Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=139098#927642
عُمَر بْن حسن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن فرح- بسكون الراء وبالحاء المهملة- بن خلف بن قرمين بن ملال بن مزلال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة الكلبي، أبو الخطاب:
من أهل ميورقة، من بلاد الأندلس، هكذا أملى علينا نسبه وذكر لنا أنه يسمى عبد الله أيضا، وأن أمه أمة الرحمن بنت أبى عبد الله أبى البسام موسى بن عبد الله ابن الحسين بن جعفر بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ ابن الحسين بن على بن أبى طالب- فلهذا كان يكتب بخطه ذو النسبين بين دحية والحسين. قدم علينا بغداد مرات، وأملى علينا من حفظه شيئا، وكتبنا عنه. وذكر أنه سمع ببغداد من أبى الفرج بن الجوزي، وسافر إلى العراق فسمع بأصبهان من أبى جعفر الصيدلاني معجم الطبرانيّ ومن غيره، ودخل خراسان فسمع بنيسابور من أبى سعد بن الصفار ومنصور بن الفراوي وعبد الرحيم الشعرى ومن شيخنا المؤيد الطوسي، وسمع بمرو أيضا، وحصل الكتب والأصول، وسمع بواسط من شيخنا أبى
الفتح بن الماندائى، وذكر أنه سمع كتاب الصلة لتاريخ الأندلس من أبى القاسم بن بشكوال وإنه سمع من جماعة من أهل الأندلس غير أنى رأيت الناس مجمعين على كذبه وضعفه وادعائه لقاء من لم يلقه وسماع ما لم يسمعه، وكانت أمارات ذلك لائحة على كلامه وفي حركاته. وكان القلب يأبى سماع كلامه ويشهد ببطلان قوله، وكان يحكى من أحواله ويحرف في كلامه بما يظهر به كذبه. دخل ديار مصر وسكن القاهرة، وصادف قبولا من السلطان الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبى بكر بن أيوب وأقبل عليه إقبالا عظيما، وكان يعظمه ويحترمه ويعتقد فيه ويتبرك به، وسمعت من يذكر أنه كان يسوى له المدارس حين يقوم، وكان صديقنا إبراهيم السنهورى المحدث صاحب الرحلة إلى البلاد قد دخل إلى بلاد الأندلس وذكر لمشايخها وعلمائها أن ابن دحية يدعى أنه قرأ على جماعة من شيوخ الأندلس القدماء، فأنكروا ذلك وأبطلوه وقالوا: لم يلق هؤلاء ولا أدركهم، وإنما اشتغل بالطلب أخيرا، وليس نسبه بصحيح فيما يقوله ودحية لم يعقب، فكتب السنهورى محضرا وأخذ خطوطهم فيه بذلك وقدم به ديار مصر، فعلم ابن دحية بذلك فاشتكى إلى السلطان منه. وقال: هذا يأخذ عرضي ويؤذيني، فأمر السلطان بالقبض عليه، وضرب وأشهر على حمار وأخرج من ديار مصر، وأخذ ابن دحية المحضر وخرقه، ولم يزل على قرب من السلطان إلى حين وفاته، وبنى له دارا للحديث كان يحدث بها، ولما أن دخلت إلى ديار مصر في رحلتي إليها فطلبني السلطان فحضرت عنده وكان يسألنى عن أشياء من علم الحديث وأيام الناس، وأمرنى بملازمة القلعة فكنت أحضر فيها كل يوم، وكان ابن دحية يحضر في كل جمعة ويصلى عند السلطان ويقرأ عليه شيئا من مجموعاته في مجلس السلطان وكنت حاضرا ولم يدر بيني وبينه كلمة واحدة ولا اجتمعت به في موضع آخر إلى أن خرجت من ديار مصر. وكان حافظا ماهرا في علم الحديث عارفا بفنونه حسن الكلام فيه فصيح العبارة تام المعرفة بالنحو واللغة، وله كتب نفيسة، وكان ظاهرى المذهب، كثير الوقيعة في أئمة الجمهور وفي السلف من العلماء. خبيث اللسان أحمق، شديد الكبر، قليل النظر في الأمور الدينية، متهاونا في دينه.
حدثني على بن الحسن أبو العلاء الأصبهانى صديقنا بها وناهيك به جلالة ونبلا،
قال: لما قدم ابن دحية علينا أصبهان نزل على والدي في الخانكاه التي له فكان يكرمه ويجله، وكان صبيا يومئذ، فدخل على والدي يوما ومعه سجادة فقبلها ووضعها بين يدبه وقال له: هذه قد صليت عليها كذا وكذا ألف ركعة وختمت عليها القرآن في جوف الكعبة مرات، قال: فأخذها والدي وقبلها ووضعها على رأسه وقبلها منه مبتهجا بها، فلما كان من آخر النهار حضر عندنا رجل من أهل أصبهان، وذكر حالا اقتضت أنه قال: كان اليوم هذا الفقيه المغربي الذي عندكم عندنا في السوق واشترى سجادة حسنة بكذا وكذا، فأمر والدي بإحضار تلك السجادة، فلما رآها الرجل قال: إي والله هذه هي فسكت والدي ولم يقل شيئا، وسقط ابن دحية من عينه.
وحدثني بعض المصريين بمصر قال قال لي الحافظ على بن المفضل المقدس الفقيه المالكي- وكان من أئمة الدين قال: كنا يوما بحضرة السلطان في مجلس علم وهناك ابن دحية، فسألنى السلطان عن حديث فذكرته له، فقال لي: من رواه؟ فلم يحضر لي إسناده في الحال وانفصلنا، فاجتمع بى ابن دحية في الطريق وقال لي: يا فقيه لما سألك السلطان عن إسناد ذاك الحديث لم لم تذكر له أى إسناد شئت فانه ومن حضر مجلسه لا يعلمون هل هو صحيح أم لا كنت قد ربحت قولك لا أعلم، وعظمت في عينيه وأعين الحاضرين، قال: فعلمت أنه متهاون بأمور الدين جرئ على الكذب.
أنشدنى أبو المحاسن محمد بن نصر بن مكارم الأنصارىّ المعروف بابن عنين لنفسه بدمشق يهجو ابن دحية:
دحية لم يعقب فلم يعتزى ... إليه بالبهتان والإفك
صح عند الناس شيء سوى ... ما أنك من كلب بلا شك
أنشدنى أبو الخطاب عمر بن حفص بن على بن أبى البسام الحسيني قال أنشدنى أبى لنفسه:
عاذلى لا تفتدينى ... أن صرت في منزل هجين
فليس قبح المكان ما ... يقدح في منصبي وديني
الشمس علوية ولكن ... تغرب في حماة وطين
بلغنا أن أبا الخطاب دحية توفى بالقاهرة في ليلة الثلاثاء الرابع عشر من شهر ربيع
الأول من سنة ثلاث وثلاثين وستمائة وقد نيف على الثمانين، وكان يخضب بالسواد.