636. أبو العلاء الراوندي1 637. أبو العلاء السهلوي1 638. أبو العلاء الصاعدي1 639. أبو العلاء الغوستاني1 640. أبو العلاء القصاب1 641. أبو العلاء المعري أحمد بن عبد الله بن سليمان...1642. أبو العلاء النيسابوري1 643. أبو العلاء الهمداني الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد...1 644. أبو العلاء بن العين زربي1 645. أبو العلانية1 646. أبو العميس المسعودي عتبة بن عبد الله بن عتبة...1 647. أبو العنبس1 648. أبو العنبس الكوفي1 649. أبو العوام1 650. أبو العوام الدوسي1 651. أبو العوام القطان1 652. أبو العوام سادن بيت المقدس1 653. أبو العوام سادن بيت المقدس صاحب عمر1 654. أبو العوجاء العشار صديق مسروق الكوفي...1 655. أبو العيناء1 656. أبو الغادية الصحابي1 657. أبو الغريز1 658. أبو الغريف1 659. أبو الغصن2 660. أبو الغصن, اسمه ثابت1 661. أبو الغصن ثابت بن قيس الغفاري1 662. أبو الغنائم الأصبهاني1 663. أبو الغنائم الحسني1 664. أبو الغنائم الحلاوي1 665. أبو الغنائم العنبري1 666. أبو الغنائم النقاش1 667. أبو الفتح الأرمي1 668. أبو الفتح الأزجاهي1 669. أبو الفتح الأزدي محمد بن الحسين بن أحمد...1 670. أبو الفتح الأسكاف1 671. أبو الفتح الأصبهاني1 672. أبو الفتح الأنصاري1 673. أبو الفتح الأيغاني1 674. أبو الفتح الباقلاني1 675. أبو الفتح البالقاني1 676. أبو الفتح البامنجي1 677. أبو الفتح البخاري1 678. أبو الفتح البغوي2 679. أبو الفتح البياري1 680. أبو الفتح البيع1 681. أبو الفتح الثابتي1 682. أبو الفتح الجرجاني1 683. أبو الفتح الجلال1 684. أبو الفتح الحداد أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد...1 685. أبو الفتح الحللي1 686. أبو الفتح الحمدويي1 687. أبو الفتح الحنفي2 688. أبو الفتح الخاقاني1 689. أبو الفتح الخرقي1 690. أبو الفتح الخسروجردي1 691. أبو الفتح الخسروشاهي1 692. أبو الفتح الخورنقي1 693. أبو الفتح الدبوسي1 694. أبو الفتح الدهاشي1 695. أبو الفتح الززي1 696. أبو الفتح السراج1 697. أبو الفتح السرخسي2 698. أبو الفتح السوري1 699. أبو الفتح الشحامي1 700. أبو الفتح الشهرستاني1 701. أبو الفتح الشيرازي1 702. أبو الفتح الشيرزي1 703. أبو الفتح الصدقي1 704. أبو الفتح الصوفي1 705. أبو الفتح الصيدلاني1 706. أبو الفتح الطالقاني1 707. أبو الفتح الطرسوسي1 708. أبو الفتح الطريثيثي1 709. أبو الفتح العلوي2 710. أبو الفتح العياضي1 711. أبو الفتح الغازي1 712. أبو الفتح الغزنوي1 713. أبو الفتح الغياثي1 714. أبو الفتح الفصاد1 715. أبو الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات...1 716. أبو الفتح الفوشنجي2 717. أبو الفتح القشيري1 718. أبو الفتح الكرابيسي1 719. أبو الفتح الكشاني1 720. أبو الفتح الكشميهني1 721. أبو الفتح الكناني1 722. أبو الفتح المارشكي1 723. أبو الفتح المحتسب1 724. أبو الفتح المدوي1 725. أبو الفتح المسعودي1 726. أبو الفتح المضري1 727. أبو الفتح المعير1 728. أبو الفتح المقدسي1 729. أبو الفتح المليحي1 730. أبو الفتح النوسي1 731. أبو الفتح الهروي2 732. أبو الفتح الهروي نصر بن أحمد بن إبراهيم الحنفي...1 733. أبو الفتح الهمذاني2 734. أبو الفتح الولوالجي1 735. أبو الفتح اليونسي1 Prev. 100
«
Previous

أبو العلاء المعري أحمد بن عبد الله بن سليمان

»
Next
أَبُو العَلاَءِ المَعَرِّيُّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ
هُوَ: الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الآدَابِ، أَبُو العَلاَءِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ بن مُطَهِّرِ بن زِيَادِ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ أَنْوَرَ بنِ أَرْقَمَ بنِ أَسْحَمَ بنِ
النُّعْمَانِ - وَيُلَقَّبُ بِالسَّاطِعِ لِجَمَالِهِ - ابْنِ عَدِيِّ بنِ عَبْدِ غَطَفَانَ بنِ عَمْرِو بنِ برِيحِ بنِ جَذِيْمَةَ بنِ تَيْمِ اللهِ - الَّذِي هُوَ مُجْتَمعُ تَنُوخ - بنِ أَسَدِ بنِ وَبْرَةَ بنِ تَغْلِبَ بنِ حُلْوَانَ بنِ عِمْرَانَ بنِ الحَافِ بنِ قُضَاعَةَ بنِ مَالِكِ بنِ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ بنِ زَيْدِ بنِ مَالِكِ بنِ حِمْيَرِ بنِ سَبَأَ بنِ يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ بنِ قَحْطَانَ بنِ عَامِرٍ - وَهُوَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ - القَحْطَانِيُّ، ثُمَّ التَّنُوْخِيُّ، المَعَرِّيُّ، الأَعْمَى، اللُّغَوِيُّ، الشَّاعِرُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ السَّائِرَةِ، وَالمُتَّهَمُ فِي نِحْلَتِهِ.وُلِدَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَأَضرَّ بِالجُدَرِيِّ وَلَهُ أَرْبَعُ سِنِيْنَ وَشهر؛ سَالتْ وَاحِدَةٌ، وَابيضَّتِ اليُمْنَى، فَكَانَ لاَ يذكُرُ مِنَ الأَلوَانِ إِلاَّ الأَحْمَر، لثَوْبٍ أَحْمَر أَلبسوهُ إِيَّاهُ
وَقَدْ جُدِّر، وَبَقِيَ خَمْساً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً لاَ يَأْكُل اللَّحْم تَزُهُّداً فَلسفِيّاً.وَكَانَ قَنوعاً مُتَعفِّفاً لَهُ وَقْفٌ يَقومُ بِأَمرِهِ، وَلاَ يَقبلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً، وَلَوْ تَكسَّبَ بِالمديحِ، لحصَّلَ مَالاً وَدُنْياً، فَإِنَّ نَظمه فِي الذِّروَة، يُعَدُّ مَعَ المتنبِيّ وَالبُحْتُرِيّ.
سَمِعَ جُزْءاً مِنْ يَحْيَى بنِ مِسْعَر، رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيّ.
وَأَخَذَ الأَدب عَنْ بنِي كوثر، وَأَصْحَاب ابْنِ خَالويه، وَكَانَ يَتوَقَّدُ ذكَاء.
وَمِنْ أَرْدَأ تَوَالِيفه (رِسَالَة الغفرَان) فِي مُجَلَّد، قَدِ احْتَوَتْ عَلَى مَزْدَكَةٍ وَفرَاغ، وَ (رِسَالَة المَلاَئِكَة ) وَرِسَالَة (الطَّير) عَلَى ذَلِكَ الْأُنْمُوذَج، وَديوَانه (سقط الزَّنْد ) مَشْهُوْر، وَلَهُ (لُزُوم مَا لاَ يَلزم ) مِنْ نَظمه، وَكَانَ إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي حَفِظ اللغَات.
ارْتَحَلَ فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعِ مائَة إِلَى طرَابلس وَبِهَا كتب كَثِيْرَةٌ، وَاجتَاز بِاللاَّذقيَّة، فَنَزَلَ ديراً بِهِ رَاهِبٌ مُتفلسِفٌ، فَدَخَلَ كَلاَمُه فِي مسَامعِ أَبِي العَلاَءِ، وَحَصَلَتْ لَهُ شكوكٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ نورٌ يَدفعُهَا، فَحصلَ لَهُ نوعُ انحَلاَلٍ دَلَّ عَلَيْهِ مَا يَنظمه وَيلهج بِهِ.وَيُقَالُ: تَابَ مِنْ ذَلِكَ وَارعوَى.
وَقَدْ سَارَتِ الفُضَلاَءُ إِلَى بَابه، وَأَخَذُوا عَنْهُ.
وَكَانَ أَخَذَ اللُّغَة عَنْ أَبِيْهِ، وَبحلبَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدٍ النَّحْوِيّ.
وَكَانَتْ غَلَّتُه فِي العَامِ نَحْو ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً، أَفرز مِنْهَا نِصْفهَا لمَنْ يَخدُمه.
وَكَانَ غذَاؤُه العَدَسَ وَنَحْوهُ، وَحلوَاهُ التِّين، وَثيَابُه الْقطن، وَفِرَاشه لبَّادٌ وَحصِيْر بَرْدِي، وَفِيْهِ قوَةُ نَفْس، وَتَرْكٌ لِلْمِنَنِ، عُورِضَ فِي وَقْفِهِ، فَسَافر إِلَى بَغْدَادَ يَتظلَّم فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ، وَحَدَّثَ بِهَا بسَقط الزّند.
يُقَالُ: كَانَ يَحفظُ كُلَّ مَا مرَّ بِسَمِعَهُ، وَيُلاَزم بَيْتَه، وَسَمَّى نَفْسه رهن المَحْبِسَيْنِ؛ لِلزومه مَنْزِلَه وَلِلعمَى،
وَقَالَ الشِّعرَ فِي حدَاثته، وَكَانَ يُمْلِي تَصَانِيْفَه عَلَى الطَّلَبَةِ مِنْ صَدْره.
خَرَجَ صَالِح بنُ مِرْدَاسٍ ملك حلب، فَنَازل المَعَرَّة يُحَاصرهَا،
وَرمَاهَا بِالمجَانِيق، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو العَلاَءِ يَتشفَّع، فَأَكْرَمَه، وَقَالَ: أَلكَ حَاجَة؟قَالَ: الأَمِيْرُ - أَطَالَ الله بقَاءهُ - كَالسَّيْف القَاطع، لاَن مسُّهُ، وَخَشُنَ حدُّهُ، وَكَالنَّهَار المَاتِع، قَاظ وَسطُه، وَطَابَ أَبْردَاهُ {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِين} [الأَعرَاف:199] .
فَقَالَ: قَدْ وَهبتُكَ المَعَرَّةَ، فَأَنْشِدنَا مِنْ شعرِكَ.
فَأَنْشَدَهُ عَلَى البديهِ أَبيَاتاً، وَترحَّل صَالِحٌ.
كَانَ لأَبِي العَلاَءِ خلوَةٌ يَدخُلهَا لِلأَكلِ، وَيَقُوْلُ: الأَعْمَى عورَة، وَالوَاجِبُ اسْتَتَارُهُ.
فَأَكَلَ مرَّةً دُبسَا، فَنقط عَلَى صَدْرِهِ مِنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ لِلإِفَادَة؛ قِيْلَ لَهُ: أَكَلتُم دُبساً؟ فَأَسرع بِيَدِهِ إِلَى صَدْره، فَمسحه وَقَالَ: نَعَمْ، لَعَنَ اللهُ النَّهَم.
فَعجبُوا مِنْ ذكَائِهِ، وَكَانَ يَعتذر إِلَى مَنْ يَرحل إِلَيْهِ، وَيَتَأَوَّهُ لعدم صلته.
قَالَ البَاخَرزِي :أَبُو العَلاَءِ ضرِيرٌ مَا لَهُ ضرِيب، وَمكفوفٌ فِي قَمِيْص الفَضْل مَلْفُوف، وَمحجوبٌ خَصمه الأَلد مَحْجُوج، قَدْ طَالَ فِي ظلّ الإِسْلاَم آنَاؤُهُ، وَرشَح بِالإِلْحَاد إِنَاؤُه، وَعِنْدنَا خَبَرُ بصرِهِ، وَاللهُ العَالِمُ بِبصِيْرتِهِ وَالمطَّلعُ عَلَى سرِيرته، وَإِنَّمَا تحدَّثتِ الأَلْسُنُ بِإِسَاءته
بِكِتَابه الَّذِي عَارض بِهِ القُرْآن، وَعنونه بـ (الْفُصُول وَالغَايَات فِي محَاذَاة السُّوْر وَالآيَات) .وَقَالَ غَرسُ النِّعمَة مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ بن المُحَسَّن :لَهُ شِعْرٌ كَثِيْر، وَأَدب غزِيْر، وَيُرمَى بِالإِلْحَاد، وَأَشعَارُه دَالَّة عَلَى مَا يُزَنُّ بِهِ، وَلَمْ يَأْكُل لحماً وَلاَ بيضاً وَلاَ لَبَناً، بَلْ يَقتصر عَلَى النّبَات، وَيُحرِّمُ إِيلاَمَ الحيوَان، وَيُظهر الصَّوْم دَائِماً.
قَالَ: وَنَحْنُ نَذكُر مِمَّا رُمِي بِهِ فَمِنْهُ :
قِرَانُ المُشْتَرِي زُحَلاً يُرَجَّى ... لإِيقَاظِ النَّوَاظِرِ مِنْ كرَاهَا
تَقضَّى النَّاسُ جِيلاً بَعْدَ جِيْلٍ ... وَخُلِّفتِ النُّجُوْمُ كَمَا ترَاهَا
تَقدَّم صَاحِبُ التَّوْرَاةِ مُوْسَى ... وَأَوقَعَ بِالخَسَارِ مَنِ اقْترَاهَا
فَقَالَ رِجَالُهُ :وَحْيٌّ أَتَاهُ ... وَقَالَ الآخرُوْنَ: بَلِ افْترَاهَا
وَمَا حَجِّي إِلَى أَحْجَارِ بَيْتٍ ... كؤوسُ الخَمْرِ تُشْرَبُ فِي ذُرَاهَا
إِذَا رَجَعَ الحَكِيمُ إِلَى حِجَاهُ ... تَهَاوَنَ بِالمذَاهبِ وَازْدَرَاهَا
وَلَهُ :صَرْفُ الزَّمَانِ مُفَرِّقُ الإِلْفَيْنِ ... فَاحْكُم إِلهِي بَيْنَ ذَاكَ وَبَينِي
أَنَهيْتَ عَنْ قَتْلِ النُّفُوْس تَعمُّداً ... وَبَعَثْتَ أَنْتَ لِقَبْضِهَا مَلَكَيْنِ
وَزَعَمْتَ أَنَّ لَهَا مَعَاداً ثَانِياً ... مَا كَانَ أَغنَاهَا عَنِ الحَالَيْنِ
وَلَهُ :
عُقُوْلٌ تَسْتَخِفُّ بِهَا سُطور... وَلاَ يَدْرِي الفَتَى لِمَنِ الثُّبورُ
كِتَابُ مُحَمَّدٍ وَكِتَابُ مُوْسَى ... وَإِنجيلُ ابْنِ مَرْيَمَ وَالزَّبُورُ
وَمِنْه :
هَفَتِ الحنِيفَةُ وَالنَّصَارَى مَا اهتدَتْ ... وَيَهُوْدُ حَارتْ وَالمَجُوْسُ مُضَلَّلَهْ
رَجُلاَنِ أَهْلُ الأَرْضِ هَذَا عَاقلٌ ... لاَ دينَ فِيْهِ وَدَيِّنٌ لاَ عَقْلَ لَهُ
وَمِنْه :
قُلْتُمْ لَنَا خَالِقٌ قَدِيْمُ ... صَدَقْتُمُ هَكَذَا نَقُوْلُ
زَعَمْتُمُوْهُ بِلاَ زَمَانٍ ... وَلاَ مَكَانٍ أَلاَ فَقُوْلُوا
هَذَا كَلاَمٌ لَهُ خَبِيءٌ ... مَعْنَاهُ لَيْسَتْ لَكُم عُقُوْلُ
وَمِنْه :دينٌ وَكفرٌ وَأَنبَاءٌ تقَال وَفُر ... قَانٌ يُنَصُّ وَتَوْرَاةٌ وَإِنجيلُ
فِي كُلِّ جيلٍ أَبَاطيلُ يُدَانُ بِهَا ... فَهَلْ تَفَرَّد يَوْماً بِالهُدَى جيلُ؟
فَأَجَبْتُه:
نَعَمْ أَبُو القَاسِمِ الهَادِي وَأُمَّتُهُ ... فَزَادَكَ اللهُ ذُلاً يَا دُجَيْجِيلُ
وَمِنْه - لُعِنَ -:
فَلاَ تَحْسَبْ مَقَالَ الرُّسْلِ حَقّاً ... وَلَكِنْ قَوْلُ زُورٍ سَطَّرُوهُ
وَكَانَ النَّاسُ فِي عَيْشٍ رَغِيدٍ ... فَجَاؤُوا بِالمُحال فَكَدَّرُوهُ
وَمِنْه :
وَإِنَّمَا حَمَّلَ التَّوْرَاةَ قَارِئَهَا ... كسبُ الفَوَائِدِ لاَ حُبُّ التِّلاَوَاتِ
وَهل أُبِيحَتْ نِسَاءُ الرُّوْم عَنْ عُرُضٍ... لِلعُرْبِ إِلاَّ بِأَحكَامِ النُّبُوَّاتِ
أَنشدتنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عليّ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا فَرْقَدُ الكِنَانِيّ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتّ مائَة، أَنشدنَا السِّلَفِيّ، سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا التبرِيزِي يَقُوْلُ:
لَمَّا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي العَلاَءِ بِالمَعَرَّة قَوْله :
تَنَاقُضٌ مَا لَنَا إِلاَّ السُّكوتُ لَهُ ... وَأَن نَعُوذَ بِمَوْلاَنَا مِنَ النَّارِيَدٌ بِخَمْسِ مِئٍ مِنْ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ ... مَا بِالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِيْنَارِ؟
سَأَلتُهُ، فَقَالَ: هَذَا كَقَوْل الفُقَهَاء: عبَادَة لاَ يُعْقَلُ معنَاهَا.
قَالَ كَاتِبهُ: لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ؛ لقَالَ: تَعَبُّدٌ.
وَلَمَّا قَالَ: تَنَاقضٌ.
وَلَمَّا أَرْدَفَه بِبَيْتٍ آخَر يَعترِضُ عَلَى رَبّهُ.
وَبإِسْنَادِي قَالَ السِّلَفِيّ: إِنْ كَانَ قَالَهُ مُعْتَقداً مَعْنَاهُ، فَالنَّارُ مأوَاهُ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الإِسْلاَمِ نصِيْب.
هَذَا إِلَى مَا يُحَكَى عَنْهُ فِي كِتَابِ (الْفُصُول وَالغَايَات) فَقِيْلَ لَهُ: أَيْنَ هَذَا مِنَ القُرْآن؟
فَقَالَ: لَمْ تَصْقُلْهُ المحَارِيب أَرْبَعِ مائَةِ سَنَةٍ.
وَبِهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الخَلِيْلُ بنُ عبد الجَبَّار بقَزْوِيْن وَكَانَ ثِقَةً، حَدَّثَنَا أَبُو العَلاَءِ بِالمَعَرَّة، حَدَّثَنَا أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
ثُمَّ قَالَ السِّلَفِيّ: وَمِنْ عَجِيْب رَأْي أَبِي العَلاَءِ تركُهُ أَكل مَا لاَ يَنْبُتُ حَتَّى نُسِبَ إِلَى التَّبَرْهُم، وَأَنَّهُ يَرَى رَأْي البرَاهِمَةِ فِي إِثْبَات الصَّانعِ وَإِنْكَارِ الرُّسلِ، وَتَحْرِيْم إِيذَاء الحيوَانَاتِ، حَتَّى العقَارب وَالحيَّات، وَفِي شِعْرِهِ مَا يَدلُّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لاَ يَسْتَقِرُّ بِهِ قرَار، فَأَنشدنِي أَبُو المَكَارِمِ الأَسَدِيّ، أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ لِنَفْسِهِ :
أَقَرُّوا بِالإِلهِ وَأَثْبِتُوهُ ... وَقَالُوا: لاَ نَبِيَّ وَلاَ كِتَابُ
وَوطءُ بنَاتِنَا حِلٌّ مُبَاحٌ ... رُوَيْدَكُمُ فَقَدْ طَالَ العِتَابُتَمَادَوا فِي الضَّلاَل فَلَمْ يَتوبُوا ... وَلَوْ سَمِعُوا صَليلَ السَّيْفِ تَابُوا
قَالَ: وَأَنشدنَا أَبُو تَمَّام غَالِبُ بنُ عِيْسَى بِمَكَّةَ، أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ المَعَرِّيّ لِنَفْسِهِ :
أَتَتْنِي مِنَ الإِيْمَان سِتُّوْنَ حِجَّةً ... وَمَا أَمْسَكَتْ كَفِّي بِثِنْيِ عِنَانِ
وَلاَ كَانَ لِي دَارٌ وَلاَ رُبْعُ مَنْزِلٍ ... وَمَا مسَّنِي مِنْ ذَاكَ رَوْعُ جَنَانِ
تَذكَّرتُ أَنِّي هَالكٌ وَابْنُ هَالِكٍ ... فَهَانَتْ عليَّ الأَرْضُ وَالثَّقَلاَنِ
وَبِهِ: قَالَ السِّلَفِيّ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّة عَقيدَتِهِ مَا سَمِعْتُ الخَطِيْب حَامِدَ بنَ بختيَار، سَمِعْتُ أَبَا المَهْدِيّ بنَ عبدِ الْمُنعم بن أَحْمَدَ السَّرُوجِي، سَمِعْتُ أَخِي أَبَا الفَتْح القَاضِي يَقُوْلُ:
دَخَلتُ عَلَى أَبِي العَلاَءِ التنوخِي بِالمَعَرَّة بَغْتَةً، فَسمِعتُهُ يُنشدُ :
كَمْ غُودِرَتْ غَادَةٌ كَعَابٌ ... وَعُمِّرت أُمُّهَا العَجُوْزُ
أَحرَزَهَا الوَالِدَانِ خَوفاً ... وَالقَبْرُ حِرْزٌ لَهَا حَرِيزُ
يَجوزُ أَنْ تُخْطِئ المنَايَا ... وَالخُلْدُ فِي الدَّهْرِ لاَ يَجُوْزُ
ثُمَّ تَأَوَّهَ مَرَّات، وَتَلاَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ
الآخِرَةِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَمِنْهُم شَقِيٌّ وَسَعِيْدٌ} [هود:103 - 105] .ثُمَّ صَاح وَبَكَى، وَطرح وَجهه عَلَى الأَرْضِ زَمَاناً، ثُمَّ مَسحَ وَجْهَهُ، وَقَالَ: سُبْحَانَ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَذَا فِي القِدَمِ! سُبْحَانَ مَنْ هَذَا كَلاَمُه! فَصبرتُ سَاعَةً، ثُمَّ سَلَّمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: أَرَى فِي وَجْهِكَ أَثَرَ غِيظٍ؟
قَالَ: لاَ، بَلْ أَنشدتُ شَيْئاً مِنْ كَلاَم المَخْلُوْق، وَتَلَوْتُ شَيْئاً مِنْ كَلاَم الخَالِق، فَلَحِقَنِي مَا تَرَى.
فَتحققت صِحَّة دينه.
وَبِهِ: قَالَ السِّلَفِيّ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا التبرِيزِي يَقُوْلُ: أَفْضَلُ مَنْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ أَبُو العَلاَءِ.
وَسَمِعْتُ أَبَا المَكَارِم بِأَبهر - وَكَانَ مِنْ أَفرَاد الزَّمَان - يَقُوْلُ: لمَّا تُوُفِّيَ أَبُو العَلاَءِ اجْتَمَع عَلَى قَبْرِهِ ثَمَانُوْنَ شَاعِراً، وَخُتِمَ فِي أُسْبُوْعٍ وَاحِدٍ مِئتَا ختمَة، إِلَى أَنْ قَالَ السِّلَفِيّ: وَفِي الجُمْلَةِ فَكَانَ مِنْ أَهْلِ الفَضْل الوَافر، وَالأَدبِ البَاهرِ، وَالمَعْرِفَةِ بِالنَّسبِ وَأَيَّامِ العَرَبِ، قَرَأَ القُرْآنَ بِروَايَات، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ عَلَى ثِقَات، وَلَهُ فِي التَّوحيد وَإِثْبَات النّبوَات، وَمَا يَحُضُّ عَلَى الزُّهْدِ، وَإِحيَاء طرق الفتوَّة وَالمُروءة شعرٌ كَثِيْرٌ، وَالمُشكل مِنْهُ، فَلَهُ عَلَى زَعْمِهِ تَفْسِيْر.
قَالَ غَرْسُ النِّعمَة: حَدَّثَنَا الوَزِيْرُ أَبُو نَصْرٍ بنُ جَهِير، حَدَّثَنَا المنَازِي الشَّاعِر قَالَ:
اجْتَمَعتُ بِأَبِي العَلاَءِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا الَّذِي يُرْوَى عَنْكَ؟ قَالَ:
حسدونِي، وَكَذَبُوا عليّ.فَقُلْتُ: عَلَى مَاذَا حَسَدُوك، وَقَدْ تركتَ لَهُم الدُّنْيَا وَالآخِرَة؟
فَقَالَ: وَالآخِرَة؟!
قُلْتُ: إِي وَاللهِ.
ثُمَّ قَالَ غَرس النِّعمَة: وَأَذْكُرُ عِنْد وَرود الخَبَر بِمَوْته وَقَدْ تذَاكرنَا إِلحَادَهُ، وَمَعَنَا غُلاَمٌ يُعْرَفُ بِأَبِي غَالِب بن نَبْهَانَ مِنْ أَهْلِ الخَيْر وَالفِقْه، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، حَكَى لَنَا قَالَ: رَأَيْتُ البَارِحَةَ شَيْخاً ضرِيراً عَلَى عَاتقه أَفعيَان مُتدَلِّيَان إِلَى فَخِذَيْهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَرْفَعُ فَمَهُ إِلَى وَجهِهِ، فِيقطع مِنْهُ لحماً، وَيَزْدَرِدُهُ، وَهُوَ يَسْتَغِيثُ، فَهَالنِي، وَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيْلَ لِي: هَذَا أَبُو العَلاَءِ المعرِّي المُلْحِدِ.
وَلأَبِي العَلاَءِ :
لاَ تَجْلِسَنْ حُرَّة، موفَّقَةٌ ... مَعَ ابْنِ زَوْجٍ لَهَا وَلاَ خَتَنِ
فَذَاكَ خَيْرٌ لَهَا وَأَسْلَمُ لِلـ ... إِنْسَانِ إِنَّ الفَتَى مِنَ الفِتَنِ
أَنشدنَا أَبُو الحُسَيْنِ الحَافِظُ بِبَعْلَبَك، أَنشدنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيّ، أَنشدنَا السِّلَفِيّ، أَنشدنَا أَبُو المَكَارِمِ عَبْدُ الوَارِثِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ، أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ لِنَفْسِهِ :
رَغِبْتُ إِلَى الدُّنْيَا زَمَاناً فَلَمْ تَجُدْ ... بِغَيْرِ عَنَاءٍ وَالحَيَاةُ بلاغُ
وَأَلقَى ابْنَه اليَأْسُ الكَرِيْمُ وَبِنْتَهُ ... لَدَيَّ فَعِنْدِي رَاحَةٌ وَفرَاغُ
وَزَادَ فَسَادَ النَّاسِ فِي كُلِّ بلدَةٍ ... أَحَادِيْثُ مَيْنٍ تُفْتَرَى وَتُصَاغُوَمِنْ شَرِّ مَا أَسْرَجْتَ فِي الصُّبْح وَالدُّجَى ... كُمَيْتٌ لَهَا بِالشَّاربينَ مَرَاغُ
وَبِهِ :
أَوحَى المليكُ إِلَى مَنْ فِي بَسيطتِهِ ... مِنَ البَرِيَّةِ جُوسُوا الأَرْضَ أَوْ حُوسُوا
فَأَنْتُم قَوْمُ سُوءٍ لاَ صلاَحَ لَكُم ... مَسْعُوْدُكُم عِنْدَ أَهْل الرَّأْي منَحْوسُ
أَنشدنَا مُوْسَى بنُ مُحَمَّدٍ بِبَعْلَبَك، أَنشدنَا الشَّرَف الإِرْبِلِيّ، أَنشدنَا أَحْمَدُ بنُ مُدْرِك القَاضِي، أَنشدنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُؤيد بن أَحْمَدَ بنِ حوَارِيّ، أَنشدنَا جَدِّي أَبُو اليَقْظَان أَحْمَد، أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ لِنَفْسِهِ:
يَا سَاهِرَ البَرْقِ أَيقظ رَاقد السَّمُرِ... لَعَلَّ بِالجِزْعِ أَعْوَاناً عَلَى السَّهَرِ
وَإِن بَخِلْتَ عَلَى الأَحْيَاءِ كُلِّهمِ ... فَاسْقِ المَوَاطِرَ حيّاً مِنْ بَنِي مَطَرِ
وَيَا أَسيرَةَ حِجْلَيْهَا أَرَى سَفَهاً ... حَمْلَ الحُلِيِّ لِمَنْ أَعيَى عَنِ النَّظَرِ
مَا سِرْتُ إِلاَّ وَطَيْفٌ مِنْكَ يَطرحُنِي... يَسرِي أَمَامِي وَتَأْويباً عَلَى أَثَرِي
لَوْ حَطَّ رَحْلِي فَوْقَ النَّجْمِ رَافِعُهُ ... أَلْفَيْتُ ثَمَّ خيَالاً مِنْكَ مُنْتَظِرِييَوَدُّ أَنَّ ظلاَمَ اللَّيْل دَامَ لَهُ ... وَزِيْدَ فِيْهِ سوَادُ القَلْبِ وَالبَصَرِ
لَوِ اخْتَصَرتُم مِنَ الإِحسَانِ زُرْتُكُمُ ... وَالعَذْبُ يُهْجَرُ لِلإِفرَاط فِي الخَصَرِ
وَهِيَ طَوِيْلَة بَدِيْعَة نَيِّفٌ وَسَبْعُوْنَ بَيْتاً، وَشِعْرُه مِنْ هَذَا النَّمَط.
قِيْلَ: إِنَّهُ أَوْصَى أَنْ يُكتب عَلَى قَبْرِهِ:
هَذَا جنَاهُ أَبِي عليَّ ... وَمَا جَنِيْتُ عَلَى أَحَدِ
قُلْتُ: الفَلاَسِفَة يَعدُّوْنَ اتخَاذ الوَلَدِ وَإِخرَاجَهُ إِلَى الدُّنْيَا جنَايَةً عَلَيْهِ، وَيظهرُ لِي مِنْ حَال هَذَا المَخْذُول أَنَّهُ مُتَحَيِّرٌ لَمْ يَجزِم بِنِحْلَةٍ.
اللَّهُمَّ فَاحفظ عَلَيْنَا إِيْمَاننَا.
وَنَقَلَ القِفْطِيّ أَنَّ أَبَا العَلاَء قَالَ: لَزِمْتُ مسكنِي مُنْذُ سَنَةَ أَرْبَع مائَة، وَاجتهدتُ أَنْ أَتوفَّرَ عَلَى الحمدِ وَالتَّسْبيحِ، إِلاَّ أَنْ أُضْطَرَّ إِلَى غَيْر ذَلِكَ، فَأَمْلَيْتُ أَشيَاءَ تَولَّى نسخَهَا أَبُو الحَسَنِ ابْن أَبِي هَاشِمٍ فِي الزُّهْدِ وَالعظَاتِ وَالتَّمجيدِ؛ فَمِنْ ذَلِكَ (الْفُصُول وَالغَايَات) مائَة كُرَّاسة، وَمُؤلَّفٌ فِي غَرِيْب ذَلِكَ عِشْرُوْنَ كرَّاسَة، وَ (إِقليد الغَايَات فِي اللُّغَة) عَشر كَرَارِيْس، وَكِتَاب (الأَيك وَالغصُوْنَ) أَلف وَمائتَا كرَّاسَة. وَكِتَاب (مُخْتَلف
الْفُصُول) نَحْو أَرْبَع مائَة كُرَّاس، وَ (تَاج الحرّة فِي وَعظ النِّسَاء) نَحْو أَرْبَع مائَة كرَّاسَة، وَ (الْخطب ) مُجَلَّد، وَكِتَاب فِي الْخَيل عشر كَرَارِيْس، وَكِتَاب (خطبَة الفَصِيْح) خَمْسَ عَشْرَةَ كرَّاسَة، وَ (ترسِيْل الرُّمُوز ) مُجَلد، وَ (لُزُوم مَا يَلزم) نَحْو مائَة وَعِشْرِيْنَ كرَّاسَة، وَ (زجر النَّابح ) مُجَلد، وَكِتَاب (نَجر الزّجر ) مِقْدَاره، وَكِتَاب (شَرْح لُزُوم مَالاَ يَلزم ) ثَلاَث مُجَلَدَات، وَكِتَاب (مُلْقَى السَّبِيل ) جُزْء، وَ (موَاعِظ)
فِي مُجَلَّد، وَ (خُمَاسيَّة الرَّاح فِي ذَمّ الخَمْر) عشر كَرَارِيْس - قُلْتُ: أَظنّه يَعْنِي بِالكرَّاسَة: ثَلاَث وَرقَات - وَكِتَاب (سقط الزَّنْد) وَكِتَاب (القوَافِي وَالأَوزَان ) سِتُّوْنَ كرَّاسَة، وَسرد أَشيَاء كَثِيْرَة أَدبيَات، وَكِتَابُه فِي الزُّهْد، يُعرفُ بِكِتَاب (اسْتَغْفر وَاسْتَغْفرِي) مَنظومٌ نَحْو عَشْرَة آلاَف بَيْت، الْمَجْمُوع خَمْسَة وَخَمْسُوْنَ مُصَنّفاً.قَالَ: فِي نَحْو أَرْبَعَة آلاَف وَمائَة وَعِشْرِيْنَ كرَّاسَة. قُلْتُ: قَدْ قدَّرتُ لَكَ الكرَّاسَة.
قَالَ القِفْطِيّ :أَكْثَرُ كتبِهِ عُدِمَتْ، وَسلم مِنْهَا مَا خَرَجَ عَنِ المَعَرَّة قَبْل اسْتبَاحَةِ الكُفَّار لَهَا.
قُلْتُ: قَبْرُهُ دَاخِل المَعَرَّة فِي مَكَان دَاثِرٍ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَاهِرٍ بنُ أَبِي الصَّقْر الأَنْبَارِيّ، وَطَائِفَة، وَقَدْ طَالَ المَقَالُ، وَمَا عَلَى الرَّجُلِ أُنْسُ زُهَّادِ
المُؤْمِنِيْنَ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا خُتِمَ لَهُ.وَمِنْ خَبِيْثِ قَوْله :
أَتَى عِيْسَى فَبَطَّلَ شَرْعَ مُوْسَى... وَجَاءَ مُحَمَّدٌ بصَلاَةِ خَمْسٍ
وَقَالُوا: لاَ نَبِيَّ بَعْدَ هَذَا ... فَضلَّ القَوْمُ بَيْنَ غَدٍ وَأَمْسِ
وَمهمَا عِشْتَ مِنْ دُنْيَاك هذِي... فَمَا تُخْلِيكَ مِنْ قَمَرٍ وَشَمْسِ
إِذَا قُلْتُ المُحَالَ رَفَعتُ صَوْتِي ... وَإِنْ قُلْتُ الصَّحِيْحَ أَطَلْتُ هَمْسِي
وَمِمَّنْ رثَاهُ تِلْمِيْذُه أَبُو الحَسَنِ عليّ، فَقَالَ :
إِنْ كُنْتَ لَمْ تُرِقِ الدِّمَاءَ زَهَادَةً ... فَلَقَدْ أَرَقْتَ اليَوْمَ مِنْ جَفْنِي دمَا
سَيَّرْتَ ذِكْرَكَ فِي البِلاَدِ كَأَنَّهُ ... مِسْكٌ فَسَامِعَةً يُضَمَّخُ أَوْ فَمَا
وَأَرَى الحَجِيْجَ إِذَا أَرَادُوا لَيْلَةً ... ذِكرَاكَ أَخرجَ فِديَةً مَنْ أَحرمَا
وَومن رَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ المُحَسّن التَّنوخِي - وَمَاتَ قَبْلَهُ -، وَغَالِبُ بنُ عِيْسَى الأَنْصَارِيّ.
وَكَانَتْ عِلَّتُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَمَاتَ فِي أَوَائِل شَهْر ربيع الأَوَّل مَنْ سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَعَاشَ سِتّاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.