18630. الأحنف أبو بحر الهلالي1 18631. الأحنف أبو بحر الهلالي العبسي1 18632. الأحنف بن قيس2 18633. الأحنف بن قيس أبو بحر البصري1 18634. الأحنف بن قيس السعدي البصري أبو بحر1 18635. الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين التميمي...118636. الأحوص الشاعر أبو عاصم عبد الله بن محمد بن عبيد الله...1 18637. الأحوص بن جواب الضبي1 18638. الأحوص بن حكيم3 18639. الأحوص بن حكيم بن عمير الشامي1 18640. الأخرم أبو يوسف يعقوب بن يوسف1 18641. الأخضر بن عجلان الشيباني1 18642. الأخطل غياث بن غوث التغلبي النصراني1 18643. الأخفش أبو الحسن علي بن سليمان بن الفضل...1 18644. الأخفش الكبير عبد الحميد بن عبد المجيد...1 18645. الأخفش سعيد بن مسعدة البلخي1 18646. الأخفش هارون بن موسى بن شريك التغلبي...1 18647. الأخنس1 18648. الأخنس أبو بكير1 18649. الأذرعي إسحاق بن إبراهيم بن هاشم1 18650. الأذني أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار...1 18651. الأرتاحي أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد...1 18652. الأرجاني أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين...1 18653. الأردبيلي أبو القاسم حفص بن عمر1 18654. الأردستاني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن أحمد...1 18655. الأردستاني محمد بن عبد الواحد بن عبيد الله...1 18656. الأرزناني محمد بن عبد الرحمن بن زياد...1 18657. الأرغياني محمد بن المسيب بن إسحاق1 18658. الأرقم بن أبي الأرقم1 18659. الأرقم بن أبي الأرقم بن أسد بن عبد الله المخزومي...1 18660. الأرقم بن شرحبيل الأودي1 18661. الأرقم بن يزيد1 18662. الأرموي أبو الفضائل محمد بن الحسين بن عبد الله...1 18663. الأرموي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف...1 18664. الأرموي عبد الغفار بن عبد الواحد بن محمد...1 18665. الأزجي أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد...1 18666. الأزجي أبو المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز...1 18667. الأزدي أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس...1 18668. الأزدي أبو عثمان طاهر بن هشام الأندلسي...1 18669. الأزرق أبو بكر محمد بن الفرج بن محمود...1 18670. الأزرق أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق...1 18671. الأزرق بن علي بن مسلم أبو الجهم الحنفي الكوفي...1 18672. الأزرق بن قيس1 18673. الأزرق بن قيس الحارثي2 18674. الأزهري أبو حامد أحمد بن الحسن بن محمد...1 18675. الأزهري أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر...1 18676. الأزهري عبيد الله بن أحمد بن عثمان البغدادي...1 18677. الأستاذ أبو جعفر محمد بن النعمان الأحول...1 18678. الأستاذ عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي...1 18679. الأستراباذي أبو بكر محمد بن يوسف بن حماد...1 18680. الأسداباذي أبو منصور أحمد1 18681. الأسداباذي الزبير بن عبد الواحد بن محمد...1 18682. الأسدي إبراهيم بن محمد بن إبراهيم1 18683. الأسلع بن حي الضبي1 18684. الأسلع بن شريك2 18685. الأسلع بن شريك بن عوف الأعرجي1 18686. الأسواري أبو الحسين محمد بن أحمد1 18687. الأسود3 18688. الأسود بن أصرم المحاربي1 18689. الأسود الطائي1 18690. الأسود بن العلاء بن جارية الثقفي2 18691. الأسود بن ثعلبة3 18692. الأسود بن خلف1 18693. الأسود بن خلف بن عبد يغوث القرشي1 18694. الأسود بن خير أبو خير المصري1 18695. الأسود بن سريع5 18696. الأسود بن سريع بن حميري بن عبادة1 18697. الأسود بن سعيد الهمداني1 18698. الأسود بن سفيان1 18699. الأسود بن شيبان2 18700. الأسود بن شيبان السدوسي1 18701. الأسود بن شيبان بن حرب1 18702. الأسود بن عامر أبو عبد الرحمن1 18703. الأسود بن عامر شاذان1 18704. الأسود بن عبد الله بن حاجب1 18705. الأسود بن قيس3 18706. الأسود بن قيس العبدي الكوفي1 18707. الأسود بن كلثوم2 18708. الأسود بن مسعود العنزي1 18709. الأسود بن نوفل1 18710. الأسود بن هلال1 18711. الأسود بن هلال أبو سلام المحاربي1 18712. الأسود بن هلال المحاربي3 18713. الأسود بن يزيد1 18714. الأسود بن يزيد النخعي1 18715. الأسود بن يزيد النخعي الكوفي أبو عمرو...1 18716. الأسود بن يزيد بن قيس1 18717. الأسود بن يزيد بن قيس أبو عمرو النخعي...1 18718. الأسود بن يزيد بن قيس النخعي2 18719. الأسيوطي أبو علي الحسن بن الخضر بن عبد الله...1 18720. الأشتر2 18721. الأشتر مالك بن الحارث النخعي1 18722. الأشج أبو سعيد عبد الله بن سعيد بن حصين...1 18723. الأشجعي عبيد الله بن عبيد الرحمن1 18724. الأشرف أبو الفتح موسى شاه أرمن ابن العادل...1 18725. الأشعث بن أبي خالد1 18726. الأشعث بن إسحاق1 18727. الأشعث بن إسحاق القمي1 18728. الأشعث بن ثرملة1 18729. الأشعث بن حسان الخراساني1 Prev. 100
«
Previous

الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين التميمي

»
Next
الأَحْنَفُ بنُ قَيْسِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ حُصَيْنٍ التَّمِيْمِيُّ
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، العَالِمُ النَّبِيْلُ، أَبُو بَحْرٍ التَّمِيْمِيُّ، أَحَدُ مَنْ يُضْرَبُ بِحِلْمِهِ وَسُؤْدُدِهِ المَثَلُ.
اسْمُهُ: ضَحَّاكٌ، وَقِيْلَ: صَخْرٌ.وَشُهِرَ بِالأَحْنَفِ؛ لِحَنَفِ رِجْلَيْهِ، وَهُوَ العَوَجُ وَالمَيْلُ.
كَانَ سَيِّدَ تَمِيْمٍ.
أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَالعَبَّاسِ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: عَمْرُو بنُ جَاوَانَ، وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وَطَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمِيْرَةَ، وَيَزِيْدُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَخُلَيْدٌ العَصَرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ قَلِيْلُ الرِّوَايَةِ.
كَانَ مِنْ قُوَّادِ جَيْشِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّيْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : كَانَ ثِقَةً، مَأْمُوْناً، قَلِيْلَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ صَدِيْقاً لِمُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ، فَوَفَدَ عَلَيْهِ إِلَى الكُوْفَةِ، فَمَاتَ عِنْدَهُ بِالكُوْفَةِ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي شَيْخٍ: كَانَ أَحْنَفَ الرِّجْلَيْنِ جَمِيْعاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلاَّ بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، وَاسْمُهُ: صَخْرُ بنُ قَيْسٍ، أَحَدُ بَنِي سَعْدٍ.
وَأُمُّهُ بَاهِلِيَّةٌ، فَكَانَتْ تُرَقِّصُهُ، وَتَقُوْلُ:
وَاللهِ لَوْلاَ حَنَفٌ بِرِجْلِهِ ... وَقِلَّةٌ أَخَافُهَا مِنْ نَسْلِهِ
مَا كَانَ فِي فِتْيَانِكُم مِنْ مِثْلِهِ ...
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: هُوَ افْتَتَحَ مَرْوَ الرُّوْذَ.
وَكَانَ الحَسَنُ وَابْنُ سِيْرِيْنَ فِي جَيْشِهِ ذَاكَ.
قُلْتُ: هَذَا فِيْهِ نَظَرٌ، هُمَا يَصْغُرَانِ عَنْ ذَلِكَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:بَيْنَا أَنَا أَطُوْفُ بِالبَيْتِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَقَالَ: أَلاَ أُبَشِّرُكَ؟
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ إِذْ بَعَثَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قَوْمِكَ بَنِي سَعْدٍ أَدْعُوْهُم إِلَى الإِسْلاَمِ، فَجَعَلْتُ أُخْبِرُهُم، وَأَعْرِضُ عَلَيْهِم، فَقُلْتَ: إِنَّهُ يَدْعُو إِلَى خَيْرٍ، وَمَا أَسْمَعُ إِلاَّ حَسَناً؟
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَحْنَفِ) .
فَكَانَ الأَحْنَفُ يَقُوْلُ: فَمَا شَيْءٌ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ.
رَوَاهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) .
العَلاَءُ بنُ الفَضْلِ المِنْقَرِيُّ: حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ جَرِيْرٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمِّهِ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي الأَحْنَفُ:
أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بِفَتْحِ تُسْتَرَ، فَقَالَ: قَدْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُم تُسْتَرَ، وَهِيَ مِنْ أَرْضِ البَصْرَةِ.
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّ هَذَا -يَعْنِي الأَحْنَفَ- الَّذِي كَفَّ عَنَّا بَنِي مُرَّةَ حِيْنَ بَعَثَنَا رَسُوْلُ اللهِ فِي صَدَقَاتِهِم، وَقَدْ كَانُوا هَمُّوا بِنَا.
قَالَ الأَحْنَفُ: فَحَبَسَنِي عُمَرُ عِنْدَهُ سَنَةً، يَأْتِيْنِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَلاَ يَأْتِيْهِ عَنِّي إِلاَّ مَا يُحِبُّ.
ثُمَّ دَعَانِي، فَقَالَ: يَا أَحْنَفُ، هَلْ تَدْرِي لِمَ حَبَسْتُكَ عِنْدِي؟
قُلْتُ: لاَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَذَّرَنَا كُلَّ مُنَافِقٍ عَلِيْمٍ، فَخَشِيْتُ أَنْ تَكُوْنَ مِنْهُم، فَاحْمَدِ اللهَ يَا أَحْنَفُ.
حَمَّادٌ: عَنِ ابْن جُدْعَانَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ، قَالَ: احْتَبَسَنِي
عُمَرُ عِنْدَهُ حَوْلاً، وَقَالَ: قَدْ بَلَوْتُكَ وَخَبَرْتُكَ، فَرَأَيْتُ عَلاَنِيَتَكَ حَسَنَةً، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ سَرِيْرَتُكَ مِثْلَ عَلاَنِيَتِكَ، وَإِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ، إِنَّمَا يُهْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيْمٍ.قَالَ العِجْلِيُّ: الأَحْنَفُ بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، كَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ، وَكَانَ أَعْوَرَ، أَحْنَفَ، دَمِيْماً، قَصِيْراً، كَوْسَجاً، لَهُ بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، حَبَسَهُ عُمَرُ سَنَةً يَخْتَبِرُهُ، فَقَالَ: هَذَا -وَاللهِ- السَّيِّدُ.
مَعْمَرٌ: عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:
قَدِمَ الأَحْنَفُ، فَخَطَبَ، فَأَعْجَبَ عُمَرَ مَنْطِقُهُ.
قَالَ: كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُوْنَ مُنَافِقاً عَالِماً، فَانْحَدِرْ إِلَى مِصْرِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ مُؤْمِناً.
وَعَنِ الأَحْنَفِ، قَالَ: كَذَبْتُ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ سَأَلَنِي عُمَرُ عَنْ ثَوْبٍ: بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟
فَأَسْقَطْتُ ثُلُثَيِ الثَّمَنِ.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
وَفَّدَ أَبُو مُوْسَى وَفْداً مِنَ البَصْرَةِ إِلَى عُمَرَ، مِنْهُمُ الأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ، فَتَكَلَّمَ كُلُّ رَجُلٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ، وَكَانَ الأَحْنَفُ فِي آخِرِ القَوْمِ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:
أَمَّا بَعْدُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَإِنَّ أَهْلَ مِصْرَ نَزَلُوا مَنَازِلَ فِرْعَوْنَ وَأَصْحَابِهِ، وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ نَزَلُوا مَنَازِلَ قَيْصَرَ وَأَصْحَابِهِ، وَإِنَّ أَهْلَ الكُوْفَةِ نَزَلُوا مَنَازِلَ كِسْرَى وَمَصَانِعَهُ فِي الأَنْهَارِ وَالجِنَانِ، وَفِي مِثْلِ عَيْنِ البَعِيْرِ وَكَالحُوَارِ فِي السَّلَى، تَأْتِيْهِم ثِمَارُهُم قَبْلَ أَنْ تَبلُغَ، وَإِنَّ أَهْلَ البَصْرَة نَزَلُوا فِي أَرْضٍ سَبْخَةٍ، زَعِقَةٍ،
نَشَّاشَةٍ، لاَ يَجِفُّ تُرَابُهَا، وَلاَ يَنْبُتُ مَرْعَاهَا، طَرَفُهَا فِي بَحْرٍ أُجَاجٍ، وَطَرَفٌ فِي فَلاَةٍ، لاَ يَأْتِيْنَا شَيْءٌ إِلاَّ فِي مِثْلِ مَرِيْءِ النَّعَامَةِ، فَارْفَعْ خَسِيْسَتَنَا وَانْعَشْ وَكِيْسَتَنَا، وَزِدْ فِي عِيَالِنَا عِيَالاً، وَفِي رِجَالِنَا رِجَالاً، وَصَغِّرْ دِرْهَمَنَا، وَكَبِّرْ قَفِيْزَنَا، وَمُرْ لَنَا بِنَهْرٍ نَسْتَعْذِبْ مِنْهُ.فَقَالَ عُمَرُ: عَجَزْتُم أَنْ تَكُوْنُوا مِثْلَ هَذَا، هَذَا -وَاللهِ- السَّيِّدُ.
قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَسْمَعُهَا بَعْدُ.
وَفِي رِوَايَةٍ: فِي مِثْلِ حُلْقُوْمِ النَّعَامَةِ.
قَالَ خَلِيْفَةُ : تَوَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ إِلَى خُرَاسَانَ، وَعَلَى مُقَدَّمَتِهِ الأَحْنَفُ، فَلَقِيَ أَهْلَ هَرَاةَ، فَهَزَمَهُم، فَافْتَتَحَ ابْنُ عَامِرٍ أَبْرَشَهْرَ صُلْحاً - وَيُقَالُ: عَنْوَةً - وَبَعَثَ الأَحْنَفَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ، فَتَجَمَّعُوا لَهُ مَعَ طُوقَانَ شَاهُ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيْداً، فَهَزَمَ اللهُ المُشْرِكِيْنَ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَحْمِلُ، وَيَقُوْلُ:
إِنَّ عَلَى كُلِّ رَئِيْسٍ حَقَّا ... أَنْ يَخْضِبَ القَنَاةَ أَوْ تَنْدَقَّا
وَقِيْلَ: سَارَ الأَحْنَفُ إِلَى بَلْخَ، فَصَالَحُوْهُ عَلَى أَرْبَعِ مائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ أَتَى خُوَارِزْمَ، فَلَمْ يُطِقْهَا، فَرَجَعَ.وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: أَنَّ ابْنَ عَامِرٍ خَرَجَ مِنْ خُرَاسَانَ مُعْتَمِراً، قَدْ أَحْرَمَ مِنْهَا، وَخَلَّفَ عَلَى خُرَاسَانَ الأَحْنَفَ، وَجَمَعَ أَهْلُ خُرَاسَانَ جَمْعاً كَبِيْراً، وَتَجَمَّعُوا بِمَرْوَ، فَالْتَقَاهُمُ الأَحْنَفُ، فَهَزَمَهُم، وَكَانَ ذَلِكَ الجَمْعُ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ.
ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
نُبِّئْتُ أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ بَنِي تَمِيْمٍ، فَذمَّهُم، فَقَامَ الأَحْنَفُ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، ائْذَنْ لِي.
قَالَ: تَكَلَّمْ.
قَالَ: إِنَّكَ ذَكَرْتَ بَنِي تَمِيْمٍ، فَعَمَمْتَهُم بِالذَّمِّ، وَإِنَّمَا هُمْ مِنَ النَّاسِ، فِيْهِمُ الصَّالِحُ وَالطَّالِحُ.
فَقَالَ: صَدَقْتَ.
فَقَامَ الحُتَاتُ - وَكَانَ يُنَاوِئُهُ - فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، ائْذَنْ لِي، فَلأَتَكَلَّمَ.
قَالَ: اجْلِسْ، فَقَدْ كَفَاكُمْ سَيِّدُكُمُ الأَحْنَفُ.
رَوَى: ابْنُ جُدْعَانَ، عَنِ الحَسَنِ:
أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوْسَى: ائْذَنْ لِلأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، وَشَاوِرْهُ، وَاسْمَعْ مِنْهُ.
قَتَادَةُ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ شَرِيْفَ قَوْمٍ كَانَ أَفَضْلَ مِنَ الأَحْنَفِ.
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: قِيْلَ لِلأَحْنَفِ: بِمَ سَوَّدُوْكَ؟
قَالَ: لَوْ عَابَ النَّاسُ المَاءَ لَمْ أَشْرَبْهُ.
وَقِيْلَ: عَاشَتْ بَنُوْ تَمِيْمٍ بِحِلْمِ الأَحْنَفِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهِ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا الأَبْصَارُ أَبْصَرَتِ ابْنَ قَيْسٍ ... ظَلَلْنَ مَهَابَةً مِنْهُ خُشُوْعَا
وَقَالَ خَالِدُ بنُ صَفْوَانَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَفِرُّ مِنَ الشَّرَفِ، وَالشَّرَفُ يَتْبَعُهُ.
وَقِيْلَ لِلأَحْنَفِ: إِنَّكَ كَبِيْرٌ، وَالصَّوْمُ يُضْعِفُكَ.
قَالَ: إِنِّي أُعِدُّهُ لِسَفَرٍ طَوِيْلٍ.
وَقِيْلَ: كَانَتْ عَامَّةُ صَلاَةِ الأَحْنَفِ بِاللَّيْلِ، وَكَانَ يَضَعُ أُصْبُعَهُ عَلَى
المِصْبَاحِ، ثُمَّ يَقُوْلُ: حَسِّ - كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ الأَلَمِ -.وَيَقُوْلُ: مَا حَمَلَكَ يَا أَحْنَفُ عَلَى أَنْ صَنَعْتَ كَذَا يَوْمَ كَذَا.
مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ صَاحِبُ الحَرِيْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَصْفَرِ:
أَنَّ الأَحْنَفَ اسْتُعْمِلَ عَلَى خُرَاسَانَ، فَأَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يُوْقِظْ غِلْمَانَهُ، وَكَسَرَ ثَلْجاً، وَاغْتَسَلَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرٍ المُزَنِيُّ: عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ، سَمِعَ الأَحْنَفَ يَقُوْلُ:
اللَّهُمَّ إِنْ تَغفِرْ لِي، فَأَنْتَ أَهْلُ ذَاكَ، وَإِنْ تُعَذِّبْنِي، فَأَنَا أَهْلُ ذَاكَ.
قَالَ مُغِيْرَةُ: ذَهَبَتْ عَيْنُ الأَحْنَفِ، فَقَالَ: ذَهَبَتْ مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، مَا شَكَوْتُهَا إِلَى أَحَدٍ.
ابْنُ عَوْنٍ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
ذَكَرُوا عَنْ مُعَاوِيَةَ شَيْئاً، فَتَكَلَّمُوا وَالأَحْنَفُ سَاكِتٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَحْرٍ، مَا لَكَ لاَ تَتَكَلَّمُ؟
قَالَ: أَخْشَى اللهَ إِنْ كَذَبْتُ، وَأَخْشَاكُم إِنْ صَدَقْتُ.
وَعَنِ الأَحْنَفِ: عَجِبْتُ لِمَنْ يَجْرِي فِي مَجْرَى البَوْلِ مَرَّتَيْنِ كَيْفَ يَتَكَبَّرُ!
قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ:
قَالَ الأَحْنَفُ: ثَلاَثٌ فِيَّ مَا أَذْكُرُهُنَّ إِلاَّ لِمُعْتَبِرٍ: مَا أَتَيْتُ بَابَ سُلطَانٍ إِلاَّ أَنْ أُدْعَى، وَلاَ دَخَلْتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يُدْخِلاَنِي بَيْنَهُمَا، وَمَا أَذْكُرُ أَحَداً بَعْدَ أَنْ يَقُوْمَ مِنْ عِنْدِي إِلاَّ بِخَيْرٍ.
وَعَنْهُ: مَا نَازَعَنِي أَحَدٌ إِلاَّ أَخَذْتُ أَمْرِي بِأُمُوْرٍ، إِنْ كَانَ فَوْقِي عَرَفْتُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ دُوْنِي رَفَعْتُ قَدْرِي عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِثْلِي تَفَضَّلْتُ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: لَسْتُ بِحَلِيْمٍ، وَلَكِنِّي أَتَحَالَمُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ رَجُلاً خَاصَمَ الأَحْنَفَ، وَقَالَ: لَئِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً، لَتَسْمَعَنَّ عَشْراً.فَقَالَ: لَكِنَّكَ إِنْ قُلْتَ عَشْراً لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً.
وَقِيْلَ: إِنَّ رَجُلاً قَالَ لِلأَحْنَفِ: بِمَ سُدْتَ؟ - وَأَرَادَ أَنْ يَعِيْبَهُ -.
قَالَ الأَحْنَفُ: بِتَرْكِي مَا لاَ يَعْنِيْنِي كَمَا عَنَاكَ مِنْ أَمْرِي مَا لاَ يَعْنِيْكَ.
الأَصْمَعِيُّ: عَنْ مُعْتَمِرِ بنِ حَيَّانَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُقْبَةَ أَخِي ذِي الرُّمَّةِ، قَالَ:
شَهِدْتُ الأَحْنَفَ بنَ قَيْسٍ وَقَدْ جَاءَ إِلَى قَوْمٍ فِي دَمٍ، فَتَكلَّمَ فِيْهِ، وَقَالَ: احْتَكِمُوا.
قَالُوا: نَحْتَكِمُ دِيَتَيْنِ.
قَالَ: ذَاكَ لَكُم.
فَلَمَّا سَكَتُوا، قَالَ: أَنَا أُعْطِيْكُم مَا سَأَلْتُم، فَاسْمَعُوا:
إِنَّ اللهَ قَضَى بِدِيَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِدِيَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّ العَرَبَ تَعَاطَى بَيْنَهَا دِيَةً وَاحِدَةً، وَأَنْتُمُ اليَوْمَ تُطَالِبُوْنَ، وَأَخْشَى أَنْ تَكُوْنُوا غَداً مَطْلُوْبِيْنَ، فَلاَ تَرْضَى النَّاسُ مِنْكُمْ إِلاَّ بِمِثْلِ مَا سَنَنْتُم.
قَالُوا: رُدَّهَا إِلَى دِيَةٍ.
عَنِ الأَحْنَفِ: ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْتَصِفُوْنَ مِنْ ثَلاَثَةٍ: شَرِيْفٌ مِنْ دَنِيْءٍ، وَبَرٌّ مِنْ فَاجِرٍ، وَحَلِيْمٌ مِنْ أَحْمَقَ.
وَقَالَ: مَنْ أَسْرَعَ إِلَى النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُوْنَ، قَالُوا فِيْهِ مَا لاَ يَعْلَمُوْنَ.
وَعَنْهُ، سُئِلَ: مَا المُرُوْءةُ؟
قَالَ: كِتْمَانُ السِّرِّ، وَالبُعْدُ مِنَ الشَّرِّ.
وَعَنْهُ: الكَامِلُ مَنْ عُدَّتْ سَقَطَاتُهُ.
وَعَنْهُ، قَالَ: رَأْسُ الأَدَبِ آلَةُ المَنْطِقِ، لاَ خَيْرَ فِي قَوْلٍ بِلاَ فِعْلٍ، وَلاَ فِي مَنْظَرٍ بِلاَ مَخْبَرٍ، وَلاَ فِي مَالٍ بِلاَ جُوْدٍ، وَلاَ فِي صَدِيْقٍ بِلاَ وَفَاءٍ، وَلاَ فِي فِقْهٍ بِلاَ وَرَعٍ، وَلاَ فِي صَدَقَةٍ إِلاَّ بِنِيَّةٍ، وَلاَ فِي حَيَاةٍ إِلاَّ بِصِحَّةٍ وَأَمْنٍ.
وَعَنْهُ: العِتَابُ مِفْتَاحُ الثُّقَالَى، وَالعِتَابُ خَيْرٌ مِنَ الحِقْدِ.هِشَامٌ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
رَأَى الأَحْنَفُ فِي يَدِ رَجُلٍ دِرْهَماً، فَقَالَ: لِمَنْ هَذَا؟
قَالَ: لِي.
قَالَ: لَيْسَ هُوَ لَكَ حَتَّى تُخْرِجَهُ فِي أَجْرٍ أَوِ اكْتِسَابِ شُكْرٍ، وَتَمَثَّلَ:
أَنْتَ لِلْمَالِ إِذَا أَمْسَكْتَهُ ... وَإِذَا أَنْفَقْتَهُ فَالمَالُ لَكْ
وَقِيْلَ: كَانَ الأَحْنَفُ إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ وَسَّعَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَعَةٌ، أَرَاهُ كَأَنَّهُ يُوْسِعُ لَهُ.
وَعَنْهُ، قَالَ: جَنِّبُوا مَجَالِسَنَا ذِكْرَ النِّسَاءِ وَالطَّعَامِ، إِنِّي أُبْغِضُ الرَّجُلَ يَكُوْنُ وَصَّافاً لِفَرْجِهِ وَبَطْنِهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَلَّم مُصْعَباً فِي مَحْبُوْسَيْنِ، وَقَالَ:
أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، إِنْ كَانُوا حُبِسُوا فِي بَاطِلٍ، فَالعَدْلُ يَسَعُهُم، وَإِنْ كَانُوا حُبِسُوا فِي حَقٍّ، فَالعَفْوُ يَسَعُهُم.
وَعَنْهُ، قَالَ: لاَ يَنْبَغِي لِلأَمِيْرِ الغَضَبُ، لأَنَّ الغَضَبَ فِي القُدْرَةِ لِقَاحُ السَّيْفِ وَالنَّدَامَةِ.
الأَصْمَعِيُّ، قَالَ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا الأَحْنَفُ الكُوْفَةَ مَعَ مُصْعَبٍ، فَمَا رَأَيْتُ صِفَةً تُذَمُّ إِلاَّ رَأَيْتُهَا فِيْهِ، كَانَ ضَئِيْلاً، صَعْلَ الرَّأْسِ، مُتَرَاكِبَ الأَسْنَانِ، مَائِلَ الذَّقَنِ، نَاتِئَ الوَجْنَةِ، بَاخِقَ العَيْنِ، خَفِيْفَ العَارِضَيْنِ، أَحْنَفَ الرِّجْلَيْنِ، فَكَانَ إِذَا تَكَلَّمَ، جَلاَ عَنْ نَفْسِهِ.
الصَّعَلُ: صِغَرُ الرَّأْسِ، وَالبَخَقُ: انْخِسَافُ العَيْنِ، وَالحَنَفُ: أَنْ تُفْتَلَ كُلُّ رِجْلٍ عَلَى صَاحِبَتِهَا.
وَقِيْلَ: كَانَ مُلْتَصِقَ الأَلْيَةِ، فَشُقَّ لَهُ.وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: الأَحْنَفُ: الَّذِي يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ.
عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ: عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنِ الأَحْنَفِ، قَالَ:
سَمِعْتُ خُطْبَةَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَالخُلَفَاءِ، فَمَا سَمِعْتُ الكَلاَمَ مِنْ مَخْلُوْقٍ أَفْخَمَ وَلاَ أَحْسَنَ مِنْ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ.
وَعَنْهُ: لاَ يَتِمُّ أَمْرُ السُّلْطَانِ إِلاَّ بِالوُزَرَاءِ وَالأَعْوَانِ، وَلاَ يَنْفَعُ الوُزَرَاءُ وَالأَعْوَانُ إِلاَّ بِالمَوَدَّةِ وَالنَّصِيْحَةِ، وَلاَ تَنْفَعُ المَوَدَّةُ وَالنَّصِيْحَةُ إِلاَّ بِالرَّأْيِ وَالعِفَّةِ.
قِيْلَ: كَانَ زِيَادٌ مُعَظِّماً لِلأَحْنَفِ، فَلَمَّا وُلِّيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللهِ، تَغَيَّرَ أَمْرُ الأَحْنَفِ، وَقَدَّمَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ دُوْنَهُ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي الأَشْرَافِ، فَقَالَ لِعُبَيْدِ اللهِ: أَدْخِلْهُم عَلَيَّ عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِم.
فَأَخَّرَ الأَحْنَفُ، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ، أَكْرَمَهُ لِمَكَانِ سِيَادَتِهِ، وَقَالَ: إِلَيَّ يَا أَبَا بَحْرٍ.
وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، وَأَعْرَضَ عَنْهُم، فَأَخَذُوا فِي شُكْرِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، وَسَكَتَ الأَحْنَفُ.
فَقَالَ لَهُ: لِمَ لاَ تَتَكَلَّمُ؟
قَالَ: إِنْ تَكَلَّمْتُ خَالَفْتُهُم.
قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ عَزَلْتُ عُبَيْدَ اللهِ.
فَلَمَّا خَرَجُوا، كَانَ فِيْهِم مَنْ يَرُوْمُ الإِمَارَةَ، ثُمَّ أَتَوْا مُعَاوِيَةَ بَعْد ثَلاَثٍ، وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ شَخْصاً، وَتَنَازَعُوا.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا تَقُوْلُ يَا أَبَا بَحْرٍ؟
قَالَ: إِنْ وَلَّيْتَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ، لَمْ تَجِدْ مِثْلَ عُبَيْدِ اللهِ.
فَقَالَ: قَدْ أَعَدُّتُهُ.
قَالَ: فَخَلاَ مُعَاوِيَةُ بِعُبَيْدِ اللهِ، وَقَالَ:
كَيْفَ ضَيَّعْتَ مِثْلَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي عَزَلَكَ وَأَعَادَكَ وَهُوَ سَاكِتٌ!؟
فَلَمَّا رَجَعَ عُبَيْدُ اللهِ، جَعَلَ الأَحْنَفَ صَاحِبَ سِرِّهِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ المِصْرِيُّ الفَقِيْهُ: عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ المَعَافِرِيِّ، عَنْ، عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُمَارَةَ بنِ عُقْبَةَ، قَالَ:
حَضَرْتُ جَنَازَةَ الأَحْنَفِ بِالكُوْفَةِ،
فَكُنْتُ فِيْمَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ، فَلَمَّا سَوَّيْتُهُ، رَأَيْتُهُ قَدْ فُسِحَ لَهُ مَدَّ بَصَرِي، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَصْحَابِي، فَلَمْ يَرَوْا مَا رَأَيْتُ.قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ: تُوُفِّيَ الأَحْنَفُ فِي دَارِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي غَضَنْفَرٍ، فَلَمَّا دُلِّيَ فِي حُفْرَتِهِ، أَقْبَلَتْ بِنْتٌ لأَوْسٍ السَّعْدِيِّ وَهِيَ عَلَى رَاحِلَتِهَا عَجُوْزٌ، فَوَقَفَتْ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: مَنِ المُوَافَى بِهِ حُفْرَتَهُ لِوَقْتِ حِمَامِهِ؟
قِيْلَ لَهَا: الأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ.
قَالَتْ: وَاللهِ لَئِنْ كُنْتُم سَبَقْتُمُوْنَا إِلَى الاسْتِمْتَاعِ بِهِ فِي حَيَاتِهِ، لاَ تَسْبِقُوْنَا إِلَى الثَّنَاءِ عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ.
ثُمَّ قَالَتْ: للهِ دَرُّكَ مِنْ مِجَنٍّ فِي جَنَنٍ، وَمُدْرَجٍ فِي كَفَنٍ، وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجعُوْنَ، نَسْأَلُ مَنِ ابْتَلاَنَا بِمَوْتِكَ، وَفَجَعَنَا بِفَقْدِكَ: أَنْ يُوْسِعَ لَكَ فِي قَبْرِكَ، وَأَنْ يَغْفِرَ لَكَ يَوْمَ حَشْرِكَ.
أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ فِي بِلاَدِهِ هُمْ شُهُوْدُهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَإِنَّا لَقَائِلُوْنَ حَقّاً، وَمُثْنُوْنَ صِدْقاً، وَهُوَ أَهْلٌ لِحُسْنِ الثَّنَاءِ، أَمَا وَالَّذِي كُنْتُ مِنْ أَجَلِهِ فِي عِدَّةٍ، وَمِنَ الحَيَاةِ فِي مُدَّةٍ، وَمِنَ المِضْمَارِ إِلَى غَايَةٍ، وَمِنَ الآثَارِ إِلَى نِهَايَةٍ، الَّذِي رُفِعَ عَمَلُكَ عِنْد انْقَضَاءِ أَجَلِكَ، لَقَدْ عِشْتَ مَوْدُوْداً حَمِيْداً، وَمُتَّ سَعِيْداً فَقِيْداً، وَلَقَدْ كُنْتَ عَظِيْمَ الحِلْمِ، فَاضِلَ السَّلْمِ، رَفِيْعَ العِمَادِ، وَارِيَ الزِّنَادِ، مَنِيْعَ الحَرِيْمِ، سَلِيْمَ الأَدِيْمِ، عَظِيْمَ الرَّمَادِ، قَرِيْبَ البَيْتِ مِنَ النَّادِ.
قَالَ قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الضَّحَّاكِ:
أَنَّهُ أَبْصَرَ مُصْعَباً يَمْشِي فِي جَنَازَةِ الأَحْنَفِ بِغَيْرِ رِدَاءٍ.
قَالَ الفَسَوِيُّ: مَاتَ الأَحْنَفُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: مَاتَ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ عَلَى العِرَاقِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
قُلْتُ: قَدِ اسْتَقْصَى الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَةَ الأَحْنَفِ فِي كَرَارِيْسَ، وَطَوَّلْتُهَا - أَنَا - فِي (تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ ) - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.