عبد الرَّحْمَن مولى بنى هَاشم اسْمه أَبُو سعيد بن عبد الله من أهل الْبَصْرَة سكن مَكَّة يروي عَن شُعْبَة وَحَمَّاد بن سَلمَة روى عَنهُ مُحَمَّد بن مَنْصُور الْجَوَاز وَأهل الْحجاز وَالْعراق مَاتَ سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة رُبمَا خَالف
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
عبد الرحمن بن عبد الله أبو سعيد مولى بني هاشم، ويقال مولى بني نوفل، روى عن شعبة وحماد بن سلمة روى عنه أحمد ابن حنبل وعلي الطنافسي سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد روى عنه محمد بن عباد المكي ومحمد بن أبي عمر العدني.
نا عبد الرحمن أنا ابراهيم [ابن يعقوب - ] الجوزجاني فيما كتب إلي قال سألت أحمد بن حنبل عن أبى سعيد مولى بني هاشم فقال: ثقة.
نا عبد الرحمن انا يعقوب [ابن إسحاق - ] [الهروي - ] فيما كتب إلي قال نا عثمان [بن سعيد - ] قال قلت ليحيى بن معين أبو سعيد المؤدب مولى بني هاشم فقال: ثقة.
ثنا عبد الرحمن قال سئل أبي عن أبي سعيد مولى بني هاشم فقال كان أحمد يرضاه، قيل له.
ما تقول فيه، فقال: ما كان به بأس.
قال أبو محمد روى عنه محمد بن عباد المكي ومحمد بن أبي عمر العدني.
نا عبد الرحمن أنا ابراهيم [ابن يعقوب - ] الجوزجاني فيما كتب إلي قال سألت أحمد بن حنبل عن أبى سعيد مولى بني هاشم فقال: ثقة.
نا عبد الرحمن انا يعقوب [ابن إسحاق - ] [الهروي - ] فيما كتب إلي قال نا عثمان [بن سعيد - ] قال قلت ليحيى بن معين أبو سعيد المؤدب مولى بني هاشم فقال: ثقة.
ثنا عبد الرحمن قال سئل أبي عن أبي سعيد مولى بني هاشم فقال كان أحمد يرضاه، قيل له.
ما تقول فيه، فقال: ما كان به بأس.
عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عبيد، أبو سعيد، جردقة، مولى بني هاشم
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وذكر أبا سعيد مولى بني هاشم فأثنى عليه، وقال: كان متهارمًا جدًّا -يعني: في الحديث.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2013)
قال أبو حاتم: كان أحمد يرضاه.
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: سألت أحمد بن حنبل عن أبي سعيد مولى بني هاشم؛ فقال: ثقة.
"الجرح والتعديل" 5/ 254، "تهذيب الكمال" 17/ 218
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وذكر أبا سعيد مولى بني هاشم فأثنى عليه، وقال: كان متهارمًا جدًّا -يعني: في الحديث.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2013)
قال أبو حاتم: كان أحمد يرضاه.
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: سألت أحمد بن حنبل عن أبي سعيد مولى بني هاشم؛ فقال: ثقة.
"الجرح والتعديل" 5/ 254، "تهذيب الكمال" 17/ 218
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. بْنِ وَائِلِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ سعيد بن سهم. قال محمد بن عمر: أسلم عَبْد الله بن عَمْرو قبل أَبِيهِ وصحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان خيرًا فاضلًا. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كِتَابِ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ فَأَذِنَ لِي فَكَتَبْتُهُ. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُسَمِّي صَحِيفَتَهُ تِلْكَ الصَّادِقَةَ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو صَحِيفَةً فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ: هَذِهِ الصَّادِقَةُ فِيهَا مَا سَمِعْتُ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بَيْنِي وبينه أَحَدٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أبي ذيب قال: أخبرنا عمر بن عبد الله ابن سُوَيْفِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْعُرْيَانِ بْنِ الْهَيْثَمِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبِي إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ أَحْمَرُ عَظِيمُ الْبَطْنِ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ. فَقَالَ أَبِي: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ وَصَفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ رَجُلٌ أَحْمَرُ عَظِيمُ الْبَطْنِ طَوِيلٌ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ شَرِيكِ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقْرَأُ بالسريانية. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَوْشَبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ قَالَ: طَافَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بِالْبَيْتِ بعد ما عَمِيَ. قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو مَعَ أَبِيهِ مُعْتَزِلا لأَمْرِ عُثْمَانَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فَلَمَّا خَرَجَ أَبُوهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ خَرَجَ مَعَهُ فَشَهِدَ صِفِّينَ. ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا لِي وَلِصِفِّينَ. مَا لِي وَلِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ! وَخَرَجَ مَعَ أَبِيهِ إِلَى مِصْرَ. فَلَمَّا حَضَرَتْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ الْوَفَاةُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مِصْرَ فَأَقَرَّهُ مُعَاوِيَةُ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَكَانَ يَحُجُّ وَيَعْتَمِرُ وَيَأْتِي الشَّامَ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِصْرَ وَقَدْ كَانَ ابْتَنَى بِهَا دَارًا. فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ فَدُفِنَ فِي دَارِهِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. هَكَذَا رَوَى أَبُو الْيَمَانِ الْحِمْصِيُّ عَنْ صفوان ابن عَمْرٍو عَنِ الأَشْيَاخِ فِي مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ: تُوُفِّيَ بِالشَّامِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. بْنِ وَائِلِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ سعيد بن سهم. قال محمد بن عمر: أسلم عَبْد الله بن عَمْرو قبل أَبِيهِ وصحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان خيرًا فاضلًا. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كِتَابِ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ فَأَذِنَ لِي فَكَتَبْتُهُ. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُسَمِّي صَحِيفَتَهُ تِلْكَ الصَّادِقَةَ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو صَحِيفَةً فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ: هَذِهِ الصَّادِقَةُ فِيهَا مَا سَمِعْتُ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بَيْنِي وبينه أَحَدٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أبي ذيب قال: أخبرنا عمر بن عبد الله ابن سُوَيْفِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْعُرْيَانِ بْنِ الْهَيْثَمِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبِي إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ أَحْمَرُ عَظِيمُ الْبَطْنِ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ. فَقَالَ أَبِي: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ وَصَفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ رَجُلٌ أَحْمَرُ عَظِيمُ الْبَطْنِ طَوِيلٌ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ شَرِيكِ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقْرَأُ بالسريانية. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَوْشَبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ قَالَ: طَافَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بِالْبَيْتِ بعد ما عَمِيَ. قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو مَعَ أَبِيهِ مُعْتَزِلا لأَمْرِ عُثْمَانَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فَلَمَّا خَرَجَ أَبُوهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ خَرَجَ مَعَهُ فَشَهِدَ صِفِّينَ. ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا لِي وَلِصِفِّينَ. مَا لِي وَلِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ! وَخَرَجَ مَعَ أَبِيهِ إِلَى مِصْرَ. فَلَمَّا حَضَرَتْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ الْوَفَاةُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مِصْرَ فَأَقَرَّهُ مُعَاوِيَةُ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَكَانَ يَحُجُّ وَيَعْتَمِرُ وَيَأْتِي الشَّامَ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِصْرَ وَقَدْ كَانَ ابْتَنَى بِهَا دَارًا. فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ فَدُفِنَ فِي دَارِهِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. هَكَذَا رَوَى أَبُو الْيَمَانِ الْحِمْصِيُّ عَنْ صفوان ابن عَمْرٍو عَنِ الأَشْيَاخِ فِي مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ: تُوُفِّيَ بِالشَّامِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
عبد الله بن عمرو بن العاص: من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
عبد الله بن عمرو بن العاص، أحد حفّاظ الصّحابة، وهو من أصحاب الألوف، وقال أبو هريرة: إنّه حفظ أكثر منه.
عبد اللَّه بن عمرو بن العاص
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: من كنيته من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو عبد الرحمن: عبد اللَّه بن مسعود أبو عبد الرحمن، ومعاذ بن جبل أبو عبد الرحمن، وعبد اللَّه بن عمر أبو عبد الرحمن، وعبد اللَّه بن عمرو أبو عبد الرحمن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (393)، (1761)
قال مهنا: قلت لأحمد: من العبادلة؟ قال: عبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن الزبير، وعبد اللَّه بن عمرو.
"بحر الدم" (561)
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: من كنيته من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو عبد الرحمن: عبد اللَّه بن مسعود أبو عبد الرحمن، ومعاذ بن جبل أبو عبد الرحمن، وعبد اللَّه بن عمر أبو عبد الرحمن، وعبد اللَّه بن عمرو أبو عبد الرحمن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (393)، (1761)
قال مهنا: قلت لأحمد: من العبادلة؟ قال: عبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن الزبير، وعبد اللَّه بن عمرو.
"بحر الدم" (561)
عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم. وأمه رائطه بنت منبه بن الحجاج، حدثني بذلك عمي عن الزبير بن بكار.
حدثنا عبد الملك بن [عبد العزيز] بن نصر التمار نا سعيد بن عبد العزيز التنوخي قال: قال لعبد الله بن عمرو: يا أبا محمد.
حدثني عباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر ومعاذ بن جبل كلهم أبو
عبد الرحمن.
وفي " كتاب أبي موسى هارون بن عبد الله ": كان إسلام عبد الله بن عمرو قبل فتح مكة وكان يكنى أبا محمد.
- حدثني إبراهيم بن هاني نا حجاج بن المنهال نا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن العريان بن الهيثم قال: وفدت مع أبي إلى يزيد بن معاوية فجاء رجل طوال أحمر عظيم البطن فجلس فقلت: من هذا؟ قيل: عبد الله بن عمرو.
- حدثني ابن زنجويه قال: نا أبو الأسود ح
وحدثني محمد بن هارون نا عمرو بن الربيع بن طارق قالا: نا ابن لهيعة عن واهب عن عبد الله بن عمرو: أنه رأى في المنام كأن في إحدى عينيه عسلا وفي الأخرى سمنا كأنه يلعقها فأصبح فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: تقرأ الكتابين: التوراة والقرآن وكان يقرأهما.
وقال محمد بن عمر: أسلم عبد الله بن عمرو قبل أبيه.
- حدثنا محمد بن عباد ومحمد بن منصور الجواز المكيان نا سفيان عن عمرو بن دينار عن وهب بن منبه عن أخيه همام بن منبه قال: سمعت أبا هريرة يقول: ليس أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب.
- حدثني ابن زنجويه نا طلق بن السمح نا عبد الرحمن بن شريح عن أبي الأسود عن محمد بن كعب عن عروة بن الزبير: أن عائشة قالت له: يا ابن أخي إني قد أخبرت أن عبد الله بن عمرو حاج في عامه هذا فألقه فإنه قد حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث
كثيرة.
- حدثنا شيبان بن أبي [شيبة عن محمد بن] ////راشد عن سليمان بن أبي موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب ما سمع من حديثه فأذن له.
- حدثنا جدي نا يزيد ح
ونا عبد الأعلى نا حماد بن سلمة قالا: أنا محمد بن إسحاق ح.
وحدثني الحسن بن عرفة نا إسماعيل بن عياش عن ابن جريج جميعا
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قالت: يا رسول الله أكتب ما أسمع منك؟ قال: نعم، قلت: في الغضب والرضا؟ قال: نعم فإني لا أقول في ذلك إلا حقا.
واللفظ لجدي عن يزيد.
- حدثني الحسن بن عرفة نا إسماعيل بن عياش عن محمد بن زياد الألهاني عن راشد الحبراني قال: قلت لعبد الله بن عمرو: أخبرني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى إلي صحيفة فقال: هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- حدثني جدي نا هشيم أخبرنا حصين ومغيرة عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال: زوجني أبي امرأة من قريش فلما دخلت علي جعلت لا أتحاشي لها لما بي من القوة على العبادة والصوم والصلاة فدخل عمرو بن العاص على كنته فقال لها: كيف تجدين بعلك؟ قالت:
كغير الرجال وكخير البعولة من رجل لم يفتش لنا كنفا ولم يقرب لنا فراشا فأقبل علي فعضني بلسانه وعذبني وقال: زوجتك امرأة من قريش ذات حسب تحصنها وفعلت وفعلت ثم انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكاني إليه فأرسل إلي النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته فقال: " أتصوم النهار؟ " قلت: نعم. قال: " وتقوم الليل؟ " قلت: نعم. قال: " لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأمس فمن رغب عن سنتي فليس مني " ثم قال: " اقرأ القرآن في كل شهر ". قلت: إني أجدني أقوى من ذلك ... وذكر الحديث بطوله.
- حدثنا داود بن عمرو قال: نا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: قال عبد الله بن عمرو: مالي ولصفين ومالي ولقتال المسلمين لوددت أني مت قبله بعشرين سنة أما والله أني على ذلك ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم وما كان رجل أجهد مني من رجل لم يفعل شيئا من ذلك وذكر أنه كانت الراية بيده.
قال نافع: حسبت أنه قال: قدمت الناس منزلة أو منزلتين.
- حدثنا محمد بن إسماعيل الحساني نا عاصم بن علي عن أبي هلال عن عبد الله بن بريدة قال: قلت لعبد الله بن عمرو: بلغني أنك كنت من أحسن قريش عينا فما الذي مضى بهما؟ قال: البكاء.
حدثني عمي نا سليمان بن أحمد قال: حدثني أبو مسهر قال: توفي عبد الله بن عمرو سنة خمس وستين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.
حدثنا ابن زنجويه ////قال: أخبرت عن أبي نعيم قال: توفي عبد الله بن عمرو ليالي الحرة في ولاية يزيد بن معاوية.
قال ابن زنجويه: وأخبرت عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل نا سفيان بن عيينة قال: مات عبد الله بن عمرو لعله أن يكون سنة خمس وستين نحو هذا.
حدثني أحمد بن منصور نا يحيى بن بكير قال: توفي عبد الله بن عمرو وأبو محمد بمصر سنة خمس وستين ودفن في داره الصغيرة.
وقال هارون الحمال: توفي عبد الله بن عمرو سنة خمس وستين بمكة وهو ابن اثنتين وسبعين.
وقال غير هارون: كان عبد الله بن عمرو يسكن الطائف ومات بها
سنة خمس وستين وهو ابن اثنتين وسبعين.
- حدثني جدي نا مروان بن شجاع نا إبراهيم بن أبي عبلة العقيلي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، قال: التقى عبد الله بن عمرو وابن عمر على المروة فتحدثا ومضى ابن عمرو وقام ابن عمر يبكي فقيل له: ما يبكيك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: هذا - يعني عبد الله بن عمرو - زعم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر أكبه الله في النار على وجهه.
أبو جعفر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب
وأمه أسماء بنت عميس كان يسكن المدينة وكان قد أتى الشام والبصرة والكوفة.
حدثني ابن الأموي قال: حدثني أبي عن ابن إسحاق قال: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وأمه أسماء بنت عميس.
وقال محمد بن عمر: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو جعفر الهاشمي أمه أسماء بنت عميس من بني مالك ابن قحافة بن عامر بن ربيعة من خثعم بن أنمار هاجر بها جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة فولدت له هناك عبد الله وعونا ومحمدا.
- حدثني محمد بن زنجويه نا أبو اليمان نا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر بايعا النبي صلى الله عليه وسلم وهما ابنا سبع سنين وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رآهما تبسم وبسط يده فبايعهما.
- حدثني عبد الله بن أحمد قال: ثني أبي نا ابن علية أنا حبيب بن الشهيد عن ابن أبي مليكة قال: قال ابن الزبير لعبد الله بن جعفر: يا أبا جعفر.
- حدثنا القواريري عبيد الله بن عمر نا عبد الله بن داود عن فطر عن أبيه عن عمرو بن حريث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعبد الله بن جعفر وهو يبيع بيع الغلمان أو الصبيان، فقال: " اللهم بارك لعبد الله
في بيعه أو في صفقته ".
- حدثني جدي وعبد الله بن عمرو قالا: نا معاوية//// نا عاصم الأحول عن مورق عن عبد الله بن جعفر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بيته وأنه جاء مرة من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابني فاطمة الحسن أو الحسين فأردفه خلفه فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة.
- حدثني هارون بن عبد الله نا وهب بن جرير أخبرنا شعبة عن عاصم عن مورق العجلي عن عبد الله بن جعفر قال: استقبلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاء من سفر أنا وابن عباس وغلام معنا فحملنا على
دابته أو رحلته وهو معنا.
- حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري نا يزيد بن زريع نا حبيب بن الشهيد عن عبد الله بن أبي مليكة: أن عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن جعفر: تذكر يوم تلقانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس؟ قال: نعم فحملنا وتركك.
- حدثني جدي نا روح نا ابن جريج قال: أخبرني جعفر بن خالد أن أباه أخبره أن عبد الله بن جعفر قال: لو رأيتني وقثما وعبيد الله ابني العباس ونحن صبيان نلعب إذ مر النبي صلى الله عليه وسلم على دابة فقال: ارفعوا لي هذا. قال: فحملني أمامه وقال لقثم: ارفعوا هذا إلي فحمله وراءه. قال: وكان عبيد الله أحب إلى العباس من قثم، قال: فما استحى من عمه أن حمل قثما وتركه.
- حدثني جدي نا روح بن عبادة نا ابن جريج قال: أخبرني جعفر بن خالد بن سارة أن أباه أخبره عن عبد الله بن جعفر قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسي فلما مسح قال: اللهم اخلف جعفرا في ولده.
- حدثني جدي نا سفيان عن جعفر بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: لما جاء نعي جعفر قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما شغلهم.
قال أبو القاسم: ولا أعلم روى عن جعفر بن خالد بن سارة غير ابن جريج وابن عيينة وهو مكي.
- حدثنا عبيد الله بن سعد نا عمي نا شريك عن راشد بن كريب قال: رأيت عبد الله بن جعفر يصبغ بالوسمة.
- حدثني ابن هانىء نا عفان نا خالد بن الحارث نا هشام عن محمد أن دهقانا من أهل السواد كلم ابن جعفر في أن أن يكلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حاجة فكلمه فيها فقضاها له فبعث إليه الدهقان أربعين ألفا فقالوا: أرسل بها الدهقان الذي كلمت له
فقال للرسول: قل له: إنا أهل بيت لا نبيع المعروف.
- حدثنا محمد بن قدامة الجوهري نا أبو أسامة أخبرنا هشيم عن ابن سيرين قال: جلب رجل سكرا إلى المدينة فكسد عليه فذكر ذلك لعبد الله بن //// جعفر [فأمر قهر] مانه أن يشتريه [وينهبه] الناس.
- حدثنا جدي نا يزيد نا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: كان ابن عمر إذا لقي عبد الله بن جعفر قال له: السلام عليك يابن ذي الجناجين.
- حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي نا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب.
- حدثنا شيبان نا مهدي بن ميمون نا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي عن عبد الله بن جعفر قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس قال: وكان أحب ما استتر به النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل فدخل حائط رجل من الأنصار فإذا جمل فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم خر وذرفت عيناه وأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح سراته وذفراه فسكن ثم قال: " من رب هذا الجمل؟ " فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله فقال: " ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه ".
- حدثنا شجاع بن مخلد نا وهب بن جرير بن حازم نا أبي قال سمعت محمد بن أبي يعقوب يحدث عن الحسن بن سعد عن عبد الله بن جعفر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا واستعمل زيد بن حارثة وقال: إن قتل أو استشهد فأميركم جعفر فإن قتل او استشهد فأميركم
عبد الله بن رواحة فانطلقوا فلقوا العدو فأخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل حتى قتل أو استشهد ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل او استشهد ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل ثم أخذها خالد بن الوليد ففتح الله عليه فأتى خبرهم النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: " إن أخوانكم لقوا العدو فأخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل حتى قتل ثم أخذها جعفر فقاتل حتى قتل ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل فأخذ الراية خالد بن الوليد سيف من سيوف الله ففتح الله عليهم " ثم أمهل أهل جعفر ثلاثا لم يأتهم ثم أتاهم فقال: " لا تبكوا على أخي بعد اليوم " ثم قال: " ادعوا لي بني أخي " فجيء بنا كأنا أفرخ فدعا بالحلاق فحلق رؤسنا فقال: " أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب وأما عبد الله فشبيه خَلْقِي أو خُلُقِي " ثم أخذ بيدي فأشالها ثم قال: " اللهم.
اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه ثلاث مرات فجاءت أمنا فذكرت يتمنا وجعلت [] //// [] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة؟.
- حدثنا مصعب الزبيري نا أبي عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه قال: رأيت على النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين مصبوغين من زعفران رداء وعمامة.
- حدثني محمد بن حميد الرازي نا سلمة بن الفضل قال: حدثني محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
- حدثنا محمد بن زنبور نا ابن أبي حازم عن يزيد بن الهاد عن معاوية بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على ناس وهم يرمون كبشا بالنبل فكره ذلك وقال: " لا تمثلوا بالبهائم ".
- حدثنا داود بن عمرو نا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: كنت قاعدا عند عبد الله بن جعفر بالبقيع فطلع علينا بجنازة يبطئون المشي تهاديا فأقبل علينا عبد الله فقال: سبحان الله لما تغير من
حال الناس والله ما كان إلا الجمز بالجنائز وإن كان الرجل ليآخي الرجل فيقول: يا عبد الله اتق الله فوالله لكأنه جمز بك.
- حدثني جدي نا حماد بن سلمة قال: رأيت ابن أبي رافع يتختم في يمينه فسأله عن ذلك فذكر أنه رأى عبد الله بن جعفر يتختم في يمينه وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم بيمينه.
- حدثني عمي نا الزبير قال: ثني محمد بن إسحاق بن جعفر عن عمه محمد بن جعفر: أن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب لما حضرته الوفاة دعا بابنه معاوية فنزع شنفا من أذنه وأوصى إليه وفي ولده من هو أسن منه. قال: إني لم أزل أو أملك لها فلما توفي عبد الله احتال لمعاوية بدين أبيه وخرج فطلب فيه حتى قضى دينه وقسم أموال أبيه بين ولده ولم يستأثر عليهم بشيء.
قال الزبير: وتوفي عبد الله بن جعفر بالمدينة سنة ثمانين وهو عام الجحاف سيل كان ببطن مكة جحف الحاج فذهب بالإبل عليها الحمولة وصلى عليه أبان بن عثمان وكان والي المدينة يومئذ وكان
ابن جعفر يوم توفي ابن تسعين سنة.
حدثني أحمد بن زهير قال: قال المدائني: توفي عبد الله بن جعفر سنة أربع أو خمس وثمانين وهو ابن ثمانين سنة.
قال: ويقال: سنة ثمانين وهو ابن تسعين.
وقال غير المدائني: سنة أربع وثمانين.
وقال: ابن نمير: سنة ثمانين.
حدثنا عبد الملك بن [عبد العزيز] بن نصر التمار نا سعيد بن عبد العزيز التنوخي قال: قال لعبد الله بن عمرو: يا أبا محمد.
حدثني عباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر ومعاذ بن جبل كلهم أبو
عبد الرحمن.
وفي " كتاب أبي موسى هارون بن عبد الله ": كان إسلام عبد الله بن عمرو قبل فتح مكة وكان يكنى أبا محمد.
- حدثني إبراهيم بن هاني نا حجاج بن المنهال نا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن العريان بن الهيثم قال: وفدت مع أبي إلى يزيد بن معاوية فجاء رجل طوال أحمر عظيم البطن فجلس فقلت: من هذا؟ قيل: عبد الله بن عمرو.
- حدثني ابن زنجويه قال: نا أبو الأسود ح
وحدثني محمد بن هارون نا عمرو بن الربيع بن طارق قالا: نا ابن لهيعة عن واهب عن عبد الله بن عمرو: أنه رأى في المنام كأن في إحدى عينيه عسلا وفي الأخرى سمنا كأنه يلعقها فأصبح فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: تقرأ الكتابين: التوراة والقرآن وكان يقرأهما.
وقال محمد بن عمر: أسلم عبد الله بن عمرو قبل أبيه.
- حدثنا محمد بن عباد ومحمد بن منصور الجواز المكيان نا سفيان عن عمرو بن دينار عن وهب بن منبه عن أخيه همام بن منبه قال: سمعت أبا هريرة يقول: ليس أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب.
- حدثني ابن زنجويه نا طلق بن السمح نا عبد الرحمن بن شريح عن أبي الأسود عن محمد بن كعب عن عروة بن الزبير: أن عائشة قالت له: يا ابن أخي إني قد أخبرت أن عبد الله بن عمرو حاج في عامه هذا فألقه فإنه قد حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث
كثيرة.
- حدثنا شيبان بن أبي [شيبة عن محمد بن] ////راشد عن سليمان بن أبي موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب ما سمع من حديثه فأذن له.
- حدثنا جدي نا يزيد ح
ونا عبد الأعلى نا حماد بن سلمة قالا: أنا محمد بن إسحاق ح.
وحدثني الحسن بن عرفة نا إسماعيل بن عياش عن ابن جريج جميعا
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قالت: يا رسول الله أكتب ما أسمع منك؟ قال: نعم، قلت: في الغضب والرضا؟ قال: نعم فإني لا أقول في ذلك إلا حقا.
واللفظ لجدي عن يزيد.
- حدثني الحسن بن عرفة نا إسماعيل بن عياش عن محمد بن زياد الألهاني عن راشد الحبراني قال: قلت لعبد الله بن عمرو: أخبرني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى إلي صحيفة فقال: هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- حدثني جدي نا هشيم أخبرنا حصين ومغيرة عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال: زوجني أبي امرأة من قريش فلما دخلت علي جعلت لا أتحاشي لها لما بي من القوة على العبادة والصوم والصلاة فدخل عمرو بن العاص على كنته فقال لها: كيف تجدين بعلك؟ قالت:
كغير الرجال وكخير البعولة من رجل لم يفتش لنا كنفا ولم يقرب لنا فراشا فأقبل علي فعضني بلسانه وعذبني وقال: زوجتك امرأة من قريش ذات حسب تحصنها وفعلت وفعلت ثم انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكاني إليه فأرسل إلي النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته فقال: " أتصوم النهار؟ " قلت: نعم. قال: " وتقوم الليل؟ " قلت: نعم. قال: " لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأمس فمن رغب عن سنتي فليس مني " ثم قال: " اقرأ القرآن في كل شهر ". قلت: إني أجدني أقوى من ذلك ... وذكر الحديث بطوله.
- حدثنا داود بن عمرو قال: نا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: قال عبد الله بن عمرو: مالي ولصفين ومالي ولقتال المسلمين لوددت أني مت قبله بعشرين سنة أما والله أني على ذلك ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم وما كان رجل أجهد مني من رجل لم يفعل شيئا من ذلك وذكر أنه كانت الراية بيده.
قال نافع: حسبت أنه قال: قدمت الناس منزلة أو منزلتين.
- حدثنا محمد بن إسماعيل الحساني نا عاصم بن علي عن أبي هلال عن عبد الله بن بريدة قال: قلت لعبد الله بن عمرو: بلغني أنك كنت من أحسن قريش عينا فما الذي مضى بهما؟ قال: البكاء.
حدثني عمي نا سليمان بن أحمد قال: حدثني أبو مسهر قال: توفي عبد الله بن عمرو سنة خمس وستين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.
حدثنا ابن زنجويه ////قال: أخبرت عن أبي نعيم قال: توفي عبد الله بن عمرو ليالي الحرة في ولاية يزيد بن معاوية.
قال ابن زنجويه: وأخبرت عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل نا سفيان بن عيينة قال: مات عبد الله بن عمرو لعله أن يكون سنة خمس وستين نحو هذا.
حدثني أحمد بن منصور نا يحيى بن بكير قال: توفي عبد الله بن عمرو وأبو محمد بمصر سنة خمس وستين ودفن في داره الصغيرة.
وقال هارون الحمال: توفي عبد الله بن عمرو سنة خمس وستين بمكة وهو ابن اثنتين وسبعين.
وقال غير هارون: كان عبد الله بن عمرو يسكن الطائف ومات بها
سنة خمس وستين وهو ابن اثنتين وسبعين.
- حدثني جدي نا مروان بن شجاع نا إبراهيم بن أبي عبلة العقيلي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، قال: التقى عبد الله بن عمرو وابن عمر على المروة فتحدثا ومضى ابن عمرو وقام ابن عمر يبكي فقيل له: ما يبكيك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: هذا - يعني عبد الله بن عمرو - زعم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر أكبه الله في النار على وجهه.
أبو جعفر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب
وأمه أسماء بنت عميس كان يسكن المدينة وكان قد أتى الشام والبصرة والكوفة.
حدثني ابن الأموي قال: حدثني أبي عن ابن إسحاق قال: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وأمه أسماء بنت عميس.
وقال محمد بن عمر: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو جعفر الهاشمي أمه أسماء بنت عميس من بني مالك ابن قحافة بن عامر بن ربيعة من خثعم بن أنمار هاجر بها جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة فولدت له هناك عبد الله وعونا ومحمدا.
- حدثني محمد بن زنجويه نا أبو اليمان نا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر بايعا النبي صلى الله عليه وسلم وهما ابنا سبع سنين وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رآهما تبسم وبسط يده فبايعهما.
- حدثني عبد الله بن أحمد قال: ثني أبي نا ابن علية أنا حبيب بن الشهيد عن ابن أبي مليكة قال: قال ابن الزبير لعبد الله بن جعفر: يا أبا جعفر.
- حدثنا القواريري عبيد الله بن عمر نا عبد الله بن داود عن فطر عن أبيه عن عمرو بن حريث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعبد الله بن جعفر وهو يبيع بيع الغلمان أو الصبيان، فقال: " اللهم بارك لعبد الله
في بيعه أو في صفقته ".
- حدثني جدي وعبد الله بن عمرو قالا: نا معاوية//// نا عاصم الأحول عن مورق عن عبد الله بن جعفر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بيته وأنه جاء مرة من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابني فاطمة الحسن أو الحسين فأردفه خلفه فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة.
- حدثني هارون بن عبد الله نا وهب بن جرير أخبرنا شعبة عن عاصم عن مورق العجلي عن عبد الله بن جعفر قال: استقبلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاء من سفر أنا وابن عباس وغلام معنا فحملنا على
دابته أو رحلته وهو معنا.
- حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري نا يزيد بن زريع نا حبيب بن الشهيد عن عبد الله بن أبي مليكة: أن عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن جعفر: تذكر يوم تلقانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس؟ قال: نعم فحملنا وتركك.
- حدثني جدي نا روح نا ابن جريج قال: أخبرني جعفر بن خالد أن أباه أخبره أن عبد الله بن جعفر قال: لو رأيتني وقثما وعبيد الله ابني العباس ونحن صبيان نلعب إذ مر النبي صلى الله عليه وسلم على دابة فقال: ارفعوا لي هذا. قال: فحملني أمامه وقال لقثم: ارفعوا هذا إلي فحمله وراءه. قال: وكان عبيد الله أحب إلى العباس من قثم، قال: فما استحى من عمه أن حمل قثما وتركه.
- حدثني جدي نا روح بن عبادة نا ابن جريج قال: أخبرني جعفر بن خالد بن سارة أن أباه أخبره عن عبد الله بن جعفر قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسي فلما مسح قال: اللهم اخلف جعفرا في ولده.
- حدثني جدي نا سفيان عن جعفر بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: لما جاء نعي جعفر قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما شغلهم.
قال أبو القاسم: ولا أعلم روى عن جعفر بن خالد بن سارة غير ابن جريج وابن عيينة وهو مكي.
- حدثنا عبيد الله بن سعد نا عمي نا شريك عن راشد بن كريب قال: رأيت عبد الله بن جعفر يصبغ بالوسمة.
- حدثني ابن هانىء نا عفان نا خالد بن الحارث نا هشام عن محمد أن دهقانا من أهل السواد كلم ابن جعفر في أن أن يكلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حاجة فكلمه فيها فقضاها له فبعث إليه الدهقان أربعين ألفا فقالوا: أرسل بها الدهقان الذي كلمت له
فقال للرسول: قل له: إنا أهل بيت لا نبيع المعروف.
- حدثنا محمد بن قدامة الجوهري نا أبو أسامة أخبرنا هشيم عن ابن سيرين قال: جلب رجل سكرا إلى المدينة فكسد عليه فذكر ذلك لعبد الله بن //// جعفر [فأمر قهر] مانه أن يشتريه [وينهبه] الناس.
- حدثنا جدي نا يزيد نا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: كان ابن عمر إذا لقي عبد الله بن جعفر قال له: السلام عليك يابن ذي الجناجين.
- حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي نا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب.
- حدثنا شيبان نا مهدي بن ميمون نا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي عن عبد الله بن جعفر قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس قال: وكان أحب ما استتر به النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل فدخل حائط رجل من الأنصار فإذا جمل فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم خر وذرفت عيناه وأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح سراته وذفراه فسكن ثم قال: " من رب هذا الجمل؟ " فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله فقال: " ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه ".
- حدثنا شجاع بن مخلد نا وهب بن جرير بن حازم نا أبي قال سمعت محمد بن أبي يعقوب يحدث عن الحسن بن سعد عن عبد الله بن جعفر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا واستعمل زيد بن حارثة وقال: إن قتل أو استشهد فأميركم جعفر فإن قتل او استشهد فأميركم
عبد الله بن رواحة فانطلقوا فلقوا العدو فأخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل حتى قتل أو استشهد ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل او استشهد ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل ثم أخذها خالد بن الوليد ففتح الله عليه فأتى خبرهم النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: " إن أخوانكم لقوا العدو فأخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل حتى قتل ثم أخذها جعفر فقاتل حتى قتل ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل فأخذ الراية خالد بن الوليد سيف من سيوف الله ففتح الله عليهم " ثم أمهل أهل جعفر ثلاثا لم يأتهم ثم أتاهم فقال: " لا تبكوا على أخي بعد اليوم " ثم قال: " ادعوا لي بني أخي " فجيء بنا كأنا أفرخ فدعا بالحلاق فحلق رؤسنا فقال: " أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب وأما عبد الله فشبيه خَلْقِي أو خُلُقِي " ثم أخذ بيدي فأشالها ثم قال: " اللهم.
اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه ثلاث مرات فجاءت أمنا فذكرت يتمنا وجعلت [] //// [] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة؟.
- حدثنا مصعب الزبيري نا أبي عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه قال: رأيت على النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين مصبوغين من زعفران رداء وعمامة.
- حدثني محمد بن حميد الرازي نا سلمة بن الفضل قال: حدثني محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
- حدثنا محمد بن زنبور نا ابن أبي حازم عن يزيد بن الهاد عن معاوية بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على ناس وهم يرمون كبشا بالنبل فكره ذلك وقال: " لا تمثلوا بالبهائم ".
- حدثنا داود بن عمرو نا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: كنت قاعدا عند عبد الله بن جعفر بالبقيع فطلع علينا بجنازة يبطئون المشي تهاديا فأقبل علينا عبد الله فقال: سبحان الله لما تغير من
حال الناس والله ما كان إلا الجمز بالجنائز وإن كان الرجل ليآخي الرجل فيقول: يا عبد الله اتق الله فوالله لكأنه جمز بك.
- حدثني جدي نا حماد بن سلمة قال: رأيت ابن أبي رافع يتختم في يمينه فسأله عن ذلك فذكر أنه رأى عبد الله بن جعفر يتختم في يمينه وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم بيمينه.
- حدثني عمي نا الزبير قال: ثني محمد بن إسحاق بن جعفر عن عمه محمد بن جعفر: أن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب لما حضرته الوفاة دعا بابنه معاوية فنزع شنفا من أذنه وأوصى إليه وفي ولده من هو أسن منه. قال: إني لم أزل أو أملك لها فلما توفي عبد الله احتال لمعاوية بدين أبيه وخرج فطلب فيه حتى قضى دينه وقسم أموال أبيه بين ولده ولم يستأثر عليهم بشيء.
قال الزبير: وتوفي عبد الله بن جعفر بالمدينة سنة ثمانين وهو عام الجحاف سيل كان ببطن مكة جحف الحاج فذهب بالإبل عليها الحمولة وصلى عليه أبان بن عثمان وكان والي المدينة يومئذ وكان
ابن جعفر يوم توفي ابن تسعين سنة.
حدثني أحمد بن زهير قال: قال المدائني: توفي عبد الله بن جعفر سنة أربع أو خمس وثمانين وهو ابن ثمانين سنة.
قال: ويقال: سنة ثمانين وهو ابن تسعين.
وقال غير المدائني: سنة أربع وثمانين.
وقال: ابن نمير: سنة ثمانين.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وائل بن هاشم بن سَعِيد بْن سهم. وأمه رَيْطَةَ بِنْت مُنَبِّهِ بْن الْحَجَّاجِ بْن عَامِرِ بْن حُذَيْفة بْن سعد بْن سهم. وكان لعبد الله بْن عَمْرو من الولد مُحَمَّد وبه كان يكنى وأمه بِنْت محمية بْن جزء الزُّبَيْديّ. وهشام وهاشم وعمران وأم أياس وأم عبد الله وأم سَعِيد وأمهم أم هاشم الكندية من بني وهب بن الحارث. قال: وأخبرنا مُحَمَّد بْن عُمَر قَالَ: أسلم عَبْد الله بن عَمْرو قبل أَبِيهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كِتَابَةِ مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ. قَالَ فَأَذِنَ لِي فَكَتَبْتُهُ. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُسَمِّي صَحِيفَتَهُ تِلْكَ الصَّادِقَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو صَحِيفَةً فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ: هَذِهِ الصَّادِقَةُ. فِيهَا مَا سَمِعْتُ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِيهَا أُحُدٌ. . . . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبَرَاهُ أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنِّي أَقُولُ لأَصُومَنَّ الدَّهْرَ وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ حَبِيبٍ السَّهْمِيُّ مِنْ بَاهِلَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو لما أسن ليتني أَخَذْتُ بِرُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَكَانَ مِنْ تِلْكَ الأَيَّامِ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَدَعَاهُ عَمْرٌو فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ. قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ لأَنَّهَا أَيَّامُ أَكَلٍ وَشُرْبٍ. قَالَ وَسَأَلَهُ: كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: أَقْرَأَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ. قَالَ: أَفَلا تَقْرَأُهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ؟ قَالَ: أَنَا أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ سِتٍّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ الْمُطَّلِبِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ دَخَلَ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي أَيَّامٍ مِنًى فَدَعَاهُ إِلَى الْغَدَاءِ فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. ثُمَّ الثَّانِيَةَ فَكَذَلِكَ. ثُمَّ دَعَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: لا إِلا أَنْ تَكُونَ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أَخْبَرَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: فَلأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي حُمْرُ النعم حسبته. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ. قَالَ فَقُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ تَقْرَأُ؟ قَالَ: جُزْئِي الَّذِي أَقُومُ بِهِ اللَّيْلَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلَ يَذْكُرُ عَنْ طاووس قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ رِشْدِينَ بْنِ كُرَيْبٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَعْتَمُّ بِعِمَامَةِ حَرْقَانِيَّةٍ وَيُرْخِيهَا شبرا وأقل من شبر. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عبد الله بن شُوَيْفِعٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْعُرْيَانِ بْنِ الْهَيْثَمِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبِي إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ أَحْمَرُ عَظِيمُ الْبَطْنِ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ أَبِي: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: عبد الله بْنُ عَمْرٍو. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ وَصَفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ: رَجُلٌ أَحْمَرُ عَظِيمُ الْبَطْنِ طُوَالٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَوْشَبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ قَالَ: طَافَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بالبيت بعد ما عَمِيَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ شَرِيكِ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقْرَأُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَأْتِي الْجُمُعَةَ مِنَ الْمَغْمَسِ فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَرْتَفِعُ إِلَى الْحِجْرِ فَيُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. ثُمَّ يَقُومُ فِي جَوْفِ الْحِجْرِ فَيَجْلِسُ إِلَيْهِ النَّاسُ. فَقَالَ يَوْمًا: مَا أَفْرَقُ عَلَى نَفْسِي إِلا مِنْ ثَلاثِ مَوَاطِنَ فِي دَمِ عُثْمَانَ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بن صفوان: إن كنت رضيت قتلته فَقَدْ شَرَكْتَ فِي دَمِهِ. وَإِنِّي آخِذٌ الْمَالَ فَأَقُولُ أُقْرِضْهُ اللَّهَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَيُصْبِحُ فِي مَكَانِهِ. فَقَالَ ابْنُ صَفْوَانَ: أَنْتَ امْرُؤٌ لَمْ تُوقَ شُحَّ نَفْسِكَ. قَالَ: وَيَوْمَ صِفِّينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: مَا لِي وَلِصِفِّينَ. مَا لِي وَلِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ. لَوَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ قَبْلَهُ بِعَشْرِ سِنِينَ. أَمَا وَاللَّهِ عَلَى ذَلِكَ مَا ضَرَبْتُ بِسَيْفٍ وَلا طَعَنْتُ بِرُمْحٍ وَلا رَمَيْتُ بِسَهْمٍ. وَمَا رَجُلٌ أَجْهَدُ مِنِّي مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. قَالَ نَافِعٌ: حَسِبْتُهُ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَتْ بِيَدِهِ الرَّايَةُ فَقَدِمَ النَّاسَ مَنْزِلَةً أَوْ مَنْزِلَتَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَلامَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لَوَدِدْتُ أَنِّي هَذِهِ السَّارِيَةُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: رُبَّمَا ارتجز عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بسيفه في الحرب. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِذَا جَلَسَ لَمْ تَنْطِقْ قُرَيْشٌ. قَالَ فَقَالَ يَوْمًا: كَيْفَ أَنْتُمْ بِخَلِيفَةٍ يَمْلِكُكُمْ لَيْسَ هُوَ مِنْكُمْ؟ قَالُوا: فَأَيْنَ قريش يومئذ؟ قال: يفنيها السيف. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي رَهْطٍ مِنْ نُسَّاكِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَى مَكَّةَ فَقُلْنَا لَوْ نَظَرْنَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَحَدَّثْنَا إِلَيْهِ. فَدُلِلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَأَتَيْنَا مَنْزِلَهُ فَإِذَا قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِمِائَةِ رَاحِلَةٍ. قَالَ فَقُلْنَا: عَلَى كُلِّ هَؤُلاءِ حَجَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو؟ قَالُوا: نَعَمْ هُوَ وَمَوَالِيهِ وَأَحِبَّاؤُهُ. قَالَ فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبَيْتِ فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ بَيْنَ بُرْدَيْنِ قِطْرِيَّيْنِ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ لَيْسَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ. قَالَ فَقُلْنَا: أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ. وَقَدْ قَرَأْتَ الْكِتَابَ الأَوَّلَ وَلَيْسَ أَحَدٌ نَأْخُذُ عَنْهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا. أَوْ قَالَ أَعْجَبُ إِلَيْنَا مِنْكَ. فَحَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ. فَقَالَ لَنَا: مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ فَقُلْنَا: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. فَقَالَ: إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَوْمًا يَكْذِبُونَ وَيُكَذِّبُونَ وَيَسْخَرُونَ. قَالَ قُلْنَا: مَا كُنَّا لِنُكَذِّبُكَ وَلا نَكْذِبُ عَلَيْكَ وَلا نَسْخَرُ منك. حدثنا بحديث لعل الله ينفعنا به. فحدثتهم بِحَدِيثٍ فِي بَنِي قِنْطُورِ بْنِ كَرْكَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفُرَاتُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَانَ يَضْرِبُ فُسْطَاطَهُ فِي الْحِلِّ وَيَجْعَلُ مُصَلاهُ فِي الْحَرَمِ فَقِيلَ لَهُ: لَمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لأَنَّ الأَحْدَاثَ فِي الْحَرَمِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْحِلِّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ لا يَرَانِي إِلا اللَّهُ فَاسْتَطَعْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ لَقَتَلْتُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: بَاعَ قَيِّمُ الْوَهْطِ فَضْلَ مَاءِ الْوَهْطِ فَرَدَّهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّلْمَانِيِّ قَالَ: الْتَقَى كَعْبُ الأَحْبَارِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ كَعْبٌ: أَتَطَيَّرُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ اللَّهُمَّ لا طَيْرَ إِلا طَيْرُكَ وَلا خَيْرَ إِلا خَيْرُكَ وَلا رَبَّ غَيْرُكَ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِكَ. فَقَالَ: أَنْتَ أَفْقَهُ الْعَرَبِ. إِنَّهَا لَمَكْتُوبَةٌ فِي التَّوْرَاةِ كَمَا قُلْتَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالشَّامِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَهُوَ يَوْمَئِذِ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَمِنْ بَنِي جُمَحِ بْنِ عَمْرٍو
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وائل بن هاشم بن سَعِيد بْن سهم. وأمه رَيْطَةَ بِنْت مُنَبِّهِ بْن الْحَجَّاجِ بْن عَامِرِ بْن حُذَيْفة بْن سعد بْن سهم. وكان لعبد الله بْن عَمْرو من الولد مُحَمَّد وبه كان يكنى وأمه بِنْت محمية بْن جزء الزُّبَيْديّ. وهشام وهاشم وعمران وأم أياس وأم عبد الله وأم سَعِيد وأمهم أم هاشم الكندية من بني وهب بن الحارث. قال: وأخبرنا مُحَمَّد بْن عُمَر قَالَ: أسلم عَبْد الله بن عَمْرو قبل أَبِيهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كِتَابَةِ مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ. قَالَ فَأَذِنَ لِي فَكَتَبْتُهُ. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُسَمِّي صَحِيفَتَهُ تِلْكَ الصَّادِقَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو صَحِيفَةً فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ: هَذِهِ الصَّادِقَةُ. فِيهَا مَا سَمِعْتُ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِيهَا أُحُدٌ. . . . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبَرَاهُ أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنِّي أَقُولُ لأَصُومَنَّ الدَّهْرَ وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ حَبِيبٍ السَّهْمِيُّ مِنْ بَاهِلَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو لما أسن ليتني أَخَذْتُ بِرُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَكَانَ مِنْ تِلْكَ الأَيَّامِ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَدَعَاهُ عَمْرٌو فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ. قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ لأَنَّهَا أَيَّامُ أَكَلٍ وَشُرْبٍ. قَالَ وَسَأَلَهُ: كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: أَقْرَأَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ. قَالَ: أَفَلا تَقْرَأُهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ؟ قَالَ: أَنَا أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ سِتٍّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ الْمُطَّلِبِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ دَخَلَ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي أَيَّامٍ مِنًى فَدَعَاهُ إِلَى الْغَدَاءِ فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. ثُمَّ الثَّانِيَةَ فَكَذَلِكَ. ثُمَّ دَعَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: لا إِلا أَنْ تَكُونَ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أَخْبَرَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: فَلأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي حُمْرُ النعم حسبته. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ. قَالَ فَقُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ تَقْرَأُ؟ قَالَ: جُزْئِي الَّذِي أَقُومُ بِهِ اللَّيْلَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلَ يَذْكُرُ عَنْ طاووس قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ رِشْدِينَ بْنِ كُرَيْبٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَعْتَمُّ بِعِمَامَةِ حَرْقَانِيَّةٍ وَيُرْخِيهَا شبرا وأقل من شبر. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عبد الله بن شُوَيْفِعٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْعُرْيَانِ بْنِ الْهَيْثَمِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبِي إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ أَحْمَرُ عَظِيمُ الْبَطْنِ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ أَبِي: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: عبد الله بْنُ عَمْرٍو. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ وَصَفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ: رَجُلٌ أَحْمَرُ عَظِيمُ الْبَطْنِ طُوَالٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَوْشَبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ قَالَ: طَافَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بالبيت بعد ما عَمِيَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ شَرِيكِ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقْرَأُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَأْتِي الْجُمُعَةَ مِنَ الْمَغْمَسِ فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَرْتَفِعُ إِلَى الْحِجْرِ فَيُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. ثُمَّ يَقُومُ فِي جَوْفِ الْحِجْرِ فَيَجْلِسُ إِلَيْهِ النَّاسُ. فَقَالَ يَوْمًا: مَا أَفْرَقُ عَلَى نَفْسِي إِلا مِنْ ثَلاثِ مَوَاطِنَ فِي دَمِ عُثْمَانَ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بن صفوان: إن كنت رضيت قتلته فَقَدْ شَرَكْتَ فِي دَمِهِ. وَإِنِّي آخِذٌ الْمَالَ فَأَقُولُ أُقْرِضْهُ اللَّهَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَيُصْبِحُ فِي مَكَانِهِ. فَقَالَ ابْنُ صَفْوَانَ: أَنْتَ امْرُؤٌ لَمْ تُوقَ شُحَّ نَفْسِكَ. قَالَ: وَيَوْمَ صِفِّينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: مَا لِي وَلِصِفِّينَ. مَا لِي وَلِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ. لَوَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ قَبْلَهُ بِعَشْرِ سِنِينَ. أَمَا وَاللَّهِ عَلَى ذَلِكَ مَا ضَرَبْتُ بِسَيْفٍ وَلا طَعَنْتُ بِرُمْحٍ وَلا رَمَيْتُ بِسَهْمٍ. وَمَا رَجُلٌ أَجْهَدُ مِنِّي مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. قَالَ نَافِعٌ: حَسِبْتُهُ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَتْ بِيَدِهِ الرَّايَةُ فَقَدِمَ النَّاسَ مَنْزِلَةً أَوْ مَنْزِلَتَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَلامَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لَوَدِدْتُ أَنِّي هَذِهِ السَّارِيَةُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: رُبَّمَا ارتجز عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بسيفه في الحرب. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِذَا جَلَسَ لَمْ تَنْطِقْ قُرَيْشٌ. قَالَ فَقَالَ يَوْمًا: كَيْفَ أَنْتُمْ بِخَلِيفَةٍ يَمْلِكُكُمْ لَيْسَ هُوَ مِنْكُمْ؟ قَالُوا: فَأَيْنَ قريش يومئذ؟ قال: يفنيها السيف. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي رَهْطٍ مِنْ نُسَّاكِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَى مَكَّةَ فَقُلْنَا لَوْ نَظَرْنَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَحَدَّثْنَا إِلَيْهِ. فَدُلِلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَأَتَيْنَا مَنْزِلَهُ فَإِذَا قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِمِائَةِ رَاحِلَةٍ. قَالَ فَقُلْنَا: عَلَى كُلِّ هَؤُلاءِ حَجَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو؟ قَالُوا: نَعَمْ هُوَ وَمَوَالِيهِ وَأَحِبَّاؤُهُ. قَالَ فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبَيْتِ فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ بَيْنَ بُرْدَيْنِ قِطْرِيَّيْنِ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ لَيْسَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ. قَالَ فَقُلْنَا: أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ. وَقَدْ قَرَأْتَ الْكِتَابَ الأَوَّلَ وَلَيْسَ أَحَدٌ نَأْخُذُ عَنْهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا. أَوْ قَالَ أَعْجَبُ إِلَيْنَا مِنْكَ. فَحَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ. فَقَالَ لَنَا: مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ فَقُلْنَا: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. فَقَالَ: إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَوْمًا يَكْذِبُونَ وَيُكَذِّبُونَ وَيَسْخَرُونَ. قَالَ قُلْنَا: مَا كُنَّا لِنُكَذِّبُكَ وَلا نَكْذِبُ عَلَيْكَ وَلا نَسْخَرُ منك. حدثنا بحديث لعل الله ينفعنا به. فحدثتهم بِحَدِيثٍ فِي بَنِي قِنْطُورِ بْنِ كَرْكَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفُرَاتُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَانَ يَضْرِبُ فُسْطَاطَهُ فِي الْحِلِّ وَيَجْعَلُ مُصَلاهُ فِي الْحَرَمِ فَقِيلَ لَهُ: لَمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لأَنَّ الأَحْدَاثَ فِي الْحَرَمِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْحِلِّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ لا يَرَانِي إِلا اللَّهُ فَاسْتَطَعْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ لَقَتَلْتُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: بَاعَ قَيِّمُ الْوَهْطِ فَضْلَ مَاءِ الْوَهْطِ فَرَدَّهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّلْمَانِيِّ قَالَ: الْتَقَى كَعْبُ الأَحْبَارِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ كَعْبٌ: أَتَطَيَّرُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ اللَّهُمَّ لا طَيْرَ إِلا طَيْرُكَ وَلا خَيْرَ إِلا خَيْرُكَ وَلا رَبَّ غَيْرُكَ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِكَ. فَقَالَ: أَنْتَ أَفْقَهُ الْعَرَبِ. إِنَّهَا لَمَكْتُوبَةٌ فِي التَّوْرَاةِ كَمَا قُلْتَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالشَّامِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَهُوَ يَوْمَئِذِ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَمِنْ بَنِي جُمَحِ بْنِ عَمْرٍو
عبد الله بن عمرو بن العاص أبو محمد وقد قيل أبو نصر كان بينه وبين أبيه ثلاث عشرة سنة مات سنة ثلاث وستين وله ثنتان وسبعون سنة
عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن العاص أَبُو مُحَمَّد السهمي الْقُرَشِيّ
(3) ، مات ليالي الحرة في ولاية يزيد بن معاوية، قال مُحَمَّد بْن مقاتل عَنْ أَحْمَد بْن مُحَمَّد، وولى يزيد ثلاث سنين وأشهرا، ويقَالَ: مات (4) سنة تسع وستين (4) وهو ابْن ثنتين وسبعين.
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بْن المنذر حَدَّثَنِي عيسى ابن المغيرة قال ح ابْن أَبِي ذئب عَنِ الحارث عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قدمت على عَبْد اللَّه بْن عَمْرو وهو أمير مصر.
وَقَالَ مُحَمَّد حَدَّثَنَا أَبُو قتيبة سلم عَنْ أَبِي عوانة عَنْ اسمعيل بْن سالم عَنِ الشَّعْبِيّ: لم يعل عَمْرو بْن العاص عَبْد اللَّه بْن عَمْرو إلا اثنتي عشرة سنة.
(3) ، مات ليالي الحرة في ولاية يزيد بن معاوية، قال مُحَمَّد بْن مقاتل عَنْ أَحْمَد بْن مُحَمَّد، وولى يزيد ثلاث سنين وأشهرا، ويقَالَ: مات (4) سنة تسع وستين (4) وهو ابْن ثنتين وسبعين.
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بْن المنذر حَدَّثَنِي عيسى ابن المغيرة قال ح ابْن أَبِي ذئب عَنِ الحارث عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قدمت على عَبْد اللَّه بْن عَمْرو وهو أمير مصر.
وَقَالَ مُحَمَّد حَدَّثَنَا أَبُو قتيبة سلم عَنْ أَبِي عوانة عَنْ اسمعيل بْن سالم عَنِ الشَّعْبِيّ: لم يعل عَمْرو بْن العاص عَبْد اللَّه بْن عَمْرو إلا اثنتي عشرة سنة.
عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤىّ بن غالب القرشى السّهمىّ : يكنى أبا محمد .
كان بينه وبين مولد أبيه عشرون سنة .
شهد عبد الله بن عمرو غزو إفريقية مع ابن أبى سرح سنة سبع وعشرين . وكان شهد- أيضا- فتح مصر، ونزل بها فى دار أبيه التى اختطها. وكان قد ولى مصر بعد أبيه نحو سنتين ، ثم عزله معاوية عنها، فانتقل إلى مكة وأوطنها، حتى توفى بها سنة
خمس وستين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة فى ولاية «يزيد بن معاوية» . وقال ابن بكير : إنه توفى بمصر فى داره الصغيرة، التى بمصر، ودفن بها .
قال عبد الله بن عمرو بن العاص: إنى لأعلم السنة، التى تخرجون فيها من مصر.
قال ابن سالم : فقلت له: ما يخرجنا منها يا أبا محمد؟ أعدوّ؟! قال: لا، ولكنكم يخرجكم منها نيلكم هذا بغور، فلا تبقى منه قطرة، حتى تكون فيه الكثبان من الرمل، وتأكل سباع الأرض حيتانه .
كان بينه وبين مولد أبيه عشرون سنة .
شهد عبد الله بن عمرو غزو إفريقية مع ابن أبى سرح سنة سبع وعشرين . وكان شهد- أيضا- فتح مصر، ونزل بها فى دار أبيه التى اختطها. وكان قد ولى مصر بعد أبيه نحو سنتين ، ثم عزله معاوية عنها، فانتقل إلى مكة وأوطنها، حتى توفى بها سنة
خمس وستين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة فى ولاية «يزيد بن معاوية» . وقال ابن بكير : إنه توفى بمصر فى داره الصغيرة، التى بمصر، ودفن بها .
قال عبد الله بن عمرو بن العاص: إنى لأعلم السنة، التى تخرجون فيها من مصر.
قال ابن سالم : فقلت له: ما يخرجنا منها يا أبا محمد؟ أعدوّ؟! قال: لا، ولكنكم يخرجكم منها نيلكم هذا بغور، فلا تبقى منه قطرة، حتى تكون فيه الكثبان من الرمل، وتأكل سباع الأرض حيتانه .
عبد الله بن عمرو بن العاص
روح بن عبادة، أخبرنا يحيى بن أبى حسين، أخبرنا عبد الله بن أبى مليكة: أن ابن عامر [ / ب] أهدى إلى عائشة هدية، فظنت أنه عبد الله بن عمرو، فقالت: لا حاجة لى بهديته يتبع الكتب، والله عز وجل يقول: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: ].
فقيل لها: إنه عبد الله بن عامر، فأذنت له .
قال: وكان مغيرة لا يعبأ بصحيفة عبد الله بن عمرو ويقول: كانت له صحيفة
يسميها الصادقة ما يسرنى أنها لى بفلسين.
وكان يقال: إنه وجد سفطين باليرموك فكان يحدث عنهما، فقال له قائل: حدثنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعنا من السفطين .
قالوا: وروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعمار: "تقتلك الفئة الباغية".
ثم كان مع الفئة التى قتلته يقاتل معها الفئة التى فيها عمار بسيفين .
وروى ابن إسماعيل، عن محمد بن سنان، عن همام، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، ومحمد بن عبيد الحنفى، عن عبد الله بن عمرو، قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حش من حشان المدينة، فأستاذن رجل فقال: "ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه".
فإذا هو عثمان فجعل يقول: اللهم صبرًا حتى جلس، فقلت: أين أنا؟ قال؟ أنت مع أبيك .
عبيد الله بن معاذ ، حدثنا أبى، حدثنا شعبة، عن أبى بلج ، سمع عمرو بن ميمون يحدث عن عبد الله بن عمرو قال: ليأتين على جهنم يوم تصطفق فيه أبوابها ليس فيها أحد بعدما يلبثون فيها أحقابًا.
* * *
روح بن عبادة، أخبرنا يحيى بن أبى حسين، أخبرنا عبد الله بن أبى مليكة: أن ابن عامر [ / ب] أهدى إلى عائشة هدية، فظنت أنه عبد الله بن عمرو، فقالت: لا حاجة لى بهديته يتبع الكتب، والله عز وجل يقول: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: ].
فقيل لها: إنه عبد الله بن عامر، فأذنت له .
قال: وكان مغيرة لا يعبأ بصحيفة عبد الله بن عمرو ويقول: كانت له صحيفة
يسميها الصادقة ما يسرنى أنها لى بفلسين.
وكان يقال: إنه وجد سفطين باليرموك فكان يحدث عنهما، فقال له قائل: حدثنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعنا من السفطين .
قالوا: وروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعمار: "تقتلك الفئة الباغية".
ثم كان مع الفئة التى قتلته يقاتل معها الفئة التى فيها عمار بسيفين .
وروى ابن إسماعيل، عن محمد بن سنان، عن همام، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، ومحمد بن عبيد الحنفى، عن عبد الله بن عمرو، قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حش من حشان المدينة، فأستاذن رجل فقال: "ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه".
فإذا هو عثمان فجعل يقول: اللهم صبرًا حتى جلس، فقلت: أين أنا؟ قال؟ أنت مع أبيك .
عبيد الله بن معاذ ، حدثنا أبى، حدثنا شعبة، عن أبى بلج ، سمع عمرو بن ميمون يحدث عن عبد الله بن عمرو قال: ليأتين على جهنم يوم تصطفق فيه أبوابها ليس فيها أحد بعدما يلبثون فيها أحقابًا.
* * *
عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلِ بْنِ هِشَامِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ وَقِيلَ: أَبُو نُصَيْرٍ، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابَةِ عَنْهُ فِي حَالِ الْغَضَبِ وَالرِّضَا، فَأَذِنَ لَهُ حَفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْفَ مَثَلٍ وَكَانَ قَرَأَ الْكُتُبَ، كَانَ يَصُومُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ، وَيَرْغَبُ عَنْ غَشَيَانِ النِّسَاءِ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الِائْتِسَاءِ بِهِ فِي الْإِفْطَارِ وَالنَّوْمِ وَإِتْيَانِ النِّسَاءِ وَأَنْ يَخْتِمَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، أُمُّهُ رَيْطَةُ بِنْتُ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَامِرِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، تُوُفِّيَ لَيَالِيَ الْحَرَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: خَمْسٌ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، فَقِيلَ: تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ، وَقِيلَ: بِالطَّائِفِ، وَقِيلَ: بِمِصْرَ، كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ فِي السِّنِّ عِشْرُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: اثْنَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ عَوْفٍ الْقَارِئُ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَأَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، وَأَبُو الطُّفَيْلِ، وَمِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعُرْوَةُ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَعِكْرِمَةُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو لَيَالِيَ الْحَرَّةِ فِي وِلَايَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو الزِّنْبَاعِ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَيُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ بِمِصْرَ وَدُفِنَ فِي دَارِهِ الصَّغِيرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَسِنُّهُ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَةً، أَوْ ثِنْتَانِ وَتِسْعُونَ سَنَةً، شَكَّ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فِي السَّبْعِينَ وَالتِّسْعِينُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسِ بْنِ كَامِلٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، أَخْبَرَنِي أَبُو يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، ثنا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، وَقِيلَ، لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا التُّسْتَرِيُّ، ثنا شَبَّابٌ، قَالَ: مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالطَّائِفِ، وَيُقَالُ: بِمَكَّةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَقَدْ أَتَى الشَّامَاتِ وَمِصْرَ وَالْكُوفَةَ
- رَوَى مِنَ الْمُتُونِ سِوَى الطُّرُقِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَيِّفًا وَخَمْسِمِائَةِ حَدِيثٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كُنَاسَةَ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ، وَلَكِنْ يَقْبِضَهُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ غَيْرُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَيُّوبُ وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَمِنَ الْأَئِمَّةِ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ وَابْنُ سُلَيْمٍ، وَجُرَيْجٌ وَالْحَمَّادَانِ، وَالنَّاسُ الْكَثِيرُ، وَالْجَمُّ الْغَفِيرُ، عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدُوَيْهِ الصَّفَّارُ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ، ثنا نُوحُ بْنُ دَرَّاجٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُقَارِبًا، أَوْ قَالَ مُوَائِمًا حَتَّى نَشَأَ فِيهِمُ الْمُوَلَّدُونَ أَبْنَاءُ سَبَايَا الْأُمَمِ الَّتِي كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسْبِيهَا، قَالُوا بِرَأْيِهِمْ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَيْلَةَ الْعُقَيْلِيُّ، مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: الْتَقَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى الْمَرْوَةِ فَتَحَدَّثَا، ثُمَّ مَضَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، وَبَقِيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَبْكِي، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: هَذَا يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ، كَبَّهُ اللهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ»
- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ، ثنا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ أَبِي الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْفِتْنَةَ أَوْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ فَقَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ، وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ، وَكَانُوا هَكَذَا» - وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ - قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: كَيْفَ نَعْمَلُ عِنْدَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «الْزَمْ بَيْتَكَ، وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ مَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ، وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ الْخَاصَّةِ، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ»
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْمُقْرِئُ، ثنا حَيْوَةُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي هَانِئٍ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «قَدَّرَ اللهُ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ»
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمِصِّيصِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَلِيلٍ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ أَبِي عُبَيْدَةَ فَذَكَرَ الرِّيَاءَ فَقَالَ شَيْخٌ يُكْنَى أَبَا يَزِيدَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللهُ بِهِ سَامِعَ خَلْقِهِ، وَحَقَّرَهُ، وَصَغَّرَهُ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا زَمْعَةُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا يَنْسَى الْمَرْءُ أَوْ يَجْهَلُ مِنْ تَقْدِيمِ الْأُمُورِ بَعْضِهَا قَبْلَ بَعْضٍ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ إِلَّا قَالَ: «افْعَلُوا وَلَا حَرَجَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ الْمُنْكَدِرِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي غَيْرُ حَاجٍّ بَعْدَ عَامِي هَذَا» اخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ مِنْ وُجُوهٍ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ فَقَالَ: «صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ مِثْلَهُ، وَاخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِيهِ فَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَعُقَيْلٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ وَقَالَ: بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَوْلَاةٍ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْهُ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، وَمَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا، عَنْ عَبْدِ اللهِ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنْهُ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُرَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ أَوْسٍ، وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَاخْتُلِفَ عَلَى مُجَاهِدٍ فِيهِ
عبد الرحمن بن مهران مولى بني هاشم روى عن عبد الرحمن بن سعد عن أبي هريرة روى عنه ابن أبي ذئب سمعت أبي يقول ذلك.
عبد الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسى أبو القاسم مولى
بني هاشم روى عن فياض الرقي ومحمد بن ربيعة ومبشر الحلبي وأبي أسامة وإسحاق الأزرق ومصعب بن المقدام وعبد الحميد الحماني سمع منه أبي بطرسوس في الرحلة الثانية.
نا عبد الرحمن قال سئل أبي عنه فقال: شيخ.
بني هاشم روى عن فياض الرقي ومحمد بن ربيعة ومبشر الحلبي وأبي أسامة وإسحاق الأزرق ومصعب بن المقدام وعبد الحميد الحماني سمع منه أبي بطرسوس في الرحلة الثانية.
نا عبد الرحمن قال سئل أبي عنه فقال: شيخ.
عبد الله بن نافع مولى بني هاشم روى عن أبيه سمع عمر رضي الله
عنه، روى عنه الحكم بن عتيبة.
ثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول ذلك.
عنه، روى عنه الحكم بن عتيبة.
ثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول ذلك.
عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم
ابن عيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب، أبو محمد.
ويقال: أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو نصير السهمي صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان من أكثر أصحابه عنه حديثاً، وقيل: كان اسمه العاص فسماه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الله.
عن عبد الله بن عمرو قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنودي بالصلاة جامعة، فركع ركعتين بسجدة، ثم قام؛ فركع ركعتين بسجدة، ثم جلس حتى جُلِّي عن الشمس، فقالت عائشة: ما سجد سجوداً، ولا ركع ركوعاً قط أطول منه.
وعنه أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلبٍ واحد، يصرفه حيث يشاء " ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهم مُصرِّف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك ".
كتب معاوية بن أبي سفيان إلى مسلمة بن مخلد: أن سل عبد الله بن عمرو بن العاص أسمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا تقدس أمة لا يقضى فيها بالحق، ويأخذ الضعيف حقه من القوي غير مضطر "؟ فإن أخبرك أنه سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فابعثه إلي على مركبة من البريد، فقدم على البريد، فقال: أنت
سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوله؟ قال: نعم، قال معاوية: وأنا سمعته منه كما سمعته.
قال الزبير بن بكار: كان عبد الله بن عمرو يصوم الدهر، ويقوم الليل، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له: " صم، وأفطر، وصل، ونم ".
أم عبد الله بن عمرو ريطة بنت مُنبِّه بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعيد بن سهم، أسلم قبل أبيه، وكان له من الولد: محمد وبه كان يكنى، وهشام، وهاشم، وعمران، وأم إياس، وأم عبد الله، وأم سعيد، وشهد الفتح بمصر، واختط بمصر، استأذن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الكتابة عنه في حال الغضب والرضى، فأذن له، وحفظ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألف مثل، وكان قد قرأ الكتب، وكان يرغب عن غثيان النساء، ولم يعل عمرو بن العاص ابنه في السن إلا بثنتي عشرة سنةً.
وكان عبد الله بن عمرو رجلاً سميناً طوالاً أحمر عظيم البطن.
عن عبد الله بن الحارث بن جزءٍ قال: توفي صاحب لنا غريب بالمدينة، وكنا على قبره، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما اسمك؟ " فقلت: العاص، وقال لعبد الله بن عمر: " ما اسمك؟ " فقال: العاص، وقال لعبد الله بن عمرو: " ما اسمك؟ " فقال: العاص، فقال: " أنزلوه فاقبروه، فأنتم عبيد الله " قال: فقبرنا أخانا وخرجنا وقد بدلت أسماؤنا.
عن عقبة بن عامر أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " نِعْم أهل البيت أبو عبد الله، وأم عبد الله، وعبد الله ".
عن أبي أمامة قال: مر ابن العاص على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو مسبل إزاره، ومسبل جُمَّته، فقال: "
نِعْم الفتى ابن العاص لو شمر من مئزره، وقصر من لمته " قال: فحلق رأسه، وقصر، ورفع إزاره إلى الركبة.
عن عبد الله بن عمرو قال: دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيتي هذا، فقال: " يا عبد الله، ألم أخبرك أنك تكلفت قيام الليل، وصيام النهار؟ " قال: قلت: إني لأفعل، قال: فقال: " إن من حسبك - ولم يقل افعل - أن تصوم من كل شهرٍ ثلاثة أيامٍ؛ الحسنة بعشر أمثالها، فكأنك قد صمت الدهر كله "، قال: قلت: يا رسول الله إني أجد قوة، وإني أحب أن تزيدني، قال: " فخمسة أيامٍ " قال: قلت: إني أجد قوة، فإني أحب أن تزيدني، قال: سبعة أيام " قال: فجعل يستزيده ويزيده يومين يومين حتى بلغ النصف، فقال: " إن أخي داود كان أعبد البشر، وإنه كان يقوم نصف الليل، ويصوم نصف الدهر؛ إن لأهلك عليك حقاً، وإن لعبدك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً " فكان عبد الله بعدما كبر وأدركه السن يقول: ألا كنت قبلت رخصة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحب إلي من أهلي ومالي.
وقال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقرأ القرآن في شهرٍ " فقلت: إني أقوى، فقال: " اقرأه في خمسٍ وعشرين " قلت: إني أقوى، قال: " اقرأه في عشرين " قلت: إني أقوى: قال: " اقرأه في خمس عشرة " قلت: إني أقوى، قال: " اقرأه في عشر " قلت: إني أقوى، قال: " اقرأه في خمسٍ " قلت: إني أقوى، قال: " لا ".
عن عبد الله: أنه رأى في المنام كأن في إحدى يديه عسلاً، وفي الأخرى سمناً، فإنه يلعقهما، فأصبح فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " تقرأ الكتابين التوراة والقرآن " فكان يقرؤهما.
عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تدري من معنا في البيت؟ جبريل عليه السلام وقد سلم عليك ".
وقال: كنت أكتب كل شيءٍ أسمعه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيءٍ تسمعه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشر يتكلم في الغضب والرضى، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق ".
قال أبو هريرة: ما كان أحد أحفظ لحديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مني إلا عبد الله بن عمرو؛ فإني كنت أعي بقلبي ويعي بقلبه، ويكتب.
عن مجاهد قال: دخلت على عبد الله بن عمرو بن العاص، فتناولت صحيفة تحت رأسه، فتمنّع عليَّ، فقلت: تمنعني شيئاً من كتبك؟ فقال: إن هذه الصحيفة الصادقة التي سمعتها من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس بيني وبينه أحد، فإذا سلم لي كتاب الله، وسلمت لي هذه الصحيفة والوهط لم أبال ما صنعت الدنيا.
عن سليمان بن الربيع العدوي قال: لقينا عمر، فقلنا: إن عبد الله بن عمرو حدثنا بكذا وكذا، فقال عمر: عبد الله بن عمرو أعلم بما يقول؛ قالها ثلاثاً، ثم نودي بالصلاة جامعة فاجتمع الناس إليه، فخطبهم عمر، فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يأتي أمر الله ".
قال عبد الله بن عمرو بن العاص: ابن عباس أعلمنا بما مضى، وأفقهنا فيما نزل مما لم يأت فيه شيء، قال عكرمة: فأخبرت ابن عباس بقوله، فقال: إن عنده لعلماً، ولقد كان يسأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحلال والحرام.
عن عروة بن الزبير أن عائشة قالت له: يا بن أخت، إني قد أخبرت أن عبد الله بن عمرو حاج في عامه هذا، فالقه، فإنه قد حفظ عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث كثيرةً.
التقى كعب الأحبار وعبد الله بن عمرو، فقال كعب: أتطيُّر يا عبد الله؟ قال: نعم، قال: فما تقول؟ قال: الله لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا رب غيرك، ولا حول ولا قوة إلا بك، فقال: أنت أفقه العرب؛ إنها لمكتوبة في التوراة كما قلت.
وقدم كعب مكة، وبها عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال كعب: سلوه عن ثلاث، فإن أخبركم بهن فهو عالم؛ سلوه عن شيء من الجنة وضعه الله للناس في الأرض، وسلوه ما أول ماء وضع بالأرض، وما أول شجرة غرست بالأرض، فسئل عبد الله عنها، فقال: الشيء الذي وضعه الله للناس في الأرض فهذا الركن الأسود، وأول ماء وضع بالأرض فبرهوت ماء باليمن ترده هام الكفار، وأما أول شجرةٍ غرسها الله في الأرض فالعوسجة التي اقتطع منها موسى عصاه، فلما بلغ ذلك كعباً قال: صدق، الرجل والله عالم.
عن مولى لعمرو بن العاص: أن عبد الله بن عمرو نظر إلى المقبرة، فلما نظر إليها نزل، فصلى ركعتين، فقيل
له: هذا شيءٍ لم تكن تصنعه، فقال: ذكرت أهل القبور، وما حيل بينهم وبينه فأحببت أن أتقرب إلى الله عز وجل بهما.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لأن أعمل اليوم عملاً أقر عليه أحب إلي من ضعفه فيما مضى؛ لأنا حين أسلمنا وقعنا في عمل الآخرة، فأما اليوم فقد خلبتنا الدنيا.
وقال: إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، ولا تبغضوا إلى أنفسكم عبادة الله عز وجل فإن المنبت لا بلغ بعداً، ولا أبقى ظهراً، وأعمل عمل امرئ يظن ألا يموت إلا هرماً، واحذر حذر امرئٍ يحسب أنه يموت غداً.
وقال: لأن أكون عاشر عشرةٍ مساكين يوم القيامة أحب إلي من أن أكون عاشر عشرةٍ أغنياء، فإن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا - يقول: يتصدق يميناً وشمالاً.
قال ابن أبي مليكة:
بينما عبد الله بن عمرو بن العاص يصلي وراء المقام، وهو يبكي، وقد كسف - أو خسف - القمر إذ مر به العلاء بن طارق، فوقف يسمع، فقال: ما توقفك يا بن أخي؟ تعجب من أني أبكي؟! والله إن هذا القمر يبكي من خشية الله، أما والله لو تعلمون اليقين لبكى أحدكم حتى ينقطع صوته، ولسجد حتى ينقطع صلبه.
عن عبد الله بن يزيد قال: قلت لعبد الله بن عمرو: بلغني أنك كنت من أحسن قريشٍ عيناً، فما الذي أرى بهما؟ قال: البكاء.
وقال عبد الله بن عمرو: ما أُعطي إنسان شيئاً خيراً من صحة، وعفة، وأمانة، وفقه.
وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يضرب فسطاطه في الحل، ويجعل مصلاه في الحرم، فقيل له: لِمَ تفعل ذلك؟ قال: لأن الأحداث في الحرم أشد منها في الحل.
قال عمرو بن العاص لابنه: يا بني، ما الشرف؟ قال: كف الأذى، وبذل الندى، قال: فما المروءة؟ قال: عرفان الحق، وتعاهد الصنعة، قال: فما المجد؟ قال: احتمال المغارم، وابتناء المكارم.
وسأله: ما الغي؟ قال: طاعة المفسد، وعصيان المرشد، قال: فما البله؟ قال: عمى القلب، وسرعة النسيان.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص لأخواله - حي من عنزة يقال لهم بنو فلان - يا بني أمي إنه ليس الواصل الذي يصل من وصله، ويقطع من قطعه، وليس الحليم الذي يحلم عمن يحلم عنه، ويجهل على من يجهل، قالوا: فمن ذاك؟ قال: ذاك المنصف، إنما الحليم الذي يحلم عمن يحلم عنه، ويحلم عمن يجهل عليه.
هم أخوال أبيه عمرو بن العاص، وهذا الكلام محفوظ من كلام عمرو بن العاص.
عن حميد بن هلال قال: كان عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: دع ما لست منه في شيءٍ، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن ورقك.
قال الشعبي: قيل لعبد الله بن عمرو وهو قاعد بالكعبة: إن كنت تريد أن تذكر فقد ذكرت،
وإن كنت تريد أن يشاع حديثك فقد أشيع، حدثنا شيئاً سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعنا مما وجدت في خرجك، فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ".
كانت راية عمرو بن العاص يوم اليرموك يحملها ابنه عبد الله بن عمرو.
وكان عبد الله بن عمرو بن العاص على الميمنة بصفين مع معاوية.
عن حنظلة بن خويلد العنزي قال: بينما أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمارٍ، يقول كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحدكما نفساً لصاحبه؛ فإني سمعت - يعني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: " تقتله الفئة الباغية " فقال معاوية: ألا تغني عنا مجنونك يا عمرو، فما بالك معنا؟ قال: إن أبي شكاني إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أطع أباك ما دام حياً، ولا تعصه ما دام حياً " وأنا معكم ولست أقاتل.
وقال عبد الله بن عمرو: كنت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء أبو بكر، فاستأذن، فقال: " ائذن له وبشره بالجنة " ثم جاء عمر، فاستأذن، فقال: " ائذن له وبشره بالجنة " ثم جاء عثمان فاستأذن، فقال: " ائذن له وبشره بالجنة " قال: قلت: فأين أنا؟ قال: " أنت مع أبيك ".
وقال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كيف بك إذا بقيت في حثالةٍ من الناس، قد مرجت عهودهم ومواثيقهم، وكانوا هكذا " - فخالف بين أصابعه - قال: تأمرني بأمرٍ
يا رسول الله؟ قال: " تأخذ ما تعرف، وتدع ما تنكر، وتعمل بخاصة نفسك، وتدع الناس وعوام أمرهم " قال: فلما كان يوم صفين قال له أبوه عمرو بن العاص: يا عبد الله بن عمرو، اخرج فقاتل، فقال: يا أبتاه أتأمرني أن أخرج فأقاتل، وقد سمعت ما سمعت يوم يعهد إلي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يعهد؟ فقال: أنشدك الله يا عبد الله بن عمرو ألم يكن آخر ما عهد إليك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أخذ بيدك فوضعها بيدي، ثم قال: " أطع أباك " قال: اللهم بلى، قال: فإني أعزم عليك أن تخرج فتقاتل، فخرج عبد الله بن عمرو، فقاتل يومئذٍ متقلداً بسيفين، فلما انكشف الحرب أنشأ عمرو بن العاص يقول: من الرمل
شبت الحرب فأعددت لها ... مفرغ الحارك مروي الثبجْ
يصل الشد بشدٍّ فإذا ... دنت الخيل من الشد معج
جرشع أعظمه جفرته ... فإذا ابتل من الماء حدج
قال: وأنشأ عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: من الطويل
فلو شهدت جمل مقامي ومشهدي ... بصفين يوماً شاب منها الوائب
عشية جا أهل العراق كأنهم ... سحاب ربيعٍ دفعته الجنائب
وجئناهم نردي كأن صفوفنا ... من البحر موج موجه متراكب
إذا قلت: قد ولوا سراعاً بدت لنا ... كتائب منهم، وارجحنّت كتائب
فدارت رحانا واستدارت رحاهم ... سراة النهار ما تولي المناكب
كان عبد الله بن عمرو بن العاص في زمن عمر وعثمان بمصر يجلس يحدث، وكان يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إنها ستكون فتنة عمياء صماء الراقد فيها خير من اليقظان، والجالس فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي " فلما كانت الفتنة التي كانت بين معاوية وعلي حضر عبد الله بن عمرو صفين فقاتل فيها، فاستعمل معاوية بذلك عمرو بن العاص على مصر، فلما ولي عبد الله مصر جلس ذلك المجلس الذي كان يجلسه في زمن عمر وعثمان، فحدث كيف كان القتال بصفين، فقال له رجل من أهل مصر: قاتلت؟ قال: بلى، قال: والله لا أكلمك كلمةً بعد هذا.
عن عبد الله بن أبي مُليكة قال: كان عبد الله بن عمرو يأتي الجمعة من المغمَّس، فيصلي الصبح، ثم يرتفع إلى الحجر ويكبر حتى تطلع الشمس، ثم يقوم في جوف الحجر، فيجلس إليه الناس، فقال يوماً: ما أفرق على نفسي إلا من ثلاثٍ: مواطن في دم عثمان. فقال له عبد الله بن صفوان: إن كنت رضيت قتله فقد شركت في دمه، وأني آخذ المال، فأقول: أقرضه الله هذه الليلة، فيصبح في مكانه، فقال ابن صفوان: أنت امرؤ لم توق شح نفسك، ويوم صفين.
عن سليمان بن الربيع قال: انطلقت في رهْطٍ من نسألك أهل البصرة إلى مكة، فقلنا: لو نظرنا رجلاً من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتحدثنا إليه، فدللنا على عبد الله بن عمرو بن العاص، فأتينا منزله، فإذا قريب من ثلاثمائة راحلة، قال: فقلنا: على كل هؤلاء حج عبد الله بن عمرو؟ قالوا: نعم؛ وهو ومواليه وأحباؤه، قال: فانطلقنا إلى البيت، فإذا نحن برجلٍ
أبيض الرأس واللحية، بين بردين قطريين، عليه عمامة، ليس عليه قميص، قال: فقلنا: أنت عبد الله بن عمرو، وأنت صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورجل من قريش، وقد قرأت الكتاب الأول، وليس أحد نأخذ عنه أحب إلينا - أو قال: أعجب إلينا - منك، فحدثنا بحديث لعل الله أن ينفعنا به. فقال لنا: ممن أنتم؟ فقلنا: من أهل العراق، فقال: إن من أهل العراق قوماً يَكذِبون ويُكَذِّبون، ويسخرون، قال: قلنا: ما كنا لنكذِّبك، ولا نكذب عليك، ولا نسخر منك، حدثنا بحديثٍ لعل الله أن ينفعنا به، فحدثهم بحديث في بني قنطور بن كركر.
وفي رواية أخرى قال:
أما ورب هذا المسجد الحرام، والبلد الحرام، واليوم الحرام، والشهر الحرام، أسميت اليمين أم لا، قال: قلنا: قد اجتهدت، قال: ليوشك بنو قنطور بن كركر؛ قوم خنس الأنوف صغار الأعين، كأن وجوههم المجان المطرقة، في كتاب الله المنزل أن يسوقوكم بخراسان وسجستان سياقاً عنيفاً، قوم يرزقون اللحم، وينتعلون الشعر، ويحتجزون السيوف على أوساطهم حين ينزلون الأبلة، قال: وكم الأبلة من البصرة؟ قلنا: أربعة فراسخ، قال: ويعقدون بكل نخلة من نخل دجلة رأس فرس، ثم يرسلون إلى أهل البصرة اخرجوا منها قبل أن ننزل عليكم، فيخرج أهل البصرة من البصرة، فيلحق لاحق ببيت المقدس، ويلحق لاحق بالمدينة، ويلحق آخر بمكة، ويلحق آخرون بالأعراب، ثم يسيرون حتى ينزلوا البصرة، فيلبثون بها سنة، ثم يرسلون إلى أهل الكوفة أن اخرجوا منها قبل أن ننزل عليكم، فيخرج أهل الكوفة منها، فيلحق لاحق ببيت المقدس ويلحق لاحق المدينة، ويلحق آخر بمكة، ويلحق آخرون بالأعراب، فلا يبقى في الأرض من المسلمين إلا قتيل أو أسير، في أيديهم في دمه ما يشاؤون، فانصرفنا عنه، وساءنا الذي حدثنا، ومشينا من عنده غير بعيد، ثم انصرف إليه المنتصر بن الحارث، فقال: يا عبد الله بن عمرو، إنك قد حدثتنا بحديث قد قطعتنا، وإنا لا ندري من يدركه
منا، فحدثنا هل بين يدي ذلك من علامة؟ قال: نعم لا تعدم عقلك، بين يدي ذلك أمارة، قال: فقال له المنتصر: وما الأمارة؟ قال: الأمارة العلامة، قال: وما تلك العلامة؟ قال: إمارة الصبيان، فإذا رأيت إمارة الصبيان قد طبقت الأرض فاعلم أن الذي حدثتك قد جاء.
فانصرف عنه المنتصر، فمشى قليلاً، ثم رجع إليه، فقلنا: مهلاً، علام تؤذي هذا الشيخ؟ قال: والله لا أفارقه حتى يتبين لي، فلما رجع بين.
قال طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي: كان عبد الله بن عمرو إذا جلس لم تنطق قريش، فقال يوماً: كيف أنتم بخليفةٍ يملككم ليس هو منكم؟ قالوا: فأين قريش يومئذٍ؟ قال: يفنيها السيف.
عن عبيد الله بن سعيد: أنه دخل مع عبد الله بن عمرو بن العاص المسجد الحرام، والكعبة محرَّقة حين أدبر جيش الحصين بن نمير، والكعبة تتناثر حجارتها، فوقف ومعه ناس غير قليل، فبكى حتى إني لأنظر إلى دموعه تسيل على وجنتيه، فقال: والله لو أن أبا هريرة أخبركم أنكم قاتلوا ابن نبيكم، ومحرقوا بيت ربكم لقلتم: ما أحد أكذب من أبي هريرة؛ أنحن نقتل نبينا، ونحرق بيت ربنا عز وجل؟ فقد والله فعلتم، فانتظروا نقمة الله عز وجل فوالذي نفسي بيده ليلبسنّكم الله شيعاً، ويذيق بعضكم بأس بعضٍ - قالها ثلاثاً - ثم نادى بصوت فأسمع: أين الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر؟ والذي نفس عبد الله بيده، لقد ألبسكم الله شيعاً، وأذاق بعضكم بأس بعض، لبطن الأرض خير لمن عليها لم يأمر بالمعروف، ولم ينه عن المنكر.
قال عمرو بن صفوان: كان لعبد الله بن عمرو ابن سبع سنين مثل الدينار، فلدغته حية، فمات، فقال: من الوافر
فلولا الموت لم يهلك كريم ... ولم يصبح أخو عزٍّ ذليلا
ولكن المنية لا تبالي ... أغراً كان أم رجلاً جليلا
لقد أهلكت حية بطن وادٍ ... كريماً ما أريد به بديلا
مقيماً ما أقام جبال لبسٍ ... فليس بزائلٍ حتى يزولا
وكان عبد الله بن عمرو قد صار إلى قريته بعسقلان، وهي حبس من عمرو بن العاص لولده، فلم يزل بها حتى مات، ودفن بقريةٍ يقال لها أولاميس، وهي من عسقلان على فرسخين.
قالوا: توفي عبد الله بن عمرو ليالي الحرة في ولاية يزيد بن معاوية.
وكانت الحرة يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ثلاث وستين، وقيل بعد ذلك.
ابن عيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب، أبو محمد.
ويقال: أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو نصير السهمي صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان من أكثر أصحابه عنه حديثاً، وقيل: كان اسمه العاص فسماه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الله.
عن عبد الله بن عمرو قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنودي بالصلاة جامعة، فركع ركعتين بسجدة، ثم قام؛ فركع ركعتين بسجدة، ثم جلس حتى جُلِّي عن الشمس، فقالت عائشة: ما سجد سجوداً، ولا ركع ركوعاً قط أطول منه.
وعنه أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلبٍ واحد، يصرفه حيث يشاء " ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهم مُصرِّف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك ".
كتب معاوية بن أبي سفيان إلى مسلمة بن مخلد: أن سل عبد الله بن عمرو بن العاص أسمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا تقدس أمة لا يقضى فيها بالحق، ويأخذ الضعيف حقه من القوي غير مضطر "؟ فإن أخبرك أنه سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فابعثه إلي على مركبة من البريد، فقدم على البريد، فقال: أنت
سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوله؟ قال: نعم، قال معاوية: وأنا سمعته منه كما سمعته.
قال الزبير بن بكار: كان عبد الله بن عمرو يصوم الدهر، ويقوم الليل، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له: " صم، وأفطر، وصل، ونم ".
أم عبد الله بن عمرو ريطة بنت مُنبِّه بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعيد بن سهم، أسلم قبل أبيه، وكان له من الولد: محمد وبه كان يكنى، وهشام، وهاشم، وعمران، وأم إياس، وأم عبد الله، وأم سعيد، وشهد الفتح بمصر، واختط بمصر، استأذن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الكتابة عنه في حال الغضب والرضى، فأذن له، وحفظ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألف مثل، وكان قد قرأ الكتب، وكان يرغب عن غثيان النساء، ولم يعل عمرو بن العاص ابنه في السن إلا بثنتي عشرة سنةً.
وكان عبد الله بن عمرو رجلاً سميناً طوالاً أحمر عظيم البطن.
عن عبد الله بن الحارث بن جزءٍ قال: توفي صاحب لنا غريب بالمدينة، وكنا على قبره، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما اسمك؟ " فقلت: العاص، وقال لعبد الله بن عمر: " ما اسمك؟ " فقال: العاص، وقال لعبد الله بن عمرو: " ما اسمك؟ " فقال: العاص، فقال: " أنزلوه فاقبروه، فأنتم عبيد الله " قال: فقبرنا أخانا وخرجنا وقد بدلت أسماؤنا.
عن عقبة بن عامر أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " نِعْم أهل البيت أبو عبد الله، وأم عبد الله، وعبد الله ".
عن أبي أمامة قال: مر ابن العاص على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو مسبل إزاره، ومسبل جُمَّته، فقال: "
نِعْم الفتى ابن العاص لو شمر من مئزره، وقصر من لمته " قال: فحلق رأسه، وقصر، ورفع إزاره إلى الركبة.
عن عبد الله بن عمرو قال: دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيتي هذا، فقال: " يا عبد الله، ألم أخبرك أنك تكلفت قيام الليل، وصيام النهار؟ " قال: قلت: إني لأفعل، قال: فقال: " إن من حسبك - ولم يقل افعل - أن تصوم من كل شهرٍ ثلاثة أيامٍ؛ الحسنة بعشر أمثالها، فكأنك قد صمت الدهر كله "، قال: قلت: يا رسول الله إني أجد قوة، وإني أحب أن تزيدني، قال: " فخمسة أيامٍ " قال: قلت: إني أجد قوة، فإني أحب أن تزيدني، قال: سبعة أيام " قال: فجعل يستزيده ويزيده يومين يومين حتى بلغ النصف، فقال: " إن أخي داود كان أعبد البشر، وإنه كان يقوم نصف الليل، ويصوم نصف الدهر؛ إن لأهلك عليك حقاً، وإن لعبدك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً " فكان عبد الله بعدما كبر وأدركه السن يقول: ألا كنت قبلت رخصة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحب إلي من أهلي ومالي.
وقال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقرأ القرآن في شهرٍ " فقلت: إني أقوى، فقال: " اقرأه في خمسٍ وعشرين " قلت: إني أقوى، قال: " اقرأه في عشرين " قلت: إني أقوى: قال: " اقرأه في خمس عشرة " قلت: إني أقوى، قال: " اقرأه في عشر " قلت: إني أقوى، قال: " اقرأه في خمسٍ " قلت: إني أقوى، قال: " لا ".
عن عبد الله: أنه رأى في المنام كأن في إحدى يديه عسلاً، وفي الأخرى سمناً، فإنه يلعقهما، فأصبح فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " تقرأ الكتابين التوراة والقرآن " فكان يقرؤهما.
عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تدري من معنا في البيت؟ جبريل عليه السلام وقد سلم عليك ".
وقال: كنت أكتب كل شيءٍ أسمعه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيءٍ تسمعه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشر يتكلم في الغضب والرضى، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق ".
قال أبو هريرة: ما كان أحد أحفظ لحديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مني إلا عبد الله بن عمرو؛ فإني كنت أعي بقلبي ويعي بقلبه، ويكتب.
عن مجاهد قال: دخلت على عبد الله بن عمرو بن العاص، فتناولت صحيفة تحت رأسه، فتمنّع عليَّ، فقلت: تمنعني شيئاً من كتبك؟ فقال: إن هذه الصحيفة الصادقة التي سمعتها من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس بيني وبينه أحد، فإذا سلم لي كتاب الله، وسلمت لي هذه الصحيفة والوهط لم أبال ما صنعت الدنيا.
عن سليمان بن الربيع العدوي قال: لقينا عمر، فقلنا: إن عبد الله بن عمرو حدثنا بكذا وكذا، فقال عمر: عبد الله بن عمرو أعلم بما يقول؛ قالها ثلاثاً، ثم نودي بالصلاة جامعة فاجتمع الناس إليه، فخطبهم عمر، فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يأتي أمر الله ".
قال عبد الله بن عمرو بن العاص: ابن عباس أعلمنا بما مضى، وأفقهنا فيما نزل مما لم يأت فيه شيء، قال عكرمة: فأخبرت ابن عباس بقوله، فقال: إن عنده لعلماً، ولقد كان يسأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحلال والحرام.
عن عروة بن الزبير أن عائشة قالت له: يا بن أخت، إني قد أخبرت أن عبد الله بن عمرو حاج في عامه هذا، فالقه، فإنه قد حفظ عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث كثيرةً.
التقى كعب الأحبار وعبد الله بن عمرو، فقال كعب: أتطيُّر يا عبد الله؟ قال: نعم، قال: فما تقول؟ قال: الله لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا رب غيرك، ولا حول ولا قوة إلا بك، فقال: أنت أفقه العرب؛ إنها لمكتوبة في التوراة كما قلت.
وقدم كعب مكة، وبها عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال كعب: سلوه عن ثلاث، فإن أخبركم بهن فهو عالم؛ سلوه عن شيء من الجنة وضعه الله للناس في الأرض، وسلوه ما أول ماء وضع بالأرض، وما أول شجرة غرست بالأرض، فسئل عبد الله عنها، فقال: الشيء الذي وضعه الله للناس في الأرض فهذا الركن الأسود، وأول ماء وضع بالأرض فبرهوت ماء باليمن ترده هام الكفار، وأما أول شجرةٍ غرسها الله في الأرض فالعوسجة التي اقتطع منها موسى عصاه، فلما بلغ ذلك كعباً قال: صدق، الرجل والله عالم.
عن مولى لعمرو بن العاص: أن عبد الله بن عمرو نظر إلى المقبرة، فلما نظر إليها نزل، فصلى ركعتين، فقيل
له: هذا شيءٍ لم تكن تصنعه، فقال: ذكرت أهل القبور، وما حيل بينهم وبينه فأحببت أن أتقرب إلى الله عز وجل بهما.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لأن أعمل اليوم عملاً أقر عليه أحب إلي من ضعفه فيما مضى؛ لأنا حين أسلمنا وقعنا في عمل الآخرة، فأما اليوم فقد خلبتنا الدنيا.
وقال: إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، ولا تبغضوا إلى أنفسكم عبادة الله عز وجل فإن المنبت لا بلغ بعداً، ولا أبقى ظهراً، وأعمل عمل امرئ يظن ألا يموت إلا هرماً، واحذر حذر امرئٍ يحسب أنه يموت غداً.
وقال: لأن أكون عاشر عشرةٍ مساكين يوم القيامة أحب إلي من أن أكون عاشر عشرةٍ أغنياء، فإن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا - يقول: يتصدق يميناً وشمالاً.
قال ابن أبي مليكة:
بينما عبد الله بن عمرو بن العاص يصلي وراء المقام، وهو يبكي، وقد كسف - أو خسف - القمر إذ مر به العلاء بن طارق، فوقف يسمع، فقال: ما توقفك يا بن أخي؟ تعجب من أني أبكي؟! والله إن هذا القمر يبكي من خشية الله، أما والله لو تعلمون اليقين لبكى أحدكم حتى ينقطع صوته، ولسجد حتى ينقطع صلبه.
عن عبد الله بن يزيد قال: قلت لعبد الله بن عمرو: بلغني أنك كنت من أحسن قريشٍ عيناً، فما الذي أرى بهما؟ قال: البكاء.
وقال عبد الله بن عمرو: ما أُعطي إنسان شيئاً خيراً من صحة، وعفة، وأمانة، وفقه.
وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يضرب فسطاطه في الحل، ويجعل مصلاه في الحرم، فقيل له: لِمَ تفعل ذلك؟ قال: لأن الأحداث في الحرم أشد منها في الحل.
قال عمرو بن العاص لابنه: يا بني، ما الشرف؟ قال: كف الأذى، وبذل الندى، قال: فما المروءة؟ قال: عرفان الحق، وتعاهد الصنعة، قال: فما المجد؟ قال: احتمال المغارم، وابتناء المكارم.
وسأله: ما الغي؟ قال: طاعة المفسد، وعصيان المرشد، قال: فما البله؟ قال: عمى القلب، وسرعة النسيان.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص لأخواله - حي من عنزة يقال لهم بنو فلان - يا بني أمي إنه ليس الواصل الذي يصل من وصله، ويقطع من قطعه، وليس الحليم الذي يحلم عمن يحلم عنه، ويجهل على من يجهل، قالوا: فمن ذاك؟ قال: ذاك المنصف، إنما الحليم الذي يحلم عمن يحلم عنه، ويحلم عمن يجهل عليه.
هم أخوال أبيه عمرو بن العاص، وهذا الكلام محفوظ من كلام عمرو بن العاص.
عن حميد بن هلال قال: كان عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: دع ما لست منه في شيءٍ، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن ورقك.
قال الشعبي: قيل لعبد الله بن عمرو وهو قاعد بالكعبة: إن كنت تريد أن تذكر فقد ذكرت،
وإن كنت تريد أن يشاع حديثك فقد أشيع، حدثنا شيئاً سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعنا مما وجدت في خرجك، فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ".
كانت راية عمرو بن العاص يوم اليرموك يحملها ابنه عبد الله بن عمرو.
وكان عبد الله بن عمرو بن العاص على الميمنة بصفين مع معاوية.
عن حنظلة بن خويلد العنزي قال: بينما أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمارٍ، يقول كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحدكما نفساً لصاحبه؛ فإني سمعت - يعني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: " تقتله الفئة الباغية " فقال معاوية: ألا تغني عنا مجنونك يا عمرو، فما بالك معنا؟ قال: إن أبي شكاني إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أطع أباك ما دام حياً، ولا تعصه ما دام حياً " وأنا معكم ولست أقاتل.
وقال عبد الله بن عمرو: كنت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء أبو بكر، فاستأذن، فقال: " ائذن له وبشره بالجنة " ثم جاء عمر، فاستأذن، فقال: " ائذن له وبشره بالجنة " ثم جاء عثمان فاستأذن، فقال: " ائذن له وبشره بالجنة " قال: قلت: فأين أنا؟ قال: " أنت مع أبيك ".
وقال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كيف بك إذا بقيت في حثالةٍ من الناس، قد مرجت عهودهم ومواثيقهم، وكانوا هكذا " - فخالف بين أصابعه - قال: تأمرني بأمرٍ
يا رسول الله؟ قال: " تأخذ ما تعرف، وتدع ما تنكر، وتعمل بخاصة نفسك، وتدع الناس وعوام أمرهم " قال: فلما كان يوم صفين قال له أبوه عمرو بن العاص: يا عبد الله بن عمرو، اخرج فقاتل، فقال: يا أبتاه أتأمرني أن أخرج فأقاتل، وقد سمعت ما سمعت يوم يعهد إلي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يعهد؟ فقال: أنشدك الله يا عبد الله بن عمرو ألم يكن آخر ما عهد إليك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أخذ بيدك فوضعها بيدي، ثم قال: " أطع أباك " قال: اللهم بلى، قال: فإني أعزم عليك أن تخرج فتقاتل، فخرج عبد الله بن عمرو، فقاتل يومئذٍ متقلداً بسيفين، فلما انكشف الحرب أنشأ عمرو بن العاص يقول: من الرمل
شبت الحرب فأعددت لها ... مفرغ الحارك مروي الثبجْ
يصل الشد بشدٍّ فإذا ... دنت الخيل من الشد معج
جرشع أعظمه جفرته ... فإذا ابتل من الماء حدج
قال: وأنشأ عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: من الطويل
فلو شهدت جمل مقامي ومشهدي ... بصفين يوماً شاب منها الوائب
عشية جا أهل العراق كأنهم ... سحاب ربيعٍ دفعته الجنائب
وجئناهم نردي كأن صفوفنا ... من البحر موج موجه متراكب
إذا قلت: قد ولوا سراعاً بدت لنا ... كتائب منهم، وارجحنّت كتائب
فدارت رحانا واستدارت رحاهم ... سراة النهار ما تولي المناكب
كان عبد الله بن عمرو بن العاص في زمن عمر وعثمان بمصر يجلس يحدث، وكان يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إنها ستكون فتنة عمياء صماء الراقد فيها خير من اليقظان، والجالس فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي " فلما كانت الفتنة التي كانت بين معاوية وعلي حضر عبد الله بن عمرو صفين فقاتل فيها، فاستعمل معاوية بذلك عمرو بن العاص على مصر، فلما ولي عبد الله مصر جلس ذلك المجلس الذي كان يجلسه في زمن عمر وعثمان، فحدث كيف كان القتال بصفين، فقال له رجل من أهل مصر: قاتلت؟ قال: بلى، قال: والله لا أكلمك كلمةً بعد هذا.
عن عبد الله بن أبي مُليكة قال: كان عبد الله بن عمرو يأتي الجمعة من المغمَّس، فيصلي الصبح، ثم يرتفع إلى الحجر ويكبر حتى تطلع الشمس، ثم يقوم في جوف الحجر، فيجلس إليه الناس، فقال يوماً: ما أفرق على نفسي إلا من ثلاثٍ: مواطن في دم عثمان. فقال له عبد الله بن صفوان: إن كنت رضيت قتله فقد شركت في دمه، وأني آخذ المال، فأقول: أقرضه الله هذه الليلة، فيصبح في مكانه، فقال ابن صفوان: أنت امرؤ لم توق شح نفسك، ويوم صفين.
عن سليمان بن الربيع قال: انطلقت في رهْطٍ من نسألك أهل البصرة إلى مكة، فقلنا: لو نظرنا رجلاً من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتحدثنا إليه، فدللنا على عبد الله بن عمرو بن العاص، فأتينا منزله، فإذا قريب من ثلاثمائة راحلة، قال: فقلنا: على كل هؤلاء حج عبد الله بن عمرو؟ قالوا: نعم؛ وهو ومواليه وأحباؤه، قال: فانطلقنا إلى البيت، فإذا نحن برجلٍ
أبيض الرأس واللحية، بين بردين قطريين، عليه عمامة، ليس عليه قميص، قال: فقلنا: أنت عبد الله بن عمرو، وأنت صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورجل من قريش، وقد قرأت الكتاب الأول، وليس أحد نأخذ عنه أحب إلينا - أو قال: أعجب إلينا - منك، فحدثنا بحديث لعل الله أن ينفعنا به. فقال لنا: ممن أنتم؟ فقلنا: من أهل العراق، فقال: إن من أهل العراق قوماً يَكذِبون ويُكَذِّبون، ويسخرون، قال: قلنا: ما كنا لنكذِّبك، ولا نكذب عليك، ولا نسخر منك، حدثنا بحديثٍ لعل الله أن ينفعنا به، فحدثهم بحديث في بني قنطور بن كركر.
وفي رواية أخرى قال:
أما ورب هذا المسجد الحرام، والبلد الحرام، واليوم الحرام، والشهر الحرام، أسميت اليمين أم لا، قال: قلنا: قد اجتهدت، قال: ليوشك بنو قنطور بن كركر؛ قوم خنس الأنوف صغار الأعين، كأن وجوههم المجان المطرقة، في كتاب الله المنزل أن يسوقوكم بخراسان وسجستان سياقاً عنيفاً، قوم يرزقون اللحم، وينتعلون الشعر، ويحتجزون السيوف على أوساطهم حين ينزلون الأبلة، قال: وكم الأبلة من البصرة؟ قلنا: أربعة فراسخ، قال: ويعقدون بكل نخلة من نخل دجلة رأس فرس، ثم يرسلون إلى أهل البصرة اخرجوا منها قبل أن ننزل عليكم، فيخرج أهل البصرة من البصرة، فيلحق لاحق ببيت المقدس، ويلحق لاحق بالمدينة، ويلحق آخر بمكة، ويلحق آخرون بالأعراب، ثم يسيرون حتى ينزلوا البصرة، فيلبثون بها سنة، ثم يرسلون إلى أهل الكوفة أن اخرجوا منها قبل أن ننزل عليكم، فيخرج أهل الكوفة منها، فيلحق لاحق ببيت المقدس ويلحق لاحق المدينة، ويلحق آخر بمكة، ويلحق آخرون بالأعراب، فلا يبقى في الأرض من المسلمين إلا قتيل أو أسير، في أيديهم في دمه ما يشاؤون، فانصرفنا عنه، وساءنا الذي حدثنا، ومشينا من عنده غير بعيد، ثم انصرف إليه المنتصر بن الحارث، فقال: يا عبد الله بن عمرو، إنك قد حدثتنا بحديث قد قطعتنا، وإنا لا ندري من يدركه
منا، فحدثنا هل بين يدي ذلك من علامة؟ قال: نعم لا تعدم عقلك، بين يدي ذلك أمارة، قال: فقال له المنتصر: وما الأمارة؟ قال: الأمارة العلامة، قال: وما تلك العلامة؟ قال: إمارة الصبيان، فإذا رأيت إمارة الصبيان قد طبقت الأرض فاعلم أن الذي حدثتك قد جاء.
فانصرف عنه المنتصر، فمشى قليلاً، ثم رجع إليه، فقلنا: مهلاً، علام تؤذي هذا الشيخ؟ قال: والله لا أفارقه حتى يتبين لي، فلما رجع بين.
قال طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي: كان عبد الله بن عمرو إذا جلس لم تنطق قريش، فقال يوماً: كيف أنتم بخليفةٍ يملككم ليس هو منكم؟ قالوا: فأين قريش يومئذٍ؟ قال: يفنيها السيف.
عن عبيد الله بن سعيد: أنه دخل مع عبد الله بن عمرو بن العاص المسجد الحرام، والكعبة محرَّقة حين أدبر جيش الحصين بن نمير، والكعبة تتناثر حجارتها، فوقف ومعه ناس غير قليل، فبكى حتى إني لأنظر إلى دموعه تسيل على وجنتيه، فقال: والله لو أن أبا هريرة أخبركم أنكم قاتلوا ابن نبيكم، ومحرقوا بيت ربكم لقلتم: ما أحد أكذب من أبي هريرة؛ أنحن نقتل نبينا، ونحرق بيت ربنا عز وجل؟ فقد والله فعلتم، فانتظروا نقمة الله عز وجل فوالذي نفسي بيده ليلبسنّكم الله شيعاً، ويذيق بعضكم بأس بعضٍ - قالها ثلاثاً - ثم نادى بصوت فأسمع: أين الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر؟ والذي نفس عبد الله بيده، لقد ألبسكم الله شيعاً، وأذاق بعضكم بأس بعض، لبطن الأرض خير لمن عليها لم يأمر بالمعروف، ولم ينه عن المنكر.
قال عمرو بن صفوان: كان لعبد الله بن عمرو ابن سبع سنين مثل الدينار، فلدغته حية، فمات، فقال: من الوافر
فلولا الموت لم يهلك كريم ... ولم يصبح أخو عزٍّ ذليلا
ولكن المنية لا تبالي ... أغراً كان أم رجلاً جليلا
لقد أهلكت حية بطن وادٍ ... كريماً ما أريد به بديلا
مقيماً ما أقام جبال لبسٍ ... فليس بزائلٍ حتى يزولا
وكان عبد الله بن عمرو قد صار إلى قريته بعسقلان، وهي حبس من عمرو بن العاص لولده، فلم يزل بها حتى مات، ودفن بقريةٍ يقال لها أولاميس، وهي من عسقلان على فرسخين.
قالوا: توفي عبد الله بن عمرو ليالي الحرة في ولاية يزيد بن معاوية.
وكانت الحرة يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ثلاث وستين، وقيل بعد ذلك.
عبد الله بن محمد بن علي
ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو هاشم العلوي الهاشمي من أهل المدينة، وفد على الوليد بن عبد الملك - ويقال: على سليمان بن عبد الملك - فأدركه أجله بالبقاء في رجوعه، ودفن بالحميمة.
روى عن أبيه انه سمع أباه علي بن أبي طالب يقول لابن عباس: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
قال مصعب: كان عبد الله بن محمد يكنى أبا هاشم، وكان صاحب الشيعة، فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ودفع إليه كتبه ومات عنده، وقد انقرض ولده إلا من قبل النساء.
قال خليفة: أمه فتاة - يعني أم ولد - توفي سنة ثمان - أو تسع - وتسعين.
قال ابن سعد: كان أبو هاشم صاحب علم ورواية، وكان ثقة قليل الحديث، وكانت الشيعة يلقونه وينتحلونه وكان بالشام مع بني هاشم.
قال البخاري: كان عبد الله يتبع السبائية.
قال عيسى بن علي: مات أبو هاشم بن الحنفية في عسكر الوليد بدمشق، فخالفني مصعب الزبيري وقال: مات بالحِجر من بلاد الثمود.
عن عبد الله بن عياش وجويرية بن أسماء:
أن أبا هاشم عبد الله بن محمد بن علي وفد إلى سليمان بن عبد الملك في حوائج عرضت له، فدخل عليه، فأكرمه سليمان، ورفعه، وسأله، فأجاب بأحسن جواب، وخاطب سليمان بأشياء مما قدم له من أموره، فأبلغ وأوجز، فاستحسن سليمان كلامه
وأدبه واستعذب ألفاظه، وقال: ما كلمني قرشي قط بشبه هذا، وما أظنه إلا الذي كنا نخبر عنه أنه سيكون منه كذا وكذا، وقضى حوائجه، وأحسن جائزته وصرفه. فتوجه من دمشق يريد فلسطين، فبعث سليمان مولى له أديباً حصيفاً مكراً، فسبق أبا هاشم إلى بلاد لحمٍ وجذام، فواطأ قوماً منهم، فضربوا أبنية على الطريق كهيئة الحوانيت، وبين كل بناء نحو الميل - وأقل وأكثر - وأعدوا عندهم لبناً مسموماً، فلما مر بهم أبو هاشم، وهو راكب بغلةً له جعلوا ينادون: الشراب الشراب، اللبن اللبن، فلما تجاوز عدةً منهم تاقت نفسه إلى اللبن، فقال: هاتوا لبنكم هذا، فناولوه، فلما استقر في جوفه، وتجاوزهم قليلاً أحس بالأمر، وعلم أنه قد اغتيل، فقال لمن معه: أنا والله يا هؤلاء ميت، فانظروا القوم الذين سقوني اللبن من هم؟ فعادوا إليهم، فإذا هم قد طاروا على وجوههم، فذهبوا فقال أبو هاشم: ميلوا بي إلى ابن عمي محمد بن علي بالحميمة، وما أحسبني أدركه، فأغذوا السير، قال: فجدوا في السير حتى أدركوا الحميمة كداً - وهي من الشراة - فنزل على محمد بن علي، فقال: يا بن عم، إني ميت من سم سقيته، وأخبره الخبر، وأعلمه أن هذا الأمر صائر إلى ولده، وأوصاه في ذلك، وعرفه بما تمسك به محمد بن علي، ومات أبو هاشم من ساعته.
وذكر أبو معشر ان الذي سم أبا هاشم الوليد بن عبد الملك.
ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو هاشم العلوي الهاشمي من أهل المدينة، وفد على الوليد بن عبد الملك - ويقال: على سليمان بن عبد الملك - فأدركه أجله بالبقاء في رجوعه، ودفن بالحميمة.
روى عن أبيه انه سمع أباه علي بن أبي طالب يقول لابن عباس: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
قال مصعب: كان عبد الله بن محمد يكنى أبا هاشم، وكان صاحب الشيعة، فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ودفع إليه كتبه ومات عنده، وقد انقرض ولده إلا من قبل النساء.
قال خليفة: أمه فتاة - يعني أم ولد - توفي سنة ثمان - أو تسع - وتسعين.
قال ابن سعد: كان أبو هاشم صاحب علم ورواية، وكان ثقة قليل الحديث، وكانت الشيعة يلقونه وينتحلونه وكان بالشام مع بني هاشم.
قال البخاري: كان عبد الله يتبع السبائية.
قال عيسى بن علي: مات أبو هاشم بن الحنفية في عسكر الوليد بدمشق، فخالفني مصعب الزبيري وقال: مات بالحِجر من بلاد الثمود.
عن عبد الله بن عياش وجويرية بن أسماء:
أن أبا هاشم عبد الله بن محمد بن علي وفد إلى سليمان بن عبد الملك في حوائج عرضت له، فدخل عليه، فأكرمه سليمان، ورفعه، وسأله، فأجاب بأحسن جواب، وخاطب سليمان بأشياء مما قدم له من أموره، فأبلغ وأوجز، فاستحسن سليمان كلامه
وأدبه واستعذب ألفاظه، وقال: ما كلمني قرشي قط بشبه هذا، وما أظنه إلا الذي كنا نخبر عنه أنه سيكون منه كذا وكذا، وقضى حوائجه، وأحسن جائزته وصرفه. فتوجه من دمشق يريد فلسطين، فبعث سليمان مولى له أديباً حصيفاً مكراً، فسبق أبا هاشم إلى بلاد لحمٍ وجذام، فواطأ قوماً منهم، فضربوا أبنية على الطريق كهيئة الحوانيت، وبين كل بناء نحو الميل - وأقل وأكثر - وأعدوا عندهم لبناً مسموماً، فلما مر بهم أبو هاشم، وهو راكب بغلةً له جعلوا ينادون: الشراب الشراب، اللبن اللبن، فلما تجاوز عدةً منهم تاقت نفسه إلى اللبن، فقال: هاتوا لبنكم هذا، فناولوه، فلما استقر في جوفه، وتجاوزهم قليلاً أحس بالأمر، وعلم أنه قد اغتيل، فقال لمن معه: أنا والله يا هؤلاء ميت، فانظروا القوم الذين سقوني اللبن من هم؟ فعادوا إليهم، فإذا هم قد طاروا على وجوههم، فذهبوا فقال أبو هاشم: ميلوا بي إلى ابن عمي محمد بن علي بالحميمة، وما أحسبني أدركه، فأغذوا السير، قال: فجدوا في السير حتى أدركوا الحميمة كداً - وهي من الشراة - فنزل على محمد بن علي، فقال: يا بن عم، إني ميت من سم سقيته، وأخبره الخبر، وأعلمه أن هذا الأمر صائر إلى ولده، وأوصاه في ذلك، وعرفه بما تمسك به محمد بن علي، ومات أبو هاشم من ساعته.
وذكر أبو معشر ان الذي سم أبا هاشم الوليد بن عبد الملك.
عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب: ثقة، وكان شيعيًّا.
عبد الله بن محمد بن على بن أبى طالب الهاشمي أخو الحسن بن محمد كنيته أبو هاشم من عباد أهل المدينة وقراء أهل البيت مات بالمدينة
عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن أبي طَالب الْهَاشِمِي أَخُو الْحسن بْن مُحَمَّد كنيته أَبُو هَاشم من أهل الْمَدِينَة يروي عَن أَبِيه عَن عَليّ روى عَنهُ الزُّهْرِيّ مَاتَ بِالشَّام فِي ولَايَة سُلَيْمَان بْن عَبْد الْملك
عبد الله بن محمد بن علي
ابن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم أبو جعفر المنصور بويع له بالخلافة بعد أخيه أبي العباس السفاح، وأمه أم ولد بربرية اسمها سلامة.
روى عن أبيه عن جده عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتختم في يمينه.
كان المنصور حاجاً في وقت وفاة السفاح، فعقد له البيعة بالأنبار عمه عيسى بن علي، وورد الخبر على المنصور في أربعة عشر يوماً، وكان له من السن إذ ذاك إحدى وأربعون سنة وشهور، وكان مولده بالحُميمة سنة خمسٍ وتسعين.
وصفه علي بن ميسرة الرازي فقال: رأيت سنة خمسٍ وعشرين أبا جعفر المنصور بمكة فتىً أسمر رقيق السمرة، موفر اللمة، خفيف اللحية، رحب الجبهة، أقنى الأنف، بيّن القنى، أعين، كأن عينيه لسانان ناطقان، تخالطه أبهة الملوك بزي النساك، تقبله القلوب، وتتبعه العيون، يعرف الشرف في تواضعه، والعتق في صورته، واللب في مشيته.
خرج أبو جعفر المنصور إلى بيت المقدس سنة أربع وخمسين، واستقرى الجزيرة وأجناد الشام مدينةً مدينةً، ودخل دمشق مرتين.
عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " منا القائم، ومنا المنصور، ومنا السفاح، ومن المهدي، فأما القائم فتأتيه الخلافة ولم يهرق فيها محجمةً من دمٍ، وأما المنصور فلا ترد له راية، وأما السفاح فهو يسفح المال والدم، وأما المهدي فيملؤها عدلاً كما ملئت ظلماً ".
عن سعيد بن جبير قال: كنا عند ابن عباس، فذكرنا المهدي، وكان منضجعاً فاستوى جالساً، فقال: " منا السفاح، ومنا المنصور، ومنا المهدي ".
قالت سلامة أم أمير المؤمنين المنصور: لما حملت بأبي جعفر رأيت كان أسداً خرج من فرجي، فأقعى وزأر وضرب بذنبه، فرأيت الأُسد تقبل من كل ناحية إليه، فكلما انتهى إليه أسد منها سجد له.
حدث أبو سهل بن علي بن نوبخت قال: كان جدنا نوبخت على دين المجوسية، وكان في علم النجوم نهايةً، وكان محبوساً بسجن الأهواز، فقال: رأيت أبا جعفر المنصور وقد أدخل السجن، فرأيت من هيبته وجلالته، وسيماه وحسن وجهه وبنائه ما لم أرَ لأحدٍ قط، قال: فصرت من موضعي إليه، فقلت: يا سيدي، ليس وجهك من وجوه أهل هذه البلاد! فقال: أجل يا مجوسي، قلت: فمن أي بلادٍ أنت؟ فقال: من أهل المدينة، فقلت: أي مدينةٍ؟ فقال: من مدينة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: وحق الشمس والقمر إنك لمن ولد صاحب المدينة؟ قال: لا، ولكني من عرب المدينة، قال: فلم أزل أتقرب إليه وأخدمه حتى سألته عن كنيته؟ فقال: كنيتي أبو جعفر، فقلت: أبشر فوحق المجوسية لتملكن جميع
ما في هذه البلدة حتى تملك فارس، وخراسان، والجبال، فقال لي: وما يدريك يا مجوسي؟ قلت: هو كما أقول، فاذكر لي هذه البشرى، فقال: إن قضي شيء فسوف يكون، قال: قلت: قد قضاه الله من السماء فطب نفساً، وطلبت دواةً، فوجدتها فكتب لي: بسم الله الرحمن الرحيم: يا نوبخت، إذا فتح الله على المسلمين، وكفاهم مؤونة الظالمين، ورد الحق إلى أهله لم نُغفل ما يجب من حق خدمتك إيانا.
قال نوبخت: فلما ولي الخلافة صرت إليه، فأخرجت الكتاب، فقال: أنا له ذاكر، ولك متوقع، فالحمد لله الذي صدق وعده، وحقق الظن، ورد الأمر إلى أهله، فأسلم نوبخت، فكان منجّماً لأبي جعفر.
عن الربيع بن حظيان قال: كنت مع أبي جعفر المنصور في مسجد دمشق عند المقصورة أيام مروان بن محمد، فقال لي: يا ربيع، ترى لهذا الأمر من فرج؟ ثم تذاكرنا الأمر، فقلت: من ترى لهذا الأمر؟ فقال: ما أعرف له أحداً إلا عبد الله بن حسن بن حسن، فقلت: ما هو لها بأهلٍ، لا في فضله، ولا في عقله، قال: لا تقل ذاك يغفر الله لك، إن له برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرابةً قريبة، فقال لي: فأنت من ترى لها؟ فقلت له: أنت؟ ووالله الذي لا إله غيره ما علمت يومئذٍ أحداً أحق بها منه. قال: فلما ولي الخلافة أرسل إليّ، فدخلت عليه فقال لي: يا ربيع الحديث الذي كان بيني وبينك بدمشق تحفظه؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: والله يا ربيع لو نازعني فيها أحد من الناس لضربت ما بين عينيه بالسيف، قال: ثم لم يزل يحادثني ويذاكرني أمر عبد الله بن حسن، وقال: قد وليتك دار الضرب بدمشق، فاخرج إليها.
واستخلف أبو جعفر المنصور - وهو عبد الله الأكبر، ويقال له: عبد الله الطويل الأكبر - يوم توفي العباس بالأنبار، وأبو جعفر يومئذٍ بمكة في الحج، وأنفذ إليه الخبر بذلك، فلقيه الرسول في منصرفه من الحج بمنزلٍ يقال له: صُفَينة، من ناحية طريق
الجادة، فتفاءل باسم المنزل، وقال: صفت لنا - إن شاء الله - وأغذ السير، ثم قدم الأنبار، وهي يومئذٍ دار الملك، فاستقبل بخلافته المحرم من سنة سبع وثلاثين، فكانت خلافته ثنتين وعشرين سنةً تنقص أياماً، وتوفي بأكناف مكة وهو محرم، وكان يلقب في أيام أبيه مدرك الترات.
ويحكى أن أبا جعفر المنصور كان يرحل في طلب العلم قبل الخلافة، فبينا هو يدخل منزلاً من المنازل قبض عليه صاحب الرصد، فقال: زن درهمين، قال: خل عني؛ فإني من بني أعمام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: زن درهمين، قال: خل عني، فإني رجل قارئ لكتاب الله، قال: زن درهمين، قال: خل عني فإني رجل عالم بالفقه والفرائض، قال: زن درهمين، قال: فلم أعياه أمرُه وزن الدرهمين، ولزم جمع المال، والتدنيق فيه، فبقي على ذلك بُرهةً من زمانه إلى أن قلد الخلافة، وبقي عليه فصار الناس يبخلونه، فلقب بأبي الدوانيق.
عن الأصمعي قال: قالت أعرابية للمنصور في طريق مكة بعد وفاة أبي العباس: أعظم الله أجرك في أخيك، لا مصيبة على الأمة أعظم من مصيبتك، ولا عوض لها أعظم من خلافتك.
قال المنصور: الخلفاء أربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والملوك أربعة: معاوية، وعبد الملك، وهشام، وأنا.
عن مالك بن أنس قال: دخلت على أبي جعفر الخليفة فقال: من أفضل الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فهجم عليّ أمر لم أعلم رأيه، قال: قلت: أبو بكر، وعمر، قال: أصبت، وذلك رأي أمير المؤمنين.
وأقام الحج أبو جعفر المنصور سنة ست وثلاثين ومائة، وسنة أربعين ومائة، وسنة أربع وأربعين ومائة، وسنة سبع وأربعين ومائة، وسنة اثنتين وخمسين ومائة.
عن إسماعيل الفهري قال: سمعت المنصور في يوم عرفة على منبر عرفة يقول في خطبته: أيها الناس، إنما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه ورشده، وخازنه على فيئه بمشيئته، أقسمه بإرادته، وأعطيه بإذنه، وقد جعلني الله تعالى عليه قفلاً إذا شاء أن يفتحني لإعطائكم، وقسم أرزاقكم، وإذا شاء أن يقفلني عليه أقفلني، فارغبوا إلى الله تعالى، أيها الناس، وسلوه في هذا اليوم الشريف الذي وهب لكم فيه من فضله ما أعلمكم به في كتابه إذ يقول: " اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام ديناً " أن يوفقني للصواب، ويسددني للرشاد، ويلهمني الرأفة بكم، والإحسان إليكم، ويفتحني لإعطائكم، وقسم أرزاقكم بالعدل عليكم، فإنه سميع مجيب.
عن الأصمعي قال: صعد أبو جعفر المنصور المنبر، فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأؤمن به، وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، اذكر من أنت في ذكره! فقال أبو جعفر: مرحباً، مرحباً، لقد ذكرت جليلاً، وخوفت عظيماً، وأعوذ بالله من أن أكون ممن إذا قيل له: اتق الله أخذته العزة بالإثم، والموعظة منا بدت، ومن عندنا خرجت، وأنت يا قائلها، فأحلف بالله ما الله أردت بها، وإنما أردت أن يقال: قام، فقال: فعوقب، فصبر، فأهون بها من قائلها، وإياكم - معشر الناس - وأمثالها.
قال أبو الفضل الربعي: حدثني أبي قال: بينما المنصور ذات يومٍ يخطب، وقد علا بكاؤه، إذ قام رجل فقال: يا وصاف،
تأمر بما تحتقبه، وتنهى عما تركبه؟ بنفسك فابدأ، ثم بالناس. فنظر إليه المنصور وتأمله ملياً، وقطع الخطبة، ثم قال: يا عبد الجبار خذه إليك، فأخذه عبد الجبار، وعاد إلى خطبته حتى أتمها، وقضى الصلاة، ثم دخل ودعا بعبد الجبار، فقال له: ما فعل الرجل؟ قال: محبوس عندنا يا أمير المؤمنين، قال: أملٍ عليه ثم عرض له بالدنيا، فإن صدف عنها، وقلاها فلعمري إنه لمريد، وإن كان كلامه ليقع موقعاً حسناً، وإن مال إلى الدنيا، ورغب فيها إن لي فيه أدباً يزعه عن الوثوب على الخلفاء، وطلب الدنيا بعمل الآخرة.
فخرج عبد الجبار، فدعا بالرجل، وقد دعا بغدائه، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: حق لله كان في عنقي، فأديته إلى خليفته، قال: ادن فكل من هذا الطعام حتى يدعو بك أمير المؤمنين، قال: لا حاجة لي فيها، قال: وما عليك من أكل الطعام؟ إن كانت نيتك حسنةً فلا يفثؤك عنها شيء، فدنا، فأكل فلما أكل طمع فيه، فتركه أياماً، ثم دعاه فقال: لَهِيَ عنك أمير المؤمنين وأنت محبوس، فهل لك في جارية تؤنسك، وتسكن إليها؟ قال: ما أكره ذلك، فأعطاه جاريةً، ثم أرسل إليه: هذا الطعام قد أكلت، والجارية قد قبلت، فهل لك في ثيابٍ تكتسيها، وتكسو عيالك - إن كان لك عيال - ونفقة تستعين بها على أمرك إلى أن يدعو بك أمير المؤمنين؟ قال: ما أكره ذلك، فأعطاه، ثم قال له: ما عليك أن تصنع خلة تبلغ بها الوسيلة من أمير المؤمنين إن أردت الوسيلة عنده، إذا ذكرك، قال: وما هي؟ قال: أوليك الحسبة والمظالم، فتكون أحد عماله، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، قال: ما أكره ذلك، فولاه الحسبة والمظالم، فلما انتهى شهر قال عبد الجبار للمنصور: الرجل الذي تكلم بما تكلم به، فأمرت بحبسه قد أكل من طعام أمير المؤمنين، ولبس من ثيابه، وعاث في نعمته، وصار أحد ولاته، وإن أحب أمير المؤمنين أن أدخله إليه في زي الشيعة فعلت. قال: فأدخله، فخرج عبد الجبار إلى الرجل، فقال: قد دعا بك أمير المؤمنين وقد
أعلمته أنك أحد عماله على المظالم والحسبة، فادخل عليه في الزي الذي يحب، فدخل، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، قال: وعليك، ألست القائم بنا والواعظ لنا ومذكرنا بأيام الله على رؤوس الملأ؟ قال: نعم، قال: فكيف ملت عن مذهبك؟ قال: يا أمير المؤمنين فكرت في أمري فإذا أنا قد أخطأت فيما تكلمت به، ورأيتني مصيباً في مشاركة أمير المؤمنين في أمانته، فقال: هيهات أخطأت استك الحفرة! هبناك يوم أعلنت الكلام، وظننا أنك أردت الله به، فكففنا عنك! فلما تبين لنا أنك الدنيا أردت جعلناك عظةً لغيرك حتى لا يجترئ بعدك مجترئ على الخلافة، أخرجه يا عبد الجبار، فاضرب عنقه! فأخرجه فقتله.
قال أبو عبيد الله: سمعت المنصور أمير المؤمنين يقول لأمير المؤمنين المهدي: يا أبا عبد الله، إن الخليفة لا يصلحه إلى التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلاً من ظلم من هو دونه.
وقال له: لا تبرمن أمراً حتى تفكر فيه؛ فإن فكرة العاقل مرآة تريه قبيحه وحسنه.
عن الأصمعي أن المنصور قال لابنه: أي بني ائتدم النعمة بالشكر، والمقدرة بالعفو، والطاعة بالتآلف والنصر بالتواضع والرحمة للناس.
عن المبارك بن فضالة قال: كنا عند أمير المؤمنين المنصور فدعا برجلٍ، ودعا بالسيف، فأخرج المبارك رأسه
في السماط، فقال: يا أمير المؤمنين، سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما سمعه المنصور يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقبل عليه بوجهه يسمع منه، فقال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا كان يوم القيامة قام منادٍ من عند الله ينادي: ليقم الذين أجرهم على الله، فلا يقوم إلا من عفا " فقال المنصور: خلوا سبيله، ثم أقبل على جلسائه يخبرهم بعظيم جرمه، وما صنع.
حدث قطن بن معاوية الغلابي قال: كنت ممن سارع إلى إبراهيم، واجتهد معه؛ فلما قتل طلبني أبو جعفر، واستخفيت فقبض أموالي ودوري، فلحقت بالبادية، فجاورت في بني نصر بن معاوية، ثم في بني كلاب، ثم في بني فزارة، ثم في بني سليم، ثم تنقلت في بلاد قيس أجاورهم حتى ضقت ذرعاً، فأزمعت على القدوم على أبي جعفر، والاعتراف له؛ فقدمت البصرة فنزلت في طرفٍ منها، ثم أرسلت إلى أبي عمرو بن العلاء، وكان لي وداً، فشاورته في الذي أزمعت عليه، فقيَّل رأيي، وقال: والله إذا ليقتلنك، وإنك لتعين على نفسك، فلم ألتفت إليه، وشخصت حتى قدمت بغداد، وقد بنى أبو جعفر مدينته، ونزلها، وليس من الناس أحد يركب فيها ما خلا المهدي، فنزلت الخان، ثم قلت لغلماني: أنا ذاهب إلى أمير المؤمنين، فأمهلوا ثلاثاً، فإن جئتكم وإلا فانصرفوا.
ومضيت حتى دخلت المدينة، فجئت دار الربيع، والناس ينتظرونه وهو يومئذٍ داخل المدينة في الشارعة على قصر الذهب، فلم ألبث أن خرج يمشي، فقام إليه الناس، وقمت معهم، فسلمت عليه فرد علي وقال: من أنت؟ قلت: قطن بن معاوية، قال: انظر ما تقول! قلت: أنا هو. فأقبل على مسودةٍ معه، فقال: احتفظوا بهذا. قال: فلما حرست لحقتني ندامةً، وتذكرت رأي أبي عمرو، فتأسفت عليه، ودخل الربيع، فلم يطل حتى خرج خصيّ فأخذ بيدي فأدخلني قصر الذهب، ثم أتى بيتاً حصيناً فأدخلني فيه، ثم أغلق بابه وانطلق فاشتدت ندامتي، وأيقنت بالبلاء،
وخلوت بنفسي ألومها، فلما كانت الظهر أتاني الخصي بماءٍ، فتوضأت وصليت وأتاني بطعامٍ، فأخبرته أني صائم، فلما كانت المغرب أتاني بماءٍ، فتوضأت وصليت، وأرخى الليل علي سدوله، فيئست من الحياة، وسمعت أبواب المدينة تغلق، وأقفالها تشدد، فامتنع مني النوم، فلما ذهب صدر الليل أتاني الخصي، ففتح عني، ومضى بي فأدخلني صحن دارٍ ثم أدناني من سترٍ مسدولٍ، فخرج علينا خادم، فأدخلنا، فإذا أبو جعفر وحده والربيع قائم في ناحيةٍ، فأكب أبو جعفر هنيهةً مطرقاً، ثم رفع رأسه فقال: هيه! قلت: يا أمير المؤمنين أنا قطن ابن معاوية، قد والله جهدت عليك جهدي؛ فعصيت أمرك، وواليت عدوك، وحرصت على أن أسلبك ملكك؛ فإن عفوت فأهل ذاك أنت، وإن عاقبت فبأصغر ذنوبي تقتلني، قال: فسكت هنيهةً، ثم قال: هيه!؟ فأعدت مقالتي، فقال: فإن أمير المؤمنين قد عفا عنك.
وكتب إلى عامله على البصرة برد جميع ما اصطفى له.
قال الأصمعي: أُتي المنصور برجلٍ يعاقبه على شيءٍ بلغه عنه، فقال: يا أمير المؤمنين الانتقام عدل، والتجاوز فضل، ونحن نعيذ أمير المؤمنين بالله أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين دون أن يبلغ أرفع الدرجتين، فعفا عنه.
ولقي أبو جعفر المنصور أعرابياً بالشام فقال: احمد الله يا أعرابي الذي رفع عنكم الطاعون بولايتنا - أهل البيت - قال: إن الله لم يجمع علينا حشفاً وسوء كيلٍ؛ ولايتكم والطاعون!.
قال عباد بن كثير لسفيان الثوري: قلت لأبي جعفر المنصور: أتؤمن بالله!؟ قال: نعم، قلت: فحدثني عن الأموال التي اصطفيتموها من أموال بني أمية، فوالله لئن كانت صارت إليهم ظلماً وغصباً لما رددتموها إلى أهلها الذين ظلموا وغُصبوا؟! ولئن كانت الأموال لهم لقد أخذتم ما لا يحل، ولا يطيب، إذا دعيت يوم القيامة بنو أمية بالعدل جاؤوا بعمر بن عبد العزيز، فإذا دعيتم أنتم بالعدل وأنتم أمس رحماً برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم تجيئوا بأحدٍ، فكن أنت ذاك الأحد؛ فقد مضت خلافتك ست عشرة سنةً، وما رأينا خليفةً قبلك بلغ اثنتين وعشرين سنةً، فهبك تبلغها، فما ست سنين تعدل فيها؟! عن النضر بن زرارة قال: أدخل سفيان الثوري على أبي جعفر المنصور أمير المؤمنين، فأقبل عليه أبو جعفرٍ يوبخه، فقال: تُبغِضنا، وتبغض هذه الدعوة، وتُبغِض عِترة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: وسفيان ساكت يقول: سَلْم، سلم. قال: فلما قضى أبو جعفر كلامه، قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: " ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد " إلى قوله: " إن ربك لبالمرصاد " قال: ونكس أبو جعفرٍ رأسه، وجعل ينكت بقضيبٍ في يده الأرض، فقال سفيان: البول البول، قال: قم، قال: فخرج وأبو جعفر ينظر إليه.
عن بكر العابد قال: قال سفيان الثوري لأبي جعفر المنصور.
إني لأعلم رجلاً إن صلح صلحت الأمة، قال: ومن هو؟ قال: أنت.
قال محمد بن منصور البغدادي: قام بعض الزهاد بين يدي المنصور، فقال: إن الله أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك ببعضها، واذكر ليلة تبيت في القبر لم تبت قبلها ليلةً، واذكر ليلةً تمخّض عن يومٍ لا ليلة بعده.
قال: فأفحم أبو جعفر من قوله، فقال الربيع: أيها الرجل، إنك قد عممت أمير المؤمنين! فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، هذا صحبك عشرين سنةً لم يرَ لك عليه أن ينصحك يوماً واحداً، ولا عمل وراء بابك بشيءٍ من كتاب الله تبارك وتعالى، ولا بسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر له المنصور بمالٍ، فقال: لو احتجت إلى مالك لما وعظتك.
عن عقبة بن هارون قال:
دخل عمرو بن عبيد على أبي جعفرٍ المنصور، وعنده المهدي، بعد أن بايع له ببغداد، فقال له: يا أبا عثمان، عظني، فقال: إن هذا الأمر الذي أصبح في يدك لو بقي في يد غيرك ممن كان قبلك لم يصل إليك، فأحذِّرك ليلةً تمخّض بيومٍ لا ليلة بعده.
عن إسحاق بن الفضل، قال: إني لعلى باب المنصور، وإلى جنبي عمارة بن حمزة إذا طلع عمرو بن عبيد على حماره، فنزل عن حماره، ونحى البساط برجله، وجلس دونه، فالتفت إلي عمارة، فقال: لا تزال بصرتكم، قد رمتنا بأحمق! فما فصل كلامه من فيه حتى خرج الربيع وهو يقول: أبو عثمان عمرو بن عبيد، قال: فوالله ما دل على نفسه حتى أرشد إليه، فاتكأ بيده ثم قال: أجب أمير المؤمنين، جعلني الله فداك، فمر متوكئاً عليه، فالتفت إلى عمارة، فقلت: إن الرجل الذي استحمقت قد دعي وتركنا! فقال: كثيراً ما يكون مثل هذا، فأطال اللبث، ثم خرج الربيع وعمرو متوكئاً عليه، وهو يقول: يا غلام، حمار أبو عثمان! فما برح حتى أقره على سرجه، وضم إليه نشر ثوبه، واستودعه الله، فأقبل عمارة على الربيع فقال: لقد فعلتم اليوم بهذا الرجل فعلاً لو فعلتموه بوليِّ عهدكم لكنتم قد قضيتم حقه! قال: فما غاب عنك والله مما فعله أمير المؤمنين أكثر وأعجب! قال: فإن اتسع لك الحديث فحدثنا فقال: ما هو إلا أن سمع أمير المؤمنين بمكانه، فما أمهل حتى أمر بمجلسٍ ففرش لبوداً، ثم
انتقل هو والمهدي، وعلى المهدي سواده وسيفه، ثم أذن له، فلما دخل سلم عليه بالخلافة فرد عليه، وما زال يدنيه حتى أتكأه على فخذه، وتخفى به، ثم سأله عن نفسه، وعن عياله، يسميهم رجلاً رجلاً، وامرأةً امرأةً، ثم قال: يا أبا عثمان عظني، فقال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: " والفجر، وليالٍ عشر، والشفع والوتر، والليل إذا يسر، هل في ذلك قسم لذي حجر، ألم تر كيف فعل ربك بعادٍ، إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربك سوط عذاب، إن ربك - يا أبا جعفر - لبالمرصاد " قال: فبكى بكاءً شديداً، كأنه لم يسمع تلك الآيات إلا تلك الساعة، ثم قال: يا أبا عثمان، هل من حاجة؟ قال: نعم، قال: وما هي؟ قال: لا تبعث إلي حتى آتيك، قال: إذاً لا نلتقي، قال: عن حاجتي سألتني! قال: فاستخلفه الله عز وجل وودعه، ونهض، فلما ولى أمده بصره وهو يقول: مجزوء الكامل
كلكم يمشي رويد ... كلكم يطلب صيدْ
غير عمرو بن عبيد
عن عبد السلام بن حرب قال: قدم أبو جعفر المنصور البصرة، فنزل عند الجسر، فبعث إلى عمرو بن عبيد، فجاءه، فأمر له بمالٍ، فأبى أن يقبله، فقال المنصور: والله لتقبلنه، فقال: لا والله لا أقبله، فقال له المهدي: يحلف عليك أمير المؤمنين، فتحلف ألا تقبله! فقال: أمير المؤمنين أقوى على كفارة اليمين من عمك، فقال المنصور: يا أبا عثمان، علمت أني جعلت هذا ولي عهدي؟ قال: يا أمير المؤمنين يأتيه الأمر يوم يأتيه وأنت مشغول.
عن عبد الله بن صالح قال: كتب أبو جعفر إلى سوار بن عبد الله قاضي البصرة: انظر الأرض التي يخاصم فيها فلان القائد فلاناً التاجر، فادفعها إلى فلانٍ القائد.
فكتب إليه سوار: إن البينة قد قامت عندي أنها لفلانٍ التاجر، فلست أخرجها من يديه إلا ببينة. فكتب إليه أبو جعفر المنصور: والله الذي لا إله إلا هو لتدفعنها إلى فلان القائد! فكتب إليه سوار: والله الذي لا إله إلا هو لا أخرجتها من يد فلانٍ التاجر إلا بحق! فلما جاءه الكتاب قال أبو جعفر: ملأتها والله عدلاً، صار قضاتي يردوني إلى الحق.
قالوا: شُكي سوار بن عبد الله القاضي إلى أبي جعفر المنصور، وأُثني عليه عنده شراً، قال: فاستقدمه، فلما قدم دخل عليه، فعطس المنصور، فلم يشمته سوار، فقال: ما يمنعك من التشميت؟ قال: لأنك لم تحمد الله، فقال: حمدت في نفسي، قال: فقد شمتك في نفسي، فقال: ارجع إلى عملك، فإنك إذا لم تحابني لم تحاب غيري.
عن نمير المدني قال:
قدم علينا أمير المؤمنين المنصور المدينة، ومحمد بن عمران الطلحي على قضائه، وأنا كاتبه، فاستعدى الجمالون على أمير المؤمنين في شيءٍ ذكروه، فأمرني أن أكتب إليه كتاباً بالحضور معهم، وإنصافهم، فقلت: تعفيني من هذا، فإنه يعرف خطي، فقال: اكتب! فكتبت، ثم ختمه، فقال: لا يمضي به والله غيرك، فمضيت به إلى الربيع وجعلت أعتذر إليه، فقال: لا عليك فدخل عليه بالكتاب، ثم خرج الربيع فقال للناس: - وقد حضر وجوه أهل المدينة والأشراف وغيرهم - إن أمير المؤمنين يقرأ عليكم السلام، ويقول لكم: إني قد دعيت إلى مجلس الحكم، فلا أعلمن أحداً قام إليّ، إذا خرجت أو تدانى بالسلام، ثم خرج المسيب بين يديه، والربيع، وأنا خلفه، وهو في إزارٍ ورداء، فسلم على الناس، فما قام إليه أحد، ثم مضى حتى بدأ بالقبر، فسلم على
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم التفت إلى الربيع، فقال: يا ربيع، ويحك! أخشى إن رآني ابن عمران أن يدخل قلبه لي هيبة، فيتحول عن مجلسه، وبالله لئن فعل لا ولي ولايةً أبداً! فلما رآه وكان متكئاً أطلق رداءه عن عاتقه ثم احتبى به، ودعا بالخصوم والجمالين، ثم دعا بأمير المؤمنين، ثم ادعى عليه القوم، فقضى لهم عليه، فلما دخل الدار قال للربيع: اذهب فإذا قام وخرج من عنده من الخصوم فادعه، فقال: يا أمير المؤمنين ما دعا بك إلا بعد أن فرغ من أمر الناس جميعاً، فلما دخل عليه سلم، فقال: جزاك الله عن دينك، وعن نبيك، وعن حسبك، وعن خليفتك أحسن الجزاء، قد أمرت لك بعشرة آلاف دينارٍ فاقبضها، وكانت عامة أموال محمد بن عمران من تلك الصلة.
قال المعلى بن أيوب: دخل رجل على المنصور، فقال له: ما مالك؟ فقال: ما يكف وجهي، ويعجز عن بر الصديق، فقال المنصور: لقد تلطف للسؤال، ووصله.
قال محمد بن يزيد المبرد: دخل أعرابي على المنصور، فكلمه بكلام أعجبه، فقال له المنصور: سل حاجتك، فقال: ما لي حاجة يا أمير المؤمنين، فأطال الله عمرك، وأنعم على الرعية بدوام النعمة عليك، قال: ويحك! سل حاجتك؛ فإنه لا يمكنك الدخول علينا كلما أردت، ولا يمكننا أن نأمر لك كلما دخلت، قال: ولِمَ يا أمير المؤمنين وأنا لا أستقصر عمرك، ولا أغتنم مالك؟ وإن العرب لتعلم في مشارق الأرض ومغاربها أن مناجاتك شرف، وما للشريف عنك منحرف، وإن عطاءك لزين، وما مسألتك بنقصٍ ولا شين، فتمثل المنصور بقول الأعشى: من البسيط
فجربوه فما زادت تجاربهم ... أبا قدامة إلا المجد والفنعا
ثم قال: يا غلام أعطه ألف دينار.
قال محمد بن حفص العجلي: ولد لأبي دلامة ابنة فغدا على أبي جعفر المنصور فقال له: يا أمير المؤمنين، إنه ولد لي الليلة ابنة، قال: فما سميتها؟ قال: أم دلام، قال: وأي شيءٍ تريد؟ قال: أريد أن يعينني عليها أمير المؤمنين، ثم أنشده: من البسيط
لو كان يقعد فوق الشمس من كرمٍ ... قوم لقيل اقعدوا يا آل عباس
ثم ارتقوا في شعاع الشمس كلكم ... إلى السماء، فأنتم أكرم الناس
قال: فهل قلت فيها شيئاً؟ قال: نعم قلت: من الوافر
فما ولدتك مريم أم عيسى ... ولم يكفلك لقمان الحكيم
ولكن قد تضمك أم سوءٍ ... إلى لباتها وأن لئيم
قال: فضحك أبو جعفر ثم أخرج أبو دلامة خريطة من خرق، فقال: ما هذه؟ قال: يا أمير المؤمنين أجعل فيها ما تحبوني به، قال: املؤوها له دراهم، فوسعت ألفي درهم.
عن بعض الهاشميين قال: كنت جالساً عند المنصور بإرمينية، وهو أميرها لأخيه أبي العباس، وقد جلس للمظالم، فدخل عليه رجل، فقال: إن لي مظلمةً، وإني أسألك أن تسمع مني مثلاً أضربه قبل أن أذكر مظلمتي، قال: قل، قال: إني وجلت لله تبارك وتعالى؛ خلق الخلق
على طبقَاتٍ، فالصبي إذا خرج إلى الدنيا لا يعرف إلا أمه، ولا يطلب غيرها، فإذا فزع من شيءٍ لجأ إليها، ثم يرتفع عن ذلك طبقةً، فيعرف أن أباه أعز من أمه، فإن أفزعه شيء لجأ إلى أبيه، ثم يبلغ، ويستحكم، فإن أفزعه شيء لجأ إلى سلطانه، فإن ظلمه ظالم انتصر به، فإذا ظلمه السلطان لجأ إلى ربه، واستنصره، وقد كنت في هذه الطبقات وقد ظلمني ابن نهيك في ضيعةٍ لي في ولايته، فإن نصرتني عليه، وأخذت بمظلمتي وإلا استنصرت إلى الله عز وجل ولجأت إليه، فانظر لنفسك أيها الأمير، أو دع!
فتضاءل أبو جعفر، وقال: أعد علي الكلام؟ فأعاده، فقال: أما أول شيءٍ فقد عزلت ابن نهيك عن ناحيته، وأمر برد ضيعته.
قيل لأبي جعفر المنصور: هل بقي لذات الدنيا شيء لم تنله؟ قال: بقيت خصلة؛ أن أقعد في مصطبةٍ وحولي أصحاب الحديث، يقول المستملي: من ذكرت - رحمك الله -؟ قال: فغدا عليه الندماء، وأبناء الوزير بالمحابر والدفاتر فقال: لستم به، إنما هم الدنسة ثيابهم، المشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم برد الآفاق ونقلة الحديث.
عن محمد بن سلام والزيادي قالا: اجتمع جماعة من أهل العلم عند المنصور فيهم عمرو بن عبيد، فسأل المنصور عمرو بن عبيد عن الحديث: " فيمن اقتنى كلباً لغير زرعٍ، ولا حراسة، إنه ينقص كل يومٍ من أجره قيراط " فقال له عمرو بن عبيد: هكذا جاء الحديث، قال المنصور: خذها بحقها؛ إنما قيل ذلك لأنه ينبح الضيف، ويروّع السائل، ثم أنشد: من الكامل
أعددت للضيفان كلباً ضارياً ... عندي، وفضل هراوةٍ من أرزن
ومعاذراً كذباً، ووجهاً باسراً ... وتشكياً عض الزمان الألزن
قال: فما بقي أحد في المجلس إلا كتب عن المنصور.
قال أبو العيناء: دخل المنصور من باب الذهب، فإذا ثلاثة قناديل مصطفة، فقال: ما هذا؟ أما واحد من هذا كان كافياً؟ يقتصر من هذا على واحدٍ، فلما أصبح أشرف على الناس وهم يتغدون، فرأى الطعام قد خف من بين أيديهم من قبل أن يشبعوا، فقالوا: يا غلام، علي بالقهرمان، قال: ما لي رأيت الطعام قد خف من بين أيدي الناس قبل أن يشبعوا؟ قال: يا أمير المؤمنين، رأيتك قد قدرت الزيت فقدرت الطعام، قال: فقال: وأنت لا تفرق بين زيتٍ يحترق في غير ذات الله، وهذا طعام إذا فضل فضل وجدت له آكلاً! ابطحوه، فبطحوه فضربه سبع دررٍ.
عن الربيع الحاجب قال: لما مات المنصور قال لي المهدي: يا ربيع، قم بنا حتى ندور في خزائن أمير المؤمنين، قال: فدرنا فوقعنا على بيتٍ فيه أربعمائة حبٍّ مطينة الرؤوس، قال: فقلنا: ما هذه؟ قيل: هذه فيها أكباد مملحة، أعدها المنصور للحصار.
عن يونس قال: كتب زياد بن عبيد الله الحارثي إلى المنصور يسأله الزيادة في عطائه وأرزاقه، وأبلغ في كتابه فوقّع المنصور في القصة: إن الغنى والبلاغة إذا اجتمعا في رجلٍ أبطراه، وأمير المؤمنين يشفق عليك من ذلك، فاكتف بالبلاغة.
قال المنصور: إذا مد إليك عدوك يده، فإن قدرت على قطعها وإلا قبلها.
عن محمد بن سلام قال: رأت جارية للمنصور قميصه مرقوعاً، فقالت: خليفة وقميصه مرقوع؟! فقال: ويحك! أما سمعت ما قال ابن هرمة: من الكامل
قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه ... خلق، وجيب قميصه مرقوع
لما قتل المنصور أبا مسلم قال وهو طريح بين يديه: من الوافر
قد اكتنفتك خلات ثلاث ... جلبن عليك محتوم الحمام
خلافك وامتناعك من يميني ... وقودك للجماهير العظام
وله لما عزم على قتله: من الطويل
إذا كنت ذا رأيٍ فكن ذا عزيمةٍ ... فإن فسادها الرأي أن تترددا
ولا تمهل الأعداء يوماً بقُدرةٍ ... وبادرهم أن يملكوا مثلها غدا
قال الربيع الحاجب: حججت مع المنصور أبي جعفر، فلما كنا بالقادسية، قال لي: يا ربيع، إني مقيم بهذا المنزل ثلاثاً، فناد في الناس، فناديت، فلما كان من الغد قال لي: يا ربيع، أجمت المنزل، فناد بالرحيل، فقلت: ناديت أمس أنك مقيم بهذا المنزل ثلاثاً، وترحل الساعة!؟ قال: أجمت المنزل، فرحل، ورحل الناس، وقربت له ناقة ليركب، وجاؤوه بمجمرٍ ليتبخر، فقمت بين يديه، فقال: ما عندك؟ فقلت: رحل الناس، فأخذ فحمة من المجمر، فبلها بريقه، وقام إلى الحائط، فجعل يكتب على الحائط بريقه
حتى كتب أربعة أسطرٍ، ثم قال: اركب يا ربيع، فكان في نفسي هم لأعلم ما كتب، ثم حججنا، فكان من أمر وفاته ما كان، ثم رجعت من مكة، فبسط لي في الموضع الذي بسط له فيه في القادسية، فدخلت وفي نفسي أن أعلم ما كتب على الحائط، فإذا هو قد كتب على الحائط: مجزوء الكامل
المرء يأمل أن يعي ... ش وطول عمرٍ قد يضره
تبلى بشاشته ويب ... قى بعد حلو العيش مره
وتخونه الأيام حت ... ى لا يرى شيئاً يسره
كم شامتٍ بي إن هلك ... ت وقائلٍ لله دره
وقال: لما مرض أمير المؤمنين المنصور بالله مرضه الذي مات فيه بمكة أتيته يوماً وهو وحده، فنظر إلى القبلة، فرأى فيها كتاباً، فقرأه وقال: يا ربيع، قم بيني وبين القبلة، فإذا الكتابة في صدري، فقال: افتح الباب، فعاد الكتاب إلى القبلة، فقال: ظننت هذا من حيلة الآدميين، وإذا فيه: من الطويل
أبا جعفرٍ حانت وفاتك وانقضت ... سنوك وأمر الله لا بد واقع
أبا جعفرٍ هل كاهن أو منجمٍ ... لك اليوم من ريب المنية دافع
قال طيفور: كان سبب إحرام المنصور من خضراء مدينة السلام أنه نام ليلةً، فانتبه فزعاً، ثم عاود النوم، فانتبه فزعاً ثم راجع النوم، فانتبه فزعاً، فقال: يا ربيع، قال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: لقد رأيت في منامي عجباً، قال: ما رأيت، جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت كأن آتياً أتاني، فهينم بشيءٍ لم أفهمه، فانتبهت فزعاً، ثم عاودت النوم، فعاودني يقول ذلك الشيء، ثم عاودني يقوله، حتى فهمته، وحفظته، وهو: من الطويل
كأني بهذا القصر قد باد آهله ... وعري منه أهله ومنازله
وصار رئيس القوم من بعد بهجةٍ ... إلى جدثٍ تبنى عليه جنادله
وما أحسبني يا ربيع إلا قد حانت وفاتي، وحضر أجلي، ومالي غير ربي.
قال بعض أهل العلم: كان آخر ما تكلم به عند الموت أبو جعفر عبد الله بن محمد: اللهم بارك لي في لقائك، وكان نقش خاتمه: الله ثقة عبد الله، وبه يؤمن.
قال فليح بن سليمان: قال لي أبو جعفر سنة حج، فمات فيها: ابن كم أنت؟ قلت: ابن ثلاثٍ وستين، قال: تلك سني، ثم قال: تدري ما كانت العرب تسميها؟ قلت: لا، قال: مدقة الأعناق، ثم مضى فمات فيها.
قال الحكم بن عثمان: قال المنصور أبو جعفر أمير المؤمنين عند موته: اللهم إنك تعلم أني قد ارتكبت من الأمور العظام جرأةً مني عليك، وإنك تعلم أني قد أطعتك في أحب الأشياء إليك، شهادة أن لا إله إلا الله مخلصاً، مناً منك لا مناً عليك، ثم خرجت نفسه.
عن هارون الفروي: حدثني من رأى أبا جعفر محمولاً على السرير ميتاً مكشوف الوجه، وكان مات محرماً، قال: وبصرت برجلٍ أبصره على تلك الحال تمثل هذا البيت: من المتقارب
وافى القبور أبو مالكٍ ... برغم العداة وأوتارها
ومات أبو جعفر ببئر ميمون يوم السبت لسبع خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة، وصلى عليه عيسى بن موسى بن محمد بن علي - ويقال: إبراهيم بن يحيى بن محمد، وكانت خلافته ثنتين وعشرين سنةً، ودفن مكشوف الوجه.
قال أبو شيخ: كنت حاجاً في سنة ثمان وخمسين - وقد حج فيها أبو جعفر - فلما قربنا من مكة رأيت كان رأسي قطع، فأخبرت بذاك عديلي سعيد بن خالد، فقال: الرأس أبو جعفر، ولا أراه إلا يموت، فما مكثنا إلا أياماً حتى مات أبو جعفر.
عبد الله بن محمد بن علي
ابن نفيل بن زراع بن عبد الله بن قيس أبو جعفر النفيلي الحراني روى عن محمد بن سلمة بسنده عن عبد الله بن زمعة بن الأسود قال: لما استعز برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا عنده أتاه بلال، فآذنه بالصلاة، فقال: " مروا من يصلي بالناس ".
قال الخطيب في ولد بَصَر - بالباء المعجمة بواحدة -: أبو جعفر النفيلي المحدث، واسمه: عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل، بن زراع بن عبد الله ابن قيس بن عُصُم بن كوز بن هلال بن عصم بن بصر بن زِمّان.
وقال أبو علي التنوخي في نسب تنوخ: وبعض النساب يقول: نصْر - بالنون وبالصاد الساكنة.
قال أبو جعفر بن نفيل: قدم علينا أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، فسألني يحيى وهو يعانقني، فقال: يا أبا جعفر، قرأت على معقل بن عبيد الله، عن عطاء: " أدنى وقت الحائض يوم "؟ فقال: له أبو عبد الله: لو جلست! فقال: أكره أن يموت، أو يفارق الدنيا قبل أن أسمعه.
ثم قال: حدثك نضر بن عربي، عن عكرمة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرش له في قبره قطيفة بيضاء بعلبكية؟ وذكر أبو عبد الله أبا جعفر النفيلي فأثنى عليه خيراً، وقال: كان يجيء معي إلى مسكين بن بكير.
قال صالح بن علي النفيلي:
سألت النفيلي عن تفضيل أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجرى بيني وبينه كلام - فقلت: يا أبا جعفر، فأنا أريد أن أجعلك حجةً بيني وبين الله عز وجل قال: ومن أنا؟ قلت: لم أرَ مثلك، قال: يا بن أخي، فإنا نقول: خير الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي. قلت: يا أبا جعفر، إن أحمد بن حنبل، ويعقوب ابن كعب يقولان: عثمان، ويقفان عن علي، قال: أخطآ جميعاً؛ أدركت الناس وأهل السنة والجماعة على هذا.
وقال أبو جعفر النفيلي: من شرب مسكراً فقد شرب خمراً، ولو أن رجلاً حلف بالطلاق لا يشرب خمراً، فشرب نبيذاً مسكراً، فإن كانت له نية في خمر العنب فهو ونيته، وأن لم يكن له نية قلت له: اعتزل امرأتك.
وقال: المسكر حرام، المسكر حرام.
مات أبو جعفر النفيلي سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين.
وثقه النسائي والدارقطني.
ابن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم أبو جعفر المنصور بويع له بالخلافة بعد أخيه أبي العباس السفاح، وأمه أم ولد بربرية اسمها سلامة.
روى عن أبيه عن جده عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتختم في يمينه.
كان المنصور حاجاً في وقت وفاة السفاح، فعقد له البيعة بالأنبار عمه عيسى بن علي، وورد الخبر على المنصور في أربعة عشر يوماً، وكان له من السن إذ ذاك إحدى وأربعون سنة وشهور، وكان مولده بالحُميمة سنة خمسٍ وتسعين.
وصفه علي بن ميسرة الرازي فقال: رأيت سنة خمسٍ وعشرين أبا جعفر المنصور بمكة فتىً أسمر رقيق السمرة، موفر اللمة، خفيف اللحية، رحب الجبهة، أقنى الأنف، بيّن القنى، أعين، كأن عينيه لسانان ناطقان، تخالطه أبهة الملوك بزي النساك، تقبله القلوب، وتتبعه العيون، يعرف الشرف في تواضعه، والعتق في صورته، واللب في مشيته.
خرج أبو جعفر المنصور إلى بيت المقدس سنة أربع وخمسين، واستقرى الجزيرة وأجناد الشام مدينةً مدينةً، ودخل دمشق مرتين.
عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " منا القائم، ومنا المنصور، ومنا السفاح، ومن المهدي، فأما القائم فتأتيه الخلافة ولم يهرق فيها محجمةً من دمٍ، وأما المنصور فلا ترد له راية، وأما السفاح فهو يسفح المال والدم، وأما المهدي فيملؤها عدلاً كما ملئت ظلماً ".
عن سعيد بن جبير قال: كنا عند ابن عباس، فذكرنا المهدي، وكان منضجعاً فاستوى جالساً، فقال: " منا السفاح، ومنا المنصور، ومنا المهدي ".
قالت سلامة أم أمير المؤمنين المنصور: لما حملت بأبي جعفر رأيت كان أسداً خرج من فرجي، فأقعى وزأر وضرب بذنبه، فرأيت الأُسد تقبل من كل ناحية إليه، فكلما انتهى إليه أسد منها سجد له.
حدث أبو سهل بن علي بن نوبخت قال: كان جدنا نوبخت على دين المجوسية، وكان في علم النجوم نهايةً، وكان محبوساً بسجن الأهواز، فقال: رأيت أبا جعفر المنصور وقد أدخل السجن، فرأيت من هيبته وجلالته، وسيماه وحسن وجهه وبنائه ما لم أرَ لأحدٍ قط، قال: فصرت من موضعي إليه، فقلت: يا سيدي، ليس وجهك من وجوه أهل هذه البلاد! فقال: أجل يا مجوسي، قلت: فمن أي بلادٍ أنت؟ فقال: من أهل المدينة، فقلت: أي مدينةٍ؟ فقال: من مدينة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: وحق الشمس والقمر إنك لمن ولد صاحب المدينة؟ قال: لا، ولكني من عرب المدينة، قال: فلم أزل أتقرب إليه وأخدمه حتى سألته عن كنيته؟ فقال: كنيتي أبو جعفر، فقلت: أبشر فوحق المجوسية لتملكن جميع
ما في هذه البلدة حتى تملك فارس، وخراسان، والجبال، فقال لي: وما يدريك يا مجوسي؟ قلت: هو كما أقول، فاذكر لي هذه البشرى، فقال: إن قضي شيء فسوف يكون، قال: قلت: قد قضاه الله من السماء فطب نفساً، وطلبت دواةً، فوجدتها فكتب لي: بسم الله الرحمن الرحيم: يا نوبخت، إذا فتح الله على المسلمين، وكفاهم مؤونة الظالمين، ورد الحق إلى أهله لم نُغفل ما يجب من حق خدمتك إيانا.
قال نوبخت: فلما ولي الخلافة صرت إليه، فأخرجت الكتاب، فقال: أنا له ذاكر، ولك متوقع، فالحمد لله الذي صدق وعده، وحقق الظن، ورد الأمر إلى أهله، فأسلم نوبخت، فكان منجّماً لأبي جعفر.
عن الربيع بن حظيان قال: كنت مع أبي جعفر المنصور في مسجد دمشق عند المقصورة أيام مروان بن محمد، فقال لي: يا ربيع، ترى لهذا الأمر من فرج؟ ثم تذاكرنا الأمر، فقلت: من ترى لهذا الأمر؟ فقال: ما أعرف له أحداً إلا عبد الله بن حسن بن حسن، فقلت: ما هو لها بأهلٍ، لا في فضله، ولا في عقله، قال: لا تقل ذاك يغفر الله لك، إن له برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرابةً قريبة، فقال لي: فأنت من ترى لها؟ فقلت له: أنت؟ ووالله الذي لا إله غيره ما علمت يومئذٍ أحداً أحق بها منه. قال: فلما ولي الخلافة أرسل إليّ، فدخلت عليه فقال لي: يا ربيع الحديث الذي كان بيني وبينك بدمشق تحفظه؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: والله يا ربيع لو نازعني فيها أحد من الناس لضربت ما بين عينيه بالسيف، قال: ثم لم يزل يحادثني ويذاكرني أمر عبد الله بن حسن، وقال: قد وليتك دار الضرب بدمشق، فاخرج إليها.
واستخلف أبو جعفر المنصور - وهو عبد الله الأكبر، ويقال له: عبد الله الطويل الأكبر - يوم توفي العباس بالأنبار، وأبو جعفر يومئذٍ بمكة في الحج، وأنفذ إليه الخبر بذلك، فلقيه الرسول في منصرفه من الحج بمنزلٍ يقال له: صُفَينة، من ناحية طريق
الجادة، فتفاءل باسم المنزل، وقال: صفت لنا - إن شاء الله - وأغذ السير، ثم قدم الأنبار، وهي يومئذٍ دار الملك، فاستقبل بخلافته المحرم من سنة سبع وثلاثين، فكانت خلافته ثنتين وعشرين سنةً تنقص أياماً، وتوفي بأكناف مكة وهو محرم، وكان يلقب في أيام أبيه مدرك الترات.
ويحكى أن أبا جعفر المنصور كان يرحل في طلب العلم قبل الخلافة، فبينا هو يدخل منزلاً من المنازل قبض عليه صاحب الرصد، فقال: زن درهمين، قال: خل عني؛ فإني من بني أعمام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: زن درهمين، قال: خل عني، فإني رجل قارئ لكتاب الله، قال: زن درهمين، قال: خل عني فإني رجل عالم بالفقه والفرائض، قال: زن درهمين، قال: فلم أعياه أمرُه وزن الدرهمين، ولزم جمع المال، والتدنيق فيه، فبقي على ذلك بُرهةً من زمانه إلى أن قلد الخلافة، وبقي عليه فصار الناس يبخلونه، فلقب بأبي الدوانيق.
عن الأصمعي قال: قالت أعرابية للمنصور في طريق مكة بعد وفاة أبي العباس: أعظم الله أجرك في أخيك، لا مصيبة على الأمة أعظم من مصيبتك، ولا عوض لها أعظم من خلافتك.
قال المنصور: الخلفاء أربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والملوك أربعة: معاوية، وعبد الملك، وهشام، وأنا.
عن مالك بن أنس قال: دخلت على أبي جعفر الخليفة فقال: من أفضل الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فهجم عليّ أمر لم أعلم رأيه، قال: قلت: أبو بكر، وعمر، قال: أصبت، وذلك رأي أمير المؤمنين.
وأقام الحج أبو جعفر المنصور سنة ست وثلاثين ومائة، وسنة أربعين ومائة، وسنة أربع وأربعين ومائة، وسنة سبع وأربعين ومائة، وسنة اثنتين وخمسين ومائة.
عن إسماعيل الفهري قال: سمعت المنصور في يوم عرفة على منبر عرفة يقول في خطبته: أيها الناس، إنما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه ورشده، وخازنه على فيئه بمشيئته، أقسمه بإرادته، وأعطيه بإذنه، وقد جعلني الله تعالى عليه قفلاً إذا شاء أن يفتحني لإعطائكم، وقسم أرزاقكم، وإذا شاء أن يقفلني عليه أقفلني، فارغبوا إلى الله تعالى، أيها الناس، وسلوه في هذا اليوم الشريف الذي وهب لكم فيه من فضله ما أعلمكم به في كتابه إذ يقول: " اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام ديناً " أن يوفقني للصواب، ويسددني للرشاد، ويلهمني الرأفة بكم، والإحسان إليكم، ويفتحني لإعطائكم، وقسم أرزاقكم بالعدل عليكم، فإنه سميع مجيب.
عن الأصمعي قال: صعد أبو جعفر المنصور المنبر، فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأؤمن به، وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، اذكر من أنت في ذكره! فقال أبو جعفر: مرحباً، مرحباً، لقد ذكرت جليلاً، وخوفت عظيماً، وأعوذ بالله من أن أكون ممن إذا قيل له: اتق الله أخذته العزة بالإثم، والموعظة منا بدت، ومن عندنا خرجت، وأنت يا قائلها، فأحلف بالله ما الله أردت بها، وإنما أردت أن يقال: قام، فقال: فعوقب، فصبر، فأهون بها من قائلها، وإياكم - معشر الناس - وأمثالها.
قال أبو الفضل الربعي: حدثني أبي قال: بينما المنصور ذات يومٍ يخطب، وقد علا بكاؤه، إذ قام رجل فقال: يا وصاف،
تأمر بما تحتقبه، وتنهى عما تركبه؟ بنفسك فابدأ، ثم بالناس. فنظر إليه المنصور وتأمله ملياً، وقطع الخطبة، ثم قال: يا عبد الجبار خذه إليك، فأخذه عبد الجبار، وعاد إلى خطبته حتى أتمها، وقضى الصلاة، ثم دخل ودعا بعبد الجبار، فقال له: ما فعل الرجل؟ قال: محبوس عندنا يا أمير المؤمنين، قال: أملٍ عليه ثم عرض له بالدنيا، فإن صدف عنها، وقلاها فلعمري إنه لمريد، وإن كان كلامه ليقع موقعاً حسناً، وإن مال إلى الدنيا، ورغب فيها إن لي فيه أدباً يزعه عن الوثوب على الخلفاء، وطلب الدنيا بعمل الآخرة.
فخرج عبد الجبار، فدعا بالرجل، وقد دعا بغدائه، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: حق لله كان في عنقي، فأديته إلى خليفته، قال: ادن فكل من هذا الطعام حتى يدعو بك أمير المؤمنين، قال: لا حاجة لي فيها، قال: وما عليك من أكل الطعام؟ إن كانت نيتك حسنةً فلا يفثؤك عنها شيء، فدنا، فأكل فلما أكل طمع فيه، فتركه أياماً، ثم دعاه فقال: لَهِيَ عنك أمير المؤمنين وأنت محبوس، فهل لك في جارية تؤنسك، وتسكن إليها؟ قال: ما أكره ذلك، فأعطاه جاريةً، ثم أرسل إليه: هذا الطعام قد أكلت، والجارية قد قبلت، فهل لك في ثيابٍ تكتسيها، وتكسو عيالك - إن كان لك عيال - ونفقة تستعين بها على أمرك إلى أن يدعو بك أمير المؤمنين؟ قال: ما أكره ذلك، فأعطاه، ثم قال له: ما عليك أن تصنع خلة تبلغ بها الوسيلة من أمير المؤمنين إن أردت الوسيلة عنده، إذا ذكرك، قال: وما هي؟ قال: أوليك الحسبة والمظالم، فتكون أحد عماله، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، قال: ما أكره ذلك، فولاه الحسبة والمظالم، فلما انتهى شهر قال عبد الجبار للمنصور: الرجل الذي تكلم بما تكلم به، فأمرت بحبسه قد أكل من طعام أمير المؤمنين، ولبس من ثيابه، وعاث في نعمته، وصار أحد ولاته، وإن أحب أمير المؤمنين أن أدخله إليه في زي الشيعة فعلت. قال: فأدخله، فخرج عبد الجبار إلى الرجل، فقال: قد دعا بك أمير المؤمنين وقد
أعلمته أنك أحد عماله على المظالم والحسبة، فادخل عليه في الزي الذي يحب، فدخل، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، قال: وعليك، ألست القائم بنا والواعظ لنا ومذكرنا بأيام الله على رؤوس الملأ؟ قال: نعم، قال: فكيف ملت عن مذهبك؟ قال: يا أمير المؤمنين فكرت في أمري فإذا أنا قد أخطأت فيما تكلمت به، ورأيتني مصيباً في مشاركة أمير المؤمنين في أمانته، فقال: هيهات أخطأت استك الحفرة! هبناك يوم أعلنت الكلام، وظننا أنك أردت الله به، فكففنا عنك! فلما تبين لنا أنك الدنيا أردت جعلناك عظةً لغيرك حتى لا يجترئ بعدك مجترئ على الخلافة، أخرجه يا عبد الجبار، فاضرب عنقه! فأخرجه فقتله.
قال أبو عبيد الله: سمعت المنصور أمير المؤمنين يقول لأمير المؤمنين المهدي: يا أبا عبد الله، إن الخليفة لا يصلحه إلى التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلاً من ظلم من هو دونه.
وقال له: لا تبرمن أمراً حتى تفكر فيه؛ فإن فكرة العاقل مرآة تريه قبيحه وحسنه.
عن الأصمعي أن المنصور قال لابنه: أي بني ائتدم النعمة بالشكر، والمقدرة بالعفو، والطاعة بالتآلف والنصر بالتواضع والرحمة للناس.
عن المبارك بن فضالة قال: كنا عند أمير المؤمنين المنصور فدعا برجلٍ، ودعا بالسيف، فأخرج المبارك رأسه
في السماط، فقال: يا أمير المؤمنين، سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما سمعه المنصور يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقبل عليه بوجهه يسمع منه، فقال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا كان يوم القيامة قام منادٍ من عند الله ينادي: ليقم الذين أجرهم على الله، فلا يقوم إلا من عفا " فقال المنصور: خلوا سبيله، ثم أقبل على جلسائه يخبرهم بعظيم جرمه، وما صنع.
حدث قطن بن معاوية الغلابي قال: كنت ممن سارع إلى إبراهيم، واجتهد معه؛ فلما قتل طلبني أبو جعفر، واستخفيت فقبض أموالي ودوري، فلحقت بالبادية، فجاورت في بني نصر بن معاوية، ثم في بني كلاب، ثم في بني فزارة، ثم في بني سليم، ثم تنقلت في بلاد قيس أجاورهم حتى ضقت ذرعاً، فأزمعت على القدوم على أبي جعفر، والاعتراف له؛ فقدمت البصرة فنزلت في طرفٍ منها، ثم أرسلت إلى أبي عمرو بن العلاء، وكان لي وداً، فشاورته في الذي أزمعت عليه، فقيَّل رأيي، وقال: والله إذا ليقتلنك، وإنك لتعين على نفسك، فلم ألتفت إليه، وشخصت حتى قدمت بغداد، وقد بنى أبو جعفر مدينته، ونزلها، وليس من الناس أحد يركب فيها ما خلا المهدي، فنزلت الخان، ثم قلت لغلماني: أنا ذاهب إلى أمير المؤمنين، فأمهلوا ثلاثاً، فإن جئتكم وإلا فانصرفوا.
ومضيت حتى دخلت المدينة، فجئت دار الربيع، والناس ينتظرونه وهو يومئذٍ داخل المدينة في الشارعة على قصر الذهب، فلم ألبث أن خرج يمشي، فقام إليه الناس، وقمت معهم، فسلمت عليه فرد علي وقال: من أنت؟ قلت: قطن بن معاوية، قال: انظر ما تقول! قلت: أنا هو. فأقبل على مسودةٍ معه، فقال: احتفظوا بهذا. قال: فلما حرست لحقتني ندامةً، وتذكرت رأي أبي عمرو، فتأسفت عليه، ودخل الربيع، فلم يطل حتى خرج خصيّ فأخذ بيدي فأدخلني قصر الذهب، ثم أتى بيتاً حصيناً فأدخلني فيه، ثم أغلق بابه وانطلق فاشتدت ندامتي، وأيقنت بالبلاء،
وخلوت بنفسي ألومها، فلما كانت الظهر أتاني الخصي بماءٍ، فتوضأت وصليت وأتاني بطعامٍ، فأخبرته أني صائم، فلما كانت المغرب أتاني بماءٍ، فتوضأت وصليت، وأرخى الليل علي سدوله، فيئست من الحياة، وسمعت أبواب المدينة تغلق، وأقفالها تشدد، فامتنع مني النوم، فلما ذهب صدر الليل أتاني الخصي، ففتح عني، ومضى بي فأدخلني صحن دارٍ ثم أدناني من سترٍ مسدولٍ، فخرج علينا خادم، فأدخلنا، فإذا أبو جعفر وحده والربيع قائم في ناحيةٍ، فأكب أبو جعفر هنيهةً مطرقاً، ثم رفع رأسه فقال: هيه! قلت: يا أمير المؤمنين أنا قطن ابن معاوية، قد والله جهدت عليك جهدي؛ فعصيت أمرك، وواليت عدوك، وحرصت على أن أسلبك ملكك؛ فإن عفوت فأهل ذاك أنت، وإن عاقبت فبأصغر ذنوبي تقتلني، قال: فسكت هنيهةً، ثم قال: هيه!؟ فأعدت مقالتي، فقال: فإن أمير المؤمنين قد عفا عنك.
وكتب إلى عامله على البصرة برد جميع ما اصطفى له.
قال الأصمعي: أُتي المنصور برجلٍ يعاقبه على شيءٍ بلغه عنه، فقال: يا أمير المؤمنين الانتقام عدل، والتجاوز فضل، ونحن نعيذ أمير المؤمنين بالله أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين دون أن يبلغ أرفع الدرجتين، فعفا عنه.
ولقي أبو جعفر المنصور أعرابياً بالشام فقال: احمد الله يا أعرابي الذي رفع عنكم الطاعون بولايتنا - أهل البيت - قال: إن الله لم يجمع علينا حشفاً وسوء كيلٍ؛ ولايتكم والطاعون!.
قال عباد بن كثير لسفيان الثوري: قلت لأبي جعفر المنصور: أتؤمن بالله!؟ قال: نعم، قلت: فحدثني عن الأموال التي اصطفيتموها من أموال بني أمية، فوالله لئن كانت صارت إليهم ظلماً وغصباً لما رددتموها إلى أهلها الذين ظلموا وغُصبوا؟! ولئن كانت الأموال لهم لقد أخذتم ما لا يحل، ولا يطيب، إذا دعيت يوم القيامة بنو أمية بالعدل جاؤوا بعمر بن عبد العزيز، فإذا دعيتم أنتم بالعدل وأنتم أمس رحماً برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم تجيئوا بأحدٍ، فكن أنت ذاك الأحد؛ فقد مضت خلافتك ست عشرة سنةً، وما رأينا خليفةً قبلك بلغ اثنتين وعشرين سنةً، فهبك تبلغها، فما ست سنين تعدل فيها؟! عن النضر بن زرارة قال: أدخل سفيان الثوري على أبي جعفر المنصور أمير المؤمنين، فأقبل عليه أبو جعفرٍ يوبخه، فقال: تُبغِضنا، وتبغض هذه الدعوة، وتُبغِض عِترة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: وسفيان ساكت يقول: سَلْم، سلم. قال: فلما قضى أبو جعفر كلامه، قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: " ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد " إلى قوله: " إن ربك لبالمرصاد " قال: ونكس أبو جعفرٍ رأسه، وجعل ينكت بقضيبٍ في يده الأرض، فقال سفيان: البول البول، قال: قم، قال: فخرج وأبو جعفر ينظر إليه.
عن بكر العابد قال: قال سفيان الثوري لأبي جعفر المنصور.
إني لأعلم رجلاً إن صلح صلحت الأمة، قال: ومن هو؟ قال: أنت.
قال محمد بن منصور البغدادي: قام بعض الزهاد بين يدي المنصور، فقال: إن الله أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك ببعضها، واذكر ليلة تبيت في القبر لم تبت قبلها ليلةً، واذكر ليلةً تمخّض عن يومٍ لا ليلة بعده.
قال: فأفحم أبو جعفر من قوله، فقال الربيع: أيها الرجل، إنك قد عممت أمير المؤمنين! فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، هذا صحبك عشرين سنةً لم يرَ لك عليه أن ينصحك يوماً واحداً، ولا عمل وراء بابك بشيءٍ من كتاب الله تبارك وتعالى، ولا بسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر له المنصور بمالٍ، فقال: لو احتجت إلى مالك لما وعظتك.
عن عقبة بن هارون قال:
دخل عمرو بن عبيد على أبي جعفرٍ المنصور، وعنده المهدي، بعد أن بايع له ببغداد، فقال له: يا أبا عثمان، عظني، فقال: إن هذا الأمر الذي أصبح في يدك لو بقي في يد غيرك ممن كان قبلك لم يصل إليك، فأحذِّرك ليلةً تمخّض بيومٍ لا ليلة بعده.
عن إسحاق بن الفضل، قال: إني لعلى باب المنصور، وإلى جنبي عمارة بن حمزة إذا طلع عمرو بن عبيد على حماره، فنزل عن حماره، ونحى البساط برجله، وجلس دونه، فالتفت إلي عمارة، فقال: لا تزال بصرتكم، قد رمتنا بأحمق! فما فصل كلامه من فيه حتى خرج الربيع وهو يقول: أبو عثمان عمرو بن عبيد، قال: فوالله ما دل على نفسه حتى أرشد إليه، فاتكأ بيده ثم قال: أجب أمير المؤمنين، جعلني الله فداك، فمر متوكئاً عليه، فالتفت إلى عمارة، فقلت: إن الرجل الذي استحمقت قد دعي وتركنا! فقال: كثيراً ما يكون مثل هذا، فأطال اللبث، ثم خرج الربيع وعمرو متوكئاً عليه، وهو يقول: يا غلام، حمار أبو عثمان! فما برح حتى أقره على سرجه، وضم إليه نشر ثوبه، واستودعه الله، فأقبل عمارة على الربيع فقال: لقد فعلتم اليوم بهذا الرجل فعلاً لو فعلتموه بوليِّ عهدكم لكنتم قد قضيتم حقه! قال: فما غاب عنك والله مما فعله أمير المؤمنين أكثر وأعجب! قال: فإن اتسع لك الحديث فحدثنا فقال: ما هو إلا أن سمع أمير المؤمنين بمكانه، فما أمهل حتى أمر بمجلسٍ ففرش لبوداً، ثم
انتقل هو والمهدي، وعلى المهدي سواده وسيفه، ثم أذن له، فلما دخل سلم عليه بالخلافة فرد عليه، وما زال يدنيه حتى أتكأه على فخذه، وتخفى به، ثم سأله عن نفسه، وعن عياله، يسميهم رجلاً رجلاً، وامرأةً امرأةً، ثم قال: يا أبا عثمان عظني، فقال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: " والفجر، وليالٍ عشر، والشفع والوتر، والليل إذا يسر، هل في ذلك قسم لذي حجر، ألم تر كيف فعل ربك بعادٍ، إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربك سوط عذاب، إن ربك - يا أبا جعفر - لبالمرصاد " قال: فبكى بكاءً شديداً، كأنه لم يسمع تلك الآيات إلا تلك الساعة، ثم قال: يا أبا عثمان، هل من حاجة؟ قال: نعم، قال: وما هي؟ قال: لا تبعث إلي حتى آتيك، قال: إذاً لا نلتقي، قال: عن حاجتي سألتني! قال: فاستخلفه الله عز وجل وودعه، ونهض، فلما ولى أمده بصره وهو يقول: مجزوء الكامل
كلكم يمشي رويد ... كلكم يطلب صيدْ
غير عمرو بن عبيد
عن عبد السلام بن حرب قال: قدم أبو جعفر المنصور البصرة، فنزل عند الجسر، فبعث إلى عمرو بن عبيد، فجاءه، فأمر له بمالٍ، فأبى أن يقبله، فقال المنصور: والله لتقبلنه، فقال: لا والله لا أقبله، فقال له المهدي: يحلف عليك أمير المؤمنين، فتحلف ألا تقبله! فقال: أمير المؤمنين أقوى على كفارة اليمين من عمك، فقال المنصور: يا أبا عثمان، علمت أني جعلت هذا ولي عهدي؟ قال: يا أمير المؤمنين يأتيه الأمر يوم يأتيه وأنت مشغول.
عن عبد الله بن صالح قال: كتب أبو جعفر إلى سوار بن عبد الله قاضي البصرة: انظر الأرض التي يخاصم فيها فلان القائد فلاناً التاجر، فادفعها إلى فلانٍ القائد.
فكتب إليه سوار: إن البينة قد قامت عندي أنها لفلانٍ التاجر، فلست أخرجها من يديه إلا ببينة. فكتب إليه أبو جعفر المنصور: والله الذي لا إله إلا هو لتدفعنها إلى فلان القائد! فكتب إليه سوار: والله الذي لا إله إلا هو لا أخرجتها من يد فلانٍ التاجر إلا بحق! فلما جاءه الكتاب قال أبو جعفر: ملأتها والله عدلاً، صار قضاتي يردوني إلى الحق.
قالوا: شُكي سوار بن عبد الله القاضي إلى أبي جعفر المنصور، وأُثني عليه عنده شراً، قال: فاستقدمه، فلما قدم دخل عليه، فعطس المنصور، فلم يشمته سوار، فقال: ما يمنعك من التشميت؟ قال: لأنك لم تحمد الله، فقال: حمدت في نفسي، قال: فقد شمتك في نفسي، فقال: ارجع إلى عملك، فإنك إذا لم تحابني لم تحاب غيري.
عن نمير المدني قال:
قدم علينا أمير المؤمنين المنصور المدينة، ومحمد بن عمران الطلحي على قضائه، وأنا كاتبه، فاستعدى الجمالون على أمير المؤمنين في شيءٍ ذكروه، فأمرني أن أكتب إليه كتاباً بالحضور معهم، وإنصافهم، فقلت: تعفيني من هذا، فإنه يعرف خطي، فقال: اكتب! فكتبت، ثم ختمه، فقال: لا يمضي به والله غيرك، فمضيت به إلى الربيع وجعلت أعتذر إليه، فقال: لا عليك فدخل عليه بالكتاب، ثم خرج الربيع فقال للناس: - وقد حضر وجوه أهل المدينة والأشراف وغيرهم - إن أمير المؤمنين يقرأ عليكم السلام، ويقول لكم: إني قد دعيت إلى مجلس الحكم، فلا أعلمن أحداً قام إليّ، إذا خرجت أو تدانى بالسلام، ثم خرج المسيب بين يديه، والربيع، وأنا خلفه، وهو في إزارٍ ورداء، فسلم على الناس، فما قام إليه أحد، ثم مضى حتى بدأ بالقبر، فسلم على
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم التفت إلى الربيع، فقال: يا ربيع، ويحك! أخشى إن رآني ابن عمران أن يدخل قلبه لي هيبة، فيتحول عن مجلسه، وبالله لئن فعل لا ولي ولايةً أبداً! فلما رآه وكان متكئاً أطلق رداءه عن عاتقه ثم احتبى به، ودعا بالخصوم والجمالين، ثم دعا بأمير المؤمنين، ثم ادعى عليه القوم، فقضى لهم عليه، فلما دخل الدار قال للربيع: اذهب فإذا قام وخرج من عنده من الخصوم فادعه، فقال: يا أمير المؤمنين ما دعا بك إلا بعد أن فرغ من أمر الناس جميعاً، فلما دخل عليه سلم، فقال: جزاك الله عن دينك، وعن نبيك، وعن حسبك، وعن خليفتك أحسن الجزاء، قد أمرت لك بعشرة آلاف دينارٍ فاقبضها، وكانت عامة أموال محمد بن عمران من تلك الصلة.
قال المعلى بن أيوب: دخل رجل على المنصور، فقال له: ما مالك؟ فقال: ما يكف وجهي، ويعجز عن بر الصديق، فقال المنصور: لقد تلطف للسؤال، ووصله.
قال محمد بن يزيد المبرد: دخل أعرابي على المنصور، فكلمه بكلام أعجبه، فقال له المنصور: سل حاجتك، فقال: ما لي حاجة يا أمير المؤمنين، فأطال الله عمرك، وأنعم على الرعية بدوام النعمة عليك، قال: ويحك! سل حاجتك؛ فإنه لا يمكنك الدخول علينا كلما أردت، ولا يمكننا أن نأمر لك كلما دخلت، قال: ولِمَ يا أمير المؤمنين وأنا لا أستقصر عمرك، ولا أغتنم مالك؟ وإن العرب لتعلم في مشارق الأرض ومغاربها أن مناجاتك شرف، وما للشريف عنك منحرف، وإن عطاءك لزين، وما مسألتك بنقصٍ ولا شين، فتمثل المنصور بقول الأعشى: من البسيط
فجربوه فما زادت تجاربهم ... أبا قدامة إلا المجد والفنعا
ثم قال: يا غلام أعطه ألف دينار.
قال محمد بن حفص العجلي: ولد لأبي دلامة ابنة فغدا على أبي جعفر المنصور فقال له: يا أمير المؤمنين، إنه ولد لي الليلة ابنة، قال: فما سميتها؟ قال: أم دلام، قال: وأي شيءٍ تريد؟ قال: أريد أن يعينني عليها أمير المؤمنين، ثم أنشده: من البسيط
لو كان يقعد فوق الشمس من كرمٍ ... قوم لقيل اقعدوا يا آل عباس
ثم ارتقوا في شعاع الشمس كلكم ... إلى السماء، فأنتم أكرم الناس
قال: فهل قلت فيها شيئاً؟ قال: نعم قلت: من الوافر
فما ولدتك مريم أم عيسى ... ولم يكفلك لقمان الحكيم
ولكن قد تضمك أم سوءٍ ... إلى لباتها وأن لئيم
قال: فضحك أبو جعفر ثم أخرج أبو دلامة خريطة من خرق، فقال: ما هذه؟ قال: يا أمير المؤمنين أجعل فيها ما تحبوني به، قال: املؤوها له دراهم، فوسعت ألفي درهم.
عن بعض الهاشميين قال: كنت جالساً عند المنصور بإرمينية، وهو أميرها لأخيه أبي العباس، وقد جلس للمظالم، فدخل عليه رجل، فقال: إن لي مظلمةً، وإني أسألك أن تسمع مني مثلاً أضربه قبل أن أذكر مظلمتي، قال: قل، قال: إني وجلت لله تبارك وتعالى؛ خلق الخلق
على طبقَاتٍ، فالصبي إذا خرج إلى الدنيا لا يعرف إلا أمه، ولا يطلب غيرها، فإذا فزع من شيءٍ لجأ إليها، ثم يرتفع عن ذلك طبقةً، فيعرف أن أباه أعز من أمه، فإن أفزعه شيء لجأ إلى أبيه، ثم يبلغ، ويستحكم، فإن أفزعه شيء لجأ إلى سلطانه، فإن ظلمه ظالم انتصر به، فإذا ظلمه السلطان لجأ إلى ربه، واستنصره، وقد كنت في هذه الطبقات وقد ظلمني ابن نهيك في ضيعةٍ لي في ولايته، فإن نصرتني عليه، وأخذت بمظلمتي وإلا استنصرت إلى الله عز وجل ولجأت إليه، فانظر لنفسك أيها الأمير، أو دع!
فتضاءل أبو جعفر، وقال: أعد علي الكلام؟ فأعاده، فقال: أما أول شيءٍ فقد عزلت ابن نهيك عن ناحيته، وأمر برد ضيعته.
قيل لأبي جعفر المنصور: هل بقي لذات الدنيا شيء لم تنله؟ قال: بقيت خصلة؛ أن أقعد في مصطبةٍ وحولي أصحاب الحديث، يقول المستملي: من ذكرت - رحمك الله -؟ قال: فغدا عليه الندماء، وأبناء الوزير بالمحابر والدفاتر فقال: لستم به، إنما هم الدنسة ثيابهم، المشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم برد الآفاق ونقلة الحديث.
عن محمد بن سلام والزيادي قالا: اجتمع جماعة من أهل العلم عند المنصور فيهم عمرو بن عبيد، فسأل المنصور عمرو بن عبيد عن الحديث: " فيمن اقتنى كلباً لغير زرعٍ، ولا حراسة، إنه ينقص كل يومٍ من أجره قيراط " فقال له عمرو بن عبيد: هكذا جاء الحديث، قال المنصور: خذها بحقها؛ إنما قيل ذلك لأنه ينبح الضيف، ويروّع السائل، ثم أنشد: من الكامل
أعددت للضيفان كلباً ضارياً ... عندي، وفضل هراوةٍ من أرزن
ومعاذراً كذباً، ووجهاً باسراً ... وتشكياً عض الزمان الألزن
قال: فما بقي أحد في المجلس إلا كتب عن المنصور.
قال أبو العيناء: دخل المنصور من باب الذهب، فإذا ثلاثة قناديل مصطفة، فقال: ما هذا؟ أما واحد من هذا كان كافياً؟ يقتصر من هذا على واحدٍ، فلما أصبح أشرف على الناس وهم يتغدون، فرأى الطعام قد خف من بين أيديهم من قبل أن يشبعوا، فقالوا: يا غلام، علي بالقهرمان، قال: ما لي رأيت الطعام قد خف من بين أيدي الناس قبل أن يشبعوا؟ قال: يا أمير المؤمنين، رأيتك قد قدرت الزيت فقدرت الطعام، قال: فقال: وأنت لا تفرق بين زيتٍ يحترق في غير ذات الله، وهذا طعام إذا فضل فضل وجدت له آكلاً! ابطحوه، فبطحوه فضربه سبع دررٍ.
عن الربيع الحاجب قال: لما مات المنصور قال لي المهدي: يا ربيع، قم بنا حتى ندور في خزائن أمير المؤمنين، قال: فدرنا فوقعنا على بيتٍ فيه أربعمائة حبٍّ مطينة الرؤوس، قال: فقلنا: ما هذه؟ قيل: هذه فيها أكباد مملحة، أعدها المنصور للحصار.
عن يونس قال: كتب زياد بن عبيد الله الحارثي إلى المنصور يسأله الزيادة في عطائه وأرزاقه، وأبلغ في كتابه فوقّع المنصور في القصة: إن الغنى والبلاغة إذا اجتمعا في رجلٍ أبطراه، وأمير المؤمنين يشفق عليك من ذلك، فاكتف بالبلاغة.
قال المنصور: إذا مد إليك عدوك يده، فإن قدرت على قطعها وإلا قبلها.
عن محمد بن سلام قال: رأت جارية للمنصور قميصه مرقوعاً، فقالت: خليفة وقميصه مرقوع؟! فقال: ويحك! أما سمعت ما قال ابن هرمة: من الكامل
قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه ... خلق، وجيب قميصه مرقوع
لما قتل المنصور أبا مسلم قال وهو طريح بين يديه: من الوافر
قد اكتنفتك خلات ثلاث ... جلبن عليك محتوم الحمام
خلافك وامتناعك من يميني ... وقودك للجماهير العظام
وله لما عزم على قتله: من الطويل
إذا كنت ذا رأيٍ فكن ذا عزيمةٍ ... فإن فسادها الرأي أن تترددا
ولا تمهل الأعداء يوماً بقُدرةٍ ... وبادرهم أن يملكوا مثلها غدا
قال الربيع الحاجب: حججت مع المنصور أبي جعفر، فلما كنا بالقادسية، قال لي: يا ربيع، إني مقيم بهذا المنزل ثلاثاً، فناد في الناس، فناديت، فلما كان من الغد قال لي: يا ربيع، أجمت المنزل، فناد بالرحيل، فقلت: ناديت أمس أنك مقيم بهذا المنزل ثلاثاً، وترحل الساعة!؟ قال: أجمت المنزل، فرحل، ورحل الناس، وقربت له ناقة ليركب، وجاؤوه بمجمرٍ ليتبخر، فقمت بين يديه، فقال: ما عندك؟ فقلت: رحل الناس، فأخذ فحمة من المجمر، فبلها بريقه، وقام إلى الحائط، فجعل يكتب على الحائط بريقه
حتى كتب أربعة أسطرٍ، ثم قال: اركب يا ربيع، فكان في نفسي هم لأعلم ما كتب، ثم حججنا، فكان من أمر وفاته ما كان، ثم رجعت من مكة، فبسط لي في الموضع الذي بسط له فيه في القادسية، فدخلت وفي نفسي أن أعلم ما كتب على الحائط، فإذا هو قد كتب على الحائط: مجزوء الكامل
المرء يأمل أن يعي ... ش وطول عمرٍ قد يضره
تبلى بشاشته ويب ... قى بعد حلو العيش مره
وتخونه الأيام حت ... ى لا يرى شيئاً يسره
كم شامتٍ بي إن هلك ... ت وقائلٍ لله دره
وقال: لما مرض أمير المؤمنين المنصور بالله مرضه الذي مات فيه بمكة أتيته يوماً وهو وحده، فنظر إلى القبلة، فرأى فيها كتاباً، فقرأه وقال: يا ربيع، قم بيني وبين القبلة، فإذا الكتابة في صدري، فقال: افتح الباب، فعاد الكتاب إلى القبلة، فقال: ظننت هذا من حيلة الآدميين، وإذا فيه: من الطويل
أبا جعفرٍ حانت وفاتك وانقضت ... سنوك وأمر الله لا بد واقع
أبا جعفرٍ هل كاهن أو منجمٍ ... لك اليوم من ريب المنية دافع
قال طيفور: كان سبب إحرام المنصور من خضراء مدينة السلام أنه نام ليلةً، فانتبه فزعاً، ثم عاود النوم، فانتبه فزعاً ثم راجع النوم، فانتبه فزعاً، فقال: يا ربيع، قال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: لقد رأيت في منامي عجباً، قال: ما رأيت، جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت كأن آتياً أتاني، فهينم بشيءٍ لم أفهمه، فانتبهت فزعاً، ثم عاودت النوم، فعاودني يقول ذلك الشيء، ثم عاودني يقوله، حتى فهمته، وحفظته، وهو: من الطويل
كأني بهذا القصر قد باد آهله ... وعري منه أهله ومنازله
وصار رئيس القوم من بعد بهجةٍ ... إلى جدثٍ تبنى عليه جنادله
وما أحسبني يا ربيع إلا قد حانت وفاتي، وحضر أجلي، ومالي غير ربي.
قال بعض أهل العلم: كان آخر ما تكلم به عند الموت أبو جعفر عبد الله بن محمد: اللهم بارك لي في لقائك، وكان نقش خاتمه: الله ثقة عبد الله، وبه يؤمن.
قال فليح بن سليمان: قال لي أبو جعفر سنة حج، فمات فيها: ابن كم أنت؟ قلت: ابن ثلاثٍ وستين، قال: تلك سني، ثم قال: تدري ما كانت العرب تسميها؟ قلت: لا، قال: مدقة الأعناق، ثم مضى فمات فيها.
قال الحكم بن عثمان: قال المنصور أبو جعفر أمير المؤمنين عند موته: اللهم إنك تعلم أني قد ارتكبت من الأمور العظام جرأةً مني عليك، وإنك تعلم أني قد أطعتك في أحب الأشياء إليك، شهادة أن لا إله إلا الله مخلصاً، مناً منك لا مناً عليك، ثم خرجت نفسه.
عن هارون الفروي: حدثني من رأى أبا جعفر محمولاً على السرير ميتاً مكشوف الوجه، وكان مات محرماً، قال: وبصرت برجلٍ أبصره على تلك الحال تمثل هذا البيت: من المتقارب
وافى القبور أبو مالكٍ ... برغم العداة وأوتارها
ومات أبو جعفر ببئر ميمون يوم السبت لسبع خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة، وصلى عليه عيسى بن موسى بن محمد بن علي - ويقال: إبراهيم بن يحيى بن محمد، وكانت خلافته ثنتين وعشرين سنةً، ودفن مكشوف الوجه.
قال أبو شيخ: كنت حاجاً في سنة ثمان وخمسين - وقد حج فيها أبو جعفر - فلما قربنا من مكة رأيت كان رأسي قطع، فأخبرت بذاك عديلي سعيد بن خالد، فقال: الرأس أبو جعفر، ولا أراه إلا يموت، فما مكثنا إلا أياماً حتى مات أبو جعفر.
عبد الله بن محمد بن علي
ابن نفيل بن زراع بن عبد الله بن قيس أبو جعفر النفيلي الحراني روى عن محمد بن سلمة بسنده عن عبد الله بن زمعة بن الأسود قال: لما استعز برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا عنده أتاه بلال، فآذنه بالصلاة، فقال: " مروا من يصلي بالناس ".
قال الخطيب في ولد بَصَر - بالباء المعجمة بواحدة -: أبو جعفر النفيلي المحدث، واسمه: عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل، بن زراع بن عبد الله ابن قيس بن عُصُم بن كوز بن هلال بن عصم بن بصر بن زِمّان.
وقال أبو علي التنوخي في نسب تنوخ: وبعض النساب يقول: نصْر - بالنون وبالصاد الساكنة.
قال أبو جعفر بن نفيل: قدم علينا أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، فسألني يحيى وهو يعانقني، فقال: يا أبا جعفر، قرأت على معقل بن عبيد الله، عن عطاء: " أدنى وقت الحائض يوم "؟ فقال: له أبو عبد الله: لو جلست! فقال: أكره أن يموت، أو يفارق الدنيا قبل أن أسمعه.
ثم قال: حدثك نضر بن عربي، عن عكرمة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرش له في قبره قطيفة بيضاء بعلبكية؟ وذكر أبو عبد الله أبا جعفر النفيلي فأثنى عليه خيراً، وقال: كان يجيء معي إلى مسكين بن بكير.
قال صالح بن علي النفيلي:
سألت النفيلي عن تفضيل أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجرى بيني وبينه كلام - فقلت: يا أبا جعفر، فأنا أريد أن أجعلك حجةً بيني وبين الله عز وجل قال: ومن أنا؟ قلت: لم أرَ مثلك، قال: يا بن أخي، فإنا نقول: خير الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي. قلت: يا أبا جعفر، إن أحمد بن حنبل، ويعقوب ابن كعب يقولان: عثمان، ويقفان عن علي، قال: أخطآ جميعاً؛ أدركت الناس وأهل السنة والجماعة على هذا.
وقال أبو جعفر النفيلي: من شرب مسكراً فقد شرب خمراً، ولو أن رجلاً حلف بالطلاق لا يشرب خمراً، فشرب نبيذاً مسكراً، فإن كانت له نية في خمر العنب فهو ونيته، وأن لم يكن له نية قلت له: اعتزل امرأتك.
وقال: المسكر حرام، المسكر حرام.
مات أبو جعفر النفيلي سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين.
وثقه النسائي والدارقطني.