عَبْد الْعَزِيز بْن عَمْرو بْن ضَمرَة الْفَزارِيّ يَرْوِي عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من جُهَيْنَة روى عَنهُ مُحَمَّد بن عَمْرو بْن عَلْقَمَة
Ibn Manjuwayh (d. 1036-37 CE) - Rijāl Ṣaḥīḥ Muslim - ابن منجويه - رجال صحيح مسلم
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 2211 1. عبد العزيز بن عمرو بن ضمرة12. ابان بن صمعة البصري الانصاري2 3. ابان بن عثمان بن عفان القرشي الاموي المديني...1 4. ابان بن يزيد العطار5 5. ابراهيم بن ابي عبلة6 6. ابراهيم بن المهاجر البجلي الكوفي1 7. ابراهيم بن حميد الرؤاسي2 8. ابراهيم بن خالد بن ابي اليمان ابو عبد الله...1 9. ابراهيم بن دينار2 10. ابراهيم بن زياد ابو اسحاق البغدادي2 11. ابراهيم بن سعد بن ابراهيم بن عبد الرحمن...4 12. ابراهيم بن سعد بن ابي وقاص الزهري المديني...1 13. ابراهيم بن سعيد الجوهري ابو اسحاق2 14. ابراهيم بن سويد النخعي الاعور3 15. ابراهيم بن طهمان الخرساني الهروي1 16. ابراهيم بن عبد الاعلي الكوفي2 17. ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ابو اسحاق...1 18. ابراهيم بن عبد الله بن حنين الهاشمي2 19. ابراهيم بن عبد الله بن قارظ2 20. ابراهيم بن عبد الله بن قيس1 21. ابراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس2 22. ابراهيم بن عبيد بن رفاعة الزرقي الانصاري...3 23. ابراهيم بن عقبة بن ابي عياش2 24. ابراهيم بن محمد بن الحارث بن اسماء3 25. ابراهيم بن محمد بن المنتشر بن الاجدع...4 26. ابراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله1 27. ابراهيم بن محمد بن عرعرة بن البرند الشامي...1 28. ابراهيم بن موسى بن يزيد بن زاذان التميمي...1 29. ابراهيم بن نافع المخزومي المكي1 30. ابراهيم بن يزيد بن شريك التيمي تيم الرباب...1 31. ابراهيم بن يزيد بن عمر ابو عمران النخعي...1 32. ابراهيم بن يوسف بن اسحاق بن ابي اسحاق...2 33. ابن ابي حسين1 34. ابن ابي حسين المكي1 35. ابن ابي حسين عبد الله بن عبد الرحمن1 36. ابن ابي ذئب محمد بن عبد الرحمن1 37. ابن ابي عتيق عبد الله1 38. ابن ابي عدي محمد بن ابراهيم1 39. ابن ابي عروبة1 40. ابن ابي فديك محمد بن اسماعيل1 41. ابن ابي مليكة عبد الله بن عبيد الله1 42. ابن البراء1 43. ابن الهاد يزيد1 44. ابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز1 45. ابن حجيرة الاكبر عبد الرحمن1 46. ابن حزم2 47. ابن سفينة او سفينة1 48. ابن شماسة عبد الرحمن1 49. ابن علية اسماعيل1 50. ابن قسيط يزيد1 51. ابن هبيرة عبد الله1 52. ابو احمد الزبيري محمد1 53. ابو ادريس عائذالله1 54. ابو اسامة حماد بن اسامة3 55. ابو اسحاق الشيباني سلميان بن فيروز1 56. ابو اسحاق الفزاري ابراهيم بن محمد2 57. ابو اسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي1 58. ابو اسماء الرحبي عمرو بن مرثد1 59. ابو اسيد مالك بن ربيعة2 60. ابو الاحمص عوف بن مالك1 61. ابو الاحوص سلام بن سليم الحنفي2 62. ابو الاسود الديلي ظالم1 63. ابو الاسود محمد بن عبد الرحمن2 64. ابو الاسود والسوادة مسلم بن مخراق1 65. ابو الاشعث الصنعاني شراحيل1 66. ابو الاشهب جعفر بن حيان2 67. ابو التياح يزيد1 68. ابو الجعد3 69. ابو الجواب الاحوص1 70. ابو الجوزاء اوس بن عبد الله1 71. ابو الحباب سعيد بن يسار1 72. ابو الحكم7 73. ابو الحكم اظن1 74. ابو الخطاب الحساني زياد بن يحيى1 75. ابو الخليل صالح بن ابي مريم1 76. ابو الدرداء عويمر1 77. ابو الدهماء قرفة بن بهيس1 78. ابو الربيع الزهراني سليمان1 79. ابو الرجال محمد بن عبد الرحمن2 80. ابو الزاهرية حدير بن كريب2 81. ابو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس1 82. ابو الزناد عبد الله1 83. ابو السائب الانصاري المديني1 84. ابو السائب مولى هشام1 85. ابو السليل ضريب1 86. ابو الشعثاء5 87. ابو الشمر الضبعي البصري1 88. ابو الصديق بكر بن عمرو الناجي1 89. ابو الضحي مسلم بن صبيح3 90. ابو الطاهر احمد بن عمرو بن الشرح1 91. ابو العالية البراء زياد1 92. ابو العالية الرياحي رفيع1 93. ابو العلاء حيان بن عمير1 94. ابو العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير...1 95. ابو العميس عتبة1 96. ابو الغيث سالم2 97. ابو المتوكل علي1 98. ابو المليح عامر بن اسامة1 99. ابو المنذر اسماعيل بن عمر1 100. ابو المنهال سيار1 ▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn Manjuwayh (d. 1036-37 CE) - Rijāl Ṣaḥīḥ Muslim - ابن منجويه - رجال صحيح مسلم are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68172&book=5545#b6dea4
عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد
مولد عبد الله بن الزبير//// ونسبه ومن فضائله
سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول: أبو خبيب عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وقال غير ابن زنجويه: كنيته أبو بكر وأبو خبيب سكن مكة وقتل بها وأمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه.
- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن من حدثه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه طاف بعبد الله بن الزبير في خرقة وهو أول من ولد في الإسلام.
- حدثنا سويد بن سعيد نا علي بن مسهر ح.
ونا علي بن مسلم نا أبو أسامة جميعا عن أبيه عن أسماء ابنة أبي بكر أنها هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى بعبد الله بن الزبير فوضعته بقباء فلم ترضعه حتى أتت به النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه فوضعه في حجره فطلبوا تمرة ليحنكه بها حتى وجدها فحنكه وكان أول شيء دخل بطنه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه عبد الله.
حدثنا أحمد بن منصور نا يحيى بن بكير قال: ولد عبد الله بن الزبير المدينة بعد الهجرة بعشرين شهرا وهو أكبر ن المسور ومروان بأربعة أشهر ويكنى أبا بكر وكان ممن حضر دفن عثمان رضي الله عنه.
- حدثنا محمد بن ميمون المكي الخياط نا سفيان عن ابن أبي مليكة قال: ذكر ابن الزبير عند ابن عباس فقال: كان قارئا للقرآن عفيفا في الإسلام أبوه الزبير وأمه أسماء وجده أبو بكر وعمته خديجة وخالته عائشة وجدته صفية والله لأحاسبن له نفسي محاسبة لم أحاسبها لأبي بكر ولا لعمر.
- حدثنا محمد بن حميد الرازي نا علي بن مجاهد نا رباح بن اليرني أبو محمد - مولى آل الزبير - قال: سمعت أسماء بنت أبي بكر تقول للحجاج: إن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم فدفع دمه على ابني فشربه فأتاه جبريل فأخبره قال: " ما صنعت؟ " قال: كرهت أن أصب دمك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تمسك النار " ومسح على رأسه وقال: " ويل للناس منك وويل لك من الناس.
- حدثنا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد نا ثابت البناني قال: كنت أمر بابن الزبير وهو يصلي خلف المقام كأنه خشبة منصوبة لا يتحرك.
- حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي نا النضر بن إسماعيل نا الأعمش عن يحيى بن وثاب: أن ابن الزبير كان إذا سجد وقعت العصافير على ظهره تصعد وتنزل لا تراه إلا جذم حائط.
- حدثنا علي بن الجعد نا شعبة عن منصور بن زاذان قال: أخبرني من رأى ابن الزبير يشرب في صلاته وكان ابن الزبير من المصلين.////
- حدثني جدي نا هشيم عن منصور قال أخبرني أبو الحكم أنه رأى ابن الزبير يشرب الماء في صلاته وكان ابن الزبير من المصلين.
- حدثنا عبد الأعلى بن حماد نا عبد العزيز بن محمد عن هشام بن عروة قال: رأيت عبد الله بن الزبير يرمي بالمنجنيق عن يمينه وعن يساره لا يلتفت وكان يشبه أبا بكر.
- حدثني جدي نا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال: ما رأيت أحدا أعظم سجدة بين عينيه من عبد الله بن الزبير.
- حدثنا زياد بن أيوب نا هشيم أخبرنا المغيرة عن قطن بن عبد الله قال: رأيت ابن الزبير وهو يواصل من الجمعة إلى الجمعة فإذا كان عند إفطاره من الليلة المقبلة يدعو بقدح قد سماه هشيم قال: ثم يدعو بقعب من سمن ثم يأمر بلبن فيحلب عليه ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه ثم يشربه فأما اللبن فيعضمه وأما السمن فيقطع عنه العطش وأما الصبر فيفتح أمعاءه.
- حدثني ابن هانىء نا حسان بن عبد الله المصري ح
وحدثني عباس نا يحيى بن معين نا حسان بن عبد الله المصري عن خلاد بن سليمان المصري عن خالد بن أبي عمران قال: كان ابن الزبير لا يفطر من الشهر إلا ثلاثة أيام قال: ومكث أربعين سنة لم ينزع [ثوبه عن ظهره].
- حدثنا خلف بن هشام نا محمد بن ثابت العبدي عن عمرو بن دينار قال: رأيت ابن الزبير على برذون أبيض بيده حربة ينحر بها البدن.
- حدثنا عمي نا أبو نعيم نا عبد الواحد بن أيمن قال: رأيت على ابن الزبير رداء عدنيا يصلي فيه وكان صيتا إذا خطب تجاوب الجبلين أبو قبيس وزرزز ورأيت ابن الزبير يصليهما بعد العصر وكانت له جمة إلى العنف وكانت لحيته صفراء.
- حدثنا أبو بكر بن زنجويه قال: حدثني أحمد بن شبوية قال: ثني سليمان - يعني ابن سلمويه - صاحب ابن المبارك قال: قرأت على ابن المبارك عن أبي إسحاق عن يحيى عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: أقبل عبد الله بن الزبير من العمرة في ركب من قريش فيهم عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي رهط من قريش حتى إذا كانوا بالكديد قال ابن الزبير: رأيت رجلا يحب [التناصب] يعني [الكرا] فقال ابن الزبير: ألا أتقدم أبغيكم لبنا؟ قالوا: بلى فأقبل ابن الزبير حتى أياه قال: فسلمت عليه قال: وعليك السلام فقال ابن الزبير: والله ما رأيتني أتيت أحدا قط إلا رأيت له مني هيبة غيره فلما دنوت منه وهو في الأجناد يذهب ولم يتحرك فضربته برجلي وقلت: انقبض إليك إنك لشحيح بظلك ////
[فانحاز متكئا وهنا] فجلست فأخذت بيده وقلت: من أنت؟ قال: رجل من أهل الأرض من الجن قال: فوالله [ما عدا إن قالها] فقامت كل.
شعرة مني واجتبذته بيدي فقلت: إنك من أهل الأرض [وتبدالي] هكذا واجتبذته وإذا ليس له سفلة وانكسر فقلت: إلي [هذا] وأنت من أهل الأرض فالتمع مني فذهب فجاءني أصحابي فقالوا: أين صاحبك؟ قلت: كان والله رجلا من الجن قد استقال فما بقي منهم رجل ممن رآه إلا ضرب به الأرض ساقطا وأخذت كل رجل منهم فشددته على بعيره بين شعبتي رحله حتى أتيت بهم أمج وما يعقلون.
- حدثنا أبو الربيع نا حماد بن زيد نا أيوب عن ابن أبي مليكة قال: دخلت على أسماء بعدما أصيب بن الزبير فقالت: بلغني أن الرجل صلب عبد الله اللهم لا تمتني حتى أوتى به فأحنطه وأكفنه فأتيت به بعد ذلك قبل موتها فجعلت تحنطه بيديها وتكفنه بعدما ذهب بصرها.
حدثنا ابن زنجويه قال: سمعت ابن عائشة يقول: قتل ابن الزبيرسنة ثلاث وسبعين.
حدثنا إسحاق بن إسماعيل نا سفيان عن أبي يعقوب العبدي قال: سمعت اميرا كان على مكة حين قتل ابن الزبير منصرف الحجاج عنها سنة ثلاث وسبعين.
حدثني ابن زنجويه قال: بلغني عن أبي معشر قال: قتل ابن الزبير يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادي الأولى ثلاث وسبعين.
- حدثني أحمد بن منصور نا عبد الله بن عبد الحكم نا ابن وهب عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد قال: رأيت رأس عبد الله بن الزبير.
قال مالك: كان مقتل الزبير على رأس ثنتين وسبعين.
مولد عبد الله بن الزبير//// ونسبه ومن فضائله
سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول: أبو خبيب عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وقال غير ابن زنجويه: كنيته أبو بكر وأبو خبيب سكن مكة وقتل بها وأمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه.
- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن من حدثه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه طاف بعبد الله بن الزبير في خرقة وهو أول من ولد في الإسلام.
- حدثنا سويد بن سعيد نا علي بن مسهر ح.
ونا علي بن مسلم نا أبو أسامة جميعا عن أبيه عن أسماء ابنة أبي بكر أنها هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى بعبد الله بن الزبير فوضعته بقباء فلم ترضعه حتى أتت به النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه فوضعه في حجره فطلبوا تمرة ليحنكه بها حتى وجدها فحنكه وكان أول شيء دخل بطنه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه عبد الله.
حدثنا أحمد بن منصور نا يحيى بن بكير قال: ولد عبد الله بن الزبير المدينة بعد الهجرة بعشرين شهرا وهو أكبر ن المسور ومروان بأربعة أشهر ويكنى أبا بكر وكان ممن حضر دفن عثمان رضي الله عنه.
- حدثنا محمد بن ميمون المكي الخياط نا سفيان عن ابن أبي مليكة قال: ذكر ابن الزبير عند ابن عباس فقال: كان قارئا للقرآن عفيفا في الإسلام أبوه الزبير وأمه أسماء وجده أبو بكر وعمته خديجة وخالته عائشة وجدته صفية والله لأحاسبن له نفسي محاسبة لم أحاسبها لأبي بكر ولا لعمر.
- حدثنا محمد بن حميد الرازي نا علي بن مجاهد نا رباح بن اليرني أبو محمد - مولى آل الزبير - قال: سمعت أسماء بنت أبي بكر تقول للحجاج: إن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم فدفع دمه على ابني فشربه فأتاه جبريل فأخبره قال: " ما صنعت؟ " قال: كرهت أن أصب دمك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تمسك النار " ومسح على رأسه وقال: " ويل للناس منك وويل لك من الناس.
- حدثنا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد نا ثابت البناني قال: كنت أمر بابن الزبير وهو يصلي خلف المقام كأنه خشبة منصوبة لا يتحرك.
- حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي نا النضر بن إسماعيل نا الأعمش عن يحيى بن وثاب: أن ابن الزبير كان إذا سجد وقعت العصافير على ظهره تصعد وتنزل لا تراه إلا جذم حائط.
- حدثنا علي بن الجعد نا شعبة عن منصور بن زاذان قال: أخبرني من رأى ابن الزبير يشرب في صلاته وكان ابن الزبير من المصلين.////
- حدثني جدي نا هشيم عن منصور قال أخبرني أبو الحكم أنه رأى ابن الزبير يشرب الماء في صلاته وكان ابن الزبير من المصلين.
- حدثنا عبد الأعلى بن حماد نا عبد العزيز بن محمد عن هشام بن عروة قال: رأيت عبد الله بن الزبير يرمي بالمنجنيق عن يمينه وعن يساره لا يلتفت وكان يشبه أبا بكر.
- حدثني جدي نا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال: ما رأيت أحدا أعظم سجدة بين عينيه من عبد الله بن الزبير.
- حدثنا زياد بن أيوب نا هشيم أخبرنا المغيرة عن قطن بن عبد الله قال: رأيت ابن الزبير وهو يواصل من الجمعة إلى الجمعة فإذا كان عند إفطاره من الليلة المقبلة يدعو بقدح قد سماه هشيم قال: ثم يدعو بقعب من سمن ثم يأمر بلبن فيحلب عليه ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه ثم يشربه فأما اللبن فيعضمه وأما السمن فيقطع عنه العطش وأما الصبر فيفتح أمعاءه.
- حدثني ابن هانىء نا حسان بن عبد الله المصري ح
وحدثني عباس نا يحيى بن معين نا حسان بن عبد الله المصري عن خلاد بن سليمان المصري عن خالد بن أبي عمران قال: كان ابن الزبير لا يفطر من الشهر إلا ثلاثة أيام قال: ومكث أربعين سنة لم ينزع [ثوبه عن ظهره].
- حدثنا خلف بن هشام نا محمد بن ثابت العبدي عن عمرو بن دينار قال: رأيت ابن الزبير على برذون أبيض بيده حربة ينحر بها البدن.
- حدثنا عمي نا أبو نعيم نا عبد الواحد بن أيمن قال: رأيت على ابن الزبير رداء عدنيا يصلي فيه وكان صيتا إذا خطب تجاوب الجبلين أبو قبيس وزرزز ورأيت ابن الزبير يصليهما بعد العصر وكانت له جمة إلى العنف وكانت لحيته صفراء.
- حدثنا أبو بكر بن زنجويه قال: حدثني أحمد بن شبوية قال: ثني سليمان - يعني ابن سلمويه - صاحب ابن المبارك قال: قرأت على ابن المبارك عن أبي إسحاق عن يحيى عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: أقبل عبد الله بن الزبير من العمرة في ركب من قريش فيهم عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي رهط من قريش حتى إذا كانوا بالكديد قال ابن الزبير: رأيت رجلا يحب [التناصب] يعني [الكرا] فقال ابن الزبير: ألا أتقدم أبغيكم لبنا؟ قالوا: بلى فأقبل ابن الزبير حتى أياه قال: فسلمت عليه قال: وعليك السلام فقال ابن الزبير: والله ما رأيتني أتيت أحدا قط إلا رأيت له مني هيبة غيره فلما دنوت منه وهو في الأجناد يذهب ولم يتحرك فضربته برجلي وقلت: انقبض إليك إنك لشحيح بظلك ////
[فانحاز متكئا وهنا] فجلست فأخذت بيده وقلت: من أنت؟ قال: رجل من أهل الأرض من الجن قال: فوالله [ما عدا إن قالها] فقامت كل.
شعرة مني واجتبذته بيدي فقلت: إنك من أهل الأرض [وتبدالي] هكذا واجتبذته وإذا ليس له سفلة وانكسر فقلت: إلي [هذا] وأنت من أهل الأرض فالتمع مني فذهب فجاءني أصحابي فقالوا: أين صاحبك؟ قلت: كان والله رجلا من الجن قد استقال فما بقي منهم رجل ممن رآه إلا ضرب به الأرض ساقطا وأخذت كل رجل منهم فشددته على بعيره بين شعبتي رحله حتى أتيت بهم أمج وما يعقلون.
- حدثنا أبو الربيع نا حماد بن زيد نا أيوب عن ابن أبي مليكة قال: دخلت على أسماء بعدما أصيب بن الزبير فقالت: بلغني أن الرجل صلب عبد الله اللهم لا تمتني حتى أوتى به فأحنطه وأكفنه فأتيت به بعد ذلك قبل موتها فجعلت تحنطه بيديها وتكفنه بعدما ذهب بصرها.
حدثنا ابن زنجويه قال: سمعت ابن عائشة يقول: قتل ابن الزبيرسنة ثلاث وسبعين.
حدثنا إسحاق بن إسماعيل نا سفيان عن أبي يعقوب العبدي قال: سمعت اميرا كان على مكة حين قتل ابن الزبير منصرف الحجاج عنها سنة ثلاث وسبعين.
حدثني ابن زنجويه قال: بلغني عن أبي معشر قال: قتل ابن الزبير يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادي الأولى ثلاث وسبعين.
- حدثني أحمد بن منصور نا عبد الله بن عبد الحكم نا ابن وهب عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد قال: رأيت رأس عبد الله بن الزبير.
قال مالك: كان مقتل الزبير على رأس ثنتين وسبعين.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68172&book=5545#92d67c
عبد الله بن الزبير بن الْعَوام بن خويلد بن أَسد الْمَكِّيّ أمه أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق هَاجَرت بِهِ حملا فولدته بعد الْهِجْرَة بِعشْرين شهرا وَهُوَ أول مَوْلُود ولد بِالْمَدِينَةِ بعد الْهِجْرَة وَكَانَ فصيحا لسنا شجاعا وَكَانَ أكلس لَا لحية لَهُ روى عَنهُ أَوْلَاده عَامر وَعباد وَأم عَمْرو وَأَخُوهُ عُرْوَة وثابت الْبنانِيّ وَغَيرهم حضر وقْعَة اليرموك مَعَ أَبِيه وَشهد خطْبَة عمر بالجابية وبويع لَهُ بالخلافة بعد موت يزِيد بن مُعَاوِيَة سنة أَربع وَقيل خمس وَسِتِّينَ وَغلب على الْحجاز والعراقين واليمن ومصر وَأكْثر الشَّام وَكَانَت ولَايَته تسع سِنِين ثمَّ جهز لَهُ عبد الله بن مَرْوَان الْحجَّاج فحاربه وظفر بِهِ فَقتله وصلبه وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68172&book=5545#e9ff8d
عبد الله بن الزبير بن العوام
ب د ع: عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بْن العوام بن خويلد بْن أسد بْن عبد العزى بْن قصي بْن كلاب بْن مرة القرشي الأسدي، أَبُو بكر وله كنية أخرى، أَبُو خبيب، بالخاء المعجمة المضمومة، وهو اسم أكبر أولاده، وقيل: كان يكنيه بذلك من يعيبه، وأمه أسماء بنت أَبِي بكر بْن أَبِي قحافة ذات النطاقين وجدته لأبيه: صفية بنت عبد المطلب، عمة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخديجة بنت خويلد عمة أبيه بْن العوام بْن خويلد، وخالته عائشة أم المؤمنين.
وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة للمهاجرين، فحنكه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمرة لاكها في فيه، ثم حنكه بها، فكان ريق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول شيء دخل جوفه، وسماه عَبْد اللَّهِ، وكناه أبا بكر بجده أَبِي بكر الصديق وسماه باسمه، قاله أَبُو عمر.
وهاجرت أمه إِلَى المدينة وهي حامل به، وقيل: حملت به بعد ذلك وولدته بالمدينة عَلَى رأس عشرين شهرً من الهجرة، وقيل: ولد في السنة الأولى، ولما ولد كبر المسلمون وفرحوا به كثيرًا، لأن اليهود كانوا يقولون: قد سحرناهم فلا يولد لهم ولد، فكذبهم اللَّه سبحانه وتعالى.
وكان صوامًا قواما، طويل الصلاة، عظيم الشجاعة، وأحضره أبوه الزبير عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليبايعه وعمره سبع سنين، أو ثماني سنين، فلما رآه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقبلًا تبسم، ثم بايعه.
وروى عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث، وعن أبيه، وعن عمر، وعثمان، وغيرهما، روى عنه أخوه عروة، وابناه: عامر، وعباد، وعبيدة السلماني، وعطاء بْن أَبِي رباح، والشعبي، وغيرهم.
(754) أخبرنا أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بْن عَلِيِّ بْنِ الحسن الدمشقي، كتابة، أخبرنا والدي، أخبرنا أَبُو الحسين بْن أَبِي يعلى وَأَبُو غالب وَأَبُو عَبْد اللَّهِ، ابنا البناء، أخبرنا أَبُو جَعْفَر، أخبرنا أَبُو طاهر المخلص، أخبرنا أحمد بْن سليمان، حدثنا الزبير بْن أَبِي بكر، قال: حدثني عَبْد الْمَلِكِ بْن عبد العزيز، عن خاله يوسف بْن الماجشون، عن الثقة، بسنده قال: قسم عَبْد اللَّهِ بْن الزبير الدهر عَلَى ثلاث ليال: فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح
(755) قال: وحدثنا الزبير، قال: وحدثني سليمان بْن حرب، عن يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيم التستري، عن عَبْد اللَّهِ بْن سَعِيد، عن مسلم بْن يناق المكي، قال: ركع ابن الزبير يومًا ركعة، فقرأت البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، وما رفع رأسه وروى هشيم، عن مغيرة، عن قطن بْن عَبْد اللَّهِ، قال: رأيت ابن الزبير يواصل من الجمعة إِلَى الجمعة فإذا كان عند إفطاره من الليلة المقبلة يدعو بقدح، ثم يدعو بقعب من سمن، ثم يأمر فيحلب عليه، ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه، ثم يشربه، فأما اللبن فيعصمه، وأما السمن فيقطع عنه العطش، وأما الصبر فيفتح أمعاءه.
(756) أخبرنا أَبُو الفضل بْن أَبِي الحسن الطبري، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يعلى الموصلي، قال: حدثنا أَبُو خيثمة، حدثنا يحيى بْن سَعِيد، عن مُحَمَّدِ بْنِ عجلان، عن عامر بْن عَبْد اللَّهِ بْن الزبير، عن أبيه، قال: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قعد في التشهد قال: هكذا، وضع يحيى يده اليمنى عَلَى فخذه اليمنى، واليسرى عَلَى فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة معًا، ولم يجاوز بصره إشارته وغزا عَبْد اللَّهِ بْن الزبير إفريقية مع عَبْد اللَّهِ بْن سعد بْن أَبِي سرح، فأتاهم جرجير ملك إفريقية في مائة ألف وعشرين ألفًا، وكان المسلمون في عشرين ألفًا، فسقط في أيديهم، فنظر عَبْد اللَّهِ فرأى جرجير وقد خرج من عسكره، فأخذ معه جماعة من المسلمين وقصده فقتله، ثم كان الفتح عَلَى يده.
وشهد الجمل مع أبيه الزبير مقاتلًا لعلي، فكان علي يقول: ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ له عَبْد اللَّهِ.
وامتنع من بيعة يزيد بْن معاوية بعد موت أبيه معاوية، فأرسل إليه يزيد مسلم بْن عقبة المري فحصر المدينة، وأوقع بأهلها وقعة الحرة المشهورة، ثم سار إِلَى مكة ليقاتل ابن الزبير، فمات في الطريق، فاستخلف الحصين بْن نمير السكوني عَلَى الجيش، فصار الحصين وحصر ابن الزبير بمكة لأربع بقين من المحرم من سنة أربع وستين، فأقام عليه محاصرًا، وفي هذا الحصر احترقت الكعبة، واحترق فيها قرنا الكبش الذي فدي به إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم الخليل صلى اللَّه عليهما وسلم، ودام الحصر إِلَى أن مات يزيد، منتصف ربيع الأول من السنة، فدعا الحصين ليبايعه ويخرج معه إِلَى الشام، ويهدر الدماء التي بينهما ممن قتل بمكة والمدينة في وقعة الحرة، فلم يجبه ابن الزبير وقال: لا أهدر الدماء، فقال الحصين: قبح اللَّه من يعدك داهيًا أو أريبًا، أدعوك إِلَى الخلافة وتدعونني إِلَى القتل!! وبويع عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بالخلافة بعد موت يزيد، وأطاعه أهل الحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، وجدد عمارة الكعبة، وأدخل فيها الحجر، فلما قتل ابن الزبير أمر عَبْد الْمَلِكِ بْن مروان أن تعاد عمارة الكعبة إِلَى ما كانت أولًا، ويخرج الحجر منها، ففعل ذلك فهي هذه العمارة الباقية.
وبقي ابن الزبير خليفة إِلَى أن ولي عَبْد الْمَلِكِ بْن مروان بعد أبيه، فلما استقام له الشام، ومصر، جهز العساكر، فسار إِلَى العراق فقتل مصعب بْن الزبير، وسير الحجاج بْن يوسف إِلَى الحجاز، فحصر عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بمكة، أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين، وحج بالناس الحجاج ولم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، ونصب منجنيقًا عَلَى جبل أَبِي قبيس فكان يرمي الحجارة إِلَى المسجد، ولم يزل يحاصره إِلَى أن قتل في النصف من جمادى الآخرة، من سنة ثلاث وسبعين.
قال عروة بْن الزبير: لما اشتد الحصر عَلَى عَبْد اللَّهِ قبل قتله بعشرة أيام، دخل عَلَى أمه أسماء وهي شاكية، فقال لها: إن في الموت لراحة، فقالت له: لعلك تمنيته لي، ما أحب أن أموت حتى يأتي علي أحد طرفيك، إما قتلت فأحتسبك، وَإِما ظفرت بعدوك فتقر عيني، فضحك.
فلما كان اليوم الذي قتل فيه دخل عليها، فقالت له: يا بني، لا تقبلن منهم خطة تخاف فيها عَلَى نفسك الذل مخافة القتل، فوالله لضربة بسيف في عز خير من ضربة بسوطٍ في ذل، وخرج عَلَى الناس وقاتلهم في المسجد، فكان لا يحمل عَلَى ناحية إلا هزم من فيها من جند الشام، فأتاه حجر من ناحية الصفا، فوقع بين عينيه، فنكس رأسه وهو يقول:
ولسنا عَلَى الأعقاب تدمى كلومنا ولكن عَلَى أقدامنا يقطر الدما
ثم اجتمعوا عليه فقتلوه، فلما قتلوه كبر أهل الشام، فقال عَبْد اللَّهِ بْن عمر: المكبرون عليه يَوْم ولد، خير من المكبرين عليه يَوْم قتل.
وقال يعلى بْن حرملة: دخلت مكة بعدما قتل ابن الزبير، فجاءت أمه امرأة طويلة عجوزًا مكفوفة البصر تقاد، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ ! فقال لها الحجاج: المنافق؟ قالت: والله ما كان منافقًا، ولكنه كان صوامًا قوامًا وصولًا، قال: انصرفي فإنك عجوز قد خرفت، فقالت: لا والله ما خرفت، ولقد سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " يخرج من ثقيف كذاب ومبير "، أما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت المبير، تعني بالكذاب المختار ابن أَبِي عبيد.
وكان ابن الزبير كوسجًا واجتاز به ابن عمر وهو مصلوب، فوقف وقال: السلام عليك أباه خبيب، ودعا له ثم قال: أما والله إن أمة أنت شرها لنعم الأمة، يعني إن أهل الشام كانوا يسمونه ملحدًا ومنافقًا إِلَى غير ذلك.
ب د ع: عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بْن العوام بن خويلد بْن أسد بْن عبد العزى بْن قصي بْن كلاب بْن مرة القرشي الأسدي، أَبُو بكر وله كنية أخرى، أَبُو خبيب، بالخاء المعجمة المضمومة، وهو اسم أكبر أولاده، وقيل: كان يكنيه بذلك من يعيبه، وأمه أسماء بنت أَبِي بكر بْن أَبِي قحافة ذات النطاقين وجدته لأبيه: صفية بنت عبد المطلب، عمة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخديجة بنت خويلد عمة أبيه بْن العوام بْن خويلد، وخالته عائشة أم المؤمنين.
وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة للمهاجرين، فحنكه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمرة لاكها في فيه، ثم حنكه بها، فكان ريق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول شيء دخل جوفه، وسماه عَبْد اللَّهِ، وكناه أبا بكر بجده أَبِي بكر الصديق وسماه باسمه، قاله أَبُو عمر.
وهاجرت أمه إِلَى المدينة وهي حامل به، وقيل: حملت به بعد ذلك وولدته بالمدينة عَلَى رأس عشرين شهرً من الهجرة، وقيل: ولد في السنة الأولى، ولما ولد كبر المسلمون وفرحوا به كثيرًا، لأن اليهود كانوا يقولون: قد سحرناهم فلا يولد لهم ولد، فكذبهم اللَّه سبحانه وتعالى.
وكان صوامًا قواما، طويل الصلاة، عظيم الشجاعة، وأحضره أبوه الزبير عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليبايعه وعمره سبع سنين، أو ثماني سنين، فلما رآه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقبلًا تبسم، ثم بايعه.
وروى عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث، وعن أبيه، وعن عمر، وعثمان، وغيرهما، روى عنه أخوه عروة، وابناه: عامر، وعباد، وعبيدة السلماني، وعطاء بْن أَبِي رباح، والشعبي، وغيرهم.
(754) أخبرنا أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بْن عَلِيِّ بْنِ الحسن الدمشقي، كتابة، أخبرنا والدي، أخبرنا أَبُو الحسين بْن أَبِي يعلى وَأَبُو غالب وَأَبُو عَبْد اللَّهِ، ابنا البناء، أخبرنا أَبُو جَعْفَر، أخبرنا أَبُو طاهر المخلص، أخبرنا أحمد بْن سليمان، حدثنا الزبير بْن أَبِي بكر، قال: حدثني عَبْد الْمَلِكِ بْن عبد العزيز، عن خاله يوسف بْن الماجشون، عن الثقة، بسنده قال: قسم عَبْد اللَّهِ بْن الزبير الدهر عَلَى ثلاث ليال: فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح
(755) قال: وحدثنا الزبير، قال: وحدثني سليمان بْن حرب، عن يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيم التستري، عن عَبْد اللَّهِ بْن سَعِيد، عن مسلم بْن يناق المكي، قال: ركع ابن الزبير يومًا ركعة، فقرأت البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، وما رفع رأسه وروى هشيم، عن مغيرة، عن قطن بْن عَبْد اللَّهِ، قال: رأيت ابن الزبير يواصل من الجمعة إِلَى الجمعة فإذا كان عند إفطاره من الليلة المقبلة يدعو بقدح، ثم يدعو بقعب من سمن، ثم يأمر فيحلب عليه، ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه، ثم يشربه، فأما اللبن فيعصمه، وأما السمن فيقطع عنه العطش، وأما الصبر فيفتح أمعاءه.
(756) أخبرنا أَبُو الفضل بْن أَبِي الحسن الطبري، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يعلى الموصلي، قال: حدثنا أَبُو خيثمة، حدثنا يحيى بْن سَعِيد، عن مُحَمَّدِ بْنِ عجلان، عن عامر بْن عَبْد اللَّهِ بْن الزبير، عن أبيه، قال: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قعد في التشهد قال: هكذا، وضع يحيى يده اليمنى عَلَى فخذه اليمنى، واليسرى عَلَى فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة معًا، ولم يجاوز بصره إشارته وغزا عَبْد اللَّهِ بْن الزبير إفريقية مع عَبْد اللَّهِ بْن سعد بْن أَبِي سرح، فأتاهم جرجير ملك إفريقية في مائة ألف وعشرين ألفًا، وكان المسلمون في عشرين ألفًا، فسقط في أيديهم، فنظر عَبْد اللَّهِ فرأى جرجير وقد خرج من عسكره، فأخذ معه جماعة من المسلمين وقصده فقتله، ثم كان الفتح عَلَى يده.
وشهد الجمل مع أبيه الزبير مقاتلًا لعلي، فكان علي يقول: ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ له عَبْد اللَّهِ.
وامتنع من بيعة يزيد بْن معاوية بعد موت أبيه معاوية، فأرسل إليه يزيد مسلم بْن عقبة المري فحصر المدينة، وأوقع بأهلها وقعة الحرة المشهورة، ثم سار إِلَى مكة ليقاتل ابن الزبير، فمات في الطريق، فاستخلف الحصين بْن نمير السكوني عَلَى الجيش، فصار الحصين وحصر ابن الزبير بمكة لأربع بقين من المحرم من سنة أربع وستين، فأقام عليه محاصرًا، وفي هذا الحصر احترقت الكعبة، واحترق فيها قرنا الكبش الذي فدي به إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم الخليل صلى اللَّه عليهما وسلم، ودام الحصر إِلَى أن مات يزيد، منتصف ربيع الأول من السنة، فدعا الحصين ليبايعه ويخرج معه إِلَى الشام، ويهدر الدماء التي بينهما ممن قتل بمكة والمدينة في وقعة الحرة، فلم يجبه ابن الزبير وقال: لا أهدر الدماء، فقال الحصين: قبح اللَّه من يعدك داهيًا أو أريبًا، أدعوك إِلَى الخلافة وتدعونني إِلَى القتل!! وبويع عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بالخلافة بعد موت يزيد، وأطاعه أهل الحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، وجدد عمارة الكعبة، وأدخل فيها الحجر، فلما قتل ابن الزبير أمر عَبْد الْمَلِكِ بْن مروان أن تعاد عمارة الكعبة إِلَى ما كانت أولًا، ويخرج الحجر منها، ففعل ذلك فهي هذه العمارة الباقية.
وبقي ابن الزبير خليفة إِلَى أن ولي عَبْد الْمَلِكِ بْن مروان بعد أبيه، فلما استقام له الشام، ومصر، جهز العساكر، فسار إِلَى العراق فقتل مصعب بْن الزبير، وسير الحجاج بْن يوسف إِلَى الحجاز، فحصر عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بمكة، أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين، وحج بالناس الحجاج ولم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، ونصب منجنيقًا عَلَى جبل أَبِي قبيس فكان يرمي الحجارة إِلَى المسجد، ولم يزل يحاصره إِلَى أن قتل في النصف من جمادى الآخرة، من سنة ثلاث وسبعين.
قال عروة بْن الزبير: لما اشتد الحصر عَلَى عَبْد اللَّهِ قبل قتله بعشرة أيام، دخل عَلَى أمه أسماء وهي شاكية، فقال لها: إن في الموت لراحة، فقالت له: لعلك تمنيته لي، ما أحب أن أموت حتى يأتي علي أحد طرفيك، إما قتلت فأحتسبك، وَإِما ظفرت بعدوك فتقر عيني، فضحك.
فلما كان اليوم الذي قتل فيه دخل عليها، فقالت له: يا بني، لا تقبلن منهم خطة تخاف فيها عَلَى نفسك الذل مخافة القتل، فوالله لضربة بسيف في عز خير من ضربة بسوطٍ في ذل، وخرج عَلَى الناس وقاتلهم في المسجد، فكان لا يحمل عَلَى ناحية إلا هزم من فيها من جند الشام، فأتاه حجر من ناحية الصفا، فوقع بين عينيه، فنكس رأسه وهو يقول:
ولسنا عَلَى الأعقاب تدمى كلومنا ولكن عَلَى أقدامنا يقطر الدما
ثم اجتمعوا عليه فقتلوه، فلما قتلوه كبر أهل الشام، فقال عَبْد اللَّهِ بْن عمر: المكبرون عليه يَوْم ولد، خير من المكبرين عليه يَوْم قتل.
وقال يعلى بْن حرملة: دخلت مكة بعدما قتل ابن الزبير، فجاءت أمه امرأة طويلة عجوزًا مكفوفة البصر تقاد، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ ! فقال لها الحجاج: المنافق؟ قالت: والله ما كان منافقًا، ولكنه كان صوامًا قوامًا وصولًا، قال: انصرفي فإنك عجوز قد خرفت، فقالت: لا والله ما خرفت، ولقد سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " يخرج من ثقيف كذاب ومبير "، أما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت المبير، تعني بالكذاب المختار ابن أَبِي عبيد.
وكان ابن الزبير كوسجًا واجتاز به ابن عمر وهو مصلوب، فوقف وقال: السلام عليك أباه خبيب، ودعا له ثم قال: أما والله إن أمة أنت شرها لنعم الأمة، يعني إن أهل الشام كانوا يسمونه ملحدًا ومنافقًا إِلَى غير ذلك.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68172&book=5545#aa8224
عبد الله بن الزبير بن العوام
- عبد الله بن الزبير بن العوام. يكنى أبا بكر, ويكنى أبا خبيب. أمه أسماء بنة أبي بكر الصديق. قتل بمكة سنة ثلاث وسبعين.
- عبد الله بن الزبير بن العوام. يكنى أبا بكر, ويكنى أبا خبيب. أمه أسماء بنة أبي بكر الصديق. قتل بمكة سنة ثلاث وسبعين.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68172&book=5545#eb60c6
عبد الله بن الزّبير بن العوّام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصىّ بن كلاب بن مرّة القرشى الأسدىّ : يكنى أبا بكر . غزا عبد الله بن الزبير إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبى سرح سنة سبع وعشرين، لا يختلف فى ذلك . وهو الذي قتل «جرجير» ، وأخذ ابنته فى نفله . وقدم بكتاب الفتح على عثمان (رضى الله عنه) سنة ثمان وعشرين . يروى عنه خالد بن عفرىّ المعافرى .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68172&book=5545#770d16
عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى له كنيتان أبو بكر وأبو خبيب أمه أسماء بنت أبى بكر الصديق حملت به بمكة وخرجت مهاجرة إلى المدينة وهى حامل فلما قدمت المدينة فولدته بها وأتت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره ودعا بتمرة فمضغها وحنكه بها فكان أول شئ دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا له وبرك عليه وهو أول مولود ولد في الاسلام من المهاجرين بالمدينة قتله الحجاج بن يوسف في المسجد الحرام سنة ثنتين وسبعين ثم صلبه في ولاية عبد الملك بن مروان
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68172&book=5545#b1181a
عبد الله بن الزبير بن العوام
ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو بكر ويقال أبو خبيب الأسدي.
وأول مولود ولد في الإسلام بالمدينة من قريش. له صحبة، حضر وقعة اليرموك مع أبيه، وشهد خطبة عمر بالجابية، وقدم دمشق لغزو القسطنطينية أيام معاوية، وبويع بالخلافة بعد موت يزيد بن معاوية بمكة، وغلب على الحجاز والعراقين واليمن ومصر وأكثر الشام، ثم قتله الحجاج بن يوسف وصلبه في أيام عبد الملك بن مروان.
قال ثابت البناني: سمعت عبد الله بن الزبير وهو على المنبر يخطب ويقول: قال محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة.
قال سعيد بن جبير: كنت جالساً عند عبد الله بن عتبة بن مسعود، وكان ابن الزبير جعله على قضاء الكوفة إذ جاءه كتاب ابن الزبير: سلام عليك أما بعد. فإنك كتبت تسألني عن الجد، وإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لو كنت متخذاً من هذه الأمة خليلاً من دون ربي لاتخذت ابن أبي قحافة، ولكنه أخي في الدين وصاحبي في الغار، وجعل الجد أباً، فأحق من أخذنا به قول أبي بكر رضي الله عنه.
قال عبد الله بن الزبير: خطبنا عمر بالجابية فقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام فينا كمقامي هذا فيكم فقال: أكرموا أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل ولم يستشهد، وحتى يحلف ولم يستحلف، فمن أحب أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد. ولا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن.
قال الزبير بن بكار: فولد الزبير بن العوام: عبد الله وبه كان يكنى الزبير، والمنذر، وعروة، وغيرهم. ثم قال: وأمهم أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين ولد عبد الله بن الزبير في شوال سنة اثنتين من الهجرة.
قال الواقدي: توفي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الله ابن ثماني سنين وأربعة أشهر.
وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وجده أبو بكر الصديق، وجدته صفية عمة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمته خديجة زوجة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخالته عائشة زوجة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أول مولود ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة فحنكه سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسماه عبد الله فكبر الصحابة والمسلمون لمولده استكثاراً، وقتل بمكة سنة ثلاث وسبعين فكبر فجرة أهل الشام لقتله استكباراً. بايع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثمان سنين، كان صواماً، قواماً، بالحق قوالاً، وللرحم وصالاً، شديد على الفجرة، ذليلاً للأتقياء البررة، وكانت له جمة مفروقة طويلة.
وحملت به أمه وهي متم، فولدت بقباء وحملته إلى سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه بتمرة، فكان أول ما دخل في جوفه ريق سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعا له وبارك عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم ترضعه أمه حتى أتت به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذه فوضعه في حجره وحنكه. ولد بعد الهجرة بعشرين شهراً. قتل بمكة وصلب بها، وحمل رأسه إلى المدينة وبعث إلى خراسان فدفن بها.
ولما ولد عبد الله بن الزبير بقباء، وكانت يهود حين قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: أخذوهم حتى لا يكون لهم نسل. فلما ولد عبد الله بن الزبير كبر الناس. وكان أول مولود ولد في الإسلام.
وحنكه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعا له وأسماه عبد الله قال: قد أسميته بجبريل، ثم جاء وهو ابن سبع سنين أو ثمان ليبايع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمره بذلك الزبير فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رآه
ثم بايعه. ولما قتل كبر أهل الشام فقال عبد الله بن عمر بن الخطاب - وسمع تكبير أهل الشام - الذين كبروا على مولده خير من الذين كبروا على قتله.
قال زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب: لما دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة قالت يهود: قد سحرنا محمداً وأصحابه فليس يولد لهم بأرضنا. قال: فكان أول مولود عبد الله بن الزبير. قال زيد: فسمعت أن اليهود لما علموا أن الله تبارك وتعالى قد أبطل كيدهم حولوا فكتبوا طباً فجعلوا ما يضر ينفع، وما ينفع يضر.
ولما حمل إلى سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحنكه أمر أن يؤذن في أذنيه بالصلاة، فأذن أبو بكر في أذنيه.
وقال أبو إسحاق: إن أبا بكر طاف بابن الزبير في خرقة وهو صبي مولود، وفي ذلك خلاف. والصحيح أن عبد الله بن الزبير ولد بالمدينة بعد الهجرة لا خلاف فيه، ومكة يومئذ دار حرب لم يدخلها سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أحد من المسلمين. وزعموا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نظر في وجهه قال: أهو هو ليمنعن البيت أو ليموتن دونه. وقال العقيلي في ذلك:
بر تبين ما قال الرسول له ... من الصلاة لضاحي وجهه علم
حمامة من حمام البيت قاطنة ... لا تتبع الناس إن جاروا وإن ظلموا
هو أول مولود ولد بالمدينة، وأتاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي من المدينة اليوم الذي ولد فيه، وكانت أسماء مع أبيها بالسنح ببلحارث بن الخزرج.
قال الزبير: والصحيح أن عبد الله بن الزبير ولد بقباء، والبيت الذي ولد فيه قائم معروف، ولاد ابن الزبير فيه وإنما كان نزول أبي بكر الصديق بالسنح حين تزوج مليكة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير، ولم يتزوجها إلا بعد مولد عبد الله بن الزبير.
وكان عبد الله يقول: هاجرت بي أمي في بطنها فما أصابها من مخمصة أو نصب إلا وقد أصابني. وكان عارضا ابن الزبير خفيفين، فما اتصلت لحيته حتى بلغ ستين سنة.
وعن محمد بن كعب القرظي: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على أسماء بنت أبي بكر الصديق حين ولد عبد الله بن الزبير فقال: أهو هو؟ فتركت أسماء رضاع عبد الله بن الزبير لما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول هو هو. فقيل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن أسماء تركت رضاع عبد الله بن الزبير لما سمعتك تقول: أهو هو، فقال: أرضعيه ولو بماء عينيك. كبش بين ذئاب، ذئاب عليها ثياب، ليمنعن الحرم أو ليقتلن به.
كان الزبير يقبل ابنه عبد الله وهو صغير يقول:
أبيض من آل أبي عتيق ... أحبه كما أحب ريقي
وعن عروة: أن عبد الله بن الزبير وجعفر بن الزبير بايعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهما ابنا سبع سنين، فلما رآهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبسم وبسط يده فبايعهما.
وعن عبد الله بن عروة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلم في غلمة ترعرعوا منهم عبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، وعمر بن أبي سلمة، فقيل: يا رسول الله، لو بايعتهم فتصيبهم بركتك ويكون لهم ذكر، فأتي بهم إليه فكأنهم تكعكعوا حين جيء بهم إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاقتحم ابن الزبير أولهم فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: إنه ابن أبيه، وبايعوه.
وعن عبد الله بن الزبير: أنه أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يحتجم. فلما فرغ قال: يا عبد الله، اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد. فلما برز عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمد إلى الدم فشربه. فلما رجع قال: يا عبد الله، ما صنعت؟ قال: جعلته في أخفى مكان علمت أنه بخاف عن الناس. قال: لعلك شربته! قال: نعم. قال: ولم شربت الدم! ويل للناس منك، وويل لك من الناس. قال: فكانوا يرون أن القوة التي به من ذلك الدم.
وفي حديث: من قوة دم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث بمعناه قال: إني أحببت أن يكون من دم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جوفي فقال: ويل لك من الناس، وويل للناس منك، لا تمسك النار إلا قسم اليمين.
وعن محمد بن حاطب أنه قال - وذكر ابن الزبير فقال: طالما حرص على الإمارة قلت: وما ذاك؟ قال: أتي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلص فأمر بقتله، فقيل: إنه سرق، قال: اقطعوه، ثم جيء بعد ذلك إلى أبي بكر وقد سرق وقد قطعت قوائمه، فقال أبو بكر: ما أجد لك شيئاً إلا قضى فيك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أمر بقتلك، فإنه كان أعلم بك، فأمر بقتله أغيلمة من أبناء المهاجرين أنا فيهم. قال ابن الزبير: أمروني عليكم، فأمرناه علينا فانطلقنا به إلى البقيع، فقتلناه.
وعن محمد بن الضحاك: أن عبد الملك بن مروان قال لرأس الجالوت - أو لابن رأس الجالوت - ما عندكم من الفراسة في الصبيان؟ قال: ما عندنا فيهم شيء لأنهم يخلقون خلقاً بعد خلق، غير أنا نرمقهم فإن سمعنا منهم من يقول في لعبه: من يكون معي؟ رأيناها همة وخبر صدق فيه. وإن سمعناه يقول: مع من أكون؟ كرهناها منه. فكان أول ما علم من أمر ابن الزبير أنه كان ذات يوم يلعب مع الصبيان وهو صبي فمر رجل فصاح عليهم، ففروا، ومشى ابن الزبير القهقري وقال: يا صبيان، اجعلوني أميركم، وشدوا بنا عليه.
ومر به عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو صبي يلعب مع الصبيان، ففروا، ووقف، فقال له: مالك لم تفر مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لم أجرم فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك.
كان نوف يقول: إني لأجد في كتاب الله المنزل أن ابن الزبير فارس الخلفاء.
وعن محمد بن أبي يعقوب الضبي: أن معاوية بن أبي سفيان كان يلقى ابن الزبير فيقول: مرحباً يا بن عمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن حواري رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويأمر له بمئة ألف.
قال ابن أبي مليكة: ذكر ابن الزبير عند ابن عباس فقال: قارئاً لكتاب الله، عفيفاً في الإسلام، أبوه الزبير، وأمه أسماء، وجده أبو بكر، وعمته خديجة، وخالته عائشة، وجدته صفية، والله لأحاسبن له نفسي محاسبة لم أحاسبها لأبي بكر ولا عمر.
وفي حديث ابن عباس قال: لما بلغ الناس عبد الله بن الزبير قلت: أين المذهب عن ابن الزبير؟ أبوه حواري رسولالله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجدته عمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صفية بنت عبد المطلب، وعمته خديجة بنت خويلد زوج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخالته أم المؤمنين عائشة، وجده صديق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، وأمه ذات النطاقين، فشددت على عضده ثم آثر علي الحميدات والتويتات والأسامات فبأوت بنفسي ولم أرض بالهوان. إن ابن أبي العاص مشى اليقدمية - ويقال القدمية - وإن ابن الزبير مشى القهقرى.
وفي حديث آخر: إن ابن الزبير لوى ذنبه ثم قال لعلي بن عبد الله بن العباس: الحق بابن عمك فغثك خير من سمين غيرك، ومنك أنفك وإن كان أجدع، فلحق علي بعبد الملك بنمروانفكان آثر الناس عنده.
قوله مشى اليقدمية بهمته وأفعاله، وابن الزبير مشى القهقرى: أي نكص على عقبيه، وتأخر عما تقدم له الآخر. وقوله: فبأوت بنفسي أي رفعتها وعظمتها، والبأو: التعظيم. وقوله: آثر علي الحميدات والتوتيات والأسامات أراد: آثر
قوماً من بني أسد ابن عبد العزى من قرابته. وكأنه صغرهم وحقرهم.
قال محمد بن المرتفع: سمعت ابن الزبير يقول: يا معشر الحاج، سلوني، فعلينا كان التنزيل، ونحن حضرنا التأويل، فقال له رجل من أهل العراق: دخلت في جرابي فأرة، أيحل لي قتلها وأنا محرم؟ قال: اقتل الفويسقة. قال: أخبرنا بالشفع والوتر والليالي العشر قال: العشر: الثمان، وعرفة، والنحر، والشفع: من تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه. وهو اليوم.
وكان عبد الله بن الزبير من العلماء العباد المجتهدين، وما كان أحد أعلم بالمناسك منه، وأوصت إليه عائشة أم المؤمنين.
وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مصلياً أحسن صلاة من ابن الزبير.
وقال مجاهد: كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود. وحدث أن أبا بكر رضي الله عنه كان كذلك.
وقال يحيى بن وثاب: وكان ابن الزبير إذا سجد وقعت العصافير على ظهره، تصعد وتنزل، لا تراه إلا جذم حائط.
وقال وهب بن كيسان: أول من وصف رجليه في الصلاة عبد الله بن الزبير فاقتدى به كثير من العباد. وكان مجتهداً.
قال مسلم المكي: ركع ابن الزبير يوماً ركعة فقرأت البقرة وآل عمران والنساء والمائدة، وما رفع رأسه.
ويروي أنه قسم الدهر على ثلاث ليالٍ: فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح.
قال ابن المنكدر: لو رأيت ابن الزبير يصلي كأنه غصن شجرة تصفقها الريح والمنجنيق يقع هاهنا وهاهنا. قال سفيان: كأنه لا يبالي.
قال عمر بن عبد العزيز لابن مليكة: صف لنا عبد الله بن الزبير، فإنه ترمرم على أصحابنا فتغشمروا عليه فقال: عن أي حاليه تسأل، أعن دينه أو عن دنياه؟ قال: عن كل. قال: والله ما رأيت جلداً قط ركب على لحم، ولا لحماً على عصب، ولا عصباً على عظم مثل جلده على لحمه، ولا مثل لحمه على عصبه، ولا مثل عصبه على عظمه، ولا رأيت نفساً ركبت بين جنبين مثل نفس له ركبت بين جنبيه. ولقد قام يوماً إلى الصلاة فمر حجر من حجارة المنجنيق بلبنه مطبوخة من شرافات المسجد فمرت بين لحيته وصدره، فوالله ما خشع لها بصره ولا قطع لها قراءته، ولا ركع دون الركوع الذي كان يركع. إن ابن الزبير كان إذا دخل في الصلاة خرج من كل شيء إليها، ولقد كان يركع فتكاد تقع الرخم على ظهره، ويسجد فكأنه ثوب مطروح.
وعن منصور بن زاذان قال: أخبرني من رأى ابن الزبير يشرب في صلاته، وكان ابن الزبير من المصلين.
وحدث عمر بن قيس عن أمه قالت: دخلت على عبد الله بن الزبير ببيته فإذا هو قائم يصلي. قالت: فسقطت حية من السقف على ابنه هاشم، فتطوقت على بطنه وهو قائم، فصاح أهل البيت: الحية ولم يزالوا بها، حتى قتلوها، وعبد الله بن الزبير يصلي ما التفت. ولا عجل، ثم فرغ بعدما قتلت فقال: ما بالكم؟ قال: فقالت أم هاشم: يرحمك الله، أرأيت إن كنا هنا عليك أيهون عليك ابنك؟ قالت: فقال: ويحك! وما كانت التفاتة لو التفتها مبقية من صلاتي؟
وولاء عمر بن قيس لأم هاشم بنت منظور بن زيان، أم هاشم ابن عبد الله بن الزبير.
وكان عبد الله بن الزبير قوام الليل، صوام النهار، وكان يسمى حمام المسجد.
وكان عبد الله بن الزبير يواصل الصيام سبعاً، يصوم يوم الجمعة ولا يفطر إلا ليلة الجمعة الأخرى، ويصوم بالمدينة ولا يفطر إلا بمكة، وكان عند إفطاره يدعو بقعب من سمن، ثم يأمر بلبن فيحلب عليه، ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه ثم يشربه. فأما اللبن فيعصمه، وأما السمن فيقطع عنه العطش، وأما الصبر فيفتح أمعاءه.
قال خالد بن أبي عمران: كان ابن الزبير لا يفطر من الشهر إلا ثلاثة أيام. قال: ومكث أربعين سنة لم ينزع ثوبه عن ظهره.
وقال هشام بن حسان: كان عبد الله بن الزبير يصوم عشرة أيام لا يفطر فيها. قال: فكان إذا دخل رمضان أكل أكلة في نصف الشهر.
وقال عمار بن أبي عمار: كان عبد الله بن أبي الزبير يواصل سبعة أيام فإذا كان ليلة السابعة دعا بإناء من سمن فشربه، ثم أتى بثريدة في صحفة عليها عرقان، ويؤتى الناس بالجفان فتوضع بين أيديهم، فيقول: أيها الناس، هذا خالص مالي، وهذا من بيت مالكم.
قال مجاهد: ما كان باب من العبادة يعجز عنه الناس إلا تكلفه عبد الله بن الزبير. ولقد جاء سيل طبق البيت فجعل ابن الزبير يطوف سباحة.
قال عثمان بن طلحة: كان عبد الله بن الزبير لا ينازع في ثلاثة: شجاعة، ولا عبادة، ولا بلاغة.
قال عبد الواحد بن أيمن: رأيت على ابن الزبير رداءً عدنياً يصلي فيه، وكان صيتاً، إذا خطب تجاوب
الجبلان: أبو قبيس، وزرزرز، وكانت له جمة إلى العنق، وكانت له لحية صفراء.
قال أبو سفيان الحميري: تكلم عبد الله بن الزبير والزبير يسمع، فقال له: أي بني، ما زلت تكلم بكلام أبي بكر رضي الله عنه حتى ظننت أن أبا بكر قائم، فانظر إلى من تزوج فإن المرأة من أخيها، من أبيها.
وعن مصعب بن عبد الله قال:
غزا عبد الله بن الزبير إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري، قال عبد الله: هجم علينا جرجير في معسكرنا في عشرين ومئة ألف، فأحاطوا بنا من كل مكان، وسقط في أيدي المسلمين، ونحن في عشرين ألفاً من المسلمين. واختلف الناس على ابن أبي سرح، فدخل فسطاطاً له فخلا فيه، ورأيت غرة من جرجير، بصرت به خلف عساكره على برذون أشهب، معه جاريتان تظلان عليه بريش الطواويس، بينه وبين جنده أرض بيضاء ليس فيها أحد، فخرجت أطلب ابن أبي سرح فقيل: قد خلا في فسطاطه، فأتيت حاجبه فأبى أن يأذن لي عليه فدرت من كسر الفسطاط فدخلت عليه، فوجدته مستلقياً على ظهره. فلما دخلت فزع واستوى جالساً، فقلت: إيه إيه " كل أزب نفور " فقال: ما أدخلك علي يا بن الزبير؟ قلت: رأيت عورة من العدو فاخرج فاندب لي الناس، قال: وما هي؟ قال: فأخبرته، فخرج معي مسرعاً؟، فقال: يا أيها الناس، انتدبوا مع ابن الزبير، فاخترت ثلاثين فارساً وقلت لسائرهم: البثوا على مصافكم، وحملت في الوجه الذي رأيت فيه جرجير، وقلت لأصحابي: احموا لي ظهري، فوالله ما نشبت أن خرقت الصف إليه، فخرجت صامداً له، وما يحتسب هو ولا أصحابه إلا أني رسول إليه حتى دنوت منه فعرف الشر، فثنى بردونه مولياً، وأدركته فطعنته، فسقط وسقطت الجاريتان عليه، وأهويت إليه مبادراً فدفقت عليه بالسيف وأصبت يد إحدى الجاريتين فقطعتها، ثم احترزت رأسه فنصبته في رمحي وكبرت، وحمل المسلمون في الوجه
الآخر الذي كنت فيه، وارفض العدو في كل وجه، ومنح الله المسلمين أكتافهم.
فلما أراد ابن أبي سرح أن يوجه بشيراً إلى عثمان قال: أنت أولى من هاهنا بذلك، فانطلق إلى أمير المؤمنين فأخبره الخبر، فقدمت على عثمان فأخبرته بفتح الله ونصره وصنعه، ووصفت له أمرنا كيف كان. فلما فرغت من ذلك قال: هل تستطيع أن تؤدي هذا إلى الناس؟ قال: وما يمنعني من ذلك؟ قال: فاخرج إلى الناس فأخبرهم، فخرجت حتى جئت المنبر، فاستقبلت الناس فتلقاني وجه أبي الزبير بن العوام فدخلتني له هيبة فعرفها في وجهي وقبض قبضة من حصى وجمع وجهه في وجهه وهم أن يحصبني فاعتزمت فتكلمت.
فزعموا أن الزبير لما فرغ من كلامه قال: والله لكأني سمعت كلام أبي بكر الصديق. من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى أبيها أو أخيها فإنها تأتيه بأحدهما.
وبشر عبد الله بن الزبير مقدمه من افريقية بابنة خبيب بن عبد الله، وعروة بن الزبير. وكان خبيب أكبر من عروة، وكان عبد الله يكنى أبا بكر، ويكنى أبا خبيب بابنه خبيب بن عبد الله.
خرج ابن الزبير في ليلة مقمرة على راحلة فنزل يبول، فالتفت فإذا على الراحلة شيخ أبيض الرأس واللحية. قال: فشد عليه فتنحى، فركب راحلته ومضى. قال: فناداه: والله يا بن الزبير لو دخل قلبك مني الليلة شعرة لخبلتك. قال: ومنك أنت يا لعين يدخل قلبي شيء؟! قال عامر بن عبد الله بن الزبير: أقبل عبد الله بن الزبير من العمرة في ركب من قريش فيهم عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي ورهط من قريش، حتى إذا كانوا بالكديد قال ابن الزبير: رأيت رجلاً تحت التناضب - يعني: شجراً - فقال ابن الزبير: ألا أتقدم أبغيكم لبناً؟ قالوا: بلى، فأقبل
ابن الزبير حتى أتاه قال: فسلمت عليه. قال: وعليك السلام. قال: ابن الزبير: والله ما رأيتني أتيت أحداً إلا رأيت له مني هيبة غيره. فلما دنوت منه وهو في ظل قد كاد يذهب ولم يتحرك فضربته برجلي وقلت: انقبض إليك، إنك لشحيح بظلك، فانحاز متكارهاً فجلست وأخذت بيده وقلت: من أنت؟ قال: ر جل من أهل الأرض من الجن قال: فوالله ما عدا أن قالها، فقامت كل شعرة مني واجتذبته بيدي فقلت: إنك من أهل الأرض وتبدى لي هكذا؟ واجتذبته فإذا ليس له سفلة فانكسر فقلت: إلي تبدى وأنت من أهل الأرض؛ وانقمع مني فذهب، فجاءني أصحابي. قالوا: أين صاحبك؟ قلت: كان والله رجلاً من الجن فذهب. قال: ما بقي رجل ممن رآه إلا ضرب به الأرض ساقطاً. فأخذت كل رجل منهم فشددته على بعيره بين شعبتي رحله حتى أتيت بهم أمج، وما يعقلون.
قال ابن الزبير:
دخلت المسجد ذات ليلة فإذا نسوة يطفن بالبيت فأعجبنني. فلما قضين طوافهن خرجن مما يلي باب الحذائين فقلت: لأتبعهن حتى أعرف مواضعهن. فما زلن يمشين حتى أتين العقبة ثم صعدن العقبة وصعدت خلفهن، ثم هبطن وهبطت خلفهن حتى أتين فجاً، فدخلن في خربة فدخلت في إثرهن، فإذا مشيخة جلوس، فقالوا: ما جاء بك يا بن الزبير؟ فقلت لهم: ومن أنتم؟ قالوا: نحن الجن. قلت: إني رأيت نسوة يطفن بالبيت فأعجبنني، فاتبعتهن حتى دخلت هذا الموضع. قالوا: إن أولئك نساؤنا، تشه يا بن الزبير ما شئت، قلت: أشتهي رطباً، وما بمكة يومئذ من رطبة، فأتوني برطب فأكلت ثم قالوا لي: احمل ما بقي معك. قال: فحملته ورجعت، وأنا أريد أن أريه أهل مكة حتى دخلت منزلي، فوضعته في سفط، ثم وضعت السفط في صندوق، ثم وضعت رأسي، فوالله إني لبين النائم واليقظان إذ سمعت جلبةً في البيت. فقال بعضهم لبعض: أين وضعه؟ فقال بعضهم: في الصندوق. فقال بعضهم لبعض: افتحوا الصندوق. قال: ففتحوه. فقال بعضهم لبعض: أين هو؟ فقال بعضهم: في السفط. قال: افتحوا السفط فقالوا:
لا نستطيع أن نفتحه، إنه قد ذكر عليه اسم الله عز وجل. قال: فاحملوه كما هو. قال: فحملوه فذهبوا به.
قال ابن الزبير: لم آسف على شيء أسفي كيف لم أثب عليهم وهم في البيت.
قال وهب بن كيسان: ما رأيت ابن الزبير معطياً رجلاً كلمة قط لرغبة ولا لرهبة سلطان ولا غيره.
ولما قتل عمر محى الزبير نفسه من الديوان. فلما قتل عثمان محا ابن الزبير نفسه من الديوان.
وعن الزبير أنه قال على منبر مكة: والله لقد استخلفني أمير المؤمنين عثمان على الدار، فلقد كنت أنا الذي أقاتل بهم، ولقد كنت أخرج في الكتيبة وأباشر القتال بنفسي، فخرجت بضعة عشر جرحاً. وإني لأضع اليوم يدي على بعض تلك الجراحات التي جرحت مع عثمان، فأرجو أن تكون خير أعمالي.
قال هشام بن عروة: أخذ عبد الله بن الزبير من وسط القتلى يوم الجمل، وبه بضع وأربعون طعنة وضربة.
وقال عبد الله بن عبيد بن عمير: أعطت عائشة للذي بشرها أن ابن الزبير لم يقتل عشرة آلاف درهم.
قال أبو حبيبة مولى الزبير: أتانا ابن عباس بالبصرة في يوم شديد الحر. فلما رآه الزبير قال: مرحباً يا بن لبابة، أزائراً أم سفيراً؟ قال: كل ذلك أرسلني إليك ابن خالك، فقال لك: ما عدا مما بدا؟ عرفتني بالمدينة وأنكرتني بالبصرة؟! قال: فجعل الزبير ينقر بالمروحة في الأرض ثم رفع رأسه إليه فقال: نرفع لكم المصاحف غداً. فما أحلت حللنا وما حرمت حرمنا.
فانصرفت فناداني ابن الزبير وهو في جانب البيت: يا بن عباس، علي، أقبل، قال ابن عباس: فأقبلت عليه وأنا أكره كلامه، فقال: بيننا دم خليفة، وعهد خليفة، وانفراد واحد واجتماع ثلاثة، وأم مبرورة، ومشاورة العامة.
قال: يعني الثلاثة: الزبير، وطلحة، وسعد، أقام بالمدينة، وعهد الخليفة: عمر بن الخطاب. قال: إذا اجتمعوا وتشاورا تبع الأقل الأكثر، ودم الخليفة: عثمان بن عفان.
قال عروة بن الزبير: لم يكن أحد أحب إلى عائشة بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعد أبي بكر من عبد الله بن الزبير.
وعن عروة قال: ما سمعت أمي: عائشة وأسماء تدعوان لأحد من الخلق دعاءهما لعبد الله بن الزبير.
قال هشام بن عروة: كان عبد الله بن الزبير يعتد بمكرمات لا يعتد بها أحد من الناس: أوصت له عائشة بحجرتها، واشترى حجرة سودة.
قال عبد الله بن عروة: أقحمت السنة نابغة بني جعدة فدخل على ابن الزبير المسجد الحرام فأنشده:
حكيت لنا الصديق لما وليتنا ... وعثمان والفاروق فارتاح معدم
وسويت بين الناس في الحق فاستوى ... فعاد صباحاً حالك اللون أسحم
أتاك أبو ليلى يجوب به الدجى ... دجى الليل جواب الفلاة عثمثم
لتجبر منه جانباً ذعذعت به ... صروف الليالي والزمان المصمم
فقال له ابن الزبير: هون عليك أبا ليلى، فإن الشعر أهون وسائلك عندنا. أما صفوة أموالنا فلآل الزبير، وأما عفوته فإن بني أسد تشغلها عنك، ولكن لك في مال الله حقان: حق برؤيتك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحق لشركتك أهل الإسلام في فيئهم، ثم أدخله دار النعم فأعطاه قلائص تسعاً، وجملاً رحيلاً، وأوقر له الركاب براً وتمراً وثياباً، فجعل النابغة يستعجل ويأكل الحب صرفاً. فقال ابن الزبير: ويح أبي ليلى! لقد بلغ به الجهد. فقال النابغة: أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ما وليت قريش فعدلت واسترحمت فرحمت، ووعدت خيراً فأنجزت، فأنا والنبيون فراط لقاصفين.
وزاد في رواية: وحدثت فصدقت.
قالت عائشة بنت طلحة: خرجت مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: فبينا نحن كذلك إذا نحن براجز يقول:
أنشد من كان بعيد الهم ... يدلني اليوم على ابن أم
له أب في باذخٍ أشم ... وأمه كالبدر ليل تم
مقابل الخال كريم العم ... يجيرني من زمن ملم
جرعة أكؤسه بسم
قالت: فلما سمعت أم المؤمنين أبياته دعت به فقالت من وراء حجابها:
يا عبد الله، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الدال على الخير كفاعله، فحاجتك رجل بين يديك، فسل عن عبد الله بن الزبير فإنه شرطك، فخرج الرجل حتى أدرك عبد الله بن الزبير، فحمله على راحلة وصنع إليه معروفاً.
قال أبو إسحاق التيمي: سمع معاوية رجلاً وهو يقول:
ابن رقاش ماجد سميدع ... يأتي فيعطي عن يدٍ أو يمنع
فقال: ذاك عبد الله بن الزبير.
وفي رواية: ذاك منا. ذاك عبد الله بن الزبير.
دخل عبد الله بن الزبير على معاوية، وعنده جماعة فيهم مروان وسعيد بن العاص، فأوسع له معاوية على سريره. فلما انصرف عبد الله بن الزبير أقبل مروان على معاوية فقال له: لله درك من رئيس قبيلة يضع الكبير ولا يدني إلا صغيراً فقال معاوية:
نفس عصام سودت عصاماً
فضحك مروان وقال: يا أمير المؤمنين، إنما كلمتك مازحاً، فقال معاوية: ترسلها شقراء غبراء ثم تتبعها ضحكة يا مروان؟! قال عبد الله بن محمد بن حبيب: لما حج معاوية لقيه عبد الله بن الزبير فقال: آدني على الوليد بن عتبة. فقد تزايد
خطله، وذهب به جهله إلى غاية يقصر عنها الأنوق، ودون قرارها العيوق، فقال معاوية: والله ما يزال أحدكم يأتيني، يغلي جوفه كغلي المرجل على ابن عمه، فقال ابن الزبير: أم والله ما ذلك عن فرار منه ولا جبن عنه، ولقد علمت قريش أني لست بالفهه الكهام، ولا بالهلباجة النثر. فقال له معاوية: إنك لتهددني وقد عجزت عن غلام من قريش لم يبر في سباق، ولم يضرب في سياق. إن شئت خلينا بينك وبينه. فقال ابن الزبير: ما مثلي يهارش به، ولكن عندك من قريش والأنصار، ومن ساكن الحجون في الآطام من إن سألته حملك على محجة أبين من ظهر الجفير. قال: ومن ذلك؟ قال: هذا، يعني: أبا الجهم بن حذيفة، فقال معاوية: تكلم يا أبا الجهم. فقال أعفني، قال: عزمت عليك لتقولن، قال: نعم؛ أمك هند وأمه أسماء بنت أبي بكر، وأسماء خير من هند. وأبوك أبو سفيان وأبوه الزبير، ومعاذ الله أن يكون مثل الزبير. وأما الدنيا فلك؛ وأما الآخرة فله إن شاء الله.
قوله: آدني على الوليد. معناه: أعدني. وفلان استأدى على فلان أفصح من استعدى، وهما سواء.
أذن معاوية للناس يوماً فدخلوا عليه، فاحتفل المجلس وهو على سريره، فأجال بصره فيهم، ثم قال: أنشدوني لقدماء العرب ثلاثة أبيات جامعة من أجمع ما قالتها، ثم قال: يا أبا خبيب، فقال: مهيم. قال: أنشدني ثلاثة أبيات لقدماء العرب جامعة من أجمع ما قالتها. قال: نعم يا أمير المؤمنين، بثلاث مئة ألف. قال معاوية: إن ساوت. قال: أنت بالخيار وأنت واف كاف. قال: نعم. فأنشده للأفوه الأودي:
بلوت الناس قرناً بعد قرنٍ ... فلم أر غير ختال وقال
فقال: صدق.
ولم أر في الخطوب أشد وقعاً ... وكيداً من معاداة الرجال
فقال: صدق.
وذقت مرارة الأشياء طراً ... فما شيء أمر من السؤال
فقال: صدق. هيه يا أبا خبيب. قال: إلى هاهنا انتهى بي. قال: فدعا معاوية بثلاثين عبداً، على عنق كل واح منهم بدرة، فمروا بين يدي ابن الزبير حتى انتهوا إلى داره.
حج معاوية فتلقاه الناس ولم يتلقه ابن الزبير، وبعث مولى له فقال: اذهب فانظر ما يقولك لك معاوية، فأتاه: فلما رآه معاوية قال: أين ابن الزبير؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنه كان وكان، يعذره. قال: لا والله، ولكن ما في نفسه. فلما كان بمنى مر به ابن الزبير وقد حلق معاوية رأسه، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أكبر جحرة رأسك. قال: اتق، لا تخرج عليك حية من بعض هذه الجحرة فتقتلك. فلما أفاض من منى لم يدخل عليه. فلما أراد معاوية أن يطوف قام إليه ابن الزبير فأخذ بيده فطاف معه حتى فرغ من طوافه فقال له: يا أمير المؤمنين إني أريد أن تنطلق معي، فتنظر إلى بنائي فانطلق معه إلى قعيقعان، فنظر إلى بنائه ودوره ففعل ماذا؟ لا والله لا أدعك حتى تعطيني مئة ألغ، فأعطاه. فجاءه مروان فقال: والله ما رأيت مثلك، جاءك رجل قد سمى بيت مال الديوان وبيت الخلافة وبيت كذا وبيت كذا فأعطيته مئة ألف! قال: ويلك فكيف أصنع بابن الزبير؟ قال هشام بن عروة: سأل عبد الله بن الزبير معاوية شيئاً فمنعه فقال: والله ما أجهل أن ألزم هذه
البنية فلا أشتم لك عرضاً، ولا أقصب لك حبساً، ولكني أسدل عمامتي من بين يدي ذراعاً، ومن خلفي ذراعاً في طريق أهل الشام، وأذكر سيرة أبي بكر وعمر، فيقول الناس من هذا؟ فيقولون: ابن حواري رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن الصديق. فقال معاوية: حسبك بهذا شراً. ثم قال: هات حوائجك.
حدث هشام بن عروة: أن مروان بن الحكم نازع ابن الزبير، فكان هوى معاوية مع مروان، فقال ابن الزبير: يا أمير المؤمنين، إن لك حقاً وطاعة، فأطع الله نطعك، فإنه لا طاعة لك علينا إلا في حق الله عز وجل، ولا تطرق إطراق الأفعوان في أصول السخبر فإنه أقر صامت.
قال سعيد بن يزيد: دخل عبد الله بن الزبير على معاوية وعنده ابن له، فأمره فلطم ابن الزبير لطمة دوخ منها رأسه، فلما أفاق قال له: ادن مني فدنا منه فقال له: الطم معاوية، قال: لا أفعل. قال: ولم؟ قال: لأنه أبي. قال: فرفع عبد الله يده فلطمه لطمة دار الصبي على البساط كما تدور الدوامة، فقال له معاوية: تفعل هذا بغلام لم تجب عليه الأحكام؟! قال: رأيته قد عرف ما ينفعه مما يضره، فأحببت أن أحسن أدبه.
قال عبد الله بن أبي بكر: قدم معاوية المدينة فأقام بها، فأكثر الناس، وعرضوا له يسألونه، فقال يوماً لبعض غلمانه: أسرج لي بغلتي إذا قامت صلاة العصر، فأسرج له البغلة. فلما صلى العصر جلس عليها، ثم توجه قبل الشام وصيح في الأثقال والناس، وتبع معاوية من تبعه، ويدركه ابن الزبير في أولمن أدركه فسار إلى جنبه ليلاً وهو نائم، ففزع له فقال: من هذا؟ فقال: ابن الزبير، أما إني لو شئت أن أقتلك لقتلتك. قال: لست هناك، لست من قتال الملوك، إنما " يصيد كل طائر قدره " فقال ابن الزبير: أما والله لقد سرت تحت لواء أبي إلى ابن أبي طالب، وهو من تعلم. فقال: لا جرم والله، لقد قتلكم بشماله.
فقال: أما إن ذلك في نصرة عثمان، ثم لم نجز بها قال: والله ما كان بك نصرة عثمان، ولولا بغض علي بن أبي طالب لجررت برجلي عثمان مع الضبع، قال: لقد فعلتها، إنا قد أعطيناك عهداً، فنحن وافون لك به ما عشت، فإذا مت فسيعلم من بعدك. فقال: والله ما أخافك إلا على نفسك، ولكأني بك قد خبطت في الحبالة، واستحكمت عليك الأنشوطة فذكرتني وأنت فيها فقلت: ليت أبا عبد الرحمن لها، ليتني والله لها، أما والله لحللتك رويداً، ولأطلقتك سريعاً، ولبئس الولي أنت تلك الساعة.
وفي حديث مختصر بمعناه: إنما يصيد كل طير على قدره، إنما أنت يا بن الزبير ثعلب رواغ، تدخل من جحر وتخرج من جحر، والله لكأني بك قد ربقت كما يربق الجدي، فيا ليتني لك حياً فأخلطك، وبئس المخلص كنت.
قالوا: ولم يدع ابن الزبير بالخلافة حتى هلك يزيد.
ولما هلك معاوية وفي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فلما أتاه موته بعث إلى مروان بن الحكم وناس من بني أمية فأعلمهم الذي أتاه، فقال مروان: ابعث الساعة إلى الحسين وابن الزبير فإن بايعا وإلا فاضرب أعناقهما، وقد هلك عبد الرحمن بن أبي بكر قبل ذلك، فأتاه ابن الزبير فنعى له معاوية فترحم له وجزاه خيراً، وقال له: بايع، قال: ما هذه ساعة مبايعة ولا مثلي بايعك هاهنا، ولكن تصبح فترقى المنبر وأبايعك ويبايعك الناس علانية غير سر، فوثب مروان فقال: اضرب عنقه فإنه صاحب فتنة وشر. فقال: إنك لها هنا يا بن الزرقاء واستبا فقال الوليد: أخرجوهما عني، وكان رجلاً رفيقاً سرياً كريماً، فأخرجا عنه، فجاء الحسين بن علي على تلك الحال فلم يكلم في شيء حتى رجعا جميعاً، ورجع مروان فقال: والله، لا تراه بعد مقامك إلا حيث يسوءك، فأرسل
العيون في أثره، فلم يزد حين دخل منزله على أن دعا بوضوء ثم صف بين قدميه فلم يزل يصلي، وأمر حمزة ابنه أن يقدم راحلته إلى ذي الحليفة على بريد من المدينة مما يلي الفرع، وكان له بذي الحليفة مال عظيم. فلم يزل صافاً قدميه حتى كان من آخر الليل، وتراجعت عنه العيون جلس على دابته فركضها حتى انتهى إلى ذي الحليفة فجلس على راحلته ثم توجه مكة. وخرج الحسين من ليلته فالتقيا بمكة فقال له ابن الزبي: ما يمنعك من شيعتك وشيعة أبيك؟ فوالله لو أن لي مثلهم ما وجهت إلا إليهم؟ وبعث يزيد وعمرو بن سعيد أميراً على المدينة وعزل الوليد بن عتبة تخوفاً لضعف الوليد، فرقي عمرو المنبر حين دخل، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ابن الزبير وما صنع وقال: تعزز بمكة، فوالله لتغزون، ثم والله لئن دخل الكعبة لنحرقنها عليه، على رغم أنف من رغم.
وحدث جماعة قالوا: جاء نعي معاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن عباس يومئذ غائب بمكة. فلما صدر الناس من الحج سنة ستين وتكلم عبد الله بن الزبير وأظهر الدعاء، خرج ابن عباس إلى الطائف. فلما كانت وقعة الحرة وجاء الخبر ابن الزبير كان بمكة يومئذ عبد الله بن عباس وابن الحنفية. ولما جاء الخبر بنعي يزيد بن معاوية وذلك لهلال ربيع الآخر سنة أربع وستين قام ابن الزبير فدعا إلى نفسه وبايعه الناس، دعا ابن عباس وابن الحنفية إلى البيعة فأبيا أن يبايعا وقالا: حتى تجتمع لك البلاد ويأتسق لك الناس، وما عندنا خلاف. فأقاما على ذلك ما أقاما، فمرة يكاشرهما ومرة يباديهما فكان هذا من أمره، حتى إذا كانت سنة ست وستين غلظ عليهما ودعاهما إلى البيعة فأبيا، ووقع بينهم شر.
ولم يزل الأمر يغلظ حتى خافا منه خوفاً شديداً ومعهما الذرية، فبعثا رسولاً إلى العراق يخبر بما هما فيه، فخرج إليهما أربعة آلاف، فيهم ثلاثة رؤساء:
عطية بن سعيد، وابن هانئ، وأبو عبد الله الجدلي، فخرجوا من الكوفة، فبعث والي الكوفة في أثرهم خمس مئة ليردوهم، فأدركوهم بواقصة، فامتنعوا منهم، فانصرفوا راجعين، فمروا وقد أخفوا السلاح حتى انتهوا إلى مكة لا يعرض لهم أحد، وإنهم ليمرون على مسالح ابن الزبير ما يعرض لهم أحد، فدخلوا المسجد فسمع بهم ابن الزبير حين دخلوا فدخل منزله، وكان قد ضيق على ابن عباس وابن الحنفية، وأحضر الحطب يجعله على أبوابها يحرقهما أو يبايعان. فهم على تلك الحال حتى جاء هؤلاء العراقيون فمنعوهما حتى خرجا إلى الطائف، وخرجوا معهم وهم أربعة آلاف، وكانوا هناك حتى توفي عبد الله بن عباس فحضروا موته بالطائف ثم لزموا ابن الحنفية فكانوا معه في الشعب، وامتنعوا من ابن الزبير. وكان يقال لعبد الله بن الزبير: عائذ بيت الله.
قالت أم هاشم زجلة بنت منظور ابن زبان الفزارية للحجاج حين خطبها وردته:
أبعد عائذ بيت الله تخطبني ... جهلاً جهلت وغب الجهل مذموم
فاذهب إليك فإني غير ناكحةٍ ... بعد ابن أسماء ما استن الدياميم
وقال عمرو بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:
فإن ينج منها عائذ البيت سالماً ... فما نالنا منكم وإن شفنا جلل
وزعموا أن الذي دعا عبد الله بن الزبير إلى التعوذ بالبيت شيء سمعه من أبيه حين سار من مكة إلى البصرة، قال: التفت الزبير إلى الكعبة بعدما ودع، وتوجه يريد الركوب، ثم أقبل على ابنه عبد الله بن الزبير ثم قال: أما والله ما رأيت مثلها لطالب رغبة، أو خائف رهبة، وكان سبب تعوذ الزبير بها موت معاوية.
وقيل إن الحسين وابن الزبير خرجا جميعاً وسلكا طريق الفرع حتى مروا بالجثجاثة وبها جعفر بن الزبير قد ازدرعها وغمز عليهم بعير من إبلهم فانتهوا إلى جعفر. فلما رآهم قال: أمات معاوية؟ قال له ابن الزبير: نعم. انطلق معنا وأعطنا أحد جمليك، وكان ينضح على جملين له فقال جعفر متمثلاً:
إخوتا لابتعدوا أبداً ... وبلى والله قد بعدوا
فقال ابن الزبير - وتطير منها - بفيك التراب، فخرجوا جميعاً حتى قدموا مكة. فأما الحسين فخرج من مكة يوم التروية.
قالوا: ولما خرج حسين بن علي إلى العراق لزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري، وجعل يحرض الناس على بني أمية. وبلغ يزيد ذلك فوجد عليه، فقال ابن الزبير: أنا على السمع والطاعة لا أبدل ولا أغير، ومشى إلى يحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية الجمحي وهو والي مكة ليزيد بن معاوية فبايعه له على الخلافة. فكتب بذلك يحيى إلى يزيد فقال: لا أقبل هذا منه حتى يؤتى به وثاق، في جامعةٍ فقال ابنه معاوية بن زيد: يا أمير المؤمنين، ادفع الشر عنك ما اندفع، فإن ابن الزبي رجل لحز لجوج، ولا يطيع بهذا أبداً، وإن تكفر عن يمينك، وتلهى منه، حتى تنظر ما يصير إليه أمره أفضل، فغضب يزيد وقال: إن في ذلك لعجباً. قال: فادع عبد الله بن جعفر فسله عما أقول وتقول، فدعا عبد الله بن جعفر فذكر له قولهما، فقال عبد الله: أصاب أبو ليلى، ووفق فأبى يزيد أن يقبل ذلك وعزل الوليد بن عتبة عن المدينة، وولاها عمرو بن سعيد بن العاصي، وأرسل إليه: أن أمير المؤمنين يقسم بالله لا يقبل من ابن الزبير شيئاً حتى يؤتى به في
جامعة. فعرضوا ذلك على ابن الزبير فأبى، فبعث يزيد بن معاوية الحصين بن نمير وعبد الله بن عضاه الأشعري بجامعة إلى ابن الزبير يقسم له بالله لا يقبل منه إلا أن يؤتى به فيها، فمر بالمدينة فبعث إليه مروان معهما عبد العزيز بن مروان يكلمه في ذلك ويهون عليه الأمر فقدموا عليه مكة فأبلغوه يمين يزيد بن معاوية ورسالته، وقال له عبد العزيز بن مروان: إن أبي أرسلني إليك عنايةً بأمرك، وحفظاً لحرمتك، فأبر يمين أمير المؤمنين فإنما يجعل عليك جامعة فضة أو ذهب وتلبس عليه برنساً فلا تبدو إلا أن يسمع صوتها، فكتب ابن الزبير إلى مروان يجزيه خيراً ويقول: قد عرفت عنايتك ورأيك، فأما هذا فإني لا أفعله أبداً، فليكفر يزيد عن يمينه أو يدع، وقال ابن الزبير: اللهم إني عائذ ببيتك الحرام وقد عرضت عليهم السمع والطاعة، فأبوا إلا أن يخلوا بي، ويستحلوا مني ما حرمت. فمن يومئذ سمي العائذ. وأقام بمكة لا يعرض لأحد ولا يعرض له أحد. فكتب يزيد بن معاوية إلى عمر بن سعيد أن يوجه إليه جنداً فسأل عمرو: من أعدى الناس لعبد الله بن الزبير؟ فقيل: أخوه عمرو بن الزبير. فذكر قصةً توجيهه إلى ابن الزبير وسيأتي ذلك في ترجمة عمرو بن الزبير.
وعزل يزيد بن معاوية عمرو بن سعيد عن المدينة، وولاها الوليد بن عتبة ثم عزله وولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان، فوثب عليه أهل المدينة وأخرجوه. وكانت وقعة الحرة، وكانت الخوارج قد أتته وأهل الأهواء كلهم وقالوا: عائذ بيت الله. وكان شعاره: لا حكم إلا لله. ولم يزل على ذلك بمكة. وحج بالناس عشر سنين أولها سنة اثنتين وستين وآخرها سنة اثنتين وسبعين.
ولما توفي يزيد بن معاوية ودعا ابن الزبير من يومئذ إلى نفسه، فبايع الناس له على الخلافة وسمي أمير المؤمنين، وترك الشعار الذي كان عليه، ودعاءه عائذ بيت الله، ولا حكم إلا لله. وولى العمال: فولى المدينة مصعب بن الزبير وبايع له الناس. وبعث الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة إلى البصرة فبايعوه. وبعث عبد الله بن مطيع إلى الكوفة فبايعوه. وبعث عبد الرحمن بن عتبة بن جحدم الفهري على مصر أميراً فبايعوه، وبعث واليه إلى اليمن فبايعوه. وبعث واليه إلى خراسانفبايعوه. وبعث الضحاك بن قيس الفهري إلى
الشام والياً فبايع له عامة أهل الشام، واستوسقت له البلاد كلها ما خلا طائفة من أهل الشام كان بها مروان بن الحكم وأهل بيته.
كتب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن الزبير: إني قد بعثت إليك سلسلة فضة وقيداً من ذهب، وجامعةً من فضة وحلفت لتأتيني في ذلك فألقى الكتاب وقال:
لا ألين لغير الحق أسأله ... حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
وعن هشام بن عروة قال: أول من كسا الكعبة الديباج عبد الله بن الزبير، وإن كان ليطيبها حتى يجد ريحها من دخل الحرم. وكانت كسوتها المسوح والأنطاع.
وحج ابن الزبير ثمان حجج ولاء: من سنة أربع وستين إلى سنة إحدى وسبعين. ثم حضر الموسم سنة اثنتين وسبعين، فحج ابن الزبير بالناس ولم يقفوا الموقف. وحج الحجاج بن يوسف بأهل الشام، ولم يطوفوا بالبيت. وقتل سنة ثلاث وسبعين.
ولما جرد المهدي الكعبة كان فيما نزع عنها كسوة من ديباج مكتوب عليه: لعبد الله أبي بكر أمير المؤمنين، وكان ابن الزبير يكنى أبا بكر، ويكنى أبا خبيب.
قال عمر بن قيس: كان لابن الزبير مئة غلام منهم بلغة أخرى. وكان ابن الزبير يكلم كل واحد منهم بلغته. وكنت إذا نظرت إليه في أمر دنياه قلت: هذا رجل لم يرد الله طرفة عين، وإذا نظرت إليه في أمر آخرته قلت: هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين.
قال أبو الضحى: رأيت على رأس ابن الزبير من المسك ما لو كان لي رأس مالي.
وعنه قال: رأيت في مفرق ابن الزبير عشية عرفة من الطيب ما لو كان لرجل كان رأس مال.
وعن طاوس قال: دخل ابن الزبير على امرأته بنت الحسن، فرأى ثلاثة مثل - يعني: أفرشة - في بيته فقال: هذا لي، وهذا لابنة الحسن، وهذا للشيطان، فأخرجوه.
وكان ابن عباس يكثر أن يعنف ابن الزبير بالبخل، فلقيه يوماً، فعيره، فقال له ابن الزبير: ما أكثر ما تعيرني يا بن عباس قال: إن أفعل فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن المؤمن لا يشبع وجاره وابن عمه جائع.
وفي رواية: ليس المؤمن الذي يبيت وجاره طاوٍ.
وفي رواية: ليس بالمؤمن الذي يبيت شبعان وجاره إلى جنبه جائع.
وعن عثمان بن عفان قال: قال له عبد الله بن الزبير حين حصر: إن عندي نجائب قد أعددتها لك فهل لك أن تحول إلى مكة فيأتيك من أراد أن يأتيك؟ قال: لا، إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبد الله. عليه مثل نصف أوزار الناس.
وعن سعيد قال: أتى عبد الله بن عمرو عبد الله بن الزبير فقال: يا بن الزبير، إياك والإلحاد في
حرم الله تبارك وتعالى، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إنه سيلحد فيه رجل من قريش لو توزن ذنوبه بذنوب الثقلين لرجحت، فانظر لا تكونه.
وفي رواية فقال: يا بن الزبير، إياك والإلحاد في حرم الله عز وجل، فإني أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يحلها ويحل به رجل من قريش لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها. قال: فانظر أن لا تكونه يا بن عمرو، فإنك قد قرأت الكتب وصحبت الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فإني أشهدك أن هذا وجهي إلى الشام مجاهداً.
وعن سلمان الفارسي قال: ليحرقن هذا البيت على يدي رجل من آل الزبير.
وعن منذر الثوري قال: قال ابن الحنفية: اللهم، إنك تعلم أني كنت أعلم مما علمتني أن ابن الزبير لا يخرج منها إلا قتيلاً يطاف برأسه في الأسواق.
وعن هشام بن عروة قال: كان أول ما أفصح به عمي عبد الله بن الزبير وهو صغير: السيف، فكان لا يضعه من فيه، فكان الزبير بن العوام إذا سمع ذلك منه يقول: أم والله ليكونن لك منه يوم ويوم وأيام.
وعن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر قال:
إني لفوق أبي قبيس حين المنجنيق على ابن الزبير، فنزلت، فنزلت صاعقة كأني أنظر إليها تدور كأنها خمار أحمر، قد حرقت أصحاب المنجنيق نحواً من خمسين رجلاً.
قال سفيان: كان ابن الزبير يشتد بالسيف وهو ابن ثلاث وسبعين كأنه غلام.
وكان ابن الزبير يقاتل الحجاج بمكة فقالت له امرأته: ألا أخرج فأقاتل معك؟ قال: لا. وكان الحجاج يقاتله وهو في المسجد الحرام، فجعل ابن الزبير يقول:
كتب القتل والقتال علينا ... وعلى المحصنات جر الذيول
قال هشام بن عروة: كان ابن الزبير يحمل عليهم حتى يخرجهم من الأبواب، يعني: أبواب مسجد الحرام وهو يقول:
لو كان قرني واحداً كفيته
ثم يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدم
قال هشام بن عروة: رأيت ابن الزبير يرمى بالمنجنيق فلا يلتفت، ولا يرعد صوته. قال: وربما مرت الشظية منه قريباً من نحره.
قال: ورأيت الحجر من المنجنيق يهوي حتى أقول: لقد كاد يأخذ لحية عبد الله بن الزبير. فقال له أبي: ابن أم والله، إن كاد ليأخذ لحيتك، فقال عبد الله: دعني يا بن أم، فوالله ما هي إلا هيت حتى كأن الإنسان لم يكن فقال أبي، وأقبل علينا بوجهه: ألا إني والله ما أخشى عليك إلا من تلك الهيت.
قال هشام بن عروة: سمعت عمي عبد الله بن الزبير يقول: والله، إن أبالي إذا وجدت ثلاث مئة يصبرون صبري لو أجلب علي أهل الأرض.
قال المنذر بن جهم الأسلمي: رأيت ابن الزبير يوم قتل وقد خذله من كان معه خذلاناً شديداً، وجعلوا يخرجون إلى الحجاج، وجعل الحجاج يصيح: أيها الناس، علام تقتلون أنفسكم؟ من خرج إلينا فهو آمن، لكم عهد الله وميثاقه، وفي حرم الله وأمنه، ورب هذه البنية لا أغدر بكم، ولا لنا حاجة في دمائكم. قال: فجعل الناس ينسلون حتى خرج إلى الحجاج من أصحاب ابن الزبير نحو من عشرة آلاف. فلقد رأيته وما معه.
قال إسحاق بن أبي إسحاق: أنا حاضر قتل ابن الزبير يوم قتل في المسجد الحرام: جعلت الجيوش تدخل من أبواب المسجد. فكلما دخل قوم من باب حمل عليهم وحده حتى يخرجهم. فبينا هو على تلك الحال إذ جاءت شرفة من شرفات المسجد فوقعت على رأسه فصرعته وهو يتمثل بهذه الأبيات: يقول:
أسماء يا أسماء لا تبكيني ... لم يبق إلا حسبي وديني
وصارم لانت به يميني
قال عباس بن سهل بن سعد: سمعت ابن الزبير يقول: ما أراني اليوم إلا مقتولاً، ولقد رأيت في الليلة هذه كأن السماء فرجت لي فدخلتها، فقد والله مللت الحياة وما فيها، ولقد قرأ في الصبح يومئذ متمكناً " ن والقلم " حرفاً حرفاً، وإن سيفه لمسلول إلى جنبه، وإنه ليتم الركوع والسجود كهيئة قبل ذلك.
وقال يوم قتل: والله لقد مللت الحياة، ولقد جاوزت سن أبي. هذه لي ثنتان وسبعون سنة، اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائي، وجاهدت فيك عدوك فأثبني ثواب المجاهدين. فقتل ذلك اليوم.
قال مخرمة بن سليمان الوالبي:
دخل عبد الله بن الزبير على أمه حين رأى من الناس ما رأى من خذلانهم إياه،
فقال: يا أمه، خذلني الناس حتى ولدي وأهلي فلم يبق معي إلا من ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطوني ما أردت من الدنيا فما رأيك؟ فقالت أمه: أنت والله يا بني أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق، وإليه تدعو فامض له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك فيلعب بك غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك، وأهلكت من قتل معك. قال: فدنا ابن الزبير فقبل رأسها فقال: هذا والله رأيي. والذي قمت به داعياً إلى يومي هذا، ما ركنت إلى الدنيا، ولا أحببت الحياة فيها، وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله، ولكني أحببت أعلم رأيك، فتزيديني قوة وبصيرة مع بصيرتي، فانظري يا أمه فإني مقتول من يومي هذا، لا يشتد جزعك علي، سلمي لأمر الله فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر، ولا عمل بفاحشة، ولم يجر في حكم، ولم يغدر في أمان، ولم يتعمد ظلم مسلم، ولا معاهد، ولم يبلغني عن عمالي فرضيته بل أنكرته، ولم يكن من شيء آثر عندي من رضي ربي. اللهم، إني لا أقول هذا تزكية مني لنفسي، أنت أعلم بي، ولكني أقوله تعزية لأمي لتسلو به عني، فقالت له أمه: إني لأرجو أن يكون عزائي فيك حسناً إن تقدمتني وإن تقدمتك وفي نفسي حوجاء حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمرك. قال: جزاك الله يا أمه خيراً، فلا تدعي الدعاء لي بعد قتلي. قالت: لا أدعه، لست بتاركة ذلك أبداً. فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق. وخرج. وقالت أمه: اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل، وذلك النحيب، والظمأ في هواجر المدينة، ومكة، وبره بأبيه وبي. اللهم إني سلمت فيه لأمرك، ورضيت فيه بما قضيت، فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين الشاكرين.
قال عبد الله مولى أسماء: لما قتل عبد الله خرجت إليه أمه حتى وقفت عليه وهي على دابة، فأقبل الحجاج في أصحابه فسأل عنها فأخبر بها، فأقبل حتى وقف عليها فقال: كيف رأيت، نصر الله الحق وأظهره؟ قالت: ربما أديل الباطل على الحق. وإنك بين فرثها والجية. قال: إن ابنك
ألحد في هذا البيت وقال الله: " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم " وقد أذاقه الله ذلك العذاب الأليم، قطع السبيل. قالت: كذبت، كان أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة وسر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحنكه بيده، فكبر المسلمون يومئذ حتى ارتجت المدينة فرحاً به، وقد فرحت أنت وأصحابك بمقتله، فمن كان فرح به يومئذ خير منك ومن أصحابك وكان مع ذلك براً بالوالدين، صواماً، قواماً بكتاب الله عز وجل، معظماً لحرم الله، يبغض أن يعصى الله، أشهد على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسمعته يقول: سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما أشر من الأول، وهو مبير وهو أنت، فانكسر الحجاج، وانصرف. وبلغ ذلك عبد الملك فكتب إليه يلومه في مخاطبته أسماء. وقال: مالك ولابنة الرجل الصالح؟! قال أبو عون: كان عبد الله بن الزبير، قد قشم جلده على عظمه. كان يصوم الدهر فإذا أفطر أفطر على لبن الإبل. وكان يمكث الخمس والست لا يذهب لحاجته، وكان يشرب المسك. وكان بين عينيه سجدة مثل مبرك البعير. فلما قتله الحجاج صلبه على الثنية التي بالحجون يقال لها كذا؛ فأرسلت أسماء إليه: قاتلك الله علام تصلبه؟ فقال: إني استبقت أنا وابنك إلى هذه الخشبة فكانت اللنحه به. فأرسلت إليه تستأذنه في أن تكفنه فأبى وكتب إلى عبد الملك يخبره بما صنع، فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع ويقول: ألا خليت أمه فوارته، فأذن لها الحجاج فوارته بالمقبرة بالحجون.
وحدث رياح بن مسلم عن أبيه قال: لقد رأيتهم مرة ربطوا هرة ميتة إلى جنبه، فكان ريح المسك يغلب على ريحها.
وتوفيت أمه بعده بأشهر بالمدينة.
ولما مات معاوية تثاقل عبد الله بن الزبير عن طاعة يزيد، وأظهر شتمه فبلغ يزيد،
فأقسم لا يؤتى به إلا مغلولاً وإلا أرسل إليه، فقيل لابن الزبير: ألا نصنع لك أغلالاً من فضة تلبس عليها الثوب وتبر قسمه، فالصلح أجمل بك. قال: فلا أبر والله قسمه ثم قال:
ولا ألين لغير الحق أسأله ... حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
ثم قال: والله لضربة بسيف في عز أحب إلي من ضربة بسوط في ذل، ثم دعا إلى نفسه وأظهر الخلاف ليزيد بن معاوية، فوجه إليه يزيد مسلم بن عقبة المري في جيش أهل الشام، وأمره بقتال أهل المدينة، فإذا فرغ سار إلى مكة. فدخل مسلم المدينة، وهرب منه يومئذ بقايا أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبث فيها، وأسرف في القتل، ثم خرج. فلما كان في بعض الطريق مات. واستخلف حصين بن نمير الكندي فقال له: يا بن بردعة الحمار احذر خدائع قريش ولا تعاملهم إلا بالثقاف ثم القطاف، فمضى حصين إلى مكة فقاتل بها ابن الزبير أياماً، وضرب ابن الزبير فسطاطاً في المسجد فكان فيه نساء يسقين الجرحى ويداوينهم، ويطعمن الجائع، ويكتمن إليهن المجروح فقال حصين: ما يزال يخرج علينا من ذلك الفسطاط أسد كأنما يخرج من عرينه فمن يكفينيه؟ فقال رجل من أهل الشام: أنا، فلما جن الليل وضع رمحه ثم ضرب فرسه فطعن الفسطاط فالتهب ناراً والكعبة يومئذ مؤزرة بالطنافس. وفي أعلاها الحبرة، فطارت الريح باللهب على الكعبة حتى احترقت، واحترق فيها يومئذ قرنا الكبش الذي فدى به إسحاق.
قال: وبلغ حصين موت يزيد بن معاوية فهرب حصين. فلما مات يزيد دعا مروان بن الحكم إلى نفسه فأجابه أهل حمص وأهل الأردن وفلسطين، فوجه إليه ابن الزبير الضحاك بن قيس الفهري في مئة ألف فالتقوا بمرج راهط، ومروان يومئذ في خمسة آلاف من بني أمية ومواليهم وأتباعهم من أهل الشام، فقال مروان لمولى له يقال له كرة: احمل على هؤلاء؟ لكثرتهم. قال: هم بين مكره ومستأجر. احمل عليهم لا أم لك، فيكفيك الطعان الماضغ الجندل، هم يكفونك أنفسهم،
إنما هم عبيد الدينار والدرهم، فحمل عليهم فهزمهم، وقتل الضحاك بن قيس، وانصدع الجيش. ففي ذلك يقول زفر بن الحارث:
لعمري لقد أبقيت وقيعة راهط ... لمروان صدعاً بيناً متنائياً
أبيني سلاحي لا أبا لك إنني ... أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا
وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
وفيه يقول أيضاً:
أفي الحق أما بحل وابن بحدل ... فيحيا وأما ابن الزبير فيقتل
كذبتم وبيت الله لا تقتلونه ... ولما يكن يوم أغر محجل
ولما يكن للمشرفية فيكم ... شعاع كنور الشمس حين ترجل
ثم مات مروان، فدعا عبد الملك إلى نفسه، وقام فأجابه أهل الشام فخطب على المنبر وقال: من لابن الزبير منكم؟ فقال الحجاج: أنا أمير المؤمنين، فأسكته ثم عاد فأسكته فقال: أنا أمير المؤمنين، فإني رأيت في النوم أني انتزعت جبته فلبستها، فعقد له في الجيش إلى مكة حتى ورودها على ابن الزبير فقاتله بها، فقال ابن الزبير لأهل مكة: احفظوا هذين الجبلين، فإنكم لن تزالوا بخير أعزة ما لم يظهروا عليهما. قال: فلم يلبثوا أن ظهر الحجاج ومن معه على أبي قبيس ونصب عليه المنجنيق، فكان يرمي به ابن الزبير ومن معه في المسجد. فلما كان في الغداة التي قتل فيها ابن الزبير دخل ابن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر وهي يومئذ بنت مئة سنة لم تسقط لها سن ولم يفسد لها بصر، فقالت له: يا عبد الله، ما فعلت في حربك؟ قال: بلغوا مكان كذا وكذا، قال: وضحك ابن الزبير، فقال: إن في الموت راحة. فقالت: يا بني لعلك تتمناه لي، ما أحب أن أموت حتى آتي على أحد طرفيك. إما أن تملك فتقر بذلك عيني، وإما أن تقتل فأحتسبك، ثم ودعها فقالت له: يا بني، إياك أن تعطي خصلة من دينك مخافة القتل، وخرج عنها،
فدخل المسجد وقد جعل بيضة على الحجر الأسود يتقي أن يصيبه المنجيق، وأتى ابن الزبير آتٍ وهو جالس عند الحجر فقال له: ألا نفتح لك الكعبة فتصعد فيها؟ فنظر إليه عبد الله ثم قال: من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه يعني: من أجله. وهل للكعبة حرمة ليست لهذا المكان، والله لو وجدوكم متعلقين بأستار الكعبة لقتلوكم، فقيل له: ألا تكلمهم في الصلح؟ فقال: أو حين صلح هذا؟ والله لو وجدوكم في جوفها لذبحوكم جميعاً ثم قال:
ولست بمبتاع الحياة بسبةٍ ... ولا مرتقٍ من خشية الموت سلما
أنافس سهماً إنه غير بارحٍ ... ملاقي المنايا أي صرف تيمما
ثم أقبل على آل الزبير يعظهم ويقول: ليكن أحدكم سيفه كما يكن وجهه، لا ينكسر سيفه فيدفع عن نفسه بيده كأنه امرأة، والله ما لقيت زحفاً قط إلا في الرعيل الأول، وما ألمت جرحاً قط إلا أن يكون ألم الدواء. قال: فبينا هم كذلك إذ دخل عليهم نفر باب بني جمح فيهم أسود. فقال: من هؤلاء؟ قيل: أهل حمص، فحمل عليهم ومعه من شيبان، فأول من لقيه الأسود فضربه بسيفه حتى أطن رجله فقال له الأسود: أخ، يا بن الزانية، فقال له ابن الزبير: اخس يا بن حام. أسماء زانية؟! ثم أخرجهم من المسجد وانصرف. فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني سهم فقال: من هؤلاء؟ فقيل: أهل الأردن، فحمل عليهم وهو يقول:
لا عهد لي بغارة مثل السيل ... لا ينجلي غبارها حتى الليل
قال: فأخرجهم من المسجد. فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني مخزوم، فحمل عليهم وهو يقول:
لو كان قرني واحداً كفتيه
قال: وعلى ظهر المسجد من أعوانه من يرمي عدوه بالآجر وغيره، فحمل عليهم فأصابته آجرة في مفرقه حتى فلقت رأسه فوقف قائماً وهو يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما
قال: ثم وقع فأكب عليه موليان له وهما يقولان:
العبد يحمي ربه ويحتمي
ثم سيروا إليه فحزوا رأسه.
قالوا: وحصر ابن ليلة هلال ذي العقدة سنة اثنتين وسبعين، ستة أشهر وسبع عشرة ليلة، وقتل يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وقدم على ابن الزبير حبشان من أرض الحبشة يرمون بالمزاريق فقدمهم لأهل الشام، فجعلوا يرمون بمزاريقهم فلا يقع لهم مزراق إلا في إنسان، فقتلوا من أهل الشام قتلى كثيرة، ثم حمل عليهم أهل الشام حملة واحدة فانكشفوا، وكان مع ابن الزبير قوم من أهل مصر فقاتلوا معه قتالاً شديداً، وكانوا خوارج حتى ذكروا عثمان فتبرؤوا منه فبلغ ابن الزبير فناكرهم وقال: ما بيني وبين الناس إلا باب عثمان فانصرفوا عنه، ونصب الحجاج المنجنيق يرمي بها أحث الرمي، وألح عليهم بالقتال من كل وجه، وحبس عنهم الميرة، وحصرهم أشد الحصار حتى جهد أصحاب ابن الزبير وأصابتهم مجاعة شديدة.
وحشر الحجاج أهل الشام يوماً وخطبهم وأمرهم بالطاعة، وأن يرى أثرهم اليوم فإن الأمر قد اقترب، فأقبلوا ولهم زجل وفرح. وسمعت ذلك أسماء بنت أبي بكر الصديق أم عبد الله بن الزبير فقالت لعبد الله مولاها: اذهب فانظر ما فعل الناس، إن هذا اليوم يوم عصيب، اللهم امض ابني على بينة، فذهب عبد الله ثم رجع فقال: رأيت أهل الشام قد
أخذوا بأبواب المسجد، وهم من الأبواب إلى الحجون، فخرج أمير المؤمنين يخطر بسيفه وهو يقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
فدفعهم دفعة تراكبوا منها فوقعوا على وجوههم، وأكثر فيهم القتل ثم رجع إلى موضعه. قالت: من رأيت معه؟ قال: معه أهل بيته ونفر قليل. قالت أمه: خذلوه وأحبوا الحياة، ولم ينظروا لدينهم ولا لأحسابهم. ثم قامت تصلي وتدعو وتقول: اللهم، إن عبد الله بن الزبير كان معظماً لحرمتك، كريه إليه أن تعصى، وقد جاهد فيك أعداءك، وبذل مهجة نفسه رجاء ثوابك، اللهم، فلا تخيبه، اللهم، ارحم ذلك السجود والنحيب والظمأ في تلك الهواجر. اللهم، لا أقوله تزكية، ولكن الذي أعلم وأنت أعلم به، اللهم، وكان براً بالوالدين. قال: ثم جاء عبد الله بن الزبير فدخل على أمه وعليه الدرع والمغفر فدخل عليها فسلم ثم دنا فتناول يدها فقبلها وودعها، فقالت: هذا وداع، فلا تبعد إلا من النار. قال ابن الزبير: نعم جئت مودعاً لك، إني لأرى هذا آخر يوم من الدنيا يمر بي، واعلمي يا أمه أني إن قتلت فإنما أنا لحم لا يضرني ما صنع بي قالت: صدقت فامض على بصيرتك، ولا تمكن ابن أبي عقيل منك، فادن مني أودعك، فدنا منها فعانقها فمست الدرع فقالت: ما هذا صنيع من يريد ما تريد فقال: ما لبست الدرع إلا لأشد منك قالت: فإنه لا يشد مني بل يخالفني، فنزعها ثم أدرج كمه وشد أسفل قميصه وجبة خز تحت القميص، وأدخل أسفلها في المنطقة وأمه تقول: البس ثيابك مشمرة. قال: بلى هي على عهدك. قالت: ثبتك الله، فانصرف من عندها وهو يقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
ففهمت قوله فقالت: تصبر والله إن شاء الله تعالى أليس أبوك الزبير؟ قال: ثم لاقاهم فحمل عليهم حملة هزمهم حتى أوقفهم خارجاً من الباب، ثم حمل عليه أهل حمص فحمل عليهم فمثل ذلك.
قالت ريطة بنت عبد الله: كنت عند أسماء إذ جاء ابنها عبد الله فقال: إن هذا الرجل قد نزل بنا، وهو رجل من ثقيف يسمى الحجاج، في أربعين ألفاً من أهل الشام، وقد نالنا نبلهم ونشابهم وقد أرسل إلي يخيرني بين ثلاث: بين أن أهرب في الأرض فأذهب حيث شئت، وبين أن أضع يدي في يده فيبعث بي إلى الشام موقراً حديداً، وبين أن أقاتل حتى أقتل. قالت: أي بني عش كريماً ومت كريماً، فإني سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن من ثقيف مبيراً وكذاباً. قالت: فذهب فاستند إلى الكعبة حتى قتل.
وجاء عمارة بن عمرو بن حزم فقال: لو ركبت رواحلك فنزلت برمل الحرك. فقال ابن الزبير: فما فعلت القتلى بالحرم؟! والله، لئن كنت أوردتهم ثم فررت عنهم لبئس الشيخ أنا في الإسلام.
قال نافع مولى بني أسد: لما كان ليلة الثلاثاء قال الحجاج لأصحابه: والله إني لأخاف أن يهرب ابن الزبير، فإن هرب فما عذرنا عند خليفتنا؟ فبلغ ابن الزبير قوله فتضاحك وقال: إنه ظن بي ظنه بنفسه، إنه فرار في الموطن وأبوه قبله.
ولما ارتجز ابن الزبير قوله:
لو كان قرني واحداً كفيته
قال ابن صفوان: إي والله. وألف.
وقيل: إنه لما أصابته الآخرة أصابته في قفاه، فوقذته، فارتعش ساعة ثم وقع لوجهه، ثم انتهض فلم يقدر على القيام، وابتدره الناس، وشد عليه رجل من أهل الشام وقد ارتعش ابن الزبير فهو متوكئ على مرفقه الأيسر، فضرب الرجل فقطع رجليه
بالسيف، وجعل يضربه وما يقدر ينهض حتى كثروه، ودففوا عليه، ولقد كان يقاتل وإنه لمطروح يخدم بالسيف كل من دنا منه، فصاحت امرأة من الدار.
وفي حديث آخر بمعناه: وصاحت مولاة له مجنونة: وا أمير المؤمنيناه وقد رأته حيث هوى، فأشارت لهم إليه فقيل: وإن عليه ثياب خز، وجاء الخبر الحجاج فسجد وسار حتى وقف عليه هو وطارق بن عمرو فقال طارق: ما ولدت النساء أذكر من هذا، فقال الحجاج: تمدح من خالف أمير المؤمنين! قال طارق: نعم هو أعذر لنا، ولولا هذا ما كان لنا عذر، إنا محاصروه، وهو في غير خندق ولا حصن ولا منعة منذ سبعة أشهر ينتصف منا بل بفضل علينا في كل ما التقينا، فبلغ كلامهما عبد الملك بن مروان فصوب طارقاً.
ولما قتل الحجاج عبد الله بن الزبير وهو متعلق بأستار الكعبة ثم شق بطنه ثم قال: املؤوا بطن عبد الله حجارة..الحديث.
وعن ابن سيرين قال: قال عبد الله بن الزبير: ما شيء يحدثنا به كعب إلا قد أتى علي ماقال، إلا قوله: فإن ثقيف تقتلني، وهذا رأسه بين يدي، يعني: المختار. قال ابن سيرين: ولا يشعر أن أبا محمد قد خبئ له، يعني: الحجاج.
وعن مجاهد قال: قال ابن عمر لغلامه: لا تمر على ابن الزبير، فغفل الغلام فمر به فرفع رأسه فرآه فقال: رحمك الله، ما علمتك إلا صواماً قواماً وصولاً للرحم، أما والله إني لأرجو مع مساوئ ما قد علمت من الذنوب ألا يعذبك الله. قال مجاهد: ثم التفت إلي فقال: حدثني أبو بكر الصديق أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا.
وفي حديث أخر أنه قال: رحمك الله، أبا خبيب إن كنت، وكنت، ولقد سمعت أباك الزبير بن العوام
يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا أو في الآخرة. فإن يك هذا بذاك فهه فهه. مرتين.
وقيل إنه قال له: لقد أفلحت قريش إن كنت شر أهلها.
وقيل إنه قال له: يرحمك الله فوالله إن قوماً كنت أخسهم لقوم صدق.
قال أبو العالية:
إنه رأى ابن عمر واقفاً يستغفر لابن الزبير وهو مصلوباً فقال: إن كنت والله ما عملت صواماً قواماً تحب الله ورسوله، فانطلق رجل إلى الحجاج فقال: هذا ابن عمر واقف يستغفر لابن الزبير، فقال لرجل من أهل الشام: قم فائتني به فقام الشامي طويلاً فقال: أصلح الله الأمير، تأذن لي أن أتكلم؟ فقال: تكلم. فقال: إنما أعين الناس كافة إلى هذا الرجل، فإن أنت قتلته خشيت أن تكون فتنة لا تطفأ فقال: اجلس وأرسل إليه مكانه بعشرة آلاف، فقال: أرسل بهذه الأمير لتستعين بها فقبلها. ثم سكت عنه، فأرسل إليه إنا قد أنفقنا منها طائفة وعندنا طائفة، نجمعها لك أحد اليومين ثم نبعث بها. فأرسل إليه: استنفع بها فلا حاجة لنا فيها.
حدث أبو المحياة عن أبيه قال: دخلت مكة بعدما قتل ابن الزبير بثلاثة أيام وهو مصلوب، فجاءته أمه، عجوز طويلة مكفوفة البصر، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ قال: فقال الحجاج: المنافق. قالت: لا والله، ما كان منافقاً، إن كان لصواماً، براً. قال: انصرفي فإنك عجوز قد خرفت. قالت: لا والله، ما خرفت منذ سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يخرج من ثقيف كذاب ومبير، فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت المبير. قال: فقلت لأبي المحياة: أما الكذاب رأيناه أليس يعني المختار؟ قال: لا أراه إلا إياه.
ورأى عبد الله بن عمرو بن العاص عبد الله بن الزبير مصلوباً فقال: طوبى لأمة أنت
شرها. ورآه أبو عبد الله بن عمر فقال: ويل لابن الزبير ولمروان ما أهريق في سببهما من الدم.
قال عامر بن عبد الله بن الزبير: مات أبي فما سألت الله حولاً إلا العفو عنه.
كان أبان بن عثمان حين ولي المدينة في خلافة عبد الملك بن مروان أراد نقض ما كان عبد الله قضى به، فكتب أبان عثمان في ذلك إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك: إنا لم ننقم على ابن الزبير ما كان يقضي به، ولكن نقمنا عليه ما كان أراد من الإمارة. فإذا جاءك كتابي هذا فأمض ما كان قضى به ابن الزبير، ولا ترده فإن نقضنا القضاء عناء معن.
وانتشرت بيعة عبد الله بن الزبير في الحجاز واليمن والعراق والمشرق وعامة بلاد الشام والمغرب وفرق عماله في الأمصار، وسير بني أمية من المدينة إلى الشام، وفيهم يومئذ مروان بن الحكم، فقدموا الشام، ونزل مروان الجابية، واجتمع إليه من كان هناك من بني أمية وشيعتهم، فبايعوه بالخلافة.
قال نافع مولى ابن عمر: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة عشر سنين، ثم توفي. فكان أبو بكر سنتين وسبعة أشهر وكان عمر عشر سنين وخمسة أشهر، وكان عثمان ثلاث عشرة سنة، فكانت خلافة علي وفتنة معاوية خمس سنين، ثم ولي معاوية عشرين سنة إلا شهراً ثم هلك، وكان يزيد بن معاوية أربع سنين إلا شهراً، ثم هلك، فقام ابن الزبير فكانت فتنة ابن الزبير تسع سنين ثم قتل على رأس ثلاث وسبعين إلا شهرين.
ثم استقام الناس لعبد الملك بن مروان.
وقال الحجاج بن يوسف: من يعذرني من ابن الزبير، ابن ثلاث وسبعين ينقز في الجبل تقزان الظبي؟
وروي أن أسماء بنة أبي بكر غسلت عبد الله بن الزبير بعدما تقطعت أوصاله، وجاء الإذن في ذلك من عبد الملك بن مروان عند إباء الحجاج أن يأذن لها، وحنطته، وكفنته، وصلت عليه، وجعلت فيه شيئاً حين رأته يتفسخ إذا مسته. قال مصعب بن عبد الله: حملته أسماء فدفنته بالمدينة في دار صفية بنت حيي، ثم زيدت دار صفية في المسجد، فابن الزبير مدفون في المسجد مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر.
قال مالك بن دينار: كانوا يسمعون كل ليلة زمن قتل ابن الزبير قائلاً يقول:
لبيك على الإسلام من كان باكياً ... فقد أوشكو هلكي وما قدم العهد
وأدبرت الدنيا وأدبر خيرها ... وقد ملكها من كان يوقن بالوعد
فينتظرون فلا يجدون أحداً.
وقالت الشعراء فيه عدة مراثٍ، رحمة الله عليه.
قال عبد الأعلى ابن أخت المقعد: بلغني أن رجلاً من التابعين بإحسان، ورأى كأن القيامة قد قامت، فدعي عبد الله بن الزبير فأمر به إلى النار فجعل ينادي. فأين صلاتي وصومي؟ فنودي أن دعوه لصلاته وصومه. والله أعلم.
ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو بكر ويقال أبو خبيب الأسدي.
وأول مولود ولد في الإسلام بالمدينة من قريش. له صحبة، حضر وقعة اليرموك مع أبيه، وشهد خطبة عمر بالجابية، وقدم دمشق لغزو القسطنطينية أيام معاوية، وبويع بالخلافة بعد موت يزيد بن معاوية بمكة، وغلب على الحجاز والعراقين واليمن ومصر وأكثر الشام، ثم قتله الحجاج بن يوسف وصلبه في أيام عبد الملك بن مروان.
قال ثابت البناني: سمعت عبد الله بن الزبير وهو على المنبر يخطب ويقول: قال محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة.
قال سعيد بن جبير: كنت جالساً عند عبد الله بن عتبة بن مسعود، وكان ابن الزبير جعله على قضاء الكوفة إذ جاءه كتاب ابن الزبير: سلام عليك أما بعد. فإنك كتبت تسألني عن الجد، وإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لو كنت متخذاً من هذه الأمة خليلاً من دون ربي لاتخذت ابن أبي قحافة، ولكنه أخي في الدين وصاحبي في الغار، وجعل الجد أباً، فأحق من أخذنا به قول أبي بكر رضي الله عنه.
قال عبد الله بن الزبير: خطبنا عمر بالجابية فقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام فينا كمقامي هذا فيكم فقال: أكرموا أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل ولم يستشهد، وحتى يحلف ولم يستحلف، فمن أحب أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد. ولا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن.
قال الزبير بن بكار: فولد الزبير بن العوام: عبد الله وبه كان يكنى الزبير، والمنذر، وعروة، وغيرهم. ثم قال: وأمهم أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين ولد عبد الله بن الزبير في شوال سنة اثنتين من الهجرة.
قال الواقدي: توفي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الله ابن ثماني سنين وأربعة أشهر.
وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وجده أبو بكر الصديق، وجدته صفية عمة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمته خديجة زوجة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخالته عائشة زوجة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أول مولود ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة فحنكه سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسماه عبد الله فكبر الصحابة والمسلمون لمولده استكثاراً، وقتل بمكة سنة ثلاث وسبعين فكبر فجرة أهل الشام لقتله استكباراً. بايع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثمان سنين، كان صواماً، قواماً، بالحق قوالاً، وللرحم وصالاً، شديد على الفجرة، ذليلاً للأتقياء البررة، وكانت له جمة مفروقة طويلة.
وحملت به أمه وهي متم، فولدت بقباء وحملته إلى سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه بتمرة، فكان أول ما دخل في جوفه ريق سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعا له وبارك عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم ترضعه أمه حتى أتت به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذه فوضعه في حجره وحنكه. ولد بعد الهجرة بعشرين شهراً. قتل بمكة وصلب بها، وحمل رأسه إلى المدينة وبعث إلى خراسان فدفن بها.
ولما ولد عبد الله بن الزبير بقباء، وكانت يهود حين قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: أخذوهم حتى لا يكون لهم نسل. فلما ولد عبد الله بن الزبير كبر الناس. وكان أول مولود ولد في الإسلام.
وحنكه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعا له وأسماه عبد الله قال: قد أسميته بجبريل، ثم جاء وهو ابن سبع سنين أو ثمان ليبايع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمره بذلك الزبير فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رآه
ثم بايعه. ولما قتل كبر أهل الشام فقال عبد الله بن عمر بن الخطاب - وسمع تكبير أهل الشام - الذين كبروا على مولده خير من الذين كبروا على قتله.
قال زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب: لما دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة قالت يهود: قد سحرنا محمداً وأصحابه فليس يولد لهم بأرضنا. قال: فكان أول مولود عبد الله بن الزبير. قال زيد: فسمعت أن اليهود لما علموا أن الله تبارك وتعالى قد أبطل كيدهم حولوا فكتبوا طباً فجعلوا ما يضر ينفع، وما ينفع يضر.
ولما حمل إلى سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحنكه أمر أن يؤذن في أذنيه بالصلاة، فأذن أبو بكر في أذنيه.
وقال أبو إسحاق: إن أبا بكر طاف بابن الزبير في خرقة وهو صبي مولود، وفي ذلك خلاف. والصحيح أن عبد الله بن الزبير ولد بالمدينة بعد الهجرة لا خلاف فيه، ومكة يومئذ دار حرب لم يدخلها سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أحد من المسلمين. وزعموا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نظر في وجهه قال: أهو هو ليمنعن البيت أو ليموتن دونه. وقال العقيلي في ذلك:
بر تبين ما قال الرسول له ... من الصلاة لضاحي وجهه علم
حمامة من حمام البيت قاطنة ... لا تتبع الناس إن جاروا وإن ظلموا
هو أول مولود ولد بالمدينة، وأتاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي من المدينة اليوم الذي ولد فيه، وكانت أسماء مع أبيها بالسنح ببلحارث بن الخزرج.
قال الزبير: والصحيح أن عبد الله بن الزبير ولد بقباء، والبيت الذي ولد فيه قائم معروف، ولاد ابن الزبير فيه وإنما كان نزول أبي بكر الصديق بالسنح حين تزوج مليكة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير، ولم يتزوجها إلا بعد مولد عبد الله بن الزبير.
وكان عبد الله يقول: هاجرت بي أمي في بطنها فما أصابها من مخمصة أو نصب إلا وقد أصابني. وكان عارضا ابن الزبير خفيفين، فما اتصلت لحيته حتى بلغ ستين سنة.
وعن محمد بن كعب القرظي: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على أسماء بنت أبي بكر الصديق حين ولد عبد الله بن الزبير فقال: أهو هو؟ فتركت أسماء رضاع عبد الله بن الزبير لما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول هو هو. فقيل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن أسماء تركت رضاع عبد الله بن الزبير لما سمعتك تقول: أهو هو، فقال: أرضعيه ولو بماء عينيك. كبش بين ذئاب، ذئاب عليها ثياب، ليمنعن الحرم أو ليقتلن به.
كان الزبير يقبل ابنه عبد الله وهو صغير يقول:
أبيض من آل أبي عتيق ... أحبه كما أحب ريقي
وعن عروة: أن عبد الله بن الزبير وجعفر بن الزبير بايعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهما ابنا سبع سنين، فلما رآهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبسم وبسط يده فبايعهما.
وعن عبد الله بن عروة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلم في غلمة ترعرعوا منهم عبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، وعمر بن أبي سلمة، فقيل: يا رسول الله، لو بايعتهم فتصيبهم بركتك ويكون لهم ذكر، فأتي بهم إليه فكأنهم تكعكعوا حين جيء بهم إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاقتحم ابن الزبير أولهم فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: إنه ابن أبيه، وبايعوه.
وعن عبد الله بن الزبير: أنه أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يحتجم. فلما فرغ قال: يا عبد الله، اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد. فلما برز عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمد إلى الدم فشربه. فلما رجع قال: يا عبد الله، ما صنعت؟ قال: جعلته في أخفى مكان علمت أنه بخاف عن الناس. قال: لعلك شربته! قال: نعم. قال: ولم شربت الدم! ويل للناس منك، وويل لك من الناس. قال: فكانوا يرون أن القوة التي به من ذلك الدم.
وفي حديث: من قوة دم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث بمعناه قال: إني أحببت أن يكون من دم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جوفي فقال: ويل لك من الناس، وويل للناس منك، لا تمسك النار إلا قسم اليمين.
وعن محمد بن حاطب أنه قال - وذكر ابن الزبير فقال: طالما حرص على الإمارة قلت: وما ذاك؟ قال: أتي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلص فأمر بقتله، فقيل: إنه سرق، قال: اقطعوه، ثم جيء بعد ذلك إلى أبي بكر وقد سرق وقد قطعت قوائمه، فقال أبو بكر: ما أجد لك شيئاً إلا قضى فيك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أمر بقتلك، فإنه كان أعلم بك، فأمر بقتله أغيلمة من أبناء المهاجرين أنا فيهم. قال ابن الزبير: أمروني عليكم، فأمرناه علينا فانطلقنا به إلى البقيع، فقتلناه.
وعن محمد بن الضحاك: أن عبد الملك بن مروان قال لرأس الجالوت - أو لابن رأس الجالوت - ما عندكم من الفراسة في الصبيان؟ قال: ما عندنا فيهم شيء لأنهم يخلقون خلقاً بعد خلق، غير أنا نرمقهم فإن سمعنا منهم من يقول في لعبه: من يكون معي؟ رأيناها همة وخبر صدق فيه. وإن سمعناه يقول: مع من أكون؟ كرهناها منه. فكان أول ما علم من أمر ابن الزبير أنه كان ذات يوم يلعب مع الصبيان وهو صبي فمر رجل فصاح عليهم، ففروا، ومشى ابن الزبير القهقري وقال: يا صبيان، اجعلوني أميركم، وشدوا بنا عليه.
ومر به عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو صبي يلعب مع الصبيان، ففروا، ووقف، فقال له: مالك لم تفر مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لم أجرم فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك.
كان نوف يقول: إني لأجد في كتاب الله المنزل أن ابن الزبير فارس الخلفاء.
وعن محمد بن أبي يعقوب الضبي: أن معاوية بن أبي سفيان كان يلقى ابن الزبير فيقول: مرحباً يا بن عمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن حواري رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويأمر له بمئة ألف.
قال ابن أبي مليكة: ذكر ابن الزبير عند ابن عباس فقال: قارئاً لكتاب الله، عفيفاً في الإسلام، أبوه الزبير، وأمه أسماء، وجده أبو بكر، وعمته خديجة، وخالته عائشة، وجدته صفية، والله لأحاسبن له نفسي محاسبة لم أحاسبها لأبي بكر ولا عمر.
وفي حديث ابن عباس قال: لما بلغ الناس عبد الله بن الزبير قلت: أين المذهب عن ابن الزبير؟ أبوه حواري رسولالله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجدته عمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صفية بنت عبد المطلب، وعمته خديجة بنت خويلد زوج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخالته أم المؤمنين عائشة، وجده صديق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، وأمه ذات النطاقين، فشددت على عضده ثم آثر علي الحميدات والتويتات والأسامات فبأوت بنفسي ولم أرض بالهوان. إن ابن أبي العاص مشى اليقدمية - ويقال القدمية - وإن ابن الزبير مشى القهقرى.
وفي حديث آخر: إن ابن الزبير لوى ذنبه ثم قال لعلي بن عبد الله بن العباس: الحق بابن عمك فغثك خير من سمين غيرك، ومنك أنفك وإن كان أجدع، فلحق علي بعبد الملك بنمروانفكان آثر الناس عنده.
قوله مشى اليقدمية بهمته وأفعاله، وابن الزبير مشى القهقرى: أي نكص على عقبيه، وتأخر عما تقدم له الآخر. وقوله: فبأوت بنفسي أي رفعتها وعظمتها، والبأو: التعظيم. وقوله: آثر علي الحميدات والتوتيات والأسامات أراد: آثر
قوماً من بني أسد ابن عبد العزى من قرابته. وكأنه صغرهم وحقرهم.
قال محمد بن المرتفع: سمعت ابن الزبير يقول: يا معشر الحاج، سلوني، فعلينا كان التنزيل، ونحن حضرنا التأويل، فقال له رجل من أهل العراق: دخلت في جرابي فأرة، أيحل لي قتلها وأنا محرم؟ قال: اقتل الفويسقة. قال: أخبرنا بالشفع والوتر والليالي العشر قال: العشر: الثمان، وعرفة، والنحر، والشفع: من تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه. وهو اليوم.
وكان عبد الله بن الزبير من العلماء العباد المجتهدين، وما كان أحد أعلم بالمناسك منه، وأوصت إليه عائشة أم المؤمنين.
وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مصلياً أحسن صلاة من ابن الزبير.
وقال مجاهد: كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود. وحدث أن أبا بكر رضي الله عنه كان كذلك.
وقال يحيى بن وثاب: وكان ابن الزبير إذا سجد وقعت العصافير على ظهره، تصعد وتنزل، لا تراه إلا جذم حائط.
وقال وهب بن كيسان: أول من وصف رجليه في الصلاة عبد الله بن الزبير فاقتدى به كثير من العباد. وكان مجتهداً.
قال مسلم المكي: ركع ابن الزبير يوماً ركعة فقرأت البقرة وآل عمران والنساء والمائدة، وما رفع رأسه.
ويروي أنه قسم الدهر على ثلاث ليالٍ: فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح.
قال ابن المنكدر: لو رأيت ابن الزبير يصلي كأنه غصن شجرة تصفقها الريح والمنجنيق يقع هاهنا وهاهنا. قال سفيان: كأنه لا يبالي.
قال عمر بن عبد العزيز لابن مليكة: صف لنا عبد الله بن الزبير، فإنه ترمرم على أصحابنا فتغشمروا عليه فقال: عن أي حاليه تسأل، أعن دينه أو عن دنياه؟ قال: عن كل. قال: والله ما رأيت جلداً قط ركب على لحم، ولا لحماً على عصب، ولا عصباً على عظم مثل جلده على لحمه، ولا مثل لحمه على عصبه، ولا مثل عصبه على عظمه، ولا رأيت نفساً ركبت بين جنبين مثل نفس له ركبت بين جنبيه. ولقد قام يوماً إلى الصلاة فمر حجر من حجارة المنجنيق بلبنه مطبوخة من شرافات المسجد فمرت بين لحيته وصدره، فوالله ما خشع لها بصره ولا قطع لها قراءته، ولا ركع دون الركوع الذي كان يركع. إن ابن الزبير كان إذا دخل في الصلاة خرج من كل شيء إليها، ولقد كان يركع فتكاد تقع الرخم على ظهره، ويسجد فكأنه ثوب مطروح.
وعن منصور بن زاذان قال: أخبرني من رأى ابن الزبير يشرب في صلاته، وكان ابن الزبير من المصلين.
وحدث عمر بن قيس عن أمه قالت: دخلت على عبد الله بن الزبير ببيته فإذا هو قائم يصلي. قالت: فسقطت حية من السقف على ابنه هاشم، فتطوقت على بطنه وهو قائم، فصاح أهل البيت: الحية ولم يزالوا بها، حتى قتلوها، وعبد الله بن الزبير يصلي ما التفت. ولا عجل، ثم فرغ بعدما قتلت فقال: ما بالكم؟ قال: فقالت أم هاشم: يرحمك الله، أرأيت إن كنا هنا عليك أيهون عليك ابنك؟ قالت: فقال: ويحك! وما كانت التفاتة لو التفتها مبقية من صلاتي؟
وولاء عمر بن قيس لأم هاشم بنت منظور بن زيان، أم هاشم ابن عبد الله بن الزبير.
وكان عبد الله بن الزبير قوام الليل، صوام النهار، وكان يسمى حمام المسجد.
وكان عبد الله بن الزبير يواصل الصيام سبعاً، يصوم يوم الجمعة ولا يفطر إلا ليلة الجمعة الأخرى، ويصوم بالمدينة ولا يفطر إلا بمكة، وكان عند إفطاره يدعو بقعب من سمن، ثم يأمر بلبن فيحلب عليه، ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه ثم يشربه. فأما اللبن فيعصمه، وأما السمن فيقطع عنه العطش، وأما الصبر فيفتح أمعاءه.
قال خالد بن أبي عمران: كان ابن الزبير لا يفطر من الشهر إلا ثلاثة أيام. قال: ومكث أربعين سنة لم ينزع ثوبه عن ظهره.
وقال هشام بن حسان: كان عبد الله بن الزبير يصوم عشرة أيام لا يفطر فيها. قال: فكان إذا دخل رمضان أكل أكلة في نصف الشهر.
وقال عمار بن أبي عمار: كان عبد الله بن أبي الزبير يواصل سبعة أيام فإذا كان ليلة السابعة دعا بإناء من سمن فشربه، ثم أتى بثريدة في صحفة عليها عرقان، ويؤتى الناس بالجفان فتوضع بين أيديهم، فيقول: أيها الناس، هذا خالص مالي، وهذا من بيت مالكم.
قال مجاهد: ما كان باب من العبادة يعجز عنه الناس إلا تكلفه عبد الله بن الزبير. ولقد جاء سيل طبق البيت فجعل ابن الزبير يطوف سباحة.
قال عثمان بن طلحة: كان عبد الله بن الزبير لا ينازع في ثلاثة: شجاعة، ولا عبادة، ولا بلاغة.
قال عبد الواحد بن أيمن: رأيت على ابن الزبير رداءً عدنياً يصلي فيه، وكان صيتاً، إذا خطب تجاوب
الجبلان: أبو قبيس، وزرزرز، وكانت له جمة إلى العنق، وكانت له لحية صفراء.
قال أبو سفيان الحميري: تكلم عبد الله بن الزبير والزبير يسمع، فقال له: أي بني، ما زلت تكلم بكلام أبي بكر رضي الله عنه حتى ظننت أن أبا بكر قائم، فانظر إلى من تزوج فإن المرأة من أخيها، من أبيها.
وعن مصعب بن عبد الله قال:
غزا عبد الله بن الزبير إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري، قال عبد الله: هجم علينا جرجير في معسكرنا في عشرين ومئة ألف، فأحاطوا بنا من كل مكان، وسقط في أيدي المسلمين، ونحن في عشرين ألفاً من المسلمين. واختلف الناس على ابن أبي سرح، فدخل فسطاطاً له فخلا فيه، ورأيت غرة من جرجير، بصرت به خلف عساكره على برذون أشهب، معه جاريتان تظلان عليه بريش الطواويس، بينه وبين جنده أرض بيضاء ليس فيها أحد، فخرجت أطلب ابن أبي سرح فقيل: قد خلا في فسطاطه، فأتيت حاجبه فأبى أن يأذن لي عليه فدرت من كسر الفسطاط فدخلت عليه، فوجدته مستلقياً على ظهره. فلما دخلت فزع واستوى جالساً، فقلت: إيه إيه " كل أزب نفور " فقال: ما أدخلك علي يا بن الزبير؟ قلت: رأيت عورة من العدو فاخرج فاندب لي الناس، قال: وما هي؟ قال: فأخبرته، فخرج معي مسرعاً؟، فقال: يا أيها الناس، انتدبوا مع ابن الزبير، فاخترت ثلاثين فارساً وقلت لسائرهم: البثوا على مصافكم، وحملت في الوجه الذي رأيت فيه جرجير، وقلت لأصحابي: احموا لي ظهري، فوالله ما نشبت أن خرقت الصف إليه، فخرجت صامداً له، وما يحتسب هو ولا أصحابه إلا أني رسول إليه حتى دنوت منه فعرف الشر، فثنى بردونه مولياً، وأدركته فطعنته، فسقط وسقطت الجاريتان عليه، وأهويت إليه مبادراً فدفقت عليه بالسيف وأصبت يد إحدى الجاريتين فقطعتها، ثم احترزت رأسه فنصبته في رمحي وكبرت، وحمل المسلمون في الوجه
الآخر الذي كنت فيه، وارفض العدو في كل وجه، ومنح الله المسلمين أكتافهم.
فلما أراد ابن أبي سرح أن يوجه بشيراً إلى عثمان قال: أنت أولى من هاهنا بذلك، فانطلق إلى أمير المؤمنين فأخبره الخبر، فقدمت على عثمان فأخبرته بفتح الله ونصره وصنعه، ووصفت له أمرنا كيف كان. فلما فرغت من ذلك قال: هل تستطيع أن تؤدي هذا إلى الناس؟ قال: وما يمنعني من ذلك؟ قال: فاخرج إلى الناس فأخبرهم، فخرجت حتى جئت المنبر، فاستقبلت الناس فتلقاني وجه أبي الزبير بن العوام فدخلتني له هيبة فعرفها في وجهي وقبض قبضة من حصى وجمع وجهه في وجهه وهم أن يحصبني فاعتزمت فتكلمت.
فزعموا أن الزبير لما فرغ من كلامه قال: والله لكأني سمعت كلام أبي بكر الصديق. من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى أبيها أو أخيها فإنها تأتيه بأحدهما.
وبشر عبد الله بن الزبير مقدمه من افريقية بابنة خبيب بن عبد الله، وعروة بن الزبير. وكان خبيب أكبر من عروة، وكان عبد الله يكنى أبا بكر، ويكنى أبا خبيب بابنه خبيب بن عبد الله.
خرج ابن الزبير في ليلة مقمرة على راحلة فنزل يبول، فالتفت فإذا على الراحلة شيخ أبيض الرأس واللحية. قال: فشد عليه فتنحى، فركب راحلته ومضى. قال: فناداه: والله يا بن الزبير لو دخل قلبك مني الليلة شعرة لخبلتك. قال: ومنك أنت يا لعين يدخل قلبي شيء؟! قال عامر بن عبد الله بن الزبير: أقبل عبد الله بن الزبير من العمرة في ركب من قريش فيهم عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي ورهط من قريش، حتى إذا كانوا بالكديد قال ابن الزبير: رأيت رجلاً تحت التناضب - يعني: شجراً - فقال ابن الزبير: ألا أتقدم أبغيكم لبناً؟ قالوا: بلى، فأقبل
ابن الزبير حتى أتاه قال: فسلمت عليه. قال: وعليك السلام. قال: ابن الزبير: والله ما رأيتني أتيت أحداً إلا رأيت له مني هيبة غيره. فلما دنوت منه وهو في ظل قد كاد يذهب ولم يتحرك فضربته برجلي وقلت: انقبض إليك، إنك لشحيح بظلك، فانحاز متكارهاً فجلست وأخذت بيده وقلت: من أنت؟ قال: ر جل من أهل الأرض من الجن قال: فوالله ما عدا أن قالها، فقامت كل شعرة مني واجتذبته بيدي فقلت: إنك من أهل الأرض وتبدى لي هكذا؟ واجتذبته فإذا ليس له سفلة فانكسر فقلت: إلي تبدى وأنت من أهل الأرض؛ وانقمع مني فذهب، فجاءني أصحابي. قالوا: أين صاحبك؟ قلت: كان والله رجلاً من الجن فذهب. قال: ما بقي رجل ممن رآه إلا ضرب به الأرض ساقطاً. فأخذت كل رجل منهم فشددته على بعيره بين شعبتي رحله حتى أتيت بهم أمج، وما يعقلون.
قال ابن الزبير:
دخلت المسجد ذات ليلة فإذا نسوة يطفن بالبيت فأعجبنني. فلما قضين طوافهن خرجن مما يلي باب الحذائين فقلت: لأتبعهن حتى أعرف مواضعهن. فما زلن يمشين حتى أتين العقبة ثم صعدن العقبة وصعدت خلفهن، ثم هبطن وهبطت خلفهن حتى أتين فجاً، فدخلن في خربة فدخلت في إثرهن، فإذا مشيخة جلوس، فقالوا: ما جاء بك يا بن الزبير؟ فقلت لهم: ومن أنتم؟ قالوا: نحن الجن. قلت: إني رأيت نسوة يطفن بالبيت فأعجبنني، فاتبعتهن حتى دخلت هذا الموضع. قالوا: إن أولئك نساؤنا، تشه يا بن الزبير ما شئت، قلت: أشتهي رطباً، وما بمكة يومئذ من رطبة، فأتوني برطب فأكلت ثم قالوا لي: احمل ما بقي معك. قال: فحملته ورجعت، وأنا أريد أن أريه أهل مكة حتى دخلت منزلي، فوضعته في سفط، ثم وضعت السفط في صندوق، ثم وضعت رأسي، فوالله إني لبين النائم واليقظان إذ سمعت جلبةً في البيت. فقال بعضهم لبعض: أين وضعه؟ فقال بعضهم: في الصندوق. فقال بعضهم لبعض: افتحوا الصندوق. قال: ففتحوه. فقال بعضهم لبعض: أين هو؟ فقال بعضهم: في السفط. قال: افتحوا السفط فقالوا:
لا نستطيع أن نفتحه، إنه قد ذكر عليه اسم الله عز وجل. قال: فاحملوه كما هو. قال: فحملوه فذهبوا به.
قال ابن الزبير: لم آسف على شيء أسفي كيف لم أثب عليهم وهم في البيت.
قال وهب بن كيسان: ما رأيت ابن الزبير معطياً رجلاً كلمة قط لرغبة ولا لرهبة سلطان ولا غيره.
ولما قتل عمر محى الزبير نفسه من الديوان. فلما قتل عثمان محا ابن الزبير نفسه من الديوان.
وعن الزبير أنه قال على منبر مكة: والله لقد استخلفني أمير المؤمنين عثمان على الدار، فلقد كنت أنا الذي أقاتل بهم، ولقد كنت أخرج في الكتيبة وأباشر القتال بنفسي، فخرجت بضعة عشر جرحاً. وإني لأضع اليوم يدي على بعض تلك الجراحات التي جرحت مع عثمان، فأرجو أن تكون خير أعمالي.
قال هشام بن عروة: أخذ عبد الله بن الزبير من وسط القتلى يوم الجمل، وبه بضع وأربعون طعنة وضربة.
وقال عبد الله بن عبيد بن عمير: أعطت عائشة للذي بشرها أن ابن الزبير لم يقتل عشرة آلاف درهم.
قال أبو حبيبة مولى الزبير: أتانا ابن عباس بالبصرة في يوم شديد الحر. فلما رآه الزبير قال: مرحباً يا بن لبابة، أزائراً أم سفيراً؟ قال: كل ذلك أرسلني إليك ابن خالك، فقال لك: ما عدا مما بدا؟ عرفتني بالمدينة وأنكرتني بالبصرة؟! قال: فجعل الزبير ينقر بالمروحة في الأرض ثم رفع رأسه إليه فقال: نرفع لكم المصاحف غداً. فما أحلت حللنا وما حرمت حرمنا.
فانصرفت فناداني ابن الزبير وهو في جانب البيت: يا بن عباس، علي، أقبل، قال ابن عباس: فأقبلت عليه وأنا أكره كلامه، فقال: بيننا دم خليفة، وعهد خليفة، وانفراد واحد واجتماع ثلاثة، وأم مبرورة، ومشاورة العامة.
قال: يعني الثلاثة: الزبير، وطلحة، وسعد، أقام بالمدينة، وعهد الخليفة: عمر بن الخطاب. قال: إذا اجتمعوا وتشاورا تبع الأقل الأكثر، ودم الخليفة: عثمان بن عفان.
قال عروة بن الزبير: لم يكن أحد أحب إلى عائشة بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعد أبي بكر من عبد الله بن الزبير.
وعن عروة قال: ما سمعت أمي: عائشة وأسماء تدعوان لأحد من الخلق دعاءهما لعبد الله بن الزبير.
قال هشام بن عروة: كان عبد الله بن الزبير يعتد بمكرمات لا يعتد بها أحد من الناس: أوصت له عائشة بحجرتها، واشترى حجرة سودة.
قال عبد الله بن عروة: أقحمت السنة نابغة بني جعدة فدخل على ابن الزبير المسجد الحرام فأنشده:
حكيت لنا الصديق لما وليتنا ... وعثمان والفاروق فارتاح معدم
وسويت بين الناس في الحق فاستوى ... فعاد صباحاً حالك اللون أسحم
أتاك أبو ليلى يجوب به الدجى ... دجى الليل جواب الفلاة عثمثم
لتجبر منه جانباً ذعذعت به ... صروف الليالي والزمان المصمم
فقال له ابن الزبير: هون عليك أبا ليلى، فإن الشعر أهون وسائلك عندنا. أما صفوة أموالنا فلآل الزبير، وأما عفوته فإن بني أسد تشغلها عنك، ولكن لك في مال الله حقان: حق برؤيتك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحق لشركتك أهل الإسلام في فيئهم، ثم أدخله دار النعم فأعطاه قلائص تسعاً، وجملاً رحيلاً، وأوقر له الركاب براً وتمراً وثياباً، فجعل النابغة يستعجل ويأكل الحب صرفاً. فقال ابن الزبير: ويح أبي ليلى! لقد بلغ به الجهد. فقال النابغة: أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ما وليت قريش فعدلت واسترحمت فرحمت، ووعدت خيراً فأنجزت، فأنا والنبيون فراط لقاصفين.
وزاد في رواية: وحدثت فصدقت.
قالت عائشة بنت طلحة: خرجت مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: فبينا نحن كذلك إذا نحن براجز يقول:
أنشد من كان بعيد الهم ... يدلني اليوم على ابن أم
له أب في باذخٍ أشم ... وأمه كالبدر ليل تم
مقابل الخال كريم العم ... يجيرني من زمن ملم
جرعة أكؤسه بسم
قالت: فلما سمعت أم المؤمنين أبياته دعت به فقالت من وراء حجابها:
يا عبد الله، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الدال على الخير كفاعله، فحاجتك رجل بين يديك، فسل عن عبد الله بن الزبير فإنه شرطك، فخرج الرجل حتى أدرك عبد الله بن الزبير، فحمله على راحلة وصنع إليه معروفاً.
قال أبو إسحاق التيمي: سمع معاوية رجلاً وهو يقول:
ابن رقاش ماجد سميدع ... يأتي فيعطي عن يدٍ أو يمنع
فقال: ذاك عبد الله بن الزبير.
وفي رواية: ذاك منا. ذاك عبد الله بن الزبير.
دخل عبد الله بن الزبير على معاوية، وعنده جماعة فيهم مروان وسعيد بن العاص، فأوسع له معاوية على سريره. فلما انصرف عبد الله بن الزبير أقبل مروان على معاوية فقال له: لله درك من رئيس قبيلة يضع الكبير ولا يدني إلا صغيراً فقال معاوية:
نفس عصام سودت عصاماً
فضحك مروان وقال: يا أمير المؤمنين، إنما كلمتك مازحاً، فقال معاوية: ترسلها شقراء غبراء ثم تتبعها ضحكة يا مروان؟! قال عبد الله بن محمد بن حبيب: لما حج معاوية لقيه عبد الله بن الزبير فقال: آدني على الوليد بن عتبة. فقد تزايد
خطله، وذهب به جهله إلى غاية يقصر عنها الأنوق، ودون قرارها العيوق، فقال معاوية: والله ما يزال أحدكم يأتيني، يغلي جوفه كغلي المرجل على ابن عمه، فقال ابن الزبير: أم والله ما ذلك عن فرار منه ولا جبن عنه، ولقد علمت قريش أني لست بالفهه الكهام، ولا بالهلباجة النثر. فقال له معاوية: إنك لتهددني وقد عجزت عن غلام من قريش لم يبر في سباق، ولم يضرب في سياق. إن شئت خلينا بينك وبينه. فقال ابن الزبير: ما مثلي يهارش به، ولكن عندك من قريش والأنصار، ومن ساكن الحجون في الآطام من إن سألته حملك على محجة أبين من ظهر الجفير. قال: ومن ذلك؟ قال: هذا، يعني: أبا الجهم بن حذيفة، فقال معاوية: تكلم يا أبا الجهم. فقال أعفني، قال: عزمت عليك لتقولن، قال: نعم؛ أمك هند وأمه أسماء بنت أبي بكر، وأسماء خير من هند. وأبوك أبو سفيان وأبوه الزبير، ومعاذ الله أن يكون مثل الزبير. وأما الدنيا فلك؛ وأما الآخرة فله إن شاء الله.
قوله: آدني على الوليد. معناه: أعدني. وفلان استأدى على فلان أفصح من استعدى، وهما سواء.
أذن معاوية للناس يوماً فدخلوا عليه، فاحتفل المجلس وهو على سريره، فأجال بصره فيهم، ثم قال: أنشدوني لقدماء العرب ثلاثة أبيات جامعة من أجمع ما قالتها، ثم قال: يا أبا خبيب، فقال: مهيم. قال: أنشدني ثلاثة أبيات لقدماء العرب جامعة من أجمع ما قالتها. قال: نعم يا أمير المؤمنين، بثلاث مئة ألف. قال معاوية: إن ساوت. قال: أنت بالخيار وأنت واف كاف. قال: نعم. فأنشده للأفوه الأودي:
بلوت الناس قرناً بعد قرنٍ ... فلم أر غير ختال وقال
فقال: صدق.
ولم أر في الخطوب أشد وقعاً ... وكيداً من معاداة الرجال
فقال: صدق.
وذقت مرارة الأشياء طراً ... فما شيء أمر من السؤال
فقال: صدق. هيه يا أبا خبيب. قال: إلى هاهنا انتهى بي. قال: فدعا معاوية بثلاثين عبداً، على عنق كل واح منهم بدرة، فمروا بين يدي ابن الزبير حتى انتهوا إلى داره.
حج معاوية فتلقاه الناس ولم يتلقه ابن الزبير، وبعث مولى له فقال: اذهب فانظر ما يقولك لك معاوية، فأتاه: فلما رآه معاوية قال: أين ابن الزبير؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنه كان وكان، يعذره. قال: لا والله، ولكن ما في نفسه. فلما كان بمنى مر به ابن الزبير وقد حلق معاوية رأسه، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أكبر جحرة رأسك. قال: اتق، لا تخرج عليك حية من بعض هذه الجحرة فتقتلك. فلما أفاض من منى لم يدخل عليه. فلما أراد معاوية أن يطوف قام إليه ابن الزبير فأخذ بيده فطاف معه حتى فرغ من طوافه فقال له: يا أمير المؤمنين إني أريد أن تنطلق معي، فتنظر إلى بنائي فانطلق معه إلى قعيقعان، فنظر إلى بنائه ودوره ففعل ماذا؟ لا والله لا أدعك حتى تعطيني مئة ألغ، فأعطاه. فجاءه مروان فقال: والله ما رأيت مثلك، جاءك رجل قد سمى بيت مال الديوان وبيت الخلافة وبيت كذا وبيت كذا فأعطيته مئة ألف! قال: ويلك فكيف أصنع بابن الزبير؟ قال هشام بن عروة: سأل عبد الله بن الزبير معاوية شيئاً فمنعه فقال: والله ما أجهل أن ألزم هذه
البنية فلا أشتم لك عرضاً، ولا أقصب لك حبساً، ولكني أسدل عمامتي من بين يدي ذراعاً، ومن خلفي ذراعاً في طريق أهل الشام، وأذكر سيرة أبي بكر وعمر، فيقول الناس من هذا؟ فيقولون: ابن حواري رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن الصديق. فقال معاوية: حسبك بهذا شراً. ثم قال: هات حوائجك.
حدث هشام بن عروة: أن مروان بن الحكم نازع ابن الزبير، فكان هوى معاوية مع مروان، فقال ابن الزبير: يا أمير المؤمنين، إن لك حقاً وطاعة، فأطع الله نطعك، فإنه لا طاعة لك علينا إلا في حق الله عز وجل، ولا تطرق إطراق الأفعوان في أصول السخبر فإنه أقر صامت.
قال سعيد بن يزيد: دخل عبد الله بن الزبير على معاوية وعنده ابن له، فأمره فلطم ابن الزبير لطمة دوخ منها رأسه، فلما أفاق قال له: ادن مني فدنا منه فقال له: الطم معاوية، قال: لا أفعل. قال: ولم؟ قال: لأنه أبي. قال: فرفع عبد الله يده فلطمه لطمة دار الصبي على البساط كما تدور الدوامة، فقال له معاوية: تفعل هذا بغلام لم تجب عليه الأحكام؟! قال: رأيته قد عرف ما ينفعه مما يضره، فأحببت أن أحسن أدبه.
قال عبد الله بن أبي بكر: قدم معاوية المدينة فأقام بها، فأكثر الناس، وعرضوا له يسألونه، فقال يوماً لبعض غلمانه: أسرج لي بغلتي إذا قامت صلاة العصر، فأسرج له البغلة. فلما صلى العصر جلس عليها، ثم توجه قبل الشام وصيح في الأثقال والناس، وتبع معاوية من تبعه، ويدركه ابن الزبير في أولمن أدركه فسار إلى جنبه ليلاً وهو نائم، ففزع له فقال: من هذا؟ فقال: ابن الزبير، أما إني لو شئت أن أقتلك لقتلتك. قال: لست هناك، لست من قتال الملوك، إنما " يصيد كل طائر قدره " فقال ابن الزبير: أما والله لقد سرت تحت لواء أبي إلى ابن أبي طالب، وهو من تعلم. فقال: لا جرم والله، لقد قتلكم بشماله.
فقال: أما إن ذلك في نصرة عثمان، ثم لم نجز بها قال: والله ما كان بك نصرة عثمان، ولولا بغض علي بن أبي طالب لجررت برجلي عثمان مع الضبع، قال: لقد فعلتها، إنا قد أعطيناك عهداً، فنحن وافون لك به ما عشت، فإذا مت فسيعلم من بعدك. فقال: والله ما أخافك إلا على نفسك، ولكأني بك قد خبطت في الحبالة، واستحكمت عليك الأنشوطة فذكرتني وأنت فيها فقلت: ليت أبا عبد الرحمن لها، ليتني والله لها، أما والله لحللتك رويداً، ولأطلقتك سريعاً، ولبئس الولي أنت تلك الساعة.
وفي حديث مختصر بمعناه: إنما يصيد كل طير على قدره، إنما أنت يا بن الزبير ثعلب رواغ، تدخل من جحر وتخرج من جحر، والله لكأني بك قد ربقت كما يربق الجدي، فيا ليتني لك حياً فأخلطك، وبئس المخلص كنت.
قالوا: ولم يدع ابن الزبير بالخلافة حتى هلك يزيد.
ولما هلك معاوية وفي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فلما أتاه موته بعث إلى مروان بن الحكم وناس من بني أمية فأعلمهم الذي أتاه، فقال مروان: ابعث الساعة إلى الحسين وابن الزبير فإن بايعا وإلا فاضرب أعناقهما، وقد هلك عبد الرحمن بن أبي بكر قبل ذلك، فأتاه ابن الزبير فنعى له معاوية فترحم له وجزاه خيراً، وقال له: بايع، قال: ما هذه ساعة مبايعة ولا مثلي بايعك هاهنا، ولكن تصبح فترقى المنبر وأبايعك ويبايعك الناس علانية غير سر، فوثب مروان فقال: اضرب عنقه فإنه صاحب فتنة وشر. فقال: إنك لها هنا يا بن الزرقاء واستبا فقال الوليد: أخرجوهما عني، وكان رجلاً رفيقاً سرياً كريماً، فأخرجا عنه، فجاء الحسين بن علي على تلك الحال فلم يكلم في شيء حتى رجعا جميعاً، ورجع مروان فقال: والله، لا تراه بعد مقامك إلا حيث يسوءك، فأرسل
العيون في أثره، فلم يزد حين دخل منزله على أن دعا بوضوء ثم صف بين قدميه فلم يزل يصلي، وأمر حمزة ابنه أن يقدم راحلته إلى ذي الحليفة على بريد من المدينة مما يلي الفرع، وكان له بذي الحليفة مال عظيم. فلم يزل صافاً قدميه حتى كان من آخر الليل، وتراجعت عنه العيون جلس على دابته فركضها حتى انتهى إلى ذي الحليفة فجلس على راحلته ثم توجه مكة. وخرج الحسين من ليلته فالتقيا بمكة فقال له ابن الزبي: ما يمنعك من شيعتك وشيعة أبيك؟ فوالله لو أن لي مثلهم ما وجهت إلا إليهم؟ وبعث يزيد وعمرو بن سعيد أميراً على المدينة وعزل الوليد بن عتبة تخوفاً لضعف الوليد، فرقي عمرو المنبر حين دخل، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ابن الزبير وما صنع وقال: تعزز بمكة، فوالله لتغزون، ثم والله لئن دخل الكعبة لنحرقنها عليه، على رغم أنف من رغم.
وحدث جماعة قالوا: جاء نعي معاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن عباس يومئذ غائب بمكة. فلما صدر الناس من الحج سنة ستين وتكلم عبد الله بن الزبير وأظهر الدعاء، خرج ابن عباس إلى الطائف. فلما كانت وقعة الحرة وجاء الخبر ابن الزبير كان بمكة يومئذ عبد الله بن عباس وابن الحنفية. ولما جاء الخبر بنعي يزيد بن معاوية وذلك لهلال ربيع الآخر سنة أربع وستين قام ابن الزبير فدعا إلى نفسه وبايعه الناس، دعا ابن عباس وابن الحنفية إلى البيعة فأبيا أن يبايعا وقالا: حتى تجتمع لك البلاد ويأتسق لك الناس، وما عندنا خلاف. فأقاما على ذلك ما أقاما، فمرة يكاشرهما ومرة يباديهما فكان هذا من أمره، حتى إذا كانت سنة ست وستين غلظ عليهما ودعاهما إلى البيعة فأبيا، ووقع بينهم شر.
ولم يزل الأمر يغلظ حتى خافا منه خوفاً شديداً ومعهما الذرية، فبعثا رسولاً إلى العراق يخبر بما هما فيه، فخرج إليهما أربعة آلاف، فيهم ثلاثة رؤساء:
عطية بن سعيد، وابن هانئ، وأبو عبد الله الجدلي، فخرجوا من الكوفة، فبعث والي الكوفة في أثرهم خمس مئة ليردوهم، فأدركوهم بواقصة، فامتنعوا منهم، فانصرفوا راجعين، فمروا وقد أخفوا السلاح حتى انتهوا إلى مكة لا يعرض لهم أحد، وإنهم ليمرون على مسالح ابن الزبير ما يعرض لهم أحد، فدخلوا المسجد فسمع بهم ابن الزبير حين دخلوا فدخل منزله، وكان قد ضيق على ابن عباس وابن الحنفية، وأحضر الحطب يجعله على أبوابها يحرقهما أو يبايعان. فهم على تلك الحال حتى جاء هؤلاء العراقيون فمنعوهما حتى خرجا إلى الطائف، وخرجوا معهم وهم أربعة آلاف، وكانوا هناك حتى توفي عبد الله بن عباس فحضروا موته بالطائف ثم لزموا ابن الحنفية فكانوا معه في الشعب، وامتنعوا من ابن الزبير. وكان يقال لعبد الله بن الزبير: عائذ بيت الله.
قالت أم هاشم زجلة بنت منظور ابن زبان الفزارية للحجاج حين خطبها وردته:
أبعد عائذ بيت الله تخطبني ... جهلاً جهلت وغب الجهل مذموم
فاذهب إليك فإني غير ناكحةٍ ... بعد ابن أسماء ما استن الدياميم
وقال عمرو بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:
فإن ينج منها عائذ البيت سالماً ... فما نالنا منكم وإن شفنا جلل
وزعموا أن الذي دعا عبد الله بن الزبير إلى التعوذ بالبيت شيء سمعه من أبيه حين سار من مكة إلى البصرة، قال: التفت الزبير إلى الكعبة بعدما ودع، وتوجه يريد الركوب، ثم أقبل على ابنه عبد الله بن الزبير ثم قال: أما والله ما رأيت مثلها لطالب رغبة، أو خائف رهبة، وكان سبب تعوذ الزبير بها موت معاوية.
وقيل إن الحسين وابن الزبير خرجا جميعاً وسلكا طريق الفرع حتى مروا بالجثجاثة وبها جعفر بن الزبير قد ازدرعها وغمز عليهم بعير من إبلهم فانتهوا إلى جعفر. فلما رآهم قال: أمات معاوية؟ قال له ابن الزبير: نعم. انطلق معنا وأعطنا أحد جمليك، وكان ينضح على جملين له فقال جعفر متمثلاً:
إخوتا لابتعدوا أبداً ... وبلى والله قد بعدوا
فقال ابن الزبير - وتطير منها - بفيك التراب، فخرجوا جميعاً حتى قدموا مكة. فأما الحسين فخرج من مكة يوم التروية.
قالوا: ولما خرج حسين بن علي إلى العراق لزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري، وجعل يحرض الناس على بني أمية. وبلغ يزيد ذلك فوجد عليه، فقال ابن الزبير: أنا على السمع والطاعة لا أبدل ولا أغير، ومشى إلى يحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية الجمحي وهو والي مكة ليزيد بن معاوية فبايعه له على الخلافة. فكتب بذلك يحيى إلى يزيد فقال: لا أقبل هذا منه حتى يؤتى به وثاق، في جامعةٍ فقال ابنه معاوية بن زيد: يا أمير المؤمنين، ادفع الشر عنك ما اندفع، فإن ابن الزبي رجل لحز لجوج، ولا يطيع بهذا أبداً، وإن تكفر عن يمينك، وتلهى منه، حتى تنظر ما يصير إليه أمره أفضل، فغضب يزيد وقال: إن في ذلك لعجباً. قال: فادع عبد الله بن جعفر فسله عما أقول وتقول، فدعا عبد الله بن جعفر فذكر له قولهما، فقال عبد الله: أصاب أبو ليلى، ووفق فأبى يزيد أن يقبل ذلك وعزل الوليد بن عتبة عن المدينة، وولاها عمرو بن سعيد بن العاصي، وأرسل إليه: أن أمير المؤمنين يقسم بالله لا يقبل من ابن الزبير شيئاً حتى يؤتى به في
جامعة. فعرضوا ذلك على ابن الزبير فأبى، فبعث يزيد بن معاوية الحصين بن نمير وعبد الله بن عضاه الأشعري بجامعة إلى ابن الزبير يقسم له بالله لا يقبل منه إلا أن يؤتى به فيها، فمر بالمدينة فبعث إليه مروان معهما عبد العزيز بن مروان يكلمه في ذلك ويهون عليه الأمر فقدموا عليه مكة فأبلغوه يمين يزيد بن معاوية ورسالته، وقال له عبد العزيز بن مروان: إن أبي أرسلني إليك عنايةً بأمرك، وحفظاً لحرمتك، فأبر يمين أمير المؤمنين فإنما يجعل عليك جامعة فضة أو ذهب وتلبس عليه برنساً فلا تبدو إلا أن يسمع صوتها، فكتب ابن الزبير إلى مروان يجزيه خيراً ويقول: قد عرفت عنايتك ورأيك، فأما هذا فإني لا أفعله أبداً، فليكفر يزيد عن يمينه أو يدع، وقال ابن الزبير: اللهم إني عائذ ببيتك الحرام وقد عرضت عليهم السمع والطاعة، فأبوا إلا أن يخلوا بي، ويستحلوا مني ما حرمت. فمن يومئذ سمي العائذ. وأقام بمكة لا يعرض لأحد ولا يعرض له أحد. فكتب يزيد بن معاوية إلى عمر بن سعيد أن يوجه إليه جنداً فسأل عمرو: من أعدى الناس لعبد الله بن الزبير؟ فقيل: أخوه عمرو بن الزبير. فذكر قصةً توجيهه إلى ابن الزبير وسيأتي ذلك في ترجمة عمرو بن الزبير.
وعزل يزيد بن معاوية عمرو بن سعيد عن المدينة، وولاها الوليد بن عتبة ثم عزله وولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان، فوثب عليه أهل المدينة وأخرجوه. وكانت وقعة الحرة، وكانت الخوارج قد أتته وأهل الأهواء كلهم وقالوا: عائذ بيت الله. وكان شعاره: لا حكم إلا لله. ولم يزل على ذلك بمكة. وحج بالناس عشر سنين أولها سنة اثنتين وستين وآخرها سنة اثنتين وسبعين.
ولما توفي يزيد بن معاوية ودعا ابن الزبير من يومئذ إلى نفسه، فبايع الناس له على الخلافة وسمي أمير المؤمنين، وترك الشعار الذي كان عليه، ودعاءه عائذ بيت الله، ولا حكم إلا لله. وولى العمال: فولى المدينة مصعب بن الزبير وبايع له الناس. وبعث الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة إلى البصرة فبايعوه. وبعث عبد الله بن مطيع إلى الكوفة فبايعوه. وبعث عبد الرحمن بن عتبة بن جحدم الفهري على مصر أميراً فبايعوه، وبعث واليه إلى اليمن فبايعوه. وبعث واليه إلى خراسانفبايعوه. وبعث الضحاك بن قيس الفهري إلى
الشام والياً فبايع له عامة أهل الشام، واستوسقت له البلاد كلها ما خلا طائفة من أهل الشام كان بها مروان بن الحكم وأهل بيته.
كتب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن الزبير: إني قد بعثت إليك سلسلة فضة وقيداً من ذهب، وجامعةً من فضة وحلفت لتأتيني في ذلك فألقى الكتاب وقال:
لا ألين لغير الحق أسأله ... حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
وعن هشام بن عروة قال: أول من كسا الكعبة الديباج عبد الله بن الزبير، وإن كان ليطيبها حتى يجد ريحها من دخل الحرم. وكانت كسوتها المسوح والأنطاع.
وحج ابن الزبير ثمان حجج ولاء: من سنة أربع وستين إلى سنة إحدى وسبعين. ثم حضر الموسم سنة اثنتين وسبعين، فحج ابن الزبير بالناس ولم يقفوا الموقف. وحج الحجاج بن يوسف بأهل الشام، ولم يطوفوا بالبيت. وقتل سنة ثلاث وسبعين.
ولما جرد المهدي الكعبة كان فيما نزع عنها كسوة من ديباج مكتوب عليه: لعبد الله أبي بكر أمير المؤمنين، وكان ابن الزبير يكنى أبا بكر، ويكنى أبا خبيب.
قال عمر بن قيس: كان لابن الزبير مئة غلام منهم بلغة أخرى. وكان ابن الزبير يكلم كل واحد منهم بلغته. وكنت إذا نظرت إليه في أمر دنياه قلت: هذا رجل لم يرد الله طرفة عين، وإذا نظرت إليه في أمر آخرته قلت: هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين.
قال أبو الضحى: رأيت على رأس ابن الزبير من المسك ما لو كان لي رأس مالي.
وعنه قال: رأيت في مفرق ابن الزبير عشية عرفة من الطيب ما لو كان لرجل كان رأس مال.
وعن طاوس قال: دخل ابن الزبير على امرأته بنت الحسن، فرأى ثلاثة مثل - يعني: أفرشة - في بيته فقال: هذا لي، وهذا لابنة الحسن، وهذا للشيطان، فأخرجوه.
وكان ابن عباس يكثر أن يعنف ابن الزبير بالبخل، فلقيه يوماً، فعيره، فقال له ابن الزبير: ما أكثر ما تعيرني يا بن عباس قال: إن أفعل فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن المؤمن لا يشبع وجاره وابن عمه جائع.
وفي رواية: ليس المؤمن الذي يبيت وجاره طاوٍ.
وفي رواية: ليس بالمؤمن الذي يبيت شبعان وجاره إلى جنبه جائع.
وعن عثمان بن عفان قال: قال له عبد الله بن الزبير حين حصر: إن عندي نجائب قد أعددتها لك فهل لك أن تحول إلى مكة فيأتيك من أراد أن يأتيك؟ قال: لا، إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبد الله. عليه مثل نصف أوزار الناس.
وعن سعيد قال: أتى عبد الله بن عمرو عبد الله بن الزبير فقال: يا بن الزبير، إياك والإلحاد في
حرم الله تبارك وتعالى، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إنه سيلحد فيه رجل من قريش لو توزن ذنوبه بذنوب الثقلين لرجحت، فانظر لا تكونه.
وفي رواية فقال: يا بن الزبير، إياك والإلحاد في حرم الله عز وجل، فإني أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يحلها ويحل به رجل من قريش لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها. قال: فانظر أن لا تكونه يا بن عمرو، فإنك قد قرأت الكتب وصحبت الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فإني أشهدك أن هذا وجهي إلى الشام مجاهداً.
وعن سلمان الفارسي قال: ليحرقن هذا البيت على يدي رجل من آل الزبير.
وعن منذر الثوري قال: قال ابن الحنفية: اللهم، إنك تعلم أني كنت أعلم مما علمتني أن ابن الزبير لا يخرج منها إلا قتيلاً يطاف برأسه في الأسواق.
وعن هشام بن عروة قال: كان أول ما أفصح به عمي عبد الله بن الزبير وهو صغير: السيف، فكان لا يضعه من فيه، فكان الزبير بن العوام إذا سمع ذلك منه يقول: أم والله ليكونن لك منه يوم ويوم وأيام.
وعن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر قال:
إني لفوق أبي قبيس حين المنجنيق على ابن الزبير، فنزلت، فنزلت صاعقة كأني أنظر إليها تدور كأنها خمار أحمر، قد حرقت أصحاب المنجنيق نحواً من خمسين رجلاً.
قال سفيان: كان ابن الزبير يشتد بالسيف وهو ابن ثلاث وسبعين كأنه غلام.
وكان ابن الزبير يقاتل الحجاج بمكة فقالت له امرأته: ألا أخرج فأقاتل معك؟ قال: لا. وكان الحجاج يقاتله وهو في المسجد الحرام، فجعل ابن الزبير يقول:
كتب القتل والقتال علينا ... وعلى المحصنات جر الذيول
قال هشام بن عروة: كان ابن الزبير يحمل عليهم حتى يخرجهم من الأبواب، يعني: أبواب مسجد الحرام وهو يقول:
لو كان قرني واحداً كفيته
ثم يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدم
قال هشام بن عروة: رأيت ابن الزبير يرمى بالمنجنيق فلا يلتفت، ولا يرعد صوته. قال: وربما مرت الشظية منه قريباً من نحره.
قال: ورأيت الحجر من المنجنيق يهوي حتى أقول: لقد كاد يأخذ لحية عبد الله بن الزبير. فقال له أبي: ابن أم والله، إن كاد ليأخذ لحيتك، فقال عبد الله: دعني يا بن أم، فوالله ما هي إلا هيت حتى كأن الإنسان لم يكن فقال أبي، وأقبل علينا بوجهه: ألا إني والله ما أخشى عليك إلا من تلك الهيت.
قال هشام بن عروة: سمعت عمي عبد الله بن الزبير يقول: والله، إن أبالي إذا وجدت ثلاث مئة يصبرون صبري لو أجلب علي أهل الأرض.
قال المنذر بن جهم الأسلمي: رأيت ابن الزبير يوم قتل وقد خذله من كان معه خذلاناً شديداً، وجعلوا يخرجون إلى الحجاج، وجعل الحجاج يصيح: أيها الناس، علام تقتلون أنفسكم؟ من خرج إلينا فهو آمن، لكم عهد الله وميثاقه، وفي حرم الله وأمنه، ورب هذه البنية لا أغدر بكم، ولا لنا حاجة في دمائكم. قال: فجعل الناس ينسلون حتى خرج إلى الحجاج من أصحاب ابن الزبير نحو من عشرة آلاف. فلقد رأيته وما معه.
قال إسحاق بن أبي إسحاق: أنا حاضر قتل ابن الزبير يوم قتل في المسجد الحرام: جعلت الجيوش تدخل من أبواب المسجد. فكلما دخل قوم من باب حمل عليهم وحده حتى يخرجهم. فبينا هو على تلك الحال إذ جاءت شرفة من شرفات المسجد فوقعت على رأسه فصرعته وهو يتمثل بهذه الأبيات: يقول:
أسماء يا أسماء لا تبكيني ... لم يبق إلا حسبي وديني
وصارم لانت به يميني
قال عباس بن سهل بن سعد: سمعت ابن الزبير يقول: ما أراني اليوم إلا مقتولاً، ولقد رأيت في الليلة هذه كأن السماء فرجت لي فدخلتها، فقد والله مللت الحياة وما فيها، ولقد قرأ في الصبح يومئذ متمكناً " ن والقلم " حرفاً حرفاً، وإن سيفه لمسلول إلى جنبه، وإنه ليتم الركوع والسجود كهيئة قبل ذلك.
وقال يوم قتل: والله لقد مللت الحياة، ولقد جاوزت سن أبي. هذه لي ثنتان وسبعون سنة، اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائي، وجاهدت فيك عدوك فأثبني ثواب المجاهدين. فقتل ذلك اليوم.
قال مخرمة بن سليمان الوالبي:
دخل عبد الله بن الزبير على أمه حين رأى من الناس ما رأى من خذلانهم إياه،
فقال: يا أمه، خذلني الناس حتى ولدي وأهلي فلم يبق معي إلا من ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطوني ما أردت من الدنيا فما رأيك؟ فقالت أمه: أنت والله يا بني أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق، وإليه تدعو فامض له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك فيلعب بك غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك، وأهلكت من قتل معك. قال: فدنا ابن الزبير فقبل رأسها فقال: هذا والله رأيي. والذي قمت به داعياً إلى يومي هذا، ما ركنت إلى الدنيا، ولا أحببت الحياة فيها، وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله، ولكني أحببت أعلم رأيك، فتزيديني قوة وبصيرة مع بصيرتي، فانظري يا أمه فإني مقتول من يومي هذا، لا يشتد جزعك علي، سلمي لأمر الله فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر، ولا عمل بفاحشة، ولم يجر في حكم، ولم يغدر في أمان، ولم يتعمد ظلم مسلم، ولا معاهد، ولم يبلغني عن عمالي فرضيته بل أنكرته، ولم يكن من شيء آثر عندي من رضي ربي. اللهم، إني لا أقول هذا تزكية مني لنفسي، أنت أعلم بي، ولكني أقوله تعزية لأمي لتسلو به عني، فقالت له أمه: إني لأرجو أن يكون عزائي فيك حسناً إن تقدمتني وإن تقدمتك وفي نفسي حوجاء حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمرك. قال: جزاك الله يا أمه خيراً، فلا تدعي الدعاء لي بعد قتلي. قالت: لا أدعه، لست بتاركة ذلك أبداً. فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق. وخرج. وقالت أمه: اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل، وذلك النحيب، والظمأ في هواجر المدينة، ومكة، وبره بأبيه وبي. اللهم إني سلمت فيه لأمرك، ورضيت فيه بما قضيت، فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين الشاكرين.
قال عبد الله مولى أسماء: لما قتل عبد الله خرجت إليه أمه حتى وقفت عليه وهي على دابة، فأقبل الحجاج في أصحابه فسأل عنها فأخبر بها، فأقبل حتى وقف عليها فقال: كيف رأيت، نصر الله الحق وأظهره؟ قالت: ربما أديل الباطل على الحق. وإنك بين فرثها والجية. قال: إن ابنك
ألحد في هذا البيت وقال الله: " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم " وقد أذاقه الله ذلك العذاب الأليم، قطع السبيل. قالت: كذبت، كان أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة وسر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحنكه بيده، فكبر المسلمون يومئذ حتى ارتجت المدينة فرحاً به، وقد فرحت أنت وأصحابك بمقتله، فمن كان فرح به يومئذ خير منك ومن أصحابك وكان مع ذلك براً بالوالدين، صواماً، قواماً بكتاب الله عز وجل، معظماً لحرم الله، يبغض أن يعصى الله، أشهد على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسمعته يقول: سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما أشر من الأول، وهو مبير وهو أنت، فانكسر الحجاج، وانصرف. وبلغ ذلك عبد الملك فكتب إليه يلومه في مخاطبته أسماء. وقال: مالك ولابنة الرجل الصالح؟! قال أبو عون: كان عبد الله بن الزبير، قد قشم جلده على عظمه. كان يصوم الدهر فإذا أفطر أفطر على لبن الإبل. وكان يمكث الخمس والست لا يذهب لحاجته، وكان يشرب المسك. وكان بين عينيه سجدة مثل مبرك البعير. فلما قتله الحجاج صلبه على الثنية التي بالحجون يقال لها كذا؛ فأرسلت أسماء إليه: قاتلك الله علام تصلبه؟ فقال: إني استبقت أنا وابنك إلى هذه الخشبة فكانت اللنحه به. فأرسلت إليه تستأذنه في أن تكفنه فأبى وكتب إلى عبد الملك يخبره بما صنع، فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع ويقول: ألا خليت أمه فوارته، فأذن لها الحجاج فوارته بالمقبرة بالحجون.
وحدث رياح بن مسلم عن أبيه قال: لقد رأيتهم مرة ربطوا هرة ميتة إلى جنبه، فكان ريح المسك يغلب على ريحها.
وتوفيت أمه بعده بأشهر بالمدينة.
ولما مات معاوية تثاقل عبد الله بن الزبير عن طاعة يزيد، وأظهر شتمه فبلغ يزيد،
فأقسم لا يؤتى به إلا مغلولاً وإلا أرسل إليه، فقيل لابن الزبير: ألا نصنع لك أغلالاً من فضة تلبس عليها الثوب وتبر قسمه، فالصلح أجمل بك. قال: فلا أبر والله قسمه ثم قال:
ولا ألين لغير الحق أسأله ... حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
ثم قال: والله لضربة بسيف في عز أحب إلي من ضربة بسوط في ذل، ثم دعا إلى نفسه وأظهر الخلاف ليزيد بن معاوية، فوجه إليه يزيد مسلم بن عقبة المري في جيش أهل الشام، وأمره بقتال أهل المدينة، فإذا فرغ سار إلى مكة. فدخل مسلم المدينة، وهرب منه يومئذ بقايا أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبث فيها، وأسرف في القتل، ثم خرج. فلما كان في بعض الطريق مات. واستخلف حصين بن نمير الكندي فقال له: يا بن بردعة الحمار احذر خدائع قريش ولا تعاملهم إلا بالثقاف ثم القطاف، فمضى حصين إلى مكة فقاتل بها ابن الزبير أياماً، وضرب ابن الزبير فسطاطاً في المسجد فكان فيه نساء يسقين الجرحى ويداوينهم، ويطعمن الجائع، ويكتمن إليهن المجروح فقال حصين: ما يزال يخرج علينا من ذلك الفسطاط أسد كأنما يخرج من عرينه فمن يكفينيه؟ فقال رجل من أهل الشام: أنا، فلما جن الليل وضع رمحه ثم ضرب فرسه فطعن الفسطاط فالتهب ناراً والكعبة يومئذ مؤزرة بالطنافس. وفي أعلاها الحبرة، فطارت الريح باللهب على الكعبة حتى احترقت، واحترق فيها يومئذ قرنا الكبش الذي فدى به إسحاق.
قال: وبلغ حصين موت يزيد بن معاوية فهرب حصين. فلما مات يزيد دعا مروان بن الحكم إلى نفسه فأجابه أهل حمص وأهل الأردن وفلسطين، فوجه إليه ابن الزبير الضحاك بن قيس الفهري في مئة ألف فالتقوا بمرج راهط، ومروان يومئذ في خمسة آلاف من بني أمية ومواليهم وأتباعهم من أهل الشام، فقال مروان لمولى له يقال له كرة: احمل على هؤلاء؟ لكثرتهم. قال: هم بين مكره ومستأجر. احمل عليهم لا أم لك، فيكفيك الطعان الماضغ الجندل، هم يكفونك أنفسهم،
إنما هم عبيد الدينار والدرهم، فحمل عليهم فهزمهم، وقتل الضحاك بن قيس، وانصدع الجيش. ففي ذلك يقول زفر بن الحارث:
لعمري لقد أبقيت وقيعة راهط ... لمروان صدعاً بيناً متنائياً
أبيني سلاحي لا أبا لك إنني ... أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا
وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
وفيه يقول أيضاً:
أفي الحق أما بحل وابن بحدل ... فيحيا وأما ابن الزبير فيقتل
كذبتم وبيت الله لا تقتلونه ... ولما يكن يوم أغر محجل
ولما يكن للمشرفية فيكم ... شعاع كنور الشمس حين ترجل
ثم مات مروان، فدعا عبد الملك إلى نفسه، وقام فأجابه أهل الشام فخطب على المنبر وقال: من لابن الزبير منكم؟ فقال الحجاج: أنا أمير المؤمنين، فأسكته ثم عاد فأسكته فقال: أنا أمير المؤمنين، فإني رأيت في النوم أني انتزعت جبته فلبستها، فعقد له في الجيش إلى مكة حتى ورودها على ابن الزبير فقاتله بها، فقال ابن الزبير لأهل مكة: احفظوا هذين الجبلين، فإنكم لن تزالوا بخير أعزة ما لم يظهروا عليهما. قال: فلم يلبثوا أن ظهر الحجاج ومن معه على أبي قبيس ونصب عليه المنجنيق، فكان يرمي به ابن الزبير ومن معه في المسجد. فلما كان في الغداة التي قتل فيها ابن الزبير دخل ابن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر وهي يومئذ بنت مئة سنة لم تسقط لها سن ولم يفسد لها بصر، فقالت له: يا عبد الله، ما فعلت في حربك؟ قال: بلغوا مكان كذا وكذا، قال: وضحك ابن الزبير، فقال: إن في الموت راحة. فقالت: يا بني لعلك تتمناه لي، ما أحب أن أموت حتى آتي على أحد طرفيك. إما أن تملك فتقر بذلك عيني، وإما أن تقتل فأحتسبك، ثم ودعها فقالت له: يا بني، إياك أن تعطي خصلة من دينك مخافة القتل، وخرج عنها،
فدخل المسجد وقد جعل بيضة على الحجر الأسود يتقي أن يصيبه المنجيق، وأتى ابن الزبير آتٍ وهو جالس عند الحجر فقال له: ألا نفتح لك الكعبة فتصعد فيها؟ فنظر إليه عبد الله ثم قال: من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه يعني: من أجله. وهل للكعبة حرمة ليست لهذا المكان، والله لو وجدوكم متعلقين بأستار الكعبة لقتلوكم، فقيل له: ألا تكلمهم في الصلح؟ فقال: أو حين صلح هذا؟ والله لو وجدوكم في جوفها لذبحوكم جميعاً ثم قال:
ولست بمبتاع الحياة بسبةٍ ... ولا مرتقٍ من خشية الموت سلما
أنافس سهماً إنه غير بارحٍ ... ملاقي المنايا أي صرف تيمما
ثم أقبل على آل الزبير يعظهم ويقول: ليكن أحدكم سيفه كما يكن وجهه، لا ينكسر سيفه فيدفع عن نفسه بيده كأنه امرأة، والله ما لقيت زحفاً قط إلا في الرعيل الأول، وما ألمت جرحاً قط إلا أن يكون ألم الدواء. قال: فبينا هم كذلك إذ دخل عليهم نفر باب بني جمح فيهم أسود. فقال: من هؤلاء؟ قيل: أهل حمص، فحمل عليهم ومعه من شيبان، فأول من لقيه الأسود فضربه بسيفه حتى أطن رجله فقال له الأسود: أخ، يا بن الزانية، فقال له ابن الزبير: اخس يا بن حام. أسماء زانية؟! ثم أخرجهم من المسجد وانصرف. فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني سهم فقال: من هؤلاء؟ فقيل: أهل الأردن، فحمل عليهم وهو يقول:
لا عهد لي بغارة مثل السيل ... لا ينجلي غبارها حتى الليل
قال: فأخرجهم من المسجد. فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني مخزوم، فحمل عليهم وهو يقول:
لو كان قرني واحداً كفتيه
قال: وعلى ظهر المسجد من أعوانه من يرمي عدوه بالآجر وغيره، فحمل عليهم فأصابته آجرة في مفرقه حتى فلقت رأسه فوقف قائماً وهو يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما
قال: ثم وقع فأكب عليه موليان له وهما يقولان:
العبد يحمي ربه ويحتمي
ثم سيروا إليه فحزوا رأسه.
قالوا: وحصر ابن ليلة هلال ذي العقدة سنة اثنتين وسبعين، ستة أشهر وسبع عشرة ليلة، وقتل يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وقدم على ابن الزبير حبشان من أرض الحبشة يرمون بالمزاريق فقدمهم لأهل الشام، فجعلوا يرمون بمزاريقهم فلا يقع لهم مزراق إلا في إنسان، فقتلوا من أهل الشام قتلى كثيرة، ثم حمل عليهم أهل الشام حملة واحدة فانكشفوا، وكان مع ابن الزبير قوم من أهل مصر فقاتلوا معه قتالاً شديداً، وكانوا خوارج حتى ذكروا عثمان فتبرؤوا منه فبلغ ابن الزبير فناكرهم وقال: ما بيني وبين الناس إلا باب عثمان فانصرفوا عنه، ونصب الحجاج المنجنيق يرمي بها أحث الرمي، وألح عليهم بالقتال من كل وجه، وحبس عنهم الميرة، وحصرهم أشد الحصار حتى جهد أصحاب ابن الزبير وأصابتهم مجاعة شديدة.
وحشر الحجاج أهل الشام يوماً وخطبهم وأمرهم بالطاعة، وأن يرى أثرهم اليوم فإن الأمر قد اقترب، فأقبلوا ولهم زجل وفرح. وسمعت ذلك أسماء بنت أبي بكر الصديق أم عبد الله بن الزبير فقالت لعبد الله مولاها: اذهب فانظر ما فعل الناس، إن هذا اليوم يوم عصيب، اللهم امض ابني على بينة، فذهب عبد الله ثم رجع فقال: رأيت أهل الشام قد
أخذوا بأبواب المسجد، وهم من الأبواب إلى الحجون، فخرج أمير المؤمنين يخطر بسيفه وهو يقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
فدفعهم دفعة تراكبوا منها فوقعوا على وجوههم، وأكثر فيهم القتل ثم رجع إلى موضعه. قالت: من رأيت معه؟ قال: معه أهل بيته ونفر قليل. قالت أمه: خذلوه وأحبوا الحياة، ولم ينظروا لدينهم ولا لأحسابهم. ثم قامت تصلي وتدعو وتقول: اللهم، إن عبد الله بن الزبير كان معظماً لحرمتك، كريه إليه أن تعصى، وقد جاهد فيك أعداءك، وبذل مهجة نفسه رجاء ثوابك، اللهم، فلا تخيبه، اللهم، ارحم ذلك السجود والنحيب والظمأ في تلك الهواجر. اللهم، لا أقوله تزكية، ولكن الذي أعلم وأنت أعلم به، اللهم، وكان براً بالوالدين. قال: ثم جاء عبد الله بن الزبير فدخل على أمه وعليه الدرع والمغفر فدخل عليها فسلم ثم دنا فتناول يدها فقبلها وودعها، فقالت: هذا وداع، فلا تبعد إلا من النار. قال ابن الزبير: نعم جئت مودعاً لك، إني لأرى هذا آخر يوم من الدنيا يمر بي، واعلمي يا أمه أني إن قتلت فإنما أنا لحم لا يضرني ما صنع بي قالت: صدقت فامض على بصيرتك، ولا تمكن ابن أبي عقيل منك، فادن مني أودعك، فدنا منها فعانقها فمست الدرع فقالت: ما هذا صنيع من يريد ما تريد فقال: ما لبست الدرع إلا لأشد منك قالت: فإنه لا يشد مني بل يخالفني، فنزعها ثم أدرج كمه وشد أسفل قميصه وجبة خز تحت القميص، وأدخل أسفلها في المنطقة وأمه تقول: البس ثيابك مشمرة. قال: بلى هي على عهدك. قالت: ثبتك الله، فانصرف من عندها وهو يقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
ففهمت قوله فقالت: تصبر والله إن شاء الله تعالى أليس أبوك الزبير؟ قال: ثم لاقاهم فحمل عليهم حملة هزمهم حتى أوقفهم خارجاً من الباب، ثم حمل عليه أهل حمص فحمل عليهم فمثل ذلك.
قالت ريطة بنت عبد الله: كنت عند أسماء إذ جاء ابنها عبد الله فقال: إن هذا الرجل قد نزل بنا، وهو رجل من ثقيف يسمى الحجاج، في أربعين ألفاً من أهل الشام، وقد نالنا نبلهم ونشابهم وقد أرسل إلي يخيرني بين ثلاث: بين أن أهرب في الأرض فأذهب حيث شئت، وبين أن أضع يدي في يده فيبعث بي إلى الشام موقراً حديداً، وبين أن أقاتل حتى أقتل. قالت: أي بني عش كريماً ومت كريماً، فإني سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن من ثقيف مبيراً وكذاباً. قالت: فذهب فاستند إلى الكعبة حتى قتل.
وجاء عمارة بن عمرو بن حزم فقال: لو ركبت رواحلك فنزلت برمل الحرك. فقال ابن الزبير: فما فعلت القتلى بالحرم؟! والله، لئن كنت أوردتهم ثم فررت عنهم لبئس الشيخ أنا في الإسلام.
قال نافع مولى بني أسد: لما كان ليلة الثلاثاء قال الحجاج لأصحابه: والله إني لأخاف أن يهرب ابن الزبير، فإن هرب فما عذرنا عند خليفتنا؟ فبلغ ابن الزبير قوله فتضاحك وقال: إنه ظن بي ظنه بنفسه، إنه فرار في الموطن وأبوه قبله.
ولما ارتجز ابن الزبير قوله:
لو كان قرني واحداً كفيته
قال ابن صفوان: إي والله. وألف.
وقيل: إنه لما أصابته الآخرة أصابته في قفاه، فوقذته، فارتعش ساعة ثم وقع لوجهه، ثم انتهض فلم يقدر على القيام، وابتدره الناس، وشد عليه رجل من أهل الشام وقد ارتعش ابن الزبير فهو متوكئ على مرفقه الأيسر، فضرب الرجل فقطع رجليه
بالسيف، وجعل يضربه وما يقدر ينهض حتى كثروه، ودففوا عليه، ولقد كان يقاتل وإنه لمطروح يخدم بالسيف كل من دنا منه، فصاحت امرأة من الدار.
وفي حديث آخر بمعناه: وصاحت مولاة له مجنونة: وا أمير المؤمنيناه وقد رأته حيث هوى، فأشارت لهم إليه فقيل: وإن عليه ثياب خز، وجاء الخبر الحجاج فسجد وسار حتى وقف عليه هو وطارق بن عمرو فقال طارق: ما ولدت النساء أذكر من هذا، فقال الحجاج: تمدح من خالف أمير المؤمنين! قال طارق: نعم هو أعذر لنا، ولولا هذا ما كان لنا عذر، إنا محاصروه، وهو في غير خندق ولا حصن ولا منعة منذ سبعة أشهر ينتصف منا بل بفضل علينا في كل ما التقينا، فبلغ كلامهما عبد الملك بن مروان فصوب طارقاً.
ولما قتل الحجاج عبد الله بن الزبير وهو متعلق بأستار الكعبة ثم شق بطنه ثم قال: املؤوا بطن عبد الله حجارة..الحديث.
وعن ابن سيرين قال: قال عبد الله بن الزبير: ما شيء يحدثنا به كعب إلا قد أتى علي ماقال، إلا قوله: فإن ثقيف تقتلني، وهذا رأسه بين يدي، يعني: المختار. قال ابن سيرين: ولا يشعر أن أبا محمد قد خبئ له، يعني: الحجاج.
وعن مجاهد قال: قال ابن عمر لغلامه: لا تمر على ابن الزبير، فغفل الغلام فمر به فرفع رأسه فرآه فقال: رحمك الله، ما علمتك إلا صواماً قواماً وصولاً للرحم، أما والله إني لأرجو مع مساوئ ما قد علمت من الذنوب ألا يعذبك الله. قال مجاهد: ثم التفت إلي فقال: حدثني أبو بكر الصديق أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا.
وفي حديث أخر أنه قال: رحمك الله، أبا خبيب إن كنت، وكنت، ولقد سمعت أباك الزبير بن العوام
يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا أو في الآخرة. فإن يك هذا بذاك فهه فهه. مرتين.
وقيل إنه قال له: لقد أفلحت قريش إن كنت شر أهلها.
وقيل إنه قال له: يرحمك الله فوالله إن قوماً كنت أخسهم لقوم صدق.
قال أبو العالية:
إنه رأى ابن عمر واقفاً يستغفر لابن الزبير وهو مصلوباً فقال: إن كنت والله ما عملت صواماً قواماً تحب الله ورسوله، فانطلق رجل إلى الحجاج فقال: هذا ابن عمر واقف يستغفر لابن الزبير، فقال لرجل من أهل الشام: قم فائتني به فقام الشامي طويلاً فقال: أصلح الله الأمير، تأذن لي أن أتكلم؟ فقال: تكلم. فقال: إنما أعين الناس كافة إلى هذا الرجل، فإن أنت قتلته خشيت أن تكون فتنة لا تطفأ فقال: اجلس وأرسل إليه مكانه بعشرة آلاف، فقال: أرسل بهذه الأمير لتستعين بها فقبلها. ثم سكت عنه، فأرسل إليه إنا قد أنفقنا منها طائفة وعندنا طائفة، نجمعها لك أحد اليومين ثم نبعث بها. فأرسل إليه: استنفع بها فلا حاجة لنا فيها.
حدث أبو المحياة عن أبيه قال: دخلت مكة بعدما قتل ابن الزبير بثلاثة أيام وهو مصلوب، فجاءته أمه، عجوز طويلة مكفوفة البصر، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ قال: فقال الحجاج: المنافق. قالت: لا والله، ما كان منافقاً، إن كان لصواماً، براً. قال: انصرفي فإنك عجوز قد خرفت. قالت: لا والله، ما خرفت منذ سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يخرج من ثقيف كذاب ومبير، فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت المبير. قال: فقلت لأبي المحياة: أما الكذاب رأيناه أليس يعني المختار؟ قال: لا أراه إلا إياه.
ورأى عبد الله بن عمرو بن العاص عبد الله بن الزبير مصلوباً فقال: طوبى لأمة أنت
شرها. ورآه أبو عبد الله بن عمر فقال: ويل لابن الزبير ولمروان ما أهريق في سببهما من الدم.
قال عامر بن عبد الله بن الزبير: مات أبي فما سألت الله حولاً إلا العفو عنه.
كان أبان بن عثمان حين ولي المدينة في خلافة عبد الملك بن مروان أراد نقض ما كان عبد الله قضى به، فكتب أبان عثمان في ذلك إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك: إنا لم ننقم على ابن الزبير ما كان يقضي به، ولكن نقمنا عليه ما كان أراد من الإمارة. فإذا جاءك كتابي هذا فأمض ما كان قضى به ابن الزبير، ولا ترده فإن نقضنا القضاء عناء معن.
وانتشرت بيعة عبد الله بن الزبير في الحجاز واليمن والعراق والمشرق وعامة بلاد الشام والمغرب وفرق عماله في الأمصار، وسير بني أمية من المدينة إلى الشام، وفيهم يومئذ مروان بن الحكم، فقدموا الشام، ونزل مروان الجابية، واجتمع إليه من كان هناك من بني أمية وشيعتهم، فبايعوه بالخلافة.
قال نافع مولى ابن عمر: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة عشر سنين، ثم توفي. فكان أبو بكر سنتين وسبعة أشهر وكان عمر عشر سنين وخمسة أشهر، وكان عثمان ثلاث عشرة سنة، فكانت خلافة علي وفتنة معاوية خمس سنين، ثم ولي معاوية عشرين سنة إلا شهراً ثم هلك، وكان يزيد بن معاوية أربع سنين إلا شهراً، ثم هلك، فقام ابن الزبير فكانت فتنة ابن الزبير تسع سنين ثم قتل على رأس ثلاث وسبعين إلا شهرين.
ثم استقام الناس لعبد الملك بن مروان.
وقال الحجاج بن يوسف: من يعذرني من ابن الزبير، ابن ثلاث وسبعين ينقز في الجبل تقزان الظبي؟
وروي أن أسماء بنة أبي بكر غسلت عبد الله بن الزبير بعدما تقطعت أوصاله، وجاء الإذن في ذلك من عبد الملك بن مروان عند إباء الحجاج أن يأذن لها، وحنطته، وكفنته، وصلت عليه، وجعلت فيه شيئاً حين رأته يتفسخ إذا مسته. قال مصعب بن عبد الله: حملته أسماء فدفنته بالمدينة في دار صفية بنت حيي، ثم زيدت دار صفية في المسجد، فابن الزبير مدفون في المسجد مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر.
قال مالك بن دينار: كانوا يسمعون كل ليلة زمن قتل ابن الزبير قائلاً يقول:
لبيك على الإسلام من كان باكياً ... فقد أوشكو هلكي وما قدم العهد
وأدبرت الدنيا وأدبر خيرها ... وقد ملكها من كان يوقن بالوعد
فينتظرون فلا يجدون أحداً.
وقالت الشعراء فيه عدة مراثٍ، رحمة الله عليه.
قال عبد الأعلى ابن أخت المقعد: بلغني أن رجلاً من التابعين بإحسان، ورأى كأن القيامة قد قامت، فدعي عبد الله بن الزبير فأمر به إلى النار فجعل ينادي. فأين صلاتي وصومي؟ فنودي أن دعوه لصلاته وصومه. والله أعلم.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68172&book=5545#bfdf16
عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر بْن العوام أَبُو بَكْر رضي اللَّه عَنْهُ، ويقَالَ أَبُو خبيب، وَقَالَ بعضهم أَبُو بكير، الْقُرَشِيّ ثم الأسدي.
قَالَ الْحَسَنُ عَنْ ضَمْرَةَ: مَاتَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ.
وَقَالَ زَكَرِيَّا عن أبي اسامة عن هشام ابن عروة عن اسماء رضي الله عَنْهَا أَنَّهَا حَمَلَتْ / بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ تَفَلَ في فيه فكان اول شئ (2) دَخَلَ فِي جَوْفِهِ (2) رِيقُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ ولد في الاسلام.
قَالَ الْحَسَنُ عَنْ ضَمْرَةَ: مَاتَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ.
وَقَالَ زَكَرِيَّا عن أبي اسامة عن هشام ابن عروة عن اسماء رضي الله عَنْهَا أَنَّهَا حَمَلَتْ / بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ تَفَلَ في فيه فكان اول شئ (2) دَخَلَ فِي جَوْفِهِ (2) رِيقُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ ولد في الاسلام.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155217&book=5545#459184
عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ غَافِلِ بنِ حَبِيْبٍ الهُذَلِيُّ
ابْنِ شَمْخِ بنِ فَارِ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ صَاهِلَةَ بنِ كَاهِلِ بنِ الحَارِثِ بنِ تَمِيْمِ بنِ سَعْدِ بنِ هُذَيْلِ بنِ مُدْرَكَةَ بنِ إِلْيَاسِ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارٍ.
الإِمَامُ الحَبْرُ، فَقِيْهُ الأُمَّةِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهُذَلِيُّ، المَكِّيُّ، المُهَاجِرِيُّ، البَدْرِيُّ، حَلِيْفُ بَنِي زُهْرَةَ.
كَانَ مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَمِنَ النُّجَبَاءِ العَالِمِيْنَ، شَهِدَ بَدْراً، وَهَاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ، وَكَانَ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ عَلَى النَّفْلِ، وَمَنَاقِبُهُ غَزِيْرَةٌ، رَوَى عِلْماً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُوْسَى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ، وَجَابِرٌ، وَأَنَسٌ، وَأَبُو أُمَامَةَ، فِي طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَلْقَمَةُ،
وَالأَسْوَدُ، وَمَسْرُوْقٌ، وَعُبَيْدَةُ، وَأَبُو وَاثِلَةَ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، وَالرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ، وَطَارِقُ بنُ شِهَابٍ، وَزَيْدُ بنُ وَهْبٍ، وَوَلَدَاهُ؛ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الأَحْوَصِ عَوْفُ بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.وَرَوَى عَنْهُ القِرَاءةَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعُبَيْدُ بنُ نُضَيْلَةَ، وَطَائِفَةٌ.
اتَّفَقَا لَهُ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) عَلَى أَرْبَعَةٍ وَسِتِّيْنَ.
وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِإِخْرَاجِ أَحَدٍ وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ بِإِخْرَاجِ خَمْسَةٍ وَثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً.
وَلَهُ عِنْدَ بَقِيٍّ بِالمُكَرَّرِ ثَمَانِي مَائَةٍ وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ: رَأَيْتُهُ آدَمَ، خَفِيْفَ اللَّحْمِ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ رَجُلاً نَحِيْفاً، قَصِيْراً، شَدِيْدَ الأُدْمَةِ، وَكَانَ لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
وَرَوَى: الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ لَطِيْفاً، فَطِناً.
قُلْتُ: كَانَ مَعْدُوْداً فِي أَذْكِيَاءِ العُلَمَاءِ.
وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ عَظِيْمَ البَطْنِ، أَحْمَشَ السَّاقَيْنِ.
قُلْتُ: رَآهُ سَعِيْدٌ لَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ عَامَ تُوُفِّيَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ يُعْرَفُ أَيْضاً بِأُمِّهِ، فَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ:
أُمُّهُ: هِيَ أُمُّ عَبْدٍ بِنْتُ عَبْدِ وُدٍّ بنِ سُوَيٍّ، مِنْ بَنِي زُهْرَةَ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كَنَّانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ
قَبْلَ أَنْ يُوْلَدَ لِي.وَرَوَى: المَسْعُوْدِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ مِيْنَا، عَنْ نُوَيْفِعٍ مَوْلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ ثَوْباً أَبْيَضَ، وَأَطْيَبَ النَّاسِ رِيْحاً.
يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بنُ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ عَلِمْتُهُ مِنْ أَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قَدِمْتُ مَكَّةَ مَعَ عُمُوْمَةٍ لِي - أَوْ أُنَاسٍ مِنْ قَوْمِي - نَبْتَاعُ مِنْهَا مَتَاعاً، وَكَانَ فِي بُغْيَتِنَا شِرَاءُ عِطْرٍ، فَأَرْشَدُوْنَا عَلَى العَبَّاسِ.
فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى زَمْزَمَ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَابِ الصَّفَا، أَبْيَضُ، تَعْلُوْهُ حُمْرَةٌ، لَهُ وَفْرَةٌ جَعْدَةٌ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ، أَشَمُّ، أَقْنَى، أَذْلَفُ، أَدْعَجُ العَيْنَيْنِ، بَرَّاقُ الثَّنَايَا، دَقِيْقُ المَسْرُبَةِ، شَثْنُ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ، كَأَنَّهُ القَمَرُ لَيْلَةَ البَدْرِ، يَمْشِي عَلَى يَمِيْنِهِ غُلاَمٌ حَسَنُ الوَجْهِ، مُرَاهِقٌ، أَوْ مُحْتَلِمٌ، تَقْفُوْهُمُ امْرَأَةٌ قَدْ سَتَرَتْ مَحَاسِنَهَا، حَتَّى قَصَدَ نَحْوَ الحَجَرِ، فَاسْتَلَمَ، ثُمَّ اسْتَلَمَ الغُلاَمُ، وَاسْتَلَمَتِ المَرْأَةُ.
ثُمَّ طَافَ بِالبَيْتِ سَبْعاً، وَهُمَا يَطُوْفَانِ مَعَهُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الرُّكْنَ، فَرَفَعَ يَدَهُ وَكَبَّرَ، وَقَامَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ، فَرَأَيْنَا شَيْئاً أَنْكَرْنَاهُ، لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهُ بِمَكَّةَ.
فَأَقْبَلْنَا عَلَى العَبَّاسِ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا الفَضْلِ! إِنَّ هَذَا الدِّيْنَ حَدَثٌ فِيْكُم، أَوْ أَمْرٌ لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهُ؟
قَالَ: أَجَلْ - وَاللهِ - مَا تَعْرِفُوْنَ هَذَا، هَذَا ابْنُ أَخِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَالغُلاَمُ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالمَرْأَةُ خَدِيْجَةُ بِنْتُ خُوَيْلدٍ امْرَأَتُهُ، أَمَا وَاللهِ مَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ يَعْبُدُ اللهَ بِهَذَا الدِّيْنِ، إِلاَّ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ.
قَالَ ابْنُ شَيْبَةَ: لاَ نَعْلَمُ رَوَى هَذَا إِلاَّ بِشْرٌ الخَصَّافُ، وَهُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ.مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مَعْنٍ المَسْعُوْدِيُّ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَادِسَ سِتَّةٍ، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مُسْلِمٌ غَيْرُنَا.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَسْلَمَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بَعْدَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ نَفْساً.
وَعَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ:
أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ قَبْلَ دُخُوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ إِجَازَةً، عَنْ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ بَيَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ (ح) .
وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ الحَافِظِ بنِ بَدْرَانَ، أَخْبَرَكُمَا أَبُو البَرَكَاتِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ الخَلِيْلِ بنِ فَارِسٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مَائَةٍ، وَأَنَا فِي الخَامِسَةِ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الجَلاَلِ، وَابْنُ مُؤْمِنٍ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ القَاضِي، أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بنُ عَلِيٍّ الثَّعْلَبِيُّ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ
بنُ صَصْرَى، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى بنُ الحُبُوْبِيِّ (ح) .وَأَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الطَّائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الأُرْمَوِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْدَاوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَسِتُّ الفَخْرِ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا:
أَخْبَرَتْنَا كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ الحُبُوْبِيِّ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ العَبْدِيُّ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالمُسلمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
كُنْتُ أَرْعَى غَنَماً لِعُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَمَرَّ بِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: (يَا غُلاَمُ! هَلْ مِنْ لَبَنٍ؟) .
قُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي مُؤْتَمَنٌ.
قَالَ: فَهَلْ مِنْ شَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الفَحْلُ؟
فَأَتَيْتُهُ بِشَاةٍ، فَمَسَحَ ضِرْعَهَا، فَنَزَلَ لَبَنٌ، فَحَلَبَ فِي إِنَاءٍ، فَشَرِبَ، وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ.
ثُمَّ قَالَ لِلضِّرْعِ: (اقْلُصْ) .
فَقَلَصَ.
زَادَ أَحْمَدُ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا.
ثُمَّ اتَّفَقَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا القَوْلِ.
فَمَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ: (يَرْحَمُكَ اللهُ، إِنَّكَ غُلَيِّمٌ مُعَلَّمٌ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَادِ.
وَرَوَاهُ: أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَفِيْهِ زِيَادَةٌ، مِنْهَا:
فَلَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، مَا نَازَعَنِي فِيْهَا بَشَرٌ.
وَرَوَاهُ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، عَنْ سَلاَمٍ أَبِي المُنْذِرِ، عَنْ عَاصِمٍ، وَفِيْهِ قَالَ:فَأَتَيْتُهُ بِصَخْرَةٍ مُنْقَعِرَةٍ، فَحَلَبَ فِيْهَا.
قَالَ: فَأَسْلَمْتُ، وَأَتَيْتُهُ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ سِتَّةٌ.
فَقَالَ المُشْرِكُوْنَ: اطْرُدْ هَؤُلاَءِ عَنْكَ، فَلاَ يَجْتَرِئُوْنَ عَلَيْنَا.
وَكُنْتُ أَنَا، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، وَرَجُلاَنِ نَسِيْتُ اسْمَهُمَا.
فَوَقَعَ فِي نَفْسِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا شَاءَ اللهُ، وَحَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ.
فَأَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى-: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِيْنَ يَدْعُوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ} [الأَنْعَامُ : 52، 53] .
رَوَاهُ: قَبِيْصَةُ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ المِقْدَامِ.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالقُرْآنِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ.
أَبُو بَكْرٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ قَرَأَ آيَةً عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ.
قُلْتُ: هَذَا مُؤَوَّلٌ، فَقَدْ صَلَّى قَبْلَ عَبْدِ اللهِ جَمَاعَةٌ بِالقُرْآنِ.أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) : حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَرَوَى مِثْلَهُ: سُفْيَانُ بنُ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بنِ مُسلمٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
رَوَاهُ: الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ ) .
وَفِيْهِ: لِمُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَخْبَرَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ آدَمَ، لَطِيْفَ الجِسْمِ، ضَعِيْفَ اللَّحْمِ.
قُلْتُ: أَكْثَرُ مَنْ آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُم مُهَاجِرِيٌّ وَأَنْصَارِيٍّ.
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: وَمِمَّنْ قَدِمَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الحَبَشَةِ - الهِجْرَةِ الأُوْلَى إِلَى مَكَّةَ - عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ.
يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
مَا بَقِيَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهُمُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ:
سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُوْدٍ وَأَبَا مُوْسَى
حِيْنَ مَاتَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ، وَأَحَدُهُمَا يَقُوْلُ لِصَاحِبِهِ: أَتَرَاهُ تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؟قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَقَدْ كَانَ يُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا، وَيَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا.
يَحْيَى: عَنْ قُطْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ بِنَحْوِهِ.
وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ اليَمَنِ، فَمَكَثْنَا حِيْناً، وَمَا نَحْسِبُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ وَأُمَّهُ إِلاَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِكَثْرَةِ دُخُوْلِهِم وَخُرُوْجِهِم عَلَيْهِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ، وَمَا أَرَاهُ إِلاَّ عَبْدَ آلِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
حَدَّثَنَا السِّلَفِيُّ، حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَبْدَ اللهِ! إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ تَرْفَعَ الحِجَابَ، وَتَسْمَعَ سِوَادِي
حَتَّى أَنْهَاكَ ) .رَوَاهُ: الثَّوْرِيُّ، وَزَائِدَةُ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
وَفِي لَفْظٍ: (أَنْ تَرْفَعَ السِّتْرَ، وَأَنْ تَسْتَمِعَ سِوَادِي) .
وَرَوَاهُ: سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ.
وَكَذَا رَوَاهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الحَسَنِ.
وَالسِّوَادُ: السِّرَارُ، وَقِيْلَ: المُحَادَثَةُ.
وَفِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: كُنْتُ لاَ أُحْبَسُ عَنِ النَّجْوَى، وَعَنْ كَذَا، وَعَنْ كَذَا.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ صَاحِبَ سِوَادِ رَسُوْلِ اللهِ - يَعْنِي سِرَّهُ - وَوِسَادِهِ - يَعْنِي فِرَاشَهُ - وَسِوَاكِهِ، وَنَعْلَيْهِ، وَطَهُوْرِهِ، وَهَذَا يَكُوْنُ فِي السَّفَرِ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ يُلْبِسُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَعْلَيْهِ، ثُمَّ يَمْشِي أَمَامَهُ بِالعَصَا، حَتَّى إِذَا أَتَى مَجْلِسَهُ نَزَعَ نَعْلَيْهِ، فَأَدْخَلَهُمَا فِي ذِرَاعِهِ، وَأَعْطَاهُ العَصَا، وَكَانَ يَدْخُلُ
الحُجْرَةَ أَمَامَهُ بِالعَصَا.المَسْعُوْدِيُّ: عَنْ عَيَّاشٍ العَامِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ صَاحِبَ الوِسَادِ، وَالسِّوَاكِ، وَالنَّعْلِيْنِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِيْنَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} الآيَة، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قِيْلَ لِي: أَنْتَ مِنْهُم) .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
مَنْصُوْرٌ، وَالأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ، فَجَاءَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ هَدْياً وَدَلاًّ وَقَضَاءً وَخُطْبَةً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حِيْنِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، إِلَى أَنْ يَرْجِعَ، لاَ أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ لَعَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ، وَلَقَدْ عَلِمَ المُتَهَجِّدُوْنَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ عَبْدَ اللهِ مِنْ أَقْرَبِهِم عِنْدَ اللهِ وَسِيْلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ.
لَفْظُ مَنْصُوْرٍ: كَذَا قَالَ المُتَهَجِّدُوْنَ، وَلَعَلَّهُ المُجْتَهِدُوْنَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ، فَجَاءَ خَبَّابُ بنُ
الأَرَتِّ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا فِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:أَكُلُّ هَؤُلاَءِ يَقْرَؤُوْنَ كَمَا تَقْرَأُ؟
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ شِئْتَ أَمَرْتُ بَعْضَهُمْ يَقْرَأُ.
قَالَ: أَجَل.
فَقَالَ: اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ.
فَقَالَ فُلاَنٌ: أَتَأْمُرُهُ أَنْ يَقْرَأَ وَلَيْسَ بِأَقْرَئِنَا؟
قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ بِمَا قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْمِهِ وَقَوْمِكَ.
قَالَ عَلْقَمَةُ: فَقَرَأْتُ خَمْسِيْنَ آيَةً مِنْ سُوْرَةِ مَرْيَمَ.
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا قَرَأَ إِلاَّ كَمَا أَقْرَأُ.
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ: أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الخَاتَمِ أَنْ يُطْرَحَ؟
فَنَزَعَه، وَرَمَى بِهِ، وَقَالَ: وَاللهِ لاَ تَرَاهُ عَلَيَّ أَبَداً.
شَيْبَانُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، قَالَ:
أَتَيْتُ أَبَا مُوْسَى وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللهِ، وَأَبُو مَسْعُوْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَهُمْ يَنْظُرُوْنَ إِلَى مُصْحَفٍ.
فَتَحَدَّثْنَا سَاعَةً، ثُمَّ خَرَجَ عَبْدُ اللهِ، وَذَهَبَ.
فَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ: وَاللهِ مَا أَعْلَمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرَكَ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنْ هَذَا القَائِمِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَالَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، لَقَدْ قَرَأتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنِّي تُبَلِّغُنِيْهُ الإِبِلُ لأَتَيْتُهُ.
جَامِعُ بنُ شَدَّادٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مِرْدَاسٍ:كَانَ عَبْدُ اللهِ يَخْطُبُنَا كُلَّ خَمْسٍ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَنَشْتَهِي أَنْ يَزِيْدَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ:
قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: لَوْ تَعْلَمُوْنَ ذُنُوْبِي مَا وَطِئَ عَقِبِي رَجُلاَنِ.
جَابِرُ بنُ نُوْحٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَا نَزَلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ وَأَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ نَزَلَتْ، وَفِيْمَا نَزَلَتْ، الحَدِيْثَ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْرِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَزَيْدٌ لَهُ ذُؤَابَةٌ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ.
عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيْقٍ:قَالَ عَبْدُ اللهِ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ} [آلُ عِمْرَانَ: 161] عَلَى قِرَاءةِ مَنْ تَأْمُرُوْنِي أَنْ أَقْرَأَ؟
لَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ.
قَالَ شَقِيْقٌ: فَجَلَسْتُ فِي حِلَقٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا سَمِعْتُ أَحَداً مِنْهُمْ يَعِيْبُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِمَّا قَالَ، وَلاَ يَرُدُّ عَلَيْهِ.
شُعْبَةُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:أَنَّهُم ذَكَرُوا قِرَاءتَهُ، فَكَأَنَّهُمْ عَابُوْهُ، فَقَالَ:
لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ أَنِّي أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ.
ثُمَّ كَأَنَّهُ نَدِمَ، فَقَالَ: وَلَسْتُ بِخَيْرِهِم.
سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
لَمَّا أَمَرَ عُثْمَانُ بِتَشْقِيْقِ المَصَاحِفِ، قَامَ عَبْدُ اللهِ خَطِيْباً، فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَ
أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ.ثُمَّ قَالَ: وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِم.
زَائِدَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَعَبْدُ اللهِ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَافْتَتَحَ سُوْرَةَ النِّسَاءِ يَسْجِلُهَا.
فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأِ قِرَاءةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) .
فَأَخَذَ عَبْدُ اللهِ فِي الدُّعَاءِ، فَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (سَلْ تُعْطَ) .
فَكَانَ فِيْمَا سَأَلَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيْمَاناً لاَ يَرْتَدُّ، وَنَعِيْماً لاَ يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَعْلَى جِنَانِ الخُلْدِ.
فَأَتَى عُمَرُ عَبْدَ اللهِ يُبَشِّرُهُ، فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ خَارِجاً قَدْ سَبَقَهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَسَبَّاقٌ بِالخَيْرِ.
رَوَاهُ: يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَغَيْرُهُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ بِعَرَفَةَ (ح) .
وَالأَعْمَشُ: عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بنِ مَرْوَانَ:
أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ، فَقَالَ: جِئْتُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مِنَ الكُوْفَةِ، وَتَرَكْتُ بِهَا رَجُلاً يُمْلِي المَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.
فَغَضِبَ عُمَرُ، وَانْتَفَخَ حَتَّى كَادَ يَمْلأُ مَا بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّجُلِ.
فَقَالَ: وَمَنْ هُوَ وَيْحَكَ؟
فَقَالَ: ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
فَمَا زَالَ يُطْفِئُ غَضَبَهُ، وَيَتَسَرَّى عَنْهُ حَتَّى عَادَ إِلَى حَالِهِ، ثُمَّ قَالَ:
وَيْحَكَ! وَاللهِ مَا أَعْلَمُ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ هُوَ
أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثُكَ:كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَزَالُ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَلِكَ فِي الأَمْرِ مِنْ أَمْرِ المُسْلِمِيْنَ، وَإِنَّهُ سَمَرَ عِنْدَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَأَنَا مَعَهُ، فَخَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المَسْجِدِ.
فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ يَسْمَعُ قِرَاءتَهُ، فَلَمَّا كِدْنَا أَنْ نَعْرِفَهُ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ رَطْباً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) .
قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ يَدْعُو، فَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ لَهُ: (سَلْ تُعْطَهُ) .
فَقُلْتُ: وَاللهِ لأَغْدُوَنَّ إِلَيْهِ، فَلأُبَشِّرُهُ.
قَالَ: فَغَدَوْتُ، فَوَجَدْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَنِي.
رَوَاهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، عَنْ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، ... فَذَكَرَ القِصَّةَ.
مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ صَخْرٍ الأَيْلِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ وَهُوَ يَقْرَأُ حَرْفاً حَرْفاً، فَقَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَسْمَعْهُ مِنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ ) .
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي (المُسْنَدِ) : حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ عِيْسَى بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ المُصْطَلِقِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوِ مَا قَبْلَهُ.
وَرَوَى:
جَرِيْرُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوِهِ.زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَوْ كُنْتُ مُؤَمِّراً أَحَداً عَنْ غَيْرِ مَشُوْرَةٍ، لأَمَّرْتُ عَلَيْهِم ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ ) .
رَوَاهُ: وَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَرَوَاهُ: أَبُو سَعِيْدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَقَدْ رَوَاهُ: القَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَاصِمُ بنُ ضَمْرَةَ بَدَلَ الحَارِثِ.
وَلَفْظُ وَكِيْعٍ: (لَوْ كُنْتُ مُسْتَخْلِفاً مِنْ غَيْرِ مَشُوْرَةٍ، لاَسْتَخْلَفْتُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ) .
ابْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ، عَنْ أُمِّ مُوْسَى: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
أَمَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَ مَسْعُوْدٍ، فَصَعَدَ شَجَرَةً يَأْتِيْهِ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى سَاقِ عَبْدِ اللهِ، فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوْشَةِ سَاقَيْهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا تَضحكُوْنَ؟ لَرِجْلُ
عَبْدِ اللهِ أَثْقَلُ فِي المِيْزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ ) .وَرَوَاهُ: جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ.
وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ نَحْوَهُ.
وَرَوَاهُ: أَبُو عَتَّابٍ الدَّلاَّلُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ بنِ إِيَاسٍ المُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَهُ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلَىً لِرِبْعِيٍّ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ).
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ هَكَذَا عَنْهُ.
وَرَوَاهُ: أَسْبَاطٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، فَأَسْقَطَ مِنْهُ مَوْلَى رِبْعِيٍّ.
وَرَوَاهُ: مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ.
وَرَوَاهُ: سَالِمٌ المُرَادِيُّ، عَنْ عَمْرِو بنِ هَرِمٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ.
وَقَالَ: وَكِيْعٌ، عَنْ سَالِمٍ المُرَادِيِّ، فَقَالَ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، وَالأَوَّلُ أَشْبَهُ.
وَرَوَاهُ: يَحْيَى بنُ سَلَمَةَ بنِ
كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ... ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ يَعْلَى: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (رَضِيْتُ لأُمَّتِي مَا رَضِيَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ) .
رَوَاهُ: الثَّوْرِيُّ، وَإِسْرَائِيْلُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرْسَلاً.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَة: عَنْ أَبِي العُمَيْسِ، عَنِ القَاسِمِ مُرْسَلاً.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، عَنِ المَسْعُوْدِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قَدْ رَضِيْتُ لَكُم مَا رَضِيَ لَكُمُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ).
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَتَّابٍ سَهْلُ بنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
صَعَدَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ شَجَرَةً، فَجَعَلُوا يَضْحَكُوْنَ مِنْ دِقَّةِ
سَاقَيْهِ.فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَهُمَا فِي المِيْزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ ) .
حَاتِمُ بنُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ مُوْسَى بنِ يَعْقُوْبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، حَدَّثَتْنِي سَارَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ عَبْدَ اللهِ أَثْقَلُ فِي المِيْزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ ) .
عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْرَأْ عَلَيَّ القُرْآنَ) .
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟!
قَالَ: (إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) .
فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُوْرَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيْدٍ، وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيْداً} [النِّسَاءُ: 41] ، فَغَمَزَنِي بِرِجْلِهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.
رَوَاهُ: أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، فَقَالَ: عَلْقَمَةُ بَدَلَ عُبَيْدَةَ.
وَرَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مُنْقَطِعاً.
البَزَّارُ صَاحِبُ (المُسْنَدِ) : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا مِفْضَلُ بنُ مُحَمَّدٍ الكُوْفِيُّ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، وَمُغِيْرَةُ، وَابْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:اسْتَقْرَأَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ سُوْرَةَ النِّسَاءِ، فَقَرَأْتُ حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيْدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيْداً} .
فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْ عَلَى قِرَاءةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ) .
مِفْضَلٌ تَرَكَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَمَشَّاهُ غَيْرُهُ.
الحُمَيْدِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنِ القَاسِمِ:
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لابْنِ مَسْعُوْدٍ: (اقْرَأْ) .
فَقَالَ: أَقْرَأُ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! ... الحَدِيْثَ.
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ القَضَائِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ مُحَمَّدٍ القُبَّيْطِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ أَسْبَاطٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ).
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بنُ شَيْبَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو نَوْفَلٍ بنُ أَبِي عَقْرَبٍ، قَالَ:قَالَ عَمْرُو بنُ العَاصِ فِي مَرَضِهِ، وَقَدْ جَزِعَ، فَقِيْلَ لَهُ:
قَدْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُدْنِيْكَ وَيَسْتَعْمِلُكَ؟!
قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا كَانَ ذَاكَ مِنْهُ، أَحُبٌّ أَوْ كَانَ يَتَأَلَّفُنِي، وَلَكِنْ أَشْهَدُ عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ يُحِبُّهُمَا: ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ، وَابْنِ سُمَيَّةَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ كَثِيْرٍ النَّوَّاءِ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُلَيْلٍ :
سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلاَّ وَقَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَبَاءَ رُفَقَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيْتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَجَعْفَرٌ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالمِقْدَادُ، وَحُذَيْفَةُ، وَعَمَّارٌ، وَسَلْمَانُ ) .
رَوَاهُ: عَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ البَرِيْدِ، عَنْ كَثِيْرٍ، فَوَقَفَهُ عَلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ أَشْبَهُ.
أُنْبِئْتُ عَنِ الخُشُوْعِيِّ، وَغَيْرِهِ:
أَنَّ مُرْشِدَ بنَ يَحْيَى أَنْبَأَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الطَّفَّالُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدُوْسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ أَبِيْهِ، وَإِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ صَرِيْعٌ، وَهُوَ
يَذُبُّ النَّاسَ بِسَيْفِهِ، فَقُلْتُ:الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللهِ!
قَالَ: هَلْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ قَتَلَهُ قَوْمُهُ، فَجَعَلْتُ أَتَنَاوَلُهُ بِسَيْفٍ لِي، فَأَصَبْتُ يَدَهُ، فَنَدَرَ سَيْفُهُ، فَأَخَذَتْهُ، فَضَرَبْتُهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَأَنَّمَا أَقَلَّ مِنَ الأَرْضِ.
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: (اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) .
قَالَ: فَقَامَ مَعِي حَتَّى خَرَجَ يَمْشِي مَعِي حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: (الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللهِ، هَذَا كَانَ فِرْعُوْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ ) .
قَالَ وَكِيْعٌ:
وَزَادَ فِيْهِ: أَبِي، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ:
فَنَفَلَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفَهُ.
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، عَنْ مُحْتَسِبٍ البَصْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ:
خَطَبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُطْبَةً خَفِيْفَةً، فَلَمَّا فَرَغ مِنْ خُطْبَتِهِ، قَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَخَطَبَ، فَقَصَّرَ دُوْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ثُمَّ قَالَ: (يَا عُمَرُ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَقَامَ عُمَرُ، فَقَصَّرَ دُوْنَ أَبِي بَكْرٍ.
ثُمَّ قَالَ: (يَا فُلاَنُ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَشَقَّقَ القَوْلَ، فَقَالَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اسْكُتْ أَوِ اجْلِسْ، فَإِنَّ التَّشْقِيْقَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ البَيَانَ مِنَ السِّحْرِ) .
وَقَالَ: (يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَقَامَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ،
ثُمَّ قَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- رَبُّنَا، وَإِنَّ الإِسْلاَم دِيْنُنَا، وَإِنَّ القُرْآنَ إِمَامُنَا، وَإِنَّ البَيْتَ قِبْلَتُنَا، وَإِنَّ هَذَا نَبِيُّنَا - وَأَوْمَأَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَضِيْنَا مَا رَضِيَ اللهُ لَنَا وَرَسُوْلُهُ، وَكَرِهْنَا مَا كَرِهَ اللهُ لَنَا وَرَسُوْلُهُ، وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُم.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَصَابَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ وَصَدَقَ، رَضِيْتُ بِمَا رَضِيَ اللهُ لأُمَّتِي وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، وَكَرِهْتُ مَا كَرِهَ اللهُ لأُمَّتِي وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ) .
إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.
رَوَاهُ: الطَّبَرَانِيُّ فِي (مُعْجَمِهِ) .
وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ هَكَذَا ابْنُ خُثَيْمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، هَكَذَا هُوَ فِي (تَارِيْخ دِمَشْقَ) .
وَرَوَاهُ: مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيُّ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ نَحْوَهُ.
وَسَعِيْدٌ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَلاَ أَدْرِي مَنْ هُوَ مُحْتَسِبٌ؟
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ يَزِيْدَ، قَالَ:
قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَخْبِرْنَا بِرَجُلٍ قَرِيْبِ السَّمْتِ وَالدَّلِّ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَلْزَمَهُ.
قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً أَقْرَبَ سَمْتاً وَلاَ هَدْياً وَلاَ دَلاًّ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يُوَارِيَهُ جِدَارُ بَيْتِهِ مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.
وَلَقَدْ عَلِمَ المَحْفُوْظُوْنَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ مِنْ أَقْرَبِهِم إِلَى اللهِ زُلْفَةً.
قَوْلُهُ: وَلَقَدْ عَلِمَ ... اِلْخَ، رَوَاهُ: غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ.
نُعَيْمٌ : حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ ذَكَرَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: أَهْلَكَهُ الشُّحُّ وَبِطَانَةُ السُّوْءِ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ يُشْبِهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ يُشَبَّهُ بِعَبْدِ اللهِ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بنِ مُضَرِّبٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بنُ
الخَطَّابِ إِلَى أَهْلِ الكُوْفَةِ:إِنَّنِي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَمَّاراً أَمِيْراً، وَابْنَ مَسْعُوْدٍ مُعَلِّماً وَوَزِيْراً، وَهُمَا مِنَ النُّجَبَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَاسْمَعُوا لَهُمَا، وَاقْتَدُوا بِهِمَا، وَقَدْ آثَرْتُكُم بِعَبْدِ اللهِ عَلَى نَفْسِي.
الأَعْمَشُ: عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَذَكَرَ ابْنَ مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ:
لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ) .
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ.
وَقَدْ رَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَوَكِيْعٌ، وَسُفْيَانُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيَعْلَى، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَلَعَلَّهُ عِنْدَ الأَعْمَشِ بِالإِسْنَادَيْنِ.
وَقَدْ رَوَاهُ: شُعْبَةُ أَيْضاً، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ مَسْرُوْقٍ.
وَرَوَاهُ: زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَلاَّنَ، وَغَيْرُهُ كِتَابَةً، أَنَّ حَنْبَلَ بنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ، أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْرِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
أُمِرَ بِالمَصَاحِفِ أَنْ تُغَيَّرَ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ:
مَنِ اسْتطَاعَ مِنْكُم أَنْ يَغِلَّ مُصْحَفَهُ فَلْيَغِلَّهُ، فَإِنَّهُ مَنْ غَلَّ شَيْئاً جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فَمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، أَفَأَتْرُكُ مَا أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ
الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟! أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) ، عَنْ عَمْرِو بنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْرٍ:
سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ: إِنِّي غَالٌّ مُصْحَفِي، ... وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ، فَدَخَلْنَا إِلَيْهِ، فَقُلْنَا:
اقْرَأْ عَلَيْنَا سُوْرَةَ البَقَرَةِ.
قَالَ: لاَ أَحْفَظُهَا.
تَفَرَّدَ بِهِ: الوَاقِدِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوْكٌ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ كَرِهَ لِزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ نَسْخَ المَصَاحِفِ، وَقَالَ:
يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِيْنَ! أُعْزَلُ عَنْ نَسْخِ المَصَاحِفِ، وَيُوَلاَّهَا رَجُلٌ، وَالله لَقَدْ أَسْلَمْتُ، وَإِنَّهُ لَفِي صُلْبِ أَبِيْهِ كَافِرٌ.
يُرِيْدُ زَيْدَ بن ثَابِتٍ.
وِلِذَاكَ يَقُوْلُ عَبْدُ اللهِ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! اكْتُمُوا المَصَاحِفَ الَّتِي عِنْدَكُم وَغُلُّوْهَا، فَإِنَّ اللهَ قَالَ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ} ، فَالْقَوُا اللهَ بِالمَصَاحِفِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَبَلَغَنِي أَنَّ ذَلِكَ كُرِهِ مِنْ مَقَالَةِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، كَرِهَهُ رِجَالٌ مِنْ
الصَّحَابَةِ.أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَشْعَث، حَدَّثَنَا الهَيْصَمُ بنُ شدَاخٍ:
سَمِعْتُ الأَعْمَشَ، عَنْ يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
عَجَبٌ لِلنَّاسِ وَتَرْكِهِم قِرَاءتِي، وَأَخْذِهِم قِرَاءةَ زَيْدٍ، وَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَزَيْدٌ صَاحِبُ ذُؤَابَةٍ، يَجِيْءُ وَيذْهَبُ فِي المَدِيْنَةِ.
سَعْدَوَيْه: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
خَطَبَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:
غُلُّوا مَصَاحِفَكُم، كَيْفَ تَأْمُرُوْنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَى قِرَاءةِ زَيْدٍ، وَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَإِنَّ زَيْداً لَيَأْتِي مَعَ الغِلْمَانِ، لَهُ ذُؤَابَتَانِ.
قُلْتُ: إِنَّمَا شَقَّ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ، لِكَوْنِ عُثْمَانَ مَا قَدَّمَهُ عَلَى كِتَابَةِ المُصْحَفِ، وَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ مَنْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُوْنَ وَلَدَهُ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ عُثْمَانُ لِغَيْبَتِهِ عَنْهُ بِالكُوْفَةِ، وَلأَنَّ زَيْداً كَانَ يَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ إِمَامٌ فِي الرَّسْمِ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ فَإِمَامٌ فِي الأَدَاءِ، ثُمَّ إِنَّ زَيْداً هُوَ الَّذِي نَدَبَهُ الصِّدِّيْقُ لِكِتَابَةِ المُصْحَفِ وَجَمْعِ القُرْآنِ، فَهَلاَّ عَتَبَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ وَتَابَعَ عُثْمَانَ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.
وَفِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ أَشْيَاءُ أَظُنُّهَا نُسِخَتْ، وَأَمَّا زَيْدٌ فَكَانَ أَحْدَثَ القَوْمِ بِالعَرْضَةِ الأَخِيْرَةِ الَّتِي عَرَضَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ تُوُفِّيَ عَلَى جِبْرِيْلَ.
قَالَ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:قَدِمْتُ الشَّامَ، فَلَقِيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ:
كُنَّا نَعُدُّ عَبْدَ اللهِ حَنَّاناً، فَمَا بَالُهُ يُوَاثِبُ الأُمَرَاءَ؟
رَوَاهُ: ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي (المَصَاحِفِ).
وَبِإِسْنَادَيْنِ فِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَابِسٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
لَمَّا أَرَادَ عَبْدُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ المَدِيْنَةَ، جَمَعَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ:
وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ قَدْ أَصْبَحَ اليَوْمَ فِيْكُم مِنْ أَفْضَلِ مَا أَصْبَحَ فِي أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ مِنَ الدِّيْنِ وَالعِلْمِ بِالقُرْآنِ وَالفِقْهِ، إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى حُرُوْفٍ، وَاللهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلاَنِ لَيَخْتَصِمَانِ أَشَدَّ مَا اخْتَصَمَا فِي شَيْءٍ قَطُّ، فَإِذَا قَالَ القَارِئُ: هَذَا أَقْرَأَنِي، قَالَ: أَحْسَنْتَ.
وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ: أَعْجِلْ وَحَيَّ هَلاَ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
لَمَّا بَعَثَ عُثْمَانُ إِلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ يَأْمُرُهُ بِالمَجِيْءِ إِلَى المَدِيْنَةِ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالُوا:
أَقِمْ فَلاَ تَخْرُجْ، وَنَحْنُ نَمْنَعُكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ.
فَقَالَ: إِنَّ لَهُ عَلَيَّ طَاعَةً، وَإِنَّهَا سَتَكُوْنُ أُمُوْرٌ وَفِتَنٌ لاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُوْنَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهَا.
فَرَدَّ النَّاسَ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ.
مُحَمَّدُ بنُ سَنْجَرَ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ،
عَنْ سُفْيَانَ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بنِ مُسلمٍ، عَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
قَدْ مَرَّ مِثْلُ هَذَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَوِيٍّ.
شَرِيْكٌ: عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كُنَّا إِذَا تَعَلَّمْنَا مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ آيَاتٍ، لَمْ نَتَعَلَّمْ مِنَ العَشْرِ الَّتِي نَزَلَتْ بَعْدَهَا حَتَّى نَعْلمَ مَا فِيْهَا -يَعْنِي: مِنَ العِلْم -.
مِسْعَرٌ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، قَالَ:
سُئِلَ عَلِيٌّ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ:
قَرَأَ القُرْآنَ، ثُمَّ وَقَفَ عِنْدَهُ، وَكُفِيَ بِهِ.
وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ، وَزَادَ: وَعَلِمَ السُّنَّةَ.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ: مِنْ حَدِيْثِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، قَالَ:
أَتَيْنَا أَبَا مُوْسَى، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ عَبْدَ اللهِ، وَأَبَا مَسْعُوْدٍ، وَهُمْ يَنْظُرُوْنَ فِي مُصْحَفٍ، فَتَحَدَّثْنَا سَاعَةً، ثُمَّ رَاحَ عَبْدُ اللهِ.
فَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ: لاَ وَاللهِ، لاَ أَعْلَمُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرَكَ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنْ هَذَا القَائِمِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، إِذْ جَاءَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ، فَكَادَ الجُلُوْس يُوَارُوْنَهُ مِنْ قِصَرِهِ، فَضَحِكَ عُمَرُ حِيْنَ رَآهُ.
فَجَعَلَ عُمَرُ يُكَلِّمُهُ، وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، وَيُضَاحِكُهُ، وَهُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَلَّى، فَأَتْبَعَهُ عُمَرُ بَصَرَهُ حَتَّى تَوَارَى، فَقَالَ:
كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ أَسَدِ بنِ وَدَاعَةَ:
أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ ابْنَ مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ:
كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً، آثَرْتُ بِهِ أَهْلَ القَادِسِيَّةِ.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ:
أَنَّ مُهَاجَرَ عَبْدِ اللهِ كَانَ بِحِمْصَ، فَجَلاَهُ عُمَرُ إِلَى الكُوْفَةِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِم:
إِنِّي - وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ - آثَرْتُكُم بِهِ عَلَى نَفْسِي، فَخُذُوا مِنْهُ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى: عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
سَافَرَ عَبْدُ اللهِ سَفَراً يَذْكُرُوْنَ أَنَّ العَطَشَ قَتَلَهُ وَأَصْحَابَهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَقَالَ:
لَهُوَ أَنْ يُفَجِّرَ اللهُ لَهُ عَيْناً يَسْقِيْهِ مِنْهَا وَأَصْحَابَهُ أَظَنُّ عِنْدِي مِنْ أَنْ يَقْتُلَهُ عَطَشاً.
هُشَيْمٌ: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ رَأَى رَجُلاً قَدْ أَسْبَلَ،
فَقَالَ: ارْفَعْ إِزَارَكَ.فَقَالَ: وَأَنْتَ يَا ابْنَ مَسْعُوْدٍ فَارْفَعْ إِزَارَكَ.
قَالَ: إِنّ بِسَاقَيَّ حُمُوْشَةً، وَأَنَا أَؤُمُّ النَّاسَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ الرَّجُلَ، وَيَقُوْلُ:
أَتَرُدُّ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ ؟
مَعْمَرٌ: عَنْ زَيْدِ بنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
أَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ يَسْأَلُهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ رَاجَعَهَا حِيْنَ دَخَلَتْ فِي الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
فَقَالَ أَبِي: وَكَيْف يُفْتِي مُنَافِقٌ؟
فَقَالَ عُثْمَانُ: نُعِيْذُكَ بِاللهِ أَنْ تَكُوْنَ هَكَذَا.
قَالَ: هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
قَبِيْصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَبَّةَ بنِ جُوَيْنٍ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الكُوْفَةَ، أَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، فَسَأَلَهُم عَنْهُ حَتَّى رَأَوْا أَنَّهُ يَمْتَحِنُهُم، فَقَالَ:
وَأَنَا أَقُوْلُ فِيْهِ مِثْلَ الَّذِي قَالُوا وَأَفَضْلَ: قَرَأَ القُرْآنَ، وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، فَقِيْهٌ فِي الدِّيْنِ، عَالِمٌ بِالسُّنَّةِ.
وَفِي (مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ) : مِنْ رِوَايَةِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ - وَقِيْلَ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ عَبْدِ اللهِ - فَقَالَ: عَلِمَ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، ثُمَّ انْتَهَى.
وَقَالَ الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ:
إِنَّ أَبَا مُوْسَى اسْتُفْتِيَ فِي شَيْءٍ مِنَ الفَرَائِضِ، فَغَلِطَ، وَخَالَفَهُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ أَبُو مُوْسَى: لاَ تَسْأَلُوْنِي عَنْ شَيْءٍ
مَا دَامَ هَذَا الحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُم.وَرَوَى نَحْوَهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ.
وَرَوَى: غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلِ بنِ شُرَحْبِيْلَ بِنَحْوِ ذَلِكَ.
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُوْسَى يَقُوْلُ:
مَجْلِسٌ كُنْتٌ أُجَالِسُهُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ، أَوْثَقُ فِي نَفْسِي مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ.
الثَّوْرِيُّ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ حُرَيْثِ بنِ ظُهَيْرٍ، قَالَ:
جَاءَ نَعْيُ عَبْدِ اللهِ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: مَا تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ.
سَمِعَهَا: يَحْيَى القَطَّانُ مِنْ سُفْيَانَ.
أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ: عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ مُسلمٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
شَامَمْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى إِلَى سِتَّةٍ: عَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ، وَزَيْدٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأُبِيٍّ.
ثُمَّ شَامَمْتُ السِّتَّةَ، فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى
إِلَى عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ.وَبَعْضُهُم يَرْوِيْهِ عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوْقٍ.
وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: مَا أَعْدِلُ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ أَحَداً.
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: عَنْ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، قَالَ:
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا دَخَلَ الكُوْفَةَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنْفَعَ عِلْماً، وَلاَ أَفْقَهَ صَاحِباً مِنْ عَبْدِ اللهِ.
وَبِإِسْنَادِ (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ يَوْماً، فَقَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرُعِدَ حَتَّى رَعُدَتْ ثِيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ نَحْوَ ذَا، أَوْ شبِيْهاً بِذَا.
رَوَاهُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، فَأَبْدَلَ ابْنَ وَثَابٍ بِالشَّعْبِيِّ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: مُسلمٌ البَطِيْنُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ.
فَقَالَ القَعْنَبِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ مُسلمٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، قَالَ:
صَحِبْتُ عَبْدَ اللهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْراً، فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ حَدِيْثاً وَاحِداً، فَرَأَيْتُهُ يَفْرَقُ، ثُمَّ غَشِيَهُ بُهْرٌ، ثُمَّ قَالَ نَحْوَهُ، أَوْ شِبْهَهُ.
مِسْعَرٌ: عَنْ مَعْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَخِيْهِ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا هَدَأَتِ العُيُوْنُ قَامَ، فَسَمِعْتُ لَهُ دَوِيّاً كَدَوِيِّ النَّحْلِ.
ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زِيَادٌ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ:كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ حَسَنَ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ.
حُمَيْدُ بنُ الرَّبِيْعِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ بِعَيْنَيْ عَبْدِ اللهِ أَثَرَيْنِ أَسْوَدَيْنِ مِنَ البُكَاءِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بنِ سُوَيْدٍ، قَالَ:
أَكْثَرُوا عَلَى عَبْدِ اللهِ يَوْماً، فَقَالَ:
وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، لَوْ تَعْلَمُوْنَ عِلْمِي، لَحَثَيْتُمُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِي.
رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ.
وَفِي (مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ) : لِلثَّوْرِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْ تَعْلَمُوْنَ ذُنُوْبِي، مَا وَطِئَ عَقِبِي اثْنَانِ، وَلَحَثَيْتُمُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِي، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللهَ غَفَرَ لِي ذَنْباً مِنْ ذُنُوْبِي، وَأَنِّي دُعِيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ رَوْثَةَ.
قَالَ عَلْقَمَةُ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ:
مِمَّنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: مِنَ الكُوْفَةِ.
فَقَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ، وَالوِسَادِ، وَالمِطْهَرَةِ، وَفِيْكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ، وَفِيْكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللهُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى
لِسَانِ نَبِيِّهِ ؟عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ كَانَ يَقُوْلُ فِي دُعَائِهِ: خَائِفٌ مُسْتَجِيْرٌ، تَائِبٌ مُسْتَغْفِرٌ، رَاغِبٌ رَاهِبٌ.
الأَعْمَشُ: عَمَّنْ حَدَّثَهُ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ: لَوْ سَخِرْتُ مِنْ كَلْبٍ، لَخَشِيْتُ أَنْ أَكُوْنَ كَلْباً، وَإِنِّي لأَكْرَهُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغاً لَيْسَ فِي عَمَلِ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا.
وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ بَذِيْمَةَ، عَنْ قَيْسِ بنِ حَبْتَرٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ: حَبَّذَا المَكْرُوْهَانِ: المَوْتُ، وَالفَقْرُ، وَايْمُ اللهِ، مَا هُوَ إِلاَّ الغِنَى وَالفَقْرُ، مَا أُبَالِي بِأَيِّهِمَا ابْتُدِئْتُ، إِنْ كَانَ الفَقْرُ إِنَّ فِيْهِ لَلصَّبْرَ، وَإِنْ كَانَ الغِنَى إِنَّ فِيْهِ لَلْعَطْفَ، لأَنَّ حَقَّ اللهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاجِبٌ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلِ بنِ شُرَحْبِيْلَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ أَضَرَّ بِالدُّنْيَا، وَمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا أَضَرَّ بِالآخِرَةِ، يَا قَوْمُ! فَأَضِرُّوا بِالفَانِي لِلْبَاقِي.
أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أَيُّوْبَ سَعِيْدٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ
بنُ الوَلِيْدِ:سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ حُجَيْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:
أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ إِذَا قَعَدَ: إِنَّكُم فِي مَمَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فِي آجَالٍ مَنْقُوْصَةٍ، وَأَعْمَالٍ مَحْفُوْظَةٍ، وَالمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً، مَنْ زَرَعَ خَيْراً يُوْشِكُ أَنْ يَحْصُدَ رَغْبَةً، وَمَنْ زَرَعَ شَرّاً يُوْشِكُ أَنْ يَحْصُدَ نَدَامَةً، وَلكُلِّ زَارِعٍ مِثْلُ مَا زَرَعَ، لاَ يُسْبَقُ بَطِيْءٌ بِحَظِّهِ، وَلاَ يُدْرِكُ حَرِيْصٌ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ، فَمَنْ أُعْطِيَ خَيْراً فَاللهُ أَعْطَاهُ، وَمَنْ وُقِيَ شَرّاً فَاللهُ وَقَاهُ، المُتَّقُوْنَ سَادَةٌ، وَالفُقَهَاءُ قَادَةٌ، وَمُجَالَسَتُهُم زِيَادَةٌ.
العَلاَءُ بنُ خَالِدٍ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
ارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ تَكُنْ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَاجْتَنِبْ المَحَارِمَ تَكُنْ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ، وَأَدِّ مَا افْتُرِضَ عَلَيْك تَكُنْ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ.
عَلِيُّ بنُ الأَقْمَرِ: عَنْ عَمْرِو بنِ جُنْدَبٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
جَاهِدُوا المُنَافِقِيْنَ بِأَيْدِيْكُم، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيْعُوا فَبِأَلْسِنَتِكُم، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيْعُوا إِلاَّ أَنْ تَكْفَهِرُّوا فِي وُجُوْهِهِم، فَافْعَلُوا.
سَيْفُ بنُ عُمَرَ: عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَيْفٍ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ تَرَكَ عَطَاءهُ حِيْنَ مَاتَ عُمَرُ، وَفَعَلَ ذَلِكَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ أَغْنِيَاءُ، وَاتَّخَذَ لِنَفْسِهِ ضَيْعَةً بِرَاذَانَ، فَمَاتَ عَنْ تِسْعِيْنَ أَلْفِ مِثْقَالٍ، سِوَى رَقِيْقٍ وَعرُوْضٍ وَمَاشِيَةٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وَكِيْعٌ: عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:
أَوْصَى ابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَكَتَبَ:
إِنَّ وَصِيَّتِي إِلَى اللهِ، وَإِلَى الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، وَإِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ بنِ
الزُّبَيْرِ، وَإِنَّهُمَا فِي حِلٍّ وَبِلٍّ مِمَّا قَضَيَا فِي تَرِكَتِي، وَإِنَّهُ لاَ تُزَوَّجُ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِي إِلاَّ بِإِذْنِهِمَا.قُلْتُ: كَانَ قَدْ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَشَهِدَ فِي طَرِيْقِهِ بِالرَّبَذَةِ أَبَا ذَرٍّ، وَصَلَّى عَلَيْهِ.
السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى: عَنْ أَبِي شُجَاعٍ، عَنْ أَبِي ظَبْيَةَ، قَالَ:
مَرِضَ عَبْدُ اللهِ، فَعَادَهُ عُثْمَانُ، وَقَالَ: مَا تَشْتَكِي؟
قَالَ: ذُنُوْبِي.
قَالَ: فَمَا تَشْتَهِي؟
قَالَ: رَحْمَةَ رَبِّي.
قَالَ: أَلاَ آمُرُ لَكَ بِطَبِيْبٍ؟
قَالَ: الطَّبِيْبُ أَمْرَضَنِي.
قَالَ: أَلاَ آمُرُ لَكَ بِعَطَاءٍ؟
قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ.
كَذَا رَوَاهُ: سَعِيْدُ بنُ مَرْيَمَ، وَعَمْرُو بنُ الرَّبِيْعِ.
وَرَوَاهُ: ابْنُ وَهْبٍ، فَقَالَ: عَنْ شُجَاعٍ.
وَرَوَاهُ: عُثْمَانُ بنُ يَمَانٍ، وَحَجَّاجُ بنُ نُصَيْرٍ، عَنِ السَّرِيِّ، عَنْ شُجَاعٍ، عَنْ أَبِي فَاطِمَةَ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
دَخَلَ الزُّبَيْرُ عَلَى عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بَعْدَ وَفَاةِ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ:
أَعْطِنِي عَطَاءَ عَبْدِ اللهِ، فَعِيَالُ عَبْدِ اللهِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ بَيْتِ المَالِ.
فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:وَكَانَ عُثْمَانُ حَرَمَهُ عطَاءهُ سَنَتَيْنِ.
يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: عَنْ شَرِيْكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَاتَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بِالمَدِيْنَةِ، وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ نَحِيْفاً، قَصِيْراً، شَدِيْدَ الأُدْمَةِ.
وَكَذَا أَرَّخَهُ فِيْهَا جَمَاعَةٌ.
وَعَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ عَاشَ بِضْعاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي عُتْبَةَ: عَاشَ ثَلاَثاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ هُوَ، وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ مَاتَ فِي أَوَّلِهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُم: مَاتَ قَبْلَ عُثْمَانَ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ ريْذَةَ، أَنْبَأَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَبِشْرٌ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ:
إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ يُمْلِي المَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.
فَفَزِعَ عُمَرُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! انْظُرْ مَا تَقُوْلُ.
وَغَضِبَ، فَقَالَ: مَا جِئْتُكَ إِلاَّ بِالحَقِّ.
قَالَ: مَنْ هُوَ؟
قَالَ: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ:
إِنَّا سَمَرْنَا لَيْلَةً فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي بَعْضِ مَا يَكُوْنُ مِنْ حَاجَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ خَرَجْنَا وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ.
فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى المَسْجِدِ، إِذَا رَجُلٌ يَقْرَأُ، فَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَمِعُ إِلَيْهِ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَعْتَمْتَ.
فَغَمَزَنِي بِيَدِهِ: اسْكُتْ.
قَالَ: فَقَرَأَ، وَرَكَعَ،
وَسَجَدَ، وَجَلَسَ يَدْعُو وَيَسْتَغْفِرُ.فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (سَلْ تُعْطَهُ) .
ثُمَّ قَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ رَطْباً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْ قِرَاءةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) .
فَعَلِمْتُ أَنَا وَصَاحِبِي أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ.
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، غَدَوْتُ إِلَيْهِ لأُبَشِّرَهُ، فَقَالَ: سَبَقَكَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ.
وَمَا سَابَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ، إِلاَّ سَبَقَنِي إِلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ: زَائِدَةُ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ.
ابْنِ شَمْخِ بنِ فَارِ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ صَاهِلَةَ بنِ كَاهِلِ بنِ الحَارِثِ بنِ تَمِيْمِ بنِ سَعْدِ بنِ هُذَيْلِ بنِ مُدْرَكَةَ بنِ إِلْيَاسِ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارٍ.
الإِمَامُ الحَبْرُ، فَقِيْهُ الأُمَّةِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهُذَلِيُّ، المَكِّيُّ، المُهَاجِرِيُّ، البَدْرِيُّ، حَلِيْفُ بَنِي زُهْرَةَ.
كَانَ مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَمِنَ النُّجَبَاءِ العَالِمِيْنَ، شَهِدَ بَدْراً، وَهَاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ، وَكَانَ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ عَلَى النَّفْلِ، وَمَنَاقِبُهُ غَزِيْرَةٌ، رَوَى عِلْماً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُوْسَى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ، وَجَابِرٌ، وَأَنَسٌ، وَأَبُو أُمَامَةَ، فِي طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَلْقَمَةُ،
وَالأَسْوَدُ، وَمَسْرُوْقٌ، وَعُبَيْدَةُ، وَأَبُو وَاثِلَةَ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، وَالرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ، وَطَارِقُ بنُ شِهَابٍ، وَزَيْدُ بنُ وَهْبٍ، وَوَلَدَاهُ؛ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الأَحْوَصِ عَوْفُ بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.وَرَوَى عَنْهُ القِرَاءةَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعُبَيْدُ بنُ نُضَيْلَةَ، وَطَائِفَةٌ.
اتَّفَقَا لَهُ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) عَلَى أَرْبَعَةٍ وَسِتِّيْنَ.
وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِإِخْرَاجِ أَحَدٍ وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ بِإِخْرَاجِ خَمْسَةٍ وَثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً.
وَلَهُ عِنْدَ بَقِيٍّ بِالمُكَرَّرِ ثَمَانِي مَائَةٍ وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ: رَأَيْتُهُ آدَمَ، خَفِيْفَ اللَّحْمِ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ رَجُلاً نَحِيْفاً، قَصِيْراً، شَدِيْدَ الأُدْمَةِ، وَكَانَ لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
وَرَوَى: الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ لَطِيْفاً، فَطِناً.
قُلْتُ: كَانَ مَعْدُوْداً فِي أَذْكِيَاءِ العُلَمَاءِ.
وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ عَظِيْمَ البَطْنِ، أَحْمَشَ السَّاقَيْنِ.
قُلْتُ: رَآهُ سَعِيْدٌ لَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ عَامَ تُوُفِّيَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ يُعْرَفُ أَيْضاً بِأُمِّهِ، فَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ:
أُمُّهُ: هِيَ أُمُّ عَبْدٍ بِنْتُ عَبْدِ وُدٍّ بنِ سُوَيٍّ، مِنْ بَنِي زُهْرَةَ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كَنَّانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ
قَبْلَ أَنْ يُوْلَدَ لِي.وَرَوَى: المَسْعُوْدِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ مِيْنَا، عَنْ نُوَيْفِعٍ مَوْلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ ثَوْباً أَبْيَضَ، وَأَطْيَبَ النَّاسِ رِيْحاً.
يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بنُ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ عَلِمْتُهُ مِنْ أَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قَدِمْتُ مَكَّةَ مَعَ عُمُوْمَةٍ لِي - أَوْ أُنَاسٍ مِنْ قَوْمِي - نَبْتَاعُ مِنْهَا مَتَاعاً، وَكَانَ فِي بُغْيَتِنَا شِرَاءُ عِطْرٍ، فَأَرْشَدُوْنَا عَلَى العَبَّاسِ.
فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى زَمْزَمَ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَابِ الصَّفَا، أَبْيَضُ، تَعْلُوْهُ حُمْرَةٌ، لَهُ وَفْرَةٌ جَعْدَةٌ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ، أَشَمُّ، أَقْنَى، أَذْلَفُ، أَدْعَجُ العَيْنَيْنِ، بَرَّاقُ الثَّنَايَا، دَقِيْقُ المَسْرُبَةِ، شَثْنُ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ، كَأَنَّهُ القَمَرُ لَيْلَةَ البَدْرِ، يَمْشِي عَلَى يَمِيْنِهِ غُلاَمٌ حَسَنُ الوَجْهِ، مُرَاهِقٌ، أَوْ مُحْتَلِمٌ، تَقْفُوْهُمُ امْرَأَةٌ قَدْ سَتَرَتْ مَحَاسِنَهَا، حَتَّى قَصَدَ نَحْوَ الحَجَرِ، فَاسْتَلَمَ، ثُمَّ اسْتَلَمَ الغُلاَمُ، وَاسْتَلَمَتِ المَرْأَةُ.
ثُمَّ طَافَ بِالبَيْتِ سَبْعاً، وَهُمَا يَطُوْفَانِ مَعَهُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الرُّكْنَ، فَرَفَعَ يَدَهُ وَكَبَّرَ، وَقَامَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ، فَرَأَيْنَا شَيْئاً أَنْكَرْنَاهُ، لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهُ بِمَكَّةَ.
فَأَقْبَلْنَا عَلَى العَبَّاسِ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا الفَضْلِ! إِنَّ هَذَا الدِّيْنَ حَدَثٌ فِيْكُم، أَوْ أَمْرٌ لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهُ؟
قَالَ: أَجَلْ - وَاللهِ - مَا تَعْرِفُوْنَ هَذَا، هَذَا ابْنُ أَخِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَالغُلاَمُ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالمَرْأَةُ خَدِيْجَةُ بِنْتُ خُوَيْلدٍ امْرَأَتُهُ، أَمَا وَاللهِ مَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ يَعْبُدُ اللهَ بِهَذَا الدِّيْنِ، إِلاَّ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ.
قَالَ ابْنُ شَيْبَةَ: لاَ نَعْلَمُ رَوَى هَذَا إِلاَّ بِشْرٌ الخَصَّافُ، وَهُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ.مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مَعْنٍ المَسْعُوْدِيُّ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَادِسَ سِتَّةٍ، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مُسْلِمٌ غَيْرُنَا.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَسْلَمَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بَعْدَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ نَفْساً.
وَعَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ:
أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ قَبْلَ دُخُوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ إِجَازَةً، عَنْ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ بَيَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ (ح) .
وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ الحَافِظِ بنِ بَدْرَانَ، أَخْبَرَكُمَا أَبُو البَرَكَاتِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ الخَلِيْلِ بنِ فَارِسٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مَائَةٍ، وَأَنَا فِي الخَامِسَةِ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الجَلاَلِ، وَابْنُ مُؤْمِنٍ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ القَاضِي، أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بنُ عَلِيٍّ الثَّعْلَبِيُّ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ
بنُ صَصْرَى، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى بنُ الحُبُوْبِيِّ (ح) .وَأَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الطَّائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الأُرْمَوِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْدَاوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَسِتُّ الفَخْرِ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا:
أَخْبَرَتْنَا كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ الحُبُوْبِيِّ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ العَبْدِيُّ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالمُسلمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
كُنْتُ أَرْعَى غَنَماً لِعُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَمَرَّ بِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: (يَا غُلاَمُ! هَلْ مِنْ لَبَنٍ؟) .
قُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي مُؤْتَمَنٌ.
قَالَ: فَهَلْ مِنْ شَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الفَحْلُ؟
فَأَتَيْتُهُ بِشَاةٍ، فَمَسَحَ ضِرْعَهَا، فَنَزَلَ لَبَنٌ، فَحَلَبَ فِي إِنَاءٍ، فَشَرِبَ، وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ.
ثُمَّ قَالَ لِلضِّرْعِ: (اقْلُصْ) .
فَقَلَصَ.
زَادَ أَحْمَدُ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا.
ثُمَّ اتَّفَقَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا القَوْلِ.
فَمَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ: (يَرْحَمُكَ اللهُ، إِنَّكَ غُلَيِّمٌ مُعَلَّمٌ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَادِ.
وَرَوَاهُ: أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَفِيْهِ زِيَادَةٌ، مِنْهَا:
فَلَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، مَا نَازَعَنِي فِيْهَا بَشَرٌ.
وَرَوَاهُ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، عَنْ سَلاَمٍ أَبِي المُنْذِرِ، عَنْ عَاصِمٍ، وَفِيْهِ قَالَ:فَأَتَيْتُهُ بِصَخْرَةٍ مُنْقَعِرَةٍ، فَحَلَبَ فِيْهَا.
قَالَ: فَأَسْلَمْتُ، وَأَتَيْتُهُ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ سِتَّةٌ.
فَقَالَ المُشْرِكُوْنَ: اطْرُدْ هَؤُلاَءِ عَنْكَ، فَلاَ يَجْتَرِئُوْنَ عَلَيْنَا.
وَكُنْتُ أَنَا، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، وَرَجُلاَنِ نَسِيْتُ اسْمَهُمَا.
فَوَقَعَ فِي نَفْسِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا شَاءَ اللهُ، وَحَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ.
فَأَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى-: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِيْنَ يَدْعُوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ} [الأَنْعَامُ : 52، 53] .
رَوَاهُ: قَبِيْصَةُ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ المِقْدَامِ.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالقُرْآنِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ.
أَبُو بَكْرٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ قَرَأَ آيَةً عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ.
قُلْتُ: هَذَا مُؤَوَّلٌ، فَقَدْ صَلَّى قَبْلَ عَبْدِ اللهِ جَمَاعَةٌ بِالقُرْآنِ.أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) : حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَرَوَى مِثْلَهُ: سُفْيَانُ بنُ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بنِ مُسلمٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
رَوَاهُ: الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ ) .
وَفِيْهِ: لِمُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَخْبَرَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ آدَمَ، لَطِيْفَ الجِسْمِ، ضَعِيْفَ اللَّحْمِ.
قُلْتُ: أَكْثَرُ مَنْ آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُم مُهَاجِرِيٌّ وَأَنْصَارِيٍّ.
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: وَمِمَّنْ قَدِمَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الحَبَشَةِ - الهِجْرَةِ الأُوْلَى إِلَى مَكَّةَ - عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ.
يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
مَا بَقِيَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهُمُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ:
سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُوْدٍ وَأَبَا مُوْسَى
حِيْنَ مَاتَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ، وَأَحَدُهُمَا يَقُوْلُ لِصَاحِبِهِ: أَتَرَاهُ تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؟قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَقَدْ كَانَ يُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا، وَيَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا.
يَحْيَى: عَنْ قُطْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ بِنَحْوِهِ.
وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ اليَمَنِ، فَمَكَثْنَا حِيْناً، وَمَا نَحْسِبُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ وَأُمَّهُ إِلاَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِكَثْرَةِ دُخُوْلِهِم وَخُرُوْجِهِم عَلَيْهِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ، وَمَا أَرَاهُ إِلاَّ عَبْدَ آلِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
حَدَّثَنَا السِّلَفِيُّ، حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَبْدَ اللهِ! إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ تَرْفَعَ الحِجَابَ، وَتَسْمَعَ سِوَادِي
حَتَّى أَنْهَاكَ ) .رَوَاهُ: الثَّوْرِيُّ، وَزَائِدَةُ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
وَفِي لَفْظٍ: (أَنْ تَرْفَعَ السِّتْرَ، وَأَنْ تَسْتَمِعَ سِوَادِي) .
وَرَوَاهُ: سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ.
وَكَذَا رَوَاهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الحَسَنِ.
وَالسِّوَادُ: السِّرَارُ، وَقِيْلَ: المُحَادَثَةُ.
وَفِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: كُنْتُ لاَ أُحْبَسُ عَنِ النَّجْوَى، وَعَنْ كَذَا، وَعَنْ كَذَا.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ صَاحِبَ سِوَادِ رَسُوْلِ اللهِ - يَعْنِي سِرَّهُ - وَوِسَادِهِ - يَعْنِي فِرَاشَهُ - وَسِوَاكِهِ، وَنَعْلَيْهِ، وَطَهُوْرِهِ، وَهَذَا يَكُوْنُ فِي السَّفَرِ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ يُلْبِسُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَعْلَيْهِ، ثُمَّ يَمْشِي أَمَامَهُ بِالعَصَا، حَتَّى إِذَا أَتَى مَجْلِسَهُ نَزَعَ نَعْلَيْهِ، فَأَدْخَلَهُمَا فِي ذِرَاعِهِ، وَأَعْطَاهُ العَصَا، وَكَانَ يَدْخُلُ
الحُجْرَةَ أَمَامَهُ بِالعَصَا.المَسْعُوْدِيُّ: عَنْ عَيَّاشٍ العَامِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ صَاحِبَ الوِسَادِ، وَالسِّوَاكِ، وَالنَّعْلِيْنِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِيْنَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} الآيَة، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قِيْلَ لِي: أَنْتَ مِنْهُم) .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
مَنْصُوْرٌ، وَالأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ، فَجَاءَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ هَدْياً وَدَلاًّ وَقَضَاءً وَخُطْبَةً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حِيْنِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، إِلَى أَنْ يَرْجِعَ، لاَ أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ لَعَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ، وَلَقَدْ عَلِمَ المُتَهَجِّدُوْنَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ عَبْدَ اللهِ مِنْ أَقْرَبِهِم عِنْدَ اللهِ وَسِيْلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ.
لَفْظُ مَنْصُوْرٍ: كَذَا قَالَ المُتَهَجِّدُوْنَ، وَلَعَلَّهُ المُجْتَهِدُوْنَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ، فَجَاءَ خَبَّابُ بنُ
الأَرَتِّ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا فِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:أَكُلُّ هَؤُلاَءِ يَقْرَؤُوْنَ كَمَا تَقْرَأُ؟
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ شِئْتَ أَمَرْتُ بَعْضَهُمْ يَقْرَأُ.
قَالَ: أَجَل.
فَقَالَ: اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ.
فَقَالَ فُلاَنٌ: أَتَأْمُرُهُ أَنْ يَقْرَأَ وَلَيْسَ بِأَقْرَئِنَا؟
قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ بِمَا قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْمِهِ وَقَوْمِكَ.
قَالَ عَلْقَمَةُ: فَقَرَأْتُ خَمْسِيْنَ آيَةً مِنْ سُوْرَةِ مَرْيَمَ.
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا قَرَأَ إِلاَّ كَمَا أَقْرَأُ.
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ: أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الخَاتَمِ أَنْ يُطْرَحَ؟
فَنَزَعَه، وَرَمَى بِهِ، وَقَالَ: وَاللهِ لاَ تَرَاهُ عَلَيَّ أَبَداً.
شَيْبَانُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، قَالَ:
أَتَيْتُ أَبَا مُوْسَى وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللهِ، وَأَبُو مَسْعُوْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَهُمْ يَنْظُرُوْنَ إِلَى مُصْحَفٍ.
فَتَحَدَّثْنَا سَاعَةً، ثُمَّ خَرَجَ عَبْدُ اللهِ، وَذَهَبَ.
فَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ: وَاللهِ مَا أَعْلَمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرَكَ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنْ هَذَا القَائِمِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَالَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، لَقَدْ قَرَأتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنِّي تُبَلِّغُنِيْهُ الإِبِلُ لأَتَيْتُهُ.
جَامِعُ بنُ شَدَّادٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مِرْدَاسٍ:كَانَ عَبْدُ اللهِ يَخْطُبُنَا كُلَّ خَمْسٍ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَنَشْتَهِي أَنْ يَزِيْدَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ:
قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: لَوْ تَعْلَمُوْنَ ذُنُوْبِي مَا وَطِئَ عَقِبِي رَجُلاَنِ.
جَابِرُ بنُ نُوْحٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَا نَزَلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ وَأَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ نَزَلَتْ، وَفِيْمَا نَزَلَتْ، الحَدِيْثَ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْرِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَزَيْدٌ لَهُ ذُؤَابَةٌ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ.
عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيْقٍ:قَالَ عَبْدُ اللهِ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ} [آلُ عِمْرَانَ: 161] عَلَى قِرَاءةِ مَنْ تَأْمُرُوْنِي أَنْ أَقْرَأَ؟
لَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ.
قَالَ شَقِيْقٌ: فَجَلَسْتُ فِي حِلَقٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا سَمِعْتُ أَحَداً مِنْهُمْ يَعِيْبُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِمَّا قَالَ، وَلاَ يَرُدُّ عَلَيْهِ.
شُعْبَةُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:أَنَّهُم ذَكَرُوا قِرَاءتَهُ، فَكَأَنَّهُمْ عَابُوْهُ، فَقَالَ:
لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ أَنِّي أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ.
ثُمَّ كَأَنَّهُ نَدِمَ، فَقَالَ: وَلَسْتُ بِخَيْرِهِم.
سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
لَمَّا أَمَرَ عُثْمَانُ بِتَشْقِيْقِ المَصَاحِفِ، قَامَ عَبْدُ اللهِ خَطِيْباً، فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَ
أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ.ثُمَّ قَالَ: وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِم.
زَائِدَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَعَبْدُ اللهِ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَافْتَتَحَ سُوْرَةَ النِّسَاءِ يَسْجِلُهَا.
فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأِ قِرَاءةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) .
فَأَخَذَ عَبْدُ اللهِ فِي الدُّعَاءِ، فَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (سَلْ تُعْطَ) .
فَكَانَ فِيْمَا سَأَلَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيْمَاناً لاَ يَرْتَدُّ، وَنَعِيْماً لاَ يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَعْلَى جِنَانِ الخُلْدِ.
فَأَتَى عُمَرُ عَبْدَ اللهِ يُبَشِّرُهُ، فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ خَارِجاً قَدْ سَبَقَهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَسَبَّاقٌ بِالخَيْرِ.
رَوَاهُ: يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَغَيْرُهُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ بِعَرَفَةَ (ح) .
وَالأَعْمَشُ: عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بنِ مَرْوَانَ:
أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ، فَقَالَ: جِئْتُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مِنَ الكُوْفَةِ، وَتَرَكْتُ بِهَا رَجُلاً يُمْلِي المَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.
فَغَضِبَ عُمَرُ، وَانْتَفَخَ حَتَّى كَادَ يَمْلأُ مَا بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّجُلِ.
فَقَالَ: وَمَنْ هُوَ وَيْحَكَ؟
فَقَالَ: ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
فَمَا زَالَ يُطْفِئُ غَضَبَهُ، وَيَتَسَرَّى عَنْهُ حَتَّى عَادَ إِلَى حَالِهِ، ثُمَّ قَالَ:
وَيْحَكَ! وَاللهِ مَا أَعْلَمُ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ هُوَ
أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثُكَ:كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَزَالُ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَلِكَ فِي الأَمْرِ مِنْ أَمْرِ المُسْلِمِيْنَ، وَإِنَّهُ سَمَرَ عِنْدَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَأَنَا مَعَهُ، فَخَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المَسْجِدِ.
فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ يَسْمَعُ قِرَاءتَهُ، فَلَمَّا كِدْنَا أَنْ نَعْرِفَهُ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ رَطْباً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) .
قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ يَدْعُو، فَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ لَهُ: (سَلْ تُعْطَهُ) .
فَقُلْتُ: وَاللهِ لأَغْدُوَنَّ إِلَيْهِ، فَلأُبَشِّرُهُ.
قَالَ: فَغَدَوْتُ، فَوَجَدْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَنِي.
رَوَاهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، عَنْ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، ... فَذَكَرَ القِصَّةَ.
مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ صَخْرٍ الأَيْلِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ وَهُوَ يَقْرَأُ حَرْفاً حَرْفاً، فَقَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَسْمَعْهُ مِنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ ) .
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي (المُسْنَدِ) : حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ عِيْسَى بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ المُصْطَلِقِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوِ مَا قَبْلَهُ.
وَرَوَى:
جَرِيْرُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوِهِ.زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَوْ كُنْتُ مُؤَمِّراً أَحَداً عَنْ غَيْرِ مَشُوْرَةٍ، لأَمَّرْتُ عَلَيْهِم ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ ) .
رَوَاهُ: وَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَرَوَاهُ: أَبُو سَعِيْدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَقَدْ رَوَاهُ: القَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَاصِمُ بنُ ضَمْرَةَ بَدَلَ الحَارِثِ.
وَلَفْظُ وَكِيْعٍ: (لَوْ كُنْتُ مُسْتَخْلِفاً مِنْ غَيْرِ مَشُوْرَةٍ، لاَسْتَخْلَفْتُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ) .
ابْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ، عَنْ أُمِّ مُوْسَى: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
أَمَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَ مَسْعُوْدٍ، فَصَعَدَ شَجَرَةً يَأْتِيْهِ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى سَاقِ عَبْدِ اللهِ، فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوْشَةِ سَاقَيْهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا تَضحكُوْنَ؟ لَرِجْلُ
عَبْدِ اللهِ أَثْقَلُ فِي المِيْزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ ) .وَرَوَاهُ: جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ.
وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ نَحْوَهُ.
وَرَوَاهُ: أَبُو عَتَّابٍ الدَّلاَّلُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ بنِ إِيَاسٍ المُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَهُ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلَىً لِرِبْعِيٍّ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ).
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ هَكَذَا عَنْهُ.
وَرَوَاهُ: أَسْبَاطٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، فَأَسْقَطَ مِنْهُ مَوْلَى رِبْعِيٍّ.
وَرَوَاهُ: مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ.
وَرَوَاهُ: سَالِمٌ المُرَادِيُّ، عَنْ عَمْرِو بنِ هَرِمٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ.
وَقَالَ: وَكِيْعٌ، عَنْ سَالِمٍ المُرَادِيِّ، فَقَالَ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، وَالأَوَّلُ أَشْبَهُ.
وَرَوَاهُ: يَحْيَى بنُ سَلَمَةَ بنِ
كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ... ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ يَعْلَى: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (رَضِيْتُ لأُمَّتِي مَا رَضِيَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ) .
رَوَاهُ: الثَّوْرِيُّ، وَإِسْرَائِيْلُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرْسَلاً.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَة: عَنْ أَبِي العُمَيْسِ، عَنِ القَاسِمِ مُرْسَلاً.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، عَنِ المَسْعُوْدِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قَدْ رَضِيْتُ لَكُم مَا رَضِيَ لَكُمُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ).
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَتَّابٍ سَهْلُ بنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
صَعَدَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ شَجَرَةً، فَجَعَلُوا يَضْحَكُوْنَ مِنْ دِقَّةِ
سَاقَيْهِ.فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَهُمَا فِي المِيْزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ ) .
حَاتِمُ بنُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ مُوْسَى بنِ يَعْقُوْبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، حَدَّثَتْنِي سَارَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ عَبْدَ اللهِ أَثْقَلُ فِي المِيْزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ ) .
عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْرَأْ عَلَيَّ القُرْآنَ) .
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟!
قَالَ: (إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) .
فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُوْرَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيْدٍ، وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيْداً} [النِّسَاءُ: 41] ، فَغَمَزَنِي بِرِجْلِهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.
رَوَاهُ: أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، فَقَالَ: عَلْقَمَةُ بَدَلَ عُبَيْدَةَ.
وَرَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مُنْقَطِعاً.
البَزَّارُ صَاحِبُ (المُسْنَدِ) : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا مِفْضَلُ بنُ مُحَمَّدٍ الكُوْفِيُّ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، وَمُغِيْرَةُ، وَابْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:اسْتَقْرَأَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ سُوْرَةَ النِّسَاءِ، فَقَرَأْتُ حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيْدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيْداً} .
فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْ عَلَى قِرَاءةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ) .
مِفْضَلٌ تَرَكَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَمَشَّاهُ غَيْرُهُ.
الحُمَيْدِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنِ القَاسِمِ:
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لابْنِ مَسْعُوْدٍ: (اقْرَأْ) .
فَقَالَ: أَقْرَأُ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! ... الحَدِيْثَ.
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ القَضَائِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ مُحَمَّدٍ القُبَّيْطِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ أَسْبَاطٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ).
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بنُ شَيْبَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو نَوْفَلٍ بنُ أَبِي عَقْرَبٍ، قَالَ:قَالَ عَمْرُو بنُ العَاصِ فِي مَرَضِهِ، وَقَدْ جَزِعَ، فَقِيْلَ لَهُ:
قَدْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُدْنِيْكَ وَيَسْتَعْمِلُكَ؟!
قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا كَانَ ذَاكَ مِنْهُ، أَحُبٌّ أَوْ كَانَ يَتَأَلَّفُنِي، وَلَكِنْ أَشْهَدُ عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ يُحِبُّهُمَا: ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ، وَابْنِ سُمَيَّةَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ كَثِيْرٍ النَّوَّاءِ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُلَيْلٍ :
سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلاَّ وَقَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَبَاءَ رُفَقَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيْتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَجَعْفَرٌ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالمِقْدَادُ، وَحُذَيْفَةُ، وَعَمَّارٌ، وَسَلْمَانُ ) .
رَوَاهُ: عَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ البَرِيْدِ، عَنْ كَثِيْرٍ، فَوَقَفَهُ عَلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ أَشْبَهُ.
أُنْبِئْتُ عَنِ الخُشُوْعِيِّ، وَغَيْرِهِ:
أَنَّ مُرْشِدَ بنَ يَحْيَى أَنْبَأَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الطَّفَّالُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدُوْسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ أَبِيْهِ، وَإِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ صَرِيْعٌ، وَهُوَ
يَذُبُّ النَّاسَ بِسَيْفِهِ، فَقُلْتُ:الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللهِ!
قَالَ: هَلْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ قَتَلَهُ قَوْمُهُ، فَجَعَلْتُ أَتَنَاوَلُهُ بِسَيْفٍ لِي، فَأَصَبْتُ يَدَهُ، فَنَدَرَ سَيْفُهُ، فَأَخَذَتْهُ، فَضَرَبْتُهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَأَنَّمَا أَقَلَّ مِنَ الأَرْضِ.
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: (اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) .
قَالَ: فَقَامَ مَعِي حَتَّى خَرَجَ يَمْشِي مَعِي حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: (الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللهِ، هَذَا كَانَ فِرْعُوْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ ) .
قَالَ وَكِيْعٌ:
وَزَادَ فِيْهِ: أَبِي، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ:
فَنَفَلَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفَهُ.
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، عَنْ مُحْتَسِبٍ البَصْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ:
خَطَبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُطْبَةً خَفِيْفَةً، فَلَمَّا فَرَغ مِنْ خُطْبَتِهِ، قَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَخَطَبَ، فَقَصَّرَ دُوْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ثُمَّ قَالَ: (يَا عُمَرُ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَقَامَ عُمَرُ، فَقَصَّرَ دُوْنَ أَبِي بَكْرٍ.
ثُمَّ قَالَ: (يَا فُلاَنُ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَشَقَّقَ القَوْلَ، فَقَالَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اسْكُتْ أَوِ اجْلِسْ، فَإِنَّ التَّشْقِيْقَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ البَيَانَ مِنَ السِّحْرِ) .
وَقَالَ: (يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَقَامَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ،
ثُمَّ قَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- رَبُّنَا، وَإِنَّ الإِسْلاَم دِيْنُنَا، وَإِنَّ القُرْآنَ إِمَامُنَا، وَإِنَّ البَيْتَ قِبْلَتُنَا، وَإِنَّ هَذَا نَبِيُّنَا - وَأَوْمَأَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَضِيْنَا مَا رَضِيَ اللهُ لَنَا وَرَسُوْلُهُ، وَكَرِهْنَا مَا كَرِهَ اللهُ لَنَا وَرَسُوْلُهُ، وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُم.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَصَابَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ وَصَدَقَ، رَضِيْتُ بِمَا رَضِيَ اللهُ لأُمَّتِي وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، وَكَرِهْتُ مَا كَرِهَ اللهُ لأُمَّتِي وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ) .
إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.
رَوَاهُ: الطَّبَرَانِيُّ فِي (مُعْجَمِهِ) .
وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ هَكَذَا ابْنُ خُثَيْمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، هَكَذَا هُوَ فِي (تَارِيْخ دِمَشْقَ) .
وَرَوَاهُ: مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيُّ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ نَحْوَهُ.
وَسَعِيْدٌ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَلاَ أَدْرِي مَنْ هُوَ مُحْتَسِبٌ؟
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ يَزِيْدَ، قَالَ:
قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَخْبِرْنَا بِرَجُلٍ قَرِيْبِ السَّمْتِ وَالدَّلِّ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَلْزَمَهُ.
قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً أَقْرَبَ سَمْتاً وَلاَ هَدْياً وَلاَ دَلاًّ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يُوَارِيَهُ جِدَارُ بَيْتِهِ مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.
وَلَقَدْ عَلِمَ المَحْفُوْظُوْنَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ مِنْ أَقْرَبِهِم إِلَى اللهِ زُلْفَةً.
قَوْلُهُ: وَلَقَدْ عَلِمَ ... اِلْخَ، رَوَاهُ: غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ.
نُعَيْمٌ : حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ ذَكَرَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: أَهْلَكَهُ الشُّحُّ وَبِطَانَةُ السُّوْءِ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ يُشْبِهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ يُشَبَّهُ بِعَبْدِ اللهِ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بنِ مُضَرِّبٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بنُ
الخَطَّابِ إِلَى أَهْلِ الكُوْفَةِ:إِنَّنِي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَمَّاراً أَمِيْراً، وَابْنَ مَسْعُوْدٍ مُعَلِّماً وَوَزِيْراً، وَهُمَا مِنَ النُّجَبَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَاسْمَعُوا لَهُمَا، وَاقْتَدُوا بِهِمَا، وَقَدْ آثَرْتُكُم بِعَبْدِ اللهِ عَلَى نَفْسِي.
الأَعْمَشُ: عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَذَكَرَ ابْنَ مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ:
لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ) .
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ.
وَقَدْ رَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَوَكِيْعٌ، وَسُفْيَانُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيَعْلَى، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَلَعَلَّهُ عِنْدَ الأَعْمَشِ بِالإِسْنَادَيْنِ.
وَقَدْ رَوَاهُ: شُعْبَةُ أَيْضاً، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ مَسْرُوْقٍ.
وَرَوَاهُ: زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَلاَّنَ، وَغَيْرُهُ كِتَابَةً، أَنَّ حَنْبَلَ بنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ، أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْرِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
أُمِرَ بِالمَصَاحِفِ أَنْ تُغَيَّرَ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ:
مَنِ اسْتطَاعَ مِنْكُم أَنْ يَغِلَّ مُصْحَفَهُ فَلْيَغِلَّهُ، فَإِنَّهُ مَنْ غَلَّ شَيْئاً جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فَمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، أَفَأَتْرُكُ مَا أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ
الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟! أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) ، عَنْ عَمْرِو بنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْرٍ:
سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ: إِنِّي غَالٌّ مُصْحَفِي، ... وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ، فَدَخَلْنَا إِلَيْهِ، فَقُلْنَا:
اقْرَأْ عَلَيْنَا سُوْرَةَ البَقَرَةِ.
قَالَ: لاَ أَحْفَظُهَا.
تَفَرَّدَ بِهِ: الوَاقِدِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوْكٌ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ كَرِهَ لِزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ نَسْخَ المَصَاحِفِ، وَقَالَ:
يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِيْنَ! أُعْزَلُ عَنْ نَسْخِ المَصَاحِفِ، وَيُوَلاَّهَا رَجُلٌ، وَالله لَقَدْ أَسْلَمْتُ، وَإِنَّهُ لَفِي صُلْبِ أَبِيْهِ كَافِرٌ.
يُرِيْدُ زَيْدَ بن ثَابِتٍ.
وِلِذَاكَ يَقُوْلُ عَبْدُ اللهِ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! اكْتُمُوا المَصَاحِفَ الَّتِي عِنْدَكُم وَغُلُّوْهَا، فَإِنَّ اللهَ قَالَ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ} ، فَالْقَوُا اللهَ بِالمَصَاحِفِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَبَلَغَنِي أَنَّ ذَلِكَ كُرِهِ مِنْ مَقَالَةِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، كَرِهَهُ رِجَالٌ مِنْ
الصَّحَابَةِ.أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَشْعَث، حَدَّثَنَا الهَيْصَمُ بنُ شدَاخٍ:
سَمِعْتُ الأَعْمَشَ، عَنْ يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
عَجَبٌ لِلنَّاسِ وَتَرْكِهِم قِرَاءتِي، وَأَخْذِهِم قِرَاءةَ زَيْدٍ، وَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَزَيْدٌ صَاحِبُ ذُؤَابَةٍ، يَجِيْءُ وَيذْهَبُ فِي المَدِيْنَةِ.
سَعْدَوَيْه: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
خَطَبَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:
غُلُّوا مَصَاحِفَكُم، كَيْفَ تَأْمُرُوْنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَى قِرَاءةِ زَيْدٍ، وَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَإِنَّ زَيْداً لَيَأْتِي مَعَ الغِلْمَانِ، لَهُ ذُؤَابَتَانِ.
قُلْتُ: إِنَّمَا شَقَّ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ، لِكَوْنِ عُثْمَانَ مَا قَدَّمَهُ عَلَى كِتَابَةِ المُصْحَفِ، وَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ مَنْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُوْنَ وَلَدَهُ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ عُثْمَانُ لِغَيْبَتِهِ عَنْهُ بِالكُوْفَةِ، وَلأَنَّ زَيْداً كَانَ يَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ إِمَامٌ فِي الرَّسْمِ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ فَإِمَامٌ فِي الأَدَاءِ، ثُمَّ إِنَّ زَيْداً هُوَ الَّذِي نَدَبَهُ الصِّدِّيْقُ لِكِتَابَةِ المُصْحَفِ وَجَمْعِ القُرْآنِ، فَهَلاَّ عَتَبَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ وَتَابَعَ عُثْمَانَ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.
وَفِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ أَشْيَاءُ أَظُنُّهَا نُسِخَتْ، وَأَمَّا زَيْدٌ فَكَانَ أَحْدَثَ القَوْمِ بِالعَرْضَةِ الأَخِيْرَةِ الَّتِي عَرَضَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ تُوُفِّيَ عَلَى جِبْرِيْلَ.
قَالَ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:قَدِمْتُ الشَّامَ، فَلَقِيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ:
كُنَّا نَعُدُّ عَبْدَ اللهِ حَنَّاناً، فَمَا بَالُهُ يُوَاثِبُ الأُمَرَاءَ؟
رَوَاهُ: ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي (المَصَاحِفِ).
وَبِإِسْنَادَيْنِ فِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَابِسٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
لَمَّا أَرَادَ عَبْدُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ المَدِيْنَةَ، جَمَعَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ:
وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ قَدْ أَصْبَحَ اليَوْمَ فِيْكُم مِنْ أَفْضَلِ مَا أَصْبَحَ فِي أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ مِنَ الدِّيْنِ وَالعِلْمِ بِالقُرْآنِ وَالفِقْهِ، إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى حُرُوْفٍ، وَاللهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلاَنِ لَيَخْتَصِمَانِ أَشَدَّ مَا اخْتَصَمَا فِي شَيْءٍ قَطُّ، فَإِذَا قَالَ القَارِئُ: هَذَا أَقْرَأَنِي، قَالَ: أَحْسَنْتَ.
وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ: أَعْجِلْ وَحَيَّ هَلاَ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
لَمَّا بَعَثَ عُثْمَانُ إِلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ يَأْمُرُهُ بِالمَجِيْءِ إِلَى المَدِيْنَةِ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالُوا:
أَقِمْ فَلاَ تَخْرُجْ، وَنَحْنُ نَمْنَعُكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ.
فَقَالَ: إِنَّ لَهُ عَلَيَّ طَاعَةً، وَإِنَّهَا سَتَكُوْنُ أُمُوْرٌ وَفِتَنٌ لاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُوْنَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهَا.
فَرَدَّ النَّاسَ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ.
مُحَمَّدُ بنُ سَنْجَرَ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ،
عَنْ سُفْيَانَ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بنِ مُسلمٍ، عَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
قَدْ مَرَّ مِثْلُ هَذَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَوِيٍّ.
شَرِيْكٌ: عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كُنَّا إِذَا تَعَلَّمْنَا مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ آيَاتٍ، لَمْ نَتَعَلَّمْ مِنَ العَشْرِ الَّتِي نَزَلَتْ بَعْدَهَا حَتَّى نَعْلمَ مَا فِيْهَا -يَعْنِي: مِنَ العِلْم -.
مِسْعَرٌ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، قَالَ:
سُئِلَ عَلِيٌّ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ:
قَرَأَ القُرْآنَ، ثُمَّ وَقَفَ عِنْدَهُ، وَكُفِيَ بِهِ.
وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ، وَزَادَ: وَعَلِمَ السُّنَّةَ.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ: مِنْ حَدِيْثِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، قَالَ:
أَتَيْنَا أَبَا مُوْسَى، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ عَبْدَ اللهِ، وَأَبَا مَسْعُوْدٍ، وَهُمْ يَنْظُرُوْنَ فِي مُصْحَفٍ، فَتَحَدَّثْنَا سَاعَةً، ثُمَّ رَاحَ عَبْدُ اللهِ.
فَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ: لاَ وَاللهِ، لاَ أَعْلَمُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرَكَ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنْ هَذَا القَائِمِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، إِذْ جَاءَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ، فَكَادَ الجُلُوْس يُوَارُوْنَهُ مِنْ قِصَرِهِ، فَضَحِكَ عُمَرُ حِيْنَ رَآهُ.
فَجَعَلَ عُمَرُ يُكَلِّمُهُ، وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، وَيُضَاحِكُهُ، وَهُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَلَّى، فَأَتْبَعَهُ عُمَرُ بَصَرَهُ حَتَّى تَوَارَى، فَقَالَ:
كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ أَسَدِ بنِ وَدَاعَةَ:
أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ ابْنَ مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ:
كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً، آثَرْتُ بِهِ أَهْلَ القَادِسِيَّةِ.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ:
أَنَّ مُهَاجَرَ عَبْدِ اللهِ كَانَ بِحِمْصَ، فَجَلاَهُ عُمَرُ إِلَى الكُوْفَةِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِم:
إِنِّي - وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ - آثَرْتُكُم بِهِ عَلَى نَفْسِي، فَخُذُوا مِنْهُ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى: عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
سَافَرَ عَبْدُ اللهِ سَفَراً يَذْكُرُوْنَ أَنَّ العَطَشَ قَتَلَهُ وَأَصْحَابَهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَقَالَ:
لَهُوَ أَنْ يُفَجِّرَ اللهُ لَهُ عَيْناً يَسْقِيْهِ مِنْهَا وَأَصْحَابَهُ أَظَنُّ عِنْدِي مِنْ أَنْ يَقْتُلَهُ عَطَشاً.
هُشَيْمٌ: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ رَأَى رَجُلاً قَدْ أَسْبَلَ،
فَقَالَ: ارْفَعْ إِزَارَكَ.فَقَالَ: وَأَنْتَ يَا ابْنَ مَسْعُوْدٍ فَارْفَعْ إِزَارَكَ.
قَالَ: إِنّ بِسَاقَيَّ حُمُوْشَةً، وَأَنَا أَؤُمُّ النَّاسَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ الرَّجُلَ، وَيَقُوْلُ:
أَتَرُدُّ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ ؟
مَعْمَرٌ: عَنْ زَيْدِ بنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
أَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ يَسْأَلُهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ رَاجَعَهَا حِيْنَ دَخَلَتْ فِي الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
فَقَالَ أَبِي: وَكَيْف يُفْتِي مُنَافِقٌ؟
فَقَالَ عُثْمَانُ: نُعِيْذُكَ بِاللهِ أَنْ تَكُوْنَ هَكَذَا.
قَالَ: هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
قَبِيْصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَبَّةَ بنِ جُوَيْنٍ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الكُوْفَةَ، أَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، فَسَأَلَهُم عَنْهُ حَتَّى رَأَوْا أَنَّهُ يَمْتَحِنُهُم، فَقَالَ:
وَأَنَا أَقُوْلُ فِيْهِ مِثْلَ الَّذِي قَالُوا وَأَفَضْلَ: قَرَأَ القُرْآنَ، وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، فَقِيْهٌ فِي الدِّيْنِ، عَالِمٌ بِالسُّنَّةِ.
وَفِي (مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ) : مِنْ رِوَايَةِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ - وَقِيْلَ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ عَبْدِ اللهِ - فَقَالَ: عَلِمَ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، ثُمَّ انْتَهَى.
وَقَالَ الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ:
إِنَّ أَبَا مُوْسَى اسْتُفْتِيَ فِي شَيْءٍ مِنَ الفَرَائِضِ، فَغَلِطَ، وَخَالَفَهُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ أَبُو مُوْسَى: لاَ تَسْأَلُوْنِي عَنْ شَيْءٍ
مَا دَامَ هَذَا الحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُم.وَرَوَى نَحْوَهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ.
وَرَوَى: غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلِ بنِ شُرَحْبِيْلَ بِنَحْوِ ذَلِكَ.
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُوْسَى يَقُوْلُ:
مَجْلِسٌ كُنْتٌ أُجَالِسُهُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ، أَوْثَقُ فِي نَفْسِي مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ.
الثَّوْرِيُّ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ حُرَيْثِ بنِ ظُهَيْرٍ، قَالَ:
جَاءَ نَعْيُ عَبْدِ اللهِ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: مَا تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ.
سَمِعَهَا: يَحْيَى القَطَّانُ مِنْ سُفْيَانَ.
أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ: عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ مُسلمٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
شَامَمْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى إِلَى سِتَّةٍ: عَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ، وَزَيْدٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأُبِيٍّ.
ثُمَّ شَامَمْتُ السِّتَّةَ، فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى
إِلَى عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ.وَبَعْضُهُم يَرْوِيْهِ عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوْقٍ.
وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: مَا أَعْدِلُ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ أَحَداً.
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: عَنْ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، قَالَ:
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا دَخَلَ الكُوْفَةَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنْفَعَ عِلْماً، وَلاَ أَفْقَهَ صَاحِباً مِنْ عَبْدِ اللهِ.
وَبِإِسْنَادِ (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ يَوْماً، فَقَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرُعِدَ حَتَّى رَعُدَتْ ثِيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ نَحْوَ ذَا، أَوْ شبِيْهاً بِذَا.
رَوَاهُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، فَأَبْدَلَ ابْنَ وَثَابٍ بِالشَّعْبِيِّ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: مُسلمٌ البَطِيْنُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ.
فَقَالَ القَعْنَبِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ مُسلمٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، قَالَ:
صَحِبْتُ عَبْدَ اللهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْراً، فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ حَدِيْثاً وَاحِداً، فَرَأَيْتُهُ يَفْرَقُ، ثُمَّ غَشِيَهُ بُهْرٌ، ثُمَّ قَالَ نَحْوَهُ، أَوْ شِبْهَهُ.
مِسْعَرٌ: عَنْ مَعْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَخِيْهِ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا هَدَأَتِ العُيُوْنُ قَامَ، فَسَمِعْتُ لَهُ دَوِيّاً كَدَوِيِّ النَّحْلِ.
ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زِيَادٌ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ:كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ حَسَنَ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ.
حُمَيْدُ بنُ الرَّبِيْعِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ بِعَيْنَيْ عَبْدِ اللهِ أَثَرَيْنِ أَسْوَدَيْنِ مِنَ البُكَاءِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بنِ سُوَيْدٍ، قَالَ:
أَكْثَرُوا عَلَى عَبْدِ اللهِ يَوْماً، فَقَالَ:
وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، لَوْ تَعْلَمُوْنَ عِلْمِي، لَحَثَيْتُمُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِي.
رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ.
وَفِي (مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ) : لِلثَّوْرِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْ تَعْلَمُوْنَ ذُنُوْبِي، مَا وَطِئَ عَقِبِي اثْنَانِ، وَلَحَثَيْتُمُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِي، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللهَ غَفَرَ لِي ذَنْباً مِنْ ذُنُوْبِي، وَأَنِّي دُعِيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ رَوْثَةَ.
قَالَ عَلْقَمَةُ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ:
مِمَّنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: مِنَ الكُوْفَةِ.
فَقَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ، وَالوِسَادِ، وَالمِطْهَرَةِ، وَفِيْكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ، وَفِيْكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللهُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى
لِسَانِ نَبِيِّهِ ؟عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ كَانَ يَقُوْلُ فِي دُعَائِهِ: خَائِفٌ مُسْتَجِيْرٌ، تَائِبٌ مُسْتَغْفِرٌ، رَاغِبٌ رَاهِبٌ.
الأَعْمَشُ: عَمَّنْ حَدَّثَهُ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ: لَوْ سَخِرْتُ مِنْ كَلْبٍ، لَخَشِيْتُ أَنْ أَكُوْنَ كَلْباً، وَإِنِّي لأَكْرَهُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغاً لَيْسَ فِي عَمَلِ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا.
وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ بَذِيْمَةَ، عَنْ قَيْسِ بنِ حَبْتَرٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ: حَبَّذَا المَكْرُوْهَانِ: المَوْتُ، وَالفَقْرُ، وَايْمُ اللهِ، مَا هُوَ إِلاَّ الغِنَى وَالفَقْرُ، مَا أُبَالِي بِأَيِّهِمَا ابْتُدِئْتُ، إِنْ كَانَ الفَقْرُ إِنَّ فِيْهِ لَلصَّبْرَ، وَإِنْ كَانَ الغِنَى إِنَّ فِيْهِ لَلْعَطْفَ، لأَنَّ حَقَّ اللهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاجِبٌ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلِ بنِ شُرَحْبِيْلَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ أَضَرَّ بِالدُّنْيَا، وَمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا أَضَرَّ بِالآخِرَةِ، يَا قَوْمُ! فَأَضِرُّوا بِالفَانِي لِلْبَاقِي.
أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أَيُّوْبَ سَعِيْدٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ
بنُ الوَلِيْدِ:سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ حُجَيْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:
أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ إِذَا قَعَدَ: إِنَّكُم فِي مَمَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فِي آجَالٍ مَنْقُوْصَةٍ، وَأَعْمَالٍ مَحْفُوْظَةٍ، وَالمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً، مَنْ زَرَعَ خَيْراً يُوْشِكُ أَنْ يَحْصُدَ رَغْبَةً، وَمَنْ زَرَعَ شَرّاً يُوْشِكُ أَنْ يَحْصُدَ نَدَامَةً، وَلكُلِّ زَارِعٍ مِثْلُ مَا زَرَعَ، لاَ يُسْبَقُ بَطِيْءٌ بِحَظِّهِ، وَلاَ يُدْرِكُ حَرِيْصٌ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ، فَمَنْ أُعْطِيَ خَيْراً فَاللهُ أَعْطَاهُ، وَمَنْ وُقِيَ شَرّاً فَاللهُ وَقَاهُ، المُتَّقُوْنَ سَادَةٌ، وَالفُقَهَاءُ قَادَةٌ، وَمُجَالَسَتُهُم زِيَادَةٌ.
العَلاَءُ بنُ خَالِدٍ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
ارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ تَكُنْ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَاجْتَنِبْ المَحَارِمَ تَكُنْ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ، وَأَدِّ مَا افْتُرِضَ عَلَيْك تَكُنْ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ.
عَلِيُّ بنُ الأَقْمَرِ: عَنْ عَمْرِو بنِ جُنْدَبٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
جَاهِدُوا المُنَافِقِيْنَ بِأَيْدِيْكُم، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيْعُوا فَبِأَلْسِنَتِكُم، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيْعُوا إِلاَّ أَنْ تَكْفَهِرُّوا فِي وُجُوْهِهِم، فَافْعَلُوا.
سَيْفُ بنُ عُمَرَ: عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَيْفٍ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ تَرَكَ عَطَاءهُ حِيْنَ مَاتَ عُمَرُ، وَفَعَلَ ذَلِكَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ أَغْنِيَاءُ، وَاتَّخَذَ لِنَفْسِهِ ضَيْعَةً بِرَاذَانَ، فَمَاتَ عَنْ تِسْعِيْنَ أَلْفِ مِثْقَالٍ، سِوَى رَقِيْقٍ وَعرُوْضٍ وَمَاشِيَةٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وَكِيْعٌ: عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:
أَوْصَى ابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَكَتَبَ:
إِنَّ وَصِيَّتِي إِلَى اللهِ، وَإِلَى الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، وَإِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ بنِ
الزُّبَيْرِ، وَإِنَّهُمَا فِي حِلٍّ وَبِلٍّ مِمَّا قَضَيَا فِي تَرِكَتِي، وَإِنَّهُ لاَ تُزَوَّجُ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِي إِلاَّ بِإِذْنِهِمَا.قُلْتُ: كَانَ قَدْ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَشَهِدَ فِي طَرِيْقِهِ بِالرَّبَذَةِ أَبَا ذَرٍّ، وَصَلَّى عَلَيْهِ.
السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى: عَنْ أَبِي شُجَاعٍ، عَنْ أَبِي ظَبْيَةَ، قَالَ:
مَرِضَ عَبْدُ اللهِ، فَعَادَهُ عُثْمَانُ، وَقَالَ: مَا تَشْتَكِي؟
قَالَ: ذُنُوْبِي.
قَالَ: فَمَا تَشْتَهِي؟
قَالَ: رَحْمَةَ رَبِّي.
قَالَ: أَلاَ آمُرُ لَكَ بِطَبِيْبٍ؟
قَالَ: الطَّبِيْبُ أَمْرَضَنِي.
قَالَ: أَلاَ آمُرُ لَكَ بِعَطَاءٍ؟
قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ.
كَذَا رَوَاهُ: سَعِيْدُ بنُ مَرْيَمَ، وَعَمْرُو بنُ الرَّبِيْعِ.
وَرَوَاهُ: ابْنُ وَهْبٍ، فَقَالَ: عَنْ شُجَاعٍ.
وَرَوَاهُ: عُثْمَانُ بنُ يَمَانٍ، وَحَجَّاجُ بنُ نُصَيْرٍ، عَنِ السَّرِيِّ، عَنْ شُجَاعٍ، عَنْ أَبِي فَاطِمَةَ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
دَخَلَ الزُّبَيْرُ عَلَى عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بَعْدَ وَفَاةِ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ:
أَعْطِنِي عَطَاءَ عَبْدِ اللهِ، فَعِيَالُ عَبْدِ اللهِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ بَيْتِ المَالِ.
فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:وَكَانَ عُثْمَانُ حَرَمَهُ عطَاءهُ سَنَتَيْنِ.
يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: عَنْ شَرِيْكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَاتَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بِالمَدِيْنَةِ، وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ نَحِيْفاً، قَصِيْراً، شَدِيْدَ الأُدْمَةِ.
وَكَذَا أَرَّخَهُ فِيْهَا جَمَاعَةٌ.
وَعَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ عَاشَ بِضْعاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي عُتْبَةَ: عَاشَ ثَلاَثاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ هُوَ، وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ مَاتَ فِي أَوَّلِهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُم: مَاتَ قَبْلَ عُثْمَانَ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ ريْذَةَ، أَنْبَأَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَبِشْرٌ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ:
إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ يُمْلِي المَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.
فَفَزِعَ عُمَرُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! انْظُرْ مَا تَقُوْلُ.
وَغَضِبَ، فَقَالَ: مَا جِئْتُكَ إِلاَّ بِالحَقِّ.
قَالَ: مَنْ هُوَ؟
قَالَ: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ:
إِنَّا سَمَرْنَا لَيْلَةً فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي بَعْضِ مَا يَكُوْنُ مِنْ حَاجَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ خَرَجْنَا وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ.
فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى المَسْجِدِ، إِذَا رَجُلٌ يَقْرَأُ، فَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَمِعُ إِلَيْهِ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَعْتَمْتَ.
فَغَمَزَنِي بِيَدِهِ: اسْكُتْ.
قَالَ: فَقَرَأَ، وَرَكَعَ،
وَسَجَدَ، وَجَلَسَ يَدْعُو وَيَسْتَغْفِرُ.فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (سَلْ تُعْطَهُ) .
ثُمَّ قَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ رَطْباً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْ قِرَاءةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) .
فَعَلِمْتُ أَنَا وَصَاحِبِي أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ.
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، غَدَوْتُ إِلَيْهِ لأُبَشِّرَهُ، فَقَالَ: سَبَقَكَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ.
وَمَا سَابَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ، إِلاَّ سَبَقَنِي إِلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ: زَائِدَةُ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5545#7141a8
عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ أَبُو الْعَبَّاسِ، أُمُّهُ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنِ بْنِ بَجِيَّةَ بْنِ الْهَزْمِ بْنِ رُوبِيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْهِلَالِيُّ، كَانَ يُسَمَّى الْحَبْرَ وَالْبَحْرَ لِكَثْرَةِ عِلْمِهِ، وَحِدَّةِ فَهْمِهِ، وَحَبْرُ الْأُمَّةِ وَفَقِيهُهَا، وَلِسَانُ الْعَشِيرَةِ وَمِنْطِيقُهَا، مُحَنَّكٌ بِرِيقِ النُّبُوَّةِ، وَمَدْعُوٌّ لَهُ بِلِسَانِ الرِّسَالَةِ، فَقِهَ فِي الدِّينِ، وَعَلِمَ التَّأْوِيلَ، تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ، سَمِعَ نَجْوَى جِبْرِيلَ لِلرَّسُولِ وَعَايَنَهُ، كَانَ مَوْلِدُهُ عَامَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَقُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَتِينٌ، وَكَانُوا يَخْتِنُونَ لِلْبِلُوغِ، وَتُوُفِّيَ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَسَمَّاهُ رَبَّانِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَجَاءَ طَيْرٌ أَبْيَضُ فَدَخَلَ فِي أَكْفَانِهِ، وَسَمِعَ هَاتِفًا يَهْتِفُ مِنْ قَبْرِهِ {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً. . .} [الفجر: 28] الْآيَةَ، كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُدْنِيهِ وَيَسْأَلُهُ، وَيُدْخِلُهُ مَعَ مَشْيَخَةِ أَهْلِ بَدْرٍ، وَكَانَ لَهُ الْجَوَّابُ الْحَاضِرُ، وَالْوَجْهُ النَّاضِرُ، صَبِيحُ الْوَجْهِ، لَهُ وَفْرَةٌ مَخْضُوبَةٌ بِالْحِنَّاءِ، أَبْيَضُ طَوِيلٌ مُشْرَبٌ صُفْرَةً، جَسِيمٌ وَسِيمٌ، عِلْمُهُ غَزِيرٌ، وَخَبَرُهُ كَثِيرٌ، يَصْدُرُ الْجَاهِلُ عَنْ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ يَفِيضَانِ، وَالْجَائِعِ عَنْ خُبْزِهِ وَمَائِدَتِهِ شَبْعَانُ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا هَنَّادٌ، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبِي، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُسَمَّى الْبَحْرَ مِنْ كَثْرَةِ عِلْمِهِ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا أَبِي، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْبَحْرَ ابْنَ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَبْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ
- حَدَّثَنَا الطَّلْحِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِمْرَانَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا عَبْدُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنِ الْعَوَّامِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَعَا لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْرٍ كَثِيرٍ، وَقَالَ: «نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ أَنْتَ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، ثنا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ كُرَيْبًا، أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَجَعَلَنِي حِذَاءَهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: وَيَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ حِذَاءَكَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَعْطَاكَ اللهُ؟ «فَدَعَا اللهَ أَنْ يَزِيدَنِي فَهْمَا وَعِلْمًا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَدَّادٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَهْزَاذَ، ثنا حَاتِمُ بْنُ الْعَلَاءِ، سَمِعْتُ عَبْدَ الْمُؤْمِنِ بْنَ خَالِدٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ بُرَيْدٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: «إِنَّهُ كَائِنٌ حَبْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَاسْتَوْصَ بِهِ خَيْرًا»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْقُرَشِيُّ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ فِي الشِّعْبِ أَتَى أَبِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا أَرَى أُمَّ الْفَضْلِ إِلَّا قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى حَمْلٍ قَالَ: «لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُقِرَّ أَعْيُنَنَا مِنْهَا بِغُلَامٍ» ، فَأَتَى بِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي خِرْقَتِي فَحَنَّكَنِي قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا حُنِّكَ بِرِيقِ النُّبُوَّةِ غَيْرَهُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ح، وَحَدَّثَنَا فَارُوقٌ، وَسُلَيْمَانُ، قَالَا: ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ فَكَانَ كَالْمُعْرِضِ عَنْ أَبِي فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَقَالَ أَبِي: أَلَمْ تَرَ إِلَى ابْنِ عَمِّكَ كَالْمُعْرِضِ عَنِّي؟ فَقُلْتُ: يَا أَبِي كَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ قَالَ: وَكَانَ عِنْدَهُ أَحَدٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَرَجَعْنَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لِي: كَذَا وَكَذَا، هَلْ كَانَ عِنْدَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، رَأَيْتَهُ يَا عَبْدَ اللهِ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، هُوَ الَّذِي شَغَلَنِي عَنْكَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا هَاشِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهِلَالِيُّ، ثنا أَبُو عَامِرٍ الْأَسَدِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ،. . . . عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: سَأَلَ مُعَاوِيَةُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مَسَائِلَ، فَأَجَابَهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَشْهَدُ أَنَّكَ لِسَانُ أَهْلِ بَيْتِكَ، ثُمَّ قَالَ لِمَنْ عِنْدَهُ: مَا كَلَّمْتُهُ قَطُّ إِلَّا وَجَدْتُهُ مُسْتَعِدًّا
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبِي، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنبأ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ الْمُهَاجِرُونَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: ادْعُ أَبْنَاءَنَا كَمَا تَدْعُو ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: ذَاكُمْ فَتَى الْكُهُولِ، إِنَّ لَهُ لِسَانًا سَؤُولًا وَقَلْبًا عَقُولًا
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ذُكِرَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمًا فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَعْلَمَ بِسُنَّةٍ وَأَجْلَدَ رَأْيًا وَأَثْقَبَ نَظَرًا حَيْثُ نَظَرَ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ كَانَتِ الْأَقْضِيَةُ إِذَا كَانَ عُمَرُ عَضَلَهَا يَقُولُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّهَا قَدْ طَرَأَتْ عَلَيْنَا عَضْلُ أَقْضِيَةٍ، وَأَنْتَ لَهَا وَلِأَمْثَالِهَا ثُمَّ يَرْضَى بِقَوْلِهِ، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: عُمَرُ فِي جَدِّهِ فِي ذَاتِ اللهِ وَنَظَرِهِ لِلْمُسْلِمِينَ "
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَخْتُونٌ
- وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ، وَشُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ مَخْتُونٌ، وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ وَالصَّحِيحُ: حَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ لِمُوَافَقَتِهِ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: جِئْتُ أَنَا عَلَى أَتَانٍ وَقَدْ نَازَهْتُ الِاحْتِلَامَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا حَمْلٌ مِنْ كُتُبِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالُوا: وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَهُمْ فِي الشِّعْبِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو الزِّنْبَاعِ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَسِنُّهُ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَكَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ قَالَ: «وُلِدْتُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَنَحْنُ فِي الشِّعْبِ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا ضَمْرَةُ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ سَبْعِينَ بِالطَّائِفِ
- حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عِيسَى، ثنا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ، ثنا الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا وُضِعَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى أَكْفَانِهِ، ثُمَّ دَخَلَ فِيهَا فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ فَلَمَّا سُوِّيَ عَلَيْهِ سَمِعْنَا صَوْتَهُ نَسْمَعُ صَوْتَهُ، وَلَا نَرَى شَخْصَهُ {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 28]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ الدُّورِيُّ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ فَشَهِدْتُ جِنَازَتَهُ فَجَاءَ طَيْرٌ لَمْ يُرَ عَلَى خِلْقَتِهِ، وَدَخَلَ فِي نَعْشِهِ، ثُمَّ لَمْ يُرَ خَارِجًا مِنْهُ، فَلَمَّا دُفِنَ تُلِيَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، لَا يُرَى مَنْ تَلَاهَا {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 28] قَالَ: وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعِيسَى بْنُ عَلِيٍّ أَنَّهُ طَيْرٌ أَبْيَضُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ الْوَاسِطِيُّ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا كُفَّ بَصَرُهُ يَقُولُ لِقَائِدِهِ: إِذَا أَدْخَلَتْنِي عَلَى مُعَاوِيَةَ فَسَدِّدْنِي لِفِرَاشِهِ ثُمَّ أَرْسِلْ يَدَيَّ لَا تُشْمِتْ بِي مُعَاوِيَةَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ يَوْمًا، فَلَمَّا جَلَسَ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ قَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ آجَرَكَ اللهُ فِي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ: أَمَاتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: رَحْمَةُ اللهِ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِ، وَأَلْحَقَهُ بِصَالِحِ سَلَفِهِ، أَمَا وَاللهِ يَا مُعَاوِيَةُ لَا يَسُدُّ جَفْرَتَكَ، تَأْكُلُ رِزْقَهُ وَلَا تُخَلَّدُ بَعْدَهُ، وَلَقَدْ رُزِئْنَا بِأَعْظَمَ فَقْدًا مِنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا خَذَلَنَا اللهُ بَعْدَهُ "
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، ثنا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: شَتَمَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّكَ تَشْتُمُنِي وَفِيَّ ثَلَاثُ خِصَالٍ: إِنِّي لَآتِي عَلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَوَدِدْتُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَعْلَمُونَ مِنْهَا مَا أَعْلَمُ، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْحَاكِمِ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ يَعْدِلُ فِي حُكْمِهِ فَأَفْرَحُ بِهِ وَلَعَلِّي لَا أُقَاضِي إِلَيْهِ أَبَدًا، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْغَيْثِ قَدْ أَصَابَ الْبَلَدَ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَفْرَحُ بِهِ، وَمَا لِي بِهِ مِنْ سَائِمَةٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَا: ثنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: كَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَجْرَى الدُّمُوعِ كَأَنَّهُ الشِّرَاكُ الْبَالِي مِنَ الدُّمُوعِ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ طَاوُسًا، كَانَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ تَعْظِيمًا لِحُرُمَاتِ اللهِ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاللهِ إِنْ لَوْ أَشَاءُ إِذَا ذَكَرْتُهُ أَنْ أَبْكِيَ لَبَكَيْتُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ بَيْتًا أَكْثَرَ خُبْزًا وَلَحْمًا وَعِلْمًا مِنْ بَيْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَدَارَءُوا فِي شَيْءٍ أَتَوَا ابْنَ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عِيسَى، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، ثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ مَجْلِسًا أَكْرَمَ مِنْ مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَكْثَرَ فِقْهًا وَأَعْظَمَ جَفْنَةً، إِنَّ أَصْحَابَ الْقُرْآنِ عِنْدَهُ وَأَصْحَابَ الشِّعْرِ عِنْدَهُ، وَأَصْحَابَ الْفِقْهِ عِنْدَهُ يُصَدِّرُهُمْ كُلُّهُمْ فِي وَادٍ وَاسِعٍ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَوْصِلِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ شَيْخًا أَعْمَى مَخْضُوبَ اللِّحْيَةِ بِالْحِنَّاءِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ذُو وَفْرَةٍ، وَكَانَ ذَا قَرْنَيْنِ - يَعْنِي ضَفِيرَتَيْنِ - وَكَانَ طَوِيلًا مُشْرَبًا صُفْرَةً، وَكَانَ جَسِيمًا وَسِيمًا صَبِيحُ الْوَجْهِ
- وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِمَّا حَدَّثَنَاهُ أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ عَنْهُ، يَذْكُرُ السَّحَابَ الَّتِي سَقَتْ قَبْرَ ابْنِ عَبَّاسٍ
[البحر البسيط]
صَبَّتْ ثَلَاثًا سَمَاءَ اللهِ رَحْمَتَهَا ... بِالْمَاءِ مَرَّتْ عَلَى قَبْرِ ابْنِ عَبَّاسِ
قَدْ كَانَ يُخْبِرُنَا هَذَا وَنَعْلَمُهُ ... عِلْمَ الْيَقِينِ فَمِنْ وَاعٍ وَمِنْ نَاسِ
إِنَّ السَّمَاءَ تَرْوِي الْقَبْرَ رَحْمَتَهُ ... هَذَا لَعَمْرُكَ أَمْرٌ فِي يَدِ النَّاسِ
- وَمِمَّا أَسْنَدَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبَانُ، وَحَزْمٌ، وَشُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الغَلَابِيُّ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَسَطَ رَأْسِهِ وَسَمَّاهُ الْمُنْقِذَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا طَلْحَةُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُمْنُ الْخَيْلِ فِي شُقْرِهَا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ الْفَسَوِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ الْحَنَّاطِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلَامُ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، إِنَّ الْقَلَمَ قَدْ جَفَّ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وَرَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5545#f992d4
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب
ابن هاشم بن عبد مناف أبو العباس الهاشمي بن عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحبر الأمة وعالمها، وترجمان القرآن.
قدم دمشق وافداً على معاوية في السنة التي قتل فيها علي عليه السلام.
قال سعيد بن أبي الحسن: كنت عند ابن عباس إذ أتاه رجل فقال: إني إنسان، إنما معيشي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، قال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من صور صورة فإن الله يعذبه يوم القيامة حتى ينفخ فيها " وليس بنافع أبداً، قال: فربا لها الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه، ثم قال: ويحك، إن أتيت الآن تصنع فعليك بهذا الشجر، وكل شيء ليس فيه روح.
قال عبد الله بن عباس: دخلت على معاوية حين كان الصلح، وأول ماالتقيت أنا وهو، فإذا عنده أناس فقال: مرحباً يا بن عباس، ما تحاكت الفتنة بيني وبين أحد كان أعز علي بعداً ولا أحب إلي قرباً منك، الحمد لله الذي أمات علياً، قلت: إن الله عز وجل لا يذم في قضائه، وغير هذا الحديث أحسن منه، هل لك فيه؟ قال: ما هو؟ قلت: تعفيني من ذكر ابن عمي وأعفيك من ذكر ابن عمك. قال: ذلك لك، أنشدك الله يا بن عباس إلا حدثتني عن أبي سفيان، فقد حضرك من حضرك. قلت: تجر فربح، وأسلم فأفلح، وولد فأنجح، وكان في الشرك فكان نكساً حتى يقضي فقال: رحمك الله يا بن عباس، فوالله ما يعجزك في علمك أن تسر به جليسك، ولولا أن تراني قارضتك لأجزتك عن نفسك.
وعن مجاهد قال: قال ابن عباس: لما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب قال: أتى أبي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، أرى أم
الفضل قد اشتملت على حمل، فقال: لعل الله أن يقرأ أعينكم. قال: فأتى بي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا في خرقة، فحنكني بريقه.
قال مجاهد: فلا نعلم أحداً حنك بريق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيره.
وفي رواية: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى الله أن يبيض وجوهنا بغلام، فولدت عبد الله بن عباس.
قالوا: وولد قبل الهجرة بثلاث سنين وهو في الشعب.
وعن ابن عباس قال: قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن عشر سنين مختون.
وفي رواية: وقد قرأت القرآن.
وفي رواية: وقد جمعت المحكم. قيل: وما المحكم. قيل: وما المحكم؟ قال المفصل.
وفي رواية: توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن خمس عشرة سنة وأنا ختين.
وعن ابن عباس قال: أقبلت راكباً على أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي.
قال محمد بن عمر: لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس ولد في الشعب وبنو هاشم محصورون، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة. ألا تراه يقول في الحديث: راهقت الاحتلام في حجة الوداع.
قال عبيد الله بن أبي يزيد: سمعت ابن عباس يقول: أنا وأمي من المستضعفين، كانت أمي من النساء وأنا من الولدان.
ودعا سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن العباس وقال: اللهم أعطه الحكمة وعلمه التأويل وكان بحراً لا ينزف، ورأى جبريل عليه السلام، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى ألا يموت حتى يؤتى علماً ويذهب بصره. وكان عمر يأذن له مع المهاجرين ويسأله ويقول: غص غواص، وكان إذا رآه مقبلاً قال: أتاكم فتى الكهول، له لسان سؤول وقلب عقول.
وقيل في كنيته عبد الله بن العباس: أبو عبد الرحمن. وكان قد عمي قبل وفاته. ومات سنة ثمان وستين بالطائف في فتنة ابن الزبير، فصلى عليه محمد بن الحنيفية.
وغزا عبد الله بن عباس إفريقيةمع عبد الله بن سعد سنة سبع وعشرين.
وأمه أم الفضل أخت ميمونة زوج النبي صلى عليه وسلم واسمها لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وكان بنو العباس بن عبد المطلب عشرة: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، ومعبد، وقثم، وعبد الرحمن، وأمهم أم الفضل بنت الحارث. وكثير، والحارث، وعون، وتمام وهو أصغرهم فكان العباس يحمله يحمله ويقول: الرجز
تموا بتمام فصاروا عشرة ... يا رب فاجعلهم كراماً برره
واجعلهم ذكراً وأنم الثمره
مات كثير وقثم بينبع أخذته الذبحة، واستشهد الفضل بأجنادين، وعبد الرحمن
ومعبد بإفريقية، وعبد الله بالطائف، وعبيد الله باليمن. ويقال: مات قثم بسمرقند، وكان خرج مع سعيد بن عثمان بن عفان في زمن معاوية. قبره بها.
وكان مسلم بن قمادين المكي يقول: ما رأيت مثل بني أم واحدة إشراقةً، ولدوا في دار واحدة، أبعد قبوراً من بني أم الفضل.
وكان عبد الله أبيض طويلاً مشرباً صفرة، جسيماً، وسيماً، صبيح الوجه، له وفرة، يخضب بالحناء، وكان يسمى الحبر والبحر لكثرة علمه وحدة فهمه، حبر الأمة وفقيهها، ولسان العشرة ومنطيقها، محنك بريق النبوة، ومدعو له بلسان الرسالة: فقهه في الدين وعلمه التأويل. ترجمان القرآن، سمع نجوى جبريل عليه السلام للرسول وعاينه. ومولده كان عام الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين. وقبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ختين. وكانوا يختتنون للبلوغ، وتوفي بالطائف سنة ثمان وستين. وقيل سنة سبعين، وصلى عليه محمد بن الحنفية وسماه رباني هذه الأمة، وجاء طير أبيض فدخل في أكفانه، وسمع هاتف يهتف من قبره يقول: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً " الآية.
وكان عمر بن الخطاب يدنيه ويسأله ويستشيره، ويدخله مع مشيخة أهل بدر، وكان له الجواب الحاضر والوجه الناضر، صبيح الوجه، له وفرة مخضوبة بالحناء، أبيض طويل، مشرب صفرة، جسيم، وسيم، علمه غزير وخيره كثير، يصدر الجاهل عن علمه وحكمته يقظان، والجائع عن خيره ومائدته شبعان.
وكانت عائشة تقول: هو أعلم من بقي بالسنة، وكان ابن عمر يقول: هو أعلم الناس بما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وشهد ابن عباس مع علي بن أبي طالب عليه السلام صفين وقتال الخوارج
بالنهروان، وورد في صحبته المدائن، وكان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد الرجلين، وكان يخضب بالسواد.
قال ابن جريج:
كنا جلوساً مع عطاء بن أبي رباح في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس وفضله، وعلي بن عبد الله في الطواف وخلفه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس فعجبنا من تمام قامتهما وحسن وجوههما، قال عطاء: وأين حسنهما من حسن عبد الله بن عباس، ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة وأنا في المسجد الحرام طالعاً من جبل أبي قبيس إلا ذكرت وجه عبد الله بن عباس، ولقد رأيتنا جلوساً معه في الحجر إذ أتاه شيخ فديم بدوي من هذيل يهدج على عصاه فسأله عن مسألة فأجابه، فقال الشيخ لبعض من معه: من هذا الفتى؟ قالوا: هذا عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. قال الشيخ: سبحان الله الذي غيّر حسن عبد المطلب إلى ما أرى. قال عطاء: فسمعت ابن عباس يقول: سمعت أبي يقول: كان عبد المطلب أطول الناس قامة، وأحسن الناس وجهاً وما رآه أحد قط إلا أحبه. وكان له مفرش في الحجر لا يجلس عليه غيره، ولا يجلس عليه معه أحد، وكان الندي من قريش حرب بن أمية فمن دونه يجلسون حوله دون المفرش، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صغير، لم يبلغ، فجلس على المفرش فجبذه رجل، فبكى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال عبد المطلب - وذلك بعدما كف بصره -:ما لابني يبكي؟! قالوا له: أراد أن يجلس على المفرش فمنعوه، فقال عبد المطلب: دعوا ابني يجلس عليه، فإنه يحس من نفسه بشرف، وأرجو أيبلغ من الشرف ما لم يبلغ عربي قبله ولا بعده، ومات عبد المطلب والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن ثماني سنين، وكان خلف جنازة عبد المطلب يبكي حتى دفن بالحجون.
قال عكرمة: كان ابن عباس إذا مرّ في الطريق قلن النساء على الحيطان: أمر المسك أم مرّ ابن عباس؟
قال ابن عباس: أجلسني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجره، ومسح رأسي، ودعا لي بالبركة.
وعن ابن عباس قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فأخذ بيدي فجعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فصلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما انصرف قال لي: ما شأني أجعلك حذائي فتخنس؟! فقلت: يا رسول الله، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أعطاك الله عز وجل؟ قال: فأعجبه، فدعا الله لي أن يزيدني علماً وفهماً. قال: ثم رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نام حتى سمعته نفخ، ثم أتاه بلال فقال: يا رسول الله، الصلاة، فقام فصلى ما أعاد وضوءاً.
قال ابن عباس: دعا لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤتيني الحكمة والتأويل، قال: والحكمة: القرآن، والتأويل: تفسيره.
وعن ابن عباس قال: دعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخير كثير. وقال: نعم ترجمان القرآن أنت.
وعن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يده على رأس عبد الله فقال: اللهم، أعطه الحكمة، وعلمه التأويل، ووضع يده على صدره، فوجد عبد الله بن العباس بردها في ظهره، ثم قال: اللهم احش جوه حكماً وعلماً، فلم يستوحش في نفسه إلى مسألة أحد من الناس، ولم يزل حبر هذه الأمة حتى قبضه الله عز وجل.
وعن عمر قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أرأف أمتي بها أبو بكر، وإن أصلبها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء لعثمان،
وإن أقرأها لأبي، وإن أفرضها لزيد، وإن أقضاها لعلي، وإن أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ، وإن أصدقها لهجة لأبو ذر، وإن أمير هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس.
وعن ابن عباس قال: انتهيت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده جبريل عليه السلام، فقال له جبريل: إنه كائن حبر الأمة فاستوص به خيراً.
وعن ابن عمر قال: دعا النبي لعبد الله بن العباس فقال: اللهم، بارك فيه وانشر منه.
وعن ابن عباس قال: مررت برسول الله وعليه ثياب بياض نقية، وهو يناجي دحية بن خليفة الكلبي، وهو جبريل، وأنا لا أعلم، قال: فلم أسلم. قال جبريل: يا محمد، من هذا؟ قال: هذا ابن عمي، هذا ابن عباس قال: ما أشد وضح ثيابه، أما إن ذريته ستسود بعده، لو سلم لرددنا عليه. قال: فلما رجعت قال: فلما رجعت قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما منعك أن تسلم؟ قال: قلت يا رسول الله، رأيتك تناجي دحية الكلبي، فكرهت أن تقطعا منجاتكما. قال: وقد رأيته؟ قال: قلت: نعم، قال: أما إنه سيذهب بصرك، ويرده الله عليك في موتك. قال: فلما قبض ابن عباس ووضع على سريره جاء طير أبيض شديد الوضح فدخل في أكفانه فلمسوه، فقال لي عكرمة: ما تصنعون؟ هذه بشرى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فلما وضع في لحده تلقي بكلمة سمعها من كان على شفير القبر " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
وفي حديث آخر بمعناه: ورجل يناجيه ولم يذكر دحية الكلبي.
وفي حديث آخر بمعناه عن سعيد بن جبير قال: مر العباس وابنه على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبريل، فسلم العباس يعني: على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فلم يرد عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فشق عليه. قال: فلما جاز قال: يقول له ابنه: أبه، من الرجل الذي كان عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فشق على العباس وخشي أن يكون قد عرض لابنه شيء لأنه لم ير هو مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً، قال: فجاء العباس فقال: يا رسول الله، مررت بك فسلمت فلم ترد علي السلام. فلما مضيت قال لي ابني: من الرجل الذي مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فلقد رآه؟ ذاك جبريل. قال: فمسح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه ودعا له بالعلم.
وعن أنس قال: نظر علي بن أبي طالب إلى جبريل عله السلام مرة، ونظر إليه ابن عباس مرة.
وعن عبد الله بن عباس قال: دخلت على خالتي ميمونة في يومها من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو نائم، ورأسه في حجرها، فقلت يا أمه، أو يا خالة، دعيني أغمز رجل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: شأنك، فتناولت رجليه فجعلتهما في حجري، فانتبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا عبد الله، أحبك الذي أحببتني له، أما إن جبريل قد أوصى بك خيراً، وقال: إن عبد الله من خيار هذه الأمة وإن ولده يرزقون الخلافة في آخر الزمان، ويرزقون حسن مشية الدواب.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: يا غلام، ألا أعلمك شيئاً ينفعك الله به؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، ولو جهد الخلائق أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا، ولو جهد الخلائق أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا على ذلك.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني سألت الله عز وجل لكم يابني عبد المطلب أن يهدي ضالكم، وأن يثبت قائلكم، وكلمة سقطت عن ابن القاسم، وأن يجعلكم نجباً نجداً جوداً، ولو أن أحداً صفن صلاة ما بين الركن والمقام ثم مات وهو مبغض لكم دخل النار.
وعن ابن عباس شرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن شماله، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الشربة لك، فإن شئت آثرت بها خالداً، قال: ما أوثر على سؤر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً.
وعن ابن عباس قال: لما قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتعلم منهم فإنهم كثير، فقال: العجب والله لك يا بن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الأرض من ترى من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتركت ذلك، وأقبلت على المسألة وتتبع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل سمعه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآتيه فأجده قائلاً، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج، فإذا خرج قال: ما جاء بك يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: جئت، بلغني أنك تحدث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأحببت أن أسمعه منك، فيقول: هلا بعثت إلي حتى آتيك؟ فأقول: أنا كنت أحق أن آتيك. فكان هذا الرجل يمر بي وقد ذهب أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحتاج الناس إلي فيقول: أنت كنت أعقل مني.
وعن ابن عباس قال: كنت أكرم الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المهاجرين والأنصار، وأسألهم عن مغازي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما نزل من القرآن في ذلك، وكنت لا آتي أحداً منهم إلا سر بإتياني لقربى من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعلت أسأل أبي بن كعب يوماً وكان من الراسخين في العلم عما نزل من القرآن بالمدينة فقال: نزل سبع وعشرون سورة، وسائرها بمكة.
وكان ابن عباس يأتي أبا رافع مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول: ما صنع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم كذا وكذا؟ ومع ابن عباس ألواح يكتب ما يقول.
قال معمر: عامة علم ابن عباس عن ثلاثة: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب.
قال ابن عباس: طلبت العلم فلم أجده أكثر منه في الأنصار، فكنت آتي الرجل فأسأل عنه فيقال لي: نائم، فأتوسد ردائي ثم أضطجع حتى يخرج إلي الظهر فيقول: متى كنت ها هنا يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: منذ طويل فيقول: بئس ما صنعت، هلا أعلمتني؟ فأقول: أردت أن تخرج إلي وقد قضيت حاجتك.
وعن طاوس قال: قال ابن عباس: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقيل لابن عباس لطلب العلم، فعززت مطلوباً.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا ثلاثاً الرقيم وغسلين وحناناً.
وعن ابن عباس قال: قد حفظت السنة كلها، غير أني لا أدري أكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر أم لا، ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف " وقد بلغت من الكبر عتياً " أو عسياً.
قال ابن عباس: دخلت على عمر بن الخطاب يوماً فسألني عن مسألة كتب إليه بها يعلى بن أمية من اليمن، فأجبته فيها، فقال عمر: أشهد أنك تنطق عن بيت نبوة.
وعن سعيد بن جبير قال: قال عمر لابن عباس: لقد علمت علماً ما علمناه.
وعن سعيد بن جبير قال: كان أناس من المهاجرين قد وجدوا على عمرفي إدنائه ابن عباس دونهم قال: وكان
يسأله فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عن هذه الصورة: " إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " قال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجاً أن يحمدوه ويستغفروه. قال: فقال عمر: يا بن عباس، ألا تكلم قال: فقال: أعلمه من يموت. قال: " إذا جاء نصر الله والفتح " وفي رواية: والفتح فتح مكة " ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " فهي آيتك من الموت: فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " قال: ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها. فقال بعضهم: كنا نرى أنها في العشر الأوسط، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، قال: فأكثروا فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم: ثلاث وعشرين، وقال بعضهم: سبع وعشرين، فقال بعضهم لابن عباس: ألا تكلم! قال: الله أعلم. قال: قد نعلم أن الله أعلم، إنما نسألك عن علمك فقال ابن عباس: الله وتر يحب الوتر، خلق من خلقه سبع سموات فاستوى عليهن، وخلق الأرض سبعاً، وخلق عدة الأيام سبعاً، ورمي الجمار سبعاً، وبين الصفا والمروى سبعاً، وخلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع. قال: فقال عمر: وكيف خلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع فقد فهمت من هذا الأمر ما فهمته؟ قال ابن عباس: إن الله يقول: " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين " حتى بلغ إلى قوله: " فتبارك الله أحسن الخالقين " قال: ثم قرأ: " أنا صببنا الماء صباً ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً " وأما السبعة فلبني آدم، وأما الأب فما أنبتت الأرض للأنعام، وأما ليلة القدر فما نراها إن شاء الله إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين وسبع بقين.
وعن ابن عباس قال: كان عمر يجلس مع الأكابر من أصحاب محمد، ويقول لي: لا تكلم حتى يتكلموا، ثم
يسألني، ثم يقبل عليهم فيقول: ما يمنعكم أن تأتونيبمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه؟! وفي حديث آخر عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم. فقال بعضهم: يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله، فقال عمر: إنه ممن قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم، وأذن لي معهم فسألهم عن هذه السورة: " إذا جاء نصر الله والفتح " وساق الحديث بمعنى ما تقدم.
وعن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر: ألا ندعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاكم فتى الكهول، إن له لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً.
وعن ابن عباس قال: قدم على عمر رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قرأ منهم القرآن كذا وكذا، فقال ابن عباس: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزبرني عمر ثم قال: مه، قال: فانطلقت إلى منزلي مكتئباً حزيناً، فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل بمنزلة ما أراني إلا أني قد سقطت من نفسه، قال: فرجعت إلى منزلي فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، وما هو إلا الذي نقلني به عمر، قال: فبينا أن كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين، قال: فخرجت فإذا هو قائم قريباً ينتظرني، فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال: ما كرهت مما قال الرجل؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت أسأت فأستغفر الله وأتوب إليه، وأنزل حيث أحببت، قال: لتحدثني ما الذي كرهت مما قال الرجل، فقلت: يا أمير المؤمنين إنهم متى سارعوا هذه المسارعة يحتقوا ومتى يحتقوا اختلفوا، ومتى اختلفوا يقتتلوا، قال: لله أبوك، والله لقد كنت أكاتمها الناس حتى جئت بها.
وعن أبي الزناد: أن عمر بن الخطاب دخل على ابن عباس يعوده وهو يحم، فقال له عمر: أخل بنا مرضك، فالله المستعان.
وعن عبد الله بن عباس قال: قال لي أبي: إن عمر بن الخطاب يدنيك فاحفظ عني ثلاثاً: لا تشفين له سراً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا يجربن عليك كذباً.
قال الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف. قال: بل خير من عشرة آلاف.
وفي حديث آخر: ولا ابتدأته بشيء حتى يسألك عنه، عوضاً عن الكذب.
وفي حديث آخر: أن العباس بن عبد المطلب قال لابنه عبد الله بن العباس: يا بني أنت أعلم مني وأنا أفقه منك، إن هذا الرجل يدنيك، يعني: عمر بن الخطاب، فاحفظ عني ثلاثاً الحديث.
وعن عطاء بن يسار: أن عمر وعثمان كانا يدعوان ابن عباس فيسير مع أهل بدر، وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات.
قال المدائني: قال علي بن أبي طالب في عبد الله بن عباس: إنه ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، لعقله وفطنته بالأمور.
وعن عكرمة: أن علياً حرق ناساً ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تعذبوا بعذاب الله "، وكنت قاتلهم لقول
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من بدل دينه فاقتلوه "، فبلغ ذلك عليا فقال: ويح ابن أم الفضل إنه لغواص على الهنات.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: ما رأيت أحداً أحضر فهماً، ولا ألب لباً، ولا أكثر علماً، ولا أوسع حلماً من ابن عباس. ولقد رأيت عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات ثم يقول: عندك، قد جاءتك معضلة، ثم لا يجاوز قوله، وإن حوله لأهل بدر من المهاجرين والأنصار.
وعن مسروق قال: قال عبد الله: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد.
وفي رواية عنه قال: لوأن هذا الغلام من بني عبد المطلب أدرك ما أدركنا ما تعلقنا منه بشيء.
سألت امرأة ابن عمر عن مسألة فقال: ائتي ابن عباس، فإنه أعلم الناس بما أنزل الله عز وجل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن عمر: أن رجلاً أتاه يسأله عن " السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناها "، قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فسله ثم تعال فأخبرني ما قال. فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات. فرجع الرجل إلى ابن عمر، فأخبره، فقال: إن ابن عباس قد أوتي علماً. صدق، هكذا كانت، ثم قال ابن عمر: قد كنت أقول: ما تعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي علماً.
ولما مات ابن عباس قال جابر بن عبد الله لما بلغه موته، وصفق بإحدى يديه على الأخرى: مات أعلم الناس، وأحلم الناس، ولقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق.
ولما مات ابن عباس قال رافع بن خديج: مات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب في العلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ابن عباس أعلم الناس بالحج.
قال الشعبي: ركب زيد بن ثابت، فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: لا تفعل يابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال له زيد: أرني يديك، فأخرج يديه فقبلهما، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.
وعن ابن عباس قال: نحن أهل البيت شجرة النبوة، ومختلف الملائكة، وأهل بيت الرسالة، وأهل بيت الرحمة، ومعدن العلم.
وعن ابن عباس قال: لو كان المهدي في زماني لكنته، ولكنه في آخر الزمان، رجل من ولدي، أو قال مني.
وعن عكرمة قال: قال كعب الأخبار: مولاك رباني هذه الأمة هو أعلم من مات ومن عاش.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت أحداً كان أعلم بالسنة ولا أجلد رأياً، ولا أثقب نظراً حين ينظر من ابن عباس، وإن كان عمر بن الخطاب يقول له: لقد طرأت علينا عضل أقضية أنت لها، ولا منا لها، ثم يقول عبيد الله: وعمر عمر في جده في ذات الله وحسن نظره للمسلمين.
وعنه قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه،
وحلم ونسب ونائل. ما رأيت أحداً كان أعلم بما سبقه من حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه، ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية، ولا بتقسيم القرآن، ولا بحساب، ولا بفريضة منه، ولا أعلم بما مضى، ولا أثقب رأياً فيما احتيج إليه منه. ولقد كان يجلس يوماً ما يذكر فيه إلا الفقه، ويوماً التأويل، ويوماً المغازي، ويوماً الشعر، ويوماً أيام العرب. وما رأيت عالماً قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلاً قط سأله إلا وجد عنده علماً.
وقال عطاء: ما رأيت مجلساً قط كان أكرم من مجلس ابن عباس، أكثر علماً وأعظم جفنة، وإن أصحاب القرآن عنده يسألونه، وأصحاب النحو عنده يسألونه، وأصحاب الشعر عنده يسألونه، وأصحاب الفقه عنده يسألونه، كلهم يصدرهم في واد واسع.
وقال عطاء: كان أناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس لأيام العرب ووقائعها، وناس للعلم، فما منهم من صنف إلا يقبل عليهم بما شاؤوا.
وعن طاوس قال: كان ابن عباس قد سبق على الناس في العلم كما تبسق النخلة السحوق على الودي الصغار.
وعن طاوس قال: ما رأيت أحداً خالف ابن عباس قط فتركه حتى يقرره.
وعن ليث بن أبي سليم قال: قلت لطاوس: لزمت هذا الغلام يعني ابن عباس، وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارؤوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس.
وعن طاوس قال: أدركت خمسين أو سبعين من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سئلوا عن شيء فخالفوا ابن عباس لا يقومون حتى يقولوا: هو كما قلت، أو صدقت.
وعن ليث قال: قال لي طاوس: ما تعلمت من شيء فتعلم لنفسك، فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة. قال: وما رأيت رجلاً أعلم من ابن عباس ولا رأيت رجلاً أورع من ابن عمر. قال: وكان طاوس يعد الحديث حرفاً حرفاً.
وعن مجاهد قال: ما رئي مجلس ابن عباس. ولقد مات يوم مات، وإنه لحبر هذه الأمة.
وفي رواية: وما رأيت مثله قط أو قال: ما سمعت إلا أن يقول رجل: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال مجاهد: كان عبد الله بن العباس أمدهم قامة، وأعظمهم جفنة، وأوسعهم علماً. ولو شاء أن أبكي كلما ذكرته بكيت.
قال: وكان ابن عباس يسمى البحر، لكثرة علمه.
وعن مجاهد قال: كنا نفخر على الناس بأربعة: نفخر بفقيهنا، ونفخر بقاضينا، ونفخر بقارئنا ونفخر بمؤذننا: فأما فقيهنا فابن عباس، وأما قاضينا فعبيد بن عمير، وأما قارئنا فعبد الله بن السائب، وأما مؤذننا فأبو محذورة.
قال مجاهد: كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نوراً.
وقال: ما رأيت أحداً قط أعرب لساناً من ابن عباس.
وعن عمرو بن دينار قال: ما رأيت مجلساً قط أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، للحلال والحرام وتفسير القرآن والعربية والطعام، قال أبو هلال: ولا أراه إلا قال: والشعر.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين: ما رأيت بيتاً كان أكثر طعاماً ولا شراباً ولا فاكهة ولا علماً من بيت عبد الله بن عباس.
وقال الضحاك: ما رأيت بيتاً أكثر خبزاً ولحماً وعلماً من بيت ابن عباس.
قال أبو صالح: لقد رأيت في ابن عباس مجلساً لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها فخراً. لقد رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر على أن يجيء ولا أن يذهب. قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال: ضع لي وضوءاً قال: فتوضأ وجلس وقال: اخرج فقل لهم: من كان يريد أن يسأل عن القرآن وحروفه، وما أراد منه فليدخل وقال: فخرجت، فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم عنه وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن أو تأويله فليدخل.
قال: فخرجت فأذنتهم فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا فقلت لهم. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم، قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الفرائض وما أشبهها فليدخل. قال: فخرجت فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال:
اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن العربية والشعر والغريب من الكلام فليدخل. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله.
قال أبو صالح: ولو أن قريشاً كلها فخرت بذلك لكان فخراً. فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس.
قال جابر بن زيد: سألت البحر وكان يسمي ابن عباس البحر عن لحوم الحمر، فقرأ هذه الآي " قل لا أجد فيما أوحي غلي محرماً على طاعم يطعمه " إلى آخر الآية.
وفي حديث ابن الفرا: عن تحريم الخمر. وهو تصحيف.
وعن الحسن: أن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل، وكان ابن عباس من القرآن بمنزل. قال: وكان يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة وآل عمران فيفسرها آية آية. وكان مثجه غرباً غرباً، وكان عمر إذا ذكره قال: ذاكم فتى الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول.
قال أبو بكر الهذلي: دخلت على الحسن بن أبي الحسن، فجلست عنده وهو يصلي، فتذاكرنا آيات من القرآن. فلما انصرف قال: ما كنتم تقولون؟ قلنا: " حم " و" طسم ". قال. فواتح يفتح الله بها القرآن، فقلت له: فإن مولى ابن عباس يقول: كذا وكذا. قال: إن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل. وساق بقية الحديث.
قوله: كان مثجاً هو من العج والثج: السيلان. يريد أنه يصب الكلام صباً.
وعن ميمون بن مهران قال: لو أتيت ابن عباس بصحيفة فيها ستون حديثاً لرجعت ولم تسأله عنها، وسمعتها. قال: يسأله الناس فيكفونك.
قال عبد الله بن أبي الهذيل: أردت الخروج، فعلم بي أهل الكوفة، فجمعوا مسائل، ثم أتوني بها في صحيفة. فلما قدمت على ابن عباس خرج، فقعد للناس، فما زال يسألونه حتى ما بقي في صحيفتي شيء إلا سألوه عنه.
وعن مسروق انه قال: كنا إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا نطق قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس.
قال ابن أبي ملكية: دخلنا على ابن عباس فقال: إني لم أنم الليل، فقلنا له: لم يا أبا عباس؟ قال: طلع الكوكب ذوالذنب فخشيت أن يطرق الدخان. سلوني عن سورة البقرة، سلوني عن سورة يوسف، فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، وكان علي أعلمهما بالمبهمات، وسئل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن معنى قول عكرمة: إن ابن عباس أعلم بتفسير القرآن من علي، فقال: لم سمع ابن عباس عامة التفسير من علي فوعاه وجمعه، ثم ضم إليه ما سمعه من غيره مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعامة أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما ضم علم هؤلاء في التفسير إلى علم علي كان أعلم منه بالتفسير. وقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا له فقال ": اللهم علمه الكتاب وفهمه التأويل، وعلي أعلم منه بالمبهمات ومن غيره، فقد شهد عامة التنزيل فروى فيم نزل، وفي أي أمر كان.
قال شقيق: خطب ابن عباس وهو على الموسم، فافتتح سورة البقرة، فجعل يقرؤها ويفسر، فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله. لو سمعت فارس والروم لأسلمت.
وفي حديث بمعناه: فقرأ سورة النور.
وعن ابن عباس قال: لقد علمت علما من القرآن ما يسألني عنه أحد، لا أدري علمه الناس فلم يسألوا عنه أو لم يعلموها فيسألوا عنها.
وعن ابن عائشة قال: ما زال ابن عباس يستفيد حتى مات. وكان يقول: ما علمت ما " فاطر " حتى سمعت أعرابياً يخاصم رجلاً في بئر واحدهما يقول: أنا فطرتها، وكنت لا أدري ماء البعل حتى سمعت أعرابياً ينادي آخر يقول: يا بعل الناقة، فعلمت أنه ربها.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا أربع: غسلين، وحناناً، والأواه، والرقيم.
وعن عبيد الله بن أبي يزيد قال: كان ابن عباس إذا سئل عن شيء، فإن كان في كتاب الله عز وجل قال به، وإن لم يكن في كتاب الله عز وجل وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال به، فإن لم يكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال بما قال به أبو بكر وعمر، فإن لم يكن لأبي بكر وعمر، فيه شيء قال برأيه.
وعن القاسم بن محمد قال: ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلاً قط.
وعن سفيان بن عيينة قال: علماء الأزمنة ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه.
ورد صعصعة بن صوحان على علي بن أبي طالب من البصرة، فسأله عن عبد الله بن عباس، وكان على خلافته بها، فقال صعصعة: يا أمير المؤمنين، إنه آخذ بثلاث وتارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدث، ويحسن الاستماع إذا حدث، وبأيسر الأمرين إذا خولف. تارك للمراء، وتارك لمقاربة اللئيم، وتارك لما يعتذر منه.
وعن عبد الله بن بريدة قال: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك تشتمني وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل فلوددت أن جميع الناس علموا منها مثل الذي أعلم، وإني لأسمع الحاكم
من حكام المسلمين يقضي بالعدل فأفرج به ولعلي لا أقاضي إليه أبداً وإني لأسمع بالغيث يصيب الأرض من أرض المسلمين فأفرج به ومالي سائمة أبداً.
وعن ابن أبي ملكية قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين، إذا نزل قام ينتظر الليل، فيرتل القرآن حرفاً حرفاً، ويكثر من النشيج قلت: وما النشيج؟ قال: النحيب، البكاء، ويقرأ: " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ".
قال شعيب بن درهم: كان هذا الموضع وأومأ إلى مجرى الدموع من خديه من خدي ابن عباس، مثل الشراك البالي من كثرة البكاء.
جاء رجل إلى ابن عباس فقال: يا بن عباس، كيف صومك؟ قال: أصوم الاثنين والخميس، قال: ولم؟ قال: لأن الأعمال ترفع فيها، وأحب أن ترفع أعمالي وأنا صائم.
قال معاوية يوماً لعبد الله بن عباس: إنه ضربتني البارحة أمواج القرآن في آيتين لم أعرف تأويلهما، ففزعت إليك، فقال ابن عباس: ما هما؟ فقال معاوية: قول الله عز وجل: " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن تقدر عليه " فقلت: يونس رسول الله ظن أنه بقوته إذا أراده، ما ظن هذا مؤمن، وقول الله عز وجل: " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " فقلت سبحان الله! كيف يكون هذا أن يستيئس الرسل من نصر الله، أو
يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم! إن لهاتين الآيتين تأويلاً ما نعلمه. قال ابن عباس: أما يونس عله السلام فظن أن خطيئته لم تبلغ أن يقدر الله عليه تلك البلية، ولم يشك أن الله عز وجل إذا أراده قدر عليه. وأما قوله: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن من أعطاهم الرضا في العلانية أن يكذبهم في السريرة، وذلك أطول البلاء عليهم، ولم يستيئس الرسل من نصر الله، ولم يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم. فقال معاوية: فرجت عني فرج الله عنك. قال ابن عباس فإن رجلاً قرأ علي آية المحيض، قول الله عز وجل: " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض " إلى آخر الآية. يعني بالماء " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " يقول: طاهرات غير حيض، فقال معاوية: إن قريشاً لتغبط بك لا بل جميع العرب، لا بل جميع أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولولا خفتك مع علي عطفتني عليك العواطف، فقال أيمن بن خريم: البسيط
ما كان يعلم هذا العلم من أحد ... بعد النبي سوى الحبر ابن عباس
مستنبط العلم غضاً من معادنه ... هذا اليقين وما بالحق من باس
دينوا بقول ابن عباس وحكمته ... إن المنافي فيكم عالم الناس
كالقطب قطب الرحا في كل حادثة ... أو كالحمام فمنه موضع الراس
من ذا يفرج عنكم كل معضلة ... إن صار رهناً مقيماً بين أرماس؟
قال ابن ملكية: كتب ابن هرقل إلى معاوية يسأله عن ثلاث خلال: مكان إذا كنت عليه لم تدر أين قبلتك، ومكان طلعت الشمس لم تطلع فيه قبل ولا بعد، وعن المحو الذي في القمر. فقال معاوية: من لهذه؟ فقيل له: ابن عباس. فكتب إلى ابن عباس، فكتب إليه ابن عباس: أما المكان الذي إذا كنت فيه لم تدر أين قبلتك فإذا كنت على ظهر الكعبة. وأما المكان الذي طلعت الشمس ولم تطلع فيه قبل ولا بعد فالبحر يوم انفلق لموسى. وأما المحو الذي في القمر فإن الله عز وجل يقول: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل " فهو آية الليل، فكتب به معاوية إلى ابن هرقل. قال: فكتب إليه: ما هذا من كنزك ولا كنز أبيك، ولا خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن ابن عباس قال: كتب قيصر إلى معاوية: أما بعد، فأي كلمة أحب إلى الله والثانية والثالثة والرابعة والخامسة، ومن أكرم عباد الله وإمائه عليه، وأربعة أشياء فيهم الروح لم ترتكض في رحم، وقبر سار بصاحبه، ومكان لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة، والمجرة التي في السماء ما هي؟ وقوس قزح ما هو؟ فلما قرأ معاوية الكتاب قال لعبد الله: ما أدري ما هذا، وماله إلا ابن عباس، فأرسل إلى ابن عباس يسأله عن ذلك، فقال: أحب كلمة إلى الله: لا إله إلا الله، والثانية: سبحان الله، والثالثة: الحمد، والرابعة: الله أكبر، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. وأما أكرم عباد الله فآدم خلقه الله بيده وعلمه الأسماء كلها، وأكرم إمائه عنده مريم التي أحصنت فرجها، والرابعة التي فيها الروح لم ترتكض في رحم فآدم وحواء، وعصا موسى، وكبش إبراهيم، والقبر الذي سار بصاحبه قبر يونس بن متى في بطن الحوت.
والمكان الذي لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة فالبحر فلقه موسى بعصاه، وقوس قزح فأمان لأهل الأرض من الغرق وزاد في حديث آخر: بعد قوم نوح والمجرة فهي باب السماء.
وفي حديث آخر بمعناه: فقلت: أما أحب كلمة إلى الله: فلا إله إلا الله لا يقبل عمل إلا بها، والثانية: المنجية سبحان الله وصلاة الخلق، والثالثة: الحمد لله كلمة الشكر، والرابعة: الله أكبر فواتح الصلاة والركوع والسجود، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. فاكتب إليه بذلك، فإنهم سيعرفون فأما لا إله إلا الله فإذا قالها العبد قال: يقول الله - أخلص عبدي. فإذا قال: سبحان الله قال: عبدني عبدي، فإذا قال: الحمد لله، قال: أخلص عبدي، فإذا قال: الله أكبر، قال: صدق عبدي أنا أكبر، فإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله قال: ألقى إلي عبدي السلام الحديث.
وعن أبي الجويرية الجرمي قال: كتب قيصر إلى معاوية: أخبرني عمن لا قبلة له، وعمن لا أب له، وعمن لا عشيرة له، وعمن سار به قبره، وعن ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم، وعن شيء ونصف شيء ولا
شيء، وابعث إلي في هذه القارورة ببزر كل شيء. فبعث معاوية بالكتاب والقارورة إلى ابن عباس، وقيل إنالحسن بن علي بعث إليه بالكتاب والقارورة أما من لا قبلة له فالكعبة، وأما من لا أب له فعيسى، وأما من لا عشيرة له فآدم، وأما من سار به قبره فيونس. وأما ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم فكبش إبراهيم، وناقة ثمود، وعصا موسى. وأما شيء فالرجل له عقل، يعمل بعقله، وأما نصف شيء فالذي ليس له عقل ويعمل برأي ذوي العقول. وأما لا شيء فالذي ليس له عقل، يعمل بعقله، وملأ القارورة ماء، وقال: هذا بزر كل شيء. فبعث معاوية بالبزر والقارورة إلى قيصر. فلما وصل إليه الكتاب والقارورة قال: ما خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن حماد بن حميد قال: كتب رجل من أهل العلم إلى ابن عباس يسأله عن هذه المسائل وكان الرجل عالماً. قال: أخبرني عن رجل دخل الجنة ونهى الله محمداً أن يعمل بعمله، وأخبرني عن شيء تكلم ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء بنفس ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء له لحم ولم تلده أنثى ولا ذكر، وأخبرني عن شيء قليله وكثيره حرام، وأخبرني عن رسول بعثه الله ليس من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة، واخبرني عن نفس أوحى الله إليها ليست من الأشياء، وأخبرني عن منذر ليس من الجن ولا من الإنس، وأخبرني عن شيء حرم بعضه وحل بعضه، وأخبرني عن نفس ماتت وأحييت بنفس غيرها، وأخبرني عن نفس خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم، وأخبرني عناثنين تكلما ليس لهما لحم ولا دم، وأخبرني عن الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، وأخبرني عن شيء إن فعلته كان حراماً وإن تركته كان حراماً، وأخبرني عن موسى كم أرضعته أمه قبل أن تلقيه في البحر، وفي أي بحر قذفته، وأخبرني عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطم موسى فرعون، وأخبرني عن موسى حين كلمه الله تعالى من حمل التوراة إليه، وكم كانت الملائكة الذين حملوا التوراة إلى موسى، وأخبرني عن آدم كم كان طوله، وكم عاش، ومن كان وصيه، وأخبرني من كان بعد آدم من الرسل، ومن كان بعد نوح، ومن كان بعد هود، ومن كان بعد إبراهيم، ومن كان بعد لوط، ومن كان بعد إسحاق، ومن كان قبل
نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخبرني عن الأنبياء كم كانوا، وكم كان منهم الرسل، وكم كان منهم من الأنبياء، وأخبرني كم في القرآن منهم، وأخبرني عن رجل ولد من غير ذكر ولا أنثى ولم يمت، وأخبرني عن أرض لم تصبها الشمس إلا يوماً واحداً، وأخبرني عن الطير الذي لا يبيض ولا يحضن عليه طير.
قال: فلما قدمت المسائل على ابن عباس عجب من ذلك عجباً شديداً، ثم كتب إليه: أما سؤالك عن الرجل الذي دخل الجنة ونهي عنه محمداً أن يعمل بعمله فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نبينا وعليه وسلم الذي يقول: " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم " وأما الشيء الذي تكلم ليس له لحم ولا دم فهي النار التي تقول " هل من مزيد " وأما الرسول الذي بعثه الله من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة فهو الغراب الذي بعثه الله إلى ابن آدم ليريه كيف يواري سوأة أخيه. وأما الذي له لحم ودم لم تلده أنثى ولا ذكر فهو كبش إبراهيم الذي فدى به إسحاق. وأما الشيء الذي بنفس ليس له لحم ولا دم فهو الصبح، إذ يقول الله عز وجل " والصبح إذا تنفس " وأما النفس التي ماتت، وأحييت بنفس غيرها فهي البقرة التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الذي يقول: " اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى " الآية. وأما الطير الذي لم يبض ولم يحضن عليه طائر فهو الطير الذي نفخ فيه عيسى بن مريم، فكان طيراً بإذن الله، واما الشيء الذي قليله حلال وكثيره حرام فهو نهر طالوت الذي ابتلاهم الله به، وأما النفس التي خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي خرج من بطن الحوت.
وأما الاثنتان اللتان تكلمتا ليس لهما لحم ولا دم فهما السماء والأرض إذ يقول الله تعالى: " ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين "، وأما الشيء الذي مشى ليس له لحم
ولا دم فهو عصا موسى التي " تلقف ما يأفكون "، وأما الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فهو أرمنياً. وأما الشيء الذي إن فعلته كان حراما، وإن تركته كان حراماً فهي الصلاة: إن صليت وأنت سكران لا يحل لك، وإن تركتتها لا يحل لك. وسألت عن أم موسى كم أرضعته فإنها أرضعته ثلاثة أشهر قبل أن تقذفه في البحر، ثم ألقته في البحر بحر القلزم. وسألت عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطمه موسى فهي آسية امرأة فرعون، والرجل الذي كان يكمن إيمانه. وسألت عن موسى يوم كلمه الله تعالى وحملت التوراة إليه فإن الله كلم موسى يوم الجمعة، وأعطي التوراة، ونزلت بها الملائكة إلى موسى يوم الجمعة، ومر الله تعالى بكل حرف من التوراة فحمله ملك من السماء، فلا يعلم عدد ذلك إلا الله وحده لا شريك له. وأما الأرض التي لم تنظر إليها الشمس إلا يوماً فهي أرض البحر الذي فلقه الله عز وجل لموسى. وأما المنذر الذي ليس من الإنس ولا من الجن فهي النملة: " قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم "، وسألت عن آدم فهو أول الأنبياء خلقه الله من طين، وسواه ونفخ فيه من روحه. وكان طوله فيما بلغنا والله أعلم ستين ذرعاً، وكان نبياً وخليفة، وعاش ألف سنة إلا ستين عاماً. وكان وصيه شيث.
وسألت من كان بعد شيث من الأنبياء، كان بعد إدريس وهو أول الرسل. وكان بعد إدريس نوح، وكان بعد نوح هود، ثم كان بعد هود صالح، ثم كان بعد صالح إبراهيم، ثم كان بعد إبراهيم لوط ابن أخي إبراهيم، وكان بعد لوط إسماعيل، ثم كان بعد إسماعيل إسحاق، وكان بعد إسحاق، وكان بعد إسحاق يعقوب، ثم كان بعد يعقوب يوسف، ثم كان بعد يوسف موسى، ثم كان بعد موسى عيسى فأنزل الله عليه الإنجيل، ثم كان بعد نبينا نبي الرحمة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسألت عن عدد الأنبياء: كانوا فيما بلغنا والله أعلم ألف نبي ومئتي نبي وخمسة وسبعين نبياً. وكان منهم ثلاث مئة وخمسة عشر رسولاً، وسائرهم أنبياء صالحون نجد في القرآن منهم ثلاثة وثلاثين نبياً يقول الله عز وجل: " ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماً ".
وكان ابن عباس امير البصرة، وكان يغشى الناس في شهر رمضان، فلا ينقضي الشهر حتى يفقههم، وكان إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان يعظهم، ويتكلم بكلام يردعهم، ويقول: ملاك أمركم الدين، ووصلتكم الوفاء، وزينتكم العلم، وسلامتكم الحلم وطولكم المعروف. إن كان الله كفلكم الوسع، اتقوا الله ما استطعتم. قال: فقال اعرابي فقال: من أشعر الناس أيها الأمير؟ قال: أفي إثر العظة؟ قل يا أبا الأسود قال: فقال: أبو الأسود الدؤلي: أشعر الناس يقول: الطويل
فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
قال هذا لنابغة بني ذبيان.
فكان الرجل يأتي مجلس عبد الله بن عباس وقد انتعل القوم، فيخلع نعليه، فيقول له الرجل لا يحبسك مكاني يا أبا العباس، فيقول: ما أنا بقائم حتى آحادثك وتحدثني فأسمع منك.
قال محمد بن سلام: سعى ساع إلى ابن عباس برجل فقال: إن شئت نظرنا فينا قلت، فإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن كنت صادقاً مقتناك، وإن أحببت أقلناك. قال: هذه.
قال ابو محمد بن قتيبية في حديث علي: إنه كتب إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ماأخذ: إني أشركتك في أمانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي. فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو قد حرب، قلبت لابن عمك ظهر المجن بفراقه مع المفارقين وخذلانه مع الخاذلين، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمة اختطاف
الذئب الأزل دامية المعزى. وفي الكتاب: ضح رويداً، فكأن قد بلغت المدى، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي به ينادي المغتر بالحسرة، ويتمنى المضيع التوبة والظالم الرجعة.
قوله: قد حرب: أي غضب، وقوله قلبت لابن عمك ظهر المجن: هو مثل يضرب لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية ثم حال عن ذلك، والمجن: الترس. وقوله: اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى: خص الدامية دون غيرها لأن في طبع الذئب محبة الدم، فهو يؤثر الدامية على غيرها. ويبلغ به طبعه في ذلك أنه يرى الذئب مثله وقد دمي فيثيب عليه ليأكله.
نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر وقد فرع بكلامه، فقال: من هذا الذي قد نزل عن القوم في سنه وعلاهم في قوله؟ قالوا: هذا ابن عباس، هذا ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشأ يقول:
إني وجدت بيان المرء نافلة ... تهدى له ووجدت العي كالصمم
المرء يبلى ويبقى الكلم سائره ... وقد يلام الفتى يوماً ولم يلم
الكلم ها هنا جمع كلمة، وأصله الكلم بكسر اللام، فسكنه تخفيفاً لإقامة الوزن، كما قالوا: ملك في ملك. فأما الكلم الذي عين فعله ساكنة في أصل بنائه فإنه مصدر كلمه يكلمه كلماً بمعنى جرحه. وقوله: سائره يعني أنه يبقى سائر الكلام. يريد الحكم السائرة من الكلم.
اختصم إلى عمر بن الخطاب حسان بن ثابت وخصم له، فسمع منهم، وقضى على حسان، فخرج وهو مهموم، فمر بابن عباس فأخبره بقصته، فقال له ابن عباس: لو كنت أنا الحكم بينكما لحكمت لك، فرجع حسان إلى عمر فأخبره فبعث عمر إلى ابن عباس فأتاه فسأله عما قال حسان، فصدقه، فسأله عن الحجة في ذلك فأخبره، فرجع عمر إلى قول ابن عباس، وحكم لحسان، فخرج وهو آخذ بيد ابن عباس وهو يقول:
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه ... رأيت له في كل منزلة فضلا
قضى وشفى ما في النفوس فلم يدع ... لذي إربة في القول جداً ولا هزلا
ورويت هذه الأبيات في ابن عباس في قصة أخرى.
قال المدائني: تكلم رجل عند ابن عباس، فأكثر السقط في كلامه، فالتفت ابن عباس إلى عبد له
فأعتقه، فقيل له لم أعتقت عبدك؟ قال: شكراً لله إذ لم يجعلني مثل هذا. ثم أنشد المدائني:
عي الشريف يشين منصبه ... وترى الوضيع يزينه أدبه
ولما جاء معاوية نعي الحسن بن علي استأذن ابن عباس على معاوية، وكان ابن عباس قد ذهب بصره، فكان يقول لقائده: إذا دخلت بي على معاوية فلا تقدني، فإن معاوية يشمت بي. فلما جلس ابن عباس قال معاوية: لأخبرنه بما هو أشد عليه من أن أشمت به. فلما دخل قال: يا أبا العباس، هلك الحسن بن علي، فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون. وعرف ابن عباس أنه شامت به، فقال: أما والله يا معاوية لا تسد حفرتك، ولا تخلد بعده، ولقد أصبنا بأعظم منه، فخرنا الله بعده، ثمقام. فقال معاوية: لا والله، ما كلمت أحداً قط أعد جواباً ولا أعقل من ابن عباس.
وعن ربعي بن حراش قال:
استأذن عبد الله بن العباس على معاوية بن أبي سفيان، وقد تحلقت عنده بطون قريش، وسعيد بن العاص جالس عن يمينه. فلما نظر إليه معاوية مقبلاً قال لسعيد: والله لألقين على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها فقال سعيد: ليس مثل ابن عباس يعيا بمسائلك. فلما جلس قال له معاوية: ما تقول في أبي بكر الصديق قال: رحم الله أبا بكر، كان والله للقرآن تالياً، وللشر قالياً، وعن المثل نائياً، وعن الفحشاء ساهياً، وعن المنكر ناهياً، وبدينه عارفاً، ومن الله خائفاً، ومن المهلكات جانفاً، يخاف فلتة الدهر، وإحياء بالليل قائماً، وبالنهار صائماً، ومن دنياه سالماً، وعلى عدل البرية عازماً، وبالمعروف آمراً، وإليه صائراً، وفي الأحوال شاكراً، والله بالغدو والآصال ذاكراً، ولنفسه في المصالح قاهراً، فاق أصحابه ورعاً وكفافاً، وزهداً وعفافاً، وسراً وحياطة، فأعقب الله من ثلبه اللعائن إلى يوم التغابن.
قال معاوية: فما تقول في عمر بن الخطاب؟ فقال رحم الله أبا حفص، كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، وملاذ الضعفاء، ومعقل الحنفاء، للخلق
حصناً، وللناس عوناً قال بحق الله صابراً محتسباً حتى أظهر الدين وفتح الديار وذكر الله في الإفطار والمنار، وعلى التلال وفي الضواحي والبقاع. عبد الجبار في الرخاء والشدة شكوراً، له وفي كل وقت وآن ذكوراً، فأعقب الله من يبغضه اللعنة إلى يوم الحسرة.
قال معاوية: فما تقول في عثمان؟ قال: رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الحفدة، وأفضل البررة، وأصبر القراء، هجاد بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر الدار دائب الفكر فيما يعنيه بالليل والنهار، نهاضاً إلى كل مكرمة، سعاء إلى كل منقبة، فراراً من كل موبقة، صاحب جيش العسرة، وصاحب البئر، وختن المصطفى عليه السلام على ابنتيه، فأعقب الله من ثلبه الندامى إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: رحم الله أبا الحسن، كان والله علم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجا، وطود الندى، ونور السفر في ظلم الدجى، وداعياً إلى المحجة العظمى، وعالماً بما في الصحف الأولى، وقائماً بالتأويل والذكرى متعلقاً بأسباب الهدى، وتاركاً للجور والأذى وحائداً عن طرقات الردى، وخير من آمن واتقى، وسيد من تقمص وارتدى، وأفضل من حج وسعى، وأسمح من عدل وسوى، وأخطب أهل الدنيا سوى الأنبياء والمصطفى، وصاحب القبلتين وزوج خير النساء، وأبو السبطين، لم تر عين مثله، ولا ترى أبداً حتى القيام واللقاء. فعلى من لعنه لعنة الله والعباد إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في طلحة والزبير؟ قال: رحمة الله عليهما، كانا والله عفيفين، مسلمين، برين، طاهرين، مطهرين، شهيدين، عالمين بالله، لهما النصرة القديمة والصحبة الكريمة، والأفعال الجميلة وفي حديث آخر: زلا زلة الله غافرها لهما.
قال: ما تقول في العباس بن عبد المطلب؟ قال: رحم الله أبا الفضل، كان والله صنو أبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقرة عين صفي الله، لهميم الأقوام، وسيد الأعمام، قد علا بصراً للأمور، ونظراً في العواقب. علم تلاشت الأحساب عند ذكر فضيلته، وتباعدت
الأنساب عند فخر عشيرته، ولم لا يكون كذلك؟ وقد ساسه اكرم من ذهب وهب: عب المطلب أفخر من مشى من قريش وركب.
قال معاوية: فلما سميت قريش قريشاً؟ قال: لدابة تكون في البحر هي أعظم دواب البحر خطراً، لا تظفر بشيء من دواب البحر إلا أكلته، فسميت قريش لأنها أعظم العرب فعالاً. فقال: هل تروي في ذلك شعراً؟ فأنشده قول الجمحي:
وقريش هي التي تسكن البحر به ... اسميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا تترك ل ... ذي الجناحين ريشا
هكذا في البلاد حي قريش ... يأكلون البلاد أكلاً كشيشاً
ولهم آخر الزمان نبي ... يكثر القتل فيهم والخموشا
يملأ الأرض خيله ورجال ... يحشرون المطي حشراً كميشاً
فقال معاوية: صدقت يا بن عباس، أشهد أنك لسان أهل بيتك.
فلما خرج ابن عباس من عنده قال معاوية لمن عنده: ما كلمته قط إلا وجدته مستعداً.
وفي حديث آخر قال:
فأمر له معاوية بأربعة آلاف درهم فقبضها ثم صرفها في بني عبد المطلب. فقالوا له: لا نقبل صدقة. قال: إنها ليست بصدقة. وإنما هي هدية لم يبق منها شيء، فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه يلومه وأن يقصر عن ذلك فكتب إليه يقول:
بخيل يرى بالجود عاراً وإنما ... على المرء عار أن يضن ويبخلا
إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفعه ... صديق فلاقته المنية أولا
أنشد المبرد لعبد الله بن العباس، كتب به إلى معاوية لن أبي سفيان: الطويل
إني أغضيت عن غير بغضة ... لراع لأسباب المودة حافظ
وما زال يدعوني إلى الصرم ما أرى ... فآبى وتثنيني عليك الحفائظ
وأنتظر العتبى وأغضي على القذى ... وألبس طوراً مره وأغالظ
وأنتظر الإقبال بالود منكم ... وأصبر حتى أوجعتني المغايظ
وجربت ما يسلي المحب عن الهوى ... وأقصرت والتجريب للمرء واعط
لما خرج الحسين بن علي إلى الكوفة اجتمع ابنعباس وعبد الله وبن الزبير بمكة فضرب ابن عباس جنب ابن الزبير وتمثل: الرجز
يا لك من قبرة بمعمر ... خلا لك الجود فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
خلا لك والله يا بن الزبير الحجاز. وسار الحسين إلى العراق، فقال ابن الزبير لابن عباس: والله ما ترون إلا أنكم أحق بهذا الأمر من سائر الناس، فقال له ابن عباس: إنما يرى من كان في شك، فأما نحن من ذلك فعلى يقين، ولكن أخبرني عن نفسك لم زعمت أنك أحق بهذا الأمر من سائر العرب، قال ابن الزبير: لشرفي عليهم قديماً لا تنكرونه قال: فأيما أشرف، أنت أم من شرفت به؟ قال: إن الذي شرفت به زادني شرفاً. قال: وعلت أصواتهما، فقال ابن أخ لعبد الله بن الزبير: يا بن عباس، دعنا من قولك، فوالله لا تحبونا يا بني هاشم أبداً. قال: فخفقه عبد الله بن الزبير بالنعل وما استحق الضرب؟! وإنما يستحق الضرب من مرق ومذق. قال: يا بن عباس، أما تريد أن تعفو عن كلمة واحدة قال: إنما نعفو عمن أقر، فأما من هر فلا. قال: فقال ابن الزبير: فأين الفضل؟ قال ابن عباس: عندنا - أهل البيت - لا نضعه في غير موضعه فندم، ولا نزويه عن أهله
فنظلم. قال: أولست منهم؟ قال: بلى إن نبذت الحسد، ولزمت الجدد. قال: واعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما.
وعن ابن عباس قال: لو أن العلماء أخذوا العلم بحقه لأحبهم الله عز وجل والملائكة والصالحون من عباده، ولهابهم الناس، لفضل العلم وشرفه.
قال جندب لابن عباس: أوصني بوصية، قال: أوصيك بتوحيد الله، ولا عمل له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. فإن كل خير أنت آتيه بعد هذه الخصال منك مقبول وإلى الله مرفوع. يا جندب، إنك لن تزداد من يومك إلا قرباً، فصل صلاة مودع، وأصبح في الدنيا كأنك غريب مسافر، فإنك من أهل القبور، وابك على ذنبك، وتب من خطيئتك، ولتكن الدنيا أهون عليك من شسع نعليك، وكأن قد فارقتها، وصرت إلى عدل الله، ولن تنتفع بما خلفت، ولن ينفعك إلا عملك.
قال ابن بريدة: رأيت ابن عباس آخذاً بلسانه وهو يقول: ويحك، قل خيراً تغنم أو اسكت عن شر تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم. قال: فقيل له: يا بن عباس، لم تقول هذا؟! قال: إنه بلغني أن الإنسان أراه قال: ليس على شيء من جسده حنقاً أو غيظاً يوم القيامة لعله قال: منه على لسان إلا قال به خيراً أو أملى به خيراً.
قال وبرة المسلمين: أوصى ابن عباس بكلمات، لهن أحسن من الدهم الموقوفة فقال لي: لا تكلمن فيما لا يعنيك فإنه فضل، ولا آمن عليك فيه الوزر، ولا تكلمن فيما يعنيك حتى ترى له موضعاً، فرب متكلم قد تكلم بالحق في غير موضعه فعنت، ولا تمارين سفيهاً ولا حليماً، فإن الحليم يقيلك، والسفيه يريدك، ولا تذكرن أخاك إذا توارى عنك إلا بمثل الذي تحب أن يذكرك به إذا أنت تواريت عنه، واعمل عمل رجل يعلم أنه مجزي
بالإحسان، مأخوذ بالإجرام. قال: فقال رجل عنده: يا أبا عباس، هذه خير من عشرة آلاف. قال: فقال ابن عباس: كلمة واحدة منها خير من عشرة آلاف.
قال ابن عباس: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله، وتصغيره عنده، وستره، فإنه إذا عجله هيأه وإذا صغره عظمه، وإذا ستره فخمه.
قال ابن عباس:
أكرم الناس علي جليسي، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني.
قيل لابن عباس: من أكرم الناس عليك؟ قال: جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت ألا يقع الذباب على وجهه لفعلت.
وعن ابن عباس كان يقول: ثلاثة لا أكافئهم: رجل ضاق مجلسي فأوسع لي، ورجل كنت ظمآن فسقاني، ورجل اغبرت قدماه في الاختلاف على بابي، ورابع لا أقدر على مكافأته، ولا يكافئه عني إلا الله عز وجل: رجل حز به أمر فبات ليلته ساهراً. فلما أصبح لم يجد لحاجته معتمداً غيري. قال: وكان يقول: إني لأستحي من الرجل يطأ بساطي ثلاث مرات ثم لا يرى عليه أثر من أثري.
قال ابن عباس: ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا أنزلته أحد ثلاثة منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان نظيري تفضلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به. وهذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرض الله واسعة.
ولما أصيبت عين ابن عباس نحل جسمه. فلما ذهبت الأخرى عاد لحمه، فقيل له في ذلك، فقال: أصابني ما رأيتم في الأولة شفقة على الأخرى، فلما ذهبتا اطمأن قلبي.
قال عكرمة: لما وقع الماء في عين ابن عباس قيل له: تنزع الماء من عينيك، على أنك لا تصلي سبعة
أيام، فقال: لا إنه منترك الصلاة سبعة أيام وهو يقدر عليها لقي الله عز وجل وهو غضبان عليه.
وعن ابن عباس أنه قال حين أصيب بصره: ما آسى على شيء من الدنيا إلا لو أني كنت مشيت إلى بيت الله عز وجل، فإني سمعت الله عز وجل يقول: " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ".
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس في العلم بحراً ينشق له من الأمر الأمور. وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اللهم، ألهمه الحكمة، وعلمه التأويل ".فلما عمي أتاه ناس من أهل الطائف، ومعهم علم من علمه أو كتب من كتبه، فجعلوا يستقرؤونه، وجعل يقدم ويؤخر. فلما رأى ذلك قال: إني تلهت من مصيبتي هذه، فمن كان عنده علم من علمي، أو كتب من كتبي فليقرأ علي، فإن إقراري له به كقراءتي عليه. قال: فقرؤوا عليه، زاد في حديث آخر: ولا يكن في أنفسكم من ذلك شيء.
تله الرجل إذا تحير. والأصل وله. والعرب قد تقلب الواو تاء، يقولون: تجاه، والأصل: وجاه.
ولما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية بأولادهما ونسائهما حتى نزلوا مكة، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما يبايعان فيأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لك ولا لغيرك، فأبى، وألح عليهما إلحاحاً شديداً. وقال فيما يقول: والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن من هذا الرجل، فمشوا في الناس، فانتدب أربعة آلاف، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكة، وابن الزبير في المسجد، فانطلق هارباً حتى دخل دار الندوة ويقال: تعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ الله. قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنيفة وأصحابهما، وهم في
دور قريب من المسجد قد جمع الحطب، فأحاط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن ناراً تقع فيه مارئي منهم أحد حتى تقوم الساعة، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذرنا نرح الناس منه، فقال: لا، هذا بلد حرام حرمه الله، ما أحله لأحد إلا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيرونا. قال: فتحملوا، وإن منادياً ينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، فأقاموا ما شاء الله، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد الله بن عباس. قال: فبينا نحن عنده إذ قال في مرضه: إني أموت في خير عصابة على وجه الأرض أحبهم إلى الله وأكرمهم عليه، وأقربهم إلى الله زلفى، فإن كت فيكم فأنتم هم، فما لبث إلا ثمان ليال بعد هذا القول حتى توفي، رحمه الله. فصلى عليه محمد بن الحنيفة، وولينا حمله ودفنه.
قال منذرالثوري: سمعت محمد بن علي بن أبي طالب يقول يوم مات ابن عباس: اليوم مات رباني هذ الأمة.
وفي رواية عن كلثوم: اليوم مات رباني العلم.
وعن بجير بن أبي عبيد قال:
مات ابن عباس بالطائف. فلما خرجوا بنعشه جاء طير عظيم أبيض من قبل وج زاد في رواية: يقال له الغرنوق حتى خالط أكفانه، ثم لم يروه، زاد في رواية: قال: فكانوا يرون أنه علمه.
قال ميمون بن مهران: شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف. فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه، فالتمس فلم يوجد. فلما سوي عليه سمعنا صوتاً، نسمع صوته ولا
نرى شخصه " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
قال هشام بن محمد بن السائب: صلى محمد بن علي على عبد الله بن عباس، وكبر عليه أربعاً، وضرب على قبره فسطاطاً.
قال ابن بكير: توفي عبد الله بن عباس سنة خمس وستين. ويقال: ثمان وستين. وصلى عليه محمد بن الحنفية، وأدخله من قبل القبلة، وقيل: توفي سنة سبع وثمانين. وتوفي ابن الحنفية بعده.
وكان ابن عباس يصفر لحيته، وتوفي وسنه اثنتان وسبعون سنة، وقيل: إحدى وسبعون سنة، وقيل: أربع وسبعون سنة. والصحيح قول من قال: إنه توفي سنة ثمان وستين. والله أعلم.
ولما دفن قال محمد بن الحنفية: مات والله اليوم حبر الأمة.
قال الزبير: ويقال: قالت أم الفضل وهي ترقص عبد الله بن عباس:
ثكلت نفسي وثكلت بكري ... إن لم يسد فهراً وغير فهر
بحسب زاك وبذل الوفر
ابن هاشم بن عبد مناف أبو العباس الهاشمي بن عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحبر الأمة وعالمها، وترجمان القرآن.
قدم دمشق وافداً على معاوية في السنة التي قتل فيها علي عليه السلام.
قال سعيد بن أبي الحسن: كنت عند ابن عباس إذ أتاه رجل فقال: إني إنسان، إنما معيشي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، قال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من صور صورة فإن الله يعذبه يوم القيامة حتى ينفخ فيها " وليس بنافع أبداً، قال: فربا لها الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه، ثم قال: ويحك، إن أتيت الآن تصنع فعليك بهذا الشجر، وكل شيء ليس فيه روح.
قال عبد الله بن عباس: دخلت على معاوية حين كان الصلح، وأول ماالتقيت أنا وهو، فإذا عنده أناس فقال: مرحباً يا بن عباس، ما تحاكت الفتنة بيني وبين أحد كان أعز علي بعداً ولا أحب إلي قرباً منك، الحمد لله الذي أمات علياً، قلت: إن الله عز وجل لا يذم في قضائه، وغير هذا الحديث أحسن منه، هل لك فيه؟ قال: ما هو؟ قلت: تعفيني من ذكر ابن عمي وأعفيك من ذكر ابن عمك. قال: ذلك لك، أنشدك الله يا بن عباس إلا حدثتني عن أبي سفيان، فقد حضرك من حضرك. قلت: تجر فربح، وأسلم فأفلح، وولد فأنجح، وكان في الشرك فكان نكساً حتى يقضي فقال: رحمك الله يا بن عباس، فوالله ما يعجزك في علمك أن تسر به جليسك، ولولا أن تراني قارضتك لأجزتك عن نفسك.
وعن مجاهد قال: قال ابن عباس: لما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب قال: أتى أبي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، أرى أم
الفضل قد اشتملت على حمل، فقال: لعل الله أن يقرأ أعينكم. قال: فأتى بي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا في خرقة، فحنكني بريقه.
قال مجاهد: فلا نعلم أحداً حنك بريق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيره.
وفي رواية: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى الله أن يبيض وجوهنا بغلام، فولدت عبد الله بن عباس.
قالوا: وولد قبل الهجرة بثلاث سنين وهو في الشعب.
وعن ابن عباس قال: قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن عشر سنين مختون.
وفي رواية: وقد قرأت القرآن.
وفي رواية: وقد جمعت المحكم. قيل: وما المحكم. قيل: وما المحكم؟ قال المفصل.
وفي رواية: توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن خمس عشرة سنة وأنا ختين.
وعن ابن عباس قال: أقبلت راكباً على أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي.
قال محمد بن عمر: لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس ولد في الشعب وبنو هاشم محصورون، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة. ألا تراه يقول في الحديث: راهقت الاحتلام في حجة الوداع.
قال عبيد الله بن أبي يزيد: سمعت ابن عباس يقول: أنا وأمي من المستضعفين، كانت أمي من النساء وأنا من الولدان.
ودعا سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن العباس وقال: اللهم أعطه الحكمة وعلمه التأويل وكان بحراً لا ينزف، ورأى جبريل عليه السلام، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى ألا يموت حتى يؤتى علماً ويذهب بصره. وكان عمر يأذن له مع المهاجرين ويسأله ويقول: غص غواص، وكان إذا رآه مقبلاً قال: أتاكم فتى الكهول، له لسان سؤول وقلب عقول.
وقيل في كنيته عبد الله بن العباس: أبو عبد الرحمن. وكان قد عمي قبل وفاته. ومات سنة ثمان وستين بالطائف في فتنة ابن الزبير، فصلى عليه محمد بن الحنيفية.
وغزا عبد الله بن عباس إفريقيةمع عبد الله بن سعد سنة سبع وعشرين.
وأمه أم الفضل أخت ميمونة زوج النبي صلى عليه وسلم واسمها لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وكان بنو العباس بن عبد المطلب عشرة: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، ومعبد، وقثم، وعبد الرحمن، وأمهم أم الفضل بنت الحارث. وكثير، والحارث، وعون، وتمام وهو أصغرهم فكان العباس يحمله يحمله ويقول: الرجز
تموا بتمام فصاروا عشرة ... يا رب فاجعلهم كراماً برره
واجعلهم ذكراً وأنم الثمره
مات كثير وقثم بينبع أخذته الذبحة، واستشهد الفضل بأجنادين، وعبد الرحمن
ومعبد بإفريقية، وعبد الله بالطائف، وعبيد الله باليمن. ويقال: مات قثم بسمرقند، وكان خرج مع سعيد بن عثمان بن عفان في زمن معاوية. قبره بها.
وكان مسلم بن قمادين المكي يقول: ما رأيت مثل بني أم واحدة إشراقةً، ولدوا في دار واحدة، أبعد قبوراً من بني أم الفضل.
وكان عبد الله أبيض طويلاً مشرباً صفرة، جسيماً، وسيماً، صبيح الوجه، له وفرة، يخضب بالحناء، وكان يسمى الحبر والبحر لكثرة علمه وحدة فهمه، حبر الأمة وفقيهها، ولسان العشرة ومنطيقها، محنك بريق النبوة، ومدعو له بلسان الرسالة: فقهه في الدين وعلمه التأويل. ترجمان القرآن، سمع نجوى جبريل عليه السلام للرسول وعاينه. ومولده كان عام الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين. وقبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ختين. وكانوا يختتنون للبلوغ، وتوفي بالطائف سنة ثمان وستين. وقيل سنة سبعين، وصلى عليه محمد بن الحنفية وسماه رباني هذه الأمة، وجاء طير أبيض فدخل في أكفانه، وسمع هاتف يهتف من قبره يقول: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً " الآية.
وكان عمر بن الخطاب يدنيه ويسأله ويستشيره، ويدخله مع مشيخة أهل بدر، وكان له الجواب الحاضر والوجه الناضر، صبيح الوجه، له وفرة مخضوبة بالحناء، أبيض طويل، مشرب صفرة، جسيم، وسيم، علمه غزير وخيره كثير، يصدر الجاهل عن علمه وحكمته يقظان، والجائع عن خيره ومائدته شبعان.
وكانت عائشة تقول: هو أعلم من بقي بالسنة، وكان ابن عمر يقول: هو أعلم الناس بما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وشهد ابن عباس مع علي بن أبي طالب عليه السلام صفين وقتال الخوارج
بالنهروان، وورد في صحبته المدائن، وكان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد الرجلين، وكان يخضب بالسواد.
قال ابن جريج:
كنا جلوساً مع عطاء بن أبي رباح في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس وفضله، وعلي بن عبد الله في الطواف وخلفه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس فعجبنا من تمام قامتهما وحسن وجوههما، قال عطاء: وأين حسنهما من حسن عبد الله بن عباس، ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة وأنا في المسجد الحرام طالعاً من جبل أبي قبيس إلا ذكرت وجه عبد الله بن عباس، ولقد رأيتنا جلوساً معه في الحجر إذ أتاه شيخ فديم بدوي من هذيل يهدج على عصاه فسأله عن مسألة فأجابه، فقال الشيخ لبعض من معه: من هذا الفتى؟ قالوا: هذا عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. قال الشيخ: سبحان الله الذي غيّر حسن عبد المطلب إلى ما أرى. قال عطاء: فسمعت ابن عباس يقول: سمعت أبي يقول: كان عبد المطلب أطول الناس قامة، وأحسن الناس وجهاً وما رآه أحد قط إلا أحبه. وكان له مفرش في الحجر لا يجلس عليه غيره، ولا يجلس عليه معه أحد، وكان الندي من قريش حرب بن أمية فمن دونه يجلسون حوله دون المفرش، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صغير، لم يبلغ، فجلس على المفرش فجبذه رجل، فبكى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال عبد المطلب - وذلك بعدما كف بصره -:ما لابني يبكي؟! قالوا له: أراد أن يجلس على المفرش فمنعوه، فقال عبد المطلب: دعوا ابني يجلس عليه، فإنه يحس من نفسه بشرف، وأرجو أيبلغ من الشرف ما لم يبلغ عربي قبله ولا بعده، ومات عبد المطلب والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن ثماني سنين، وكان خلف جنازة عبد المطلب يبكي حتى دفن بالحجون.
قال عكرمة: كان ابن عباس إذا مرّ في الطريق قلن النساء على الحيطان: أمر المسك أم مرّ ابن عباس؟
قال ابن عباس: أجلسني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجره، ومسح رأسي، ودعا لي بالبركة.
وعن ابن عباس قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فأخذ بيدي فجعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فصلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما انصرف قال لي: ما شأني أجعلك حذائي فتخنس؟! فقلت: يا رسول الله، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أعطاك الله عز وجل؟ قال: فأعجبه، فدعا الله لي أن يزيدني علماً وفهماً. قال: ثم رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نام حتى سمعته نفخ، ثم أتاه بلال فقال: يا رسول الله، الصلاة، فقام فصلى ما أعاد وضوءاً.
قال ابن عباس: دعا لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤتيني الحكمة والتأويل، قال: والحكمة: القرآن، والتأويل: تفسيره.
وعن ابن عباس قال: دعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخير كثير. وقال: نعم ترجمان القرآن أنت.
وعن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يده على رأس عبد الله فقال: اللهم، أعطه الحكمة، وعلمه التأويل، ووضع يده على صدره، فوجد عبد الله بن العباس بردها في ظهره، ثم قال: اللهم احش جوه حكماً وعلماً، فلم يستوحش في نفسه إلى مسألة أحد من الناس، ولم يزل حبر هذه الأمة حتى قبضه الله عز وجل.
وعن عمر قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أرأف أمتي بها أبو بكر، وإن أصلبها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء لعثمان،
وإن أقرأها لأبي، وإن أفرضها لزيد، وإن أقضاها لعلي، وإن أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ، وإن أصدقها لهجة لأبو ذر، وإن أمير هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس.
وعن ابن عباس قال: انتهيت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده جبريل عليه السلام، فقال له جبريل: إنه كائن حبر الأمة فاستوص به خيراً.
وعن ابن عمر قال: دعا النبي لعبد الله بن العباس فقال: اللهم، بارك فيه وانشر منه.
وعن ابن عباس قال: مررت برسول الله وعليه ثياب بياض نقية، وهو يناجي دحية بن خليفة الكلبي، وهو جبريل، وأنا لا أعلم، قال: فلم أسلم. قال جبريل: يا محمد، من هذا؟ قال: هذا ابن عمي، هذا ابن عباس قال: ما أشد وضح ثيابه، أما إن ذريته ستسود بعده، لو سلم لرددنا عليه. قال: فلما رجعت قال: فلما رجعت قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما منعك أن تسلم؟ قال: قلت يا رسول الله، رأيتك تناجي دحية الكلبي، فكرهت أن تقطعا منجاتكما. قال: وقد رأيته؟ قال: قلت: نعم، قال: أما إنه سيذهب بصرك، ويرده الله عليك في موتك. قال: فلما قبض ابن عباس ووضع على سريره جاء طير أبيض شديد الوضح فدخل في أكفانه فلمسوه، فقال لي عكرمة: ما تصنعون؟ هذه بشرى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فلما وضع في لحده تلقي بكلمة سمعها من كان على شفير القبر " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
وفي حديث آخر بمعناه: ورجل يناجيه ولم يذكر دحية الكلبي.
وفي حديث آخر بمعناه عن سعيد بن جبير قال: مر العباس وابنه على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبريل، فسلم العباس يعني: على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فلم يرد عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فشق عليه. قال: فلما جاز قال: يقول له ابنه: أبه، من الرجل الذي كان عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فشق على العباس وخشي أن يكون قد عرض لابنه شيء لأنه لم ير هو مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً، قال: فجاء العباس فقال: يا رسول الله، مررت بك فسلمت فلم ترد علي السلام. فلما مضيت قال لي ابني: من الرجل الذي مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فلقد رآه؟ ذاك جبريل. قال: فمسح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه ودعا له بالعلم.
وعن أنس قال: نظر علي بن أبي طالب إلى جبريل عله السلام مرة، ونظر إليه ابن عباس مرة.
وعن عبد الله بن عباس قال: دخلت على خالتي ميمونة في يومها من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو نائم، ورأسه في حجرها، فقلت يا أمه، أو يا خالة، دعيني أغمز رجل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: شأنك، فتناولت رجليه فجعلتهما في حجري، فانتبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا عبد الله، أحبك الذي أحببتني له، أما إن جبريل قد أوصى بك خيراً، وقال: إن عبد الله من خيار هذه الأمة وإن ولده يرزقون الخلافة في آخر الزمان، ويرزقون حسن مشية الدواب.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: يا غلام، ألا أعلمك شيئاً ينفعك الله به؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، ولو جهد الخلائق أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا، ولو جهد الخلائق أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا على ذلك.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني سألت الله عز وجل لكم يابني عبد المطلب أن يهدي ضالكم، وأن يثبت قائلكم، وكلمة سقطت عن ابن القاسم، وأن يجعلكم نجباً نجداً جوداً، ولو أن أحداً صفن صلاة ما بين الركن والمقام ثم مات وهو مبغض لكم دخل النار.
وعن ابن عباس شرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن شماله، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الشربة لك، فإن شئت آثرت بها خالداً، قال: ما أوثر على سؤر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً.
وعن ابن عباس قال: لما قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتعلم منهم فإنهم كثير، فقال: العجب والله لك يا بن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الأرض من ترى من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتركت ذلك، وأقبلت على المسألة وتتبع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل سمعه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآتيه فأجده قائلاً، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج، فإذا خرج قال: ما جاء بك يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: جئت، بلغني أنك تحدث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأحببت أن أسمعه منك، فيقول: هلا بعثت إلي حتى آتيك؟ فأقول: أنا كنت أحق أن آتيك. فكان هذا الرجل يمر بي وقد ذهب أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحتاج الناس إلي فيقول: أنت كنت أعقل مني.
وعن ابن عباس قال: كنت أكرم الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المهاجرين والأنصار، وأسألهم عن مغازي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما نزل من القرآن في ذلك، وكنت لا آتي أحداً منهم إلا سر بإتياني لقربى من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعلت أسأل أبي بن كعب يوماً وكان من الراسخين في العلم عما نزل من القرآن بالمدينة فقال: نزل سبع وعشرون سورة، وسائرها بمكة.
وكان ابن عباس يأتي أبا رافع مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول: ما صنع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم كذا وكذا؟ ومع ابن عباس ألواح يكتب ما يقول.
قال معمر: عامة علم ابن عباس عن ثلاثة: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب.
قال ابن عباس: طلبت العلم فلم أجده أكثر منه في الأنصار، فكنت آتي الرجل فأسأل عنه فيقال لي: نائم، فأتوسد ردائي ثم أضطجع حتى يخرج إلي الظهر فيقول: متى كنت ها هنا يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: منذ طويل فيقول: بئس ما صنعت، هلا أعلمتني؟ فأقول: أردت أن تخرج إلي وقد قضيت حاجتك.
وعن طاوس قال: قال ابن عباس: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقيل لابن عباس لطلب العلم، فعززت مطلوباً.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا ثلاثاً الرقيم وغسلين وحناناً.
وعن ابن عباس قال: قد حفظت السنة كلها، غير أني لا أدري أكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر أم لا، ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف " وقد بلغت من الكبر عتياً " أو عسياً.
قال ابن عباس: دخلت على عمر بن الخطاب يوماً فسألني عن مسألة كتب إليه بها يعلى بن أمية من اليمن، فأجبته فيها، فقال عمر: أشهد أنك تنطق عن بيت نبوة.
وعن سعيد بن جبير قال: قال عمر لابن عباس: لقد علمت علماً ما علمناه.
وعن سعيد بن جبير قال: كان أناس من المهاجرين قد وجدوا على عمرفي إدنائه ابن عباس دونهم قال: وكان
يسأله فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عن هذه الصورة: " إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " قال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجاً أن يحمدوه ويستغفروه. قال: فقال عمر: يا بن عباس، ألا تكلم قال: فقال: أعلمه من يموت. قال: " إذا جاء نصر الله والفتح " وفي رواية: والفتح فتح مكة " ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " فهي آيتك من الموت: فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " قال: ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها. فقال بعضهم: كنا نرى أنها في العشر الأوسط، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، قال: فأكثروا فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم: ثلاث وعشرين، وقال بعضهم: سبع وعشرين، فقال بعضهم لابن عباس: ألا تكلم! قال: الله أعلم. قال: قد نعلم أن الله أعلم، إنما نسألك عن علمك فقال ابن عباس: الله وتر يحب الوتر، خلق من خلقه سبع سموات فاستوى عليهن، وخلق الأرض سبعاً، وخلق عدة الأيام سبعاً، ورمي الجمار سبعاً، وبين الصفا والمروى سبعاً، وخلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع. قال: فقال عمر: وكيف خلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع فقد فهمت من هذا الأمر ما فهمته؟ قال ابن عباس: إن الله يقول: " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين " حتى بلغ إلى قوله: " فتبارك الله أحسن الخالقين " قال: ثم قرأ: " أنا صببنا الماء صباً ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً " وأما السبعة فلبني آدم، وأما الأب فما أنبتت الأرض للأنعام، وأما ليلة القدر فما نراها إن شاء الله إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين وسبع بقين.
وعن ابن عباس قال: كان عمر يجلس مع الأكابر من أصحاب محمد، ويقول لي: لا تكلم حتى يتكلموا، ثم
يسألني، ثم يقبل عليهم فيقول: ما يمنعكم أن تأتونيبمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه؟! وفي حديث آخر عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم. فقال بعضهم: يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله، فقال عمر: إنه ممن قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم، وأذن لي معهم فسألهم عن هذه السورة: " إذا جاء نصر الله والفتح " وساق الحديث بمعنى ما تقدم.
وعن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر: ألا ندعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاكم فتى الكهول، إن له لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً.
وعن ابن عباس قال: قدم على عمر رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قرأ منهم القرآن كذا وكذا، فقال ابن عباس: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزبرني عمر ثم قال: مه، قال: فانطلقت إلى منزلي مكتئباً حزيناً، فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل بمنزلة ما أراني إلا أني قد سقطت من نفسه، قال: فرجعت إلى منزلي فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، وما هو إلا الذي نقلني به عمر، قال: فبينا أن كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين، قال: فخرجت فإذا هو قائم قريباً ينتظرني، فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال: ما كرهت مما قال الرجل؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت أسأت فأستغفر الله وأتوب إليه، وأنزل حيث أحببت، قال: لتحدثني ما الذي كرهت مما قال الرجل، فقلت: يا أمير المؤمنين إنهم متى سارعوا هذه المسارعة يحتقوا ومتى يحتقوا اختلفوا، ومتى اختلفوا يقتتلوا، قال: لله أبوك، والله لقد كنت أكاتمها الناس حتى جئت بها.
وعن أبي الزناد: أن عمر بن الخطاب دخل على ابن عباس يعوده وهو يحم، فقال له عمر: أخل بنا مرضك، فالله المستعان.
وعن عبد الله بن عباس قال: قال لي أبي: إن عمر بن الخطاب يدنيك فاحفظ عني ثلاثاً: لا تشفين له سراً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا يجربن عليك كذباً.
قال الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف. قال: بل خير من عشرة آلاف.
وفي حديث آخر: ولا ابتدأته بشيء حتى يسألك عنه، عوضاً عن الكذب.
وفي حديث آخر: أن العباس بن عبد المطلب قال لابنه عبد الله بن العباس: يا بني أنت أعلم مني وأنا أفقه منك، إن هذا الرجل يدنيك، يعني: عمر بن الخطاب، فاحفظ عني ثلاثاً الحديث.
وعن عطاء بن يسار: أن عمر وعثمان كانا يدعوان ابن عباس فيسير مع أهل بدر، وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات.
قال المدائني: قال علي بن أبي طالب في عبد الله بن عباس: إنه ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، لعقله وفطنته بالأمور.
وعن عكرمة: أن علياً حرق ناساً ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تعذبوا بعذاب الله "، وكنت قاتلهم لقول
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من بدل دينه فاقتلوه "، فبلغ ذلك عليا فقال: ويح ابن أم الفضل إنه لغواص على الهنات.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: ما رأيت أحداً أحضر فهماً، ولا ألب لباً، ولا أكثر علماً، ولا أوسع حلماً من ابن عباس. ولقد رأيت عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات ثم يقول: عندك، قد جاءتك معضلة، ثم لا يجاوز قوله، وإن حوله لأهل بدر من المهاجرين والأنصار.
وعن مسروق قال: قال عبد الله: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد.
وفي رواية عنه قال: لوأن هذا الغلام من بني عبد المطلب أدرك ما أدركنا ما تعلقنا منه بشيء.
سألت امرأة ابن عمر عن مسألة فقال: ائتي ابن عباس، فإنه أعلم الناس بما أنزل الله عز وجل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن عمر: أن رجلاً أتاه يسأله عن " السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناها "، قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فسله ثم تعال فأخبرني ما قال. فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات. فرجع الرجل إلى ابن عمر، فأخبره، فقال: إن ابن عباس قد أوتي علماً. صدق، هكذا كانت، ثم قال ابن عمر: قد كنت أقول: ما تعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي علماً.
ولما مات ابن عباس قال جابر بن عبد الله لما بلغه موته، وصفق بإحدى يديه على الأخرى: مات أعلم الناس، وأحلم الناس، ولقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق.
ولما مات ابن عباس قال رافع بن خديج: مات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب في العلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ابن عباس أعلم الناس بالحج.
قال الشعبي: ركب زيد بن ثابت، فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: لا تفعل يابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال له زيد: أرني يديك، فأخرج يديه فقبلهما، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.
وعن ابن عباس قال: نحن أهل البيت شجرة النبوة، ومختلف الملائكة، وأهل بيت الرسالة، وأهل بيت الرحمة، ومعدن العلم.
وعن ابن عباس قال: لو كان المهدي في زماني لكنته، ولكنه في آخر الزمان، رجل من ولدي، أو قال مني.
وعن عكرمة قال: قال كعب الأخبار: مولاك رباني هذه الأمة هو أعلم من مات ومن عاش.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت أحداً كان أعلم بالسنة ولا أجلد رأياً، ولا أثقب نظراً حين ينظر من ابن عباس، وإن كان عمر بن الخطاب يقول له: لقد طرأت علينا عضل أقضية أنت لها، ولا منا لها، ثم يقول عبيد الله: وعمر عمر في جده في ذات الله وحسن نظره للمسلمين.
وعنه قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه،
وحلم ونسب ونائل. ما رأيت أحداً كان أعلم بما سبقه من حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه، ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية، ولا بتقسيم القرآن، ولا بحساب، ولا بفريضة منه، ولا أعلم بما مضى، ولا أثقب رأياً فيما احتيج إليه منه. ولقد كان يجلس يوماً ما يذكر فيه إلا الفقه، ويوماً التأويل، ويوماً المغازي، ويوماً الشعر، ويوماً أيام العرب. وما رأيت عالماً قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلاً قط سأله إلا وجد عنده علماً.
وقال عطاء: ما رأيت مجلساً قط كان أكرم من مجلس ابن عباس، أكثر علماً وأعظم جفنة، وإن أصحاب القرآن عنده يسألونه، وأصحاب النحو عنده يسألونه، وأصحاب الشعر عنده يسألونه، وأصحاب الفقه عنده يسألونه، كلهم يصدرهم في واد واسع.
وقال عطاء: كان أناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس لأيام العرب ووقائعها، وناس للعلم، فما منهم من صنف إلا يقبل عليهم بما شاؤوا.
وعن طاوس قال: كان ابن عباس قد سبق على الناس في العلم كما تبسق النخلة السحوق على الودي الصغار.
وعن طاوس قال: ما رأيت أحداً خالف ابن عباس قط فتركه حتى يقرره.
وعن ليث بن أبي سليم قال: قلت لطاوس: لزمت هذا الغلام يعني ابن عباس، وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارؤوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس.
وعن طاوس قال: أدركت خمسين أو سبعين من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سئلوا عن شيء فخالفوا ابن عباس لا يقومون حتى يقولوا: هو كما قلت، أو صدقت.
وعن ليث قال: قال لي طاوس: ما تعلمت من شيء فتعلم لنفسك، فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة. قال: وما رأيت رجلاً أعلم من ابن عباس ولا رأيت رجلاً أورع من ابن عمر. قال: وكان طاوس يعد الحديث حرفاً حرفاً.
وعن مجاهد قال: ما رئي مجلس ابن عباس. ولقد مات يوم مات، وإنه لحبر هذه الأمة.
وفي رواية: وما رأيت مثله قط أو قال: ما سمعت إلا أن يقول رجل: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال مجاهد: كان عبد الله بن العباس أمدهم قامة، وأعظمهم جفنة، وأوسعهم علماً. ولو شاء أن أبكي كلما ذكرته بكيت.
قال: وكان ابن عباس يسمى البحر، لكثرة علمه.
وعن مجاهد قال: كنا نفخر على الناس بأربعة: نفخر بفقيهنا، ونفخر بقاضينا، ونفخر بقارئنا ونفخر بمؤذننا: فأما فقيهنا فابن عباس، وأما قاضينا فعبيد بن عمير، وأما قارئنا فعبد الله بن السائب، وأما مؤذننا فأبو محذورة.
قال مجاهد: كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نوراً.
وقال: ما رأيت أحداً قط أعرب لساناً من ابن عباس.
وعن عمرو بن دينار قال: ما رأيت مجلساً قط أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، للحلال والحرام وتفسير القرآن والعربية والطعام، قال أبو هلال: ولا أراه إلا قال: والشعر.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين: ما رأيت بيتاً كان أكثر طعاماً ولا شراباً ولا فاكهة ولا علماً من بيت عبد الله بن عباس.
وقال الضحاك: ما رأيت بيتاً أكثر خبزاً ولحماً وعلماً من بيت ابن عباس.
قال أبو صالح: لقد رأيت في ابن عباس مجلساً لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها فخراً. لقد رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر على أن يجيء ولا أن يذهب. قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال: ضع لي وضوءاً قال: فتوضأ وجلس وقال: اخرج فقل لهم: من كان يريد أن يسأل عن القرآن وحروفه، وما أراد منه فليدخل وقال: فخرجت، فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم عنه وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن أو تأويله فليدخل.
قال: فخرجت فأذنتهم فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا فقلت لهم. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم، قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الفرائض وما أشبهها فليدخل. قال: فخرجت فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال:
اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن العربية والشعر والغريب من الكلام فليدخل. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله.
قال أبو صالح: ولو أن قريشاً كلها فخرت بذلك لكان فخراً. فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس.
قال جابر بن زيد: سألت البحر وكان يسمي ابن عباس البحر عن لحوم الحمر، فقرأ هذه الآي " قل لا أجد فيما أوحي غلي محرماً على طاعم يطعمه " إلى آخر الآية.
وفي حديث ابن الفرا: عن تحريم الخمر. وهو تصحيف.
وعن الحسن: أن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل، وكان ابن عباس من القرآن بمنزل. قال: وكان يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة وآل عمران فيفسرها آية آية. وكان مثجه غرباً غرباً، وكان عمر إذا ذكره قال: ذاكم فتى الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول.
قال أبو بكر الهذلي: دخلت على الحسن بن أبي الحسن، فجلست عنده وهو يصلي، فتذاكرنا آيات من القرآن. فلما انصرف قال: ما كنتم تقولون؟ قلنا: " حم " و" طسم ". قال. فواتح يفتح الله بها القرآن، فقلت له: فإن مولى ابن عباس يقول: كذا وكذا. قال: إن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل. وساق بقية الحديث.
قوله: كان مثجاً هو من العج والثج: السيلان. يريد أنه يصب الكلام صباً.
وعن ميمون بن مهران قال: لو أتيت ابن عباس بصحيفة فيها ستون حديثاً لرجعت ولم تسأله عنها، وسمعتها. قال: يسأله الناس فيكفونك.
قال عبد الله بن أبي الهذيل: أردت الخروج، فعلم بي أهل الكوفة، فجمعوا مسائل، ثم أتوني بها في صحيفة. فلما قدمت على ابن عباس خرج، فقعد للناس، فما زال يسألونه حتى ما بقي في صحيفتي شيء إلا سألوه عنه.
وعن مسروق انه قال: كنا إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا نطق قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس.
قال ابن أبي ملكية: دخلنا على ابن عباس فقال: إني لم أنم الليل، فقلنا له: لم يا أبا عباس؟ قال: طلع الكوكب ذوالذنب فخشيت أن يطرق الدخان. سلوني عن سورة البقرة، سلوني عن سورة يوسف، فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، وكان علي أعلمهما بالمبهمات، وسئل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن معنى قول عكرمة: إن ابن عباس أعلم بتفسير القرآن من علي، فقال: لم سمع ابن عباس عامة التفسير من علي فوعاه وجمعه، ثم ضم إليه ما سمعه من غيره مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعامة أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما ضم علم هؤلاء في التفسير إلى علم علي كان أعلم منه بالتفسير. وقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا له فقال ": اللهم علمه الكتاب وفهمه التأويل، وعلي أعلم منه بالمبهمات ومن غيره، فقد شهد عامة التنزيل فروى فيم نزل، وفي أي أمر كان.
قال شقيق: خطب ابن عباس وهو على الموسم، فافتتح سورة البقرة، فجعل يقرؤها ويفسر، فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله. لو سمعت فارس والروم لأسلمت.
وفي حديث بمعناه: فقرأ سورة النور.
وعن ابن عباس قال: لقد علمت علما من القرآن ما يسألني عنه أحد، لا أدري علمه الناس فلم يسألوا عنه أو لم يعلموها فيسألوا عنها.
وعن ابن عائشة قال: ما زال ابن عباس يستفيد حتى مات. وكان يقول: ما علمت ما " فاطر " حتى سمعت أعرابياً يخاصم رجلاً في بئر واحدهما يقول: أنا فطرتها، وكنت لا أدري ماء البعل حتى سمعت أعرابياً ينادي آخر يقول: يا بعل الناقة، فعلمت أنه ربها.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا أربع: غسلين، وحناناً، والأواه، والرقيم.
وعن عبيد الله بن أبي يزيد قال: كان ابن عباس إذا سئل عن شيء، فإن كان في كتاب الله عز وجل قال به، وإن لم يكن في كتاب الله عز وجل وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال به، فإن لم يكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال بما قال به أبو بكر وعمر، فإن لم يكن لأبي بكر وعمر، فيه شيء قال برأيه.
وعن القاسم بن محمد قال: ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلاً قط.
وعن سفيان بن عيينة قال: علماء الأزمنة ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه.
ورد صعصعة بن صوحان على علي بن أبي طالب من البصرة، فسأله عن عبد الله بن عباس، وكان على خلافته بها، فقال صعصعة: يا أمير المؤمنين، إنه آخذ بثلاث وتارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدث، ويحسن الاستماع إذا حدث، وبأيسر الأمرين إذا خولف. تارك للمراء، وتارك لمقاربة اللئيم، وتارك لما يعتذر منه.
وعن عبد الله بن بريدة قال: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك تشتمني وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل فلوددت أن جميع الناس علموا منها مثل الذي أعلم، وإني لأسمع الحاكم
من حكام المسلمين يقضي بالعدل فأفرج به ولعلي لا أقاضي إليه أبداً وإني لأسمع بالغيث يصيب الأرض من أرض المسلمين فأفرج به ومالي سائمة أبداً.
وعن ابن أبي ملكية قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين، إذا نزل قام ينتظر الليل، فيرتل القرآن حرفاً حرفاً، ويكثر من النشيج قلت: وما النشيج؟ قال: النحيب، البكاء، ويقرأ: " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ".
قال شعيب بن درهم: كان هذا الموضع وأومأ إلى مجرى الدموع من خديه من خدي ابن عباس، مثل الشراك البالي من كثرة البكاء.
جاء رجل إلى ابن عباس فقال: يا بن عباس، كيف صومك؟ قال: أصوم الاثنين والخميس، قال: ولم؟ قال: لأن الأعمال ترفع فيها، وأحب أن ترفع أعمالي وأنا صائم.
قال معاوية يوماً لعبد الله بن عباس: إنه ضربتني البارحة أمواج القرآن في آيتين لم أعرف تأويلهما، ففزعت إليك، فقال ابن عباس: ما هما؟ فقال معاوية: قول الله عز وجل: " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن تقدر عليه " فقلت: يونس رسول الله ظن أنه بقوته إذا أراده، ما ظن هذا مؤمن، وقول الله عز وجل: " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " فقلت سبحان الله! كيف يكون هذا أن يستيئس الرسل من نصر الله، أو
يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم! إن لهاتين الآيتين تأويلاً ما نعلمه. قال ابن عباس: أما يونس عله السلام فظن أن خطيئته لم تبلغ أن يقدر الله عليه تلك البلية، ولم يشك أن الله عز وجل إذا أراده قدر عليه. وأما قوله: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن من أعطاهم الرضا في العلانية أن يكذبهم في السريرة، وذلك أطول البلاء عليهم، ولم يستيئس الرسل من نصر الله، ولم يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم. فقال معاوية: فرجت عني فرج الله عنك. قال ابن عباس فإن رجلاً قرأ علي آية المحيض، قول الله عز وجل: " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض " إلى آخر الآية. يعني بالماء " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " يقول: طاهرات غير حيض، فقال معاوية: إن قريشاً لتغبط بك لا بل جميع العرب، لا بل جميع أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولولا خفتك مع علي عطفتني عليك العواطف، فقال أيمن بن خريم: البسيط
ما كان يعلم هذا العلم من أحد ... بعد النبي سوى الحبر ابن عباس
مستنبط العلم غضاً من معادنه ... هذا اليقين وما بالحق من باس
دينوا بقول ابن عباس وحكمته ... إن المنافي فيكم عالم الناس
كالقطب قطب الرحا في كل حادثة ... أو كالحمام فمنه موضع الراس
من ذا يفرج عنكم كل معضلة ... إن صار رهناً مقيماً بين أرماس؟
قال ابن ملكية: كتب ابن هرقل إلى معاوية يسأله عن ثلاث خلال: مكان إذا كنت عليه لم تدر أين قبلتك، ومكان طلعت الشمس لم تطلع فيه قبل ولا بعد، وعن المحو الذي في القمر. فقال معاوية: من لهذه؟ فقيل له: ابن عباس. فكتب إلى ابن عباس، فكتب إليه ابن عباس: أما المكان الذي إذا كنت فيه لم تدر أين قبلتك فإذا كنت على ظهر الكعبة. وأما المكان الذي طلعت الشمس ولم تطلع فيه قبل ولا بعد فالبحر يوم انفلق لموسى. وأما المحو الذي في القمر فإن الله عز وجل يقول: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل " فهو آية الليل، فكتب به معاوية إلى ابن هرقل. قال: فكتب إليه: ما هذا من كنزك ولا كنز أبيك، ولا خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن ابن عباس قال: كتب قيصر إلى معاوية: أما بعد، فأي كلمة أحب إلى الله والثانية والثالثة والرابعة والخامسة، ومن أكرم عباد الله وإمائه عليه، وأربعة أشياء فيهم الروح لم ترتكض في رحم، وقبر سار بصاحبه، ومكان لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة، والمجرة التي في السماء ما هي؟ وقوس قزح ما هو؟ فلما قرأ معاوية الكتاب قال لعبد الله: ما أدري ما هذا، وماله إلا ابن عباس، فأرسل إلى ابن عباس يسأله عن ذلك، فقال: أحب كلمة إلى الله: لا إله إلا الله، والثانية: سبحان الله، والثالثة: الحمد، والرابعة: الله أكبر، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. وأما أكرم عباد الله فآدم خلقه الله بيده وعلمه الأسماء كلها، وأكرم إمائه عنده مريم التي أحصنت فرجها، والرابعة التي فيها الروح لم ترتكض في رحم فآدم وحواء، وعصا موسى، وكبش إبراهيم، والقبر الذي سار بصاحبه قبر يونس بن متى في بطن الحوت.
والمكان الذي لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة فالبحر فلقه موسى بعصاه، وقوس قزح فأمان لأهل الأرض من الغرق وزاد في حديث آخر: بعد قوم نوح والمجرة فهي باب السماء.
وفي حديث آخر بمعناه: فقلت: أما أحب كلمة إلى الله: فلا إله إلا الله لا يقبل عمل إلا بها، والثانية: المنجية سبحان الله وصلاة الخلق، والثالثة: الحمد لله كلمة الشكر، والرابعة: الله أكبر فواتح الصلاة والركوع والسجود، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. فاكتب إليه بذلك، فإنهم سيعرفون فأما لا إله إلا الله فإذا قالها العبد قال: يقول الله - أخلص عبدي. فإذا قال: سبحان الله قال: عبدني عبدي، فإذا قال: الحمد لله، قال: أخلص عبدي، فإذا قال: الله أكبر، قال: صدق عبدي أنا أكبر، فإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله قال: ألقى إلي عبدي السلام الحديث.
وعن أبي الجويرية الجرمي قال: كتب قيصر إلى معاوية: أخبرني عمن لا قبلة له، وعمن لا أب له، وعمن لا عشيرة له، وعمن سار به قبره، وعن ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم، وعن شيء ونصف شيء ولا
شيء، وابعث إلي في هذه القارورة ببزر كل شيء. فبعث معاوية بالكتاب والقارورة إلى ابن عباس، وقيل إنالحسن بن علي بعث إليه بالكتاب والقارورة أما من لا قبلة له فالكعبة، وأما من لا أب له فعيسى، وأما من لا عشيرة له فآدم، وأما من سار به قبره فيونس. وأما ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم فكبش إبراهيم، وناقة ثمود، وعصا موسى. وأما شيء فالرجل له عقل، يعمل بعقله، وأما نصف شيء فالذي ليس له عقل ويعمل برأي ذوي العقول. وأما لا شيء فالذي ليس له عقل، يعمل بعقله، وملأ القارورة ماء، وقال: هذا بزر كل شيء. فبعث معاوية بالبزر والقارورة إلى قيصر. فلما وصل إليه الكتاب والقارورة قال: ما خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن حماد بن حميد قال: كتب رجل من أهل العلم إلى ابن عباس يسأله عن هذه المسائل وكان الرجل عالماً. قال: أخبرني عن رجل دخل الجنة ونهى الله محمداً أن يعمل بعمله، وأخبرني عن شيء تكلم ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء بنفس ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء له لحم ولم تلده أنثى ولا ذكر، وأخبرني عن شيء قليله وكثيره حرام، وأخبرني عن رسول بعثه الله ليس من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة، واخبرني عن نفس أوحى الله إليها ليست من الأشياء، وأخبرني عن منذر ليس من الجن ولا من الإنس، وأخبرني عن شيء حرم بعضه وحل بعضه، وأخبرني عن نفس ماتت وأحييت بنفس غيرها، وأخبرني عن نفس خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم، وأخبرني عناثنين تكلما ليس لهما لحم ولا دم، وأخبرني عن الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، وأخبرني عن شيء إن فعلته كان حراماً وإن تركته كان حراماً، وأخبرني عن موسى كم أرضعته أمه قبل أن تلقيه في البحر، وفي أي بحر قذفته، وأخبرني عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطم موسى فرعون، وأخبرني عن موسى حين كلمه الله تعالى من حمل التوراة إليه، وكم كانت الملائكة الذين حملوا التوراة إلى موسى، وأخبرني عن آدم كم كان طوله، وكم عاش، ومن كان وصيه، وأخبرني من كان بعد آدم من الرسل، ومن كان بعد نوح، ومن كان بعد هود، ومن كان بعد إبراهيم، ومن كان بعد لوط، ومن كان بعد إسحاق، ومن كان قبل
نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخبرني عن الأنبياء كم كانوا، وكم كان منهم الرسل، وكم كان منهم من الأنبياء، وأخبرني كم في القرآن منهم، وأخبرني عن رجل ولد من غير ذكر ولا أنثى ولم يمت، وأخبرني عن أرض لم تصبها الشمس إلا يوماً واحداً، وأخبرني عن الطير الذي لا يبيض ولا يحضن عليه طير.
قال: فلما قدمت المسائل على ابن عباس عجب من ذلك عجباً شديداً، ثم كتب إليه: أما سؤالك عن الرجل الذي دخل الجنة ونهي عنه محمداً أن يعمل بعمله فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نبينا وعليه وسلم الذي يقول: " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم " وأما الشيء الذي تكلم ليس له لحم ولا دم فهي النار التي تقول " هل من مزيد " وأما الرسول الذي بعثه الله من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة فهو الغراب الذي بعثه الله إلى ابن آدم ليريه كيف يواري سوأة أخيه. وأما الذي له لحم ودم لم تلده أنثى ولا ذكر فهو كبش إبراهيم الذي فدى به إسحاق. وأما الشيء الذي بنفس ليس له لحم ولا دم فهو الصبح، إذ يقول الله عز وجل " والصبح إذا تنفس " وأما النفس التي ماتت، وأحييت بنفس غيرها فهي البقرة التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الذي يقول: " اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى " الآية. وأما الطير الذي لم يبض ولم يحضن عليه طائر فهو الطير الذي نفخ فيه عيسى بن مريم، فكان طيراً بإذن الله، واما الشيء الذي قليله حلال وكثيره حرام فهو نهر طالوت الذي ابتلاهم الله به، وأما النفس التي خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي خرج من بطن الحوت.
وأما الاثنتان اللتان تكلمتا ليس لهما لحم ولا دم فهما السماء والأرض إذ يقول الله تعالى: " ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين "، وأما الشيء الذي مشى ليس له لحم
ولا دم فهو عصا موسى التي " تلقف ما يأفكون "، وأما الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فهو أرمنياً. وأما الشيء الذي إن فعلته كان حراما، وإن تركته كان حراماً فهي الصلاة: إن صليت وأنت سكران لا يحل لك، وإن تركتتها لا يحل لك. وسألت عن أم موسى كم أرضعته فإنها أرضعته ثلاثة أشهر قبل أن تقذفه في البحر، ثم ألقته في البحر بحر القلزم. وسألت عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطمه موسى فهي آسية امرأة فرعون، والرجل الذي كان يكمن إيمانه. وسألت عن موسى يوم كلمه الله تعالى وحملت التوراة إليه فإن الله كلم موسى يوم الجمعة، وأعطي التوراة، ونزلت بها الملائكة إلى موسى يوم الجمعة، ومر الله تعالى بكل حرف من التوراة فحمله ملك من السماء، فلا يعلم عدد ذلك إلا الله وحده لا شريك له. وأما الأرض التي لم تنظر إليها الشمس إلا يوماً فهي أرض البحر الذي فلقه الله عز وجل لموسى. وأما المنذر الذي ليس من الإنس ولا من الجن فهي النملة: " قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم "، وسألت عن آدم فهو أول الأنبياء خلقه الله من طين، وسواه ونفخ فيه من روحه. وكان طوله فيما بلغنا والله أعلم ستين ذرعاً، وكان نبياً وخليفة، وعاش ألف سنة إلا ستين عاماً. وكان وصيه شيث.
وسألت من كان بعد شيث من الأنبياء، كان بعد إدريس وهو أول الرسل. وكان بعد إدريس نوح، وكان بعد نوح هود، ثم كان بعد هود صالح، ثم كان بعد صالح إبراهيم، ثم كان بعد إبراهيم لوط ابن أخي إبراهيم، وكان بعد لوط إسماعيل، ثم كان بعد إسماعيل إسحاق، وكان بعد إسحاق، وكان بعد إسحاق يعقوب، ثم كان بعد يعقوب يوسف، ثم كان بعد يوسف موسى، ثم كان بعد موسى عيسى فأنزل الله عليه الإنجيل، ثم كان بعد نبينا نبي الرحمة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسألت عن عدد الأنبياء: كانوا فيما بلغنا والله أعلم ألف نبي ومئتي نبي وخمسة وسبعين نبياً. وكان منهم ثلاث مئة وخمسة عشر رسولاً، وسائرهم أنبياء صالحون نجد في القرآن منهم ثلاثة وثلاثين نبياً يقول الله عز وجل: " ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماً ".
وكان ابن عباس امير البصرة، وكان يغشى الناس في شهر رمضان، فلا ينقضي الشهر حتى يفقههم، وكان إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان يعظهم، ويتكلم بكلام يردعهم، ويقول: ملاك أمركم الدين، ووصلتكم الوفاء، وزينتكم العلم، وسلامتكم الحلم وطولكم المعروف. إن كان الله كفلكم الوسع، اتقوا الله ما استطعتم. قال: فقال اعرابي فقال: من أشعر الناس أيها الأمير؟ قال: أفي إثر العظة؟ قل يا أبا الأسود قال: فقال: أبو الأسود الدؤلي: أشعر الناس يقول: الطويل
فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
قال هذا لنابغة بني ذبيان.
فكان الرجل يأتي مجلس عبد الله بن عباس وقد انتعل القوم، فيخلع نعليه، فيقول له الرجل لا يحبسك مكاني يا أبا العباس، فيقول: ما أنا بقائم حتى آحادثك وتحدثني فأسمع منك.
قال محمد بن سلام: سعى ساع إلى ابن عباس برجل فقال: إن شئت نظرنا فينا قلت، فإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن كنت صادقاً مقتناك، وإن أحببت أقلناك. قال: هذه.
قال ابو محمد بن قتيبية في حديث علي: إنه كتب إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ماأخذ: إني أشركتك في أمانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي. فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو قد حرب، قلبت لابن عمك ظهر المجن بفراقه مع المفارقين وخذلانه مع الخاذلين، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمة اختطاف
الذئب الأزل دامية المعزى. وفي الكتاب: ضح رويداً، فكأن قد بلغت المدى، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي به ينادي المغتر بالحسرة، ويتمنى المضيع التوبة والظالم الرجعة.
قوله: قد حرب: أي غضب، وقوله قلبت لابن عمك ظهر المجن: هو مثل يضرب لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية ثم حال عن ذلك، والمجن: الترس. وقوله: اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى: خص الدامية دون غيرها لأن في طبع الذئب محبة الدم، فهو يؤثر الدامية على غيرها. ويبلغ به طبعه في ذلك أنه يرى الذئب مثله وقد دمي فيثيب عليه ليأكله.
نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر وقد فرع بكلامه، فقال: من هذا الذي قد نزل عن القوم في سنه وعلاهم في قوله؟ قالوا: هذا ابن عباس، هذا ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشأ يقول:
إني وجدت بيان المرء نافلة ... تهدى له ووجدت العي كالصمم
المرء يبلى ويبقى الكلم سائره ... وقد يلام الفتى يوماً ولم يلم
الكلم ها هنا جمع كلمة، وأصله الكلم بكسر اللام، فسكنه تخفيفاً لإقامة الوزن، كما قالوا: ملك في ملك. فأما الكلم الذي عين فعله ساكنة في أصل بنائه فإنه مصدر كلمه يكلمه كلماً بمعنى جرحه. وقوله: سائره يعني أنه يبقى سائر الكلام. يريد الحكم السائرة من الكلم.
اختصم إلى عمر بن الخطاب حسان بن ثابت وخصم له، فسمع منهم، وقضى على حسان، فخرج وهو مهموم، فمر بابن عباس فأخبره بقصته، فقال له ابن عباس: لو كنت أنا الحكم بينكما لحكمت لك، فرجع حسان إلى عمر فأخبره فبعث عمر إلى ابن عباس فأتاه فسأله عما قال حسان، فصدقه، فسأله عن الحجة في ذلك فأخبره، فرجع عمر إلى قول ابن عباس، وحكم لحسان، فخرج وهو آخذ بيد ابن عباس وهو يقول:
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه ... رأيت له في كل منزلة فضلا
قضى وشفى ما في النفوس فلم يدع ... لذي إربة في القول جداً ولا هزلا
ورويت هذه الأبيات في ابن عباس في قصة أخرى.
قال المدائني: تكلم رجل عند ابن عباس، فأكثر السقط في كلامه، فالتفت ابن عباس إلى عبد له
فأعتقه، فقيل له لم أعتقت عبدك؟ قال: شكراً لله إذ لم يجعلني مثل هذا. ثم أنشد المدائني:
عي الشريف يشين منصبه ... وترى الوضيع يزينه أدبه
ولما جاء معاوية نعي الحسن بن علي استأذن ابن عباس على معاوية، وكان ابن عباس قد ذهب بصره، فكان يقول لقائده: إذا دخلت بي على معاوية فلا تقدني، فإن معاوية يشمت بي. فلما جلس ابن عباس قال معاوية: لأخبرنه بما هو أشد عليه من أن أشمت به. فلما دخل قال: يا أبا العباس، هلك الحسن بن علي، فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون. وعرف ابن عباس أنه شامت به، فقال: أما والله يا معاوية لا تسد حفرتك، ولا تخلد بعده، ولقد أصبنا بأعظم منه، فخرنا الله بعده، ثمقام. فقال معاوية: لا والله، ما كلمت أحداً قط أعد جواباً ولا أعقل من ابن عباس.
وعن ربعي بن حراش قال:
استأذن عبد الله بن العباس على معاوية بن أبي سفيان، وقد تحلقت عنده بطون قريش، وسعيد بن العاص جالس عن يمينه. فلما نظر إليه معاوية مقبلاً قال لسعيد: والله لألقين على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها فقال سعيد: ليس مثل ابن عباس يعيا بمسائلك. فلما جلس قال له معاوية: ما تقول في أبي بكر الصديق قال: رحم الله أبا بكر، كان والله للقرآن تالياً، وللشر قالياً، وعن المثل نائياً، وعن الفحشاء ساهياً، وعن المنكر ناهياً، وبدينه عارفاً، ومن الله خائفاً، ومن المهلكات جانفاً، يخاف فلتة الدهر، وإحياء بالليل قائماً، وبالنهار صائماً، ومن دنياه سالماً، وعلى عدل البرية عازماً، وبالمعروف آمراً، وإليه صائراً، وفي الأحوال شاكراً، والله بالغدو والآصال ذاكراً، ولنفسه في المصالح قاهراً، فاق أصحابه ورعاً وكفافاً، وزهداً وعفافاً، وسراً وحياطة، فأعقب الله من ثلبه اللعائن إلى يوم التغابن.
قال معاوية: فما تقول في عمر بن الخطاب؟ فقال رحم الله أبا حفص، كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، وملاذ الضعفاء، ومعقل الحنفاء، للخلق
حصناً، وللناس عوناً قال بحق الله صابراً محتسباً حتى أظهر الدين وفتح الديار وذكر الله في الإفطار والمنار، وعلى التلال وفي الضواحي والبقاع. عبد الجبار في الرخاء والشدة شكوراً، له وفي كل وقت وآن ذكوراً، فأعقب الله من يبغضه اللعنة إلى يوم الحسرة.
قال معاوية: فما تقول في عثمان؟ قال: رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الحفدة، وأفضل البررة، وأصبر القراء، هجاد بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر الدار دائب الفكر فيما يعنيه بالليل والنهار، نهاضاً إلى كل مكرمة، سعاء إلى كل منقبة، فراراً من كل موبقة، صاحب جيش العسرة، وصاحب البئر، وختن المصطفى عليه السلام على ابنتيه، فأعقب الله من ثلبه الندامى إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: رحم الله أبا الحسن، كان والله علم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجا، وطود الندى، ونور السفر في ظلم الدجى، وداعياً إلى المحجة العظمى، وعالماً بما في الصحف الأولى، وقائماً بالتأويل والذكرى متعلقاً بأسباب الهدى، وتاركاً للجور والأذى وحائداً عن طرقات الردى، وخير من آمن واتقى، وسيد من تقمص وارتدى، وأفضل من حج وسعى، وأسمح من عدل وسوى، وأخطب أهل الدنيا سوى الأنبياء والمصطفى، وصاحب القبلتين وزوج خير النساء، وأبو السبطين، لم تر عين مثله، ولا ترى أبداً حتى القيام واللقاء. فعلى من لعنه لعنة الله والعباد إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في طلحة والزبير؟ قال: رحمة الله عليهما، كانا والله عفيفين، مسلمين، برين، طاهرين، مطهرين، شهيدين، عالمين بالله، لهما النصرة القديمة والصحبة الكريمة، والأفعال الجميلة وفي حديث آخر: زلا زلة الله غافرها لهما.
قال: ما تقول في العباس بن عبد المطلب؟ قال: رحم الله أبا الفضل، كان والله صنو أبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقرة عين صفي الله، لهميم الأقوام، وسيد الأعمام، قد علا بصراً للأمور، ونظراً في العواقب. علم تلاشت الأحساب عند ذكر فضيلته، وتباعدت
الأنساب عند فخر عشيرته، ولم لا يكون كذلك؟ وقد ساسه اكرم من ذهب وهب: عب المطلب أفخر من مشى من قريش وركب.
قال معاوية: فلما سميت قريش قريشاً؟ قال: لدابة تكون في البحر هي أعظم دواب البحر خطراً، لا تظفر بشيء من دواب البحر إلا أكلته، فسميت قريش لأنها أعظم العرب فعالاً. فقال: هل تروي في ذلك شعراً؟ فأنشده قول الجمحي:
وقريش هي التي تسكن البحر به ... اسميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا تترك ل ... ذي الجناحين ريشا
هكذا في البلاد حي قريش ... يأكلون البلاد أكلاً كشيشاً
ولهم آخر الزمان نبي ... يكثر القتل فيهم والخموشا
يملأ الأرض خيله ورجال ... يحشرون المطي حشراً كميشاً
فقال معاوية: صدقت يا بن عباس، أشهد أنك لسان أهل بيتك.
فلما خرج ابن عباس من عنده قال معاوية لمن عنده: ما كلمته قط إلا وجدته مستعداً.
وفي حديث آخر قال:
فأمر له معاوية بأربعة آلاف درهم فقبضها ثم صرفها في بني عبد المطلب. فقالوا له: لا نقبل صدقة. قال: إنها ليست بصدقة. وإنما هي هدية لم يبق منها شيء، فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه يلومه وأن يقصر عن ذلك فكتب إليه يقول:
بخيل يرى بالجود عاراً وإنما ... على المرء عار أن يضن ويبخلا
إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفعه ... صديق فلاقته المنية أولا
أنشد المبرد لعبد الله بن العباس، كتب به إلى معاوية لن أبي سفيان: الطويل
إني أغضيت عن غير بغضة ... لراع لأسباب المودة حافظ
وما زال يدعوني إلى الصرم ما أرى ... فآبى وتثنيني عليك الحفائظ
وأنتظر العتبى وأغضي على القذى ... وألبس طوراً مره وأغالظ
وأنتظر الإقبال بالود منكم ... وأصبر حتى أوجعتني المغايظ
وجربت ما يسلي المحب عن الهوى ... وأقصرت والتجريب للمرء واعط
لما خرج الحسين بن علي إلى الكوفة اجتمع ابنعباس وعبد الله وبن الزبير بمكة فضرب ابن عباس جنب ابن الزبير وتمثل: الرجز
يا لك من قبرة بمعمر ... خلا لك الجود فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
خلا لك والله يا بن الزبير الحجاز. وسار الحسين إلى العراق، فقال ابن الزبير لابن عباس: والله ما ترون إلا أنكم أحق بهذا الأمر من سائر الناس، فقال له ابن عباس: إنما يرى من كان في شك، فأما نحن من ذلك فعلى يقين، ولكن أخبرني عن نفسك لم زعمت أنك أحق بهذا الأمر من سائر العرب، قال ابن الزبير: لشرفي عليهم قديماً لا تنكرونه قال: فأيما أشرف، أنت أم من شرفت به؟ قال: إن الذي شرفت به زادني شرفاً. قال: وعلت أصواتهما، فقال ابن أخ لعبد الله بن الزبير: يا بن عباس، دعنا من قولك، فوالله لا تحبونا يا بني هاشم أبداً. قال: فخفقه عبد الله بن الزبير بالنعل وما استحق الضرب؟! وإنما يستحق الضرب من مرق ومذق. قال: يا بن عباس، أما تريد أن تعفو عن كلمة واحدة قال: إنما نعفو عمن أقر، فأما من هر فلا. قال: فقال ابن الزبير: فأين الفضل؟ قال ابن عباس: عندنا - أهل البيت - لا نضعه في غير موضعه فندم، ولا نزويه عن أهله
فنظلم. قال: أولست منهم؟ قال: بلى إن نبذت الحسد، ولزمت الجدد. قال: واعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما.
وعن ابن عباس قال: لو أن العلماء أخذوا العلم بحقه لأحبهم الله عز وجل والملائكة والصالحون من عباده، ولهابهم الناس، لفضل العلم وشرفه.
قال جندب لابن عباس: أوصني بوصية، قال: أوصيك بتوحيد الله، ولا عمل له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. فإن كل خير أنت آتيه بعد هذه الخصال منك مقبول وإلى الله مرفوع. يا جندب، إنك لن تزداد من يومك إلا قرباً، فصل صلاة مودع، وأصبح في الدنيا كأنك غريب مسافر، فإنك من أهل القبور، وابك على ذنبك، وتب من خطيئتك، ولتكن الدنيا أهون عليك من شسع نعليك، وكأن قد فارقتها، وصرت إلى عدل الله، ولن تنتفع بما خلفت، ولن ينفعك إلا عملك.
قال ابن بريدة: رأيت ابن عباس آخذاً بلسانه وهو يقول: ويحك، قل خيراً تغنم أو اسكت عن شر تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم. قال: فقيل له: يا بن عباس، لم تقول هذا؟! قال: إنه بلغني أن الإنسان أراه قال: ليس على شيء من جسده حنقاً أو غيظاً يوم القيامة لعله قال: منه على لسان إلا قال به خيراً أو أملى به خيراً.
قال وبرة المسلمين: أوصى ابن عباس بكلمات، لهن أحسن من الدهم الموقوفة فقال لي: لا تكلمن فيما لا يعنيك فإنه فضل، ولا آمن عليك فيه الوزر، ولا تكلمن فيما يعنيك حتى ترى له موضعاً، فرب متكلم قد تكلم بالحق في غير موضعه فعنت، ولا تمارين سفيهاً ولا حليماً، فإن الحليم يقيلك، والسفيه يريدك، ولا تذكرن أخاك إذا توارى عنك إلا بمثل الذي تحب أن يذكرك به إذا أنت تواريت عنه، واعمل عمل رجل يعلم أنه مجزي
بالإحسان، مأخوذ بالإجرام. قال: فقال رجل عنده: يا أبا عباس، هذه خير من عشرة آلاف. قال: فقال ابن عباس: كلمة واحدة منها خير من عشرة آلاف.
قال ابن عباس: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله، وتصغيره عنده، وستره، فإنه إذا عجله هيأه وإذا صغره عظمه، وإذا ستره فخمه.
قال ابن عباس:
أكرم الناس علي جليسي، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني.
قيل لابن عباس: من أكرم الناس عليك؟ قال: جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت ألا يقع الذباب على وجهه لفعلت.
وعن ابن عباس كان يقول: ثلاثة لا أكافئهم: رجل ضاق مجلسي فأوسع لي، ورجل كنت ظمآن فسقاني، ورجل اغبرت قدماه في الاختلاف على بابي، ورابع لا أقدر على مكافأته، ولا يكافئه عني إلا الله عز وجل: رجل حز به أمر فبات ليلته ساهراً. فلما أصبح لم يجد لحاجته معتمداً غيري. قال: وكان يقول: إني لأستحي من الرجل يطأ بساطي ثلاث مرات ثم لا يرى عليه أثر من أثري.
قال ابن عباس: ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا أنزلته أحد ثلاثة منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان نظيري تفضلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به. وهذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرض الله واسعة.
ولما أصيبت عين ابن عباس نحل جسمه. فلما ذهبت الأخرى عاد لحمه، فقيل له في ذلك، فقال: أصابني ما رأيتم في الأولة شفقة على الأخرى، فلما ذهبتا اطمأن قلبي.
قال عكرمة: لما وقع الماء في عين ابن عباس قيل له: تنزع الماء من عينيك، على أنك لا تصلي سبعة
أيام، فقال: لا إنه منترك الصلاة سبعة أيام وهو يقدر عليها لقي الله عز وجل وهو غضبان عليه.
وعن ابن عباس أنه قال حين أصيب بصره: ما آسى على شيء من الدنيا إلا لو أني كنت مشيت إلى بيت الله عز وجل، فإني سمعت الله عز وجل يقول: " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ".
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس في العلم بحراً ينشق له من الأمر الأمور. وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اللهم، ألهمه الحكمة، وعلمه التأويل ".فلما عمي أتاه ناس من أهل الطائف، ومعهم علم من علمه أو كتب من كتبه، فجعلوا يستقرؤونه، وجعل يقدم ويؤخر. فلما رأى ذلك قال: إني تلهت من مصيبتي هذه، فمن كان عنده علم من علمي، أو كتب من كتبي فليقرأ علي، فإن إقراري له به كقراءتي عليه. قال: فقرؤوا عليه، زاد في حديث آخر: ولا يكن في أنفسكم من ذلك شيء.
تله الرجل إذا تحير. والأصل وله. والعرب قد تقلب الواو تاء، يقولون: تجاه، والأصل: وجاه.
ولما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية بأولادهما ونسائهما حتى نزلوا مكة، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما يبايعان فيأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لك ولا لغيرك، فأبى، وألح عليهما إلحاحاً شديداً. وقال فيما يقول: والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن من هذا الرجل، فمشوا في الناس، فانتدب أربعة آلاف، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكة، وابن الزبير في المسجد، فانطلق هارباً حتى دخل دار الندوة ويقال: تعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ الله. قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنيفة وأصحابهما، وهم في
دور قريب من المسجد قد جمع الحطب، فأحاط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن ناراً تقع فيه مارئي منهم أحد حتى تقوم الساعة، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذرنا نرح الناس منه، فقال: لا، هذا بلد حرام حرمه الله، ما أحله لأحد إلا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيرونا. قال: فتحملوا، وإن منادياً ينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، فأقاموا ما شاء الله، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد الله بن عباس. قال: فبينا نحن عنده إذ قال في مرضه: إني أموت في خير عصابة على وجه الأرض أحبهم إلى الله وأكرمهم عليه، وأقربهم إلى الله زلفى، فإن كت فيكم فأنتم هم، فما لبث إلا ثمان ليال بعد هذا القول حتى توفي، رحمه الله. فصلى عليه محمد بن الحنيفة، وولينا حمله ودفنه.
قال منذرالثوري: سمعت محمد بن علي بن أبي طالب يقول يوم مات ابن عباس: اليوم مات رباني هذ الأمة.
وفي رواية عن كلثوم: اليوم مات رباني العلم.
وعن بجير بن أبي عبيد قال:
مات ابن عباس بالطائف. فلما خرجوا بنعشه جاء طير عظيم أبيض من قبل وج زاد في رواية: يقال له الغرنوق حتى خالط أكفانه، ثم لم يروه، زاد في رواية: قال: فكانوا يرون أنه علمه.
قال ميمون بن مهران: شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف. فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه، فالتمس فلم يوجد. فلما سوي عليه سمعنا صوتاً، نسمع صوته ولا
نرى شخصه " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
قال هشام بن محمد بن السائب: صلى محمد بن علي على عبد الله بن عباس، وكبر عليه أربعاً، وضرب على قبره فسطاطاً.
قال ابن بكير: توفي عبد الله بن عباس سنة خمس وستين. ويقال: ثمان وستين. وصلى عليه محمد بن الحنفية، وأدخله من قبل القبلة، وقيل: توفي سنة سبع وثمانين. وتوفي ابن الحنفية بعده.
وكان ابن عباس يصفر لحيته، وتوفي وسنه اثنتان وسبعون سنة، وقيل: إحدى وسبعون سنة، وقيل: أربع وسبعون سنة. والصحيح قول من قال: إنه توفي سنة ثمان وستين. والله أعلم.
ولما دفن قال محمد بن الحنفية: مات والله اليوم حبر الأمة.
قال الزبير: ويقال: قالت أم الفضل وهي ترقص عبد الله بن عباس:
ثكلت نفسي وثكلت بكري ... إن لم يسد فهراً وغير فهر
بحسب زاك وبذل الوفر
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5545#b242dd
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو العباس الهاشمي له صحبة روى عنه عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبو الطفيل عامر بن واثلة وثعلبة بن الحكم وأبو أمامة بن سهل
ابن حنيف سمعت أبي يقول بعض ذلك وبعضه من قبلي.
ثنا عبد الرحمن نا أبو بجير المحاربي والأحمسي قالا نا أبو أسامة عن الأعمش عن مجاهد قال كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه.
ابن حنيف سمعت أبي يقول بعض ذلك وبعضه من قبلي.
ثنا عبد الرحمن نا أبو بجير المحاربي والأحمسي قالا نا أبو أسامة عن الأعمش عن مجاهد قال كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5545#82a282
عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطلب أَبُو الْعَبَّاس الْهَاشمي.
قَالَ الْحَسَن عَنْ (3) ضمرة: مات سنة سبعين وهو بالطائف، وَقَالَ أَبُو نعيم: مات سنة ثمان وستين [و (4) ] قال يَحْيَى بْن يوسف حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن عياش عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: وجدنا أكثر أحاديث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد هذا الحي من الأنصار أن كنت لآتي الرجل منهم فيقَالَ انه نائم فأدعه ولو شئت لايقظته
يستطيب حديثه (1) .
(2) أَحْمَد بْن يونس قَالَ (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ (3) عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني الْمُفَصَّلَ.
وَقَالَ عُمَر بْن حفص بْن غياث حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأعمش حَدَّثَنَا مُسْلِم (4) عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عبد الله رضي الله عَنْهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَدْرَكَ أَسْنَانَنَا مَا عَاشَرَهُ (5) رَجُلٌ مِنَّا (5) .
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ لَيْثٍ قَالَ قِيلَ لِطَاوُسٍ تَرَكْتَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَهَيْتَ إِلَى قَوْلِ غُلامٍ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارءوا في شئ انَتْهَوا إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَالَ (6) ابْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ (6) حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أبو اسحاق
سَمِعَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (1) شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بِشْرٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عن ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَقْرَأُ الْمُحْكَمَ [مِنَ الْقُرْآنِ (2) ] ، قِيلَ وَمَا الْمُحْكَمُ؟ قَالَ: الْمُفَصَّلُ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَأَنَا مَخْتُونٌ.
قَالَ الْحَسَن عَنْ (3) ضمرة: مات سنة سبعين وهو بالطائف، وَقَالَ أَبُو نعيم: مات سنة ثمان وستين [و (4) ] قال يَحْيَى بْن يوسف حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن عياش عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: وجدنا أكثر أحاديث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد هذا الحي من الأنصار أن كنت لآتي الرجل منهم فيقَالَ انه نائم فأدعه ولو شئت لايقظته
يستطيب حديثه (1) .
(2) أَحْمَد بْن يونس قَالَ (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ (3) عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني الْمُفَصَّلَ.
وَقَالَ عُمَر بْن حفص بْن غياث حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأعمش حَدَّثَنَا مُسْلِم (4) عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عبد الله رضي الله عَنْهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَدْرَكَ أَسْنَانَنَا مَا عَاشَرَهُ (5) رَجُلٌ مِنَّا (5) .
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ لَيْثٍ قَالَ قِيلَ لِطَاوُسٍ تَرَكْتَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَهَيْتَ إِلَى قَوْلِ غُلامٍ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارءوا في شئ انَتْهَوا إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَالَ (6) ابْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ (6) حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أبو اسحاق
سَمِعَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (1) شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بِشْرٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عن ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَقْرَأُ الْمُحْكَمَ [مِنَ الْقُرْآنِ (2) ] ، قِيلَ وَمَا الْمُحْكَمُ؟ قَالَ: الْمُفَصَّلُ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَأَنَا مَخْتُونٌ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5545#b35d1e
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف، أَبُو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ الهاشمي ابْنُ عم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كني بابنه الْعَبَّاس، وهو أكبر ولده، وأمه لبابة الكبرى بِنْت الحارث بْن حزن الهلالية، وهو ابْنُ خالة خَالِد بْن الوليد.
وكان يسمى البحر، لسعة علمه، ويسمى حبر الأمة، ولد والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب من مكَّة، فأُتي بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه بريقه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل غير ذَلِكَ، ورأى جبريل عند النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(781) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الْفَقِيهُ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ "
(782) قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ "
(783) أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، أَخْبَرَنَا الْمُخَلِّصُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلائِكَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرِّسَالَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ الْعِلْمِ "
(784) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الْبَهَاءِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّرَّادُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا جَاءَتْهُ الأَقْضِيَةُ الْمُعْضِلَةُ، قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّهَا قَدْ طَرَّتْ لَنَا أَقْضِيَةٌ وَعُضِلَ، فَأَنْتَ لَهَا وَلأَمْثَالِهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَمَا كَانَ يَدْعُو لِذَلِكَ أَحَدًا سِوَاهُ "
عبيد اللَّه: وعمر عُمَر، يعني: فِي حذقه واجتهاده لله وللمسلمين.
وقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة: كَانَ ابْنُ عَبَّاس قَدْ فات النَّاس بخصال: بعلم ما سبقه وفقه فيما احتيج إِلَيْه من رأيه، وحلم، ونسب، ونائل، وما رَأَيْت أحدًا كَانَ أعلم بما سبقه من حديث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، ولا بقضاء أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان مِنْهُ، ولا أفقه فِي رأي مِنْهُ، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن، ولا بحساب ولا بفريضة مِنْهُ، ولا أثقب رأيًا فيما احتيج إِلَيْه مِنْهُ، ولقد كَانَ يجلس يومًا ولا يذكر فِيهِ إلا الفقه، ويومًا التأويل، ويومًا المغازي، ويومًا الشعر، ويومًا أيام العرب، ولا رَأَيْت عالمًا قط جلس إِلَيْه إلا خضع لَهُ، وما رَأَيْت سائلًا قط سأله إلا وجد عنده علمًا.
وقَالَ ليث بْن أَبِي سليم: قلت لطاوس: لزمت هَذَا الغلام، يعني ابْنَ عَبَّاس، وتركت الأكابر من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَ: إني رَأَيْت سبعين رجلًا من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تدارءُوا فِي أمر صاروا إلى قول ابْنِ عَبَّاس.
وقَالَ المعتمر بْن سُلَيْمَان، عن شُعَيْب بْن درهم، قَالَ: كَانَ هَذَا المكان، وأُومأ إلى مجرى الدموع من خدية، من خدي ابْنِ عَبَّاس مثل الشراك البالي، من كثرة البكاء.
واستعمله عليّ بْن أَبِي طَالِب عَلَى البصرة، فبقي عليها أميرًا، ثُمَّ فارقها قبل أن يقتل عليّ بْن أبي طَالِب، وعاد إلى الحجاز، وشهد مَعَ عليّ صفين، وكان أحد الأمراء فيها.
وروى ابْنُ عَبَّاس: عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن عُمَر، وعلي، ومعاذ بْن جبل، وأبي ذر.
روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن عُمَر، وأنس بْن مَالِك، وأبو الطفيل، وأبو أمامة بْن سهل بْن حنيف، وأخوه كَثِير بْن عَبَّاس، وولده عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومواليه: عكرمة، وكريب، وأبو معبد نافذ، وعطاء بْن أبي رباح، ومجاهد، وابن أَبِي مليكة، وعمرو بْن دينار، وعبيد بْن عمير، وسعيد بْن المسيب، والقاسم بْن مُحَمَّد، وعبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة، وسليمان بْن يسار، وعروة بْن الزُّبَيْر، وعلي بْن الْحُسَيْن، وأبو الزُّبَيْر، ومحمد بْن كعب، وطاوس، ووهب بْن منبه، وأبو الضحى، وخلق كَثِير غير هَؤُلَاءِ.
(785) أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ التِّرْمِذِيّ ُ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، الْمَعْنَى وَاحِدٍ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ " قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر الواقدي، حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن عطية بْنِ سعد بْن جنادة العوفي القاضي، عن أَبِيهِ، عن جَدّه، قَالَ: " لما وقعت الفتنة بين عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر، وعبد الملك بْن مروان، ارتحل عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومحمد بْن الحنفية، بأولادهما، ونسائهما، حتَّى نزلوا مكَّة، فبعث عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر إليهما: تبايعان؟ فأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لَكَ ولا لغيرك، فأبى وألحّ عليهما إلحاحًا شديدًا، فَقَالَ لهما فيما يَقُولُ: لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل إلى شيعتهم بالكوفة، وقالا: إنا لا نأمن هَذَا الرجل، فانتدب أربعة آلاف، فدخلوا مكَّة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكَّة، وابن الزُّبَيْر، فانطلق هاربًا حتَّى دخل دار الندوة، وَيُقَال: تعلق بأستار الكعبة، وقَالَ: أَنَا عائذ بالبيت، قَالَ: ثُمَّ ملنا إلى ابْنِ عَبَّاس، وابن الحنفية وأصحابهما، وهم فِي دور قريب من المسجد، قَدْ جمع الحطب، فأحاط بهم حتَّى بلغ رءوس الجدر، لو أن نارًا تقع فِيهِ ما رؤي منهم أحد، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عَبَّاس: ذرنا نريح النَّاس مِنْهُ، فَقَالَ: لا، هَذَا بلد حرام، حرمه اللَّه، ما أحله عَزَّ وَجَلَّ لأحد إلا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيزونا، قَالَ: فتحملوا، وإن مناديًا ينادي فِي الخيل: غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هَذِهِ السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا، فخرجوا بهم حتَّى أنزلوهم مني، فأقاموا ما شاء اللَّه، ثُمَّ خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، فبينا نَحْنُ عنده إذ قَالَ فِي مرضه: إني أموت فِي خير عصابة عَلَى وجه الأرض، أحبهم إلى اللَّه، وأكرمهم عَلَيْهِ، وأقربهم إلى اللَّه زلفى، فإن مت فيكم فأنتم هُمْ، فما لبث إلا ثماني ليال بعد هَذَا القول حتَّى توفي رَضِي اللَّه عَنْهُ، فصلى عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن الحنفية، فأقبل طائر أبيض، فدخل فِي أكفانه، فما خرج منها حتَّى دفن معه، فلما سوي عَلَيْهِ التراب، قَالَ ابْنُ الحنفية: مات والله اليوم حبر هَذِهِ الأمة ".
وكان لَهُ لما توفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، وتوفي سنة ثمان وستين بالطائف، وهو ابْنُ سبعين سنة، وقيل: إحدى وسبعين سنة، وقيل: مات سنة سبعين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين، وهذا القول غريب.
وكان يُصَفّر لحيته، وقيل: كَانَ يخضب بالحناء، وكان جميلًا أبيض طويلًا، مشربًا صفرة، جسيمًا، وسيمًا، صبيح الوجه، فصيحًا.
وحج بالناس لما حُصر عثمان، وكان قَدْ عمي فِي آخر عمره، فَقَالَ فِي ذَلِكَ:
إن يأخذ اللَّه من عيني نورهما ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل وفي فمي صارم كالسيف مأثور
أَخْرَجَهُ الثلاثة.
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف، أَبُو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ الهاشمي ابْنُ عم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كني بابنه الْعَبَّاس، وهو أكبر ولده، وأمه لبابة الكبرى بِنْت الحارث بْن حزن الهلالية، وهو ابْنُ خالة خَالِد بْن الوليد.
وكان يسمى البحر، لسعة علمه، ويسمى حبر الأمة، ولد والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب من مكَّة، فأُتي بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه بريقه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل غير ذَلِكَ، ورأى جبريل عند النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(781) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الْفَقِيهُ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ "
(782) قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ "
(783) أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، أَخْبَرَنَا الْمُخَلِّصُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلائِكَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرِّسَالَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ الْعِلْمِ "
(784) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الْبَهَاءِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّرَّادُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا جَاءَتْهُ الأَقْضِيَةُ الْمُعْضِلَةُ، قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّهَا قَدْ طَرَّتْ لَنَا أَقْضِيَةٌ وَعُضِلَ، فَأَنْتَ لَهَا وَلأَمْثَالِهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَمَا كَانَ يَدْعُو لِذَلِكَ أَحَدًا سِوَاهُ "
عبيد اللَّه: وعمر عُمَر، يعني: فِي حذقه واجتهاده لله وللمسلمين.
وقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة: كَانَ ابْنُ عَبَّاس قَدْ فات النَّاس بخصال: بعلم ما سبقه وفقه فيما احتيج إِلَيْه من رأيه، وحلم، ونسب، ونائل، وما رَأَيْت أحدًا كَانَ أعلم بما سبقه من حديث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، ولا بقضاء أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان مِنْهُ، ولا أفقه فِي رأي مِنْهُ، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن، ولا بحساب ولا بفريضة مِنْهُ، ولا أثقب رأيًا فيما احتيج إِلَيْه مِنْهُ، ولقد كَانَ يجلس يومًا ولا يذكر فِيهِ إلا الفقه، ويومًا التأويل، ويومًا المغازي، ويومًا الشعر، ويومًا أيام العرب، ولا رَأَيْت عالمًا قط جلس إِلَيْه إلا خضع لَهُ، وما رَأَيْت سائلًا قط سأله إلا وجد عنده علمًا.
وقَالَ ليث بْن أَبِي سليم: قلت لطاوس: لزمت هَذَا الغلام، يعني ابْنَ عَبَّاس، وتركت الأكابر من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَ: إني رَأَيْت سبعين رجلًا من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تدارءُوا فِي أمر صاروا إلى قول ابْنِ عَبَّاس.
وقَالَ المعتمر بْن سُلَيْمَان، عن شُعَيْب بْن درهم، قَالَ: كَانَ هَذَا المكان، وأُومأ إلى مجرى الدموع من خدية، من خدي ابْنِ عَبَّاس مثل الشراك البالي، من كثرة البكاء.
واستعمله عليّ بْن أَبِي طَالِب عَلَى البصرة، فبقي عليها أميرًا، ثُمَّ فارقها قبل أن يقتل عليّ بْن أبي طَالِب، وعاد إلى الحجاز، وشهد مَعَ عليّ صفين، وكان أحد الأمراء فيها.
وروى ابْنُ عَبَّاس: عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن عُمَر، وعلي، ومعاذ بْن جبل، وأبي ذر.
روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن عُمَر، وأنس بْن مَالِك، وأبو الطفيل، وأبو أمامة بْن سهل بْن حنيف، وأخوه كَثِير بْن عَبَّاس، وولده عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومواليه: عكرمة، وكريب، وأبو معبد نافذ، وعطاء بْن أبي رباح، ومجاهد، وابن أَبِي مليكة، وعمرو بْن دينار، وعبيد بْن عمير، وسعيد بْن المسيب، والقاسم بْن مُحَمَّد، وعبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة، وسليمان بْن يسار، وعروة بْن الزُّبَيْر، وعلي بْن الْحُسَيْن، وأبو الزُّبَيْر، ومحمد بْن كعب، وطاوس، ووهب بْن منبه، وأبو الضحى، وخلق كَثِير غير هَؤُلَاءِ.
(785) أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ التِّرْمِذِيّ ُ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، الْمَعْنَى وَاحِدٍ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ " قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر الواقدي، حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن عطية بْنِ سعد بْن جنادة العوفي القاضي، عن أَبِيهِ، عن جَدّه، قَالَ: " لما وقعت الفتنة بين عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر، وعبد الملك بْن مروان، ارتحل عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومحمد بْن الحنفية، بأولادهما، ونسائهما، حتَّى نزلوا مكَّة، فبعث عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر إليهما: تبايعان؟ فأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لَكَ ولا لغيرك، فأبى وألحّ عليهما إلحاحًا شديدًا، فَقَالَ لهما فيما يَقُولُ: لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل إلى شيعتهم بالكوفة، وقالا: إنا لا نأمن هَذَا الرجل، فانتدب أربعة آلاف، فدخلوا مكَّة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكَّة، وابن الزُّبَيْر، فانطلق هاربًا حتَّى دخل دار الندوة، وَيُقَال: تعلق بأستار الكعبة، وقَالَ: أَنَا عائذ بالبيت، قَالَ: ثُمَّ ملنا إلى ابْنِ عَبَّاس، وابن الحنفية وأصحابهما، وهم فِي دور قريب من المسجد، قَدْ جمع الحطب، فأحاط بهم حتَّى بلغ رءوس الجدر، لو أن نارًا تقع فِيهِ ما رؤي منهم أحد، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عَبَّاس: ذرنا نريح النَّاس مِنْهُ، فَقَالَ: لا، هَذَا بلد حرام، حرمه اللَّه، ما أحله عَزَّ وَجَلَّ لأحد إلا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيزونا، قَالَ: فتحملوا، وإن مناديًا ينادي فِي الخيل: غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هَذِهِ السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا، فخرجوا بهم حتَّى أنزلوهم مني، فأقاموا ما شاء اللَّه، ثُمَّ خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، فبينا نَحْنُ عنده إذ قَالَ فِي مرضه: إني أموت فِي خير عصابة عَلَى وجه الأرض، أحبهم إلى اللَّه، وأكرمهم عَلَيْهِ، وأقربهم إلى اللَّه زلفى، فإن مت فيكم فأنتم هُمْ، فما لبث إلا ثماني ليال بعد هَذَا القول حتَّى توفي رَضِي اللَّه عَنْهُ، فصلى عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن الحنفية، فأقبل طائر أبيض، فدخل فِي أكفانه، فما خرج منها حتَّى دفن معه، فلما سوي عَلَيْهِ التراب، قَالَ ابْنُ الحنفية: مات والله اليوم حبر هَذِهِ الأمة ".
وكان لَهُ لما توفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، وتوفي سنة ثمان وستين بالطائف، وهو ابْنُ سبعين سنة، وقيل: إحدى وسبعين سنة، وقيل: مات سنة سبعين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين، وهذا القول غريب.
وكان يُصَفّر لحيته، وقيل: كَانَ يخضب بالحناء، وكان جميلًا أبيض طويلًا، مشربًا صفرة، جسيمًا، وسيمًا، صبيح الوجه، فصيحًا.
وحج بالناس لما حُصر عثمان، وكان قَدْ عمي فِي آخر عمره، فَقَالَ فِي ذَلِكَ:
إن يأخذ اللَّه من عيني نورهما ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل وفي فمي صارم كالسيف مأثور
أَخْرَجَهُ الثلاثة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5545#a0586c
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب كنيته أبو عباس ولد قبل الهجرة يعنى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بأربع سنين ومات بالطائف سنة ثمان وستين وقد قيل سنة سبعين وصلى عليه محمد بن الحنفية وكبر عليه أربعا وقبره بالطائف مشهور يزار
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155148&book=5545#2a94b8
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفِ بنِ عَبْدِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ
ابْنِ عَبْدِ بنِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
أَحَدُ العَشْرَةِ، وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى، وَأَحَدُ السَّابِقِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ، القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ.
وَهُوَ أَحَدُ الثَّمَانِيَةِ الَّذِيْنَ بَادَرُوا إِلَى الإِسْلاَمِ.
لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَبَنُوهُ: إِبْرَاهِيْمُ، وَحُمَيْدٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعَمْرٌو، وَمُصْعَبٌ بَنُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَالِكُ بنُ أَوْسٍ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم.
لَهُ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) حَدِيْثَانِ، وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِخَمْسَةِ
أَحَادِيْثَ.وَمَجْمُوْعُ مَا لَهُ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ) : خَمْسَة وَسِتُّوْنَ حَدِيْثاً.
وَكَانَ اسْمُهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ: عَبْدُ عَمْرٍو.
وَقِيْلَ: عَبْدُ الكَعْبَةِ، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً مِنَ الصَّحَابَةِ: جُبَيْرُ بنُ مُطْعِمٍ، وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَالمِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ.
وَقَدِمَ الجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ، فَكَانَ عَلَى المَيْمَنَةِ، وَكَانَ فِي نَوْبَةِ سَرْغٍ عَلَى المَيْسَرَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَازِمِ بنِ حَامِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ فَضْلٍ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ صَصْرَى، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الْبن الأَسَدِيُّ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّوْرِيُّ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ هِبَةِ اللهِ التَّغْلِبِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الْبن، وَنَصْرُ بنُ أَحْمَدَ السُّوْسِيُّ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدٌ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ، أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ سَهْلِ بنِ الصَّبَاحِ بِبَلَدٍ فِي رَبِيْعٍ الآخَرِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مَائَةٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الإِمَامُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، سَمِعَ بَجَالَةَ يَقُوْلُ: كُنْتُ كَاتِباً لِجُزْءِ بنِ مُعَاوِيَةَ، عَمِّ الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ: أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ، وَفَرِّقُوا
بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ المَجُوْسِ، وَانْهُوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ.فَقَتَلْنَا ثَلاَثَ سَوَاحِرَ، وَجَعَلْنَا نُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَحَرِيْمَتِهِ فِي كِتَابِ اللهِ، وَصَنَعَ لَهُمْ طَعَاماً كَثِيْراً، وَدَعَا المَجُوْسَ، وَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ، وَأَلْقَى وِقْرَ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ مِنْ وَرِقٍ، وَأَكَلُوا بِغَيْرِ زَمْزَمَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الجِزْيَةَ مِنَ المَجُوسَ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَهَا مِنْ مَجُوْسِ هَجَرٍ.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، مُخَرَّجٌ فِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) ، وَ (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ) ، وَ (النَّسَائَيِّ) ، وَ (التِّرْمِذِيِّ) ، مِنْ طَرِيْقِ سُفْيَانَ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً.
وَرَوَاهُ: حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرٍو مُخْتَصَراً.
وَرَوَى مِنْهُ أَخْذَ الجِزْيَةِ مِنَ المَجُوْسِ: أَبُو دَاوُدَ، عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ يَحْيَى بنِ حَسَّانٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ قُشَيْرِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ بَجَالَةَ بنِ عَبَدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَوْفٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُجَلِّدُ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الزَّاهِدُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الشِّبْلِيُّ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ فَضْلٍ الحُدَّانِيُّ، عَنِ النَّضْرِ بنِ شَيْبَانَ قَالَ:
قُلْتُ لأَبِي سَلَمَةَ، حَدِّثْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِيْكَ، يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ شَهَرَ رَمَضَانَ، وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ، فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إِيْمَاناً وَاحْتِسَاباً خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائَيُّ، عَنِ ابْنِ رَاهَوَيْه، عَنِ النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ، وَابْنُ مَاجَه، عَنْ يَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، جَمِيْعاً عَنِ الحُدَّانِيِّ.
قَالَ النَّسَائَيُّ: الصَّوَابُ حَدِيْثُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ العَصْرُوْنِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ الجُرْجَانِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيْسَابُورِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحِيْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مَكْحُوْلٌ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَلَسْنَا مَعَ عُمَرَ فَقَالَ: هَلْ
سَمِعْتَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئاً أَمَرَ بِهِ المَرْءَ المُسْلِمَ إِذَا سَهَا فِي صَلاَتِهِ كَيْفَ يَصْنَعُ؟فَقُلْتُ: لاَ وَاللهِ، أَوَ مَا سَمِعْتَ أَنْتَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ فِي ذَلِكَ شَيْئاً؟
فَقَالَ: لاَ وَاللهِ.
فَبَيْنَا نَحْنُ فِي ذَلِكَ، أَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ فَقَالَ: فِيْمَ أَنْتُمَا؟
فَقَالَ عُمَرُ: سَأَلْتُهُ، فَأَخْبَرَهُ.
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَكِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُ فِي ذَلِكَ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَأَنْتَ عِنْدَنَا عَدْلٌ، فَمَاذَا سَمِعْتَ؟
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ حَتَّى لاَ يَدْرِي أَزَادَ أَمْ نَقَصَ، فَإِنْ كَانَ شَكَّ فِي الوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ، فَلْيَجْعَلْهَا وَاحِدَةً، وَإِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتَيْنِ أَوِ الثَّلاَثِ، فَلْيَجْعَلْهَا ثِنْتَيْنِ، وَإِذَا شَكَّ فِي الثَّلاَثِ وَالأَرْبَعِ، فَلْيَجْعَلْهَا ثَلاَثاً، حَتَّى يَكُوْنَ الوَهْمُ فِي الزِّيَادَةِ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ ) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ عَنْ: بُنْدَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ بنِ عَثْمَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، فَطَرِيْقُنَا أَعْلَى بِدَرَجَةٍ.
وَرَوَاهُ: الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي صَدْرِ تَرْجَمَةِ ابْنِ عَوْفٍ، وَفِيْهِ:
فَقَالَ: فَحَدِّثْنَا، فَأَنْتَ عِنْدَنَا العَدْلُ الرِّضَا.
فَأَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنْ كَانُوا عُدُولاً، فَبَعْضُهُم أَعْدَلُ مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتُ، فَهُنَا عُمَرُ قَنَعَ بِخَبَرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَفِي قِصَّةِ الاسْتِئْذَانِ يَقُوْلُ: ائْتِ بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ.وَعَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: كَانَ إِذَا حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَحْلَفْتُهُ، وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ يَحْتَجْ عَلِيٌّ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الصِّدِّيْقَ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: وُلِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ عَامِ الفِيْلِ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.وَقَالَ الزُّبَيْرُ: وُلِدَ الحَارِثُ بنُ زُهْرَةَ عَبْداً، وَعَبْدُ اللهِ، وَأُمُّهُمَا: قَيْلَةُ.
وَمِنْ وَلَدِ عَبْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفِ بنِ عَبْدِ عَوْفٍ بنِ عَبْدٍ.
وَكَذَا نَسَبَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَأَسْقَطَ البُخَارِيُّ وَالفَسَوِيُّ عَبْداً مِنْ نَسَبِهِ، وَقَالَهُ قَبْلَهُمَا عُرْوَةُ وَالزُّهْرِيُّ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ الشَّاشِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: عَبْدُ عَوْفٍ بنُ عَبْدِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ.
وَأُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: هِيَ الشِّفَاءُ بِنْتُ عَوْفِ بنِ عَبْدِ بنِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ.
قَالَهُ جَمَاعَةٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: أُمُّهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ زُهْرَةَ بنِ كِلاَبٍ.
وَيُقَالُ: الشِّفَاءُ بِنْتُ عَوْفٍ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ قَالَ:
كَانَ اسْمِي عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمَّا أَسْلَمْتُ سَمَّانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ زِيَادٍ،
عَنْ حَسَنِ بنِ عُمَرَ، عَنْ سَهْلَةَ بِنْتِ عَاصِمٍ قَالَتْ:كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ أَبْيَضَ، أَعْيَنَ، أَهَدَبَ الأَشْفَارِ، أَقْنَى، طَوِيْلَ النَّابَيْنِ الأَعْلَيَيْنِ، رُبَّمَا أَدْمَى نَابُهُ شَفَتَهُ، لَهُ جُمَّةٌ أَسْفَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ، أَعْنَقَ، ضَخْمَ الكَتِفَيْنِ.
وَرَوَى: زِيَادٌ البَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
كَانَ سَاقِطَ الثَّنِيَّتَيْنِ، أَهْتَمَ، أَعْسَرَ، أَعْرَجَ، كَانَ أُصِيْبَ يَوْمَ أُحُدٍ فُهُتِمَ، وَجُرِحَ عِشْرِيْنَ جِرَاحَةً، بَعْضُهَا فِي رِجْلِهِ فَعَرَجَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ عُتْبَةَ، قَالَ:
وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَجُلاً طُوَالاً، حَسَنَ الوَجْهِ، رَقِيْقَ البَشْرَةِ، فِيْهِ جَنَأٌ أَبْيَضَ، مُشْرَباً حُمْرَةً، لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كُنَّا نَسِيْرُ مَعَ عُثْمَانَ فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ، إِذْ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ، فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا يَسْتَطِيْعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْتَدَّ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ فَضْلاً فِي الهِجْرَتَيْنِ جَمِيْعاً.
رَوَى نَحْوَهُ: العقدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بنِ حَمُّوْيَةَ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خُزَيْمٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بنُ زَاذَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ لَمَّا هَاجَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُثْمَانَ، كَذَا هَذَا.
فَقَالَ: إِنَّ لِي حَائِطَيْنِ، فَاخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ.
قَالَ: بَلْ دُلَّنِي عَلَى السُّوْقِ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَكَثُرَ مَالُهُ حَتَّى قَدِمَتْ لَهُ سَبْعُ مَائَةِ رَاحِلَةٍ تَحْمِلُ البُرَّ وَالدَّقِيْقَ وَالطَّعَامَ، فَلَمَّا دَخَلَتْ سُمِعَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ رَجَّةٌ، فَبَلَغَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ حَبْواً) .
فَلَمَّا بَلَغَهُ، قَالَ: يَا أُمَّهْ! إِنِّي أُشْهِدُكِ أَنَّهَا بِأَحْمَالِهَا وَأَحْلاَسِهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ.
أَخْرَجَهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ حَسَّانٍ، عَنْ عُمَارَةَ.
وَقَالَ: حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ.
قُلْتُ: وَفِي لَفْظِ أَحْمَدَ، فَقَالَتْ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (قَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَدْخُلُ الجَنَّةَ حَبْواً) .
فَقَالَ: إِنِ اسْتَطَعْتُ لأَدْخُلَنَّهَا قَائِماً، فَجَعَلَهَا بِأَقْتَابِهَا وَأَحْمَالِهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ كِتَابَةً، عَنْ أَبِي الفَرَجِ بنِ الجَوْزِيِّ، وَأَجَازَ لَنَا ابْنُ عَلاَّنَ وَغَيْرُهُ، أَنْبَأَنَا الكِنْدِيُّ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا هُذَيْلُ بنُ مَيْمُوْن، عَنْ مُطَّرِحِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ
بنِ يَزِيْدَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟
قِيْلَ: بِلاَلٌ) .
إِلَى أَنْ قَالَ: (فَاسْتَبْطَأْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ الإِيَاسِ.
فَقُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ؟
فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَا خَلَصْتُ إِلَيْكَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي لاَ أَنْظُرُ إِلَيْكَ أَبَداً) .
قَالَ: (وَمَا ذَاكَ؟
قَالَ: مِنْ كَثْرَةِ مَالِي أُحَاسَبُ وَأُمَحَّصُ ) .
إِسْنَادُهُ وَاهٍ.
وَأَمَّا الَّذِي قَبْلَهُ، فَتَفَرَّدَ بِهِ: عمَارَةُ، وَفِيْهِ لِيْنٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ ابْنُ معِيْنٍ: صَالِحٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عِنْدِي لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ النَّسَائَيُّ.
وَبِكُلِّ حَالٍ، فَلَوْ تَأَخَّرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ رِفَاقِهِ لِلْحِسَابِ وَدَخَلَ الجَنَّةَ حَبْواً عَلَى سَبِيْلِ الاسْتِعَارَةِ، وَضَرْبِ المَثَلِ، فَإِنَّ مَنْزِلَتَهُ فِي الجَنَّةِ لَيْسَتْ بِدُوْنِ مَنْزِلَةِ
عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ -رَضِيَ اللهُ عَنِ الكُلِّ-.وَمِنْ مَنَاقِبِهِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهِدَ لَهُ بِالجَنَّةِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ الَّذِيْنَ قِيْلَ لَهُم: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُم ) .
وَمِنْ أَهْلِ هَذِهِ الآيَةِ: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِيْنَ إِذْ يُبَايِعُوْنَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفَتْحُ: 18] .
وَقَدْ صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَاءهُ.
أَحْمَدُ فِي (المُسْنَدِ) : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ:كُنَّا مَعَ المُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، فَسُئِلَ: هَلْ أَمَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، فَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَعِمَامَتِهِ، وَأَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَأَنَا مَعَهُ، رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ، وَقَضَيْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي سُبِقْنَا.
وَلِحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ نَحْوُهُ، عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ حَمْزَةَ بن المُغِيْرَةِ، عَنْ أَبِيْهِ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْتَهَى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَأَرَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنْ يَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ مَكَانَكَ، فَصَلَّى، وَصَلَّى رَسُوْلُ اللهِ بِصَلاَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَرَوَى: الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي (المُسْنَدِ) ، عَنِ الهَيْثَمِ بنِ خَارِجَةَ، عَنْ رِشْدِيْنَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الوَلِيْدِ:سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ بِنَحْوِهِ.
هِشَامٌ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ المُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ بِمِثْلِ هَذَا.
وَرَوَاهُ: زُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، عَنِ المُغِيْرَةِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ.
وَجَاءَ عَنْ خُلَيْدِ بنِ دَعْلَجٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ المُغِيْرَةِ.
وَالحَسَنُ مُدَلِّسٌ، لَمْ يَسْمَعْ مِنَ المُغِيْرَةِ.
عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ فِي سَرِيَّةٍ، وَعَقَدَ لَهُ اللِّوَاءَ بِيَدِهِ.
عُثْمَانُ: ضَعِيْفٌ، لَكِنْ رَوَى نَحْوَهُ: أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ نَافِعِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ فَرْوَةَ بنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
مَعْمَرٌ: عَنْ قَتَادَةَ: {الَّذِيْنَ يَلْمِزُوْنَ المُطَّوِّعِيْنَ} [التَّوْبَةُ: 79] .
قَالَ: تَصَدَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ بِشَطْرِ مَالِهِ، أَرْبَعَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
فَقَالَ أُنَاسٌ مِنَ المُنَافِقِيْنَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَعَظِيْمُ الرِّيَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:تَصَدَّقَ ابْنُ عَوْفٍ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَطْرِ مَالِهِ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَحَمَلَ عَلَى خَمْسِ مَائَةِ فَرَسٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَى خَمْسِ مَائَةِ رَاحِلَةٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَكَانَ عَامَّةُ مَالِهِ مِنَ التِّجَارَةِ.
أَخْرَجَهُ فِي (الزُّهْدِ) لَهُ.
سُلَيْمَانُ بنُ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، أَنْبَأَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يَا ابْنَ عَوْفٍ! إِنَّكَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ، وَلنْ تَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ زَحْفاً، فَأَقْرِضِ اللهَ -تَعَالَى- يُطْلِقْ لَكَ قَدَمَيْكَ) .
قَالَ: فَمَا أُقْرِضُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: (أَتَانِي جِبْرِيْلُ، فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُضِفِ الضَّيْفَ، وَلْيُعْطِ فِي النَّائِبَةِ، وَلْيُطْعِمِ المِسْكِيْنَ ) .
خَالِدُ بنُ الحَارِثِ، وَغَيْرُهُ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رَأَيْتُ الجَنَّةَ، وَأَنِّي دَخَلْتُهَا حَبْواً، وَرَأَيْتُ أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُهَا إِلاَّ الفُقَرَاءُ.
قُلْتُ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، فَهُوَ وَغَيْرُهُ مَنَامٌ، وَالمَنَامُ لَهُ تَأْوِيْلٌ، وَقَدِ انْتَفَعَ ابْنُ عَوْفٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِمَا رَأَى، وَبِمَا بَلَغَهُ، حَتَّى تَصَدَّقَ بِأَمْوَالٍ عَظِيْمَةٍ، أَطْلَقَتْ
لَهُ -وَلِلَّهِ الحَمْدُ- قَدَمَيْهِ، وَصَارَ مِنْ وَرَقَةِ الفِرْدَوْسِ، فَلاَ ضَيْرَ.أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيْقٍ، قَالَ:
دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ:
يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَكُوْنَ قَدْ هَلَكْتُ، إِنِّي مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالاً، بِعْتُ أَرْضاً لِي بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفِ دِيْنَار.
قَالَتْ: يَا بُنَيَّ! أَنْفِقْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لَنْ يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ) .
فَأَتَيْتُ عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَتَاهَا، فَقَالَ: بِاللهِ أَنَا مِنْهُم.
قَالَتْ: اللَّهُمَّ لاَ، وَلَنْ أُبْرِئَ أَحَداً بَعْدَكَ.
رَوَاهُ أَيْضاً: أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، فَقَالَ:
عَنْ شَقِيْقٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.
زَائِدَةُ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
كَانَ بَيْنَ خَالِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ شَيْءٌ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دَعُوا لِي أَصْحَابِي، أَوْ أُصَيْحَابِي، فَإِنَّ أَحَدَكُم لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحِدٍ ذَهَباً لَمْ يُدْرِكْ مُدَّ أَحَدِهِم وَلاَ نَصِيْفَهُ).
وَأَمَّا الأَعْمَشُ فَرَوَاهُ عَنْ: أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَفِي البَابِ حَدِيْثُ زُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ.أَبُو إِسْمَاعِيْلَ المُؤدِّبُ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ:
شَكَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ خَالِداً إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقَالَ: (يَا خَالِدُ! لاَ تُؤْذِ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً لَمْ تُدْرِكْ عَمَلَهُ) .
قَالَ: يَقَعُوْنَ فِيَّ، فَأَرُدُّ عَلَيْهِم.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ تُؤْذُوا خَالِداً، فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوْفِ اللهِ، صَبَّهُ اللهُ عَلَى الكُفَّارِ ) .
لَمْ يَرْوِهِ عَنِ المُؤَدِّبِ سِوَى الرَّبِيْعِ بنِ ثَعْلَبٍ، وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ: جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، عَنِ الحَسَنِ مُرْسَلاً.
شُعْبَةُ: أَنْبَأَنَا حُصَيْنٌ، سَمِعْتُ هِلاَلَ بن يِسَافٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ظَالِمٍ المَازِنِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حِرَاءَ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ،
فَقَالَ: (اثْبُتْ حِرَاءُ! فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيْقٌ، أَوْ شَهِيْدٌ ) .وَذَكَرَ سَعِيْدٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ.
وَكَذَا رَوَاهُ: جَرِيْرٌ، وَهُشَيْمٌ، وَأَبُو الأَحْوَصِ، وَالأَبَّارُ، عَنْ حُصَيْنٍ.
وَأَخْرَجَهُ: أَرْبَابُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ مِنْ طَرِيْقِ شُعْبَةَ، وَجَمَاعَةٍ كَذَلِكَ.
وَرَوَاهُ: ابْنُ إِدْرِيْسَ، وَوَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ:
وَرَوَاهُ: الأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَنْ هِلاَلٍ، عَنِ ابْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ظَالِمٍ، عَنْ سَعِيْدٍ، تَابَعَهُ قَاسِمٌ الجرْمِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ.
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَجَاءَ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ وَحُصَيْنٍ، عَنْ هِلاَلٍ، عَنْ سَعِيْدٍ نَفْسِهِ.
أَبُو قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَعْنٍ الغِفَارِيِّ، حَدَّثَنَا مُجَمِّعُ بنُ يَعْقُوْبَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُجَمِّعٍ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ لأُمِّ كُلْثُوْمٍ بِنْتِ عُقْبَةَ، امْرَأَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ:
أَقَالَ لَكِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (انْكِحِيْ سَيِّدَ المُسْلِمِيْنَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ؟) .
قَالَتْ: نَعْم.
عَلِيُّ بنُ المَدَيْنِيُّ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ أُمَّ كُلْثُوْمٍ بِنَحْوِهِ.وَيُرْوَى مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُوْمٍ نَحْوَهُ.
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى رَهْطاً فِيْهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، فَلَمْ يُعْطِهِ، فَخَرَجَ يَبْكِي.
فَلَقِيَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ؟
فَذَكَرَ لَهُ، وَقَالَ: أَخْشَى أَنْ يَكُوْنَ مَنَعَهُ مَوْجِدَةٌ وَجَدَهَا عَلَيَّ.
فَأَبْلَغَ عُمَرُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (لَكِنِّي وَكَلْتُهُ إِلَى إِيْمَانِهِ).
قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِي) .
فَأَوْصَى لَهُنَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِحَدِيْقَةٍ قُوِّمَتْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ أَلْفٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَتْنَا أُمُّ بَكْرٍ بِنْتُ المِسْوَرِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَاعَ أَرْضاً لَهُ مِنْ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، فَقَسَمَهُ فِي فُقَرَاءِ بَنِي
زُهْرَةَ، وَفِي المُهَاجِرِيْنَ، وَأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.قَالَ المِسْوَرُ: فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ بِنَصِيْبَهَا، فَقَالَتْ: مَنْ أَرْسَلَ بِهَذَا؟
قُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
قَالَتْ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لاَ يَحْنُو عَلَيْكُنَّ بَعْدِي إِلاَّ الصَّابِرُوْنَ) ، سَقَى اللهُ ابْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيْلِ الجَنَّةِ.
أَخْرَجَهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) .
عَلِيُّ بنُ ثَابِتٍ الجَزَرِيُّ: عَنِ الوَازِعِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
جَمَعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ: (سَيَحْفَظُنِي فِيْكُنَّ الصَّابِرُوْنَ الصَّادِقُوْنَ ) .
وَمِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَزْلُهُ نَفْسَهُ مِنَ الأَمْرِ وَقْتَ الشُّورَى، وَاخْتِيَارُهُ لِلأُمَّةِ مَنْ أَشَارَ بِهِ أَهْلُ الحِلِّ وَالعَقْدِ، فَنَهَضَ فِي ذَلِكَ أَتَمَّ نُهُوضٍ عَلَى جَمْعِ الأُمَّةِ عَلَى عُثْمَانَ، وَلَوْ كَانَ مُحَابِياً فِيْهَا لأَخَذَهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ لَوَلاَّهَا ابْنَ عَمِّهِ، وَأَقْرَبَ الجَمَاعَةِ إِلَيْهِ، سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ.
وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نِيَارٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ مِمَّنْ يُفْتِي فِي عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، بِمَا سَمِعَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: حَدَّثَنَا أَبُو المُعَلَّى الجَزَرِيُّ، عَنْ مَيْمُوْن بنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ لأَهْلِ الشُّورَى: هَلْ لَكُم أَنْ أَخْتَارَ لَكُمْ وَأَنْفَصِلَ مِنْهَا؟قَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ، أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَضِيَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّكَ أَمِيْنٌ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، وَأَمِيْنٌ فِي أَهْلِ الأَرْضِ ) .
أَخْرَجَهُ: الشَّاشِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) ، وَأَبُو المُعلَّى : ضَعِيْفٌ.
ذَكَرَ مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ حَجَّ بِالمُسْلِمِيْنَ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ: عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيْدٍ: أَنَّ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَجُلاً وَهُوَ قَائِمٌ يَخْطُبُ: أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ إِلَى أَمْرِ النَّاسِ، أَيِ ادْعُ إِلَى نَفْسِكَ.
فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! إِنَّهُ لَنْ يَلِيَ هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ بَعْدَ عُمَرَ إِلاَّ لاَمَهُ النَّاسُ.
تَابَعَهُ أَبُو أُوَيْسٍ عَبْدُ اللهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أُمِّ بَكْرٍ، عَنْ أَبِيْهَا المِسْوَرِ قَالَ:
لَمَّا وَلِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ الشُّورَى
كَانَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ يَلِيَهُ، فَإِنْ تَرَكَ، فَسَعْدٌ، فَلَحِقَنِي عَمْرُو بنُ العَاصِ، فَقَالَ: مَا ظَنُّ خَالِكَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِاللهِ إِنْ وَلَّى هَذَا الأَمْرَ أَحَداً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُ؟فَأَتَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: وَاللهِ لأَنْ تُؤخَذُ مِدْيَةٌ، فَتُوْضَعُ فِي حَلْقِي، ثُمَّ يُنْفَذُ بِهَا إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ.
ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَزْهَرَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَكَى رُعَافاً، فَدَعَا حُمْرَانَ، فَقَالَ:
اكْتُبْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ العَهْدَ مِنْ بَعْدِي.
فَكَتَبَ لَهُ، وَانْطَلَقَ حُمْرَانُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: البُشْرَى!
قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟
قَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ كَتَبَ لَكَ العَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ.
فَقَامَ بَيْنَ القَبْرِ وَالمِنْبَرِ، فَدَعَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مِنْ تَوْلِيَةِ عُثْمَانَ إِيَّايَ هَذَا الأَمْرَ فَأَمِتْنِي قَبْلَهُ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ.
يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ، قَالَ:
كَانَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ عِيَالاً عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ: ثُلُثٌ يُقْرِضُهُمْ مَالَهُ، وَثُلُثٌ يَقْضِي دَيْنَهُمْ، وَيَصِلُ ثُلثاً.
مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ قَالَ:
كَانَ بَيْنَ طَلْحَةَ وَابنِ عَوْفٍ تَبَاعُدٌ، فَمَرِضَ طَلْحَةُ، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعُوْدُهُ.
فَقَالَ طَلْحَةُ:
أَنْتَ -وَاللهِ- يَا أَخِي خَيْرٌ مِنِّي.قَالَ: لاَ تَفْعَلْ يَا أَخِي!
قَالَ: بَلَى -وَاللهِ- لأَنَّكَ لَوْ مَرِضْتَ مَا عُدْتُكَ.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةِ: عَنْ سَعْدِ بنِ الحَسَنِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ لاَ يُعْرَفُ مِنْ بَيْنِ عَبِيْدِهِ.
شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ:
غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ فِي وَجَعِهِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ فَاضَتْ نَفْسُهُ، حَتَّى قَامُوا مِنْ عِنْدِهِ وَجَلَّلُوْهُ، فَأَفَاقَ يُكَبِّرُ، فَكَبَّرَ أَهْلَ البَيْتِ، ثُمَّ قَالَ لَهُم: غُشِيَ عَلَيَّ آنِفاً؟
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: صَدَقْتُم! انْطَلَقَ بِي فِي غَشْيَتِي رَجُلاَنِ، أَجِدُ فِيْهِمَا شِدَّةً وَفَظَاظَةً، فَقَالاَ:
انْطَلِقْ نُحَاكِمْكَ إِلَى العَزِيْزِ الأَمِيْنِ، فَانْطَلَقَا بِي حَتَّى لَقِيَا رَجُلاً.
قَالَ: أَيْنَ تَذْهَبَانِ بِهَذَا؟
قَالاَ: نُحَاكِمُهُ إِلَى العَزِيْزِ الأَمِيْنِ.
فَقَالَ: ارْجِعَا، فَإِنَّهُ مِنَ الَّذِيْنَ كَتَبَ اللهُ لَهُمُ السَّعَادَةَ وَالمَغْفِرَةَ وَهُمْ فِي بُطُوْنِ أُمَّهَاتِهِم، وَإِنَّهُ سَيُمَتَّعُ بِهِ بَنُوْهُ إِلَى مَا شَاءَ اللهُ، فَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهْراً.
رَوَاهُ: الزُّبَيْدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.وَرَوَاهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِيْهِ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ:
أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ أَوْصَى بِخَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ، فَكَانَ الرَّجُلُ يُعْطَى مِنْهَا أَلْفُ دِيْنَارٍ.
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَوْصَى لِلْبَدْرِيِّيْنَ، فَوَجَدُوا مَائَةً، فَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُم أَرْبَعَ مَائَةِ دِيْنَارٍ، فَكَانَ مِنْهُم عُثْمَانُ فَأَخَذَهَا.
وَبِإِسْنَادٍ آخَرَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَوْصَى بِأَلْفِ فَرَسٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ : عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
سَمِعَ عَلِيّاً يَقُوْلُ يَوْمَ مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ: اذْهَبْ يَا ابْنَ عَوْفٍ، فَقَدْ أَدْرَكْتَ صَفْوَهَا، وَسَبَقْتَ رَنْقَهَا.
الرَّنْقُ: الكَدَرُ.
قَالَ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رَأَيْتُ سَعْداً فِي جِنَازَة عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَهُوَ بَيْنَ يَدَي السَّرِيْرِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: وَاجَبَلاَهُ.
رَوَاهُ: جَمَاعَةٌ، عَنْ سَعْدٍ.
مَعْمَرٌ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ، قُسِمَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَائَةُ أَلْفٍ.
وَرَوَى: هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:اقْتَسَمْنَ ثُمُنَهُنَّ ثَلاَثَ مَائَةِ أَلْفٍ وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً.
وَرَوَى نَحْوَهُ: لَيْثُ بنُ أَبِي مُسلمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ.
وَقَدِ اسْتَوْفَى صَاحِبُ (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) أَخْبَارَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي أَرْبَعَةِ كَرَارِيْسَ.
وَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ كَانَ فَقِيْراً لاَ شَيْءَ لَهُ، فَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، أَحَدِ النُّقَبَاءِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَاطِرَهُ نِعْمَتَهُ، وَأَنْ يُطَلِّقَ لَهُ أَحْسَنَ زَوْجَتَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، وَلَكِنْ دُلَّنِي عَلَى السُّوْقِ، فَذَهَبَ، فَبَاعَ وَاشْتَرَى، وَرَبِحَ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ صَارَ مَعَهُ دَرَاهِمَ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى زِنَةٍ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ رَأَى عَلَيْهِ أَثَراً مِنْ صُفْرَةٍ: (أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) .
ثُمَّ آلَ أَمْرُهُ فِي التِّجَارَةِ إِلَى مَا آلَ.
أَرَّخَ المَدَائِنِيُّ، وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ وَفَاتَهَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ.وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ المُغِيْرَةِ: عَاشَ خَمْساً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: كَانَ مَجْدُوْداً فِي التِّجَارَةِ، خَلَّفَ: أَلْفَ بَعِيْرٍ، وَثَلاَثَةَ آلاَفِ شَاةٍ، وَمَائَةَ فَرَسٍ، وَكَانَ يَزْرَعُ بِالجُرْفِ عَلَى عِشْرِيْنَ نَاضِحاً.
قُلْتُ: هَذَا هُوَ الغَنِيُّ الشَاكِرُ، وَآوِي فَقِيْرٌ صَابِرٌ، وَأَبُو ذَرٍّ، أَوْ أَبُو عُبَيْدَةَ، زَاهِدٌ عَفِيْفٌ.
حُسَيْنٌ الْجَافِي: عَنْ جَعْفَرِ بنِ أترقان، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ أَعْتَقَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ بَيْتٍ.
ابْنِ عَبْدِ بنِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
أَحَدُ العَشْرَةِ، وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى، وَأَحَدُ السَّابِقِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ، القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ.
وَهُوَ أَحَدُ الثَّمَانِيَةِ الَّذِيْنَ بَادَرُوا إِلَى الإِسْلاَمِ.
لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَبَنُوهُ: إِبْرَاهِيْمُ، وَحُمَيْدٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعَمْرٌو، وَمُصْعَبٌ بَنُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَالِكُ بنُ أَوْسٍ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم.
لَهُ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) حَدِيْثَانِ، وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِخَمْسَةِ
أَحَادِيْثَ.وَمَجْمُوْعُ مَا لَهُ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ) : خَمْسَة وَسِتُّوْنَ حَدِيْثاً.
وَكَانَ اسْمُهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ: عَبْدُ عَمْرٍو.
وَقِيْلَ: عَبْدُ الكَعْبَةِ، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً مِنَ الصَّحَابَةِ: جُبَيْرُ بنُ مُطْعِمٍ، وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَالمِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ.
وَقَدِمَ الجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ، فَكَانَ عَلَى المَيْمَنَةِ، وَكَانَ فِي نَوْبَةِ سَرْغٍ عَلَى المَيْسَرَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَازِمِ بنِ حَامِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ فَضْلٍ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ صَصْرَى، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الْبن الأَسَدِيُّ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّوْرِيُّ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ هِبَةِ اللهِ التَّغْلِبِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الْبن، وَنَصْرُ بنُ أَحْمَدَ السُّوْسِيُّ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدٌ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ، أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ سَهْلِ بنِ الصَّبَاحِ بِبَلَدٍ فِي رَبِيْعٍ الآخَرِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مَائَةٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الإِمَامُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، سَمِعَ بَجَالَةَ يَقُوْلُ: كُنْتُ كَاتِباً لِجُزْءِ بنِ مُعَاوِيَةَ، عَمِّ الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ: أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ، وَفَرِّقُوا
بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ المَجُوْسِ، وَانْهُوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ.فَقَتَلْنَا ثَلاَثَ سَوَاحِرَ، وَجَعَلْنَا نُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَحَرِيْمَتِهِ فِي كِتَابِ اللهِ، وَصَنَعَ لَهُمْ طَعَاماً كَثِيْراً، وَدَعَا المَجُوْسَ، وَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ، وَأَلْقَى وِقْرَ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ مِنْ وَرِقٍ، وَأَكَلُوا بِغَيْرِ زَمْزَمَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الجِزْيَةَ مِنَ المَجُوسَ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَهَا مِنْ مَجُوْسِ هَجَرٍ.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، مُخَرَّجٌ فِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) ، وَ (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ) ، وَ (النَّسَائَيِّ) ، وَ (التِّرْمِذِيِّ) ، مِنْ طَرِيْقِ سُفْيَانَ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً.
وَرَوَاهُ: حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرٍو مُخْتَصَراً.
وَرَوَى مِنْهُ أَخْذَ الجِزْيَةِ مِنَ المَجُوْسِ: أَبُو دَاوُدَ، عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ يَحْيَى بنِ حَسَّانٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ قُشَيْرِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ بَجَالَةَ بنِ عَبَدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَوْفٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُجَلِّدُ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الزَّاهِدُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الشِّبْلِيُّ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ فَضْلٍ الحُدَّانِيُّ، عَنِ النَّضْرِ بنِ شَيْبَانَ قَالَ:
قُلْتُ لأَبِي سَلَمَةَ، حَدِّثْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِيْكَ، يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ شَهَرَ رَمَضَانَ، وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ، فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إِيْمَاناً وَاحْتِسَاباً خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائَيُّ، عَنِ ابْنِ رَاهَوَيْه، عَنِ النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ، وَابْنُ مَاجَه، عَنْ يَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، جَمِيْعاً عَنِ الحُدَّانِيِّ.
قَالَ النَّسَائَيُّ: الصَّوَابُ حَدِيْثُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ العَصْرُوْنِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ الجُرْجَانِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيْسَابُورِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحِيْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مَكْحُوْلٌ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَلَسْنَا مَعَ عُمَرَ فَقَالَ: هَلْ
سَمِعْتَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئاً أَمَرَ بِهِ المَرْءَ المُسْلِمَ إِذَا سَهَا فِي صَلاَتِهِ كَيْفَ يَصْنَعُ؟فَقُلْتُ: لاَ وَاللهِ، أَوَ مَا سَمِعْتَ أَنْتَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ فِي ذَلِكَ شَيْئاً؟
فَقَالَ: لاَ وَاللهِ.
فَبَيْنَا نَحْنُ فِي ذَلِكَ، أَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ فَقَالَ: فِيْمَ أَنْتُمَا؟
فَقَالَ عُمَرُ: سَأَلْتُهُ، فَأَخْبَرَهُ.
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَكِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُ فِي ذَلِكَ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَأَنْتَ عِنْدَنَا عَدْلٌ، فَمَاذَا سَمِعْتَ؟
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ حَتَّى لاَ يَدْرِي أَزَادَ أَمْ نَقَصَ، فَإِنْ كَانَ شَكَّ فِي الوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ، فَلْيَجْعَلْهَا وَاحِدَةً، وَإِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتَيْنِ أَوِ الثَّلاَثِ، فَلْيَجْعَلْهَا ثِنْتَيْنِ، وَإِذَا شَكَّ فِي الثَّلاَثِ وَالأَرْبَعِ، فَلْيَجْعَلْهَا ثَلاَثاً، حَتَّى يَكُوْنَ الوَهْمُ فِي الزِّيَادَةِ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ ) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ عَنْ: بُنْدَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ بنِ عَثْمَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، فَطَرِيْقُنَا أَعْلَى بِدَرَجَةٍ.
وَرَوَاهُ: الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي صَدْرِ تَرْجَمَةِ ابْنِ عَوْفٍ، وَفِيْهِ:
فَقَالَ: فَحَدِّثْنَا، فَأَنْتَ عِنْدَنَا العَدْلُ الرِّضَا.
فَأَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنْ كَانُوا عُدُولاً، فَبَعْضُهُم أَعْدَلُ مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتُ، فَهُنَا عُمَرُ قَنَعَ بِخَبَرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَفِي قِصَّةِ الاسْتِئْذَانِ يَقُوْلُ: ائْتِ بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ.وَعَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: كَانَ إِذَا حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَحْلَفْتُهُ، وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ يَحْتَجْ عَلِيٌّ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الصِّدِّيْقَ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: وُلِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ عَامِ الفِيْلِ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.وَقَالَ الزُّبَيْرُ: وُلِدَ الحَارِثُ بنُ زُهْرَةَ عَبْداً، وَعَبْدُ اللهِ، وَأُمُّهُمَا: قَيْلَةُ.
وَمِنْ وَلَدِ عَبْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفِ بنِ عَبْدِ عَوْفٍ بنِ عَبْدٍ.
وَكَذَا نَسَبَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَأَسْقَطَ البُخَارِيُّ وَالفَسَوِيُّ عَبْداً مِنْ نَسَبِهِ، وَقَالَهُ قَبْلَهُمَا عُرْوَةُ وَالزُّهْرِيُّ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ الشَّاشِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: عَبْدُ عَوْفٍ بنُ عَبْدِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ.
وَأُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: هِيَ الشِّفَاءُ بِنْتُ عَوْفِ بنِ عَبْدِ بنِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ.
قَالَهُ جَمَاعَةٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: أُمُّهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ زُهْرَةَ بنِ كِلاَبٍ.
وَيُقَالُ: الشِّفَاءُ بِنْتُ عَوْفٍ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ قَالَ:
كَانَ اسْمِي عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمَّا أَسْلَمْتُ سَمَّانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ زِيَادٍ،
عَنْ حَسَنِ بنِ عُمَرَ، عَنْ سَهْلَةَ بِنْتِ عَاصِمٍ قَالَتْ:كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ أَبْيَضَ، أَعْيَنَ، أَهَدَبَ الأَشْفَارِ، أَقْنَى، طَوِيْلَ النَّابَيْنِ الأَعْلَيَيْنِ، رُبَّمَا أَدْمَى نَابُهُ شَفَتَهُ، لَهُ جُمَّةٌ أَسْفَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ، أَعْنَقَ، ضَخْمَ الكَتِفَيْنِ.
وَرَوَى: زِيَادٌ البَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
كَانَ سَاقِطَ الثَّنِيَّتَيْنِ، أَهْتَمَ، أَعْسَرَ، أَعْرَجَ، كَانَ أُصِيْبَ يَوْمَ أُحُدٍ فُهُتِمَ، وَجُرِحَ عِشْرِيْنَ جِرَاحَةً، بَعْضُهَا فِي رِجْلِهِ فَعَرَجَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ عُتْبَةَ، قَالَ:
وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَجُلاً طُوَالاً، حَسَنَ الوَجْهِ، رَقِيْقَ البَشْرَةِ، فِيْهِ جَنَأٌ أَبْيَضَ، مُشْرَباً حُمْرَةً، لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كُنَّا نَسِيْرُ مَعَ عُثْمَانَ فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ، إِذْ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ، فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا يَسْتَطِيْعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْتَدَّ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ فَضْلاً فِي الهِجْرَتَيْنِ جَمِيْعاً.
رَوَى نَحْوَهُ: العقدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بنِ حَمُّوْيَةَ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خُزَيْمٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بنُ زَاذَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ لَمَّا هَاجَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُثْمَانَ، كَذَا هَذَا.
فَقَالَ: إِنَّ لِي حَائِطَيْنِ، فَاخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ.
قَالَ: بَلْ دُلَّنِي عَلَى السُّوْقِ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَكَثُرَ مَالُهُ حَتَّى قَدِمَتْ لَهُ سَبْعُ مَائَةِ رَاحِلَةٍ تَحْمِلُ البُرَّ وَالدَّقِيْقَ وَالطَّعَامَ، فَلَمَّا دَخَلَتْ سُمِعَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ رَجَّةٌ، فَبَلَغَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ حَبْواً) .
فَلَمَّا بَلَغَهُ، قَالَ: يَا أُمَّهْ! إِنِّي أُشْهِدُكِ أَنَّهَا بِأَحْمَالِهَا وَأَحْلاَسِهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ.
أَخْرَجَهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ حَسَّانٍ، عَنْ عُمَارَةَ.
وَقَالَ: حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ.
قُلْتُ: وَفِي لَفْظِ أَحْمَدَ، فَقَالَتْ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (قَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَدْخُلُ الجَنَّةَ حَبْواً) .
فَقَالَ: إِنِ اسْتَطَعْتُ لأَدْخُلَنَّهَا قَائِماً، فَجَعَلَهَا بِأَقْتَابِهَا وَأَحْمَالِهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ كِتَابَةً، عَنْ أَبِي الفَرَجِ بنِ الجَوْزِيِّ، وَأَجَازَ لَنَا ابْنُ عَلاَّنَ وَغَيْرُهُ، أَنْبَأَنَا الكِنْدِيُّ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا هُذَيْلُ بنُ مَيْمُوْن، عَنْ مُطَّرِحِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ
بنِ يَزِيْدَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟
قِيْلَ: بِلاَلٌ) .
إِلَى أَنْ قَالَ: (فَاسْتَبْطَأْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ الإِيَاسِ.
فَقُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ؟
فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَا خَلَصْتُ إِلَيْكَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي لاَ أَنْظُرُ إِلَيْكَ أَبَداً) .
قَالَ: (وَمَا ذَاكَ؟
قَالَ: مِنْ كَثْرَةِ مَالِي أُحَاسَبُ وَأُمَحَّصُ ) .
إِسْنَادُهُ وَاهٍ.
وَأَمَّا الَّذِي قَبْلَهُ، فَتَفَرَّدَ بِهِ: عمَارَةُ، وَفِيْهِ لِيْنٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ ابْنُ معِيْنٍ: صَالِحٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عِنْدِي لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ النَّسَائَيُّ.
وَبِكُلِّ حَالٍ، فَلَوْ تَأَخَّرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ رِفَاقِهِ لِلْحِسَابِ وَدَخَلَ الجَنَّةَ حَبْواً عَلَى سَبِيْلِ الاسْتِعَارَةِ، وَضَرْبِ المَثَلِ، فَإِنَّ مَنْزِلَتَهُ فِي الجَنَّةِ لَيْسَتْ بِدُوْنِ مَنْزِلَةِ
عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ -رَضِيَ اللهُ عَنِ الكُلِّ-.وَمِنْ مَنَاقِبِهِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهِدَ لَهُ بِالجَنَّةِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ الَّذِيْنَ قِيْلَ لَهُم: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُم ) .
وَمِنْ أَهْلِ هَذِهِ الآيَةِ: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِيْنَ إِذْ يُبَايِعُوْنَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفَتْحُ: 18] .
وَقَدْ صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَاءهُ.
أَحْمَدُ فِي (المُسْنَدِ) : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ:كُنَّا مَعَ المُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، فَسُئِلَ: هَلْ أَمَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، فَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَعِمَامَتِهِ، وَأَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَأَنَا مَعَهُ، رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ، وَقَضَيْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي سُبِقْنَا.
وَلِحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ نَحْوُهُ، عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ حَمْزَةَ بن المُغِيْرَةِ، عَنْ أَبِيْهِ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْتَهَى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَأَرَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنْ يَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ مَكَانَكَ، فَصَلَّى، وَصَلَّى رَسُوْلُ اللهِ بِصَلاَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَرَوَى: الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي (المُسْنَدِ) ، عَنِ الهَيْثَمِ بنِ خَارِجَةَ، عَنْ رِشْدِيْنَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الوَلِيْدِ:سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ بِنَحْوِهِ.
هِشَامٌ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ المُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ بِمِثْلِ هَذَا.
وَرَوَاهُ: زُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، عَنِ المُغِيْرَةِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ.
وَجَاءَ عَنْ خُلَيْدِ بنِ دَعْلَجٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ المُغِيْرَةِ.
وَالحَسَنُ مُدَلِّسٌ، لَمْ يَسْمَعْ مِنَ المُغِيْرَةِ.
عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ فِي سَرِيَّةٍ، وَعَقَدَ لَهُ اللِّوَاءَ بِيَدِهِ.
عُثْمَانُ: ضَعِيْفٌ، لَكِنْ رَوَى نَحْوَهُ: أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ نَافِعِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ فَرْوَةَ بنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
مَعْمَرٌ: عَنْ قَتَادَةَ: {الَّذِيْنَ يَلْمِزُوْنَ المُطَّوِّعِيْنَ} [التَّوْبَةُ: 79] .
قَالَ: تَصَدَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ بِشَطْرِ مَالِهِ، أَرْبَعَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
فَقَالَ أُنَاسٌ مِنَ المُنَافِقِيْنَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَعَظِيْمُ الرِّيَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:تَصَدَّقَ ابْنُ عَوْفٍ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَطْرِ مَالِهِ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَحَمَلَ عَلَى خَمْسِ مَائَةِ فَرَسٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَى خَمْسِ مَائَةِ رَاحِلَةٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَكَانَ عَامَّةُ مَالِهِ مِنَ التِّجَارَةِ.
أَخْرَجَهُ فِي (الزُّهْدِ) لَهُ.
سُلَيْمَانُ بنُ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، أَنْبَأَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يَا ابْنَ عَوْفٍ! إِنَّكَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ، وَلنْ تَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ زَحْفاً، فَأَقْرِضِ اللهَ -تَعَالَى- يُطْلِقْ لَكَ قَدَمَيْكَ) .
قَالَ: فَمَا أُقْرِضُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: (أَتَانِي جِبْرِيْلُ، فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُضِفِ الضَّيْفَ، وَلْيُعْطِ فِي النَّائِبَةِ، وَلْيُطْعِمِ المِسْكِيْنَ ) .
خَالِدُ بنُ الحَارِثِ، وَغَيْرُهُ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رَأَيْتُ الجَنَّةَ، وَأَنِّي دَخَلْتُهَا حَبْواً، وَرَأَيْتُ أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُهَا إِلاَّ الفُقَرَاءُ.
قُلْتُ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، فَهُوَ وَغَيْرُهُ مَنَامٌ، وَالمَنَامُ لَهُ تَأْوِيْلٌ، وَقَدِ انْتَفَعَ ابْنُ عَوْفٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِمَا رَأَى، وَبِمَا بَلَغَهُ، حَتَّى تَصَدَّقَ بِأَمْوَالٍ عَظِيْمَةٍ، أَطْلَقَتْ
لَهُ -وَلِلَّهِ الحَمْدُ- قَدَمَيْهِ، وَصَارَ مِنْ وَرَقَةِ الفِرْدَوْسِ، فَلاَ ضَيْرَ.أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيْقٍ، قَالَ:
دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ:
يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَكُوْنَ قَدْ هَلَكْتُ، إِنِّي مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالاً، بِعْتُ أَرْضاً لِي بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفِ دِيْنَار.
قَالَتْ: يَا بُنَيَّ! أَنْفِقْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لَنْ يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ) .
فَأَتَيْتُ عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَتَاهَا، فَقَالَ: بِاللهِ أَنَا مِنْهُم.
قَالَتْ: اللَّهُمَّ لاَ، وَلَنْ أُبْرِئَ أَحَداً بَعْدَكَ.
رَوَاهُ أَيْضاً: أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، فَقَالَ:
عَنْ شَقِيْقٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.
زَائِدَةُ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
كَانَ بَيْنَ خَالِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ شَيْءٌ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دَعُوا لِي أَصْحَابِي، أَوْ أُصَيْحَابِي، فَإِنَّ أَحَدَكُم لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحِدٍ ذَهَباً لَمْ يُدْرِكْ مُدَّ أَحَدِهِم وَلاَ نَصِيْفَهُ).
وَأَمَّا الأَعْمَشُ فَرَوَاهُ عَنْ: أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَفِي البَابِ حَدِيْثُ زُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ.أَبُو إِسْمَاعِيْلَ المُؤدِّبُ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ:
شَكَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ خَالِداً إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقَالَ: (يَا خَالِدُ! لاَ تُؤْذِ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً لَمْ تُدْرِكْ عَمَلَهُ) .
قَالَ: يَقَعُوْنَ فِيَّ، فَأَرُدُّ عَلَيْهِم.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ تُؤْذُوا خَالِداً، فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوْفِ اللهِ، صَبَّهُ اللهُ عَلَى الكُفَّارِ ) .
لَمْ يَرْوِهِ عَنِ المُؤَدِّبِ سِوَى الرَّبِيْعِ بنِ ثَعْلَبٍ، وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ: جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، عَنِ الحَسَنِ مُرْسَلاً.
شُعْبَةُ: أَنْبَأَنَا حُصَيْنٌ، سَمِعْتُ هِلاَلَ بن يِسَافٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ظَالِمٍ المَازِنِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حِرَاءَ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ،
فَقَالَ: (اثْبُتْ حِرَاءُ! فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيْقٌ، أَوْ شَهِيْدٌ ) .وَذَكَرَ سَعِيْدٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ.
وَكَذَا رَوَاهُ: جَرِيْرٌ، وَهُشَيْمٌ، وَأَبُو الأَحْوَصِ، وَالأَبَّارُ، عَنْ حُصَيْنٍ.
وَأَخْرَجَهُ: أَرْبَابُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ مِنْ طَرِيْقِ شُعْبَةَ، وَجَمَاعَةٍ كَذَلِكَ.
وَرَوَاهُ: ابْنُ إِدْرِيْسَ، وَوَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ:
وَرَوَاهُ: الأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَنْ هِلاَلٍ، عَنِ ابْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ظَالِمٍ، عَنْ سَعِيْدٍ، تَابَعَهُ قَاسِمٌ الجرْمِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ.
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَجَاءَ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ وَحُصَيْنٍ، عَنْ هِلاَلٍ، عَنْ سَعِيْدٍ نَفْسِهِ.
أَبُو قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَعْنٍ الغِفَارِيِّ، حَدَّثَنَا مُجَمِّعُ بنُ يَعْقُوْبَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُجَمِّعٍ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ لأُمِّ كُلْثُوْمٍ بِنْتِ عُقْبَةَ، امْرَأَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ:
أَقَالَ لَكِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (انْكِحِيْ سَيِّدَ المُسْلِمِيْنَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ؟) .
قَالَتْ: نَعْم.
عَلِيُّ بنُ المَدَيْنِيُّ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ أُمَّ كُلْثُوْمٍ بِنَحْوِهِ.وَيُرْوَى مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُوْمٍ نَحْوَهُ.
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى رَهْطاً فِيْهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، فَلَمْ يُعْطِهِ، فَخَرَجَ يَبْكِي.
فَلَقِيَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ؟
فَذَكَرَ لَهُ، وَقَالَ: أَخْشَى أَنْ يَكُوْنَ مَنَعَهُ مَوْجِدَةٌ وَجَدَهَا عَلَيَّ.
فَأَبْلَغَ عُمَرُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (لَكِنِّي وَكَلْتُهُ إِلَى إِيْمَانِهِ).
قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِي) .
فَأَوْصَى لَهُنَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِحَدِيْقَةٍ قُوِّمَتْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ أَلْفٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَتْنَا أُمُّ بَكْرٍ بِنْتُ المِسْوَرِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَاعَ أَرْضاً لَهُ مِنْ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، فَقَسَمَهُ فِي فُقَرَاءِ بَنِي
زُهْرَةَ، وَفِي المُهَاجِرِيْنَ، وَأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.قَالَ المِسْوَرُ: فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ بِنَصِيْبَهَا، فَقَالَتْ: مَنْ أَرْسَلَ بِهَذَا؟
قُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
قَالَتْ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لاَ يَحْنُو عَلَيْكُنَّ بَعْدِي إِلاَّ الصَّابِرُوْنَ) ، سَقَى اللهُ ابْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيْلِ الجَنَّةِ.
أَخْرَجَهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) .
عَلِيُّ بنُ ثَابِتٍ الجَزَرِيُّ: عَنِ الوَازِعِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
جَمَعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ: (سَيَحْفَظُنِي فِيْكُنَّ الصَّابِرُوْنَ الصَّادِقُوْنَ ) .
وَمِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَزْلُهُ نَفْسَهُ مِنَ الأَمْرِ وَقْتَ الشُّورَى، وَاخْتِيَارُهُ لِلأُمَّةِ مَنْ أَشَارَ بِهِ أَهْلُ الحِلِّ وَالعَقْدِ، فَنَهَضَ فِي ذَلِكَ أَتَمَّ نُهُوضٍ عَلَى جَمْعِ الأُمَّةِ عَلَى عُثْمَانَ، وَلَوْ كَانَ مُحَابِياً فِيْهَا لأَخَذَهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ لَوَلاَّهَا ابْنَ عَمِّهِ، وَأَقْرَبَ الجَمَاعَةِ إِلَيْهِ، سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ.
وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نِيَارٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ مِمَّنْ يُفْتِي فِي عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، بِمَا سَمِعَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: حَدَّثَنَا أَبُو المُعَلَّى الجَزَرِيُّ، عَنْ مَيْمُوْن بنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ لأَهْلِ الشُّورَى: هَلْ لَكُم أَنْ أَخْتَارَ لَكُمْ وَأَنْفَصِلَ مِنْهَا؟قَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ، أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَضِيَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّكَ أَمِيْنٌ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، وَأَمِيْنٌ فِي أَهْلِ الأَرْضِ ) .
أَخْرَجَهُ: الشَّاشِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) ، وَأَبُو المُعلَّى : ضَعِيْفٌ.
ذَكَرَ مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ حَجَّ بِالمُسْلِمِيْنَ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ: عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيْدٍ: أَنَّ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَجُلاً وَهُوَ قَائِمٌ يَخْطُبُ: أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ إِلَى أَمْرِ النَّاسِ، أَيِ ادْعُ إِلَى نَفْسِكَ.
فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! إِنَّهُ لَنْ يَلِيَ هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ بَعْدَ عُمَرَ إِلاَّ لاَمَهُ النَّاسُ.
تَابَعَهُ أَبُو أُوَيْسٍ عَبْدُ اللهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أُمِّ بَكْرٍ، عَنْ أَبِيْهَا المِسْوَرِ قَالَ:
لَمَّا وَلِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ الشُّورَى
كَانَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ يَلِيَهُ، فَإِنْ تَرَكَ، فَسَعْدٌ، فَلَحِقَنِي عَمْرُو بنُ العَاصِ، فَقَالَ: مَا ظَنُّ خَالِكَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِاللهِ إِنْ وَلَّى هَذَا الأَمْرَ أَحَداً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُ؟فَأَتَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: وَاللهِ لأَنْ تُؤخَذُ مِدْيَةٌ، فَتُوْضَعُ فِي حَلْقِي، ثُمَّ يُنْفَذُ بِهَا إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ.
ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَزْهَرَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَكَى رُعَافاً، فَدَعَا حُمْرَانَ، فَقَالَ:
اكْتُبْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ العَهْدَ مِنْ بَعْدِي.
فَكَتَبَ لَهُ، وَانْطَلَقَ حُمْرَانُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: البُشْرَى!
قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟
قَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ كَتَبَ لَكَ العَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ.
فَقَامَ بَيْنَ القَبْرِ وَالمِنْبَرِ، فَدَعَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مِنْ تَوْلِيَةِ عُثْمَانَ إِيَّايَ هَذَا الأَمْرَ فَأَمِتْنِي قَبْلَهُ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ.
يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ، قَالَ:
كَانَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ عِيَالاً عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ: ثُلُثٌ يُقْرِضُهُمْ مَالَهُ، وَثُلُثٌ يَقْضِي دَيْنَهُمْ، وَيَصِلُ ثُلثاً.
مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ قَالَ:
كَانَ بَيْنَ طَلْحَةَ وَابنِ عَوْفٍ تَبَاعُدٌ، فَمَرِضَ طَلْحَةُ، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعُوْدُهُ.
فَقَالَ طَلْحَةُ:
أَنْتَ -وَاللهِ- يَا أَخِي خَيْرٌ مِنِّي.قَالَ: لاَ تَفْعَلْ يَا أَخِي!
قَالَ: بَلَى -وَاللهِ- لأَنَّكَ لَوْ مَرِضْتَ مَا عُدْتُكَ.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةِ: عَنْ سَعْدِ بنِ الحَسَنِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ لاَ يُعْرَفُ مِنْ بَيْنِ عَبِيْدِهِ.
شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ:
غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ فِي وَجَعِهِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ فَاضَتْ نَفْسُهُ، حَتَّى قَامُوا مِنْ عِنْدِهِ وَجَلَّلُوْهُ، فَأَفَاقَ يُكَبِّرُ، فَكَبَّرَ أَهْلَ البَيْتِ، ثُمَّ قَالَ لَهُم: غُشِيَ عَلَيَّ آنِفاً؟
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: صَدَقْتُم! انْطَلَقَ بِي فِي غَشْيَتِي رَجُلاَنِ، أَجِدُ فِيْهِمَا شِدَّةً وَفَظَاظَةً، فَقَالاَ:
انْطَلِقْ نُحَاكِمْكَ إِلَى العَزِيْزِ الأَمِيْنِ، فَانْطَلَقَا بِي حَتَّى لَقِيَا رَجُلاً.
قَالَ: أَيْنَ تَذْهَبَانِ بِهَذَا؟
قَالاَ: نُحَاكِمُهُ إِلَى العَزِيْزِ الأَمِيْنِ.
فَقَالَ: ارْجِعَا، فَإِنَّهُ مِنَ الَّذِيْنَ كَتَبَ اللهُ لَهُمُ السَّعَادَةَ وَالمَغْفِرَةَ وَهُمْ فِي بُطُوْنِ أُمَّهَاتِهِم، وَإِنَّهُ سَيُمَتَّعُ بِهِ بَنُوْهُ إِلَى مَا شَاءَ اللهُ، فَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهْراً.
رَوَاهُ: الزُّبَيْدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.وَرَوَاهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِيْهِ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ:
أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ أَوْصَى بِخَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ، فَكَانَ الرَّجُلُ يُعْطَى مِنْهَا أَلْفُ دِيْنَارٍ.
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَوْصَى لِلْبَدْرِيِّيْنَ، فَوَجَدُوا مَائَةً، فَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُم أَرْبَعَ مَائَةِ دِيْنَارٍ، فَكَانَ مِنْهُم عُثْمَانُ فَأَخَذَهَا.
وَبِإِسْنَادٍ آخَرَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَوْصَى بِأَلْفِ فَرَسٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ : عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
سَمِعَ عَلِيّاً يَقُوْلُ يَوْمَ مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ: اذْهَبْ يَا ابْنَ عَوْفٍ، فَقَدْ أَدْرَكْتَ صَفْوَهَا، وَسَبَقْتَ رَنْقَهَا.
الرَّنْقُ: الكَدَرُ.
قَالَ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رَأَيْتُ سَعْداً فِي جِنَازَة عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَهُوَ بَيْنَ يَدَي السَّرِيْرِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: وَاجَبَلاَهُ.
رَوَاهُ: جَمَاعَةٌ، عَنْ سَعْدٍ.
مَعْمَرٌ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ، قُسِمَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَائَةُ أَلْفٍ.
وَرَوَى: هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:اقْتَسَمْنَ ثُمُنَهُنَّ ثَلاَثَ مَائَةِ أَلْفٍ وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً.
وَرَوَى نَحْوَهُ: لَيْثُ بنُ أَبِي مُسلمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ.
وَقَدِ اسْتَوْفَى صَاحِبُ (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) أَخْبَارَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي أَرْبَعَةِ كَرَارِيْسَ.
وَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ كَانَ فَقِيْراً لاَ شَيْءَ لَهُ، فَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، أَحَدِ النُّقَبَاءِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَاطِرَهُ نِعْمَتَهُ، وَأَنْ يُطَلِّقَ لَهُ أَحْسَنَ زَوْجَتَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، وَلَكِنْ دُلَّنِي عَلَى السُّوْقِ، فَذَهَبَ، فَبَاعَ وَاشْتَرَى، وَرَبِحَ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ صَارَ مَعَهُ دَرَاهِمَ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى زِنَةٍ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ رَأَى عَلَيْهِ أَثَراً مِنْ صُفْرَةٍ: (أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) .
ثُمَّ آلَ أَمْرُهُ فِي التِّجَارَةِ إِلَى مَا آلَ.
أَرَّخَ المَدَائِنِيُّ، وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ وَفَاتَهَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ.وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ المُغِيْرَةِ: عَاشَ خَمْساً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: كَانَ مَجْدُوْداً فِي التِّجَارَةِ، خَلَّفَ: أَلْفَ بَعِيْرٍ، وَثَلاَثَةَ آلاَفِ شَاةٍ، وَمَائَةَ فَرَسٍ، وَكَانَ يَزْرَعُ بِالجُرْفِ عَلَى عِشْرِيْنَ نَاضِحاً.
قُلْتُ: هَذَا هُوَ الغَنِيُّ الشَاكِرُ، وَآوِي فَقِيْرٌ صَابِرٌ، وَأَبُو ذَرٍّ، أَوْ أَبُو عُبَيْدَةَ، زَاهِدٌ عَفِيْفٌ.
حُسَيْنٌ الْجَافِي: عَنْ جَعْفَرِ بنِ أترقان، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ أَعْتَقَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ بَيْتٍ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=134214&book=5545#dac49b
عبد الملك بْن مروان بْن الحكم بْن أَبِي العاص بْن أمية بْن عَبْد شمس بْن عبد مناف، أبو الوليد :
بويع له بالخلافة عند موت أبيه وهو بالشام، ثم سار إلى العراق فالتقى هو ومصعب بن الزبير بمسكن على نهر دجيل قريبا من أوانا عند دير الجاثليق، فكانت الحرب بينهما حتى قتل مصعب، وقتل الحجاج بن يوسف بعده أخاه عبد الله بن الزبير بمكة. واجتمع الناس على عبد الملك، وكان منزله بدمشق.
كتب إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن عُثْمَان الدمشقي يذكر أن أبا الميمون البجلي أخبرهم قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرٍو النَّصْري، حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن بشير عن محمد بن إسحاق قال: ولد يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان سنة ست وعشرين.
أخبرنا ابن الفضل القطّان، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، حدّثنا يعقوب ابن سفيان، حدّثني سعيد بن أسد، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ رَجَاءِ بْن أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ قَالَ: قِيلَ لابْنِ عُمَرَ: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ أَشْيَاخِ قُرَيْشٍ تُوشِكُونَ أَنْ تَنْقَرِضُوا، فَمَنْ نَسْأَلُ بَعْدَكُمْ؟ فَقَالَ: إِنَّ لِمَرْوَانَ ابنا فقيها فسلوه.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن خميرويه الهرويّ، أخبرنا الحسين بن إدريس، حدّثنا ابن عمار، حَدَّثَنَا عيسى بن يونس عن الأعمش قال: قدم علينا أبو الزناد الكوفة، فقلت: من كان بالمدينة من الفقهاء؟ فقال: سعيد بن المسيب، وأبو سلمة، وعروة بن الزّبير، وعبد الملك بن مروان.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن علي البزاز، أخبرنا عمر بن محمّد بن سيف، حدّثنا محمّد بن العبّاس اليزيدي، حدّثنا العبّاس بن الفرج- هو الرياشي- حدّثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي، حَدَّثَنَا جرير بن حازم عن نافع قال: أدركت المدينة وما بها شاب أنسك، ولا أشد تشميرا، ولا أكثر صلاة، ولا أطلب للعلم، من عبد الملك بن مروان.
أَخْبَرَنَا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعي، حدّثنا عبد الله ابن محمّد بن أبي الدّنيا، حدّثني علي بن مسلم، حدّثنا عبد الله بن بكر السهمي، حَدَّثَنَا بِشْرٌ أَبُو نَصْرٍ: أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بن مروان دخل على معاوية وعنده عمر بْنُ الْعَاصِ، فَسَلَّمَ وَجَلَسَ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ نَهَضَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا أَكْمَلَ مُرُوءَةَ هَذَا الْفَتَى، فَقَالَ عَمْرٌو: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ أَخَذَ بِأَخْلاقِ أَرْبَعَةً، وترك أخلاقا ثَلاثَةٍ: إِنَّهُ أَخَذَ بِأَحْسَنِ الْبَشَرِ إِذَا لَقِيَ، وَبِأَحْسَنِ الْحَدِيثِ إِذَا حُدِّثَ وَبِأَحْسَنِ الاسْتِمَاعِ إِذَا حدث، وبأيسر المؤونة إِذَا خُولِفَ. وَتَرَكَ مُزَاحَ مَنْ لا يُوثَقُ بِعَقْلِهِ وَلا دِينِهِ، وَتَرَكَ مُجَالَسَةَ لِئَامِ النَّاسِ، وَتَرَكَ مِنَ الْكَلامِ كُلَّ مَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ.
قرأت عَلِيّ الجوهري عَنْ أَبِي عُبَيْد اللَّهِ المرزباني قال: حدّثني محمّد بن إبراهيم، حَدَّثَنَا أحمد بن أبي خيثمة قَالَ: سمعت مصعب بن عبد الله الزبيري يقول: أول من سمي في الإسلام عبد الملك، عبد الملك بن مروان.
قال أبو بكر بن أبي خيثمة: وأول من سمي في الإسلام أحمد، أبو الخليل بن أحمد العروضي [الفراهيدي] .
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب، حدّثنا إبراهيم بن المنذر، حَدَّثَنِي عبد العزيز بن عامر- شيخ من عاملة من أهل تيما- قال: حَدَّثَنِي شيخ كان يجالس سعيد بن المسيّب قال: مرّ به يوما ابن ذمل العذري- ونحن معه- فحصبه سعيد، فجاءه فقال له سعيد: بلغني أنك مدحت هذا- وأشار نحو الشام، يعني عبد الملك- قال: نعم يا أبا محمد قد مدحته، أفتحب أن تسمع القصيدة؟ قال: نعم أجلس، فأنشده حتى بلغ إلى قوله:
فما عابتك في خلق قريش ... بيثرب حين أنت بها غلام
فقال له سعيد: صدقت، ولكنه لما صار إلى الشام بدل.
أَخْبَرَنَا العتيقي، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الأَدَمِيُّ، حدّثنا ابن دريد، حَدَّثَنَا عبد الأول بن مريد عن ابن عائشة قال: أفضي الأمر إلى عبد الملك والمصحف في حجره يقرأ فأطبقه- وقال: هذا آخر العهد بك.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الخالع، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَاحِدِ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: لما سلم علي عبد الملك بن مروان بالخلافة كان في حجره مصحف فأطبقه وقال: هذا فراق بيني وبينك.
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن عمر المقرئ، أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن أبي قيس الرفاء، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدّنيا، أَخْبَرَنِي عباس- هو ابن هشام- عن أبيه قال:
بويع عبد الملك بن مروان في شهر رمضان من سنة خمس وستين حيث مات أبوه.
قال ابن أبي الدنيا: قال الزبير: وأمه عائشة بنت المغيرة بن أبي العاص بن أمية، ويكنى أبا الوليد.
أَخْبَرَنِي الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حَدَّثَنَا يوسف بن يعقوب النيسابوري قال: قرئ على محمد بن بكار- وأنا أسمع- عن أبي معشر قال: كانت الجماعة على عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وسبعين.
أَخْبَرَنَا عبد العزيز بن علي الأزجي، أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن محمد المفيد،
حَدَّثَنَا أبو بشر محمد بن أحمد بن حمّاد الأنصاريّ- المعروف بالدولابي- حَدَّثَنَا محمد بن سعدان عن الحسن بن عثمان قال: كان موت عبد الملك لانسلاخ شوال، وقال آخرون: للنصف من شوال سنة ست وثمانين، وهو ابن سبع وخمسين سنة، ومنهم من قال ابن إحدى وستين سنة، وهذا أثبت عندنا. فكانت خلافته من مقتل ابن الزبير إلى أن توفي ثلاث عشرة سنة، وأربعة أشهر، وثمانيا وعشرين ليلة، وصلى عليه ابنه الوليد بن عبد الملك، ودفن خارجا بين باب الجابية وباب الصغير.
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن عمر، أنبأنا علي بن أحمد بن أبي قيس، حدّثنا ابن أبي الدّنيا، حَدَّثَنِي أبو عبد الله العجلي، عن عمرو بن محمد عن أبي معشر قال: مات عبد الملك بن مروان يوم الجمعة للنصف من شوال، وهو ابن أربع وستين.
أخبرنا الأزجي، أخبرنا المفيد، حَدَّثَنَا أبو بشر محمد بن أحمد بن حمّاد، أَخْبَرَنِي أحمد بن القاسم عن منصور بن أبي مزاحم عن الهيثم بن عمران قال: كانت خلافة عبد الملك بن مروان اثنتين وعشرين سنة ونصفا.
قلت: يعني من وقت بويع له بالخلافة بعد موت أبيه.
وقال أبو بشر: أَخْبَرَنِي الوجيهي عن أبيه عن صالح بن الوجيه قال: قرأت في كتاب صفة الخلفاء في خزانة المأمون، كان عبد الملك رجلا طويلا أبيض، مقرون الحاجبين، كبير العينين مشرف الأنف، دقيق الوجه، حسن الجسم، ليس بالقضيف ولا البادن أبيض الرأس واللحية
بويع له بالخلافة عند موت أبيه وهو بالشام، ثم سار إلى العراق فالتقى هو ومصعب بن الزبير بمسكن على نهر دجيل قريبا من أوانا عند دير الجاثليق، فكانت الحرب بينهما حتى قتل مصعب، وقتل الحجاج بن يوسف بعده أخاه عبد الله بن الزبير بمكة. واجتمع الناس على عبد الملك، وكان منزله بدمشق.
كتب إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن عُثْمَان الدمشقي يذكر أن أبا الميمون البجلي أخبرهم قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرٍو النَّصْري، حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن بشير عن محمد بن إسحاق قال: ولد يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان سنة ست وعشرين.
أخبرنا ابن الفضل القطّان، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، حدّثنا يعقوب ابن سفيان، حدّثني سعيد بن أسد، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ رَجَاءِ بْن أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ قَالَ: قِيلَ لابْنِ عُمَرَ: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ أَشْيَاخِ قُرَيْشٍ تُوشِكُونَ أَنْ تَنْقَرِضُوا، فَمَنْ نَسْأَلُ بَعْدَكُمْ؟ فَقَالَ: إِنَّ لِمَرْوَانَ ابنا فقيها فسلوه.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن خميرويه الهرويّ، أخبرنا الحسين بن إدريس، حدّثنا ابن عمار، حَدَّثَنَا عيسى بن يونس عن الأعمش قال: قدم علينا أبو الزناد الكوفة، فقلت: من كان بالمدينة من الفقهاء؟ فقال: سعيد بن المسيب، وأبو سلمة، وعروة بن الزّبير، وعبد الملك بن مروان.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن علي البزاز، أخبرنا عمر بن محمّد بن سيف، حدّثنا محمّد بن العبّاس اليزيدي، حدّثنا العبّاس بن الفرج- هو الرياشي- حدّثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي، حَدَّثَنَا جرير بن حازم عن نافع قال: أدركت المدينة وما بها شاب أنسك، ولا أشد تشميرا، ولا أكثر صلاة، ولا أطلب للعلم، من عبد الملك بن مروان.
أَخْبَرَنَا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعي، حدّثنا عبد الله ابن محمّد بن أبي الدّنيا، حدّثني علي بن مسلم، حدّثنا عبد الله بن بكر السهمي، حَدَّثَنَا بِشْرٌ أَبُو نَصْرٍ: أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بن مروان دخل على معاوية وعنده عمر بْنُ الْعَاصِ، فَسَلَّمَ وَجَلَسَ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ نَهَضَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا أَكْمَلَ مُرُوءَةَ هَذَا الْفَتَى، فَقَالَ عَمْرٌو: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ أَخَذَ بِأَخْلاقِ أَرْبَعَةً، وترك أخلاقا ثَلاثَةٍ: إِنَّهُ أَخَذَ بِأَحْسَنِ الْبَشَرِ إِذَا لَقِيَ، وَبِأَحْسَنِ الْحَدِيثِ إِذَا حُدِّثَ وَبِأَحْسَنِ الاسْتِمَاعِ إِذَا حدث، وبأيسر المؤونة إِذَا خُولِفَ. وَتَرَكَ مُزَاحَ مَنْ لا يُوثَقُ بِعَقْلِهِ وَلا دِينِهِ، وَتَرَكَ مُجَالَسَةَ لِئَامِ النَّاسِ، وَتَرَكَ مِنَ الْكَلامِ كُلَّ مَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ.
قرأت عَلِيّ الجوهري عَنْ أَبِي عُبَيْد اللَّهِ المرزباني قال: حدّثني محمّد بن إبراهيم، حَدَّثَنَا أحمد بن أبي خيثمة قَالَ: سمعت مصعب بن عبد الله الزبيري يقول: أول من سمي في الإسلام عبد الملك، عبد الملك بن مروان.
قال أبو بكر بن أبي خيثمة: وأول من سمي في الإسلام أحمد، أبو الخليل بن أحمد العروضي [الفراهيدي] .
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب، حدّثنا إبراهيم بن المنذر، حَدَّثَنِي عبد العزيز بن عامر- شيخ من عاملة من أهل تيما- قال: حَدَّثَنِي شيخ كان يجالس سعيد بن المسيّب قال: مرّ به يوما ابن ذمل العذري- ونحن معه- فحصبه سعيد، فجاءه فقال له سعيد: بلغني أنك مدحت هذا- وأشار نحو الشام، يعني عبد الملك- قال: نعم يا أبا محمد قد مدحته، أفتحب أن تسمع القصيدة؟ قال: نعم أجلس، فأنشده حتى بلغ إلى قوله:
فما عابتك في خلق قريش ... بيثرب حين أنت بها غلام
فقال له سعيد: صدقت، ولكنه لما صار إلى الشام بدل.
أَخْبَرَنَا العتيقي، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الأَدَمِيُّ، حدّثنا ابن دريد، حَدَّثَنَا عبد الأول بن مريد عن ابن عائشة قال: أفضي الأمر إلى عبد الملك والمصحف في حجره يقرأ فأطبقه- وقال: هذا آخر العهد بك.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الخالع، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَاحِدِ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: لما سلم علي عبد الملك بن مروان بالخلافة كان في حجره مصحف فأطبقه وقال: هذا فراق بيني وبينك.
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن عمر المقرئ، أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن أبي قيس الرفاء، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدّنيا، أَخْبَرَنِي عباس- هو ابن هشام- عن أبيه قال:
بويع عبد الملك بن مروان في شهر رمضان من سنة خمس وستين حيث مات أبوه.
قال ابن أبي الدنيا: قال الزبير: وأمه عائشة بنت المغيرة بن أبي العاص بن أمية، ويكنى أبا الوليد.
أَخْبَرَنِي الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حَدَّثَنَا يوسف بن يعقوب النيسابوري قال: قرئ على محمد بن بكار- وأنا أسمع- عن أبي معشر قال: كانت الجماعة على عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وسبعين.
أَخْبَرَنَا عبد العزيز بن علي الأزجي، أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن محمد المفيد،
حَدَّثَنَا أبو بشر محمد بن أحمد بن حمّاد الأنصاريّ- المعروف بالدولابي- حَدَّثَنَا محمد بن سعدان عن الحسن بن عثمان قال: كان موت عبد الملك لانسلاخ شوال، وقال آخرون: للنصف من شوال سنة ست وثمانين، وهو ابن سبع وخمسين سنة، ومنهم من قال ابن إحدى وستين سنة، وهذا أثبت عندنا. فكانت خلافته من مقتل ابن الزبير إلى أن توفي ثلاث عشرة سنة، وأربعة أشهر، وثمانيا وعشرين ليلة، وصلى عليه ابنه الوليد بن عبد الملك، ودفن خارجا بين باب الجابية وباب الصغير.
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن عمر، أنبأنا علي بن أحمد بن أبي قيس، حدّثنا ابن أبي الدّنيا، حَدَّثَنِي أبو عبد الله العجلي، عن عمرو بن محمد عن أبي معشر قال: مات عبد الملك بن مروان يوم الجمعة للنصف من شوال، وهو ابن أربع وستين.
أخبرنا الأزجي، أخبرنا المفيد، حَدَّثَنَا أبو بشر محمد بن أحمد بن حمّاد، أَخْبَرَنِي أحمد بن القاسم عن منصور بن أبي مزاحم عن الهيثم بن عمران قال: كانت خلافة عبد الملك بن مروان اثنتين وعشرين سنة ونصفا.
قلت: يعني من وقت بويع له بالخلافة بعد موت أبيه.
وقال أبو بشر: أَخْبَرَنِي الوجيهي عن أبيه عن صالح بن الوجيه قال: قرأت في كتاب صفة الخلفاء في خزانة المأمون، كان عبد الملك رجلا طويلا أبيض، مقرون الحاجبين، كبير العينين مشرف الأنف، دقيق الوجه، حسن الجسم، ليس بالقضيف ولا البادن أبيض الرأس واللحية
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=94496&book=5545#708dda
عبد العزيز بن عمر بن ضمرة الفزارى ويقال عبد الله بن عمرو ابن ضمرة ( م ) روى عن رجل من جهينة سأل النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه محمد بن عمرو بن علقمة ومحمد بن إسحاق سمعت أبى يقول ذلك.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#d57ced
عبد الله بن محمد
- عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق وأمه أم ولد يقال لها سودة. وقتل عبد الله يوم الحرة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وليس له عقب.
- عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق وأمه أم ولد يقال لها سودة. وقتل عبد الله يوم الحرة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وليس له عقب.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#4672b5
- وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#7a4c3d
- عبد الله بن محمد بن عمرو بن حزم. يكنى أبا محمد, توفي سنة ثلاثين ومائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#e994a2
عبد الله بن محمد
- عبد الله بن محمد بن أسماء بن عبيد. روى عن عمه جويرية بن أسماء.
- عبد الله بن محمد بن أسماء بن عبيد. روى عن عمه جويرية بن أسماء.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#6165ac
عبد الله بن محمد
- عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني صاحب زهير بن معاوية. ويكنى أبا جعفر. وكان بالموصل.
- عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني صاحب زهير بن معاوية. ويكنى أبا جعفر. وكان بالموصل.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#b24b00
عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد شيخ يروي عَنِ الْمَدَنِيين روى عَنهُ يحيى بْن أَبِي كثير وَهُوَ الَّذِي يروي عَنْ يُوسُف بْن عَبْد اللَّه بْن سَلام إِن كَانَ سَمعه
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#cea6c8
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، قَالَ حبا (2) حَدَّثَنَا أبان عَنْ يَحْيَى سَمِعَ
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد: عَنْ يوسف بْن عَبْد اللَّه عَنْ أَبِيه من تأمر على عشرة.
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد: عَنْ يوسف بْن عَبْد اللَّه عَنْ أَبِيه من تأمر على عشرة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#9fd419
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ. ويكنى أبا بكر. روى عن شريك وعلي بن مسهر والكوفيين ورحل إلى البصرة فكتب عمن أدرك من مشيختها.
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ. ويكنى أبا بكر. روى عن شريك وعلي بن مسهر والكوفيين ورحل إلى البصرة فكتب عمن أدرك من مشيختها.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#20383f
- وعبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب. يكنى أبا محمد, عُمِّرَ. ومات بعد الأربعين ومائة.
- وعبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب. أمه خديجة بنت علي بن حسين بن علي بن أبي طالب.
- وعبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب. أمه خديجة بنت علي بن حسين بن علي بن أبي طالب.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#33ee57
عبد الله بْن مُحَمَّد
رجل من أهل اليمن، رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لعائشة: احتجبي من النار ولو بشق تمرةٍ. روى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن قرط.
وعبد الله بْن قرط يعد فِي الصحابة.
رجل من أهل اليمن، رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لعائشة: احتجبي من النار ولو بشق تمرةٍ. روى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن قرط.
وعبد الله بْن قرط يعد فِي الصحابة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#8ac59a
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد في أهل المدينة (1) من عباد، حَدَّثَنَا يعقوب حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه (2) بْن مُحَمَّد بْن القاسم:
عَنْ أمه عَنْ أَبِيه عَنْ جدته سلامة
جارية عَبْد الرَّحْمَن لما أراد عَبْد الرَّحْمَن أن يهاجر.
عَنْ أمه عَنْ أَبِيه عَنْ جدته سلامة
جارية عَبْد الرَّحْمَن لما أراد عَبْد الرَّحْمَن أن يهاجر.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#711062
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ علي بن أبي طالب. وأمه خديجة بنت علي بن حسين بن علي بن أبي طالب. وكان يلقب دافن وقد روى عن أبيه وغيره. وكان قليل الحديث. وتوفي في آخر خلافة أبي جعفر المنصور.
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ علي بن أبي طالب. وأمه خديجة بنت علي بن حسين بن علي بن أبي طالب. وكان يلقب دافن وقد روى عن أبيه وغيره. وكان قليل الحديث. وتوفي في آخر خلافة أبي جعفر المنصور.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#fa0860
عبد الله بن محمد
والصواب عبد الملك بن محمد الصنعاني من صنعاء دمشق.
حدث عن سعيد بن عبد العزيز بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: استحيوا فإن الله لا يستحي من الحق. لا تأتوا النساء في أدبارهن.
قال: كذا وقع في هذه الرواية. وإنما هو عبد الملك بن محمد.
والصواب عبد الملك بن محمد الصنعاني من صنعاء دمشق.
حدث عن سعيد بن عبد العزيز بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: استحيوا فإن الله لا يستحي من الحق. لا تأتوا النساء في أدبارهن.
قال: كذا وقع في هذه الرواية. وإنما هو عبد الملك بن محمد.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#cd2c10
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ ابْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الأَسْدِيُّ:
عَنْ يُونُسَ النَّحْوِيِّ عَنِ الْحَجَّاجِ أَنْشَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ.
عَنْ يُونُسَ النَّحْوِيِّ عَنِ الْحَجَّاجِ أَنْشَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#7e3c74
عبد الله بن محمد
- عبد الله بن محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ. وأمه أم ولد. ولي قضاء المدينة لهارون أمير المؤمنين ثم عزله واستعمله على قضاء مكة. ثم عزله واستعمله على قضاء المدينة. ثم عزله فلحق بهارون فلم يزل معه حتى خرج إلى الري فخرج معه. فمات بالري سنة تسع وثمانين ومائة. وكان عبد الله بن محمد يكنى أبا محمد. وكان قليل الحديث.
- عبد الله بن محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ. وأمه أم ولد. ولي قضاء المدينة لهارون أمير المؤمنين ثم عزله واستعمله على قضاء مكة. ثم عزله واستعمله على قضاء المدينة. ثم عزله فلحق بهارون فلم يزل معه حتى خرج إلى الري فخرج معه. فمات بالري سنة تسع وثمانين ومائة. وكان عبد الله بن محمد يكنى أبا محمد. وكان قليل الحديث.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#b9a290
عبد الله بن محمد
ب: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد رَجُل من أهل اليمن روى عَبْد اللَّه وهو ابْنُ قرط، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، من أهل اليمن، يحدث عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لعائشة: " احتجبي من النار ولو بشق تمرة ".
وروى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن قرط، وعبد اللَّه بْن قرط، يعد فِي الصحابة أيضًا.
أَخْرَجَهُ أَبُو عُمَر مختصرًا، كذا ذكره أَبُو عُمَر مُحَمَّد، وَقَدْ قيل: مخمر، ويرد ذكره إن شاء اللَّه تَعَالى
ب: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد رَجُل من أهل اليمن روى عَبْد اللَّه وهو ابْنُ قرط، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، من أهل اليمن، يحدث عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لعائشة: " احتجبي من النار ولو بشق تمرة ".
وروى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن قرط، وعبد اللَّه بْن قرط، يعد فِي الصحابة أيضًا.
أَخْرَجَهُ أَبُو عُمَر مختصرًا، كذا ذكره أَبُو عُمَر مُحَمَّد، وَقَدْ قيل: مخمر، ويرد ذكره إن شاء اللَّه تَعَالى
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#3a948a
عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ
- عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وهو الذي يقال له ابن أبي عتيق. وأمه رميثة بنت الحارث بن حذيفة بن مالك بن ربيعة بن أعيا بن مالك بن علقمة بن فراس من بني كنانة. فولد عبد الله بن محمد محمدا وأبا بكر وعثمان وعبد الرحمن وعمر وعاتكة وعائشة وزينب وأمهم أم أبيها بنت عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بكر الصديق. وعائشة بنت عبد الله. ويقال اسمها أم كلثوم. وأمها أم ولد. وآمنة بنت عبد الله وأمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي. وأختها لأمها فَاطِمَةُ بِنْتُ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب.
- عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وهو الذي يقال له ابن أبي عتيق. وأمه رميثة بنت الحارث بن حذيفة بن مالك بن ربيعة بن أعيا بن مالك بن علقمة بن فراس من بني كنانة. فولد عبد الله بن محمد محمدا وأبا بكر وعثمان وعبد الرحمن وعمر وعاتكة وعائشة وزينب وأمهم أم أبيها بنت عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بكر الصديق. وعائشة بنت عبد الله. ويقال اسمها أم كلثوم. وأمها أم ولد. وآمنة بنت عبد الله وأمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي. وأختها لأمها فَاطِمَةُ بِنْتُ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#69b146
عبد الله بن محمد
- عبد الله بن محمد ابن الحنفية وهو ابن علي بن أبي طالب ويكنى أبا هاشم. وأمه أم ولد. فولد عبد الله بن محمد هاشما به كان يكنى ومحمدا الأصغر لا بقية لهما وأمهما بنت خالد بن علقمة بن الحويرث بن عبد الله بن آبي اللحم بن مالك بن عبد الله بْن غفار بْن مليل بْن ضمرة بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. ومحمدا الأكبر بن عبد الله ولبابة بنت عبد الله وأمهما فاطمة بنت محمد بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المطلب. وعلي بن عبد الله ورجلا آخر لم يسم لنا وأمهما أم عثمان بنت أبي حدير وهو عياش بن عبدة بن مغيث بن الجد بن العجلان من بلي قضاعة. وطالبا وعونا وعبيد الله لأمهات أولاد وريطة وهي أم يحيى بن زيد بن علي المقتول بخراسان. وأمها ريطة وهي أم الحارث بنت الحارث بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عبد المطلب. وأم سلمة وأمها أم ولد. كان أبو هاشم صاحب علم ورواية. وكان ثقة قليل الحديث. وكانت الشيعة يلقونه ويتولونه. وكان بالشأم مع بني هاشم فحضرته الوفاة فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب وقال: أنت صاحب هذا الأمر وهو في ولدك وأصرف الشيعة إليه. ودفع كتبه وروايته ومات بالحميمة في خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان.
- عبد الله بن محمد ابن الحنفية وهو ابن علي بن أبي طالب ويكنى أبا هاشم. وأمه أم ولد. فولد عبد الله بن محمد هاشما به كان يكنى ومحمدا الأصغر لا بقية لهما وأمهما بنت خالد بن علقمة بن الحويرث بن عبد الله بن آبي اللحم بن مالك بن عبد الله بْن غفار بْن مليل بْن ضمرة بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. ومحمدا الأكبر بن عبد الله ولبابة بنت عبد الله وأمهما فاطمة بنت محمد بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المطلب. وعلي بن عبد الله ورجلا آخر لم يسم لنا وأمهما أم عثمان بنت أبي حدير وهو عياش بن عبدة بن مغيث بن الجد بن العجلان من بلي قضاعة. وطالبا وعونا وعبيد الله لأمهات أولاد وريطة وهي أم يحيى بن زيد بن علي المقتول بخراسان. وأمها ريطة وهي أم الحارث بنت الحارث بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عبد المطلب. وأم سلمة وأمها أم ولد. كان أبو هاشم صاحب علم ورواية. وكان ثقة قليل الحديث. وكانت الشيعة يلقونه ويتولونه. وكان بالشأم مع بني هاشم فحضرته الوفاة فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب وقال: أنت صاحب هذا الأمر وهو في ولدك وأصرف الشيعة إليه. ودفع كتبه وروايته ومات بالحميمة في خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#093f38
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ
- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بن هاشم. وأمه زينب الصغرى بنت علي بن أبي طالب. وأمها أم ولد. فولد عبد الله بن محمد: محمدا وهرم درج. وأم هانئ وأمهم حميدة بنت مسلم بن عقيل بن أبي طالب. ومسلم بن عبد الله وعقيلا وأمهما أم ولد. وكان عبد الله بن محمد يكنى أبا محمد. وروى عن الطفيل بن أبي. وعن ربيع بنت معوذ بن عفراء. وعن محمد ابن الحنفية. وكان منكر الحديث. لا يحتجون بحديثه وكان كثير العلم. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ. قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. فَأَمَرَ لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافٍ أَوْ نَحْوَهَا. فَأَتَى هَذَا الدَّيْرَ فَنَزَلَ فِيهِ. قَالَ: فَطَرَقَ مِنَ اللَّيْلِ فَذَهَبَ بِهَا. قَالَ: فَنَهَضْتُ أَنَا وَأَبُو الْمَلِيحِ وَرَجُلٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُتْبَةَ مِنْ أَهْلِ الرَّقَّةِ فَجَمَعْنَا لَهُ مِثْلَهَا أَوْ نَحْوَهَا. ثُمَّ أَتَيْنَاهُ بِهَا فَقَالَ لَنَا: أَيُّ شَيْءٍ هَذِهِ؟ إِنْ كَانَتْ صِلَةً قَبِلْتُهَا. وَإِنْ كانت صدقة فلا حَاجَةَ لِي فِيهَا. لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ بِالْمَدِينَةِ قبل خروج محمد بن عبد الله بن حَسَنٍ. وَخَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ.
- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بن هاشم. وأمه زينب الصغرى بنت علي بن أبي طالب. وأمها أم ولد. فولد عبد الله بن محمد: محمدا وهرم درج. وأم هانئ وأمهم حميدة بنت مسلم بن عقيل بن أبي طالب. ومسلم بن عبد الله وعقيلا وأمهما أم ولد. وكان عبد الله بن محمد يكنى أبا محمد. وروى عن الطفيل بن أبي. وعن ربيع بنت معوذ بن عفراء. وعن محمد ابن الحنفية. وكان منكر الحديث. لا يحتجون بحديثه وكان كثير العلم. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ. قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. فَأَمَرَ لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافٍ أَوْ نَحْوَهَا. فَأَتَى هَذَا الدَّيْرَ فَنَزَلَ فِيهِ. قَالَ: فَطَرَقَ مِنَ اللَّيْلِ فَذَهَبَ بِهَا. قَالَ: فَنَهَضْتُ أَنَا وَأَبُو الْمَلِيحِ وَرَجُلٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُتْبَةَ مِنْ أَهْلِ الرَّقَّةِ فَجَمَعْنَا لَهُ مِثْلَهَا أَوْ نَحْوَهَا. ثُمَّ أَتَيْنَاهُ بِهَا فَقَالَ لَنَا: أَيُّ شَيْءٍ هَذِهِ؟ إِنْ كَانَتْ صِلَةً قَبِلْتُهَا. وَإِنْ كانت صدقة فلا حَاجَةَ لِي فِيهَا. لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ بِالْمَدِينَةِ قبل خروج محمد بن عبد الله بن حَسَنٍ. وَخَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64535&book=5545#d461b8
- وعبد الله بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم. يكنى أبا محمد. مات زمن أبي جعفر.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=78593&book=5545#b8166e
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، نا حَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَشَرَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْجَنَّةِ: أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ , وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ , وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ , وَعَلِيُّ فِي الْجَنَّةِ , وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ , وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ , وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ , وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ مُطَيَّنٌ , نا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ , نا إِسْرَائِيلُ , عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ جَابِرٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ، نا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ , وَمَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، نا حَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَشَرَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْجَنَّةِ: أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ , وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ , وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ , وَعَلِيُّ فِي الْجَنَّةِ , وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ , وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ , وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ , وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ مُطَيَّنٌ , نا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ , نا إِسْرَائِيلُ , عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ جَابِرٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ، نا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ , وَمَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ»
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=78593&book=5545#2ee63f
عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب كنيته أبو محمد وكان اسمه في الجاهلية عبد عمرو فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن مات لست سنين بقين من خلافة عثمان هو بن خمس وسبعين سنة ودفن بالبقيع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=78593&book=5545#e68879
عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف بْن عَبْد عوف أبو محمد الزهري
القرشى رضى الله عَنْهُ، شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الْحَسَن عَنْ ضمرة: مات لست بقين من خلافة عثمان، وقَالَ مُحَمَّد بْن مقاتل أَخْبَرَنَا
أَحْمَد بْن مُحَمَّد أَخْبَرَنَا يعقوب بْن إِبْرَاهِيم: لتسع من سني عثمان، وقَالَ يعقوب بْن إِبْرَاهِيم: وهو ابْن خمس وسبعين.
القرشى رضى الله عَنْهُ، شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الْحَسَن عَنْ ضمرة: مات لست بقين من خلافة عثمان، وقَالَ مُحَمَّد بْن مقاتل أَخْبَرَنَا
أَحْمَد بْن مُحَمَّد أَخْبَرَنَا يعقوب بْن إِبْرَاهِيم: لتسع من سني عثمان، وقَالَ يعقوب بْن إِبْرَاهِيم: وهو ابْن خمس وسبعين.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=151600&book=5545#2dc288
عبد الله بن رواحة بن ثعلبة
ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك وفي نسبه خلاف أبو محمد ويقال: أبو رواحة، ويقال: أبو عمرو الأنصاري شهد بدراً، والعقبة، وهو أحد النقباء، وأحد الأمراء في غزوة مؤته واستشهد بها.
حدث عبد الله بن رواحة قال: كنت في غزاة، فتعجلت فانتهيت إلى الباب فإذا المصباح يتأجج، وإذا أنا بشيء أبيض، فاخترطت سيفي، ثم حركتها فأتيت المرأة، فقالت: إليك إليك، فلانة كانت عندي فمشطتني، فأتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته فنهى أن يطرق الرجل أهله ليلاً.
وحدث عبد الله بن رواحة قال: نهانا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب.
وكانت أم عبد الله بن رواحة كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة بن عامر بن زيد مناة. وكان عبد الله بن رواحة يكتب في الجاهلية، وكانت الكتابة في العرب قليلاً. وشهد عبد الله العقبة مع السبعين من الأنصار، وهو أحد النقباء الاثني عشر من الأنصار، وشهد بدراً، وأحداً، والخندق، والحديبية، وخيبر، وعمرة القضية. وقدمه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بدر يبشر أهل العالية بما فتح الله عليه، والعالية: بنو عمرو بن عوف وخطمة ووائل. واستخلفه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المدينة حين خرج إلى غزوة بدر الوعد، وبعثه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية في ثلاثين راكباً إلى أسير بن زارم اليهودي بخيبر فقتله، وبعثه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى خيبر خارصاً، فلم يزل يخرص عليهم إلى أن قتل بمؤته مع جعفر بن أبي طالب في قتال الروم سنة ثمان، وله في الإسلام مناقب وأيام.
قال قتيبة: ابن رواحة وأبو الدرداء أخوان لأم.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رحم الله ابن رواحة، كان أينما أدركته الصلاة أناخ.
وعن أنس قال: كنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر فأصابتنا مطر ورداغ، فأمرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نصلي على ظهور رواحلنا. قال: ففعلنا، ونزل ابن رواحة فصلى في الأرض. قال: فسعى به رجل من القوم فقال: يا رسول الله، أمرت الناس يصلون على ظهور رواحلهم ففعلوا، ونزل ابن رواحة فصلى في الأرض. قال: فبعث إليه فقال: ليأتينكم وقد لقي حجته. قال: فأتاه فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا بن رواحة، أمرت الناس أن يصلوا على ظهور رواحلهم، نزلت وصليت في الأرض! قال: فقال: يا رسول الله، لأنك تسعى في رقبة قد فكها الله، وإنما أنا نزلت لأسعى في رقبة لم تفك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألم أقل لكم إنه سيلقى حجته.
وحدث ضمرة ومهاجر ابنا حبيب قالا: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سرية، فأدركته الصلاة وهو على ظهر، فصلى رسول الله على ظهر، ونزل ابن رواحة فصلى بالأرض، ثم أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا بن رواحة، أرغبت عن صلاتي؟! قال: لست مثلك، إنك تسعى في عتق ونحن نسعى في رق، فلم يعب عليه ما صنع. قال: وخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سرية فصلى بأصحابه على ظهر، فاقتحم رجل من الناس فصلى على الأرض فقال: خالف خالف الله به، فما مات الرجل حتى خرج من الإسلام.
وعن أنس بن مالك قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحابه يقول: تعال نؤمن بربنا ساعة، فقال ذات يوم لرجل، فغضب الرجل، فجاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يرحم الله ابن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة عليهم السلام.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن عبد الله بن رواحة أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم وهو يخطب، فسمعه وهو يقول: " اجلسوا " فجلس مكانه خارجاً من المسجد حتى فرغ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خطبته، فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له: زادك الله حرصاً على طواعية الله وطواعية رسوله.
وحدث عمر بن ذر عن أبيه:
أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دفع إلى نفر من أصحابه فيهم عبد الله بن رواحة يذكرهم بالله. فلما رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سكت، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذكر أصحابك فقال: يا رسول الله، أنت أحق مني. قال: أما إنكم الذين أمرني الله أن أصبر نفسي معهم، ثم تلا عليهم: " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم " الآية إلى آخرها، قال: وما قعد عدتكم قط يذكرون الله إلا قعد معهم عددهم من الملائكة. فإن حمدوا الله حمدوه، وإن سبحوا الله سبحوه، وإن كبروا الله كبروه، وإن استغفروا الله أمنوا، ثم عرجوا إلى ربهم
فسألهم وهو أعلم منهم فقال: أين ومن أين؟ قالوا: ربنا، عبيد لك من أهل الأرض ذكروك فذكرناك. قال: ويقولون: ماذا؟ قالوا: ربنا حمدوك فقال: أول من عبد وآخر من حمد. قالوا: وسبحوك قال: مدحي لا ينبغي لأحد غيري. قالوا: ربنا كبروك قال: لي الكبرياء في السموات والأرض وأنا العزيز الحكيم. قالوا: ربنا استغفروك قال: إني أشهدكم أني قد غفرت لهم. قالوا: ربنا فيهم فلان وفلان قال: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
وعن أبي عمران الجوني: أن عبد الله بن رواحة أغمي عليه فأتاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: اللهم إن كان قد حضر أجله فيسر عليه، وإن لم يكن حضر أجله فاشفه. فوجد خفة فقال: يا رسول الله، أمي تقول: واجبلاه واظهراه، وملك قد رفع مرزبة من حديد ويقول: أنت كذا؟ فلو قلت نعم لقمعني بها.
وعن أبي الدرداء قال: إن كنا لنكون مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر في اليوم الحار الذي يضع أحدنا على رأسه من شدة الحر وما في القوم أحد صائم إلا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الله بن رواحة.
وفي حديث آخر مثله: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شهر رمضان.
وعن مجاهد قال: قوله تعالى: " لم تقولون ما لا تفعلون " إلى قوله: " صفاً كأنهم نيان مرصوص " في نفر من الأنصار، منهم عبد الله بن رواحة. قالوا في مجلس: لو تعلم أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل لعملنا به حتى نموت، فلما نزلت فيهم فقال عبد الله بن رواحة: لا أزال حبيساً في سبيل الله عز وجل حتى أموت، فقتل شهيداً، رحمة الله عليه.
وعن ابن عباس: في هذه الآية، يعني " ولأمة مؤمنة خير من مشركة " قال: نزلت في عبد الله بن رواحة، وكانت له أمة سوداء، وإنه غضب عليها فلطمها، ثم إنه فزع فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره خبرها، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما هي يا عبد الله؟ قال: هي تصوم، وتصلي، وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله، فقال: يا عبد الله هذه مؤمنة. فقال عبد الله: فوالذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها. ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا: نكح أمة، وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم. فأنزل الله تعالى فيهم: " ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم " الآية.
حدث معمر عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: تزوج، يعني: رجل امرأة عبد الله بن رواحة فقال لها: تدرين لم تزوجتك؟ لتخبريني عن صنيع عبد الله بن رواحة في بيته، فذكرت له شيئاً لا أحفظه، غير أنها قالت: كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين، وإذا دخل داره صلى ركعتين، وإذا دخل بيته صلى ركعتين، لا يدع ذلك أبداً، وكان ثابت لا يدع ذلك فيما ذكر لنا بعض من يخالط أهله، وفيما رأينا منه.
وعن ابن عباس قال: بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الله بن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة. قال: فقدم أصحابه وقال: أتخلف فأصلي مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجمعة ثم ألحقهم. قال: فلما صلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رآه فقال: ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟ قال: فقال: أردت أن أصلي معك الجمعة ثم ألحقهم. قال: فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت غدوتهم.
وعن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى مؤته. فاستعمل زيداً فإن قتل زيد فجعفر، فإن قتل
جعفر فابن رواحة، فتخلف ابن رواحة فجمع مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرآه فقال: ما خلفك؟ فقال: أجمع معك. قال: لغدوة أو روحة خير من الدنيا وما فيها.
وفي حديث بمعناه: لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها. فراح عبد الله منطلقاً.
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما نزلت " والشعراء يتبعهم الغاوون " قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله أني منهم، فأنزل الله عز وجل " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " حتى ختم الآية.
وعن ابن عباس: " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا " قال: أبو بكر وعمر وعلي وعبد الله بن رواحة.
وعن محمد بن سيرين قال: كان شعراء أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن مالك.
وعن حسن بن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن رواحة: ما الشعر؟ قال: شيء يختلج في صدر الرجل فيخرجه على لسانه شعراً. قال: فهل تستطيع أن تقول شيئاً الآن، فنظر في وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: نعم:
إني توسمت فيك الخير نافلةً ... والله يعلم أني ثابت البصر
ثبت الله ما آتاك من حسن ... تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا
قال عبد الله بن رواحة: مررت بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو جالس في نفر من أصحابه فأضب القوم: يا عبد الله بن رواحة، يا عبد الله بن رواحة، فعرفت أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعاني، فانطلقت إليهم مسرعاً، فسلمت فقال: ها هنا، فجلست بين يديه. فقال - كأنه يتعجب من شعري - فقال: كيف تقول الشعر إذا قلت؟ قلت: أنظر في ذلك ثم أقول فقال: فعليك بالمشركين. قال: ولم أكن أعددت شيئاً، فأنشدته، فلما قلت:
فخبروني أثمان العباء متى ... كنتم بطاريق أو دانت لكم مضر
قال: فكأني عرفت في وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكراهية أن جعلت قومه أثمان العباء فقلت:
نجالد الناس عن عرض فنأسرهم ... فينا النبي وفينا تنزل السور
وقد علمتم بأنا ليس يغلبنا ... حي من الناس إن غزوا وإن كثروا
يا هاشم الخير إن الله فضلكم ... على البرية فضلاً ماله غير
إني تفرست فيك الخير أعرفه ... فراسة خالفتهم في الذي نظروا
ولو سألت أو استنصرت بعضهم ... في جل أمرك ما آووا ولا نصروا
فثبت الله ما آتاك من حسن ... تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا
فأقبل علي بوجهه متبسماً ثم قال: وإياك فثبت الله.
قال: وأرسله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مؤتة ثالث ثلاثة أمراء: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب. فلما قتل صاحباه كره الإقدام فقال:
أقسمت يا نفس لتنزلنه
طائعةً أو لا لتكرهنه
وطالما قد كنت مطمئنه
ما لي أراك تكرهين الجنه
فقتل يومئذ.
وهجا سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه ثلاثة من كفار قريش أبو سفيان: ابن الحارث، وعمرو بن العاص، وابن الزبعري. فقال قائل لعلي: أهج عنا هؤلاء القوم الذين قد هجونا فقال علي: إن أذن لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلت. فقال الرجل: يا رسول الله، أتأذن لعلي كيما يهجو عنا هؤلاء القوم الذين قد هجونا؟ فقال: ليس هناك - أو: ليس عنده ذلك - ثم قال للأنصار: ما يمنع القوم الذين قد نصروا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسلاحهم وأنفسهم أن ينصروه بألسنتهم؟ فقال حسان بن ثابت: أنا لها يا رسول الله وأخذ بطرف لسانه فقال: والله ما يسرني به مقولاً بين بصرى وصنعاء. فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وكيف تهجوهم وأنا منهم؟ فقال: إني أسلك منهم كما تسل الشعرة من العجين. فكان يهجوهم ثلاثة من الأنصار يجيبونهم: حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة. فكان حسان بن ثابت وكعب بن مالك يعارضانهم بمثل قولهم بالوقائع والأيام والمآثر ويعيرانهم بالمثالب، وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر وينسبهم إلى الكفر، ويعلم أنه ليس فيهم شر من الكفر. قال: وكانوا في ذلك الزمان أشد القول عليهم قول حسان وكعب بن مالك، وأهون القول قول عبد الله بن رواحة. فلما أسلموا كان أشد القول عليهم قول عبد الله بن رواحة.
وعن أنس قال: دخل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة في عمرة القضاء وابن رواحة بين يديه وهو يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله
اليوم نضربكم على تأويله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله
فقال عمر: يا بن رواحة، في حرم الله وبين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقول هذا الشعر؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خل عنه يا عمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل.
وعن ابن عباس: أن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف بالبيت على بعير يستلم الركن بمحجن وعبد الله بن رواحة آخذ بغرزة يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله
خلوا فكل الخير مع رسوله
وفي أخر الأبيات:
يا رب إني مؤمن بقيله
فقال عمر بن الخطاب: أو ها هنا يا بن رواحة؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أو ما تعلمن أو لا تسمع ما قال؟ قال: فمكث ما شاء الله ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هيه، يا بن رواحة، قل لا إله إلا الله وحده، نصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
وقيل: إن ذلك خطأ، وإن ابن رواحة لم يحضر فتح مكة. قتل ابن رواحة بمؤته مع جعفر بن أبي طالب.
وقد روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل مكة في عمرة القضاء وكعب بن مالك بين يديه. قالوا: وهذا أصح عند بعض أهل العلم لأن عبد الله بن رواحة قتل يوم مؤته.
وعن البراء قال: رأيت رسول الله يوم الخندق ينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره، وهو
يرتجز برجز عبد الله بن رواحة، يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينةً علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا
وإن أرادوا فتنة أبينا
وفي حديث قيس بن أبي حازم قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن رواحة: انزل فحرك بنا التراب، فقال: يا رسول الله، لقد تركت قولي، فقال له عمر: اسمع وأطع قال: فنزل فقال هذا الرجز.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمعناه، وبعد الشعر: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارحمه، فقال عمر: وجبت.
وعن أبي هريرة أنه قال في قصصه، وهو يذكر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن أخاً لكم لا يقول الرفث، يعني: ابن رواحة قال:
وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا انشق معروف من الفجر ساطع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات أن ما قال واقع
ولما نزلت هذه الآية " وإن منكم إلا واردها " ذهب عبد الله بن رواحة إلى بيته فبكى فجاءت امرأته فبكت وجاءت الخادم فبكت، وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون. فلما انقطعت عبرته قال: يا أهلاه، ما الذي أبكاكم؟ قالوا: لا ندري، ولكن رأيناك بكيت فبكينا قال: إنه أنزلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آية ينبئني فيها ربي عز وجل أني وارد النار ولم ينبئني أني صادر عنها، فذلك الذي أبكاني.
وكتب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى زرعة بن سيف بن ذي يزن: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد. من محمد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى زرعة بن ذي يزن: إذا أتاكم رسلي فآمركم بهم خيراً: معاذ بن جبل، وابن رواحة، ومالك بن عبادة، وعتبة بن نيار.
وعن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم، فذكر الحديث، وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم كل عام فيخرصها عليهم، ثم يضمنهم الشطر فشكوا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شدة خرصه، وأرادوا أن يرشوه فقال: يا أعداء الله، تطعموني السحت، والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي وأنتم أبغض لي من عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض.
وفي حديث آخر: أنهم جمعوا حلياً من حلي نسائهم فقالوا: هذا لك وخفف عنا وتجاوز في القسم، فقال عبد الله بن رواحة: يا معشر يهود، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، وما ذلك بحاملي على أن أحيف عليكم، وأما الذي عرضتم علي من الرشوة فإنها سحت وإنا لا نأكلها. قالوا: بهذا قامت السماوات والأرض.
وعن أبي الدرداء أنه قال:
أعوذ بالله أن يأتي علي يوم لا أذكر فيه عبد الله بن رواحة، كان إذا لقيني مقبلاً ضرب
بين ثديي، وإذا لقيني مدبراً ضرب بين كتفي ثم يقول: يا عويمر، اجلس بنا فلنؤمن ساعة، فنجلس فنذكر الله ما شاء، ثم يقول: يا عويمر، هذه مجالس الإيمان، إن مثل الإيمان مثل قميصك، بينا أنت قد نزعته إذا لبسته، وبينا أنت قد لبسته إذا نزعته يا عويمر، للقلب أسرع تقلباً من القدر إذا استجمعت علياً.
كانت لعبد الله بن رواحة جارية يستسرها سراً عن أهله، فبصرت به امرأته يوماً قد خلا بها فقالت: لقد اخترت أمتك على حرتك فجاحدها ذلك: فقالت: فإن كنت صادقاً فاقرأ آية من القرآن - وفي رواية: وقد عهدته لا يقرأ القرآن وهو جنب - فقال:
شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا
قالت: فزدني آية أخرى، فقال:
وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا
فقالت: زدني آية أخرى، فقال:
وتحمله ملائكة كرام ... ملائكة الإله مقربينا
فقالت: آمنت بالله وكذبت البصر، فأتى ابن رواحة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحدثه، فضحك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يغير عليه - زاد في رواية أخرى: بمعناه، فقالت له: أما إذ قرأت القرآن فإني قد عرفت أنه مكذوب عليك.
فافتقدته ذات ليلة فلم تجده على فراشها فحبست نفسها، فلم تزل تطلبه حتى قدرت عليه في ناحية الدار، فقالت: الآن صدقت فيما بلغني؛ فجحدها فقالت: اقرأ الآيات من القرآن إن كنت صادقاً، فإنك إن كنت جنباً لم تقرأ، فقال:
وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا انشق معروف من الصبح ساطع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا ... له موقنات أن ما قال واقع
وأعلم علماً ليس بالظن أنني ... إلى الله محشور هناك وراجع
فحدث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك فاستضحك حتى رد يده على فيه وقال: هذا لعمري من معاريض الكلام، يغفر لك يا بن رواحة، إن خياركم خيركم لنسائكم. فأخبرني ما الذي ردت عليك حيث قلت ما قلت؟ قال: قالت لي: الله بيني وبينك، أما إذ قرأت القرآن فإني أتهم ظني وأصدقك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد وجدتها ذات فقه في الدين.
قال شريح: قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان يتمثل بشعر عبد الله بن رواحة ويقول:
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
كان زيد بن أرقم يتيماً في حجر عبد الله بن رواحة قال: فلم أر والي يتيم خيراً منه. خرج معه إلى مؤتة فحمله على حقيبة رحله وخرج به غازياً إلى مؤتة فسمعه زيد وهو يتمثل أبياته التي قال:
إذا أدنيتني وحملت رحلي ... مسيرة أربع بعد الحساء
فشأنك فانعمي وخلاك ذم ... ولا أرجع إلى أهلي ورائي
وجاء المؤمنون وغادروني ... بأرض الشام مشتهر الثواء
وردك كل ذي نسب قريب ... إلى الرحمن وانقطع الإخاء
هنالك لا أبالي طلع نخل ... ولا بغل أسافلها رواء
فلما سمعه زيد بكى فخفقه بالدرة وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة،
وترجع بين شعبتي الرحل، ولزيد بن أرقم يقول عبد الله بن رواحة:
يا زيد زيد اليعملات الذبل
تطاول الليل هديت فانزل
يرتجز. يقول: انزل، فسق بالقوم.
وفي حديث بمعناه: ثم نزله من الليل فصلى ركعتين ثم دعا فيهما دعاءً طويلاً ثم قال لي: يا غلام، فقلت: لبيك، قال: هي إن شاء الله الشهادة.
ومضى قوله: هنالك لا أبالي طلع نخل البيت. يقول: إذا استشهدت لم أبال ما تركت من عذي النخل وسقيه.
وعن عطاء بن أبي مسلم قال:
لما ودع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الله بن رواحة قال ابن رواحة: يا رسول الله، مرني بشيء أحفظه عنك قال: إنك قادم غداً بلداً، السجود فيه قليل، فأكثر السجود. قال عبد الله بن رواحة: زدني يا رسول الله، قال: اذكر الله فإنه عون لك على ما تطالب، فقام من عنده، حتى إذا مضى ذاهباً رجع إليه فقال: يا رسول الله، إن الله وتر يحب الوتر، قال: يا بن رواحة، ما عجزت فلا تعجزن إن أسأت عشراً أن تحسن واحدة، فقال ابن رواحة: لا أسألك عن شيء بعدها.
وعن ابن إسحاق قال: فلما أصيب قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما بلغني: أخذ زيد بن حارثة الراية فقاتل بها حتى قتل شهيداً؛ ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيداً، ثم صممت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى تغيرت وجوه الأنصار وظنوا أنه كان في عبد الله بن رواحة ما يكرهون، فقال: ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل شهيداً. ثم، لقد رفعوا لي في الجنة فيما يرى النائم على سرير من ذهب، فرأيت في سرير
عبد الله بن رواحة ازوراراً عن سريري صاحبيه فقلت: عم هذا؟ فقيل لي: مضيا وتردد عبد الله بعض التردد ثم مضى.
وقال عبد الله بن رواحة عند ذلك:
أقسمت يا نفس لتنزلنه
طائعة أولا لتكرهنه
إن أجلب الناس وشدوا الرنه
مالي أراك تكرهين الجنة
قد طالما قد كنت مطمئنة
هل أنت إلا نطفة في شنه
ثم نزل فقاتل حتى قتل. قال: وقد قال أيضاً:
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت
إن تفعلي فعلهما هديت
وإن تأخرت فقد شقيت
يريد جعفراً وزيداً، ونزل. فلما نزل أتاه ابن عمله بعرق لحم فقال: شد بهذا صلبك، فإنك قد لقيت أيامك هذه ما لقيت، فأخذه منه فنهس منه نهسة ثم سمع الحطمة في ناحية العسكر فقال: وأنت في الدنيا؟؟؟؟؟؟، فألقاه من يده ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل.
وعن الوليد قال: سمعت أنهم ساروا حتى إذا كانوا بناحية معان من أرض الشراة أخبروا أن الروم قد نذروا وجمعوا لهم جموعاً كثيرة من الروم وقضاعة وغيرهم من نصارى العرب، فاستشار زيد بن حارثة أصحابه فقالوا: قد وطئت البلاد وأخفت أهلها فانصرف فإنه لا يعدل العافية شيء، وعبد اله بن رواحة ساكت فسأله زيد عن رأيه فقال: إنا لم نسر إلى هذه البلاد ونحن نريد الغنائم ولكنا نريد لقاءهم ولسنا نقاتلهم بعدد ولا عدة، فالرأي المسير إليهم، فقبل زيد رأيه وسار إليهم.
فروي أن الراية لمل انتهت إلى عبد الله بن رواحة جاءه الشيطان فرغبه بالحياة وكره إليه الموت ثم تذكر فصاح بأولئك النفر الذين حضروا ذلك المجلس الذي بعث إليهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتلا عليهم " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص " أين ما كنتم عاهدتم الله عليه، قد جاء مصداقه. اصدقوا الله يصدقكم، قال: فجاوؤه يخبون كأنهم بقر نزعت من تحتها أولادها، فتقدموا بين يديه وأوتي ابن رواحة بلوح من ضلع وقد التاث جوعاً فرده وقال: هذا أدعه فيما أدعه من الدنيا، فشد عليهم وشدوا حتى شدخوا جميعأ.
وعن عروة بن الزبير من حديث قال: فإن أصيب عبد الله بن رواحة فليرتض المسلمون رجلاً فليجعلوه عليهم، فتجهز الناس وتهيؤوا للخروج، فودع الناس أمراء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلموا عليه، فلما ودع الناس أمراء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وودعوا عبد الله بن رواحة بكى قالوا: ما يبكيك يا بن رواحة؟؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة إليها، ولكني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ: " وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً " فلست أدري كيف لي
بالصدر بعد الورود؟ فقال المسلمون: صحبكم الله وردكم إلينا صالحين، ودفع عنكم، فقال ابن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة ... وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة ... بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقولوا إذا مروا على جدثي ... يا أرشد الله من غازٍ وقد رشدا
ثم أتى عبد الله بن رواحة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فودعه ثم قال:
ثبت الله ما آتاك من حسن ... تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا
إني تفرست فيك الخير نافلةً ... والله يعلم أني ثابت البصر
أنت الرسول فمن يحرم نوافله ... والوجه منه فقد أزرى به القدر
ثم خرج القوم حتى نزلوا بمعان فبلغهم أن هرقل قد نزل بمآب في مئة ألف من الروم ومئة ألف من المستعربة فأقاموا بمعان يومين، فقالوا: نبعث إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنخبره بكثرة عدونا، فإما أن يمدنا وإما أن يأمرنا أمراً. فشجع الناس عبد الله بن رواحة فقال: يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم إليها تطلبون: الشهادة. وما نقاتل الناس بعدد ولا كثرة وإنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به. فإن يظهرنا الله فربما فعل، وإن تكن الأخرى فهي الشهادة، وليست بشر المنزلتين. فقال الناس: والله لقد صدق ابن رواحة، فانشمر الناس وهم ثلاثة آلاف حتى لقوا جموع الروم وهم بقرية من قرى البلقاء يقال لها شراف، ثم انحاز المسلمون إلى مؤته: قرية فوق أحساء ابن مؤت.
ولما قتل جعفر بن أبي طالب دعا الناس: يا عبد الله بن رواحة، يا عبد الله بن رواحة، وهو في جانب العسكر ومعه ضلع حمل ينهسه ولم يكن ذاق طعاماً قبل ذلك بثلاث، فرمى بالضلع ثم قال: وأنت مع الدنيا؟، ثم تقدم فأصيب اصبعه فارتجز فجعل يقول:
هل أنت إلا اصبع دميت
وفي سبيل الله ما لقيت
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حياض الموت قد صليت
وما تمنيت فقد لقيت
إن تفعلي فعلهما هديت
وإن تأخرت فقد شقيت
ثم قال: يا نفس، إلى أي شيء تتوقين؟ إلى فلانة؟ فهي طالق بالثلاثة، وإلى فلان وفلان، غلمان له، وإلى معجف: حائط له، فهو لله ولرسوله:
يا نفس مالك تكرهين الجنه
أقسم بالله لتنزلنه
طائعةً أو لتكرهنه
فطالما قد كنت مطمئنه
هل أنت إلا نطفة في شنه
قد أجلب الناس وشدوا الرنه
قال مصعب بن شيبة: لما نزل ابن رواحة للقتال طعن، فاستقبل الدم بيده فدلك به وجهه ثم صرع بين الصفين، فجعل يقول: يا معشر المسلمين، ذبوا عن لحم أخيكم، فجعل المسلمون يحملون حتى يحوزوه، فلم يزالوا كذلك حتى مات مكانه.
وعن سعيد بن عبد العزيز قال: قال بعضهم حين بلغه قتل ابن رواحة: كان أولنا فصولاً وآخرنا قفولاً. كان يصلي الصلاة لوقتها.
وعن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعى إلى الناس - أو إلينا - جعفراً وابن رواحة وزيداً وعيناه تذرفان.
ولما قتل جعفر بمؤته أخذ الراية بعده عبد الله بن رواحة فاستشهد. قال: ثم دخل الجنة معترضاً، فشق ذلك على الأنصار فقالوا: يا رسول الله، ما اعتراضه؟ قال: لما أصابته الجراح نكل فعاتب نفسه فشجع فاستشهد فدخل الجنة، فسري عن قومه.
وكانت مؤته في جمادى الأول سنة ثمان من الهجرة.
ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك وفي نسبه خلاف أبو محمد ويقال: أبو رواحة، ويقال: أبو عمرو الأنصاري شهد بدراً، والعقبة، وهو أحد النقباء، وأحد الأمراء في غزوة مؤته واستشهد بها.
حدث عبد الله بن رواحة قال: كنت في غزاة، فتعجلت فانتهيت إلى الباب فإذا المصباح يتأجج، وإذا أنا بشيء أبيض، فاخترطت سيفي، ثم حركتها فأتيت المرأة، فقالت: إليك إليك، فلانة كانت عندي فمشطتني، فأتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته فنهى أن يطرق الرجل أهله ليلاً.
وحدث عبد الله بن رواحة قال: نهانا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب.
وكانت أم عبد الله بن رواحة كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة بن عامر بن زيد مناة. وكان عبد الله بن رواحة يكتب في الجاهلية، وكانت الكتابة في العرب قليلاً. وشهد عبد الله العقبة مع السبعين من الأنصار، وهو أحد النقباء الاثني عشر من الأنصار، وشهد بدراً، وأحداً، والخندق، والحديبية، وخيبر، وعمرة القضية. وقدمه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بدر يبشر أهل العالية بما فتح الله عليه، والعالية: بنو عمرو بن عوف وخطمة ووائل. واستخلفه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المدينة حين خرج إلى غزوة بدر الوعد، وبعثه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية في ثلاثين راكباً إلى أسير بن زارم اليهودي بخيبر فقتله، وبعثه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى خيبر خارصاً، فلم يزل يخرص عليهم إلى أن قتل بمؤته مع جعفر بن أبي طالب في قتال الروم سنة ثمان، وله في الإسلام مناقب وأيام.
قال قتيبة: ابن رواحة وأبو الدرداء أخوان لأم.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رحم الله ابن رواحة، كان أينما أدركته الصلاة أناخ.
وعن أنس قال: كنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر فأصابتنا مطر ورداغ، فأمرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نصلي على ظهور رواحلنا. قال: ففعلنا، ونزل ابن رواحة فصلى في الأرض. قال: فسعى به رجل من القوم فقال: يا رسول الله، أمرت الناس يصلون على ظهور رواحلهم ففعلوا، ونزل ابن رواحة فصلى في الأرض. قال: فبعث إليه فقال: ليأتينكم وقد لقي حجته. قال: فأتاه فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا بن رواحة، أمرت الناس أن يصلوا على ظهور رواحلهم، نزلت وصليت في الأرض! قال: فقال: يا رسول الله، لأنك تسعى في رقبة قد فكها الله، وإنما أنا نزلت لأسعى في رقبة لم تفك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألم أقل لكم إنه سيلقى حجته.
وحدث ضمرة ومهاجر ابنا حبيب قالا: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سرية، فأدركته الصلاة وهو على ظهر، فصلى رسول الله على ظهر، ونزل ابن رواحة فصلى بالأرض، ثم أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا بن رواحة، أرغبت عن صلاتي؟! قال: لست مثلك، إنك تسعى في عتق ونحن نسعى في رق، فلم يعب عليه ما صنع. قال: وخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سرية فصلى بأصحابه على ظهر، فاقتحم رجل من الناس فصلى على الأرض فقال: خالف خالف الله به، فما مات الرجل حتى خرج من الإسلام.
وعن أنس بن مالك قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحابه يقول: تعال نؤمن بربنا ساعة، فقال ذات يوم لرجل، فغضب الرجل، فجاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يرحم الله ابن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة عليهم السلام.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن عبد الله بن رواحة أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم وهو يخطب، فسمعه وهو يقول: " اجلسوا " فجلس مكانه خارجاً من المسجد حتى فرغ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خطبته، فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له: زادك الله حرصاً على طواعية الله وطواعية رسوله.
وحدث عمر بن ذر عن أبيه:
أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دفع إلى نفر من أصحابه فيهم عبد الله بن رواحة يذكرهم بالله. فلما رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سكت، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذكر أصحابك فقال: يا رسول الله، أنت أحق مني. قال: أما إنكم الذين أمرني الله أن أصبر نفسي معهم، ثم تلا عليهم: " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم " الآية إلى آخرها، قال: وما قعد عدتكم قط يذكرون الله إلا قعد معهم عددهم من الملائكة. فإن حمدوا الله حمدوه، وإن سبحوا الله سبحوه، وإن كبروا الله كبروه، وإن استغفروا الله أمنوا، ثم عرجوا إلى ربهم
فسألهم وهو أعلم منهم فقال: أين ومن أين؟ قالوا: ربنا، عبيد لك من أهل الأرض ذكروك فذكرناك. قال: ويقولون: ماذا؟ قالوا: ربنا حمدوك فقال: أول من عبد وآخر من حمد. قالوا: وسبحوك قال: مدحي لا ينبغي لأحد غيري. قالوا: ربنا كبروك قال: لي الكبرياء في السموات والأرض وأنا العزيز الحكيم. قالوا: ربنا استغفروك قال: إني أشهدكم أني قد غفرت لهم. قالوا: ربنا فيهم فلان وفلان قال: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
وعن أبي عمران الجوني: أن عبد الله بن رواحة أغمي عليه فأتاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: اللهم إن كان قد حضر أجله فيسر عليه، وإن لم يكن حضر أجله فاشفه. فوجد خفة فقال: يا رسول الله، أمي تقول: واجبلاه واظهراه، وملك قد رفع مرزبة من حديد ويقول: أنت كذا؟ فلو قلت نعم لقمعني بها.
وعن أبي الدرداء قال: إن كنا لنكون مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر في اليوم الحار الذي يضع أحدنا على رأسه من شدة الحر وما في القوم أحد صائم إلا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الله بن رواحة.
وفي حديث آخر مثله: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شهر رمضان.
وعن مجاهد قال: قوله تعالى: " لم تقولون ما لا تفعلون " إلى قوله: " صفاً كأنهم نيان مرصوص " في نفر من الأنصار، منهم عبد الله بن رواحة. قالوا في مجلس: لو تعلم أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل لعملنا به حتى نموت، فلما نزلت فيهم فقال عبد الله بن رواحة: لا أزال حبيساً في سبيل الله عز وجل حتى أموت، فقتل شهيداً، رحمة الله عليه.
وعن ابن عباس: في هذه الآية، يعني " ولأمة مؤمنة خير من مشركة " قال: نزلت في عبد الله بن رواحة، وكانت له أمة سوداء، وإنه غضب عليها فلطمها، ثم إنه فزع فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره خبرها، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما هي يا عبد الله؟ قال: هي تصوم، وتصلي، وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله، فقال: يا عبد الله هذه مؤمنة. فقال عبد الله: فوالذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها. ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا: نكح أمة، وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم. فأنزل الله تعالى فيهم: " ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم " الآية.
حدث معمر عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: تزوج، يعني: رجل امرأة عبد الله بن رواحة فقال لها: تدرين لم تزوجتك؟ لتخبريني عن صنيع عبد الله بن رواحة في بيته، فذكرت له شيئاً لا أحفظه، غير أنها قالت: كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين، وإذا دخل داره صلى ركعتين، وإذا دخل بيته صلى ركعتين، لا يدع ذلك أبداً، وكان ثابت لا يدع ذلك فيما ذكر لنا بعض من يخالط أهله، وفيما رأينا منه.
وعن ابن عباس قال: بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الله بن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة. قال: فقدم أصحابه وقال: أتخلف فأصلي مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجمعة ثم ألحقهم. قال: فلما صلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رآه فقال: ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟ قال: فقال: أردت أن أصلي معك الجمعة ثم ألحقهم. قال: فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت غدوتهم.
وعن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى مؤته. فاستعمل زيداً فإن قتل زيد فجعفر، فإن قتل
جعفر فابن رواحة، فتخلف ابن رواحة فجمع مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرآه فقال: ما خلفك؟ فقال: أجمع معك. قال: لغدوة أو روحة خير من الدنيا وما فيها.
وفي حديث بمعناه: لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها. فراح عبد الله منطلقاً.
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما نزلت " والشعراء يتبعهم الغاوون " قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله أني منهم، فأنزل الله عز وجل " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " حتى ختم الآية.
وعن ابن عباس: " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا " قال: أبو بكر وعمر وعلي وعبد الله بن رواحة.
وعن محمد بن سيرين قال: كان شعراء أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن مالك.
وعن حسن بن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن رواحة: ما الشعر؟ قال: شيء يختلج في صدر الرجل فيخرجه على لسانه شعراً. قال: فهل تستطيع أن تقول شيئاً الآن، فنظر في وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: نعم:
إني توسمت فيك الخير نافلةً ... والله يعلم أني ثابت البصر
ثبت الله ما آتاك من حسن ... تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا
قال عبد الله بن رواحة: مررت بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو جالس في نفر من أصحابه فأضب القوم: يا عبد الله بن رواحة، يا عبد الله بن رواحة، فعرفت أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعاني، فانطلقت إليهم مسرعاً، فسلمت فقال: ها هنا، فجلست بين يديه. فقال - كأنه يتعجب من شعري - فقال: كيف تقول الشعر إذا قلت؟ قلت: أنظر في ذلك ثم أقول فقال: فعليك بالمشركين. قال: ولم أكن أعددت شيئاً، فأنشدته، فلما قلت:
فخبروني أثمان العباء متى ... كنتم بطاريق أو دانت لكم مضر
قال: فكأني عرفت في وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكراهية أن جعلت قومه أثمان العباء فقلت:
نجالد الناس عن عرض فنأسرهم ... فينا النبي وفينا تنزل السور
وقد علمتم بأنا ليس يغلبنا ... حي من الناس إن غزوا وإن كثروا
يا هاشم الخير إن الله فضلكم ... على البرية فضلاً ماله غير
إني تفرست فيك الخير أعرفه ... فراسة خالفتهم في الذي نظروا
ولو سألت أو استنصرت بعضهم ... في جل أمرك ما آووا ولا نصروا
فثبت الله ما آتاك من حسن ... تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا
فأقبل علي بوجهه متبسماً ثم قال: وإياك فثبت الله.
قال: وأرسله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مؤتة ثالث ثلاثة أمراء: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب. فلما قتل صاحباه كره الإقدام فقال:
أقسمت يا نفس لتنزلنه
طائعةً أو لا لتكرهنه
وطالما قد كنت مطمئنه
ما لي أراك تكرهين الجنه
فقتل يومئذ.
وهجا سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه ثلاثة من كفار قريش أبو سفيان: ابن الحارث، وعمرو بن العاص، وابن الزبعري. فقال قائل لعلي: أهج عنا هؤلاء القوم الذين قد هجونا فقال علي: إن أذن لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلت. فقال الرجل: يا رسول الله، أتأذن لعلي كيما يهجو عنا هؤلاء القوم الذين قد هجونا؟ فقال: ليس هناك - أو: ليس عنده ذلك - ثم قال للأنصار: ما يمنع القوم الذين قد نصروا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسلاحهم وأنفسهم أن ينصروه بألسنتهم؟ فقال حسان بن ثابت: أنا لها يا رسول الله وأخذ بطرف لسانه فقال: والله ما يسرني به مقولاً بين بصرى وصنعاء. فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وكيف تهجوهم وأنا منهم؟ فقال: إني أسلك منهم كما تسل الشعرة من العجين. فكان يهجوهم ثلاثة من الأنصار يجيبونهم: حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة. فكان حسان بن ثابت وكعب بن مالك يعارضانهم بمثل قولهم بالوقائع والأيام والمآثر ويعيرانهم بالمثالب، وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر وينسبهم إلى الكفر، ويعلم أنه ليس فيهم شر من الكفر. قال: وكانوا في ذلك الزمان أشد القول عليهم قول حسان وكعب بن مالك، وأهون القول قول عبد الله بن رواحة. فلما أسلموا كان أشد القول عليهم قول عبد الله بن رواحة.
وعن أنس قال: دخل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة في عمرة القضاء وابن رواحة بين يديه وهو يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله
اليوم نضربكم على تأويله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله
فقال عمر: يا بن رواحة، في حرم الله وبين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقول هذا الشعر؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خل عنه يا عمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل.
وعن ابن عباس: أن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف بالبيت على بعير يستلم الركن بمحجن وعبد الله بن رواحة آخذ بغرزة يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله
خلوا فكل الخير مع رسوله
وفي أخر الأبيات:
يا رب إني مؤمن بقيله
فقال عمر بن الخطاب: أو ها هنا يا بن رواحة؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أو ما تعلمن أو لا تسمع ما قال؟ قال: فمكث ما شاء الله ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هيه، يا بن رواحة، قل لا إله إلا الله وحده، نصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
وقيل: إن ذلك خطأ، وإن ابن رواحة لم يحضر فتح مكة. قتل ابن رواحة بمؤته مع جعفر بن أبي طالب.
وقد روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل مكة في عمرة القضاء وكعب بن مالك بين يديه. قالوا: وهذا أصح عند بعض أهل العلم لأن عبد الله بن رواحة قتل يوم مؤته.
وعن البراء قال: رأيت رسول الله يوم الخندق ينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره، وهو
يرتجز برجز عبد الله بن رواحة، يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينةً علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا
وإن أرادوا فتنة أبينا
وفي حديث قيس بن أبي حازم قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن رواحة: انزل فحرك بنا التراب، فقال: يا رسول الله، لقد تركت قولي، فقال له عمر: اسمع وأطع قال: فنزل فقال هذا الرجز.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمعناه، وبعد الشعر: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارحمه، فقال عمر: وجبت.
وعن أبي هريرة أنه قال في قصصه، وهو يذكر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن أخاً لكم لا يقول الرفث، يعني: ابن رواحة قال:
وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا انشق معروف من الفجر ساطع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات أن ما قال واقع
ولما نزلت هذه الآية " وإن منكم إلا واردها " ذهب عبد الله بن رواحة إلى بيته فبكى فجاءت امرأته فبكت وجاءت الخادم فبكت، وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون. فلما انقطعت عبرته قال: يا أهلاه، ما الذي أبكاكم؟ قالوا: لا ندري، ولكن رأيناك بكيت فبكينا قال: إنه أنزلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آية ينبئني فيها ربي عز وجل أني وارد النار ولم ينبئني أني صادر عنها، فذلك الذي أبكاني.
وكتب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى زرعة بن سيف بن ذي يزن: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد. من محمد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى زرعة بن ذي يزن: إذا أتاكم رسلي فآمركم بهم خيراً: معاذ بن جبل، وابن رواحة، ومالك بن عبادة، وعتبة بن نيار.
وعن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم، فذكر الحديث، وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم كل عام فيخرصها عليهم، ثم يضمنهم الشطر فشكوا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شدة خرصه، وأرادوا أن يرشوه فقال: يا أعداء الله، تطعموني السحت، والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي وأنتم أبغض لي من عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض.
وفي حديث آخر: أنهم جمعوا حلياً من حلي نسائهم فقالوا: هذا لك وخفف عنا وتجاوز في القسم، فقال عبد الله بن رواحة: يا معشر يهود، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، وما ذلك بحاملي على أن أحيف عليكم، وأما الذي عرضتم علي من الرشوة فإنها سحت وإنا لا نأكلها. قالوا: بهذا قامت السماوات والأرض.
وعن أبي الدرداء أنه قال:
أعوذ بالله أن يأتي علي يوم لا أذكر فيه عبد الله بن رواحة، كان إذا لقيني مقبلاً ضرب
بين ثديي، وإذا لقيني مدبراً ضرب بين كتفي ثم يقول: يا عويمر، اجلس بنا فلنؤمن ساعة، فنجلس فنذكر الله ما شاء، ثم يقول: يا عويمر، هذه مجالس الإيمان، إن مثل الإيمان مثل قميصك، بينا أنت قد نزعته إذا لبسته، وبينا أنت قد لبسته إذا نزعته يا عويمر، للقلب أسرع تقلباً من القدر إذا استجمعت علياً.
كانت لعبد الله بن رواحة جارية يستسرها سراً عن أهله، فبصرت به امرأته يوماً قد خلا بها فقالت: لقد اخترت أمتك على حرتك فجاحدها ذلك: فقالت: فإن كنت صادقاً فاقرأ آية من القرآن - وفي رواية: وقد عهدته لا يقرأ القرآن وهو جنب - فقال:
شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا
قالت: فزدني آية أخرى، فقال:
وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا
فقالت: زدني آية أخرى، فقال:
وتحمله ملائكة كرام ... ملائكة الإله مقربينا
فقالت: آمنت بالله وكذبت البصر، فأتى ابن رواحة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحدثه، فضحك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يغير عليه - زاد في رواية أخرى: بمعناه، فقالت له: أما إذ قرأت القرآن فإني قد عرفت أنه مكذوب عليك.
فافتقدته ذات ليلة فلم تجده على فراشها فحبست نفسها، فلم تزل تطلبه حتى قدرت عليه في ناحية الدار، فقالت: الآن صدقت فيما بلغني؛ فجحدها فقالت: اقرأ الآيات من القرآن إن كنت صادقاً، فإنك إن كنت جنباً لم تقرأ، فقال:
وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا انشق معروف من الصبح ساطع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا ... له موقنات أن ما قال واقع
وأعلم علماً ليس بالظن أنني ... إلى الله محشور هناك وراجع
فحدث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك فاستضحك حتى رد يده على فيه وقال: هذا لعمري من معاريض الكلام، يغفر لك يا بن رواحة، إن خياركم خيركم لنسائكم. فأخبرني ما الذي ردت عليك حيث قلت ما قلت؟ قال: قالت لي: الله بيني وبينك، أما إذ قرأت القرآن فإني أتهم ظني وأصدقك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد وجدتها ذات فقه في الدين.
قال شريح: قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان يتمثل بشعر عبد الله بن رواحة ويقول:
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
كان زيد بن أرقم يتيماً في حجر عبد الله بن رواحة قال: فلم أر والي يتيم خيراً منه. خرج معه إلى مؤتة فحمله على حقيبة رحله وخرج به غازياً إلى مؤتة فسمعه زيد وهو يتمثل أبياته التي قال:
إذا أدنيتني وحملت رحلي ... مسيرة أربع بعد الحساء
فشأنك فانعمي وخلاك ذم ... ولا أرجع إلى أهلي ورائي
وجاء المؤمنون وغادروني ... بأرض الشام مشتهر الثواء
وردك كل ذي نسب قريب ... إلى الرحمن وانقطع الإخاء
هنالك لا أبالي طلع نخل ... ولا بغل أسافلها رواء
فلما سمعه زيد بكى فخفقه بالدرة وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة،
وترجع بين شعبتي الرحل، ولزيد بن أرقم يقول عبد الله بن رواحة:
يا زيد زيد اليعملات الذبل
تطاول الليل هديت فانزل
يرتجز. يقول: انزل، فسق بالقوم.
وفي حديث بمعناه: ثم نزله من الليل فصلى ركعتين ثم دعا فيهما دعاءً طويلاً ثم قال لي: يا غلام، فقلت: لبيك، قال: هي إن شاء الله الشهادة.
ومضى قوله: هنالك لا أبالي طلع نخل البيت. يقول: إذا استشهدت لم أبال ما تركت من عذي النخل وسقيه.
وعن عطاء بن أبي مسلم قال:
لما ودع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الله بن رواحة قال ابن رواحة: يا رسول الله، مرني بشيء أحفظه عنك قال: إنك قادم غداً بلداً، السجود فيه قليل، فأكثر السجود. قال عبد الله بن رواحة: زدني يا رسول الله، قال: اذكر الله فإنه عون لك على ما تطالب، فقام من عنده، حتى إذا مضى ذاهباً رجع إليه فقال: يا رسول الله، إن الله وتر يحب الوتر، قال: يا بن رواحة، ما عجزت فلا تعجزن إن أسأت عشراً أن تحسن واحدة، فقال ابن رواحة: لا أسألك عن شيء بعدها.
وعن ابن إسحاق قال: فلما أصيب قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما بلغني: أخذ زيد بن حارثة الراية فقاتل بها حتى قتل شهيداً؛ ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيداً، ثم صممت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى تغيرت وجوه الأنصار وظنوا أنه كان في عبد الله بن رواحة ما يكرهون، فقال: ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل شهيداً. ثم، لقد رفعوا لي في الجنة فيما يرى النائم على سرير من ذهب، فرأيت في سرير
عبد الله بن رواحة ازوراراً عن سريري صاحبيه فقلت: عم هذا؟ فقيل لي: مضيا وتردد عبد الله بعض التردد ثم مضى.
وقال عبد الله بن رواحة عند ذلك:
أقسمت يا نفس لتنزلنه
طائعة أولا لتكرهنه
إن أجلب الناس وشدوا الرنه
مالي أراك تكرهين الجنة
قد طالما قد كنت مطمئنة
هل أنت إلا نطفة في شنه
ثم نزل فقاتل حتى قتل. قال: وقد قال أيضاً:
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت
إن تفعلي فعلهما هديت
وإن تأخرت فقد شقيت
يريد جعفراً وزيداً، ونزل. فلما نزل أتاه ابن عمله بعرق لحم فقال: شد بهذا صلبك، فإنك قد لقيت أيامك هذه ما لقيت، فأخذه منه فنهس منه نهسة ثم سمع الحطمة في ناحية العسكر فقال: وأنت في الدنيا؟؟؟؟؟؟، فألقاه من يده ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل.
وعن الوليد قال: سمعت أنهم ساروا حتى إذا كانوا بناحية معان من أرض الشراة أخبروا أن الروم قد نذروا وجمعوا لهم جموعاً كثيرة من الروم وقضاعة وغيرهم من نصارى العرب، فاستشار زيد بن حارثة أصحابه فقالوا: قد وطئت البلاد وأخفت أهلها فانصرف فإنه لا يعدل العافية شيء، وعبد اله بن رواحة ساكت فسأله زيد عن رأيه فقال: إنا لم نسر إلى هذه البلاد ونحن نريد الغنائم ولكنا نريد لقاءهم ولسنا نقاتلهم بعدد ولا عدة، فالرأي المسير إليهم، فقبل زيد رأيه وسار إليهم.
فروي أن الراية لمل انتهت إلى عبد الله بن رواحة جاءه الشيطان فرغبه بالحياة وكره إليه الموت ثم تذكر فصاح بأولئك النفر الذين حضروا ذلك المجلس الذي بعث إليهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتلا عليهم " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص " أين ما كنتم عاهدتم الله عليه، قد جاء مصداقه. اصدقوا الله يصدقكم، قال: فجاوؤه يخبون كأنهم بقر نزعت من تحتها أولادها، فتقدموا بين يديه وأوتي ابن رواحة بلوح من ضلع وقد التاث جوعاً فرده وقال: هذا أدعه فيما أدعه من الدنيا، فشد عليهم وشدوا حتى شدخوا جميعأ.
وعن عروة بن الزبير من حديث قال: فإن أصيب عبد الله بن رواحة فليرتض المسلمون رجلاً فليجعلوه عليهم، فتجهز الناس وتهيؤوا للخروج، فودع الناس أمراء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلموا عليه، فلما ودع الناس أمراء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وودعوا عبد الله بن رواحة بكى قالوا: ما يبكيك يا بن رواحة؟؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة إليها، ولكني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ: " وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً " فلست أدري كيف لي
بالصدر بعد الورود؟ فقال المسلمون: صحبكم الله وردكم إلينا صالحين، ودفع عنكم، فقال ابن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة ... وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة ... بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقولوا إذا مروا على جدثي ... يا أرشد الله من غازٍ وقد رشدا
ثم أتى عبد الله بن رواحة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فودعه ثم قال:
ثبت الله ما آتاك من حسن ... تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا
إني تفرست فيك الخير نافلةً ... والله يعلم أني ثابت البصر
أنت الرسول فمن يحرم نوافله ... والوجه منه فقد أزرى به القدر
ثم خرج القوم حتى نزلوا بمعان فبلغهم أن هرقل قد نزل بمآب في مئة ألف من الروم ومئة ألف من المستعربة فأقاموا بمعان يومين، فقالوا: نبعث إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنخبره بكثرة عدونا، فإما أن يمدنا وإما أن يأمرنا أمراً. فشجع الناس عبد الله بن رواحة فقال: يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم إليها تطلبون: الشهادة. وما نقاتل الناس بعدد ولا كثرة وإنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به. فإن يظهرنا الله فربما فعل، وإن تكن الأخرى فهي الشهادة، وليست بشر المنزلتين. فقال الناس: والله لقد صدق ابن رواحة، فانشمر الناس وهم ثلاثة آلاف حتى لقوا جموع الروم وهم بقرية من قرى البلقاء يقال لها شراف، ثم انحاز المسلمون إلى مؤته: قرية فوق أحساء ابن مؤت.
ولما قتل جعفر بن أبي طالب دعا الناس: يا عبد الله بن رواحة، يا عبد الله بن رواحة، وهو في جانب العسكر ومعه ضلع حمل ينهسه ولم يكن ذاق طعاماً قبل ذلك بثلاث، فرمى بالضلع ثم قال: وأنت مع الدنيا؟، ثم تقدم فأصيب اصبعه فارتجز فجعل يقول:
هل أنت إلا اصبع دميت
وفي سبيل الله ما لقيت
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حياض الموت قد صليت
وما تمنيت فقد لقيت
إن تفعلي فعلهما هديت
وإن تأخرت فقد شقيت
ثم قال: يا نفس، إلى أي شيء تتوقين؟ إلى فلانة؟ فهي طالق بالثلاثة، وإلى فلان وفلان، غلمان له، وإلى معجف: حائط له، فهو لله ولرسوله:
يا نفس مالك تكرهين الجنه
أقسم بالله لتنزلنه
طائعةً أو لتكرهنه
فطالما قد كنت مطمئنه
هل أنت إلا نطفة في شنه
قد أجلب الناس وشدوا الرنه
قال مصعب بن شيبة: لما نزل ابن رواحة للقتال طعن، فاستقبل الدم بيده فدلك به وجهه ثم صرع بين الصفين، فجعل يقول: يا معشر المسلمين، ذبوا عن لحم أخيكم، فجعل المسلمون يحملون حتى يحوزوه، فلم يزالوا كذلك حتى مات مكانه.
وعن سعيد بن عبد العزيز قال: قال بعضهم حين بلغه قتل ابن رواحة: كان أولنا فصولاً وآخرنا قفولاً. كان يصلي الصلاة لوقتها.
وعن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعى إلى الناس - أو إلينا - جعفراً وابن رواحة وزيداً وعيناه تذرفان.
ولما قتل جعفر بمؤته أخذ الراية بعده عبد الله بن رواحة فاستشهد. قال: ثم دخل الجنة معترضاً، فشق ذلك على الأنصار فقالوا: يا رسول الله، ما اعتراضه؟ قال: لما أصابته الجراح نكل فعاتب نفسه فشجع فاستشهد فدخل الجنة، فسري عن قومه.
وكانت مؤته في جمادى الأول سنة ثمان من الهجرة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86346&book=5545#00f289
عبد الله بن أبي بكر الصديق محمد عن ابن جريج وهو الصواب.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86346&book=5545#6d2316
عبد الله بن أبى بكر الصديق كان يقيم بالمدينة مدة بمكة زمانا فهو ممن قطن الحرمين معا وله بها دور وأموال
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86346&book=5545#34fd14
عبد الله بن أبي بكر الصديق
ب د ع: عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بكر الصديق، واسم أَبِي بكر عَبْد اللَّهِ بْن عثمان، يذكر فيمن اسم أبيه عَبْد اللَّهِ إن شاء اللَّه تعالى.
أخرجه ههنا الثلاثة.
ب د ع: عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بكر الصديق، واسم أَبِي بكر عَبْد اللَّهِ بْن عثمان، يذكر فيمن اسم أبيه عَبْد اللَّهِ إن شاء اللَّه تعالى.
أخرجه ههنا الثلاثة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86346&book=5545#f5fdfa
عبد الله بن أبى بكر الصديق ممن أسلم بمكة وكان ممن يختلف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبيه ليالى الغار فيكون عندهما بالليل ويأتيهما بالخبر وبما يكتادان به ثم يدلج إلى مكة فيصبح
كبائت بها توفى بالمدينة قبل أبى بكر الصديق رضه وعن أبيه وعن جميع المؤمنين
كبائت بها توفى بالمدينة قبل أبى بكر الصديق رضه وعن أبيه وعن جميع المؤمنين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86346&book=5545#5bb3d4
عبد الله بْن أَبِي بَكْر الصديق رضى الله عَنْهُمَا
أمه وأم أَسْمَاء واحدة، امرأة من بني عَامِر بْن لؤي، سمى أَبِيهِ، شهد عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْر الطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمي بسهم، رماه بِهِ أَبُو محجن الثقفي فيما ذكر الْوَاقِدِيّ، فدمل جرحه حَتَّى انتقض به فمات منه في أول خلافة أَبِيهِ، وذلك فِي شوال من سنة إحدى عشرة، وَكَانَ إسلامه قديما، ولم يسمع لَهُ بمشهد إلا شهوده الْفَتْح وحنينا والطائف، والله أعلم.
وَكَانَ قد ابتاع الحلة التي أرادوا دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بتسعة دنانير، ليكفن فيها، فلما حضرته الوفاة قَالَ: لا تكفنوني فيها، فلو كَانَ فيها خير كفن فيها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودفن بعد الظهر، وصلى عَلَيْهِ أبوه، ونزل فِي قبره عُمَر، وطلحة، وعبد الرحمن أخوه، رَضِيَ اللَّهُ عنهم.
أمه وأم أَسْمَاء واحدة، امرأة من بني عَامِر بْن لؤي، سمى أَبِيهِ، شهد عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْر الطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمي بسهم، رماه بِهِ أَبُو محجن الثقفي فيما ذكر الْوَاقِدِيّ، فدمل جرحه حَتَّى انتقض به فمات منه في أول خلافة أَبِيهِ، وذلك فِي شوال من سنة إحدى عشرة، وَكَانَ إسلامه قديما، ولم يسمع لَهُ بمشهد إلا شهوده الْفَتْح وحنينا والطائف، والله أعلم.
وَكَانَ قد ابتاع الحلة التي أرادوا دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بتسعة دنانير، ليكفن فيها، فلما حضرته الوفاة قَالَ: لا تكفنوني فيها، فلو كَانَ فيها خير كفن فيها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودفن بعد الظهر، وصلى عَلَيْهِ أبوه، ونزل فِي قبره عُمَر، وطلحة، وعبد الرحمن أخوه، رَضِيَ اللَّهُ عنهم.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86346&book=5545#e89d94
عبد الله بن أبي بكر الصديق
قال محمد بن سعد: رمي عبد الله بن أبي بكر يوم الطائف بسهم فاندمل الجرح ثم انتفض بعد ذلك فتوفي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال سنة إحدى عشرة من الهجرة في خلافة أبي بكر ونزل في قبره عمر وطلحة وعبد الرحمن بن أبي بكر وكان يعد من شهداء الطائف وليس له عقب.
- حدثنا أحمد بن محمد القاضي نا عثمان بن الهيثم المؤذن نا
الهيثم بن الأشعث عن الهيثم أبي محمد الأسلمي عن محمد بن عمارة الأنصاري عن جهم بن عثمان بن أبي جهم السلمي عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن عبد الله بن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا بلغ المرء المسلم أربعين سنة صرف الله عنه ثلاثة أنواع من البلاء: الجنون والجذام والبرص وإذا بلغ خمسين سنة خفف الله عنه ذنوبه فإذا بلغ ستين سنة رزقه الله تعالى الإنابة إليه فإذا بلغ سبعين سنة أحبه أهل السماء فإذا بلغ ثمانين سنة أثبتت حسناته ومحيت سيئاته فإذا بلغ تسعين سنة غفر الله له ذنبه ما تقدم منه وما تأخر وكان أسير الله في الأرض وشفيعا لأهل بيته يوم القيامة.
قال أبو القاسم: ولا أعلم لعبد الله بن أبي بكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث وفي إسناده ضعف وإرسال.
قال محمد بن سعد: رمي عبد الله بن أبي بكر يوم الطائف بسهم فاندمل الجرح ثم انتفض بعد ذلك فتوفي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال سنة إحدى عشرة من الهجرة في خلافة أبي بكر ونزل في قبره عمر وطلحة وعبد الرحمن بن أبي بكر وكان يعد من شهداء الطائف وليس له عقب.
- حدثنا أحمد بن محمد القاضي نا عثمان بن الهيثم المؤذن نا
الهيثم بن الأشعث عن الهيثم أبي محمد الأسلمي عن محمد بن عمارة الأنصاري عن جهم بن عثمان بن أبي جهم السلمي عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن عبد الله بن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا بلغ المرء المسلم أربعين سنة صرف الله عنه ثلاثة أنواع من البلاء: الجنون والجذام والبرص وإذا بلغ خمسين سنة خفف الله عنه ذنوبه فإذا بلغ ستين سنة رزقه الله تعالى الإنابة إليه فإذا بلغ سبعين سنة أحبه أهل السماء فإذا بلغ ثمانين سنة أثبتت حسناته ومحيت سيئاته فإذا بلغ تسعين سنة غفر الله له ذنبه ما تقدم منه وما تأخر وكان أسير الله في الأرض وشفيعا لأهل بيته يوم القيامة.
قال أبو القاسم: ولا أعلم لعبد الله بن أبي بكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث وفي إسناده ضعف وإرسال.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86346&book=5545#635768
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْمُؤَذِّنُ، نا أَبِي الْهَيْثَمُ بْنُ الْأَشْعَثِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ السُّلَمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْجَهْمِ بْنِ أَبِي جُهَيْمَةَ السُّلَمِيِّ، عَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا بَلَغَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ أَرْبَعِينَ سَنَةً صُرِفَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْبَلَاءِ: الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ , فَإِذَا بَلَغَ خَمْسِينَ خُفِّفَ عَنْهُ ذُنُوبُهُ , فَإِذَا بَلَغَ سِتِّينَ رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِنَابَةَ إِلَيْهِ , فَإِذَا بَلَغَ سَبْعِينَ أَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ , فَإِذَا بَلَغَ ثَمَانِينَ أُثْبِتَتْ حَسَنَاتُهُ , وَمُحِيَتْ سَيِّئَاتُهُ , فَإِذَا بَلَغَ تِسْعِينَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ , وَسُمِّيَ أَسِيرَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ , وَشَفَعَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ "
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، نا مُسَدَّدٌ، نا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ جَارِيَةٍ بَكْرٍ وَزَوْجِهَا , زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ , وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا زَوَّجَ أَحَدًا مِنْ بَنَاتِهِ أَتَى خِدْرَهَا فَقَالَ: «إِنَّ فُلَانًا يَذْكُرُ فُلَانَةَ»
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْمُؤَذِّنُ، نا أَبِي الْهَيْثَمُ بْنُ الْأَشْعَثِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ السُّلَمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْجَهْمِ بْنِ أَبِي جُهَيْمَةَ السُّلَمِيِّ، عَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا بَلَغَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ أَرْبَعِينَ سَنَةً صُرِفَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْبَلَاءِ: الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ , فَإِذَا بَلَغَ خَمْسِينَ خُفِّفَ عَنْهُ ذُنُوبُهُ , فَإِذَا بَلَغَ سِتِّينَ رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِنَابَةَ إِلَيْهِ , فَإِذَا بَلَغَ سَبْعِينَ أَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ , فَإِذَا بَلَغَ ثَمَانِينَ أُثْبِتَتْ حَسَنَاتُهُ , وَمُحِيَتْ سَيِّئَاتُهُ , فَإِذَا بَلَغَ تِسْعِينَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ , وَسُمِّيَ أَسِيرَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ , وَشَفَعَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ "
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، نا مُسَدَّدٌ، نا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ جَارِيَةٍ بَكْرٍ وَزَوْجِهَا , زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ , وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا زَوَّجَ أَحَدًا مِنْ بَنَاتِهِ أَتَى خِدْرَهَا فَقَالَ: «إِنَّ فُلَانًا يَذْكُرُ فُلَانَةَ»
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86346&book=5545#56968e
عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَاهُ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ بِزَادِهِمَا وَأَخْبَارِ مَكَّةَ كُلَّ لَيْلَةٍ، رُمِيَ يَوْمَ الطَّائِفِ بِسَهْمٍ فَلَمْ يَزَلْ يَتَعَاهَدُهُ حَتَّى مَاتَ بِالْمَدِينَةِ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ أَبِيهِ، ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقُتِلَ يَوْمَ الطَّائِفِ وَوَهِمَ إِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ
- حَدَّثَنَا فَارُوقُ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ، ثنا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الطَّائِفِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رُمِيَ يَوْمَئِذٍ بِسَهْمٍ فَلَمْ يَزَلْ يَتَعَاهَدُهُ حَتَّى تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ إِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
- حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فِي تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الطَّائِفِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رُمِيَ بِسَهْمٍ فَمَاتَ مِنْهُ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّازَّقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَلَحِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: ثَوْرٌ، فَمَكَثَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ لَقِزٌ لَقِفٌ، فَيَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكَادَانِ بِهِ، إِلَّا وَعَاهُ حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ
- حَدَّثَنَا فَارُوقُ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ، ثنا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الطَّائِفِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رُمِيَ يَوْمَئِذٍ بِسَهْمٍ فَلَمْ يَزَلْ يَتَعَاهَدُهُ حَتَّى تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ إِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
- حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فِي تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الطَّائِفِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رُمِيَ بِسَهْمٍ فَمَاتَ مِنْهُ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّازَّقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَلَحِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: ثَوْرٌ، فَمَكَثَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ لَقِزٌ لَقِفٌ، فَيَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكَادَانِ بِهِ، إِلَّا وَعَاهُ حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86346&book=5545#1bacd6
عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ الْأَشْعَثِ، عَنِ الْهَيْثَمِ أَبِي مُحَمَّدٍ السُّلَمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْجَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا بَلَغَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ أَرْبَعِينَ سَنَةً صَرْفَ اللهُ عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْبَلَاءِ: الْجُنُونَ، وَالْجُذَامَ، وَالْبَرَصَ، وَإِذَا بَلَغَ خَمْسِينَ سَنَةً خَفَّفَ اللهُ عَنْهُ ذُنُوبَهُ، فَإِذَا بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً رَزَقَهُ اللهُ الْإِنَابَةَ، وَإِذَا بَلَغَ سَبْعِينَ سَنَةً أَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَإِذَا بَلَغَ ثَمَانِينَ سَنَةً أَثْبَتَ اللهُ حَسَنَاتِهِ، وَمُحِيَتْ سَيِّئَاتُهُ، وَإِذَا بَلَغَ تِسْعِينَ سَنَةً غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَكَانَ أَسِيرَ اللهِ فِي الْأَرْضِ، وَشَفَعَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ "
- حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا عُثْمَانُ، مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَهْمَ، وَقَالَ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَرَوَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، عَنْ شَيْخٍ لَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلَفٍ، عَنْ عُثْمَانَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْهَيْثَمَ بْنَ الْأَشْعَثِ، وَقَالَ: عَنْ جَهْمٍ، عَنْ عُثْمَانَ السُّلَمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْقَطَرِيُّ، وَزُفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي جَمَاعَةٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْجَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ: عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَرْدَمٍ، وَعَمْرُو بْنُ أَوْسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ الْأَشْعَثِ، عَنِ الْهَيْثَمِ أَبِي مُحَمَّدٍ السُّلَمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْجَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا بَلَغَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ أَرْبَعِينَ سَنَةً صَرْفَ اللهُ عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْبَلَاءِ: الْجُنُونَ، وَالْجُذَامَ، وَالْبَرَصَ، وَإِذَا بَلَغَ خَمْسِينَ سَنَةً خَفَّفَ اللهُ عَنْهُ ذُنُوبَهُ، فَإِذَا بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً رَزَقَهُ اللهُ الْإِنَابَةَ، وَإِذَا بَلَغَ سَبْعِينَ سَنَةً أَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَإِذَا بَلَغَ ثَمَانِينَ سَنَةً أَثْبَتَ اللهُ حَسَنَاتِهِ، وَمُحِيَتْ سَيِّئَاتُهُ، وَإِذَا بَلَغَ تِسْعِينَ سَنَةً غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَكَانَ أَسِيرَ اللهِ فِي الْأَرْضِ، وَشَفَعَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ "
- حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا عُثْمَانُ، مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَهْمَ، وَقَالَ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَرَوَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، عَنْ شَيْخٍ لَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلَفٍ، عَنْ عُثْمَانَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْهَيْثَمَ بْنَ الْأَشْعَثِ، وَقَالَ: عَنْ جَهْمٍ، عَنْ عُثْمَانَ السُّلَمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْقَطَرِيُّ، وَزُفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي جَمَاعَةٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْجَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ: عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَرْدَمٍ، وَعَمْرُو بْنُ أَوْسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=123841&book=5545#3e5bf1
عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسِ بْنِ حَرَامٍ الْجُهَنِيُّ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ، عِدَادُهُ فِي الْأَنْصَارِ حَلِيفُ بَنِي نَابِي بْنِ عَمْرِو بْنِ سَوَادَةَ، عَقَبِيٌّ بَدْرِيٌّ يُكْنَى: أَبَا يَحْيَى، بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً وَحْدَهُ إِلَى خَالِدِ بْنِ تَيْجٍ الْهُذَلِيِّ، وَقِيلَ: سُفْيَانُ الْهُذَلِيُّ فَقَتَلَهُ وَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِخْصَرَهُ وَقَالَ: «تَخَصَّرْ بِهَذِهِ حَتَّى تَلْقَانِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَدُفِنَتْ مَعَهُ يَوْمَ دُفِنَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ أَحَدُ النَّفْرِ الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَهُوَ أَحَدُ الَّذِينَ كَسَّرُوا آلِهَةَ بَنِي سَلَمَةَ، كَانَ يَنْزِلُ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى بُرَيْدٍ، وَشَجَّهُ بَعْضُ الْيَهُودِ فِي وَجْهِهِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَفَلَ فِيهَا فَلَمْ يَتَأَذَّ بِهَا، رَوَى عَنْهُ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو أُمَامَةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ غَيْرُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: الْأَنْصَارِيُّ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فِي الْقِصَاصِ، وَلَيْسَ الْجُهَنِيَّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَوْلَادُهُ فِي نُزُولِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَفَرَّقَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَهُمَا فَجَعَلَهُمَا تَرْجَمَتَيْنِ، وَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا وَخَرَّجْنَا عَنْهُمَا مَا خَرَّجَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ح وَحَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَا: ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَكِّيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَمْ أَسْمَعْهُ فَابْتَعْتُ بَعِيرًا فَشَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي فَسِرْتُ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ، فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُنَيْسٍ فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ، فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَأَتَانِي فَقَالَ لِي، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَرَجَعَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَامَ يَطَأُ ثَوْبَهُ حَتَّى لَقِيَنِي فَاعْتَنَقَنِي فَقُلْتُ: حَدِيثًا بَلَغَنِي عَنْكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَسْمَعْهُ خَشِيتُ أَنْ تَمُوتَ، أَوْ أَمُوتَ وَلَمْ أَسْمَعْهُ قَالَ: سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَحْشُرُ اللهُ الْعِبَادَ - أَوْ قَالَ - النَّاسَ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمَا» قُلْنَا: وَمَا بُهْمَا؟ قَالَ: " لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِكُ الدَّيَّانُ، لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارِ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ حَتَّى أَقْتَصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةَ " قِيلَ: كَيْفَ وَإِنَّمَا نَأْتِي اللهَ عُرَاةٌ غُرْلًا بُهْمًا؟ قَالَ: «بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ» رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنِ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ، ثنا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا ثُمَّ أُرَانِي صَبِيحَتَهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ» فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ، وَإِنَّ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ لَفِي أَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَنْزِلُ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَأَبُو ضَمْرَةَ فِي آخَرِينَ، عَنِ الضَّحَّاكِ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُصْعَبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، قَالَ: كُنَّا نَتَدَارَأُ فِي رَمَضَانَ، وَنَكْرَهُ أَنْ تَفُوتَنَا هَذِهِ اللَّيْلَةُ، فَأَرْسَلُونِي وَكُنْتُ أَحْدَثَهُمْ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَأْمُرَنَا بِلَيْلَةٍ نَنْزِلُهَا فَقَالَ: " انْزِلُوا لَيْلَةَ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ فَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَنْزِلُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، فَإِذَا أَصْبَحَ رَجَعَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا عَبْدَ اللهِ بْنَ أُنَيْسٍ يَقُولُ نَحْوَهُ رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُخَرِّمِيُّ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ مِثْلَهُ، وَرَوَاهُ بِلَالٌ وَعَمْرٌو ابْنَا عَبْدِ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ، عَنْ أَسْمَاءَ كَرِوَايَةِ أَخِيهَا ضَمْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ، وَرَوَتْهُ ابْنَةٌ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهَا نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ نَافِعُ بْنُ جَرِيرٍ، وَمُعَاذُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ح وَحَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَا: ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَكِّيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَمْ أَسْمَعْهُ فَابْتَعْتُ بَعِيرًا فَشَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي فَسِرْتُ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ، فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُنَيْسٍ فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ، فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَأَتَانِي فَقَالَ لِي، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَرَجَعَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَامَ يَطَأُ ثَوْبَهُ حَتَّى لَقِيَنِي فَاعْتَنَقَنِي فَقُلْتُ: حَدِيثًا بَلَغَنِي عَنْكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَسْمَعْهُ خَشِيتُ أَنْ تَمُوتَ، أَوْ أَمُوتَ وَلَمْ أَسْمَعْهُ قَالَ: سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَحْشُرُ اللهُ الْعِبَادَ - أَوْ قَالَ - النَّاسَ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمَا» قُلْنَا: وَمَا بُهْمَا؟ قَالَ: " لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِكُ الدَّيَّانُ، لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارِ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ حَتَّى أَقْتَصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةَ " قِيلَ: كَيْفَ وَإِنَّمَا نَأْتِي اللهَ عُرَاةٌ غُرْلًا بُهْمًا؟ قَالَ: «بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ» رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنِ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ، ثنا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا ثُمَّ أُرَانِي صَبِيحَتَهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ» فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ، وَإِنَّ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ لَفِي أَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَنْزِلُ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَأَبُو ضَمْرَةَ فِي آخَرِينَ، عَنِ الضَّحَّاكِ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُصْعَبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، قَالَ: كُنَّا نَتَدَارَأُ فِي رَمَضَانَ، وَنَكْرَهُ أَنْ تَفُوتَنَا هَذِهِ اللَّيْلَةُ، فَأَرْسَلُونِي وَكُنْتُ أَحْدَثَهُمْ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَأْمُرَنَا بِلَيْلَةٍ نَنْزِلُهَا فَقَالَ: " انْزِلُوا لَيْلَةَ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ فَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَنْزِلُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، فَإِذَا أَصْبَحَ رَجَعَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا عَبْدَ اللهِ بْنَ أُنَيْسٍ يَقُولُ نَحْوَهُ رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُخَرِّمِيُّ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ مِثْلَهُ، وَرَوَاهُ بِلَالٌ وَعَمْرٌو ابْنَا عَبْدِ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ، عَنْ أَسْمَاءَ كَرِوَايَةِ أَخِيهَا ضَمْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ، وَرَوَتْهُ ابْنَةٌ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهَا نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ نَافِعُ بْنُ جَرِيرٍ، وَمُعَاذُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ نَحْوَهُ