حَسَّانُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تُكْثِرُونُ فِيَّ وَفِي عُثْمَانَ وَإِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا على سرر مُتَقَابلين رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَتْنَا أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ حَسَّانَ بْنِ زَيْدٍ سَمِعْتُ أَبِي يَقُول دخلت مَسْجِدا الأَكْبَرِ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَيُّهَا النَّاس مُحَمَّد بن إِسْحَاق الثقفى عَنهُ
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
حسان بن ثَابت بن الْمُنْذر بن حرَام بن عَمْرو بن زيد مَنَاة بن عدي بن مَالك النجاري أَبُو عبد الرَّحْمَن وَيُقَال أَبُو الْوَلِيد الْأنْصَارِيّ النجاري الخزرجي الْمدنِي سمع النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم
رَوَى عَنهُ أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن فِي الصَّلَاة وَفِي الْأَدَب قَالَ الْوَاقِدِيّ مَاتَ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان عَاشَ فِي الْجَاهِلِيَّة سِتِّينَ سنة وَفِي الْإِسْلَام سِتِّينَ سنة وَمَات وَهُوَ ابْن عشْرين وَمِائَة سنة
رَوَى عَنهُ أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن فِي الصَّلَاة وَفِي الْأَدَب قَالَ الْوَاقِدِيّ مَاتَ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان عَاشَ فِي الْجَاهِلِيَّة سِتِّينَ سنة وَفِي الْإِسْلَام سِتِّينَ سنة وَمَات وَهُوَ ابْن عشْرين وَمِائَة سنة
حسان بن ثَابت بن الْمُنْذر بن حرَام بن عَمْرو بن زيد مَنَاة بن عدي بن عَمْرو بن مَالك بن النجار النجاري الخزرجي الْأنْصَارِيّ الْمَدِينِيّ كنيته أَبُو الْمُنْذر وَيُقَال أَبُو عبد الرحمن وَقيل أَبُو الحسام
مَاتَ وَهُوَ ابْن مائَة وَأَرْبع سِنِين أَيَّام قتل عَليّ بن ابي طَالب
ورى عَن سعيد بن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرحمن وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة (أَن عمر مر بِحسان وَهُوَ ينشد فَالْتَفت حسان الى أبي هُرَيْرَة فَقَالَ أنْشدك الله) الحَدِيث
مَاتَ وَهُوَ ابْن مائَة وَأَرْبع سِنِين أَيَّام قتل عَليّ بن ابي طَالب
ورى عَن سعيد بن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرحمن وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة (أَن عمر مر بِحسان وَهُوَ ينشد فَالْتَفت حسان الى أبي هُرَيْرَة فَقَالَ أنْشدك الله) الحَدِيث
حسان بْن ثَابت بْن الْمُنْذر بْن حرَام بْن عَمْرو بْن زيد مَنَاة بْن عدي بْن عَمْرو بْن مَالك بْن النجار بْن ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن الْخَزْرَج بْن حَارِثَة بْن ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن عَامر مَاء السَّمَاء بْن حَارِثَة بْن الغطريف بْن امْرِئ الْقَيْس بْن ثَعْلَبَة بْن مَازِن بْن الأزد بْن الغوت بْن نبت بْن مَالك بْن زيد بْن كهلان بْن سبأ بن يشجب بن يعرب
بْن قحطان من الْقَوْم الَّذين يُقَال لَهُم بَنو مغالة وهم بَنو عدي بْن عَمْرو بْن مَالك بْن النجار ومغالة أمّهم كنيته أَبُو الْوَلِيد قَالَ لَهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهجهم وَجِبْرِيل مَعَك وَهُوَ بن مائَة وَأَرْبع سِنِين وَقد قيل لكل وَاحِد مِنْهُم عشرُون وَمِائَة سنة
بْن قحطان من الْقَوْم الَّذين يُقَال لَهُم بَنو مغالة وهم بَنو عدي بْن عَمْرو بْن مَالك بْن النجار ومغالة أمّهم كنيته أَبُو الْوَلِيد قَالَ لَهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهجهم وَجِبْرِيل مَعَك وَهُوَ بن مائَة وَأَرْبع سِنِين وَقد قيل لكل وَاحِد مِنْهُم عشرُون وَمِائَة سنة
حَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَتَّاتُ، نا مِنْجَابٌ، نا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بِحَسَّانَ وَهُوَ يُنْشِدُ فِي الْمَسْجِدِ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: تُنْشِدُ الشَّعْرَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ لَهُ حَسَّانُ: «قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ بِمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَانْصَرَفَ عُمَرُ عَنْهُ
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الصَّفَّارُ، نا أَبُو كُرَيْبٍ، نا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ»
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَتَّاتُ، نا مِنْجَابٌ، نا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بِحَسَّانَ وَهُوَ يُنْشِدُ فِي الْمَسْجِدِ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: تُنْشِدُ الشَّعْرَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ لَهُ حَسَّانُ: «قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ بِمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَانْصَرَفَ عُمَرُ عَنْهُ
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الصَّفَّارُ، نا أَبُو كُرَيْبٍ، نا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ»
حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري
الشاعر، يكنى أبا الوليد. وقيل:
يكنى أبا عَبْد الرحمن. وقيل: أبا الحسام، وأمه الفريعة بنت خالد بن خنيس بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب ابن ساعدة الأنصارية كان يقال له شاعر رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
روينا عن عائشة رضي الله عنها أنها وصفت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال: كان والله كما قَالَ فيه شاعره حسان بن ثابت رضى الله عنه :
متى يبد في الداجي البهيم جبينه ... يلح مثل مصباح الدجى المتوقد
فمن كان أو من قد يكون كأحمد ... نظام لحق أو نكال لملحد
وَرَوَيْنَا عَنْ حَدِيثِ عَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ وجرير بن حازم عن محمد ابن سِيرِينَ، وَمِنْ حَدِيثِ السُّدِّيِّ عَنِ الْبَرَاءِ، وَمِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ وَأَبي إِسْحَاقَ- دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ: أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم من مُشْرِكِي قُرَيْشٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى، وَأَبُو سفيان ابن الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وضرار بن الخطاب،
فقال قائل لعلىّ بن أبى طالب: اهْجُ عَنَّا الْقَوْمَ الَّذِينَ يَهْجُونَنَا. فَقَالَ:
إِنْ أذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فَعَلْتُ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذِنْ لَهُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ عَلِيًّا لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُرَادُ فِي ذلك منه، أو: ليس في ذلك لك.
ثُمَّ قَالَ: مَا يَمْنَعُ الْقَوْمُ الَّذِينَ نَصَرُوا رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِسِلاحِهِمْ أَنْ يَنْصُرُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ؟ فَقَالَ حَسَّانٌ: أَنَا لَهَا، وَأَخَذَ بِطَرْفِ لِسَانِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ ما يسرّنى به مقول بَيْنَ بُصْرَى وَصَنْعَاءَ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: كَيْفَ تَهْجُوهُمْ وَأَنَا مِنْهُمْ؟ وَكَيْفَ تَهْجُو أَبَا سُفْيَانَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. فَقَالَ لَهُ: إِيتِ أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِأَنْسَابِ الْقَوْمِ مِنْكَ.
فَكَانَ يَمْضِي إِلَى أَبِي بَكْرٍ لِيَقِفَ عَلَى أَنْسَابِهِمْ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُ: كُفَّ عَنْ فُلانَةَ وَفُلانَةَ، وَاذْكُرْ فُلانَةَ وَفُلانَةَ، فَجَعَلَ حَسَّانٌ يَهْجُوهُمْ. فَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ شِعْرَ حَسَّانٍ قَالُوا: إِنَّ هَذَا الشِّعْرَ مَا غَابَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، أَوْ: مِنْ شِعْرِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ.
فَمِنْ شِعْرِ حَسَّانٍ فِي أبى سفيان بن الحارث :
وَإِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... بَنُو بنت مخزوم ووالدك العبد
وَمَنْ وَلَدَتْ أَبْنَاءَ زُهْرَةَ مِنْهُمُ ... كِرَامٌ وَلَمْ يَقْرَبْ عَجَائِزَكَ الْمَجْدُ
وَلَسْتَ كَعَبَّاسٍ وَلا كَابْنِ أُمِّهِ ... وَلَكِنْ لَئِيمٌ لا تُقَامُ لَهُ زَنْدُ
وَإِنَّ امْرَأً كَانَتْ سُمَيَّةُ أُمَّهُ ... وَسَمْرَاءُ- مَغْمُورٌ إِذَا بَلَغَ الْجَهْدُ
وَأَنْتَ هَجِينٌ نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ ... كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الْقَدَحُ الْفَرْدُ
فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الشِّعْرُ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ: هَذَا كَلامٌ لَمْ يَغِبْ عَنْهُ ابْنُ أبى أَبِي قُحَافَةَ.
قَالَ أبو عمر: يعني بقوله بنت مخزوم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران ابن مخزوم فيما ذكر أهل النسب، وهي أم أبي طالب، وعبد الله، والزبير، بني عَبْد المطلب. وقوله: ومن ولدت أبناء زهرة منهم، يعني حمزة وصفية، أمهما هالة بنت وهيب بن عَبْد مناف بن زهرة والعباس، وابن أمه شقيقه ضرار بن عَبْد المطلب، أمهما نتيلة امرأة من النمر بن قاسط، وسمية أم أبي سفيان وسمراء أم أبيه.
ومن قول حسان أيضا في أبى سفيان :
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت مطهرًا برًا حنيفًا ... أمين الله شيمته الوفاء
أتهجوه ولست له بكفء ... فشرّكما لخير كما الفداء
فإن أبي ووالدتي وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
وهذا الشعر أوله :
عفت ذات الأصابع فالجواء ... إلى عذراء منزلها خلاء
قَالَ مصعب الزبيري: هذه القصيدة قَالَ حسان صدرها في الجاهلية وآخرها في الإسلام.
قَالَ: وهجم حسان على فتية من قومه يشربون الخمر، فعيرهم في ذلك، فقالوا: يا أبا الوليد، ما أخذنا هذه إلا منك، وإنا لنهم بتركها ثم يثبطنا عن ذلك قولك:
ونشربها فتتركنا ملوكا ... وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
فقال: هذا شيء قتله في الجاهلية، والله ما شربتها منذ أسلمت.
قَالَ ابن سيرين: وانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار: حسان ابن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، فكان حسان وكعب ابن مالك يعارضانهم بمثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر، ويذكران مثالبهم، وكان عَبْد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وعبادة ما لا يسمع ولا ينفع، فكان قوله يومئذ أهون القول عليهم، وكان قول حسان وكعب أشد القول عليهم، فلما أسلموا وفقهوا كان أشد القول عليهم قول عبد الله ابن رواحة.
وروينا من وجوه كثيرة عن أبي هريرة وغيره أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول لحسان: اهجهم- يعني المشركين- وروح القدس معك. وإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لحسان: اللَّهمّ أيده بروح القدس لمناضلته عن المسلمين.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إنّ قوله فيهم أشدّ من وقع النبل. ومر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحسان وهو ينشد الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فقال: أتنشد الشعر؟ أو قَالَ: مثل هذا الشعر في مسجد رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ؟ فقال له حسان: قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك- يعني النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
فسكت عمر.
وروي عن عمر رضي الله أنه نهى أن ينشد الناس شيئًا من مناقضة الأنصار ومشركي قريش، وقال: في ذلك شتم الحي والميت، وتجديد الضغائن، وقد هدم الله أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام.
وَرَوَى ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: فُضِّلَ حَسَّانٍ عَلَى الشُّعَرَاءِ بِثَلاثٍ: كَانَ شَاعِرَ الأَنْصَارِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَشَاعِرَ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي [أَيَّامِ] النُّبُوَّةِ، وَشَاعِرَ الْيَمَنِ كُلِّهَا فِي الإِسْلامِ.
قَالَ أبو عبيدة: واجتمعت العرب على أن أشعر أهل المدر أهل يثرب، ثم عَبْد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدر حسّان بن ثابت.
وقال أبو عبيدة: حسان بن ثابت شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر أهل اليمن في الإسلام، وهو شاعر أهل القرى.
وعن أبي عبيدة وأبي عمرو بن العلاء أنهما قالا: حسان بن ثابت أشعر أهل الحضر. وقال أحدهما: أهل المدر.
وقال الأصمعي: حسان بن ثابت أحد فحول الشعراء، فقال له أبو حاتم: تأتي له أشعار لينة. فقال الأصمعي: تنسب إليه أشياء لا تصح عنه.
وروى ابن أخي الأصمعي عن عمه قَالَ: الشعر نكد يقوى في الشر ويسهل، فإذا دخل في الخير ضعف ولان، هذا حسان فحل من فحول الشعراء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره.
وقال مرة أخرى: شعر حسان في الجاهلية من أجود الشعر.
وقيل لحسان: لان شعرك أو هرم شعرك في الإسلام يا أبا الحسام.
فقال للقائل: يا بن أخي، إن الإسلام يحجز عن الكذب، أو يمنع من الكذب، وإن الشعر يزينه الكذب، يعنى إن شأن التجويد في الشعر الإفراط في لوصف والتزيين بغير الحق، وذلك كله كذب.
وقال الحطيئة: أبلغوا الأنصار أن شاعرهم أشعر العرب حيث يقول :
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
وقال عَبْد الملك بن مروان: إن أمدح بيت قالته العرب بيت حسان هذا.
وقال قوم في حسان: إنه كان ممن خاض في الإفك على عائشة رضي الله عنها، وإنه جلد في ذلك وأنكر قوم أن يكون حسان خاض في الإفك أو جلد فيه، ورووا عن عائشة رضي الله عنها أنها برأته من ذلك ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابن جريج، عن محمد بن السائب ابن بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ عَائِشَةَ فِي الطَّوَافِ، وَمَعَهَا أُمُّ حَكِيمِ بِنْتُ خَالِدِ بن العاصي، وَأُمُّ حَكِيمِ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، فَتَذَاكَرَتَا حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ [فَابْتَدَرْنَاهُ] بِالسَّبِّ، فقالت عائشة: ابْنُ الْفُرَيْعَةَ تَسُبَّانِ؟
إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِذَبِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بلسانه، أليس القائل :
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذَاكَ الْجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَتِي وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمُ وِقَاءُ
فَبَرَّأَتْهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ افترى عليها، فَقَالَتَا: أَلَيْسَ مِمَّنْ لَعَنَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِمَا قَالَ فِيكِ؟ فَقَالَتْ: لَمْ يَقُلْ شيئا، ولكنه الّذي يقول :
حصان رزان مَا تزن بريبة ... وتصبح غرثى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
فَإِنْ كَانَ مَا قَدْ قِيلَ عَنِّي قُلْتُهُ ... فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي
وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الأَخْبَارِ وَالسِّيَرِ: إِنَّ حَسَّانًا كَانَ مِنْ أَجْبَنِ النَّاسِ، وَذَكَرُوا مِنْ جُبْنِهِ أَشْيَاءَ مُسْتَشْنَعَةً أَوْرَدُوهَا عَنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَكَاهَا عَنْهُ، كَرِهْتُ ذِكْرَهَا لِنَكَارَتِهَا.
وَمَنْ ذَكَرَهَا قَالَ: إِنَّ حَسَّانًا لَمْ يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ مَشَاهِدِهِ، لِجُبْنِهِ، وَأَنْكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْخَبَرِ ذَلِكَ، وَقَالُوا:
لَوْ كَانَ حَقًّا لَهُجِيَ بِهِ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا أَصَابَهُ ذَلِكَ الْجُبْنُ مُنْذُ ضَرَبَهُ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ بِالسَّيْفِ.
وقال مُحَمَّد بن إسحاق، عن مُحَمَّد بن إبراهيم التيمي: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أعطى حسانًا عوضًا من ضربة صفوان الموضع الذي بالمدينة، وهو قصر بني جديلة، وأعطاه سيرين أمة قبطية، فولدت له عَبْد الرحمن ابن حسان.
وقال أبو عمر رضي الله عنه: أما إعطاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سير بن أخت مارية لحسان فمروي من وجوه، وأكثرها أن ذلك ليس لضربة صفوان، بل لذبه بلسانه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين له، والله أعلم.
ومن جيد شعر حسان ما ارتجله بين يدي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حين قدوم وفي بني تميم، إذا أتوه بخطيبهم وشاعرهم، ونادوه من وراء الحجرات أن اخرج إلينا يا مُحَمَّد، فأنزل الله فيهم : إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ... 49: 4- 5 الآية. وكانت حجراته صلى الله عليه وَسَلَّمَ تسعًا، كلها من شعر مغلقة من خشب العرعر . فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إليهم، وخطب خطيبهم مفتخرا، فلما سكت أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثابت بن قيس بن شماس أن يخطب بمعنى ما خطب به خطيبهم، فخطب ثابت بن قيس فأحسن، ثم قام شاعرهم، وهو الزبرقان ابن بدر فقال:
نحن الملوك فلا حي يقاربنا ... فينا العلاء وفينا تنصب البيع
ونحن نطعمهم في القحط ما أكلوا ... من العبيط إذا لم يؤنس القزع
وننحر الكوم عبطا في أرومتنا ... للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا
تلك المكارم حزناها مقارعة ... إذا الكرام على أمثالها اقترعوا
ثم جلس. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لحسان بن ثابت: قم، فقام وقال :
إنّ الذّوائب من فهر وإخوتهم ... قد بينوا سنة للناس تتبع
يرضي بها كل من كانت سريرته ... تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة ... إن الخلائق فاعلم شرها البدع
لو كان في الناس سباقون بعدهم ... فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم ... عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا
ولا يضنّون عن جار بفضلهم ... ولا يمسّهم في مطمع طبع
أعفة ذكرت للناس عفتهم ... لا يبخلون ولا يرديهم طمع
خذ منهم ما أتوا عفوًا إذا عطفوا ... ولا يكن همك الأمر الذي منعوا
فإن في حربهم فاترك عداوتهم ... شرًا يخاض إليه الصاب والسلع
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... إذا تفرقت الأهواء والشيع
فقال التميميون عند ذلك: وربكم أن خطيب القوم أخطب من خطيبنا، وإن شاعرهم أشعر من شاعرنا، وما انتصفنا ولا قاربنا.
الصَّامِتِ كَانَ عَلَى قِتَالِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَكَانَ مَنَعَهُمْ مِنَ الْقِتَالِ فَقَاتَلُوا، فَقَالَ:
أَدْرِكِ النَّاسَ يَا جُنَادَةَ، فَذَهَبْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَقُتِلَ أَحَدٌ؟
فَقُلْتُ: لا. فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي لم يقتل منهم أحدٌ عَاصِيًا. قال أبو عمر: ولجنادة بن أبي أمية أيضًا حديث عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في صوم يوم الجمعة، وتوفي بالشام سنة ثمانين.
الشاعر، يكنى أبا الوليد. وقيل:
يكنى أبا عَبْد الرحمن. وقيل: أبا الحسام، وأمه الفريعة بنت خالد بن خنيس بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب ابن ساعدة الأنصارية كان يقال له شاعر رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
روينا عن عائشة رضي الله عنها أنها وصفت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال: كان والله كما قَالَ فيه شاعره حسان بن ثابت رضى الله عنه :
متى يبد في الداجي البهيم جبينه ... يلح مثل مصباح الدجى المتوقد
فمن كان أو من قد يكون كأحمد ... نظام لحق أو نكال لملحد
وَرَوَيْنَا عَنْ حَدِيثِ عَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ وجرير بن حازم عن محمد ابن سِيرِينَ، وَمِنْ حَدِيثِ السُّدِّيِّ عَنِ الْبَرَاءِ، وَمِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ وَأَبي إِسْحَاقَ- دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ: أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم من مُشْرِكِي قُرَيْشٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى، وَأَبُو سفيان ابن الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وضرار بن الخطاب،
فقال قائل لعلىّ بن أبى طالب: اهْجُ عَنَّا الْقَوْمَ الَّذِينَ يَهْجُونَنَا. فَقَالَ:
إِنْ أذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فَعَلْتُ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذِنْ لَهُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ عَلِيًّا لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُرَادُ فِي ذلك منه، أو: ليس في ذلك لك.
ثُمَّ قَالَ: مَا يَمْنَعُ الْقَوْمُ الَّذِينَ نَصَرُوا رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِسِلاحِهِمْ أَنْ يَنْصُرُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ؟ فَقَالَ حَسَّانٌ: أَنَا لَهَا، وَأَخَذَ بِطَرْفِ لِسَانِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ ما يسرّنى به مقول بَيْنَ بُصْرَى وَصَنْعَاءَ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: كَيْفَ تَهْجُوهُمْ وَأَنَا مِنْهُمْ؟ وَكَيْفَ تَهْجُو أَبَا سُفْيَانَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. فَقَالَ لَهُ: إِيتِ أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِأَنْسَابِ الْقَوْمِ مِنْكَ.
فَكَانَ يَمْضِي إِلَى أَبِي بَكْرٍ لِيَقِفَ عَلَى أَنْسَابِهِمْ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُ: كُفَّ عَنْ فُلانَةَ وَفُلانَةَ، وَاذْكُرْ فُلانَةَ وَفُلانَةَ، فَجَعَلَ حَسَّانٌ يَهْجُوهُمْ. فَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ شِعْرَ حَسَّانٍ قَالُوا: إِنَّ هَذَا الشِّعْرَ مَا غَابَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، أَوْ: مِنْ شِعْرِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ.
فَمِنْ شِعْرِ حَسَّانٍ فِي أبى سفيان بن الحارث :
وَإِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... بَنُو بنت مخزوم ووالدك العبد
وَمَنْ وَلَدَتْ أَبْنَاءَ زُهْرَةَ مِنْهُمُ ... كِرَامٌ وَلَمْ يَقْرَبْ عَجَائِزَكَ الْمَجْدُ
وَلَسْتَ كَعَبَّاسٍ وَلا كَابْنِ أُمِّهِ ... وَلَكِنْ لَئِيمٌ لا تُقَامُ لَهُ زَنْدُ
وَإِنَّ امْرَأً كَانَتْ سُمَيَّةُ أُمَّهُ ... وَسَمْرَاءُ- مَغْمُورٌ إِذَا بَلَغَ الْجَهْدُ
وَأَنْتَ هَجِينٌ نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ ... كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الْقَدَحُ الْفَرْدُ
فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الشِّعْرُ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ: هَذَا كَلامٌ لَمْ يَغِبْ عَنْهُ ابْنُ أبى أَبِي قُحَافَةَ.
قَالَ أبو عمر: يعني بقوله بنت مخزوم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران ابن مخزوم فيما ذكر أهل النسب، وهي أم أبي طالب، وعبد الله، والزبير، بني عَبْد المطلب. وقوله: ومن ولدت أبناء زهرة منهم، يعني حمزة وصفية، أمهما هالة بنت وهيب بن عَبْد مناف بن زهرة والعباس، وابن أمه شقيقه ضرار بن عَبْد المطلب، أمهما نتيلة امرأة من النمر بن قاسط، وسمية أم أبي سفيان وسمراء أم أبيه.
ومن قول حسان أيضا في أبى سفيان :
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت مطهرًا برًا حنيفًا ... أمين الله شيمته الوفاء
أتهجوه ولست له بكفء ... فشرّكما لخير كما الفداء
فإن أبي ووالدتي وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
وهذا الشعر أوله :
عفت ذات الأصابع فالجواء ... إلى عذراء منزلها خلاء
قَالَ مصعب الزبيري: هذه القصيدة قَالَ حسان صدرها في الجاهلية وآخرها في الإسلام.
قَالَ: وهجم حسان على فتية من قومه يشربون الخمر، فعيرهم في ذلك، فقالوا: يا أبا الوليد، ما أخذنا هذه إلا منك، وإنا لنهم بتركها ثم يثبطنا عن ذلك قولك:
ونشربها فتتركنا ملوكا ... وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
فقال: هذا شيء قتله في الجاهلية، والله ما شربتها منذ أسلمت.
قَالَ ابن سيرين: وانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار: حسان ابن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، فكان حسان وكعب ابن مالك يعارضانهم بمثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر، ويذكران مثالبهم، وكان عَبْد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وعبادة ما لا يسمع ولا ينفع، فكان قوله يومئذ أهون القول عليهم، وكان قول حسان وكعب أشد القول عليهم، فلما أسلموا وفقهوا كان أشد القول عليهم قول عبد الله ابن رواحة.
وروينا من وجوه كثيرة عن أبي هريرة وغيره أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول لحسان: اهجهم- يعني المشركين- وروح القدس معك. وإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لحسان: اللَّهمّ أيده بروح القدس لمناضلته عن المسلمين.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إنّ قوله فيهم أشدّ من وقع النبل. ومر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحسان وهو ينشد الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فقال: أتنشد الشعر؟ أو قَالَ: مثل هذا الشعر في مسجد رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ؟ فقال له حسان: قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك- يعني النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
فسكت عمر.
وروي عن عمر رضي الله أنه نهى أن ينشد الناس شيئًا من مناقضة الأنصار ومشركي قريش، وقال: في ذلك شتم الحي والميت، وتجديد الضغائن، وقد هدم الله أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام.
وَرَوَى ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: فُضِّلَ حَسَّانٍ عَلَى الشُّعَرَاءِ بِثَلاثٍ: كَانَ شَاعِرَ الأَنْصَارِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَشَاعِرَ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي [أَيَّامِ] النُّبُوَّةِ، وَشَاعِرَ الْيَمَنِ كُلِّهَا فِي الإِسْلامِ.
قَالَ أبو عبيدة: واجتمعت العرب على أن أشعر أهل المدر أهل يثرب، ثم عَبْد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدر حسّان بن ثابت.
وقال أبو عبيدة: حسان بن ثابت شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر أهل اليمن في الإسلام، وهو شاعر أهل القرى.
وعن أبي عبيدة وأبي عمرو بن العلاء أنهما قالا: حسان بن ثابت أشعر أهل الحضر. وقال أحدهما: أهل المدر.
وقال الأصمعي: حسان بن ثابت أحد فحول الشعراء، فقال له أبو حاتم: تأتي له أشعار لينة. فقال الأصمعي: تنسب إليه أشياء لا تصح عنه.
وروى ابن أخي الأصمعي عن عمه قَالَ: الشعر نكد يقوى في الشر ويسهل، فإذا دخل في الخير ضعف ولان، هذا حسان فحل من فحول الشعراء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره.
وقال مرة أخرى: شعر حسان في الجاهلية من أجود الشعر.
وقيل لحسان: لان شعرك أو هرم شعرك في الإسلام يا أبا الحسام.
فقال للقائل: يا بن أخي، إن الإسلام يحجز عن الكذب، أو يمنع من الكذب، وإن الشعر يزينه الكذب، يعنى إن شأن التجويد في الشعر الإفراط في لوصف والتزيين بغير الحق، وذلك كله كذب.
وقال الحطيئة: أبلغوا الأنصار أن شاعرهم أشعر العرب حيث يقول :
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
وقال عَبْد الملك بن مروان: إن أمدح بيت قالته العرب بيت حسان هذا.
وقال قوم في حسان: إنه كان ممن خاض في الإفك على عائشة رضي الله عنها، وإنه جلد في ذلك وأنكر قوم أن يكون حسان خاض في الإفك أو جلد فيه، ورووا عن عائشة رضي الله عنها أنها برأته من ذلك ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابن جريج، عن محمد بن السائب ابن بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ عَائِشَةَ فِي الطَّوَافِ، وَمَعَهَا أُمُّ حَكِيمِ بِنْتُ خَالِدِ بن العاصي، وَأُمُّ حَكِيمِ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، فَتَذَاكَرَتَا حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ [فَابْتَدَرْنَاهُ] بِالسَّبِّ، فقالت عائشة: ابْنُ الْفُرَيْعَةَ تَسُبَّانِ؟
إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِذَبِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بلسانه، أليس القائل :
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذَاكَ الْجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَتِي وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمُ وِقَاءُ
فَبَرَّأَتْهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ افترى عليها، فَقَالَتَا: أَلَيْسَ مِمَّنْ لَعَنَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِمَا قَالَ فِيكِ؟ فَقَالَتْ: لَمْ يَقُلْ شيئا، ولكنه الّذي يقول :
حصان رزان مَا تزن بريبة ... وتصبح غرثى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
فَإِنْ كَانَ مَا قَدْ قِيلَ عَنِّي قُلْتُهُ ... فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي
وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الأَخْبَارِ وَالسِّيَرِ: إِنَّ حَسَّانًا كَانَ مِنْ أَجْبَنِ النَّاسِ، وَذَكَرُوا مِنْ جُبْنِهِ أَشْيَاءَ مُسْتَشْنَعَةً أَوْرَدُوهَا عَنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَكَاهَا عَنْهُ، كَرِهْتُ ذِكْرَهَا لِنَكَارَتِهَا.
وَمَنْ ذَكَرَهَا قَالَ: إِنَّ حَسَّانًا لَمْ يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ مَشَاهِدِهِ، لِجُبْنِهِ، وَأَنْكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْخَبَرِ ذَلِكَ، وَقَالُوا:
لَوْ كَانَ حَقًّا لَهُجِيَ بِهِ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا أَصَابَهُ ذَلِكَ الْجُبْنُ مُنْذُ ضَرَبَهُ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ بِالسَّيْفِ.
وقال مُحَمَّد بن إسحاق، عن مُحَمَّد بن إبراهيم التيمي: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أعطى حسانًا عوضًا من ضربة صفوان الموضع الذي بالمدينة، وهو قصر بني جديلة، وأعطاه سيرين أمة قبطية، فولدت له عَبْد الرحمن ابن حسان.
وقال أبو عمر رضي الله عنه: أما إعطاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سير بن أخت مارية لحسان فمروي من وجوه، وأكثرها أن ذلك ليس لضربة صفوان، بل لذبه بلسانه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين له، والله أعلم.
ومن جيد شعر حسان ما ارتجله بين يدي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حين قدوم وفي بني تميم، إذا أتوه بخطيبهم وشاعرهم، ونادوه من وراء الحجرات أن اخرج إلينا يا مُحَمَّد، فأنزل الله فيهم : إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ... 49: 4- 5 الآية. وكانت حجراته صلى الله عليه وَسَلَّمَ تسعًا، كلها من شعر مغلقة من خشب العرعر . فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إليهم، وخطب خطيبهم مفتخرا، فلما سكت أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثابت بن قيس بن شماس أن يخطب بمعنى ما خطب به خطيبهم، فخطب ثابت بن قيس فأحسن، ثم قام شاعرهم، وهو الزبرقان ابن بدر فقال:
نحن الملوك فلا حي يقاربنا ... فينا العلاء وفينا تنصب البيع
ونحن نطعمهم في القحط ما أكلوا ... من العبيط إذا لم يؤنس القزع
وننحر الكوم عبطا في أرومتنا ... للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا
تلك المكارم حزناها مقارعة ... إذا الكرام على أمثالها اقترعوا
ثم جلس. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لحسان بن ثابت: قم، فقام وقال :
إنّ الذّوائب من فهر وإخوتهم ... قد بينوا سنة للناس تتبع
يرضي بها كل من كانت سريرته ... تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة ... إن الخلائق فاعلم شرها البدع
لو كان في الناس سباقون بعدهم ... فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم ... عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا
ولا يضنّون عن جار بفضلهم ... ولا يمسّهم في مطمع طبع
أعفة ذكرت للناس عفتهم ... لا يبخلون ولا يرديهم طمع
خذ منهم ما أتوا عفوًا إذا عطفوا ... ولا يكن همك الأمر الذي منعوا
فإن في حربهم فاترك عداوتهم ... شرًا يخاض إليه الصاب والسلع
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... إذا تفرقت الأهواء والشيع
فقال التميميون عند ذلك: وربكم أن خطيب القوم أخطب من خطيبنا، وإن شاعرهم أشعر من شاعرنا، وما انتصفنا ولا قاربنا.
الصَّامِتِ كَانَ عَلَى قِتَالِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَكَانَ مَنَعَهُمْ مِنَ الْقِتَالِ فَقَاتَلُوا، فَقَالَ:
أَدْرِكِ النَّاسَ يَا جُنَادَةَ، فَذَهَبْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَقُتِلَ أَحَدٌ؟
فَقُلْتُ: لا. فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي لم يقتل منهم أحدٌ عَاصِيًا. قال أبو عمر: ولجنادة بن أبي أمية أيضًا حديث عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في صوم يوم الجمعة، وتوفي بالشام سنة ثمانين.
حَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنذِرِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ شَاعِرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُنَافِحُ عَنْهُ، وَالْمُنَاضِلُ الْمُؤَيَّدُ بِرُوحِ الْقُدُّوسِ، يُكَنَّى: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ: أَبَا الْوَلِيدِ، وَكَانَ يُكَنَّى أَيْضًا بِأَبِي الْحُسَامِ لِمُنَاضَلَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِسَانِهِ الْغَازِي بِهِ أَعْرَاضَ الْمُشْرِكِينَ، عَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، سِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ عَاشَ أَبُوهُ وَأَبُو أَبِيهِ: جَدُّهُ وَأَبُو جَدِّهِ حَرَامٌ، لَا يُعْرَفُ فِي الْعَرَبِ أَرْبَعَةٌ تَنَاسَلُوا مِنْ صُلْبٍ وَاحِدٍ اتَّفَقَتْ مُدَّةُ تَعْمِيرِهِمْ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً غَيْرُهُمْ، شُجَاعُ اللِّسَانِ، جَبَانُ الْجَنَانِ، لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَشْهَدُ الْوَغَى، وَلَا يَهْتَزُّ إِلَى اللِّقَاءِ لِيَتَحَصَّنَ بِالْآطَامِ وَيُنَاضِلَ بِالْكَلَامِ رَوَى عَنْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ، وَابْنُهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ لِحَسَّانَ مِنْبَرًا فِي الْمَسْجِدِ يَقُومُ عَلَيْهِ قَائِمًا يُفَاخِرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ الْقُدُسِ بِمَا نَافَحَ أَوْ فَاخَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي الدَّمِيكِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلَانُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ هِلَالٍ الْوَزَّانِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْبَرًا يَنْشُدُ عَلَيْهِ هِجَاءَ الْمُشْرِكِينَ " وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ مُخْتَصَرًا
- حَدَّثَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «كَيْفَ بِنَسَبِي فِيهِمْ» قَالَ: لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ" وَقِيلَ: إِنَّهُ اسْتَأْذَنَ فِي أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ» فَقَالَ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ" وَمِمَّا هَجَا بِهِ أَبَا سُفْيَانَ:
[البحر الطويل]
إِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... بَنُو بِنْتِ مَخْزُومٍ وَوَالِدُكَ الْعَبْدُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ح وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَا: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اهْجُوا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ» فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: «اهْجُهُمْ» ، فَهَجَاهُمْ، فَلَمْ يَرْضَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ حَسَّانُ قَالَ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ، ثُمَّ دَلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ فَرْيَ الْأَدِيمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يَخْلُصَ لَكَ نَسَبِي» ، فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ خَلَصَ لِي نَسَبُكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَنْسِلَنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ: «إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنْ الَّلهِ وَرَسُولِهِ» قَالَتْ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى» فَقَالَ حَسَّانُ:
[البحر الوافر]
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا ... رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
ثَكَلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءُ
يُنَازِعْنَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أَعْرَضْتُمْ عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ
وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ ... يُعِزُّ اللهُ فِيهِ مَنْ يَشَاء ُ
وَقَالَ اللهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ
وَقَالَ اللهُ قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا ... هُمُ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
تُلَاقِي مِنْ مَعَدٍّ كُلَّ يَوْمٍ ... سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ ... وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللهِ فِينَا ... وَرُوحُ الْقُدُسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ"
- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثنا نُوحُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا أَبُو غَزِيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْزَّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: " مَرَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بِمَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَسَّانُ يُنْشِدُهُمْ مِنْ شَعْرِهِ وَهُمْ غَيْرُ نُشَاطٍ مِمَّا يَسْمَعُونَ مِنْهُ، فَجَلَسَ الزُّبَيْرُ وَقَالَ: مَالِي أَرَاكُمْ غَيْرَ أَذِنِينَ بِمَا تَسْمَعُونَ مِنْ شِعْرِ ابْنِ الْفُرَيْعَةِ فَلَقَدْ كَانَ يَعْرِضُ بِهِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُحْسِنُ اسْتِمَاعَهُ وَيُجْزِلُ عَلَيْهِ ثَوَابَهُ وَلَا يُشْغَلُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَقَالَ حَسَّانُ:
[البحر الطويل]
أَقَامَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ وَهَدْيِهِ ... حَوَارِيُّهُ وَالْقَوْلُ بِالْفِعْلِ يُعْدِلُ
أَقَامَ عَلَى مِنْهَاجِهِ وَطَرِيقِهِ ... يُوَالِي وَلِيَّ الْحَقِّ وَالْحَقُّ أَعْدَلُ
هُوَ الْفَارِسُ الْمَشْهُورُ وَالْبَطَلُ الَّذِي ... يَصُولُ إِذَا مَا كَانَ يَوْمٌ مُحَجَّلُ
إِذَا كَشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ حَشَّهَا ... بِأَبْيَضَ سَبَّاقٍ إِلَى الْمَوْتِ يَرْفُلُ
فَمَا مِثْلُهُ فِيهِمْ وَلَا كَانَ قَبْلَهُ ... وَلَيْسَ يَكُونُ الدَّهْرُ مَا دَامَ يَذْبُلُ
ثَنَاؤُكَ خَيْرٌ مِنْ فَعَالِ مَعَاشِرَ ... وَفِعْلُكَ يَا ابْنَ الْهَاشِمِيَّةِ أَفْضَل ُ
وَإِنَّ امْرَأً كَانَتْ صَفِيَّةُ أُمَّهُ ... وَمَنْ أَسَدٍ فِي بَيْتِهَا لَمُرْقَلُ
فَكَمْ كُرْبَةٍ ذَبَّ الزُّبَيْرُ بِسَيْفِهِ ... عَنِ الْمُصْطَفَى وَاللهُ يُعْطِي فَيُجْزِلُ"
قَالَ الشَّيْخُ: وَزَادَ غَيْرُهُ:
لَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ قُرْبِي قُرَيْبَةٌ ... وَمِنْ نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ مَجْدٌ مُؤَثَّلُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسَيَّبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِيهِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: " بَدَتْ لَنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِلَى الْوَالِي حَاجَةٌ وَكَانَ الَّذِي طَلَبْنَا إِلَيْهِ أَمْرًا صَعْبًا فَمَشَيْنَا إِلَيْهِ بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ فَكَلَّمُوهُ وَذَكَرُوا لَهُ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَا فَتَذَكَّرَ صُعُوبَةَ الْأَمْرِ فَعَذَرَهُ الْقَوْمُ وَخَرَجُوا وَأَلَحَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَاللهِ مَا وَجَدَ بُدًّا مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِنَا، فَخَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا الْقَوْمُ أُنَدِّيَةٌ قَالَ حَسَّانُ: فَصِحْتُ وَأَنَا أَسْمَعَهُمْ إِنَّهُ وَاللهِ كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا، إِنَّهَا وَاللهِ صُبَابَةُ النُّبُوَّةِ وَوِرَاثَةُ أَحْمَدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَهْذِيبُ أَعْرَاقِهِ وَانْتِزَاعِ شِبْهَ طَبَائِعِهِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَجْمِلْ يَا حَسَّانُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صِدْقًا فَأَجْمَلَ حَسَّانُ وَأَنْشَأَ يَمْدَحُ ابْنَ عَبَّاسٍ:
[البحر الطويل]
إِذَا مَا ابْنُ عَبَّاسٍ بَدَا لَكَ وَجْهُهُ ... رَأَيْتَ لَهُ فِي كُلِّ مَجْمَعَةٍ فَضْلَا
إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ مَقَالًا لِقَائِلٍ ... بِمُلْتَقَطَاتٍ لَا تَرَى بَيْنَهَا فَصْلَا
كَفَى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوسِ فَلَمْ يَدَعْ ... لِذِي إِرْبَةٍ فِي الْقَوْلِ جِدًّا وَلَا هَزْلَا
سَمَوْتَ إِلَى الْعُلْيَا بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ ... فَنِلْتَ ذُرَاهَا لَا جَبَانًا وَلَا وَغْلَا
خُلِقْتَ خَلِيقًا لِلْمُرُوءَةِ وَالنَّدَى ... بَلِيجًا وَلَمْ تُخْلَقْ كَهَامًا وَلَا جَبَلَا
فَقَالَ الْوَالِي: وَاللهِ مَا أَرَادَ بِالْكَهَامِ وَالْجَبَلِ غَيْرِي، وَاللهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ"
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الصَّائِغُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ الْحَدَّادِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ الْأَعْرَجُ، خَتَنُ سَلَمَةَ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: «عَاشَ حَرَامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ عِشْرِينَ وَمِائَةً وَعَاشَ ابْنُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ حَرَامٍ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَعَاشَ ابْنُهُ ثَابِتُ بْنُ الْمُنْذِرِ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَعَاشَ ابْنُهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ إِذَا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثُ اسْتَلْقَى عَلَى فِرَاشِهِ وَضَحِكَ وَتَمَدَّدَ، فَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حُرَيْمِلَةَ، رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: أَتَيْتُ حَسَّانَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْحُسَامِ
- حَدَّثَنَا فَاروقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَتَى عَلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ يُنْشِدُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: أَهَاهُنَا، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، فَوَلَّى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يَقُولَ: رَسُولُ اللهِ وَأَقْبَلَ حَسَّانُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ أَتَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» قَالَ: نَعَمْ " اخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِيهِ، فَرَوَاهُ الزُّبَيْرُ وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَعُقَيْلٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ الْأَصْبَهَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ، وَمِمَّا أَسْنَدَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّيَّانِ، قَالَا: ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا قَبِيصَةُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ لِحَسَّانَ مِنْبَرًا فِي الْمَسْجِدِ يَقُومُ عَلَيْهِ قَائِمًا يُفَاخِرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ الْقُدُسِ بِمَا نَافَحَ أَوْ فَاخَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي الدَّمِيكِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلَانُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ هِلَالٍ الْوَزَّانِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْبَرًا يَنْشُدُ عَلَيْهِ هِجَاءَ الْمُشْرِكِينَ " وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ مُخْتَصَرًا
- حَدَّثَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «كَيْفَ بِنَسَبِي فِيهِمْ» قَالَ: لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ" وَقِيلَ: إِنَّهُ اسْتَأْذَنَ فِي أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ» فَقَالَ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ" وَمِمَّا هَجَا بِهِ أَبَا سُفْيَانَ:
[البحر الطويل]
إِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... بَنُو بِنْتِ مَخْزُومٍ وَوَالِدُكَ الْعَبْدُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ح وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَا: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اهْجُوا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ» فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: «اهْجُهُمْ» ، فَهَجَاهُمْ، فَلَمْ يَرْضَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ حَسَّانُ قَالَ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ، ثُمَّ دَلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ فَرْيَ الْأَدِيمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يَخْلُصَ لَكَ نَسَبِي» ، فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ خَلَصَ لِي نَسَبُكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَنْسِلَنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ: «إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنْ الَّلهِ وَرَسُولِهِ» قَالَتْ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى» فَقَالَ حَسَّانُ:
[البحر الوافر]
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا ... رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
ثَكَلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءُ
يُنَازِعْنَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أَعْرَضْتُمْ عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ
وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ ... يُعِزُّ اللهُ فِيهِ مَنْ يَشَاء ُ
وَقَالَ اللهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ
وَقَالَ اللهُ قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا ... هُمُ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
تُلَاقِي مِنْ مَعَدٍّ كُلَّ يَوْمٍ ... سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ ... وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللهِ فِينَا ... وَرُوحُ الْقُدُسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ"
- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثنا نُوحُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا أَبُو غَزِيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْزَّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: " مَرَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بِمَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَسَّانُ يُنْشِدُهُمْ مِنْ شَعْرِهِ وَهُمْ غَيْرُ نُشَاطٍ مِمَّا يَسْمَعُونَ مِنْهُ، فَجَلَسَ الزُّبَيْرُ وَقَالَ: مَالِي أَرَاكُمْ غَيْرَ أَذِنِينَ بِمَا تَسْمَعُونَ مِنْ شِعْرِ ابْنِ الْفُرَيْعَةِ فَلَقَدْ كَانَ يَعْرِضُ بِهِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُحْسِنُ اسْتِمَاعَهُ وَيُجْزِلُ عَلَيْهِ ثَوَابَهُ وَلَا يُشْغَلُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَقَالَ حَسَّانُ:
[البحر الطويل]
أَقَامَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ وَهَدْيِهِ ... حَوَارِيُّهُ وَالْقَوْلُ بِالْفِعْلِ يُعْدِلُ
أَقَامَ عَلَى مِنْهَاجِهِ وَطَرِيقِهِ ... يُوَالِي وَلِيَّ الْحَقِّ وَالْحَقُّ أَعْدَلُ
هُوَ الْفَارِسُ الْمَشْهُورُ وَالْبَطَلُ الَّذِي ... يَصُولُ إِذَا مَا كَانَ يَوْمٌ مُحَجَّلُ
إِذَا كَشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ حَشَّهَا ... بِأَبْيَضَ سَبَّاقٍ إِلَى الْمَوْتِ يَرْفُلُ
فَمَا مِثْلُهُ فِيهِمْ وَلَا كَانَ قَبْلَهُ ... وَلَيْسَ يَكُونُ الدَّهْرُ مَا دَامَ يَذْبُلُ
ثَنَاؤُكَ خَيْرٌ مِنْ فَعَالِ مَعَاشِرَ ... وَفِعْلُكَ يَا ابْنَ الْهَاشِمِيَّةِ أَفْضَل ُ
وَإِنَّ امْرَأً كَانَتْ صَفِيَّةُ أُمَّهُ ... وَمَنْ أَسَدٍ فِي بَيْتِهَا لَمُرْقَلُ
فَكَمْ كُرْبَةٍ ذَبَّ الزُّبَيْرُ بِسَيْفِهِ ... عَنِ الْمُصْطَفَى وَاللهُ يُعْطِي فَيُجْزِلُ"
قَالَ الشَّيْخُ: وَزَادَ غَيْرُهُ:
لَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ قُرْبِي قُرَيْبَةٌ ... وَمِنْ نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ مَجْدٌ مُؤَثَّلُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسَيَّبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِيهِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: " بَدَتْ لَنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِلَى الْوَالِي حَاجَةٌ وَكَانَ الَّذِي طَلَبْنَا إِلَيْهِ أَمْرًا صَعْبًا فَمَشَيْنَا إِلَيْهِ بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ فَكَلَّمُوهُ وَذَكَرُوا لَهُ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَا فَتَذَكَّرَ صُعُوبَةَ الْأَمْرِ فَعَذَرَهُ الْقَوْمُ وَخَرَجُوا وَأَلَحَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَاللهِ مَا وَجَدَ بُدًّا مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِنَا، فَخَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا الْقَوْمُ أُنَدِّيَةٌ قَالَ حَسَّانُ: فَصِحْتُ وَأَنَا أَسْمَعَهُمْ إِنَّهُ وَاللهِ كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا، إِنَّهَا وَاللهِ صُبَابَةُ النُّبُوَّةِ وَوِرَاثَةُ أَحْمَدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَهْذِيبُ أَعْرَاقِهِ وَانْتِزَاعِ شِبْهَ طَبَائِعِهِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَجْمِلْ يَا حَسَّانُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صِدْقًا فَأَجْمَلَ حَسَّانُ وَأَنْشَأَ يَمْدَحُ ابْنَ عَبَّاسٍ:
[البحر الطويل]
إِذَا مَا ابْنُ عَبَّاسٍ بَدَا لَكَ وَجْهُهُ ... رَأَيْتَ لَهُ فِي كُلِّ مَجْمَعَةٍ فَضْلَا
إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ مَقَالًا لِقَائِلٍ ... بِمُلْتَقَطَاتٍ لَا تَرَى بَيْنَهَا فَصْلَا
كَفَى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوسِ فَلَمْ يَدَعْ ... لِذِي إِرْبَةٍ فِي الْقَوْلِ جِدًّا وَلَا هَزْلَا
سَمَوْتَ إِلَى الْعُلْيَا بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ ... فَنِلْتَ ذُرَاهَا لَا جَبَانًا وَلَا وَغْلَا
خُلِقْتَ خَلِيقًا لِلْمُرُوءَةِ وَالنَّدَى ... بَلِيجًا وَلَمْ تُخْلَقْ كَهَامًا وَلَا جَبَلَا
فَقَالَ الْوَالِي: وَاللهِ مَا أَرَادَ بِالْكَهَامِ وَالْجَبَلِ غَيْرِي، وَاللهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ"
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الصَّائِغُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ الْحَدَّادِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ الْأَعْرَجُ، خَتَنُ سَلَمَةَ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: «عَاشَ حَرَامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ عِشْرِينَ وَمِائَةً وَعَاشَ ابْنُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ حَرَامٍ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَعَاشَ ابْنُهُ ثَابِتُ بْنُ الْمُنْذِرِ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَعَاشَ ابْنُهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ إِذَا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثُ اسْتَلْقَى عَلَى فِرَاشِهِ وَضَحِكَ وَتَمَدَّدَ، فَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حُرَيْمِلَةَ، رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: أَتَيْتُ حَسَّانَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْحُسَامِ
- حَدَّثَنَا فَاروقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَتَى عَلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ يُنْشِدُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: أَهَاهُنَا، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، فَوَلَّى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يَقُولَ: رَسُولُ اللهِ وَأَقْبَلَ حَسَّانُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ أَتَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» قَالَ: نَعَمْ " اخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِيهِ، فَرَوَاهُ الزُّبَيْرُ وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَعُقَيْلٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ الْأَصْبَهَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ، وَمِمَّا أَسْنَدَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّيَّانِ، قَالَا: ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا قَبِيصَةُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ»
حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام
ابن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج، أبو الوليد، ويقال أبو عبد الرحمن، ويقال أبو الحسام الأنصاري الخزرجي النجاري.
شاعر سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفد على عمرو بن الحارث بن أبي شمر، ووفد على جبلة بن الأيهم، ووفد على معاوية حين بويع سنة أربعين.
وأم حسان الفريعة بنت خالد بن خنيس بن لوذان بن عبد ود بن
زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب بن ساعدة، وكان حسان يعرف بابن الفريعة، وهي أمه.
حكى محمد بن سعد قال: عاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة، ومات في خلافة معاوية، وهو ابن عشرين ومئة سنة.
وكان حسان بن ثابت قديم الإسلام، ولم يشهد مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشهدا، وكان يجبن. وقال بعض الناس: توفي قبل الأربعين.
عن حسان بن ثابت قال: إني والله لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان سنين، أعقل كل ما سمعت يعني إذ سمعت يهودياً يصرخ على أطم يثرب: يا معشر يهود، إذ اجتمعوا إليه قالوا: ويلك مالك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي به ولد.
قال ابن إسحق: فسألت سعيد بن عبد الرحمن بن حسان: ابن كم كان حسان بن ثابت مقدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة؟ قال: ابن ستين. وقدمها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، فسمع حسان ما سمع وهو ابن سبعين.
حدث سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب مر على حسان، وهو ينشد في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانتهره عمر، فأقبل حسان فقال: كنت أنشد فيه من هو خير منك، فانطلق عمر حينئذ، وقال حسان لأبي هريرة: أنشدك الله، هل سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يا حسان، أجب عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللهم أيده بروح القدس؟ قال: اللهم، نعم.
روى البراء بن عازب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحسان بن ثابت: اهجهم وهاجهم وجبريل معك.
وفي رواية عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحسان: إن روح القدس معك ما هاجيتهم.
وعن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع لحسان بن ثابت منبراً في المسجد، ينشد عليه قائماً، ينافح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال جابر بن عبد الله: لما كان يوم الأحزاب، وردّ الله المشركين بغيظهم لم ينالوا خيراً قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يحمي أعراض المسلمين؟ قال كعب بن مالك: أنا. وقال ابن رواحة: أنا يا رسول الله. قال: إنك لحسن الشعر. وقال حسان بن ثابت: أنا، يا رسول الله. قال: نعم، اهجهم أنت، وسيعينك عليهم روح القدس.
وعن عروة قال: سببت ابن فريعة عند عائشة فقالت: يا ابن أخي، لأقسم عليك لما كففت عنه، فإنه كان ينافح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال عطاء بن أبي رباح: دخل حسان بن ثابت على عائشة بعدما عمي، فوضعت له وسادة، فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: أجلسته على وسادة، وقد قال ما قال! فقالت: إنه - تعني كان يجيب عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويشفي صدره من أعدائه - وقد عمي، وإني لأرجو ألا يعذّب في الآخرة.
وعن عائشة قالت: مشت الأنصار إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: يا رسول الله إن قومك قد تناولوا منا، فإن أذنت لنا أن نرد عليهم فعلنا. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أكره أن تنتصروا ممن ظلمكم، وعليكم بابن أبي قحافة، فإنه أعلم القوم بهم. قال: فمشوا إلى عبد الله بن رواحة، فقالوا: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أذن لنا أن ننتصر من قريش فقل، فقال عبد الله بن رواحة في ذلك شعراً، فلم يبلغ منهم الذي أرادوا. فأتوا كعب بن مالك فقالوا له: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أذن لنا أن ننتصر من قريش، فقال كعب في ذلك شعراً، هو أمتن من شعر عبد الله بن
رواحة، فلم يبلغ منهم الذي أرادوا. فأتوا حسان بن ثابت فقالوا له، إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أذن لنا أن ننتصر من قريش، فقل: فقال حسان: لست فاعلاً حتى أسمع ذلك من نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانطلق معهم حتى أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله، أنت أذنت لهؤلاء؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أكره أن ينتصروا ممن ظلمهم، وأنت يا حسان لن تزال مؤيداً بروح القدس ما نافحت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث الترمذي: ما كافحت.
وفي رواية أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لحسان: إني أخاف أن تصيبني معهم، تهجو من بني عمي - يعني أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب - فقال حسان: لأسلّنّك منهم سلّ الشعرة من العجين، ولي مقول ما أحب أنّ لي به مقول أحد من العرب، وإنه ليفري ما لا تفريه الحربة. قال: ثم أخرج لسانه، فضرب به أنفه، كأنه لسان شجاع، بطرفه شامة سوداء، ثم ضرب به ذقنه. قال: فأذن له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي رواية فهجاهم حسان، فقال لهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد شفيت يا حسان واشتفيت.
وعن محمد بن بركة عن أمه عن عائشة أنها طافت بالبيت، فقرنت بين ثلاثة أسابيع، ثم صلت بعد ذلك ست ركعات، قالت - وذكر لها حسان بن ثابت في الطواف - قالت: فابتدرنا نسبّه، فقالت عائشة: مه، وبرأته أن يكون فيمن قال عليها، وقالت: إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بقوله:
هجوت محمداً فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
فإنّ أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
فأنشدت عائشة هذين البيتين وهي تطوف بالبيت.
وعن مسروق قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها، وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعراً..... بأبيات له فقال:
حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
فقالت عائشة: لكنك لست كذلك. قال مسروق: فقلت لها: لم تأذنين له يدخل عليك؟ وقد قال الله عز وجل: " والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " فقالت: فأي عذاب أشد من العمى؟ وقالت: إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن هشام بن عروة، عن أبيه أن حسان بن ثابت ذكر عند عائشة رضي الله عنها، فانتبهت فقالت: من تذكرون؟ فقالوا: حسان. قال: فنهتهم وقالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق.
وعن حمزة بن عبد الله بن عمر أنه سمع عائشة تقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: حسان حجاز بين المؤمنين والمنافقين، لا يحبه منافق ولا يبغضه مؤمن.
وعن سعيد بن جبير قال: قيل لابن عباس: قد قدم حسان اللعين. قال: فقال ابن عباس: ما هو بلعين، قد جاهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنفسه ولسانه.
وعن محمد بن عباد عن أبيه قال: لما أنشد حسان بن ثابت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
عفت ذات الأصابع فالجواء........
فانتهى إلى قوله:
هجوت محمداً فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جزاؤك على الله الجنة ياحسان.
وعن يزيد بن عياض بن جعدبة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قدم المدينة تناولته قريش بالهجاء، فقال لعبد الله بن رواحة: رد عني فذهب في قديمهم وأولهم، ولم يصنع في الهجاء شيئاً، فأمر كعب بن مالك فذكر الحرب فقال:
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا ... قدماً ونلحقها إذا لم تلحق
ولم يصنع في الهجاء شيئاً، فدعا حسان بن ثابت فقال: اهجهم وائت أبا بكر يخبرك بمعايب القوم، فأخرج حسان لسانه حتى ضرب به على صدره وقال: والله ما أحب أن لي به مقولاً في العرب، فصب على قريش منه شآبيب شر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اهجهم كأنك تنضحهم بالنبل.
وعن عبد الله بن بريدة: أن جبريل أعان حسان بن ثابت على مدحه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبعين بيتاً.
وعن عروة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تسبوا حساناً، فإنه ينافح عن الله وعن رسوله ".
قال محمد بن المكرم: في الأصل هنا، حديث جابر بن عبد الله الأنصاري: لما جاءت بنو تميم إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشاعرهم وبخطيبهم، وأمر ثابت يا قيس أن يجاوب خطيبهم، وأمر حسان بن ثابت أن يجاوب شاعرهم. وقد تقدم هذا الحديث مستوفى في ترجمة الأقرع بن حابس، في حرف الألف. والله أعلم.
حدث أبو هريرة قال: جاء الحارث الغطفاني المري إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، شاطرني تمر المدينة، ولأملأنها عليك خيلاً ورجالاً. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حتى أستأذن السعود. فدعا سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وأسعد بن زرارة فقال: ها قد تعلمون أن العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وهذا الحارث الغطفاني يسألكم أن تشاطروه تمر المدينة فادفعوها إليه إلى يوم ما، قالوا: يا رسول الله، إن كان هذا أمراً من أمر الله عز وجل فالتسليم لأمر الله، وإن كان هذا أمراً من أمرك أو هوى من هواك، فأمرنا لأمرك تبع وهوانا لهواك تبع، وإلا فوالله لقد كنا نحن وهم في الجاهلية على سواء، ما كانوا ينالون تمرة ولا بسرة، إلا شرى أو قرى، فكيف وقد أعزنا الله بك وبالإسلام! فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ها يا حارث قد تسمع. فقال: يا محمد، عذرت فأنشأ حسان يقول:
يا حار من يغدر بذمة جاره ... منكم فإن محمداً لم يغدر
وأمانة المري حيث لقيتها ... كسر الزجاجة صدعها لا يجبر
إن تغدروا فالغدر من عاداتكم ... واللؤم ينبت في أصول السخبر
قالوا: يا محمد اكفف عنا لسانه، فوالله لو مزج بماء البحر مازجه.
والسخبر حشيش ينبت حول المدينة.
حدث معن بن عيسى قال: بينما حسان بن ثابت في أطمه فارع، وذلك في الجاهلية، إذ قام من جوف الليل فصاح: يا آل الخزرج، فجاؤوه وقد فزعوا: فقالوا: مالك يابن الفريعة؟ قال: بيت قلته، فخشيت أن أموت قبل أن أصبح فيذهب ضيعة، خذوه عني قالوا: وما قلت؟ قال: قلت:
رب حلم أضاعه عدم الما ... ل وجهل غطى عليه النعيم
وعن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج وقد رش حسان فناء أطمه، وأصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سماطين، وبينهم جارية لحسان يقال لها شيرين، ومعها مزهر لها تغنيهم، وهي تقول في غنائها:
هل علي ويحكم ... إن لهوت من حرج
فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: لا حرج.
وعن خارجة بن زيد بن ثابت وغيره، يزيد بعضهم على بعض، وهذا لفظ ابن دريد قال: كانت مأدبة في زمن عثمان، فدعي لها الناس، وكان فيهم عدة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيهم زيد بن ثابت وخارجة بن زيد وحسان بن ثابت وعبد الرحمن بن حسان، وقد كف حسان وثقل سمعه، وكان إذا دعي قال: أخرس أم عرس أم إعذار؟ ثم يجيب. قال خارجة: فأتينا بالطعام، فجعل حسان يقول لابنه: أطعام يد أم طعام يدين؟ فإذا قيل طعام يد أكل، وإذا قيل طعام يدين أمسك. فلما فرغ القوم، بنيت له وسادة، وأقبلت الميلاء وهي يومئذ شابة، فوضع في حجرها مزهر فضربت، ثم غنت فكان أول ما بدأت بشعر حسان:
انظر حبيبي بباب جلق هل ... تؤنس دون البلقاء من أحد
أجمال شعثاء إذ هبطن من ال ... محضر بين الكثبان فالسند
يحملن حور العيون يرفلن في الري ... ط حسان الوجوه كالبرد
من دون بصرى، وخلفها جبل الثل ... ج عليه السحاب كالقدد
إني وأيدي المخيسات وما ... يقطعن من كل سربخ جدد
والبدن إذ قربت لمنحرها ... حلفة بر اليمين مجتهد
ما حلت عن عهد ما علمت ولا ... أحببت حبي إياك من أحد
تقول شعثاء لو صحوت عن ال ... خمر لأصبحت مثري العدد
أهوى حديث الندمان في وضح ال ... فجر وصوت المسامر الغرد
لا أخدش الخدش بالنديم ولا ... يخشى نديمي إذا انتشيت يدي
يأبى لي السيف والسنان وقو ... م لم يضاموا كلبدة الأسد
فطرب حسان وبكى وقال: لقد أراني هناك سميعاً بصيراً، وعيناه تنضحان على خديه، وهو مصغ لها. وجعل عبد الرحمن يشير إليها ويقول: أعيدي وأسمعي الشيخ. قال خارجة: فيعجبني لعمر الله ما يعجب عبد الرحمن من بكاء أبيه.
قال أبو غزية: لحسان بن ثابت مواضع، هو شاعر الأنصار، وشاعر اليمن، وشاعر أهل القرى، وأفضل ذلك كله هو شاعر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مدافع.
قال محمد بن يونس: كنا عند الأصمعي فسئل: ما أراد حسان بقوله:
أولاد جفنة عند قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
ما في هذا ما يمدحهم به! قال: أراد أنهم ملوك حلول في موضع واحد، وهم أهل مدر وليسوا بأهل عمد ينتقلون.
قال هشام بن محمد الكلبي: قال حسان بن ثابت الأنصاري: خرجت أريد عمرو بن الحارث بن أبي شمر الغساني، فلما كنت في بعض الطريق
وقفت على السعلاة في جوف الليل فقالت: أين تريد يابن الفريعة؟ فقلت لها: أريد الملك. قالت: أتعرفني؟ قلت لها: لا. قالت: أنا السعلاة صاحبة النابغة، وأختي المعلاة صاحبة علقمة بن عبدة، وإني مقترحة عليك بيتاً، فإن أنت أجزته شفعت لك إلى أختي، وإن لم تجزه قتلتك. فقلت: هات. قالت:
إذا ما ترعرع فينا الغلام ... فما إن يقال له من هوه
قال: فتبعتها من ساعتي فقلت:
فإن لم يسد قبل شد الإزار ... فذلك فينا الذي لاهوه
ولي صاحب من بني الشيصبان ... فحيناً أقول وحيناً هوه
فقالت أولى لك نجوت، فاسمع مقالتي واحفظها: عليك بمدارسة الشعر، فإنه أشرف الآداب وأكرمها وأنورها، به يسخو الرجل، وبه يتظرف، وبه يجالس الملوك، وبه يخدم، وبتركه يتضع. ثم قالت: إنك إذا وردت على الملك وجدت عنده النابغة، وسأصرف عنك معرته، وعلقمة بن عبدة، وسأكلم المعلاة أختي حتى ترد عنك سورته. قال حسان: فقدمت على عمرو بن الحارث، فاعتاص علي الوصول إليه فقلت للحاجب بعد مدة: إن أنت أذنت لي عليه وإلا هجوت اليمن كلها، ثم انتقلت عنها. فأذن عليه، فلما وقفت بين يديه وجدت النابغة جالساً عن يمينه، وعلقمة جالساً عن يساره، فقال لي: يابن الفريعة قد عرفت عيصك ونسبك في غسان فارجع، فإني باعث إليك بصلة سنية، ولا أحتاج إلى الشعر، فإني أخاف عليك هذين السبعين أن يفضحاك، وفضيحتك فضيحتي، وأنت اليوم لا تحسن أن تقول:
رقاق النعال طيب حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسب
فقلت: لا بد منه. فقال: ذلك إلى عميك؛ فقلت: أسألكما بحق الملك الحراب، إلا ما قدمتماني عليكما. فقالا: قد فعلنا. فقال: هات. فأنشأت أقول والقلب وجل:
أسالت رسم الدار أم لم تسأل ... بين الجوابي فالبضيع فحومل
حتى أتيت على آخرها، فلم يزل عمرو بن الحارث يزحل عن مجلسه سروراً، حنى شاطر البيت وهو يقول: هذه والله البتارة، التي قد بترت المدائح، هذا وأبيك الشعر، لا ما تعللاني به منذ اليوم، يا غلام، ألف دينار مرموجة. فأعطيت ألف دينار، في كل دينار عشرة دنانير، ثم قال: لك مثلها في كل سنة، قم يا زياد بن ذبيان، فهات الثناء المسجوع. فقام النابغة فقال: ألا انعم صباحاً أيها الملك المبارك، السماء غطاؤك والأرض وطاؤك، ووالدي فداؤك، والعرب وقاؤك، والعجم حماؤك، والحكماء وزراؤك، والعلماء جلساؤك، والمقاول سمارك، والحلم دثارك، والسكينة مهادك، والصدق رداؤك، واليمن حذاؤك، والبر فراشك، وأشرف الآباء آباؤك، وأطهر الأمهات أمهاتك، وأفخر الشبان أبناؤك، وأعف النساء حلائلك، وأعلى البنيان بنيانك، وأكرم الأجداد أجدادك، وأفضل الأخوال أخوالك، وأنزه الحدائق حدائقك، وأعذب المياه مياهك، قد لازم الردن أوقك، وحالف الإضريج عاتقك، ولاوم المسك مسكك، وقابل الصرف ترائبك، العسجد قواريرك، واللجين صحافك، والشهاد إدامك، والخرطوم شرابك، والأبكار مستراحك، والصبر سواسك، والخير بفنائك، والشر في ساحة أعدائك، والذهب عطاؤك، وألف دينار مرموجة إيتاؤك، والنصر منوط بأبوابك، زين قولك فعلك، وطحطح عدوك غضبك، وهزم مغايبهم مشهدك، وسار في الناس عدلك، وسكن تباريح البلاء ظفرك، أيفاخرك ابن المنذر اللخمي! فوالله لقفاك خير من وجهه، ولشمالك خير من يمينه، ولصمتك خير من كلامه، ولأمك خير من أبيه،
ولخدمك خير من علية قومه. فهب لي أسارى قومي، واسترهن بذلك شكري، فإنك من أشراف قحطان، وأنا من سروات عدنان.
فرفع عمرو بن الحارث رأسه إلى جارية كانت على رأسه قائمة فقالت: مثل ابن الفريعة فليمدح الملوك، ومثل زياد فليثن على الملوك.
وهذه القصيدة:
أسألت رسم الدار أم لم تسأل ... بين الجوابي فالبضيع فحومل
فالمرج مرج الصفرين فجاسم ... فديار بثنى درّساً لم تحلل
دار لقوم قد أراهم مرة ... فوق الأعزة عزّهم لم ينقل
لله درّ عصابة نادمتهم ... يوماً بجلّق في الزمان الأول
أولاد جفنة عند قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
مارية: أمهم. المفضل: الذي يفضل ما ملك. ومعنى حول قبر أبيهم: أي هم آمنون، لا يبرحون ولا يخافون كما يخاف العرب، وهم مخصبون لا ينتجعون.
يسقون من ورد البريص عليهم ... برداً يصفّق بالرّحيق السّلسل
برداً: أراد ثلجاً. يصفق: يمزج. الرحيق: الخمرة البيضاء. السلسل: تنسل في الحلق تذهب ويروى: بردى - ممال - وهو نهر.
يسقون درياق المدام ولم تكن ... تغدو ولائدهم لنقف الحنظل
أي شرابهم في الأشربة بمنزلة الدرياق في الدواء. ولم تكن تغدو ولائدهم لنقف الحنظل: أي هم ملوك يخدمون، وهم في سعة، لا يحتاجون إلى ما يحتاج إليه العرب من نقف الحنظل وغيره.
بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شمّ الأنوف من الطّراز الأوّل
يقول: هم أصحاب كبر وتيه. والأشم: المرتفع. وإنما خص الأنف بذلك، لأن الأنفة والحمية والغضب فيه. ولم يرد بذلك طول الأنف. والعرب تقول: شمخ بأنفه. فيضرب المثل بالأنف للكبر والعزة. ومنه قوله عز وجل: " سنسمه على الخرطوم ". ومن الطراز الأول: يقول هم مثل آبائهم الأشراف المتقدمين، الذين لا تشبه خلائقهم وأفعالهم هذه الأفعال المحدثة.
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
يقول: إن منازلهم لا تخلو من الضياف والطراق والعفاة، فكلابهم لا تهر على من يقصد منازلهم. وقوله: لا يسألون عن السواد المقبل: أي هم في سعة لا يبالون كم نزل بهم من الناس، ولا يهولهم الجمع الكبير وهو السواد، إذا قصدوا نحوهم.
فلبثت أزماناً طوالاً فيهم ... ثم ادّكرت كأنني لم أفعل
أي: بقيت دهراً فيهم، ثم انتقلت فتذكرت ما كنت فيه، فكأنه شيء لم يكن، فلم يبق إلا الحديث والذكر.
إما تري رأسي تغير لونه ... شمطاً فأصبح كالثغام الممحل
يخاطب امرأة. والثغامة: شجرة بيضاء نورها وورقها كأنها القطن. شبه الشيب بها. والثغامة إذا قل المطر كان أشد لبياضها، لأنها تيبس وتجف، فيخلص بياضها ولا تخضر.
فلقد يراني الموعدي وكأنني ... في قصر دومة أو سواء الهيكل
يقول: كان يراني الذي يتوعدني ويتهددني في العز والمنعة، كأنني مع أولاد جفنة في دومة الجندل وهو منزل بالشام وأصحاب الحديث يقولونه بفتح الدال: دومة الجندل.
وأهل الأعراب: بضم الدال. وقوله: سواء الهيكل: أي وسط الهيكل. والهيكل: بيت للنصارى يعظمونه.
ولقد شربت الخمر في حانوتها ... صهباء صافية كطعم الفلفل
يسعى عليّ بكأسها متنطف ... فيعلني منها وإن لم أنهل
المتنطف: الذي في أذنه قرط. ويروى: متنطق: أي في وسطه منطقة. فيعلني: يسقيني مرة بعد مرة. والنهل: الري هاهنا. والعلل: الشرب الثاني.
إن الذي عاطيتني فرددتها ... قتلت قتلت فهاتها لم تقتل
قتلت: أي صب فيها الماء فمزجت، فهاتها صرفاً غير ممزوج.
كلتاهما حلب العصير فعاطني ... بزجاجة أرخاهما للمفصل
كلتاهما: يعني، الخمر والماء. أرخاهما للمفصل: أي الصرف. والمفصل بكسر الميم: اللسان، والمفصل: واحد المفاصل.
بزجاجة رقصت بما في جوفها ... رقص القلوص براكب مستعجل
المعنى رقص مافي جوفها. ويروى قعرها.
حسبي أصيل في الكرام ومذودي ... تكوي مراسمه جنوب المصطلي
مذوده: لسانه. يقول: من اصطلى بناري، أي من يعرض لي وسمت جنبه بلساني، أي بهجائي.
ولقد تقلدنا العشيرة أمرها ... ونسود يوم النائبات ونعتلي
أي إن عشيرتهم تفوض أمرها إليهم وتطيعهم. والتقليد هاهنا: الطاعة.
ويسود سيدنا جحاجح سادة ... ويصيب قائلنا سواء المفصل
الجحاجح: السادة. فقال: سادة سادة تأكيداً. وقائلهم: خطيبهم. وسواء المفصل: وسط المفصل. والسواء: الوسط.
وتزور أبواب الملوك ركابنا ... ومتى نحكم في العشيرة نعدل
وفتى يحب الحمد يجعل ماله ... من دون والده وإن لم يسأل
يعطي العشيرة حقها ويزيدها ... ويحوطها في النائبات المعضل
وعن صفية بنت عبد المطلب: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما خرج إلى أحد، جعل نساءه في أطم يقال له فارع، وجعل معهن حسان بن ثابت. فكان حسان ينظر إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا شد على المشركين شد معه وهو في الحصن، فإذا رجع رجع، وأنه قال: فجاء إنسان من اليهود فرقي في الحصن حتى أطل علينا، فقلت لحسان: قم فاقتله. فقال: ما ذاك فيّ، لو كان فيّ ذاك كنت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالت صفية: فقمت إليه فضربته حتى قطعت رأسه، فلما طرحته قلت لحسان: قم إلى رأسه فاطرحه على اليهود وهم أسفل الحصن. فقال: والله ما ذاك فيّ. قالت: فأخذت رأسه فرميت به عليهم فقالوا: قد والله علمنا أن هذا لم يكن ليترك أهله خلوفاً ليس معهم أحد. قالت: فتفرقوا فذهبوا.
قال: قوله يوم أحد: وهم إنما كان ذلك يوم الخندق، كما روي من وجه آخر عن صفية.
وروى ابن الكلبي: أن حسان بن ثابت كان لسنا شجاعاً، فأصابته علة أحدثت فيه الجبن، فكان بعد ذلك لا يقدر أن ينظر إلى قتال ولا يشهده.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: سنة أربع وخمسين، فيها توفي حكيم بن حزام، وحويطب بن عبد العزى، وسعد بن يربوع المخزومي، وحسان بن ثابت الأنصاري، ويقال: إن هؤلاء الأربعة ماتوا وقد بلغ
كل واحد منهم عشرين ومئة سنة.
وقيل: توفي حسان سنة أربعين.
وقال المداتني: توفي حسان بن ثابت وهو ابن مئة وأربع سنين محجوباً.
ابن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج، أبو الوليد، ويقال أبو عبد الرحمن، ويقال أبو الحسام الأنصاري الخزرجي النجاري.
شاعر سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفد على عمرو بن الحارث بن أبي شمر، ووفد على جبلة بن الأيهم، ووفد على معاوية حين بويع سنة أربعين.
وأم حسان الفريعة بنت خالد بن خنيس بن لوذان بن عبد ود بن
زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب بن ساعدة، وكان حسان يعرف بابن الفريعة، وهي أمه.
حكى محمد بن سعد قال: عاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة، ومات في خلافة معاوية، وهو ابن عشرين ومئة سنة.
وكان حسان بن ثابت قديم الإسلام، ولم يشهد مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشهدا، وكان يجبن. وقال بعض الناس: توفي قبل الأربعين.
عن حسان بن ثابت قال: إني والله لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان سنين، أعقل كل ما سمعت يعني إذ سمعت يهودياً يصرخ على أطم يثرب: يا معشر يهود، إذ اجتمعوا إليه قالوا: ويلك مالك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي به ولد.
قال ابن إسحق: فسألت سعيد بن عبد الرحمن بن حسان: ابن كم كان حسان بن ثابت مقدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة؟ قال: ابن ستين. وقدمها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، فسمع حسان ما سمع وهو ابن سبعين.
حدث سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب مر على حسان، وهو ينشد في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانتهره عمر، فأقبل حسان فقال: كنت أنشد فيه من هو خير منك، فانطلق عمر حينئذ، وقال حسان لأبي هريرة: أنشدك الله، هل سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يا حسان، أجب عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللهم أيده بروح القدس؟ قال: اللهم، نعم.
روى البراء بن عازب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحسان بن ثابت: اهجهم وهاجهم وجبريل معك.
وفي رواية عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحسان: إن روح القدس معك ما هاجيتهم.
وعن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع لحسان بن ثابت منبراً في المسجد، ينشد عليه قائماً، ينافح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال جابر بن عبد الله: لما كان يوم الأحزاب، وردّ الله المشركين بغيظهم لم ينالوا خيراً قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يحمي أعراض المسلمين؟ قال كعب بن مالك: أنا. وقال ابن رواحة: أنا يا رسول الله. قال: إنك لحسن الشعر. وقال حسان بن ثابت: أنا، يا رسول الله. قال: نعم، اهجهم أنت، وسيعينك عليهم روح القدس.
وعن عروة قال: سببت ابن فريعة عند عائشة فقالت: يا ابن أخي، لأقسم عليك لما كففت عنه، فإنه كان ينافح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال عطاء بن أبي رباح: دخل حسان بن ثابت على عائشة بعدما عمي، فوضعت له وسادة، فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: أجلسته على وسادة، وقد قال ما قال! فقالت: إنه - تعني كان يجيب عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويشفي صدره من أعدائه - وقد عمي، وإني لأرجو ألا يعذّب في الآخرة.
وعن عائشة قالت: مشت الأنصار إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: يا رسول الله إن قومك قد تناولوا منا، فإن أذنت لنا أن نرد عليهم فعلنا. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أكره أن تنتصروا ممن ظلمكم، وعليكم بابن أبي قحافة، فإنه أعلم القوم بهم. قال: فمشوا إلى عبد الله بن رواحة، فقالوا: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أذن لنا أن ننتصر من قريش فقل، فقال عبد الله بن رواحة في ذلك شعراً، فلم يبلغ منهم الذي أرادوا. فأتوا كعب بن مالك فقالوا له: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أذن لنا أن ننتصر من قريش، فقال كعب في ذلك شعراً، هو أمتن من شعر عبد الله بن
رواحة، فلم يبلغ منهم الذي أرادوا. فأتوا حسان بن ثابت فقالوا له، إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أذن لنا أن ننتصر من قريش، فقل: فقال حسان: لست فاعلاً حتى أسمع ذلك من نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانطلق معهم حتى أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله، أنت أذنت لهؤلاء؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أكره أن ينتصروا ممن ظلمهم، وأنت يا حسان لن تزال مؤيداً بروح القدس ما نافحت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث الترمذي: ما كافحت.
وفي رواية أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لحسان: إني أخاف أن تصيبني معهم، تهجو من بني عمي - يعني أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب - فقال حسان: لأسلّنّك منهم سلّ الشعرة من العجين، ولي مقول ما أحب أنّ لي به مقول أحد من العرب، وإنه ليفري ما لا تفريه الحربة. قال: ثم أخرج لسانه، فضرب به أنفه، كأنه لسان شجاع، بطرفه شامة سوداء، ثم ضرب به ذقنه. قال: فأذن له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي رواية فهجاهم حسان، فقال لهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد شفيت يا حسان واشتفيت.
وعن محمد بن بركة عن أمه عن عائشة أنها طافت بالبيت، فقرنت بين ثلاثة أسابيع، ثم صلت بعد ذلك ست ركعات، قالت - وذكر لها حسان بن ثابت في الطواف - قالت: فابتدرنا نسبّه، فقالت عائشة: مه، وبرأته أن يكون فيمن قال عليها، وقالت: إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بقوله:
هجوت محمداً فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
فإنّ أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
فأنشدت عائشة هذين البيتين وهي تطوف بالبيت.
وعن مسروق قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها، وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعراً..... بأبيات له فقال:
حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
فقالت عائشة: لكنك لست كذلك. قال مسروق: فقلت لها: لم تأذنين له يدخل عليك؟ وقد قال الله عز وجل: " والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " فقالت: فأي عذاب أشد من العمى؟ وقالت: إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن هشام بن عروة، عن أبيه أن حسان بن ثابت ذكر عند عائشة رضي الله عنها، فانتبهت فقالت: من تذكرون؟ فقالوا: حسان. قال: فنهتهم وقالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق.
وعن حمزة بن عبد الله بن عمر أنه سمع عائشة تقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: حسان حجاز بين المؤمنين والمنافقين، لا يحبه منافق ولا يبغضه مؤمن.
وعن سعيد بن جبير قال: قيل لابن عباس: قد قدم حسان اللعين. قال: فقال ابن عباس: ما هو بلعين، قد جاهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنفسه ولسانه.
وعن محمد بن عباد عن أبيه قال: لما أنشد حسان بن ثابت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
عفت ذات الأصابع فالجواء........
فانتهى إلى قوله:
هجوت محمداً فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جزاؤك على الله الجنة ياحسان.
وعن يزيد بن عياض بن جعدبة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قدم المدينة تناولته قريش بالهجاء، فقال لعبد الله بن رواحة: رد عني فذهب في قديمهم وأولهم، ولم يصنع في الهجاء شيئاً، فأمر كعب بن مالك فذكر الحرب فقال:
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا ... قدماً ونلحقها إذا لم تلحق
ولم يصنع في الهجاء شيئاً، فدعا حسان بن ثابت فقال: اهجهم وائت أبا بكر يخبرك بمعايب القوم، فأخرج حسان لسانه حتى ضرب به على صدره وقال: والله ما أحب أن لي به مقولاً في العرب، فصب على قريش منه شآبيب شر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اهجهم كأنك تنضحهم بالنبل.
وعن عبد الله بن بريدة: أن جبريل أعان حسان بن ثابت على مدحه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبعين بيتاً.
وعن عروة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تسبوا حساناً، فإنه ينافح عن الله وعن رسوله ".
قال محمد بن المكرم: في الأصل هنا، حديث جابر بن عبد الله الأنصاري: لما جاءت بنو تميم إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشاعرهم وبخطيبهم، وأمر ثابت يا قيس أن يجاوب خطيبهم، وأمر حسان بن ثابت أن يجاوب شاعرهم. وقد تقدم هذا الحديث مستوفى في ترجمة الأقرع بن حابس، في حرف الألف. والله أعلم.
حدث أبو هريرة قال: جاء الحارث الغطفاني المري إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، شاطرني تمر المدينة، ولأملأنها عليك خيلاً ورجالاً. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حتى أستأذن السعود. فدعا سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وأسعد بن زرارة فقال: ها قد تعلمون أن العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وهذا الحارث الغطفاني يسألكم أن تشاطروه تمر المدينة فادفعوها إليه إلى يوم ما، قالوا: يا رسول الله، إن كان هذا أمراً من أمر الله عز وجل فالتسليم لأمر الله، وإن كان هذا أمراً من أمرك أو هوى من هواك، فأمرنا لأمرك تبع وهوانا لهواك تبع، وإلا فوالله لقد كنا نحن وهم في الجاهلية على سواء، ما كانوا ينالون تمرة ولا بسرة، إلا شرى أو قرى، فكيف وقد أعزنا الله بك وبالإسلام! فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ها يا حارث قد تسمع. فقال: يا محمد، عذرت فأنشأ حسان يقول:
يا حار من يغدر بذمة جاره ... منكم فإن محمداً لم يغدر
وأمانة المري حيث لقيتها ... كسر الزجاجة صدعها لا يجبر
إن تغدروا فالغدر من عاداتكم ... واللؤم ينبت في أصول السخبر
قالوا: يا محمد اكفف عنا لسانه، فوالله لو مزج بماء البحر مازجه.
والسخبر حشيش ينبت حول المدينة.
حدث معن بن عيسى قال: بينما حسان بن ثابت في أطمه فارع، وذلك في الجاهلية، إذ قام من جوف الليل فصاح: يا آل الخزرج، فجاؤوه وقد فزعوا: فقالوا: مالك يابن الفريعة؟ قال: بيت قلته، فخشيت أن أموت قبل أن أصبح فيذهب ضيعة، خذوه عني قالوا: وما قلت؟ قال: قلت:
رب حلم أضاعه عدم الما ... ل وجهل غطى عليه النعيم
وعن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج وقد رش حسان فناء أطمه، وأصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سماطين، وبينهم جارية لحسان يقال لها شيرين، ومعها مزهر لها تغنيهم، وهي تقول في غنائها:
هل علي ويحكم ... إن لهوت من حرج
فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: لا حرج.
وعن خارجة بن زيد بن ثابت وغيره، يزيد بعضهم على بعض، وهذا لفظ ابن دريد قال: كانت مأدبة في زمن عثمان، فدعي لها الناس، وكان فيهم عدة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيهم زيد بن ثابت وخارجة بن زيد وحسان بن ثابت وعبد الرحمن بن حسان، وقد كف حسان وثقل سمعه، وكان إذا دعي قال: أخرس أم عرس أم إعذار؟ ثم يجيب. قال خارجة: فأتينا بالطعام، فجعل حسان يقول لابنه: أطعام يد أم طعام يدين؟ فإذا قيل طعام يد أكل، وإذا قيل طعام يدين أمسك. فلما فرغ القوم، بنيت له وسادة، وأقبلت الميلاء وهي يومئذ شابة، فوضع في حجرها مزهر فضربت، ثم غنت فكان أول ما بدأت بشعر حسان:
انظر حبيبي بباب جلق هل ... تؤنس دون البلقاء من أحد
أجمال شعثاء إذ هبطن من ال ... محضر بين الكثبان فالسند
يحملن حور العيون يرفلن في الري ... ط حسان الوجوه كالبرد
من دون بصرى، وخلفها جبل الثل ... ج عليه السحاب كالقدد
إني وأيدي المخيسات وما ... يقطعن من كل سربخ جدد
والبدن إذ قربت لمنحرها ... حلفة بر اليمين مجتهد
ما حلت عن عهد ما علمت ولا ... أحببت حبي إياك من أحد
تقول شعثاء لو صحوت عن ال ... خمر لأصبحت مثري العدد
أهوى حديث الندمان في وضح ال ... فجر وصوت المسامر الغرد
لا أخدش الخدش بالنديم ولا ... يخشى نديمي إذا انتشيت يدي
يأبى لي السيف والسنان وقو ... م لم يضاموا كلبدة الأسد
فطرب حسان وبكى وقال: لقد أراني هناك سميعاً بصيراً، وعيناه تنضحان على خديه، وهو مصغ لها. وجعل عبد الرحمن يشير إليها ويقول: أعيدي وأسمعي الشيخ. قال خارجة: فيعجبني لعمر الله ما يعجب عبد الرحمن من بكاء أبيه.
قال أبو غزية: لحسان بن ثابت مواضع، هو شاعر الأنصار، وشاعر اليمن، وشاعر أهل القرى، وأفضل ذلك كله هو شاعر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مدافع.
قال محمد بن يونس: كنا عند الأصمعي فسئل: ما أراد حسان بقوله:
أولاد جفنة عند قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
ما في هذا ما يمدحهم به! قال: أراد أنهم ملوك حلول في موضع واحد، وهم أهل مدر وليسوا بأهل عمد ينتقلون.
قال هشام بن محمد الكلبي: قال حسان بن ثابت الأنصاري: خرجت أريد عمرو بن الحارث بن أبي شمر الغساني، فلما كنت في بعض الطريق
وقفت على السعلاة في جوف الليل فقالت: أين تريد يابن الفريعة؟ فقلت لها: أريد الملك. قالت: أتعرفني؟ قلت لها: لا. قالت: أنا السعلاة صاحبة النابغة، وأختي المعلاة صاحبة علقمة بن عبدة، وإني مقترحة عليك بيتاً، فإن أنت أجزته شفعت لك إلى أختي، وإن لم تجزه قتلتك. فقلت: هات. قالت:
إذا ما ترعرع فينا الغلام ... فما إن يقال له من هوه
قال: فتبعتها من ساعتي فقلت:
فإن لم يسد قبل شد الإزار ... فذلك فينا الذي لاهوه
ولي صاحب من بني الشيصبان ... فحيناً أقول وحيناً هوه
فقالت أولى لك نجوت، فاسمع مقالتي واحفظها: عليك بمدارسة الشعر، فإنه أشرف الآداب وأكرمها وأنورها، به يسخو الرجل، وبه يتظرف، وبه يجالس الملوك، وبه يخدم، وبتركه يتضع. ثم قالت: إنك إذا وردت على الملك وجدت عنده النابغة، وسأصرف عنك معرته، وعلقمة بن عبدة، وسأكلم المعلاة أختي حتى ترد عنك سورته. قال حسان: فقدمت على عمرو بن الحارث، فاعتاص علي الوصول إليه فقلت للحاجب بعد مدة: إن أنت أذنت لي عليه وإلا هجوت اليمن كلها، ثم انتقلت عنها. فأذن عليه، فلما وقفت بين يديه وجدت النابغة جالساً عن يمينه، وعلقمة جالساً عن يساره، فقال لي: يابن الفريعة قد عرفت عيصك ونسبك في غسان فارجع، فإني باعث إليك بصلة سنية، ولا أحتاج إلى الشعر، فإني أخاف عليك هذين السبعين أن يفضحاك، وفضيحتك فضيحتي، وأنت اليوم لا تحسن أن تقول:
رقاق النعال طيب حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسب
فقلت: لا بد منه. فقال: ذلك إلى عميك؛ فقلت: أسألكما بحق الملك الحراب، إلا ما قدمتماني عليكما. فقالا: قد فعلنا. فقال: هات. فأنشأت أقول والقلب وجل:
أسالت رسم الدار أم لم تسأل ... بين الجوابي فالبضيع فحومل
حتى أتيت على آخرها، فلم يزل عمرو بن الحارث يزحل عن مجلسه سروراً، حنى شاطر البيت وهو يقول: هذه والله البتارة، التي قد بترت المدائح، هذا وأبيك الشعر، لا ما تعللاني به منذ اليوم، يا غلام، ألف دينار مرموجة. فأعطيت ألف دينار، في كل دينار عشرة دنانير، ثم قال: لك مثلها في كل سنة، قم يا زياد بن ذبيان، فهات الثناء المسجوع. فقام النابغة فقال: ألا انعم صباحاً أيها الملك المبارك، السماء غطاؤك والأرض وطاؤك، ووالدي فداؤك، والعرب وقاؤك، والعجم حماؤك، والحكماء وزراؤك، والعلماء جلساؤك، والمقاول سمارك، والحلم دثارك، والسكينة مهادك، والصدق رداؤك، واليمن حذاؤك، والبر فراشك، وأشرف الآباء آباؤك، وأطهر الأمهات أمهاتك، وأفخر الشبان أبناؤك، وأعف النساء حلائلك، وأعلى البنيان بنيانك، وأكرم الأجداد أجدادك، وأفضل الأخوال أخوالك، وأنزه الحدائق حدائقك، وأعذب المياه مياهك، قد لازم الردن أوقك، وحالف الإضريج عاتقك، ولاوم المسك مسكك، وقابل الصرف ترائبك، العسجد قواريرك، واللجين صحافك، والشهاد إدامك، والخرطوم شرابك، والأبكار مستراحك، والصبر سواسك، والخير بفنائك، والشر في ساحة أعدائك، والذهب عطاؤك، وألف دينار مرموجة إيتاؤك، والنصر منوط بأبوابك، زين قولك فعلك، وطحطح عدوك غضبك، وهزم مغايبهم مشهدك، وسار في الناس عدلك، وسكن تباريح البلاء ظفرك، أيفاخرك ابن المنذر اللخمي! فوالله لقفاك خير من وجهه، ولشمالك خير من يمينه، ولصمتك خير من كلامه، ولأمك خير من أبيه،
ولخدمك خير من علية قومه. فهب لي أسارى قومي، واسترهن بذلك شكري، فإنك من أشراف قحطان، وأنا من سروات عدنان.
فرفع عمرو بن الحارث رأسه إلى جارية كانت على رأسه قائمة فقالت: مثل ابن الفريعة فليمدح الملوك، ومثل زياد فليثن على الملوك.
وهذه القصيدة:
أسألت رسم الدار أم لم تسأل ... بين الجوابي فالبضيع فحومل
فالمرج مرج الصفرين فجاسم ... فديار بثنى درّساً لم تحلل
دار لقوم قد أراهم مرة ... فوق الأعزة عزّهم لم ينقل
لله درّ عصابة نادمتهم ... يوماً بجلّق في الزمان الأول
أولاد جفنة عند قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
مارية: أمهم. المفضل: الذي يفضل ما ملك. ومعنى حول قبر أبيهم: أي هم آمنون، لا يبرحون ولا يخافون كما يخاف العرب، وهم مخصبون لا ينتجعون.
يسقون من ورد البريص عليهم ... برداً يصفّق بالرّحيق السّلسل
برداً: أراد ثلجاً. يصفق: يمزج. الرحيق: الخمرة البيضاء. السلسل: تنسل في الحلق تذهب ويروى: بردى - ممال - وهو نهر.
يسقون درياق المدام ولم تكن ... تغدو ولائدهم لنقف الحنظل
أي شرابهم في الأشربة بمنزلة الدرياق في الدواء. ولم تكن تغدو ولائدهم لنقف الحنظل: أي هم ملوك يخدمون، وهم في سعة، لا يحتاجون إلى ما يحتاج إليه العرب من نقف الحنظل وغيره.
بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شمّ الأنوف من الطّراز الأوّل
يقول: هم أصحاب كبر وتيه. والأشم: المرتفع. وإنما خص الأنف بذلك، لأن الأنفة والحمية والغضب فيه. ولم يرد بذلك طول الأنف. والعرب تقول: شمخ بأنفه. فيضرب المثل بالأنف للكبر والعزة. ومنه قوله عز وجل: " سنسمه على الخرطوم ". ومن الطراز الأول: يقول هم مثل آبائهم الأشراف المتقدمين، الذين لا تشبه خلائقهم وأفعالهم هذه الأفعال المحدثة.
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
يقول: إن منازلهم لا تخلو من الضياف والطراق والعفاة، فكلابهم لا تهر على من يقصد منازلهم. وقوله: لا يسألون عن السواد المقبل: أي هم في سعة لا يبالون كم نزل بهم من الناس، ولا يهولهم الجمع الكبير وهو السواد، إذا قصدوا نحوهم.
فلبثت أزماناً طوالاً فيهم ... ثم ادّكرت كأنني لم أفعل
أي: بقيت دهراً فيهم، ثم انتقلت فتذكرت ما كنت فيه، فكأنه شيء لم يكن، فلم يبق إلا الحديث والذكر.
إما تري رأسي تغير لونه ... شمطاً فأصبح كالثغام الممحل
يخاطب امرأة. والثغامة: شجرة بيضاء نورها وورقها كأنها القطن. شبه الشيب بها. والثغامة إذا قل المطر كان أشد لبياضها، لأنها تيبس وتجف، فيخلص بياضها ولا تخضر.
فلقد يراني الموعدي وكأنني ... في قصر دومة أو سواء الهيكل
يقول: كان يراني الذي يتوعدني ويتهددني في العز والمنعة، كأنني مع أولاد جفنة في دومة الجندل وهو منزل بالشام وأصحاب الحديث يقولونه بفتح الدال: دومة الجندل.
وأهل الأعراب: بضم الدال. وقوله: سواء الهيكل: أي وسط الهيكل. والهيكل: بيت للنصارى يعظمونه.
ولقد شربت الخمر في حانوتها ... صهباء صافية كطعم الفلفل
يسعى عليّ بكأسها متنطف ... فيعلني منها وإن لم أنهل
المتنطف: الذي في أذنه قرط. ويروى: متنطق: أي في وسطه منطقة. فيعلني: يسقيني مرة بعد مرة. والنهل: الري هاهنا. والعلل: الشرب الثاني.
إن الذي عاطيتني فرددتها ... قتلت قتلت فهاتها لم تقتل
قتلت: أي صب فيها الماء فمزجت، فهاتها صرفاً غير ممزوج.
كلتاهما حلب العصير فعاطني ... بزجاجة أرخاهما للمفصل
كلتاهما: يعني، الخمر والماء. أرخاهما للمفصل: أي الصرف. والمفصل بكسر الميم: اللسان، والمفصل: واحد المفاصل.
بزجاجة رقصت بما في جوفها ... رقص القلوص براكب مستعجل
المعنى رقص مافي جوفها. ويروى قعرها.
حسبي أصيل في الكرام ومذودي ... تكوي مراسمه جنوب المصطلي
مذوده: لسانه. يقول: من اصطلى بناري، أي من يعرض لي وسمت جنبه بلساني، أي بهجائي.
ولقد تقلدنا العشيرة أمرها ... ونسود يوم النائبات ونعتلي
أي إن عشيرتهم تفوض أمرها إليهم وتطيعهم. والتقليد هاهنا: الطاعة.
ويسود سيدنا جحاجح سادة ... ويصيب قائلنا سواء المفصل
الجحاجح: السادة. فقال: سادة سادة تأكيداً. وقائلهم: خطيبهم. وسواء المفصل: وسط المفصل. والسواء: الوسط.
وتزور أبواب الملوك ركابنا ... ومتى نحكم في العشيرة نعدل
وفتى يحب الحمد يجعل ماله ... من دون والده وإن لم يسأل
يعطي العشيرة حقها ويزيدها ... ويحوطها في النائبات المعضل
وعن صفية بنت عبد المطلب: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما خرج إلى أحد، جعل نساءه في أطم يقال له فارع، وجعل معهن حسان بن ثابت. فكان حسان ينظر إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا شد على المشركين شد معه وهو في الحصن، فإذا رجع رجع، وأنه قال: فجاء إنسان من اليهود فرقي في الحصن حتى أطل علينا، فقلت لحسان: قم فاقتله. فقال: ما ذاك فيّ، لو كان فيّ ذاك كنت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالت صفية: فقمت إليه فضربته حتى قطعت رأسه، فلما طرحته قلت لحسان: قم إلى رأسه فاطرحه على اليهود وهم أسفل الحصن. فقال: والله ما ذاك فيّ. قالت: فأخذت رأسه فرميت به عليهم فقالوا: قد والله علمنا أن هذا لم يكن ليترك أهله خلوفاً ليس معهم أحد. قالت: فتفرقوا فذهبوا.
قال: قوله يوم أحد: وهم إنما كان ذلك يوم الخندق، كما روي من وجه آخر عن صفية.
وروى ابن الكلبي: أن حسان بن ثابت كان لسنا شجاعاً، فأصابته علة أحدثت فيه الجبن، فكان بعد ذلك لا يقدر أن ينظر إلى قتال ولا يشهده.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: سنة أربع وخمسين، فيها توفي حكيم بن حزام، وحويطب بن عبد العزى، وسعد بن يربوع المخزومي، وحسان بن ثابت الأنصاري، ويقال: إن هؤلاء الأربعة ماتوا وقد بلغ
كل واحد منهم عشرين ومئة سنة.
وقيل: توفي حسان سنة أربعين.
وقال المداتني: توفي حسان بن ثابت وهو ابن مئة وأربع سنين محجوباً.
حسان بن ثَابت بن الْمُنْذر بن حرَام بن عَمْرو بن زيد مناه بن عدي بن عَمْرو بن مَالك بن النجار أَبُو عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ الْمدنِي أخرج البُخَارِيّ عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّلَاة وَالْأَدب روى عَنهُ أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ الْوَاقِدِيّ مَاتَ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان عَاشَ فِي الْجَاهِلِيَّة سِتِّينَ سنة وَفِي الْإِسْلَام سِتِّينَ سنة
حَسَّانُ بنُ ثَابِتِ بنِ المُنْذِرِ بنِ حَرَامٍ الأَنْصَارِيُّ
ابْنِ عَمْرِو بنِ زَيْدِ مَنَاةَ بنِ عَدِيِّ بنِ عَمْرِو بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ.
سَيِّدُ الشُّعَرَاءِ المُؤْمِنِيْنَ، المُؤيَّدُ بِرُوْحِ القُدُسِ.
أَبُو الوَلِيْدِ - وَيُقَالُ: أَبُو الحُسَامِ - الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، المَدَنِيُّ، ابْنُ الفُرَيْعَةِ.
شَاعِرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالبَرَاءُ بنُ عَازِبٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدِيْثُهُ قَلِيْلٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَسِتِّيْنَ فِي الإِسْلاَمِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَنِ الوَاقِدِيِّ:
لَمْ يَشْهَدْ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَشْهَداً، كَانَ يَجْبُنُ، وَأُمُّهُ الفُرَيْعَةُ بِنْتُ خُنَيْسٍ.
قَالَ مُسْلِمٌ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَقِيْلَ: أَبُو الوَلِيْدِ.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَرُ، وَعَائِشَةُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَأَلْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَّانٍ: ابْنُ كَمْ كَانَ حَسَّانٌ وَقْتَ الهِجْرَةِ؟قَالَ: ابْنَ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَهَاجرَ رَسُوْلُ اللهِ ابْنَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ.
الزُّهْرِيُّ: عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
كَانَ حَسَّانٌ فِي حَلْقَةٍ فِيْهِم أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (أَجِبْ عَنِّي، أَيَّدَكَ اللهُ بِرُوْحِ القُدُسِ) ؟
فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
وَرَوَى: عَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ قَالَ لِحَسَّانٍ: (اهْجُهُمْ، وَهَاجِهِمْ وَجِبْرِيْلُ مَعَكَ ) .
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: مَرَّ عُمَرُ بِحَسَّانٍ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي المَسْجِدِ، فَلَحَظَهُ.
فَقَالَ حَسَّانٌ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيْهِ، وَفِيْهِ خَيْرٌ مِنْكَ.
قَالَ: صَدَقْتَ.
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ حَسَّانٌ يَضَعُ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْبَراً فِي المَسْجِدِ، يَقُوْمُ عَلَيْهِ قَائِماً، يُنَافِحُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَرَسُوْلُ اللهِ يَقُوْلُ: (إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوْحِ القُدُسِ مَا نَافَحَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
مُجَالِدٌ: عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ يَحْمِي أَعْرَاضَ المُسْلِمِيْنَ؟) .
قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: أَنَا.
وَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: أَنَا.
وَقَالَ حَسَّانٌ: أَنَا.
قَالَ: (نَعَمْ، اهْجُهُمْ أَنْتَ، وَسَيُعِيْنُكَ عَلَيْهِم رُوْحُ القُدُسِ ) .
وَعَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: سَبَبْتُ ابْنَ فُرَيْعَةَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:
يَا ابْنَ أَخِي، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا كَفَفْتَ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
عُمَرُ بنُ حَوْشَبٍ: عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، سَمِعَهُ يَقُوْلُ:
دَخَلَ حَسَّانٌ عَلَى عَائِشَةَ بَعْدَ مَا عَمِيَ، فَوَضَعَتْ لَهُ وِسَادَةً، فَدَخَلَ أَخُوْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ:
أَجْلَسْتِيْهِ عَلَى وِسَادَةٍ، وَقَدْ قَالَ مَا قَالَ؟ - يُرِيْدُ: مَقَالَتَهُ نَوْبَةَ الإِفْكِ -.
فَقَالَتْ: إِنَّهُ - تَعْنِي: أَنَّه كَانَ يُجِيْبُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَشْفِي صَدْرَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ - وَقَدْ عَمِيَ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَلاَّ يُعَذَّبَ فِي الآخِرَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ: عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ المَدِيْنَةَ، فَهَجَتْهُ قُرَيْشٌ، وَهَجَوا مَعَهُ الأَنْصَارَ.
فَقَالَ لِحَسَّانٍ: (اهْجُهُمْ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تُصِيْبَنِي مَعَهُمْ بِهَجْوِ بَنِي عَمِّي) .
قَالَ: لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُم سَلَّ الشَّعْرَةِ مِنَ العَجِيْنِ، وَلِيَ مِقْوَلٌ يَفْرِي مَا لاَ تَفْرِيْهِ الحَرْبَةُ.ثُمَّ أَخْرَجَ لِسَانَهُ، فَضَرَبَ بِهِ أَنْفَهُ، كَأَنَّهُ لِسَانُ شُجَاعٍ بِطَرَفِهِ شَامَةٌ سَوْدَاءُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ ذَقْنَهُ.
يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بن غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ:
أَنَّ حَسَّانَ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي هَذَا.
ثُمَّ أَطْلَعَ لِسَانَهُ، كَأَنَّهُ لِسَانُ حَيَّةٍ.
فَقَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ لِي فِيْهِم نَسَباً، فَائْتِ أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، فَيُخَلِّصُ لَكَ نَسَبِي) .
قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُم وَنَسَبَكَ سَلَّ الشَّعْرَةِ مِنَ العَجِيْنِ. فَهَجَاهُمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَقَدْ شَفَيْتَ، وَاشْتَفَيْتَ ) .
مُحَمَّدُ بنُ السَّائِبِ بنِ بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ:
أَنَّهَا طَافَتْ مَعَ عَائِشَةَ، وَمَعَهَا نِسْوَةٌ، فَوَقَعْنَ فِي حَسَّانٍ، فَقَالَتْ:
لاَ تَسُبُّوْهُ، قَدْ أَصَابَهُ مَا قَالَ اللهُ: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ} وَقَدْ عَمِيَ، وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللهُ الجَنَّةَ بِكَلِمَاتٍ قَالَهُنَّ لأَبِي سُفْيَانَ بنِ الحَارِثِ:
هَجَوْتَ مُحَمَّداً فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ ... فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ
عُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اهْجُ قُرَيْشاً، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِم مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ) .
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (هَجَاهُمْ حَسَّانٌ، فَشَفَى) .
قَالَ حَسَّانٌ: هَجَوْتَ مُحَمَّداً ... ، فَذَكَرَ أَبْيَاتَهُ، وَمِنْهَا:
ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيْرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءُ
يُنَازِعْنَ الأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى أَكْتَافِهَا الأَسَلُ الظِّمَاءُ
تَظَلُّ جِيَادُهَا مُتَمَطِّرَاتٍ ... يُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أَعْرَضْتُمُ عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الفَتْحُ وَانْكَشَفَ الغِطَاءُ
وإلاَّ فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ ... يُعِزُّ اللهُ فِيْهِ مَنْ يَشَاءُ
وَقَالَ اللهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْداً ... يَقُوْلُ الحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُوَقَالَ اللهُ قَدْ سَيَّرْتُ جُنْداً ... هُمُ الأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
يُلاَقُوْا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ ... سِبَاباً أَوْ قِتَالاً أَوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُوْلَ اللهِ مِنْكُم ... وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
وَجِبْرِيْلٌ رَسُوْلُ اللهِ فِيْنَا ... وُرُوْحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
أَبُو الضُّحَى: عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَدَخَلَ حَسَّانٌ - بَعْدَ مَا عَمِيَ - فَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ
فَقَالَتْ: لَكِنْ أَنْتَ لَسْتَ كَذَاكَ.
فَقُلْتُ لَهَا: تَأْذَنِيْنَ لَهُ، وَقَدْ قَالَ اللهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النُّوْرُ: 11]
فَقَالَتْ: وَأَيُّ
عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى.وَقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ، أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَسَّانٍ: (لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُ إِلاَّ مُنَافِقٌ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مِنْكَرٌ، مِنْ (مُسْنَدِ الرُّوْيَانِيِّ) ، مِنْ رِوَايَة أَبِي ثُمَامَةَ - مَجْهُوْلٌ - عَنْ عُمَرَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ - مَجْهُوْلٌ - عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ.
وَلَهُ شُوَيْهِدٌ، رَوَاهُ: الوَاقِدِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ زَمْعَةَ، سَمِعَ حَمْزَةَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُوْلُ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (حَسَّانٌ حِجَازٌ بَيْنَ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُنَافِقِيْنَ، لاَ يُحِبُّهُ مُنَافِقٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُ مُؤْمِنٌ) .
فَهَذَا اللَّفْظُ أَشْبَهُ.
وَيَبْقَى قِسْمٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ حُبُّهُ، سَكَتَ عَنْهُ.
حُدَيْجُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
قِيْلَ لابْنِ عَبَّاسٍ: قَدِمَ حَسَّانُ اللَّعِيْنُ!
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا هُوَ بِلَعِيْنٍ، قَدْ جَاهَدَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَفْسِهِ، وَلِسَانِهِ.
قُلْتُ: هَذَا دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ غَزَا.
عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: أَنْشَدَ حَسَّانٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
شَهِدْتُ - بإِذْنِ اللهِ - أَنَّ مُحَمَّداً ... رَسُوْلُ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ مِنْ عَلُوَأَنَّ أَبَا يَحْيَى وَيَحْيَى كِلاَهُمَا ... لَهُ عَمَلٌ مِنْ رَبِّهِ مُتَقَبَّلُ
وَأَنَّ أَخَا الأَحْقَافِ إِذْ قَامَ فِيْهِمُ ... يَقُوْلُ بِذَاتِ اللهِ فِيْهِمْ وَيَعْدِلُ
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَأَنَا ) .
هَذَا مُرْسَلٌ.
وَرَوَى: أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بن زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْشَدَهُ حَسَّانٌ ... ، فَذَكَرهَا، وَزَادَ:
وَأَنَّ الَّذِي عَادَى اليَهُوْدُ ابْنَ مَرْيَمٍ ... نَبِيٌّ أَتَى مِنْ عِنْدِ ذِي العَرْشِ مُرْسَلُ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِم بنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ حَزْمٍ:
إِنَّ حَسَّانَ لَمَّا قَالَ هَذِهِ الأَبْيَاتَ:
مَنَعَ النَّوْمَ بِالعِشَاءِ الهُمُوْمُ ... وَخَيَالٌ إِذَا تَغُورُ النُّجُوْمُ
مِنْ حَبِيْبٍ أَصَابَ قَلْبَكَ مِنْهُ ... سَقَمٌ فَهْوَ دَاخِلٌ مَكْتُوْمُ
يَا لَقَوْمٍ هَلْ يَقْتُلُ المَرْءَ مِثْلِي ... وَاهِنُ البَطْشِ وَالعِظَامِ سَؤُوْمُ
شَأْنُهَا العِطْرُ وَالفِرَاشُ وَيَعْلُوْ ... هَا لُجَيْنٌ وَلُؤْلُؤٌ مَنْظُوْمُ
لَوْ يَدِبُّ الحَوْلِيُّ مِنْ وَلَدِ الذَّ ... رِّ عَلَيْهَا لأَنْدَبَتْهَا الكُلُوْمُ
لَمْ تَفُقْهَا شَمْسُ النَّهَارِ بِشَيْءٍ ... غَيْرَ أَنَّ الشَّبَابَ لَيْسَ يَدُوْمُزَادَ بَعْضُهُمْ:
رُبَّ حِلْمٍ أَضَاعَهُ عَدَمُ المَا ... لِ، وَجَهْلٍ غَطَّى عَلَيْهِ النَّعَيْمُ
نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ عَلَى أَطَمَةِ فَارِعٍ: يَا بَنِي قَيْلَةَ!
فَلَمَّا اجْتَمَعُوا، قَالُوا: مَا لَكَ وَيْلَكَ؟!
قَالَ: قُلْتُ قَصِيْدَةً لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ العَرَبِ مِثْلَهَا.
ثُمَّ أَنْشَدَهَا لَهُمْ، فَقَالُوا: أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟
فَقَالَ: وَهَلْ يَصْبِرُ مَنْ بِهِ وَحَرُ الصَّدْرِ.
الأَصْمَعِيُّ، وَغَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
كَانَ الغِنَاءُ يَكُوْنُ فِي العُرَيْسَاتِ، وَلاَ يَحْضُرُهُ شَيْءٌ مِنَ السَّفَهِ كَاليَوْمِ، كَانَ فِي بَنِي نُبَيْطٍ مَدْعَاةٌ، كَانَ فِيْهَا حَسَّانُ بن ثَابِتٍ، وَابْنُهُ - وَقَدْ عَمِيَ - وَجَارِيَتَانِ تُنْشِدَانِ:
انْظُرْ خَلِيْلَيَّ بِبَابِ جِلِّقَ هَلْ ... تُؤْنِسُ دُوْنَ البَلْقَاءِ مِنْ أَحَدِ
أَجْمَالَ شَعْثَاءَ إِذْ ظَعَنَّ مِنَ الـ ... ـمَحْبِسِ بَيْنَ الكُثْبَانِ وَالسَّنَدِ
فَجَعَلَ حَسَّانُ يَبْكِي، وَهَذَا شِعْرُهُ، وَابْنُهُ يَقُوْلُ لِلجَارِيَةِ: زِيْدِيْ.
وَفِيْهِ:
يَحْمِلْنَ حُوْرَ العُيُوْنِ تَرْفُلُ فِي الرَّ ... يْطِ حِسَانَ الوُجُوْهِ كَالبَرَدِ مِنْ دُوْنِ بُصْرَى وَخَلْفَهَا جَبَلُ الثَّلْـ ... ـجِ عَلَيْهِ السَّحَابُ كَالقِدَدِ
وَالبُدْنُ إِذْ قُرِّبَتْ لِمَنْحَرِهَا ... حِلْفَةَ بَرِّ اليَمِيْنِ مُجْتَهِدِ
مَا حُلْتُ عَنْ عَهْدِ مَا عَلِمْتِ وَلاَ ... أَحْبَبْتُ حُبِّي إِيَّاكِ مِنْ أَحَدِ
أَهْوَى حَدِيْثَ النُّدْمَانِ فِي وَضَحِ الفَجْـ ... ـرِ وَصَوْتَ المُسَامِرِ الغَرِدِ
فَطَرِبَ حَسَّانُ، وَبَكَى.
قَالَ ابْنُ الكَلْبِيِّ: كَانَ حَسَّانٌ لَسِناً، شُجَاعاً، فَأَصَابَتْهُ عِلَّةٌ أَحْدَثَتْ فِيْهِ الجُبْنَ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ : رَأَيْتُ حَسَّانَ لَهُ نَاصِيَةٌ قَدْ سَدَلَهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ.
إِسْحَاقُ الفَرْوِيُّ، وَآخَرُ: عَنْ أُمِّ عُرْوَةَ بِنْتِ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، عَنْ أَبِيْهَا، عَنْ جَدِّهَا، قَالَ:
لَمَّا خَلَّفَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ يَوْمَ أُحُدٍ، خَلَّفَهُنَّ فِي فَارِعٍ، وَفِيْهِنَّ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَخَلَّفَ فِيْهِنَّ
حَسَّانَ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ لِيَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ.فَقَالَتْ صَفِيَّةُ لِحَسَّانَ: عَلَيْكَ الرَّجُلَ.
فَجَبُنَ، وَأَبَى عَلَيْهَا، فَتَنَاوَلَتِ السَّيْفَ، فَضَرَبَتْ بِهِ المُشْرِكَ حَتَّى قَتَلَتْهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَضُرِبَ لَهَا بِسَهْمٍ.
وَزَادَ الفَرْوِيُّ فِيْهِ، أَنَّهُ قَالَ: لَو كَانَ ذَاكَ فِيَّ لَكُنْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ.
قَالَتْ: فَقَطَعْتُ رَأْسَهُ، وَقُلْتُ لِحَسَّانَ: قُمْ، فَاطْرَحْهُ عَلَى اليَهُوْدِ وَهُمْ تَحْتَ الحِصْنِ.
قَالَ: وَاللهِ مَا ذَاكَ فِيَّ.
فَأَخَذْتُ رَأْسَهُ، فَرَمَيْتُ بِهِ عَلَيْهِم، فَقَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا -وَاللهِ- إِنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ لِيَتْرُكَ أَهْلَهُ خُلُوْفاً لَيْسَ مَعَهُمْ أَحَدٌ، فَتَفَرَّقُوْا.
فَقَوْلُهُ: (يَوْمَ أُحُدٍ) وَهْمٌ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيْهِ، وَفِيْهِ:
فَقَالَتْ لِحَسَّانٍ: قُمْ، فَاسْلُبْهُ، فَإِنِّي امْرَأَةٌ وَهُوَ رَجُلٌ.
فَقَالَ: مَا لِي بِسَلَبِهِ يَا بِنْتَ عَبْدِ المُطَّلِبِ مِنْ حَاجَةٍ.
وَرَوَى: يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ صَفِيَّةَ، مِثْلَهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ حَسَّانُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَأَمَّا الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَالمَدَائِنِيُّ، فَقَالاَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.قُلْتُ: لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى جَبَلَةَ بنِ الأَيْهَمِ، وَعَلَى مُعَاوِيَةَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ.
ابْنِ عَمْرِو بنِ زَيْدِ مَنَاةَ بنِ عَدِيِّ بنِ عَمْرِو بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ.
سَيِّدُ الشُّعَرَاءِ المُؤْمِنِيْنَ، المُؤيَّدُ بِرُوْحِ القُدُسِ.
أَبُو الوَلِيْدِ - وَيُقَالُ: أَبُو الحُسَامِ - الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، المَدَنِيُّ، ابْنُ الفُرَيْعَةِ.
شَاعِرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالبَرَاءُ بنُ عَازِبٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدِيْثُهُ قَلِيْلٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَسِتِّيْنَ فِي الإِسْلاَمِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَنِ الوَاقِدِيِّ:
لَمْ يَشْهَدْ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَشْهَداً، كَانَ يَجْبُنُ، وَأُمُّهُ الفُرَيْعَةُ بِنْتُ خُنَيْسٍ.
قَالَ مُسْلِمٌ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَقِيْلَ: أَبُو الوَلِيْدِ.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَرُ، وَعَائِشَةُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَأَلْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَّانٍ: ابْنُ كَمْ كَانَ حَسَّانٌ وَقْتَ الهِجْرَةِ؟قَالَ: ابْنَ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَهَاجرَ رَسُوْلُ اللهِ ابْنَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ.
الزُّهْرِيُّ: عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
كَانَ حَسَّانٌ فِي حَلْقَةٍ فِيْهِم أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (أَجِبْ عَنِّي، أَيَّدَكَ اللهُ بِرُوْحِ القُدُسِ) ؟
فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
وَرَوَى: عَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ قَالَ لِحَسَّانٍ: (اهْجُهُمْ، وَهَاجِهِمْ وَجِبْرِيْلُ مَعَكَ ) .
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: مَرَّ عُمَرُ بِحَسَّانٍ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي المَسْجِدِ، فَلَحَظَهُ.
فَقَالَ حَسَّانٌ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيْهِ، وَفِيْهِ خَيْرٌ مِنْكَ.
قَالَ: صَدَقْتَ.
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ حَسَّانٌ يَضَعُ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْبَراً فِي المَسْجِدِ، يَقُوْمُ عَلَيْهِ قَائِماً، يُنَافِحُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَرَسُوْلُ اللهِ يَقُوْلُ: (إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوْحِ القُدُسِ مَا نَافَحَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
مُجَالِدٌ: عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ يَحْمِي أَعْرَاضَ المُسْلِمِيْنَ؟) .
قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: أَنَا.
وَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: أَنَا.
وَقَالَ حَسَّانٌ: أَنَا.
قَالَ: (نَعَمْ، اهْجُهُمْ أَنْتَ، وَسَيُعِيْنُكَ عَلَيْهِم رُوْحُ القُدُسِ ) .
وَعَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: سَبَبْتُ ابْنَ فُرَيْعَةَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:
يَا ابْنَ أَخِي، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا كَفَفْتَ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
عُمَرُ بنُ حَوْشَبٍ: عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، سَمِعَهُ يَقُوْلُ:
دَخَلَ حَسَّانٌ عَلَى عَائِشَةَ بَعْدَ مَا عَمِيَ، فَوَضَعَتْ لَهُ وِسَادَةً، فَدَخَلَ أَخُوْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ:
أَجْلَسْتِيْهِ عَلَى وِسَادَةٍ، وَقَدْ قَالَ مَا قَالَ؟ - يُرِيْدُ: مَقَالَتَهُ نَوْبَةَ الإِفْكِ -.
فَقَالَتْ: إِنَّهُ - تَعْنِي: أَنَّه كَانَ يُجِيْبُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَشْفِي صَدْرَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ - وَقَدْ عَمِيَ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَلاَّ يُعَذَّبَ فِي الآخِرَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ: عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ المَدِيْنَةَ، فَهَجَتْهُ قُرَيْشٌ، وَهَجَوا مَعَهُ الأَنْصَارَ.
فَقَالَ لِحَسَّانٍ: (اهْجُهُمْ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تُصِيْبَنِي مَعَهُمْ بِهَجْوِ بَنِي عَمِّي) .
قَالَ: لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُم سَلَّ الشَّعْرَةِ مِنَ العَجِيْنِ، وَلِيَ مِقْوَلٌ يَفْرِي مَا لاَ تَفْرِيْهِ الحَرْبَةُ.ثُمَّ أَخْرَجَ لِسَانَهُ، فَضَرَبَ بِهِ أَنْفَهُ، كَأَنَّهُ لِسَانُ شُجَاعٍ بِطَرَفِهِ شَامَةٌ سَوْدَاءُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ ذَقْنَهُ.
يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بن غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ:
أَنَّ حَسَّانَ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي هَذَا.
ثُمَّ أَطْلَعَ لِسَانَهُ، كَأَنَّهُ لِسَانُ حَيَّةٍ.
فَقَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ لِي فِيْهِم نَسَباً، فَائْتِ أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، فَيُخَلِّصُ لَكَ نَسَبِي) .
قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُم وَنَسَبَكَ سَلَّ الشَّعْرَةِ مِنَ العَجِيْنِ. فَهَجَاهُمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَقَدْ شَفَيْتَ، وَاشْتَفَيْتَ ) .
مُحَمَّدُ بنُ السَّائِبِ بنِ بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ:
أَنَّهَا طَافَتْ مَعَ عَائِشَةَ، وَمَعَهَا نِسْوَةٌ، فَوَقَعْنَ فِي حَسَّانٍ، فَقَالَتْ:
لاَ تَسُبُّوْهُ، قَدْ أَصَابَهُ مَا قَالَ اللهُ: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ} وَقَدْ عَمِيَ، وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللهُ الجَنَّةَ بِكَلِمَاتٍ قَالَهُنَّ لأَبِي سُفْيَانَ بنِ الحَارِثِ:
هَجَوْتَ مُحَمَّداً فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ ... فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ
عُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اهْجُ قُرَيْشاً، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِم مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ) .
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (هَجَاهُمْ حَسَّانٌ، فَشَفَى) .
قَالَ حَسَّانٌ: هَجَوْتَ مُحَمَّداً ... ، فَذَكَرَ أَبْيَاتَهُ، وَمِنْهَا:
ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيْرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءُ
يُنَازِعْنَ الأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى أَكْتَافِهَا الأَسَلُ الظِّمَاءُ
تَظَلُّ جِيَادُهَا مُتَمَطِّرَاتٍ ... يُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أَعْرَضْتُمُ عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الفَتْحُ وَانْكَشَفَ الغِطَاءُ
وإلاَّ فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ ... يُعِزُّ اللهُ فِيْهِ مَنْ يَشَاءُ
وَقَالَ اللهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْداً ... يَقُوْلُ الحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُوَقَالَ اللهُ قَدْ سَيَّرْتُ جُنْداً ... هُمُ الأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
يُلاَقُوْا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ ... سِبَاباً أَوْ قِتَالاً أَوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُوْلَ اللهِ مِنْكُم ... وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
وَجِبْرِيْلٌ رَسُوْلُ اللهِ فِيْنَا ... وُرُوْحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
أَبُو الضُّحَى: عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَدَخَلَ حَسَّانٌ - بَعْدَ مَا عَمِيَ - فَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ
فَقَالَتْ: لَكِنْ أَنْتَ لَسْتَ كَذَاكَ.
فَقُلْتُ لَهَا: تَأْذَنِيْنَ لَهُ، وَقَدْ قَالَ اللهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النُّوْرُ: 11]
فَقَالَتْ: وَأَيُّ
عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى.وَقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ، أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَسَّانٍ: (لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُ إِلاَّ مُنَافِقٌ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مِنْكَرٌ، مِنْ (مُسْنَدِ الرُّوْيَانِيِّ) ، مِنْ رِوَايَة أَبِي ثُمَامَةَ - مَجْهُوْلٌ - عَنْ عُمَرَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ - مَجْهُوْلٌ - عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ.
وَلَهُ شُوَيْهِدٌ، رَوَاهُ: الوَاقِدِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ زَمْعَةَ، سَمِعَ حَمْزَةَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُوْلُ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (حَسَّانٌ حِجَازٌ بَيْنَ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُنَافِقِيْنَ، لاَ يُحِبُّهُ مُنَافِقٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُ مُؤْمِنٌ) .
فَهَذَا اللَّفْظُ أَشْبَهُ.
وَيَبْقَى قِسْمٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ حُبُّهُ، سَكَتَ عَنْهُ.
حُدَيْجُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
قِيْلَ لابْنِ عَبَّاسٍ: قَدِمَ حَسَّانُ اللَّعِيْنُ!
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا هُوَ بِلَعِيْنٍ، قَدْ جَاهَدَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَفْسِهِ، وَلِسَانِهِ.
قُلْتُ: هَذَا دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ غَزَا.
عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: أَنْشَدَ حَسَّانٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
شَهِدْتُ - بإِذْنِ اللهِ - أَنَّ مُحَمَّداً ... رَسُوْلُ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ مِنْ عَلُوَأَنَّ أَبَا يَحْيَى وَيَحْيَى كِلاَهُمَا ... لَهُ عَمَلٌ مِنْ رَبِّهِ مُتَقَبَّلُ
وَأَنَّ أَخَا الأَحْقَافِ إِذْ قَامَ فِيْهِمُ ... يَقُوْلُ بِذَاتِ اللهِ فِيْهِمْ وَيَعْدِلُ
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَأَنَا ) .
هَذَا مُرْسَلٌ.
وَرَوَى: أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بن زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْشَدَهُ حَسَّانٌ ... ، فَذَكَرهَا، وَزَادَ:
وَأَنَّ الَّذِي عَادَى اليَهُوْدُ ابْنَ مَرْيَمٍ ... نَبِيٌّ أَتَى مِنْ عِنْدِ ذِي العَرْشِ مُرْسَلُ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِم بنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ حَزْمٍ:
إِنَّ حَسَّانَ لَمَّا قَالَ هَذِهِ الأَبْيَاتَ:
مَنَعَ النَّوْمَ بِالعِشَاءِ الهُمُوْمُ ... وَخَيَالٌ إِذَا تَغُورُ النُّجُوْمُ
مِنْ حَبِيْبٍ أَصَابَ قَلْبَكَ مِنْهُ ... سَقَمٌ فَهْوَ دَاخِلٌ مَكْتُوْمُ
يَا لَقَوْمٍ هَلْ يَقْتُلُ المَرْءَ مِثْلِي ... وَاهِنُ البَطْشِ وَالعِظَامِ سَؤُوْمُ
شَأْنُهَا العِطْرُ وَالفِرَاشُ وَيَعْلُوْ ... هَا لُجَيْنٌ وَلُؤْلُؤٌ مَنْظُوْمُ
لَوْ يَدِبُّ الحَوْلِيُّ مِنْ وَلَدِ الذَّ ... رِّ عَلَيْهَا لأَنْدَبَتْهَا الكُلُوْمُ
لَمْ تَفُقْهَا شَمْسُ النَّهَارِ بِشَيْءٍ ... غَيْرَ أَنَّ الشَّبَابَ لَيْسَ يَدُوْمُزَادَ بَعْضُهُمْ:
رُبَّ حِلْمٍ أَضَاعَهُ عَدَمُ المَا ... لِ، وَجَهْلٍ غَطَّى عَلَيْهِ النَّعَيْمُ
نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ عَلَى أَطَمَةِ فَارِعٍ: يَا بَنِي قَيْلَةَ!
فَلَمَّا اجْتَمَعُوا، قَالُوا: مَا لَكَ وَيْلَكَ؟!
قَالَ: قُلْتُ قَصِيْدَةً لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ العَرَبِ مِثْلَهَا.
ثُمَّ أَنْشَدَهَا لَهُمْ، فَقَالُوا: أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟
فَقَالَ: وَهَلْ يَصْبِرُ مَنْ بِهِ وَحَرُ الصَّدْرِ.
الأَصْمَعِيُّ، وَغَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
كَانَ الغِنَاءُ يَكُوْنُ فِي العُرَيْسَاتِ، وَلاَ يَحْضُرُهُ شَيْءٌ مِنَ السَّفَهِ كَاليَوْمِ، كَانَ فِي بَنِي نُبَيْطٍ مَدْعَاةٌ، كَانَ فِيْهَا حَسَّانُ بن ثَابِتٍ، وَابْنُهُ - وَقَدْ عَمِيَ - وَجَارِيَتَانِ تُنْشِدَانِ:
انْظُرْ خَلِيْلَيَّ بِبَابِ جِلِّقَ هَلْ ... تُؤْنِسُ دُوْنَ البَلْقَاءِ مِنْ أَحَدِ
أَجْمَالَ شَعْثَاءَ إِذْ ظَعَنَّ مِنَ الـ ... ـمَحْبِسِ بَيْنَ الكُثْبَانِ وَالسَّنَدِ
فَجَعَلَ حَسَّانُ يَبْكِي، وَهَذَا شِعْرُهُ، وَابْنُهُ يَقُوْلُ لِلجَارِيَةِ: زِيْدِيْ.
وَفِيْهِ:
يَحْمِلْنَ حُوْرَ العُيُوْنِ تَرْفُلُ فِي الرَّ ... يْطِ حِسَانَ الوُجُوْهِ كَالبَرَدِ مِنْ دُوْنِ بُصْرَى وَخَلْفَهَا جَبَلُ الثَّلْـ ... ـجِ عَلَيْهِ السَّحَابُ كَالقِدَدِ
وَالبُدْنُ إِذْ قُرِّبَتْ لِمَنْحَرِهَا ... حِلْفَةَ بَرِّ اليَمِيْنِ مُجْتَهِدِ
مَا حُلْتُ عَنْ عَهْدِ مَا عَلِمْتِ وَلاَ ... أَحْبَبْتُ حُبِّي إِيَّاكِ مِنْ أَحَدِ
أَهْوَى حَدِيْثَ النُّدْمَانِ فِي وَضَحِ الفَجْـ ... ـرِ وَصَوْتَ المُسَامِرِ الغَرِدِ
فَطَرِبَ حَسَّانُ، وَبَكَى.
قَالَ ابْنُ الكَلْبِيِّ: كَانَ حَسَّانٌ لَسِناً، شُجَاعاً، فَأَصَابَتْهُ عِلَّةٌ أَحْدَثَتْ فِيْهِ الجُبْنَ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ : رَأَيْتُ حَسَّانَ لَهُ نَاصِيَةٌ قَدْ سَدَلَهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ.
إِسْحَاقُ الفَرْوِيُّ، وَآخَرُ: عَنْ أُمِّ عُرْوَةَ بِنْتِ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، عَنْ أَبِيْهَا، عَنْ جَدِّهَا، قَالَ:
لَمَّا خَلَّفَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ يَوْمَ أُحُدٍ، خَلَّفَهُنَّ فِي فَارِعٍ، وَفِيْهِنَّ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَخَلَّفَ فِيْهِنَّ
حَسَّانَ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ لِيَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ.فَقَالَتْ صَفِيَّةُ لِحَسَّانَ: عَلَيْكَ الرَّجُلَ.
فَجَبُنَ، وَأَبَى عَلَيْهَا، فَتَنَاوَلَتِ السَّيْفَ، فَضَرَبَتْ بِهِ المُشْرِكَ حَتَّى قَتَلَتْهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَضُرِبَ لَهَا بِسَهْمٍ.
وَزَادَ الفَرْوِيُّ فِيْهِ، أَنَّهُ قَالَ: لَو كَانَ ذَاكَ فِيَّ لَكُنْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ.
قَالَتْ: فَقَطَعْتُ رَأْسَهُ، وَقُلْتُ لِحَسَّانَ: قُمْ، فَاطْرَحْهُ عَلَى اليَهُوْدِ وَهُمْ تَحْتَ الحِصْنِ.
قَالَ: وَاللهِ مَا ذَاكَ فِيَّ.
فَأَخَذْتُ رَأْسَهُ، فَرَمَيْتُ بِهِ عَلَيْهِم، فَقَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا -وَاللهِ- إِنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ لِيَتْرُكَ أَهْلَهُ خُلُوْفاً لَيْسَ مَعَهُمْ أَحَدٌ، فَتَفَرَّقُوْا.
فَقَوْلُهُ: (يَوْمَ أُحُدٍ) وَهْمٌ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيْهِ، وَفِيْهِ:
فَقَالَتْ لِحَسَّانٍ: قُمْ، فَاسْلُبْهُ، فَإِنِّي امْرَأَةٌ وَهُوَ رَجُلٌ.
فَقَالَ: مَا لِي بِسَلَبِهِ يَا بِنْتَ عَبْدِ المُطَّلِبِ مِنْ حَاجَةٍ.
وَرَوَى: يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ صَفِيَّةَ، مِثْلَهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ حَسَّانُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَأَمَّا الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَالمَدَائِنِيُّ، فَقَالاَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.قُلْتُ: لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى جَبَلَةَ بنِ الأَيْهَمِ، وَعَلَى مُعَاوِيَةَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ.
حسان بن ثابت من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أعمى.
حسان بن ثابت
قال عبد اللَّه: قال أبي: حسان بن ثابت من بني النجار. وعبد اللَّه بن رواحة من بني النجار، وكان حسان يكنى بأبي الحسام، وكانت كنيته أبو الوليد، فكأنه كرهها.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1098)
قال عبد اللَّه: قال أبي: حسان بن ثابت من بني النجار. وعبد اللَّه بن رواحة من بني النجار، وكان حسان يكنى بأبي الحسام، وكانت كنيته أبو الوليد، فكأنه كرهها.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1098)
حسان بن ثابت
ب د ع: حسان بْن ثابت بْن المنذر بْن حرام بْن عمرو بْن زيد مناة بْن عدي بْن عمرو بْن مالك بْن النجار، واسمه تيم اللَّه بْن ثعلبة بْن عمرو بْن الخزرج الأنصاري الخزرجي، ثم من بني مالك بْن النجار، يكنى أبا الْوَلِيد، وقيل: أَبُو عبد الرحمن، وقيل: أَبُو حسام، لمناضلته عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولتقطيعه أعراض المشركين، وأمه الفريعة بنت خَالِد بْن خنس بْن لوذان بْن عبد ود بْن زيد بْن ثعلبة بْن الخزرج بْن كعب بْن ساعدة الأنصارية، يقال له: شاعر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووصفت عائشة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: كان والله كما قال فيه حسان:
متى يبد في الداجي البهيم جبينه يلح مثل مصباح الدجى المتوقد
فمن كان أو من ذا يكون كأحمد نظام لحق أو نكال لملحد
وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصب له منبرًا في المسجد، يقوم عليه قائمًا، يفاخر عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورسول اللَّه يقول: " إن اللَّه يؤيد حسان بروح القدس، ما نافح عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وروي أن الذين كانوا يهجون رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مشركي قريش: أَبُو سفيان بْن الحارث بْن عبد المطلب، وعبد اللَّه بْن الزبعري، وعمرو بْن العاص، وضرار بْن الخطاب.
وقال قائل لعلي بْن أَبِي طالب رضي اللَّه عنه: اهج القوم الذين يهجوننا، فقال: إن أذن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلت، فقال رَسُول اللَّهِ: " إن عليًا ليس عنده ما يراد من ذلك "، ثم قال: " ما يمنع القوم الذين نصروا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأسيافهم، أن ينصروه بألسنتهم؟ ".
فقال حسان: أنا لها، وأخذ بطرف لسانه، وقال: والله ما يسرني به مقول بين بصرى وصنعاء، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كيف تهجوهم وأنا منهم؟ وكيف تهجو أبا سفيان وهو ابن عمي؟ " فقال: يا رَسُول اللَّهِ، لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين، فقال: " ائت أبا بكر، فإنه أعلم بأنساب القوم منك ".
فكان يمضي إِلَى أَبِي بكر رضي اللَّه عنه، ليقفه عَلَى أنسابهم، فكان يقول له: كف عن فلانة وفلانة، واذكر فلانة وفلانة.
فجعل يهجوهم، فلما سمعت قريش شعر حسان، قَالُوا: هذا شعر ما غاب عنه ابن أَبِي قحافة.
فمن قول حسان في أَبِي سفيان بْن الحارث:
وأن سنام المجد من آل هاشم بنو بنت مخزوم ووالدك العبد
ومن ولدت أبناء زهرة منهم كرام ولم يقرب عجائزك المجد
ولست كعباس ولا كابن أمه ولكن لئيم لا يقام له زند
وأنا امرأ كانت سمية أمه وسمراء مغموز إذا بلغ الجهد
فلما بلغ هذا الشعر أبا سفيان، قال: هذا شعر لم يغب عنه ابن أَبِي قحافة.
يعني بقوله: بنت مخزوم: فاطمة بنت عمرو بْن عايذ بْن عمران بْن مخزوم، وهي أم أَبِي طالب، وعبد اللَّه، والزبير بني عبد المطلب، وقوله: ومن ولدت أبناء زهرة منهم يعني حمزة، وصفية، أمهما: هالة بنت وهيب بْن عبد مناف بْن زهرة، وقوله: عباس، وابن أمه، وهو ضرار بْن عبد المطلب، أمهما: نتيلة، امرأة من النمر بْن قاسط، وسمية أم أَبِي سفيان، وسمراء أم أبيه الحارث.
وقال ابن سيرين: انتدب لهجو رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المشركين من ذكرنا وغيرهم، فانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار: حسان، وكعب بْن مالك، وعبد اللَّه بْن رواحة، فكان حسان، وكعب يعارضانهم، مثل قولهم في الوقائع، والأيام، والمآثر، ويذكرون مثالبهم، وكان عَبْد اللَّهِ بْن رواحة يعيرهم بالكفر، وبعبادة ما لا يسمع، ولا ينفع، فكان قوله أهون القول عليهم، وكان قول حسان، وكعب أشد القول عليهم، فلما أسلموا وفقهوا كان قول عَبْد اللَّهِ أشد القول عليهم.
ونهى عمر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه، عن إنشاد شيء من مناقضة الأنصار، ومشركي قريش، وقال: في ذلك شتم الحي والميت، وتجديد الضغائن.
وقد هدم اللَّه أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام.
وقال ابن دريد، عن أَبِي حاتم، عن أَبِي عبيدة، قال: فضل حسان الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النبوة، وشاعر اليمن كلها في الإسلام.
وقال أَبُو عبيدة: أجمعت العرب عَلَى أن أشعر أهل المدر أهل يثرب، ثم عبد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدر حسان.
وقال الأصمعي: الشعر نكد يقوى في الشر ويسهل، فإذا دخل في الخير يضعف.
لأن هذا حسان كان من فحول الشعراء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره.
وقيل لحسان: لأن شعرك وهرم يا أبا الحسام، فقال للسائل: يا ابن أخي، إن الإسلام يحجز عن الكذب، يعني أن الإجادة في الشعر هو الإفراط في الذي يقوله، وهو كذب يمنع الإسلام منه، فلا يجيء الشعر جيدًا.
(294) أخبرنا أَبُو الْفَضْلِ الْمَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حدثنا حَوْثَرَةُ، أخبرنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عن هِشَامٍ، عن أَبِيهِ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ الَّذِينَ قَالُوا لِعَائِشَةَ مَا قَالُوا ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ: حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحَ بْنَ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ "
وكان حسان ممن خاض في الإفك، فجلد فيه في قول بعضهم، وأنكر قوم ذلك، وقالوا: إن عائشة كانت في الطواف، ومعها أم حكيم بنت خَالِد بْن العاص، وأم حكيم بنت عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي ربيعة، فذكرتا حسان بْن ثابت وسبتاه، فقالت عائشة: إني لأرجو أن يدخله اللَّه الجنة بذبه عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلسانه، أليس القائل:
فإن أَبِي ووالده وعرضي لعرض مُحَمَّد منكم وقاء
وبرأته من أن يكون افترى عليها، فقالتا: ألم يقل فيك؟ فقالت: لم يقل شيئًا، ولكنه الذي يقول:
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثي من لحوم الغوافل
فإن كان ما قد قيل عني قلته فلا رفعت سوطي إِلَى أناملي
وكان حسان من أجبن الناس، حتى إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعله مع النساء في الآطام يَوْم الخندق.
(295) أخبرنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن أَبِيهِ، قَالَ: " كَانَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي فَارِعِ حِصْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَتْ: وَكَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ مَعَنَا فِيهِ، مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، حَيْثُ خَنْدَقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ صَفِيَّةُ: فَمَرَّ بِنَا رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ، فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْحِصْنِ، قَالَتْ لَهُ صَفِيَّةُ: إِنَّ هَذَا الْيَهُودِيَّ يُطِيفُ بِالْحِصْنِ كَمَا تَرَى، وَلا آمَنُهُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى عَوْرَتِنَا مِنْ وَرَاءِنَا مِنْ يَهُودَ، وَقَدْ شُغِلَ عَنَّا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، فَانْزِلْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ، قَالَ: يَغْفِرِ اللَّهُ لَكِ يَا بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَقَدْ عَرَفْتِ مَا أَنَا بِصَاحِبِ هَذَا.
قَالَتْ صَفِيَّةُ: فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ أَخَذْتُ عَمُودًا، وَنَزَلْتُ مِنَ الْحِصْنِ إِلَيْهِ، فَضَرَبْتُهُ بِالْعَمُودِ حَتَّى قَتَلْتُهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى الْحِصْنِ، فَقَالَتْ: يَا حَسَّانُ، انْزِلْ فَاسْلُبْهُ، فَقَالَ: مَا لِي بِسَلَبِهِ مِنْ حَاجَةٍ يَا بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ "
ولم يشهد مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئًا من مشاهده لجبنه، ووهب له النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاريته سيرين أخت مارية، فأولدها عبد الرحمن بْن حسان، فهو وَإِبْرَاهِيم بن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنا خالة.
(296) أخبرنا أَبُو يَاسِرٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بِإِسْنَادِهِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، أخبرنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، أخبرنا سُفَيْانُ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ.
ح قَالَ أَبِي: وَحدثنا قَبِيصَةُ، عن سُفْيَانَ، عن ابْنِ خُثَيْمٍ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، عن أَبِيهِ، قَالَ: " لَعن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ " وتوفي حسان قبل الأربعين في خلافة علي، وقيل: بل مات سنة خمسين، وقيل: سنة أربع وخمسين، وهو ابن مائة وعشرين سنة، لم يختلفوا في عمره وأنه عاش ستين سنة في الجاهلية، وستين سنة في الإسلام، وكذلك عاش أبوه ثابت، وجده المنذر، وَأَبُو جده حرام، عاش كل واحد منهم مائة وعشرين سنة، ولا يعرف في العرب أربعة تناسلوا من صلب واحد، وعاش كل منهم مائة وعشرين سنة غيرهم.
قال سَعِيد بْن عبد الرحمن: ذكر عند أَبِي عبد الرحمن عمر أبيه، وأجداده، فاستلقى عَلَى فراشه وضحك، فمات وهو ابن ثمان وأربعين سنة.
أخرجه الثلاثة.
ب د ع: حسان بْن ثابت بْن المنذر بْن حرام بْن عمرو بْن زيد مناة بْن عدي بْن عمرو بْن مالك بْن النجار، واسمه تيم اللَّه بْن ثعلبة بْن عمرو بْن الخزرج الأنصاري الخزرجي، ثم من بني مالك بْن النجار، يكنى أبا الْوَلِيد، وقيل: أَبُو عبد الرحمن، وقيل: أَبُو حسام، لمناضلته عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولتقطيعه أعراض المشركين، وأمه الفريعة بنت خَالِد بْن خنس بْن لوذان بْن عبد ود بْن زيد بْن ثعلبة بْن الخزرج بْن كعب بْن ساعدة الأنصارية، يقال له: شاعر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووصفت عائشة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: كان والله كما قال فيه حسان:
متى يبد في الداجي البهيم جبينه يلح مثل مصباح الدجى المتوقد
فمن كان أو من ذا يكون كأحمد نظام لحق أو نكال لملحد
وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصب له منبرًا في المسجد، يقوم عليه قائمًا، يفاخر عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورسول اللَّه يقول: " إن اللَّه يؤيد حسان بروح القدس، ما نافح عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وروي أن الذين كانوا يهجون رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مشركي قريش: أَبُو سفيان بْن الحارث بْن عبد المطلب، وعبد اللَّه بْن الزبعري، وعمرو بْن العاص، وضرار بْن الخطاب.
وقال قائل لعلي بْن أَبِي طالب رضي اللَّه عنه: اهج القوم الذين يهجوننا، فقال: إن أذن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلت، فقال رَسُول اللَّهِ: " إن عليًا ليس عنده ما يراد من ذلك "، ثم قال: " ما يمنع القوم الذين نصروا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأسيافهم، أن ينصروه بألسنتهم؟ ".
فقال حسان: أنا لها، وأخذ بطرف لسانه، وقال: والله ما يسرني به مقول بين بصرى وصنعاء، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كيف تهجوهم وأنا منهم؟ وكيف تهجو أبا سفيان وهو ابن عمي؟ " فقال: يا رَسُول اللَّهِ، لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين، فقال: " ائت أبا بكر، فإنه أعلم بأنساب القوم منك ".
فكان يمضي إِلَى أَبِي بكر رضي اللَّه عنه، ليقفه عَلَى أنسابهم، فكان يقول له: كف عن فلانة وفلانة، واذكر فلانة وفلانة.
فجعل يهجوهم، فلما سمعت قريش شعر حسان، قَالُوا: هذا شعر ما غاب عنه ابن أَبِي قحافة.
فمن قول حسان في أَبِي سفيان بْن الحارث:
وأن سنام المجد من آل هاشم بنو بنت مخزوم ووالدك العبد
ومن ولدت أبناء زهرة منهم كرام ولم يقرب عجائزك المجد
ولست كعباس ولا كابن أمه ولكن لئيم لا يقام له زند
وأنا امرأ كانت سمية أمه وسمراء مغموز إذا بلغ الجهد
فلما بلغ هذا الشعر أبا سفيان، قال: هذا شعر لم يغب عنه ابن أَبِي قحافة.
يعني بقوله: بنت مخزوم: فاطمة بنت عمرو بْن عايذ بْن عمران بْن مخزوم، وهي أم أَبِي طالب، وعبد اللَّه، والزبير بني عبد المطلب، وقوله: ومن ولدت أبناء زهرة منهم يعني حمزة، وصفية، أمهما: هالة بنت وهيب بْن عبد مناف بْن زهرة، وقوله: عباس، وابن أمه، وهو ضرار بْن عبد المطلب، أمهما: نتيلة، امرأة من النمر بْن قاسط، وسمية أم أَبِي سفيان، وسمراء أم أبيه الحارث.
وقال ابن سيرين: انتدب لهجو رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المشركين من ذكرنا وغيرهم، فانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار: حسان، وكعب بْن مالك، وعبد اللَّه بْن رواحة، فكان حسان، وكعب يعارضانهم، مثل قولهم في الوقائع، والأيام، والمآثر، ويذكرون مثالبهم، وكان عَبْد اللَّهِ بْن رواحة يعيرهم بالكفر، وبعبادة ما لا يسمع، ولا ينفع، فكان قوله أهون القول عليهم، وكان قول حسان، وكعب أشد القول عليهم، فلما أسلموا وفقهوا كان قول عَبْد اللَّهِ أشد القول عليهم.
ونهى عمر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه، عن إنشاد شيء من مناقضة الأنصار، ومشركي قريش، وقال: في ذلك شتم الحي والميت، وتجديد الضغائن.
وقد هدم اللَّه أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام.
وقال ابن دريد، عن أَبِي حاتم، عن أَبِي عبيدة، قال: فضل حسان الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النبوة، وشاعر اليمن كلها في الإسلام.
وقال أَبُو عبيدة: أجمعت العرب عَلَى أن أشعر أهل المدر أهل يثرب، ثم عبد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدر حسان.
وقال الأصمعي: الشعر نكد يقوى في الشر ويسهل، فإذا دخل في الخير يضعف.
لأن هذا حسان كان من فحول الشعراء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره.
وقيل لحسان: لأن شعرك وهرم يا أبا الحسام، فقال للسائل: يا ابن أخي، إن الإسلام يحجز عن الكذب، يعني أن الإجادة في الشعر هو الإفراط في الذي يقوله، وهو كذب يمنع الإسلام منه، فلا يجيء الشعر جيدًا.
(294) أخبرنا أَبُو الْفَضْلِ الْمَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حدثنا حَوْثَرَةُ، أخبرنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عن هِشَامٍ، عن أَبِيهِ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ الَّذِينَ قَالُوا لِعَائِشَةَ مَا قَالُوا ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ: حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحَ بْنَ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ "
وكان حسان ممن خاض في الإفك، فجلد فيه في قول بعضهم، وأنكر قوم ذلك، وقالوا: إن عائشة كانت في الطواف، ومعها أم حكيم بنت خَالِد بْن العاص، وأم حكيم بنت عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي ربيعة، فذكرتا حسان بْن ثابت وسبتاه، فقالت عائشة: إني لأرجو أن يدخله اللَّه الجنة بذبه عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلسانه، أليس القائل:
فإن أَبِي ووالده وعرضي لعرض مُحَمَّد منكم وقاء
وبرأته من أن يكون افترى عليها، فقالتا: ألم يقل فيك؟ فقالت: لم يقل شيئًا، ولكنه الذي يقول:
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثي من لحوم الغوافل
فإن كان ما قد قيل عني قلته فلا رفعت سوطي إِلَى أناملي
وكان حسان من أجبن الناس، حتى إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعله مع النساء في الآطام يَوْم الخندق.
(295) أخبرنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن أَبِيهِ، قَالَ: " كَانَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي فَارِعِ حِصْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَتْ: وَكَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ مَعَنَا فِيهِ، مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، حَيْثُ خَنْدَقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ صَفِيَّةُ: فَمَرَّ بِنَا رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ، فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْحِصْنِ، قَالَتْ لَهُ صَفِيَّةُ: إِنَّ هَذَا الْيَهُودِيَّ يُطِيفُ بِالْحِصْنِ كَمَا تَرَى، وَلا آمَنُهُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى عَوْرَتِنَا مِنْ وَرَاءِنَا مِنْ يَهُودَ، وَقَدْ شُغِلَ عَنَّا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، فَانْزِلْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ، قَالَ: يَغْفِرِ اللَّهُ لَكِ يَا بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَقَدْ عَرَفْتِ مَا أَنَا بِصَاحِبِ هَذَا.
قَالَتْ صَفِيَّةُ: فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ أَخَذْتُ عَمُودًا، وَنَزَلْتُ مِنَ الْحِصْنِ إِلَيْهِ، فَضَرَبْتُهُ بِالْعَمُودِ حَتَّى قَتَلْتُهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى الْحِصْنِ، فَقَالَتْ: يَا حَسَّانُ، انْزِلْ فَاسْلُبْهُ، فَقَالَ: مَا لِي بِسَلَبِهِ مِنْ حَاجَةٍ يَا بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ "
ولم يشهد مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئًا من مشاهده لجبنه، ووهب له النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاريته سيرين أخت مارية، فأولدها عبد الرحمن بْن حسان، فهو وَإِبْرَاهِيم بن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنا خالة.
(296) أخبرنا أَبُو يَاسِرٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بِإِسْنَادِهِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، أخبرنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، أخبرنا سُفَيْانُ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ.
ح قَالَ أَبِي: وَحدثنا قَبِيصَةُ، عن سُفْيَانَ، عن ابْنِ خُثَيْمٍ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، عن أَبِيهِ، قَالَ: " لَعن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ " وتوفي حسان قبل الأربعين في خلافة علي، وقيل: بل مات سنة خمسين، وقيل: سنة أربع وخمسين، وهو ابن مائة وعشرين سنة، لم يختلفوا في عمره وأنه عاش ستين سنة في الجاهلية، وستين سنة في الإسلام، وكذلك عاش أبوه ثابت، وجده المنذر، وَأَبُو جده حرام، عاش كل واحد منهم مائة وعشرين سنة، ولا يعرف في العرب أربعة تناسلوا من صلب واحد، وعاش كل منهم مائة وعشرين سنة غيرهم.
قال سَعِيد بْن عبد الرحمن: ذكر عند أَبِي عبد الرحمن عمر أبيه، وأجداده، فاستلقى عَلَى فراشه وضحك، فمات وهو ابن ثمان وأربعين سنة.
أخرجه الثلاثة.
حسان بن ثابت بن المنذر الأنصاري
سكن المدينة وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثني عمي رحمه الله عن أبي عبيد قال: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن الخزرج بن عمرو بن حارثة.
قال أبو القاسم: رأيت في كتاب محمد بن سعد: كان حسان قديم الإسلام ولم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشهدا وكان يجبن وكان له سن عالية توفي وله عشرون ومائة سنة عاش ستين في الجاهلية وستين سنة في الإسلام.
- حدثني جدي وعبيد الله بن عمر القواريري وجماعة قالوا: نا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب: أن عمر رضي الله عنه مر بحسان بن ثابت وهو ينشد في المسجد فقال: تنشد الشعر في المسجد؟
فقال: قد أنشدت وفيه من هو خير منك ثم [أقبل] إلى أبي هريرة فقال: أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أجب عني اللهم أيده بروح القدس ما نفح نافح عن نبيه.
- حدثنا محمد بن سليمان لوين نا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لحسان منبرا في المسجد فينشد عليه قائما يهجو من قال في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن نبيه صلى الله عليه وسلم.
- حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي نا حماد بن زيد نا هشام بن حسان وأيوب [كانت عائشة إذا دخل عليها] حسان تلقي له وسادة وتقول: لا تؤذوا حسان وتقول {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} [أوليس] قد ذهب بصره والله قادر أن يجعل ذاك العذاب العظيم عماه ويغفر لحسان.
يقول هشام وزاد في الحديث مرة أخرى: فإنه كان ينصر الله بلسانه وأظنه قال: وينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه.
ظن أحمد بن إبراهيم.
- حدثني جدي نا قبيصة بن عقبة نا سفيان [عن عبد الله] بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن
حسان عن أبيه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور].
- حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني [محمد] بن موسى أبو غزية عن جده عبد الله بن مصعب عن هشام بن عروة عن عروة عن فاطمة ابنة المنذر عن جدتها أسماء ابنة أبي بكر الصديق أن الزبير بن العوام مر بمجلس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسان بن ثابت ينشدهم من شعره وهم غير نشاط لما يسمعون من ذلك فجلس الزبير معهم ثم قال: ما لي أراكم غير آذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة ولقد كان يعرض به لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيعجبه ويحسن استماعه ويجزل عليه ثوابه ولا يشتغل عنه بشيء فقال حسان في ذلك:
أقام على عهد النبي وهديه. . . . . جواريه والقول بالفعل يعدل
أقام على منهاجه وطريقه. . . . . يوالي ولي الحق والحق أعدل
هو الفارس المشهور والبطل الذي. . . . . يصول إذا ما كان يوم محجل
إذا كشفت عن ساقها الحرب حشها .... بأبيض سباق إلى الموت يرفل
وإن امرءا كانت صفية أمه. . . . . ومن أسد في بيتها لمؤمل
له من رسول الله قربى قريبة. . . . . ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل
فما مثله فيهم ولا كان قبله. . . . . وليس يكون الزهر ما دام يدبل
ثناؤك خير من فعال معاشر. . . . . وفعلك يابن الهاشمية أفضل.
سكن المدينة وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثني عمي رحمه الله عن أبي عبيد قال: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن الخزرج بن عمرو بن حارثة.
قال أبو القاسم: رأيت في كتاب محمد بن سعد: كان حسان قديم الإسلام ولم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشهدا وكان يجبن وكان له سن عالية توفي وله عشرون ومائة سنة عاش ستين في الجاهلية وستين سنة في الإسلام.
- حدثني جدي وعبيد الله بن عمر القواريري وجماعة قالوا: نا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب: أن عمر رضي الله عنه مر بحسان بن ثابت وهو ينشد في المسجد فقال: تنشد الشعر في المسجد؟
فقال: قد أنشدت وفيه من هو خير منك ثم [أقبل] إلى أبي هريرة فقال: أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أجب عني اللهم أيده بروح القدس ما نفح نافح عن نبيه.
- حدثنا محمد بن سليمان لوين نا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لحسان منبرا في المسجد فينشد عليه قائما يهجو من قال في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن نبيه صلى الله عليه وسلم.
- حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي نا حماد بن زيد نا هشام بن حسان وأيوب [كانت عائشة إذا دخل عليها] حسان تلقي له وسادة وتقول: لا تؤذوا حسان وتقول {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} [أوليس] قد ذهب بصره والله قادر أن يجعل ذاك العذاب العظيم عماه ويغفر لحسان.
يقول هشام وزاد في الحديث مرة أخرى: فإنه كان ينصر الله بلسانه وأظنه قال: وينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه.
ظن أحمد بن إبراهيم.
- حدثني جدي نا قبيصة بن عقبة نا سفيان [عن عبد الله] بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن
حسان عن أبيه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور].
- حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني [محمد] بن موسى أبو غزية عن جده عبد الله بن مصعب عن هشام بن عروة عن عروة عن فاطمة ابنة المنذر عن جدتها أسماء ابنة أبي بكر الصديق أن الزبير بن العوام مر بمجلس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسان بن ثابت ينشدهم من شعره وهم غير نشاط لما يسمعون من ذلك فجلس الزبير معهم ثم قال: ما لي أراكم غير آذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة ولقد كان يعرض به لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيعجبه ويحسن استماعه ويجزل عليه ثوابه ولا يشتغل عنه بشيء فقال حسان في ذلك:
أقام على عهد النبي وهديه. . . . . جواريه والقول بالفعل يعدل
أقام على منهاجه وطريقه. . . . . يوالي ولي الحق والحق أعدل
هو الفارس المشهور والبطل الذي. . . . . يصول إذا ما كان يوم محجل
إذا كشفت عن ساقها الحرب حشها .... بأبيض سباق إلى الموت يرفل
وإن امرءا كانت صفية أمه. . . . . ومن أسد في بيتها لمؤمل
له من رسول الله قربى قريبة. . . . . ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل
فما مثله فيهم ولا كان قبله. . . . . وليس يكون الزهر ما دام يدبل
ثناؤك خير من فعال معاشر. . . . . وفعلك يابن الهاشمية أفضل.
حسان بن كريب بن ليشرح
ابن عبد كلال بن عريب بن شرحبيل بن يريم بن فهد بن معد يكرب بن أبي شمّر بن أبي كرب بن شراحيل بن معد يكرب بن فهد بن عريب بن شمّر بن يرعش بن مالك بن مرثد بن نتوف بن هاعان بن شراحيل بن الحارث بن زيد بن ذي شوب أبو كريب الرّعيني المصري.
حدث حسان بن كريب قال: سمعت أبا ذر، أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: سيكون بمصر رجل من قريش أخنس، يلي سلطاناً، ثم يغلب عليه - أو ينزع منه، فيفرّ إلى الروم، فيأتي بهم إلى الإسكندرية، فيقاتل أهل الإسلام بها، فتلك أولى الملاحم.
وفي رواية: سيكون بمصر رجل من بني أمية أخنس، يلي سلطاناً. وساق الحديث.
حدث حسان بن كريب، عن علي بن أبي طالب، أنه كان يقول: القائل الفاحشة والذي يسمع لها في الإثم سواء.
حدث حسان بن كريب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله: كيف تحسبون نفقاتكم؟ قال: قلنا: إذا قفلنا من الغزو وعددناها بسبع مئة، وإذا كنا في أهلينا عددنا بعشرة. فقال عمر: قد استوجبتموها بسبع مئة، إن كنتم في الغزو وإن كنتم في أهليكم.
هاجر حسان بن كريب في خلافة عمر بن الخطاب، وشهد فتح مصر.
ابن عبد كلال بن عريب بن شرحبيل بن يريم بن فهد بن معد يكرب بن أبي شمّر بن أبي كرب بن شراحيل بن معد يكرب بن فهد بن عريب بن شمّر بن يرعش بن مالك بن مرثد بن نتوف بن هاعان بن شراحيل بن الحارث بن زيد بن ذي شوب أبو كريب الرّعيني المصري.
حدث حسان بن كريب قال: سمعت أبا ذر، أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: سيكون بمصر رجل من قريش أخنس، يلي سلطاناً، ثم يغلب عليه - أو ينزع منه، فيفرّ إلى الروم، فيأتي بهم إلى الإسكندرية، فيقاتل أهل الإسلام بها، فتلك أولى الملاحم.
وفي رواية: سيكون بمصر رجل من بني أمية أخنس، يلي سلطاناً. وساق الحديث.
حدث حسان بن كريب، عن علي بن أبي طالب، أنه كان يقول: القائل الفاحشة والذي يسمع لها في الإثم سواء.
حدث حسان بن كريب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله: كيف تحسبون نفقاتكم؟ قال: قلنا: إذا قفلنا من الغزو وعددناها بسبع مئة، وإذا كنا في أهلينا عددنا بعشرة. فقال عمر: قد استوجبتموها بسبع مئة، إن كنتم في الغزو وإن كنتم في أهليكم.
هاجر حسان بن كريب في خلافة عمر بن الخطاب، وشهد فتح مصر.
حسان بن كريب بن ليشرح بن عبد كلال بن عريب بن شرحبيل بن يريم بن فهد بن معدى كرب بن أبى شمر بن أبى كرب بن شراحيل بن معدى كرب بن فهد بن عريب بن شمر بن يرعش بن مالك بن مرثد بن ينوف بن هاعان بن شراحيل بن الحارث ابن زيد بن ذى مثوب بن شرحبيل بن شجيعة بن ينوف بن ملكى كرب بن اليشرح بن يحصب بن اليشعر بن ثوير بن رعين الحميرى الرعينى المصرى : يكنى: أبا كريب.
هاجر فى خلافة عمر، وشهد فتح مصر . روى عن عمر بن الخطاب. روى عنه أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزنىّ، وواهب بن عبد الله المعافرى، وعبد الله بن هبيرة السّبئىّ، وكعب بن علقمة التنوخى، وغيرهم .
أخبرنا على بن الحسن بن قديد، نا أحمد بن عمرو، نا ابن وهب، عن أبى شريح، عن واهب بن عبد الله المعافرى، عن حسان بن كريب: أن عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) سأله: تحسبون نفقاتكم؟ قال: إذا قفلنا من الغزو عددناها بسبعمائة، وإذا كنا فى أهلينا عددناها العشرة. فقال عمر: قد استوجبتموها بسبعمائة، إن كنتم فى الغزو، وإن كنتم فى أهليكم .
روى أبو النجم أنه سمع أبا ذرّ الغفارىّ (رضى الله عنه) يقول: إنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون بمصر رجل من بنى أمية، يغلب على سلطانه، فيفرّ إلى الروم، فيأتى بهم الإسكندرية، فيقاتل أهل الإسلام بها، فذاك أول الملاحم. والحديث معلول .
هاجر فى خلافة عمر، وشهد فتح مصر . روى عن عمر بن الخطاب. روى عنه أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزنىّ، وواهب بن عبد الله المعافرى، وعبد الله بن هبيرة السّبئىّ، وكعب بن علقمة التنوخى، وغيرهم .
أخبرنا على بن الحسن بن قديد، نا أحمد بن عمرو، نا ابن وهب، عن أبى شريح، عن واهب بن عبد الله المعافرى، عن حسان بن كريب: أن عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) سأله: تحسبون نفقاتكم؟ قال: إذا قفلنا من الغزو عددناها بسبعمائة، وإذا كنا فى أهلينا عددناها العشرة. فقال عمر: قد استوجبتموها بسبعمائة، إن كنتم فى الغزو، وإن كنتم فى أهليكم .
روى أبو النجم أنه سمع أبا ذرّ الغفارىّ (رضى الله عنه) يقول: إنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون بمصر رجل من بنى أمية، يغلب على سلطانه، فيفرّ إلى الروم، فيأتى بهم الإسكندرية، فيقاتل أهل الإسلام بها، فذاك أول الملاحم. والحديث معلول .
حسان بن مالك بن بحدل بن أنيف
ابن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف ابن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة أبو سليمان الكلبي زعيم بني كلب ومقدمهم. شهد صفين مع معاوية، وكان على قضاعة دمشق يومئذ، وكان له مقدار ومنزلة عند بني أمية، وهو الذي قام بأمر البيعة لمروان بن الحكم، وقد كان يسلم عليه بالإمرة قبل ذلك أربعين ليلة، وكان له شعر، وداره بدمشق، وهي قصر البحادلة التي تعرف اليوم بقصر ابن أبي الحديد، أقطعه إياها معاوية.
قال خليفة بن خياط: مات يزيد يعني ابن معاوية وعلى الأردن حسان بن مالك بن بحدل، وضمّ إليه فلسطين، فولى حسان بن مالك روح بن زنباع فلسطين.
حدث عباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن جده قال: سلّم على حسان بن مالك بن بحدل أربعين ليلة بالخلافة، ثم سلمها إلى مروان وقال:
فإلاّ يكن منّا الخليفة نفسه ... فما نالها إلاّ ونحن شهود
وقال بعض الكلبيين:
نزلنا لكم عن منبر الملك بعدما ... ظللتم وما إن تستطيعون منبرا
قال عبد الله بن صالح: كان يقال: لم تهيّج الفتن بمثل ربيعة، ولم تطلب التّرات بمثل تميم، ولم يؤيّد الملك بمثل كلب، ولم ترع الرعايا بمثل ثقيف، ولم يجب الخراج بمثل اليمن.
قال رجاء بن أبي سلمة: خاصم حسان بن مالك عجم أهل دمشق إلى عمر بن عبد العزيز في كنيسة، كان فلان - وسمى رجلاً من الأمراء - أقطعه إياها. فقال عمر: إن كانت من الخمس عشرة كنيسة التي في عهدهم فلا سبيل إليها.
ابن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف ابن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة أبو سليمان الكلبي زعيم بني كلب ومقدمهم. شهد صفين مع معاوية، وكان على قضاعة دمشق يومئذ، وكان له مقدار ومنزلة عند بني أمية، وهو الذي قام بأمر البيعة لمروان بن الحكم، وقد كان يسلم عليه بالإمرة قبل ذلك أربعين ليلة، وكان له شعر، وداره بدمشق، وهي قصر البحادلة التي تعرف اليوم بقصر ابن أبي الحديد، أقطعه إياها معاوية.
قال خليفة بن خياط: مات يزيد يعني ابن معاوية وعلى الأردن حسان بن مالك بن بحدل، وضمّ إليه فلسطين، فولى حسان بن مالك روح بن زنباع فلسطين.
حدث عباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن جده قال: سلّم على حسان بن مالك بن بحدل أربعين ليلة بالخلافة، ثم سلمها إلى مروان وقال:
فإلاّ يكن منّا الخليفة نفسه ... فما نالها إلاّ ونحن شهود
وقال بعض الكلبيين:
نزلنا لكم عن منبر الملك بعدما ... ظللتم وما إن تستطيعون منبرا
قال عبد الله بن صالح: كان يقال: لم تهيّج الفتن بمثل ربيعة، ولم تطلب التّرات بمثل تميم، ولم يؤيّد الملك بمثل كلب، ولم ترع الرعايا بمثل ثقيف، ولم يجب الخراج بمثل اليمن.
قال رجاء بن أبي سلمة: خاصم حسان بن مالك عجم أهل دمشق إلى عمر بن عبد العزيز في كنيسة، كان فلان - وسمى رجلاً من الأمراء - أقطعه إياها. فقال عمر: إن كانت من الخمس عشرة كنيسة التي في عهدهم فلا سبيل إليها.
وحسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار
- وحسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار. هو عم شداد بن أوس. أم حسان الفريعة بنت خالد بن حبيش بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب بن ساعدة, يكنى أبا الوليد. مات قبل الأربعين ويقال: في خلافة معاوية.
- وحسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار. هو عم شداد بن أوس. أم حسان الفريعة بنت خالد بن حبيش بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب بن ساعدة, يكنى أبا الوليد. مات قبل الأربعين ويقال: في خلافة معاوية.
حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدى بن عمرو بن مالك بن النجار من القوم الذين يقال لهم بنو مغالة ومغالة أم عدى بن مالك بن النجار كنيته أبو الوليد ممن كان يذب عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بيديه وسيفيه ويعينه بلسانه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اهجهم وجبريل معك ثم قال اللهم أيده بروح القدس مات أيام قتل على بن أبى طالب بالمدينة وهو بن مائة وعشرين سنة سنه وسن أبيه وجده سواء
حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أبو عبد الرحمن الانصاري النجارى لخزرجي الْمَدَنِيُّ، قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانٍ: اهْجُهُمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ! وَقال قُبَيْصَةُ حدثنا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ خَيْثَمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بهمان عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ، وَقال بَعْضُهُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَهْمَانَ، وَلا يَصِحُّ يَهْمَانُ، وَقال عَارِمٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: كَانَ حَسَّانٌ فِي الأُطُمِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقالتْ صَفِيَّةُ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ.
حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الضُّبَعِيُّ وَعِدَادُهُ فِي الْبَصْرِيِّينَ قَدِمَ أَصْبَهَانَ مَعَ أَبِي مُوسَى وَلَهُ حَدِيثٌ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرُهُ
حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ , عَنْ شُبَيْلِ بْنِ عَزْرَةَ الضُّبَعِيِّ , عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الضُّبَعِيِّ , عَنْ أَبِيهِ
قَالَ: " لَمَّا افْتَتَحْنَا أَصْبَهَانَ وَكَانَ بَيْنَ عَسْكَرِنَا وَبَيْنَ الْيَهُودِيَّةِ فَرْسَخٌ , فَكُنَّا نَمْتَازُ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ قَالَ: فَأَتَيْتُهُمْ يَوْمًا فَإِذَا الْيَهُودُ يَلْعَبُونَ وَيَزْفِنُونَ قَالَ: فَقُلْتُ: مَا لَكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ , قَالُوا: لَا وَلَكِنَّ مَلِكَنَا الَّذِي نَسْتَفْتِحُ بِهِ عَلَى الْعَرَبِ يَدْخُلُ غَدًا , قُلْتُ: مَلِكُكُمُ الَّذِي تَسْتَفْتِحُونَ بِهِ عَلَى الْعَرَبِ يَدْخُلُ غَدًا؟ قَالُوا: نَعَمْ , قَالَ: فَقُلْتُ لِصَدِيقٍ لِي مِنْهُمْ: أَبِيتُ عِنْدَكَ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: وَخَشِيتَ أَنْ أُقْتَطَعَ دُونَ الْعَسْكَرِ , قَالَ: فَبِتُّ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَهُ حَتَّى صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ , فَإِذَا الرَّهْجُ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ عَسْكَرِنَا فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَاعِدٍ فِي مِنْبَرٍ عَلَيْهِ مِنْ رَيْحَانٍ , وَإِذَا الْيَهُودُ حَوْلَهُ يَزْفِنُونَ وَيَلْعَبُونَ , فَنَظَرْتُ فَإِذَا ابْنُ صَائِدٍ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ وَلَمْ يُرَ بَعْدَ ذَلِكَ "
قَطَنُ بْنُ قَبِيصَةَ الْهِلَالِيُّ وَهُوَ قَطَنُ بْنُ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ نَهِيكِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَةَ , يُكَنَّى أَبَا سَهْلَةَ كَانَ وَلَّاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ , وَيُقَالُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَصْبَهَانَ , فَأَقَامَ بِهَا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى خُرَاسَانَ وَوَلَّى الْبَرَاءَ بْنَ قَبِيصَةَ وَأَبُوهُ قَبِيصَةُ , رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى عَنْهُ
أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى , قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ , قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَوْفِ بْنِ حَيَّانَ أَبِي الْعَلَاءِ , عَنْ قَطَنِ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ , أَنَّ أَبَاهُ , قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْعِيَافَةُ وَالطَّرْقُ مِنَ الْجِبْتِ» , هَذَا الْمَتْنُ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَرِيكٍ الْأَسَدِيُّ , قَالَ: ثنا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ , قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ , عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ , عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ , قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ , عَنْ شُبَيْلِ بْنِ عَزْرَةَ الضُّبَعِيِّ , عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الضُّبَعِيِّ , عَنْ أَبِيهِ
قَالَ: " لَمَّا افْتَتَحْنَا أَصْبَهَانَ وَكَانَ بَيْنَ عَسْكَرِنَا وَبَيْنَ الْيَهُودِيَّةِ فَرْسَخٌ , فَكُنَّا نَمْتَازُ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ قَالَ: فَأَتَيْتُهُمْ يَوْمًا فَإِذَا الْيَهُودُ يَلْعَبُونَ وَيَزْفِنُونَ قَالَ: فَقُلْتُ: مَا لَكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ , قَالُوا: لَا وَلَكِنَّ مَلِكَنَا الَّذِي نَسْتَفْتِحُ بِهِ عَلَى الْعَرَبِ يَدْخُلُ غَدًا , قُلْتُ: مَلِكُكُمُ الَّذِي تَسْتَفْتِحُونَ بِهِ عَلَى الْعَرَبِ يَدْخُلُ غَدًا؟ قَالُوا: نَعَمْ , قَالَ: فَقُلْتُ لِصَدِيقٍ لِي مِنْهُمْ: أَبِيتُ عِنْدَكَ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: وَخَشِيتَ أَنْ أُقْتَطَعَ دُونَ الْعَسْكَرِ , قَالَ: فَبِتُّ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَهُ حَتَّى صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ , فَإِذَا الرَّهْجُ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ عَسْكَرِنَا فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَاعِدٍ فِي مِنْبَرٍ عَلَيْهِ مِنْ رَيْحَانٍ , وَإِذَا الْيَهُودُ حَوْلَهُ يَزْفِنُونَ وَيَلْعَبُونَ , فَنَظَرْتُ فَإِذَا ابْنُ صَائِدٍ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ وَلَمْ يُرَ بَعْدَ ذَلِكَ "
قَطَنُ بْنُ قَبِيصَةَ الْهِلَالِيُّ وَهُوَ قَطَنُ بْنُ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ نَهِيكِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَةَ , يُكَنَّى أَبَا سَهْلَةَ كَانَ وَلَّاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ , وَيُقَالُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَصْبَهَانَ , فَأَقَامَ بِهَا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى خُرَاسَانَ وَوَلَّى الْبَرَاءَ بْنَ قَبِيصَةَ وَأَبُوهُ قَبِيصَةُ , رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى عَنْهُ
أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى , قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ , قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَوْفِ بْنِ حَيَّانَ أَبِي الْعَلَاءِ , عَنْ قَطَنِ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ , أَنَّ أَبَاهُ , قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْعِيَافَةُ وَالطَّرْقُ مِنَ الْجِبْتِ» , هَذَا الْمَتْنُ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَرِيكٍ الْأَسَدِيُّ , قَالَ: ثنا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ , قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ , عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ , عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ , قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
حسان بن أبان البعلبكي
شاعر.
قال حسان بن أبان: لما قدم سعد بن أبي وقاص القادسية أميراً أتته حرقة بنت النعمان بن المنذر في جوار
كلهن في مثل زيها تطلب صلته. فلما وقفن بين يديه قال: أيتكن حرقة؟ قلن: هذه. فقال لها: أنت حرقة؟ قالت: نعم، فما تكرارك استفهامي، إن الدنيا دار زوال، وإنها لا تدوم على حال، تنتقل بأهلها انتقالاً، وتعقبهم بعد حال حالاً، إنا كنا ملوك هذا المصر قبلك، يجبى غلينا خرجه، ويطيعنا أهله، مدى المدة وزمان الدولة. فلما أدبر الأمر وانقضى صاح بنا صائح الدهر، فصدع عصانا، وشتت ملأنا، وكذلك الدهر يا سعد، إنه ليس من قوم عبرة إلا والدهر معقبهم عبرة. ثم أنشأت تقول:
فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا ... إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
فأف لدنيا لا يدوم سرورها ... تقلب تارات بنا وتصرف
فقال سعد رضي الله عنه: قاتل الله عدي بن زيد، كأنه كان ينظر إليهما حيث يقول:
إن للدهر صولة فاحذرنها ... لا تبيتن قد أمنت الشرورا
قد يبيت الفتى معافى فيرزا ... ولقد كان آمناً مسرورا
وأكرمها سعد، وأحسن جائزتها. فلما أرادت فراقه قالت له: حتى أحييك بتحية أملاكنا بعضهم بعضاً، لا جعل الله لك إلى لئيم حاجة، ولا زالت لكريم عندك حاجة، ولا نزع من عبد صالح نعمة إلا جعلك سبباً لردها عليه. فلما خرجت من عنده تلقاها نساء المصر فقلن لها: ما صنع بك الأمير؟ قالت:
حاط لي ذمتي وأكرم وجهي ... إنما يكرم الكريم الكريم
وقد روي أن المغيرة بن شعبة خطب حرقة هذه، فقالت له: إنما أردت أن يقال: تزوج ابنة النعمان بن المنذر، وإلا فأي حظ لأعور في عمياء؟! ولحسان بن أبان يفخر:
نهضنا سمواً إلى المكرمات ... فصرنا سناءً بها للسناء
وأدنى مواقع أقدامنا ... إذا ما وطئنا عنان السماء
فإن شئت فاغد بنا للقراع ... وإن شئت فاغد بنا للحباء
شاعر.
قال حسان بن أبان: لما قدم سعد بن أبي وقاص القادسية أميراً أتته حرقة بنت النعمان بن المنذر في جوار
كلهن في مثل زيها تطلب صلته. فلما وقفن بين يديه قال: أيتكن حرقة؟ قلن: هذه. فقال لها: أنت حرقة؟ قالت: نعم، فما تكرارك استفهامي، إن الدنيا دار زوال، وإنها لا تدوم على حال، تنتقل بأهلها انتقالاً، وتعقبهم بعد حال حالاً، إنا كنا ملوك هذا المصر قبلك، يجبى غلينا خرجه، ويطيعنا أهله، مدى المدة وزمان الدولة. فلما أدبر الأمر وانقضى صاح بنا صائح الدهر، فصدع عصانا، وشتت ملأنا، وكذلك الدهر يا سعد، إنه ليس من قوم عبرة إلا والدهر معقبهم عبرة. ثم أنشأت تقول:
فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا ... إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
فأف لدنيا لا يدوم سرورها ... تقلب تارات بنا وتصرف
فقال سعد رضي الله عنه: قاتل الله عدي بن زيد، كأنه كان ينظر إليهما حيث يقول:
إن للدهر صولة فاحذرنها ... لا تبيتن قد أمنت الشرورا
قد يبيت الفتى معافى فيرزا ... ولقد كان آمناً مسرورا
وأكرمها سعد، وأحسن جائزتها. فلما أرادت فراقه قالت له: حتى أحييك بتحية أملاكنا بعضهم بعضاً، لا جعل الله لك إلى لئيم حاجة، ولا زالت لكريم عندك حاجة، ولا نزع من عبد صالح نعمة إلا جعلك سبباً لردها عليه. فلما خرجت من عنده تلقاها نساء المصر فقلن لها: ما صنع بك الأمير؟ قالت:
حاط لي ذمتي وأكرم وجهي ... إنما يكرم الكريم الكريم
وقد روي أن المغيرة بن شعبة خطب حرقة هذه، فقالت له: إنما أردت أن يقال: تزوج ابنة النعمان بن المنذر، وإلا فأي حظ لأعور في عمياء؟! ولحسان بن أبان يفخر:
نهضنا سمواً إلى المكرمات ... فصرنا سناءً بها للسناء
وأدنى مواقع أقدامنا ... إذا ما وطئنا عنان السماء
فإن شئت فاغد بنا للقراع ... وإن شئت فاغد بنا للحباء