عامر بن عبد الله وهو ابن عبد قيس أبو عبد الله العنبري روى عنه الحسن وابن سيرين سمعت أبي يقول ذلك.
- وعامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام. أمه حنتمة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم, يكنى أبا الحارث. مات سنة إحدى وعشرين ومائة.
عامر بْن عَبْد اللَّه
1: حدثنا سمير سَمِعَ أم سلمة رضى الله عنها حين قتل حسين رضى الله عَنْهُ - قَالَه عَبْد اللَّه بْن صباح حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيّ الحنفِي حَدَّثَنَا قرة بْن خَالِد حَدَّثَنَا عامر.
1: حدثنا سمير سَمِعَ أم سلمة رضى الله عنها حين قتل حسين رضى الله عَنْهُ - قَالَه عَبْد اللَّه بْن صباح حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيّ الحنفِي حَدَّثَنَا قرة بْن خَالِد حَدَّثَنَا عامر.
- عامر بن عبد الله. وهو الذي يقال له: ابن عبد قيس بن عمرو بن شطر بن معاوية بن أسعد بن جون بن كعب بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم. أمه الحصينة بنت كاهل من بني الشعيراء, وهو بكر بن مر بن أد بن طابخة, يكنى أبا عبد الله. مات أيام معاوية بالشام.
عامر بْن عَبْد الله هو ابن عَبْد قيس أَبُو عَبْد اللَّه الْعَنْبَرِيّ التميمي البصري
3، قال على حَدَّثَنَا مُعْتَمِر عَنْ أَبِي كعب: كَانَ الْحَسَن وابْن سيرين يكرهان أن يَقُولا: عامر بْن عبد القيس ويقولان: عامر ابن عَبْد اللَّه، كناه عَمْرو بْن عاصم.
3، قال على حَدَّثَنَا مُعْتَمِر عَنْ أَبِي كعب: كَانَ الْحَسَن وابْن سيرين يكرهان أن يَقُولا: عامر بْن عبد القيس ويقولان: عامر ابن عَبْد اللَّه، كناه عَمْرو بْن عاصم.
عَامِرُ بْنُ عبد الله
- عَامِرُ بْنُ عبد الله بن الزبير بن العوام بن خُوَيْلِدٍ. وأمه حنتمة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي. فولد عامر بن عبد الله: عتيقا. وعبد الله لا بقية له. والحارث درج. وعائشة وأم عثمان الكبرى. وأم عثمان الصغرى. وأمهم قريبة بنت المنذر بن الزبير بن العوام بن خويلد. وكان عامر بن عبد الله بن الزبير يكنى أبا الحارث. وكان عابدا فاضلا. مات قبل موت هشام بن عبد الملك أو بعده بقليل. ومات هشام سنة أربع وعشرين ومائة. أَخْبَرَنَا: مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. قَالَ: كَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ طَلَعَتْ شَمْسُهُ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ إِرَادَةَ الطُّهْرِ. أَخْبَرَنَا مَعْنٌ. قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ. قَالَ: رَأَيْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُوَاصِلُ يَوْمَ سَبْعَ عَشْرَةَ ثُمَّ يُمْسِي فَلا يَذُوقَ شَيْئًا حَتَّى الْقَابِلَةَ. يَوْمَيْنِ وَلَيْلَةً. أَخْبَرَنَا مَعْنٌ. قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ. قَالَ: رَأَيْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَرُوغُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. قَالَ: يَقُولُونَ إِنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اشْتَرى نَفْسَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِسِتِّ دِيَاتٍ. أَخْبَرَنَا مُصْعَبٌ. عَنْ سُفْيَانَ: أَنَّهُ رَأَى عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُطِيلُ الوقوف عند الجمار. وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا عَابِدًا. وَلَهُ أَحَادِيثُ يَسِيرَةٌ.
- عَامِرُ بْنُ عبد الله بن الزبير بن العوام بن خُوَيْلِدٍ. وأمه حنتمة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي. فولد عامر بن عبد الله: عتيقا. وعبد الله لا بقية له. والحارث درج. وعائشة وأم عثمان الكبرى. وأم عثمان الصغرى. وأمهم قريبة بنت المنذر بن الزبير بن العوام بن خويلد. وكان عامر بن عبد الله بن الزبير يكنى أبا الحارث. وكان عابدا فاضلا. مات قبل موت هشام بن عبد الملك أو بعده بقليل. ومات هشام سنة أربع وعشرين ومائة. أَخْبَرَنَا: مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. قَالَ: كَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ طَلَعَتْ شَمْسُهُ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ إِرَادَةَ الطُّهْرِ. أَخْبَرَنَا مَعْنٌ. قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ. قَالَ: رَأَيْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُوَاصِلُ يَوْمَ سَبْعَ عَشْرَةَ ثُمَّ يُمْسِي فَلا يَذُوقَ شَيْئًا حَتَّى الْقَابِلَةَ. يَوْمَيْنِ وَلَيْلَةً. أَخْبَرَنَا مَعْنٌ. قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ. قَالَ: رَأَيْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَرُوغُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. قَالَ: يَقُولُونَ إِنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اشْتَرى نَفْسَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِسِتِّ دِيَاتٍ. أَخْبَرَنَا مُصْعَبٌ. عَنْ سُفْيَانَ: أَنَّهُ رَأَى عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُطِيلُ الوقوف عند الجمار. وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا عَابِدًا. وَلَهُ أَحَادِيثُ يَسِيرَةٌ.
عامر بن عبد الله
س: عامر بْن عَبْد اللَّهِ، أَبُو عَبْد اللَّهِ.
مر به مالك بْن عَبْد اللَّهِ الخثعمي أمير الجيوش، وعامر يقود بغلا له، وهو يمشي، فقال له مالك: يا أبا عَبْد اللَّهِ، ألا تركب؟ فقال: سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أغبرت قدماه في سبيل اللَّه فهما حرام عَلَى النار ".
كذا روى، والصواب جابر بْن عَبْد اللَّهِ، ويتصحف عامر من جابر.
أخرجه أَبُو موسى.
س: عامر بْن عَبْد اللَّهِ، أَبُو عَبْد اللَّهِ.
مر به مالك بْن عَبْد اللَّهِ الخثعمي أمير الجيوش، وعامر يقود بغلا له، وهو يمشي، فقال له مالك: يا أبا عَبْد اللَّهِ، ألا تركب؟ فقال: سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أغبرت قدماه في سبيل اللَّه فهما حرام عَلَى النار ".
كذا روى، والصواب جابر بْن عَبْد اللَّهِ، ويتصحف عامر من جابر.
أخرجه أَبُو موسى.
عامر بن عبد الله
المعروف بابن عبد قيس بن ناشب بن أسامة بن خدينة بن معاوية ابن شيطان بن معاوية بن أسعد بن جِدَن بن العنبر ابن عمرو بن تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة أبو عبد الله ويقال: أبو عمرو العنبري البصري الزاهد قدم دمشق في خلافة عثمان بن عفان لما سُعي به إليه.
حدث عامر بن عبد الله أن سلمان الخير حين حضره الموت عرفوا منه بعض الجزع. قالوا: وما يجزعك يا أبا عبد الله، وقد كانت لك سابقة في الخير، شهدت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مغازيَ حسنة، وفتوحاً عظاماً؟ قال: يجزعني أن حبيبنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين فارقنا عهد إلينا قال: " ليكفِ الرجل منكم كزاد الراكب "، فهذا الذي أجزعني، فجُمع مال سلمان فكان قيمته خمسة عشر ديناراً.
كان عامر يأتي الحسن، فيجلس إليه، ثم تركه، فجاء الحسن يوماً وأصحابه فدخلوا عليه، فقال له الحسن: يا أبا عبد الله، لمَ تركت مجلسنا؟ أرابك منا شيء فنُعتبَك؟ قال: لا، ولكني سمعت أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولون: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن أطولكم حزناً في الدنيا أطولكم فرحاً في الآخرة، وإن أكثركم شبعاً في الدنيا أكثركم جوعاً في الآخرة "، فوجدت البيت أخلى للقلب، وأقدر لي على ما أُريدَ مني. فخرج وهو يقول: هو - والله - أفقه منا.
وروي أتم من هذا غير مرفوع، قال الحسن البصري:
كان لعامر بن قيس مجلس في المسجد الجامع، فكنا نجتمع إليه، ففقدناه أياماً حتى حسبنا أن يكون قد ضارع أصحاب الأهواء، فأتيناه في أهله، فقلنا: يا أبا عبد الله، تركت أصحابك، وجلست ها هنا وحدك! فقال: إنه مجلس كثير الأغاليط والتخليط. فلما كان هذا حقَّقنا الذي كنا ظنناه به. فقلنا: يا أبا عبد الله، وإذا كان هكذا فما تقول فيهم؟ قال: وما عسى أن أقول فيهم: لقيت ناساً من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبروني أنّ أخلص الناس إيماناً يوم القيامة أشدهم محاسبة في الدنيا لنفسه، وإن أشد الناس فرحاً يوم القيامة أشدهم حزناً في الدنيا، وإن أكثر الناس ضحكاً يوم القيامة أكثرهم بكاء في الدنيا، وأخبروني أن الله عزّ وجلّ فرض فرائض، وسنّ سُنناً، وحدّ حدوداً، فمن عمل بفرائض الله وسننه، واجتنب حدوده أدخله الجنة بغير حساب. ومن عمل بفرائض الله وسننه وارتكب حدوده، ثم تاب، ثم ارتكب، ثم تاب، ثم ارتكب، ثم تاب، ثم ارتكب استقبل أهوال يوم القيامة وزلازلها وشدائدها، ثم يدخله الله الجنة. ومن عمل بفرائض الله وسننه وارتكب حدوده لقي الله يوم القامة وهو عليه غضبان، فإن شاء عذبه، وإن شاء غفر له. قال: وقمنا من عنده وخرجنا.
وكان عامر ثقة من كبار التابعين وعبّادهم. رآه كعب فقال: هذا راهب هذه الأمة.
حدث بلال بن سعد أن عامر بن عبد قيس وُشي به إلى زياد - وقيل: إلى ابن عامر - فقيل له أنْ ها هنا رجلٌ قيل له: ما إبراهيم خير منك، فسكت، وقد ترك النساء، فكتب فيه إلى عثمان، فكتب إليه أن انفِهِ إلى الشام على قَتَب. فلما جاءه الكتاب أرسل إلى عامر، فقال: أنت الذي قيل لك: ما إبراهيم خير منك فسكتَّ؟ فقال: والله ما سكوتي إلا تعجباً، لوددت أني كنت غباراً على قدميه فيدخل بي الجنة. قال: ولم تركت النساء؟ قال: والله ما تركتهن إلا أني قد علمت أنها متى تكن امرأة فعسى أن يكون ولد، ومتى يكن ولد تشعَّبت الدنيا قلبي، فأحببت التخلي من ذلك، فأجلاه على قَتَب إلى الشام.
فلما قدم أنزله معاوية معه الخضراء، وبعث إليه بجارية وأمرها أن تُعْلِمَه ما حالُه، فكان يخرج من السحر فلا تراه إلا بعد العتمة، فيبعث إليه معاوية بطعام، فلا يعرض لشيء منه، ويجيء معه يكسَرٍ، فيجعلها في ماء فيأكلها منها، ويشرب من ذلك الماء، ثم يقوم، فلا يزال ذلك مقامه حتى يسمع النداء، فيخرج فلا تراه إلى مثلها. فكتب معاوية إلى عثمان يذكر له حاله، فكتب إليه أن اجعله أول داخل، وآخر خارج، ومُر له بعشرة من الرقيق، وعشرة من الظَّهر. فلما أتى معاوية الكتاب أرسل إليه فقال له: إن أمير المؤمنين كتب إلي أن آمر لك بعشرة من الرقيق، فقال: إن علي شيطاناً قد غلبني، فكيف أجمع علي عشرة؟ قال: وأمر لك بعشرة من الظهر، فقال: إن البغلة واحدة، وإني لمشفق أن يسألني الله عن فضل ظهرها يوم القيامة. قال: وأمرني أن أجعلك أول داخل وآخر خارج، قال: لا أرب لي في ذلك.
قال: فحدث بلال بن سعد عمن رآه بأرض الروم على بغلته تلك يركبها عُقْبة ويحمل المهاجرين عُقْبة.
قال: وكان عامر إذا فصل غازياً وقف يتوسم الرفاق، فإذا رأى رفقة توافقه قال: يا هؤلاء، إني اريد أن أصحبكم على أن تعطوني من أنفسكم ثلاث خلال، فيقولون: ما هي؟ قال: أكون لكم خادماً لا ينازعني أحد منكم الخدمة، وأكون مؤذِّناً لا ينازعني أحد منكم الأذان، وأُنفق عليكم بقدر طاقتي. فإذا قالوا: نعم انضمّ إليهم. فإن نازعه أحد منهم شيئاً من ذلك ارتحل منهم إلي غيرهم.
ولما سُيّر عامر بن عبد الله شيعه إخوانه. فلما كان بظهر المربد قال: إني داعً فأمِّنوا فقالوا: هات، فقد كنا نستبطىء هذا منك، قال: من أساء بي، وكذب علي، وأخرجني من مصري، وفرق بيني وبين إخواني، اللهم، أكثِر ماله وولده، وأَصِحَّ جسمه واَطِل عمره.
كان عامر بن عبد الله قد فرض على نفسه كل يوم ألف ركعة، فكان إذا صلى العصر جلس قد انتفخت قدماه من طول القيام، فيقول: يا نفس، بهذا أمرتِ، ولهذا خُلقتِ، يوشك أن يَذهب العناء ثم يقرأ إلى المغرب، فإذا صلى المغرب قام فصلى إلى العتمة، فإذا صلى العتمة أفطر ثم يقول: يا نفس، قومي، ثم يقوم إلى الصلاة، فلا يزالا راكعاً
وساجداً حتى الصبح، وكان يقول في جوف الليل: اللهم، إن النار منع النوم مني فاغفر لي.
قال عامر بن عبد قيس:
وجدت أمر الدنيا يصير إلى أربع: إلى المال، والنساء، ولا حاجة لي بالمال ولا النساء، والنوم والأكل، وايم الله لئن استطعت لأضرنّ بهما.
وفي رواية: وجدت الدنيا أربع خصال: النساء، واللباس والطعام والنوم. فأما النساء فوالله ما أبالي امرأة رأيت أو جداراً، وأما اللباس فو الله ما أبالي ما واريت به عورتي، وأما الطعام والنوم فقد غلباني إلا أن أصبت منهما، والله لأضرَنّ بهما ما استطعت.
قال الحسن: ففعل والله.
قال الحسن: كتب معاوية إلى عبد الله بن عامر: انظر عامر بن قيس فأحسن إذنه، ومُره أن يخطب إلى ما شاء، وأَمهِر عنه من بيت المال. قال: فأرسل إليه: إن أمير المؤمنين كتب إليّ أن أحسن إذنك، قال: ما اصنع بالإذن؟ فأنتم أحوج إلى ذلك مني، وأمرني أن تخطب إلى من شئت وأُمهِرك من بيت المال، قال: أنا في الخطبة دائب. قال: إلى مَن؟ قال: إلى من يقبل مني التمرة والفَلقْة، ثم أقبل على جلسائه فقال: إني سائلكم، فأخبروني، قالوا: سل، قال: هل منكم أحد إلا لمالِه من قلبه شُعبة؟ قالوا: اللهم، نعم، قال: هل منكم أحد إلا لولده من قلبه شعبة؟ قالوا: اللهم، نعم قال: هل منكم أحد إلا لأهله من قلبه شعبة؟ قالوا: اللهم، نعم. قال: والذي نفسي بيده لأن تختلف الخناجر في جوارحي أَحبّ إليّ من أن أكون هكذا. أما والله لئن استطعت أن أجعل الهمّ هماً واحداً لأفعلنّ.
قال الحسن: ففعل، ورب الكعبة.
وقال أبو سعيد بن الأعرابي: وهذا أعلى ما قيل في الزهد: أن يكون الهمّ همّاً واحداً لله عزّ وجلّ، ليس ذكر دنيا ولا آخرة، هو غاية الزهد، وهو خروج قدر الدنيا وقلتها من قلبه أن يزهد فيها، وخروج قدر غيرها فيرغب فيها إذا كانت دون الله عزّ وجلّ. هذا لمن كان الله همّه وحده خالصاً.
قال محمد بن سيرين: قيل لعامر بن عبد قيس: ألا تزَوّج؟ قال: والله ما عندي من نشاط، وما عندي من مال، فبمَ أغرُّ امرأة مسلمة؟ وعن قتادة قال: سأل عامر بن عبد الله ربه أن يهوّن عليه الطَّهور في الشتاء، فكان يؤتى بالماء له بخار، وسأل ربه عزّ وجلّ أن ينزع شهوة النساء من قلبه، فكان لا يبالي ذكراً لقي أم أنثى، وسأل ربه أن يحول بين الشيطان وبين قلبه في الصلاة فلم يقدر على ذلك. وكان إذا غزا فيقال له: إن هذه الأجمة يُخاف عليك فيها الأسد قال: إن لأستحيي من ربي أن أخشى غيره.
وقد روي أن ذلك ذهب عنه.
قيل لعامر بن عبد قيس: أتحدث نفسك في الصلاة؟ قال: نعم. فلما ولَّوا قال للذين سألوه أو قال لهم: أحدث نفسي بالوقوف بين يدي الربّ عزّ وجلّ ومُنْصَرَفي من بين يديه.
كان عامر بن عبد الله بن عبد قيس يدخل بيتاً يطيل فيه الصلاة، قال: وكان الرِّمْث نابتاً حولهم، قال: والبصرة إذ ذاك شديدة الحر، قال: فانساب أسود سالخ فدخل البيت، فتطوّى في مُصلاه، ما يشعر به. فلما انحط للسجود رآه فنفضه بيده، فانساب فخرج. فقال بعض من رآه من أهله: أما رهبت هذا؟ إنه حتف
فقال: لا، والله، لولا أني قذَرتهُ لسجدت عليه، والله إني لأستحيي من الله أن يطلّع من قلبي على أني أرهب شيئاً سواه.
كان عامر بن عبد قيس من أفضل العابدين، ففرض على نفسه كل يوم ألف ركعة، يقوم عند طلوع الشمس، فلا يزال قائماً إلى العصر، ثم ينصرف وقد انتفخت ساقاه وقدماه، فيقول: يا نفس، إنما خُلقتِ للعبادة، يا أمّارة بالسوء، فوالله لأعملّنّ بك عملاً لا يأخذ الفراش منك نصيباً.
وهبط وادياً يقال له وادي السباع، وفي الوادي عبد حبشي يقال له حُمَمَة، فانفرد عامر في ناحية، وحممة في ناحية، يصليان، لا هذا ينصرف إلى هذا، ولا هذا ينصرف إلى هذا أربعين يوماً وأربعين ليلة. إذا جاء وقت الفريضة صليا، ثم أقبلا يتطوعان. ثم انصرف عامر بعد أربعين يوماً فجاء إلى حممة فقال: من أنت يرحمك الله؟ قال: دعني وهّمي، قال: أقسمت عليه، قال: أنا حُممة، قال عامر: لئن كنت أنت حممة الذي ذُكر لي لأنت أعبد مَن في الأرض، فأخبرني عن أفضل خصلة، قال: إني لمقصر، ولولا مواقيت الصلاة تقطع علي القيام والسجود لأحببت أن أجعل عمري راكعاً، ووجهي مفترشاً حتى ألقاه، ولكن الفرائض لا تدعني أفعل ذلك. فمن أنت يرحمك الله؟ قال: أنا عامر بن عبد قيس، قال: إن كنت عامر بن عبد قيس الذي ذُكر لي فأنت أعبد الناس، فأخبرني بأفضل خصلة، قال: إني لمقصر، ولكن واحدة عظمت هيبة الله في صدري حتى ما أهاب شيئاً غيره، فاكتنفته السباع، فأتاه سبع منها، فوثب عليه من خلقه، فوضع يديه في منكبيه وعامر يتلو هذه الآية: " ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لهَُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ". فلما رأى السبع أنه لا يكترث له ذهب، فقال حُممة: بالله يا عامر، ما هالَك ما رأيت؟ قال: إني لأستحيي من الله أن أهاب شيئاً غيره، قال حممة: لولا أن الله ابتلانا بالبطن، فإذا أكلنا لا بدّ لنا من الحدث ما رآني ربي عزّ وجلّ إلا راكعاً وساجداً. وكان يصلي في اليوم والليلة ثماني مئة ركعة، وكان يقول: إني لمقصر في العبادة، فكان يعاتب نفسه.
قال عامر بن عبد القيس: إذا عقلك عَقْلُك عما لا ينبغي فأنت عاقل.
قال: وإنما سمي العقل عقلاً من عِقال الإبل.
كان عامر بن عبد قيس يأخذ عطاء فيجعله في طرف ثوبه، فلا يلقاه أحد من المساكين إلا أعطاه. فإذا دخل بيته رمى به إليهم، فيعدونها فيجدونها سواء كما أعطيَها.
بكى عامر بن عبد الله في مرضه الذي مات فيه بكاء شديداً، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: آية في كتاب الله: " إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِيْنَ ".
قبر عبادة بن الصامت وعامر بن عبد الله في بيت المقدس.
قال مالك بن دينار: رأى رجل في المنام كأن منادياً ينادي: أخبروا الناس أن عامر بن عبد الله يلقى الله يوم القيامة ووجهُه مثل القمر ليلة البدر.
المعروف بابن عبد قيس بن ناشب بن أسامة بن خدينة بن معاوية ابن شيطان بن معاوية بن أسعد بن جِدَن بن العنبر ابن عمرو بن تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة أبو عبد الله ويقال: أبو عمرو العنبري البصري الزاهد قدم دمشق في خلافة عثمان بن عفان لما سُعي به إليه.
حدث عامر بن عبد الله أن سلمان الخير حين حضره الموت عرفوا منه بعض الجزع. قالوا: وما يجزعك يا أبا عبد الله، وقد كانت لك سابقة في الخير، شهدت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مغازيَ حسنة، وفتوحاً عظاماً؟ قال: يجزعني أن حبيبنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين فارقنا عهد إلينا قال: " ليكفِ الرجل منكم كزاد الراكب "، فهذا الذي أجزعني، فجُمع مال سلمان فكان قيمته خمسة عشر ديناراً.
كان عامر يأتي الحسن، فيجلس إليه، ثم تركه، فجاء الحسن يوماً وأصحابه فدخلوا عليه، فقال له الحسن: يا أبا عبد الله، لمَ تركت مجلسنا؟ أرابك منا شيء فنُعتبَك؟ قال: لا، ولكني سمعت أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولون: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن أطولكم حزناً في الدنيا أطولكم فرحاً في الآخرة، وإن أكثركم شبعاً في الدنيا أكثركم جوعاً في الآخرة "، فوجدت البيت أخلى للقلب، وأقدر لي على ما أُريدَ مني. فخرج وهو يقول: هو - والله - أفقه منا.
وروي أتم من هذا غير مرفوع، قال الحسن البصري:
كان لعامر بن قيس مجلس في المسجد الجامع، فكنا نجتمع إليه، ففقدناه أياماً حتى حسبنا أن يكون قد ضارع أصحاب الأهواء، فأتيناه في أهله، فقلنا: يا أبا عبد الله، تركت أصحابك، وجلست ها هنا وحدك! فقال: إنه مجلس كثير الأغاليط والتخليط. فلما كان هذا حقَّقنا الذي كنا ظنناه به. فقلنا: يا أبا عبد الله، وإذا كان هكذا فما تقول فيهم؟ قال: وما عسى أن أقول فيهم: لقيت ناساً من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبروني أنّ أخلص الناس إيماناً يوم القيامة أشدهم محاسبة في الدنيا لنفسه، وإن أشد الناس فرحاً يوم القيامة أشدهم حزناً في الدنيا، وإن أكثر الناس ضحكاً يوم القيامة أكثرهم بكاء في الدنيا، وأخبروني أن الله عزّ وجلّ فرض فرائض، وسنّ سُنناً، وحدّ حدوداً، فمن عمل بفرائض الله وسننه، واجتنب حدوده أدخله الجنة بغير حساب. ومن عمل بفرائض الله وسننه وارتكب حدوده، ثم تاب، ثم ارتكب، ثم تاب، ثم ارتكب، ثم تاب، ثم ارتكب استقبل أهوال يوم القيامة وزلازلها وشدائدها، ثم يدخله الله الجنة. ومن عمل بفرائض الله وسننه وارتكب حدوده لقي الله يوم القامة وهو عليه غضبان، فإن شاء عذبه، وإن شاء غفر له. قال: وقمنا من عنده وخرجنا.
وكان عامر ثقة من كبار التابعين وعبّادهم. رآه كعب فقال: هذا راهب هذه الأمة.
حدث بلال بن سعد أن عامر بن عبد قيس وُشي به إلى زياد - وقيل: إلى ابن عامر - فقيل له أنْ ها هنا رجلٌ قيل له: ما إبراهيم خير منك، فسكت، وقد ترك النساء، فكتب فيه إلى عثمان، فكتب إليه أن انفِهِ إلى الشام على قَتَب. فلما جاءه الكتاب أرسل إلى عامر، فقال: أنت الذي قيل لك: ما إبراهيم خير منك فسكتَّ؟ فقال: والله ما سكوتي إلا تعجباً، لوددت أني كنت غباراً على قدميه فيدخل بي الجنة. قال: ولم تركت النساء؟ قال: والله ما تركتهن إلا أني قد علمت أنها متى تكن امرأة فعسى أن يكون ولد، ومتى يكن ولد تشعَّبت الدنيا قلبي، فأحببت التخلي من ذلك، فأجلاه على قَتَب إلى الشام.
فلما قدم أنزله معاوية معه الخضراء، وبعث إليه بجارية وأمرها أن تُعْلِمَه ما حالُه، فكان يخرج من السحر فلا تراه إلا بعد العتمة، فيبعث إليه معاوية بطعام، فلا يعرض لشيء منه، ويجيء معه يكسَرٍ، فيجعلها في ماء فيأكلها منها، ويشرب من ذلك الماء، ثم يقوم، فلا يزال ذلك مقامه حتى يسمع النداء، فيخرج فلا تراه إلى مثلها. فكتب معاوية إلى عثمان يذكر له حاله، فكتب إليه أن اجعله أول داخل، وآخر خارج، ومُر له بعشرة من الرقيق، وعشرة من الظَّهر. فلما أتى معاوية الكتاب أرسل إليه فقال له: إن أمير المؤمنين كتب إلي أن آمر لك بعشرة من الرقيق، فقال: إن علي شيطاناً قد غلبني، فكيف أجمع علي عشرة؟ قال: وأمر لك بعشرة من الظهر، فقال: إن البغلة واحدة، وإني لمشفق أن يسألني الله عن فضل ظهرها يوم القيامة. قال: وأمرني أن أجعلك أول داخل وآخر خارج، قال: لا أرب لي في ذلك.
قال: فحدث بلال بن سعد عمن رآه بأرض الروم على بغلته تلك يركبها عُقْبة ويحمل المهاجرين عُقْبة.
قال: وكان عامر إذا فصل غازياً وقف يتوسم الرفاق، فإذا رأى رفقة توافقه قال: يا هؤلاء، إني اريد أن أصحبكم على أن تعطوني من أنفسكم ثلاث خلال، فيقولون: ما هي؟ قال: أكون لكم خادماً لا ينازعني أحد منكم الخدمة، وأكون مؤذِّناً لا ينازعني أحد منكم الأذان، وأُنفق عليكم بقدر طاقتي. فإذا قالوا: نعم انضمّ إليهم. فإن نازعه أحد منهم شيئاً من ذلك ارتحل منهم إلي غيرهم.
ولما سُيّر عامر بن عبد الله شيعه إخوانه. فلما كان بظهر المربد قال: إني داعً فأمِّنوا فقالوا: هات، فقد كنا نستبطىء هذا منك، قال: من أساء بي، وكذب علي، وأخرجني من مصري، وفرق بيني وبين إخواني، اللهم، أكثِر ماله وولده، وأَصِحَّ جسمه واَطِل عمره.
كان عامر بن عبد الله قد فرض على نفسه كل يوم ألف ركعة، فكان إذا صلى العصر جلس قد انتفخت قدماه من طول القيام، فيقول: يا نفس، بهذا أمرتِ، ولهذا خُلقتِ، يوشك أن يَذهب العناء ثم يقرأ إلى المغرب، فإذا صلى المغرب قام فصلى إلى العتمة، فإذا صلى العتمة أفطر ثم يقول: يا نفس، قومي، ثم يقوم إلى الصلاة، فلا يزالا راكعاً
وساجداً حتى الصبح، وكان يقول في جوف الليل: اللهم، إن النار منع النوم مني فاغفر لي.
قال عامر بن عبد قيس:
وجدت أمر الدنيا يصير إلى أربع: إلى المال، والنساء، ولا حاجة لي بالمال ولا النساء، والنوم والأكل، وايم الله لئن استطعت لأضرنّ بهما.
وفي رواية: وجدت الدنيا أربع خصال: النساء، واللباس والطعام والنوم. فأما النساء فوالله ما أبالي امرأة رأيت أو جداراً، وأما اللباس فو الله ما أبالي ما واريت به عورتي، وأما الطعام والنوم فقد غلباني إلا أن أصبت منهما، والله لأضرَنّ بهما ما استطعت.
قال الحسن: ففعل والله.
قال الحسن: كتب معاوية إلى عبد الله بن عامر: انظر عامر بن قيس فأحسن إذنه، ومُره أن يخطب إلى ما شاء، وأَمهِر عنه من بيت المال. قال: فأرسل إليه: إن أمير المؤمنين كتب إليّ أن أحسن إذنك، قال: ما اصنع بالإذن؟ فأنتم أحوج إلى ذلك مني، وأمرني أن تخطب إلى من شئت وأُمهِرك من بيت المال، قال: أنا في الخطبة دائب. قال: إلى مَن؟ قال: إلى من يقبل مني التمرة والفَلقْة، ثم أقبل على جلسائه فقال: إني سائلكم، فأخبروني، قالوا: سل، قال: هل منكم أحد إلا لمالِه من قلبه شُعبة؟ قالوا: اللهم، نعم، قال: هل منكم أحد إلا لولده من قلبه شعبة؟ قالوا: اللهم، نعم قال: هل منكم أحد إلا لأهله من قلبه شعبة؟ قالوا: اللهم، نعم. قال: والذي نفسي بيده لأن تختلف الخناجر في جوارحي أَحبّ إليّ من أن أكون هكذا. أما والله لئن استطعت أن أجعل الهمّ هماً واحداً لأفعلنّ.
قال الحسن: ففعل، ورب الكعبة.
وقال أبو سعيد بن الأعرابي: وهذا أعلى ما قيل في الزهد: أن يكون الهمّ همّاً واحداً لله عزّ وجلّ، ليس ذكر دنيا ولا آخرة، هو غاية الزهد، وهو خروج قدر الدنيا وقلتها من قلبه أن يزهد فيها، وخروج قدر غيرها فيرغب فيها إذا كانت دون الله عزّ وجلّ. هذا لمن كان الله همّه وحده خالصاً.
قال محمد بن سيرين: قيل لعامر بن عبد قيس: ألا تزَوّج؟ قال: والله ما عندي من نشاط، وما عندي من مال، فبمَ أغرُّ امرأة مسلمة؟ وعن قتادة قال: سأل عامر بن عبد الله ربه أن يهوّن عليه الطَّهور في الشتاء، فكان يؤتى بالماء له بخار، وسأل ربه عزّ وجلّ أن ينزع شهوة النساء من قلبه، فكان لا يبالي ذكراً لقي أم أنثى، وسأل ربه أن يحول بين الشيطان وبين قلبه في الصلاة فلم يقدر على ذلك. وكان إذا غزا فيقال له: إن هذه الأجمة يُخاف عليك فيها الأسد قال: إن لأستحيي من ربي أن أخشى غيره.
وقد روي أن ذلك ذهب عنه.
قيل لعامر بن عبد قيس: أتحدث نفسك في الصلاة؟ قال: نعم. فلما ولَّوا قال للذين سألوه أو قال لهم: أحدث نفسي بالوقوف بين يدي الربّ عزّ وجلّ ومُنْصَرَفي من بين يديه.
كان عامر بن عبد الله بن عبد قيس يدخل بيتاً يطيل فيه الصلاة، قال: وكان الرِّمْث نابتاً حولهم، قال: والبصرة إذ ذاك شديدة الحر، قال: فانساب أسود سالخ فدخل البيت، فتطوّى في مُصلاه، ما يشعر به. فلما انحط للسجود رآه فنفضه بيده، فانساب فخرج. فقال بعض من رآه من أهله: أما رهبت هذا؟ إنه حتف
فقال: لا، والله، لولا أني قذَرتهُ لسجدت عليه، والله إني لأستحيي من الله أن يطلّع من قلبي على أني أرهب شيئاً سواه.
كان عامر بن عبد قيس من أفضل العابدين، ففرض على نفسه كل يوم ألف ركعة، يقوم عند طلوع الشمس، فلا يزال قائماً إلى العصر، ثم ينصرف وقد انتفخت ساقاه وقدماه، فيقول: يا نفس، إنما خُلقتِ للعبادة، يا أمّارة بالسوء، فوالله لأعملّنّ بك عملاً لا يأخذ الفراش منك نصيباً.
وهبط وادياً يقال له وادي السباع، وفي الوادي عبد حبشي يقال له حُمَمَة، فانفرد عامر في ناحية، وحممة في ناحية، يصليان، لا هذا ينصرف إلى هذا، ولا هذا ينصرف إلى هذا أربعين يوماً وأربعين ليلة. إذا جاء وقت الفريضة صليا، ثم أقبلا يتطوعان. ثم انصرف عامر بعد أربعين يوماً فجاء إلى حممة فقال: من أنت يرحمك الله؟ قال: دعني وهّمي، قال: أقسمت عليه، قال: أنا حُممة، قال عامر: لئن كنت أنت حممة الذي ذُكر لي لأنت أعبد مَن في الأرض، فأخبرني عن أفضل خصلة، قال: إني لمقصر، ولولا مواقيت الصلاة تقطع علي القيام والسجود لأحببت أن أجعل عمري راكعاً، ووجهي مفترشاً حتى ألقاه، ولكن الفرائض لا تدعني أفعل ذلك. فمن أنت يرحمك الله؟ قال: أنا عامر بن عبد قيس، قال: إن كنت عامر بن عبد قيس الذي ذُكر لي فأنت أعبد الناس، فأخبرني بأفضل خصلة، قال: إني لمقصر، ولكن واحدة عظمت هيبة الله في صدري حتى ما أهاب شيئاً غيره، فاكتنفته السباع، فأتاه سبع منها، فوثب عليه من خلقه، فوضع يديه في منكبيه وعامر يتلو هذه الآية: " ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لهَُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ". فلما رأى السبع أنه لا يكترث له ذهب، فقال حُممة: بالله يا عامر، ما هالَك ما رأيت؟ قال: إني لأستحيي من الله أن أهاب شيئاً غيره، قال حممة: لولا أن الله ابتلانا بالبطن، فإذا أكلنا لا بدّ لنا من الحدث ما رآني ربي عزّ وجلّ إلا راكعاً وساجداً. وكان يصلي في اليوم والليلة ثماني مئة ركعة، وكان يقول: إني لمقصر في العبادة، فكان يعاتب نفسه.
قال عامر بن عبد القيس: إذا عقلك عَقْلُك عما لا ينبغي فأنت عاقل.
قال: وإنما سمي العقل عقلاً من عِقال الإبل.
كان عامر بن عبد قيس يأخذ عطاء فيجعله في طرف ثوبه، فلا يلقاه أحد من المساكين إلا أعطاه. فإذا دخل بيته رمى به إليهم، فيعدونها فيجدونها سواء كما أعطيَها.
بكى عامر بن عبد الله في مرضه الذي مات فيه بكاء شديداً، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: آية في كتاب الله: " إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِيْنَ ".
قبر عبادة بن الصامت وعامر بن عبد الله في بيت المقدس.
قال مالك بن دينار: رأى رجل في المنام كأن منادياً ينادي: أخبروا الناس أن عامر بن عبد الله يلقى الله يوم القيامة ووجهُه مثل القمر ليلة البدر.