Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=138705&book=5528#c57098
علي بن الحسن بن علي بن الفضل، أبو منصور الكاتب، المعروف بابن صربعر :
أخو أبي الحسن أَحْمَد الذي تقدم ذكره، كان من فحول الشعراء ذا جزالة وفصاحة مع رقة وسلاسة، وكانت له معرفة تامة بالأدب، سمع أبا الحسين عليا وأبا القاسم عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بشران وأبا عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن خالد الكاتب وأبا الحسن علي بن عمر بن أَحْمَد الحمامي وغيرهم، روى عنه أبو سعد أَحْمَد بن مُحَمَّد الزوزني وأبو الحسن عليّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السَّلام الكاتب وفاطمة بِنْت أَبِي حكيم عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم الخبري- روت عنه الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار.
أخبرني شهاب الحاتمي بهراة قال: سمعت أبا سعيد بن السمعاني يقول: سمعت أبا الحسن بن عبد السلام يقول: كان نظام الملك يقول لأبي منصور بن الفضل أنت ابن صردر لا ابن صربعر، قال ابن السمعاني: وقد هجاه الشريف أبو حفص بن البياضي ببيتين ظلمه وما أنصفه:
لئن أبرز الناس قدما أباك ... فسموه من شحه صربعرا
فإنك تنثر ما صره ... عقوقًا له وتسميه شعرا
وَأَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيٍّ الأَمِينُ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حَكِيمٍ عَبْد اللَّه بْن إبراهيم الخبري قالت: أنبأنا أبو منصور علي بن الحسن بن الفضل الكاتب، أنبأَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبد الله بن خالد الكاتب، أنبأنا أبو محمد علي بن عبد الله بن العباس بن المغيرة الجوهري، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن سعيد ابن عبد الله الدمشقي، حدثني الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنِي أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنِي نَوْفَلُ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ثَلاثٌ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَهُنَّ فِيهِ حُرِّمَ عَلَى النَّارِ وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَالثَّانِيَةُ حُبُّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالثَّالِثَةُ أَنْ تُوقَدَ نَارٌ فَيُلْقَى فِيهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ» .
وبالإسناد حدثنا الزبير، أخبرني سفيان بن عيينة قال: تبع مُحَمَّد بن المنكدر جنازة رجل يقال له عمران بقره بسيفه، فعوتب في ذلك وقيل له: مثل ذلك لا يتبع جنازة مثل هذا، فقال: والله إني لأستحيي من الله عز وجل أن يراني أرى ورحمته قد عجزت عن أحد من خلقه.
أخبرنا جعفر بن علي بن هبة الله المقرئ بالإسكندرية، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن مُحَمَّد السلفي أنشدني القاضي أبو القاسم محمود بن يوسف البرزندي التفليسي، أنشدنا أبو منصور علي بن الحسن بن الفضل المعروف ابن صربعر الكاتب ببغداد لنفسه:
يا مانح العين عدمت الروا ... من حوض هذا القلب كم تستقى
من شيمة الماء انحدار فلم ... ماء فؤادي أبدًا يرتقي
أخبرني شهاب بن محمود الحلبي بهراة، أنشدنا عبد الكريم بن مُحَمَّد بن منصور المروزي، أنشدني أبو الحسن عليّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السَّلام الكاتب، أنشدنا أبو منصور علي بن الحسن بن الفضل الكاتب لنفسه:
صرعتهم عيون ذاك السيف ... يا صاحبي وأين مني صحبي
يوم أبدوا تلك الوجوه علمنا ... إنما يشهر السلاح لحرب
لحظات أسماؤهن استعارا ... ت وما هن غير طعن وضرب
إن أجب داعي الهوى غير راض ... فالصد بالله اكرها بلبي
هل أرى في السهاد مسحا بعيني ... من أمري في الرقا دليلا بقلبي
أمل كاذب قطاف ثمار ... من غصون ملتفة بالعصب
كلما رنح النسيم فروع البان ... هزت أعطافها بالعجب
إن روض الخدود ليس لرعى ... وخمور الثغور ليس لشرب
أرى ميته تطيب بها النفس ... وقبلا يلذ غير الحب
لا يزل بي عن العقيق ففيه ... وطرى إن قضيته أو نحبي
أجمل أن لا أزور ديارًا ... يوم بانوا دفنت فيها لبي
لا رعيت الغرام إن قلت ... للصحبة حفى عنه وللعيش هبي
وقفه بالركاب يجمع فيها ... فرحة لي وراحة للركب
في كناس الأرطي سبهه ... لقينا حماها العفاف من الحجب
قبل ما لنا ما طعمنا ... إن قرى الذل في الزلال العذب
طلعت وجهه وقابلها البدر ... فسوت ما بين شرق وغرب
كل شيء حسبته من تحتها ... سوى عدها الصبابة ذنبي
وأخبرني الحاتمي، أنشدنا ابن السمعاني، أنشدنا أبو الحسن بن عبد السلام، أنشدنا أبو منصور بن الفضل لنفسه:
شدوا على ظهر الصبا رحلي ... إن الشباب مطية الجهل
إن أخرت نفسي إلى أمد ... دبرتها في الشيب بالعقل
إن المغرب في مواطنه ... من عاش في الدنيا بلا خل
وإذا الفؤاد ثوى بلا وطر ... فكأنه ربع بلا أهل
من للظباء سواي يقنصها ... إن أسكرتني خمرة العدل
أوغلت في حوض الهوى أنفا ... للقلب أن يبقى بلا شغلي
وخدرت سلوانا فسمتهم ... أن يحرموني لذة الوصل
فضلت دموعي عن مدى حزني ... فنكيت من قتل الهوى قتلي
ما من ذوي شجن يكتمه ... إلا أقول متيم مثلي
يخفى ولا يخفى علي نظري ... علم الخضوع ومبسم الذل
يا فاتكا أضراه أن له ... قتل بلا قود ولا عقل
لم لا تريق دما وصاحبه ... لك جاعل في أوسع الحل
بعد الغزلان الحدور لقد ... كحلت مهاجرهن بالختل
يرمين في ليل الشباب لكي ... يخفى علي مواقع النبل
لو لم يرد بي السوء خالفها ... ما ضم بين الحسن والبخل
أقذف عدوك إن أردت به ... دهيا من الأعين النجل
يبلغن كل العنف في لطف ... وسلن أقصى الجد بالهزل
هبهم لو وعدوني فطيفهم ... من ذا الحسن عَلَى مطل
قد كنت أنهكه معاقبه ... لولا إدكاري حربه الرسل
وعهودهم بالرمل قد نقضت ... وكذاك ما بيني على الرمل
إذا أزمعوا صرما فلم عقدوا ... يوم الكتيب بحبلهم حبلي
لا توثق إلا سواء بينهم ... إلا رشا الفاحم الرحل
كيف الخلاص ومن قدودهم ... وخدودهم ونهودهم عقلي
واذا الهوى ربط النفوس فما ... يغنيك حل يد ولا رجل
صحبي الأولي أرخوا مطيهم ... حتى أناخوها بذي الأثل
من يطلع شرفا فيعلم لي ... هل روح الرعيان بالإبل
أم قعقعت عمد الخيام أم ... ارتفعت قناتهم على النزل
أم غرد الحادي بقافية ... منها غراب البين يستملي
إني أخادر من رحيلهم ... ما خادرت أم من الثكل
إن كان ذاك فصادفوا نقما ... يعمي الدليل به عن السبل
وأخبرني الحاتمي أنشدنا ابن السمعاني، أنشدني أبو سعد أَحْمَد بن مُحَمَّد الزوزني، أنشدني أبو منصور علي بن الحسن بن الفضل لنفسه:
ماذا يعيب رجال الحي في النادي ... سوى جنوني عَلَى إدمائه الوادي
نعم هي الزاد مشغوف به سعيت ... والماء خامت عليه غلة الصادي
يا صاحبي أبيوم الروع تنجدني ... فكيف يوم النوى حرمت الحادي
وما سلكت فجاج الأرض مفترسا ... حتى ضمنت ولو بالنفس إسعادي
من أين يعلم أن البين وخزته ... في الصدر أسلم منها ضربة الهادي
لا در درك إن وريت عن خبري ... إذا سئلت وإذا شمت حسادي
قل للمقيمين بالبطحاء إن لكم ... بالرقمتين أسيرًا ما له فادي
يد العواذل تطويه وتنشره ... شبه المريض طريح بين عواد
ليت الملامة سدت كل سامعة ... فلم تجد مسلكًا أرجوزة الحادي
فإن رويت أحاديث الذين نأوا ... فعن نسيم الصبا والبرق إسنادي
أكلف القلب أن يهوى وألزمه ... صبرًا وذلك جمع بين أضداد
وأكتم لركب أوطاري وأسألهم ... حاجات نفسي لقد أتعبت روادي
هل مدلج عنده عن منكم خبر ... وكيف يعلم حال الرائح الغادي
قالوا تعرض لغزلان النقا بدلا ... أمقنعي شبه أجياد لأجياد
إن الظباء التي هام الفؤاد بها ... يرعين ما بين أحشاء وأكباد
نزلن من أنفس العشاق من حرم ... فليس يطمع فيها حبل صياد
وأنشدنا الحاتمي، أنشدنا ابن السمعاني، أنشدنا أبو سعد الزوزني، أنشدنا أبو منصور بن الفضل لنفسه:
لو كنت أشفق من خصيب بنان ... ما زرت حيكم بغير أمان
ما صبوة دبت إلي خديعة ... كالخمر تسرق يقظة النشوان
انظر فما غض الجفون بنافع ... قلبًا يرى ما لا ترى العينان
ولذاك عنفني النصوح فلم أقل ... إن الصبا شيطانه أغراني
فعلمت أن الحب فيه غواية ... مغتالة للشيب والشبان
ما فوق إعجاز الركاب رسالة ... تلهى ففيم مجيئه الركبان
عذرا فلو علموا جواك لسالموا ... غزلان وحره عن غصون البان
قولا لكثبان العقيق تطاولي ... دون الحمى امددك بالطمحان
ولتنفس الرجل زفرة مدنف ... إن لم يغثه الدمع بالهملان
عجل الفريق وكل طرف أثرهم ... متعثر اللحظات بالأطعان
وكأنما ردي يوم لقيتها ... بالدمع قد نسجا من الأجفان
كلف بجلدي الذي يستطيعه ... هل في إلا قدرة الإنسان
ولئن صببت عَلَى الهوى بحشاشتي ... فالحب شر متالف الحيوان
يدري الذي نصح الفؤاد بنيله ... أن قد رمى كشحيه حين رماني
لو لم تكن عفرت عَلَى أطلالهم ... عيني لما سفحت بأحمر قاني
متأولين عَلَى الجفون تحننًا ... فالدمع يمطرهم بذي الوان
ولو أنه ماء لقالوا دمعة ... ريق وجفنا عينه شفتان
ظمأي إلى ماء النقيب لأنه ... ورد الكمي ومناهل الأغصان
ولنعم هينمة النسيم محدثًا ... عن طيب ذاك الجنب والأردان
إن لم يكن سهل اللوى وحزونه ... وطني فإن أنيسه خلاني
ولو أنهم جلوز وود بحلبه ... كلغى وقلت الدار بالجيران
علق يلاعب بي ورب لبانة ... شامية شغفت فؤاد يمان
هل يبلغني دراهم مذمومة ... بالشوق موقرة من الأشجان
فعسى أميل إلى القباب مناجيًا ... بضمائر ثقلت عَلَى الكتمان
وأطارد المقل اللواتي بفتكها ... تملي علي مقاتل الفرسان
متجاذبين من الحديث طرائفا ... يصغي لطيب سماعها النضوان
كرر لحاظك في الخدوج فبعدها ... هيهات أن يتجاوز الحيان
من بعد ما أرغمت أنف رقيبهم ... حتفا وحضت حمية الغيران
وطرقت أرضهم وتحت سمائها ... عدد النجوم أسنة الخرسان
أرض جداولها السيوف وعشبها ... نبع وما ذكروا من المران
في معشق عشقوا الدخول وآثروا ... شرب الدماء بها عَلَى الألبان
قوم إذا خبأ الضيوف جفانهم ... ردت عليهم ألسن النيران
قرأت في كتاب أبي نصر هبة الله بن علي بن المجلي بخطه قَالَ: علي بْن الحسن بْن علي بْن الفضل أبو منصور الكاتب شاعر مجود بديع محسن، جمع بين رقة المحدثين وقوة المتقدمين، ولم يك في المتأخرين أرق طبعًا منه مع جزالة كلام وبلاغة معنى، وكان مدح أمير المؤمنين القائم بأمر الله ووزيريه أبا القاسم بن المسلمة وأبا نصر بن
جهير، ومدح ولده أبا منصور بن جهير وأبا المعالي بن عبد الرحيم الوزير وغيرهم، وأكثر شعره مديح، وله مراث يسيره.
وحدثت عن بعض أدباء الرؤساء أنه قال: ابن الفضل الكاتب أشعر من مهيار كتبت ديوان شعره جميعه ولم يقدر لي أن أسمع منه شيئًا فأنشدنيه ناصر بن مُحَمَّد بن علي عنه، وكان قد قرأ القرآن بروايات، وله صوت حسن إذا تلاه، وكان قيما بالأدب غزير الفضل، وسمع أبا الحسين بن بشران وأبا القاسم بن بشران وغيرهما، روى عنه أبو عبد الله الصوري شيئًا من شعره، وسمع هو والخطيب بقراءته عَلَى الشيوخ.
قرأت في كتاب أبي علي بن البناء قال: وفي يوم الأربعاء لسبع بقين منه يعني شهر ربيع الأول سنة خمس وستين وأربعمائة سمعت أن الفرس كبا بابن الفضل الكاتب الذي يسمع معنا الحديث ويلقب بابن صربعر فدقت عنقه، وكان قد ظلم أهل شهرابان وسعى بهم، وكان يقول الشعر وخلط في دينه.
قرأت في كتاب أبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون بخطه وأنبأنا نصر اللَّه بن سلامة الهيتي، أنبأنا محمد بن ناصر قراءة عليه عن ابن خيرون قال: سنة خمس وستين وأربعمائة أبو منصور علي بن الحسن بن الفضل الكاتب سقط في بئر فهلك في صفر، وكان قد سمع الكثير من ابني بشران وغيرهما، وكان يحفظ القرآن وقال الشعر، وذكر ابن خيرون في رواية أخرى أنه دفن بباب أبرز.