Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=153502&book=5539#d802b7
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين
أبو عبد الله المصري صاحب الشافعي.
روى عن أنس بن عياض، بسنده إلى بسرة بنت صفوان - وكانت صحبت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا مس أحدكم ذكره، فلا يصلين حتى يتوضأ ".
قال ابن أبي حاتم: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم مصري.. روى عن أبي، وكتبت عنه، وهو صدوق ثقة، أحد فقهاء مصر، من أصحاب مالك.
قال أبو سعيد بن يونس: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين، يكنى أبا عبد الله.. توفي يوم الأربعاء للنصف من ذي القعدة سنة ثمان وستين ومئتين، وصلى عليه بكار بن قتيبة. وكان مولده سنة اثنتين وثمانين ومئة، وكان المفتي بمصر في أيامه.
قال أبو إسحاق الشيرازي في كتاب طبقات الفقهاء من الشافعيين: ومنهم أبو عبد الله بن عبد الحكم بن أعين المصري.. صحب الشافعي، وتفقه به، وحمل في المحنة إلى بغداد، إلى ابن أبي دؤاد، ولم يجب إلى ما طلب منه، ورد إلى مصر، وانتهت إليه الرئاسة بمصر، ومات في سنة نيف وستين ومئتين.
قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم:
قال لي الشافعي: ما كنيتك؟ فقلت: أبو جعفر، فقال: جاع، ففر! فكناني أبا عبد الله.
وقال: كنت أتردد إلى الشافعي، فاجتمع قوم من أصحابنا إلى أبي، فقالوا: يا أبا محمد، إن محمداً ينقطع إلى هذا الرجل، ويتردد إليه، فيرى الناس أن هذا رغبة عن مذهب أصحابه. فجعل أبي يلاطفهم فيقول: هو حدث، وهو يحب النظر في اختلاف أقاويل الناس ومعرفة ذلك. ويقول في السر: يا بني الزم هذا الرجل، فإنه عسى أن تخرج يوماً من هذا البلد، فتقول: ابن القاسم، فيقال لك: من ابن القاسم؟ وقال: كان الشافعي أسخى الناس بما يجد، وكان يمر بنا، فإن وجدني، وإلا قال: قولوا لمحمد إذا جاء يأتينا المنزل، فإني لست أتغدى حتى يجيء، فربماجئته، فإذا قعدت معه على الغداء، قال: يا جارية اضربي لنا فالوذج. فلا تزال المائدة بين يديه حتى نفرغ منه ونتغدى.
قال أبو بكر محمد بن إسحاق: سمعت سعد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول: كان الشافعي ربما جاء راكباً إلى الباب، فيقول: ادع لي محمداً، فأدعوه، فيذهب معه إلى منزله، فيبقى عنده، ويقيل عنده.
قال أبو بكر: وهم أربعة إخوة: عبد الحكم وعبد الرحمن ومحمد وسعد، وكان محمد أعلم من رأيت على أديم الأرض بمذهب مالك بن أنس وأحفظهم، سمعته يقول: كنت أتعجب ممن يقول في المسائل: لا أدري. قال أبو بكر: أما الإسناد، فلم يكن يحفظه، وكان أعبدهم وأكثرهم اجتهاداً وصلاة سعد بن عبد الله. وكان محمد من أصحاب الشافعي، وممن يتعلم منه، فوقعت وحشة بينه وبين يوسف بن يحيى البويطي في مرض الشافعي الذي توفي فيه. فحدثني أبو جعفر السكري صديق الربيع قال: لما مرض الشافعي مرضه الذي توفي فيه جاء محمد بن عبد الحكم ينازع البويطي في مجلس الشافعي، فقال البويطي: أنا أحق به منك، وقال ابن عبد الحكم: أنا أحق به منك. فجاء الحميدي، وكان في تلك الأيام بمصر، فقال: قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من يوسف بن يحيى، فليس أحد من أصحابي أعلم منه. فقال له ابن عبد الحكم: كذبت! فقال له الحميدي: كذبت أنت
وكذب أبوك وكذبت أمك. وغضب ابن عبد الحكم، فترك مجلس الشافعي، وتقدم فجلس في الطاق الثالث، وترك طاقاً بين مجلس الشافعي ومجلسه. وجلس البويطي في مجلس الشافعي في الطاق الذي كان يجلس، وهو الطاق الذي كان يجلس فيه الربيع أيامنا، إلا أن الشافعي - رحمه الله - كان يجلس مستقبل القبلة، وكان الربيع يجلس مستدبر القبلة.
وقال: وقال لي ابن عبد الحكم: كان الحميدي معي في الدار نحواً من سنة، وأعطاني كتاب ابن عيينة، ثم أبوا إلا أن يوقعوا بيننا ما وقع.
قال عبد الرحمن بن عيسى المعروف بابن القابلة: سمعت المزني يقول: كنا نأتي الشافعي، فنسمع منه، فنجلس على باب داره، فيأتي محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، فيصعد إليه، فيطيل المكث، وربما تغدى معه، ثم نزل، فيقرأ علينا الشافعي، فإذا فرغ من قراءته، قرب إلى محمد دابته، فركبها، وأتبعه الشافعي بصره، فإذا غاب شخصه قال: وددت أن لي ولداً مثله وعلي ألف دينار دين لا أجد لها قضاء.
قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: قال لي أبي: يا بني، كان مالك بن أنس يشبه بالسلف الماضين. وإني لأرجو أن تكون له خلفاً. فالزم العلم تسد في الدنيا والآخرة.
وثقه كثيرون، وعده النسائي في فقهاء أهل مصر.
حدث أبو عبد الله عمرو بن عثمان المكي قال: رأيت رجلاً من أهل مصر، وهو محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، يصلي الضحى، فكان كلما صلى ركعتين سجد سجدتين. فسأله من سأله ممن يأنس به عن السجدتين اللتين يسجدهما بين كل ركعتين، ماذا تريد بهما؟ قال: شكراً لله على ما نعم به علي من صلاة الركعتين.
حدث أبو الليث بن الأعلى قال:
سألنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أن تقرأ عليه كتب الشافعي، فأجابنا إلى ذلك على أن تكون قراءتنا في منزله. قال: فجئنا. فابتدأنا بالقراءة عليه. وكان رجل ممن يتفقه بقول المدنيين - يقال له محمد بن المعيد - عنده مجلس. قال: فجاء فوجدنا، ونحن نقرأ عليه، فقال لنا: روحوا، فإن لنا مجلساً، وأي شيء يصنع بهذه الكتب؟! قال: فقلت له أنا، ومحمد يسمع: ليس يمنعك أنت من هذه الكتب إلا أنك لا تحسن تقرأ فيها. فقال: أنا لا أحسن أن أقرأها؟ أنا أقرأ كتب عبد الملك بن الماجثون، ولا حسن أن أقرأ بكتب الشافعي؟! قال: وكان محمد متكئاً، فجلس إنكاراً لقوله، فقال: يا عبد الله، والله ما عبد الملك بن الماجثون عند محمد بن إدريس الشافعي إلا بمنزلة الفطيم عند الكبير! قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: قال الشافعي: يا محمد، لا تحدث عن حي، فإن الحي لا يؤمن عليه أن ينسى. قال محمد: وذلك أني سمعت من الشافعي حكاية، فحكيتها عنه، فنميت إليه، فأنكرها، فاغتم أبي لذلك غماً شديداً، وكنا بجنبه، فمضيت، فوقفته على الكلمة، فذكرها، فقال لي: لا تحدث عن حي، فإن الحي لا يؤمن عليه النسيان.
روى أبو سليمان بن زبر، عن الطحاوي قال: سنة ثمان وستين ومئتين، فيها مات محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، في ذي القعدة، وصلى عليه بكار بن قتيبة، وهو ابن ست وثمانين سنة.
وقيل: مات سنة تسع وستين ومئتين.