علي بن هلال بن البواب، أبو الحسن الكاتب، مولى معاوية بن أبي سفيان :
صحب أبا الحسين بن سمعون الواعظ، وقرأ الأدب على أبي الفتح بن جني، وسمع من أبي عبيد الله المرزباني وغيره، وكانت عنده معرفة بتعبير الرؤيا، وكان يقص على الناس بجامع المنصور، وكان له نظم ونثر حسن، وإليه انتهت الرئاسة في حسن الخط وجودة الكتابة، واتخذ لنفسه [طريقة] اقتدى الناس به فيها وشبهوا بخطه، ونال من رفيع الذكر وسمو المرتبة في الخط ما لم ينله أحد من أبناء جنسه، ورزق من حلاوة الخط وعبرته وعلا قيمته وتهافت الناس عليه ما لم يرزقه من كان قبله من الكتاب.
أنبأنا أبو أحمد الأمين، عن أبي الفضل الفارسي: أن أبا علي الحسن بن أحمد البناء أخبره ونقلته من خط أبي علي قال: حكى لي أبو طاهر بن الغفاري: أن أبا الحسن بن البواب أخبره أن ابن نبهان استدعاه فأبي المضي إليه وتكرر ذلك، قال: فمضيت إلى أبي الحسن القزويني وقلت: ما ينطقه الله به أفعله، قال: فلما دخلت إليه قال لي: يا أبا الحسن ما أخبرك عنا؟ فاعتذرت إليه ثم قال: قد رأيت مناما فقلت مذهبي تفسير المنامات من القرآن فقال: رضيت، ثم قال: كأن الشمس والقمر قد اجتمعا وسقطا في حجري، قال: وعنده فرح بذلك كيف يجتمع له الملك والوزارة وهو لا يدري ما تأويله، فقلت: قال الله تعالى وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ. كَلَّا لا وَزَرَ
وذكرت هذه ثلاثا، قال: فنهض ودخل حجرة النساء ونهضت ومضيت إلى منزلي، فلما كان بعد ثلاثة أيام انحدر إلى واسط على أقبح حال وكان قتله هناك.
أنبأنا أبو منصور بن أبي القاسم البزار، عن محمد بن أبي طاهر الشاهد قَالَ: كتب إلي أبو غالب مُحَمَّد بن أحمد بن بشران الواسطي قال: حدثني أبو الحسن محمد بن علي ابن نصر الكاتب قال: حدثني أبو الحسن علي بن هلال المعروف بابن البواب قال:
كنت أتصرف في خزانة الكتب لبهاء الدولة بشيراز على اختياري وأراعيها له وأمرها مردود إليّ، قال: فرأيت يوما في جملة أجزاء منبوذة جزءا مجلدا بأسود قدر السكري، ففتحته فإذا هو جزء من ثلاثين جزءا من القرآن بخط أبي علي بن مقلة، فأعجبني وأفردته وجعلت وكدي التفتيش على مثله، فلم أزل أظفر بجزء بعد جزء مختلط في الكتب إلى أن اجتمع تسعة وعشرون جزءا وبقي جزء واحد، واستغرقت تفتيش الخزانة في مدة طويلة فلم أظفر به، فعلمت أن المصحف ناقص فأفردته ودخلت إلى بهاء الدولة وقلت: يا مولانا! هاهنا رجل يسأل حاجة لا كلفة فيها، وهي مخاطبة أبي علي الموفق على معونته في منازعة بينه وبين خصم له، ومعه هدية ظريفة تصلح لمولانا، قال: أي شيء هي؟ قلت: مصحف بخط أبي علي بن مقلة، فقال: هاته وأنا أتقدم بما تريد، فأحضرت الأجزاء فأخذ منها واحدا فقال: أذكر وكان في الخزانة ما يشبه هذا وقد ذهب عني، قلت: هذا مصحفك وقصصت عليه القصة في طلبي له حتى جمعته، وقلت: هكذا يطرح مصحف بخط أبي علي ينقص جزء، فقال لي: فتممه لي، قلت: السمع والطاعة ولكن على شريطة لا تبصر الجزء الناقص منها ولا تعرفه
وعلى أن تعطيني خلعة ومائة دينار! قال: أفعل، وأخذت المصحف من بين يديه وانصرفت إلى داري ودخلت الخزانة أقلب الكاغذ العتيق وما يشابه كاغذ المصحف، وكان فيها من أنواع الكاغذ السّمرقندي والصيني والعتيق كل ظريف عجيب، فأخذت من الكاغذ ما وافقني وكتبت الجزء وأذهبته وعتقت ذهبه وقلعت جلدا ، من جزء [من] الأجزاء فجلدته به، وجلدت الذي قلعت منه الجلد وعتقته، ونسي بهاء الدولة المصحف ومضي على ذلك نحو سنة، فلما كان ذات يوم جرى ذكر أبي علي بن مقلة فقال لي: ما كتبت ذلك؟ قلت: بلى، قال: فأعطيته! فأحضرته المصحف كاملا، فلم [يزل] يقلبه جزءا جزءا وهو لا يقف على الجزء الذي يخطي، ثم قال لي: أيما هو الجزء الذي بخطك؟ قلت: لما لك تعرفه فيغتر في عينك هذا مصحف كامل بخط أبي علي بن مقلة ونكتم سرنا، قال: أفعل، وتركه في ربعة عند رأسه ولم يعده إلى الخزانة، وأقمت مطالبا بالخلعة والدنانير، وهو يمطلني ويعدني، فلما كان يوما قلت: يا مولانا في الخزانة بياض صيني وعتيق مقطوع وصحيح، فتعطيني المقطوع منه كله دون الصحيح بالخلعة والدنانير، قال: مر [و] خذه! فمضيت وأخذت جميع ما كان فيها من ذلك النوع فكتبت فيه سنين.
قرأت في كتاب بعض الفضلاء قال: ومن شعر علي بن هلال بن البواب الكاتب ما قاله في ضمن رسالة وهو:
فلو أني أهديت ما هو فرض ... للرئيس الأجل من أمثالي
لنظمت النجوم عقدا إذا رصع ... غيري جواهرا بلئالئ
ثم أهديتها إليه وأقرر ... ت بعجزي في القول والأفعال
غير أني رأيت قدرك يعلو ... عن نظير ومشبه ومثال
فتفاءلت في الهدية بالأقلام ... علما مني بصدق الفال
فاعتقدها مفاتح الشرق والغر ... ب سريعا والسهل والأجبال
فهي تستن إن جرين على القر ... طاس بين الأرزاق والآجال
فاختبرها موقعا برسوم ال ... بر والمكرمات والإفضال
واحظ بالمهرجان وابل جديد ... الدهر في نعمة بغير زوال
وابن المجد صاعد الجد عزا ... والرئيس الأجل نعم المعالي
في سرور وغبطة تدع ال ... حاسد منها مقطع الأوصال
عضدتها السعود واستوطن ال ... إقبال فيها وسالمتها الليالي
أيها الماجد الكرم الذي يب ... دأ بالعارفات قبل السؤال
إن آلاءك الجزيلة عندي ... شرعت لي طريقة في المقال
أمنتني لديك من جنة ال ... رد وفرط الإضجار والإملال
وحقوق العبيد فرض على ال ... سادة في كل موسم للمعالي
وحياة الثناء تبقى على الده ... ر إذا ما أنقضت حياة المال
أنبأنا أبو القاسم المؤدب، عن أَبِي السعود أَحْمَد بْن علي بن المحلي، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: وعلي بن هلال أبو الحسن بن البواب صاحب الخط المستحسن المذكور رأيته، وكان رجلا دينا، لا أعلمه روى شيئا من الحديث، وقد قال أبو العلاء أحمد بن عبيد الله بن سليمان المعرى في قصيدة له:
ولاح هلال مثل نون أجادها ... بماء النضار الكاتب ابن هلال
قرأت في كتاب أن أبا الحسن البتي الكاتب كان مزاحا وأنه اجتاز على باب الوزير فخر الملك أبي غالب محمد بن خلف، وعلي بن هلال جالس على بابه ينتظر الإذن، فقال له البتي: جلوس الاستئذان على العتب رعاية للنسب، فغضب ابن البواب وقال:
لو أن إلى أمر ما مكنتك من دخول هذه الدار، فقال البتي: لا يترك الأستاذ صنعة الوالد بحال.
قرأت في كتاب المتعنسس الأديب بخطه قال: لمحمد بن الليث الزجاج الموصلي يهجو ابن البواب صاحب الخط، وكان إذ ذاك منقطعا إلى الشريف الرضي وملازما له:
هب لنا الموسوي بابن هلال ... وانع من شئت من ذوي الأحوال
ذاك عين الهدى وأنت عمى ... الأعين والنقص مولع بالكمال
قال وله فيه:
أيهذا الشريف حاشاك حاشاك ... نرى في فنائك ابن هلال
هو نحس النحوس في سادة العز ... وسعد السعود في الأنذال
انظر اللام من هلال تجدها ... فيه مشكولة بلا إشكال
أَنْبَأَنَا ذَاكِرُ بْنُ كَامِلٍ الْخَفَّافُ، عَنْ أَبِي نصر محمود بن الفضل الأصبهاني، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون قراءة عليه قال: سنة ثلاث عشرة وأربعمائة أبو الحسن علي بن هلال بن البواب صاحب الخط يوم السبت ثاني جمادى الأولى- يعني مات، قال: وكان من أهل السنّة.
قرأت في كتاب «التاريخ» لأبي الحسن محمد بن عبد الملك بن الهمداني قال:
ودخلت سنة ثلاث عشرة وأربعمائة في جمادى الأولى توفى أبو الحسن ابن البواب صاحب الخط الحسن، ودفن في جوار أحمد، وكان يقص بجامع المدينة، وجعله فخر الملك أحد ندمائه لما دخل إلى بغداد، ورثاه المرتضى بقوله:
رديت يا ابن هلال والردى عرض ... لم يحم منه على سخط له البشر
ما ضر فقدك والأيام شاهدة ... بأن فضلك فيها الأنجم الزهر
أغنيت في الأرض والأقوام كلهم ... من المحاسن ما لم يغنه المطر
فللقلوب التي أبهجتها حزن ... وللعيون التي أقررتها سهر
وما لعيش وقد ودعته أرج ... ولا لليل وقد فارقته سحر
وما لنا بعد أن أضحت مطالعنا ... مسلوبة منك أوضاح ولا غرر
صحب أبا الحسين بن سمعون الواعظ، وقرأ الأدب على أبي الفتح بن جني، وسمع من أبي عبيد الله المرزباني وغيره، وكانت عنده معرفة بتعبير الرؤيا، وكان يقص على الناس بجامع المنصور، وكان له نظم ونثر حسن، وإليه انتهت الرئاسة في حسن الخط وجودة الكتابة، واتخذ لنفسه [طريقة] اقتدى الناس به فيها وشبهوا بخطه، ونال من رفيع الذكر وسمو المرتبة في الخط ما لم ينله أحد من أبناء جنسه، ورزق من حلاوة الخط وعبرته وعلا قيمته وتهافت الناس عليه ما لم يرزقه من كان قبله من الكتاب.
أنبأنا أبو أحمد الأمين، عن أبي الفضل الفارسي: أن أبا علي الحسن بن أحمد البناء أخبره ونقلته من خط أبي علي قال: حكى لي أبو طاهر بن الغفاري: أن أبا الحسن بن البواب أخبره أن ابن نبهان استدعاه فأبي المضي إليه وتكرر ذلك، قال: فمضيت إلى أبي الحسن القزويني وقلت: ما ينطقه الله به أفعله، قال: فلما دخلت إليه قال لي: يا أبا الحسن ما أخبرك عنا؟ فاعتذرت إليه ثم قال: قد رأيت مناما فقلت مذهبي تفسير المنامات من القرآن فقال: رضيت، ثم قال: كأن الشمس والقمر قد اجتمعا وسقطا في حجري، قال: وعنده فرح بذلك كيف يجتمع له الملك والوزارة وهو لا يدري ما تأويله، فقلت: قال الله تعالى وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ. كَلَّا لا وَزَرَ
وذكرت هذه ثلاثا، قال: فنهض ودخل حجرة النساء ونهضت ومضيت إلى منزلي، فلما كان بعد ثلاثة أيام انحدر إلى واسط على أقبح حال وكان قتله هناك.
أنبأنا أبو منصور بن أبي القاسم البزار، عن محمد بن أبي طاهر الشاهد قَالَ: كتب إلي أبو غالب مُحَمَّد بن أحمد بن بشران الواسطي قال: حدثني أبو الحسن محمد بن علي ابن نصر الكاتب قال: حدثني أبو الحسن علي بن هلال المعروف بابن البواب قال:
كنت أتصرف في خزانة الكتب لبهاء الدولة بشيراز على اختياري وأراعيها له وأمرها مردود إليّ، قال: فرأيت يوما في جملة أجزاء منبوذة جزءا مجلدا بأسود قدر السكري، ففتحته فإذا هو جزء من ثلاثين جزءا من القرآن بخط أبي علي بن مقلة، فأعجبني وأفردته وجعلت وكدي التفتيش على مثله، فلم أزل أظفر بجزء بعد جزء مختلط في الكتب إلى أن اجتمع تسعة وعشرون جزءا وبقي جزء واحد، واستغرقت تفتيش الخزانة في مدة طويلة فلم أظفر به، فعلمت أن المصحف ناقص فأفردته ودخلت إلى بهاء الدولة وقلت: يا مولانا! هاهنا رجل يسأل حاجة لا كلفة فيها، وهي مخاطبة أبي علي الموفق على معونته في منازعة بينه وبين خصم له، ومعه هدية ظريفة تصلح لمولانا، قال: أي شيء هي؟ قلت: مصحف بخط أبي علي بن مقلة، فقال: هاته وأنا أتقدم بما تريد، فأحضرت الأجزاء فأخذ منها واحدا فقال: أذكر وكان في الخزانة ما يشبه هذا وقد ذهب عني، قلت: هذا مصحفك وقصصت عليه القصة في طلبي له حتى جمعته، وقلت: هكذا يطرح مصحف بخط أبي علي ينقص جزء، فقال لي: فتممه لي، قلت: السمع والطاعة ولكن على شريطة لا تبصر الجزء الناقص منها ولا تعرفه
وعلى أن تعطيني خلعة ومائة دينار! قال: أفعل، وأخذت المصحف من بين يديه وانصرفت إلى داري ودخلت الخزانة أقلب الكاغذ العتيق وما يشابه كاغذ المصحف، وكان فيها من أنواع الكاغذ السّمرقندي والصيني والعتيق كل ظريف عجيب، فأخذت من الكاغذ ما وافقني وكتبت الجزء وأذهبته وعتقت ذهبه وقلعت جلدا ، من جزء [من] الأجزاء فجلدته به، وجلدت الذي قلعت منه الجلد وعتقته، ونسي بهاء الدولة المصحف ومضي على ذلك نحو سنة، فلما كان ذات يوم جرى ذكر أبي علي بن مقلة فقال لي: ما كتبت ذلك؟ قلت: بلى، قال: فأعطيته! فأحضرته المصحف كاملا، فلم [يزل] يقلبه جزءا جزءا وهو لا يقف على الجزء الذي يخطي، ثم قال لي: أيما هو الجزء الذي بخطك؟ قلت: لما لك تعرفه فيغتر في عينك هذا مصحف كامل بخط أبي علي بن مقلة ونكتم سرنا، قال: أفعل، وتركه في ربعة عند رأسه ولم يعده إلى الخزانة، وأقمت مطالبا بالخلعة والدنانير، وهو يمطلني ويعدني، فلما كان يوما قلت: يا مولانا في الخزانة بياض صيني وعتيق مقطوع وصحيح، فتعطيني المقطوع منه كله دون الصحيح بالخلعة والدنانير، قال: مر [و] خذه! فمضيت وأخذت جميع ما كان فيها من ذلك النوع فكتبت فيه سنين.
قرأت في كتاب بعض الفضلاء قال: ومن شعر علي بن هلال بن البواب الكاتب ما قاله في ضمن رسالة وهو:
فلو أني أهديت ما هو فرض ... للرئيس الأجل من أمثالي
لنظمت النجوم عقدا إذا رصع ... غيري جواهرا بلئالئ
ثم أهديتها إليه وأقرر ... ت بعجزي في القول والأفعال
غير أني رأيت قدرك يعلو ... عن نظير ومشبه ومثال
فتفاءلت في الهدية بالأقلام ... علما مني بصدق الفال
فاعتقدها مفاتح الشرق والغر ... ب سريعا والسهل والأجبال
فهي تستن إن جرين على القر ... طاس بين الأرزاق والآجال
فاختبرها موقعا برسوم ال ... بر والمكرمات والإفضال
واحظ بالمهرجان وابل جديد ... الدهر في نعمة بغير زوال
وابن المجد صاعد الجد عزا ... والرئيس الأجل نعم المعالي
في سرور وغبطة تدع ال ... حاسد منها مقطع الأوصال
عضدتها السعود واستوطن ال ... إقبال فيها وسالمتها الليالي
أيها الماجد الكرم الذي يب ... دأ بالعارفات قبل السؤال
إن آلاءك الجزيلة عندي ... شرعت لي طريقة في المقال
أمنتني لديك من جنة ال ... رد وفرط الإضجار والإملال
وحقوق العبيد فرض على ال ... سادة في كل موسم للمعالي
وحياة الثناء تبقى على الده ... ر إذا ما أنقضت حياة المال
أنبأنا أبو القاسم المؤدب، عن أَبِي السعود أَحْمَد بْن علي بن المحلي، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: وعلي بن هلال أبو الحسن بن البواب صاحب الخط المستحسن المذكور رأيته، وكان رجلا دينا، لا أعلمه روى شيئا من الحديث، وقد قال أبو العلاء أحمد بن عبيد الله بن سليمان المعرى في قصيدة له:
ولاح هلال مثل نون أجادها ... بماء النضار الكاتب ابن هلال
قرأت في كتاب أن أبا الحسن البتي الكاتب كان مزاحا وأنه اجتاز على باب الوزير فخر الملك أبي غالب محمد بن خلف، وعلي بن هلال جالس على بابه ينتظر الإذن، فقال له البتي: جلوس الاستئذان على العتب رعاية للنسب، فغضب ابن البواب وقال:
لو أن إلى أمر ما مكنتك من دخول هذه الدار، فقال البتي: لا يترك الأستاذ صنعة الوالد بحال.
قرأت في كتاب المتعنسس الأديب بخطه قال: لمحمد بن الليث الزجاج الموصلي يهجو ابن البواب صاحب الخط، وكان إذ ذاك منقطعا إلى الشريف الرضي وملازما له:
هب لنا الموسوي بابن هلال ... وانع من شئت من ذوي الأحوال
ذاك عين الهدى وأنت عمى ... الأعين والنقص مولع بالكمال
قال وله فيه:
أيهذا الشريف حاشاك حاشاك ... نرى في فنائك ابن هلال
هو نحس النحوس في سادة العز ... وسعد السعود في الأنذال
انظر اللام من هلال تجدها ... فيه مشكولة بلا إشكال
أَنْبَأَنَا ذَاكِرُ بْنُ كَامِلٍ الْخَفَّافُ، عَنْ أَبِي نصر محمود بن الفضل الأصبهاني، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون قراءة عليه قال: سنة ثلاث عشرة وأربعمائة أبو الحسن علي بن هلال بن البواب صاحب الخط يوم السبت ثاني جمادى الأولى- يعني مات، قال: وكان من أهل السنّة.
قرأت في كتاب «التاريخ» لأبي الحسن محمد بن عبد الملك بن الهمداني قال:
ودخلت سنة ثلاث عشرة وأربعمائة في جمادى الأولى توفى أبو الحسن ابن البواب صاحب الخط الحسن، ودفن في جوار أحمد، وكان يقص بجامع المدينة، وجعله فخر الملك أحد ندمائه لما دخل إلى بغداد، ورثاه المرتضى بقوله:
رديت يا ابن هلال والردى عرض ... لم يحم منه على سخط له البشر
ما ضر فقدك والأيام شاهدة ... بأن فضلك فيها الأنجم الزهر
أغنيت في الأرض والأقوام كلهم ... من المحاسن ما لم يغنه المطر
فللقلوب التي أبهجتها حزن ... وللعيون التي أقررتها سهر
وما لعيش وقد ودعته أرج ... ولا لليل وقد فارقته سحر
وما لنا بعد أن أضحت مطالعنا ... مسلوبة منك أوضاح ولا غرر