Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=153961&book=5542#28ef1d
محارب بن دثار أبو مطرف
ويقال: أبو النضر، ويقال: أبو كردوس. السدوسي الذهلي، الكوفي، قاضي الكوفة قدم دمشق.
روى عن جابر بن عبد الله، قال: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يأتي الرجل أهله طروقاً.
عن محارب بن دثار، قال: زاملت عمران بن حطان من الكوفة إلى دمشق، فما كلمني في شيء من اختلاف الناس؛ فلما انتهيت إلى باب دمشق، قال: يا محارب، حدثتني أم الدرداء الأوصابية امرأة أبي الدرداءأن خراب هذا السور على يدي رجل، آخر من مروان، فإنه يرمم ويشدد، ويبنى ويجدد، فعند ذلك خرابها وذهاب سلطانها.
قال محمد بن سعد: ولي قضاء الكوفة، وتوفي في ولاية خالد بن عبد الله، وذلك في خلافة هشام بن عبد الملك؛ وله أحادي ولا يحتجون به، وكان من المرجئة الأولى الذين كانوا يرجؤون علياً وعثمان ولا يشهدون بإيمان ولا كفر.
عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: سألت أبي عنه، فقال: ثقة.
وقال العجلي: كوفي، تابعي، ثقة؛ وكان على قضاء الكوفة، فبعث إلى الحكم وحماد فأجلسهما معه، وكان إذا أشكل عليه شيء سألهما.
وقال أبو حاتم: كوفي، ثقة، صدوق. وسئل أبو زرعة عنه، فقال: كوفي ثقة، مأمون.
وعن خليفة، قال: أقر خالد - يعني ابن عبد الله القسري - على قضاء الكوفة الحسين بن الحسن الكندي - يعني سنة ست ومئة - ثم عزله، ثم سعيد بن أشوع الهمداني، ثم محارب بن دثار سنة ثلاث عشرة ومئة.
قال سفيان: رأيت محارباً يقضي في المسجد، ولحيته بيضاء طويلة.
عن خاقان بن الأهتم، قال: لما استقضي محارب بن دثار قيل للحكم بن عتيبة: ألا تأتيه؟ قال: ما أصاب
عندي خيراً فأهنته، ولا أصابته عند نفسه مصيبة فأعزيته، ولا كنت زواراً له فأتيته.
عن أبي الصصهباء التيمي، قال: جئت وإذا محارب بن دثار قائم يصلي، فلما رآني أخف الصلاة، ثم جلس فجلس في مجلس القضاء، ثم بعث إلي: أمخاصم، أو مسلم، أو حاجة؟ قال؟ قلت: لا، بل مسلم. فذهب الرسول فأخبره، ثم أتاني فقال لي: قم. قال: فسلمت عليه: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اللهم إنك تعلم أني لم أجلس في هذا المجلس الذي ابتليتني به وقدرته علي إلا وأنا أكرهه وأبغضه، فاكفني شر عواقبه.
قال: ثم أخرج خرقة نظيفة فوضعها على وجهه، فلم يزل يبكي حتى قمت.
قال: فمكثت ما شاء الله، ثم ولي بعده ابن شبرمة. قال: فجئت فإذا هو قائم يصلي، فلما رآني أخف الصلاة، ثم بعث إلي: أمخاصم، أو مسلم، أو حاجة؟ قال: قلت: بل مسلم. فذهب الرسول فأخبره، ثم أتاني، وقال: قم؛ فقمت فسلمت عليه وجلست إلى جنبه، فقال: حدثني حديث أخي محارب بن دثار: فحدثته بالحديث؛ فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أجلس في هذا المجلس الذي ابتليتني به إلا وأنا أحبه وأشتهيه، فاكفني شر عواقبه. ثم أخرج خرقة فوضعها على وجهه، فما زال يبكي حتى قمت.
عن عنبسة بن الأزهر، قال: كان محارب بن دثار قاضي الكوفة قريب الجوار مني، فربما سمعته في بعض الليل يقول ويرفع صوته: أنا الصغير الذي ربيته، فلك الحمد؛ وأنا الضعيف الذي قويته، فلك الحمد؛ وأنا الفقير الذي أغنيته، فلك الحمد؛ وأنا الصعلوك الذي مولته، فلك الحمد؛ وأنا الأعزب الذي زوجته، فلك الحمد؛ وأنا الساغب الذي أشبعته، فلك الحمد؛ وأنا العاري الذي كسوته، فلك الحمد؛ وأنا المسافر الذي صاحبته، فلك الحمد؛ وأنا الغائب الذي أديته، فلك الحمد؛ وأنا الراحل الذي حملته، فلك الحمد؛ وأنا المريض الذي شفيته، فلك الحمد؛ وأنا الداعي الذي أجبته، فلك الحمد؛ ربنا فلك الحمد، ربنا حمداً كثيراً على كل حمد.
عن أبي حنيفة، قال: كنا عند محارب بن دثار، فتقدم إليه رجلان، فادعى أحدهما على الآخر مالاً فجحده المدعي عليه، فسأله البينة، فجاء رجل فشهد عليه؛ فقال المشهود عليه: لا والذي لا إله إلا هو ما شهد علي بحق، وما علمته إلا رجلاً صالحاً غير هذه الزلة، فإنه فعل هذا لحقد كان في قلبه علي.
وكان محارب متكئاً فاستوى جالساً، ثم قال: يا ذا الرجل، سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ليأتين على الناس يوم تشيب فيه الولدان، وتضع الحوامل ما في بطونها، وتضرب الطير بأذنابها وتضع ما في بطونها من شدة ذلك اليوم ولا ذنب عليها " فإن كنت شهدت بحق فاتق الله وأقم على شهادتك، وإن كنت شهدت بباطل فاتق الله، وغط رأسك، واخرج من ذلك الباب. فغطى الرجل رأسه وخرج من ذلك الباب.
قال ابن شاهين: تفرد بهذا الحديث هارون بن الجهم عن عبد الملك بن عمير القبطي وهو حديث غريب ما سمعناه إلا من حديث سعد بن الصلت.
عن محمد بن الفرات، قال: سمعت محارب بن دثار يقول: سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يؤمر به إلى النار ".
عن عمر بن السكن، عن من رأى رسول خالد بن عبد الله فتح باب المقصورة فجاء إلى محارب فساره بشيء أمره به خالد - وهو يومئذ قاض - فقال محارب للرسول: " إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ".
عن الأعمش، قال: قال لي محارب بن دثار: وليت القضاء فما
بقي أحد في أهلي إلا بكى، وعزلت فما بقي أح إلا بكى، فوالله ما دريت مم ذاك؟ فقلت: إن شئت أخبرتك. فقال: فأخبرني. قلت: وليت القضاء فكرهت وجزعت منه. فبكى أهلك لما رأوا من جزعك. قال: إنه لكما قلت، أو قريب مما قلت.
عن سفيان، عن محارب، قال: بغض أبي بكر وعمر نفاق.
وقال محارب: إنما سموا الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء؛ كما أن لوالدك عليك حقاً، كذلك لولدك عليك حقاً.
عن سلمة بن كهيل، قال: لقي خيثمة محارب، قال: كيف حبك للموت؟ قال: ما أحبه. قال: إن ذلك بك لنقص كثير.
وقال محارب: ما يمنعني أن ألبس ثوباً جديداً إلا مخافة أن يحدث في جيراني حسداً لم يكن قبل ذلك.
عن عمرو بن صالح، حدثني الثقة، قال: لما بلغ محارب بن دثار موت عمر بن عبد العزيز، دعا كاتبه فقال: اكتب. فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال: امحه، فإن الشعر لا يكتب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. ثم قال: " من البسيط "
لو أعظم الموت خلقاً أن يواقعه ... لعدله لم يزرك الموت يا عمر
كم من شريعة حق قد أقمت لهم ... كانت أميتت وأخرى منك تنتظر
يا لهف نفسي ولهف الواجدين معي ... على النجوم التي تغتالها الحفر
ثلاثة ما رأت عيني لهم شبهاً ... تضم أعظمهم في المسجد الحفر
يعني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما.
وأنت تتبعهم لم تأل مجتهداً ... سقياً لها سنناً بالحق تفتقر
لو كنت أملك والأقدار غالبة ... تأتي رواحاً وتبياناً وتبتكر
صرفت عن عمر الخيرات مصرعة ... بدير سمعان لكن يغلب القدر
قال خليفة: ومحارب بن دثار الذهلي في آخر ولاية خالد - يعني مات - وذكر خليفة أن خالداً القسري عزل سنة عشرين ومئة.