Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=98334#756f4a
معبد بن وهب
ويقال: ابن قطني ويقال: ابن قطن أبو عباد المديني مولى العاص بن وابصة المخزومي وقيل: مولى معاوية بن أبي سفيان وقيل مولى ابن قطن، وابن قطر مولى معاوية أحد الأدباء الفصحاء وهو الذي يضرب به المثل في جودة الغناء.
وفد على الوليد، وكان مقبول الشهادة عند حكام المدينة إلى أن نادم الوليد بن يزيد فردت شهادته على ما قيل.
سأل أبان القارئ معبداً المغني عن دواء الحلق فقال: حدثتني أم جميل الحدباء أنها سألت الجن عن ذلك فقالوا: دواؤها الهوان.
قال معبد: بدت لي حاجة إلى خولة بنت منظور بن زبان، وهي أم حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وأم إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله، قال: فجعلت ذريعتي إليها أن غنيتها شعراً فيها وهو: من الوافر
كأنك مزنة برقت بليل ... لعطشان يضيء له سناها
فلم تمطر عليه وجاوزته ... وقد أشفى عليها أو رجاها
قال: فاهتزت العجوز لهذا الشعر كما يهتز الغصن تحت الرياح وقالت: يا عبد آل قطن! قيل هذا الشعر في، وأنا أحسن من النار الموقدة.
غدا الأحوص على امرأة لها شرف، وهي في قصرها بالعقيق، فوجد عندها معاذاً الزرقي - وكان حسن الغناء - ومعبداً المغني، وابن صياد النجاري وكان مضحكاً مليحاً، فطلب إذن عليها، فرد عن بابها فانصرف وهو يقول: من البسيط
ضنت عقيلة لما جئت بالزاد ... وآثرت حاجة الثاوي على الغادي
فقلت والله لولا أن تقول له ... قد باح بالسر أعدائي وحسادي
قلنا لمنزلها حييت من طلل ... وللعقيق ألا بوركت من وادي
إني وهبت نصيبي من مودتها ... لمعبد ومعاذ وابن صياد
لابن اللعين الذي يخبى الدخان له ... وللمغني رسول السوء قواد
أما معاذ فإني غير ذاكره ... كذاك أجداده كانوا لأجدادي
قال: وإنما ترك معاذاً لأنه كان جلداً خاف أن يضربه، وغضب عليه معبد وقال: لا أغني بشعره أبداً. فبلغ ذلك الأحوص، فركب راحلته وحمل معه مذرعاً
فيه طلاء. فأتى معبداً وهو بالعقيق، فأعرض عنه معبد فلم يكلمه، فقال له الأحوص: يا أبا عباد أتهجرني؟! وجعلت زوجته تقول: أتهجر أبا محمد مع حسن أياديه؟! ولم تزل به حتى رضي عنه. فنزل الأحوص عن راحلته واحتمل معبداً على عنقه حتى أدخله منزله وقال: والله لأسمعن في بيتك الغناء، ولأشربن الطلاء، ولآكلن الشواء. فقال له معبد: قد والله أخزاك، هذا الشواء أكلته، وهذا الغناء سمعته، فأين الطلاء؟ قال: هو هذا خلف راحلتي أردفتها إياه فأنزله في ذلك المذرع - وهي شيء من أدم يجعل فيه النبيذ - وخذ الدنانير التي تحت وطاء الرحل فاشتر بها طعاماً. ففعل، فقالت زوجته أم كردم لمعبد: أي عدو نفسه! أتغضب على من إن جاءنا ملأنا فضلاً، وإن تولى أغدر فينا نعماً! قبح الله رأيك. فأقام الأحوص عنده حتى صلى العصر، ثم رحل إلى المدينة فمر بين الدارين في المصلى يميل بين شعبتي رحله.
قال كردم بن معبد المغني مولى ابن قطن: مات أبي وهو في عسكر الوليد بن يزيد، وأنا معه، فنظرت حين أخرج نعشه إلى سلامة جارية يزيد بن عبد الملك، وقد أضرب الناس عنه ينظرون إليها وهي آخذة بعمود السرير وهي تندب أبي وتقول: من مجزوء الرمل
قد لعمري بت ليلي ... كأخي الداء الوجيع
ونجي الهم مني ... بات أدفى من ضجيعي
كلما أبصرت ربعاً ... خالياً فاضت دموعي
قد خلا من سيد كا ... ن لنا غير مضيع
لا تلمنا إن خشعنا ... أو هممنا بخشوع
قال كردم: وكان يزيد أمر أبي أن يعلمها هذا الصوت، فعلمها إياه، فرثته به يومئذ، فلقد
رأيت الوليد بن يزيد والغمر أخاه متجردين في قميصين ورداءين يمشيان بين يدي سريره، حتى أخرج من دار الوليد، لأنه تولى أمره وأخرجه من داره إلى موضع قبره.