أَبُو زرْعَة عَن أبي إِدْرِيس قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ مَجْهُول
Ibn al-Jawzī (d. 1201 CE) - al-Ḍuʿafāʾ wa-l-matrūkūn - ابن الجوزي - الضعفاء والمتروكون
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 3984 201. ابو داود المديني3 202. ابو داود النخعي قد سبق1 203. ابو داود الواسطي3 204. ابو رجاء الجزري2 205. ابو رجاء الحنفي3 206. ابو زرعة3207. ابو زيد12 208. ابو زيد مولى عمرو بن حريث4 209. ابو سعد الساعدي5 210. ابو سفيان الانماري4 211. ابو سفيان السعدي2 212. ابو سفيان الصواف قد سبق1 213. ابو سفيان الصيرفي1 214. ابو سفيان بن عبد ربه2 215. ابو سلمة13 216. ابو سورة4 217. ابو شهاب3 218. ابو شيبة الجوهري2 219. ابو صحار4 220. ابو صفوان6 221. ابو عامر الصائغ1 222. ابو عباد الزاهد2 223. ابو عبد الرحمن الشامي2 224. ابو عبد السلام8 225. ابو عبد الله البكاء1 226. ابو عبد الله البكري4 227. ابو عبد الله الشامي10 228. ابو عبد الله القهستاني1 229. ابو عبيد6 230. ابو عبيدة بن الفضيل بن عياض ضعيف1 231. ابو عروة4 232. ابو عقال2 233. ابو عقيل12 234. ابو عمار7 235. ابو عمر9 236. ابو عمر الشامي3 237. ابو عمر بن محمد قد سبق فين1 238. ابو عمرو الجملي3 239. ابو عون بن ابي ركبة3 240. ابو عيسى6 241. ابو غطفان1 242. ابو كرز القرشي قد سبق1 243. ابو كعب الحارثي4 244. ابو ليلى9 245. ابو ماجد الحنفي4 246. ابو مالك الواسطي1 247. ابو مبارك1 248. ابو محمد16 249. ابو محمد البصري6 250. ابو محمد الثقفي1 251. ابو محمد الخراساني3 252. ابو محمد الشامي2 253. ابو مخيس اليشكري1 254. ابو مرزوق4 255. ابو مرزوق التجيبي3 256. ابو مسكين الجزري3 257. ابو مطر البصري2 258. ابو معمر5 259. ابو معن الايلي1 260. ابو مقاتل السمرقندي2 261. ابو موسى الصفار3 262. ابو موسى الهمداني3 263. ابو ناشرة2 264. ابو نصيرة1 265. ابو نعيم4 266. ابو هارون الشامي2 267. ابو هاشم4 268. ابو همدان القاسم بن بهرام2 269. ابو همدان بن هارون3 270. ابو وقاص2 271. ابو يحيى القتات4 272. ابو يحيى المدني1 273. ابو يحيى الوقار1 274. ابو يزيد الضبي2 275. ابو يسار القرشي3 276. ابو يعقوب2 277. ابو يونس6 278. ابي بن العباس بن سهل بن سعد الساعدي1 279. ابيض بن ابان4 280. ابين بن سفيان لمقدسي1 281. احمد ابن بشير1 282. احمد بن ابراهيم ابو صالح الخراساني2 283. احمد بن ابراهيم ابو معاذ1 284. احمد بن ابراهيم الحلبي2 285. احمد بن ابراهيم المزني2 286. احمد بن ابراهيم بن موسى4 287. احمد بن ابي احمد2 288. احمد بن ابي اوفى2 289. احمد بن ابي روح البغدادي2 290. احمد بن ابي يحيى ابو بكر الانماطي البغدادي...1 291. احمد بن اسماعيل بن نبيه بن عبد الرحمن ابو حذافة السهمي المدني...1 292. احمد بن الاحجم المروزي1 293. احمد بن الازهر ابو الازهر النيسابوري...2 294. احمد بن الحارث الغساني الغنوي البصري...1 295. احمد بن الحسن المكي1 296. احمد بن الحسن بن القاسم بن سمر الكوفي...1 297. احمد بن الحسن بن علي ابو علي المقرىء دبيس...1 298. احمد بن الحسين ابو الحسن البرتي البسطامي...1 299. احمد بن الحسين بن ابان ابو الحسن المصري...1 300. احمد بن الحسين بن احمد ابو الحسين الواعظ ابن السماك...1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn al-Jawzī (d. 1201 CE) - al-Ḍuʿafāʾ wa-l-matrūkūn - ابن الجوزي - الضعفاء والمتروكون are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=87397&book=5558#8ea04f
أبو زرعة الرازى . عبيد اللَّه بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ (مولى لقريش) . كان أحد الأئمة في علم الحديث. وكان أعلم الناس بحديثَ مالك بن أنس مسنده ومرسله ومقطوعه، وأحفظهم له، وكان أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه -وهو تلميذ لهما وأخذ عنهما- يعظمانه ويثنيان عليه بالحفظ والفضل والقيام بالسنة، وكان أحمد بن حنبل يدعو له وقال عبد الواحد بن غياث : ما رأى أبو زرعة مثل نفسه وروى عن جماعة يطول ذكرهم ببلده وبخراسان والعراق والحجاز والشام ومصر منهم عبد اللَّه ابن مسلمة القعنبى ، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وخلاد بن يحيى . وقال محمد بن يحيى النيسابورى "لا يزال المسلمون بخير ما كان فيهم مثل أبى زرعة" . وقال محمد بن مسلم ما خلف أبو زرعة مثله وقال أبو حاتم الرازى: كان أبو زرعة إمامًا .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=87397&book=5558#abe871
ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الرابعة من أهل الري أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد (4)
[ما ذكر من علم أبي زرعة وفقهه - 5]
حدثنا عبد الرحمن نا الحسن [بن أحمد - 5] بن الليث قال سمعت
عبد الواحد بن غياث البصري يقول: ما رأى أبو زرعة بعينه مثل نفسه أحدا.
قال وسمعت الحسن بن أحمد يقول: وكان عبد الواحد كتب عن حماد بن سلمة الكتب، وحماد بن زيد لقي أصحاب الحسن وابن سيرين.
قال أبو محمد قرأت كتاب إسحاق بن راهويه [بخطه - 1] إلى أبي زرعة: إني ازداد بك كل يوم سرورا فالحمد لله الذي جعلك ممن يحفظ سنته وهذا من أعظم ما يحتاج إليه اليوم طالب العلم، وأحمد بن إبراهيم لا يزال في ذكرك الجميل (2) حتى يكاد يفرط وإن لم يكن فيك بحمد الله إفراط واقرأني كتابك إليه بنحو ما أوصيتك من إظهار السنة وترك المداهنة فجزاك الله خيرا فدم على ما أوصيتك فإن للباطل جولة [ثم يضمحل وان ممن أحب صلاحه.
1] وزينه (3) وإني أسمع من إخواننا القادمين ما أنت عليه من العلم والحفظ فأسر بذلك.
حدثنا عبد الرحمن نا جعفر بن محمد أبو يحيى الزعفراني قال سمعت عمرو بن سهل بن صرخاب يقول - وذكر أبا زرعة فقال: ما ولد في خمسين ومائة سنة مثل أبي زرعة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول: ما خلف أبو زرعة مثله وسمعته يقول بعد وفاة أبي زرعة - وذكر أبا زرعة فقال: كان (4) (167 م) دربندان العلم.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ ذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو البرذعي (90 ك) قال سمعت محمد بن يحيى النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: لا يَزَالُ الْمُسْلِمُونَ بخير ما
ابقى الله عزوجل لَهُمْ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ، وَمَا كان الله عزوجل ليترك الارض
إِلا وَفِيهَا مِثْلُ أَبِي زُرْعَةَ يعلم الناس ما جهلوه.
(89 د) ثُمَّ جَعَلَ يُعَظِّمُ عَلَى جُلَسَائِهِ خَطَرَ مَا حَكَى لَهُ مِنْ عِلَّةِ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رَكْعَتَانِ (1) بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةٍ بِغَيْرِ سِوَاكٍ.
قَالَ سَعِيدٌ وَكُنْتُ حَكَيْتُ لَهُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ اصْطَحَبَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى الصَّدَفِيِّ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الرِّيِّ فَسَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي طَرِيقِهِ، وَقَالَ (2) لَمْ اسَتْفَدِ مُنْذُ دَهْرٍ عِلْمًا أَوْقَعَ عِنْدِي وَلا آثَرَ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَلَوْ فَهِمْتُمْ عَظِيمَ خَطَرِهَا لاسْتَحْلَيْتُمُوهُ كَمَا اسْتَحْلَيْتُهُ (3) - وَجَعَلَ يَمْدَحُ أَبَا زُرْعَةَ فِي كَلامٍ كَثِيرٍ.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة وذكر أحمد بن حنبل وأنه أعطاه دفتره فقلت له: كان أحمد بن حنبل يعرفك حيث دفع كتابه إليك؟ فقال: أي لعمري، كنت أكثر الاختلاف إليه وكنت اسائله وإذا كره ويذاكرني.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت علي بن الحسين (4) بن الجنيد يقول: ما رأيت أحدا أعلم بحديث مالك بن أنس مسندها ومنقطعها من أبي زرعة، وكذلك سائر العلوم ولكن خاصة حديث مالك (5) قال
أبو زرعة رأيت فيما يرى النائم كأن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكأني امسح يدي على منبر النبي صلى الله عليه وسلم موضع المقعد والذي يليه والذي يليه ثم أمسكته فقصصته (1) على رجل من أهل سجستان كان معنا بحران فقال هذا أنت تعني بحديث النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وكنت إذ ذاك لا أحفظ كثير شئ من مسائل الأوزاعي ومالك والثوري وغيرهم (2) ثم عنيت به [بعد - 3] .
حدثنا عبد الرحمن قال (168 م) سمعت أبي يقول وذكر له أبو عبد الله الطهراني وأبو زرعة فقال: كان أبو زرعة أفهم من أبي عبد الله الطهراني واعلم منه بكل شئ بالفقه والحديث وغيره.
باب ما ذكر من حفظ أبي زرعة رحمه الله
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت علي بن الحسين بن الجنيد المالكي يقول: ما رأيت أحدا أحفظ لحديث (4) مالك بن أنس لمسنده ومنقطعه من أبي زرعة.
قلت (5) : ما في الموطأ والزيادات التي ليست في الموطأ؟ قال: نعم.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول سمعت أحمد بن حنبل وذكر عن عبد الله بن واقد عن عكرمة بن عمار عن الهرماس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته نحو الشام - فقال أحمد: ما ظننت أن الهرماس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم سوى حديث العضباء حتى جاء أبو قتادة (6) بهذا الحديث، قلت له أنا، وههنا
حديث آخر سوى هذين، قال: ما هو؟ قلت: حدثنا عمرو بن مرزوق عن عكرمة بن عمار عن الهرماس قال: سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فمد يده.
قال أبو زرعة: فسكت ولم ينكره.
وقال أبو محمد:
كان أبو زرعة قل يوم إلا يخرج معه إلى المسجد كتابين أو ثلاثة كتب، لكل قوم كتابهم الذي سألوا فيه فيقرأ على [كل 1] قوم ما يتفق له القراءة من كتاب، ثم يقرأ للآخر كتابه الذي قد سأل فيه أوراق (2) ثم يقرأ للثالث كمثل ذلك فإذا رجعوا أولئك في يومهم يكون قد أخرج معه كتابهم فيجئ إلى الموضع الذي كان يقرأ عليهم إلى ذلك المكان فيبتدئ فيقرأ من غير أن يسألهم: إلى أين بلغتم؟ وما أول مجلسكم؟ فكان ذاك دأبه كل يوم لا يستفهم من احد منهم أو مجلسه وهذا بالغداة، وبالعشي كمثل (3) ولا أعلم أحدا من المحدثين قدر على هذا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو زرعة قال حضرت يوما عبيد الله بن (169 م) عائشة فقال: أول من كسا البيت جرهم، قال أبو زرعة فقلت فجرهم كان قبل أو تبع؟ قال: بل تبع، قلت حدثنا إبراهيم بن موسى أنا ابن ثور عن معمر عن تميم بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير قال: أول من كسا البيت نبع فنهى الناس عن سبه، فسكت ثم انبسط بعد ذلك إلى.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: قعدت إلى أبي الوليد يوما فحملت عنه ثمانية عشر حديثا وحدثنا مذاكرة من غير أن كتبت منه حرفا وتحفظت عنه كله.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبا زرعة يقول: سمعت من بعض المشايخ أحاديث فسألني رجل من أصحاب الحديث فأعطيته كتابي فرد علي الكتاب
بعد ستة أشهر فأنظر في الكتاب فإذا إنه قد غير في سبعة مواضع، قال أبو زرعة [فأخذت الكتاب وصرت إلى عنده فقلت ألا تتقي الله
تفعل مثل هذا؟ قال أبو زرعة - 1] فأوقفته على موضع موضع وأخبرته وقلت له أما هذا الذي غيرت فإنه هذا الذي جعلت عن ابن أبي فديك فإنه عن أبي ضمرة (2) مشهور وليس هذا من حديث ابن أبي فديك، وأما هذا فإنه كذا (91 ك) وكذا فإنه لا يجئ عن فلان وإنما هذا كذا، فلم أزل أخبره حتى أوقفته على كله ثم (90 د) قلت له: فإني حفظت جميع ما فيه في الوقت الذي انتخبت على الشيخ، ولو لم أحفظه لكان لا يخفى علي مثل هذا، فاتق الله عزوجل يا رجل.
[قال أبو محمد - 3] فقلت له: من ذلك الرجل الذي فعل هذا؟ (4) فأبى أن يسميه.
حدثنا عبد الرحمن قال وسمعت أبا زرعة يقول دفعت كتاب الصوم إلى رجل بغدادي فرد علي فإذا إنه قد غير حرفا من الإسناد عن جهته، قال أبو زرعة فتعجبت منه فقلت في نفسي يا سبحان الله من يريد أن يفعل هذا بي؟ اي شئ يظن؟ وقلت في نفسي إنه يظن أنه عمل شيئا.
حدثنا عبد الرحمن قال وسمعت أبا زرعة يقول: ودفع إليه رجل حدثنا فقال اقرأ فلما نظر في الحديث قال: من اين (170 م) لك هذا؟ قال وجدته على ظهر كتاب ليوسف الوراق، قال أبو زرعة: هذا الحديث من حديثي غير أني لم أحدث به، قيل له: وأنت تحفظ ما حدثت به مما لم تحدث به؟ قال بلى، ما في بيتي حديث إلا وأنا افهم موضعه.
حدنثا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: مررت يوما ببيروت
فإذا شيخ مخضوب متكئ على عصا فلما نظر إلي قال لرجل: ترى هذا ليس في الدنيا أحفظ من هذا.
قال أبو زرعة ما يدريه؟ عرف حفاظ الدنيا حتى يشهد لي بهذه الشهادة؟ غير أن الناس إذا سمعوا شيئا قالوه.
باب ما ذكر في أبي زرعة أنه إمام زمانه حدثنا عبد الرحمن قال سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: أبو زرعة وأبو حاتم إماما خراسان ودعا لهما وقال: بقاؤهما صلاح للمسلمين.
حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبي رحمه الله عن أبي زرعة فقال: إمام.
باب ما ذكر من طهارة خلق أبي زرعة حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: كنت أتولى الانتخاب على أبي الوليد وكنت لا أنتخب ما سمعت من أبي الوليد قديما، فترى قال أبو زرعة يوما أكتب حديثا معادا بسببي؟ وما سمع تلك الأحاديث التي تركتها على العمد إلا بعد خروجي ولو كنت أنا بدله ما كنت أصبر أن ادع جياد حديثه ولا أسمع منه، فلما تيسر لي الخروج من البصرة قلت لأبي زرعة تخرج؟ فقال: لا، إنك تركت أحاديث من حديث أبي الوليد مما كتبت منه سمعت منه قديما فكرهت أن أسأل في شئ يكون عليك معادا فأنا أقيم بعدك حتى أسمع.
باب ما ذكر من كثرة علم أبي زرعة
حدثنا عبد الرحمن قال (1) قلت لأبي زرعة رحمه الله: تحزر ما كتبت
عن إبراهيم بن موسى مائة ألف [حديث؟ قال: مائة ألف - 1] كثير، قلت فخمسين ألفا؟ قال: نعم، وستين ألفا، وسبعين ألفا، أخبرني من عد كتاب الوضوء والصلاة فبلغ ثمانية عشر ألف حديث.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت (171 م) أبا زرعة يقول: لزمنا إبراهيم بن موسى ثماني سنين من سنة أربع عشرة في آخرها إلى سنة اثنتين وعشرين حتى خرجت إلى مكة في رمضان.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: كتبت بالري قبل أن أخرج إلى العراق عن نحو ثلاثين شيخا منهم عبد الله بن الجراح وعبد العزيز بن المغيرة وعبد الصمد بن حسان وجعفر بن عيسى وبشر ابن يزيد وسلمة بن بشير وعبيد بن إسحاق وذكر شيوخا كثيرة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتبت عن ابي سملة التبوذكي عشرة آلاف حديث، أما حديث حماد بن سلمة فعشرة آلاف حديث، وكنا نظن أنه يقرأ كما كان يقرأ قديما فاستكتبنا الكثير ومات فبقي علينا شئ نحو قوصرة فوهبت لقوم بالبصرة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: نظرت في نحو من ثمانين (2) ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر وفي غير مصر ما أعلم إني رأيت [له - 3] حديثا لا أصل له.
باب ما ذكر من معرفة أبي زرعة بعلل الحديث
وبصحيحه من سقيمه حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زُرْعَةَ يَقُولُ: حدثنا أَبُو بَكْرِ بن
أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَاصِمِ (1) بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُهَرْوِلُ إِلَى الْمَسْجِدِ - فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ فَقُلْتُ لَهُ: مِسْعَرٌ لَمْ يَرْوِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ شَيْئًا (2) إِنَّمَا هَذَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ، فَلَجَّ فِيهِ (3) قَالَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ فَطَلَبَهُ فَرَجَعَ فَقَالَ: غَيِّرُوهُ (4) هُوَ عَنْ سُفْيَانَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَأَيْتُ فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الأَصْبَهَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِرُسْتَةَ مِنْ أَصْبَهَانَ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ بِخَطِّهِ: وَإِنِّي كُنْتُ رَوَيْتُ عِنْدَكُمْ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هريرة عن النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَقُلْتُ: هَذَا غَلَطُ، النَّاسِ يَرْوُونَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عن النبي (92 ك) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَقَعَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِكَ فِي نَفْسِي فَلَمْ أَكُنْ أَنْسَاهُ حَتَّى قَدِمْتُ ونظرت في الاصر فَإِذَا هُوَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ خَفَ عَلَيْكَ فَأَعْلِمْ ابا حاتم عافاه الله (172 م) وَمَنْ سَأَلَكَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّكَ فِي ذَلِكَ مَأْجُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَالْعَارُ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ أَتَيْنَا أَبَا عُمَرَ الْحَوْضِيَّ وَقَدْ دَخَلَ قَوْمٌ عليه وهو يحدثهم (91 د) وَأَنَا وَأَبُو حَاتِمٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَّا (5) خَارِجٌ نَتَسَمَّعُ فَوَقَعَ فِي مَسَامِعِنَا وَهُوَ يَقُولُ: حدثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ
عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم: إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ فَصِحْنَا مِنْ وَرَاءِ [الْبَابِ - 6] فَقُلْنَا يَا ابا عمر
هَذَا عَنْ جَابِرٍ، فَقَالَ: صَدَقْتُمْ، ادْخُلُوا.
حدثنا عبد الرحمن قال (1) حضر عند أبي زرعة محمد بن مسلم [والفضل بن العباس المعروف بالصائغ فجرى بينهم مذاكرة، فذكر محمد ابن مسلم - 2] حديثا فأنكر فضل الصائغ فقال يا أبا عبد الله ليس هكذا هو، فقال كيف هو؟ فذكر رواية أخرى، فقال محمد بن مسلم بل الصحيح ما قلت والخطأ ما قلت، قال فضل فأبو زرعة الحاكم بيننا، فقال محمد بن مسلم لأبي زرعة أيش تقول أينا المخطئ؟ فسكت أبو زرعة ولم يجب فقال محمد بن مسلم: مالك سكت، تكلم، فجعل أبو زرعة يتغافل، فألح عليه محمد بن مسلم وقال: لا أعرف لسكوتك معنى، إن كنت أنا المخطئ فأخبر وإن كان هو المخطئ [فأخبر - 2] ، فقال هاتوا أبا القاسم
ابن أخي فدعى به فقال اذهب وادخل بيت الكتب دفع القمطر الاول والقمطر الثاني والقطمر الثالث وعد ستة عشر جزءا وائتني بالجزء السابع عشر، فذهب فجاء بالدفتر فدفعه إليه فأخذ أبو زرعة فتصفح الأوراق وأخرج الحديث ودفعه إلى محمد بن مسلم فقرأه محمد بن مسلم: فقال نعم غلطنا فكان ماذا؟.
حدثنا عبد الرحمن قال (3) قيل لأبي زرعة بلغنا عنك أنك قلت لم أر [أحدا - 4] أحفظ من ابن أبي شيبة؟ فقال، نعم في الحفظ ولكن في الحديث كأنه لم يحمده، فقال: روى مرة حديث حذيفة في الإزار فقال حدثنا أبو الأحوص عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي معلى عن حذيفة، [فقلت له إنما هو أبو إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة، وذاك الذي ذكرت (173 م)
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي المعلى عن حذيفة - 1] قال كنت ذرب اللسان، فبقي، فقلت للوراق أحضروا المسند، فأتوا بمسند حذيفة فأصابه كما قلت.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: كنا عند أبي بكر بن ابي شعيبة ومعنا كيلجة فقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا ابن (2) عيينة عن عبد الله بن أبي بكر عن أنس أنه قال يتبع الميت ثلاث.
فقال كيلجة هو عن عبيد الله بن أبي بكر فقال: عن عبيد الله بن أبي بكر فقلت يا أبا بكر تركت الصواب وتلقنت الخطأ إنما روى هو عن عبد الله بن أبي بكر
وسفيان لم يلق عبيد الله بن أبي بكر، فقال لقنني [هذا - 3] ، فقلت: كلما لقنك هذا تريد أن تقبله؟.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يَقُولُ حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة مرة عن وكيع عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عبيد الله [قال رأيت سالما توضأ مرة، فقلت إنما هو وكيع عن سفيان، فقال، لا حدثنا وكيع عن مسعر عن عاصم بن عبيد الله - 4] فقلت ليس هذا من حديث مسعر، حدثنا أبو نعيم ومحمد بن كثير عن سفيان عن عاصم، ولم يسمع مسعر من عاصم بن عبيد الله شيئا، فقال: بلى مسعر عن عاصم عن الشعبي، فقلت: هذا عاصم وذكر عاصما آخر إنما قلت لك عاصم بن عبيد الله لم يسمع مسعر منه شيئا، فسكت فلما كان بالعشي قال قد أصبته [هو - 5] كما قلت أنت حدثنا وكيع والفضل بن دكين عن سفيان.
وقال له رجل يوما يا أبا بكر منذ قدم أبو زرعة صحح لنا سبعين حديثا، فحجل، ثم قال أبو زرعة [يكون - 1] مثل هذا كثير.
هذا علي ابن
المديني ذاكر بباب لعبد الرحمن بن مهدي في التسليم واحدة وعبد الرحمن كان له في هذا باب فقال علي: هذا كله كذب، فلما كان بعد أيام
روى الباب عن عبد الرحمن.
باب ما ذكر من فراسة عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي في أبي زرعة [وهو صغير - 1]
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول ذهب بي أبي إلى عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي فلما رأيته نفرت من هيبته فتقدم أبي إليه فسلم عليه وقعد (174 م) بجنبه فلم أزل أدنو وأنظر إليه ولا أجسر من الهيبة أن أدنو منه فلما رآني أتقدم قال لأبي من هذا؟ قال هذا ابني، قال ادعوه، فدعاني فجئت حتى دنوت من أبي فقال لي عبد الرحمن ادن مني، وأنا أدنو شيئا بعد شئ، فلم يزل يقول ادن، حتى دنوت فأظنه أقعدني على فخذه أو أقعدني بجنبه فقال لي أخرج يدك فأخرجت يدي فنظر إلى شقوق باطن أصابعي فتفرس [في - 1] فقال لأبي: إن ابنك هذا سيكون له شان ويحفظ القرآن (93 ك) والعلم، وذكر أشياء.
باب ما ذكر من رحلة أبي زرعة في طلب العلم حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة في أي سنة كتبتم (2) عن أبي نعيم؟ قال في سنة أربع عشرة ومائتين، ومات في سنة ثماني عشرة ومائتين.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول خرجت من الري المرة
الثانية سنة سبع وعشرين ومائتين ورجعت سنة اثنتين وثلاثين في أولها، بدأت فحججت ثم خرجت إلى مصر فأقمت بمصر خمسة عشر شهرا وكنت عزمت في بدو قدومي مصر أني أقل المقام بها، فلما رأيت كثرة العلم بها وكثرة الاستفادة عزمت على المقام ولم أكن عزمت على سماع كتب الشافعي، فلما عزمت على المقام وجهت إلى أعرف (1) رجل بمصر بكتب الشافعي (92 د) فقبلتها منه بثمانين درهما أن يكتبها كلها وأعطيته الكاغذ وكنت حملت معي ثوبين ديبقيين (2) لأقطعهما لنفسي فلما عزمت على كتابتها أمرت ببيعهما فبيعا بستين درهما واشتريت مائة ورقة كاغذ بعشرة دراهم كتبت فيها كتبت الشافعي.
ثم خرجت إلى الشام فأقمت بها ما أقمت، ثم خرجت إلى الجزيرة وأقمت ما أقمت، ثم رجعت إلى بغداد سنة ثلاثين في آخرها، ورجعت إلى الكوفة وأقمت [بها ما أقمت - 3] وقدمت البصرة فكتبت بها عن شيبان وعبد الأعلى.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن عوف يقول: كان أبو زرعة عندنا بحمص سنة ثلاثين ومائتين.
حدثنا عبد الرحمن قال (175 م) سمعت أبا زرعة يقول أقمت في خرجتي الثالثة بالشام والعراق ومصر أربع سنين وستة أشهر فما أعلم أني طبخت فيها قدرا بيد نفسي.
باب ما ذكر من جلالة أبي زرعة عند العلماء حدثنا عبد الرحمن نا الحسن بن أحمد بن الليث قال سمعت احمد ابن حنبل وسأله رجل فقال: بالري شاب يقال له أبو زرعة، فغضب أحمد وقال: تقول شاب؟ كالمنكر عليه، ثم رفع يديه وجعل يدعو الله عزوجل لأبي زرعة ويقول: اللهم انصره على [من - 1] يغي عليه، اللهم عافه، اللهم ادفع عنه البلاء، اللهم، اللهم، في دعاء كثير.
قال الحسن فلما قدمت حكيت ذلك لأبي زرعة وحملت إليه دعاء أحمد بن حنبل [له - 2] وكنت كتبته [عنه - 3] فكتبه أبو زرعة وقال [لي - 3] أبو زرعة: ما وقعت في بلية فذكرت دعاء أحمد إلا ظننت ان الله عزوجل يفرج بدعائه عني.
حدثنا عبد الرحمن قال رأيت في كتاب عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني الْمَعْرُوفُ بِرُسْتَةَ مِنْ أَصْبَهَانَ إِلَى أبي زرعة [بخطه - 3] :
أعلم رحمك الله إني ما [أكاد - 4] أنساك في الدعاء [لك - 3] ليلي ونهاري أن يمتع المسلمون بطول بقائك فأنه لا يزال الناس بخير ما بقي من يعرف العلم وحقه من باطله، ولولا ذاك لذهب العلم وصار الناس إلى الجهل، وقد جاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
وقد جعلك الله منهم فأحمد الله على ذلك فقد وجب لله عزوجل عليك الشكر في ذلك.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: أردت الخروج من
مصر فجئت لأودع يحيى بن عبد الله بن بكير فقلت تأمر بشئ؟ قال: أخلف الله علينا بخير.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو زرعة قال سمعت إبراهيم بن موسى يقول لي: أجد منك ريح الولد.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول بعد وفاة أبي زرعة بنحو من شهرين يقول: ما قاتني الدعاء لابي زرعة في شئ من [صلوات - 1] الفرائض منذ مات أبو زرعة (176 م) الا امس فابي كنت في التشهد فدخل على بعض الناص فاشتغل به قلبي فنسيت الدعاء ثم دعوت له بعد ما صليت.
قيل له ويجوز الدعاء في الفرائض؟ قال: نعم [أنا - 2] أدعو لأبي زرعة واسميه في صلواتي.
حدثنا عبد الرحمن قال كتب إلي أبو الحسين أحمد بن سليمان الرهاوي قال: ما احد احب الي ان اراهد من أبي زرعة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتب إلى اسحاق ابن راهويه: لا يهولنك الباطل فإن للباطل جولة ثم يتلاشى.
حدثنا عبد الرحمن قال قلت لأبي زرعة كتب إليك حين حدثت؟ قال: نعم، لم أكن انبسطت في مكاشفة القوم حينئذ.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زُرْعَةَ يَقُولُ: ذَكَرْتُ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثَ أَبِي دَاوُدَ عَنْ بِشْرِ بِنْ الْفَضْلِ (3) عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يُبَاشِرُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إِلا وَهُمَا زَانِيَانِ، وَلا تُبَاشِرُ
الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ إِلا وَهُمَا زَانِيَتَانِ.
فَقَالَ [لِي - 4] أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَنْ بشر
هَذَا؟ قُلْتُ: رَأَيْتُ الْمِصْرِيِّينَ (1) يُحَدِّثُونَ عَنْ بِشْرٍ هَذَا، فَقَالَ أَحْمَدُ، [كَأَنَّ - 2] هَذَا الشَّيْخَ (3) بَصْرِيٌّ وَقَعَ إِلَيْهِمْ.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: [لما - 4] أتيت محمد بن عائذ وكان رجلا جافيا ومعي جماعة فرفع صوته فقال: من اين 94 ك) أنتم؟ قلنا: من بلدان مختلفة، من خراسان من الري من كذا وكذا، قال، أنتم أمثل من أهل العراق (5) ، قال ما تريدون؟ ورفع صوته قلنا، شيئا من حديث يحيى بن حمزة، فلم أزل أرفق به وأداريه حتى حدثني بما معي، ثم قال: خذ الكتاب فانظر فيه - فأعطاني كتابه فنظرت فيه وكتبت منه أحاديث، ثم قال: خذ الكتاب فاذهب [به - 4] معك، قال أبو زرعة: فدعوت له وشكرته على ما فعل، قلت: أنا أجل كتابك عن حمله، وأنا أصيب نسخة هذا عند أصحابنا، فذهبت فأخذت من بعض أصحاب الحديث فنسخته على الوجه، وسألته كتاب الهيثم بن حميد [فأخرج إلى جزءا عن الهيثم بن حميد وكان عند هشام بن عمار (177 م) عن الهيثم بن حميد - 6] شئ يسير فأخرج هو جزءا عن الهيثم فاستغنمته (93 د) وكتبته على الوجه، وسألته كتاب الفتن عن الوليد بن مسلم فأجابني، وتعجب الدمشقيون مما يفعل بي، ونسخت كتاب الفتن فأتيته مع رفقائي فقال: إنما أجبتك ولم أجب هؤلاء، فلم أزل أرفق به وأداريه (7) حتى حدثنا بد وسمعوا مغي.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعنا (8) أبا زرعة يقول: دفع إلى احمد ابن حنبل جزئين [فنظرت - 4] فإذا أحاديث المعتمر بن سليمان وبشر
ابن المفضل أحاديث قد كتبتها عن غيره فأقبلت (1) أتفكر وانظر إليه فأقول مرة أكتبه، وأقول مرة قد سمعتها (2) من غيره لا أكتبه، ففطن رحمه الله فقال: اراك قد سمعتها من غيرنا؟ قلت: نعم، قال عمن كتبتها؟ فقلت: عن مسدد، فقال: مسدد [ثقة - 3] اصفح، فصفحت فرأيت أحاديث حسانا عن غندر وغيره.
وقال: أحاديث خالد بن ذكوان عن الربيع عمن كتبتها؟ قلت.
عن مسدد.
(4) حدثنا عبد الرحمن قال قرأت كتاب إسحاق بن راهويه إلى أبي زرعة بخطه: أعلم أبقاك الله إني كنت أسمع من إخواننا القادمين علينا ومن غيرهم حالك وما أنت عليه من العلم والحفظ فأسر بذلك و [إني - 5] ازداد بك كل يوم سرورا فالحمد لله الذي جعلك ممن
يحفظ سنته، وهو (6) من أعظم ما يحتاج إليه الطالب اليوم، وأحمد بن إبراهيم لا يزال في ذكرك بالجميل حتى يكاد يفرط حبا لك وإن لم يكن فيك بحمد الله إفراط.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتب إلى أبو ثور فقال في كتابه: كان الأمر قديما أمر أصحابك - يعني في التفقه - حتى نشأ قوم فاشتغلوا بعدد الأحاديث وتركوا التفقه.
قال وسمعت أبا زرعة يقول: وقد عاد [قوم - 7] في التفقه وهو الأصل.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة - وقلت له أخبرت أنه قرأ عليك الربيع بالليل فقال: ما اعلم اني سمعت منه بالليل إلا مجلسا واحدا
رافقني رجل فلما تهيأ خروجي امتنع من الخروج قلت مالك؟ قال قد بقي علي شئ من كتب الشافعي وكان [قد - 1] سمع كتب الشافعي من حرملة فقلت لرفيقي: ترضى أن يقرأ عليك الربيع؟ قال: نعم، قال أبو زرعة فلقيت الربيع فأخبرته بالقصة وسألته أن يجيئنا ليلا فيقرأ على رفيقي
ما بقي عليه فجاءنا ليلا فقرأ علينا.
قلت: أخبرت أن الربيع قرأها عليك في أربعين يوما؟ قال: لا يبني، إنما كنت أسمع منه في وقت أتفرغ فيه إليه وكنت آخذ ميعاده في مسجد الجامع فربما أبطأت عليه وربما لم اجئ [فلا ينصرف - 2] (178 م) فيقول إذا لم يمكنك المجئ فاكتب على الإسطوانة حتى أمضى.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول: أنا أحقر في نفسي من أن ينزلني الله عزوجل منزلة أبي زرعة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول قال لنا أبو الوليد الطيالسي: إذا كان عندنا قوم فلا تستأذنوا فليس عليكم حجاب.
وربما دخلنا عليه وهو يأكل فيشدد علينا أن كلوا.
باب ما ظهر لأبي زرعة من سيد عمله عند وفاته حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يَقُولُ: مَاتَ أَبُو زُرْعَةَ مَطْعُونًا مَبْطُونًا يَعْرَقُ جَبِينُهُ فِي النَّزْعِ فَقُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ: مَا تَحْفَظُ فِي تَلْقِينِ الْمَوْتَى لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ: يُرْوَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - فَمَنْ (3) قَبِلَ أَنْ يَسْتَتِمَّ رَفَعَ أَبُو زُرْعَةَ رَأْسَهُ وَهُوَ فِي النَّزْعِ فَقَالَ: رَوَى عبد الحميد
ابن جَعْفَرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُعَاذٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ.
فَصَارَ الْبَيْتُ ضَجَّةً بِبُكَاءِ مَنْ حَضَرَ.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أحمد بن إسماعيل ابن عم أبي زرعة يقول سمعت أبا زرعة يقول في مرضه الذي مات فيه: اللهم إني أشتاق إلى رؤيتك، فإن قال لي بأي عمل اشتقت إلي؟ قلت: برحمتك يا رب.
باب ما رئي لأبي زرعة من الرؤيا قبل وفاته وبعدها حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول رأيت أبا زرعة رحمه الله في المنام فقلت ما فعل بك ربك؟ فقال قربني وأدناني وقربني وأدناني حتى - هكذا وأومأ بيده، ثم قال [لي - 1] يا عبيد الله تدرعت بالكلام؟ قلت لانهم حاولوا دينك، (95 ك) قال ألحقوه بأبي عبد الله وأبي عبد الله وأبي عبد الله.
قال محمد بن مسلم فوقع في نفسي (2) في النوم أن أبا عبد الله سفيان الثوري وإن أبا عبد الله مالك بن أنس وإن أبا عبد الله أحمد بن حنبل.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول رأيت في المنام كأن علي ثوب برد له خطوط دقاق.
قال أبو محمد (3) (179 م) تعبيره (4) أن يشتهر فاشتهر بالخير والعلم.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة في سنة اثنتين وستين ومائتين
يقول: كنت منذ سنين نحو عشرين سنة ربما خطر ببالي تقصير [ي وتقصير الناس - 1] في الأعمال في النوافل والحج والصيام والجهاد فكثر ذلك في قلبي فرأيت ليلة فيما يرى النائم كأن آتيا أتاني فضرب يده (2) بين كتفي فقال: قد أكثرت من العبادة، وأي عبادة أفضل من الصلوات الخمس في جماعة؟.
باب ما ذكر من بد ومكاشفة أبي زرعة لاهل الرأي واظهاره السنن ومقاساته اذى القوم (94 د) حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول قال [لي - 3] أبو جعفر الجمال: مالهم - يعني أصحاب الرأي سواك.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: ما رغبت قط في سكني الري وما كاشفت القوم وأنا أريد مزاحمتهم في دنيا ولا مال ولا في ضيعة وقلت في نفسي أنا لست براغب في شئ من هذا فأقاسي إظهار السنن فإن كان كون خرجت وهربت إلى طرسوس.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول قال لي السري بن معاذ: لو أني قبلت لأعطيت مائة ألف درهم قبل الليل فيك وفي ابن مسلم من غير أن أحبسكم ولا أضربكم أكثر من أن أمنعكم من التحديث (4) .
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول وقلت له أنهم كانوا يقولون إن رجلا بصريا يحمل إليك الكلام الذي ترويه في ابن مقاتل فقال: يفرغ ابن مقاتل من مجلسه يوم الجمعة إلى قرب المغرب وأرد عليه من الغد بكرة، من وضع لي؟ وددت إني كنت أرى في
[ذلك - 1] الوقت الذي دفع إلى ما روى في مجلسه [رجلا - 1] .
باب ما ذكر من زهد أبي زرعة وظلف نفسه عن الدنيا حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: لو كان لي صحة بدن على ما أريد كنت أتصدق بمالي كله واخرج إلى طرسوس أو إلى ثعر من الثغور وآكل من المباحات والزمها، ثم قال: إني لألبس الثياب لكي إذا نظر إلى الناس لا يقولون قد (180 م) ترك أبو زرعة الدنيا ولبس الثياب الدون، وإني لآكل ما يقدم إلى من الطيبات والحلواء لكي لا يقول الناس (2) إن أبا زرعة لا يأكل الطيبات لزهده، واني لآكل الشئ الطيب وما مجراه عندي ومجرى غيره من الأدم إلا واحد، وألبس الثياب الجياد (3) ودونه من الثياب عندي واحد، لأن جميعا يعملان عملا واحدا، ومن أحب أن يسلم من لبسه الثياب يلبسه لستر عورته فأنه إذا نوى هذا ولم ينو غيره سلم.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: كنت فيما مضى وأنا صحيح وربما أخذتني الحمى فاضعف وأجد لذلك ألما، وأنا اليوم ربما حممت وربما لم أحم فلا أجد لشئ مما أنا فيه ألما، أظن في نفسي أنه كذا ينبغي أن يكون.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: أعلم أن عمي إسماعيل طبخ قدرا بقرية روده وبوسته مغمى فقال لي ألق فيه شيئا من الملح فأخذت كفا من الملح وألقيت فيه فصار القدر كله مرا ولم يذق أحد منا منه، فقيل لي: لم ألقيت كثرة هذا الملح في هذا؟ فقلت لهم لم توقتوا
لي فيه شيئا ولم ادركم ألقى فيها.
قال أبو زرعة دخلت مرة البيت فنظرت فإذا قنينة فيها دهن شيرج فنظرت إليه فظننت أنه فقاع فأخذت القدح فصببت منه حتى قيل لي: هذا دهن، فنظرت فإذا هو دهن (1) .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=143970&book=5558#15b33c
أبو زرعة الفزعي
س: أبو زرعة الفزعي الرمالي أخرجه ابن طرخان، فِي وحدان الصحابة.
2940 روى يَحْيَى بن الأصبع بن مهران الفزعي، من خثعم، حَدَّثَنِي حرام بن عبد الرحمن، عن أبي زرعة الفزعي، ثُمَّ الرمالي: " أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عقد لَهُ راية رقعة بيضاء ذراعا فِي ذراع ".
أخرجه أبو موسى.
س: أبو زرعة الفزعي الرمالي أخرجه ابن طرخان، فِي وحدان الصحابة.
2940 روى يَحْيَى بن الأصبع بن مهران الفزعي، من خثعم، حَدَّثَنِي حرام بن عبد الرحمن، عن أبي زرعة الفزعي، ثُمَّ الرمالي: " أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عقد لَهُ راية رقعة بيضاء ذراعا فِي ذراع ".
أخرجه أبو موسى.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=143971&book=5558#0dec90
أبو زرعة مولى المقداد
ب: أبو زرعة مولى المقداد بن الأسود اسمه عبد الرحمن، لا تصح لَهُ صحبة ولا رواية، حديثه مرسل، وقال البخاري.
حديثه منقطع.
أخرجه أبو عمر مختصرا.
ب: أبو زرعة مولى المقداد بن الأسود اسمه عبد الرحمن، لا تصح لَهُ صحبة ولا رواية، حديثه مرسل، وقال البخاري.
حديثه منقطع.
أخرجه أبو عمر مختصرا.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=125970&book=5558#604c3e
أبو زرعة مولى المقداد بن الأسود. اسمه عبد الرحمن روى عنه أبو هلال . حديثه عندهم مرسل.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=125970&book=5558#ff657c
أَبُو زرعة مولى المقداد بْن الأسود.
اسمه عَبْد الرَّحْمَنِ، لا تصح له صحبة.
ولا رواية. حديثه مرسل. قَالَ البخاري: حديثه منقطع.
اسمه عَبْد الرَّحْمَنِ، لا تصح له صحبة.
ولا رواية. حديثه مرسل. قَالَ البخاري: حديثه منقطع.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=122629&book=5558#e20f8e
أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ عبيد الله بن عبد الكريم
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=125969&book=5558#5543dc
أبو زرعة بن عمرِو بن جرير اسمه هرم بن عمرو بن جرير بن عبد اللَّه البجلى. سمع جده جريرًا وأبا هريرة. روى عنه أبو حيان التيمى والحسن بن عبيد اللَّه.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=140393&book=5558#9caeab
- أَبُو زرْعَة هرم بن عَمْرو بن جرير تقدم ذكره
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=125581&book=5558#81697f
أبو زرعة مولى المقداه بن الأسود ، اسمه عبد الرحمن ذكره بعضهم في الصحابة. وقال البخارى : حديثه منقطع مرسل .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=125971&book=5558#ccce7c
أبو زرعة الدمشقى. عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان النَّصْرى من بنى نصر بن معاوية، كان أحد العلماء بالحديث ورجاله أمام (أهل) بلده في ذلك. روى عن أبى مسهر، ويحيى بن صالح ، ودحيم، وعلى بن عياش ومحمد بن المبارك الصورى ، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وغيرهم كثير. قال ابن أبى حاتم: كتب عن أبى وكان رفيقه، وكتبت عنه أنا وأبى وكان صدوقًا ثقة .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=122628&book=5558#8d07b7
أَبُو زرْعَة هدم بن عَمْرو بن جرير
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=125968&book=5558#abb8a0
أبو زرعة الحضرمى المصرى. عمرو بن جابر. روى عن جابر بن عبد اللَّه، وعن عبد اللَّه بن الحارث بن جَزْء الزبيدى. روى عنه ابن لهيعة، وبكر بن مضر وسعيد بن أبى أيوب. قال ابن أبى حاتم: سألت عنه أبى فقال: "عنده نحو عشرين حديثًا. هو صالح الحديث" . وقال أبو بكر الاثرم: سألت عنه أحمد ابن حنبل فقال: روى عنه ابن لهيعة أحاديث مناكير .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=157052&book=5558#7c9487
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ
الإِمَامُ، سَيِّدُ الحُفَّاظِ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ يَزِيْدَ بنِ فَرُّوْخٍ: مُحَدِّثُ الرَّيِّ.
وَدُخُوْلُ (الزَّاي) فِي نِسْبَتِهِ غَيْرُ مَقِيْسٍ، كَالمَرْوَزِيِّ.
مَوْلِدُهُ: بَعْدَ نَيِّفٍ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَطِيَّةَ بنِ نَجِيْحٍ، وَهُمَا مِمَّن تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فِيمَا بَلَغَنِي.
فإِمَّا وَقَعَ غَلَطٌ فِي وَفَاتِهِمَا، وَإِمَّا فِي مَوْلِدِهِ، وَإِمَّا فِي لُقِيِّهِ لَهُمَا.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ سَابِقٍ، وَقُرَّةَ بنِ حَبِيْبٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالقَعْنَبِيِّ، وَخَلاَّدِ بنِ يَحْيَى، وَعَمْرِو بنِ هَاشِمٍ، وَعِيْسَى بنِ مِينَاقَالُوْنَ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيِّ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَكَّارٍ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَطَبَقَتِهِم.قَالَ لَنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِي (تَهْذِيْبِهِ ) : هُوَ مَوْلَى عَيَّاشِ بنِ مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَيَّاشِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيِّ.... ثُمَّ سَرَدَ شُيُوْخَهُ، وَمِنْهُم:
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ بِشْرٍ البَجَلِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ البُوْرَانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضيُّ، وَالرَّبِيْعُ بنُ يَحْيَى الأُشنَانِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بَكَّارٍ الدَّارِمِيُّ، وَشَاذُ بنُ فَيَّاضٍ، وَقَبِيْصَةُ بنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِيهِم: أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيْلَ، وَهَذَا وَهْمٌ، لَمْ يُدْرِكْهُ، وَلاَ سَمِعَ مِنْهُ، وَلاَ دَخَلَ البَصْرَةَ، إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهِ بَأَعْوَامٍ.
وَطَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ وَهُوَ حَدَثٌ، وَارْتَحَلَ إِلَى الحِجَازِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَخُرَاسَانَ، وَكَتَبَ مَا لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَحَرْمَلَةُ بنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعُ المُرَادِيُّ - وَهُم مِنْ شُيُوْخِهِ - وَابْنُ وَارَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ، وَخَلْقٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ
الذَّهَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَعَدِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ وَالِدُ الحَافِظِ أَبِي أَحْمَدَ، وَمُوْسَى بنُ العَبَّاسِ الجُوَيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّارَكِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.وَابْنُ سَابِقٍ - شَيْخُهُ - وَهُوَ: مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ سَابِقٍ.
فَذَكَرَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ، أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ، قَالَ: لاَ أَعْلَمُ صَفَا لِي رِبَاطُ يَوْمٍ قَطُّ، أَمَّا بَيْرُوْتُ: فَأَرَدْنَا العَبَّاسَ بنَ الوَلِيْدِ بنِ مَزْيَدٍ، وَأَمَّا عَسْقلاَنُ: فَأَرَدْنَا مُحَمَّدَ بنَ أَبِي السَّرِيِّ، وَأَمَّا قَزْوِيْنَ: فمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ سَابِقٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: فَرُّوْخٌ؛ جَدُّ أَبِي زُرْعَةَ هُوَ مَوْلَى عَبَّاسِ بنِ مُطَرِّفٍ القُرَشِيِّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: سَمِعَ أَبُو زُرْعَةَ مِنْ: مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَقَبِيْصَةَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ.
قَالَ: وَكَانَ إِمَاماً رَبَّانِيّاً، حَافِظاً مُتْقِناً مُكْثِراً ... جَالَسَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَذَاكَرَهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَقَاسمٌ المُطَرِّزُ.
قَالَ تَمَّامٌ الرَّازِيُّ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ دِمَشْقَ قَدِيْماً، مِنْهُم: أَبُو يَحْيَى فَرْخَوَيْه، فَلَمَّا انصَرَفُوا - فِيمَا أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُم: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ - رَأَوْا هَذَا الفَتَى قَدْ كَاسَ -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ- فَقَالُوا لَهُ: نُكَنِّيْكَ بِكُنْيَةِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ.
ثُمَّ لَقِيَنِي أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ يُذَكِّرُنِي
هَذَا الحَدِيْثَ، وَيَقُوْلُ: بِكُنْيَتِكَ اكْتَنَيْتُ.قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَطَّةَ: سَمِعْتُ النَّجَّادَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ، يَقُوْلُ: لَمَّا وَرَدَ عَلَيْنَا أَبُو زُرْعَةَ، نَزَلَ عِنْدَنَا، فَقَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَي! قَدِ اعْتَضْتُ بِنَوَافِلِي مُذَاكرَةَ هَذَا الشَّيْخِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الرَّازِيِّ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ مائَةَ أَلْفٍ.
فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، تَقْدِرُ أَنْ تُمْلِي عَلَيَّ أَلْفَ حَدِيْثٍ مِنْ حِفْظٍ؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِن إِذَا أُلْقِيَ عَلَيَّ عَرَفْتُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: قُلْتُ لأَبِي زُرْعَةَ: يَجُوْزُ مَا كَتَبْتَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى مائَةَ أَلْفٍ؟
قَالَ: مائَةُ أَلْفٍ كَثِيْرٌ.
قُلْتُ: فَخَمْسِيْنَ أَلْفاً؟
قَالَ: نَعَمْ، وَسِتِّيْنَ وَسَبْعِيْنَ أَلْفاً.
حَدَّثَنِي مَنْ عَدَّ كِتَابَ الوُضُوْءِ وَالصَّلاَةِ، فَبَلَغَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ حَمْكَوَيْه بِالرَّيِّ، يَقُوْلُ:
سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلاَقِ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مائَتَي أَلفِ حَدِيْثٍ هَلْ حَنِثَ؟
فَقَالَ: لاَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَحْفَظُ مائَتَي أَلفِ حَدِيْثٍ، كَمَا يَحْفَظُ الإِنسَانُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإِخْلاصُ: 1] وَفِي المُذَاكَرَةِ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُرْسَلَةٌ، وَحِكَايَةُ صَالِحٍ جَزَرَةَ أَصَحُّ.رَوَى الخَطِيْبُ هَذِهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ السُّوذَرْجَانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَنْدَةَ يَقُوْلُ ذَلِكَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كُنْتُ بِالرَّيِّ، وَأَنَا غُلاَمٌ فِي البَزَّازِيْنَ، فَحَلَفَ رَجُلٌ بِطَلاَقِ امرَأَتِهِ: أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
فَذَهَبَ قَوْمٌ - أَنَا فِيهِم - إِلَى أَبِي زُرْعَةَ، فَسَأَلنَاهُ.
فَقَالَ: مَا حَمَلَهُ عَلَى الحَلْفِ بِالطَّلاَقِ؟
قِيْلَ: قَدْ جَرَى الآنَ مِنْهُ ذَلِكَ.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لِيُمْسِكِ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ، أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عُثْمَانَ التُّسْتَرِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
كُلُّ شَيْءٍ قَالَ الحَسَنُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَدْتُ لَهُ أَصْلاً، إِلاَّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: عَجِبْتُ مِمَّنْ يُفْتِي فِي مَسَائِلَ الطَّلاَقِ، يَحْفَظُ أَقَلَّ مِنْ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الرَّازِيَّ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ إِسْحَاقَ بِنَيْسَابُوْرَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ العِرَاقِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
صَحَّ مِنَ الحَدِيْثِ سَبْعُ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ وَكَسْرٌ، وَهَذَا الفَتَى -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ- قَدْ حَفِظَ سِتَّ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: أَبُو جَعْفَرٍ لَيْسَ بِثِقَةٍ.ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنِي الحَضْرَمِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَقِيْلَ لَهُ: مَنْ أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتَ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ.
ابْنُ المُقْرِئِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِينِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيَّ، يَقُوْلُ:
أَبُو زُرْعَةَ يُشَبَّهُ بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، مُسْنَدِهَا وَمُنْقَطَعِهَا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَكَذَلِكَ سَائِرِ العُلُوْمِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، فَقَالَ: إِمَامٌ.
قَالَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ القَطَّانُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُوْلُ:
مَا جَاوَزَ الجِسْرَ أَحَدٌ أَفْقَهُ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَلاَ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، يَقُوْلُ:
مَا سَمِعْنَا بِذِكْرِ أَحَدٍ فِي الحِفْظِ، إِلاَّ كَانَ اسْمُهُ أَكْبَرَ مِنْ رُؤْيَتِهِ، إِلاَّ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، فَإِنَّ مُشَاهَدَتَهُ كَانَتْ أَعْظَمَ مِنِ اسْمِهِ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ حِفْظَ الأَبْوَابِ وَالشُّيُوْخِ وَالتَّفْسِيْرِ، كَتَبْنَا بَانتِخَابِهِ بِوَاسِطَ سِتَّةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ شِمْرٍ، سَمِعْتُ سُوَيْدَ بنَ غَفَلَةَ، يَقُوْلُ : وعِيْسٍ عِيْنٍ.يُرِيْدُ: {حُوْرٍ عِيْنٍ} [الوَاقِعَةُ: 22] .
قَالَ صَالِحٌ: فَأَلقَيْتُ هَذَا عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، فَبَقِيَ مُتَعَجِّباً، فَقَالَ: أَنَا أَحْفَظُ فِي القِرَاءاتِ عَشْرَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: فَتَحْفَظُ هَذَا؟
قَالَ: لاَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عُثْمَانَ، سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، يَقُوْلُ:
كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، فلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ، يَقُوْلُ:
لَمَّا انصَرَفَ قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ إِلَى الرَّيِّ، سَأَلُوهُ أَنْ يُحَدِّثَهُم، فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكُم بَعْدَ أَنْ حَضَرَ مَجْلِسِي أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ؟
قَالُوا لَهُ: فَإِنَّ عِنْدَنَا غُلاَماً يَسْرُدُ كُلَّ مَا حَدَّثْتَ بِهِ، مَجْلِساً مَجْلِساً، قُمْ يَا أَبَا زُرْعَةَ.
قَالَ: فَقَامَ، فَسَرَدَ كُلَّ مَا حَدَّثَ بِهِ قُتَيْبَةُ، فَحَدَّثَهُم قُتَيْبَةُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ البَصْرَةَ، فَحَضَرْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَرَوَى حَدِيْثاً
فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ.ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غنيَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ.
فَقُلْتُ: هَذَا وَهْمٌ، وَهِمَ فِيْهِ إِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعْدٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جُبَيْرٍ.
قَالَ: مَنْ يَقُوْلُ هَذَا؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي غنيَةَ.
فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِي: مَا تَقُوْلُ فِيْمَنْ جَعَلَ الأَذَانَ مَكَانَ الإِقَامَةِ؟
قُلْتُ: يُعِيْدُ.
قَالَ: مَنْ قَالَ هَذَا؟
قُلْتُ: الشَّعْبِيُّ.
قَالَ: مَنْ عَنِ الشَّعْبِيِّ؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
قَالَ: وَمَنْ غَيْرُ هَذَا؟
قُلْتُ: إِبْرَاهِيْمُ، وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْهُ.
قَالَ: أَخْطَأْتَ. قُلْتُ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ.قَالَ: أَخْطَأْتَ.
قُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كدينَةَ، عَنْ مُغِيْرَةَ.
قَالَ: أَصَبْتَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: اشتَبَهَ عَلِيَّ، وَكَتَبْتُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ الثَّلاَثَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَمَا طَالَعْتُهَا مُنْذُ كَتَبْتُهَا.
ثُمَّ قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ غَيْرُ هَذَا؟
قُلْتُ: مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الحَسَنِ.
قَالَ: هَذَا سَرَقْتَهَ مِنِّي - وَصَدَقَ - كَانَ ذَاكَرَنِي بِهِ رَجُلٌ بِبَغْدَادَ، فَحَفِظتُهُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ جَزَرَةُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: مُرَّ بِنَا إِلَى سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيِّ نُذَاكِرُهُ.
قَالَ: فَذَهَبْنَا، فَمَا زَالَ يُذَاكِرُهُ حَتَّى عَجَزَ الشَّاذَكُوْنِيُّ عَنْ حِفْظِهِ، فَلَمَّا أَعيَاهُ، أَلقَى عَلَيْهِ حَدِيْثاً مِنْ حَدِيْثِ الرَّازِيِّينَ، فَلَم يَعْرِفْهُ أَبُو زُرْعَةَ.
فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا سُبْحَانَ اللهِ! حَدِيْثُ بَلَدِكَ، هَذَا مَخْرَجُهُ مِنْ عِنْدِكُم!؟ وَأَبُو زُرْعَةَ سَاكِتٌ، وَالشَّاذَكُوْنِيُّ يُخْجِلُهُ، وَيُرِي مَنْ حَضَرَ أَنَّهُ قَدْ عَجَزَ.
فَلَمَّا خَرَجْنَا، رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ قَدِ اغْتَمَّ، وَيَقُوْلُ: لاَ أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءَ بِهَذَا؟
فَقُلْتُ لَهُ: وَضَعَهُ فِي الوَقْتِ كِي تَعْجِزَ وتَخْجَلَ.
قَالَ: هَكَذَا؟
قُلْتُ: نَعَم، فَسُرِّيَ عَنْهُ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئَ، سَمِعْتُ فَضْلَكَ الصَّائِغَ، يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ المَدِيْنَةَ، فَصِرْتُ إِلَى بَابِ أَبِي مُصْعَبٍ، فَخَرَجَ إِليَّ شَيْخٌ مَخْضُوبٌ، وَكُنْتُ نَاعِساً، فَحَرَّكَنِي، وَقَالَ: يَا مردريك ! مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ أَيُّ شَيْءٍ تَنَامُ؟
قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، أَنَا مِنَ الرَّيِّ، مِنْ بَعْضِ شَاكردي أَبِي زُرْعَةَ.
فَقَالَ: تَرَكْتَ أَبَا زُرْعَةَ وَجِئتَنِي؟ لَقِيْتُ مَالِكاً
وَغَيْرَهُ، فَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ.قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى الرَّبِيْعِ بِمِصْرَ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ؟
قُلْتُ: مِنَ الرَّيِّ.
قَالَ: تَرَكْتَ أَبَا زُرْعَةَ وَجِئْتَ؟ إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ آيَةٌ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا جَعَلَ إِنسَاناً آيَةً، أَبَانَهُ مِنْ شَكْلِهِ، حَتَّى لاَ يَكُونَ لَهُ ثَانٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ تَوَاضُعاً مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، هُوَ وَأَبُو حَاتِمٍ إِمَامَا خُرَاسَان.
وَقَالَ يُوْسُفُ المَيَانَجِيُّ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيَّ القَاضِي، يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى يَوْماً، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ.
فَقِيْلَ لَهُ: مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ أَشْهَرُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا.
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَدْعُو اللهَ لأَبِي زُرْعَةَ.
وَسَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِد بنَ غِيَاثٍ، يَقُوْلُ: مَا رَأَى أَبُو زُرْعَةَ مِثْلَ نَفْسِهِ.
سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ:
لاَ يَزَالُ المُسْلِمُوْنَ بِخَيْرٍ مَا أَبْقَى اللهُ لَهُم مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ، يُعَلِّمُ النَّاسَ، وَمَا كَانَ اللهُ لِيَتْرُكَ الأَرْضَ إِلاَّ وَفِيْهَا مِثْلُ أَبِي زُرْعَةَ، يُعَلِّمُ النَّاسَ مَا جَهِلُوهُ.
عَلَّقَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ سَعِيْدٍ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمَانَ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ، وَمَا خَلَّفَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، عِلْماً وَفَهْماً وَصِيَانَةً وَحِذْقاً، وَهَذَا مَا لاَ يُرْتَابُ فِيْهِ، وَلاَ أَعْلَمُ مِنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ مَنْ كَانَ يَفْهَمُ هَذَا الشَّأْنَ مِثْلَهُ.ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ صَفْوَانَ، سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
أَزْهَدُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةٌ: آدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَذَكَرَ آخَرَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَبُو زُرْعَةَ رَازِيٌّ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ ابْنَ خِرَاشٍ يَقُوْلُ:
كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ مَوْعِدٌ أَنْ أُبَكِّرَ عَلَيْهِ، فَأُذَاكِرَهُ، فَبَكَّرتُ، فَمَرَرْتُ بِأَبِي حَاتِمٍ وَهُوَ قَاعِدٌ وَحدَهُ؛ فَأَجلَسَنِي مَعَهُ يُذَاكُرُنِي، حَتَّى أَضحَى النَّهَارُ.
فَقُلْتُ: بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ مَوْعِدٌ، فَجِئْتُ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ وَالنَّاسُ مُنْكَبُّوْنَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: تَأَخَرَّتَ عَنِ المَوْعِدِ.
قُلْتُ: بَكَّرْتُ، فَمَرَرْتُ بِهَذَا المُسْتَرْشِدِ، فَدَعَانِي، فَرَحِمْتُهُ لِوَحْدَتِهِ، وَهُوَ أَعْلَى إِسْنَاداً مِنْكَ، وَصِرْتَ أَنْتَ بِالدِّسْتِ.
أَوْ كَمَا قَالَ.
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا حَالُكَ؟ قَالَ: أَحْمَدُ اللهَ عَلَى الأَحْوَالِ
كُلِّهَا، إِنِّيْ حَضَرْتُ، فَوَقَفْت بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ لِي: يَا عُبَيْدَ اللهِ! لِمَ تَذَرَّعْتَ فِي القَوْلِ فِي عِبَادِي؟قُلْتُ: يَا رَبِّ! إِنَّهُم حَاوَلُوا دِيْنَكَ.
فَقَالَ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِطَاهِرٍ الخَلْقَانِي، فَاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي، فَضُرِبَ الحَدَّ مائَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الحَبْسِ، ثُمَّ قَالَ: أَلحِقُوا عُبَيْدَ اللهِ بِأَصْحَابِهِ، وَبأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ: سُفْيَان، وَمَالِك، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ.
رَوَاهَا عَنِ ابْنِ وَارَةَ أَيْضاً ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ أَخِي أَبِي زُرْعَةَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَرَّاقُ أَبِي زُرْعَةَ: حَضَرْنَا أَبَا زُرْعَةَ بِمَاشهرَان، وَهُوَ فِي السَّوْقِ، وَعِنْدَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ وَارَةَ، وَالمُنْذِرُ بنُ شَاذَانَ، وَغَيْرُهُم، فَذَكَرُوا حَدِيْثَ التَّلْقِيْن: (لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ) وَاسْتَحْيَوا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنْ يُلَقِّنُوهُ، فَقَالُوا: تَعَالَوا نَذْكُرِ الحَدِيْثَ.
فَقَالَ ابْنُ وَارَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: ابْنُ أَبِي، وَلَمْ يُجَاوزْهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بُنْدَار، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ وَلَمْ يُجَاوِزْ، وَالبَاقُوْنَ سَكَتُوا، فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَهُوَ فِي السَّوقِ:
حَدَّثَنَا بُنْدارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي عَرِيْبٍ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ
بنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، دَخَلَ الجَنَّةَ ) ، وَتُوُفِّيَ -رَحِمَهُ اللهُ -.رَوَاهَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الوَرَّاقِ الرَّازِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بِهَذَا.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ:
تُوُفِّيَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَوْلِدُهُ كَانَ فِي سَنَةِ مائَتَيْنِ.
وأَمَّا الحَاكِمُ، فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَهْدِيٍّ الرَّازِيِّ المُعَمَّرِ:
هَذَا الشَّيْخُ عِنْدِي صَدُوْقٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ.
فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ رَأَيتَهُ؟
فَقَالَ: أَسْوَدُ اللِّحْيَةِ، نَحِيْفٌ، أَسْمَرُ، وَهَذِهِ صِفَةُ أَبِي زُرْعَةَ، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: أَحْسَبُ أَبَا عَبْدِ اللهِ وَهِمَ فِي مقدَار سِنِّ أَبِي زُرْعَةَ، فَإِنَّهُ قَدِ ارْتَحَلَ بِنَفْسِهِ، وَسَمِعَ مِنْ: قَبِيْصَة، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ مائَتَيْنِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَقَدْ ذَكَرَ الحَاكِمُ فِي كِتَابِ: (الجَامِعِ لِذِكْرِ أَئِمَّةِ الأَعصَارِ المُزَكِّيْنَ لِرُوَاةِ الأَخْبَارِ) : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ الرَّازِيَّ الحَافِظَ يَقُوْلُ: وُلِدَ أَبُو زُرْعَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَارْتَحَلَ مِنَ الرَّيِّ، وَهُوَ ابْنُ ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَقَامَ بِالكُوْفَةِ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرَّيِّ، ثُمَّ خَرَجَ فِي رِحْلَتِهِ الثَّانِيَةِ، وَغَابَ عَنْ وَطَنِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَجَلَسَ للتَّحْدِيْثِ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَهَذَا القَوْلُ خطَأٌ فِي وَفَاتِهِ، وَالصَّحِيْحُ مَا مَرَّ.
وَذَكَرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَرْبٍ العَسْكرِيُّ أَنَّهُ رَأَى أَبَا زُرْعةَ الرَّازِيَّ، وَهُوَ يَؤُمُّ المَلاَئِكَةَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَقُلْتُ: بِمَ نِلْتَ هَذِهِ المَنْزِلَةَ؟
قَالَ: بِرَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ القُرَشِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: ذَاكَرْتُ أَبِي لَيْلَةً الحُفَّاظَ، فَقَالَ: يَا بُنَي! قَدْ كَانَ الحِفْظُ عِنْدَنَا، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى خُرَاسَانَ، إِلَى هَؤُلاَءِ الشَّبَابِ الأَرْبَعَةِ.
قُلْتُ: مَنْ هُم؟
قَالَ: أَبُو زُرْعَةَ ذَاكَ الرَّازيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ ذَاكَ البُخَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ذَاكَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ ذَاكَ البَلْخِيُّ.
قُلْتُ: يَا أَبَه فَمَنْ أَحْفَظُ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَمَّا أَبُو زُرْعَةَ؛ فَأَسْرَدُهُم، وَأَمَّا البُخَارِيُّ؛ فَأَعْرَفُهُم، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ -يَعْنِي: الدَّارِمِيَّ-؛ فَأَتقنهُم، وَأَمَّا ابْنُ شُجَاع؛ فَأَجْمَعُهُم للأَبْوَابِ.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ أُصَلِّي، وَأَنَا أَقْرَأُ {وَذَرُوَا مَا بَقِيَ
مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ ... } الآيَةَ فَوَقَفْتُ مُتَعَجِّباً مِنْ هَذَا الوَعِيْدِ سَاعَةً، وَرَجَعْتُ إِلَى أَوَّلِ الآيَةِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا كَانَتِ المَرَّةُ الثَّالِثَةُ وَقَعَتْ هَدَّةٌ مِنَ الزَّلْزَلَةِ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُم عَدُّوا بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ جِنَازَةٍ، حُمِلَتْ مِنَ الغَد بِالرَّيِّ.قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
إِذَا مَرِضْتُ شَهْراً أَوْ شَهْرَيْنِ، تَبَيَّنَ عَليَّ فِي حِفْظِ القُرْآنِ، وَأَمَّا الحَدِيْثُ، فَإِذَا تَرَكْتَ أَيَّاماً تَبَيَّنَ عَلَيْكَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: نَرَى قَوْماً مِنْ أَصْحَابِنَا، كَتَبُوا الحَدِيْثَ، تَرَكُوا المُجَالَسَةَ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، أَوِ أَقَلَّ، إِذَا جَلَسُوا اليَوْمَ مَعَ الأَحَدَاثِ كَأَنَّهُم لاَ يَعْرِفُونَ، أَوْ لاَ يُحْسِنُوْنَ الحَدِيْثَ.
ثُمَّ قَالَ: الحَدِيْثُ مِثْلُ الشَّمْسِ، إِذَا حُبِسَ عَنِ الشَّرْقِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، لاَ يَعْرِفُ السَّفَرَ، فَهَذَا الشَّانُ يَحْتَاجُ أَنْ تَتَعَاهَدَهُ أَبَداً.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
اخْتِيَارُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَمَا أَعْرِفُ فِي أَصْحَابِنَا أَسْودَ الرّأْسِ أَفْقَهَ مِنْ أَحْمَدَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ - وَسُئِلَ عَنْ مُرْسَلاتِ الثَّوْرِيِّ، وَمُرْسَلاَتِ شُعبَةَ - فَقَالَ: الثَّوْرِيُّ تَسَاهَلَ فِي الرِّجَالِ، وَشُعْبَةُ لاَ يُدَلِّسُ وَلاَ يُرْسِلُ.
قِيْلَ لَهُ: فَمَالِكٌ مُرْسَلاَتُهُ أَثْبَتُ أَمِ الأَوْزَاعِيُّ؟
قَالَ: مَالِكٌ لاَ يكَادُ يُرْسِلُ إِلاَّ عَنْ قَوْمٍ ثِقَاتٍ، مَالِكٌ مُتَثَبِّتٌ فِي أَهْلِ بَلَدِه جِدّاً، فَإِنْ تَسَاهَلَ، فَإِنَّمَا يَتَسَاهَلُ فِي قَوْمٍ غُرَبَاءَ لاَ يَعْرِفُهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
السَّيَّارِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ بنَ يَزِيْدَ الرَّازِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:ارْتَحَلْتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ المِصْرِيِّ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، مَعَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَتَذَاكَرْنَا إِلَى أَنْ ضَاقَ الوَقْتُ، ثُمَّ أَخرَجْتُ مِنْ كُمِّي أَطْرَافاً، فِيْهَا أَحَادِيْثُ سَأَلتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ لِي: تَعُودُ.
فَعُدْتُ مِنَ الغَد، وَمعِي أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَأَخْرَجْتُ الأَطرَافَ، وَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: تَعُودُ.
فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قُلْتَ لِي بِالأَمْسِ: تَعُودُ؟! مَا عِنْدَك مِمَّا يُكْتَبُ، أَوْرِدْ عَلَيَّ مُسْنَداً أَوْ مُرْسَلاً أَوْ حَرْفاً مِمَّا أَسْتَفِيْدُ، فَإِنْ لَمْ أَرْوِهِ لَكَ عَمَّنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْكَ، فلَسْتُ بِأَبِي زُرْعَةَ، ثُمَّ قُلْتُ : مَنْ هَا هُنَا مِمَّنْ نَكْتُبُ عَنْهُ؟
قَالُوا: يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ.
ابْنُ جَوْصَا: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيَّ يَقُوْلُ:
كُنَّا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا أَيَّاماً، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: بَلَغَنِي وُرُوْدُ هَذَا الغُلاَمِ -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ- فَدَرَسْتُ للالْتِقَاءِ بِهِ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَعَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ لاَ يَأْكُلُ الجُبْنَ، وَلاَ الخَلَّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي بِالمُذَاكَرَةِ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَحْمِلُوا خَطَأً، هَذَا ابْنُ المُبَارَكِ كَرِهَ أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُ بِالمذَاكَرَةِ، وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى: لاَ تَحْمِلُوا عَنِّي بِالمذَاكرَةِ شَيْئاً.
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: إِذَا انْفَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالحَدِيْثِ، لاَ يَكُونُ حُجَّةً.
ثُمَّ رَوَى لَهُ حَدِيْثَ القِرَاءةِ خَلْفَ الإِمَامِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ
الحَوضيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَقَبِيْصَةُ، يَقْدِرُوْنَ عَلَى الحِفْظِ، يَجِيْؤُونَ بِالحَدِيْثِ بِتَمَامٍ.وَذَكَرَ عَنْ قَبِيْصَةَ كَأَنَّهُ يَقْرَأُ مِنْ كِتَابٍ.
قُلْتُ: يُعْجِبُنِي كَثِيْراً كَلاَمَ أَبِي زُرْعَةَ فِي الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ، يَبِيْنُ عَلَيْهِ الوَرَعُ وَالمَخْبَرَةُ، بِخِلاَفِ رَفِيْقِهِ أَبِي حَاتِمٍ، فَإِنَّهُ جَرَّاحٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الفَقِيْهُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاهِدُ، وَسِتُّ القُضَاةِ؛ بِنْتُ يَحْيَى، قِرَاءةً، قَالُوا:
أَخْبَرَتْنَا كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الخَيْرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغْبَان فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفَجْأَةِ نَقْمَتِكَ، وَجَمِيْعِ سَخَطِكَ) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوِّ دَرَجَةٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنْبَاعِ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ الغَفَّارِ بنِ دَاوُدَ، عَنْ يَعْقُوْبَ، نَحْوهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ فِي كِتَابِهِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِر بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ الحَسَنِ بِأَصْبَهَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ العَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عبِيَدِةَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ وَاصِلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ البُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ نَوْفَل، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لِلأَنْبِيَاءِ مَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْلِسُوْنَ عَلَيْهَا، وَيَبْقَى مِنْبَرِيْ لَا أَجْلِسُ عَلَيْهِ) .
أَوْ قَالَ: (لَا أَقْعُدُ عَلَيْهِ، فِيمَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- مُنْتَصِباً، مَخَافَةَ أَنْ يُذْهَبَ بِي إِلَى الجَنَّةِ وَتَبْقَى أُمَّتِي، فَأَقُوْلُ: رَبِّ، أُمَّتِي، أُمَّتِي، فَيَقُوْلُ اللهُ تَعَالَى: وَمَا تُرِيْدُ أَنْ أَصْنَعَ بِأُمَّتِكَ؟ فَأَقُولُ: يَا رَبُّ!
عَجِّلْ حِسَابَهُمْ.فَيُدْعَى بِهِمْ، فَيُحَاسَبُوْنَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللهِ، وَمِنْهُم مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَتِي، فَمَا أَزَالُ أَشْفَعُ، حَتَّى أُعْطَى صَكّاً بِرِجَالٍ قَدْ بُعِثَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، حَتَّى إِنَّ مَالِكاً خَازِنَ النَّارِ يَقُوْلُ:
يَا مُحَمَّدُ! مَاْ تَرَكْتَ لِلنَّارِ وَلِغَضَبِ رَبِّكَ فِي أُمَّتِكَ مِنْ نَقْمَةٍ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ مُنْكَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ ؛ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، قَالَ البُخَارِيُّ: فِيْهِ نَظَرٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَرَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحْدَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّاعِدِيُّ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، وَبَالإِسْنَادِ إِلَى يَعْقُوْبَ، قَالَ:
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَرْزُوْقٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ يُوْنُسَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، أَخْبَرَنَا شَدَّادٌ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ أنْ تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُوْلُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى).
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ نوش، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ:سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ، فَقَالاَ: أَدْرَكْنَا العُلَمَاءَ فِي جَمِيْعِ الأَمْصَارِ، فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِم: أَنَّ اللهَ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، بِلاَ كَيْفٍ، أَحَاطَ بِكُلِّ شِيءٍ عِلْماً.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ البُنَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الهَيْثَمِ الفَسَوِيُّ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ حَمْدُوْنُ البَرْذَعِيُّ عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، لِكِتَابَةِ الحَدِيْثِ، دَخَلَ، فَرَأَى فِي دَارِهِ أَوَانِيَ وَفُرُشاً كَثِيْرَةً، وَكَانَ ذَلِكَ لأَخِيْهِ، قَالَ: فَهَمَّ أَنْ يَرْجِعَ وَلاَ يَكْتب، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ، رَأَى كَأَنَّهُ عَلَى شَطِّ بِرْكَةٍ، وَرَأَى ظِلَّ شَخْصٍ فِي المَاءِ، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي زَهِدْتَ فِي أَبِي زُرْعَةَ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ كَانَ مِنَ الأَبْدَالِ، فَلَمَّا مَاتَ أَبْدَلَ اللهُ مَكَانَهُ أَبَا زُرْعَةَ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَمُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُعَدَّلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ:
مَا حَالُكَ يَا أَبَا زُرْعَةَ؟قَالَ أَحْمُدُ اللهَ عَلَى أَحْوَالِهِ كُلِّهَا، إِنِّي حَضَرْتُ فَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ: يَا عُبَيْد اللهِ! لِمَ تَذَرَّعْتَ القَوْلَ فِي عِبَادِي؟
قُلْتُ: يَا رَبِّ! إِنَّهُم حَاوَلُوا دِيْنَكَ.
قَالَ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِطَاهِرٍ الخُلقَانِي، فَاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي تَعَالَى، فَضُرِبَ الحَدَّ مائَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الحَبْسِ، ثُمَّ قَالَ: أَلْحِقُوا عُبَيْدَ اللهِ بِأَصْحَابِهِ: أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
قُلْتُ: إِسْنَادُهَا كَالشَّمْسِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الخَلاَّلِ، أَخْبَرَنَا الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَالِكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الحَافِظُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الفَرَضِي، سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنَ، سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَافِظَ، سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ، يَقُوْلُ:
حَضَرْتُ أَنَا وَأَبُو حَاتِمٍ عِنْدَ وَفَاةِ أَبِي زُرْعَةَ، فَقُلْنَا: كَيْفَ تُلَقِّنُ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ؟
فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بُنْدَارُ فِي آخَرِيْنَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ:
حَدَّثَنَا بُنْدَارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَبِي عَرِيْبٍ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إلَهَ إِلاَّ الله) ، وَخَرَجَ رُوْحُهُ مَعَهُ.
الإِمَامُ، سَيِّدُ الحُفَّاظِ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ يَزِيْدَ بنِ فَرُّوْخٍ: مُحَدِّثُ الرَّيِّ.
وَدُخُوْلُ (الزَّاي) فِي نِسْبَتِهِ غَيْرُ مَقِيْسٍ، كَالمَرْوَزِيِّ.
مَوْلِدُهُ: بَعْدَ نَيِّفٍ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَطِيَّةَ بنِ نَجِيْحٍ، وَهُمَا مِمَّن تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فِيمَا بَلَغَنِي.
فإِمَّا وَقَعَ غَلَطٌ فِي وَفَاتِهِمَا، وَإِمَّا فِي مَوْلِدِهِ، وَإِمَّا فِي لُقِيِّهِ لَهُمَا.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ سَابِقٍ، وَقُرَّةَ بنِ حَبِيْبٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالقَعْنَبِيِّ، وَخَلاَّدِ بنِ يَحْيَى، وَعَمْرِو بنِ هَاشِمٍ، وَعِيْسَى بنِ مِينَاقَالُوْنَ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيِّ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَكَّارٍ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَطَبَقَتِهِم.قَالَ لَنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِي (تَهْذِيْبِهِ ) : هُوَ مَوْلَى عَيَّاشِ بنِ مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَيَّاشِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيِّ.... ثُمَّ سَرَدَ شُيُوْخَهُ، وَمِنْهُم:
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ بِشْرٍ البَجَلِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ البُوْرَانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضيُّ، وَالرَّبِيْعُ بنُ يَحْيَى الأُشنَانِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بَكَّارٍ الدَّارِمِيُّ، وَشَاذُ بنُ فَيَّاضٍ، وَقَبِيْصَةُ بنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِيهِم: أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيْلَ، وَهَذَا وَهْمٌ، لَمْ يُدْرِكْهُ، وَلاَ سَمِعَ مِنْهُ، وَلاَ دَخَلَ البَصْرَةَ، إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهِ بَأَعْوَامٍ.
وَطَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ وَهُوَ حَدَثٌ، وَارْتَحَلَ إِلَى الحِجَازِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَخُرَاسَانَ، وَكَتَبَ مَا لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَحَرْمَلَةُ بنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعُ المُرَادِيُّ - وَهُم مِنْ شُيُوْخِهِ - وَابْنُ وَارَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ، وَخَلْقٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ
الذَّهَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَعَدِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ وَالِدُ الحَافِظِ أَبِي أَحْمَدَ، وَمُوْسَى بنُ العَبَّاسِ الجُوَيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّارَكِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.وَابْنُ سَابِقٍ - شَيْخُهُ - وَهُوَ: مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ سَابِقٍ.
فَذَكَرَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ، أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ، قَالَ: لاَ أَعْلَمُ صَفَا لِي رِبَاطُ يَوْمٍ قَطُّ، أَمَّا بَيْرُوْتُ: فَأَرَدْنَا العَبَّاسَ بنَ الوَلِيْدِ بنِ مَزْيَدٍ، وَأَمَّا عَسْقلاَنُ: فَأَرَدْنَا مُحَمَّدَ بنَ أَبِي السَّرِيِّ، وَأَمَّا قَزْوِيْنَ: فمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ سَابِقٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: فَرُّوْخٌ؛ جَدُّ أَبِي زُرْعَةَ هُوَ مَوْلَى عَبَّاسِ بنِ مُطَرِّفٍ القُرَشِيِّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: سَمِعَ أَبُو زُرْعَةَ مِنْ: مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَقَبِيْصَةَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ.
قَالَ: وَكَانَ إِمَاماً رَبَّانِيّاً، حَافِظاً مُتْقِناً مُكْثِراً ... جَالَسَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَذَاكَرَهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَقَاسمٌ المُطَرِّزُ.
قَالَ تَمَّامٌ الرَّازِيُّ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ دِمَشْقَ قَدِيْماً، مِنْهُم: أَبُو يَحْيَى فَرْخَوَيْه، فَلَمَّا انصَرَفُوا - فِيمَا أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُم: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ - رَأَوْا هَذَا الفَتَى قَدْ كَاسَ -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ- فَقَالُوا لَهُ: نُكَنِّيْكَ بِكُنْيَةِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ.
ثُمَّ لَقِيَنِي أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ يُذَكِّرُنِي
هَذَا الحَدِيْثَ، وَيَقُوْلُ: بِكُنْيَتِكَ اكْتَنَيْتُ.قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَطَّةَ: سَمِعْتُ النَّجَّادَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ، يَقُوْلُ: لَمَّا وَرَدَ عَلَيْنَا أَبُو زُرْعَةَ، نَزَلَ عِنْدَنَا، فَقَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَي! قَدِ اعْتَضْتُ بِنَوَافِلِي مُذَاكرَةَ هَذَا الشَّيْخِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الرَّازِيِّ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ مائَةَ أَلْفٍ.
فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، تَقْدِرُ أَنْ تُمْلِي عَلَيَّ أَلْفَ حَدِيْثٍ مِنْ حِفْظٍ؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِن إِذَا أُلْقِيَ عَلَيَّ عَرَفْتُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: قُلْتُ لأَبِي زُرْعَةَ: يَجُوْزُ مَا كَتَبْتَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى مائَةَ أَلْفٍ؟
قَالَ: مائَةُ أَلْفٍ كَثِيْرٌ.
قُلْتُ: فَخَمْسِيْنَ أَلْفاً؟
قَالَ: نَعَمْ، وَسِتِّيْنَ وَسَبْعِيْنَ أَلْفاً.
حَدَّثَنِي مَنْ عَدَّ كِتَابَ الوُضُوْءِ وَالصَّلاَةِ، فَبَلَغَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ حَمْكَوَيْه بِالرَّيِّ، يَقُوْلُ:
سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلاَقِ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مائَتَي أَلفِ حَدِيْثٍ هَلْ حَنِثَ؟
فَقَالَ: لاَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَحْفَظُ مائَتَي أَلفِ حَدِيْثٍ، كَمَا يَحْفَظُ الإِنسَانُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإِخْلاصُ: 1] وَفِي المُذَاكَرَةِ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُرْسَلَةٌ، وَحِكَايَةُ صَالِحٍ جَزَرَةَ أَصَحُّ.رَوَى الخَطِيْبُ هَذِهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ السُّوذَرْجَانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَنْدَةَ يَقُوْلُ ذَلِكَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كُنْتُ بِالرَّيِّ، وَأَنَا غُلاَمٌ فِي البَزَّازِيْنَ، فَحَلَفَ رَجُلٌ بِطَلاَقِ امرَأَتِهِ: أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
فَذَهَبَ قَوْمٌ - أَنَا فِيهِم - إِلَى أَبِي زُرْعَةَ، فَسَأَلنَاهُ.
فَقَالَ: مَا حَمَلَهُ عَلَى الحَلْفِ بِالطَّلاَقِ؟
قِيْلَ: قَدْ جَرَى الآنَ مِنْهُ ذَلِكَ.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لِيُمْسِكِ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ، أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عُثْمَانَ التُّسْتَرِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
كُلُّ شَيْءٍ قَالَ الحَسَنُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَدْتُ لَهُ أَصْلاً، إِلاَّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: عَجِبْتُ مِمَّنْ يُفْتِي فِي مَسَائِلَ الطَّلاَقِ، يَحْفَظُ أَقَلَّ مِنْ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الرَّازِيَّ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ إِسْحَاقَ بِنَيْسَابُوْرَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ العِرَاقِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
صَحَّ مِنَ الحَدِيْثِ سَبْعُ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ وَكَسْرٌ، وَهَذَا الفَتَى -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ- قَدْ حَفِظَ سِتَّ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: أَبُو جَعْفَرٍ لَيْسَ بِثِقَةٍ.ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنِي الحَضْرَمِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَقِيْلَ لَهُ: مَنْ أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتَ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ.
ابْنُ المُقْرِئِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِينِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيَّ، يَقُوْلُ:
أَبُو زُرْعَةَ يُشَبَّهُ بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، مُسْنَدِهَا وَمُنْقَطَعِهَا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَكَذَلِكَ سَائِرِ العُلُوْمِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، فَقَالَ: إِمَامٌ.
قَالَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ القَطَّانُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُوْلُ:
مَا جَاوَزَ الجِسْرَ أَحَدٌ أَفْقَهُ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَلاَ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، يَقُوْلُ:
مَا سَمِعْنَا بِذِكْرِ أَحَدٍ فِي الحِفْظِ، إِلاَّ كَانَ اسْمُهُ أَكْبَرَ مِنْ رُؤْيَتِهِ، إِلاَّ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، فَإِنَّ مُشَاهَدَتَهُ كَانَتْ أَعْظَمَ مِنِ اسْمِهِ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ حِفْظَ الأَبْوَابِ وَالشُّيُوْخِ وَالتَّفْسِيْرِ، كَتَبْنَا بَانتِخَابِهِ بِوَاسِطَ سِتَّةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ شِمْرٍ، سَمِعْتُ سُوَيْدَ بنَ غَفَلَةَ، يَقُوْلُ : وعِيْسٍ عِيْنٍ.يُرِيْدُ: {حُوْرٍ عِيْنٍ} [الوَاقِعَةُ: 22] .
قَالَ صَالِحٌ: فَأَلقَيْتُ هَذَا عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، فَبَقِيَ مُتَعَجِّباً، فَقَالَ: أَنَا أَحْفَظُ فِي القِرَاءاتِ عَشْرَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: فَتَحْفَظُ هَذَا؟
قَالَ: لاَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عُثْمَانَ، سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، يَقُوْلُ:
كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، فلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ، يَقُوْلُ:
لَمَّا انصَرَفَ قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ إِلَى الرَّيِّ، سَأَلُوهُ أَنْ يُحَدِّثَهُم، فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكُم بَعْدَ أَنْ حَضَرَ مَجْلِسِي أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ؟
قَالُوا لَهُ: فَإِنَّ عِنْدَنَا غُلاَماً يَسْرُدُ كُلَّ مَا حَدَّثْتَ بِهِ، مَجْلِساً مَجْلِساً، قُمْ يَا أَبَا زُرْعَةَ.
قَالَ: فَقَامَ، فَسَرَدَ كُلَّ مَا حَدَّثَ بِهِ قُتَيْبَةُ، فَحَدَّثَهُم قُتَيْبَةُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ البَصْرَةَ، فَحَضَرْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَرَوَى حَدِيْثاً
فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ.ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غنيَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ.
فَقُلْتُ: هَذَا وَهْمٌ، وَهِمَ فِيْهِ إِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعْدٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جُبَيْرٍ.
قَالَ: مَنْ يَقُوْلُ هَذَا؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي غنيَةَ.
فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِي: مَا تَقُوْلُ فِيْمَنْ جَعَلَ الأَذَانَ مَكَانَ الإِقَامَةِ؟
قُلْتُ: يُعِيْدُ.
قَالَ: مَنْ قَالَ هَذَا؟
قُلْتُ: الشَّعْبِيُّ.
قَالَ: مَنْ عَنِ الشَّعْبِيِّ؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
قَالَ: وَمَنْ غَيْرُ هَذَا؟
قُلْتُ: إِبْرَاهِيْمُ، وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْهُ.
قَالَ: أَخْطَأْتَ. قُلْتُ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ.قَالَ: أَخْطَأْتَ.
قُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كدينَةَ، عَنْ مُغِيْرَةَ.
قَالَ: أَصَبْتَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: اشتَبَهَ عَلِيَّ، وَكَتَبْتُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ الثَّلاَثَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَمَا طَالَعْتُهَا مُنْذُ كَتَبْتُهَا.
ثُمَّ قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ غَيْرُ هَذَا؟
قُلْتُ: مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الحَسَنِ.
قَالَ: هَذَا سَرَقْتَهَ مِنِّي - وَصَدَقَ - كَانَ ذَاكَرَنِي بِهِ رَجُلٌ بِبَغْدَادَ، فَحَفِظتُهُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ جَزَرَةُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: مُرَّ بِنَا إِلَى سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيِّ نُذَاكِرُهُ.
قَالَ: فَذَهَبْنَا، فَمَا زَالَ يُذَاكِرُهُ حَتَّى عَجَزَ الشَّاذَكُوْنِيُّ عَنْ حِفْظِهِ، فَلَمَّا أَعيَاهُ، أَلقَى عَلَيْهِ حَدِيْثاً مِنْ حَدِيْثِ الرَّازِيِّينَ، فَلَم يَعْرِفْهُ أَبُو زُرْعَةَ.
فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا سُبْحَانَ اللهِ! حَدِيْثُ بَلَدِكَ، هَذَا مَخْرَجُهُ مِنْ عِنْدِكُم!؟ وَأَبُو زُرْعَةَ سَاكِتٌ، وَالشَّاذَكُوْنِيُّ يُخْجِلُهُ، وَيُرِي مَنْ حَضَرَ أَنَّهُ قَدْ عَجَزَ.
فَلَمَّا خَرَجْنَا، رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ قَدِ اغْتَمَّ، وَيَقُوْلُ: لاَ أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءَ بِهَذَا؟
فَقُلْتُ لَهُ: وَضَعَهُ فِي الوَقْتِ كِي تَعْجِزَ وتَخْجَلَ.
قَالَ: هَكَذَا؟
قُلْتُ: نَعَم، فَسُرِّيَ عَنْهُ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئَ، سَمِعْتُ فَضْلَكَ الصَّائِغَ، يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ المَدِيْنَةَ، فَصِرْتُ إِلَى بَابِ أَبِي مُصْعَبٍ، فَخَرَجَ إِليَّ شَيْخٌ مَخْضُوبٌ، وَكُنْتُ نَاعِساً، فَحَرَّكَنِي، وَقَالَ: يَا مردريك ! مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ أَيُّ شَيْءٍ تَنَامُ؟
قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، أَنَا مِنَ الرَّيِّ، مِنْ بَعْضِ شَاكردي أَبِي زُرْعَةَ.
فَقَالَ: تَرَكْتَ أَبَا زُرْعَةَ وَجِئتَنِي؟ لَقِيْتُ مَالِكاً
وَغَيْرَهُ، فَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ.قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى الرَّبِيْعِ بِمِصْرَ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ؟
قُلْتُ: مِنَ الرَّيِّ.
قَالَ: تَرَكْتَ أَبَا زُرْعَةَ وَجِئْتَ؟ إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ آيَةٌ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا جَعَلَ إِنسَاناً آيَةً، أَبَانَهُ مِنْ شَكْلِهِ، حَتَّى لاَ يَكُونَ لَهُ ثَانٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ تَوَاضُعاً مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، هُوَ وَأَبُو حَاتِمٍ إِمَامَا خُرَاسَان.
وَقَالَ يُوْسُفُ المَيَانَجِيُّ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيَّ القَاضِي، يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى يَوْماً، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ.
فَقِيْلَ لَهُ: مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ أَشْهَرُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا.
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَدْعُو اللهَ لأَبِي زُرْعَةَ.
وَسَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِد بنَ غِيَاثٍ، يَقُوْلُ: مَا رَأَى أَبُو زُرْعَةَ مِثْلَ نَفْسِهِ.
سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ:
لاَ يَزَالُ المُسْلِمُوْنَ بِخَيْرٍ مَا أَبْقَى اللهُ لَهُم مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ، يُعَلِّمُ النَّاسَ، وَمَا كَانَ اللهُ لِيَتْرُكَ الأَرْضَ إِلاَّ وَفِيْهَا مِثْلُ أَبِي زُرْعَةَ، يُعَلِّمُ النَّاسَ مَا جَهِلُوهُ.
عَلَّقَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ سَعِيْدٍ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمَانَ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ، وَمَا خَلَّفَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، عِلْماً وَفَهْماً وَصِيَانَةً وَحِذْقاً، وَهَذَا مَا لاَ يُرْتَابُ فِيْهِ، وَلاَ أَعْلَمُ مِنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ مَنْ كَانَ يَفْهَمُ هَذَا الشَّأْنَ مِثْلَهُ.ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ صَفْوَانَ، سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
أَزْهَدُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةٌ: آدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَذَكَرَ آخَرَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَبُو زُرْعَةَ رَازِيٌّ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ ابْنَ خِرَاشٍ يَقُوْلُ:
كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ مَوْعِدٌ أَنْ أُبَكِّرَ عَلَيْهِ، فَأُذَاكِرَهُ، فَبَكَّرتُ، فَمَرَرْتُ بِأَبِي حَاتِمٍ وَهُوَ قَاعِدٌ وَحدَهُ؛ فَأَجلَسَنِي مَعَهُ يُذَاكُرُنِي، حَتَّى أَضحَى النَّهَارُ.
فَقُلْتُ: بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ مَوْعِدٌ، فَجِئْتُ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ وَالنَّاسُ مُنْكَبُّوْنَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: تَأَخَرَّتَ عَنِ المَوْعِدِ.
قُلْتُ: بَكَّرْتُ، فَمَرَرْتُ بِهَذَا المُسْتَرْشِدِ، فَدَعَانِي، فَرَحِمْتُهُ لِوَحْدَتِهِ، وَهُوَ أَعْلَى إِسْنَاداً مِنْكَ، وَصِرْتَ أَنْتَ بِالدِّسْتِ.
أَوْ كَمَا قَالَ.
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا حَالُكَ؟ قَالَ: أَحْمَدُ اللهَ عَلَى الأَحْوَالِ
كُلِّهَا، إِنِّيْ حَضَرْتُ، فَوَقَفْت بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ لِي: يَا عُبَيْدَ اللهِ! لِمَ تَذَرَّعْتَ فِي القَوْلِ فِي عِبَادِي؟قُلْتُ: يَا رَبِّ! إِنَّهُم حَاوَلُوا دِيْنَكَ.
فَقَالَ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِطَاهِرٍ الخَلْقَانِي، فَاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي، فَضُرِبَ الحَدَّ مائَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الحَبْسِ، ثُمَّ قَالَ: أَلحِقُوا عُبَيْدَ اللهِ بِأَصْحَابِهِ، وَبأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ: سُفْيَان، وَمَالِك، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ.
رَوَاهَا عَنِ ابْنِ وَارَةَ أَيْضاً ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ أَخِي أَبِي زُرْعَةَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَرَّاقُ أَبِي زُرْعَةَ: حَضَرْنَا أَبَا زُرْعَةَ بِمَاشهرَان، وَهُوَ فِي السَّوْقِ، وَعِنْدَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ وَارَةَ، وَالمُنْذِرُ بنُ شَاذَانَ، وَغَيْرُهُم، فَذَكَرُوا حَدِيْثَ التَّلْقِيْن: (لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ) وَاسْتَحْيَوا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنْ يُلَقِّنُوهُ، فَقَالُوا: تَعَالَوا نَذْكُرِ الحَدِيْثَ.
فَقَالَ ابْنُ وَارَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: ابْنُ أَبِي، وَلَمْ يُجَاوزْهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بُنْدَار، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ وَلَمْ يُجَاوِزْ، وَالبَاقُوْنَ سَكَتُوا، فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَهُوَ فِي السَّوقِ:
حَدَّثَنَا بُنْدارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي عَرِيْبٍ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ
بنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، دَخَلَ الجَنَّةَ ) ، وَتُوُفِّيَ -رَحِمَهُ اللهُ -.رَوَاهَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الوَرَّاقِ الرَّازِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بِهَذَا.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ:
تُوُفِّيَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَوْلِدُهُ كَانَ فِي سَنَةِ مائَتَيْنِ.
وأَمَّا الحَاكِمُ، فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَهْدِيٍّ الرَّازِيِّ المُعَمَّرِ:
هَذَا الشَّيْخُ عِنْدِي صَدُوْقٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ.
فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ رَأَيتَهُ؟
فَقَالَ: أَسْوَدُ اللِّحْيَةِ، نَحِيْفٌ، أَسْمَرُ، وَهَذِهِ صِفَةُ أَبِي زُرْعَةَ، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: أَحْسَبُ أَبَا عَبْدِ اللهِ وَهِمَ فِي مقدَار سِنِّ أَبِي زُرْعَةَ، فَإِنَّهُ قَدِ ارْتَحَلَ بِنَفْسِهِ، وَسَمِعَ مِنْ: قَبِيْصَة، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ مائَتَيْنِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَقَدْ ذَكَرَ الحَاكِمُ فِي كِتَابِ: (الجَامِعِ لِذِكْرِ أَئِمَّةِ الأَعصَارِ المُزَكِّيْنَ لِرُوَاةِ الأَخْبَارِ) : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ الرَّازِيَّ الحَافِظَ يَقُوْلُ: وُلِدَ أَبُو زُرْعَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَارْتَحَلَ مِنَ الرَّيِّ، وَهُوَ ابْنُ ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَقَامَ بِالكُوْفَةِ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرَّيِّ، ثُمَّ خَرَجَ فِي رِحْلَتِهِ الثَّانِيَةِ، وَغَابَ عَنْ وَطَنِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَجَلَسَ للتَّحْدِيْثِ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَهَذَا القَوْلُ خطَأٌ فِي وَفَاتِهِ، وَالصَّحِيْحُ مَا مَرَّ.
وَذَكَرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَرْبٍ العَسْكرِيُّ أَنَّهُ رَأَى أَبَا زُرْعةَ الرَّازِيَّ، وَهُوَ يَؤُمُّ المَلاَئِكَةَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَقُلْتُ: بِمَ نِلْتَ هَذِهِ المَنْزِلَةَ؟
قَالَ: بِرَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ القُرَشِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: ذَاكَرْتُ أَبِي لَيْلَةً الحُفَّاظَ، فَقَالَ: يَا بُنَي! قَدْ كَانَ الحِفْظُ عِنْدَنَا، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى خُرَاسَانَ، إِلَى هَؤُلاَءِ الشَّبَابِ الأَرْبَعَةِ.
قُلْتُ: مَنْ هُم؟
قَالَ: أَبُو زُرْعَةَ ذَاكَ الرَّازيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ ذَاكَ البُخَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ذَاكَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ ذَاكَ البَلْخِيُّ.
قُلْتُ: يَا أَبَه فَمَنْ أَحْفَظُ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَمَّا أَبُو زُرْعَةَ؛ فَأَسْرَدُهُم، وَأَمَّا البُخَارِيُّ؛ فَأَعْرَفُهُم، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ -يَعْنِي: الدَّارِمِيَّ-؛ فَأَتقنهُم، وَأَمَّا ابْنُ شُجَاع؛ فَأَجْمَعُهُم للأَبْوَابِ.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ أُصَلِّي، وَأَنَا أَقْرَأُ {وَذَرُوَا مَا بَقِيَ
مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ ... } الآيَةَ فَوَقَفْتُ مُتَعَجِّباً مِنْ هَذَا الوَعِيْدِ سَاعَةً، وَرَجَعْتُ إِلَى أَوَّلِ الآيَةِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا كَانَتِ المَرَّةُ الثَّالِثَةُ وَقَعَتْ هَدَّةٌ مِنَ الزَّلْزَلَةِ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُم عَدُّوا بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ جِنَازَةٍ، حُمِلَتْ مِنَ الغَد بِالرَّيِّ.قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
إِذَا مَرِضْتُ شَهْراً أَوْ شَهْرَيْنِ، تَبَيَّنَ عَليَّ فِي حِفْظِ القُرْآنِ، وَأَمَّا الحَدِيْثُ، فَإِذَا تَرَكْتَ أَيَّاماً تَبَيَّنَ عَلَيْكَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: نَرَى قَوْماً مِنْ أَصْحَابِنَا، كَتَبُوا الحَدِيْثَ، تَرَكُوا المُجَالَسَةَ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، أَوِ أَقَلَّ، إِذَا جَلَسُوا اليَوْمَ مَعَ الأَحَدَاثِ كَأَنَّهُم لاَ يَعْرِفُونَ، أَوْ لاَ يُحْسِنُوْنَ الحَدِيْثَ.
ثُمَّ قَالَ: الحَدِيْثُ مِثْلُ الشَّمْسِ، إِذَا حُبِسَ عَنِ الشَّرْقِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، لاَ يَعْرِفُ السَّفَرَ، فَهَذَا الشَّانُ يَحْتَاجُ أَنْ تَتَعَاهَدَهُ أَبَداً.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
اخْتِيَارُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَمَا أَعْرِفُ فِي أَصْحَابِنَا أَسْودَ الرّأْسِ أَفْقَهَ مِنْ أَحْمَدَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ - وَسُئِلَ عَنْ مُرْسَلاتِ الثَّوْرِيِّ، وَمُرْسَلاَتِ شُعبَةَ - فَقَالَ: الثَّوْرِيُّ تَسَاهَلَ فِي الرِّجَالِ، وَشُعْبَةُ لاَ يُدَلِّسُ وَلاَ يُرْسِلُ.
قِيْلَ لَهُ: فَمَالِكٌ مُرْسَلاَتُهُ أَثْبَتُ أَمِ الأَوْزَاعِيُّ؟
قَالَ: مَالِكٌ لاَ يكَادُ يُرْسِلُ إِلاَّ عَنْ قَوْمٍ ثِقَاتٍ، مَالِكٌ مُتَثَبِّتٌ فِي أَهْلِ بَلَدِه جِدّاً، فَإِنْ تَسَاهَلَ، فَإِنَّمَا يَتَسَاهَلُ فِي قَوْمٍ غُرَبَاءَ لاَ يَعْرِفُهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
السَّيَّارِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ بنَ يَزِيْدَ الرَّازِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:ارْتَحَلْتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ المِصْرِيِّ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، مَعَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَتَذَاكَرْنَا إِلَى أَنْ ضَاقَ الوَقْتُ، ثُمَّ أَخرَجْتُ مِنْ كُمِّي أَطْرَافاً، فِيْهَا أَحَادِيْثُ سَأَلتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ لِي: تَعُودُ.
فَعُدْتُ مِنَ الغَد، وَمعِي أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَأَخْرَجْتُ الأَطرَافَ، وَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: تَعُودُ.
فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قُلْتَ لِي بِالأَمْسِ: تَعُودُ؟! مَا عِنْدَك مِمَّا يُكْتَبُ، أَوْرِدْ عَلَيَّ مُسْنَداً أَوْ مُرْسَلاً أَوْ حَرْفاً مِمَّا أَسْتَفِيْدُ، فَإِنْ لَمْ أَرْوِهِ لَكَ عَمَّنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْكَ، فلَسْتُ بِأَبِي زُرْعَةَ، ثُمَّ قُلْتُ : مَنْ هَا هُنَا مِمَّنْ نَكْتُبُ عَنْهُ؟
قَالُوا: يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ.
ابْنُ جَوْصَا: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيَّ يَقُوْلُ:
كُنَّا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا أَيَّاماً، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: بَلَغَنِي وُرُوْدُ هَذَا الغُلاَمِ -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ- فَدَرَسْتُ للالْتِقَاءِ بِهِ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَعَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ لاَ يَأْكُلُ الجُبْنَ، وَلاَ الخَلَّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي بِالمُذَاكَرَةِ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَحْمِلُوا خَطَأً، هَذَا ابْنُ المُبَارَكِ كَرِهَ أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُ بِالمذَاكَرَةِ، وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى: لاَ تَحْمِلُوا عَنِّي بِالمذَاكرَةِ شَيْئاً.
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: إِذَا انْفَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالحَدِيْثِ، لاَ يَكُونُ حُجَّةً.
ثُمَّ رَوَى لَهُ حَدِيْثَ القِرَاءةِ خَلْفَ الإِمَامِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ
الحَوضيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَقَبِيْصَةُ، يَقْدِرُوْنَ عَلَى الحِفْظِ، يَجِيْؤُونَ بِالحَدِيْثِ بِتَمَامٍ.وَذَكَرَ عَنْ قَبِيْصَةَ كَأَنَّهُ يَقْرَأُ مِنْ كِتَابٍ.
قُلْتُ: يُعْجِبُنِي كَثِيْراً كَلاَمَ أَبِي زُرْعَةَ فِي الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ، يَبِيْنُ عَلَيْهِ الوَرَعُ وَالمَخْبَرَةُ، بِخِلاَفِ رَفِيْقِهِ أَبِي حَاتِمٍ، فَإِنَّهُ جَرَّاحٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الفَقِيْهُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاهِدُ، وَسِتُّ القُضَاةِ؛ بِنْتُ يَحْيَى، قِرَاءةً، قَالُوا:
أَخْبَرَتْنَا كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الخَيْرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغْبَان فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفَجْأَةِ نَقْمَتِكَ، وَجَمِيْعِ سَخَطِكَ) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوِّ دَرَجَةٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنْبَاعِ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ الغَفَّارِ بنِ دَاوُدَ، عَنْ يَعْقُوْبَ، نَحْوهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ فِي كِتَابِهِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِر بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ الحَسَنِ بِأَصْبَهَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ العَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عبِيَدِةَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ وَاصِلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ البُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ نَوْفَل، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لِلأَنْبِيَاءِ مَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْلِسُوْنَ عَلَيْهَا، وَيَبْقَى مِنْبَرِيْ لَا أَجْلِسُ عَلَيْهِ) .
أَوْ قَالَ: (لَا أَقْعُدُ عَلَيْهِ، فِيمَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- مُنْتَصِباً، مَخَافَةَ أَنْ يُذْهَبَ بِي إِلَى الجَنَّةِ وَتَبْقَى أُمَّتِي، فَأَقُوْلُ: رَبِّ، أُمَّتِي، أُمَّتِي، فَيَقُوْلُ اللهُ تَعَالَى: وَمَا تُرِيْدُ أَنْ أَصْنَعَ بِأُمَّتِكَ؟ فَأَقُولُ: يَا رَبُّ!
عَجِّلْ حِسَابَهُمْ.فَيُدْعَى بِهِمْ، فَيُحَاسَبُوْنَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللهِ، وَمِنْهُم مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَتِي، فَمَا أَزَالُ أَشْفَعُ، حَتَّى أُعْطَى صَكّاً بِرِجَالٍ قَدْ بُعِثَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، حَتَّى إِنَّ مَالِكاً خَازِنَ النَّارِ يَقُوْلُ:
يَا مُحَمَّدُ! مَاْ تَرَكْتَ لِلنَّارِ وَلِغَضَبِ رَبِّكَ فِي أُمَّتِكَ مِنْ نَقْمَةٍ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ مُنْكَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ ؛ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، قَالَ البُخَارِيُّ: فِيْهِ نَظَرٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَرَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحْدَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّاعِدِيُّ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، وَبَالإِسْنَادِ إِلَى يَعْقُوْبَ، قَالَ:
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَرْزُوْقٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ يُوْنُسَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، أَخْبَرَنَا شَدَّادٌ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ أنْ تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُوْلُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى).
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ نوش، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ:سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ، فَقَالاَ: أَدْرَكْنَا العُلَمَاءَ فِي جَمِيْعِ الأَمْصَارِ، فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِم: أَنَّ اللهَ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، بِلاَ كَيْفٍ، أَحَاطَ بِكُلِّ شِيءٍ عِلْماً.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ البُنَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الهَيْثَمِ الفَسَوِيُّ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ حَمْدُوْنُ البَرْذَعِيُّ عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، لِكِتَابَةِ الحَدِيْثِ، دَخَلَ، فَرَأَى فِي دَارِهِ أَوَانِيَ وَفُرُشاً كَثِيْرَةً، وَكَانَ ذَلِكَ لأَخِيْهِ، قَالَ: فَهَمَّ أَنْ يَرْجِعَ وَلاَ يَكْتب، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ، رَأَى كَأَنَّهُ عَلَى شَطِّ بِرْكَةٍ، وَرَأَى ظِلَّ شَخْصٍ فِي المَاءِ، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي زَهِدْتَ فِي أَبِي زُرْعَةَ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ كَانَ مِنَ الأَبْدَالِ، فَلَمَّا مَاتَ أَبْدَلَ اللهُ مَكَانَهُ أَبَا زُرْعَةَ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَمُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُعَدَّلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ:
مَا حَالُكَ يَا أَبَا زُرْعَةَ؟قَالَ أَحْمُدُ اللهَ عَلَى أَحْوَالِهِ كُلِّهَا، إِنِّي حَضَرْتُ فَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ: يَا عُبَيْد اللهِ! لِمَ تَذَرَّعْتَ القَوْلَ فِي عِبَادِي؟
قُلْتُ: يَا رَبِّ! إِنَّهُم حَاوَلُوا دِيْنَكَ.
قَالَ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِطَاهِرٍ الخُلقَانِي، فَاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي تَعَالَى، فَضُرِبَ الحَدَّ مائَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الحَبْسِ، ثُمَّ قَالَ: أَلْحِقُوا عُبَيْدَ اللهِ بِأَصْحَابِهِ: أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
قُلْتُ: إِسْنَادُهَا كَالشَّمْسِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الخَلاَّلِ، أَخْبَرَنَا الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَالِكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الحَافِظُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الفَرَضِي، سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنَ، سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَافِظَ، سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ، يَقُوْلُ:
حَضَرْتُ أَنَا وَأَبُو حَاتِمٍ عِنْدَ وَفَاةِ أَبِي زُرْعَةَ، فَقُلْنَا: كَيْفَ تُلَقِّنُ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ؟
فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بُنْدَارُ فِي آخَرِيْنَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ:
حَدَّثَنَا بُنْدَارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَبِي عَرِيْبٍ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إلَهَ إِلاَّ الله) ، وَخَرَجَ رُوْحُهُ مَعَهُ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=157149&book=5558#f8485c
أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرٍو
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الصَّادِقُ، مُحَدِّثُ الشَّامِ، أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو النَّصْرِيُّ - بنُوْنٍ - الدِّمَشْقِيُّ، وَكَانَتْ دَارُهُ عِنْدَ بَابِ الجَابِيَةِ.
وُلِدَ: قَبْلَ المائَتَيْنِ.وَرَوَى عَنْ: أَبِي نُعَيْمٍ الفَضْلِ بنِ دُكَيْنٍ، وَهَوْذَةَ بنِ خَلِيْفَةَ، وَعَفَّانَ بنِ مُسْلِمٍ، وَأَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ، وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الوَهْبِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَعَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ، وَأَبِي اليَمَانِ الحَكَمِ بنِ نَافِعٍ، وَأَبِي بَكْرٍ الحُمَيْدِيِّ، وَأَبِي غَسَّانَ النَّهْدِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْه، وَعَبْدِ الغَفَارِ بنِ دَاوُدَ، وَأَبِي الجُمَاهِرِ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ التَّنوخِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الفرَادِيسِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الهَاشِمِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَيَحْيَى بنِ صَالِحٍ الوُحَاظِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَالحِجَازِ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَذَاكَرَ الحُفَّاظَ، وَتَمَيَّزَ، وَتَقَدَّمَ عَلَى أَقْرَانِهِ، لِمَعْرِفَتِهِ وَعُلَوِّ سَنَدِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى القَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ الصَّرَفَنْدِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ حَذْلم، وَأَبُو يَعْقُوْبَ الأَذْرَعِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي العَقَبِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عبْدِ
الغَفَّارِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيَاضِ بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ:دَخَلْتُ المَسْجَدَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخُطُبُ النَّاسَ خَلِيْفَةً لِمَرْوَانَ أَيَّامِ الحَجِّ، فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ، فَقَالَ:
قَالَ أَبُو القَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى صُوْرَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّتِي تَلِيْهَا عَلَى أَشَدِّ نُجُوْمِ السَّمَاءِ إِضَاءةً ) .
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ رَفِيْقَ أَبِي، وَكَتَبْتُ عَنْهُ أَنَا، وَأَبِي، وَكَانَ ثِقَةً صَدُوْقاً.
قَالَ أَبُو المَيْمُوْنِ بنُ رَاشِدٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ: أُعْجِبَ أَبُو مُسْهِرٍ بِمجَالَسَتِي إِيَّاهُ صَغِيراً.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: ذَكَرَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ أَبَا زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيَّ، فَقَالَ: هُوَ شَيْخُ الشَّبَابِ.
وَسُئِلَ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: لأَبِي زُرْعَةَ (تَارِيْخ) مُفِيْد فِي مُجَلَّدٍ، وَلَمَّا قَدِمَ أَهْلُ الرَّيِّ إِلَى دِمَشْقَ، أَعْجَبَهُم عِلْمُ أَبِي زُرْعَةَ، فَكَنَّوا صَاحِبَهُم الحَافِظَ عُبَيْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ بِكُنْيَتِهِ.أَخْبَرَتْنَا نَخْوَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَأَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ الطَّرَسُوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ طَاوُوْسُ:
قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: ذَكَرُوا أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اغْتَسِلُوا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَاغْسِلُوا رُؤُوْسَكُمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُوْنُوا جُنُباً، وَأَصِيْبُوا مِنَ الطِّيْبِ) .
فَقَالَ: أَمَّا الغُسْلُ: فَنَعَم، وَأَمَّا الطِّيْبُ: فَلاَ أَدْرِي.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ.قَالَ أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الحُسَيْنِ الرَّازِيِّ -يَعْنِي: وَالِدَ تَمَّامٍ- قَالَ: سَمِعْتُ جَمَاعَةً قَالُوا:
لَمَّا اتَّصَلَ الخَبَرَ بِأَبِي أَحْمَدَ الوَاثِقِ، أَنَّ أَحْمَدَ بنَ طُولُوْنَ قَدْ خَلَعَهُ بِدِمَشْقَ، أَمَرَ بِلَعْنِ أَحْمَدَ بنَ طولُوْنَ عَلَى المنَابِرِ، فَلَمَّا بَلَغَ أَحْمَدَ، أَمَرَ بِلَعْنِ المُوَفَّقِ عَلَى المنَابِرِ بِمِصْرَ وَالشَّامِ، وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ القَاضِي مِمَّنْ خَلَعَ المُوَفَّقَ -يَعْنِي: مِنْ وَلاَيَةِ العَهْدِ- وَلَعَنَهُ، وَوَقَفَ عِنْدَ المِنْبَرِ بِدِمَشْقَ، وَلَعَنَهُ، وَقَالَ: نَحْنُ أَهْلُ الشَّامِ، نَحْنُ أَهْلُ صِفِّيْنَ، وَقَدْ كَانَ فِيْنَا مَنْ حَضَرَ الجَمَل، وَنَحْنُ القَائِمُوْنَ بِمَنْ عَانَدَ أَهْل الشَّامِ، وَأَنَا أُشْهِدُكُم أَنِّي قَدْ خَلَعْتَ أَبَا أَحْمَقَ -يَعْنِي: أَبَا أَحْمَدَ- كَمَا يُخْلَعُ الخَاتَمُ مِنَ الإِصْبَعِ، فَالعَنُوهُ، لَعَنَهُ اللهُ.
قَالَ الرَّازِيُّ: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ أَحْمَدُ بنُ المُوَفَّقِ مِنْ وَقْعَةِ الطَّوَاحِيْنِ إِلَى دِمَشْقَ، مِنْ مُحَارَبَةِ خُمَارَوَيه بنَ أَحْمَدَ بنِ طُولُوْنَ -يَعْنِي: بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ؛ أَحْمَدَ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ- قَالَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيِّ: انْظُرْ مَا انْتَهَى إِلَيْكَ مِمَّنْ كَانَ يُبْغِضُنَا فَليُحْمَل.
فَحُمِلَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو زُرْعَةَ بنُ عُثْمَانَ، حَتَّى صَارُوا بِهِم مُقيَّدِيْنَ إِلى أَنْطَاكِيَةَ، فَبَيْنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي المُوَفَّقِ - وَهُوَ المُعْتَضِدُ - يَسِيْرُ يَوْماً، إِذْ بَصُرَ بِمَحَامِلِ هَؤُلاَءِ.
فَقَالَ لِلْوَاسِطِيِّ: مَنْ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَهْلُ دِمَشْقَ.
قَالَ: وَفِي الأَحْيَاءِ هُم؟ إِذَا نَزَلْتُ فَاذْكُرْنِي بِهِم.
قَالَ ابْنُ صَالِح: فَحَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ أَحضَرَنَا بَعْدَ أَنْ فُكَّتِ القُيُوْدُ، وَأَوْقَفَنَا مَذْعُوْرِيْنَ.
فَقَالَ: أَيُّكُم القَائِل: قَدْ نَزَعْتُ أَبَا
أَحْمَقَ؟قَالَ: فَرَبَتْ أَلْسِنَتُنَا حَتَّى خُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّنَا مَقْتُوْلُوْنَ، فَأَمَّا أَنَا: فَأُبْلِسْتُ، وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ: فَخَرِسَ، وَكَانَ تَمْتَاماً، وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ القَاضِي أَحَدَثَنَا سِنّاً، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ.
فَالتفت إِلَيْهِ الوَاسِطِيُّ، فَقَالَ: أَمْسِكْ حَتَّى يَتَكَلَّمَ أَكْبَرُ مِنْكَ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْنَا، وَقَالَ: مَاذَا عِنْدَكُم؟
فَقُلْنَا: أَصَلَحَكَ اللهُ! هَذَا رَجُلٌ مُتَكَلِّمٌ يَتَكَلَّمُ عَنَّا.
قَالَ: تَكَلَّمَ.
فَقَالَ: وَاللهِ مَا فِيْنَا هَاشِمِيٌّ، وَلاَ قُرَشِيٌّ صَحِيْحٌ، وَلاَ عَرَبِيٌّ فَصِيْحٌ، وَلَكِنَّا قَوْمٌ مُلِكْنَا حَتَّى قُهِرْنَا.
وَرَوَى أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي المَنَشْطِ وَالمَكْرَهِ، وَأَحَادِيْثَ فِي العَفْوِ وَالإِحْسَانِ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِالكَلِمَةِ الَّتِي نُطَالِبُ بِخَزْيِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ نِسْوَانِي طَوَالِق، وَعَبِيْدِي أَحْرَارٌ، وَمَالِي حَرَامٌ إِنْ كَانَ فِي هَؤُلاَءِ القَوْمِ أَحَدٌ قَالَ هَذِهِ الكَلِمَةَ، وَوَرَءَانَا عِيَالٌ وَحُرَمٌ، وَقَدْ تَسَامَعَ النَّاسُ بِهَلاَكِنَا، وَقَدْ قَدَرْتَ، وَإِنَّمَا العَفْوُ بَعْدَ المَقْدِرَةِ.
فَقَالَ لِلْوَاسِطِيِّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! أَطْلِقْهُم، لاَ كَثَّرَ اللهُ فِي النَّاسِ مِثْلَهُم.
فَأَطْلَقَنَا، فَاشْتَغَلْتُ أَنَا وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ عِنْدَ عُثْمَانَ بنِ خُرَّزَاذَ فِي نُزَهِ أَنطَاكِيَةَ وَطِيْبِهَا وَحَمَّامَاتِهَا، وَسَبَقَ أَبُو زُرْعَةَ القَاضِي إِلى حِمْصَ.
قَالَ ابْنُ زَبْرٍ وَالدِّمَشْقِيُّوْنَ: مَاتَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصرِيُّ سَنَةَ إِحدَى وَثَمَانِيْن وَمائَتَيْن، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الصَّادِقُ، مُحَدِّثُ الشَّامِ، أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو النَّصْرِيُّ - بنُوْنٍ - الدِّمَشْقِيُّ، وَكَانَتْ دَارُهُ عِنْدَ بَابِ الجَابِيَةِ.
وُلِدَ: قَبْلَ المائَتَيْنِ.وَرَوَى عَنْ: أَبِي نُعَيْمٍ الفَضْلِ بنِ دُكَيْنٍ، وَهَوْذَةَ بنِ خَلِيْفَةَ، وَعَفَّانَ بنِ مُسْلِمٍ، وَأَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ، وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الوَهْبِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَعَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ، وَأَبِي اليَمَانِ الحَكَمِ بنِ نَافِعٍ، وَأَبِي بَكْرٍ الحُمَيْدِيِّ، وَأَبِي غَسَّانَ النَّهْدِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْه، وَعَبْدِ الغَفَارِ بنِ دَاوُدَ، وَأَبِي الجُمَاهِرِ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ التَّنوخِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الفرَادِيسِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الهَاشِمِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَيَحْيَى بنِ صَالِحٍ الوُحَاظِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَالحِجَازِ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَذَاكَرَ الحُفَّاظَ، وَتَمَيَّزَ، وَتَقَدَّمَ عَلَى أَقْرَانِهِ، لِمَعْرِفَتِهِ وَعُلَوِّ سَنَدِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى القَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ الصَّرَفَنْدِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ حَذْلم، وَأَبُو يَعْقُوْبَ الأَذْرَعِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي العَقَبِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عبْدِ
الغَفَّارِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيَاضِ بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ:دَخَلْتُ المَسْجَدَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخُطُبُ النَّاسَ خَلِيْفَةً لِمَرْوَانَ أَيَّامِ الحَجِّ، فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ، فَقَالَ:
قَالَ أَبُو القَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى صُوْرَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّتِي تَلِيْهَا عَلَى أَشَدِّ نُجُوْمِ السَّمَاءِ إِضَاءةً ) .
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ رَفِيْقَ أَبِي، وَكَتَبْتُ عَنْهُ أَنَا، وَأَبِي، وَكَانَ ثِقَةً صَدُوْقاً.
قَالَ أَبُو المَيْمُوْنِ بنُ رَاشِدٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ: أُعْجِبَ أَبُو مُسْهِرٍ بِمجَالَسَتِي إِيَّاهُ صَغِيراً.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: ذَكَرَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ أَبَا زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيَّ، فَقَالَ: هُوَ شَيْخُ الشَّبَابِ.
وَسُئِلَ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: لأَبِي زُرْعَةَ (تَارِيْخ) مُفِيْد فِي مُجَلَّدٍ، وَلَمَّا قَدِمَ أَهْلُ الرَّيِّ إِلَى دِمَشْقَ، أَعْجَبَهُم عِلْمُ أَبِي زُرْعَةَ، فَكَنَّوا صَاحِبَهُم الحَافِظَ عُبَيْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ بِكُنْيَتِهِ.أَخْبَرَتْنَا نَخْوَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَأَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ الطَّرَسُوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ طَاوُوْسُ:
قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: ذَكَرُوا أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اغْتَسِلُوا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَاغْسِلُوا رُؤُوْسَكُمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُوْنُوا جُنُباً، وَأَصِيْبُوا مِنَ الطِّيْبِ) .
فَقَالَ: أَمَّا الغُسْلُ: فَنَعَم، وَأَمَّا الطِّيْبُ: فَلاَ أَدْرِي.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ.قَالَ أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الحُسَيْنِ الرَّازِيِّ -يَعْنِي: وَالِدَ تَمَّامٍ- قَالَ: سَمِعْتُ جَمَاعَةً قَالُوا:
لَمَّا اتَّصَلَ الخَبَرَ بِأَبِي أَحْمَدَ الوَاثِقِ، أَنَّ أَحْمَدَ بنَ طُولُوْنَ قَدْ خَلَعَهُ بِدِمَشْقَ، أَمَرَ بِلَعْنِ أَحْمَدَ بنَ طولُوْنَ عَلَى المنَابِرِ، فَلَمَّا بَلَغَ أَحْمَدَ، أَمَرَ بِلَعْنِ المُوَفَّقِ عَلَى المنَابِرِ بِمِصْرَ وَالشَّامِ، وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ القَاضِي مِمَّنْ خَلَعَ المُوَفَّقَ -يَعْنِي: مِنْ وَلاَيَةِ العَهْدِ- وَلَعَنَهُ، وَوَقَفَ عِنْدَ المِنْبَرِ بِدِمَشْقَ، وَلَعَنَهُ، وَقَالَ: نَحْنُ أَهْلُ الشَّامِ، نَحْنُ أَهْلُ صِفِّيْنَ، وَقَدْ كَانَ فِيْنَا مَنْ حَضَرَ الجَمَل، وَنَحْنُ القَائِمُوْنَ بِمَنْ عَانَدَ أَهْل الشَّامِ، وَأَنَا أُشْهِدُكُم أَنِّي قَدْ خَلَعْتَ أَبَا أَحْمَقَ -يَعْنِي: أَبَا أَحْمَدَ- كَمَا يُخْلَعُ الخَاتَمُ مِنَ الإِصْبَعِ، فَالعَنُوهُ، لَعَنَهُ اللهُ.
قَالَ الرَّازِيُّ: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ أَحْمَدُ بنُ المُوَفَّقِ مِنْ وَقْعَةِ الطَّوَاحِيْنِ إِلَى دِمَشْقَ، مِنْ مُحَارَبَةِ خُمَارَوَيه بنَ أَحْمَدَ بنِ طُولُوْنَ -يَعْنِي: بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ؛ أَحْمَدَ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ- قَالَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيِّ: انْظُرْ مَا انْتَهَى إِلَيْكَ مِمَّنْ كَانَ يُبْغِضُنَا فَليُحْمَل.
فَحُمِلَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو زُرْعَةَ بنُ عُثْمَانَ، حَتَّى صَارُوا بِهِم مُقيَّدِيْنَ إِلى أَنْطَاكِيَةَ، فَبَيْنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي المُوَفَّقِ - وَهُوَ المُعْتَضِدُ - يَسِيْرُ يَوْماً، إِذْ بَصُرَ بِمَحَامِلِ هَؤُلاَءِ.
فَقَالَ لِلْوَاسِطِيِّ: مَنْ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَهْلُ دِمَشْقَ.
قَالَ: وَفِي الأَحْيَاءِ هُم؟ إِذَا نَزَلْتُ فَاذْكُرْنِي بِهِم.
قَالَ ابْنُ صَالِح: فَحَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ أَحضَرَنَا بَعْدَ أَنْ فُكَّتِ القُيُوْدُ، وَأَوْقَفَنَا مَذْعُوْرِيْنَ.
فَقَالَ: أَيُّكُم القَائِل: قَدْ نَزَعْتُ أَبَا
أَحْمَقَ؟قَالَ: فَرَبَتْ أَلْسِنَتُنَا حَتَّى خُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّنَا مَقْتُوْلُوْنَ، فَأَمَّا أَنَا: فَأُبْلِسْتُ، وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ: فَخَرِسَ، وَكَانَ تَمْتَاماً، وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ القَاضِي أَحَدَثَنَا سِنّاً، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ.
فَالتفت إِلَيْهِ الوَاسِطِيُّ، فَقَالَ: أَمْسِكْ حَتَّى يَتَكَلَّمَ أَكْبَرُ مِنْكَ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْنَا، وَقَالَ: مَاذَا عِنْدَكُم؟
فَقُلْنَا: أَصَلَحَكَ اللهُ! هَذَا رَجُلٌ مُتَكَلِّمٌ يَتَكَلَّمُ عَنَّا.
قَالَ: تَكَلَّمَ.
فَقَالَ: وَاللهِ مَا فِيْنَا هَاشِمِيٌّ، وَلاَ قُرَشِيٌّ صَحِيْحٌ، وَلاَ عَرَبِيٌّ فَصِيْحٌ، وَلَكِنَّا قَوْمٌ مُلِكْنَا حَتَّى قُهِرْنَا.
وَرَوَى أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي المَنَشْطِ وَالمَكْرَهِ، وَأَحَادِيْثَ فِي العَفْوِ وَالإِحْسَانِ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِالكَلِمَةِ الَّتِي نُطَالِبُ بِخَزْيِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ نِسْوَانِي طَوَالِق، وَعَبِيْدِي أَحْرَارٌ، وَمَالِي حَرَامٌ إِنْ كَانَ فِي هَؤُلاَءِ القَوْمِ أَحَدٌ قَالَ هَذِهِ الكَلِمَةَ، وَوَرَءَانَا عِيَالٌ وَحُرَمٌ، وَقَدْ تَسَامَعَ النَّاسُ بِهَلاَكِنَا، وَقَدْ قَدَرْتَ، وَإِنَّمَا العَفْوُ بَعْدَ المَقْدِرَةِ.
فَقَالَ لِلْوَاسِطِيِّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! أَطْلِقْهُم، لاَ كَثَّرَ اللهُ فِي النَّاسِ مِثْلَهُم.
فَأَطْلَقَنَا، فَاشْتَغَلْتُ أَنَا وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ عِنْدَ عُثْمَانَ بنِ خُرَّزَاذَ فِي نُزَهِ أَنطَاكِيَةَ وَطِيْبِهَا وَحَمَّامَاتِهَا، وَسَبَقَ أَبُو زُرْعَةَ القَاضِي إِلى حِمْصَ.
قَالَ ابْنُ زَبْرٍ وَالدِّمَشْقِيُّوْنَ: مَاتَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصرِيُّ سَنَةَ إِحدَى وَثَمَانِيْن وَمائَتَيْن، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.