النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ وَاسْمُهُ قَيْسُ بْنُ حِصْنٍ وَقَدْ أَخْرَجْتُ نَسَبَهُ فِي الْقَافِ وَحَدِيثَهُ
النابغة الجعدي
ب د ع: النابغة الجعدي وقد اختلف فِي اسمه، فقيل: قيس بْن عَبْد اللَّهِ، وقيل: عَبْد اللَّهِ بْن قيس، وقيل: حيان بْن قيس بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عدس بْن ربيعة بْن جعدة بْن كعب بْن ربيعة بْن عَامِر بْن صعصعة العامري الجعدي، نسبه هكذا أَبُو عمر.
وقال الكلبي: هُوَ قيس بْن عَبْد اللَّهِ بْن عدس بْن ربيعة.
واختلف أيضا فِي نسبه، وَالَّذِي ذكرناه أشهر ما قيل فِيه، وَإِنما قيل لَهُ: النابغة، لأنه قَالَ الشعر فِي الجاهلية، ثُمَّ أقام مدة نحو ثلاثين سنة، لا يقول الشعر، ثُمَّ نبغ فِيهِ فقاله، فسمي النابغة، وطال عمره فِي الجاهلية والإسلام، وهو أسن من النابغة الذبياني، وَإِنما مات الذبياني قبله، وعمر الجعدي بعده طويلا، وقيل: عاش مائة وثمانين سنة.
وقال ابن قُتَيْبَة: عاش النابغة الجعدي مائتين وأربعين سنة، وهذا لا يبعد، لأنه أنشد عمر بْن الخطاب:
ثلاثة أهلين أفنيتهم وَكَانَ الإله هُوَ المستآسا
فقال لَهُ عمر: كم لبثت مع كل أهل؟ قَالَ: ستين سنة، فذلك مائة وثمانون سنة، ثُمَّ عاش بعد ذَلِكَ إِلَى أيام ابن الزبير، وَإِلى أن هاجى أوس بْن مغراء، وليلى الأخيلية.
وَكَانَ يذكر فِي الجاهلية دين إِبْرَاهِيم والحنيفية، ويصوم ويستغفر، وله قصيدة أولها:
الحمد لله لا شريك لَهُ من لَمْ يقلها فنفسه ظلما
وفيها ضروب من دلائل التوحيد، والإقرار بالبعث والجزاء، والجنة والنار، وقيل: إن هَذَا الشعر لأمية بْن أَبِي الصلت، وقد صححه يونس بْن حبيب، وحماد الراوية، وَمُحَمَّد بْن سلام، وَعَليّ بْن سُلَيْمَان الأخفش للنابغة الجعدي.
ووفد عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم، وأنشده قصيدته الرائية، وفيها:
أتيت رَسُول اللَّهِ إِذْ جَاءَ بِالْهُدَى ويتلو كتابا كالمجرة نيرا
(1606) أَخْبَرَنَا فِتْيَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُودَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ ابْنُ النَّقُّورِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الدَّقَّاقُ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، حدثنا دَاوُدُ وَهُوَ ابْنُ رُشَيْدٍ، حدثنا يَعْلَى بْنُ الأَشْدَقِ، قَالَ: سمعت النَّابِغَةَ، يَقُولُ: أَنْشَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بَلَغْنَا السَّمَاءَ، مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرَا
فَقَالَ: " أَيْنَ الْمَظْهُر يَا أَبَا لَيْلَى؟ " قُلْتُ: الْجَنَّةُ، قَالَ: " أَجَلْ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ "، ثُمَّ قُلْتُ:
وَلا خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا
وَلا خَيْرَ فِي جَهْلٍ إذا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَلِيمٌ إِذَا مَا أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرَا
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَجَدْتَ لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ "، مَرَّتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سَعْدٍ الأَصْفَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْجَنْزَرُوذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ، حدثنا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ، حدثنا يَعْلَى بْنُ الأَشْدَقِ الْعُقَيْلِيُّ، قَالَ: سمعت قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْدَةَ، وَهُوَ نَابِغَةُ بَنِي جَعْدَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْشَدْتُهُ..
وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ إِلَى آخِرِهِ، وَهِيَ قَصِيدَةٌ طَوِيلَةٌ، وَهِيَ مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ مِنَ الشِّعْرِ ولم يزل يرد عَلَى الخلفاء بعد النَّبِيّ، وَكَانَ شاعرا محسنا، إلا أَنَّهُ كَانَ رديء الهجاء، لا يزال يغلبه من يهاجيه، وهو أشعر منهم، لَيْسَ فيهم من يقرب مِنْه، فمن ذَلِكَ أَنَّهُ هجا ليلة الأخيلية، فقال:
ألا حييا ليلى وقولا لَهَا: هلا
فأجابته ليلى فقالت:
وعيرتني داء بأمك مثله وأي حصان لا يقال لَهَا: هلا؟
ووفد إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بمكة، وقصته معه مشهورة.
وقد روى عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ روى يَحْيَى بْن عروة بْن الزبير، عن أبيه، عن عمه عَبْد اللَّهِ بْن الزبير، عن النابغة، أَنَّهُ قَالَ: " سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ما وليت قريش فعدلت، واسترحمت فرحمت، وحدثت فصدقت، ووعدت فأنجزت، إلا وذكر كلمة معناها، أنهم تحت النبيين بدرجة فِي الجنة ".
أخرجه الثلاثة.
ب د ع: النابغة الجعدي وقد اختلف فِي اسمه، فقيل: قيس بْن عَبْد اللَّهِ، وقيل: عَبْد اللَّهِ بْن قيس، وقيل: حيان بْن قيس بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عدس بْن ربيعة بْن جعدة بْن كعب بْن ربيعة بْن عَامِر بْن صعصعة العامري الجعدي، نسبه هكذا أَبُو عمر.
وقال الكلبي: هُوَ قيس بْن عَبْد اللَّهِ بْن عدس بْن ربيعة.
واختلف أيضا فِي نسبه، وَالَّذِي ذكرناه أشهر ما قيل فِيه، وَإِنما قيل لَهُ: النابغة، لأنه قَالَ الشعر فِي الجاهلية، ثُمَّ أقام مدة نحو ثلاثين سنة، لا يقول الشعر، ثُمَّ نبغ فِيهِ فقاله، فسمي النابغة، وطال عمره فِي الجاهلية والإسلام، وهو أسن من النابغة الذبياني، وَإِنما مات الذبياني قبله، وعمر الجعدي بعده طويلا، وقيل: عاش مائة وثمانين سنة.
وقال ابن قُتَيْبَة: عاش النابغة الجعدي مائتين وأربعين سنة، وهذا لا يبعد، لأنه أنشد عمر بْن الخطاب:
ثلاثة أهلين أفنيتهم وَكَانَ الإله هُوَ المستآسا
فقال لَهُ عمر: كم لبثت مع كل أهل؟ قَالَ: ستين سنة، فذلك مائة وثمانون سنة، ثُمَّ عاش بعد ذَلِكَ إِلَى أيام ابن الزبير، وَإِلى أن هاجى أوس بْن مغراء، وليلى الأخيلية.
وَكَانَ يذكر فِي الجاهلية دين إِبْرَاهِيم والحنيفية، ويصوم ويستغفر، وله قصيدة أولها:
الحمد لله لا شريك لَهُ من لَمْ يقلها فنفسه ظلما
وفيها ضروب من دلائل التوحيد، والإقرار بالبعث والجزاء، والجنة والنار، وقيل: إن هَذَا الشعر لأمية بْن أَبِي الصلت، وقد صححه يونس بْن حبيب، وحماد الراوية، وَمُحَمَّد بْن سلام، وَعَليّ بْن سُلَيْمَان الأخفش للنابغة الجعدي.
ووفد عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم، وأنشده قصيدته الرائية، وفيها:
أتيت رَسُول اللَّهِ إِذْ جَاءَ بِالْهُدَى ويتلو كتابا كالمجرة نيرا
(1606) أَخْبَرَنَا فِتْيَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُودَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ ابْنُ النَّقُّورِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الدَّقَّاقُ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، حدثنا دَاوُدُ وَهُوَ ابْنُ رُشَيْدٍ، حدثنا يَعْلَى بْنُ الأَشْدَقِ، قَالَ: سمعت النَّابِغَةَ، يَقُولُ: أَنْشَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بَلَغْنَا السَّمَاءَ، مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرَا
فَقَالَ: " أَيْنَ الْمَظْهُر يَا أَبَا لَيْلَى؟ " قُلْتُ: الْجَنَّةُ، قَالَ: " أَجَلْ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ "، ثُمَّ قُلْتُ:
وَلا خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا
وَلا خَيْرَ فِي جَهْلٍ إذا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَلِيمٌ إِذَا مَا أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرَا
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَجَدْتَ لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ "، مَرَّتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سَعْدٍ الأَصْفَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْجَنْزَرُوذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ، حدثنا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ، حدثنا يَعْلَى بْنُ الأَشْدَقِ الْعُقَيْلِيُّ، قَالَ: سمعت قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْدَةَ، وَهُوَ نَابِغَةُ بَنِي جَعْدَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْشَدْتُهُ..
وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ إِلَى آخِرِهِ، وَهِيَ قَصِيدَةٌ طَوِيلَةٌ، وَهِيَ مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ مِنَ الشِّعْرِ ولم يزل يرد عَلَى الخلفاء بعد النَّبِيّ، وَكَانَ شاعرا محسنا، إلا أَنَّهُ كَانَ رديء الهجاء، لا يزال يغلبه من يهاجيه، وهو أشعر منهم، لَيْسَ فيهم من يقرب مِنْه، فمن ذَلِكَ أَنَّهُ هجا ليلة الأخيلية، فقال:
ألا حييا ليلى وقولا لَهَا: هلا
فأجابته ليلى فقالت:
وعيرتني داء بأمك مثله وأي حصان لا يقال لَهَا: هلا؟
ووفد إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بمكة، وقصته معه مشهورة.
وقد روى عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ روى يَحْيَى بْن عروة بْن الزبير، عن أبيه، عن عمه عَبْد اللَّهِ بْن الزبير، عن النابغة، أَنَّهُ قَالَ: " سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ما وليت قريش فعدلت، واسترحمت فرحمت، وحدثت فصدقت، ووعدت فأنجزت، إلا وذكر كلمة معناها، أنهم تحت النبيين بدرجة فِي الجنة ".
أخرجه الثلاثة.
النابغة الجعدي.
ذكرناه فِي باب النون لأنه غلب عَلَيْهِ النابغة، واختلف فِي اسمه، فقيل: قيس بْن عبد الله [بن عمر] وقيل: حبان ابن قيس [بن عبد الله] بن عمرو بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب ابن ربيعة بْن عامر بْن صعصعة وقيل: اسمه حبان بن قيس بن عبد الله ابن وحوح بْن عدس بْن ربيعة بْن جعدة. وإنما قيل له النابغة فِيمَا يقولون لأنه قَالَ الشعر فِي الجاهلية ثم أقام مدة نحو ثلاثين سنة لا يقول الشعر، ثم نبغ فيه [بعد] فقاله، فسمي النابغة قَالُوا: وَكَانَ قديمًا شاعرًا محسنًا طويل البقاء فِي الجاهلية والإسلام، وَهُوَ عندهم أسن من النابغة الذبياني وأكبر واستدلوا عَلَى أنه أكبر من النابغة الذبياني لأن النابغة الذبياني كَانَ مَعَ النعمان بن المنذر فِي عصره. وَكَانَ النعمان بْن المنذر [بعد المنذر] بْن محرق، وقد أدرك النابغة الجعدي [المنذر بن محرق] ، ونادمه، ولكن
النابغة الذبيانيّ مات قبله. وعمر الجعدي بعده عمرًا طويلًا. ذكره عمر بْن شبة عَنْ أشياخه أنه عمر مائة وثمانين سنة، وأنه أنشد عُمَر بن الخطاب:
لقيت أناسًا فأفنيتهم ... وأفنيت بعد أناس أناسا
ثلاثة أهلين أفنيتهم ... وَكَانَ الإله هُوَ المستآسا
فَقَالَ له عمر: كم لبثت مَعَ كل أهل؟ قَالَ: ستين سنة. قَالَ ابْن قتيبة:
عمر النابغة الجعدي مائتين وعشرين سنة، ومات بأصبهان. وهذا أَيْضًا لا يدفع، لأنه قَالَ فِي الشعر السيني الَّذِي أنشده عمر أنه أفنى ثلاثة قرون كل قرن من القرون ستين سنة، فهذه مائة وثمانون سنة، ثم عمر إِلَى زمن ابْن الزُّبَيْر وإلى أن هاجى أوس بْن مغراء ثم ليلى الأخيلية، وَكَانَ يذكر فِي الجاهلية دين إِبْرَاهِيم والحنيفية، ويصوم ويستغفر فِيمَا ذكروا، وَقَالَ فِي الجاهلية كلمته التي أولها:
الحمد للَّه لا شريك له ... من لم يقلها فنفسه ظلما
وفيها ضروب من دلائل التوحيد، والإقرار بالبعث والجزاء، والجنة والنار. وصفه بعض ذلك عَلَى نحو شعر أمية بْن أبي الصلت. وقد قيل:
إن هَذَا الشعر لأمية، ولكنه قد صححه يونس بْن حبيب، وحماد الرواية، ومحمد بْن سلام، وعلي بْن سُلَيْمَانَ الأخفش للنابغة الجعدي.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وفد النابغة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلما. وأنشده، ودعا له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أول مَا أنشده قوله فِي قصيدته الرائية:
أَتَيْتُ رَسُولَ الله إذ جاء بالهدى ... ويتلو كتابا كالمجرة نيّرا
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الشَّمْسِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ النَّابِغَةَ الْجَعْدِيَّ يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْشَدْتُهُ قَوْلِي:
وَإِنَّا لَقَوْمٌ مَا نُعَوِّدُ خيلنا ... إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا
وننكر يوم الروع ألوان خيلنا ... من الطعن حتى نحسب الجون أشقرا
وليس بمعروف لنا أن نردها ... صحاحا ولا مستنكرا أن تعقرا
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنا لنرجو فوق ذَلِكَ مَظْهَرًا
وَفِي رُوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ:
عَلَوْنَا عَلَى طُرِّ الْعِبَادِ تَكَرُّمًا ... وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرًا
وَفِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ كَمَا ذَكَرْنَا، إِلا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُونَ: مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِلَى أَيْنَ يَا أَبَا لَيْلَى؟ قَالَ: فَقُلْتُ: إِلَى الْجَنَّةِ.
قَالَ: نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَلَمَّا أَنْشَدْتُهُ:
وَلا خَيْرَ فِي حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ. قال: وكان من أحسن الناس ثعرا. وَكَانَ إِذَا سَقَطَتْ لَهُ سِنٌّ نَبَتَتْ [أُخْرَى] . وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ لِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ كَأَنَّ فَاهُ الْبَرَدُ الْمُنْهَلُّ يَتَلَأْلَأُ وَيَبْرُقُ، مَا سَقَطَتْ لَهُ سِنٌّ وَلا تَفَلَّتَتْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم:
أَجَدْتَ لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ. قَالَ: وعاش النابغة بدعوة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أتت عَلَيْهِ. مائة واثنتا عشرة سنة، فَقَالَ فِي ذلك:
أتت مائة لعام ولدت فيه ... وعشر بعد ذلك واثنتان
وقد أبقت صروف الدهر مني ... كما أبقت من الذكر اليماني
ألا زعمت بنو سعد بأني ... وما كذبوا كبير السن فاني
قَالَ أَبُو عُمَرَ: قد روينا هَذَا الخبر من وجوه كثيرة عَنِ النابغة الجعدي من طريق يَعْلَى بْن الأشدق وغيره، وليس فِي شيء منها من الأبيات مَا فِي هذه الرواية، وهذه أتمّها وأحسنها سياقة، إلا أنّ في رواية يعلى بن الأشدق وعبد الله ابن جراد أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أجدت لا يفضض اللَّه فاك. وليس فِي هذه الرواية «أجدت» . وما أظن النابغة إلا وقد أنشد الشعر كله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي قصيدة طويلة نحو مائتي بيت أولها:
خليلي غضا ساعة وتهجرا ... ولو مَا عَلَى مَا أحدث الدهر أَوْ ذرا
وقد ذكرت منها ما أنشده أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عبد السلام الخشني، عَنْ أبي الفضل الرياشي رحمة اللَّه عليهما فِي آخر باب النابغة هَذَا من هَذَا الكتاب، وَهُوَ من أحسن مَا قيل من الشعر فِي الفخر بالشجاعة سباطة ونقاوة وجزالة وحلاوة، وفي هَذَا الشعر مما أنشده رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى ... ويتلو كتابا كالمجرّة نيّرا
وجاهدت حتى ما أحسن ومن معى ... سهيلا إذا مَا لاح ثم تحورا
أقيم عَلَى التقوى وأرضى بفعلها ... وكنت من النار المخوفة أحذرا
وأسلم وحسن إسلامه، وَكَانَ يرد عَلَى الخلفاء، ورد عَلَى عمر، ثم عَلَى عُثْمَان، وله أخبار حسان.
وَقَالَ عمر بْن شبة: كَانَ النابغة الجعدي شاعرًا مغلبًا إلا أنه كَانَ إذا هاجى غلب. هاجى أوس بْن مغراء، وليلى الأخيلية، وكعب بْن جعيل، فغلبوه، وَهُوَ أشعر منهم مرارًا، ليس فيهم من يقرب منه، وكذلك قَالَ فيه ابْن سلام وغيره. وذكر الهيثم بْن عدي، قَالَ: رعت بنو عامر بالبصرة فِي الزروع، فبعث أَبُو مُوسَى الأشعري فِي طلبهم، فتصارخوا يَا آل عامر! فخرج النابغة الجعدي، ومعه عصبة له، فأتى به أَبُو مُوسَى، فَقَالَ له: مَا أخرجك؟
قال: سمعت داعية قومي. قال: فضربه أسواطا. فقال النابغة في ذلك:
رأيت البكر بكر بني ثمود ... وأنت أراك بكر الأشعرينا
فإن تك لابن عفان أمينًا ... فلم يبعث بك البر الأمينا
فيا قبر النَّبِيّ وصاحبيه ... ألا يَا غوثنا لو تسمعونا
ألا صلى إلهكم عليكم ... ولا صلى عَلَى الأمراء فينا
فَأَمَّا خَبَرُهُ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حدثنا زبير بن بكار، حدثني هارون ابن أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَهْزِيُّ، حدثنا سليمان بن محمد، عن يحيى ابن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَقْحَمْتِ السَّنَةُ نَابِغَةَ بَنِي جَعْدَةَ، فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَأَنْشَدَهُ:
حَكَيْتَ لَنَا الصِّدِّيقَ لَمَّا وَلِيتَنَا ... وَعَثْمَانَ وَالْفَارُوقَ فَارْتَاحَ معدم
وسويت بين الناس في الحق فاستووا ... فعاد صباحا حالك اللين مُظْلِمُ
أَتَاكَ أَبُو لَيْلَى تَجُوبُ بِهِ الدُّجَى ... دجى الليل جوّاب الفلاة عرموم
لِتَجْبُرَ مِنْهُ جَانِبًا دَعْدَعَتْ بِهِ ... صُرُوفُ اللَّيَالِي والزمان المصمّم
قَالَ: فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ يَا أَبَا لَيْلَى، فَإِنَّ الشِّعْرَ أَهْوَنُ وَسَائِلِكَ عِنْدَنَا. أَمَّا صَفْوَةُ مَالِنَا فَإِنَّ بَنِي أَسَدٍ شَغَلَتْنَا عَنْكَ، وَأَمَّا صَفْوَتُهُ فَلآلِ الزُّبَيْرِ، وَلَكِنْ لَكَ فِي مَالِ اللَّهِ حَقَّانِ: حَقٌّ لِرُؤْيَتِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَقٌّ لشركتك أهل الإسلام في فيتهم، ثُمَّ أَدْخَلَهُ دَارَ النَّعَمِ، فَأَعْطَاهُ قَلائِصَ سَبْعًا وَفَرَسًا [وَخَيْلا] ، وَأَوْقَرَ لَهُ الرِّكَابَ بُرًّا وَتَمْرًا وَثِيَابًا، فَجَعَلَ النَّابِغَةُ يَسْتَعْجِلُ وَيَأْكُلُ الْحَبَّ صِرْفًا، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ:
وَيْحَ أَبِي لَيْلَى! لَقَدْ بَلَغَ مِنْهُ الْجَهْدُ. فَقَالَ النَّابِغَةُ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَا وَلِيَتْ قُرَيْشٌ فَعَدَلَتْ، وَاسْتَرْحَمَتْ فَرَحِمَتْ، وَحَدَّثَتْ فصدقت، ووعدت خير فَأَنْجَزَتْ، فَأَنَا وَالنَّبِيُّونَ فُرَّاطُ الْقَادِمِينَ أَلا ... وَذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا أَنَّهُمْ تَحْتَ النَّبِيِّينَ بِدَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ الزُّبَيْر: كتب يَحْيَى بْن معين هَذَا الحديث عَنْ أخي. وذكر أَبُو الفرج الأصبهاني هَذَا الحديث، فَقَالَ: حدثني به مُحَمَّد بْن جرير الطبري من حفظه عَنْ أَحْمَد بْن زهير بإسناده. ومما يستحسن ويستجاد للنابغة الجعدي:
فتى كملت خيراته غير أنه ... جواد فلا يبقى من المال باقيا
فتى تم فيه مَا يسر صديقه ... عَلَى أن فيه ما يسوء الأعاديا
وأنشدني أَبُو عُثْمَان سعد بْن نصر، قَالَ: أنشدنا أَبُو مُحَمَّد قَاسِم بْن أَصْبَغَ اليماني ، قَالَ: أنشدنا أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عبد السلام الخشني، قَالَ: هَذَا مَا أنشدنا أَبُو العقيل الرياشي من قصيدة النابغة الجعدي:
تذكرت والذكرى تهيج للفتى ... ومن حاجة المحزون أن يتذكرا
نداماي عند المنذر بْن محرق ... أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا
تقضى زمان الوصل بيني وبينها ... ولم ينقض الشوق الَّذِي كَانَ أكثرا
وإني لأستشفي برؤية جارها ... إذا مَا لقائيها علي تعذرا
وألقي عَلَى جيرانها مسحة الهوى ... وإن لم يكونوا لي قبيلًا ومعشرا
ترديت ثوب الذل يوم لقيتها ... وَكَانَ ردائي نخوة وتجبرا
حسبنا زمانًا كل بيضاء شحمة ... ليالي إذ نغزو جذاما وحميرا
إِلَى أن لقينا الحي بكر بْن وائل ... ثمانين ألفًا دارعين وحسرا
فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ... ببعض أبت عيدانه أن تكسرا
سقيناهم كأسا سقونا بمثلها ... ولكننا كنا عَلَى الموت أصبرا
بنفسي وأهلي عصبة سلمية ... يعدون للهيجا عناجيج ضمرا
وقالوا لنا أحيوا لنا من قتلتم ... لقد جئتم إدًا من الأمر منكرا
ولسنا نرد الروح فِي جسم ميت ... وكنا نسيل الروح ممن تنشرا
نميت ولا نحيي كذلك صنعنا ... إذا البطل الحامي إِلَى الموت أهجرا
ملكنا فلم نكشف قنا لحرة ... ولم نستلب إلا الحديد المسمرا
ولو أننا شئنا سوى ذاك أصبحت ... كرائمهم فينا تباع وتشترى
ولكن أحسابًا نمتنا إِلَى العلا ... وآباء صدق أن يروم المحقرا
وإنا لقوم ما نعود خيلنا ... إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا
وننكر يوم الروع ألوان خيلنا ... من الطعن حتى نحسب الجون أشقرا
وليس بمعروف لنا أن نردها ... صحاحا ولا مستنكرا أن تعقرا
أتيت رَسُول اللَّهِ إذ جاء بالهدى ... ويتلو كتابًا كالمجرة نيرا
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جَهْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ... حَلِيمٌ إِذَا مَا أورد الأمر أصدرا
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أَحْمَد بْن زهير، قَالَ: وقد روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الشعراء حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد اللَّهِ بْن رواحة، وعدي بْن حاتم الطائي، وعباس بْن مرداس السلمي، وأبو سُفْيَان بْن الحارث بْن المطلب، وحميد بْن ثور الهلالي، وأبو الطفيل عامر بْن وائلة، وأيمن بْن خريم الأسدي، وأعشى بني مازن، والأسود بْن سريع.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: قد روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الشعراء المحسنين ممن لم يذكره أَحْمَد بْن زهير فِي الشعراء الرواة الحارث- بْن هشام، وعمرو ابن شاس، وضرار بْن الأزور، وخفاف بْن ندبة، وكلّ هؤلاء شاعر له صحبة
ورواية، ولم يذكر أَحْمَد بْن زهير لبيد بْن ربيعة، ولا ضرار بْن الخطاب، ولا ابْن الزبعري، لأنهم ليست لهم رواية، وكذلك أَبُو ذؤيب الهذلي، والشماخ بْن ضرار، وأخوه مزرد بْن ضرار.
قَالَ مُحَمَّد بْن سلام: النابغة الجعدي، والشماخ بْن ضرار، ولبيد بْن ربيعة، وأبو ذؤيب الهذلي طبقة. قَالَ: وَكَانَ الشماخ أشد متونًا من لبيد، ولبيد أحسن منه منطقا.
ذكرناه فِي باب النون لأنه غلب عَلَيْهِ النابغة، واختلف فِي اسمه، فقيل: قيس بْن عبد الله [بن عمر] وقيل: حبان ابن قيس [بن عبد الله] بن عمرو بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب ابن ربيعة بْن عامر بْن صعصعة وقيل: اسمه حبان بن قيس بن عبد الله ابن وحوح بْن عدس بْن ربيعة بْن جعدة. وإنما قيل له النابغة فِيمَا يقولون لأنه قَالَ الشعر فِي الجاهلية ثم أقام مدة نحو ثلاثين سنة لا يقول الشعر، ثم نبغ فيه [بعد] فقاله، فسمي النابغة قَالُوا: وَكَانَ قديمًا شاعرًا محسنًا طويل البقاء فِي الجاهلية والإسلام، وَهُوَ عندهم أسن من النابغة الذبياني وأكبر واستدلوا عَلَى أنه أكبر من النابغة الذبياني لأن النابغة الذبياني كَانَ مَعَ النعمان بن المنذر فِي عصره. وَكَانَ النعمان بْن المنذر [بعد المنذر] بْن محرق، وقد أدرك النابغة الجعدي [المنذر بن محرق] ، ونادمه، ولكن
النابغة الذبيانيّ مات قبله. وعمر الجعدي بعده عمرًا طويلًا. ذكره عمر بْن شبة عَنْ أشياخه أنه عمر مائة وثمانين سنة، وأنه أنشد عُمَر بن الخطاب:
لقيت أناسًا فأفنيتهم ... وأفنيت بعد أناس أناسا
ثلاثة أهلين أفنيتهم ... وَكَانَ الإله هُوَ المستآسا
فَقَالَ له عمر: كم لبثت مَعَ كل أهل؟ قَالَ: ستين سنة. قَالَ ابْن قتيبة:
عمر النابغة الجعدي مائتين وعشرين سنة، ومات بأصبهان. وهذا أَيْضًا لا يدفع، لأنه قَالَ فِي الشعر السيني الَّذِي أنشده عمر أنه أفنى ثلاثة قرون كل قرن من القرون ستين سنة، فهذه مائة وثمانون سنة، ثم عمر إِلَى زمن ابْن الزُّبَيْر وإلى أن هاجى أوس بْن مغراء ثم ليلى الأخيلية، وَكَانَ يذكر فِي الجاهلية دين إِبْرَاهِيم والحنيفية، ويصوم ويستغفر فِيمَا ذكروا، وَقَالَ فِي الجاهلية كلمته التي أولها:
الحمد للَّه لا شريك له ... من لم يقلها فنفسه ظلما
وفيها ضروب من دلائل التوحيد، والإقرار بالبعث والجزاء، والجنة والنار. وصفه بعض ذلك عَلَى نحو شعر أمية بْن أبي الصلت. وقد قيل:
إن هَذَا الشعر لأمية، ولكنه قد صححه يونس بْن حبيب، وحماد الرواية، ومحمد بْن سلام، وعلي بْن سُلَيْمَانَ الأخفش للنابغة الجعدي.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وفد النابغة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلما. وأنشده، ودعا له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أول مَا أنشده قوله فِي قصيدته الرائية:
أَتَيْتُ رَسُولَ الله إذ جاء بالهدى ... ويتلو كتابا كالمجرة نيّرا
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الشَّمْسِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ النَّابِغَةَ الْجَعْدِيَّ يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْشَدْتُهُ قَوْلِي:
وَإِنَّا لَقَوْمٌ مَا نُعَوِّدُ خيلنا ... إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا
وننكر يوم الروع ألوان خيلنا ... من الطعن حتى نحسب الجون أشقرا
وليس بمعروف لنا أن نردها ... صحاحا ولا مستنكرا أن تعقرا
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنا لنرجو فوق ذَلِكَ مَظْهَرًا
وَفِي رُوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ:
عَلَوْنَا عَلَى طُرِّ الْعِبَادِ تَكَرُّمًا ... وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرًا
وَفِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ كَمَا ذَكَرْنَا، إِلا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُونَ: مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِلَى أَيْنَ يَا أَبَا لَيْلَى؟ قَالَ: فَقُلْتُ: إِلَى الْجَنَّةِ.
قَالَ: نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَلَمَّا أَنْشَدْتُهُ:
وَلا خَيْرَ فِي حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ. قال: وكان من أحسن الناس ثعرا. وَكَانَ إِذَا سَقَطَتْ لَهُ سِنٌّ نَبَتَتْ [أُخْرَى] . وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ لِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ كَأَنَّ فَاهُ الْبَرَدُ الْمُنْهَلُّ يَتَلَأْلَأُ وَيَبْرُقُ، مَا سَقَطَتْ لَهُ سِنٌّ وَلا تَفَلَّتَتْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم:
أَجَدْتَ لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ. قَالَ: وعاش النابغة بدعوة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أتت عَلَيْهِ. مائة واثنتا عشرة سنة، فَقَالَ فِي ذلك:
أتت مائة لعام ولدت فيه ... وعشر بعد ذلك واثنتان
وقد أبقت صروف الدهر مني ... كما أبقت من الذكر اليماني
ألا زعمت بنو سعد بأني ... وما كذبوا كبير السن فاني
قَالَ أَبُو عُمَرَ: قد روينا هَذَا الخبر من وجوه كثيرة عَنِ النابغة الجعدي من طريق يَعْلَى بْن الأشدق وغيره، وليس فِي شيء منها من الأبيات مَا فِي هذه الرواية، وهذه أتمّها وأحسنها سياقة، إلا أنّ في رواية يعلى بن الأشدق وعبد الله ابن جراد أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أجدت لا يفضض اللَّه فاك. وليس فِي هذه الرواية «أجدت» . وما أظن النابغة إلا وقد أنشد الشعر كله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي قصيدة طويلة نحو مائتي بيت أولها:
خليلي غضا ساعة وتهجرا ... ولو مَا عَلَى مَا أحدث الدهر أَوْ ذرا
وقد ذكرت منها ما أنشده أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عبد السلام الخشني، عَنْ أبي الفضل الرياشي رحمة اللَّه عليهما فِي آخر باب النابغة هَذَا من هَذَا الكتاب، وَهُوَ من أحسن مَا قيل من الشعر فِي الفخر بالشجاعة سباطة ونقاوة وجزالة وحلاوة، وفي هَذَا الشعر مما أنشده رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى ... ويتلو كتابا كالمجرّة نيّرا
وجاهدت حتى ما أحسن ومن معى ... سهيلا إذا مَا لاح ثم تحورا
أقيم عَلَى التقوى وأرضى بفعلها ... وكنت من النار المخوفة أحذرا
وأسلم وحسن إسلامه، وَكَانَ يرد عَلَى الخلفاء، ورد عَلَى عمر، ثم عَلَى عُثْمَان، وله أخبار حسان.
وَقَالَ عمر بْن شبة: كَانَ النابغة الجعدي شاعرًا مغلبًا إلا أنه كَانَ إذا هاجى غلب. هاجى أوس بْن مغراء، وليلى الأخيلية، وكعب بْن جعيل، فغلبوه، وَهُوَ أشعر منهم مرارًا، ليس فيهم من يقرب منه، وكذلك قَالَ فيه ابْن سلام وغيره. وذكر الهيثم بْن عدي، قَالَ: رعت بنو عامر بالبصرة فِي الزروع، فبعث أَبُو مُوسَى الأشعري فِي طلبهم، فتصارخوا يَا آل عامر! فخرج النابغة الجعدي، ومعه عصبة له، فأتى به أَبُو مُوسَى، فَقَالَ له: مَا أخرجك؟
قال: سمعت داعية قومي. قال: فضربه أسواطا. فقال النابغة في ذلك:
رأيت البكر بكر بني ثمود ... وأنت أراك بكر الأشعرينا
فإن تك لابن عفان أمينًا ... فلم يبعث بك البر الأمينا
فيا قبر النَّبِيّ وصاحبيه ... ألا يَا غوثنا لو تسمعونا
ألا صلى إلهكم عليكم ... ولا صلى عَلَى الأمراء فينا
فَأَمَّا خَبَرُهُ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حدثنا زبير بن بكار، حدثني هارون ابن أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَهْزِيُّ، حدثنا سليمان بن محمد، عن يحيى ابن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَقْحَمْتِ السَّنَةُ نَابِغَةَ بَنِي جَعْدَةَ، فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَأَنْشَدَهُ:
حَكَيْتَ لَنَا الصِّدِّيقَ لَمَّا وَلِيتَنَا ... وَعَثْمَانَ وَالْفَارُوقَ فَارْتَاحَ معدم
وسويت بين الناس في الحق فاستووا ... فعاد صباحا حالك اللين مُظْلِمُ
أَتَاكَ أَبُو لَيْلَى تَجُوبُ بِهِ الدُّجَى ... دجى الليل جوّاب الفلاة عرموم
لِتَجْبُرَ مِنْهُ جَانِبًا دَعْدَعَتْ بِهِ ... صُرُوفُ اللَّيَالِي والزمان المصمّم
قَالَ: فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ يَا أَبَا لَيْلَى، فَإِنَّ الشِّعْرَ أَهْوَنُ وَسَائِلِكَ عِنْدَنَا. أَمَّا صَفْوَةُ مَالِنَا فَإِنَّ بَنِي أَسَدٍ شَغَلَتْنَا عَنْكَ، وَأَمَّا صَفْوَتُهُ فَلآلِ الزُّبَيْرِ، وَلَكِنْ لَكَ فِي مَالِ اللَّهِ حَقَّانِ: حَقٌّ لِرُؤْيَتِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَقٌّ لشركتك أهل الإسلام في فيتهم، ثُمَّ أَدْخَلَهُ دَارَ النَّعَمِ، فَأَعْطَاهُ قَلائِصَ سَبْعًا وَفَرَسًا [وَخَيْلا] ، وَأَوْقَرَ لَهُ الرِّكَابَ بُرًّا وَتَمْرًا وَثِيَابًا، فَجَعَلَ النَّابِغَةُ يَسْتَعْجِلُ وَيَأْكُلُ الْحَبَّ صِرْفًا، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ:
وَيْحَ أَبِي لَيْلَى! لَقَدْ بَلَغَ مِنْهُ الْجَهْدُ. فَقَالَ النَّابِغَةُ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَا وَلِيَتْ قُرَيْشٌ فَعَدَلَتْ، وَاسْتَرْحَمَتْ فَرَحِمَتْ، وَحَدَّثَتْ فصدقت، ووعدت خير فَأَنْجَزَتْ، فَأَنَا وَالنَّبِيُّونَ فُرَّاطُ الْقَادِمِينَ أَلا ... وَذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا أَنَّهُمْ تَحْتَ النَّبِيِّينَ بِدَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ الزُّبَيْر: كتب يَحْيَى بْن معين هَذَا الحديث عَنْ أخي. وذكر أَبُو الفرج الأصبهاني هَذَا الحديث، فَقَالَ: حدثني به مُحَمَّد بْن جرير الطبري من حفظه عَنْ أَحْمَد بْن زهير بإسناده. ومما يستحسن ويستجاد للنابغة الجعدي:
فتى كملت خيراته غير أنه ... جواد فلا يبقى من المال باقيا
فتى تم فيه مَا يسر صديقه ... عَلَى أن فيه ما يسوء الأعاديا
وأنشدني أَبُو عُثْمَان سعد بْن نصر، قَالَ: أنشدنا أَبُو مُحَمَّد قَاسِم بْن أَصْبَغَ اليماني ، قَالَ: أنشدنا أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عبد السلام الخشني، قَالَ: هَذَا مَا أنشدنا أَبُو العقيل الرياشي من قصيدة النابغة الجعدي:
تذكرت والذكرى تهيج للفتى ... ومن حاجة المحزون أن يتذكرا
نداماي عند المنذر بْن محرق ... أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا
تقضى زمان الوصل بيني وبينها ... ولم ينقض الشوق الَّذِي كَانَ أكثرا
وإني لأستشفي برؤية جارها ... إذا مَا لقائيها علي تعذرا
وألقي عَلَى جيرانها مسحة الهوى ... وإن لم يكونوا لي قبيلًا ومعشرا
ترديت ثوب الذل يوم لقيتها ... وَكَانَ ردائي نخوة وتجبرا
حسبنا زمانًا كل بيضاء شحمة ... ليالي إذ نغزو جذاما وحميرا
إِلَى أن لقينا الحي بكر بْن وائل ... ثمانين ألفًا دارعين وحسرا
فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ... ببعض أبت عيدانه أن تكسرا
سقيناهم كأسا سقونا بمثلها ... ولكننا كنا عَلَى الموت أصبرا
بنفسي وأهلي عصبة سلمية ... يعدون للهيجا عناجيج ضمرا
وقالوا لنا أحيوا لنا من قتلتم ... لقد جئتم إدًا من الأمر منكرا
ولسنا نرد الروح فِي جسم ميت ... وكنا نسيل الروح ممن تنشرا
نميت ولا نحيي كذلك صنعنا ... إذا البطل الحامي إِلَى الموت أهجرا
ملكنا فلم نكشف قنا لحرة ... ولم نستلب إلا الحديد المسمرا
ولو أننا شئنا سوى ذاك أصبحت ... كرائمهم فينا تباع وتشترى
ولكن أحسابًا نمتنا إِلَى العلا ... وآباء صدق أن يروم المحقرا
وإنا لقوم ما نعود خيلنا ... إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا
وننكر يوم الروع ألوان خيلنا ... من الطعن حتى نحسب الجون أشقرا
وليس بمعروف لنا أن نردها ... صحاحا ولا مستنكرا أن تعقرا
أتيت رَسُول اللَّهِ إذ جاء بالهدى ... ويتلو كتابًا كالمجرة نيرا
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جَهْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ... حَلِيمٌ إِذَا مَا أورد الأمر أصدرا
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أَحْمَد بْن زهير، قَالَ: وقد روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الشعراء حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد اللَّهِ بْن رواحة، وعدي بْن حاتم الطائي، وعباس بْن مرداس السلمي، وأبو سُفْيَان بْن الحارث بْن المطلب، وحميد بْن ثور الهلالي، وأبو الطفيل عامر بْن وائلة، وأيمن بْن خريم الأسدي، وأعشى بني مازن، والأسود بْن سريع.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: قد روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الشعراء المحسنين ممن لم يذكره أَحْمَد بْن زهير فِي الشعراء الرواة الحارث- بْن هشام، وعمرو ابن شاس، وضرار بْن الأزور، وخفاف بْن ندبة، وكلّ هؤلاء شاعر له صحبة
ورواية، ولم يذكر أَحْمَد بْن زهير لبيد بْن ربيعة، ولا ضرار بْن الخطاب، ولا ابْن الزبعري، لأنهم ليست لهم رواية، وكذلك أَبُو ذؤيب الهذلي، والشماخ بْن ضرار، وأخوه مزرد بْن ضرار.
قَالَ مُحَمَّد بْن سلام: النابغة الجعدي، والشماخ بْن ضرار، ولبيد بْن ربيعة، وأبو ذؤيب الهذلي طبقة. قَالَ: وَكَانَ الشماخ أشد متونًا من لبيد، ولبيد أحسن منه منطقا.
النَّابِغَة الْجَعْدِي أَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشده أبياتا وَمِمَّنْ روى عَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من النِّسَاء مِمَّن ابْتَدَأَ اسْمهَا على حرف النُّون