يزيد بْن مزيَد بْن زائدة بْن عَبْد الله بْن مطر بن شريك بن خَالِد، الشيباني، وهو ابن أخي مَعْن بْن زائدة :
وكان أحد الأمراء المشهورين، والأجواد المذكورين ولي إمارة اليمن فِي أيام الرشيد. وقدم بغداد وكان مقصودًا ممدوحًا.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن عَلِيّ الجوهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القاسم الأنباريّ، حدثني أبي، حدثنا الحسن بن عبد الرّحمن الربعي، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن سليمان الحنفي، حدَّثَنِي أبي قَالَ: دخل يزيد بْن مزيد عَلَى الرشيد فقال لَهُ: يا يزيد من الَّذِي يَقُولُ فيك:
لا يعبق الطيب كفيه ومفرقه ... ولا يمسّح عينيه من الكحل
قد عود الطير عادات وثقن بِها ... فهن يتبعنه في كل مرتحل
قَالَ: لا أدري يا أمير المؤمنين. قَالَ: أفيقال فيك مثل هذا الشعر ولا تعرف قائله؟
فانصرف خَجِلا. فقال لحاجبه: من بالباب من الشعراء؟ فقال مُسْلِم بْن الوليد فقال ومنذ كم هُوَ مقيمٌ بالباب؟ قَالَ: منذ زمان طويل منعته من الوصول إليك لما عرفته من إضاقتك. قال: أدخله فدخل فأنشده:
أجررت حبل خليع في الصبى غزل ... وقصرت همم العذال عن عذلي
رد البكاء على العين الطموح هوى ... مفرق بين توديع ومنتقل
أما كفى البين أن أرمى بأسهمه ... حتى رماني بلحظ الأعين النجل
مِما جنت لي وإن كانت مني صدقت ... ضبابة بين إثواء ومرتحل
حتى ختمها. فقال للوكيل: بع ضَيْعَتِي الْفُلانية وأعطه نصف ثَمنها واحتبس نصفًا لنفقتنا، فباعها بمائة ألف درهم، فأعطى مسلمًا خمسين ألفًا ورُفع الخبر إلى الرشيد، فاستحضر يزيد وسأله عَن الحديث، فأعلمه الخبر. فقال: قد أمرتُ لك بمائتي ألف درهم لتسترجع الضيعة بمائة ألف وتزيد الشاعر خمسين ألفًا وتحبس خمسين ألفًا لنفسك.
قَالَ أَبُو بكر الأنباري: وقال أبي: سرق مُسْلِم بْن الوليد هذا المعنى من النابغة فِي قوله:
إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طير تتقي بعصائب
جوانح قد أيقن أن قبيله ... إذا ما التقى الصفان أول غالب
لَهن عليهم عادة قد عرفنها ... إذا عرض الخطي فوق الكواثب
أَخْبَرَنِي أَبُو منصور يوسف بْن هلال صاحب التّميميّ، أخبرنا محمّد بن عبد الله ابن الحسين الدّقّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القاسم بْن بَشَّار الأنباري، حدثني أبي، حدثنا حسن بن عبد الرّحمن بن الربعي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بدر العجلي قَالَ: هجا سلم الخاسر يزيد بْن مزيد. فقال:
ليت الأمير أبا خالد ... يزيد، يزيد كما ينتقص
فحلف يزيد بن مزيد أن يقتله إن وقع في يده، فقال سلم الخاسر يمدح يزيد بن مزيد:
إن لله في البرية سيف ... ين يزيدًا وخالد بن الوليد
ذاك سيف النبي في سالف الده ... ر وهذا سيف الإمام الرشيد
ما مقامي على الثماد وقد فا ... ضت بحور الندى بكفى يزيد
أخبرنا الجوهريّ، حدثنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا محمّد بن القاسم الأنباريّ، حدثني أبي، حدثنا الحسن بن عبد الرّحمن الربعي، حدثنا عبد الرّحمن بن إسحاق
الصعيري قَالَ: قدم أَبُو الشمقمق عَلَى يزيد بْن مزيد اليمن، ويزيد إذ ذاك عَلَى اليمن فلمّا دخل عَلَيْهِ أنشأ يَقُولُ:
رحل المطي إليك طلاب الندى ... ورحلت نحوك ناقتي نعليه
إذ لم يكن لي يا يزيد مطية ... فجعلتها لك في السفار مطيه
تحدى أمام اليعملات وتفتلي ... في السير تترك خلفها المهريه
من كل طارئة الصوى مزورة ... قطعًا لكل تنوفة دويه
وإذا ركبت بِها طريقًا عامرًا ... تنساب تَحْتِي كانسياب الحيه
لولا الشراك لقد خشيت جماحها ... وزمامها ما أن تَمس يديه
تنتاب أكرم وائل في بيتها ... حسبًا وقبة مَجدها مبنيه
أعني يزيدا سيف آل محمد ... فراج كل شديدة مخشيه
يوماه يوم للمواهب والندى ... خضل ويوم دم وخطف منيه
ولقد أتيتك واثقا بك عالِما ... أن لست تسمع مدحة بنسيه
فقال: صدقت يا شمقمق، لست أقبل مدحة بنسية أعطوهُ ألف دينار.
أخبرنا التّنوخيّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد الله مُحَمَّد بْن عمران المرزباني. قَالَ: أنشدنا أَبُو الْحَسَن الأخفش عَن ثعلب، لِمسلم- يعني ابن الوليد- يرثي يزيد بْن مزيد ومات ببرذعة من أرض الرَّان:
قبر ببرذعة استسر ضريِحهُ ... خطر تقاصر دونه الأخطارُ
ألقى الزمان على معد بعده ... حزنا- لعمر الدهر- ليس يعارُ
نفضت بك الآمال أحلاس الغنى ... واسترجعت نزاعها الأمصارُ
فاذهب كما ذهبت غوادي مزنة ... أثنى عليها السهل والأوعارُ
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان. وأخبرني الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عرفة قالا: سنة خمس وثمانين ومائة فيها تُوُفِّيَ يزيد بْن مزيد- زاد يعقوب ببرذعة.
وكان أحد الأمراء المشهورين، والأجواد المذكورين ولي إمارة اليمن فِي أيام الرشيد. وقدم بغداد وكان مقصودًا ممدوحًا.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن عَلِيّ الجوهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القاسم الأنباريّ، حدثني أبي، حدثنا الحسن بن عبد الرّحمن الربعي، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن سليمان الحنفي، حدَّثَنِي أبي قَالَ: دخل يزيد بْن مزيد عَلَى الرشيد فقال لَهُ: يا يزيد من الَّذِي يَقُولُ فيك:
لا يعبق الطيب كفيه ومفرقه ... ولا يمسّح عينيه من الكحل
قد عود الطير عادات وثقن بِها ... فهن يتبعنه في كل مرتحل
قَالَ: لا أدري يا أمير المؤمنين. قَالَ: أفيقال فيك مثل هذا الشعر ولا تعرف قائله؟
فانصرف خَجِلا. فقال لحاجبه: من بالباب من الشعراء؟ فقال مُسْلِم بْن الوليد فقال ومنذ كم هُوَ مقيمٌ بالباب؟ قَالَ: منذ زمان طويل منعته من الوصول إليك لما عرفته من إضاقتك. قال: أدخله فدخل فأنشده:
أجررت حبل خليع في الصبى غزل ... وقصرت همم العذال عن عذلي
رد البكاء على العين الطموح هوى ... مفرق بين توديع ومنتقل
أما كفى البين أن أرمى بأسهمه ... حتى رماني بلحظ الأعين النجل
مِما جنت لي وإن كانت مني صدقت ... ضبابة بين إثواء ومرتحل
حتى ختمها. فقال للوكيل: بع ضَيْعَتِي الْفُلانية وأعطه نصف ثَمنها واحتبس نصفًا لنفقتنا، فباعها بمائة ألف درهم، فأعطى مسلمًا خمسين ألفًا ورُفع الخبر إلى الرشيد، فاستحضر يزيد وسأله عَن الحديث، فأعلمه الخبر. فقال: قد أمرتُ لك بمائتي ألف درهم لتسترجع الضيعة بمائة ألف وتزيد الشاعر خمسين ألفًا وتحبس خمسين ألفًا لنفسك.
قَالَ أَبُو بكر الأنباري: وقال أبي: سرق مُسْلِم بْن الوليد هذا المعنى من النابغة فِي قوله:
إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طير تتقي بعصائب
جوانح قد أيقن أن قبيله ... إذا ما التقى الصفان أول غالب
لَهن عليهم عادة قد عرفنها ... إذا عرض الخطي فوق الكواثب
أَخْبَرَنِي أَبُو منصور يوسف بْن هلال صاحب التّميميّ، أخبرنا محمّد بن عبد الله ابن الحسين الدّقّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القاسم بْن بَشَّار الأنباري، حدثني أبي، حدثنا حسن بن عبد الرّحمن بن الربعي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بدر العجلي قَالَ: هجا سلم الخاسر يزيد بْن مزيد. فقال:
ليت الأمير أبا خالد ... يزيد، يزيد كما ينتقص
فحلف يزيد بن مزيد أن يقتله إن وقع في يده، فقال سلم الخاسر يمدح يزيد بن مزيد:
إن لله في البرية سيف ... ين يزيدًا وخالد بن الوليد
ذاك سيف النبي في سالف الده ... ر وهذا سيف الإمام الرشيد
ما مقامي على الثماد وقد فا ... ضت بحور الندى بكفى يزيد
أخبرنا الجوهريّ، حدثنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا محمّد بن القاسم الأنباريّ، حدثني أبي، حدثنا الحسن بن عبد الرّحمن الربعي، حدثنا عبد الرّحمن بن إسحاق
الصعيري قَالَ: قدم أَبُو الشمقمق عَلَى يزيد بْن مزيد اليمن، ويزيد إذ ذاك عَلَى اليمن فلمّا دخل عَلَيْهِ أنشأ يَقُولُ:
رحل المطي إليك طلاب الندى ... ورحلت نحوك ناقتي نعليه
إذ لم يكن لي يا يزيد مطية ... فجعلتها لك في السفار مطيه
تحدى أمام اليعملات وتفتلي ... في السير تترك خلفها المهريه
من كل طارئة الصوى مزورة ... قطعًا لكل تنوفة دويه
وإذا ركبت بِها طريقًا عامرًا ... تنساب تَحْتِي كانسياب الحيه
لولا الشراك لقد خشيت جماحها ... وزمامها ما أن تَمس يديه
تنتاب أكرم وائل في بيتها ... حسبًا وقبة مَجدها مبنيه
أعني يزيدا سيف آل محمد ... فراج كل شديدة مخشيه
يوماه يوم للمواهب والندى ... خضل ويوم دم وخطف منيه
ولقد أتيتك واثقا بك عالِما ... أن لست تسمع مدحة بنسيه
فقال: صدقت يا شمقمق، لست أقبل مدحة بنسية أعطوهُ ألف دينار.
أخبرنا التّنوخيّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد الله مُحَمَّد بْن عمران المرزباني. قَالَ: أنشدنا أَبُو الْحَسَن الأخفش عَن ثعلب، لِمسلم- يعني ابن الوليد- يرثي يزيد بْن مزيد ومات ببرذعة من أرض الرَّان:
قبر ببرذعة استسر ضريِحهُ ... خطر تقاصر دونه الأخطارُ
ألقى الزمان على معد بعده ... حزنا- لعمر الدهر- ليس يعارُ
نفضت بك الآمال أحلاس الغنى ... واسترجعت نزاعها الأمصارُ
فاذهب كما ذهبت غوادي مزنة ... أثنى عليها السهل والأوعارُ
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان. وأخبرني الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عرفة قالا: سنة خمس وثمانين ومائة فيها تُوُفِّيَ يزيد بْن مزيد- زاد يعقوب ببرذعة.