عمرو بن الزّبير بن العوّام
ابن خويلد بن أسد بن عبد العزّي بن قصيّ بن كلاب بن مرّة القرشيّ الأسديّ الزّبيري من الصّحابة، ولا أعرف له رواية، ووفد على معاوية ويزيد بن معاوية.
عن مصعب بن ثابت، أن عبد الله بن الزّبير كانت بينه وبين أخيه عمرو بن الزّبير خصومة؛ فدخل عبد الله بن الزّبير على سعيد بن العاص، وعمرو بن الزّبير معه على السّرير، فقال سعيد
لعبد الله: هاهنا. فقال: لا، قضى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو سنّة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الخصمين يقعدن بين يدي الحكم.
قال الزّبير: وأمّا عمرو بن الزّبير فكان من أجمل أهل زمانه.
قال محمد بن سعد: كتب يزيد بن معاوية إلى عمرو بن سعيد أن يوجّه إليه يعني عبد الله بن الزّبير جنداً، فسأل عمرو بن سعيد: من أعدى النّاس لعبد الله بن الزّبير؟ فقيل: أخوه عمرو بن الزّبير. فولاه شرطه بالمدينة؛ فضرب ناساً كثيراً من قريش والأنصار بالسّياط، وقال هؤلاء شيعة عبد الله بن الزّبير؛ وفرّ منه قوم كثير في نواحي المدينة، ثم وجّهه إلى عبد الله بن الزّبير في جيش من أهل الشّام ألف رجل وأمره بقتاله. فمضى عمرو بن الزّبير حتى قدم مكة فنزل بذي طوى، وأتى النّاس عمرو بن الزّبير يسلّمون عليه، وقال: جئت لأن يعطي عبد الله الطّاعة ليزيد ويبرّ قسمه، فإن أبى قاتلته. فقال له حنين بن شيبة: كان غيرك أولى بهذا منك، تسير إلى حرم الله وأمنه، وإلى أخيك في سنّه وفضله، تجعله في جامعة؟ ما أرى النّاس يدعونك وما تريد. قال: أرى أن أقاتل من حال دون ما خرجت له. ثم أقبل عمرو فنزل عند الصّفا، وجعل يرسل إلى أخيه ويرسل إليه أخوه، فيما قدم له. وكان عمرو يخرج فيصلّي بالنّاس وعسكره بذي طوى وابن الزّبير معه يشبك أصابعه في أصابعه ويكلّمه في الطّاعة ويلين له الكلام. فقال عبد الله بن الزّبير: ما بعد هذا شيء، إني لسامع مطيع، أنت عامل يزيد وأنا أصلّي خلفك، ما عندي خلاف، فأما أن تجعل في عنقي جامعة، ثم أقاد إلى الشّام، فإني نظرت في ذلك فرأيته لا يحلّ لي أن أحل بنفسي، فراجع صاحبك واكتب إليه. قال: لا، والله ما أقدر على ذلك. فهيّأ عبد الله بن صفوان قوماً كانوا معدّين مع ابن الزّبير من أهل السّراة وغيرهم،
فعقد لهم لواء، وخرج عبد الله بن صفوان من أسفل مكة من اللبط، فلم يشعر أنيس بن عمرو الأسلميّ وهو على عسكر عمرو بن الزّبير إلاّ بالقوم، فصاح بأصحابه وهم قريب على عدّة فتصافّوا، فقتل أنيس بن عمرو في المعركة؛ ووجّه عبد الله بن الزّبير مصعب بن عبد الرّحمن بن عوف في جمع إلى عمرو بن الزّبير، فلقوه فتفرّق أصحابه عنه وانهزم عسكره من ذي طوى، وجاء عبيدة بن الزّبير إلى عمرو بن الزّبير فقال: أنا أجيرك من عبد الله. فجاء به إلى عبد الله أسيراً والدّم يقطر على قدميه؛ فقال: ما هذا الدّم؟ فقال: من الطويل
لسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدّما
فقال: وتكلم أي عدو الله، المستحلّ لحرمة الله!. فقال عبيدة: إني قد أجرته فلا تخفر جواري. فقال: أنا أجير جوارك لهذا الظّالم الذي فعل ما فعل، فأما حقّ النّاس فإني أقتصّ لهم منه. فضربه بكل سوط ضرب به أحداً من الذين بالمدينة وغيرهم، إلاّ محمد بن المنذر بن الزّبير فإنه أبى أن يقتصّ، وعثمان بن عبد الله حكيم بن حزام فإنه أبى أيضاً. وأمر به فحبس في حبس زيد عارم مع عمرو بن الزّبير فأخذه فحبسه مع عمرو بن الزّبير، فسميّ ذلك الحبس بسجن عارم، وبنى لزيد عارم ذراعين في ذراعين وأدخله وأطبق عليه بالجصّ والآجرّ. وقال عبد الله بن الزّبير: من كان يطلب عمرو بن الزّبير بشيء فليأتنا نقصّه منه؛ فجعل الرّجل يأتي فيقول: نتف أشعاري. فيقول: انتف أشعاره. وجعل الآخر يقول: نتف حلمتي. فيقول: انتف حلمته. وجعل الرّجل يأتي فيقول: لهزني. فبقول: الهزه. وجعل الرّجل يقول: نتف لحيتي. فيقول: انتف لحيته.
وكان يقيمه كلّ يوم يدعو النّاس إلى القصاص منه سنةً؛ فقام مصعب بن عبد الرحمن بن عوف فقال: جلدني مئة جلدة بالسّياط، وليس بوال، ولم آت قبيحاً، ولم أركب منكراً، ولم أخلع يداًمن طاعة. فأمر بعمرو أن يقام ودفع إلى مصعب سوطاً، وقال له عبد الله بن الزّبير: اضرب. فجلده مصعب مئة جلدة بيده. فتعكّر جسد عمرو فمات، فأمر به عبد الله فصلب. قال: ثم صحّ من بعد ذلك الضّرب، ثم مرّ به عبد الله بن الزّبيربعد أن أخرجه من السّجن جالساً بفناء المنزل الذي كان فيه، فقال أبا يكسوم، ألا أراك حيّاً؟. فأمر به فسحب إلى السّجن، فلم يبلغ حتى مات. فأمر به عبد الله فطرح في شعب الجيف، وهو الموضع الذي صلب فيه عبد الله بن الزّبير بعد.
ابن خويلد بن أسد بن عبد العزّي بن قصيّ بن كلاب بن مرّة القرشيّ الأسديّ الزّبيري من الصّحابة، ولا أعرف له رواية، ووفد على معاوية ويزيد بن معاوية.
عن مصعب بن ثابت، أن عبد الله بن الزّبير كانت بينه وبين أخيه عمرو بن الزّبير خصومة؛ فدخل عبد الله بن الزّبير على سعيد بن العاص، وعمرو بن الزّبير معه على السّرير، فقال سعيد
لعبد الله: هاهنا. فقال: لا، قضى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو سنّة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الخصمين يقعدن بين يدي الحكم.
قال الزّبير: وأمّا عمرو بن الزّبير فكان من أجمل أهل زمانه.
قال محمد بن سعد: كتب يزيد بن معاوية إلى عمرو بن سعيد أن يوجّه إليه يعني عبد الله بن الزّبير جنداً، فسأل عمرو بن سعيد: من أعدى النّاس لعبد الله بن الزّبير؟ فقيل: أخوه عمرو بن الزّبير. فولاه شرطه بالمدينة؛ فضرب ناساً كثيراً من قريش والأنصار بالسّياط، وقال هؤلاء شيعة عبد الله بن الزّبير؛ وفرّ منه قوم كثير في نواحي المدينة، ثم وجّهه إلى عبد الله بن الزّبير في جيش من أهل الشّام ألف رجل وأمره بقتاله. فمضى عمرو بن الزّبير حتى قدم مكة فنزل بذي طوى، وأتى النّاس عمرو بن الزّبير يسلّمون عليه، وقال: جئت لأن يعطي عبد الله الطّاعة ليزيد ويبرّ قسمه، فإن أبى قاتلته. فقال له حنين بن شيبة: كان غيرك أولى بهذا منك، تسير إلى حرم الله وأمنه، وإلى أخيك في سنّه وفضله، تجعله في جامعة؟ ما أرى النّاس يدعونك وما تريد. قال: أرى أن أقاتل من حال دون ما خرجت له. ثم أقبل عمرو فنزل عند الصّفا، وجعل يرسل إلى أخيه ويرسل إليه أخوه، فيما قدم له. وكان عمرو يخرج فيصلّي بالنّاس وعسكره بذي طوى وابن الزّبير معه يشبك أصابعه في أصابعه ويكلّمه في الطّاعة ويلين له الكلام. فقال عبد الله بن الزّبير: ما بعد هذا شيء، إني لسامع مطيع، أنت عامل يزيد وأنا أصلّي خلفك، ما عندي خلاف، فأما أن تجعل في عنقي جامعة، ثم أقاد إلى الشّام، فإني نظرت في ذلك فرأيته لا يحلّ لي أن أحل بنفسي، فراجع صاحبك واكتب إليه. قال: لا، والله ما أقدر على ذلك. فهيّأ عبد الله بن صفوان قوماً كانوا معدّين مع ابن الزّبير من أهل السّراة وغيرهم،
فعقد لهم لواء، وخرج عبد الله بن صفوان من أسفل مكة من اللبط، فلم يشعر أنيس بن عمرو الأسلميّ وهو على عسكر عمرو بن الزّبير إلاّ بالقوم، فصاح بأصحابه وهم قريب على عدّة فتصافّوا، فقتل أنيس بن عمرو في المعركة؛ ووجّه عبد الله بن الزّبير مصعب بن عبد الرّحمن بن عوف في جمع إلى عمرو بن الزّبير، فلقوه فتفرّق أصحابه عنه وانهزم عسكره من ذي طوى، وجاء عبيدة بن الزّبير إلى عمرو بن الزّبير فقال: أنا أجيرك من عبد الله. فجاء به إلى عبد الله أسيراً والدّم يقطر على قدميه؛ فقال: ما هذا الدّم؟ فقال: من الطويل
لسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدّما
فقال: وتكلم أي عدو الله، المستحلّ لحرمة الله!. فقال عبيدة: إني قد أجرته فلا تخفر جواري. فقال: أنا أجير جوارك لهذا الظّالم الذي فعل ما فعل، فأما حقّ النّاس فإني أقتصّ لهم منه. فضربه بكل سوط ضرب به أحداً من الذين بالمدينة وغيرهم، إلاّ محمد بن المنذر بن الزّبير فإنه أبى أن يقتصّ، وعثمان بن عبد الله حكيم بن حزام فإنه أبى أيضاً. وأمر به فحبس في حبس زيد عارم مع عمرو بن الزّبير فأخذه فحبسه مع عمرو بن الزّبير، فسميّ ذلك الحبس بسجن عارم، وبنى لزيد عارم ذراعين في ذراعين وأدخله وأطبق عليه بالجصّ والآجرّ. وقال عبد الله بن الزّبير: من كان يطلب عمرو بن الزّبير بشيء فليأتنا نقصّه منه؛ فجعل الرّجل يأتي فيقول: نتف أشعاري. فيقول: انتف أشعاره. وجعل الآخر يقول: نتف حلمتي. فيقول: انتف حلمته. وجعل الرّجل يأتي فيقول: لهزني. فبقول: الهزه. وجعل الرّجل يقول: نتف لحيتي. فيقول: انتف لحيته.
وكان يقيمه كلّ يوم يدعو النّاس إلى القصاص منه سنةً؛ فقام مصعب بن عبد الرحمن بن عوف فقال: جلدني مئة جلدة بالسّياط، وليس بوال، ولم آت قبيحاً، ولم أركب منكراً، ولم أخلع يداًمن طاعة. فأمر بعمرو أن يقام ودفع إلى مصعب سوطاً، وقال له عبد الله بن الزّبير: اضرب. فجلده مصعب مئة جلدة بيده. فتعكّر جسد عمرو فمات، فأمر به عبد الله فصلب. قال: ثم صحّ من بعد ذلك الضّرب، ثم مرّ به عبد الله بن الزّبيربعد أن أخرجه من السّجن جالساً بفناء المنزل الذي كان فيه، فقال أبا يكسوم، ألا أراك حيّاً؟. فأمر به فسحب إلى السّجن، فلم يبلغ حتى مات. فأمر به عبد الله فطرح في شعب الجيف، وهو الموضع الذي صلب فيه عبد الله بن الزّبير بعد.