- وحضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة بن مجالد بن يثربي بن الريان بن الحارث بن مالك بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة. يكنى أبا ساسان, ويكنى أبا محمد. مات في خلافة سليمان.
حضين بن المنذر بن الحارث
ابن وعلة بن المجالد بن اليثربي بن الريان بن الحارث بن مالك بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة ابن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل أبو ساسان وهو لقب وكنيته أبو محمد الرقاشي البصري روى عن عثمان وعلي وغيرهما.
قال حضين بن المنذر: صلى الوليد بن عقبة أربعاً وهو سكران، ثم انفتل فقال: أزيدكم؟ فرفع ذلك إلى عثمان، فقال له علي بن أبي طالب: اضربه الحد. فأمر بضربه، فقال علي للحسن: قم فاضربه. قال: فما أنت وذاك؟. قال: إنك ضعفت ووهنت وعجرت، ثم قال: قم يا عبد الله بن جعفر، فقام عبد الله بن جعفر فجعل يضربه وعلي يعد حتى إذا بلغ أربعين قال: كف أو اكفف.
ثم قال: ضرب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين، وضرب أبو بكر أربعين، وضرب عمر صدراً من خلافته أربعين، وثمانين، وكل سنةٌ.
قال يونس: وفد الحضين بن المنذر إلى بعض الخلفاء، فكان الآذن أبطأ في الإذن، فسبقه القوم
لتباطئه، فقال له الخليفة: مالك يا أبا ساسان تدخل علي في آخر الناس؟ فقال: من الطويل
وكلّ خفيف الشأن يسعى مشمّراً ... إذا فتح البواب بابك إصبعا
ونحن الجلوس الماكثون رزانةً ... وحلماً إلى أن يفتح الباب أجمعا
وقيل: إن الوفادة كانت على معاوية، وإنه كان يؤذن له في أول الوفد فيدخل في آخرهم، فقال له معاوية: مالك يا أبا ساسان؟ إنا نحسن إذنك، فأنشده البيتين.
قال يعقوب: وحضين بن المنذر هو الذي يؤثر عنه أن ختنه على ابنته أو أخته كان إذا دخل عيه تنحى له حضين عن مجلسه ثم قال: مرحباً بمن كفانا المؤونة وستر العورة.
وكان الحضين بخراسان أيام قتيبة بن مسلم، فدخل عليه، وهو عنده، مسعود بن حراش العبسي، والحضين شيخ كبير معتم بعمامة، فقال مسعود لقتيبة: من هذه العجوز المعتمة عند الأمير؟ فقال قتيبة: بخ، هذا حضين بن المنذر، فقال حضين: من هذا أيها الأمير؟ قال: مسعود بن حراش العبسي، فقال حضين: إنا والله ممن لم يمجد قومه في الجاهلية عبد حبشي، يعني عنترة، ولا في الإسلام امرأة بغي، قال: فسكت عنه مسعود بن حراش.
وشهد الحضين صفين مع علي عليه السلام.
وبقي إلى أيام معاوية، فوفد عليه، وكان لا يعطي البواب ولا الحاجب شيئاً؛ فكان لا يأذن له الحاجب إلا آخر الناس، فدخل يوماً فقام حيال معاوية، وأنشد البيتين:
وكل خفيف الشأن.......................................
قال: فأومأ إليه معاوية أن أعطهم شيئاً فإنك لا تعطي أحداً شيئاً.
حدث الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري قال: حضين بن المنذر أبو ساسان الرقاشي هو حضين بحاء مهملة مضمومة وضاد معجمة ونون، من سادات ربيعة، وكان صاحب راية أمير المؤمنين يوم صفين، وفيه يقول أمير المؤمنين: من الطويل
لمن رايةٌ سوداء يخفق ظلّها ... إذا قيل: قدّمها، حضين تقدّما
وتتمة الأبيات في رواية أبي جعفر محمد بن مروان أن علياً قالها:
فيوردها في الصف حتى يقيلها ... حياض المنايا تقطر الموت والدما
جزى الله قوماً قاتلوا في لقائهم ... لدى الموت قدماً ما أعزّ وأكرما
وأطيب أخباراً وأكرم شيمةً ... إذا كان أصوات الرجال تغمغما
ربيعة أعني إنهم أهل نجدةٍ ... وبأسٍ إذا لاقوا خميساً عرمرما
قال الحسن: ثم ولاه إصطخر، وكان يبخل، وفيه يقول زياد الأعجم: من الطويل
يسدّ حضينٌ بابه خشية القرى ... بإصطخر والشاة السمين بدرهم
وفيه يقول الضحاك بن هنام: من الطويل
وأنت امرؤٌ منا خلقت لغيرنا ... حياتك لا نفعٌ، وموتك فاجع
قال الحافظ: ولا أعرف من سمي حضيناً بالضاد والنون غيره، وغير من ينسب إليه من ولده.
وكان شاعراً فارساً صدوقاً، كان على راية علي عليه السلام يوم صفين، وكان صاحب شرطته، وسماه يعقوب بن سفيان في أمراء يوم الجمل من أصحاب علي.
قال محمد بن داود المازني: قيل لحضين بن المنذر: بأي شيء سدت قومك؟ قال: بحسب لا يطعن فيه، ورأي لا يستغنى عنه، ومن تمام السؤدد أن يكون الرجل ثقيل السمع عظيم الرأس.
قال الشعبي:
قال قتيبة بن مسلم لوكيع بن أبي سود: ما السرور؟ قال: لواء منشور، وجلوس على السرير، والسلام عليك أيها الأمير. فقال للحضين بن المنذر: ما السرور؟ قال: دار قوراء، وامرأة حسناء، وفرس مربوط بالفناء. وقال لرجل من بني قشير: ما السرور؟ قال: الأمن والعافية، قال: صدقت.
قال سليمان بن أبي شيخ: لما فتح قتيبة بن مسلم سمرقند أمر بفرشه ففرشت، فأجلس الناس على مراتبهم، وأمر بقدور الصفر فنصبت، فلم ير الناس مثلها في الكبر، إنما يرقى إليها بالسلالم، والناس منها متعجبون.
وأذن للعامة، فاستأذنه أخوه عبد الله بن مسلم في أن يكلم الحضين بن المنذر الرقاشي على جهة التعبث به، وكان عبد الله بن مسلم يحمق، فنهاه قتيبة عن كلام الحضين وقال: هو باقعة العرب، وداهية الناس ومن لا تطيقه، فخالفه، وأبى إلا كلامه.
فقال للحضين: يا أبا ساسان: أمن الباب دخلت؟ فقال له: ما لعمك بصر بتسور الجدران. وفي رواية: وكان ذلك يتسلق على جيرانه، قال: أفرأيت القدور؟ قال: هي أعظم من أن لا ترى. قال: أفتقدر أن رقاش رأت مثلها؟ قال: ولا رأى مثلها عيلان، ولو رأى مثلها لسمي شبعان، ولم يسم عيلان، قال: أفتعرف الذي يقول: سن الطويل
عزلنا وأمّرنا وبكر بن وائلٍ ... تجرّ خصاها تبتغي من تحالف
قال: نعم وأعرف الذي يقول: من الوافر
فخيبة من يخيب على غنيٍّ ... وباهلةٍ ويعصر والرّباب
والذي يقول: من الكامل
إن كنت تهوى أن تنال رغيبةً ... في دار باهلة بن يعصر فارحل
قومٌ قتيبة أمّهم وأبوهم ... لولا قتيبة أصبحوا في مجهل
قال عبد الله بن مسلم: فهو الذي يقول: من الطويل
يسدّ حضين بابه خشية القرى ... بإصطخر والكبش السمين بدرهم
ثم قال عبد الله: يا أبا ساسان، دعنا من هذا، هل تقرأ من القرآن شيئاً؟ قال: إني لأقرأ منه الكثير الطيب: " هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا ". فاغتاظ عبد الله وقال: لقد بلغني أن امرأتك زفت إليك وهي حامل،
فقال الحضين: يكون ماذا؟ تلد غلاماً، فيقال: فلان ابن الحضين كما قيل: عبد الله بن مسلم.
فقال قتيبة: اكفف لعنك الله، فأنت عرضت نفسك لهذا.
وفي رواية أخرى:
قتيبة، إن تكفف أخاك تكفّه ... وفي الوصل مطمعٌ، يا بن مسلم
وإلا فإني والذي نسكت له ... رجال قريشٍ والحطيم وزمزم
لئن لجّ عبد الله في بعض ما أرى ... لأرتقين في شتمكم رأس سلّم
أمزحٌ بشيخٍ بعد تسعين حجّةً ... طوتني كأني من بقية جرهم
فما ردّ مزحٌ قطّ خيراً علمته ... وللمزح أهلٌ لست منهم فأحجم
أدرك أبو ساسان خلافة سليمان بن عبد الملك، وسليمان بويع سنة ست وتسعين وقيل: إنه مات في خلافة سليمان.
ابن وعلة بن المجالد بن اليثربي بن الريان بن الحارث بن مالك بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة ابن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل أبو ساسان وهو لقب وكنيته أبو محمد الرقاشي البصري روى عن عثمان وعلي وغيرهما.
قال حضين بن المنذر: صلى الوليد بن عقبة أربعاً وهو سكران، ثم انفتل فقال: أزيدكم؟ فرفع ذلك إلى عثمان، فقال له علي بن أبي طالب: اضربه الحد. فأمر بضربه، فقال علي للحسن: قم فاضربه. قال: فما أنت وذاك؟. قال: إنك ضعفت ووهنت وعجرت، ثم قال: قم يا عبد الله بن جعفر، فقام عبد الله بن جعفر فجعل يضربه وعلي يعد حتى إذا بلغ أربعين قال: كف أو اكفف.
ثم قال: ضرب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين، وضرب أبو بكر أربعين، وضرب عمر صدراً من خلافته أربعين، وثمانين، وكل سنةٌ.
قال يونس: وفد الحضين بن المنذر إلى بعض الخلفاء، فكان الآذن أبطأ في الإذن، فسبقه القوم
لتباطئه، فقال له الخليفة: مالك يا أبا ساسان تدخل علي في آخر الناس؟ فقال: من الطويل
وكلّ خفيف الشأن يسعى مشمّراً ... إذا فتح البواب بابك إصبعا
ونحن الجلوس الماكثون رزانةً ... وحلماً إلى أن يفتح الباب أجمعا
وقيل: إن الوفادة كانت على معاوية، وإنه كان يؤذن له في أول الوفد فيدخل في آخرهم، فقال له معاوية: مالك يا أبا ساسان؟ إنا نحسن إذنك، فأنشده البيتين.
قال يعقوب: وحضين بن المنذر هو الذي يؤثر عنه أن ختنه على ابنته أو أخته كان إذا دخل عيه تنحى له حضين عن مجلسه ثم قال: مرحباً بمن كفانا المؤونة وستر العورة.
وكان الحضين بخراسان أيام قتيبة بن مسلم، فدخل عليه، وهو عنده، مسعود بن حراش العبسي، والحضين شيخ كبير معتم بعمامة، فقال مسعود لقتيبة: من هذه العجوز المعتمة عند الأمير؟ فقال قتيبة: بخ، هذا حضين بن المنذر، فقال حضين: من هذا أيها الأمير؟ قال: مسعود بن حراش العبسي، فقال حضين: إنا والله ممن لم يمجد قومه في الجاهلية عبد حبشي، يعني عنترة، ولا في الإسلام امرأة بغي، قال: فسكت عنه مسعود بن حراش.
وشهد الحضين صفين مع علي عليه السلام.
وبقي إلى أيام معاوية، فوفد عليه، وكان لا يعطي البواب ولا الحاجب شيئاً؛ فكان لا يأذن له الحاجب إلا آخر الناس، فدخل يوماً فقام حيال معاوية، وأنشد البيتين:
وكل خفيف الشأن.......................................
قال: فأومأ إليه معاوية أن أعطهم شيئاً فإنك لا تعطي أحداً شيئاً.
حدث الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري قال: حضين بن المنذر أبو ساسان الرقاشي هو حضين بحاء مهملة مضمومة وضاد معجمة ونون، من سادات ربيعة، وكان صاحب راية أمير المؤمنين يوم صفين، وفيه يقول أمير المؤمنين: من الطويل
لمن رايةٌ سوداء يخفق ظلّها ... إذا قيل: قدّمها، حضين تقدّما
وتتمة الأبيات في رواية أبي جعفر محمد بن مروان أن علياً قالها:
فيوردها في الصف حتى يقيلها ... حياض المنايا تقطر الموت والدما
جزى الله قوماً قاتلوا في لقائهم ... لدى الموت قدماً ما أعزّ وأكرما
وأطيب أخباراً وأكرم شيمةً ... إذا كان أصوات الرجال تغمغما
ربيعة أعني إنهم أهل نجدةٍ ... وبأسٍ إذا لاقوا خميساً عرمرما
قال الحسن: ثم ولاه إصطخر، وكان يبخل، وفيه يقول زياد الأعجم: من الطويل
يسدّ حضينٌ بابه خشية القرى ... بإصطخر والشاة السمين بدرهم
وفيه يقول الضحاك بن هنام: من الطويل
وأنت امرؤٌ منا خلقت لغيرنا ... حياتك لا نفعٌ، وموتك فاجع
قال الحافظ: ولا أعرف من سمي حضيناً بالضاد والنون غيره، وغير من ينسب إليه من ولده.
وكان شاعراً فارساً صدوقاً، كان على راية علي عليه السلام يوم صفين، وكان صاحب شرطته، وسماه يعقوب بن سفيان في أمراء يوم الجمل من أصحاب علي.
قال محمد بن داود المازني: قيل لحضين بن المنذر: بأي شيء سدت قومك؟ قال: بحسب لا يطعن فيه، ورأي لا يستغنى عنه، ومن تمام السؤدد أن يكون الرجل ثقيل السمع عظيم الرأس.
قال الشعبي:
قال قتيبة بن مسلم لوكيع بن أبي سود: ما السرور؟ قال: لواء منشور، وجلوس على السرير، والسلام عليك أيها الأمير. فقال للحضين بن المنذر: ما السرور؟ قال: دار قوراء، وامرأة حسناء، وفرس مربوط بالفناء. وقال لرجل من بني قشير: ما السرور؟ قال: الأمن والعافية، قال: صدقت.
قال سليمان بن أبي شيخ: لما فتح قتيبة بن مسلم سمرقند أمر بفرشه ففرشت، فأجلس الناس على مراتبهم، وأمر بقدور الصفر فنصبت، فلم ير الناس مثلها في الكبر، إنما يرقى إليها بالسلالم، والناس منها متعجبون.
وأذن للعامة، فاستأذنه أخوه عبد الله بن مسلم في أن يكلم الحضين بن المنذر الرقاشي على جهة التعبث به، وكان عبد الله بن مسلم يحمق، فنهاه قتيبة عن كلام الحضين وقال: هو باقعة العرب، وداهية الناس ومن لا تطيقه، فخالفه، وأبى إلا كلامه.
فقال للحضين: يا أبا ساسان: أمن الباب دخلت؟ فقال له: ما لعمك بصر بتسور الجدران. وفي رواية: وكان ذلك يتسلق على جيرانه، قال: أفرأيت القدور؟ قال: هي أعظم من أن لا ترى. قال: أفتقدر أن رقاش رأت مثلها؟ قال: ولا رأى مثلها عيلان، ولو رأى مثلها لسمي شبعان، ولم يسم عيلان، قال: أفتعرف الذي يقول: سن الطويل
عزلنا وأمّرنا وبكر بن وائلٍ ... تجرّ خصاها تبتغي من تحالف
قال: نعم وأعرف الذي يقول: من الوافر
فخيبة من يخيب على غنيٍّ ... وباهلةٍ ويعصر والرّباب
والذي يقول: من الكامل
إن كنت تهوى أن تنال رغيبةً ... في دار باهلة بن يعصر فارحل
قومٌ قتيبة أمّهم وأبوهم ... لولا قتيبة أصبحوا في مجهل
قال عبد الله بن مسلم: فهو الذي يقول: من الطويل
يسدّ حضين بابه خشية القرى ... بإصطخر والكبش السمين بدرهم
ثم قال عبد الله: يا أبا ساسان، دعنا من هذا، هل تقرأ من القرآن شيئاً؟ قال: إني لأقرأ منه الكثير الطيب: " هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا ". فاغتاظ عبد الله وقال: لقد بلغني أن امرأتك زفت إليك وهي حامل،
فقال الحضين: يكون ماذا؟ تلد غلاماً، فيقال: فلان ابن الحضين كما قيل: عبد الله بن مسلم.
فقال قتيبة: اكفف لعنك الله، فأنت عرضت نفسك لهذا.
وفي رواية أخرى:
قتيبة، إن تكفف أخاك تكفّه ... وفي الوصل مطمعٌ، يا بن مسلم
وإلا فإني والذي نسكت له ... رجال قريشٍ والحطيم وزمزم
لئن لجّ عبد الله في بعض ما أرى ... لأرتقين في شتمكم رأس سلّم
أمزحٌ بشيخٍ بعد تسعين حجّةً ... طوتني كأني من بقية جرهم
فما ردّ مزحٌ قطّ خيراً علمته ... وللمزح أهلٌ لست منهم فأحجم
أدرك أبو ساسان خلافة سليمان بن عبد الملك، وسليمان بويع سنة ست وتسعين وقيل: إنه مات في خلافة سليمان.