الْحَسَن بن زيد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي طالب، أَبُو مُحَمَّد الهاشمي المديني :
حدث عَنْ أَبِيه، وعن عكرمة مولى ابن عباس، وعَبْدِ اللَّهِ بْن أَبِي بَكْرِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عمرو بن حزم. روى عنه مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسار، ومالك بن أنس، وابن أَبِي ذئب، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي الزناد، وغيرهم.
وكان أحد الأجواد، وولاه أَبُو جَعْفَر المنصور المدينة خمس سنين، ثم غضب عليه فعزله، واستصفى كل شيء لَهُ، وحبسه ببغداد، فلم يزل محبوسا حتى مات المنصور وولي المهدي، فأخرجه من محبسه، ورد عليه كل شيء ذهب لَهُ، ولم يزل معه .
وذكر مُحَمَّد بن خلف وكيع أن الْحَسَن بن زيد مات ببغداد، ودفن فِي مقابر
الخيزران. وذلك خطأ إنما مات بالحاجر وهو يريد الحج، وكان فِي صحبة المهدي، ودفن هناك .
أخبرنا الحسن بن أبي بكر أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَلَوِيُّ حَدَّثَنَا جدي قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيّ بن إِبْرَاهِيم بن الْحَسَن قَالَ: حَدَّثَنِي عمي عُبَيْد اللَّهِ بن حسن وعَبْد اللَّهِ بْن الْعَبَّاس. قَالا: كان أول ما عرف به شرف الْحَسَن بن زيد: أن أباه توفي وهو غلام حدث، وترك دينا على أهله أربعة آلاف دينار، فحلف الْحَسَن بن زيد ألا يظل رأسه سقف بيت إلا سقف مسجد أو سقف بيت رجل يكلمه فِي حاجة حتى يقضي دين أَبِيه، فلم يظل رأسه سقف بيت حتى قضى دين أَبِيه !.
وَقَالَ جدي: قَالَ أَبُو يَعْقُوب حَدَّثَنَا أَبُو عمران النحوي عَنِ الضحاك بن المنذر.
قَالَ: لزم المنذر بن عبد الله الحرامى دين، فخرج إِلَى الْحَسَن بن زيد فقعد عَلَى طريقه إِلَى ضيعته وَقَالَ: أيها الأمير اسمع مني شيئا قلته. قَالَ الْحَسَن: الحق يا أبا عُثْمَان نسمع منك عَلَى مهل، فأنا عجلان، فكسر ذلك المنذر بن عَبْد اللَّهِ حتى هم أن يرجع، ثم ذكر كلا وعيالا، فتحامل حتى أتاه، فرفعه معه عَلَى فرشه، وبسطه بالحديث، وحضر الغداء فجعل يناوله بيده ثم قَالَ لَهُ: أسمعنا ما قُلْتُ يا أبا عُثْمَان. فأنشده:
يا ابن بنت النَّبِيّ وابن عَلِيّ ... أنت أنت المجير من ذا الزمان
من زمان ألح ليس بناج ... منه من لم يجيره الخافقان
من ديون تنوبنا فادحات ... بيد الشيخ من بنى ثوبان
فجزاه خيرا ودعا بقرطاس فكتب صكا كأذن الفأرة وختم عليه وناوله إياه إِلَى ابن ثوبان. فخرج به لا يظن به خيرا حتى دفعه، فقرأه ابن ثوبان وَقَالَ: سألني الأمير أن أنظر بمالي إِلَى ميسرتك، وقد فعلت، وأمر لك بمائة دينار وهذه هي.
ذكر إِسْمَاعِيل بن الْحَسَن بن زيد أن هذه القصة لمصعب بن ثابت الزبيري لا للمنذر ابن عَبْد اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رزق أخبرنا أحمد بن سلمان النجاد حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا حَدَّثَنِي عُمَر بن أَبِي معاذ قَالَ حَدَّثَنِي محمّد بن يحيى بن علي الكتاني أخبرني إِسْمَاعِيل بن حسن بن زيد. قَالَ: كان أبي يغلس بصلاة الفجر، فأتاه
مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير وابنه عَبْد اللَّهِ بْن مصعب يوما حين انصرف من صلاة الغداة وهو يريد الركوب إِلَى ماله بالغابة، فَقَالَ: اسمع مني شعرا، قَالَ: ليست هذه ساعة ذلك، أهذه ساعة شعر؟! قَالَ: أسألك بقرابتك مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا سمعته، قال: فأنشده لنفسه:
يا ابن بنت النَّبِيّ وابن عَلِيّ ... أنت أنت المجير من ذا الزمان
من زمان ألح ليس بناج ... منه من لم يجرهم الخافقان
من ديون حفزننا معضلات ... من يد الشيخ من بني ثوبان
فِي صكاك مكتبات علينا ... بمئين إذا عددن ثمان
بأبي أنت إن أخذن وأمي ... ضاق عيش النسوان والصبيان
قَالَ فأرسل إِلَى ابن ثوبان فسأله فَقَالَ: على الشّيخ سبعمائة وعلي ابنه مائة، فقضى عنهما وأعطاهما مائتي دينار سوى ذلك.
أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ الأزهري حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الْكَاتِبُ حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباري حدّثني أبي حَدَّثَنَا أَبُو عكرمة الضبي قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان بن أَبِي شيخ قَالَ راوية ابن هرمة: بعث إلي ابن هرمة فِي وقت الهاجرة: صر إلي فصرت إليه. فقال: اكثر حمارين إِلَى أربعة أميال من المدينة، أين شئنا، فقلت: هذا وقت الهاجرة، وأرض المدينة سبخة، فأمهل حتى تبرد، فَقَالَ لا، لأن لابن جبر الحناط عَلِيّ مائة دينار. قد منعتني القائلة وضيقت عَلَى عيالي، فاكتريت حمارين، فركبنا فمضيت معه حتى انتهينا إِلَى الحمراء قصر الْحَسَن بن زيد، فصادفناه يصلي العصر، فأقبل عَلَى ابن هرمة فَقَالَ: ما جاء بك فِي هذا الوقت والحر شديد؟ فَقَالَ: لابن جبر الحناط عَلِيّ مائة دينار قد منعتني القائلة، وضيقت عَلَى عيالي، وقد قُلْتُ شعرا فاسمعه. فَقَالَ:
قل! فأنشأ يَقُولُ:
أما بنو هاشم حولي فقد رفضوا ... نبلي الصياب التي جمعت فِي قرن
فما بيثرب منهم من أعاتبه ... إلا عوائد أرجوهن من حسن
اللَّه أعطاك فضلا من عطيته ... عَلَى هن وهن فيما مضى وهن
فَقَالَ: يا غلام افتح باب تمرنا فبع منه بمائة دينار، وأحضر ابن جبر الحناط وليكن معه ذكر دينه وماله عَلَى ابن هرمة، فحضر فأخذ منه ذكر دينه فدفعه إلى ابن هرمة،
وسلم إِلَى ابن جبر مائة دينار، وَقَالَ: يا غلام بع بمائة دينار أخرى وادفعها إِلَى ابن هرمة يستعين بها عَلَى حاله، فَقَالَ لَهُ ابن هرمة: يا سيدي مر لي بحمل ثلاثين حمارا تمرا لعيالي، قَالَ: يا غلام افعل ذلك، فانصرفنا من عنده، فَقَالَ لي: ويحك أرأيت نفسا أكرم من هذه النفس، أو راحة أندى من هذه الراحة. فإنا لنسير عَلَى السيالة إذا غامز قد غمز ابن هرمة، فالتفت إليه فإذا هو عَبْد اللَّهِ بْن حسن بن حسن، فَقَالَ: يا دعي الأدعياء أتفضل عَلِيّ وعلى أَبِي الْحَسَن بن زيد؟ فَقَالَ: والله ما فعلت هذا!.
أخبرنا عَلِيّ بن الْحُسَيْن- صاحب العبّاسى- أخبرنا علي بن الحسن الرازي أخبرنا أبو علي الكوكبي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بن حمزة العلوي حَدَّثَنِي ابن أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كنت ببغداد عند باب الذهب. قَالَ: فقيل: الْحَسَن بن زيد يخرج من السجن ينازع محمّد بن عبد العزيز، وكان عَلَى قضاء مدينة أَبِي جَعْفَر: الجمحي، فأمر أن ينظر بينهما، أمره أمير المؤمنين بذلك. قَالَ: فجاء الْحَسَن بن زيد، وجاء مُحَمَّد بن عبد العزيز فجلس إِلَى جانبه فِي مجلس الحكم، فأقبل الْحَسَن بن زيد على ابن المولى فقال: تعالى فاجلس بيني وبين هذا الرجس، وكره أن يلتزق به.
فأقبل أخ لمحمد بن عبد العزيز- يقال لَهُ سندلة- عَلَى الْحَسَن بن زيد فَقَالَ: إيها يا ابن أم رقوق وباسور المراق، يا ابن عم من يزعم أن فِي السماء إلها وفي الأرض إلها، ولاك أمير المؤمنين فكفرت نعمته وأردت الخروج عليه، يا معشر الملأ هل ترون وجه خليفة؟ قَالَ: فأقبل عليه الْحَسَن بن زيد فَقَالَ: مثلي ومثلك كما قَالَ الشاعر:
وليس بنصف أن أسب مجاشعا ... بآبائي الشم الكرام الخضارم
ولكن نصفا لو سببت وسبني ... بنو عبد شمس من مناف وهاشم
قَالَ: فتركهم الجمحي ساعة يتنازعون، ثم إن الجمحي أقبل عليهم فَقَالَ: دعونا منكم، هات يا ابن عبد العزيز ما تقول؟ قَالَ: أصلح اللَّه الْقَاضِي، جلدني مائة، وشقق قضاياي، وعلقها فِي عنقي، وأقامني عَلَى البلس، فقال: ما تقول يا حسن؟ قَالَ أمرني أمير المؤمنين بذلك. قَالَ: حجتك؟ فأخرج كتابا من كمه وَقَالَ هذا حجتي.
قَالَ هاته. قَالَ: ما كنت لأدفع حجتي إِلَى غيري، ولكن إن أردت أن تنسخه فانسخه، ثم أعاده إلى كمه.
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدّل أخبرنا الْحُسَيْنُ بْنُ صفوان البردعي قَالَ:
حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن أبي الدنيا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سعد قَالَ: حسن بن زيد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي طالب، ويكنى أبا مُحَمَّد، مات بالحاجر وهو يريد مكة من العراق فِي السنة التي رجع فيها المهدي، سنة ثمان وستين ومائة.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أَبِي بَكْر قَالَ: كتب إلينا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الجوري من شيراز يذكر أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن يونس الضبي قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حسان الزيادي قَالَ: سنة ثمان وستين ومائة فيها مات الْحَسَن بن زيد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أبي طالب، ويكنى أبا مُحَمَّد بالحاجر، عَلَى خمسة أميال من المدينة. وهو ابن خمس وثمانين، وصلى عليه عَلِيّ بن المهدي .
حدث عَنْ أَبِيه، وعن عكرمة مولى ابن عباس، وعَبْدِ اللَّهِ بْن أَبِي بَكْرِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عمرو بن حزم. روى عنه مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسار، ومالك بن أنس، وابن أَبِي ذئب، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي الزناد، وغيرهم.
وكان أحد الأجواد، وولاه أَبُو جَعْفَر المنصور المدينة خمس سنين، ثم غضب عليه فعزله، واستصفى كل شيء لَهُ، وحبسه ببغداد، فلم يزل محبوسا حتى مات المنصور وولي المهدي، فأخرجه من محبسه، ورد عليه كل شيء ذهب لَهُ، ولم يزل معه .
وذكر مُحَمَّد بن خلف وكيع أن الْحَسَن بن زيد مات ببغداد، ودفن فِي مقابر
الخيزران. وذلك خطأ إنما مات بالحاجر وهو يريد الحج، وكان فِي صحبة المهدي، ودفن هناك .
أخبرنا الحسن بن أبي بكر أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَلَوِيُّ حَدَّثَنَا جدي قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيّ بن إِبْرَاهِيم بن الْحَسَن قَالَ: حَدَّثَنِي عمي عُبَيْد اللَّهِ بن حسن وعَبْد اللَّهِ بْن الْعَبَّاس. قَالا: كان أول ما عرف به شرف الْحَسَن بن زيد: أن أباه توفي وهو غلام حدث، وترك دينا على أهله أربعة آلاف دينار، فحلف الْحَسَن بن زيد ألا يظل رأسه سقف بيت إلا سقف مسجد أو سقف بيت رجل يكلمه فِي حاجة حتى يقضي دين أَبِيه، فلم يظل رأسه سقف بيت حتى قضى دين أَبِيه !.
وَقَالَ جدي: قَالَ أَبُو يَعْقُوب حَدَّثَنَا أَبُو عمران النحوي عَنِ الضحاك بن المنذر.
قَالَ: لزم المنذر بن عبد الله الحرامى دين، فخرج إِلَى الْحَسَن بن زيد فقعد عَلَى طريقه إِلَى ضيعته وَقَالَ: أيها الأمير اسمع مني شيئا قلته. قَالَ الْحَسَن: الحق يا أبا عُثْمَان نسمع منك عَلَى مهل، فأنا عجلان، فكسر ذلك المنذر بن عَبْد اللَّهِ حتى هم أن يرجع، ثم ذكر كلا وعيالا، فتحامل حتى أتاه، فرفعه معه عَلَى فرشه، وبسطه بالحديث، وحضر الغداء فجعل يناوله بيده ثم قَالَ لَهُ: أسمعنا ما قُلْتُ يا أبا عُثْمَان. فأنشده:
يا ابن بنت النَّبِيّ وابن عَلِيّ ... أنت أنت المجير من ذا الزمان
من زمان ألح ليس بناج ... منه من لم يجيره الخافقان
من ديون تنوبنا فادحات ... بيد الشيخ من بنى ثوبان
فجزاه خيرا ودعا بقرطاس فكتب صكا كأذن الفأرة وختم عليه وناوله إياه إِلَى ابن ثوبان. فخرج به لا يظن به خيرا حتى دفعه، فقرأه ابن ثوبان وَقَالَ: سألني الأمير أن أنظر بمالي إِلَى ميسرتك، وقد فعلت، وأمر لك بمائة دينار وهذه هي.
ذكر إِسْمَاعِيل بن الْحَسَن بن زيد أن هذه القصة لمصعب بن ثابت الزبيري لا للمنذر ابن عَبْد اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رزق أخبرنا أحمد بن سلمان النجاد حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا حَدَّثَنِي عُمَر بن أَبِي معاذ قَالَ حَدَّثَنِي محمّد بن يحيى بن علي الكتاني أخبرني إِسْمَاعِيل بن حسن بن زيد. قَالَ: كان أبي يغلس بصلاة الفجر، فأتاه
مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير وابنه عَبْد اللَّهِ بْن مصعب يوما حين انصرف من صلاة الغداة وهو يريد الركوب إِلَى ماله بالغابة، فَقَالَ: اسمع مني شعرا، قَالَ: ليست هذه ساعة ذلك، أهذه ساعة شعر؟! قَالَ: أسألك بقرابتك مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا سمعته، قال: فأنشده لنفسه:
يا ابن بنت النَّبِيّ وابن عَلِيّ ... أنت أنت المجير من ذا الزمان
من زمان ألح ليس بناج ... منه من لم يجرهم الخافقان
من ديون حفزننا معضلات ... من يد الشيخ من بني ثوبان
فِي صكاك مكتبات علينا ... بمئين إذا عددن ثمان
بأبي أنت إن أخذن وأمي ... ضاق عيش النسوان والصبيان
قَالَ فأرسل إِلَى ابن ثوبان فسأله فَقَالَ: على الشّيخ سبعمائة وعلي ابنه مائة، فقضى عنهما وأعطاهما مائتي دينار سوى ذلك.
أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ الأزهري حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الْكَاتِبُ حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباري حدّثني أبي حَدَّثَنَا أَبُو عكرمة الضبي قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان بن أَبِي شيخ قَالَ راوية ابن هرمة: بعث إلي ابن هرمة فِي وقت الهاجرة: صر إلي فصرت إليه. فقال: اكثر حمارين إِلَى أربعة أميال من المدينة، أين شئنا، فقلت: هذا وقت الهاجرة، وأرض المدينة سبخة، فأمهل حتى تبرد، فَقَالَ لا، لأن لابن جبر الحناط عَلِيّ مائة دينار. قد منعتني القائلة وضيقت عَلَى عيالي، فاكتريت حمارين، فركبنا فمضيت معه حتى انتهينا إِلَى الحمراء قصر الْحَسَن بن زيد، فصادفناه يصلي العصر، فأقبل عَلَى ابن هرمة فَقَالَ: ما جاء بك فِي هذا الوقت والحر شديد؟ فَقَالَ: لابن جبر الحناط عَلِيّ مائة دينار قد منعتني القائلة، وضيقت عَلَى عيالي، وقد قُلْتُ شعرا فاسمعه. فَقَالَ:
قل! فأنشأ يَقُولُ:
أما بنو هاشم حولي فقد رفضوا ... نبلي الصياب التي جمعت فِي قرن
فما بيثرب منهم من أعاتبه ... إلا عوائد أرجوهن من حسن
اللَّه أعطاك فضلا من عطيته ... عَلَى هن وهن فيما مضى وهن
فَقَالَ: يا غلام افتح باب تمرنا فبع منه بمائة دينار، وأحضر ابن جبر الحناط وليكن معه ذكر دينه وماله عَلَى ابن هرمة، فحضر فأخذ منه ذكر دينه فدفعه إلى ابن هرمة،
وسلم إِلَى ابن جبر مائة دينار، وَقَالَ: يا غلام بع بمائة دينار أخرى وادفعها إِلَى ابن هرمة يستعين بها عَلَى حاله، فَقَالَ لَهُ ابن هرمة: يا سيدي مر لي بحمل ثلاثين حمارا تمرا لعيالي، قَالَ: يا غلام افعل ذلك، فانصرفنا من عنده، فَقَالَ لي: ويحك أرأيت نفسا أكرم من هذه النفس، أو راحة أندى من هذه الراحة. فإنا لنسير عَلَى السيالة إذا غامز قد غمز ابن هرمة، فالتفت إليه فإذا هو عَبْد اللَّهِ بْن حسن بن حسن، فَقَالَ: يا دعي الأدعياء أتفضل عَلِيّ وعلى أَبِي الْحَسَن بن زيد؟ فَقَالَ: والله ما فعلت هذا!.
أخبرنا عَلِيّ بن الْحُسَيْن- صاحب العبّاسى- أخبرنا علي بن الحسن الرازي أخبرنا أبو علي الكوكبي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بن حمزة العلوي حَدَّثَنِي ابن أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كنت ببغداد عند باب الذهب. قَالَ: فقيل: الْحَسَن بن زيد يخرج من السجن ينازع محمّد بن عبد العزيز، وكان عَلَى قضاء مدينة أَبِي جَعْفَر: الجمحي، فأمر أن ينظر بينهما، أمره أمير المؤمنين بذلك. قَالَ: فجاء الْحَسَن بن زيد، وجاء مُحَمَّد بن عبد العزيز فجلس إِلَى جانبه فِي مجلس الحكم، فأقبل الْحَسَن بن زيد على ابن المولى فقال: تعالى فاجلس بيني وبين هذا الرجس، وكره أن يلتزق به.
فأقبل أخ لمحمد بن عبد العزيز- يقال لَهُ سندلة- عَلَى الْحَسَن بن زيد فَقَالَ: إيها يا ابن أم رقوق وباسور المراق، يا ابن عم من يزعم أن فِي السماء إلها وفي الأرض إلها، ولاك أمير المؤمنين فكفرت نعمته وأردت الخروج عليه، يا معشر الملأ هل ترون وجه خليفة؟ قَالَ: فأقبل عليه الْحَسَن بن زيد فَقَالَ: مثلي ومثلك كما قَالَ الشاعر:
وليس بنصف أن أسب مجاشعا ... بآبائي الشم الكرام الخضارم
ولكن نصفا لو سببت وسبني ... بنو عبد شمس من مناف وهاشم
قَالَ: فتركهم الجمحي ساعة يتنازعون، ثم إن الجمحي أقبل عليهم فَقَالَ: دعونا منكم، هات يا ابن عبد العزيز ما تقول؟ قَالَ: أصلح اللَّه الْقَاضِي، جلدني مائة، وشقق قضاياي، وعلقها فِي عنقي، وأقامني عَلَى البلس، فقال: ما تقول يا حسن؟ قَالَ أمرني أمير المؤمنين بذلك. قَالَ: حجتك؟ فأخرج كتابا من كمه وَقَالَ هذا حجتي.
قَالَ هاته. قَالَ: ما كنت لأدفع حجتي إِلَى غيري، ولكن إن أردت أن تنسخه فانسخه، ثم أعاده إلى كمه.
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدّل أخبرنا الْحُسَيْنُ بْنُ صفوان البردعي قَالَ:
حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن أبي الدنيا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سعد قَالَ: حسن بن زيد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي طالب، ويكنى أبا مُحَمَّد، مات بالحاجر وهو يريد مكة من العراق فِي السنة التي رجع فيها المهدي، سنة ثمان وستين ومائة.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أَبِي بَكْر قَالَ: كتب إلينا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الجوري من شيراز يذكر أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن يونس الضبي قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حسان الزيادي قَالَ: سنة ثمان وستين ومائة فيها مات الْحَسَن بن زيد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أبي طالب، ويكنى أبا مُحَمَّد بالحاجر، عَلَى خمسة أميال من المدينة. وهو ابن خمس وثمانين، وصلى عليه عَلِيّ بن المهدي .