يعقوب بن إبراهيم، أبو يوسف القاضي، صاحب أبي حنيفة :
كوفي سمع أبا إسحاق الشيباني، وسليمان التيمي، ويحيى بن سَعِيد الأنصاري، وسليمان الأعمش وَهشام بْن عروة، وَعبيد اللَّه بْن عُمَر العمري، وحنظلة بن أبي سفيان، وعطاء بن السائب، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وحجاج بن أرطاة، والحسن بن دينار وليث بن سعد، وأيوب بن عتبة. روي عنه محمد بن الحسن الشيباني، وبشر بن الوليد الكندي، وعلي بن الجعد، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعمرو بن محمد الناقد، وأحمد بن منيع، وعلي بن مسلم الطوسي، وعبدوس ابن بشر، والحسن بن شبيب، في آخرين. وكان قد سكن بغداد، وولاه موسى بن المهدي القضاء بِها، ثم هارون الرشيد من بعده، وهو أول من دُعِيَ بقاضي القضاة في الإسلام.
أخبرنا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن مهدي، أخبرنا محمّد بن مخلد العطّار، حدثنا عبدوس بن بشر الرّازيّ، حدثنا أبو يوسف القاضي، حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: قلتُ لأبي: حَدَّثَنَا عمرو الناقد قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيم قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أن عَبْد الله بْن جَعْفَر أتى الزبير بْن العوام فقال: إني اشتريتُ كذا وكذا، وأن عليًّا يريدُ أن يأتي أمير المؤمنين عثمان، فذكر حديث الحجر. فقال عثمان: كيف أحجر عَلَى رَجُل فِي بيع شريكه فِيه الزبير؟ فقال: إنا لم نسمع هذا الأمر إلا من حديث أبي يوسف القاضي.
أَخْبَرَنَا الحسين بن علي الصيمري، أخبرنا عمر بن إبراهيم المقرئ، حدثنا مكرم بن أحمد قال: قال محمد بن خلف بن حبان بْن صدقة المقرئ: أبو يوسف يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن حبيب بْن سعد بْن بُجير بْن مُعَاويَة، وأم سعد حبْتة بِنْت مالك من بني عمرو بن عوف، وسعد بن حبتة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كَانَ فيمن عُرِض عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أحد مَعَ رافع بْن خديج، وابن عُمَر.
أَخْبَرَنَا التنوخي، أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال: وأَبُو يوسف يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن حبيب بن سعد بن حبتة الْأنْصَارِيّ، وكان- يعني سعدًا- فيمن عُرض عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أحد فاستصغره، وحبيب بْن سعد أخو النعمان بْن سعد الَّذِي يروي عَن عَلِيّ بْن أبي طالب وحبتة أمه، وهو سعد بْن بُجير بْن مُعاوية بْن قُحافة بْن بُليل بْن سدوس بْن عَبْد مناف بْن أبي أسامة بن شخمة بن سعد بن عبد بن قدار بن معاوية ابن ثعلبة بْن مُعَاويَة بْن زيد بْن العوذ بْن بجيلة. وأم سعد حبتة بِنْت مالك من بني عمرو بْن عوف.
أَخْبَرَنَا الصيمري، أخبرنا أبو عبيد الله بن عمران المرزباني، حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا أحمد بن القاسم البرتي، حدثنا بشر بْن الوليد قَالَ: سمعت أبا يوسف يعقوب ابن إِبْرَاهِيم بْن سعد بْن حبتة القاضي. قَالَ ابن كامل: هُوَ قاضي مُوسَى الهادي وهارون الرشيد ببغداد. وقال: ولم يختلف يَحْيَى بْن معين، وأحمد بن حنبل،
وعلي ابْن الْمَدِينِيّ فِي ثقته فِي النقل. قَالَ: وهو أول من خوطب بقاضي القضاة، وكان استخلفَ ابنه يوسف عَلَى الجانب الغربي، فأقرَّه الرشيد عَلَى عمله، وولى قضاء القضاة بعد موت أبي يوسف أَبَا البختري وهب بْن وهب الْقُرَشِيّ.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بن محمّد المعدل، أخبرنا عبد الله بن محمّد الأسديّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر الدامغاني الفقيه قَالَ: سمعتُ أَبَا جَعْفَر الطحاوي يَقُولُ: مولد أبي يوسف سنة ثلاث عشرة ومائة.
أخبرنا الصيمري، أخبرنا عمر بن إبراهيم، حدثنا مكرم بن أحمد، حَدَّثَنَا عَبْد الصمد بْن عُبَيْد الله عَن عَلِيّ بْن حرملة التيمي عَن أبي يوسف قَالَ: كنتُ أطلبُ الحديث والفقه وأنا مقل رث الحال، فجاء أبي يومًا وأنا عِنْدَ أبي حنيفة فانصرفتُ معه. فقال: يا بني لا تمدن رجلك مَعَ أبي حنيفة، فإن أَبَا حنيفة خبزه مشوي، وأنت تحتاج إلى المعاش، فقصرت عَن كثير من الطلب، وآثرت طاعة أبي، فتفقدني أَبُو حنيفة وسأل عني، فجعلتُ أتعاهد مجلسه. فلما كَانَ أول يوم أتيته بعد تأخري عَنْهُ قَالَ لي: ما شغلك عنَّا؟ قلت: الشغل بالمعاش وطاعة والدي، فجلست فلما انصرف الناس دفع إلي صرة، وقال: استمتع بِهذه، فنظرتُ فإذا فيها مائة درهم. فقال لي: الزم الحلقة وإذا نفدت هذه فأعلمني، فلزمتُ الحلقة فلما مضت مدة يسيرة دفع إلي مائة أخرى، ثُمَّ كَانَ يتعاهدني وما أعلمته نحلة قط ولا أخبرته بنفاد شيء، وكان كأنه يُخبر بنفادها حتى استغنيتُ وتموَّلتُ. وحكي أن والد أبي يوسف مات وخلف أَبَا يوسف طفلا صغيرًا، وأنّ أمه هِيَ التي أنكرت عَلَيْهِ حُضوره حلقة أبي حنيفة.
كذلك أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن أَبِي بَكْر قَالَ: ذكر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زياد النقاش أن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن السامي أخبرهم بهراة قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الجعد، أَخْبَرَنِي يعقوب بْن إِبْرَاهِيم أَبُو يوسف القاضي قَالَ: تُوُفِّيَ أبي إِبْرَاهِيم بْن حبيب وخلَّفني صغيرًا فِي حجر أمي، فأسلمتني إلى قصَّار أخدمه، فكنتُ أدع القصار وأمرُّ إلى حلقة أبي حنيفة فأجلس أستمع، فكانت أمي تجيء خلفي إلى الحلقة، فتأخذ بيدي وتذهب بي إلى القصار، وكان أَبُو حنيفة يعنى بي لما يرى من حضوري وحرصي عَلَى التعلم، فلما كثر ذَلِكَ عَلَى أمي وطال عليها هربي، قَالَتْ لأبي حنيفة: ما لِهذا الصبي فسادٌ غيرك، هذا صبي يتيم لا شيء لَهُ، وإنما أطعمه من مغزلي وآمل أن يكسب دانقًا يعود بِهِ عَلَى نفسه. فقال لَهَا أَبُو حنيفة: مُري يا رعناء هذا هُوَ ذا يتعلم أكل الفالوذج
بدهن الفستق، فانصرفت عَنْهُ وقالت لَهُ: أنت شيخٌ قد خرفت وذهب عقلك، ثُمَّ لزمته فنفعني الله بالعلم ورفعني حتى تقلدت القضاء، وكنت أجالس الرشيد وآكل معه عَلَى مائدته، فلما كَانَ فِي بعض الأيام قدم إلي هارون فالوذجة فقال لي هارون يا يعقوب كل منه فليس كل يوم يعمل لنا مثله. فقلتُ: وما هذه يا أمير المؤمنين؟ فقال:
هذه فالوذجة بدهن الفستق، فضحكتُ. فقال لي: مم ضحكت؟ فقلتُ: خيرًا، أبقى الله أمير المؤمنين، قَالَ: لتخبرني- وألحّ علي- فخبرته بالقصة من أولها إلى آخرها فعجب من ذَلِكَ. وقال: لعمري إن العلم ليرفعُ وينفع دينًا ودنيا، وترحم عَلَى أبي حنيفة، وقال: كَانَ ينظر بعين عقله مالا يراهُ بعين رأسه.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن مُحَمَّد الخلّال، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن عَمْرو الحريري أن عَلِيّ ابن محمد بن كاس النخعي أخبرهم قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن خازم، حَدَّثَنَا عُبيد بْن مُحَمَّد قال: سمعتُ عُمَر بْن حماد يَقُولُ: سمعتُ أَبَا يوسف يَقُولُ: ما كَانَ فِي الدُّنْيَا أحب إليّ من مجلس أجلسه مَعَ أبي حنيفة وابن أبي ليلى، فإني ما رأيتُ فقيهًا أفقه من أبي حنيفة، ولا قاضيًا خيرًا من ابن أبي ليلى. وقال النخعي: سمعتُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق البكائي يَقُولُ: سمعتُ إِسْمَاعِيل بْن حماد بْن أبي حنيفة يَقُولُ:
كَانَ أصحابُ أبي حنيفة عشرة: أَبُو يوسف، وزُفَر، وأسد بْن عمرو البجلي وعافية الأودي، وداود الطائي، والقاسم بْن معن المسعودي، وعلي بْن مسهر، ويحيى بْن زكريا بْن أبي زائدة، وحبان، ومندل ابنا علي العنزي. ولَمْ يكن فيهم مثل أبي يوسف، وزُفر.
وقال النخعي: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عمار بْن أبي مالك. قَالَ: سمعتُ عمار بْن أبي مالك يَقُولُ: ما كَانَ فيهم مثل أبي يوسف لولا أَبُو يوسف ما ذكر أَبُو حنيفة ولا ابن أبي ليلى، ولكنه هُوَ نشرَ قولهما وبث علمهما.
أخبرنا التّنوخيّ، أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال: وأبو يوسف مشهور الأمر ظاهر الفضل وهو صاحب أبي حنيفة وأفقه أهل عصره، ولم يتقدمه أحد فِي زمانه، وكان النهاية فِي العلم والحكم، والرياسة والقدر، وأولُ من وضع الكتب فِي أصول الفقه عَلَى مذهب أبي حنيفة، وأملى المسائل ونشرها وبث علم أبي حنيفة فِي أقطار الأرض.
أخبرنا علي بن أبي علي البصريّ، حَدَّثَنَا أَبُو ذر أَحْمَد بْن علي بْن محمّد الأستراباذي، حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن محمد بن منصور الدامغاني الفقيه، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَلامَة الأزديّ الطحاوي، حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي ثَوْر الرعيني- المعروف بابن عبدون قاضي إفريقية- قَالَ: حدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عمران قَالَ: حدَّثَنِي أسد بْن فُرات قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن الْحَسَن يَقُولُ: مرض أَبُو يوسف فِي زمن أبي حنيفة مرضًا خيف عَلَيْهِ منه، قَالَ: فعاده أَبُو حنيفة ونحنُ معه، فلما خرج من عنده وضع يديه عَلَى عتبة بابه. وقال: إن يمت هذا الفتى فإنه أعلمُ من عليها.
وأومأ إلى الأرض.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن علي المعدل، أَخْبَرَنَا القاضي عَبْد الله بْن مُحَمَّد الأسدي، حدثنا أبو بكر الدامغاني الفقيه، حدثنا أبو جعفر الطحاوي، حدثنا ابن أبي عمران، حدثنا بشر بْن الوليد قَالَ: سمعت أبا يوسف يَقُولُ: سألني الأعمش عَن مسألة فأجبته فيها، فقال لي: من أَيْنَ قُلت هذا؟ فقلتُ: لحديثك الَّذِي حدثتناهُ أنت، ثُمَّ ذكرتُ لَهُ الحديث. فقال لي: يا يعقوب إني لأحفظُ هذا الحديث قبل أن يجتمع أبواك فما عرفت تأويله حتى الآن.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بن عثمان بن يَحْيَى، حدثنا محمّد بن إبراهيم ابن حُبيش البغوي الشاهد قَالَ: حدَّثَنِي جَعْفَر بْن يس قَالَ: كنت عِنْدَ المزني، فوقف عَلَيْهِ رَجُل فسأله عَن أهل العراق فقال لَهُ: ما تَقُولُ فِي أبي حنيفة؟ فقال: سيدهم.
قَالَ: فأبو يوسف؟ قَالَ: أتبعهم للحديث، قَالَ: فمحمد بْن الْحَسَن قَالَ: أكثرهم تفريعًا قَالَ: فزُفر؟ قال: أحدهم قياسا.
أخبرني الخلّال، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن عَمْرو الحريري أن عَلِيّ بْن مُحَمَّد النخعي حدثهم قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ العزيز عَن بَكْر العمي عَن هلال بْن يَحْيَى قَالَ: كَانَ أَبُو يوسف يحفظ التفسير والمغازي وأيام العرب وكان أقل علومه الفقه.
وقال النخعي: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل الطلحي عَن أَبِيهِ عَن عُمر بن حماد بْن أبي حنيفة عَن أَبِيهِ قَالَ: رأيتُ أَبَا حنيفة يومًا وعن يمينه أَبُو يوسف، وعن يساره زُفَر، وهما يتجادلان فِي مسألة، فلا يَقُولُ أَبُو يوسف قولا إلا أفسده زُفَر، ولا يَقُولُ
زُفَر قولا إلا أفسده أَبُو يوسف إلى وقت الظهر، فلما أذن المؤذن رفع أَبُو حنيفة يده فضربَ بِهَا عَلَى فخذ زُفَر وقال: لا يطمع فِي رياسة ببلدة فيها أَبُو يوسف. قَالَ:
وقضى لأبي يوسف عَلَى زُفَر.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن علي البادا، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحسين بْن حميد بْن الربيع، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن الربيع قَالَ: سمعتُ الفضل بْن مقاتل الخراساني ذكر عَن عَبْد الرزاق بْن هَمَّام الصنعاني قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن عمارة يَقُولُ: رأيتُ أَبَا يوسف وزُفَر يومًا افتتحا مسألة عِنْدَ أبي حنيفة من حين طلعت الشمس إلى أن نودي بالظهر، فإذا قضى لأحدهما عَلَى الآخر قَالَ لَهُ الآخر أخطأت ما حجَّتك؟ فيخبره حتى كَانَ آخر ذَلِكَ أن قضى لأبي يوسف عَلَى زُفَر حين نودي بالظهر. فقام أَبُو يوسف، قَالَ: فضرب أَبُو حنيفة عَلَى فخذ زُفر وقال: لا تطمعن فِي الرياسة بأرض يكون هذا بها.
أخبرني الخلّال، أَخْبَرَنَا الحريري عَلِيّ بْن عمرو أن عَلِيّ بْن مُحَمَّد النخعي حدثهم قَالَ: حَدَّثَنَا نجيح- يعني ابن إبراهيم- حَدَّثَنَا ابن كرامة قَالَ: كُنَّا عِنْدَ وكيع يومًا فقال رَجُل: أخطأ أَبُو حنيفة، فقال وكيع: كيف يقدرُ أَبُو حنيفة يُخطئ ومعه مثل أبي يوسف وزُفر فِي قياسهما، ومثل يَحْيَى بْن أبي زائدة، وحفص بْن غياث، وحبان، ومندل فِي حفظهم الحديث، والقاسم بْن معن فِي معرفته باللغة العربية، وداود الطائي، وفُضيل بْن عياض فِي زهدهما وورعهما؟ من كَانَ هَؤُلَاءِ جلساؤه لم يكد يُخطئ لأنه إن أخطأ ردوه.
وقال النخعي: حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن بهلول، حَدَّثَنَا القاسم بْن مُحَمَّد البجلي قَالَ: سمعتُ إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة يقول: قَالَ أَبُو حنيفة يومًا:
أصحابنا هَؤُلَاءِ ستة وثلاثون رجلا، منهم ثَمانية وعشرون يصلحون للقضاء، ومنهم ستة يصلحون للفتوى، ومنهم اثنان يصلحان يؤدبان القضاة وأصحاب الفتوى، وأشار إلى أبي يوسف وزفر.
أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو بَكْر أَحْمَد بن الحسن الحرشي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الجهم قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيم بن عمر بن حماد بن أبي حنيفة: كَانَ أَبُو حنيفة حسن الفراسة، فقال لداود الطائي: أنت رجلٌ تتخلى للعبادة.
وقال لأبي يوسف تميلُ إلى الدُّنْيَا. وقال لزفر وغيره كلامًا فكان كما قَالَ. وقال ابن
السماك فِي كلامه: لا أقولُ إن أَبَا يوسف مجنون ولو قلت ذاك لم يقبل مني، ولكنه رَجُل صارع الدُّنْيَا فصرعته.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي بن مخلد الوراق، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى بن عروة، حدثنا محمّد بن يحيى النديم، حدثنا عون بن محمّد، حدثنا طاهر ابن أبي أَحْمَد الزبيري قَالَ: كَانَ رَجُل يجلس إلى أبي يوسف فيطيل الصمت. فقال لَهُ أَبُو يوسف: ألا تتكلم؟ فقال: بلى مَتَى يفطر الصائم. قَالَ: إذا غابت الشمس، قَالَ:
فإن لم تغب إلى نصف الليل؟ قَالَ: فضحك أَبُو يوسف وقال: أصبت فِي صمتك، وأخطأت أَنَا فِي استدعاء نُطقك، ثُمَّ تمثل:
عجبتُ لإزراء العَييِّ بنفسه ... وصمت الَّذِي قد كان للقول أعلما
وفي الصمت ستر للعَيي، وإنّما ... صحيفة لب المرء أن يتكلما
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسين بن الفضل القطان، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زياد النقاش أن عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن حنبل أخبرهم قَالَ: أَخْبَرَنَا أبي قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف القاضي يَقُولُ: صحبة من لا يَخشى العارَ عارٌ يوم القيامة.
وَأَخْبَرَنَا ابن الفضل، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر النقاش أنَّ عَبْد الله بْن أَحْمَد أخبره عَن أَبِيهِ قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف القاضي يَقُولُ: رءوس النعم ثلاثة، فأولها نعمة الْإسْلَام التي لا تتم نعمة إلا بِهَا، والثانية نعمة العافية التي لا تطيبُ الحياة إلا بِهَا، والثالثة نعمة الغنى التي لا يتمُ العيش إلا بِهَا، فأعجبني ذلك.
أخبرنا محمّد بن القاسم الأزرق، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن المقرئ أن مُحَمَّد بن عبد الرحمن السامي أخبرهم- بهراة- قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن الجعد قَالَ: سمعتُ قاضي القضاة- يعني أَبَا يوسف- يَقُولُ: العلمُ شيء لا يُعطيك بعضه حتى تُعطيه كُلَّك، وأنت إذا أعطيته كُلَّك من إعطائه البعض عَلَى غَرَرٍ.
أَخْبَرَنَا العتيقي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن الخليل الجلاب قَالَ: قَالَ لي إِبْرَاهِيم الحربي: قَالَ أَبُو يوسف: من أراد أن يتعلم الرأي فليأكل خبزا دبنا حتى يحرق كبده، ولا يأكل التين والعنب قَالَ إِبْرَاهِيم: وقال من نَظرَ فِي الرأي ولم يل القضاء فقد خسر الدنيا والآخرة ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ*
[الحج 11، والزمر 15] .
أخبرنا الجوهريّ، حدثنا محمّد بن العبّاس، حدثنا أبو بكر بن الأنباريّ قال:
حدثني محمّد بن المرزبان، حدثنا العلاء بن مسعود، حدَّثَنِي أبي قَالَ: كَانَ أَبُو يوسف راكبًا وغلامه يعدو وراءه فقال لَهُ رَجُل: أتستحل أن يعدو غلامك لِم لا تركبه؟ فقال لَهُ: أيجوز عندك أن أسلم غلامي مُكاريًا؟ قَالَ: نعم! قَال: فيعدو معي كما يعدو لو كَانَ مكاريًا.
أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو العلاء الواسطيّ، حدثنا محمّد بن جعفر التّميميّ بالكوفة، أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمّد، أخبرنا وكيع، أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيم بْن أبي عُثمان عَن يَحْيَى بْن عَبْد الصمد قَالَ: خُوصم مُوسَى- أمير المؤمنين- إلى أبي يوسف فِي بُستانه فكان الحكم فِي الظاهر لأمير المؤمنين وكان الأمرُ عَلَى خِلاف ذَلِكَ. فقال أمير المؤمنين لأبي يوسف: ما صنعت فِي الأمر الَّذِي يُتنازع إليك فِيهِ؟ قَالَ: خصم أمير المؤمنين يسألني أن أُحَلِّفَ أمير المؤمنين أن شهوده شَهِدوا عَلَى حق. فقال لَهُ مُوسَى:
وترى ذَلِكَ؟ قَالَ: قد كَانَ ابن أبي ليلى يراهُ. قَالَ: فاردد البستان عَلَيْهِ، وإنّما احتالَ عَلَيْهِ أَبُو يوسف.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عُمَر بْن روح النهرواني ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الجازري- قَالَ أَحْمَد أَخْبَرَنَا وقَالَ مُحَمَّد حَدَّثَنَا- المعافى بن زكريّا الجريري، حدثنا محمّد بن أبي الأزهر، حدثنا حمّاد بن إسحاق الموصليّ، حدَّثَنِي أبي قَالَ: حدَّثَنِي بشر بْن الوليد وسألته من أَيْنَ جاء؟ قَالَ: كنتُ عِنْدَ أبي يوسف يعقوب بْن إِبْرَاهِيم القاضي وكنا فِي حديث ظريف، قَالَ: فقلتُ لَهُ: حدَّثَنِي بِهِ. فقال: قَالَ لي يعقوب: بينا أَنَا البارحة قد أويت إلى فراشي، وإذا داقٌّ يدق الباب دقًّا شديدًا، فأخذت علي إزاري وخرجتُ فإذا هُوَ هرثمة بْن أعين، فسلمت عَلَيْهِ فقال: أجب أمير المؤمنين، فقلت: يا أَبَا حاتِم لي بك حرمة، وهذا وقت كما ترى ولست آمن أن يكون أمير المؤمنين دعاني لأمر من الأمور، فإن أمكنك أن تدفعَ بذلك إلى غد؟ فلعله أن يحدُث لَهُ رأي فقال: ما إلى ذَلِكَ سبيل. قلت: كيف كَانَ السبب؟ قَالَ: خرج إلي مسرور الخادم فأمرني أن آتي بك أمير المؤمنين، فقلت: تأذن لي أصب عليّ ماء وأتحنَّط فإن كَانَ أمرٌ من الأمور كنت قد أحكمتُ شأني، وإن رَزَقَ الله العافية فلن يضر فأذن لي، فدخلتُ فلبستُ ثيابًا جددًا، وتطيبتُ بما أمكنَ من الطيب، ثُمَّ خرجنا، فمضينا حتى أتينا دار أمير المؤمنين الرشيد، فإذا مسرور واقف فقال لَهُ هرثمة: قد جئت بِهِ؟ فقلت
لمسرور: يا أَبَا هاشم خدمتي وحُرمتي وميلي، وهذا وقت ضيق فتدري لم طلبني أمير المؤمنين؟ قَالَ: لا. قلت: فمن عنده؟ قَالَ: عيسى بْن جَعْفَر. قلت: ومن؟ قَالَ: ما عنده ثالث. قال: مر وإذا صرت إلى الصحن فإنه فِي الرواق وهو ذاك جالس، فحرك رجلك بالأرض، فإنه سيسألك، فقل أَنَا فجئت ففعلت فقال: من هذا؟ قلت:
يعقوب، قَالَ: ادخل، فدخلتُ فإذا هُوَ جالسٌ وعن يمينه عيسى بْن جَعْفَر، فسلمت فرد علي السلام وقال: أظننا رَوَّعْنَاك قلت: إي والله وكذلك من خلفي. قَالَ:
اجلس، فجلستُ حتى سكن رَوْعِي، ثُمَّ التفت إليّ فقال: يا يعقوب تدري لم دعوتُك؟ قلت: لا. قَالَ: دعوتُك لأشهدك عَلَى هذا أن عنده جارية سَأَلْتُهُ أن يهبها لي فامتنعَ، وسألته أن يبيعها فأبَى. والله لئن لَم يفعل لأقتلنه. قَالَ: فالتفت إلى عيسى، وقلت: ما بلغ الله بجارية تمنعها أمير المؤمنين وتنزل نفسك هذه المنزلة؟ قَالَ: فقال لي:
عجَّلت علي فِي القول قبل أن تعرف ما عندي؟ قلت: وما فِي هذا من الجواب؟ قَالَ:
إن عليّ يمينًا بالطلاق والعتاق وصدقة ما أملك أن لا أبيع هذه الجارية ولا أهبها.
فالتفت إليّ الرشيد فقال: هَلْ لَهُ فِي ذَلِكَ من مخرج؟ قلت: نعم! قَالَ: وما هُوَ؟ قلت:
يَهَب لك نصفها ويبيعك نصفها. فتكون لم تُبَع ولم تُهب، قَالَ عيسى: ويجوز ذَلِكَ؟
قلتُ: نعم! قَالَ: فأشهد أني قد وهبتُ لَهُ نصفها وبعته النصف الباقي بمائة ألف دينار، فقال: الجارية، فأتي بالجارية وبالمال، فقال: خُذها يا أمير المؤمنين بارك الله لك فيها.
قَالَ: يا يعقوب بقيت واحدة، قلت: ما هِيَ؟ قَالَ: هِيَ مملوكة ولا بد أن تستبرأ وو الله إن لَمْ أبت معها ليلتي إني أظن أن نَفسي ستخرج، قلت: يا أمير المؤمنين تعتقها وتتزوجها فإن الحرة لا تستبرأ. قَالَ: فإني قد أعتقتها فمن يزوجنيها؟ قلت: أَنَا، فدعا بِمسرور وحُسين، فخطبتُ وحمدت الله ثُمَّ زوجته عَلَى عشرين ألف دينار، ودعا بالمال فدفعه إليها. ثُمَّ قَالَ لي: يا يعقوب انصرف، ورفع رأسه إلى مسرور فقال يا مسرور قَالَ: لبيك أمير المؤمنين، قَالَ: احمل إلى يعقوب مائتي ألف درهم وعشرين تختًا ثيابًا، فحُمل ذَلِكَ معي. قَالَ: فقال بشر بْن الوليد: فالتفت إلى يعقوب فقال: هَلْ رأيت بأسًا فيما فعلت؟ قلت: لا قَالَ: فخذ منها حقك قلت: وما حقي؟ قَالَ: الْعُشر قَالَ: فشكرته ودعوت له وذهبت لأقوم وإذا بعجوز قد دخلت فقالت: يا أَبَا يوسف بنتك تُقرئك السلام وتقول لك: والله ما وصل إليّ فِي ليلتي هذه من أمير المؤمنين إلا المهر الَّذِي قد عرفته، وقد حملت إليك النصف منه وخلفت الباقي لما أحتاج إليه.
فقال: رديه، فو الله لا قبلتها، أخرجتها من الرق، وزوجتها أمير المؤمنين وترضى لي بِهذا. فلم نَزل نطلب إِلَيْهِ أَنَا وعمومتي حتى قبلها، وأمر لي بألف دينار.
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عُمَر بْن رَوْحٍ ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الْجَازِرِيُّ- قَالَ أَحْمَد أَخْبَرَنَا وَقَالَ مُحَمَّد حَدَّثَنَا- المعافى بن زكريا، حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدثني أبو الحسن الديباجي، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْيُوسُفِيُّ: أَنَّ أُمَّ جَعْفَرٍ كَتَبَتْ إِلَى أَبِي يُوسُفَ: مَا تَرَى فِي كَذَا وَأَحَبُّ الأَشْيَاءِ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ فِيهِ كَذَا. فَأَفْتَاهَا بِمَا أَحَبَّتْ، فَبَعَثَتْ إِلَيْهِ بِحُقِّ فِضَّةٍ فِيهِ حِقَاقُ فِضَّةٍ مُطْبَقَاتٍ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ لَوْنٌ مِنَ الطِّيبِ، وَفِي جَامِ دَرَاهِمَ وَسَطُهَا جَامٌ فِيهِ دَنَانِيرُ، فَقَالَ لَهُ جَلِيسٌ لَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيَّةٌ فَجُلَسَاؤُهُ شُرَكَاؤُهُ فِيهَا»
فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: ذَاكَ حِينَ كَانَتْ هَدَايَا الناس التمر واللبن.
وأخبرني محمّد بن الحسين القطّان، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ زِيَادٍ النَّقَّاشُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الصَّائِغَ أَخْبَرَهُمْ- بِمَكَّةَ- قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أصحاب الحديث وغيرهم، فوافقه هَدِيَّةٌ مِنْ أُمِّ جَعْفَرٍ احْتَوَتْ عَلَى تُخُوتٍ دَيْبَقِيٍّ، وَمُصْمَتٍ، وَشُرْبٍ، وَطِيبٍ، وَتَمَاثِيلَ نِدٍّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَذَاكَرَنِي رَجُلٌ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ جُلُوسٌ فَهُمْ شُرَكَاؤُهُ فِيهَا»
فَسَمِعَهُ أَبُو يُوسُفَ فقال: أبي تعرض؟ ذاك إِنَّمَا قَالَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْهَدَايَا يَوْمَئِذٍ الأَقِطُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ، وَلَمْ تَكُنِ الْهَدَايَا مَا تَرَوْنَ يَا غُلامُ: شِلْ إِلَى الخزائن.
أخبرني الخلّال، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن عَمْرو الحريري أن عَلِيّ بْن مُحَمَّد النخعي حدثهم قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق عَن بشر بْن غياث قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف يَقُولُ:
صحبتُ أَبَا حنيفة سبع عشرة سنة ثُمَّ قد انصبَّت علي الدُّنْيَا سبع عشرة سنة، فما أظن أجلي إلا وقد قرب، فما كان إلا شهور حتى مات.
وقال النخعي: حَدَّثَنَا أَبُو عمرو القزوينيّ، حَدَّثَنَا القاسم بْن الحكم العرني قَالَ:
سمعتُ أَبَا يوسف عِنْدَ موته يَقُولُ: يا ليتني متُّ عَلَى ما كنتُ عَلَيْهِ من الفقر، وأني لَمْ أدخل فِي القضاء عَلَى أني ما تعمدت بِحمد الله ونعمته جورًا، ولا حابيت خَصْمًا عَلَى خَصْم من سُلطان ولا سوقة.
أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المقرئ، حدثنا محمّد بن بكران الرّازيّ، حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى الصوفي قَالَ: سمعتُ عثمان بْن حكيم يَقُولُ: إني لأرجو لأبي يوسف فِي هذه المسألة، رُفع إلى هارون زنديق، فدعا أبو يوسف يكلمه، فقال لَهُ هارون: كلمه وناظره، فقال لَهُ: يا أمير المؤمنين، ادع بالسيف والنطع، وأعرض عَلَيْهِ الْإسْلَام فإن أسلم وإلا فاضرب عُنقه، هذا لا يناظر، وقد ألحد في الإسلام.
أخبرنا العتيقي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَلابُ قَالَ: قَالَ لي إِبْرَاهِيم الحربي: تدري أيش قَالَ أَبُو يوسف- وكان من عقلاء الناس-؟ قَالَ: لا تطلب الحديث بكثرة الرّواية فترمى بالكذب، ولا تطلب الدنيا بالكيميا فتفلس، ولا تحصل بيدك شيء، ولا تطلب العلم بالكلام فإنك تحتاج تعتذر كل ساعة إلى واحد.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن أَحْمَد الرزاز، حدثنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الليث الجوهري قَالَ: حدَّثَنِي أَبُو سُلَيْمَان بْن أبي رجاء قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف يَقُولُ:
العلم بالكلام جهل.
حدَّثَنِي الحسن بن أبي طالب، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عُمر بْن مُحَمَّد التَّمار، حدثنا مكرم ابن أحمد القاضي، حدثنا أحمد بن عطية قال: سمعت بشار الخفاف قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف يَقُولُ: من قَالَ القرآن مخلوق فحرام كلامه، وفرضٌ مباينته.
أخبرنا البرقانيّ، حدثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن طاهر بْن النجم الميانجي، حدثنا سعيد بن عمر البرذعي قَالَ: سمعتُ أَبَا زرعة- وهو الرازي- يَقُولُ: كَانَ أَبُو حنيفة جهميًا، وكان مُحَمَّد بْن الْحَسَن جهميًا، وكان أَبُو يوسف سليمًا من التجهم.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِم جَعْفَر بْن باي الجيلي، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ- بأصبهان- حدثنا أبو يعلى الموصليّ قال: سمعت عمر الناقد يَقُولُ: ما أحب أن أروي عَن أحد من أصحاب الرأي إلا عَن أبي يوسف فإنه كَانَ صاحب سنة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسن بْن أَحْمَد الأهوازي، حدثنا أبو بكر محمّد بن إسحاق ابن دارا القاضي- بالأهواز- قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إسحاق، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عمروس الْقُرظي- من ولد قُرَظة بْن كعب- قَالَ: قُدِّمَ إلى أبي يوسف مُسْلِم قتل ذميًا، فأمر أن
يُقاد بِهِ ووعدهم ليوم، وأمر بالقاتل فحُبِس، فلما كَانَ فِي اليوم الَّذِي وعدهم حضر أولياء الذمي وجيء بالمسلم القاتل، فلما همَّ أَبُو يوسف أن يَقُولُ أقيدوه، رأى رقعة قد سقطت، فتناولها صاحب الرقاع وخنسها، فقال له أبو يوسف ما هذه التي خنستها؟ فدفعها إِلَيْهِ فإذا فيها أبيات شعر، قالها أبو المضرجي شاعر ببغداد:
يا قاتل المسلم بالكافر ... جرْتَ وما العادلُ كالجائرِ؟
يا مَن ببغداد وأطرافِها ... من فقهاء الناس أو شاعر
جارَ عَلَى الدين أَبُو يوسف ... إذ يقتل المسلم بالكافر
فاسترجعوا وابكوا عَلَى دينكم ... واصطبروا فالأجر للصابر
قَالَ: فأمر بالقمطر فشد وركب إلى الرشيد فحدثه بالقصة وأقرأه الرقعة. فقال لَهُ الرشيد: اذهب فاحتل، فلما عاد أَبُو يوسف إلى داره وجاءه أولياء الذمي يطالبونه بالقَود. قَالَ لهم: ائتوني بشاهدين عدلين أنّ صاحبكم كَانَ يؤدِّي الجزية.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي، حَدَّثَنَا أَبُو منصور مُحَمَّد بْن القاسم العتكي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حفص بْن عُمَر الفقيه- بجرجان- حدثنا علي بن سلمة اللبقي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن يَحْيَى قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف القاضي عِنْدَ وفاته يَقُولُ: كل ما أفتيت بِهِ فقد رجعتُ عَنْهُ، إلا ما وافق كتاب الله وسنة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا التّنوخيّ، أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر، حدثني مكرم بن أحمد، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عطية قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن سماعة يَقُولُ: سمعتُ أَبَا يوسف فِي اليوم الَّذِي مات فِيهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنك تعلمُ أني لم أجر فِي حكم حكمت بِهِ بين عبادك متعمدًا. ولقد اجتهدت فِي الحكم بِما وافق كتابك وسنة نبيك، وكل ما أشكل عليّ جعلت أَبَا حنيفة بيني وبينك، وكان عندي والله ممن يعرف أمرك ولا يخرج عَن الحق وهو يعلمه.
أَخْبَرَنِي الخلّال، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن عمرو أن عَلِيّ بْن مُحَمَّد النخعي حدثهم قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن إسحاق الزّهريّ، حَدَّثَنَا بشر بْن الوليد الكندي قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف يَقُولُ فِي مرضه الَّذِي مات فِيهِ: اللَّهُمَّ إنك تعلم أني لم أطأ فرجًا حرامًا قط وأنا أعلم، اللَّهُمَّ إنك تعلم أني لم آكل درهمًا حرامًا قط وأنا أعلم.
أخبرنا التّنوخيّ، حدثنا طلحة بن محمّد، حدثني مكرم بن أحمد، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عطية قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن سماعة يَقُولُ: كَانَ أَبُو يوسف يُصلي بعد ما ولي القضاء فِي كل يوم مائتي ركعة.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّاهِدُ- بالبصرة- حدثنا علي بن إسحاق المادراني قال: سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: كَانَ أَبُو يوسف القاضي يحب أصحاب الحديث ويميلُ إليهم. قَالَ يَحْيَى: وقد كتبنا عَنْهُ أحاديث.
قَالَ أَبُو الفضل- يعني الْعَبَّاس- وسمعتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: أول ما طلبت الحديث ذهبت إلى أبي يوسف القاضي، ثُمَّ طلبنا بعد فكتبنا عَن الناس.
أَخْبَرَنِي الأَزْهَرِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَالِكِيُّ. قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الصَّفَّارُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمران بن موسى الصيرفي، حدثنا عبد الله بن علي ابن عبد الله المديني قَالَ: سمعت أبي يقول: قدم أَبُو يوسف- يعني القاضي- البصرة مرتين، أولا سنة ست وسبعين فلم آته، والثانية سنة ثَمانين فكنا نأتيه فكان يحدث بعشرة أحاديث وعشرة رأي. وأُراهُ قَالَ: ما أجد على أبي يوسف شيئا إلا حديث هشام فِي الحَجْر، وكان صدوقًا ولم يرو عَن هشام غيره- يعني هذا الحديث-.
أخبرنا الجوهريّ، حدثنا محمّد بن العبّاس، حدثنا أبو بكر بن الأنباريّ، حدَّثَنِي مُحَمَّد بْن المرزبان قَالَ: حَدَّثَنَا المغيرة المهلبي، حدثنا هارون بن موسى الفروي، حدَّثَنِي أخي عمران بْن مُوسَى قَالَ: حدَّثَنِي عمي سُلَيْمَان بْن فليح قَالَ: حضرتُ مجلس هارون الرشيد ومعه أَبُو يوسف فذكر سباق الخيل فقال أَبُو يوسف: سابق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من الغاية إلى بنية الوداع. فقلتُ: يا أمير المؤمنين صحف، إنّما هُوَ من الغابة إلى ثنية الوداع، وهو فِي غير هذا أشد تصحيفًا.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان قال:
سمعت سعيد بْنَ مَنْصُورٍ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لأَبِي يُوسُفَ: رَجُلٌ صَلَّى مَعَ الْإِمَام فِي مَسْجِدِ عَرَفَةَ، ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى دَفَعَ بِدَفْعِ الْإِمَامِ قَالَ: ماله؟ قَالَ: لا بَأْسَ بِهِ قَالَ: فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ، قَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ أَفَاضَ مِنْ عُرَنَةَ فَلا حِجَّ لَهُ، مَسْجِدُ عَرَفَةَ فِي بَطْنِ عُرَنَةَ. فَقَالَ: أَنُتْم أَعْلَمُ بِالأَحْكَامِ وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالْفِقْهِ. قَالَ: إِذَا لَمْ تَعْرِفِ الأَصْلَ فَكَيْفَ تَكُونُ فَقِيهًا؟
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ علي السوذرجاني- بأصبهان- أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: سمعتُ يَحْيَى- يعني القطان- وقال لَهُ جار لَهُ: حَدَّثَنَا أَبُو يوسف عَن أبي حنيفة عَن جَوّاب التيمي. فقال: مرجئ عَن مُرجئ عَن مرجئ.
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن عُمَر البرمكي، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ الدّقّاق، حدثنا عمر بن محمّد الجوهريّ، حدثنا أبو بكر الأثرم، حَدَّثَنَا نُعَيْم بْن حماد قَالَ:
سمعتُ ابن المبارك- وذكروا عنده أَبَا يوسف- فقال: لا تفسدوا مجلسنا بذكر أبي يوسف.
أَخْبَرَنَا العتيقي، أخبرنا يوسف بن أحمد الصيدلاني- بمكة- حدثنا محمّد بن عمرو العقيلي، حدثنا محمّد بن حاتم، حَدَّثَنَا حبَّان بْن مُوسَى قَالَ: سمعتُ ابن المبارك يَقُولُ: إني لأستثقل مجلسًا فِيهِ ذكرُ أبي يوسف.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يوسف، أَخْبَرَنَا محمد بن نعيم قال: سمعت أبا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ يَقُولُ: سمعتُ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن مهران يَقُولُ:
سمعتُ المسيب بْن واضح يَقُولُ: ما سمعتُ ابن المبارك ذكر أحدًا بسوء قط إلا أن رجلا قَالَ لَهُ: مات أَبُو يوسف قَالَ: مسكين يعقوب، ما أغنى عَنْهُ ما كان فيه.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، حدَّثَنِي أَحْمَد- يعني ابن يَحْيَى بْن عثمان- قَالَ: سمعتُ عَبْد الرزاق بن عمر البزيعي.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يوسف القطان النيسابوري- واللفظُ له- أخبرنا الخصيب بن عبد الله القاضي، أخبرنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي، أخبرني أبي، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عثمان بْن حكيم قَالَ: سمعتُ عَبْد الرزاق بْن عُمَر يَقُولُ: كنتُ عِنْدَ عَبْد الله بْن المبارك فجاءه رَجُل فسأله عَن مسألة فأفتاهُ فيها. فقال لَهُ: قد سألتُ أَبَا يوسف فخالفك، فقال لَهُ: إن كنت صليت خلف أبي يوسف صلوات تحفظها فأعدها.
أَخْبَرَنِي أَبُو الوليد الْحَسَن بْن محمّد الدينوري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَافِظُ- ببخارى- حدثنا خلف بن محمّد، حدثنا سهل بن شاذويه، حدثنا مسلم بن سالم الباهليّ، حدثنا علي بن مهران الرّازيّ، حَدَّثَنَا ابن المبارك- بالري- قَالَ: فيما حَدَّثَنَا يعقوب قَالَ لَهُ رَجُل: يا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن، يعقوب بْن إِبْرَاهِيم أَبُو يوسف؟ فقال
ابن المبارك: لأن أخِرَّ من السماء إلى الأرض فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح فِي مكان سحيق أحبُّ إليَّ من أن أروي عن ذلك .
حَدَّثَنَا يعقوب القمي. أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن محمّد الأدمي، حدثنا محمّد بن علي الإيادي، حَدَّثَنَا زكريا الساجي قَالَ: يعقوب بْن إِبْرَاهِيم أَبُو يوسف صاحب أبي حنيفة مذموم مُرجئ.
حدثني أبو داود سليمان بن الأشعث، حَدَّثَنَا عبدة بْن عَبْد الله الخراساني قَالَ: قَالَ رجلٌ لابن المبارك: أيُّما أصدق أَبُو يوسف أو محمّد؟ قال: لا تقل أيهما أصدق، قل أيهما أكذب. قِيلَ لعبد الله بْن المبارك: أيما؟ قَال أَبُو يوسف: قَالَ: ما ترضى أن تسميه حتى تكنيه؟ قل قَالَ يعقوب.
قَالَ أَبُو داود: وسمعتُ المسيب بْن واضح قَالَ: قِيلَ لابن المبارك مات أَبُو يوسف.
فقال: الشقي يعقوب.
أَخْبَرَنَا العتيقي، أخبرنا يوسف بن أحمد الصيدلاني، حدثنا محمّد بن عمرو العقيلي، حدثنا معاذ بن المثنى، حدثنا رجاء بن السندي قال: سمعت عبد الله بن إدريس يَقُولُ: كَانَ أَبُو حنيفة ضالا مُضلا، وأبو يوسف فاسق من الفاسقين.
أخبرنا البرمكي، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ، حدثنا عمر بن محمّد الجوهريّ، حدثنا أبو بكر الأثرم، حدثنا يحيى بن محمّد بن ثابت قَالَ: سمعتُ ابن إدريس يَقُولُ: رأيتُ أَبَا يوسف- والذي ذهب بنفسه- بعد موته فِي المنام يصلي إلى غير القبلة، قَالَ: وكان جاره. قَالَ: وسمعتُ وكيعًا- وسأله رَجُل عَن مسألة- فقال الرجل: إن أَبَا يوسف يَقُولُ كذا وكذا، فحول رأسه وقال: أما تتقي الله! بأبي يوسف تحتج عِنْدَ الله عَزَّ وَجَلَّ؟.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، أخبرنا دعلج بن أحمد، حدثنا أحمد بن علي الأبار، حَدَّثَنَا محمود بْن غَيْلان. قَالَ: قُلْتُ ليزيد بْن هارون: ما تقولُ فِي أبي يوسف؟ قَالَ: لا تحل الرواية عَنْهُ، إنه كَانَ يعطي أموال اليتامى مُضاربة، ويجعل الربح لنفسه.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي، حدثنا محمّد بن إبراهيم بن
شعيب الغازي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن إسماعيل الْبُخَاريّ يَقُولُ حُكِيَ لنا عَن النعمان أَنَّهُ قَالَ: ألا تعجبون من يعقوب؟ يَقُولُ علي ما لم أقل.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعْدُونَ الْمَوْصِلِيُّ، أخبرنا علي بن عمر الحضرميّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ قَالَ: سمعتُ يوسف بْن مُوسَى القطان- فِي سنة خمس وعشرين ومائتين فِي دار القطن- يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْم الْفَضْل بْن دكين يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حنيفة يَقُولُ لأبي يوسف: ويحكم، كم تكذبون عليّ فِي هذه الكتب ما لم أقل .
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن عبد الله الأنماطيّ، أخبرنا محمّد بن المظفّر الحافظ، أخبرنا علي ابن أحمد بن سليمان المصريّ، حَدَّثَنَا أحمد بن سعد بن أبي مريم قَالَ: وسألته- يعني يَحْيَى بْن معين- عَن أبي يوسف. فقال: لا يُكْتَبُ حديثه.
قلت: قد رَوى غير ابن أبي مريم عَن يَحْيَى أَنَّهُ وثقه.
أخبرنا الأزهري، حدثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن داود الحداني قَالَ: سمعتُ عِيسَى بْن يونس- وسئل عَن أبي يوسف- فقال: يعقوب؟ كَانَ يحفظ الحديث عِنْدَ الأعمش.
قَالَ جدي وذكره يَحْيَى بْن معين يومًا فقال كلامًا نسبه فِيهِ إلى الصدق لا أقدم عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن رزق، أَخْبَرَنَا هبة الله بن محمد بن حبش الفرّاء، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن عُثْمَانَ بْن أَبِي شيبة قَالَ: وسمعته- يعني يَحْيَى بْن معين- وذكر لَهُ أَبُو يوسف القاضي فقال: لم يكن يُعرف بالحديث.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى السكري، أَخْبَرَنَا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حدثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر، حَدَّثَنَا ابن الغلابي قَالَ: قَالَ يحيى بن معين: أَبُو يوسف القاضي لَمْ يكن يعرف الحديث وهو ثقةٌ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْد الله بْن عمر الواعظ، حدثنا أبي، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الله بْن مهران المستملي، حَدَّثَنَا حسين بْن فهم قَالَ: سمعتُ أبي يسأل يَحْيَى بْن معين عَن أبي يوسف فقال: ثقة إذا حدث عن الثقات.
أخبرني الأزهري، حدثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال: سمعتُ عباسًا- يعني الدوري- يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: أَبُو يوسف أنبلُ من أن يكذب.
أخبرنا التّنوخيّ، أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر، حدثني مكرم بن أحمد، حدَّثَنِي أَحْمَد بْن عطية قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: لَيْسَ أحد من أصحاب الرأي أثبت عندي من أبي يوسف، ولا فِي أصحاب أبي حنيفة أحفظ للفقه عِنْدِي منه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ حبيش الرازي قَالَ: سمعت محمد بن أحمد بن عصام يقول: سمعت محمّد بن سعيد العوفي يَقُولُ: سمعت يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: كَانَ أَبُو يوسف ثقة، إلا أَنَّهُ كَانَ ربما غلط.
أخبرنا الأزهري، حدثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: كتبتُ عَن أبي يوسف وأنا أحدث عَنْهُ. وقال جدي: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: أول من كتبت عَنْهُ الحديث أَبُو يوسف وأنا لا أحدث عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد مُحَمَّد بن موسى الصيرفي قَالَ: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت عبد الله بْن حنبل يَقُولُ: قَالَ أبي: أَبُو يوسف صدوق، ولكن أصحاب أبي حنيفة لا ينبغي أن يُروى عنهم شيء.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن أبي طالب، حدثنا عبد الواحد بن علي الفامي، حدثنا عبد الله ابن سليمان بن عيسى الفامي، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن هانئ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل وسئل عَن أبي حنيفة يُروى عَنْهُ؟ قَالَ: لا. قِيلَ لَهُ فأبو يوسف؟ قَالَ: كأنه أمثلهم. ثُمَّ قَالَ: كل من وضع الكتب من كلامه فلا يعجبني أو يجرد الحديث.
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: قرئ على إسحاق النعالي- وأنا أسمع- حدثكم عبد الله بن إسحاق المدائني، حَدَّثَنَا حنبل بْن إِسْحَاق قَالَ: سَمِعْتُ عمي- يعني أَحْمَد بْن حنبل- يَقُولُ: كَانَ يعقوب أَبُو يوسف يروي عَن حنظلة وعن المكيين، وكان منصفا في الحديث.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدثنا سهل بن أحمد الواسطيّ، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: أَبُو يوسف صدوق كثير الغلط.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل، أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي، حدثنا محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَاريّ قَالَ: يعقوب بْن إِبْرَاهِيم أَبُو يوسف القاضي تركوه.
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: سألتُ أَبَا الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة فقال: هُوَ أقوى من مُحَمَّد بْن الْحَسَن.
حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطبري قَالَ: سمعتُ أَبَا الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ سُئل عَن أبي يوسف الْقَاضِي فَقَالَ: أعور بين عُميان. وكان القاضي أَبُو عَبْد الله الصيمري حاضرًا فقام فانصرفَ ولم يعد إلى مجلس الدَّارَقُطْنِيّ بعد ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ حبيش الرّازيّ، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُوسَى بْن داود القمي الفقيه قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن شُجاع يَقُولُ: حدَّثَنِي عَبْد الرحيم القواس، قَالَ ابن شجاع وسمعتُ أصحاب معروف- يعني قَالَ- قَالَ معروف وهو الكرخي بلغني أن أَبَا يوسف عليل ثقيل من علته. فأحب أن تأتي منزله، فإذا مات أعلمتني. قَالَ فجئته فحين صرت إلى باب دار الرقيق إذا جنازة أبي يوسف قد أخرجت، فقلتُ لا أدرك أن آتي معروفًا فأخبره. فصليتُ عَلَيْهِ مَعَ الناس، ثُمَّ أتيتُ معروفًا فأخبرته، فاشتد ذاك عَلَيْهِ وجعل يسترجع. فقلتُ لَهُ: يا أَبَا محفوظ وما أسفكَ عَلَى ما فاتك من جنازته؟ فقال: رأيتُ كأني دخلتُ الجنة فإذا قصرٌ قد بنى، وتم شرفه وجصص، وعلقت أبوابه وستوره، وتم أمره. فقلت: لِمن هذا؟ فقالوا: لأبي يوسف القاضي. فقلت لهم: وبمَ نالَ هذا؟ فقالوا بتعليمه الناس الخير وحرصه عَلَى ذَلِكَ، وبأذى الناس لَهُ.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أحمد بن محمد المفيد، أَخْبَرَنَا أبو جعفر محمد بن معاذ الهروي، حَدَّثَنَا أَبُو داود السنجي قَالَ: قَالَ الهيثم بْن عدي: وأبو يوسف يعقوب القاضي تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين ومائة فِي خلافة هارون كذا قَالَ وهو خطأ، والصواب ما:
أخبرنا أبو سعيد بن حسنويه، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ، حدثنا عمر بن أحمد الأهوازي، حَدَّثَنَا خليفة بْن خيَّاط. قَالَ: وأبو يوسف القاضي يعقوب بْن إِبْرَاهِيم. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سفيان قَالَ: سنة اثنتين وثَمانين ومائة فيها تُوُفِّيَ أَبُو يوسف يعقوب القاضي.
وأَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن أبي بَكْر قَالَ: كتب إِلَى مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ الجوري يذكر أن أَحْمَد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يونس الضبي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حسان الزيادي قَالَ: سنة اثنتين وثَمانين ومائة فيها مات أَبُو يوسف يعقوب بْن إِبْرَاهِيم القاضي وهو ابن تسع وستين. فمات فِي شهر ربيع الأول لِخمس خَلَون منه، وولي القضاء سنة ست وستين أيام خرج مُوسَى بْن المهدي إلى جُرجان، فولي القضاء إلى أن مات ست عشرة سنة.
أَخْبَرَنَا الأزهري، حدثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: وَتُوُفِّيَ أَبُو يوسف القاضي ببغداد لخمس ليالٍ خَلَون من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين ومائة.
أخبرنا البرقانيّ، أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال، أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قَالَ: سمعتُ أبي يَقُولُ: سمعتُ شجاع بْن مخلد يَقُولُ: حضرنا جنازة أبي يوسف القاضي ومعنا عبَّاد بْن العوام فسمعتُ عبادًا يَقُولُ: ينبغي لأهل الْإسْلَام أن يُعزِّي بعضهم بعضًا بأبي يوسف.
أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو عَبْد الله الصيمري، أخبرنا محمّد بن عمران المرزباني، أخبرنا محمّد بن الحسن بن دريد، أَخْبَرَنَا السكن بْن سَعِيد عَن أَبِيهِ عَن هشام بْن مُحَمَّد الكلبي قَالَ: قَالَ ابن أبي كثير، مولى بني الحارث بْن كعب- من أهل البصرة- يرثي أَبَا يوسف القاضي:
سقى جدثا بِهِ يعقوب أضحى ... رهينًا للبلى هزج رُكام
تلطف بالقياس لنا فأضحت ... حلالا بعد شيعتها المدام
فلولا أن قصدن لَهُ المنايا ... وأعجله عَن الفطر الحمام
لأعمل فِي القياس الرأي حتى ... يعز عَلَى ذوي الريب الحرام
كوفي سمع أبا إسحاق الشيباني، وسليمان التيمي، ويحيى بن سَعِيد الأنصاري، وسليمان الأعمش وَهشام بْن عروة، وَعبيد اللَّه بْن عُمَر العمري، وحنظلة بن أبي سفيان، وعطاء بن السائب، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وحجاج بن أرطاة، والحسن بن دينار وليث بن سعد، وأيوب بن عتبة. روي عنه محمد بن الحسن الشيباني، وبشر بن الوليد الكندي، وعلي بن الجعد، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعمرو بن محمد الناقد، وأحمد بن منيع، وعلي بن مسلم الطوسي، وعبدوس ابن بشر، والحسن بن شبيب، في آخرين. وكان قد سكن بغداد، وولاه موسى بن المهدي القضاء بِها، ثم هارون الرشيد من بعده، وهو أول من دُعِيَ بقاضي القضاة في الإسلام.
أخبرنا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن مهدي، أخبرنا محمّد بن مخلد العطّار، حدثنا عبدوس بن بشر الرّازيّ، حدثنا أبو يوسف القاضي، حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: قلتُ لأبي: حَدَّثَنَا عمرو الناقد قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيم قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أن عَبْد الله بْن جَعْفَر أتى الزبير بْن العوام فقال: إني اشتريتُ كذا وكذا، وأن عليًّا يريدُ أن يأتي أمير المؤمنين عثمان، فذكر حديث الحجر. فقال عثمان: كيف أحجر عَلَى رَجُل فِي بيع شريكه فِيه الزبير؟ فقال: إنا لم نسمع هذا الأمر إلا من حديث أبي يوسف القاضي.
أَخْبَرَنَا الحسين بن علي الصيمري، أخبرنا عمر بن إبراهيم المقرئ، حدثنا مكرم بن أحمد قال: قال محمد بن خلف بن حبان بْن صدقة المقرئ: أبو يوسف يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن حبيب بْن سعد بْن بُجير بْن مُعَاويَة، وأم سعد حبْتة بِنْت مالك من بني عمرو بن عوف، وسعد بن حبتة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كَانَ فيمن عُرِض عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أحد مَعَ رافع بْن خديج، وابن عُمَر.
أَخْبَرَنَا التنوخي، أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال: وأَبُو يوسف يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن حبيب بن سعد بن حبتة الْأنْصَارِيّ، وكان- يعني سعدًا- فيمن عُرض عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أحد فاستصغره، وحبيب بْن سعد أخو النعمان بْن سعد الَّذِي يروي عَن عَلِيّ بْن أبي طالب وحبتة أمه، وهو سعد بْن بُجير بْن مُعاوية بْن قُحافة بْن بُليل بْن سدوس بْن عَبْد مناف بْن أبي أسامة بن شخمة بن سعد بن عبد بن قدار بن معاوية ابن ثعلبة بْن مُعَاويَة بْن زيد بْن العوذ بْن بجيلة. وأم سعد حبتة بِنْت مالك من بني عمرو بْن عوف.
أَخْبَرَنَا الصيمري، أخبرنا أبو عبيد الله بن عمران المرزباني، حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا أحمد بن القاسم البرتي، حدثنا بشر بْن الوليد قَالَ: سمعت أبا يوسف يعقوب ابن إِبْرَاهِيم بْن سعد بْن حبتة القاضي. قَالَ ابن كامل: هُوَ قاضي مُوسَى الهادي وهارون الرشيد ببغداد. وقال: ولم يختلف يَحْيَى بْن معين، وأحمد بن حنبل،
وعلي ابْن الْمَدِينِيّ فِي ثقته فِي النقل. قَالَ: وهو أول من خوطب بقاضي القضاة، وكان استخلفَ ابنه يوسف عَلَى الجانب الغربي، فأقرَّه الرشيد عَلَى عمله، وولى قضاء القضاة بعد موت أبي يوسف أَبَا البختري وهب بْن وهب الْقُرَشِيّ.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بن محمّد المعدل، أخبرنا عبد الله بن محمّد الأسديّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر الدامغاني الفقيه قَالَ: سمعتُ أَبَا جَعْفَر الطحاوي يَقُولُ: مولد أبي يوسف سنة ثلاث عشرة ومائة.
أخبرنا الصيمري، أخبرنا عمر بن إبراهيم، حدثنا مكرم بن أحمد، حَدَّثَنَا عَبْد الصمد بْن عُبَيْد الله عَن عَلِيّ بْن حرملة التيمي عَن أبي يوسف قَالَ: كنتُ أطلبُ الحديث والفقه وأنا مقل رث الحال، فجاء أبي يومًا وأنا عِنْدَ أبي حنيفة فانصرفتُ معه. فقال: يا بني لا تمدن رجلك مَعَ أبي حنيفة، فإن أَبَا حنيفة خبزه مشوي، وأنت تحتاج إلى المعاش، فقصرت عَن كثير من الطلب، وآثرت طاعة أبي، فتفقدني أَبُو حنيفة وسأل عني، فجعلتُ أتعاهد مجلسه. فلما كَانَ أول يوم أتيته بعد تأخري عَنْهُ قَالَ لي: ما شغلك عنَّا؟ قلت: الشغل بالمعاش وطاعة والدي، فجلست فلما انصرف الناس دفع إلي صرة، وقال: استمتع بِهذه، فنظرتُ فإذا فيها مائة درهم. فقال لي: الزم الحلقة وإذا نفدت هذه فأعلمني، فلزمتُ الحلقة فلما مضت مدة يسيرة دفع إلي مائة أخرى، ثُمَّ كَانَ يتعاهدني وما أعلمته نحلة قط ولا أخبرته بنفاد شيء، وكان كأنه يُخبر بنفادها حتى استغنيتُ وتموَّلتُ. وحكي أن والد أبي يوسف مات وخلف أَبَا يوسف طفلا صغيرًا، وأنّ أمه هِيَ التي أنكرت عَلَيْهِ حُضوره حلقة أبي حنيفة.
كذلك أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن أَبِي بَكْر قَالَ: ذكر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زياد النقاش أن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن السامي أخبرهم بهراة قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الجعد، أَخْبَرَنِي يعقوب بْن إِبْرَاهِيم أَبُو يوسف القاضي قَالَ: تُوُفِّيَ أبي إِبْرَاهِيم بْن حبيب وخلَّفني صغيرًا فِي حجر أمي، فأسلمتني إلى قصَّار أخدمه، فكنتُ أدع القصار وأمرُّ إلى حلقة أبي حنيفة فأجلس أستمع، فكانت أمي تجيء خلفي إلى الحلقة، فتأخذ بيدي وتذهب بي إلى القصار، وكان أَبُو حنيفة يعنى بي لما يرى من حضوري وحرصي عَلَى التعلم، فلما كثر ذَلِكَ عَلَى أمي وطال عليها هربي، قَالَتْ لأبي حنيفة: ما لِهذا الصبي فسادٌ غيرك، هذا صبي يتيم لا شيء لَهُ، وإنما أطعمه من مغزلي وآمل أن يكسب دانقًا يعود بِهِ عَلَى نفسه. فقال لَهَا أَبُو حنيفة: مُري يا رعناء هذا هُوَ ذا يتعلم أكل الفالوذج
بدهن الفستق، فانصرفت عَنْهُ وقالت لَهُ: أنت شيخٌ قد خرفت وذهب عقلك، ثُمَّ لزمته فنفعني الله بالعلم ورفعني حتى تقلدت القضاء، وكنت أجالس الرشيد وآكل معه عَلَى مائدته، فلما كَانَ فِي بعض الأيام قدم إلي هارون فالوذجة فقال لي هارون يا يعقوب كل منه فليس كل يوم يعمل لنا مثله. فقلتُ: وما هذه يا أمير المؤمنين؟ فقال:
هذه فالوذجة بدهن الفستق، فضحكتُ. فقال لي: مم ضحكت؟ فقلتُ: خيرًا، أبقى الله أمير المؤمنين، قَالَ: لتخبرني- وألحّ علي- فخبرته بالقصة من أولها إلى آخرها فعجب من ذَلِكَ. وقال: لعمري إن العلم ليرفعُ وينفع دينًا ودنيا، وترحم عَلَى أبي حنيفة، وقال: كَانَ ينظر بعين عقله مالا يراهُ بعين رأسه.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن مُحَمَّد الخلّال، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن عَمْرو الحريري أن عَلِيّ ابن محمد بن كاس النخعي أخبرهم قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن خازم، حَدَّثَنَا عُبيد بْن مُحَمَّد قال: سمعتُ عُمَر بْن حماد يَقُولُ: سمعتُ أَبَا يوسف يَقُولُ: ما كَانَ فِي الدُّنْيَا أحب إليّ من مجلس أجلسه مَعَ أبي حنيفة وابن أبي ليلى، فإني ما رأيتُ فقيهًا أفقه من أبي حنيفة، ولا قاضيًا خيرًا من ابن أبي ليلى. وقال النخعي: سمعتُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق البكائي يَقُولُ: سمعتُ إِسْمَاعِيل بْن حماد بْن أبي حنيفة يَقُولُ:
كَانَ أصحابُ أبي حنيفة عشرة: أَبُو يوسف، وزُفَر، وأسد بْن عمرو البجلي وعافية الأودي، وداود الطائي، والقاسم بْن معن المسعودي، وعلي بْن مسهر، ويحيى بْن زكريا بْن أبي زائدة، وحبان، ومندل ابنا علي العنزي. ولَمْ يكن فيهم مثل أبي يوسف، وزُفر.
وقال النخعي: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عمار بْن أبي مالك. قَالَ: سمعتُ عمار بْن أبي مالك يَقُولُ: ما كَانَ فيهم مثل أبي يوسف لولا أَبُو يوسف ما ذكر أَبُو حنيفة ولا ابن أبي ليلى، ولكنه هُوَ نشرَ قولهما وبث علمهما.
أخبرنا التّنوخيّ، أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال: وأبو يوسف مشهور الأمر ظاهر الفضل وهو صاحب أبي حنيفة وأفقه أهل عصره، ولم يتقدمه أحد فِي زمانه، وكان النهاية فِي العلم والحكم، والرياسة والقدر، وأولُ من وضع الكتب فِي أصول الفقه عَلَى مذهب أبي حنيفة، وأملى المسائل ونشرها وبث علم أبي حنيفة فِي أقطار الأرض.
أخبرنا علي بن أبي علي البصريّ، حَدَّثَنَا أَبُو ذر أَحْمَد بْن علي بْن محمّد الأستراباذي، حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن محمد بن منصور الدامغاني الفقيه، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَلامَة الأزديّ الطحاوي، حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي ثَوْر الرعيني- المعروف بابن عبدون قاضي إفريقية- قَالَ: حدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عمران قَالَ: حدَّثَنِي أسد بْن فُرات قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن الْحَسَن يَقُولُ: مرض أَبُو يوسف فِي زمن أبي حنيفة مرضًا خيف عَلَيْهِ منه، قَالَ: فعاده أَبُو حنيفة ونحنُ معه، فلما خرج من عنده وضع يديه عَلَى عتبة بابه. وقال: إن يمت هذا الفتى فإنه أعلمُ من عليها.
وأومأ إلى الأرض.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن علي المعدل، أَخْبَرَنَا القاضي عَبْد الله بْن مُحَمَّد الأسدي، حدثنا أبو بكر الدامغاني الفقيه، حدثنا أبو جعفر الطحاوي، حدثنا ابن أبي عمران، حدثنا بشر بْن الوليد قَالَ: سمعت أبا يوسف يَقُولُ: سألني الأعمش عَن مسألة فأجبته فيها، فقال لي: من أَيْنَ قُلت هذا؟ فقلتُ: لحديثك الَّذِي حدثتناهُ أنت، ثُمَّ ذكرتُ لَهُ الحديث. فقال لي: يا يعقوب إني لأحفظُ هذا الحديث قبل أن يجتمع أبواك فما عرفت تأويله حتى الآن.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بن عثمان بن يَحْيَى، حدثنا محمّد بن إبراهيم ابن حُبيش البغوي الشاهد قَالَ: حدَّثَنِي جَعْفَر بْن يس قَالَ: كنت عِنْدَ المزني، فوقف عَلَيْهِ رَجُل فسأله عَن أهل العراق فقال لَهُ: ما تَقُولُ فِي أبي حنيفة؟ فقال: سيدهم.
قَالَ: فأبو يوسف؟ قَالَ: أتبعهم للحديث، قَالَ: فمحمد بْن الْحَسَن قَالَ: أكثرهم تفريعًا قَالَ: فزُفر؟ قال: أحدهم قياسا.
أخبرني الخلّال، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن عَمْرو الحريري أن عَلِيّ بْن مُحَمَّد النخعي حدثهم قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ العزيز عَن بَكْر العمي عَن هلال بْن يَحْيَى قَالَ: كَانَ أَبُو يوسف يحفظ التفسير والمغازي وأيام العرب وكان أقل علومه الفقه.
وقال النخعي: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل الطلحي عَن أَبِيهِ عَن عُمر بن حماد بْن أبي حنيفة عَن أَبِيهِ قَالَ: رأيتُ أَبَا حنيفة يومًا وعن يمينه أَبُو يوسف، وعن يساره زُفَر، وهما يتجادلان فِي مسألة، فلا يَقُولُ أَبُو يوسف قولا إلا أفسده زُفَر، ولا يَقُولُ
زُفَر قولا إلا أفسده أَبُو يوسف إلى وقت الظهر، فلما أذن المؤذن رفع أَبُو حنيفة يده فضربَ بِهَا عَلَى فخذ زُفَر وقال: لا يطمع فِي رياسة ببلدة فيها أَبُو يوسف. قَالَ:
وقضى لأبي يوسف عَلَى زُفَر.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن علي البادا، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحسين بْن حميد بْن الربيع، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن الربيع قَالَ: سمعتُ الفضل بْن مقاتل الخراساني ذكر عَن عَبْد الرزاق بْن هَمَّام الصنعاني قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن عمارة يَقُولُ: رأيتُ أَبَا يوسف وزُفَر يومًا افتتحا مسألة عِنْدَ أبي حنيفة من حين طلعت الشمس إلى أن نودي بالظهر، فإذا قضى لأحدهما عَلَى الآخر قَالَ لَهُ الآخر أخطأت ما حجَّتك؟ فيخبره حتى كَانَ آخر ذَلِكَ أن قضى لأبي يوسف عَلَى زُفَر حين نودي بالظهر. فقام أَبُو يوسف، قَالَ: فضرب أَبُو حنيفة عَلَى فخذ زُفر وقال: لا تطمعن فِي الرياسة بأرض يكون هذا بها.
أخبرني الخلّال، أَخْبَرَنَا الحريري عَلِيّ بْن عمرو أن عَلِيّ بْن مُحَمَّد النخعي حدثهم قَالَ: حَدَّثَنَا نجيح- يعني ابن إبراهيم- حَدَّثَنَا ابن كرامة قَالَ: كُنَّا عِنْدَ وكيع يومًا فقال رَجُل: أخطأ أَبُو حنيفة، فقال وكيع: كيف يقدرُ أَبُو حنيفة يُخطئ ومعه مثل أبي يوسف وزُفر فِي قياسهما، ومثل يَحْيَى بْن أبي زائدة، وحفص بْن غياث، وحبان، ومندل فِي حفظهم الحديث، والقاسم بْن معن فِي معرفته باللغة العربية، وداود الطائي، وفُضيل بْن عياض فِي زهدهما وورعهما؟ من كَانَ هَؤُلَاءِ جلساؤه لم يكد يُخطئ لأنه إن أخطأ ردوه.
وقال النخعي: حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن بهلول، حَدَّثَنَا القاسم بْن مُحَمَّد البجلي قَالَ: سمعتُ إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة يقول: قَالَ أَبُو حنيفة يومًا:
أصحابنا هَؤُلَاءِ ستة وثلاثون رجلا، منهم ثَمانية وعشرون يصلحون للقضاء، ومنهم ستة يصلحون للفتوى، ومنهم اثنان يصلحان يؤدبان القضاة وأصحاب الفتوى، وأشار إلى أبي يوسف وزفر.
أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو بَكْر أَحْمَد بن الحسن الحرشي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الجهم قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيم بن عمر بن حماد بن أبي حنيفة: كَانَ أَبُو حنيفة حسن الفراسة، فقال لداود الطائي: أنت رجلٌ تتخلى للعبادة.
وقال لأبي يوسف تميلُ إلى الدُّنْيَا. وقال لزفر وغيره كلامًا فكان كما قَالَ. وقال ابن
السماك فِي كلامه: لا أقولُ إن أَبَا يوسف مجنون ولو قلت ذاك لم يقبل مني، ولكنه رَجُل صارع الدُّنْيَا فصرعته.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي بن مخلد الوراق، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى بن عروة، حدثنا محمّد بن يحيى النديم، حدثنا عون بن محمّد، حدثنا طاهر ابن أبي أَحْمَد الزبيري قَالَ: كَانَ رَجُل يجلس إلى أبي يوسف فيطيل الصمت. فقال لَهُ أَبُو يوسف: ألا تتكلم؟ فقال: بلى مَتَى يفطر الصائم. قَالَ: إذا غابت الشمس، قَالَ:
فإن لم تغب إلى نصف الليل؟ قَالَ: فضحك أَبُو يوسف وقال: أصبت فِي صمتك، وأخطأت أَنَا فِي استدعاء نُطقك، ثُمَّ تمثل:
عجبتُ لإزراء العَييِّ بنفسه ... وصمت الَّذِي قد كان للقول أعلما
وفي الصمت ستر للعَيي، وإنّما ... صحيفة لب المرء أن يتكلما
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسين بن الفضل القطان، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زياد النقاش أن عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن حنبل أخبرهم قَالَ: أَخْبَرَنَا أبي قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف القاضي يَقُولُ: صحبة من لا يَخشى العارَ عارٌ يوم القيامة.
وَأَخْبَرَنَا ابن الفضل، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر النقاش أنَّ عَبْد الله بْن أَحْمَد أخبره عَن أَبِيهِ قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف القاضي يَقُولُ: رءوس النعم ثلاثة، فأولها نعمة الْإسْلَام التي لا تتم نعمة إلا بِهَا، والثانية نعمة العافية التي لا تطيبُ الحياة إلا بِهَا، والثالثة نعمة الغنى التي لا يتمُ العيش إلا بِهَا، فأعجبني ذلك.
أخبرنا محمّد بن القاسم الأزرق، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن المقرئ أن مُحَمَّد بن عبد الرحمن السامي أخبرهم- بهراة- قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن الجعد قَالَ: سمعتُ قاضي القضاة- يعني أَبَا يوسف- يَقُولُ: العلمُ شيء لا يُعطيك بعضه حتى تُعطيه كُلَّك، وأنت إذا أعطيته كُلَّك من إعطائه البعض عَلَى غَرَرٍ.
أَخْبَرَنَا العتيقي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن الخليل الجلاب قَالَ: قَالَ لي إِبْرَاهِيم الحربي: قَالَ أَبُو يوسف: من أراد أن يتعلم الرأي فليأكل خبزا دبنا حتى يحرق كبده، ولا يأكل التين والعنب قَالَ إِبْرَاهِيم: وقال من نَظرَ فِي الرأي ولم يل القضاء فقد خسر الدنيا والآخرة ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ*
[الحج 11، والزمر 15] .
أخبرنا الجوهريّ، حدثنا محمّد بن العبّاس، حدثنا أبو بكر بن الأنباريّ قال:
حدثني محمّد بن المرزبان، حدثنا العلاء بن مسعود، حدَّثَنِي أبي قَالَ: كَانَ أَبُو يوسف راكبًا وغلامه يعدو وراءه فقال لَهُ رَجُل: أتستحل أن يعدو غلامك لِم لا تركبه؟ فقال لَهُ: أيجوز عندك أن أسلم غلامي مُكاريًا؟ قَالَ: نعم! قَال: فيعدو معي كما يعدو لو كَانَ مكاريًا.
أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو العلاء الواسطيّ، حدثنا محمّد بن جعفر التّميميّ بالكوفة، أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمّد، أخبرنا وكيع، أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيم بْن أبي عُثمان عَن يَحْيَى بْن عَبْد الصمد قَالَ: خُوصم مُوسَى- أمير المؤمنين- إلى أبي يوسف فِي بُستانه فكان الحكم فِي الظاهر لأمير المؤمنين وكان الأمرُ عَلَى خِلاف ذَلِكَ. فقال أمير المؤمنين لأبي يوسف: ما صنعت فِي الأمر الَّذِي يُتنازع إليك فِيهِ؟ قَالَ: خصم أمير المؤمنين يسألني أن أُحَلِّفَ أمير المؤمنين أن شهوده شَهِدوا عَلَى حق. فقال لَهُ مُوسَى:
وترى ذَلِكَ؟ قَالَ: قد كَانَ ابن أبي ليلى يراهُ. قَالَ: فاردد البستان عَلَيْهِ، وإنّما احتالَ عَلَيْهِ أَبُو يوسف.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عُمَر بْن روح النهرواني ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الجازري- قَالَ أَحْمَد أَخْبَرَنَا وقَالَ مُحَمَّد حَدَّثَنَا- المعافى بن زكريّا الجريري، حدثنا محمّد بن أبي الأزهر، حدثنا حمّاد بن إسحاق الموصليّ، حدَّثَنِي أبي قَالَ: حدَّثَنِي بشر بْن الوليد وسألته من أَيْنَ جاء؟ قَالَ: كنتُ عِنْدَ أبي يوسف يعقوب بْن إِبْرَاهِيم القاضي وكنا فِي حديث ظريف، قَالَ: فقلتُ لَهُ: حدَّثَنِي بِهِ. فقال: قَالَ لي يعقوب: بينا أَنَا البارحة قد أويت إلى فراشي، وإذا داقٌّ يدق الباب دقًّا شديدًا، فأخذت علي إزاري وخرجتُ فإذا هُوَ هرثمة بْن أعين، فسلمت عَلَيْهِ فقال: أجب أمير المؤمنين، فقلت: يا أَبَا حاتِم لي بك حرمة، وهذا وقت كما ترى ولست آمن أن يكون أمير المؤمنين دعاني لأمر من الأمور، فإن أمكنك أن تدفعَ بذلك إلى غد؟ فلعله أن يحدُث لَهُ رأي فقال: ما إلى ذَلِكَ سبيل. قلت: كيف كَانَ السبب؟ قَالَ: خرج إلي مسرور الخادم فأمرني أن آتي بك أمير المؤمنين، فقلت: تأذن لي أصب عليّ ماء وأتحنَّط فإن كَانَ أمرٌ من الأمور كنت قد أحكمتُ شأني، وإن رَزَقَ الله العافية فلن يضر فأذن لي، فدخلتُ فلبستُ ثيابًا جددًا، وتطيبتُ بما أمكنَ من الطيب، ثُمَّ خرجنا، فمضينا حتى أتينا دار أمير المؤمنين الرشيد، فإذا مسرور واقف فقال لَهُ هرثمة: قد جئت بِهِ؟ فقلت
لمسرور: يا أَبَا هاشم خدمتي وحُرمتي وميلي، وهذا وقت ضيق فتدري لم طلبني أمير المؤمنين؟ قَالَ: لا. قلت: فمن عنده؟ قَالَ: عيسى بْن جَعْفَر. قلت: ومن؟ قَالَ: ما عنده ثالث. قال: مر وإذا صرت إلى الصحن فإنه فِي الرواق وهو ذاك جالس، فحرك رجلك بالأرض، فإنه سيسألك، فقل أَنَا فجئت ففعلت فقال: من هذا؟ قلت:
يعقوب، قَالَ: ادخل، فدخلتُ فإذا هُوَ جالسٌ وعن يمينه عيسى بْن جَعْفَر، فسلمت فرد علي السلام وقال: أظننا رَوَّعْنَاك قلت: إي والله وكذلك من خلفي. قَالَ:
اجلس، فجلستُ حتى سكن رَوْعِي، ثُمَّ التفت إليّ فقال: يا يعقوب تدري لم دعوتُك؟ قلت: لا. قَالَ: دعوتُك لأشهدك عَلَى هذا أن عنده جارية سَأَلْتُهُ أن يهبها لي فامتنعَ، وسألته أن يبيعها فأبَى. والله لئن لَم يفعل لأقتلنه. قَالَ: فالتفت إلى عيسى، وقلت: ما بلغ الله بجارية تمنعها أمير المؤمنين وتنزل نفسك هذه المنزلة؟ قَالَ: فقال لي:
عجَّلت علي فِي القول قبل أن تعرف ما عندي؟ قلت: وما فِي هذا من الجواب؟ قَالَ:
إن عليّ يمينًا بالطلاق والعتاق وصدقة ما أملك أن لا أبيع هذه الجارية ولا أهبها.
فالتفت إليّ الرشيد فقال: هَلْ لَهُ فِي ذَلِكَ من مخرج؟ قلت: نعم! قَالَ: وما هُوَ؟ قلت:
يَهَب لك نصفها ويبيعك نصفها. فتكون لم تُبَع ولم تُهب، قَالَ عيسى: ويجوز ذَلِكَ؟
قلتُ: نعم! قَالَ: فأشهد أني قد وهبتُ لَهُ نصفها وبعته النصف الباقي بمائة ألف دينار، فقال: الجارية، فأتي بالجارية وبالمال، فقال: خُذها يا أمير المؤمنين بارك الله لك فيها.
قَالَ: يا يعقوب بقيت واحدة، قلت: ما هِيَ؟ قَالَ: هِيَ مملوكة ولا بد أن تستبرأ وو الله إن لَمْ أبت معها ليلتي إني أظن أن نَفسي ستخرج، قلت: يا أمير المؤمنين تعتقها وتتزوجها فإن الحرة لا تستبرأ. قَالَ: فإني قد أعتقتها فمن يزوجنيها؟ قلت: أَنَا، فدعا بِمسرور وحُسين، فخطبتُ وحمدت الله ثُمَّ زوجته عَلَى عشرين ألف دينار، ودعا بالمال فدفعه إليها. ثُمَّ قَالَ لي: يا يعقوب انصرف، ورفع رأسه إلى مسرور فقال يا مسرور قَالَ: لبيك أمير المؤمنين، قَالَ: احمل إلى يعقوب مائتي ألف درهم وعشرين تختًا ثيابًا، فحُمل ذَلِكَ معي. قَالَ: فقال بشر بْن الوليد: فالتفت إلى يعقوب فقال: هَلْ رأيت بأسًا فيما فعلت؟ قلت: لا قَالَ: فخذ منها حقك قلت: وما حقي؟ قَالَ: الْعُشر قَالَ: فشكرته ودعوت له وذهبت لأقوم وإذا بعجوز قد دخلت فقالت: يا أَبَا يوسف بنتك تُقرئك السلام وتقول لك: والله ما وصل إليّ فِي ليلتي هذه من أمير المؤمنين إلا المهر الَّذِي قد عرفته، وقد حملت إليك النصف منه وخلفت الباقي لما أحتاج إليه.
فقال: رديه، فو الله لا قبلتها، أخرجتها من الرق، وزوجتها أمير المؤمنين وترضى لي بِهذا. فلم نَزل نطلب إِلَيْهِ أَنَا وعمومتي حتى قبلها، وأمر لي بألف دينار.
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عُمَر بْن رَوْحٍ ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الْجَازِرِيُّ- قَالَ أَحْمَد أَخْبَرَنَا وَقَالَ مُحَمَّد حَدَّثَنَا- المعافى بن زكريا، حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدثني أبو الحسن الديباجي، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْيُوسُفِيُّ: أَنَّ أُمَّ جَعْفَرٍ كَتَبَتْ إِلَى أَبِي يُوسُفَ: مَا تَرَى فِي كَذَا وَأَحَبُّ الأَشْيَاءِ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ فِيهِ كَذَا. فَأَفْتَاهَا بِمَا أَحَبَّتْ، فَبَعَثَتْ إِلَيْهِ بِحُقِّ فِضَّةٍ فِيهِ حِقَاقُ فِضَّةٍ مُطْبَقَاتٍ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ لَوْنٌ مِنَ الطِّيبِ، وَفِي جَامِ دَرَاهِمَ وَسَطُهَا جَامٌ فِيهِ دَنَانِيرُ، فَقَالَ لَهُ جَلِيسٌ لَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيَّةٌ فَجُلَسَاؤُهُ شُرَكَاؤُهُ فِيهَا»
فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: ذَاكَ حِينَ كَانَتْ هَدَايَا الناس التمر واللبن.
وأخبرني محمّد بن الحسين القطّان، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ زِيَادٍ النَّقَّاشُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الصَّائِغَ أَخْبَرَهُمْ- بِمَكَّةَ- قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أصحاب الحديث وغيرهم، فوافقه هَدِيَّةٌ مِنْ أُمِّ جَعْفَرٍ احْتَوَتْ عَلَى تُخُوتٍ دَيْبَقِيٍّ، وَمُصْمَتٍ، وَشُرْبٍ، وَطِيبٍ، وَتَمَاثِيلَ نِدٍّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَذَاكَرَنِي رَجُلٌ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ جُلُوسٌ فَهُمْ شُرَكَاؤُهُ فِيهَا»
فَسَمِعَهُ أَبُو يُوسُفَ فقال: أبي تعرض؟ ذاك إِنَّمَا قَالَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْهَدَايَا يَوْمَئِذٍ الأَقِطُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ، وَلَمْ تَكُنِ الْهَدَايَا مَا تَرَوْنَ يَا غُلامُ: شِلْ إِلَى الخزائن.
أخبرني الخلّال، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن عَمْرو الحريري أن عَلِيّ بْن مُحَمَّد النخعي حدثهم قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق عَن بشر بْن غياث قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف يَقُولُ:
صحبتُ أَبَا حنيفة سبع عشرة سنة ثُمَّ قد انصبَّت علي الدُّنْيَا سبع عشرة سنة، فما أظن أجلي إلا وقد قرب، فما كان إلا شهور حتى مات.
وقال النخعي: حَدَّثَنَا أَبُو عمرو القزوينيّ، حَدَّثَنَا القاسم بْن الحكم العرني قَالَ:
سمعتُ أَبَا يوسف عِنْدَ موته يَقُولُ: يا ليتني متُّ عَلَى ما كنتُ عَلَيْهِ من الفقر، وأني لَمْ أدخل فِي القضاء عَلَى أني ما تعمدت بِحمد الله ونعمته جورًا، ولا حابيت خَصْمًا عَلَى خَصْم من سُلطان ولا سوقة.
أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المقرئ، حدثنا محمّد بن بكران الرّازيّ، حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى الصوفي قَالَ: سمعتُ عثمان بْن حكيم يَقُولُ: إني لأرجو لأبي يوسف فِي هذه المسألة، رُفع إلى هارون زنديق، فدعا أبو يوسف يكلمه، فقال لَهُ هارون: كلمه وناظره، فقال لَهُ: يا أمير المؤمنين، ادع بالسيف والنطع، وأعرض عَلَيْهِ الْإسْلَام فإن أسلم وإلا فاضرب عُنقه، هذا لا يناظر، وقد ألحد في الإسلام.
أخبرنا العتيقي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَلابُ قَالَ: قَالَ لي إِبْرَاهِيم الحربي: تدري أيش قَالَ أَبُو يوسف- وكان من عقلاء الناس-؟ قَالَ: لا تطلب الحديث بكثرة الرّواية فترمى بالكذب، ولا تطلب الدنيا بالكيميا فتفلس، ولا تحصل بيدك شيء، ولا تطلب العلم بالكلام فإنك تحتاج تعتذر كل ساعة إلى واحد.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن أَحْمَد الرزاز، حدثنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الليث الجوهري قَالَ: حدَّثَنِي أَبُو سُلَيْمَان بْن أبي رجاء قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف يَقُولُ:
العلم بالكلام جهل.
حدَّثَنِي الحسن بن أبي طالب، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عُمر بْن مُحَمَّد التَّمار، حدثنا مكرم ابن أحمد القاضي، حدثنا أحمد بن عطية قال: سمعت بشار الخفاف قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف يَقُولُ: من قَالَ القرآن مخلوق فحرام كلامه، وفرضٌ مباينته.
أخبرنا البرقانيّ، حدثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن طاهر بْن النجم الميانجي، حدثنا سعيد بن عمر البرذعي قَالَ: سمعتُ أَبَا زرعة- وهو الرازي- يَقُولُ: كَانَ أَبُو حنيفة جهميًا، وكان مُحَمَّد بْن الْحَسَن جهميًا، وكان أَبُو يوسف سليمًا من التجهم.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِم جَعْفَر بْن باي الجيلي، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ- بأصبهان- حدثنا أبو يعلى الموصليّ قال: سمعت عمر الناقد يَقُولُ: ما أحب أن أروي عَن أحد من أصحاب الرأي إلا عَن أبي يوسف فإنه كَانَ صاحب سنة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسن بْن أَحْمَد الأهوازي، حدثنا أبو بكر محمّد بن إسحاق ابن دارا القاضي- بالأهواز- قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إسحاق، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عمروس الْقُرظي- من ولد قُرَظة بْن كعب- قَالَ: قُدِّمَ إلى أبي يوسف مُسْلِم قتل ذميًا، فأمر أن
يُقاد بِهِ ووعدهم ليوم، وأمر بالقاتل فحُبِس، فلما كَانَ فِي اليوم الَّذِي وعدهم حضر أولياء الذمي وجيء بالمسلم القاتل، فلما همَّ أَبُو يوسف أن يَقُولُ أقيدوه، رأى رقعة قد سقطت، فتناولها صاحب الرقاع وخنسها، فقال له أبو يوسف ما هذه التي خنستها؟ فدفعها إِلَيْهِ فإذا فيها أبيات شعر، قالها أبو المضرجي شاعر ببغداد:
يا قاتل المسلم بالكافر ... جرْتَ وما العادلُ كالجائرِ؟
يا مَن ببغداد وأطرافِها ... من فقهاء الناس أو شاعر
جارَ عَلَى الدين أَبُو يوسف ... إذ يقتل المسلم بالكافر
فاسترجعوا وابكوا عَلَى دينكم ... واصطبروا فالأجر للصابر
قَالَ: فأمر بالقمطر فشد وركب إلى الرشيد فحدثه بالقصة وأقرأه الرقعة. فقال لَهُ الرشيد: اذهب فاحتل، فلما عاد أَبُو يوسف إلى داره وجاءه أولياء الذمي يطالبونه بالقَود. قَالَ لهم: ائتوني بشاهدين عدلين أنّ صاحبكم كَانَ يؤدِّي الجزية.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي، حَدَّثَنَا أَبُو منصور مُحَمَّد بْن القاسم العتكي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حفص بْن عُمَر الفقيه- بجرجان- حدثنا علي بن سلمة اللبقي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن يَحْيَى قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف القاضي عِنْدَ وفاته يَقُولُ: كل ما أفتيت بِهِ فقد رجعتُ عَنْهُ، إلا ما وافق كتاب الله وسنة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا التّنوخيّ، أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر، حدثني مكرم بن أحمد، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عطية قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن سماعة يَقُولُ: سمعتُ أَبَا يوسف فِي اليوم الَّذِي مات فِيهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنك تعلمُ أني لم أجر فِي حكم حكمت بِهِ بين عبادك متعمدًا. ولقد اجتهدت فِي الحكم بِما وافق كتابك وسنة نبيك، وكل ما أشكل عليّ جعلت أَبَا حنيفة بيني وبينك، وكان عندي والله ممن يعرف أمرك ولا يخرج عَن الحق وهو يعلمه.
أَخْبَرَنِي الخلّال، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن عمرو أن عَلِيّ بْن مُحَمَّد النخعي حدثهم قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن إسحاق الزّهريّ، حَدَّثَنَا بشر بْن الوليد الكندي قَالَ: سمعتُ أَبَا يوسف يَقُولُ فِي مرضه الَّذِي مات فِيهِ: اللَّهُمَّ إنك تعلم أني لم أطأ فرجًا حرامًا قط وأنا أعلم، اللَّهُمَّ إنك تعلم أني لم آكل درهمًا حرامًا قط وأنا أعلم.
أخبرنا التّنوخيّ، حدثنا طلحة بن محمّد، حدثني مكرم بن أحمد، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عطية قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن سماعة يَقُولُ: كَانَ أَبُو يوسف يُصلي بعد ما ولي القضاء فِي كل يوم مائتي ركعة.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّاهِدُ- بالبصرة- حدثنا علي بن إسحاق المادراني قال: سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: كَانَ أَبُو يوسف القاضي يحب أصحاب الحديث ويميلُ إليهم. قَالَ يَحْيَى: وقد كتبنا عَنْهُ أحاديث.
قَالَ أَبُو الفضل- يعني الْعَبَّاس- وسمعتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: أول ما طلبت الحديث ذهبت إلى أبي يوسف القاضي، ثُمَّ طلبنا بعد فكتبنا عَن الناس.
أَخْبَرَنِي الأَزْهَرِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَالِكِيُّ. قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الصَّفَّارُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمران بن موسى الصيرفي، حدثنا عبد الله بن علي ابن عبد الله المديني قَالَ: سمعت أبي يقول: قدم أَبُو يوسف- يعني القاضي- البصرة مرتين، أولا سنة ست وسبعين فلم آته، والثانية سنة ثَمانين فكنا نأتيه فكان يحدث بعشرة أحاديث وعشرة رأي. وأُراهُ قَالَ: ما أجد على أبي يوسف شيئا إلا حديث هشام فِي الحَجْر، وكان صدوقًا ولم يرو عَن هشام غيره- يعني هذا الحديث-.
أخبرنا الجوهريّ، حدثنا محمّد بن العبّاس، حدثنا أبو بكر بن الأنباريّ، حدَّثَنِي مُحَمَّد بْن المرزبان قَالَ: حَدَّثَنَا المغيرة المهلبي، حدثنا هارون بن موسى الفروي، حدَّثَنِي أخي عمران بْن مُوسَى قَالَ: حدَّثَنِي عمي سُلَيْمَان بْن فليح قَالَ: حضرتُ مجلس هارون الرشيد ومعه أَبُو يوسف فذكر سباق الخيل فقال أَبُو يوسف: سابق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من الغاية إلى بنية الوداع. فقلتُ: يا أمير المؤمنين صحف، إنّما هُوَ من الغابة إلى ثنية الوداع، وهو فِي غير هذا أشد تصحيفًا.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان قال:
سمعت سعيد بْنَ مَنْصُورٍ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لأَبِي يُوسُفَ: رَجُلٌ صَلَّى مَعَ الْإِمَام فِي مَسْجِدِ عَرَفَةَ، ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى دَفَعَ بِدَفْعِ الْإِمَامِ قَالَ: ماله؟ قَالَ: لا بَأْسَ بِهِ قَالَ: فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ، قَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ أَفَاضَ مِنْ عُرَنَةَ فَلا حِجَّ لَهُ، مَسْجِدُ عَرَفَةَ فِي بَطْنِ عُرَنَةَ. فَقَالَ: أَنُتْم أَعْلَمُ بِالأَحْكَامِ وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالْفِقْهِ. قَالَ: إِذَا لَمْ تَعْرِفِ الأَصْلَ فَكَيْفَ تَكُونُ فَقِيهًا؟
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ علي السوذرجاني- بأصبهان- أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: سمعتُ يَحْيَى- يعني القطان- وقال لَهُ جار لَهُ: حَدَّثَنَا أَبُو يوسف عَن أبي حنيفة عَن جَوّاب التيمي. فقال: مرجئ عَن مُرجئ عَن مرجئ.
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن عُمَر البرمكي، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ الدّقّاق، حدثنا عمر بن محمّد الجوهريّ، حدثنا أبو بكر الأثرم، حَدَّثَنَا نُعَيْم بْن حماد قَالَ:
سمعتُ ابن المبارك- وذكروا عنده أَبَا يوسف- فقال: لا تفسدوا مجلسنا بذكر أبي يوسف.
أَخْبَرَنَا العتيقي، أخبرنا يوسف بن أحمد الصيدلاني- بمكة- حدثنا محمّد بن عمرو العقيلي، حدثنا محمّد بن حاتم، حَدَّثَنَا حبَّان بْن مُوسَى قَالَ: سمعتُ ابن المبارك يَقُولُ: إني لأستثقل مجلسًا فِيهِ ذكرُ أبي يوسف.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يوسف، أَخْبَرَنَا محمد بن نعيم قال: سمعت أبا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ يَقُولُ: سمعتُ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن مهران يَقُولُ:
سمعتُ المسيب بْن واضح يَقُولُ: ما سمعتُ ابن المبارك ذكر أحدًا بسوء قط إلا أن رجلا قَالَ لَهُ: مات أَبُو يوسف قَالَ: مسكين يعقوب، ما أغنى عَنْهُ ما كان فيه.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، حدَّثَنِي أَحْمَد- يعني ابن يَحْيَى بْن عثمان- قَالَ: سمعتُ عَبْد الرزاق بن عمر البزيعي.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يوسف القطان النيسابوري- واللفظُ له- أخبرنا الخصيب بن عبد الله القاضي، أخبرنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي، أخبرني أبي، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عثمان بْن حكيم قَالَ: سمعتُ عَبْد الرزاق بْن عُمَر يَقُولُ: كنتُ عِنْدَ عَبْد الله بْن المبارك فجاءه رَجُل فسأله عَن مسألة فأفتاهُ فيها. فقال لَهُ: قد سألتُ أَبَا يوسف فخالفك، فقال لَهُ: إن كنت صليت خلف أبي يوسف صلوات تحفظها فأعدها.
أَخْبَرَنِي أَبُو الوليد الْحَسَن بْن محمّد الدينوري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَافِظُ- ببخارى- حدثنا خلف بن محمّد، حدثنا سهل بن شاذويه، حدثنا مسلم بن سالم الباهليّ، حدثنا علي بن مهران الرّازيّ، حَدَّثَنَا ابن المبارك- بالري- قَالَ: فيما حَدَّثَنَا يعقوب قَالَ لَهُ رَجُل: يا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن، يعقوب بْن إِبْرَاهِيم أَبُو يوسف؟ فقال
ابن المبارك: لأن أخِرَّ من السماء إلى الأرض فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح فِي مكان سحيق أحبُّ إليَّ من أن أروي عن ذلك .
حَدَّثَنَا يعقوب القمي. أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن محمّد الأدمي، حدثنا محمّد بن علي الإيادي، حَدَّثَنَا زكريا الساجي قَالَ: يعقوب بْن إِبْرَاهِيم أَبُو يوسف صاحب أبي حنيفة مذموم مُرجئ.
حدثني أبو داود سليمان بن الأشعث، حَدَّثَنَا عبدة بْن عَبْد الله الخراساني قَالَ: قَالَ رجلٌ لابن المبارك: أيُّما أصدق أَبُو يوسف أو محمّد؟ قال: لا تقل أيهما أصدق، قل أيهما أكذب. قِيلَ لعبد الله بْن المبارك: أيما؟ قَال أَبُو يوسف: قَالَ: ما ترضى أن تسميه حتى تكنيه؟ قل قَالَ يعقوب.
قَالَ أَبُو داود: وسمعتُ المسيب بْن واضح قَالَ: قِيلَ لابن المبارك مات أَبُو يوسف.
فقال: الشقي يعقوب.
أَخْبَرَنَا العتيقي، أخبرنا يوسف بن أحمد الصيدلاني، حدثنا محمّد بن عمرو العقيلي، حدثنا معاذ بن المثنى، حدثنا رجاء بن السندي قال: سمعت عبد الله بن إدريس يَقُولُ: كَانَ أَبُو حنيفة ضالا مُضلا، وأبو يوسف فاسق من الفاسقين.
أخبرنا البرمكي، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ، حدثنا عمر بن محمّد الجوهريّ، حدثنا أبو بكر الأثرم، حدثنا يحيى بن محمّد بن ثابت قَالَ: سمعتُ ابن إدريس يَقُولُ: رأيتُ أَبَا يوسف- والذي ذهب بنفسه- بعد موته فِي المنام يصلي إلى غير القبلة، قَالَ: وكان جاره. قَالَ: وسمعتُ وكيعًا- وسأله رَجُل عَن مسألة- فقال الرجل: إن أَبَا يوسف يَقُولُ كذا وكذا، فحول رأسه وقال: أما تتقي الله! بأبي يوسف تحتج عِنْدَ الله عَزَّ وَجَلَّ؟.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، أخبرنا دعلج بن أحمد، حدثنا أحمد بن علي الأبار، حَدَّثَنَا محمود بْن غَيْلان. قَالَ: قُلْتُ ليزيد بْن هارون: ما تقولُ فِي أبي يوسف؟ قَالَ: لا تحل الرواية عَنْهُ، إنه كَانَ يعطي أموال اليتامى مُضاربة، ويجعل الربح لنفسه.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي، حدثنا محمّد بن إبراهيم بن
شعيب الغازي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن إسماعيل الْبُخَاريّ يَقُولُ حُكِيَ لنا عَن النعمان أَنَّهُ قَالَ: ألا تعجبون من يعقوب؟ يَقُولُ علي ما لم أقل.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعْدُونَ الْمَوْصِلِيُّ، أخبرنا علي بن عمر الحضرميّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ قَالَ: سمعتُ يوسف بْن مُوسَى القطان- فِي سنة خمس وعشرين ومائتين فِي دار القطن- يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْم الْفَضْل بْن دكين يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حنيفة يَقُولُ لأبي يوسف: ويحكم، كم تكذبون عليّ فِي هذه الكتب ما لم أقل .
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن عبد الله الأنماطيّ، أخبرنا محمّد بن المظفّر الحافظ، أخبرنا علي ابن أحمد بن سليمان المصريّ، حَدَّثَنَا أحمد بن سعد بن أبي مريم قَالَ: وسألته- يعني يَحْيَى بْن معين- عَن أبي يوسف. فقال: لا يُكْتَبُ حديثه.
قلت: قد رَوى غير ابن أبي مريم عَن يَحْيَى أَنَّهُ وثقه.
أخبرنا الأزهري، حدثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن داود الحداني قَالَ: سمعتُ عِيسَى بْن يونس- وسئل عَن أبي يوسف- فقال: يعقوب؟ كَانَ يحفظ الحديث عِنْدَ الأعمش.
قَالَ جدي وذكره يَحْيَى بْن معين يومًا فقال كلامًا نسبه فِيهِ إلى الصدق لا أقدم عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن رزق، أَخْبَرَنَا هبة الله بن محمد بن حبش الفرّاء، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن عُثْمَانَ بْن أَبِي شيبة قَالَ: وسمعته- يعني يَحْيَى بْن معين- وذكر لَهُ أَبُو يوسف القاضي فقال: لم يكن يُعرف بالحديث.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى السكري، أَخْبَرَنَا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حدثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر، حَدَّثَنَا ابن الغلابي قَالَ: قَالَ يحيى بن معين: أَبُو يوسف القاضي لَمْ يكن يعرف الحديث وهو ثقةٌ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْد الله بْن عمر الواعظ، حدثنا أبي، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الله بْن مهران المستملي، حَدَّثَنَا حسين بْن فهم قَالَ: سمعتُ أبي يسأل يَحْيَى بْن معين عَن أبي يوسف فقال: ثقة إذا حدث عن الثقات.
أخبرني الأزهري، حدثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال: سمعتُ عباسًا- يعني الدوري- يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: أَبُو يوسف أنبلُ من أن يكذب.
أخبرنا التّنوخيّ، أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر، حدثني مكرم بن أحمد، حدَّثَنِي أَحْمَد بْن عطية قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: لَيْسَ أحد من أصحاب الرأي أثبت عندي من أبي يوسف، ولا فِي أصحاب أبي حنيفة أحفظ للفقه عِنْدِي منه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ حبيش الرازي قَالَ: سمعت محمد بن أحمد بن عصام يقول: سمعت محمّد بن سعيد العوفي يَقُولُ: سمعت يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: كَانَ أَبُو يوسف ثقة، إلا أَنَّهُ كَانَ ربما غلط.
أخبرنا الأزهري، حدثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: كتبتُ عَن أبي يوسف وأنا أحدث عَنْهُ. وقال جدي: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: أول من كتبت عَنْهُ الحديث أَبُو يوسف وأنا لا أحدث عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد مُحَمَّد بن موسى الصيرفي قَالَ: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت عبد الله بْن حنبل يَقُولُ: قَالَ أبي: أَبُو يوسف صدوق، ولكن أصحاب أبي حنيفة لا ينبغي أن يُروى عنهم شيء.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن أبي طالب، حدثنا عبد الواحد بن علي الفامي، حدثنا عبد الله ابن سليمان بن عيسى الفامي، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن هانئ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل وسئل عَن أبي حنيفة يُروى عَنْهُ؟ قَالَ: لا. قِيلَ لَهُ فأبو يوسف؟ قَالَ: كأنه أمثلهم. ثُمَّ قَالَ: كل من وضع الكتب من كلامه فلا يعجبني أو يجرد الحديث.
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: قرئ على إسحاق النعالي- وأنا أسمع- حدثكم عبد الله بن إسحاق المدائني، حَدَّثَنَا حنبل بْن إِسْحَاق قَالَ: سَمِعْتُ عمي- يعني أَحْمَد بْن حنبل- يَقُولُ: كَانَ يعقوب أَبُو يوسف يروي عَن حنظلة وعن المكيين، وكان منصفا في الحديث.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدثنا سهل بن أحمد الواسطيّ، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: أَبُو يوسف صدوق كثير الغلط.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل، أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي، حدثنا محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَاريّ قَالَ: يعقوب بْن إِبْرَاهِيم أَبُو يوسف القاضي تركوه.
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: سألتُ أَبَا الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة فقال: هُوَ أقوى من مُحَمَّد بْن الْحَسَن.
حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطبري قَالَ: سمعتُ أَبَا الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ سُئل عَن أبي يوسف الْقَاضِي فَقَالَ: أعور بين عُميان. وكان القاضي أَبُو عَبْد الله الصيمري حاضرًا فقام فانصرفَ ولم يعد إلى مجلس الدَّارَقُطْنِيّ بعد ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ حبيش الرّازيّ، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُوسَى بْن داود القمي الفقيه قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن شُجاع يَقُولُ: حدَّثَنِي عَبْد الرحيم القواس، قَالَ ابن شجاع وسمعتُ أصحاب معروف- يعني قَالَ- قَالَ معروف وهو الكرخي بلغني أن أَبَا يوسف عليل ثقيل من علته. فأحب أن تأتي منزله، فإذا مات أعلمتني. قَالَ فجئته فحين صرت إلى باب دار الرقيق إذا جنازة أبي يوسف قد أخرجت، فقلتُ لا أدرك أن آتي معروفًا فأخبره. فصليتُ عَلَيْهِ مَعَ الناس، ثُمَّ أتيتُ معروفًا فأخبرته، فاشتد ذاك عَلَيْهِ وجعل يسترجع. فقلتُ لَهُ: يا أَبَا محفوظ وما أسفكَ عَلَى ما فاتك من جنازته؟ فقال: رأيتُ كأني دخلتُ الجنة فإذا قصرٌ قد بنى، وتم شرفه وجصص، وعلقت أبوابه وستوره، وتم أمره. فقلت: لِمن هذا؟ فقالوا: لأبي يوسف القاضي. فقلت لهم: وبمَ نالَ هذا؟ فقالوا بتعليمه الناس الخير وحرصه عَلَى ذَلِكَ، وبأذى الناس لَهُ.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أحمد بن محمد المفيد، أَخْبَرَنَا أبو جعفر محمد بن معاذ الهروي، حَدَّثَنَا أَبُو داود السنجي قَالَ: قَالَ الهيثم بْن عدي: وأبو يوسف يعقوب القاضي تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين ومائة فِي خلافة هارون كذا قَالَ وهو خطأ، والصواب ما:
أخبرنا أبو سعيد بن حسنويه، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ، حدثنا عمر بن أحمد الأهوازي، حَدَّثَنَا خليفة بْن خيَّاط. قَالَ: وأبو يوسف القاضي يعقوب بْن إِبْرَاهِيم. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سفيان قَالَ: سنة اثنتين وثَمانين ومائة فيها تُوُفِّيَ أَبُو يوسف يعقوب القاضي.
وأَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن أبي بَكْر قَالَ: كتب إِلَى مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ الجوري يذكر أن أَحْمَد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يونس الضبي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حسان الزيادي قَالَ: سنة اثنتين وثَمانين ومائة فيها مات أَبُو يوسف يعقوب بْن إِبْرَاهِيم القاضي وهو ابن تسع وستين. فمات فِي شهر ربيع الأول لِخمس خَلَون منه، وولي القضاء سنة ست وستين أيام خرج مُوسَى بْن المهدي إلى جُرجان، فولي القضاء إلى أن مات ست عشرة سنة.
أَخْبَرَنَا الأزهري، حدثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: وَتُوُفِّيَ أَبُو يوسف القاضي ببغداد لخمس ليالٍ خَلَون من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين ومائة.
أخبرنا البرقانيّ، أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال، أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قَالَ: سمعتُ أبي يَقُولُ: سمعتُ شجاع بْن مخلد يَقُولُ: حضرنا جنازة أبي يوسف القاضي ومعنا عبَّاد بْن العوام فسمعتُ عبادًا يَقُولُ: ينبغي لأهل الْإسْلَام أن يُعزِّي بعضهم بعضًا بأبي يوسف.
أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو عَبْد الله الصيمري، أخبرنا محمّد بن عمران المرزباني، أخبرنا محمّد بن الحسن بن دريد، أَخْبَرَنَا السكن بْن سَعِيد عَن أَبِيهِ عَن هشام بْن مُحَمَّد الكلبي قَالَ: قَالَ ابن أبي كثير، مولى بني الحارث بْن كعب- من أهل البصرة- يرثي أَبَا يوسف القاضي:
سقى جدثا بِهِ يعقوب أضحى ... رهينًا للبلى هزج رُكام
تلطف بالقياس لنا فأضحت ... حلالا بعد شيعتها المدام
فلولا أن قصدن لَهُ المنايا ... وأعجله عَن الفطر الحمام
لأعمل فِي القياس الرأي حتى ... يعز عَلَى ذوي الريب الحرام