عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو
ابن عدي بن عمرو بن رفاعة بن مودوعة بن عدي بن عثم بن الربعة ابن رشدان بن قيس ابن جهينة، أبو عبس ويقال: أبو حمّاد ويقال: أبو عامر، ويقال: أبو الأسد، ويقال: أبو سعاد، ويقال: أبو عمرو الجهنيّ صاحب سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
سكن مصر، وكان البريد إلى عمر بفتح دمشق، وكانت له دار بها بناحية قنطرة سنان من نواحي باب توما.
روى عقبة: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطاه غنماً يقسمها على صحابته ضحايا، فبقي عتود، فذكره لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " ضحّ به أنت ".
وحدث عقبة: أنه قدم على عمر بفتح دمشق، قال: وعليّ خفّان، فقال لي عمر: كم لك يا عقبة مذ لم تنزع خفيك؟ فذكرت من الجمعة إلى الجمعة، فقلت: ثمانية أيام، قال: أحسنت وأصبت السنة.
وفي رواية: قال: كنت تمسح عليهما؟ قلت: نعم، قال: مذ كم؟ قال: مذ جمعة، قال: أصبت السّنّة.
شهد عقبة صفين مع معاوية، وتحول إلى مصر فنزل بها، وتوفي في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان، ودفن بالمقطّم مقبرة أهل مصر.
وقال الهيثم بن عدي: إنه توفي بالشام، وكان يخضب بالسواد ويقول: نودّ أعلاها فتأبى أصولها.
توفي سنة ثمانٍ وخمسين، وولي الجند بمصر لمعاوية بن أبي سفيان سنة أربع وأربعين، وأغزاه معاوية البحر سنة سبع وأربعين، وكتب إلى مسلمة بن مخلّد بولايته على مصر، فلم يظهر مسلمة ولايته حتى دفع عقبة غازياً في البحر، فأظهر مسلمة ولايته، فبلغ ذلك عقبة، فقال: ما أنصفنا أمير المؤمنين، عزلنا وغرّبنا.
وكان عقبة شاعراً.
قال عقبة بن عامر الجهني: بلغني قدوم النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، وأنا في غنيمةٍ لي، فرفضتها، وقدمت المدينة على النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: يا رسول الله، بايعني، قال: " بيعة أعرابية تريد أو بيعة هجرة؟ " قال: قلت: لا بل بيعة هجرة، فبايعني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقمت معه، فقال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا من كان هاهنا من معدّ فليقم، مقام رجال "، وقمت معهم، فقال: "
اجلس أنت ". وصنع ذلك ثلاث مرار، فقلت: يا رسول الله: إنا نحن من معدّ، قال: " لا ". قلت: ممن نحن؟ قال: " أنتم من قضاعة بن مالك بن حمير ".
وعن عقبة بن عامر قال: جئت في اثني عشر راكباً حتى حللنا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فقال أصحابي: من يرعى لنا إبلنا، وننطلق فنقتبس من نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإذا راح ورحنا أقبسناه مما سمعنا من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ففعلت ذلك أياماً، ثم إني فكرت في نفسي، فقلت: لعلّي مغبون يسمع أصحابي ما لم أسمع، ويتعلمون ما لم أتعلم من نبيّ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحضرت يوماً، فسمعت رجلاً يقول: قال نبيّ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من توضأ وضوءاً كاملاً كان من خطيئته كيوم ولدته أمه ".
فتعجبت لذلك؛ فقال عمر بن الخطاب: فكيف لو سمعت الكلام الأول كنت أشد عجباً، فقلت: اردد عليّ جعلني الله فداك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من مات لا يشرب بالله شيئاً فتح الله له أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء، ولها ثمانية أبواب ".
قال: فخرج علينا نبيّ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجلست مستقبله، فصرف وجهه عني، حتى فعل ذلك مراراً، فلما كانت الرابعة، قلت: يا نبيّ الله بأبي وأمي، لم تصرف وجهك عني؟ فأقبل عليّ فقال: واحدٌ أحبّ إليك أم اثنا عشر؟ فلما رأيت ذلك رجعت إلى أصحابي.
قال عقبة بن عامر الجهني: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن في الصّفّة وكان عقبة بن عامر من أصحاب الصّفّة فقال: " أيّكم يحب أن يغدو إلى بطحان أو العقيق فيأتي كلّ يوم بناقتين
كوماوين زهراوين يأخذهما من غير إثم ولا قطع رحم؟ " قلنا: كلنا يحب ذلك يا رسول الله، قال: " فلان يغدو أحدكم إلى المسجد، فيقرأ أو يتعلم آيتين خير له من ناقتين، وثلاثاً خير له من ثلاث، وأربعاً خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل ".
عن عقبة بن عامر قال: لقيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فابتدأته فأخذت بيده، قال: فقلت: يا رسول الله ما نجاة المؤمن؟ قال: يا عقبة أخرس لسانك، ليسعك بيتك، وابك على خطيئتك ".
قال: ثمّ لقيني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فابتدأني فأخذ بيدي، فقال: " يا عقبة بن عامر، ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم؟ " قال: قلت: بلى، جعلني الله فداك، قال: فأقرأني: " قل هو الله أحد "، " قل أعوذ بربّ الفلق "، وقل أعوذ بربّ النّاس " ثم قال: " يا عقبة لا تنسهن، ولا تبت ليلة حتى تقرأهن ". قال: فما نسيتهن منذ قال: لا تنسهن. وما بتّ ليلة قط حتى أقرأهن.
قال عقبة: ثم لقيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فابتدأته فأخذت بيده فقلت: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال، فقال: " يا عقبة صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك ".
وعن عقبة بن عامر قال:
كنت عند النبيّ صلىالله عليه وسلم يوماً، فجاءه خصمان، فقال لي: " اقض بينهما "، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنت أولى، قال: " اقض بينهما "، قلت: على ماذا يا رسول الله؟ قال: " اجتهد فإن أصبت فلك عشر حسنات، وإن أخطأت فلك حسنة ".
قال عبد الله بن زيد الأزرق قال: كان عقبة بن عامر يخرج فيرمي كل يوم، ويستتبع رجلاً، فكان ذلك الرجل كاد أن يمل، فقال: ألا أخبرك ما سمعت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: بلى، قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه الذي يحتسب في صنعته الخير، والذي يجهز به في سبيل الله، والذي يرمي به في سبيل الله "، وقال: " ارموا واركبوا، وأن ترموا خير من أن تركبوا، وكل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاث: رميه بسهمه عن قومه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق ".
قال: فتوفي عقبة وله بضعة وستون، أو بضعة وسبعون قوساً، مع كل قوس قذذٌ ونبلٌ، وأوصى بهن في سبيل الله.
قال: وقال النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من ترك الرّمي بعد أن علمه فهي نعمة كفرها ".
أتي رجلٌ في المنام فقيل له: اذهب إلى عقبة بن عامر صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقل له: إنك من أهل النار. فكره أن يقول له ذلك، فقال ثلاث مرات أو أربعاً، وقال في آخر ذلك: لئن لم تفعل ما أقول لك فعلت بك شراً. فأتى عقبة بن عامر فأخبره الخبر، فقال له عقبة بن عامر: أخبرني ما قال لك، قال: قال لي: قل لعقبة: إنك من أهل النار، فوضع عقبة بن عامر كفيه في الأرض، فقبض بكل كف قبضة من تراب، ثم رمى بها على عاتقه إلى وراء ظهره، ثم قال: كذب الشيطان، ثم قبض الثانية، فرمى بها وراء ظهره، فقال: كذب الشيطان، ثم قبض الثالثة فرمى بها وراء ظهره، وقال: كذب الشيطان. فلما رقد الرجل جاءه الذي كان يأتيه في كل ليلة في المنام، فقال: هل قلت لعقبة ما أمرتك؟ فقال الرجل: نعم، قال: فما قال لك؟ فأخبره، فقال: صدق، ما كان يرمي رمية إلا وقعت تلك الرّمية في وجهي وعيني.
حدّث أبو علي الهمداني رجل من أهل مصر: أنه خرج في سفر فيه عقبة بن عامر الجهني، قال: فحانت صلاة من الصلوات، فأمرناه أن يؤمنا، وقلنا له: أنت أحقنا بذلك، أنت صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأبى، وقال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أمّ الناس فأصاب فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم ".
قال عامر بن ذريح الحميري: بتّ عند عقبة بن عامر أنا وجابر بن سهل، فقال له عقبة: لئن دخلت الجنة لتندمنّ، قال: فقلت له: ولم أندم إن دخلت الجنة؟ فقال: لعلك أن ترى عبد بني فلان فوقتك، فتندم من أن لا تكون أعطيت ثوباً أو رغيفاً فتلحق به.
وكان عقبة بن عامر من أحسن الناس صوتاً بالقرآن، فقال له عمر بن الخطاب: اعرض عليّ، فقرأ عليه سورة براءة، فبكى عمر.
قال إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجمعهم من الآفاق، عبد الله وحذيفة وأبي الدّرداء وأبي ذر وعقبة بن عامر، فقال: ما هذه الأحاديث التي قد أفشيتم عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الآفاق؟ قالوا: أتنهانا؟ قال: لا أقيموا عندي، لا والله لا تفارقوني ما عشت، فنحن أعلم ما نأخذ ونرد عليكم. فما فارقوه حتى مات. وما خرج ابن مسعود إلى الكوفة ببيعة عثمان إلاّ من حبس عمر في هذا السبب.
قال سفيان بن وهب الخولاني: بينما نحن نسير مع عمرو بن العاص في سفح هذا الجبل ومعنا المقوقس، فقال له: يا مقوقس، ما بال جبلكم هذا أقرع ليس عليه نبات ولا شجر على نحو من جبال الشام؟ قال: ما أدري، ولكن الله أغنى أهله بهذا النيل عن ذلك، ولكنا نجد تحته ما هو خير من ذلك، قال: وما هو؟ قال: ليدفننّ تحته، أو ليقبرنّ قوم يبعثهم الله يوم القيامة لا حساب عليهم، فقال عمرو: اللهم اجعلني منهم.
قال حرملة: فرأيت أنا قبر عمرو بن العاص فيه، وفيه قبر أبي نصرة الغفاري وعقبة بن عامر.
ابن عدي بن عمرو بن رفاعة بن مودوعة بن عدي بن عثم بن الربعة ابن رشدان بن قيس ابن جهينة، أبو عبس ويقال: أبو حمّاد ويقال: أبو عامر، ويقال: أبو الأسد، ويقال: أبو سعاد، ويقال: أبو عمرو الجهنيّ صاحب سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
سكن مصر، وكان البريد إلى عمر بفتح دمشق، وكانت له دار بها بناحية قنطرة سنان من نواحي باب توما.
روى عقبة: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطاه غنماً يقسمها على صحابته ضحايا، فبقي عتود، فذكره لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " ضحّ به أنت ".
وحدث عقبة: أنه قدم على عمر بفتح دمشق، قال: وعليّ خفّان، فقال لي عمر: كم لك يا عقبة مذ لم تنزع خفيك؟ فذكرت من الجمعة إلى الجمعة، فقلت: ثمانية أيام، قال: أحسنت وأصبت السنة.
وفي رواية: قال: كنت تمسح عليهما؟ قلت: نعم، قال: مذ كم؟ قال: مذ جمعة، قال: أصبت السّنّة.
شهد عقبة صفين مع معاوية، وتحول إلى مصر فنزل بها، وتوفي في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان، ودفن بالمقطّم مقبرة أهل مصر.
وقال الهيثم بن عدي: إنه توفي بالشام، وكان يخضب بالسواد ويقول: نودّ أعلاها فتأبى أصولها.
توفي سنة ثمانٍ وخمسين، وولي الجند بمصر لمعاوية بن أبي سفيان سنة أربع وأربعين، وأغزاه معاوية البحر سنة سبع وأربعين، وكتب إلى مسلمة بن مخلّد بولايته على مصر، فلم يظهر مسلمة ولايته حتى دفع عقبة غازياً في البحر، فأظهر مسلمة ولايته، فبلغ ذلك عقبة، فقال: ما أنصفنا أمير المؤمنين، عزلنا وغرّبنا.
وكان عقبة شاعراً.
قال عقبة بن عامر الجهني: بلغني قدوم النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، وأنا في غنيمةٍ لي، فرفضتها، وقدمت المدينة على النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: يا رسول الله، بايعني، قال: " بيعة أعرابية تريد أو بيعة هجرة؟ " قال: قلت: لا بل بيعة هجرة، فبايعني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقمت معه، فقال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا من كان هاهنا من معدّ فليقم، مقام رجال "، وقمت معهم، فقال: "
اجلس أنت ". وصنع ذلك ثلاث مرار، فقلت: يا رسول الله: إنا نحن من معدّ، قال: " لا ". قلت: ممن نحن؟ قال: " أنتم من قضاعة بن مالك بن حمير ".
وعن عقبة بن عامر قال: جئت في اثني عشر راكباً حتى حللنا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فقال أصحابي: من يرعى لنا إبلنا، وننطلق فنقتبس من نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإذا راح ورحنا أقبسناه مما سمعنا من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ففعلت ذلك أياماً، ثم إني فكرت في نفسي، فقلت: لعلّي مغبون يسمع أصحابي ما لم أسمع، ويتعلمون ما لم أتعلم من نبيّ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحضرت يوماً، فسمعت رجلاً يقول: قال نبيّ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من توضأ وضوءاً كاملاً كان من خطيئته كيوم ولدته أمه ".
فتعجبت لذلك؛ فقال عمر بن الخطاب: فكيف لو سمعت الكلام الأول كنت أشد عجباً، فقلت: اردد عليّ جعلني الله فداك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من مات لا يشرب بالله شيئاً فتح الله له أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء، ولها ثمانية أبواب ".
قال: فخرج علينا نبيّ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجلست مستقبله، فصرف وجهه عني، حتى فعل ذلك مراراً، فلما كانت الرابعة، قلت: يا نبيّ الله بأبي وأمي، لم تصرف وجهك عني؟ فأقبل عليّ فقال: واحدٌ أحبّ إليك أم اثنا عشر؟ فلما رأيت ذلك رجعت إلى أصحابي.
قال عقبة بن عامر الجهني: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن في الصّفّة وكان عقبة بن عامر من أصحاب الصّفّة فقال: " أيّكم يحب أن يغدو إلى بطحان أو العقيق فيأتي كلّ يوم بناقتين
كوماوين زهراوين يأخذهما من غير إثم ولا قطع رحم؟ " قلنا: كلنا يحب ذلك يا رسول الله، قال: " فلان يغدو أحدكم إلى المسجد، فيقرأ أو يتعلم آيتين خير له من ناقتين، وثلاثاً خير له من ثلاث، وأربعاً خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل ".
عن عقبة بن عامر قال: لقيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فابتدأته فأخذت بيده، قال: فقلت: يا رسول الله ما نجاة المؤمن؟ قال: يا عقبة أخرس لسانك، ليسعك بيتك، وابك على خطيئتك ".
قال: ثمّ لقيني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فابتدأني فأخذ بيدي، فقال: " يا عقبة بن عامر، ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم؟ " قال: قلت: بلى، جعلني الله فداك، قال: فأقرأني: " قل هو الله أحد "، " قل أعوذ بربّ الفلق "، وقل أعوذ بربّ النّاس " ثم قال: " يا عقبة لا تنسهن، ولا تبت ليلة حتى تقرأهن ". قال: فما نسيتهن منذ قال: لا تنسهن. وما بتّ ليلة قط حتى أقرأهن.
قال عقبة: ثم لقيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فابتدأته فأخذت بيده فقلت: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال، فقال: " يا عقبة صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك ".
وعن عقبة بن عامر قال:
كنت عند النبيّ صلىالله عليه وسلم يوماً، فجاءه خصمان، فقال لي: " اقض بينهما "، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنت أولى، قال: " اقض بينهما "، قلت: على ماذا يا رسول الله؟ قال: " اجتهد فإن أصبت فلك عشر حسنات، وإن أخطأت فلك حسنة ".
قال عبد الله بن زيد الأزرق قال: كان عقبة بن عامر يخرج فيرمي كل يوم، ويستتبع رجلاً، فكان ذلك الرجل كاد أن يمل، فقال: ألا أخبرك ما سمعت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: بلى، قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه الذي يحتسب في صنعته الخير، والذي يجهز به في سبيل الله، والذي يرمي به في سبيل الله "، وقال: " ارموا واركبوا، وأن ترموا خير من أن تركبوا، وكل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاث: رميه بسهمه عن قومه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق ".
قال: فتوفي عقبة وله بضعة وستون، أو بضعة وسبعون قوساً، مع كل قوس قذذٌ ونبلٌ، وأوصى بهن في سبيل الله.
قال: وقال النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من ترك الرّمي بعد أن علمه فهي نعمة كفرها ".
أتي رجلٌ في المنام فقيل له: اذهب إلى عقبة بن عامر صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقل له: إنك من أهل النار. فكره أن يقول له ذلك، فقال ثلاث مرات أو أربعاً، وقال في آخر ذلك: لئن لم تفعل ما أقول لك فعلت بك شراً. فأتى عقبة بن عامر فأخبره الخبر، فقال له عقبة بن عامر: أخبرني ما قال لك، قال: قال لي: قل لعقبة: إنك من أهل النار، فوضع عقبة بن عامر كفيه في الأرض، فقبض بكل كف قبضة من تراب، ثم رمى بها على عاتقه إلى وراء ظهره، ثم قال: كذب الشيطان، ثم قبض الثانية، فرمى بها وراء ظهره، فقال: كذب الشيطان، ثم قبض الثالثة فرمى بها وراء ظهره، وقال: كذب الشيطان. فلما رقد الرجل جاءه الذي كان يأتيه في كل ليلة في المنام، فقال: هل قلت لعقبة ما أمرتك؟ فقال الرجل: نعم، قال: فما قال لك؟ فأخبره، فقال: صدق، ما كان يرمي رمية إلا وقعت تلك الرّمية في وجهي وعيني.
حدّث أبو علي الهمداني رجل من أهل مصر: أنه خرج في سفر فيه عقبة بن عامر الجهني، قال: فحانت صلاة من الصلوات، فأمرناه أن يؤمنا، وقلنا له: أنت أحقنا بذلك، أنت صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأبى، وقال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أمّ الناس فأصاب فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم ".
قال عامر بن ذريح الحميري: بتّ عند عقبة بن عامر أنا وجابر بن سهل، فقال له عقبة: لئن دخلت الجنة لتندمنّ، قال: فقلت له: ولم أندم إن دخلت الجنة؟ فقال: لعلك أن ترى عبد بني فلان فوقتك، فتندم من أن لا تكون أعطيت ثوباً أو رغيفاً فتلحق به.
وكان عقبة بن عامر من أحسن الناس صوتاً بالقرآن، فقال له عمر بن الخطاب: اعرض عليّ، فقرأ عليه سورة براءة، فبكى عمر.
قال إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجمعهم من الآفاق، عبد الله وحذيفة وأبي الدّرداء وأبي ذر وعقبة بن عامر، فقال: ما هذه الأحاديث التي قد أفشيتم عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الآفاق؟ قالوا: أتنهانا؟ قال: لا أقيموا عندي، لا والله لا تفارقوني ما عشت، فنحن أعلم ما نأخذ ونرد عليكم. فما فارقوه حتى مات. وما خرج ابن مسعود إلى الكوفة ببيعة عثمان إلاّ من حبس عمر في هذا السبب.
قال سفيان بن وهب الخولاني: بينما نحن نسير مع عمرو بن العاص في سفح هذا الجبل ومعنا المقوقس، فقال له: يا مقوقس، ما بال جبلكم هذا أقرع ليس عليه نبات ولا شجر على نحو من جبال الشام؟ قال: ما أدري، ولكن الله أغنى أهله بهذا النيل عن ذلك، ولكنا نجد تحته ما هو خير من ذلك، قال: وما هو؟ قال: ليدفننّ تحته، أو ليقبرنّ قوم يبعثهم الله يوم القيامة لا حساب عليهم، فقال عمرو: اللهم اجعلني منهم.
قال حرملة: فرأيت أنا قبر عمرو بن العاص فيه، وفيه قبر أبي نصرة الغفاري وعقبة بن عامر.
عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدىّ بن عمرو بن رفاعة بن مودوعة بن عدى بن غنم بن الرّبعة بن رشدان بن قيس بن جهينة الجهنىّ : يكنى أبا عبس،
ويكنى- أيضا- أبا حمّاد . صحابى، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ، وشهد فتح مصر، واختط بها دارا . وكتب إلى معاوية (رضى الله عنه) يسأله أرضا عند قرية عقبة، فكتب له معاوية ب «ألف ذراع) فى (ألف ذراع) . وهذه الأرض التى اقتطعها عقبة هى المنية المعروفة ب «منية عقبة» فى «جيزة فسطاط مصر» .
ولى الجند بمصر لمعاوية بن أبى سفيان بعد موت أخيه «عتبة بن أبى سفيان» سنة أربع وأربعين، ثم أغزاه معاوية البحر سنة سبع وأربعين، وكتب إلى مسلمة بن مخلّد بولايته على مصر، فلم يظهر مسلمة ولايته، حتى دفع عقبة غازيا فى البحر، فأظهر مسلمة ولايته، فبلغ ذلك عقبة، فقال: ما أنصفنا أمير المؤمنين، عزلنا وغرّبنا .
توفى بمصر سنة ثمان وخمسين ، وقبر فى مقبرتها بالمقطم، وكان يخضب بالسّواد (رحمه الله) . وكان عقبة قارئا، عالما بالفرائض والفقه. وكان فصيح اللسان، شاعرا كاتبا. وكانت له السابقة والهجرة . وهو أحد من جمع القرآن، ومصحفه بمصر إلى الآن بخطه، رأيته عند «على بن الحسن بن قديد» على غير التأليف الذي فى مصحف عثمان. وكان فى آخره: وكتب عقبة بن عامر بيده. ورأيت له خطا جيدا . ولم أزل أسمع شيوخنا، يقولون: إنه مصحف عقبة، لا يشكّون فيه . وروى عنه جماعة من أهل مصر، منهم: عبد الله بن مالك الجيشانىّ، وعبد الملك بن مليل السّليحىّ ، وعبد الرحمن بن عامر الهمدانىّ، وكثير بن قليب الصدفى ، وجماعة. آخر من حدّث عنه بمصر أبو قبيل المعافرىّ .
ويكنى- أيضا- أبا حمّاد . صحابى، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ، وشهد فتح مصر، واختط بها دارا . وكتب إلى معاوية (رضى الله عنه) يسأله أرضا عند قرية عقبة، فكتب له معاوية ب «ألف ذراع) فى (ألف ذراع) . وهذه الأرض التى اقتطعها عقبة هى المنية المعروفة ب «منية عقبة» فى «جيزة فسطاط مصر» .
ولى الجند بمصر لمعاوية بن أبى سفيان بعد موت أخيه «عتبة بن أبى سفيان» سنة أربع وأربعين، ثم أغزاه معاوية البحر سنة سبع وأربعين، وكتب إلى مسلمة بن مخلّد بولايته على مصر، فلم يظهر مسلمة ولايته، حتى دفع عقبة غازيا فى البحر، فأظهر مسلمة ولايته، فبلغ ذلك عقبة، فقال: ما أنصفنا أمير المؤمنين، عزلنا وغرّبنا .
توفى بمصر سنة ثمان وخمسين ، وقبر فى مقبرتها بالمقطم، وكان يخضب بالسّواد (رحمه الله) . وكان عقبة قارئا، عالما بالفرائض والفقه. وكان فصيح اللسان، شاعرا كاتبا. وكانت له السابقة والهجرة . وهو أحد من جمع القرآن، ومصحفه بمصر إلى الآن بخطه، رأيته عند «على بن الحسن بن قديد» على غير التأليف الذي فى مصحف عثمان. وكان فى آخره: وكتب عقبة بن عامر بيده. ورأيت له خطا جيدا . ولم أزل أسمع شيوخنا، يقولون: إنه مصحف عقبة، لا يشكّون فيه . وروى عنه جماعة من أهل مصر، منهم: عبد الله بن مالك الجيشانىّ، وعبد الملك بن مليل السّليحىّ ، وعبد الرحمن بن عامر الهمدانىّ، وكثير بن قليب الصدفى ، وجماعة. آخر من حدّث عنه بمصر أبو قبيل المعافرىّ .