فاطمة بنت عبد الملك بن مروان
ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية زوج عمر بن عبد العزيز وولدت له إسحاق ويعقوب ابني عمر. ثم خلف عليها سليمان الأعور بن داود بن مروان؛ فقال الناس: هذا الخلف الأعور.
قال عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز: قد زوجك أمير المؤمني فاطمة بنت عبد الملك، فقال: وصلك الله يا أمير المؤمنين فقد كفيت المسألة وأجزلت العطية. فأعجب به. فقال بعض ولد عبد الملك: هذا كلام تعلمه فأداه؛ فدخل على عبد الملك فقال: يا عمر كيف نفقتك؟ قال: بين البينين، قال: وما هما؟ قال: قول الله: " والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك فواما " فقال عبد الملك: من علمه هذا؟! قال عمارة بن غزية: حضرت عرس عمر بن عبد العزيز بفاطمة بنت عبد الملك، فكانوا يسرجون القناديل بالغالية مكان الزيت.
وقال: لما بنى عمر بها أسرج في تلك الليلة في مسارجها الغالية. وكان على قبتها مكتوباً: من الكامل
بنت الخليفة والخليفة جدها ... أخت الخلائف والخليفة بعلها
قال خليد بن عجلان: كان عند فاطمة بنت عبد الملك جوهر، فقال لها عمر: من أين صار إليك هذا؟ قالت: أعطانيه أمير المؤمنين. قال: إما أن ترديه إلى بيت المال، وإما أن تأذني في فراقك، فإني أكره أن أكون أنا وأنت وهو في بيت. قالت: لا، بل أختارك على أضعافه لو كان لي. فوضعته في بيت المال، فلما ولي يزيد بن عبد الملك قال لها: إن شئت رددته عليك أو قيمته، قالت: لا أريده، طبت به نفساً في حياته وأرجع فيه بعد موته! لا حاجة لي فيه. فقسمه يزيد بين أهله وولده.
كان عمر بن عبد العزيز عند سليمان بن عبد الملك بمنزله، وكان سليمان يقول: ما هو إلا أن يغيب عني هذا الرجل، فما أجد أحداً يفقه عني! فقال له عمر بن عبد العزيز يوماً: ألا تدفع حق هذه المرأة إليها؟ قال: وأي امرأة؟ قال: فاطمة بنت عبد الملك، فقال سليمان: أو ما علمت وصية أمير المؤمنين عبد الملك؟ قم يا فلان فأتني بكتاب أمير المؤمنين - وكان كتب أنه ليس للبنات شيء - فقال له عمر: إلى المصحف أرسلته؟! فقال ابن لسليمان عنده: ما يزال رجالٌ يعيبون كتب الخلفاء وأمرهم حتى تضرب وجوههم. فقال عمر: إذا كان هذا الأمر إليك وإلى ضربائك كان ما يدخل على العامة من ضرر ذلك أشد مما يدخل على ذلك الرجل من ضرب وجهه. فغضب عند ذلك سليمان، فسب ابنه ذلك وقال: تستقبل أبا حفصٍ بهذا! فقال عمر: إن كان عجل علينا فقد استوفينا.
وهذا الابن أيوب بن سليمان.
دخل عمر بن عبد العزيز على فاطمة ارمأته في كنيسةٍ بالشام، فطرح عليها خلق
ساجٍ عليه، ثم ضرب على فخذها فقال: يا فاطمة، لنحن ليالي دابق أنعم منا اليوم. فذكرها ما كانت نسيت من عيشها: فضربت يده ضربةً فيها عنف تنحيها عنها وقالت: لعمري لأنت اليوم أقدر منك يومئذ. فأكسعته - أي عبس وتحزن من ذلك - فقام يريد آخر الكنيسة وهو يقول بصوتٍ حزين: يا فاطمة " إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يومٍ عظيم " فبكت فاطمة وقالت: اللهم أعذه من النار.
وعن المغيرة بن عبد العزيز كان قد ضجر على جاريةٍ من جواريها في مرضه الذي هلك فيه، فكان لا يراها إلا انتهرها وقال: أخرجوها. فلما كان يوم.... ونزلنا بعض الشام، قال: دخلت علينا فانتهرها ثم قال: اخرجوا عني. ثم شخص ببصره إلى كوةٍ في القيطون فقال: مرحباً وأهلاً! والله إني لأرى وجوهاً ما هي بوجه إنسٍ ولا جن، فارتبعوا عني. وقال: " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ". قالت: فخرجنا فمكثنا مليا، ثم قال مسلمة لي: يا أخته! قد طال مكثنا عن أمير المؤمنين. قالت: فدخلنا عليه فإذا هو مسجى بثوبه كأنما حرفه أهله جميعاً وقد استقبل به القبلة. والله ما كان على القبلة.
قالت فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز: كنت أسمع عمر في مرضه الذي مات فيه يقول اللهم أخف عليهم موتي ولو ساعةً من نهار. فلما كان اليوم الذي قبض فيه، خرجت من عنده فجلست في بيتٍ آخر بيني وبينه باب وهو في قبةٍ له، فسمعته يقول: " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في
الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين " ثم هدأ، فجعلت لا أسمع له حركة ولا كلاماً فقلت لوصيفٍ كان يخدمه: ويحك! انظر أمير المؤمنين أنائم هو؟ فلما دخل عليه صاح، فوثبت فدخلت عليه فإذا هو ميت قد استقبل القبلة وأغمض نفسه فوضع إحدى يديه على فيه والأخرى على عينيه.
ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية زوج عمر بن عبد العزيز وولدت له إسحاق ويعقوب ابني عمر. ثم خلف عليها سليمان الأعور بن داود بن مروان؛ فقال الناس: هذا الخلف الأعور.
قال عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز: قد زوجك أمير المؤمني فاطمة بنت عبد الملك، فقال: وصلك الله يا أمير المؤمنين فقد كفيت المسألة وأجزلت العطية. فأعجب به. فقال بعض ولد عبد الملك: هذا كلام تعلمه فأداه؛ فدخل على عبد الملك فقال: يا عمر كيف نفقتك؟ قال: بين البينين، قال: وما هما؟ قال: قول الله: " والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك فواما " فقال عبد الملك: من علمه هذا؟! قال عمارة بن غزية: حضرت عرس عمر بن عبد العزيز بفاطمة بنت عبد الملك، فكانوا يسرجون القناديل بالغالية مكان الزيت.
وقال: لما بنى عمر بها أسرج في تلك الليلة في مسارجها الغالية. وكان على قبتها مكتوباً: من الكامل
بنت الخليفة والخليفة جدها ... أخت الخلائف والخليفة بعلها
قال خليد بن عجلان: كان عند فاطمة بنت عبد الملك جوهر، فقال لها عمر: من أين صار إليك هذا؟ قالت: أعطانيه أمير المؤمنين. قال: إما أن ترديه إلى بيت المال، وإما أن تأذني في فراقك، فإني أكره أن أكون أنا وأنت وهو في بيت. قالت: لا، بل أختارك على أضعافه لو كان لي. فوضعته في بيت المال، فلما ولي يزيد بن عبد الملك قال لها: إن شئت رددته عليك أو قيمته، قالت: لا أريده، طبت به نفساً في حياته وأرجع فيه بعد موته! لا حاجة لي فيه. فقسمه يزيد بين أهله وولده.
كان عمر بن عبد العزيز عند سليمان بن عبد الملك بمنزله، وكان سليمان يقول: ما هو إلا أن يغيب عني هذا الرجل، فما أجد أحداً يفقه عني! فقال له عمر بن عبد العزيز يوماً: ألا تدفع حق هذه المرأة إليها؟ قال: وأي امرأة؟ قال: فاطمة بنت عبد الملك، فقال سليمان: أو ما علمت وصية أمير المؤمنين عبد الملك؟ قم يا فلان فأتني بكتاب أمير المؤمنين - وكان كتب أنه ليس للبنات شيء - فقال له عمر: إلى المصحف أرسلته؟! فقال ابن لسليمان عنده: ما يزال رجالٌ يعيبون كتب الخلفاء وأمرهم حتى تضرب وجوههم. فقال عمر: إذا كان هذا الأمر إليك وإلى ضربائك كان ما يدخل على العامة من ضرر ذلك أشد مما يدخل على ذلك الرجل من ضرب وجهه. فغضب عند ذلك سليمان، فسب ابنه ذلك وقال: تستقبل أبا حفصٍ بهذا! فقال عمر: إن كان عجل علينا فقد استوفينا.
وهذا الابن أيوب بن سليمان.
دخل عمر بن عبد العزيز على فاطمة ارمأته في كنيسةٍ بالشام، فطرح عليها خلق
ساجٍ عليه، ثم ضرب على فخذها فقال: يا فاطمة، لنحن ليالي دابق أنعم منا اليوم. فذكرها ما كانت نسيت من عيشها: فضربت يده ضربةً فيها عنف تنحيها عنها وقالت: لعمري لأنت اليوم أقدر منك يومئذ. فأكسعته - أي عبس وتحزن من ذلك - فقام يريد آخر الكنيسة وهو يقول بصوتٍ حزين: يا فاطمة " إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يومٍ عظيم " فبكت فاطمة وقالت: اللهم أعذه من النار.
وعن المغيرة بن عبد العزيز كان قد ضجر على جاريةٍ من جواريها في مرضه الذي هلك فيه، فكان لا يراها إلا انتهرها وقال: أخرجوها. فلما كان يوم.... ونزلنا بعض الشام، قال: دخلت علينا فانتهرها ثم قال: اخرجوا عني. ثم شخص ببصره إلى كوةٍ في القيطون فقال: مرحباً وأهلاً! والله إني لأرى وجوهاً ما هي بوجه إنسٍ ولا جن، فارتبعوا عني. وقال: " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ". قالت: فخرجنا فمكثنا مليا، ثم قال مسلمة لي: يا أخته! قد طال مكثنا عن أمير المؤمنين. قالت: فدخلنا عليه فإذا هو مسجى بثوبه كأنما حرفه أهله جميعاً وقد استقبل به القبلة. والله ما كان على القبلة.
قالت فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز: كنت أسمع عمر في مرضه الذي مات فيه يقول اللهم أخف عليهم موتي ولو ساعةً من نهار. فلما كان اليوم الذي قبض فيه، خرجت من عنده فجلست في بيتٍ آخر بيني وبينه باب وهو في قبةٍ له، فسمعته يقول: " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في
الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين " ثم هدأ، فجعلت لا أسمع له حركة ولا كلاماً فقلت لوصيفٍ كان يخدمه: ويحك! انظر أمير المؤمنين أنائم هو؟ فلما دخل عليه صاح، فوثبت فدخلت عليه فإذا هو ميت قد استقبل القبلة وأغمض نفسه فوضع إحدى يديه على فيه والأخرى على عينيه.