عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس
ابن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك، الفهري من سروات قريش وكرمائهم.
قال الأصمعي: لما ولي محمد بن الضحاك بن قيس الفهري المدينة صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، لن تعدموا مني ثلاث خلال: لا اجمر لكم جيشاً، وإن أمرت فيكم بخير عجلته لكم، أو بشر أخرته عنكم، ولا يكون بيني وبينكم حجاب. فمكث عندهم كذلك. فلما عزل صعد المنبر، فبكى، وبكى الناس لبكائه، وقال: والله
ما أبكي جزعاً من العزل، وضناً بالولاية، ولكني أربأ بهذه الوجوه أن يتبدلها بعدي من لا يرى لها من الحق ما كنت أراه، وإني وإياكم يا معشر أولاد المهاجرين والأنصار لكما قال أخو كنانة: الطويل
فما القيد أبكاني ولا السجن شفني ... ولكنني من خشية النار أجزع
بلى إن أقواماً أخاف عليهم ... إذا مت أن يعطوا الذي كنت مانع
وقع في رواية الأصمعي: لما ولي محمد بن الضحاك، وإنما هو عبد الرحمن بن الضحاك.
ولما استعمل يزيد بن عبد الملك عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري على المدينة خطب فاطمة بنت حسين بن علي فقالت: والله، ما أريد النكاح، ولقد قعدت على بني هؤلاء، وجعلت تحاجزه، وتكره أن تباديه لما تخاف منه، وألح عليها، فقال: والله، لئن لم تفعلي لأجلدن أكبر ولدك في الخمر - يعني: عبد الله بن حسن - قال: فبينا هي كذلك، وكان على ديوان المدينة ابن هرمز، فكتب إليه يزيد بن عبد الملك أن يرتفع إليه للمحاسبة، فدخل على فاطمة يودعها، وقال: هل من حاجة؟ فقالت: تخبر أمير المؤمنين ما ألقى من ابن الضحاك، وما يتعرض مني، قال: وبعثت رسولاً بكتاب إلى يزيد تذكر قرابتها ورحمها، وما ينال ابن الضحاك منها، وما يتوعدها به، فقدم ابن هرمز فأخبر يزيد، وقرأ كتابها، فنزل من أعلى فراشه، فجعل يضرب بخيزرانة في يده، ويقول: لقد اجترأ ابن الضحاك، من رجل يسمعني صوته في العذاب، وأنا على فراشي؟ ثم كتب إلى عبد الواحد بن عبد الله النصري - وهو يومئذ بالطائف - إني قد وليتك المدينة فأغرم ابن الضحاك أربعين ألف دينار، وعذبه حتى أسمع صوته، وأنا على فراشي. وبلغ ابن الضحاك الخبر فهرب إلى الشام، فلجأ إلى مسلمة بن عبد الملك، فاستوهبه من يزيد، فلم يفعل، وقال: قد صنع ما صنع وأدعه؟ فرده إلى النصري إلى المدينة، فاعزمه أربعين ألف دينار، وعذبه، وطاف به في جبة من صوف.
ولما عزل بالنصري عزم على التوجه إلى المدينة، فرد من الطريق، ووقف للناس، وكذلك كانت بنو أمية تفعل بالعامل إذا عزلته، فكان يمر به القرشيون فيعد لون إليه ويثنون عليه، ويجلسون تحته، حتى صاروا حلقة ضخمة؛ وسقط خف رجليه من الشمس حتى حمل حملاً.
ابن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك، الفهري من سروات قريش وكرمائهم.
قال الأصمعي: لما ولي محمد بن الضحاك بن قيس الفهري المدينة صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، لن تعدموا مني ثلاث خلال: لا اجمر لكم جيشاً، وإن أمرت فيكم بخير عجلته لكم، أو بشر أخرته عنكم، ولا يكون بيني وبينكم حجاب. فمكث عندهم كذلك. فلما عزل صعد المنبر، فبكى، وبكى الناس لبكائه، وقال: والله
ما أبكي جزعاً من العزل، وضناً بالولاية، ولكني أربأ بهذه الوجوه أن يتبدلها بعدي من لا يرى لها من الحق ما كنت أراه، وإني وإياكم يا معشر أولاد المهاجرين والأنصار لكما قال أخو كنانة: الطويل
فما القيد أبكاني ولا السجن شفني ... ولكنني من خشية النار أجزع
بلى إن أقواماً أخاف عليهم ... إذا مت أن يعطوا الذي كنت مانع
وقع في رواية الأصمعي: لما ولي محمد بن الضحاك، وإنما هو عبد الرحمن بن الضحاك.
ولما استعمل يزيد بن عبد الملك عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري على المدينة خطب فاطمة بنت حسين بن علي فقالت: والله، ما أريد النكاح، ولقد قعدت على بني هؤلاء، وجعلت تحاجزه، وتكره أن تباديه لما تخاف منه، وألح عليها، فقال: والله، لئن لم تفعلي لأجلدن أكبر ولدك في الخمر - يعني: عبد الله بن حسن - قال: فبينا هي كذلك، وكان على ديوان المدينة ابن هرمز، فكتب إليه يزيد بن عبد الملك أن يرتفع إليه للمحاسبة، فدخل على فاطمة يودعها، وقال: هل من حاجة؟ فقالت: تخبر أمير المؤمنين ما ألقى من ابن الضحاك، وما يتعرض مني، قال: وبعثت رسولاً بكتاب إلى يزيد تذكر قرابتها ورحمها، وما ينال ابن الضحاك منها، وما يتوعدها به، فقدم ابن هرمز فأخبر يزيد، وقرأ كتابها، فنزل من أعلى فراشه، فجعل يضرب بخيزرانة في يده، ويقول: لقد اجترأ ابن الضحاك، من رجل يسمعني صوته في العذاب، وأنا على فراشي؟ ثم كتب إلى عبد الواحد بن عبد الله النصري - وهو يومئذ بالطائف - إني قد وليتك المدينة فأغرم ابن الضحاك أربعين ألف دينار، وعذبه حتى أسمع صوته، وأنا على فراشي. وبلغ ابن الضحاك الخبر فهرب إلى الشام، فلجأ إلى مسلمة بن عبد الملك، فاستوهبه من يزيد، فلم يفعل، وقال: قد صنع ما صنع وأدعه؟ فرده إلى النصري إلى المدينة، فاعزمه أربعين ألف دينار، وعذبه، وطاف به في جبة من صوف.
ولما عزل بالنصري عزم على التوجه إلى المدينة، فرد من الطريق، ووقف للناس، وكذلك كانت بنو أمية تفعل بالعامل إذا عزلته، فكان يمر به القرشيون فيعد لون إليه ويثنون عليه، ويجلسون تحته، حتى صاروا حلقة ضخمة؛ وسقط خف رجليه من الشمس حتى حمل حملاً.