Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=152239#95b888
عثمان بن الحويرث بن أسد
ابن عبد العزى ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي الأسدي.
شاعر من شعراء مكة، جاهلي يقال له: البطريق. قدم على قيصر ليملكه على أهل مكة.
قال عروة بن الزبير: خرج عثمان بن الحويرث، وكان يطمع أن يملك قريشاً، وكان من أظرف قريش وأعقلها حتى يقدم على قيصر، وقد رأى حاجتهم ومتجرهم ببلاده، فذكر له مكة ورغبه فيها وقال: تكون زيادة في ملكك كما كسرى صنعاء. فملكه عليهم، وكتب له
إليهم، فلما قدم عليهم قال: يا قوم، إن قيصر من قد علمتم، أمانكم ببلاده، وما تصيبون من التجارة في كنفه، وقد ملكني عليكم، وإنما أنا ابن عمكم وأحدكم، وإنما آخذ منكم الجراب من القرظ، والعكة من السمن والإهاب، فأجمع ذلك ثم أبعث به إليه، وأنا أخاف إن أبيتم ذلك أن يمتنع منكم الشام، فلاتتجروا به، ويقطع مرفقكم منه. فلما قال لهم ذلك خافوا قيصر، وأخذ بقلوبهم ما ذكر من متجرهم، فأجمعوا أن يعقدوا على رأسه التاج عشية وفارقوه على ذلك.
فلما طافوا عشية بعث الله عليه ابن عمه أبان، معه الأسود بن المطلب بن أسد، فصاح على أحفل ما كانت قريش في الطواف: يالعباد الله، ملك بتهامة!؟ فانحاشوا انحياش حمر الوحش، ثم قالوا: صدق واللات والعزى، ما كان بتهامة ملك قط. فانتقضت قريش عما كانت قالت له، ولحق بقيصر ليعلمه.
وكان قيصر حمل عثمان على بغلة عليها سرج عليه الذهب حين ملكه.
وقال الأسود بن المطلب حين أرادت قريش أن تملك عثمان بن الحويرث عليها: إن قريشاً لقاح لا تملك، فخرج عثمان بن الحويرث إلى قيصر ليملكه على قريش، فكلم تجار من تجار قريش بالشام عمرو بن جفنة في عثمان بن الحويرث، وسألوه أن يفسد عليه أمره، فكتب إلى ترجمان قيصر يحول كلام عثمان، فلما دخل عثمان على قيصر فكلمه، قال للترجمان: ما قال؟ فقال: مجنون يشتم الملك. فأراد قتله وأمر به فدفع، إلى أن مر برجل من أصحاب الملك، فتمثل ببيت شعر، فكلمه عثمان بن الحويرث وقال له: إني أرى لسانك عربياً فممن أنت؟ قال: رجل من بني أسد، وأنا أكره أن يدروا بنسبي، قال: فما دهاني عنده؟ قال: الترجمان، كتب إليه عمرو بن جفنة أن يحول كلامك. قال: فكيف الحيلة أن تدخلني عليه مدخلاً واحد وخلاك ذم؟ قال: أفعل. فاحتال له حتى أدخل عليه
ودعا له قيصر الترجمان، فقال له عثمان: إن أفخر الناس فأعلم ذلك الترجمان قيصر قال وأغدر الناس فأعلمه أيضاً قال: وأكذب الناس، فذكر ذلك الترجمان لقيصر، ثم أهوى فتشبث بالترجمان، فقال قيصر: إن له لقصة، فادعوا إلي ترجماناً آخر، فدعوه له فأفهمه قصته، فعاقب قيصر الترجمان الأول، وكتب لعثمان بن الحويرث إلى عمرو بن جفنة أن يحبس له من أراد حبسه من تجار قريش، فقدم على ابن جفنة، فوجد بالشام أبا أحيحة سعيد بن العاص وابن أخيه أبا ذئب، فحبسهما، فمات أبو ذئب في الحبس، وسم عمرو بن جفنة عثمان بن الحويرث فمات بالشام.
حدث عروة أن ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل، وعبيد الله بن جحش بن رئاب، وعثمان بن الحويرث كانوا عند صنم لهم يجتمعون إليه، قد اتخذوا ذلك اليوم من كل سنة عيداً، وكانوا يعظمونه وينحرون له الجزر، ثم يأكلون ويشربون ويعكفون عليه، فدخلوا عليه في الليل فرأوه مكبوباً على وجهه، فأنكروا ذلك وأخذوه إلى حاله، فلم يلبث أن انقلب انقلاباً عنيفاً، فأخذوه فردوه إلى حاله، فانقلب الثالثة، فلما رأوا ذلك اغتموا له وأعظموا ذلك، فقال عثمان بن الحويرث: ما له قد أكثر التنكس؟؟ إن هذا لأمر قد حدث، وذلك في الليلة التي ولد فيها سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل عمي يقول: من الطويل
أيا صنم العيد الذي صف حوله ... صناديد وفد من بعيد ومن قرب
تكوست مغلوباً فما ذاك قل لنا ... أذاك سفية أم تكوست للتعب
وإن كان من ذنب أتيتنا فإننا ... نبوء بإقرار ونلوي عن الذنب
وإن كنت مغلوباً تكوست صاغراً ... فما أنت في الأوثان بالسيد الرب
قال: وأخذوا الصنم فردوه إلى حاله، فلما استوى هتف بهم هاتف من الصنم بصوت جهير، وهو يقول:
تردى لمولود أنارت بنوره ... جميع فجاج الأرض بالشرق والغرب
وخرت له الأوثان طرا وأرعدت ... قلوب ملوك الأرض طرا من الرعب
ونار جميع الفرس باخت وأظلمت ... وقد بات شاه الفرس في أعظم الكرب
وصدت عن الكهان بالغيب جنها ... فلا مخبر عنهم بحق ولا كذب
فيال قصي ارجعوا عن ضلالكم ... وهبوا إلى الإسلام والمنزل الرحب
فلما سمعوا ذلك خلصوا نجياً، فقال بعضهم لبعض: تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض فقالوا: أجل، فقال لهم ورقة بن نوفل: تعلمون والله ما قومكم على دين، ولقد أخطؤوا المحجة وتركوا دين إبراهيم، ما حجر تطيفون به، لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر؟ يا قوم، التمسوا لأنفسكم الدين. قال: فخرجوا عند ذلك يضربون في الأرض، يسألون عن الحنيفية دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام. فأما ورقة فتنصر وقرأ الكتب حتى علم علماً، وأما عثمان بن الحويرث فصار إلى قيصر، فتنصر وحسنت منزلته عنده، وأما زيد بن عمرو بن نفيل فأراد الخروج فحبس، ثم إنه خرج بعد ذلك، فضرب في الأرض حتى بلغ الرقة من أرض الجزيرة، فلقي بها راهباً عالماً فأخبره بالذي يطلب، فقال له الراهب: إنك لتطلب ديناً ما تجد من يحملك عليه، ولكن قد أظلك زمان نبي يخرج من بلدك، يبعث بدين الحنيفية. فلما قال له ذلك رجع يريد مكة، فغارت عليه لخيم فقتلوه، وأما عبيد الله بن جحش فأقال بمكة حتى بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم خرج مع من خرج إلى أرض الحبشة، فلما صار بها تنصر وفارق الإسلام، فكان بها حتى هلك هنالك نصرانياً.
عثمان بن حيان بن معبد بن شداد ابن نعمان رياح بن أسعد بن ربيعة بن عامر بن يربوع ابن غيظ بن مرة بن عوف، أبو المغراء المري.
مولى أم الدرداء، ويقال: مولى عتبة بن أبي سفيان بن حرب، داره بدمشق، واستعمله الوليد بن عبد الملك على المدينة، وكان في سيرته عنف، وولي الغزو في أيام يزيد بن عبد الملك.
حدث عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أسفاره في اليوم الحار الشديد الحر، حتى إن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما في اليوم صائم إلا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الله بن رواحة.
وحدث عن أم الدرداء قالت: كان رجلان متآخيين، تآخياً في الله عز وجل، وكانا إذا لقي أحدهما الآخر قال له: أي أخي، تعال هلم نذكر الله عز وجل. فبينما هما التقيا في السوق عند باب حانوت، فقال أحدهما للآخر: أي أخي، هلم نذكر الله عز وجل، عسى أن يغفر لنا. ثم لبثا لبثاً، فمرض أحدهما، فأتاه صاحبه فقال: أي أخي، انظر أن تأتيني في منامي فتخبرني ماذا لقيت بعدي. قال: أفعل إن شاء الله، قال: فلبث حولاً ثم أتاه فقال: أي أخي، أشعرت أنا حين التقينا في السوق عند الحانوت فدعونا الله عز وجل؟ إن الله غفر لنا يومئذ. قال ابن جابر: ولقد سماهما لي عثمان فنسيت اسميهما.
وعن ابن شوذب قال: قال عمر بن عبد العزيز: الوليد بن عبد الملك بالشام، والحجاج بن يوسف بالعراق، ومحمد بن يوسف باليمن، وعثمان بن حيان بالحجاز، وقرة بن شريك بمصر، امتلأت الأرض والله جوراً.
قال سعيد بن عمرو: رأيت منادي عثمان بن حيان ينادي: برئت ذمة الله ممن آوى عراقياً وكان عندنا رجل من أهل البصرة، له فضل يقال له سوادة، من العباد، فقال: والله ما أحب أن أدخل عليكم مكروهاً، بلغوني مأمني، قال: قلت: لا خير لك في الخروج، إن الله يدفع عنا وعنك، قال: فأدخلته بيتي، وبلغ ذلك عثمان بن حيان، فبعث أحراساً فأدخلته إلى بيت آخر، فما قدروا على شيء، وكان الذي سعى بي عدواً، فقلت: أصلح الله الأمير، يؤتى بالباطل فلا يعاقب عليه؟؟؟؟ قال: فضرب الذي سعى بي عشرين سوطاً، وأخرجنا
العرافي، فكان يصلي معنا ما يغيب عنا يوماً واحداً، وحدب عليه أهل دارنا، وقالوا: نموت دونك، فما برح معنا في بني أمية بن زيد حتى عزل الخبيث.
لما مات الحجاج بن يوسف ووليد بن عبد الملك جعل الصبيان والإماء بالمدينة يقولون:
يا مهلك الإثنين ... أهلك ذاك الإنسان
قال: فكان عثمان بن حيان يقول: أنا ذاك الإنسان، فلما عزل عثمان بن حيان جهروا فقالوا:
يا مهلك الإثنين ... أهلك ذاك الإنسان
ومن ذاك الإنسان ... عثمان بن حيان
كنب عبد العزيز إلى عمر بن الوليد: إن أظلم مني وأجور من ولى عبد ثقيف خمس المسلمين، يحكم في دمائهم وأموالهم يعني زيد بن أبي مسلم وأظلم مني وأجور من ولى عثمان بن حيان الحجاز، ينطق بالأشعار على منبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأظلم مني وأجور، من ولى قرة بن شريك مصر، أعرابي جلف جاف، أظهر فيها المعازف.
قال هبيرة بن الأشعث:
وجهني عبد الحميد بن عبد الرحمن إلأى عمر بن عبد العزيز بتقدير ديوان الكوفة، فإني لفي المقصورة إذ دخل رجل أمغر، أصهب السبال، عليه جبة خز حمراء، وكساء خز أحمر، وجعل القوم يقولون: مرحباً بك يا أبا المغراء ها هنا. فقلت: من هذا؟ قالوا:
عثمان بن حيان المري. ثم دخل رجل طوال، خفيف العارضين، حسن اللحية، عتيق الوجه، عليه جبة خز خضراء، وكساء خز أخضر، فقال القوم: مرحباً بك أبا عقبة ها هنا. فقلت: من هذا؟ فقالوا: الجراح بن عبد الله الحكمي، إذ قال عثمان: العجب من رجل ولي ثغري العرب: خراستان وسجستان، فصعد منبرهم فقال: أتيتكم محفياً فتركتموني عصبياً. فانفرث من حمقه ولؤمه كانفراث الكبد، فأتانا مخلوعاً منزوعاً ملوماً مهاناً.
قال: فأكب الجراح ساعة ثم رفع رأسه فقال: أما تعجبون من رجل ولي ثغري العرب، فأتى قوماً متفرقة أهواؤهم، متشتتاً أمرهم، فلم يخف سبيلاً، ولم يسفك دماً، ولم يأت منكراً، ثم استعفى خليفته، فرجع إلى جنده غير عاجز ولا ملوم. وأحمق والله من ذاك وآلم وأمض لما يكره، رجل ولي حرم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فشرب فيه الخمر، فضرب فيه الحد، وغسل منبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه، ثم شتم ابن الخليفة عثمان بن عفان بما هو أولى منه، فضرب حداً آخر، ثم صعد به منبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فطرح منه فاندقت ترقوته، فأتانا مخلوعاً منزوعاً مهاناً ملوماً.
فسمع عمر كلامهما، فقال: يا غلام، ما هذا؟ فقالوا: الجراح وعثمان استبا، قال: يا حرسي، اخرج فخذ بيد عثمان فأخرجه من المسجد، وقل لهما: الحقا بأهلكما، لا في كنف الله ولا في ستره. وكانا حجا جيين، فكان عمر يبغضهما.
وفي سنة اثنتين افتتح عثمان بن حيان سطبة، وما يليها من الحصون. وفي
سنة أربع ومئة غزا عثمان بن حيان المري وعبد الرحمن بن سليم الكلبي سميرة فافتتحاها، وفيها غزا عثمان بن حيان قيصرة حصناً من حصون الروم. وقيل: إن عثمان غزا الروم في سنة ثلاث ومئة، وغزاها سنة خمس ومئة.