالكُرْد، وَأَخَذت التَّتَار إِسعَرد بِالأَمَان، ثُمَّ غَدَرُوا كَعوَائِدِهِم، ثُمَّ طَنْزَة وَبلاَد نَصِيْبِيْن.وَفِيْهَا سَجَنَ الأَشْرَفُ بِعَزَّتَا عَلِيّاً الحَرِيْرِيَّ، وَأَفتَى جَمَاعَةٌ بِقَتْلِهِ.
وَأُسِّسَتْ دَارُ الحَدِيْثِ الأَشْرفِيَّةِ بِدِمَشْقَ.
وَفِيْهَا ظُفِرَ بِالتَاجِ الكَحَّالِ، وَقَدْ قَتَلَ جَمَاعَةً ختلاً فِي بَيْتِهِ، فَفَاح الدَّرب، فَسَمَّرُوهُ.
وَفِي سَنَةِ 629 : انْهَزَمَ جَلاَلُ الدِّيْنِ خُوَارِزْم شَاه ابْن عَلاَء الدِّيْنِ فِي جِبَالٍ، فَقَتَلَهُ كُرْدِيٌّ بِأَخٍ لَهُ.
وَقصدتْ عَسَاكِرُ الخَلِيْفَةِ مَعَ صَاحِبِ إِرْبِل التَّتَارَ، فَهَرَبُوا.
وَأُمسك الوَزِيْر مُؤَيَّد الدِّيْنِ القُمِّيّ وَابْنه، وَكَانَتْ دَوْلَته ثَلاَثاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً باسم نِيَابَة الوزَارَة، لَكِن لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَزِيْر، فَولِّيَ مَكَانه شَمْس الدِّيْنِ ابْن النَّاقِد، وَجُعِلَ مَكَان ابْن النَّاقِد فِي الأُسْتَاذ دَارِيَّةِ ابْنُ العَلْقَمِيّ.
وَفِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ : حَاصرَ الكَامِلُ آمد، فَأَخَذَهَا مِنَ الْملك المَسْعُوْد
الأَتَابَكِي، وَكَانَ فَاسِقاً يَأْخذ بنَاتِ النَّاسِ قَهْراً.وَفِيْهَا عَاثَ الرُّومِيُّونَ بِحَرَّانَ وَمَارْدِيْنَ، وَفَعَلُوا شَرّاً مِنَ التَّتَار وَبَدَّعُوا.
وَمَاتَ مُظَفَّر الدِّيْنِ صَاحِب إِرْبِل، فَوُلِّيهَا بَاتكينُ نَائِب البَصْرَة.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ : سَارَ الكَامِلُ لِيفتحَ الرُّوْم، فَالتَقَى صوَاب مُقَدَّم طلاَئِعه وَعَسْكَر الرُّوْم، فَأُسِرَ صوَاب، وَتَمَزَّقَ جندُهُ، وَرجعَ الكَامِل.
وَأُديرت المُسْتَنْصِرِيَّة بِبَغْدَادَ، وَلاَ نَظيرَ لَهَا فِي الحُسْنِ وَالسَّعَة، وَكَثْرَةِ الأَوقَافِ، بِهَا مائَتَانِ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ فَقِيْهاً، وَأَرْبَعَةُ مُدَّرِسِيْنَ، وَشَيْخٌ لِلْحَدِيْثِ، وَشَيْخٌ لِلطِبِّ، وَشَيْخٌ لِلنَّحْوِ، وَشَيْخٌ لِلْفَرَائِضِ، وَإِذَا أَقْبَلَ وَقْفُهَا، غَلَّ أَزيدَ مِنْ سَبْعِيْنَ أَلْفَ مِثْقَالٍ، وَلَعَلَّ قِيمَةَ مَا وَقَفَ عَلَيْهَا يُسَاوِي أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ.
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ : عُمِلَ جَامِع العُقَيْبَةِ، وَكَانَ حَانَةً.
وَقَدِمَت هديَة مَلِك اليَمَن عُمَر بن رَسُوْل التُّرُكْمَانِيّ، فَالمُلك فِي نَسْلِهِ إِلَى اليَوْمِ.
وَفِيْهَا تُرِكَتِ المُعَامِلَة بِبَغْدَادَ بِقرَاضَة الذَّهبِ، وَضُرِبَت لَهُم دَرَاهِمُ، كُلّ عَشْرَة مِنْهَا بدِيْنَارٍ إِمَامِيٍّ.وَعَاثتِ التَّتَار بِأَرْضِ إِرْبِل وَالمَوْصِل، وَقَتلُوا، وَأَخَذُوا أَصْبَهَان بِالسَّيْف - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ - فَاهتمَّ الخَلِيْفَةُ، وَبَذَلَ الأَمْوَال.
وَعُزِلَ ابْنُ مقبلٍ عَنْ قَضَاء العِرَاق وَتَدرِيس المُسْتَنْصِرِيَّة، وَدَرَّس أَبُو المَنَاقِب الزَّنْجَانِيّ، وَقضَى عَبْد الرَّحْمَنِ ابْن اللَّمَغَانِيّ.
وَفِيْهَا سَارَ الكَامِل وَالأَشْرَف وَاسْتعَادُوا حَرَّان وَالرُّهَا مِنْ صَاحِب الرُّوْم.
وَوصلت التَّتَار إِلَى سِنْجَار قَتْلاً وَأَسْراً وَسَبْياً.
ثُمَّ فِي آخِرِ العَامِ حَشَدَ صَاحِبُ الرُّوْم، وَحَاصَرَ حَرَّان، وَتعثَّر أَهْلُهَا.
وَاستبَاحت الفِرَنْج قُرْطُبَة بِالسَّيْف، وَهِيَ أُمُّ الأَنْدَلُس، مَا زَالت دَار إِسْلاَم مُنْذُ افْتَتَحَهَا المُسْلِمُوْنَ فِي دَوْلَةِ الوَلِيْدِ.
وَفِي سَنَةِ 634 : مَاتَ صَاحِبُ حَلَبَ الملكُ العَزِيْزُ ابْنُ الظَّاهِرِ ابْن صَلاَح الدِّيْنِ، وَصَاحِبُ الرُّوْمِ عَلاَءُ الدِّيْنِ كيقبَاد، وَأَخَذتِ التَّتَارُ إِرْبِلَ بِالسَّيْفِ.
وَفِي سَنَةِ 635 : مَاتَ بِدِمَشْقَ السُّلْطَان الْملك الأَشْرَف، وَتَمَلَّكَهَا بَعْدَهُ أَخُوْهُ الكَامِل، فَمَاتَ بَعْدَهُ بِهَا، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنِ اقْتتلَ بِهَا الكَامِل وَأَخُوْهُ الصَّالِح عِمَاد الدِّيْنِ عَلَى المُلْك، وَتعبت الرَّعِيَّة.
وَبعده تَمَلَّكَهَا الجَوَاد، ثُمَّ ضَعُفَتْ هِمَّتُهُ، وَأَعْطَاهَا لِلملك الصَّالِح نَجْم الدِّيْنِ أَيُّوْب ابْن الكَامِل، وَتسلطنَ
بِمِصْرَ العَادلُ أَبُو بَكْرٍ ابْن الكَامِل، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ طَوِيْلَة، آخرهَا أَنَّ الصَّالِح تَمَلَّكَ الدِّيَار المِصْرِيَّة، وَاعْتَقَلَ أَخَاهُ، وَغلبَ عَلَى دِمَشْقَ عَمُّه الصَّالِح، فَتحَاربا عَلَى المُلْك مُدَّة طَوِيْلَةً، ثُمَّ اسْتَقرَّت مِصْرُ وَالشَّامُ لِنَجمِ الدِّيْنِ أَيُّوْب.وَفِي سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ : أَخذت الفِرَنْجُ بَلَنْسِيَةَ وَغَيْرهَا مِنْ جَزِيْرَة الأَنْدَلُس.
وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ : هَجَمَ الصَّالِحُ عِمَاد الدِّيْنِ دِمَشْقَ، وَتَمَلَّكَهَا، وَأَخَذَ القَلْعَةَ بِالأَمَانِ، وَنَكثَ، فَحبسَ المُغِيْث عُمَر ابْن الصَّالِح، وَتَفَلَّلَ الأُمَرَاء عَنِ الصَّالِح نَجْم الدِّيْنِ، وَجَاؤُوا وَحلفُوا لعَمِّه، وَبَقِيَ هُوَ فِي مَمَالِيكِه بِالغُوْرِ، ثُمَّ أَخَذَه ابْن عَمِّهِ النَّاصِر صَاحِب الكَرَك، وَاعْتَقَلَهُ مُكَرَّماً، ثُمَّ أَخَذَه وَمَضَى بِهِ إِلَى مِصْرَ، فَتَمَلَّكَ، فَكَانَ يَقُوْلُ:
خلفنِي النَّاصِر عَلَى أَشيَاء يَعْجِزُ عَنْهَا كُلّ أَحَد، وَهِيَ أَنْ آخذ لَهُ دِمَشْق وَحِمْص وَحَمَاةُ وَحَلَبَ أَوِ الجَزِيْرَة وَالمَوْصِل وَدِيَار بَكْرٍ وَنِصْف ديَار مِصْر، وَأَنْ أُعْطيه نِصْف مَا فِي الخَزَائِنِ بِمِصْرَ، فَحلفت لَهُ مِنْ تَحْتَ قَهره.
وَوَلِيَ خطَابة دِمَشْق بَعْد الدَّوْلَعِيِّ الشَّيْخُ عِزّ الدِّيْنِ ابْن عَبْدِ السَّلاَمِ، فَأَزَال العَلَمَين المُذَهَّبَيْنِ، وَأَقَامَ عوضهَا سُوداً بِكِتَابَة بَيضَاءَ، وَلَمْ يُؤذِّن قُدَّامه سِوَى وَاحِد، وَأَمرَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبَاءَ أَنْ يَخطبُوا لِصَاحِب الرُّوْم مَعَهُ.
وَفِي العِيْد خلعَ المُسْتَنْصِر عَلَى أَربَاب دَوْلَته؛ قَالَ ابْنُ السَّاعِي: حُزِرت الخِلَع بِثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
وَفِي سَنَةِ 638: فِيْهَا سَلَّم الصَّالِحُ إِسْمَاعِيْلُ قَلْعَةَ الشَّقِيْف إِلَى الفِرَنْج لِيُنجِدُوْهُ عَلَى المِصْرِيّين، فَأَنْكَر عَلَيْهِ ابْنُ الحَاجِب وَابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، فَسَجَنَهُمَا مُدَّة.قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ : قَدِمَ رَسُوْل التَّتَار إِلَى شِهَاب الدِّيْنِ غَازِي ابْن العَادل، وَإِلَى المُلُوْكِ عنوَان الكِتَاب:
مِنْ نَائِبِ رَبِّ السَّمَاءِ مَاسِحِ وَجهِ الأَرْضِ مَلِكِ الشَّرْق وَالغرب يَأْمر مُلُوْكَ الإِسْلاَم بِالدُّخُوْل فِي طَاعَةِ القَانِ الأَعْظَمِ.
وَقَالَ الرَّسُولُ لِغَازِي: قَدْ جَعَلك سلحدَاره، وَأَمَرَكَ أَنْ تُخَرِّبَ أَسوارَ بِلاَدِكِ.
وَفِيْهَا كَسَرَ النَّاصِر دَاوُد الفِرَنْجَ بِغَزَّةَ.
وَأُخِذَ الرَّكْبُ الشَّامِيُّ بِقُرْبِ تَيمَاءَ.
وَالتَقَى صَاحِب حِمْصَ وَمَعَهُ عَسْكَر حَلَب الخُوَارِزْمِيَّةَ، فَكَسَرهُم بِأَرْضِ حَرَّان، وَأَخَذَ حَرَّان، وَأَخَذَ صَاحِبُ الرُّوْمِ آمد بَعْدَ حِصَار طَوِيْل، وَكَانَتِ التَّتَارُ تعيثُ فِي البِلاَد قَتْلاً وَسَبياً، وَقَلَّتِ الخُوَارِزْمِيَّة، فَكَانُوا بِالجَزِيْرَةِ يَعيثُونَ.
وَفِي سَنَةِ 639 : دَخَلتِ التَّتَار مَعَ بايجونَوِينَ بِلاَد الرُّوْم، وَعَاثُوا وَنَهبُوا القُرَى، فَهَرَبَ مِنْهُم صَاحِبُهَا.
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ : التقَى صَاحِبُ مَيَّارفَارقين غَازِي وَالحَلَبِيُّوْنَ، فَظَهَرَ الحَلَبِيُّوْنَ، وَاسْتَحَرَّ القَتْل بِالخُوَارِزْمِيَّةِ، وَنُهِبَتْ نَصِيْبِيْن وَغَيْرُهَا، وَاسْتَوْلَى غَازِي عَلَى مدينَة خِلاَطَ.وَفِي المُحَرَّم: أَخذتِ التَّتَار أَرْزنَ الرُّوْمِ، وَاسْتَبَاحُوهَا، وَعَنْ رَجُلٍ
قَالَ: نُهِبت نَصِيْبِيْنُ فِي هَذِهِ السّنَة سَبْعَ عَشْرَةَ مرَّةً مِنَ الموَاصِلَة وَالمَاردَانِيين وَالفَارِقِيِّيْنَ، وَلَوْلاَ بَسَاتِينُهَا لَجَلاَ أَهْلُهَا.
وَكَانَ لِلمُسْتَنْصِرِ مَنْظَرَةٌ يَجْلِسُ فِيْهَا يَسْمَعُ دُروسَ المُسْتَنْصِرِيَّة، وَاسْتخدمَ جَيْشاً عَظِيْماً، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُم بَلَغُوا أَزْيَدَ مِنْ مائَة أَلْف، وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ وَإِقْدَامٍ، وَكَانَ أَخُوْهُ الخَفَاجِيّ مِنَ الأَبْطَال يَقُوْلُ: إِنْ وَليتُ، لأَعبُرنَّ بِالجَيْش جَيْحُونَ، وَأَسْترد البِلاَد، وَاسْتَأْصل التَّتَار.
فَلَمَّا مَاتَ المُسْتَنْصِر، زَوَاهُ عَنِ الخِلاَفَةِ الدُّوَيْدَار وَالشَّرَابِيّ خَوْفاً مِنْ بَأْسِه.
أَنْبَأَنِي ابْن البُزُوْرِيّ: أَنَّ المُسْتَنْصِر تُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، بُكرَة عَاشرِ جُمَادَى الآخِرَةِ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ : جُمَادَى الأُوْلَى، فَوَهِمَ.
عَاشَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ سَنَةً وَأَشْهُراً، وَخُطِبَ يَوْمَ مَوْتِهِ لَهُ، كتمُوا ذَلِكَ، فَأَتَى إِقبال الشَّرَابِيّ وَالخدم إِلَى وَلَدِه المُسْتَعْصِمِ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ المُؤْمِنِيْنَ، وَأَقعدُوْهُ فِي سُدَّة الخِلاَفَةِ، وَأُعْلِمَ الوَزِيْر وَأُسْتَاذ الدَّار فِي اللَّيْلِ، فَبَايَعَاهُ.
وَلِلنَّاصِر دَاوُدَ يَرْثِي المُسْتَنْصِرَ:أَيَا رَنَّة النَّاعِي عَبَثْتِ بِمَسْمِعَي ... وَأَجَّجْتِ نَارَ الحُزْنِ مَا بَيْنَ أَضْلُعِي وَأَخْرَسْتِ مِنِّي مِقولاً ذَا بَرَاعَةٍ ... يَصُوغُ أَفَانِيْنَ القَرِيضِ المُوشَّعِ
نَعَيْتِ إِلَيَّ البَأْسَ وَالجُودَ وَالحِجَى ... فَأَوْقَفتِ آمَالِي وَأَجرَيتِ أَدمُعِي
وَقَالَ صَفِيُّ الدِّيْنِ ابْنُ جَمِيْلٍ:
عَزّ العَزَاءُ وَأَعْوَزَ الإِلْمَامُ ... وَاسْترجَعَتْ مَا أَعْطَتِ الأَيَّامُ
فَدَعِ العُيُونَ تَسُحُّ يَوْمَ فِرَاقِهِم ... عِوَضَ الدُّمُوعِ دَماً فَلَيْسَ تُلاَمُ
بَانُوا فَلاَ قَلْبِي يَقِرُّ قَرَارُهُ ... أَسفاً وَلاَ جفنِي القَرِيحُ يَنَامُ
فَعَلَى الَّذِيْنَ فَقَدتُهُم وَعَدِمْتُهُم ... مِنِّي تَحِيَّةُ مَوْجَعٍ وَسَلاَمُ
وَكَانَتْ دَوْلَتُه سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ وَسَامَحَه -.