ابْنُ يَزْدَاذَ أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ
الوَزِيْرُ الأَكْمَلُ، أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزدَاذَ الكَاتِبُ.
وَزَرَ لِلْمستعينِ أَشْهُراً بَعْدَ أَحْمَدَ بنِ الخصيبِ، فَاحتَاطَ عَلَى بَعْضِ أَقطَاعِ بُغَا، فَتهدَّدُوهُ بِالقتلِ، فَاخْتَفَى.
ثُمَّ وَزرَ مَرَّةً ثَانيَةً لِلْمستعينِ بَعْدَ شُجَاعٍ، ثُمَّ إِنَّ بُغَا أَلَّبَ عَلَيْهِ
الأُمرَاءَ، فَهَرَبَ إِلَى بَغْدَادَ، وَاخْتَفَى.مدحَهُ البُحترِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَنقلَ الكوكبِيُّ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الشُّعرَاءِ امتدحُوا الوَزِيْرَ أَبَا صَالِحٍ، فَأَمرَ لَهُم بِثَلاَثَةِ دَرَاهِم لَيْسَ إِلاَّ، وَكَتَبَ إِلَيْهِم:
قيمَةُ أَشعَارِكُم دِرْهَمٌ ... عِنْدِي وَقَدْ زِدْتُكُم دِرْهَمَا
وثَالِثاً قِيمَةُ أَوْرَاقِكُمْ ... فَانْصَرِفُوا قَدْ نِلْتُمُ مَغْنَمَا
مَاتَ الوَزِيْرُ ابْنُ يزدَاذ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن ُ بِشْرِ بنِ الحَكَمِ العَبْدِيُّ ابْنِ حَبِيْبِ بنِ مِهْرَانَ المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الجَوَّادُ، الثِّقَةُ، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَبْدِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
أَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا أَكملُ العَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ زُنبورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بشرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَكِيْمٍ، حَدَّثَنِي الحَكَمُ بنُ أَبَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو هَارُوْنَ العُمَانِيُّ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ جِبْرِيْلَ حَدَّثَهُ، قَالَ: إِنَّ اللهَ قَضَى، أَوْ إِنَّ اللهَ قَالَ: يُؤْتَى بِحَسَنَاتِ العَبْدِ وَسَيِّئاتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقْضَى بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، فَإِنْ بَقِيَتْ حَسَنَةٌ، وَسِعَ لَهُ الجَنَّةُ مَا شَاءَ).
مَوْلِدُهُ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ.واعتنَى بِهِ أَبُوْهُ، وَارْتَحَلَ بِهِ، وَلقيَ الكِبَارَ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَتَفَرَّدَ.
رَوَى عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَوَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ، وَبَهْزِ بنِ أَسَدٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ هَمَّامٍ، وَمَعْنِ بنِ عِيْسَى، وَيَعْلَى وَمُحَمَّدِ ابْنَي عُبَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الوَلِيْدِ العَدَنِيُّ، وَالحُسَيْنِ بنِ الوَلِيْدِ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ، وَحَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَحَفْصِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دُوَادٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَمَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ بِلاَلٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَارُوْدُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَمِّ وَالِدِهِ الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ حَبِيْبٍ الفَرَّاءُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ ابنِ عمِّي يَقُوْلُ: كُنَّا نكتبُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَأَبُوْهُ يلعبُ بِالحَمَامِ، وَكَانَ ابْنُ بشرٍ مَوْصُوفاً بطِيبِ الصّوتِ.
قَالَ مَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ الأَمِيْرُ يحضرُ بِاللَّيْلِ مُتَنَكِّراً إِلَى مَسْجِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ليسمعَ قرَاءتَهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بشرٍ: أَقَامَنِي يَحْيَى القطَّانُ فِي مَجْلِسهِ، فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُم عَنِّي هَذَا الصَّبيُّ فَصَدِّقوهُ، فَإِنَّهُ كَيِّسٌ.
قُلْتُ: كَانَ ارتحَالُ أَبِيْهِ بِهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، وَهُوَ نَحْوُ المُحْتَلِمِ.قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ بشرٍ يَقُوْلُ: حملنِي أَبِي عَلَى عَاتِقِهِ فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، أَنَا بِشْرُ بنُ الحَكَمِ، سَمِعَ أَبِي مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَسَمِعْتُ أَنَا مِنْهُ وَحدَّثْتُ عَنْهُ بِخُرَاسَانَ وَهَذَا ابْنِي قَدْ سَمِعَ مِنْهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: احتلمْتُ بِاليَمَنِ مَعَ أَبِي.
قُلْتُ: آخرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الدُّنْيَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المُذَكِّرُ شَيْخٌ لِلْحَاكِمِ ضَعِيْفٌ.
سَمِعْنَا عَوَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ لزَاهِرٍ الشَّحَّامِيِّ.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: احتلمْتُ فَدَعَا أَبِي عَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَأَصْحَابَ الحَدِيْثِ الغربَاءَ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الطَّعَامِ قَالَ: اشهدُوا أَنَّ ابْنِي قَدِ احْتَلَمَ وَهوَ ذَا يَسْمَعُ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ.
قُلْتُ: هَذَا الإِعلاَمُ إِيلاَمٌ لِلصبِيِّ، وَتخجيلٌ لَهُ.
رُوِيَ أَنَّ الأَمِيْرَ عَبْدَ اللهِ بنَ طَاهِرٍ قَالَ: مَا بِخُرَاسَانَ رَجُلٌ أَحسنُ عقلاً مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ.
قَالَ مُسَدَّدُ بنُ قَطنَ: لَمَّا تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى عَقَدَ مُسْلِمٌ مَجْلِساً لخَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ، فَكَانَ يَحْضُرُ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ، وَينتقِي لَهُ
مُسْلِمٌ شرطَهُ فِي (الصَّحِيْحِ) ، فيُمْلِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَجْلِسُ إِمْلاَءٍ قبلَهَا.قَالَ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ يَقُوْلُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بشرٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاس، وَكَانَ يَقْرَأُ: {فَعَدَلَكَ} [الإِنفطَار: 7] فَخفّفَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ: قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: يَا بُنيَّ، إِنْ كُنْتَ تُرِيْدُ أَحَادِيْثَ شُعْبَةَ، فَعَلَيْكَ بِبَهْزِ بنِ أَسَدٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: أَمرَ عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ أَنْ يُكْتَبَ لَهُ أَسَامِي الأَعْيَانِ بِنَيْسَابُوْرَ.
فكتبُوا مائَةَ نَفْسٍ، ثُمَّ قَالَ: تختَارُ مِنَ المائَةِ عَشْرَةً، فكتبُوا أَسْمَاءَ عَشْرَةٍ.
قَالَ: تختَارُ مِنْهُم أَرْبَعَةً.
فَكَانَ مِنَ الأَرْبَعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ يَقُوْلُ: بكَّرْتُ يَوْماً عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ فِي تزويجِ أُخْتِ امْرَأَةِ مُسْلِمِ بنِ الحَجَّاجِ، فَرَأَيْتُهُ فِي المَسْجَدِ، فَقَالَ: مَا بكَّرَ بِكَ اليَوْمَ؟
قُلْتُ: عَبْدُ الوَاحِدِ الصَّفَّارُ سَأَلَنِي أَنْ أَجيئكَ لتُزَوِّجَ ابْنَتَهُ.
فَقَالَ: مَا حضَرتُ تزويجاً قَطُّ، إِذَا كَانَ فِي وَقْتِ قَوْلِهِم لِلْخَاطبِ: قَبِلْتَ هَذَا النِّكَاحَ وَلَهَا مِنَ المهرِ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا.
فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ فِي نَفْسِي، شقيتَ شقَاءً لاَ تُسْعدُ بَعْدَهُ أَبَداً.
قَالَ مَحْمُوْدُ بنُ وَالاَنَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ بشرٍ، سَمِعْتُ ابْنَ
عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: غَضَبُ اللهِ دَاءٌ لاَ دوَاءَ لَهُ.قُلْتُ: دواؤُهُ كَثْرَةُ الاسْتِغْفَارِ بِالأَسحَارِ، وَالتَّوبَةُ النَّصوحُ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ لَيْلَةَ الأَرْبعَاءِ لثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيْعٍ الآخرِ سنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، فكبَّرَ أَرْبَعاً، وَسلَّمَ تسليمَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ جَاءَ يَحْيَى بنُ الذُّهْلِيِّ إِلَى القَبْرِ فِي زِحَامٍ كَثِيْرٍ، فَصَلَّى بِهِم عَلَى القَبْرِ.
الوَزِيْرُ الأَكْمَلُ، أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزدَاذَ الكَاتِبُ.
وَزَرَ لِلْمستعينِ أَشْهُراً بَعْدَ أَحْمَدَ بنِ الخصيبِ، فَاحتَاطَ عَلَى بَعْضِ أَقطَاعِ بُغَا، فَتهدَّدُوهُ بِالقتلِ، فَاخْتَفَى.
ثُمَّ وَزرَ مَرَّةً ثَانيَةً لِلْمستعينِ بَعْدَ شُجَاعٍ، ثُمَّ إِنَّ بُغَا أَلَّبَ عَلَيْهِ
الأُمرَاءَ، فَهَرَبَ إِلَى بَغْدَادَ، وَاخْتَفَى.مدحَهُ البُحترِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَنقلَ الكوكبِيُّ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الشُّعرَاءِ امتدحُوا الوَزِيْرَ أَبَا صَالِحٍ، فَأَمرَ لَهُم بِثَلاَثَةِ دَرَاهِم لَيْسَ إِلاَّ، وَكَتَبَ إِلَيْهِم:
قيمَةُ أَشعَارِكُم دِرْهَمٌ ... عِنْدِي وَقَدْ زِدْتُكُم دِرْهَمَا
وثَالِثاً قِيمَةُ أَوْرَاقِكُمْ ... فَانْصَرِفُوا قَدْ نِلْتُمُ مَغْنَمَا
مَاتَ الوَزِيْرُ ابْنُ يزدَاذ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن ُ بِشْرِ بنِ الحَكَمِ العَبْدِيُّ ابْنِ حَبِيْبِ بنِ مِهْرَانَ المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الجَوَّادُ، الثِّقَةُ، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَبْدِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
أَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا أَكملُ العَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ زُنبورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بشرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَكِيْمٍ، حَدَّثَنِي الحَكَمُ بنُ أَبَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو هَارُوْنَ العُمَانِيُّ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ جِبْرِيْلَ حَدَّثَهُ، قَالَ: إِنَّ اللهَ قَضَى، أَوْ إِنَّ اللهَ قَالَ: يُؤْتَى بِحَسَنَاتِ العَبْدِ وَسَيِّئاتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقْضَى بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، فَإِنْ بَقِيَتْ حَسَنَةٌ، وَسِعَ لَهُ الجَنَّةُ مَا شَاءَ).
مَوْلِدُهُ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ.واعتنَى بِهِ أَبُوْهُ، وَارْتَحَلَ بِهِ، وَلقيَ الكِبَارَ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَتَفَرَّدَ.
رَوَى عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَوَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ، وَبَهْزِ بنِ أَسَدٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ هَمَّامٍ، وَمَعْنِ بنِ عِيْسَى، وَيَعْلَى وَمُحَمَّدِ ابْنَي عُبَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الوَلِيْدِ العَدَنِيُّ، وَالحُسَيْنِ بنِ الوَلِيْدِ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ، وَحَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَحَفْصِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دُوَادٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَمَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ بِلاَلٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَارُوْدُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَمِّ وَالِدِهِ الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ حَبِيْبٍ الفَرَّاءُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ ابنِ عمِّي يَقُوْلُ: كُنَّا نكتبُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَأَبُوْهُ يلعبُ بِالحَمَامِ، وَكَانَ ابْنُ بشرٍ مَوْصُوفاً بطِيبِ الصّوتِ.
قَالَ مَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ الأَمِيْرُ يحضرُ بِاللَّيْلِ مُتَنَكِّراً إِلَى مَسْجِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ليسمعَ قرَاءتَهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بشرٍ: أَقَامَنِي يَحْيَى القطَّانُ فِي مَجْلِسهِ، فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُم عَنِّي هَذَا الصَّبيُّ فَصَدِّقوهُ، فَإِنَّهُ كَيِّسٌ.
قُلْتُ: كَانَ ارتحَالُ أَبِيْهِ بِهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، وَهُوَ نَحْوُ المُحْتَلِمِ.قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ بشرٍ يَقُوْلُ: حملنِي أَبِي عَلَى عَاتِقِهِ فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، أَنَا بِشْرُ بنُ الحَكَمِ، سَمِعَ أَبِي مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَسَمِعْتُ أَنَا مِنْهُ وَحدَّثْتُ عَنْهُ بِخُرَاسَانَ وَهَذَا ابْنِي قَدْ سَمِعَ مِنْهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: احتلمْتُ بِاليَمَنِ مَعَ أَبِي.
قُلْتُ: آخرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الدُّنْيَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المُذَكِّرُ شَيْخٌ لِلْحَاكِمِ ضَعِيْفٌ.
سَمِعْنَا عَوَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ لزَاهِرٍ الشَّحَّامِيِّ.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: احتلمْتُ فَدَعَا أَبِي عَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَأَصْحَابَ الحَدِيْثِ الغربَاءَ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الطَّعَامِ قَالَ: اشهدُوا أَنَّ ابْنِي قَدِ احْتَلَمَ وَهوَ ذَا يَسْمَعُ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ.
قُلْتُ: هَذَا الإِعلاَمُ إِيلاَمٌ لِلصبِيِّ، وَتخجيلٌ لَهُ.
رُوِيَ أَنَّ الأَمِيْرَ عَبْدَ اللهِ بنَ طَاهِرٍ قَالَ: مَا بِخُرَاسَانَ رَجُلٌ أَحسنُ عقلاً مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ.
قَالَ مُسَدَّدُ بنُ قَطنَ: لَمَّا تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى عَقَدَ مُسْلِمٌ مَجْلِساً لخَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ، فَكَانَ يَحْضُرُ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ، وَينتقِي لَهُ
مُسْلِمٌ شرطَهُ فِي (الصَّحِيْحِ) ، فيُمْلِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَجْلِسُ إِمْلاَءٍ قبلَهَا.قَالَ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ يَقُوْلُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بشرٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاس، وَكَانَ يَقْرَأُ: {فَعَدَلَكَ} [الإِنفطَار: 7] فَخفّفَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ: قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: يَا بُنيَّ، إِنْ كُنْتَ تُرِيْدُ أَحَادِيْثَ شُعْبَةَ، فَعَلَيْكَ بِبَهْزِ بنِ أَسَدٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: أَمرَ عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ أَنْ يُكْتَبَ لَهُ أَسَامِي الأَعْيَانِ بِنَيْسَابُوْرَ.
فكتبُوا مائَةَ نَفْسٍ، ثُمَّ قَالَ: تختَارُ مِنَ المائَةِ عَشْرَةً، فكتبُوا أَسْمَاءَ عَشْرَةٍ.
قَالَ: تختَارُ مِنْهُم أَرْبَعَةً.
فَكَانَ مِنَ الأَرْبَعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ يَقُوْلُ: بكَّرْتُ يَوْماً عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ فِي تزويجِ أُخْتِ امْرَأَةِ مُسْلِمِ بنِ الحَجَّاجِ، فَرَأَيْتُهُ فِي المَسْجَدِ، فَقَالَ: مَا بكَّرَ بِكَ اليَوْمَ؟
قُلْتُ: عَبْدُ الوَاحِدِ الصَّفَّارُ سَأَلَنِي أَنْ أَجيئكَ لتُزَوِّجَ ابْنَتَهُ.
فَقَالَ: مَا حضَرتُ تزويجاً قَطُّ، إِذَا كَانَ فِي وَقْتِ قَوْلِهِم لِلْخَاطبِ: قَبِلْتَ هَذَا النِّكَاحَ وَلَهَا مِنَ المهرِ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا.
فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ فِي نَفْسِي، شقيتَ شقَاءً لاَ تُسْعدُ بَعْدَهُ أَبَداً.
قَالَ مَحْمُوْدُ بنُ وَالاَنَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ بشرٍ، سَمِعْتُ ابْنَ
عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: غَضَبُ اللهِ دَاءٌ لاَ دوَاءَ لَهُ.قُلْتُ: دواؤُهُ كَثْرَةُ الاسْتِغْفَارِ بِالأَسحَارِ، وَالتَّوبَةُ النَّصوحُ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ لَيْلَةَ الأَرْبعَاءِ لثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيْعٍ الآخرِ سنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، فكبَّرَ أَرْبَعاً، وَسلَّمَ تسليمَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ جَاءَ يَحْيَى بنُ الذُّهْلِيِّ إِلَى القَبْرِ فِي زِحَامٍ كَثِيْرٍ، فَصَلَّى بِهِم عَلَى القَبْرِ.