عبد الْوَاحِد بن جميل من أهل الْبَصْرَة يروي عَن شُعْبَة روى عَنهُ يَعْقُوب بن سُفْيَان
Ibn Ḥibbān (d. 965 CE) - al-Thiqāt - ابن حبان - الثقات
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 16018 9506. عبد الواحد المالكي3 9507. عبد الواحد بن ابي البداح بن عاصم1 9508. عبد الواحد بن ابي عون الدوسي1 9509. عبد الواحد بن المثني1 9510. عبد الواحد بن ايمن4 9511. عبد الواحد بن جميل19512. عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير...2 9513. عبد الواحد بن زياد العبدي2 9514. عبد الواحد بن زيد العابد1 9515. عبد الواحد بن سعيد3 9516. عبد الواحد بن سليم5 9517. عبد الواحد بن سليمان2 9518. عبد الواحد بن شعيب اللاذقي1 9519. عبد الواحد بن صفوان بن ابي عياش3 9520. عبد الواحد بن عبد الله النصري6 9521. عبد الواحد بن عبد الواحد الثقفي1 9522. عبد الواحد بن عرفجة1 9523. عبد الواحد بن غياث ابو بحر1 9524. عبد الواحد بن قيس الشامي1 9525. عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف...1 9526. عبد الواحد بن موسى2 9527. عبد الواحد بن موسى بن ابي موسى1 9528. عبد الواحد بن نفيع بن علي الكلاعي1 9529. عبد الواحد بن واصل ابو عبيدة الحداد4 9530. عبد الوارث بن ابي حنيفة الكوفي1 9531. عبد الوارث بن سعيد التنوري ابو عبيدة التميمي...1 9532. عبد الوارث بن صخر الحمصي2 9533. عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث الثوري...1 9534. عبد الوارث بن عبيد الله العتكي1 9535. عبد الوارث مولى انس بن مالك1 9536. عبد الوهاب بن ابي بكر1 9537. عبد الوهاب بن الحارث1 9538. عبد الوهاب بن الحسن الواسطي ابو الحسن...1 9539. عبد الوهاب بن الحكم الوراق ابو الحسن...1 9540. عبد الوهاب بن سعيد بن عطية بن معبد1 9541. عبد الوهاب بن صالح1 9542. عبد الوهاب بن عبد الرحمن الصيرفي1 9543. عبد الوهاب بن عبد الرحيم الاشجعي1 9544. عبد الوهاب بن عبد الله بن صخر2 9545. عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت بن عبيد...1 9546. عبد الوهاب بن عبد ربه الثوري1 9547. عبد الوهاب بن عطاء الخفاف10 9548. عبد الوهاب بن عكرمة3 9549. عبد الوهاب بن عمرو بن شرحبيل2 9550. عبد الوهاب بن فليح المكي ابو اسحاق1 9551. عبد الوهاب بن معاوية المروزي2 9552. عبد الوهاب بن نجدة الحوطي2 9553. عبد الوهاب بن هشام بن الغاز3 9554. عبد الوهاب بن همام بن نافع الحميري1 9555. عبد الوهاب بن يحيى بن عباد بن عبد الله...1 9556. عبد بن جحش ابو احمد بن رئاب1 9557. عبد بن زمعة بن الاسود2 9558. عبد بن مضرب مولى بني سليم1 9559. عبد خير بن يزيد الكوفي1 9560. عبد خير بن يزيد الهمداني2 9561. عبد رب بن درهم1 9562. عبد ربه ابو سعيد الشامي1 9563. عبد ربه بن ابي راشد اليشكري2 9564. عبد ربه بن ابي يزيد1 9565. عبد ربه بن الحكم بن عثمان بن بشر1 9566. عبد ربه بن الصلت2 9567. عبد ربه بن بارق الحنفي الكوسج2 9568. عبد ربه بن خالد بن عبد الملك بن قدامة...1 9569. عبد ربه بن سرحان ابو بكر السعدي الغزال...1 9570. عبد ربه بن سعيد5 9571. عبد ربه بن سعيد بن قيس بن عمرو2 9572. عبد ربه بن سعيد بن قيس بن قهد1 9573. عبد ربه بن سليمان بن عمير بن زيتون1 9574. عبد ربه بن سيلان4 9575. عبد ربه بن صالح الاشعري الشامي1 9576. عبد ربه بن صعصعة2 9577. عبد ربه بن عبد الكريم ابو عبد الكريم القصاب الثقفي...1 9578. عبد ربه بن عبيد ابو كعب البصري بياع1 9579. عبد ربه بن موسى بن الاحدب1 9580. عبد ربه بن ميمون الاشعري2 9581. عبد عوف بن الحارث البجلي ابو حازم2 9582. عبد ياليل بن عمرو بن عمير بن عوف1 9583. عبدة بن ابى المضرب1 9584. عبدة بن ابي برزة1 9585. عبدة بن ابي لبابة مولى لبنى غاضرة1 9586. عبدة بن حزن النصري4 9587. عبدة بن رباح2 9588. عبدة بن سليمان الكلابي3 9589. عبدة بن سليمان المصيصي1 9590. عبدة بن عبد الرحيم المروزي1 9591. عبدة بن عبد الله الخزاعي ابو سهل1 9592. عبدة بنت خالد بن صفوان1 9593. عبدة بنت عبد ود بن سواء بن قريم1 9594. عبيد12 9595. عبيد ابو هريم2 9596. عبيد ابو يحيى العبسي1 9597. عبيد الانصاري5 9598. عبيد الحميري2 9599. عبيد الرحمن بن فضالة2 9600. عبيد الطفاوي2 9601. عبيد الكندي2 9602. عبيد الله ابو حيان ينزل في بنى1 9603. عبيد الله السجزي ابو الهيثم1 9604. عبيد الله بن ابي الجوزاء2 9605. عبيد الله بن ابي بكر بن انس4 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn Ḥibbān (d. 965 CE) - al-Thiqāt - ابن حبان - الثقات are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69787&book=5528#c9fea6
عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: من كنيته من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو عبد الرحمن: عبد اللَّه بن مسعود أبو عبد الرحمن، ومعاذ بن جبل أبو عبد الرحمن، وعبد اللَّه بن عمر أبو عبد الرحمن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (393)، (1761)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: كان ابن عمر ابن عشرين سنة يوم دخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الكعبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1551)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو داود قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا سلمة يقول: مات ابن عمر وهو مثل عمر يوم قتل. قال عبد اللَّه: يعني في الفضل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1827)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا هشام بن عروة قال: رأيت جابر بن عبد اللَّه وابن عمر ولكل واحد منهما جمة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1969)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: لم يبايع ابن الزبير، ولا حسين، ولا ابن عمر يزيد بن معاوية في حياة معاوية، قال: فتركهم معاوية.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4748)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا الحارث بن عمير، عن أيوب، عن محمد بن سيرين قال: كانوا يرون أنه ليس أحد أعلم بالمناسك بعد ابن عفان من ابن عمر. وقال مرة: كان ابن عمر أعلم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمناسك بعد ابن عفان.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5886)
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: من كنيته من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو عبد الرحمن: عبد اللَّه بن مسعود أبو عبد الرحمن، ومعاذ بن جبل أبو عبد الرحمن، وعبد اللَّه بن عمر أبو عبد الرحمن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (393)، (1761)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: كان ابن عمر ابن عشرين سنة يوم دخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الكعبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1551)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو داود قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا سلمة يقول: مات ابن عمر وهو مثل عمر يوم قتل. قال عبد اللَّه: يعني في الفضل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1827)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا هشام بن عروة قال: رأيت جابر بن عبد اللَّه وابن عمر ولكل واحد منهما جمة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1969)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: لم يبايع ابن الزبير، ولا حسين، ولا ابن عمر يزيد بن معاوية في حياة معاوية، قال: فتركهم معاوية.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4748)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا الحارث بن عمير، عن أيوب، عن محمد بن سيرين قال: كانوا يرون أنه ليس أحد أعلم بالمناسك بعد ابن عفان من ابن عمر. وقال مرة: كان ابن عمر أعلم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمناسك بعد ابن عفان.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5886)
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69787&book=5528#f11b20
عبد الله بن عمر بن الخطاب
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الخطاب الْقُرَشِيّ العدوي، يرد نسبه عند ذكر أَبِيهِ إن شاء اللَّه تَعَالى أمه، وأم أخته حفصة: زينب بِنْت مظعون بْن حبيب الجمحية.
أسلم مَعَ أَبِيهِ وهو صغير لم يبلغ الحلم، وَقَدْ قيل: إن إسلامه قبل إسلام أَبِيهِ، ولا يصح، وَإِنما كانت هجرته قبل هجرة أَبِيهِ، فظن بعضُ النَّاس، أن إسلامه قبل إسلامه أَبِيهِ، وأجمعوا عَلَى أَنَّهُ لم يشهد بدرًا، استصغره النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فردَّه، واختلفوا فِي شهوده أحدًا، فقيل: شهدها، وقيل: رده رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ غيره ممن لم يبلغ الحلمُ.
(850) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: أَيُّ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟، قَالُوا: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ، فَخَرَجَ عُمَرُ، وَخَرَجْتُ وَرَاءَهُ، وَأَنَا غُلَيْمٌ أَعْقِلُ كُلَّ مَا رَأَيْتُ، حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا جَمِيلُ، أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ؟، فَوَاللَّهِ مَا رَاجَعَهُ الْكَلامَ حَتَّى قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَخَرَجَ عُمَرُ يَتْبَعُهُ، وَأَنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ عُمَرَ قَدْ صَبَأَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ ...
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ والصحيح أن أول مشاهدة الخندق، وشهد غزوة مؤتة مَعَ جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب رَضِي اللَّه عَنْهُمْ أجمعين، وشهد اليرموك، وفتح مصر، وَإِفريقية، وكان كَثِير الأتباع لآثار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتَّى إنه ينزل منازله، ويصلي فِي كل مكان صلى فِيهِ، وحتى إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل تحت شجرة، فكان ابْنُ عُمَر يتعاهدها بالماء لئلا تيبس.
(851) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّمَا بِيَدِي قِطْعَةُ إِسْتَبْرَقٍ، وَلا أُشِيرُ بِهَا إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْجَنَّةِ إِلا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ "، أَوْ " إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ "
(852) أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَلَيَّ، إِجَازَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا الْخُنَيْسِيُّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ، وَوَضَعُوا السُّفْرَةَ لَهُ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِي غَنَمٍ فَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ يَا رَاعِي، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَصُومُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ الشَّدِيدِ سَمُومُهُ، وَأَنْتَ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَرْعَى هَذِهِ الْغَنَمَ؟، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي أُبَادِرُ أَيَّامِي هَذِهِ الْخَالِيَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْتَبِرَ وَرَعَهُ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيَكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيَكَ مِنْ لَحْمِهَا مَا تُفْطِرُ عَلَيْهِ؟، قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي بِغَنَمٍ، إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِي، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا يَفْعَلُ سَيِّدُكَ إِذَا فَقَدَهَا؟، فَوَلَّى الرَّاعِي عَنْهُ، وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: فَأَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِي، يَقُولُ: قَالَ الرَّاعِي: فَأَيْنَ اللَّهُ؟، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلاهُ، فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمِ وَالرَّاعِي، فَأَعْتَقَ الرَّاعِي، وَوَهَبَ مِنْهُ الْغَنَمَ
(853) قال: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو المعالي مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر البيهقي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الحافظ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سهل الفقيه، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن معقل، حَدَّثَنَا حرملة، حَدَّثَنَا ابْنُ وهب، قَالَ: قَالَ مَالِك: " قَدْ أقام ابْنُ عُمَر بعد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستين سنة يفتي النَّاس فِي الموسم، وغير ذَلِكَ، قَالَ مَالِك: وكان ابْنُ عُمَر من أئمة المسلمين "
(854) قَالَ: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن عَبْد الباقي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الجوهري، وأَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر بْن حيوية، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن معروف، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن القهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد، قَالَ: أخبرت عَنْ مجالد، عَنِ الشَّعْبِيّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَر جيد الحديث، ولم يكن جيد الفقه.
وكان ابْنُ عُمَر شديد الاحتياط، والتوقي لدينه فِي الفتوى، وكل ما تأخذ بِهِ نفسه، حتَّى إنه ترك المنازعة فِي الخلافة مَعَ كثرة ميل أهل الشام إِلَيْه ومحبتهم لَهُ، ولم يقاتل فِي شيء من الفتن، ولم يشهد مَعَ عليّ شيئًا من حروبه، حين أشكلت عَلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ بعد ذَلِكَ يندم عَلَى ترك القتال معه.
(855) أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو غَانِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو الْمَجْدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّمِرِ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ رَغْبَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ خَالَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: " مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنَ الدُّنْيَا، إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ ".
أَخْرَجَهُ أَبُو عُمَرَ، وَزَادَ فِيهِ: مَعَ عَلِيٍّ.
وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: مَا مِنَّا إِلا مَنْ مَالَتْ بِهِ الدُّنْيَا وَمَالَ بِهَا، مَا خَلا عُمَرَ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ.
وقَالَ لَهُ مروان بْن الحكم ليبايع لَهُ بالخلافة، وقَالَ لَهُ: إن أهل الشام يريدونك، قَالَ: فكيف أصنع بأهل العراق؟ قَالَ: نقاتلهم، قَالَ: والله لو أطاعني النَّاس كلهم إلا أهل فدك، فإن قاتلتهم يقتل منهم رَجُل واحد، لم أفعل، فتركه.
وكان بعد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكثر الحج، وكان كَثِير الصدقة، وربما تصدق فِي المجلس الواحد بثلاثين ألفًا.
قَالَ نافع: كَانَ ابْنُ عُمَر إِذَا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه، وكان رقيقه قَدْ عرفوا ذَلِكَ مِنْهُ، فربما لزم أحدهم المسجد، فإذا رآه ابْنُ عُمَر عَلَى تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول لَهُ أصحابه: يا أبا عَبْد الرَّحْمَن، والله ما بهم إلا أن يخدعوك، فيقول ابْنُ عُمَر: من خدعنا بالله انخدعنا لَهُ.
قَالَ نافع: ولقد رأيتنا ذات عشية، وراح ابْنُ عُمَر عَلَى نجيب لَهُ قَدْ أخذه بمال، فلما أعجبه سيره أناخه بمكانه، ثُمَّ نزل عَنْهُ، فَقَالَ: يا نافع، انزعوا عَنْهُ زمامه، ورحله وأشعروه وجللوه وأدخلوه فِي البدن.
وقَالَ نافع: دخل ابْنُ عُمَر الكعبة، فسمعته وهو ساجد، يَقُولُ: قَدْ تعلم يا ربي ما يمنعني من مزاحمة قريش عَلَى الدنيا إلا خوفك.
وقَالَ نافع: كَانَ ابْنُ عُمَر إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} بكى حتَّى يغلبه البكاء.
وقَالَ ابْنُ عُمَر: البرّ شيء هين، وجه طلق، وكلام لين.
وروى ابْنُ عُمَر، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكثر.
وروى عَنْ: أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان، وأبي ذر، ومعاذ ابْنُ جبل، ورافع بْن خديج، وأبي هُرَيْرَةَ، وعائشة.
روى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاس، وجابر، والأغر المزني من الصحابة.
وروى عَنْهُ من التابعين بنوه: سالم، وعبد اللَّه، وحمزة، وَأَبُو سَلَمة، وحُميد ابنا عَبْد الرَّحْمَن، ومصعب بْن سعد، وسعيد المسيب، وأسلم مَوْلَى عُمَر، ونافع مولاه، وخلق كَثِير.
(856) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَدْرَانَ الْحُلْوَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ قَفَرْجَلٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ، قَالَ: " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا مَاتَ، وَهُوَ مُدْمِنُهَا، لَمْ يَشْرَبْ مِنْهَا فِي الآخِرَةِ "
(857) وَأَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُسْلِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ الْجُهَنِيُّ الْمَوْصِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ طَوْقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِبَعْضِ جَسَدِي، وَقَالَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ، كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي أَهْلِ الْقُبُورِ "، ثُمَّ قَالَ لِي: " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، إِنَّما هِيَ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ، جَزَاءٌ بِجَزَاءٍ، وَقِصَاصٌ بِقِصَاصٍ، وَلا تَتَبَرَّأْ مِنْ وَلَدِكَ فِي الدُّنْيَا، فَيَتَبَرَّإِ اللَّهُ مِنْكَ فِي الآخِرَةِ، فَيَفْضَحْكَ عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ، وَمَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " توفي عَبْد اللَّه بْن عُمَر سنة ثلاث وسبعين، بعد قتل ابْنُ الزُّبَيْر بثلاثة أشهر، وكان سبب قتله أن الحجاج أمر رجلًا فسم زج رمح وزحمه فِي الطريق، ووضع الزج فِي ظهر قدامه، وَإِنما فعل الحجاج ذَلِكَ، لأنَّه خطب يومًا وأخر الصلاة، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَر: إن الشمس لا تنتظرك، فَقَالَ لَهُ الحجاج: لقد هممت أن أضرب الَّذِي فِيهِ عيناك، قَالَ: إن تفعل فإنك سفيه مسلط.
وقيل: إن الحجاج حج مَعَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، فأمره عَبْد الملك بْن مروان، أن يقتدي بابن عُمَر، فكان ابْنُ عُمر يتقدم الحجاج فِي المواقف بعرفه وغيرها، فكان ذَلِكَ يشق عَلَى الحجاج، فأمر رجلًا معه حربة مسمومة، فلصق بابن عُمَر عند دفع النَّاس، فوضع الحربة عَلَى ظهر قدمه، فمرض منها أيامًا، فأتاه الحجاج يعوده، فَقَالَ لَهُ: من فعل بك؟ قَالَ: وما تصنع؟ قَالَ: قتلني اللَّه إن لم أقتله، قَالَ: ما أراك فاعلًا، أنت أمرت الذي نخسني بالحرية، فَقَالَ: لا تفعل يا أبا عَبْد الرَّحْمَن، وخرج عَنْهُ، ولبث أيامًا، ومات وصلى عَلَيْهِ الحجاج.
ومات وهو ابْنُ ست وثمانين سنة، وقيل: أربع وثمانين سنة، وقيل: توفي سنة أربع وسبعين، ودفن بالمحصب، وقيل بذي طوي، وقيل: بفج، وقيل: بسرف.
قيل: كَانَ مولده قبل المبعث بسنة، وهذا يستقيم عَلَى قول من يجهل مقام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة بعد المبعث عشر سنين، لأنه توفي سنة ثلاث وسبعين، وعمره أربع وثمانون سنة، فيكون لَهُ فِي الهجرة إحدى عشرة سنة، فيكون مولده قبل المبعث بسنة، وأمَّا عَلَى قول من ذهب إِلَى أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُجزه يَوْم أُحد، وكان لَهُ أربع عشرة سنة، وكانت أُحد فِي السنة الثالثة، فيكون لَهُ فِي الهجرة إحدى عشرة سنة، وأمَّا عَلَى قول من يَقُولُ: إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام بعد المبعث بمكة ثلاث عشرة سنة، وأن عُمَر عَبْد اللَّه أربع وثمانون سنة، فيكون مولده بعد المبعث بسنتين، وأمَّا عَلَى قول من يجعل عمره ستًا وثمانين سنة، فيكون مولده وقت المبعث، والله أعلم
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الخطاب الْقُرَشِيّ العدوي، يرد نسبه عند ذكر أَبِيهِ إن شاء اللَّه تَعَالى أمه، وأم أخته حفصة: زينب بِنْت مظعون بْن حبيب الجمحية.
أسلم مَعَ أَبِيهِ وهو صغير لم يبلغ الحلم، وَقَدْ قيل: إن إسلامه قبل إسلام أَبِيهِ، ولا يصح، وَإِنما كانت هجرته قبل هجرة أَبِيهِ، فظن بعضُ النَّاس، أن إسلامه قبل إسلامه أَبِيهِ، وأجمعوا عَلَى أَنَّهُ لم يشهد بدرًا، استصغره النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فردَّه، واختلفوا فِي شهوده أحدًا، فقيل: شهدها، وقيل: رده رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ غيره ممن لم يبلغ الحلمُ.
(850) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: أَيُّ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟، قَالُوا: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ، فَخَرَجَ عُمَرُ، وَخَرَجْتُ وَرَاءَهُ، وَأَنَا غُلَيْمٌ أَعْقِلُ كُلَّ مَا رَأَيْتُ، حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا جَمِيلُ، أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ؟، فَوَاللَّهِ مَا رَاجَعَهُ الْكَلامَ حَتَّى قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَخَرَجَ عُمَرُ يَتْبَعُهُ، وَأَنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ عُمَرَ قَدْ صَبَأَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ ...
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ والصحيح أن أول مشاهدة الخندق، وشهد غزوة مؤتة مَعَ جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب رَضِي اللَّه عَنْهُمْ أجمعين، وشهد اليرموك، وفتح مصر، وَإِفريقية، وكان كَثِير الأتباع لآثار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتَّى إنه ينزل منازله، ويصلي فِي كل مكان صلى فِيهِ، وحتى إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل تحت شجرة، فكان ابْنُ عُمَر يتعاهدها بالماء لئلا تيبس.
(851) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّمَا بِيَدِي قِطْعَةُ إِسْتَبْرَقٍ، وَلا أُشِيرُ بِهَا إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْجَنَّةِ إِلا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ "، أَوْ " إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ "
(852) أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَلَيَّ، إِجَازَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا الْخُنَيْسِيُّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ، وَوَضَعُوا السُّفْرَةَ لَهُ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِي غَنَمٍ فَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ يَا رَاعِي، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَصُومُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ الشَّدِيدِ سَمُومُهُ، وَأَنْتَ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَرْعَى هَذِهِ الْغَنَمَ؟، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي أُبَادِرُ أَيَّامِي هَذِهِ الْخَالِيَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْتَبِرَ وَرَعَهُ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيَكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيَكَ مِنْ لَحْمِهَا مَا تُفْطِرُ عَلَيْهِ؟، قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي بِغَنَمٍ، إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِي، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا يَفْعَلُ سَيِّدُكَ إِذَا فَقَدَهَا؟، فَوَلَّى الرَّاعِي عَنْهُ، وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: فَأَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِي، يَقُولُ: قَالَ الرَّاعِي: فَأَيْنَ اللَّهُ؟، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلاهُ، فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمِ وَالرَّاعِي، فَأَعْتَقَ الرَّاعِي، وَوَهَبَ مِنْهُ الْغَنَمَ
(853) قال: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو المعالي مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر البيهقي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الحافظ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سهل الفقيه، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن معقل، حَدَّثَنَا حرملة، حَدَّثَنَا ابْنُ وهب، قَالَ: قَالَ مَالِك: " قَدْ أقام ابْنُ عُمَر بعد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستين سنة يفتي النَّاس فِي الموسم، وغير ذَلِكَ، قَالَ مَالِك: وكان ابْنُ عُمَر من أئمة المسلمين "
(854) قَالَ: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن عَبْد الباقي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الجوهري، وأَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر بْن حيوية، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن معروف، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن القهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد، قَالَ: أخبرت عَنْ مجالد، عَنِ الشَّعْبِيّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَر جيد الحديث، ولم يكن جيد الفقه.
وكان ابْنُ عُمَر شديد الاحتياط، والتوقي لدينه فِي الفتوى، وكل ما تأخذ بِهِ نفسه، حتَّى إنه ترك المنازعة فِي الخلافة مَعَ كثرة ميل أهل الشام إِلَيْه ومحبتهم لَهُ، ولم يقاتل فِي شيء من الفتن، ولم يشهد مَعَ عليّ شيئًا من حروبه، حين أشكلت عَلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ بعد ذَلِكَ يندم عَلَى ترك القتال معه.
(855) أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو غَانِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو الْمَجْدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّمِرِ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ رَغْبَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ خَالَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: " مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنَ الدُّنْيَا، إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ ".
أَخْرَجَهُ أَبُو عُمَرَ، وَزَادَ فِيهِ: مَعَ عَلِيٍّ.
وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: مَا مِنَّا إِلا مَنْ مَالَتْ بِهِ الدُّنْيَا وَمَالَ بِهَا، مَا خَلا عُمَرَ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ.
وقَالَ لَهُ مروان بْن الحكم ليبايع لَهُ بالخلافة، وقَالَ لَهُ: إن أهل الشام يريدونك، قَالَ: فكيف أصنع بأهل العراق؟ قَالَ: نقاتلهم، قَالَ: والله لو أطاعني النَّاس كلهم إلا أهل فدك، فإن قاتلتهم يقتل منهم رَجُل واحد، لم أفعل، فتركه.
وكان بعد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكثر الحج، وكان كَثِير الصدقة، وربما تصدق فِي المجلس الواحد بثلاثين ألفًا.
قَالَ نافع: كَانَ ابْنُ عُمَر إِذَا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه، وكان رقيقه قَدْ عرفوا ذَلِكَ مِنْهُ، فربما لزم أحدهم المسجد، فإذا رآه ابْنُ عُمَر عَلَى تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول لَهُ أصحابه: يا أبا عَبْد الرَّحْمَن، والله ما بهم إلا أن يخدعوك، فيقول ابْنُ عُمَر: من خدعنا بالله انخدعنا لَهُ.
قَالَ نافع: ولقد رأيتنا ذات عشية، وراح ابْنُ عُمَر عَلَى نجيب لَهُ قَدْ أخذه بمال، فلما أعجبه سيره أناخه بمكانه، ثُمَّ نزل عَنْهُ، فَقَالَ: يا نافع، انزعوا عَنْهُ زمامه، ورحله وأشعروه وجللوه وأدخلوه فِي البدن.
وقَالَ نافع: دخل ابْنُ عُمَر الكعبة، فسمعته وهو ساجد، يَقُولُ: قَدْ تعلم يا ربي ما يمنعني من مزاحمة قريش عَلَى الدنيا إلا خوفك.
وقَالَ نافع: كَانَ ابْنُ عُمَر إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} بكى حتَّى يغلبه البكاء.
وقَالَ ابْنُ عُمَر: البرّ شيء هين، وجه طلق، وكلام لين.
وروى ابْنُ عُمَر، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكثر.
وروى عَنْ: أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان، وأبي ذر، ومعاذ ابْنُ جبل، ورافع بْن خديج، وأبي هُرَيْرَةَ، وعائشة.
روى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاس، وجابر، والأغر المزني من الصحابة.
وروى عَنْهُ من التابعين بنوه: سالم، وعبد اللَّه، وحمزة، وَأَبُو سَلَمة، وحُميد ابنا عَبْد الرَّحْمَن، ومصعب بْن سعد، وسعيد المسيب، وأسلم مَوْلَى عُمَر، ونافع مولاه، وخلق كَثِير.
(856) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَدْرَانَ الْحُلْوَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ قَفَرْجَلٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ، قَالَ: " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا مَاتَ، وَهُوَ مُدْمِنُهَا، لَمْ يَشْرَبْ مِنْهَا فِي الآخِرَةِ "
(857) وَأَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُسْلِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ الْجُهَنِيُّ الْمَوْصِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ طَوْقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِبَعْضِ جَسَدِي، وَقَالَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ، كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي أَهْلِ الْقُبُورِ "، ثُمَّ قَالَ لِي: " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، إِنَّما هِيَ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ، جَزَاءٌ بِجَزَاءٍ، وَقِصَاصٌ بِقِصَاصٍ، وَلا تَتَبَرَّأْ مِنْ وَلَدِكَ فِي الدُّنْيَا، فَيَتَبَرَّإِ اللَّهُ مِنْكَ فِي الآخِرَةِ، فَيَفْضَحْكَ عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ، وَمَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " توفي عَبْد اللَّه بْن عُمَر سنة ثلاث وسبعين، بعد قتل ابْنُ الزُّبَيْر بثلاثة أشهر، وكان سبب قتله أن الحجاج أمر رجلًا فسم زج رمح وزحمه فِي الطريق، ووضع الزج فِي ظهر قدامه، وَإِنما فعل الحجاج ذَلِكَ، لأنَّه خطب يومًا وأخر الصلاة، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَر: إن الشمس لا تنتظرك، فَقَالَ لَهُ الحجاج: لقد هممت أن أضرب الَّذِي فِيهِ عيناك، قَالَ: إن تفعل فإنك سفيه مسلط.
وقيل: إن الحجاج حج مَعَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، فأمره عَبْد الملك بْن مروان، أن يقتدي بابن عُمَر، فكان ابْنُ عُمر يتقدم الحجاج فِي المواقف بعرفه وغيرها، فكان ذَلِكَ يشق عَلَى الحجاج، فأمر رجلًا معه حربة مسمومة، فلصق بابن عُمَر عند دفع النَّاس، فوضع الحربة عَلَى ظهر قدمه، فمرض منها أيامًا، فأتاه الحجاج يعوده، فَقَالَ لَهُ: من فعل بك؟ قَالَ: وما تصنع؟ قَالَ: قتلني اللَّه إن لم أقتله، قَالَ: ما أراك فاعلًا، أنت أمرت الذي نخسني بالحرية، فَقَالَ: لا تفعل يا أبا عَبْد الرَّحْمَن، وخرج عَنْهُ، ولبث أيامًا، ومات وصلى عَلَيْهِ الحجاج.
ومات وهو ابْنُ ست وثمانين سنة، وقيل: أربع وثمانين سنة، وقيل: توفي سنة أربع وسبعين، ودفن بالمحصب، وقيل بذي طوي، وقيل: بفج، وقيل: بسرف.
قيل: كَانَ مولده قبل المبعث بسنة، وهذا يستقيم عَلَى قول من يجهل مقام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة بعد المبعث عشر سنين، لأنه توفي سنة ثلاث وسبعين، وعمره أربع وثمانون سنة، فيكون لَهُ فِي الهجرة إحدى عشرة سنة، فيكون مولده قبل المبعث بسنة، وأمَّا عَلَى قول من ذهب إِلَى أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُجزه يَوْم أُحد، وكان لَهُ أربع عشرة سنة، وكانت أُحد فِي السنة الثالثة، فيكون لَهُ فِي الهجرة إحدى عشرة سنة، وأمَّا عَلَى قول من يَقُولُ: إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام بعد المبعث بمكة ثلاث عشرة سنة، وأن عُمَر عَبْد اللَّه أربع وثمانون سنة، فيكون مولده بعد المبعث بسنتين، وأمَّا عَلَى قول من يجعل عمره ستًا وثمانين سنة، فيكون مولده وقت المبعث، والله أعلم
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69787&book=5528#95f5c8
عبد الله بن عمر بن الخطاب، أحد حفّاظ هذه الأمّة، وقدوة الحفّاظ، أحاديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ألفان ومئتان وعشرة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69787&book=5528#53af20
عبد الله بن عمر بن الخطّاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح بن عبد الله ابن قرط بن رزاح بن عدىّ بن كعب بن لؤى القرشى العدوىّ : يكنى أبا عبد الرحمن. شهد فتح مصر ، واختط بها . روى عنه أكثر من أربعين رجلا من أهل مصر .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69787&book=5528#7fe737
عبد الله بن عمر بن الخطاب كنيته أبو عبد الرحمن كان مولده قبل الوحي بسنة لم يشهد بدرا وعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وهو بن أربع عشرة سنة فلم يجزه ولم يره بلغ ثم عرض عليه يوم الخندق وهو بن خمس عشرة فأجازه وكان من صالحي الصحابة وقرائهم وزهادهم ولم يشتغل في هذه الدنيا بالصفراء ولا بالتمتع بالبيضاء ولا ضم درهما إلى درهم وكان من أكثرهم تتبعا لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم استعمالا لها اعتزل الفتن وقعد في البيت عن الناس إلا أن يخرج حاجا أو معتمرا أو غازيا إلا أن أدركته المنية على حالته تلك بمكة وهو حاج سنة ثلاث وسبعين وبها دفن رضه
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69787&book=5528#61535a
عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن
قال محمد بن عمر: عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب وأمه زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.
وكان إسلام عبد الله بمكة مع إسلام أبيه ولم يكن بلغ يومئذ وهاجر مع أبيه إلى المدينة.
حدثني ابن زنجويه قال: سمعت يعلى بن عبيد يذكر عن الأعمش عن عطية بن سعد: أن عبد الله بن عمر يكنى أبا عبد الرحمن.
- حدثني محمد بن عبد الملك بن زنجويه نا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب
قال: كان عبد الله بن عمر يشبه أباه عمر بن الخطاب وكان سالم أشبه أباه عبد الله بن عمر.
- حدثني زهير بن محمد نا حسين بن محمد نا إسرائيل عن أبي إسحاق قال: رأيت ابن عمر في السعي بين الصفا والمروة فإذا هو رجل ضخم آدم.
- حدثني جدي نا ابن زنجويه نا هشام بن عروة قال: رأيت بن عمر له جمة.
- حدثنا علي بن الجعد نا شريك عن محمد بن قيس قال: رأيت ابن عمر يصفر لحيته.
- حدثنا عبد الأعلى بن حماد نا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن زيد قال: رأيت ابن عمر يصفر لحيته بالخلوق والزعفران.
- حدثنا [محرز] بن عون نا خالد بن عبد الله عن عبد العزيز بن أبي حكيم قال: رأيت ابن عمر ////يخضب بالورس.
- حدثني ابن المقرىء نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: شهد ابن عمر فتح مكة وهو ابن عشرين سنة.
- حدثني علي بن مسلم الطوسي نا عبد الصمد عن عبد الوارث نا حماد - يعني ابن سلمة - عن علي بن زيد عن أنس وسعيد بن المسيب قالا: ابن عمر شهد بدرا.
- حدثني إسماعيل بن إسحاق نا محمد بن أبي بكر نا حماد بن زيد عن عبيد الله بن نافع عن ابن عمر: أنه عرض على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فلم يقبله.
قال أبو القاسم: وهذا وهم وقد رواه عن عبيد الله جماعة لم يقولوا يوم بدر وقالوا: يوم أحد.
- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبد الله بن إدريس وعبد الرحيم ح
وثني سويد بن سعيد نا علي بن مسهر ح
وحدثني يعقوب بن إبراهيم نا يحيى بن سعيد القطان ح
وحدثني علي بن مسلم نا ابن نمير ح
وحدثني علي بن مسلم نا محمد بن بكر أخبرنا ابن جريج كلهم عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني.
قال أبو القاسم: ورواه مسدد عن حماد بن زيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قبلنا النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورافع بن خديج يوم الخندق وأنا وهو ابنا خمس عشرة.
- حدثنيه إسماعيل عن مسدد.
- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا ابن إدريس عن مطرف عن أبي إسحاق عن البراء قال: عرضت أنا وابن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فاستصغرنا وشهدنا أحدا.
- حدثني عمي عن الزبير قال: هاجر عبد الله بن عمر مع أبيه
وأمه إلى المدينة وهو ابن عشر سنين.
- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شريك عن محمد بن قيس قال: رأيت ابن عمر محلل أزرار القميص.
- حدثنا شجاع نا أبو معاوية وابن نمير ح
وحدثني زياد بن المبارك نا عبدة كلهم عن الأعمش عن ثابت بن عبيد قال: ما رأيت ابن عمر ولا ابن عباس زرا قميصا قط.
- حدثني جدي نا يزيد أنا عبد الملك عن سعيد بن جبير قال: رأيت ابن عمر متوسدا مرفقه من أدم حشوها ليف.
- حدثنا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد ح
وحدثني جدي وزياد بن أيوب قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم ح
ونا عبد الأعلى نا وهيب قالوا: نا أيوب عن نافع عن ابن عمر
قال: رأيت في المنام كأن في يدي سرقة من حرير لا أهوى بها إلى مكان من الجنة غلا طار بي إليه فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إن ////أخاك رجل صالح أو إن عبد الله رجل صالح.
واللفظ لحديث [عبد الأعلى]
- حسين بن محمد الذراع نا عبد الأعلى بن عباد نا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى: أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال: " الحمد لله الذي هدى من الضلالة ويلبس الضلالة على من يحب ".
- حدثنا خلف بن هشام البزار نا خالد بن عبد الله ح
وحدثني جدي نا عباد بن العوام جميعا عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال: ما منا من أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها إلا ابن عمر.
- حدثنا ابن فروخ نا أبو هلال نا قتادة عن سعيد بن المسيب قال: لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر.
قال الزبير: وكان عبد الله بن عمر يحفظ ما يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا لم يحضر يسأل من حضر عما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل، وكان يتتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مسجد صلى فيه وكان يعترض براحلته في كل طريق مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال له في ذلك فيقول: أتحرى أن تقع أخفاف راحلتي على بعض أخفاف راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- حدثنا أحمد بن حنبل وجدي قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم ح ونا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد نا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: دفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خطب ونزل عن منبره. قال حماد في حديثه: فقلت لأصحابي وفي حديث إسماعيل: فقلت: ما قام به
رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم؟ قالوا: نهى عن الدباء والمزفت.
- حدثنا محمد بن أبي عبد الرحمن نا سفيان عن عمر عن محمد بن علي قال: كان ابن عمر إذا سمع الحديث لم يزد فيه ولم ينقص منه ولم يجاوزه ولم يقصر عنه.
- حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى القطان نا محمد بن بشر قال: سمعت خالد عن سعيد يذكر عن أبيه قال: ما رأيت أحدا كان أشد اتقاء لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن عمر.
- حدثنا عمرو الناقد نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة فما سمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثا واحدا.
- حدثنا هدبة نا مهدي بن ميمون قال: سمعت غيلان بن جرير قال: جعل رجل يقول لابن عمر: أرأيت أرأيت؟ فقال ابن عمر: اجعل أرأيت عند الثريا.
- حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع نا عمر بن عبد الواحد العمري عن نافع قال: ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد.
- حدثني عيسى بن سالم أبو سعيد الشاشي نا أبو المليح عن ميمون ////قال: بعث عبد الله بن عامر حين حضرته الوفاة إلى مشيخة من أهل المدينة وفيهم ابن عمر فقال: أخبروني كيف كانت سيرتي؟ قالوا: كنت تصدق وتعتق وتصل رحمك. قال: وابن عمر ساكت فقال: يا أبا عبد الرحمن مالك ما منعك أن تتكلم؟ قال: قد تكلم القوم. قال: عزمت عليك لتكلمن. قال: فقال: إذا طابت المكسبة زكت النفقة وستقدم فترى.
- حدثنا شيبان نا سلام بن مسكين قال: سمعت الحسن قال: لما كان من اختلاف الناس ما كان أتوا عبد الله بن عمر فقالوا: أنت سيد الناس وابن سيدهم أخرج يبايعك الناس فكلهم بك راض فقال: والله لا تراق محجمة من دم في سببي ما كان في الروح ثم أتى فقيل له: لتخرجن او لتقتلن على فراشك، فقال مثلها، فوالله ما استقلوا منه شيئا حتى
لحق بالله تعالى.
- حدثنا عيسى بن سالم نا أبو المليح عن ميمون قال: دخلت على ابن عمر فقومت كل شيء في بيته فما وجدته يساوي طيلساني، قال: ودخلت على سالم من بعده فوجدته على مثل حاله.
- حدثنا محمد بن بكار نا أبو معشر عن عبد الرحمن بن يسار قال: سمعت الحجاج يخطب وهو يقول: إن عبد الله بن الزبير قد بدل كلام الله فقال ابن عمر: كذبت ليس تبديل كلام الله بيدك ولا بيد ابن الزبير كتاب الله أعز من أن يبدل قال: فقال الناس لابن عمر: أخرج أخرج فأبا أن يخرج حتى صلى معه.
حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي قال: سمعت أبا نعيم يقول: توفي ابن عمر سنة ثلاث وسبعين.
وقال محمد بن عمر: حدثني خالد بن أبي بكر عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: مات ابن عمر ودفن بفخ سنة أربع وسبعين في خلافة عبد الملك بن مروان وكان يوم مات ابن أربع وثمانين سنة.
وقال ابن عمر: حدثني معمر عن الزهري عن سالم قال: أوصاني أبي أن أدفنه خارجا من الحرم فلم نقدر فدفناه في الحرم بفخ في مقبرة المهاجرين.
حدثنا أحمد بن منصور نا يحيى بن بكير قال: توفي عبد الله بن عمر بمكة بعد الحج ودفن بالمحصب وبعض الناس يقول: بفخ وسنة يوم توفي أربع وثمانون.
حدثني أحمد بن منصور نا عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم أنا ابن وهب عن ابن القاسم عن مالك قال: أقام ابن عمر
بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة تقدم عليه وفود الناس.
قال ابن عبد الحكم وأخبرني أبي عن ابن القاسم عن مالك قال: سن ابن عمر سبع وثمانون سنة.
وقال ابن عمر: أخبرنا مالك بن أنس قال: قال أبو جعفر أمير المؤمنين: كيف أخذتم بقول ابن عمر من بين الأقاويل؟ قلت: لأنه تقي يا أمير المؤمنين وكان له فضل//// عند الناس ووجدنا من تقدمنا أخذ به فأخذنا به قال: فخذ بقوله وإن خالف عا [] وابن عباس رضي الله عنهم.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: سمعت سفيان بن [عيينة] يقول: قال عمر: ما منكم إلا وأنا أحب أن أقول عليه: إنا لله وإنا إليه
راجعون خلا [عبد الله] فإني أحب أن يبقى ليأخذ به الناس.
[عن قتادة قال: سمعت ابن المسيب يقول: كان ابن عمر يوم مات خير من بقي].
قال محمد بن عمر: عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب وأمه زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.
وكان إسلام عبد الله بمكة مع إسلام أبيه ولم يكن بلغ يومئذ وهاجر مع أبيه إلى المدينة.
حدثني ابن زنجويه قال: سمعت يعلى بن عبيد يذكر عن الأعمش عن عطية بن سعد: أن عبد الله بن عمر يكنى أبا عبد الرحمن.
- حدثني محمد بن عبد الملك بن زنجويه نا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب
قال: كان عبد الله بن عمر يشبه أباه عمر بن الخطاب وكان سالم أشبه أباه عبد الله بن عمر.
- حدثني زهير بن محمد نا حسين بن محمد نا إسرائيل عن أبي إسحاق قال: رأيت ابن عمر في السعي بين الصفا والمروة فإذا هو رجل ضخم آدم.
- حدثني جدي نا ابن زنجويه نا هشام بن عروة قال: رأيت بن عمر له جمة.
- حدثنا علي بن الجعد نا شريك عن محمد بن قيس قال: رأيت ابن عمر يصفر لحيته.
- حدثنا عبد الأعلى بن حماد نا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن زيد قال: رأيت ابن عمر يصفر لحيته بالخلوق والزعفران.
- حدثنا [محرز] بن عون نا خالد بن عبد الله عن عبد العزيز بن أبي حكيم قال: رأيت ابن عمر ////يخضب بالورس.
- حدثني ابن المقرىء نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: شهد ابن عمر فتح مكة وهو ابن عشرين سنة.
- حدثني علي بن مسلم الطوسي نا عبد الصمد عن عبد الوارث نا حماد - يعني ابن سلمة - عن علي بن زيد عن أنس وسعيد بن المسيب قالا: ابن عمر شهد بدرا.
- حدثني إسماعيل بن إسحاق نا محمد بن أبي بكر نا حماد بن زيد عن عبيد الله بن نافع عن ابن عمر: أنه عرض على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فلم يقبله.
قال أبو القاسم: وهذا وهم وقد رواه عن عبيد الله جماعة لم يقولوا يوم بدر وقالوا: يوم أحد.
- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبد الله بن إدريس وعبد الرحيم ح
وثني سويد بن سعيد نا علي بن مسهر ح
وحدثني يعقوب بن إبراهيم نا يحيى بن سعيد القطان ح
وحدثني علي بن مسلم نا ابن نمير ح
وحدثني علي بن مسلم نا محمد بن بكر أخبرنا ابن جريج كلهم عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني.
قال أبو القاسم: ورواه مسدد عن حماد بن زيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قبلنا النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورافع بن خديج يوم الخندق وأنا وهو ابنا خمس عشرة.
- حدثنيه إسماعيل عن مسدد.
- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا ابن إدريس عن مطرف عن أبي إسحاق عن البراء قال: عرضت أنا وابن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فاستصغرنا وشهدنا أحدا.
- حدثني عمي عن الزبير قال: هاجر عبد الله بن عمر مع أبيه
وأمه إلى المدينة وهو ابن عشر سنين.
- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شريك عن محمد بن قيس قال: رأيت ابن عمر محلل أزرار القميص.
- حدثنا شجاع نا أبو معاوية وابن نمير ح
وحدثني زياد بن المبارك نا عبدة كلهم عن الأعمش عن ثابت بن عبيد قال: ما رأيت ابن عمر ولا ابن عباس زرا قميصا قط.
- حدثني جدي نا يزيد أنا عبد الملك عن سعيد بن جبير قال: رأيت ابن عمر متوسدا مرفقه من أدم حشوها ليف.
- حدثنا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد ح
وحدثني جدي وزياد بن أيوب قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم ح
ونا عبد الأعلى نا وهيب قالوا: نا أيوب عن نافع عن ابن عمر
قال: رأيت في المنام كأن في يدي سرقة من حرير لا أهوى بها إلى مكان من الجنة غلا طار بي إليه فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إن ////أخاك رجل صالح أو إن عبد الله رجل صالح.
واللفظ لحديث [عبد الأعلى]
- حسين بن محمد الذراع نا عبد الأعلى بن عباد نا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى: أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال: " الحمد لله الذي هدى من الضلالة ويلبس الضلالة على من يحب ".
- حدثنا خلف بن هشام البزار نا خالد بن عبد الله ح
وحدثني جدي نا عباد بن العوام جميعا عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال: ما منا من أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها إلا ابن عمر.
- حدثنا ابن فروخ نا أبو هلال نا قتادة عن سعيد بن المسيب قال: لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر.
قال الزبير: وكان عبد الله بن عمر يحفظ ما يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا لم يحضر يسأل من حضر عما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل، وكان يتتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مسجد صلى فيه وكان يعترض براحلته في كل طريق مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال له في ذلك فيقول: أتحرى أن تقع أخفاف راحلتي على بعض أخفاف راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- حدثنا أحمد بن حنبل وجدي قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم ح ونا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد نا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: دفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خطب ونزل عن منبره. قال حماد في حديثه: فقلت لأصحابي وفي حديث إسماعيل: فقلت: ما قام به
رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم؟ قالوا: نهى عن الدباء والمزفت.
- حدثنا محمد بن أبي عبد الرحمن نا سفيان عن عمر عن محمد بن علي قال: كان ابن عمر إذا سمع الحديث لم يزد فيه ولم ينقص منه ولم يجاوزه ولم يقصر عنه.
- حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى القطان نا محمد بن بشر قال: سمعت خالد عن سعيد يذكر عن أبيه قال: ما رأيت أحدا كان أشد اتقاء لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن عمر.
- حدثنا عمرو الناقد نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة فما سمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثا واحدا.
- حدثنا هدبة نا مهدي بن ميمون قال: سمعت غيلان بن جرير قال: جعل رجل يقول لابن عمر: أرأيت أرأيت؟ فقال ابن عمر: اجعل أرأيت عند الثريا.
- حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع نا عمر بن عبد الواحد العمري عن نافع قال: ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد.
- حدثني عيسى بن سالم أبو سعيد الشاشي نا أبو المليح عن ميمون ////قال: بعث عبد الله بن عامر حين حضرته الوفاة إلى مشيخة من أهل المدينة وفيهم ابن عمر فقال: أخبروني كيف كانت سيرتي؟ قالوا: كنت تصدق وتعتق وتصل رحمك. قال: وابن عمر ساكت فقال: يا أبا عبد الرحمن مالك ما منعك أن تتكلم؟ قال: قد تكلم القوم. قال: عزمت عليك لتكلمن. قال: فقال: إذا طابت المكسبة زكت النفقة وستقدم فترى.
- حدثنا شيبان نا سلام بن مسكين قال: سمعت الحسن قال: لما كان من اختلاف الناس ما كان أتوا عبد الله بن عمر فقالوا: أنت سيد الناس وابن سيدهم أخرج يبايعك الناس فكلهم بك راض فقال: والله لا تراق محجمة من دم في سببي ما كان في الروح ثم أتى فقيل له: لتخرجن او لتقتلن على فراشك، فقال مثلها، فوالله ما استقلوا منه شيئا حتى
لحق بالله تعالى.
- حدثنا عيسى بن سالم نا أبو المليح عن ميمون قال: دخلت على ابن عمر فقومت كل شيء في بيته فما وجدته يساوي طيلساني، قال: ودخلت على سالم من بعده فوجدته على مثل حاله.
- حدثنا محمد بن بكار نا أبو معشر عن عبد الرحمن بن يسار قال: سمعت الحجاج يخطب وهو يقول: إن عبد الله بن الزبير قد بدل كلام الله فقال ابن عمر: كذبت ليس تبديل كلام الله بيدك ولا بيد ابن الزبير كتاب الله أعز من أن يبدل قال: فقال الناس لابن عمر: أخرج أخرج فأبا أن يخرج حتى صلى معه.
حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي قال: سمعت أبا نعيم يقول: توفي ابن عمر سنة ثلاث وسبعين.
وقال محمد بن عمر: حدثني خالد بن أبي بكر عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: مات ابن عمر ودفن بفخ سنة أربع وسبعين في خلافة عبد الملك بن مروان وكان يوم مات ابن أربع وثمانين سنة.
وقال ابن عمر: حدثني معمر عن الزهري عن سالم قال: أوصاني أبي أن أدفنه خارجا من الحرم فلم نقدر فدفناه في الحرم بفخ في مقبرة المهاجرين.
حدثنا أحمد بن منصور نا يحيى بن بكير قال: توفي عبد الله بن عمر بمكة بعد الحج ودفن بالمحصب وبعض الناس يقول: بفخ وسنة يوم توفي أربع وثمانون.
حدثني أحمد بن منصور نا عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم أنا ابن وهب عن ابن القاسم عن مالك قال: أقام ابن عمر
بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة تقدم عليه وفود الناس.
قال ابن عبد الحكم وأخبرني أبي عن ابن القاسم عن مالك قال: سن ابن عمر سبع وثمانون سنة.
وقال ابن عمر: أخبرنا مالك بن أنس قال: قال أبو جعفر أمير المؤمنين: كيف أخذتم بقول ابن عمر من بين الأقاويل؟ قلت: لأنه تقي يا أمير المؤمنين وكان له فضل//// عند الناس ووجدنا من تقدمنا أخذ به فأخذنا به قال: فخذ بقوله وإن خالف عا [] وابن عباس رضي الله عنهم.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: سمعت سفيان بن [عيينة] يقول: قال عمر: ما منكم إلا وأنا أحب أن أقول عليه: إنا لله وإنا إليه
راجعون خلا [عبد الله] فإني أحب أن يبقى ليأخذ به الناس.
[عن قتادة قال: سمعت ابن المسيب يقول: كان ابن عمر يوم مات خير من بقي].
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69787&book=5528#e508c1
عبد الله بن عمر بن الخطاب
ابن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح أبو عبد الرحمن القرشي العدوي من المهاجرين، شهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخندق وما بعده من المشاهد، وشهد غزوة مؤتة مع زيد وجعفر، وشهد يوم اليرموك.
عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين - زاد في رواية: في بيته - وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين في بيته.
عن ابن عمر قال: بينا الناس في مسجد قباء، في صلاة الصبح إذ جاء رجل فقال: أنزل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرآن، فأمر أن يتحول إلى الكعبة، فقال: هكذا يوصف أنهم استداروا إلى القبلة.
عن ابن عمر: أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية، قال: قام فينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مقامي، فسلم، فقال: " استوصوا بأصحابي خيراً، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى إن الرجل يبتدئ بالشهادة قبل أن يُسألها، وباليمين قبل أن يُسألها، فمن أراد بحبحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون أحدكم بامرأةٍ، فإن الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته، وساءته سيئته فهو مؤمن ".
عن ابن عمر قال: أَصَبنا يوم اليرموك طعاماً وعلفاً فلم يقسم.
قال الزبير بن بكار:
فمن ولد عمر بن الخطاب: عبد الله بن عمر، استُصغر يوم أحد، وشهد الخندق مع رسول الله، وهاجر مع أبيه إلى المدينة، وهو ابن عشر سنين، وبقي حتى مات سنة ثلاثٍ وسبعين، وأخته لأبيه وأمه حفصة بنت عمر، زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعبد الرحمن الأكبر؛ وأمهم: زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، كانت من المهاجرات وكان عبد الله بن عمر يتوجه في السرايا على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كان إسلام عبد الله بمكة مع إسلام أبيه، ولم يكن بلغ يومئذٍ، وكان ربعةً يخضب بالصفرة، وتوفي بمكة، ودفن بذي طوى، ويقال: دفن بفخ مقبرة المهاجرين، وكان لابن عمر مَقْدَم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة إحدى عشر سنةً.
قال أبو نعيم الحافظ: خال المؤمنين، من أملك شباب قريش عن الدنيا، كان آدم طالاً، له جمة مفروقة تضرب قريباً من منكبيه، يقص شاربه، ويصفر لحيته ويشمر إزاره، أعطي القوة في العبادة، وفي الجماع، كان من التمسك بآثار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسبيل المبين، وأعطي المعرفة بالآخرة، والإيثار لها، لم تغيره الدنيا، ولم تفتنه كان من البكّائين الخاشعين، وعدّه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصالحين، نقش خاتمه عبد الله لله، أصاب رجله زج رمحٍ، فورمت رجلاه، فتوفي منها بمكة سنة أربع - وقيل: سنة ثلاث - وسبعين، ودفن بالمُحصِّب، وقيل: بذي طوى، وقيل: بفخ، وقيل: بسرف، مات وهو ابن ست وثمانين.
قال الخطيب: خرج إلى العراق، فشهد يوم القادسية، ويوم جلولاء، وما بينهما من وقائع الفرس، وورد المدائن غير مرة.
عن الحارث بن جزء الزبيدي قال: توفي صاحب لي، فكنا على قبره أنا، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكان اسمي العاص، واسم ابن عمر العاص، واسم ابن عمرو العاص، فقال لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انزلوا واقبروه، وأنتم عبيد الله " قال: فنزلنا فقبرنا أخانا، وصعدنا من القبر وقد بدلت أسماؤنا.
قال أبو إسحاق: رأيت ابن عمر رجلاً آدم جسيماً ضخماً في إزارٍ إلى نصف الساقين.
قال ابن عمر: إنما جاءتنا الأُدمة من قبل أخوالي، والخال أنزع شيءٍ، وجاءني البُضْع من
أخوالي؛ فهاتان الخصلتان لم تكونا في أبي، رحمه الله؛ كان أبي أبيض، لا يتزوج النساء شهوةً إلا لطلب الولد - وفي رواية: لشهوة.
وقال: عُرضْتُ على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدرٍ وأنا ابن ثلاث عشرة فردني، ثم عرضت عليه يوم أحدٍ، وأنا ابن أربع عشرة فردني، ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشر فأجازني.
قال يزيد بن هارون: وهو في الخندق ينبغي أن يكون ابن ست عشرة سنةً؛ لأن بين أحدٍ والخندق بدراً الصغرى.
عن البراء قال: عرضت أنا وابن عمر على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدرٍ، فاستصغرنا، وشهدنا أحداً.
قال ابن عمر: شهدت الفتح وأنا ابن عشرين سنةً.
وكان ابن عمر يوم مات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن اثنتين وعشرين سنةً.
عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لابن عمر: أشهدت بيعة الرضوان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم، قلت: فما كان عليه؟ قال: قميص من قطنٍ، وجبة محشوة، ورداء وسيف، ورأيت النعمان بن مقرن المزني قائماً على رأسه، قد رفع أغصان الشجرة عن رأسه، والناس يبايعونه.
عن ابن عمر قال: كان الرجل في حياة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكنت غلاماً عزباً شاباً، وكنت أنام في
المسجد على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فرأيت في المنام كأن ملكين أتياني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، فإذا لها قرنان كقرني - وفي رواية: قرن كقرن - البئر، قال: فرأيت فيها ناساً قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك، فقال: لن تراع، قال: فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " نِعْم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل " قال: فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وفي رواية أخرى قال:
رأيت في المنام كأن في يدي سَرَقَةً من حرير، فما أهوي بها إلى مكانٍ من الجنة إلا طارت بي إليه، فقصصتها على حفصة، فقصَّتها على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إن أخاكِ رجل صالح، أو قال: إن عبد الله رجل صالح ".
وفي رواية أخرى قال: رأيت في المنام كأن بيدي قطعة إستبرق، ولا أشير بها إلى مكانٍ من الجنة إلا طارت بي إليه.
قال ابن عمر: كنت شاهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حائط نخلٍ، فاستأذن أبو بكرٍ، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ائذنوا له، وبشروه بالجنة " ثم استأذن عمر، فقال: " ائذنوا له، وبشروه بالجنة " ثم استأذن عثمان، فقال: " ائذنوا له وبشروه بالجنة على بلوى تصيبه " قال: فدخل يبكي ويضحك.
قال عبد الله: فأنا يا نبي الله، قال: " أنت مع أبيك ".
عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب كتب المهاجرين على خمسة آلاف، والأنصار على أربعة آلاف، ومن لم يشهد بدراً من أبناء المهاجرين على أربعة آلاف؛ وكان منهم: عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسدي المخزومي، وأسامة بن زيد، ومحمد بن عبد الله بن جحش الأسدي، وعبد الله بن عمر، فقال عبد الرحمن بن عوف: إن ابن عمر ليس من هؤلاء؛ إنه وإنه! فقال ابن عمر: إن كان لي حق فأعطنيه، وإلا فلا تعطني، فقال عمر لابن عوف: اكتبه على خمسة آلاف، واكتبني على أربعة آلاف، فقال عبد الله: لا أريد هذا، فقال عمر: والله لا أجتمع أنا وأنت على خمسة آلاف!.
قال عبد الله بن عمر: كساني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلة من حلل السير أهداها له فيروز، فلبست الإزار، فأغرقني طولاً وعرضاً، فسجبته، ولبست الرداء، فتقنعت به، وأخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعاتقي، فقال: " يا عبد الله بن عمر، ارفع الإزار، فإن ما مست الأرض من الإزار إلى ما أسفل من الكعبين في النار "، فلم يُرَ أشد تشميراً من عبد الله بن عمر.
قال حذيفة: ما منا أحد يفتش إلا فُتّش عن جانفةٍ أو مثقلةٍ إلا عمر وابنه.
قال جابر بن عبد الله: من سره أن ينظر إلى أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين مضوا قبله وبعده، ولم يغيروا، ولم يبدلوا فلينظر إلى هذا - يعني عبد الله بن عمر - وفي رواية: ما أحد منا أدرك الدنيا إلا مالت به، ومال بها إلا ابن عمر.
قالت عائشة: ما رأيت أحداً ألزم للأمر الأول من عبد الله بن عمر.
وقالت عائشة لابن عمر: ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً قد استولى على أمرك، وظننت أنك لن تخالفيه - يعني ابن الزبير - قالت: أما إنك لو نهيتني ما خرجت، قال: وكانت تقول: إذا مر ابن عمر فأرونيه، فإذا مر قيل لها: هذا ابن عمر، فلا تزال تنظر إليه.
عن السدي قال: رأيت نفراً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وابن عمر، كانوا يرون أنه ليس أحد منهم على الحال التي فارق عليها محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا عبد الله بن عمر.
قال أبو سلمة: مات ابن عمر، وهو مثل عمر في الفضل.
وقال: إن عمر كان في زمَانٍ له فيه نظراء، وإن ابن عمر كان في زمان ليس له فيه نظير.
وقال سعيد بن المسيب: لو شهدت لأحدٍ أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر.
وسئل عن العلم يكون في العمامة، فقال: كان عبد الله بن عمر يكرهه، وسئل عن الحرير، فقال: كان ابن عمر يوم مات خير من بقي، وكان يقول: إنه ثياب من لا خلاق له، وقال: مات ابن عمر يوم مات وما في الأرض أحد أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منه، وسئل عن صوم يوم عرفة فقال: كان ابن عمر لا يصومه، قلت له: فغيره؟ قال: حسبك به شيخاً.
عن سالم قال: كان عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر لا يُعرف فيهما البِرُّ حتى يقولا أو يفعلا - يعني أنهما لم يكونا مؤنثين ولا متماوتين.
قال طاوس: ما رأيت رجلاً أورغ من ابن عمر.
قال بعض الخلفاء لمالك - يظن أنه هارون -: يا أبا عبد الله، ما لكم أقبلتم على عبد الله بن عمر، وتركتم ابن عباس؟ قال: لا على أمير المؤمنين ألا يسأل عن هذا، قال: فإن أمير المؤمنين يريد أن يعلم ذلك، قال: كان أورع الرجلين.
كان يقال: ما رجل أضل بعيره بأرض فلاةٍ؛ فهو في طلبه بأتبع له من عبد الله بن عمر لعمر.
عن القاسم بن محمد قال: كان ابن عمر قد أتعب أصحابه، فكيف من بعدهم؟! عن ابن عمر قال:
ما وضعت لبنةً على لبنةٍ ولا غرست نخلةً منذ توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عن أبي جعفر قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً أجدر ألا يزيد فيه، ولا ينقص منه، ولا، ولا، من عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وعن نافع: أن ابن عمر كان يتبع آثار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مكان صلى فيه، حتى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل تحت شجرةٍ، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس؛ قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو تركنا هذا الباب للنساء " فلم يدخل فيه ابن عمر حتى مات.
قال الزبير بن بكار: كان عبد الله بن عمر يتحفظ ما سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويسأل إذا لم يحضر من حضر عما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو فعل، وكان يتبع آثار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مسجد صلى فيه، وكان يعترض براحلته في كل طريق مر بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيقال له في
ذلك، فيقول: إني أتحرى أن تقع أخفاف راحلتي على بعض أخفاف راحلة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان قد شهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجة الوداع، فوقف معه بالموقف بعرفة، فكان يقف في ذلك الموقف كلما حج، وكان كثير الحج، حج عام قتل ابن الزبير مع الحجاج، وكان عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج بن يوسف يأمره ألا يخالف ابن عمر في الحج، فأتى ابن عمر حين زالت الشمس يوم عرفة، ومعه ابنه سالم، فصاح به عند سرادقه: الرواح، فخرج عليه الحجاج في معصفرةٍ، فقال: هذه الساعة؟ قال: نعم، قال: فأمهلني أصب علي ماءً، فدخل ثم خرج، قال سالم: فسار بيني وبين أبي، فقلت له: إن كنت تحب أن تصيب السنة فعجل الصلاة، وأوجز الخطبة، فنظر إلى عبد الله ليسمع ذلك منه، فقال عبد الله: صدق، ثم انطلق حتى وقف في موقفه الذي كان يقف فيه، فكان ذلك الموقف بين يدي الحجاج، فأمر من نخس به حتى نفرت به ناقته فسكنها ابن عمر حتى سكنت، ثم ردها إلى ذلك الموقف، فوقف فيه، فأمر الحجاج أيضاً بناقته، فنخست، فنفرت بابن عمر، فسكّنها ابن عمر حتى سكنت، ثم ردها إلى ذلك الموقف، فثقل على الحجاج أمره، فأمر رجلاً معه حربة، يقال إنها كانت مسمومة، فلما دفع الناس من عرفة لصق به ذلك الرجل، فأَمَرَّ الحربة على قدمه، وهي في غرز رحله، فمرض منها أياماً، ثم مات بمكة، فدفن بها وصلى عليه الحجاج.
عن الشعبي قال: صحبت ابن عمر سنة، ما رأيته يحدث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا حديثاً واحداً.
وفي رواية: جالست ابن عمر قريباً من سنتين، فما سمعته يحدث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيءٍ، غير أنه قال يوماً: كان ناس من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكلون ضباً فيهم سعد بن مالك، فنادتهم امرأة من أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنه ضب، فأمسكوا، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كلوا فإنه حلال، ولا بأس به، ولكنه ليس من طعام قومي ".
وعن زيد بن عبد الله بن عمر: ما ذكر ابن عمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بكى، وما مر على ربعهم إلا غمض عينيه.
عن يوسف بن ماهك قال: رأيت ابن عمر وهو عند عبيد بن عمير، وعمير يقص، فرأيت ابن عمر عيناه تُهراقان دمعاً.
وعن عبيد بن عمير: أنه قرأ: " فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيدٍ " حتى ختم الآية، فجعل ابن عمر يبكي حتى لثقت لحيته وجيبه من دموعه، قال الذي كان إلى جنب ابن عمر: لقد أردت أن أقوم إلى عبيد بن عمير، فأقول له: أقصر عليك، فإنك قد آذيت هذا الشيخ!.
عن نافعٍ قال: وكان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " بكى حتى يغلبه البكاء.
عن القاسم بن أبي بزة، حدثني من سمع ابن عمر قرأ: " ويل للمطففين " فلما بلغ " يوم يقوم الناس لرب العالمين " بكى حتى خر، وامتنع من قراءة ما بعده.
عن ابن أبي مليكة قال: مر رجل على عبد الله بن عمر وهو ساجد في الحجر، وهو يبكي، فقال: أتعجب أن أبكي من خشية الله وهذا القمر يبكي من خشية الله! ونظر إلى القمر حين شفَّ أن يغيب.
قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: لا يطيقونه، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما.
وعن نافع:
أن ابن عمر كان يحيي الليل، ثم يقول: يا نافع أسحرنا؟ فأقول: لا، فيعاود الصلاة، فإذا قلت: نعم قعد يستغفر الله، ويدعو حتى يصبح.
وكان ابن عمر إذا فاتته صلاةً في جماعة صلى إلى الصلاة الأخرى، فإذا فاتته العصر سبَّح إلى المغرب، ولقد فاتته صلاة عشاء الآخرة في جماعة فصلى حتى طلع الفجر.
قال: كان ابن عمر لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر؛ إلا أن يمرض، أو أيام يَقْدَم؛ فإنه كان رجلاً كريماً يحب أن يؤكل عنده، قال: وكان يقول: ولأن أفطر في السفر، وآخذ برخصة الله أحب إلي من أن أصوم.
وعن سالم قال: ما لعن ابن عمر خادماً قط إلا مرة فأعتقه.
وعن نافع: أن عبد الله بن عمر كانت له جارية، فلما اشتد عجبه بها أعتقها وزوجها مولى له، فولدت غلاماً؛ فلقد رأيت عبد الله بن عمر يأخذ ذلك الصبي، فيقبِّله، ثم يقول: واهاً لريح فلانة - يعني الجارية التي أعتق.
قال زيد بن أسلم: مر عبد الله بن عمر براعٍ، فقال: يا راعي الغنم، هل من جزرةٍ؟ قال الراعي: ليس ها هنا ربها، فقال له ابن عمر: تقول إنه أكلها الذئب، قال: فرفع الراعي رأسه إلى السماء، ثم قال: فأين الله؟ قال ابن عمر: فأنا والله أحق أن أقول: فأين الله! فاشترى ابن عمر الراعي، واشترى الغنم، فأعتقه، وأعطاه الغنم.
عن نافع قال: خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة، ومعه أصحاب له، فوضعوا له سفرة له، فمر بهم راعي غنمٍ، قال: فسلم، فقال له ابن عمر: هلم يا راعي، هلم فأصب من هذه السُّفرة، فقال له: إني صائم، فقال له ابن عمر: أتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سمومه، وأنت في هذه الحال ترعى هذه الغنم؟ فقال له: إني والله أبادر أيامي هذه الخالية، فقال له ابن عمر وهو يريد يختبر ورعه: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها، فتفطر عليه - وساق الخبر.
وقال: كان ابن عمر إذا اشتد عجبه بشيءٍ من ماله قربه لربه عز وجل وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما شمر أحدهم، ولزم المسجد، إذا رآه ابن عمر على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن، والله ما بهم إلا أن يخدعوك! فيقول ابن عمر: فمن خدعنا بالله انخدعنا له.
قال ميمون بن مهران: مر أصحاب نجدة الحروري على إبلٍ لعبد الله بن عمر، فاستاقوها، فجاء راعيها، فقال: يا أبا عبد الرحمن، احتسب الإبل، قال: ما لها؟ قال: مر بها أصحاب نجدة، فذهبوا بها، قال: كيف ذهبوا بالإبل وتركوك؟ قال: قد كانوا ذهبوا بي معها، لكني انفلت منهم، فما حملك على أن تركتهم وجئتني؟ قال: أنت أحب إلي منهم، قال: الله الذي لا إله إلا هو لأنا أحب إليك منهم؟ قال: فحلف له، قال: فإني أحتسبك معها؛ فأعتقه، فمكث ما مكث، ثم أتاه آتٍ، فقال: هل لك في ناقتك الفلانية؟ - سماها باسمها - ها هي بالسوق تباع، قال: أرني ردائي، فلما وضعه على منكبه وقام جلس، فوضع رداءه، ثم قال: كنت احتسبتها، فلِمَ أطلبها؟ وكاتب غلاماً له، ونجّمها عليه نجوماً، فلما حل أول النجم أتاه المكاتب به، فسأله ابن عمر: من أين أصبت هذا؟ قال: كنت أعمل وأسأل، قال: فجئتني بأوساخ الناس تريد أن تطعمنيها؟! أنت حر، ولك ما جئت به.
عن زاذان قال: كنت عند ابن عمر، فدعا غلاماً له، فأعتقه، ثم قال: ما لي فيه من أجرٍ ما يسوى هذا، أو يزن هذا - وتناول شيئاً من الأرض - سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من ضرب عبداً له حداً لم يأته، أو ظلمه - أو لطمه، شك الراوي - فإن كفارته أن يعتقه ".
عن محمد العمري قال: أعطى عبد الله بن جعفر عبد الله بن عمر بنافعٍ عشرة آلاف درهم إلى ألف دينار، فدخل عبد الله على صفية امرأته، فقال: إنه أعطاني ابن جعفر بنافع عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار، فقالت: يا أبا عبد الرحمن، فما تنتظرنّ؟! تبيع! قال: فهلا ما هو خير من ذلك؛ هو حر لوجه الله تعالى، قال: فكان يخيل إلي أن ابن عمر كان ينوي قول الله عز وجل " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ".
وروى سالم أنه لم يسمع عبد الله يلعن خادماً له قط، غير مرة واحدة غضب فيها على بعض خدمه، فقال له: لعنة الله عليك، كلمة لم أكن أحب أن أقولها.
عن نافع قال:
أُتي ابن عمر ببضعةٍ وعشرين ألفاً، فما قام من مجلسه حتى أعطاها، وزاد عليها، ولم يزل يعطي حتى أنفد ما كان عنده، فجاءه بعض من كان يعطيه، فاستقرض من بعض من كان أعطاه، فأعطاه.
وقال: عن ابن عمر أنه ربما تصدق في الشهر بثلاثين ألف درهم، وما يأكل فيه أكلة لحم، واشترى سمكة طرية بدرهم ونصف، فأتاه سائل، فتصدق بها عليها، وقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أيما امرئٍ اشتهى شهوةً، فرد شهوته، وآثر على نفسه غفر الله له ".
واشتكى ابن عمر فاشتهى العنب في غير زمانه، فطلبوه، فلم يجدوه له إلا عند رجلٍ سبع حباتٍ بدرهم، فأُشتري له، فجاء سائل، فأمر له به، ولم يذقه.
عن أبي بكر بن حفص قال: كان ابن عمر لا يحبس عن طعامه بين مكة والمدينة مجذوماً، ولا أبرص، ولا مبتلى حتى يقعدوا معه على مائدته؛ فبينما هو يوماً قاعداً على مائدته أقبل موليان من موالي أهل المدينة، فسلما، فرحبوا بهما، وحيوهما، وأوسعوا لهما، فضحك عبد الله بن عمر، فأنكر الموليان ضحكه، فقالا: يا أبا عبد الرحمن، ضحكت، أضحك الله سنك، فما الذي أضحكك؟ قال: عجباً من بنيّ هؤلاء، يجيء هؤلاء الذين تدمى أفواههم من الجوع، فيضيقون عليهم، حتى لو أن أحدهم يأخذ مكان اثنين فعل، جئتما أنتما قد أوقرتما الزاد، فأوسعوا لكما، وحيوكما؛ يطعمون طعامهم من لا يريده، ويمنعونه من يريده.
دخل سائل إلى ابن عمر، فقال لابنه: أعطه ديناراً، فأعطاه فلما انصرف قال ابنه: تقبل الله منك يا أبتاه، فقال: لو علمت أن الله تقبل مني سجدة واحدة، أو صدقة درهم لم يكن غائب أحب إلي من الموت، تدري ممن يتقبل الله؟ إنما يتقبل الله من المتقين.
عن ميمون بن مهران: أن امرأة ابن عمر عوتبت فيه، فقيل لها: ما تلطفين بهذا الشيخ، قالت: وما أصنع به؟ لا نصنع له طعاماً إلا ما دعا عليه من يأكله، فأرسلت إلى قومٍ من المساكين كانوا يجلسون بطريقه إذا خرج من المسجد، فأطعمتهم وقالت: لا تجلسوا بطريقه، ثم جاء إلى بيته فقال: أرسلوا إلى فلان وإلى فلان، وكانت امرأته قد أرسلت إليهم بطعام، وقالت: إن دعاكم فلا تأتوه، فقال: أردتم ألا أتعشى الليلة، فلم يتعش تلك الليلة.
عن نافع: أن ابن عمر أُتي بجوارشٍ، فكرهه، وقال: ما شبعت من كذا وكذا.
عن ميمون بن مهران: دخلت منزل عبد الله بن عمر، فما كان فيه ما يسوى طيلساني هذا.
وسئل عبد الله بن دينار: كيف كان طعام ابن عمر؟ قال: كان يطعمنا ثريداً، فإن لم نشبع زادنا آخر، فقيل: كيف كان لباس ابن عمر؟ قال: كان يلبس ثوبين ثمن عشرين درهماً، وكان يلبس ثوبين قطريين ثمن عشرة دراهم.
عن ميمون بن مهران: أن رجلاً من بني عيد الله بن عمر استكساه إزاراً، وقال: تخرق إزاري، فقال له: اقطع إزارك، ثم انكسه، فكره الفتى ذلك، فقال له عبد الله بن عمر: ويحك! اتق الله، ولا تكونن من القوم الذين يجعلون ما رزقهم الله في بطونهم، وعلى ظهورهم.
كتب عبد العزيز بن مروان إلى ابن عمر قال: ارفع إلي حاجتك، قال: فكتب إليه ابن عمر: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: " إن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول " ولست أسألك شيئاً، ولا أرد رزقاً رزقنيه الله منك.
عن نافع قال: نزل ابن عمر بقومٍ، فلما مضت ثلاثة أيامٍ قال: يا نافع، أنفق علينا من مالنا، لا حاجة لنا أن يُتصدَّق علينا.
وقال: عن ابن عمر أنه كان ليلةً على الصفا، فقال: اللهم اعصمني بدينك وطاعتك وطاعة رسولك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستعملني بسنة نبيك، وتوفني على ملته، وأعذني من شر مضلات الفتن.
وقال: لا يصيب عبد من الدنيا شيئاً إلا انتقص من درجاته عند الله، وإن كان على الله كريماً.
وعن وهب: أن ابن عمر حماراً، فقيل له: لو أمسكته، قال: لقد كان لنا موافقاً ولكنه أذهب شُعبةً من قلبي، فكرهت أن أشغل قلبي بشيء.
عن نافع قال: سمع ابن عمر شيئاً، فضحك، وهو عند قبر ابنه يوم مات، وكان أحب الناس إليه، فقال: إنما نفرح بهم، ونحزن عليهم ما داموا معنا، فإذا انقرضوا، وصاروا إلى الله انقطعوا منا.
ومرض ابن له، فجزع جزعاً شديداً، فلما مات خرج على أصحابه مكتحلاً، مدهناً، فقالوا: لقد أشفقنا عليك يا أبا عبد الرحمن! فقال: إذا وقع القضاء فليس إلا التسليم.
قال خالد بن أسلم مولى عمر:
آذى رجل من قريش عبد الله بن عمر، فأبى عبد الله أن يقول له شيئاً، فجئت، فقلت: أبا عبد الرحمن، بلغني أن فلاناً آذاك، فإما أن تنصر وإما أن ننتصر لك منه، فقال عبد الله: إني وأخي عاصماً لا نُسابُّ الناس.
عن نافع أو غيره: أن رجلاً قال لابن عمر: يا خير الناس، أو ابن خير الناس، فقال ابن عمر: ما أنا بخير الناس، ولا ابن خير الناس، ولكني عبد من عباد الله، أرجو الله وأخافه، والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه.
قال وبرة: أتى رجل ابن عمر، فقال: أيصلح أن أطوف بالبيت وأنا محرم؟ قال: ما يمنعك
من ذلك؟ قال: إن فلاناً ينهانا عن ذلك، حتى ترجع الناس من الموقف، ورأيته كأنه مالت به الدنيا أعجب إلينا منه، قال ابن عمر: حج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، وسنة الله ورسوله أحق أن تتبع من سنة ابن فلان، إن كنت صادقاً.
قيل لابن عمر: لا يزال الناس بخيرٍ ما أبقاك الله لهم، فغضب ابن عمر وقال: إني لأحسبك عراقياً، وما يدريك علام يغلق عليه ابن أمك بابه - وفي رواية: وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه؟! عن حصين قال: قال ابن عمر: إني لأخرج، وما لي أن أسلم على الناس، ويسلموا عليَّ.
عن أبي بردة عن أبيه قال: صليت إلى جانب ابن عمر، فسمعته حين سجد يقول: اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلي، وخوفك أخوف الأشياء عندي، وسمعته حين سجد يقول: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين " وقال: ما صليت صلاة مذ أسلمت إلا وأنا أرجو أن تكون كفارةً.
وقال لأبي بردة: علمت أن أبي لقي أباك فقال له: يا أبا موسى، أيسرك أن عملك الذي كان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلص لك، لا عليك، ولا لك؟ قال: لا؛ قرأت القرآن، وعلَّمت الناس، قال: قال عمر: ليت أن علمي خلص لي كفافاً لا عليَّ، ولا لي.
قال أبو بردة: إن أباك أفقه من أبي.
عن عبد الجبار بن موسى، عن أبيه: أن رجلاً أتى ابن عمر يسأله، فألقى إليه عمامته، فقال له بعض القوم: لو أعطيته درهماً لأجزأه، فقال ابن عمر: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن من أبر البِر أن يصل الرجل أهل ود أبيه " وإن هذا كان من أهل ود عمر.
قال نافع: دخلت مع ابن عمر الكعبة وهو يومئذ مُضَيَّق، فسمعته وهو ساجد يتضرع إلى ربه، يقول: يا رب، وقد تعلُم، لولا خوفك لزاحمنا قريشاً على هذه الدنيا.
قال عبد الله بن عمر: ساعة للدنيا، وساعة للآخرة، وبين ذلك؛ اللهم اغفر لنا.
ومكث عبد الله بن عمر على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها.
وقال: لقد عشنا برهة من دهرنا وأحدنا يرى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنتعلم حلالها وحرامها، وآمرها وزاجرها، وما ينبغي أن نقف عنده منها كما تعلَّمون أنتم اليوم القرآن، ثم لقد رأيت اليوم رجلاً لا يرى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، وما يدري ما آمره، ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه، فينثر نثر الدقل.
قال عمر: ما منكم أحد إلا وأنا أحب أن أقول عليه: إنا لله وإنا إليه راجعون خلا عبد الله؛ فإني أحب أن يبقى ليأخذ به الناس.
وكانوا يرون أن أعلم الناس بالمناسك ابن عفان، وبعده ابن عمر.
قال مجاهد: ترك الناس أن يقتدوا بابن عمر وهو شاب، فلما كبُر اقتدوا به.
قال سعيد بن عبد العزيز: كان العلماء بعد معاذ بن جبل: عبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وسلمان، وعبد الله بن سلام، ثم كان العلماء بعد هؤلاء: زيد، ثم كان بعد زيد بن ثابت: ابن عمر، وابن عباس، وكان بعد هذين سعيد بن المسيب.
قال مسعود بن سليمان: أتينا معاوية بالأبطح مجلساً، فجلس عليه، ومعه ابنه قرظة، فإذا هو بجماعة على رحالٍ لهم، وإذا شاب قد رفع عقيرته يغني: من الرمل
من يساجلني يساجل ماجداً ... أخضر الجلدة في بيت العربْ
فقال: من هذا؟ قالوا: عبد الله بن جعفر، قال: خلوا له الطريق فليذهب، قال: ثم إذا هو بجماعةٍ فيهم غلام يغني: من الرمل
بينما يذكرنني أبصرنني ... عند قيد الميل يسعى بي الأغرّ
قلن: تعرفن الفتى؟ قلن: نعم ... قد عرفناه، وهل يخفى القمرْ؟
قال: من هذا؟ قالوا: عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، قال: خلوا له الطريق، فليذهب، ثم إذا هو بجماعةٍ، فإذا رجل منهم يُسأل، فقال له: رميت قبل أن أحلق، وحلقت قبل أن أرمي؛ لأشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج: فقال: من هذا؟
فقالوا: عبد الله بن عمر، فالتفت إلى ابنة قرظة، فقال: هذا وأبيك الشرف، هذا والله شرف الدنيا والآخرة.
قال مالك بن أنس: لا يعدلن برأي ابن عمر، فإنه أقام بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستين سنةً، فلم يذهب عنه من أمره، ولا من أمور أصحابه شيء.
قال ابن سيرين: قال رجل: اللهم أبقني ما أبقيت ابن عمر أقتدي به، وقال رجل: لقد رأيت هذه الفتنة وما فينا أحد إلا فيه غير عبد الله بن عمر.
عن نافع قال: كان عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس يجلسان للناس عند قدوم الحاج، فكنت أجلس إلى هذا يوماً وإلى هذا يوماً، وكان ابن عباس يجيب ويفتي في كل ما قال عنه، وكان ابن عمر ما يرد أكثر مما يفتي.
وسأل رجل ابن عمر عن مسألة فطأطأ ابن عمر رأسه، ولم يجبه حتى ظن الناس أنه لم يسمع مسألته: قال: فقال له: يرحمك الله، أما سمعت مسألتي؟ قال: بلى، ولكنكم كأنكم ترون أن الله ليس بسائلنا عما تسألونا عنه، اتركنا، يرحمك الله، حتى نتفهم في مسألتك، فإن كان لها جواب عندنا، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به.
عن عقبة بن مسلم: أن ابن عمر سئل عن شيءٍ فقال: لا أدري، ثم أتبعها فقال: أتريدون أن تجعلوا ظهورنا لكم جسوراً في جهنم أن تقولوا: أفتانا ابن عمر؟ وعن نافع عن ابن عمر: انه سئل عن أمرٍ فقال: لا أعلمه، ثم قال: نِعْمَ ما قال ابن عمر، سئل عن أمرٍ لا يعلمه، فقال: لا أعلمه.
عن الشعبي قال: كان ابن عمر جيد الحديث ولم يكن جيد الفقه.
عن الليث قال: كتب رجل إلى ابن عمر: اكتب إليّ بالعلم كله، فكتب إليه ابن عمر: إن العلم كثير، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس، خميص البطن من أموالهم، كافاً لسانك عن أعراضهم، لازماً لأمر جماعتهم فافعلِ، والسلام.
عن أبي عبد الرحمن القرشي قال: بعثت أم ولدٍ لعبد الملك بن مروان إلى وكيلٍ لها بالمدينة تستهديه غلاماً وقالت له: يكون على هذه الصفة: عالماً بالسنة، قارئاً لكتاب الله، فصيح اللسان، حسن البيان، عفيف الفرج، كثير الحياء، قليل المراء، قال: فكتب إليها: قد طلبت الغلام الذي استهديتني على ما وصفت، فلم أجد غلاماً بهذه الصفة إلا عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد ساومت به أهله فأبوا أن يبعوه!! عن نافع قال: كنا مع ابن عمر - في سفر -، فقيل: إن السبع في الطريق قد حبس الناس، فاستخف ابن عمر راحلته، فلما بلغ إليه نزل، فعرك أذنه وقعّده، وقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لو أن ابن آدم لم يخف إلا الله لم يسلط عليه غيره، ولو أن ابن آدم لم يرج إلا الله لم يكله إلى سواه ".
عن الشعبي قال:
لقد رأيت عجباً؛ كنا بفناء الكعبة أنا وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، ومصعب بن الزبير، وعبد الملك بن مروان، فقال القوم بعد أن فرغوا من حديثهم: ليقم
كل رجلٍ منكم، فليأخذ بالركن اليماني، ويسأل الله حاجته؛ فإنه يعطى من ساعته. قم يا عبد الله بن الزبير فإنك أول مولودٍ ولد في الهجرة، فقام، فأخذ بالركن اليماني، ثم قال: اللهم إنك عظيم، ترجى لكل عظيم، أسألك بحرمة وجهك، وحرمة عرشك، وحرمة نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا تميتني من الدنيا حتى توليني الحجاز، ويسلم عليّ بالخلافة، وجاء حتى جلس، فقالوا: قم يا مصعب بن الزبير، فقام حتى أخذ بالركن اليماني، فقال: اللهم إنك رب كل شيءٍ، وإليك يصير كل شيء، أسألك بقدرتك على كل شيء ألا تميتني من الدنيا حتى توليني العراق، وتزوجني سكينة بنت الحسين، وجاء حتى جلس، فقالوا: قم يا عبد الملك بن مروان، فقام، فأخذ بالركن اليماني، فقال: اللهم رب السموات السبع، ورب الأرضين ذات النبت بعد الفقر، أسألك بما سألك عبادك المطيعون لأمرك، وأسألك بحرمة وجهك، وأسألك بحقك على جميع خلقك، وبحق الطائفين حول عرشك ألا تميتني من الدنيا حتى توليني شرق الأرض وغربها، ولا ينازعني أحد إلا أتيت برأسه، ثم جاء حتى جلس، فقالوا: قم يا عبد الله بن عمر، فقام حتى أخذ بالركن اليماني، ثم قال: اللهم إنك رحمن رحيم، أسألك برحمتك التي سبقت غضبك، وأسألك بقدرتك على جميع خلقك ألا تميتني من الدنيا حتى توجب لي الجنة.
قال الشعبي: فما ذهبت عيناي حتى رأيت كل رجلٍ منهم قد أعطي ما سأل.
قال مصعب بن عثمان بن مصعب بن عروة بن الزبير: خطب عروة بن الزبير إلى عبد الله بن عمر ابنته سودة بنت عبد الله، وهو بمكة، فلم يرد عليه شيئاً، فلما قدم المدينة أتاه عروة وهو في المسجد، فسلم عليه، فقال له عبد الله بن عمر: أرأيت ما ذكرت لي بمكة، أهو من شأنك اليوم؟ قال له عروة: نعم، ولقد عجبت من سكاتك عني بمكة! فقال: إني خرجت حاجاً، فكرهت أن أخلط حجي بشيءٍ، فتشهد عبد الله بن عمر، ثم زوجه.
عن عبد الله بن واقد قال: رأيت ابن عمر يفت المسك في الدهن يدَّهِن به.
قال زيد بن عبد الله الشيباني: رأيت ابن عمر إذا مشى إلى الصلاة دب دبيباً، لو أن نملة مشت معه قلت: لا يسبقها.
عن مجاهد قال: مررت مع عبد الله بن عمر بخربةٍ، فقال: يا مجاهد، ناد، يا خربة أين أهلك، أو قال: ما فعل أهلك؟ قال: فناديت، فقال ابن عمر: ذهبوا، وبقيت أعمالهم.
قال إبراهيم بن أدهم: مر عبد الله بن عمر على قومٍ مجتمعين، وعليه بردة حسناء، فقال رجل من القوم: إن أنا سلبته بردته فما لي عندكم؟ فجعلوا له شيئاً، فأتاه فقال: يا أبا عبد الرحمن، بردتك هذه هي لي. قال: فقال: فإني اشتريتها بالأمس! قال: قد أعلمتك وأنت في حرج من لبسها، قال: فهتكتها ليدفعها إليه، قال: فضحك القوم، فقال: ما لكم؟ فقالوا له: هذا رجل بطال، قال: فالتفت إليه فقال: يا أخي أما علمت أن الموت أمامك لا تدري متى يأتيك صباحاً أو مساءً، ليلاً أو نهاراً؟! ثم القبر، وهول المطلع، ومنكر ونكير، وبعد ذلك القيامة، يوم يخسر فيه المبطلون!؟ فأبكاهم ومضى.
قال أبو عبد الله بن الأعرابي: أراد رجل أن يعتزل الناس، فقال له عبد الله بن عمر: إنه لا بد لك من الناس، ولا بد للناس منك، ولكن كن كأصم يسمع، وأعمى يبصر، وسكوت ينطق.
عن ابن سيرين: أن ابن عمر كان إذا خرج في سفرٍ أخرج معه سفيهاً، فإن جاءه سفيه رده عنه.
عن قتادة قال: كان ابن عمر يقول: إن الحليم ليس من ظلم ثم حلم حتى إذا هيجه قوم اهتاج، ولكن الحليم من قدر ثم عفا، وإن الوصول ليس من وصل - يعني من وصله - فتلك مجازاة، ولكن الوصول من قطع ثم وصل، وعطف على من لم يصله.
عن حميد الطويل قال: قال ابن عمر: البِر شيء هين، وجه طليق وكلام لين.
قال ابن عمر: ما حمل الرجال حملاً أثقل من المروءة، فقال له أصحابه: أصلحك الله، صف لنا المروءة، فقال: ما لذلك عندي حد أعرفه، فألح عليه رجل منهم، فقال: ما أدري ما أقول: إلا أني ما استحييت من شيءٍ علانيةً إلا استحييت منه سراً.
عن مالكٍ قال:
اشترى ابن عمر جاريةً رومية، فأحبها حباً شديداً، فوقعت يوماً عن بغلةٍ كانت عليها، فجعل ابن عمر يمسح التراب عنها، ويفديها، فكانت تقول له: - أي رجل صالح - ثم هربت منه، فقال ابن عمر: من البسيط
قد كنت أحسبني قالون، فانطلقت ... فاليوم أعلم أني غير قالون
قال المغيرة بن شعبة لعمر: ألا أدلك على القوي الأمين؟ قال: بلى، قال: عبد الله بن عمر، قال: ما أردت بقولك هذا؟ ولأن يموت فأكفِّنه بيدي أحب إلي من أوليه وأنا أعلم أن في الناس من هو خير منه.
عن عبد الله بن موهب: أن عثمان قال لابن عمر: اذهب قاضياً، قال: أوتعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال: عزمت عليك إلا ذهبت، فقضيت، قال: لا تعجل، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من عاذ بالله فقد عاذ بمَعَاذٍ " قال: نعم، قال: إني أعوذ بالله أن أكون قاضياً، قال: ما يمنعك، وقد كان أبوك يقضي؟ قال: لأني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من كان قاضياً فقضى بجهلٍ كان من أهل النار، ومن كان قاضياً عالماً فقضى بحقٍ أو بعدلٍ سأل الله أن ينقلب كفافاً " فما أرجو منه بعد؟!
قال مصعب بن عبد الله: جاءت جماعة من بني عدي إلى عبد الله بن عمر، وهو عند عثمان في الدار يوم قتل عثمان، قبل قتله فاحتملوا عبد الله بن عمر من الدار، فخرجوا به.
قال نافع: لما قتل عثمان جاء علي ابن عمر، فقال: إنك محبوب إلى الناس؛ فسر إلى الشام، فقال ابن عمر: بقرابتي وصحبتي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والقرابة التي بيننا، فلم يعاوده.
قال مصعب بن عبد الله: لما قتل عثمان، وبويع علي أُتي بعبد الله بن عمر، فقيل: بايع، فأبى، فشد به أصحاب علي، فقال عبد الله بن عمر لعلي: ما تصنع بهذا، لا والله؟ لا أبسط يدي ببيعة في فرقةٍ، ولا أقبضها في جماعة أبداً، فقال علي: خلوه، وأنا كفيله، وخرج بعد قتل عثمان إلى مكة ليلاً، فلما أصبح علي فقده، وظنه خرج إلى الشام، فنهض إلى سوق الظهر، وقال: عليَّ بالإبل، فأمر بجمعها ليرسل في طلبه، فأرسلت إليه ابنته أم كلثوم: لا تعن بطلبه، فلم يخرج إلى الشام وإنما خرج إلى مكة، وأنا عذيرتك منه، فوقف عن طلبه.
قال ابن عمر: دخلت علي حفصة ونوساتها تنطف، فقلت: قد كان من الناس ما ترين، ولم يجعل لي من الأمر شيء، قالت: فالحق بهم، فإنهم ينتظرونك، وإني أخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الحكمان خطب معاوية، فقال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع إلي قرنه، فلنحن أحق بذلك منه ومن أبيه - يعرض بابن عمر - فحلَلْتُ حبوتي، فهممت أن أقول: أحق بذلك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق الجمع، ويسفك فيها الدم، وأحمل فيها على غير رأيي؛ فذكرت ما أعد الله في الجنان.
قال معاوية لعبد الله بن جعفر: بلغني أن ابن عمر يريد هذا الأمر، وفيه ثلاث خصالٍ لا يصلحن في خليفة: هو
رجل غيور، وهو رجل عييٍّ وهو رجل بخيل، قال: فذهب ابن جعفر فأخبر ابن عمر، فقال ابن عمر: أما قوله: إني رجل غيور، فإني كنت أغلق بابي على أهلي، فما حاجة الناس إلى ما وراء ذلك؟ وأما قوله: إني لرجل عييٍّ فإني كنت أعلم الناس بكتاب الله، ولا كلام أبلغ منه، وأما قوله: إني رجل بخيل؛ فإني كنت أقسم على الناس فيئهم بكتاب الله، فإذا فعلت ذلك فما حاجة الناس إلى ما أورثني ابن الخطاب؟ فأخبر ابن جعفر معاوية بها، فقال معاوية: عزمت عليك ألا يسمع هذا منك أحد.
وقد روي نحو هذه المقالة عن الحجاج.
عن قطن قال: أتى رجل ابن عمر، فقال: ما أحد شر لأمة محمد منك، فقال: لمَ؟ فوالله ما سفكت دماءهم، ولا فرقت جماعتهم، ولا شققت عصاهم! قال: إنك لو شئت ما اختلف فيك اثنان، قال: ما أحب أنها أتتني ورجل يقول: لا، وآخر يقول: بلى.
وعن ميمون قال:
دس معاوية عمرو بن العاص، وهو يريد ما في نفس ابن عمر: يريد القتال أم لا، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما يمنعك أن تخرج فنبايعك، وأنت صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابن أمير المؤمنين، وأنت أحق الناس بهذا الأمر؟ قال: وقد اجتمع الناس كلهم على ما تقول؟ قال: نعم إلا نفر يسير، قال: لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهَجَرَ لم يكن لي فيها حاجة، قال: فعلم أنه لا يريد القتال، قال: فهل لك أن تبايع لمن قد كاد الناس أن يجتمعوا عليه، ويكتب لك من الأرضين، ومن الأموال ما لا تحتاج أنت ولا ولدك إلى ما بعده؟ فقال: أفٍّ لك اخرج من عندي ثم لا تدخل عليّ، ويحكّ! إن ديني ليس بديناركم ولا درهمكم، وإني لأرجو أن أخرج من الدنيا ويدي بيضاء نقية.
وعن نافع عن ابن عمر: أنه أتاه رجل، فقال: يا أبا عبد الرحمن، أنت ابن عمر، وصاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكر مناقبه - فما يمنعك من هذا الأمر؟ قال: يمنعني أن الله حرم دم المسلمين، قال: فإن الله تعالى يقول: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله "؟ قال: قد فعلنا، قد قاتلناهم حتى كان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوهم حتى يكون الدين لغير الله.
عن أبي العالية: أن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن صفوان كانا ذات يوم قاعدين في الحِجر، فمر بهما ابن عمر، وهو يطوف بالبيت، فقال أحدهما لصاحبه: أتراه بقي أحد خير من هذا؟ ثم قالا لرجل: ادعه لنا إذا قضى طوافه، فلما قضى طوافه، وصلى ركعتين أتاه رسولهما، فقال: هذا عبد الله ابن الزبير وعبد الله بن صفوان يدعوانك إليهما؛ فقال عبد الله بن صفوان: أبا عبد الرحمن ما يمنعك أن تبايع أمير المؤمنين؟ - يعني ابن الزبير - فقد بايع له أهل العروض، وأهل العراق، وعامة أهل الشام، فقال: والله لا أبايعكم وأنتم واضعون سيوفكم على عواتقكم، تصيب أيديكم من دماء المسلمين! عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رجلاً أتاه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما الذي يحملك على أن تحج عاماً وتعتمر عاماً، وتترك الجهاد في سبيل الله، وقد علمت ما رغب الله فيه؟ قال: يا بن أخي، بُني الإسلام على خمسة: إيمان بالله ورسوله، وصلاة الخمس، وصيام شهر رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت، فقال: يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتبه: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله " فما يمنعك أن تقاتل الفئة الباغية
كما أمرك الله عز وجل في كتابه؟ فقال: يا بن أخي لأن أعتبر بهذه الآية فلا أقاتل أحب إلي من أن أعتبر بالآية التي يقول الله عز وجل فيها: " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم " قال: فما قولك في علي وعثمان؟ قال ابن عمر: قولي في علي وعثمان؛ أما عثمان فكان الله عفا عنه وكرهتم أن يعفو الله، وأما علي فابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وختنه، وأشار بيده: هذا بيته حيث ترون! عن نافع قال: دخل ابن عمر الكعبة، فسمعته وهو ساجد يقول: قد تعلم ما يمنعني من مزاحمة قريشٍ على هذه الدنيا إلا خوفك.
وكتب إلى عبد الله بن الزبير: إنك انبريت على رقاب الناس بغير شورى، فدع ما أنت فيه، فإنك لست في شيءٍ.
عن الأوزاعي: أن ابن عمر قال: لقد بايعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما نكثت، ولا بدلت إلى يومي هذا، ولا بايعت صاحب فتنة، ولا أيقظت مؤمناً من مرقده.
قال حبيب بن أبي مرزوق: بلغني أن عبد الله بن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان وهو يومئذٍ خليفة: من عبد الله بن عمر إلى عبد الملك بن مروان، فقال مَنْ حول عبد الملك: بدأ باسمه قبل اسمك! فقال عبد الملك: هذا من أبي عبد الرحمن كثير.
عن عبد الرحمن بن يسار قال: سمعت الحجاج وهو يقول: إن عبد الله بن الزبير قد بدل كلام الله، فقال
ابن عمر: كذبت، ليس تبديل كلام الله بيدك، ولا بيد ابن الزبير، كتاب الله أعز من أن يبدَّل، قال: فقال الناس لابن عمر: اخرج، فأبى أن يخرج حتى صلى معه.
عن محمد بن سيرين قال: كان ابن عمر يأتي العمال، ثم قعد عنهم، فقيل له: لو أتيتهم، فلعلهم يجدون في أنفسهم، فقال: أرهب إن تكلمت أن يروا أن الدين غير الذي بي، وإن سكت رهبت أن آثم.
سئل نافع عن بدء مرض ابن عمر وموته، فقال: أصابته عارضة محمل بمكة بين إصبعين من أصابعه عند الجمرة، فمرض، فدخل عليه الحجاج، فلما رآه ابن عمر غمّض عينيه، فكلمه الحجاج، فلم يكلمه، قال: فغضب الحجاج وقال: إن هذا يقول: إني على الضرب الأول.
وقال سعيد بن عمرو: قدم ابن عمر حاجاً، فدخل عليه الحجاج وقد أصابه زج رمحٍ، فقال: من أصابك؟ فقال: أصابني من أمرتموه بحمل السلاح في مكانٍ لا يحل فيه حمله.
عن نافع قال: ذكرت الوصية لابن عمر في مرضه، فقال ابن عمر: أما مالي فالله أعلم ما كنت أفعل فيه، وأما رباعي وأرضي فإني لا أحب أن يشارك ولدي فيها أحد.
عن سعيد بن جبير قال: لما حضر ابن عمر الموت قال: ما آسى على شيءٍ من الدنيا إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وأني لم أقتل هذه الفئة التي نزلت بنا - يعني الحجاج.
قال ابن عمر عند الموت لسالم: يا بني، إن أنا مت فادفني خارجاً من الحرم؛ فإني أكره أن أدفن فيه بعد أن
خرجت منه مهاجراً، فقال: يا أبه، إن قدرنا على ذلك، فقال: تسمعني أقول لك، وتقول: إن قدرنا؟! قال: أقول: الحجاج يغلبنا يصلي عليك، قال: فسكت ابن عمر.
وكان آخر أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موتاً بمكة عبد الله بن عمر، مات سنة أربع وسبعين، وبلغ من السن سبعاً وثمانين، وقيل: أربعاً وثمانين، ودفن بالمحصب، وبعض الناس يقول: بفخ، وقيل بذي طوى.
وقيل إنه توفي سنة ثلاث وسبعين بعد ابن الزبير بشهرين أو ثلاثة أشهر.
عن رجاء بن حيوة قال: نعي إلينا ابن عمر في مجلس ابن محيريز، فقال ابن محيريز: إن كنت لأعد بقاء عبد الله بن عمر أماناً لأهل الأرض.
ابن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح أبو عبد الرحمن القرشي العدوي من المهاجرين، شهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخندق وما بعده من المشاهد، وشهد غزوة مؤتة مع زيد وجعفر، وشهد يوم اليرموك.
عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين - زاد في رواية: في بيته - وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين في بيته.
عن ابن عمر قال: بينا الناس في مسجد قباء، في صلاة الصبح إذ جاء رجل فقال: أنزل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرآن، فأمر أن يتحول إلى الكعبة، فقال: هكذا يوصف أنهم استداروا إلى القبلة.
عن ابن عمر: أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية، قال: قام فينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مقامي، فسلم، فقال: " استوصوا بأصحابي خيراً، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى إن الرجل يبتدئ بالشهادة قبل أن يُسألها، وباليمين قبل أن يُسألها، فمن أراد بحبحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون أحدكم بامرأةٍ، فإن الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته، وساءته سيئته فهو مؤمن ".
عن ابن عمر قال: أَصَبنا يوم اليرموك طعاماً وعلفاً فلم يقسم.
قال الزبير بن بكار:
فمن ولد عمر بن الخطاب: عبد الله بن عمر، استُصغر يوم أحد، وشهد الخندق مع رسول الله، وهاجر مع أبيه إلى المدينة، وهو ابن عشر سنين، وبقي حتى مات سنة ثلاثٍ وسبعين، وأخته لأبيه وأمه حفصة بنت عمر، زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعبد الرحمن الأكبر؛ وأمهم: زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، كانت من المهاجرات وكان عبد الله بن عمر يتوجه في السرايا على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كان إسلام عبد الله بمكة مع إسلام أبيه، ولم يكن بلغ يومئذٍ، وكان ربعةً يخضب بالصفرة، وتوفي بمكة، ودفن بذي طوى، ويقال: دفن بفخ مقبرة المهاجرين، وكان لابن عمر مَقْدَم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة إحدى عشر سنةً.
قال أبو نعيم الحافظ: خال المؤمنين، من أملك شباب قريش عن الدنيا، كان آدم طالاً، له جمة مفروقة تضرب قريباً من منكبيه، يقص شاربه، ويصفر لحيته ويشمر إزاره، أعطي القوة في العبادة، وفي الجماع، كان من التمسك بآثار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسبيل المبين، وأعطي المعرفة بالآخرة، والإيثار لها، لم تغيره الدنيا، ولم تفتنه كان من البكّائين الخاشعين، وعدّه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصالحين، نقش خاتمه عبد الله لله، أصاب رجله زج رمحٍ، فورمت رجلاه، فتوفي منها بمكة سنة أربع - وقيل: سنة ثلاث - وسبعين، ودفن بالمُحصِّب، وقيل: بذي طوى، وقيل: بفخ، وقيل: بسرف، مات وهو ابن ست وثمانين.
قال الخطيب: خرج إلى العراق، فشهد يوم القادسية، ويوم جلولاء، وما بينهما من وقائع الفرس، وورد المدائن غير مرة.
عن الحارث بن جزء الزبيدي قال: توفي صاحب لي، فكنا على قبره أنا، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكان اسمي العاص، واسم ابن عمر العاص، واسم ابن عمرو العاص، فقال لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انزلوا واقبروه، وأنتم عبيد الله " قال: فنزلنا فقبرنا أخانا، وصعدنا من القبر وقد بدلت أسماؤنا.
قال أبو إسحاق: رأيت ابن عمر رجلاً آدم جسيماً ضخماً في إزارٍ إلى نصف الساقين.
قال ابن عمر: إنما جاءتنا الأُدمة من قبل أخوالي، والخال أنزع شيءٍ، وجاءني البُضْع من
أخوالي؛ فهاتان الخصلتان لم تكونا في أبي، رحمه الله؛ كان أبي أبيض، لا يتزوج النساء شهوةً إلا لطلب الولد - وفي رواية: لشهوة.
وقال: عُرضْتُ على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدرٍ وأنا ابن ثلاث عشرة فردني، ثم عرضت عليه يوم أحدٍ، وأنا ابن أربع عشرة فردني، ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشر فأجازني.
قال يزيد بن هارون: وهو في الخندق ينبغي أن يكون ابن ست عشرة سنةً؛ لأن بين أحدٍ والخندق بدراً الصغرى.
عن البراء قال: عرضت أنا وابن عمر على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدرٍ، فاستصغرنا، وشهدنا أحداً.
قال ابن عمر: شهدت الفتح وأنا ابن عشرين سنةً.
وكان ابن عمر يوم مات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن اثنتين وعشرين سنةً.
عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لابن عمر: أشهدت بيعة الرضوان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم، قلت: فما كان عليه؟ قال: قميص من قطنٍ، وجبة محشوة، ورداء وسيف، ورأيت النعمان بن مقرن المزني قائماً على رأسه، قد رفع أغصان الشجرة عن رأسه، والناس يبايعونه.
عن ابن عمر قال: كان الرجل في حياة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكنت غلاماً عزباً شاباً، وكنت أنام في
المسجد على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فرأيت في المنام كأن ملكين أتياني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، فإذا لها قرنان كقرني - وفي رواية: قرن كقرن - البئر، قال: فرأيت فيها ناساً قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك، فقال: لن تراع، قال: فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " نِعْم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل " قال: فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وفي رواية أخرى قال:
رأيت في المنام كأن في يدي سَرَقَةً من حرير، فما أهوي بها إلى مكانٍ من الجنة إلا طارت بي إليه، فقصصتها على حفصة، فقصَّتها على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إن أخاكِ رجل صالح، أو قال: إن عبد الله رجل صالح ".
وفي رواية أخرى قال: رأيت في المنام كأن بيدي قطعة إستبرق، ولا أشير بها إلى مكانٍ من الجنة إلا طارت بي إليه.
قال ابن عمر: كنت شاهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حائط نخلٍ، فاستأذن أبو بكرٍ، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ائذنوا له، وبشروه بالجنة " ثم استأذن عمر، فقال: " ائذنوا له، وبشروه بالجنة " ثم استأذن عثمان، فقال: " ائذنوا له وبشروه بالجنة على بلوى تصيبه " قال: فدخل يبكي ويضحك.
قال عبد الله: فأنا يا نبي الله، قال: " أنت مع أبيك ".
عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب كتب المهاجرين على خمسة آلاف، والأنصار على أربعة آلاف، ومن لم يشهد بدراً من أبناء المهاجرين على أربعة آلاف؛ وكان منهم: عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسدي المخزومي، وأسامة بن زيد، ومحمد بن عبد الله بن جحش الأسدي، وعبد الله بن عمر، فقال عبد الرحمن بن عوف: إن ابن عمر ليس من هؤلاء؛ إنه وإنه! فقال ابن عمر: إن كان لي حق فأعطنيه، وإلا فلا تعطني، فقال عمر لابن عوف: اكتبه على خمسة آلاف، واكتبني على أربعة آلاف، فقال عبد الله: لا أريد هذا، فقال عمر: والله لا أجتمع أنا وأنت على خمسة آلاف!.
قال عبد الله بن عمر: كساني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلة من حلل السير أهداها له فيروز، فلبست الإزار، فأغرقني طولاً وعرضاً، فسجبته، ولبست الرداء، فتقنعت به، وأخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعاتقي، فقال: " يا عبد الله بن عمر، ارفع الإزار، فإن ما مست الأرض من الإزار إلى ما أسفل من الكعبين في النار "، فلم يُرَ أشد تشميراً من عبد الله بن عمر.
قال حذيفة: ما منا أحد يفتش إلا فُتّش عن جانفةٍ أو مثقلةٍ إلا عمر وابنه.
قال جابر بن عبد الله: من سره أن ينظر إلى أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين مضوا قبله وبعده، ولم يغيروا، ولم يبدلوا فلينظر إلى هذا - يعني عبد الله بن عمر - وفي رواية: ما أحد منا أدرك الدنيا إلا مالت به، ومال بها إلا ابن عمر.
قالت عائشة: ما رأيت أحداً ألزم للأمر الأول من عبد الله بن عمر.
وقالت عائشة لابن عمر: ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً قد استولى على أمرك، وظننت أنك لن تخالفيه - يعني ابن الزبير - قالت: أما إنك لو نهيتني ما خرجت، قال: وكانت تقول: إذا مر ابن عمر فأرونيه، فإذا مر قيل لها: هذا ابن عمر، فلا تزال تنظر إليه.
عن السدي قال: رأيت نفراً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وابن عمر، كانوا يرون أنه ليس أحد منهم على الحال التي فارق عليها محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا عبد الله بن عمر.
قال أبو سلمة: مات ابن عمر، وهو مثل عمر في الفضل.
وقال: إن عمر كان في زمَانٍ له فيه نظراء، وإن ابن عمر كان في زمان ليس له فيه نظير.
وقال سعيد بن المسيب: لو شهدت لأحدٍ أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر.
وسئل عن العلم يكون في العمامة، فقال: كان عبد الله بن عمر يكرهه، وسئل عن الحرير، فقال: كان ابن عمر يوم مات خير من بقي، وكان يقول: إنه ثياب من لا خلاق له، وقال: مات ابن عمر يوم مات وما في الأرض أحد أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منه، وسئل عن صوم يوم عرفة فقال: كان ابن عمر لا يصومه، قلت له: فغيره؟ قال: حسبك به شيخاً.
عن سالم قال: كان عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر لا يُعرف فيهما البِرُّ حتى يقولا أو يفعلا - يعني أنهما لم يكونا مؤنثين ولا متماوتين.
قال طاوس: ما رأيت رجلاً أورغ من ابن عمر.
قال بعض الخلفاء لمالك - يظن أنه هارون -: يا أبا عبد الله، ما لكم أقبلتم على عبد الله بن عمر، وتركتم ابن عباس؟ قال: لا على أمير المؤمنين ألا يسأل عن هذا، قال: فإن أمير المؤمنين يريد أن يعلم ذلك، قال: كان أورع الرجلين.
كان يقال: ما رجل أضل بعيره بأرض فلاةٍ؛ فهو في طلبه بأتبع له من عبد الله بن عمر لعمر.
عن القاسم بن محمد قال: كان ابن عمر قد أتعب أصحابه، فكيف من بعدهم؟! عن ابن عمر قال:
ما وضعت لبنةً على لبنةٍ ولا غرست نخلةً منذ توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عن أبي جعفر قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً أجدر ألا يزيد فيه، ولا ينقص منه، ولا، ولا، من عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وعن نافع: أن ابن عمر كان يتبع آثار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مكان صلى فيه، حتى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل تحت شجرةٍ، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس؛ قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو تركنا هذا الباب للنساء " فلم يدخل فيه ابن عمر حتى مات.
قال الزبير بن بكار: كان عبد الله بن عمر يتحفظ ما سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويسأل إذا لم يحضر من حضر عما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو فعل، وكان يتبع آثار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مسجد صلى فيه، وكان يعترض براحلته في كل طريق مر بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيقال له في
ذلك، فيقول: إني أتحرى أن تقع أخفاف راحلتي على بعض أخفاف راحلة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان قد شهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجة الوداع، فوقف معه بالموقف بعرفة، فكان يقف في ذلك الموقف كلما حج، وكان كثير الحج، حج عام قتل ابن الزبير مع الحجاج، وكان عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج بن يوسف يأمره ألا يخالف ابن عمر في الحج، فأتى ابن عمر حين زالت الشمس يوم عرفة، ومعه ابنه سالم، فصاح به عند سرادقه: الرواح، فخرج عليه الحجاج في معصفرةٍ، فقال: هذه الساعة؟ قال: نعم، قال: فأمهلني أصب علي ماءً، فدخل ثم خرج، قال سالم: فسار بيني وبين أبي، فقلت له: إن كنت تحب أن تصيب السنة فعجل الصلاة، وأوجز الخطبة، فنظر إلى عبد الله ليسمع ذلك منه، فقال عبد الله: صدق، ثم انطلق حتى وقف في موقفه الذي كان يقف فيه، فكان ذلك الموقف بين يدي الحجاج، فأمر من نخس به حتى نفرت به ناقته فسكنها ابن عمر حتى سكنت، ثم ردها إلى ذلك الموقف، فوقف فيه، فأمر الحجاج أيضاً بناقته، فنخست، فنفرت بابن عمر، فسكّنها ابن عمر حتى سكنت، ثم ردها إلى ذلك الموقف، فثقل على الحجاج أمره، فأمر رجلاً معه حربة، يقال إنها كانت مسمومة، فلما دفع الناس من عرفة لصق به ذلك الرجل، فأَمَرَّ الحربة على قدمه، وهي في غرز رحله، فمرض منها أياماً، ثم مات بمكة، فدفن بها وصلى عليه الحجاج.
عن الشعبي قال: صحبت ابن عمر سنة، ما رأيته يحدث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا حديثاً واحداً.
وفي رواية: جالست ابن عمر قريباً من سنتين، فما سمعته يحدث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيءٍ، غير أنه قال يوماً: كان ناس من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكلون ضباً فيهم سعد بن مالك، فنادتهم امرأة من أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنه ضب، فأمسكوا، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كلوا فإنه حلال، ولا بأس به، ولكنه ليس من طعام قومي ".
وعن زيد بن عبد الله بن عمر: ما ذكر ابن عمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بكى، وما مر على ربعهم إلا غمض عينيه.
عن يوسف بن ماهك قال: رأيت ابن عمر وهو عند عبيد بن عمير، وعمير يقص، فرأيت ابن عمر عيناه تُهراقان دمعاً.
وعن عبيد بن عمير: أنه قرأ: " فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيدٍ " حتى ختم الآية، فجعل ابن عمر يبكي حتى لثقت لحيته وجيبه من دموعه، قال الذي كان إلى جنب ابن عمر: لقد أردت أن أقوم إلى عبيد بن عمير، فأقول له: أقصر عليك، فإنك قد آذيت هذا الشيخ!.
عن نافعٍ قال: وكان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " بكى حتى يغلبه البكاء.
عن القاسم بن أبي بزة، حدثني من سمع ابن عمر قرأ: " ويل للمطففين " فلما بلغ " يوم يقوم الناس لرب العالمين " بكى حتى خر، وامتنع من قراءة ما بعده.
عن ابن أبي مليكة قال: مر رجل على عبد الله بن عمر وهو ساجد في الحجر، وهو يبكي، فقال: أتعجب أن أبكي من خشية الله وهذا القمر يبكي من خشية الله! ونظر إلى القمر حين شفَّ أن يغيب.
قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: لا يطيقونه، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما.
وعن نافع:
أن ابن عمر كان يحيي الليل، ثم يقول: يا نافع أسحرنا؟ فأقول: لا، فيعاود الصلاة، فإذا قلت: نعم قعد يستغفر الله، ويدعو حتى يصبح.
وكان ابن عمر إذا فاتته صلاةً في جماعة صلى إلى الصلاة الأخرى، فإذا فاتته العصر سبَّح إلى المغرب، ولقد فاتته صلاة عشاء الآخرة في جماعة فصلى حتى طلع الفجر.
قال: كان ابن عمر لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر؛ إلا أن يمرض، أو أيام يَقْدَم؛ فإنه كان رجلاً كريماً يحب أن يؤكل عنده، قال: وكان يقول: ولأن أفطر في السفر، وآخذ برخصة الله أحب إلي من أن أصوم.
وعن سالم قال: ما لعن ابن عمر خادماً قط إلا مرة فأعتقه.
وعن نافع: أن عبد الله بن عمر كانت له جارية، فلما اشتد عجبه بها أعتقها وزوجها مولى له، فولدت غلاماً؛ فلقد رأيت عبد الله بن عمر يأخذ ذلك الصبي، فيقبِّله، ثم يقول: واهاً لريح فلانة - يعني الجارية التي أعتق.
قال زيد بن أسلم: مر عبد الله بن عمر براعٍ، فقال: يا راعي الغنم، هل من جزرةٍ؟ قال الراعي: ليس ها هنا ربها، فقال له ابن عمر: تقول إنه أكلها الذئب، قال: فرفع الراعي رأسه إلى السماء، ثم قال: فأين الله؟ قال ابن عمر: فأنا والله أحق أن أقول: فأين الله! فاشترى ابن عمر الراعي، واشترى الغنم، فأعتقه، وأعطاه الغنم.
عن نافع قال: خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة، ومعه أصحاب له، فوضعوا له سفرة له، فمر بهم راعي غنمٍ، قال: فسلم، فقال له ابن عمر: هلم يا راعي، هلم فأصب من هذه السُّفرة، فقال له: إني صائم، فقال له ابن عمر: أتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سمومه، وأنت في هذه الحال ترعى هذه الغنم؟ فقال له: إني والله أبادر أيامي هذه الخالية، فقال له ابن عمر وهو يريد يختبر ورعه: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها، فتفطر عليه - وساق الخبر.
وقال: كان ابن عمر إذا اشتد عجبه بشيءٍ من ماله قربه لربه عز وجل وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما شمر أحدهم، ولزم المسجد، إذا رآه ابن عمر على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن، والله ما بهم إلا أن يخدعوك! فيقول ابن عمر: فمن خدعنا بالله انخدعنا له.
قال ميمون بن مهران: مر أصحاب نجدة الحروري على إبلٍ لعبد الله بن عمر، فاستاقوها، فجاء راعيها، فقال: يا أبا عبد الرحمن، احتسب الإبل، قال: ما لها؟ قال: مر بها أصحاب نجدة، فذهبوا بها، قال: كيف ذهبوا بالإبل وتركوك؟ قال: قد كانوا ذهبوا بي معها، لكني انفلت منهم، فما حملك على أن تركتهم وجئتني؟ قال: أنت أحب إلي منهم، قال: الله الذي لا إله إلا هو لأنا أحب إليك منهم؟ قال: فحلف له، قال: فإني أحتسبك معها؛ فأعتقه، فمكث ما مكث، ثم أتاه آتٍ، فقال: هل لك في ناقتك الفلانية؟ - سماها باسمها - ها هي بالسوق تباع، قال: أرني ردائي، فلما وضعه على منكبه وقام جلس، فوضع رداءه، ثم قال: كنت احتسبتها، فلِمَ أطلبها؟ وكاتب غلاماً له، ونجّمها عليه نجوماً، فلما حل أول النجم أتاه المكاتب به، فسأله ابن عمر: من أين أصبت هذا؟ قال: كنت أعمل وأسأل، قال: فجئتني بأوساخ الناس تريد أن تطعمنيها؟! أنت حر، ولك ما جئت به.
عن زاذان قال: كنت عند ابن عمر، فدعا غلاماً له، فأعتقه، ثم قال: ما لي فيه من أجرٍ ما يسوى هذا، أو يزن هذا - وتناول شيئاً من الأرض - سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من ضرب عبداً له حداً لم يأته، أو ظلمه - أو لطمه، شك الراوي - فإن كفارته أن يعتقه ".
عن محمد العمري قال: أعطى عبد الله بن جعفر عبد الله بن عمر بنافعٍ عشرة آلاف درهم إلى ألف دينار، فدخل عبد الله على صفية امرأته، فقال: إنه أعطاني ابن جعفر بنافع عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار، فقالت: يا أبا عبد الرحمن، فما تنتظرنّ؟! تبيع! قال: فهلا ما هو خير من ذلك؛ هو حر لوجه الله تعالى، قال: فكان يخيل إلي أن ابن عمر كان ينوي قول الله عز وجل " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ".
وروى سالم أنه لم يسمع عبد الله يلعن خادماً له قط، غير مرة واحدة غضب فيها على بعض خدمه، فقال له: لعنة الله عليك، كلمة لم أكن أحب أن أقولها.
عن نافع قال:
أُتي ابن عمر ببضعةٍ وعشرين ألفاً، فما قام من مجلسه حتى أعطاها، وزاد عليها، ولم يزل يعطي حتى أنفد ما كان عنده، فجاءه بعض من كان يعطيه، فاستقرض من بعض من كان أعطاه، فأعطاه.
وقال: عن ابن عمر أنه ربما تصدق في الشهر بثلاثين ألف درهم، وما يأكل فيه أكلة لحم، واشترى سمكة طرية بدرهم ونصف، فأتاه سائل، فتصدق بها عليها، وقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أيما امرئٍ اشتهى شهوةً، فرد شهوته، وآثر على نفسه غفر الله له ".
واشتكى ابن عمر فاشتهى العنب في غير زمانه، فطلبوه، فلم يجدوه له إلا عند رجلٍ سبع حباتٍ بدرهم، فأُشتري له، فجاء سائل، فأمر له به، ولم يذقه.
عن أبي بكر بن حفص قال: كان ابن عمر لا يحبس عن طعامه بين مكة والمدينة مجذوماً، ولا أبرص، ولا مبتلى حتى يقعدوا معه على مائدته؛ فبينما هو يوماً قاعداً على مائدته أقبل موليان من موالي أهل المدينة، فسلما، فرحبوا بهما، وحيوهما، وأوسعوا لهما، فضحك عبد الله بن عمر، فأنكر الموليان ضحكه، فقالا: يا أبا عبد الرحمن، ضحكت، أضحك الله سنك، فما الذي أضحكك؟ قال: عجباً من بنيّ هؤلاء، يجيء هؤلاء الذين تدمى أفواههم من الجوع، فيضيقون عليهم، حتى لو أن أحدهم يأخذ مكان اثنين فعل، جئتما أنتما قد أوقرتما الزاد، فأوسعوا لكما، وحيوكما؛ يطعمون طعامهم من لا يريده، ويمنعونه من يريده.
دخل سائل إلى ابن عمر، فقال لابنه: أعطه ديناراً، فأعطاه فلما انصرف قال ابنه: تقبل الله منك يا أبتاه، فقال: لو علمت أن الله تقبل مني سجدة واحدة، أو صدقة درهم لم يكن غائب أحب إلي من الموت، تدري ممن يتقبل الله؟ إنما يتقبل الله من المتقين.
عن ميمون بن مهران: أن امرأة ابن عمر عوتبت فيه، فقيل لها: ما تلطفين بهذا الشيخ، قالت: وما أصنع به؟ لا نصنع له طعاماً إلا ما دعا عليه من يأكله، فأرسلت إلى قومٍ من المساكين كانوا يجلسون بطريقه إذا خرج من المسجد، فأطعمتهم وقالت: لا تجلسوا بطريقه، ثم جاء إلى بيته فقال: أرسلوا إلى فلان وإلى فلان، وكانت امرأته قد أرسلت إليهم بطعام، وقالت: إن دعاكم فلا تأتوه، فقال: أردتم ألا أتعشى الليلة، فلم يتعش تلك الليلة.
عن نافع: أن ابن عمر أُتي بجوارشٍ، فكرهه، وقال: ما شبعت من كذا وكذا.
عن ميمون بن مهران: دخلت منزل عبد الله بن عمر، فما كان فيه ما يسوى طيلساني هذا.
وسئل عبد الله بن دينار: كيف كان طعام ابن عمر؟ قال: كان يطعمنا ثريداً، فإن لم نشبع زادنا آخر، فقيل: كيف كان لباس ابن عمر؟ قال: كان يلبس ثوبين ثمن عشرين درهماً، وكان يلبس ثوبين قطريين ثمن عشرة دراهم.
عن ميمون بن مهران: أن رجلاً من بني عيد الله بن عمر استكساه إزاراً، وقال: تخرق إزاري، فقال له: اقطع إزارك، ثم انكسه، فكره الفتى ذلك، فقال له عبد الله بن عمر: ويحك! اتق الله، ولا تكونن من القوم الذين يجعلون ما رزقهم الله في بطونهم، وعلى ظهورهم.
كتب عبد العزيز بن مروان إلى ابن عمر قال: ارفع إلي حاجتك، قال: فكتب إليه ابن عمر: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: " إن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول " ولست أسألك شيئاً، ولا أرد رزقاً رزقنيه الله منك.
عن نافع قال: نزل ابن عمر بقومٍ، فلما مضت ثلاثة أيامٍ قال: يا نافع، أنفق علينا من مالنا، لا حاجة لنا أن يُتصدَّق علينا.
وقال: عن ابن عمر أنه كان ليلةً على الصفا، فقال: اللهم اعصمني بدينك وطاعتك وطاعة رسولك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستعملني بسنة نبيك، وتوفني على ملته، وأعذني من شر مضلات الفتن.
وقال: لا يصيب عبد من الدنيا شيئاً إلا انتقص من درجاته عند الله، وإن كان على الله كريماً.
وعن وهب: أن ابن عمر حماراً، فقيل له: لو أمسكته، قال: لقد كان لنا موافقاً ولكنه أذهب شُعبةً من قلبي، فكرهت أن أشغل قلبي بشيء.
عن نافع قال: سمع ابن عمر شيئاً، فضحك، وهو عند قبر ابنه يوم مات، وكان أحب الناس إليه، فقال: إنما نفرح بهم، ونحزن عليهم ما داموا معنا، فإذا انقرضوا، وصاروا إلى الله انقطعوا منا.
ومرض ابن له، فجزع جزعاً شديداً، فلما مات خرج على أصحابه مكتحلاً، مدهناً، فقالوا: لقد أشفقنا عليك يا أبا عبد الرحمن! فقال: إذا وقع القضاء فليس إلا التسليم.
قال خالد بن أسلم مولى عمر:
آذى رجل من قريش عبد الله بن عمر، فأبى عبد الله أن يقول له شيئاً، فجئت، فقلت: أبا عبد الرحمن، بلغني أن فلاناً آذاك، فإما أن تنصر وإما أن ننتصر لك منه، فقال عبد الله: إني وأخي عاصماً لا نُسابُّ الناس.
عن نافع أو غيره: أن رجلاً قال لابن عمر: يا خير الناس، أو ابن خير الناس، فقال ابن عمر: ما أنا بخير الناس، ولا ابن خير الناس، ولكني عبد من عباد الله، أرجو الله وأخافه، والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه.
قال وبرة: أتى رجل ابن عمر، فقال: أيصلح أن أطوف بالبيت وأنا محرم؟ قال: ما يمنعك
من ذلك؟ قال: إن فلاناً ينهانا عن ذلك، حتى ترجع الناس من الموقف، ورأيته كأنه مالت به الدنيا أعجب إلينا منه، قال ابن عمر: حج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، وسنة الله ورسوله أحق أن تتبع من سنة ابن فلان، إن كنت صادقاً.
قيل لابن عمر: لا يزال الناس بخيرٍ ما أبقاك الله لهم، فغضب ابن عمر وقال: إني لأحسبك عراقياً، وما يدريك علام يغلق عليه ابن أمك بابه - وفي رواية: وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه؟! عن حصين قال: قال ابن عمر: إني لأخرج، وما لي أن أسلم على الناس، ويسلموا عليَّ.
عن أبي بردة عن أبيه قال: صليت إلى جانب ابن عمر، فسمعته حين سجد يقول: اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلي، وخوفك أخوف الأشياء عندي، وسمعته حين سجد يقول: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين " وقال: ما صليت صلاة مذ أسلمت إلا وأنا أرجو أن تكون كفارةً.
وقال لأبي بردة: علمت أن أبي لقي أباك فقال له: يا أبا موسى، أيسرك أن عملك الذي كان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلص لك، لا عليك، ولا لك؟ قال: لا؛ قرأت القرآن، وعلَّمت الناس، قال: قال عمر: ليت أن علمي خلص لي كفافاً لا عليَّ، ولا لي.
قال أبو بردة: إن أباك أفقه من أبي.
عن عبد الجبار بن موسى، عن أبيه: أن رجلاً أتى ابن عمر يسأله، فألقى إليه عمامته، فقال له بعض القوم: لو أعطيته درهماً لأجزأه، فقال ابن عمر: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن من أبر البِر أن يصل الرجل أهل ود أبيه " وإن هذا كان من أهل ود عمر.
قال نافع: دخلت مع ابن عمر الكعبة وهو يومئذ مُضَيَّق، فسمعته وهو ساجد يتضرع إلى ربه، يقول: يا رب، وقد تعلُم، لولا خوفك لزاحمنا قريشاً على هذه الدنيا.
قال عبد الله بن عمر: ساعة للدنيا، وساعة للآخرة، وبين ذلك؛ اللهم اغفر لنا.
ومكث عبد الله بن عمر على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها.
وقال: لقد عشنا برهة من دهرنا وأحدنا يرى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنتعلم حلالها وحرامها، وآمرها وزاجرها، وما ينبغي أن نقف عنده منها كما تعلَّمون أنتم اليوم القرآن، ثم لقد رأيت اليوم رجلاً لا يرى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، وما يدري ما آمره، ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه، فينثر نثر الدقل.
قال عمر: ما منكم أحد إلا وأنا أحب أن أقول عليه: إنا لله وإنا إليه راجعون خلا عبد الله؛ فإني أحب أن يبقى ليأخذ به الناس.
وكانوا يرون أن أعلم الناس بالمناسك ابن عفان، وبعده ابن عمر.
قال مجاهد: ترك الناس أن يقتدوا بابن عمر وهو شاب، فلما كبُر اقتدوا به.
قال سعيد بن عبد العزيز: كان العلماء بعد معاذ بن جبل: عبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وسلمان، وعبد الله بن سلام، ثم كان العلماء بعد هؤلاء: زيد، ثم كان بعد زيد بن ثابت: ابن عمر، وابن عباس، وكان بعد هذين سعيد بن المسيب.
قال مسعود بن سليمان: أتينا معاوية بالأبطح مجلساً، فجلس عليه، ومعه ابنه قرظة، فإذا هو بجماعة على رحالٍ لهم، وإذا شاب قد رفع عقيرته يغني: من الرمل
من يساجلني يساجل ماجداً ... أخضر الجلدة في بيت العربْ
فقال: من هذا؟ قالوا: عبد الله بن جعفر، قال: خلوا له الطريق فليذهب، قال: ثم إذا هو بجماعةٍ فيهم غلام يغني: من الرمل
بينما يذكرنني أبصرنني ... عند قيد الميل يسعى بي الأغرّ
قلن: تعرفن الفتى؟ قلن: نعم ... قد عرفناه، وهل يخفى القمرْ؟
قال: من هذا؟ قالوا: عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، قال: خلوا له الطريق، فليذهب، ثم إذا هو بجماعةٍ، فإذا رجل منهم يُسأل، فقال له: رميت قبل أن أحلق، وحلقت قبل أن أرمي؛ لأشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج: فقال: من هذا؟
فقالوا: عبد الله بن عمر، فالتفت إلى ابنة قرظة، فقال: هذا وأبيك الشرف، هذا والله شرف الدنيا والآخرة.
قال مالك بن أنس: لا يعدلن برأي ابن عمر، فإنه أقام بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستين سنةً، فلم يذهب عنه من أمره، ولا من أمور أصحابه شيء.
قال ابن سيرين: قال رجل: اللهم أبقني ما أبقيت ابن عمر أقتدي به، وقال رجل: لقد رأيت هذه الفتنة وما فينا أحد إلا فيه غير عبد الله بن عمر.
عن نافع قال: كان عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس يجلسان للناس عند قدوم الحاج، فكنت أجلس إلى هذا يوماً وإلى هذا يوماً، وكان ابن عباس يجيب ويفتي في كل ما قال عنه، وكان ابن عمر ما يرد أكثر مما يفتي.
وسأل رجل ابن عمر عن مسألة فطأطأ ابن عمر رأسه، ولم يجبه حتى ظن الناس أنه لم يسمع مسألته: قال: فقال له: يرحمك الله، أما سمعت مسألتي؟ قال: بلى، ولكنكم كأنكم ترون أن الله ليس بسائلنا عما تسألونا عنه، اتركنا، يرحمك الله، حتى نتفهم في مسألتك، فإن كان لها جواب عندنا، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به.
عن عقبة بن مسلم: أن ابن عمر سئل عن شيءٍ فقال: لا أدري، ثم أتبعها فقال: أتريدون أن تجعلوا ظهورنا لكم جسوراً في جهنم أن تقولوا: أفتانا ابن عمر؟ وعن نافع عن ابن عمر: انه سئل عن أمرٍ فقال: لا أعلمه، ثم قال: نِعْمَ ما قال ابن عمر، سئل عن أمرٍ لا يعلمه، فقال: لا أعلمه.
عن الشعبي قال: كان ابن عمر جيد الحديث ولم يكن جيد الفقه.
عن الليث قال: كتب رجل إلى ابن عمر: اكتب إليّ بالعلم كله، فكتب إليه ابن عمر: إن العلم كثير، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس، خميص البطن من أموالهم، كافاً لسانك عن أعراضهم، لازماً لأمر جماعتهم فافعلِ، والسلام.
عن أبي عبد الرحمن القرشي قال: بعثت أم ولدٍ لعبد الملك بن مروان إلى وكيلٍ لها بالمدينة تستهديه غلاماً وقالت له: يكون على هذه الصفة: عالماً بالسنة، قارئاً لكتاب الله، فصيح اللسان، حسن البيان، عفيف الفرج، كثير الحياء، قليل المراء، قال: فكتب إليها: قد طلبت الغلام الذي استهديتني على ما وصفت، فلم أجد غلاماً بهذه الصفة إلا عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد ساومت به أهله فأبوا أن يبعوه!! عن نافع قال: كنا مع ابن عمر - في سفر -، فقيل: إن السبع في الطريق قد حبس الناس، فاستخف ابن عمر راحلته، فلما بلغ إليه نزل، فعرك أذنه وقعّده، وقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لو أن ابن آدم لم يخف إلا الله لم يسلط عليه غيره، ولو أن ابن آدم لم يرج إلا الله لم يكله إلى سواه ".
عن الشعبي قال:
لقد رأيت عجباً؛ كنا بفناء الكعبة أنا وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، ومصعب بن الزبير، وعبد الملك بن مروان، فقال القوم بعد أن فرغوا من حديثهم: ليقم
كل رجلٍ منكم، فليأخذ بالركن اليماني، ويسأل الله حاجته؛ فإنه يعطى من ساعته. قم يا عبد الله بن الزبير فإنك أول مولودٍ ولد في الهجرة، فقام، فأخذ بالركن اليماني، ثم قال: اللهم إنك عظيم، ترجى لكل عظيم، أسألك بحرمة وجهك، وحرمة عرشك، وحرمة نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا تميتني من الدنيا حتى توليني الحجاز، ويسلم عليّ بالخلافة، وجاء حتى جلس، فقالوا: قم يا مصعب بن الزبير، فقام حتى أخذ بالركن اليماني، فقال: اللهم إنك رب كل شيءٍ، وإليك يصير كل شيء، أسألك بقدرتك على كل شيء ألا تميتني من الدنيا حتى توليني العراق، وتزوجني سكينة بنت الحسين، وجاء حتى جلس، فقالوا: قم يا عبد الملك بن مروان، فقام، فأخذ بالركن اليماني، فقال: اللهم رب السموات السبع، ورب الأرضين ذات النبت بعد الفقر، أسألك بما سألك عبادك المطيعون لأمرك، وأسألك بحرمة وجهك، وأسألك بحقك على جميع خلقك، وبحق الطائفين حول عرشك ألا تميتني من الدنيا حتى توليني شرق الأرض وغربها، ولا ينازعني أحد إلا أتيت برأسه، ثم جاء حتى جلس، فقالوا: قم يا عبد الله بن عمر، فقام حتى أخذ بالركن اليماني، ثم قال: اللهم إنك رحمن رحيم، أسألك برحمتك التي سبقت غضبك، وأسألك بقدرتك على جميع خلقك ألا تميتني من الدنيا حتى توجب لي الجنة.
قال الشعبي: فما ذهبت عيناي حتى رأيت كل رجلٍ منهم قد أعطي ما سأل.
قال مصعب بن عثمان بن مصعب بن عروة بن الزبير: خطب عروة بن الزبير إلى عبد الله بن عمر ابنته سودة بنت عبد الله، وهو بمكة، فلم يرد عليه شيئاً، فلما قدم المدينة أتاه عروة وهو في المسجد، فسلم عليه، فقال له عبد الله بن عمر: أرأيت ما ذكرت لي بمكة، أهو من شأنك اليوم؟ قال له عروة: نعم، ولقد عجبت من سكاتك عني بمكة! فقال: إني خرجت حاجاً، فكرهت أن أخلط حجي بشيءٍ، فتشهد عبد الله بن عمر، ثم زوجه.
عن عبد الله بن واقد قال: رأيت ابن عمر يفت المسك في الدهن يدَّهِن به.
قال زيد بن عبد الله الشيباني: رأيت ابن عمر إذا مشى إلى الصلاة دب دبيباً، لو أن نملة مشت معه قلت: لا يسبقها.
عن مجاهد قال: مررت مع عبد الله بن عمر بخربةٍ، فقال: يا مجاهد، ناد، يا خربة أين أهلك، أو قال: ما فعل أهلك؟ قال: فناديت، فقال ابن عمر: ذهبوا، وبقيت أعمالهم.
قال إبراهيم بن أدهم: مر عبد الله بن عمر على قومٍ مجتمعين، وعليه بردة حسناء، فقال رجل من القوم: إن أنا سلبته بردته فما لي عندكم؟ فجعلوا له شيئاً، فأتاه فقال: يا أبا عبد الرحمن، بردتك هذه هي لي. قال: فقال: فإني اشتريتها بالأمس! قال: قد أعلمتك وأنت في حرج من لبسها، قال: فهتكتها ليدفعها إليه، قال: فضحك القوم، فقال: ما لكم؟ فقالوا له: هذا رجل بطال، قال: فالتفت إليه فقال: يا أخي أما علمت أن الموت أمامك لا تدري متى يأتيك صباحاً أو مساءً، ليلاً أو نهاراً؟! ثم القبر، وهول المطلع، ومنكر ونكير، وبعد ذلك القيامة، يوم يخسر فيه المبطلون!؟ فأبكاهم ومضى.
قال أبو عبد الله بن الأعرابي: أراد رجل أن يعتزل الناس، فقال له عبد الله بن عمر: إنه لا بد لك من الناس، ولا بد للناس منك، ولكن كن كأصم يسمع، وأعمى يبصر، وسكوت ينطق.
عن ابن سيرين: أن ابن عمر كان إذا خرج في سفرٍ أخرج معه سفيهاً، فإن جاءه سفيه رده عنه.
عن قتادة قال: كان ابن عمر يقول: إن الحليم ليس من ظلم ثم حلم حتى إذا هيجه قوم اهتاج، ولكن الحليم من قدر ثم عفا، وإن الوصول ليس من وصل - يعني من وصله - فتلك مجازاة، ولكن الوصول من قطع ثم وصل، وعطف على من لم يصله.
عن حميد الطويل قال: قال ابن عمر: البِر شيء هين، وجه طليق وكلام لين.
قال ابن عمر: ما حمل الرجال حملاً أثقل من المروءة، فقال له أصحابه: أصلحك الله، صف لنا المروءة، فقال: ما لذلك عندي حد أعرفه، فألح عليه رجل منهم، فقال: ما أدري ما أقول: إلا أني ما استحييت من شيءٍ علانيةً إلا استحييت منه سراً.
عن مالكٍ قال:
اشترى ابن عمر جاريةً رومية، فأحبها حباً شديداً، فوقعت يوماً عن بغلةٍ كانت عليها، فجعل ابن عمر يمسح التراب عنها، ويفديها، فكانت تقول له: - أي رجل صالح - ثم هربت منه، فقال ابن عمر: من البسيط
قد كنت أحسبني قالون، فانطلقت ... فاليوم أعلم أني غير قالون
قال المغيرة بن شعبة لعمر: ألا أدلك على القوي الأمين؟ قال: بلى، قال: عبد الله بن عمر، قال: ما أردت بقولك هذا؟ ولأن يموت فأكفِّنه بيدي أحب إلي من أوليه وأنا أعلم أن في الناس من هو خير منه.
عن عبد الله بن موهب: أن عثمان قال لابن عمر: اذهب قاضياً، قال: أوتعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال: عزمت عليك إلا ذهبت، فقضيت، قال: لا تعجل، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من عاذ بالله فقد عاذ بمَعَاذٍ " قال: نعم، قال: إني أعوذ بالله أن أكون قاضياً، قال: ما يمنعك، وقد كان أبوك يقضي؟ قال: لأني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من كان قاضياً فقضى بجهلٍ كان من أهل النار، ومن كان قاضياً عالماً فقضى بحقٍ أو بعدلٍ سأل الله أن ينقلب كفافاً " فما أرجو منه بعد؟!
قال مصعب بن عبد الله: جاءت جماعة من بني عدي إلى عبد الله بن عمر، وهو عند عثمان في الدار يوم قتل عثمان، قبل قتله فاحتملوا عبد الله بن عمر من الدار، فخرجوا به.
قال نافع: لما قتل عثمان جاء علي ابن عمر، فقال: إنك محبوب إلى الناس؛ فسر إلى الشام، فقال ابن عمر: بقرابتي وصحبتي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والقرابة التي بيننا، فلم يعاوده.
قال مصعب بن عبد الله: لما قتل عثمان، وبويع علي أُتي بعبد الله بن عمر، فقيل: بايع، فأبى، فشد به أصحاب علي، فقال عبد الله بن عمر لعلي: ما تصنع بهذا، لا والله؟ لا أبسط يدي ببيعة في فرقةٍ، ولا أقبضها في جماعة أبداً، فقال علي: خلوه، وأنا كفيله، وخرج بعد قتل عثمان إلى مكة ليلاً، فلما أصبح علي فقده، وظنه خرج إلى الشام، فنهض إلى سوق الظهر، وقال: عليَّ بالإبل، فأمر بجمعها ليرسل في طلبه، فأرسلت إليه ابنته أم كلثوم: لا تعن بطلبه، فلم يخرج إلى الشام وإنما خرج إلى مكة، وأنا عذيرتك منه، فوقف عن طلبه.
قال ابن عمر: دخلت علي حفصة ونوساتها تنطف، فقلت: قد كان من الناس ما ترين، ولم يجعل لي من الأمر شيء، قالت: فالحق بهم، فإنهم ينتظرونك، وإني أخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الحكمان خطب معاوية، فقال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع إلي قرنه، فلنحن أحق بذلك منه ومن أبيه - يعرض بابن عمر - فحلَلْتُ حبوتي، فهممت أن أقول: أحق بذلك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق الجمع، ويسفك فيها الدم، وأحمل فيها على غير رأيي؛ فذكرت ما أعد الله في الجنان.
قال معاوية لعبد الله بن جعفر: بلغني أن ابن عمر يريد هذا الأمر، وفيه ثلاث خصالٍ لا يصلحن في خليفة: هو
رجل غيور، وهو رجل عييٍّ وهو رجل بخيل، قال: فذهب ابن جعفر فأخبر ابن عمر، فقال ابن عمر: أما قوله: إني رجل غيور، فإني كنت أغلق بابي على أهلي، فما حاجة الناس إلى ما وراء ذلك؟ وأما قوله: إني لرجل عييٍّ فإني كنت أعلم الناس بكتاب الله، ولا كلام أبلغ منه، وأما قوله: إني رجل بخيل؛ فإني كنت أقسم على الناس فيئهم بكتاب الله، فإذا فعلت ذلك فما حاجة الناس إلى ما أورثني ابن الخطاب؟ فأخبر ابن جعفر معاوية بها، فقال معاوية: عزمت عليك ألا يسمع هذا منك أحد.
وقد روي نحو هذه المقالة عن الحجاج.
عن قطن قال: أتى رجل ابن عمر، فقال: ما أحد شر لأمة محمد منك، فقال: لمَ؟ فوالله ما سفكت دماءهم، ولا فرقت جماعتهم، ولا شققت عصاهم! قال: إنك لو شئت ما اختلف فيك اثنان، قال: ما أحب أنها أتتني ورجل يقول: لا، وآخر يقول: بلى.
وعن ميمون قال:
دس معاوية عمرو بن العاص، وهو يريد ما في نفس ابن عمر: يريد القتال أم لا، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما يمنعك أن تخرج فنبايعك، وأنت صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابن أمير المؤمنين، وأنت أحق الناس بهذا الأمر؟ قال: وقد اجتمع الناس كلهم على ما تقول؟ قال: نعم إلا نفر يسير، قال: لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهَجَرَ لم يكن لي فيها حاجة، قال: فعلم أنه لا يريد القتال، قال: فهل لك أن تبايع لمن قد كاد الناس أن يجتمعوا عليه، ويكتب لك من الأرضين، ومن الأموال ما لا تحتاج أنت ولا ولدك إلى ما بعده؟ فقال: أفٍّ لك اخرج من عندي ثم لا تدخل عليّ، ويحكّ! إن ديني ليس بديناركم ولا درهمكم، وإني لأرجو أن أخرج من الدنيا ويدي بيضاء نقية.
وعن نافع عن ابن عمر: أنه أتاه رجل، فقال: يا أبا عبد الرحمن، أنت ابن عمر، وصاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكر مناقبه - فما يمنعك من هذا الأمر؟ قال: يمنعني أن الله حرم دم المسلمين، قال: فإن الله تعالى يقول: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله "؟ قال: قد فعلنا، قد قاتلناهم حتى كان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوهم حتى يكون الدين لغير الله.
عن أبي العالية: أن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن صفوان كانا ذات يوم قاعدين في الحِجر، فمر بهما ابن عمر، وهو يطوف بالبيت، فقال أحدهما لصاحبه: أتراه بقي أحد خير من هذا؟ ثم قالا لرجل: ادعه لنا إذا قضى طوافه، فلما قضى طوافه، وصلى ركعتين أتاه رسولهما، فقال: هذا عبد الله ابن الزبير وعبد الله بن صفوان يدعوانك إليهما؛ فقال عبد الله بن صفوان: أبا عبد الرحمن ما يمنعك أن تبايع أمير المؤمنين؟ - يعني ابن الزبير - فقد بايع له أهل العروض، وأهل العراق، وعامة أهل الشام، فقال: والله لا أبايعكم وأنتم واضعون سيوفكم على عواتقكم، تصيب أيديكم من دماء المسلمين! عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رجلاً أتاه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما الذي يحملك على أن تحج عاماً وتعتمر عاماً، وتترك الجهاد في سبيل الله، وقد علمت ما رغب الله فيه؟ قال: يا بن أخي، بُني الإسلام على خمسة: إيمان بالله ورسوله، وصلاة الخمس، وصيام شهر رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت، فقال: يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتبه: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله " فما يمنعك أن تقاتل الفئة الباغية
كما أمرك الله عز وجل في كتابه؟ فقال: يا بن أخي لأن أعتبر بهذه الآية فلا أقاتل أحب إلي من أن أعتبر بالآية التي يقول الله عز وجل فيها: " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم " قال: فما قولك في علي وعثمان؟ قال ابن عمر: قولي في علي وعثمان؛ أما عثمان فكان الله عفا عنه وكرهتم أن يعفو الله، وأما علي فابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وختنه، وأشار بيده: هذا بيته حيث ترون! عن نافع قال: دخل ابن عمر الكعبة، فسمعته وهو ساجد يقول: قد تعلم ما يمنعني من مزاحمة قريشٍ على هذه الدنيا إلا خوفك.
وكتب إلى عبد الله بن الزبير: إنك انبريت على رقاب الناس بغير شورى، فدع ما أنت فيه، فإنك لست في شيءٍ.
عن الأوزاعي: أن ابن عمر قال: لقد بايعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما نكثت، ولا بدلت إلى يومي هذا، ولا بايعت صاحب فتنة، ولا أيقظت مؤمناً من مرقده.
قال حبيب بن أبي مرزوق: بلغني أن عبد الله بن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان وهو يومئذٍ خليفة: من عبد الله بن عمر إلى عبد الملك بن مروان، فقال مَنْ حول عبد الملك: بدأ باسمه قبل اسمك! فقال عبد الملك: هذا من أبي عبد الرحمن كثير.
عن عبد الرحمن بن يسار قال: سمعت الحجاج وهو يقول: إن عبد الله بن الزبير قد بدل كلام الله، فقال
ابن عمر: كذبت، ليس تبديل كلام الله بيدك، ولا بيد ابن الزبير، كتاب الله أعز من أن يبدَّل، قال: فقال الناس لابن عمر: اخرج، فأبى أن يخرج حتى صلى معه.
عن محمد بن سيرين قال: كان ابن عمر يأتي العمال، ثم قعد عنهم، فقيل له: لو أتيتهم، فلعلهم يجدون في أنفسهم، فقال: أرهب إن تكلمت أن يروا أن الدين غير الذي بي، وإن سكت رهبت أن آثم.
سئل نافع عن بدء مرض ابن عمر وموته، فقال: أصابته عارضة محمل بمكة بين إصبعين من أصابعه عند الجمرة، فمرض، فدخل عليه الحجاج، فلما رآه ابن عمر غمّض عينيه، فكلمه الحجاج، فلم يكلمه، قال: فغضب الحجاج وقال: إن هذا يقول: إني على الضرب الأول.
وقال سعيد بن عمرو: قدم ابن عمر حاجاً، فدخل عليه الحجاج وقد أصابه زج رمحٍ، فقال: من أصابك؟ فقال: أصابني من أمرتموه بحمل السلاح في مكانٍ لا يحل فيه حمله.
عن نافع قال: ذكرت الوصية لابن عمر في مرضه، فقال ابن عمر: أما مالي فالله أعلم ما كنت أفعل فيه، وأما رباعي وأرضي فإني لا أحب أن يشارك ولدي فيها أحد.
عن سعيد بن جبير قال: لما حضر ابن عمر الموت قال: ما آسى على شيءٍ من الدنيا إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وأني لم أقتل هذه الفئة التي نزلت بنا - يعني الحجاج.
قال ابن عمر عند الموت لسالم: يا بني، إن أنا مت فادفني خارجاً من الحرم؛ فإني أكره أن أدفن فيه بعد أن
خرجت منه مهاجراً، فقال: يا أبه، إن قدرنا على ذلك، فقال: تسمعني أقول لك، وتقول: إن قدرنا؟! قال: أقول: الحجاج يغلبنا يصلي عليك، قال: فسكت ابن عمر.
وكان آخر أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موتاً بمكة عبد الله بن عمر، مات سنة أربع وسبعين، وبلغ من السن سبعاً وثمانين، وقيل: أربعاً وثمانين، ودفن بالمحصب، وبعض الناس يقول: بفخ، وقيل بذي طوى.
وقيل إنه توفي سنة ثلاث وسبعين بعد ابن الزبير بشهرين أو ثلاثة أشهر.
عن رجاء بن حيوة قال: نعي إلينا ابن عمر في مجلس ابن محيريز، فقال ابن محيريز: إن كنت لأعد بقاء عبد الله بن عمر أماناً لأهل الأرض.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69787&book=5528#526503
عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وكان قد عمر.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69787&book=5528#1eae5b
عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الْخَطَّاب أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ ثم العدوي.
قَالَ الْحَسَن بْن واقع (4) عَنْ ضمرة: مات سنة ثلاث وسبعين،
وَقَالَ عَبْد العزيز عَنْ مالك بْن أنس: بلغ ابن عُمَر سبعا وثمانين سنة.
وَقَالَ هشام بْن عَبْد الملك حَدَّثَنَا علي بْن سحيم عَنِ ابْن عون قَالَ: كتبت إلى نافع أسألَهُ عَنِ الدعوة قبل القتال فكتب أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أغار على بني المصطلق وهم غارون فِي (1) أنعامهم تسقى على الماء فقتل (2) المقاتلة وسبى الذرية وسبى يومئذ جويرية بنت الحارث، حَدَّثَنِي بذلك عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَكَانَ فِي ذلك الجيش.
قَالَ الْحَسَن بْن واقع (4) عَنْ ضمرة: مات سنة ثلاث وسبعين،
وَقَالَ عَبْد العزيز عَنْ مالك بْن أنس: بلغ ابن عُمَر سبعا وثمانين سنة.
وَقَالَ هشام بْن عَبْد الملك حَدَّثَنَا علي بْن سحيم عَنِ ابْن عون قَالَ: كتبت إلى نافع أسألَهُ عَنِ الدعوة قبل القتال فكتب أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أغار على بني المصطلق وهم غارون فِي (1) أنعامهم تسقى على الماء فقتل (2) المقاتلة وسبى الذرية وسبى يومئذ جويرية بنت الحارث، حَدَّثَنِي بذلك عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَكَانَ فِي ذلك الجيش.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=133960&book=5528#61cf62
عبد اللَّه بن المبارك، أبو عبد الرحمن الْمَرْوَزِيّ مولى بني حنظلة:
سمع هشام بْن عروة، وإِسْمَاعِيل بْن أبي خَالِد، وسليمان الأعمش، وسليمان التيمي، وحميد الطويل، وعبد اللَّه بن عون، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاريّ، وموسى
ابن عقبة، وسعيد الجريري، ومعمر بن راشد، وابن جريج، وابن أَبِي ذئب، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، وشعبة، والأوزاعي، والليث بن سعد، ويونس بن يزيد، وإِبْرَاهِيم بن سعد، وزهير بن معاوية، وأبا عوانة.
وكان من الربانيين في العلم، الموصوفين بالحفظ، ومن المذكورين بالزهد.
حدث عنه داود بن عبد الرحمن العطار، وسفيان بن عيينة، وأبو إسحاق الفزاري، ومعتمر بن سُلَيْمَان، ويحيى بن سعيد الْقَطَّان، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد اللَّه بن وهب، ويَحْيَى بن آدم، وعبد الرزاق بن همام، وأبو أسامة، ومكي بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وموسى بن إِسْمَاعِيل، ومسلم بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وعبدان بن عثمان، ويعمر بن بشر، وأبو النضر هاشم بن القاسم، ويَحْيَى بْن معين، وأبو بَكْر بْن أبي شيبة، والْحَسَن بْن الربيع البوراني، والْحَسَن بن عرفة، ويعقوب الدورقي، وإِبْرَاهِيم بن مجشر، وغيرهم.
قدم عبد اللَّه بغداد غير مرة وحدث بها.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بن الْحُسَيْن بن العباس، أخبرنا جدي إسحاق بن محمّد النعالي، أخبرنا عبد الله بن إسحاق المدائنيّ، حَدَّثَنَا قعنب بن المحرر الباهلي قَالَ: عبد اللَّه بن المبارك الخراساني مولى بني عبد شمس، من بني سعد تميم.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل القطّان، أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي، حدّثنا أبو أحمد ابن فارس، حَدَّثَنَا البخاري قَالَ: عبد اللَّه بن المبارك أبو عبد الرحمن مولى بني حنظلة.
أَخْبَرَنِي محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ، أخبرنا أبو العبّاس السّيّاري، حَدَّثَنَا عِيسَى بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا العباس بن مصعب قَالَ: كانت أم عبد اللَّه بن المبارك خوارزمية، وأبوه تركي، وكان عبد الرجل من التجار من همذان من بني حنظلة، وكان عبد اللَّه إذا قدم همذان يخضع لولده ويعظمهم.
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن علي بن السيبي، حدّثنا محمّد بن أحمد ابن حمّاد بن سفيان الكوفيّ- بها- حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن قتيبة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رزمة قَالَ:
سمعتُ أبي يَقُول: سمعتُ عَبْد اللَّهِ بْن المبارك يَقُول: نظر أبو حنيفة إلى أبي فَقَال:
أدت أمه إليك الأمانة، وكان أشبه الناس بعبد الله.
حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدثنا حنبل بن إسحاق قال: حدثني أبو عبد اللَّه قَالَ: ابن المبارك ثمان عشرة- يعني ولد سنة ثَمان عشرة-.
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد الرّزّاز، حدّثنا أبو علي بن الصّوّاف، حدّثنا بشر بن موسى، حدثنا عمرو بن علي قال: ولد عبد اللَّه بن المبارك سنة ثمان عشرة ومائة.
أَخْبَرَنِي محمد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أَخْبَرَنِي أبو أَحْمَد بن أبي عبد اللَّه الحمادي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن موسى بن حاتم الباشاني يَقُول: سمعت عبدان بن عثمان يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن المبارك يَقُول: ولدت سنة تسع عشرة ومائة.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جعفر بن درستويه، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان قَالَ: سمعت بشر بن أبي الأزهر قَالَ: قَالَ ابن المبارك: ذاكرني عبد اللَّه بن إدريس السن فقَالَ: ابن كم أنت؟ فقلت: إن العجم لا يكادون يَحفظون ذلك، ولكن أذكر أني لبست السواد وأنا صغير عند ما خرج أبو مسلم. قَالَ: فقَال لي: وقد ابتليت بلبس السواد؟ قلت: إني كنت أصغر من ذلك، كان أبو مسلم أخذ الناس كلهم بلبس السواد. الصغار، والكبار.
أَخْبَرَنَا أبو حازم عمر بن أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ العبدوي- بنيسابور- أَخْبَرَنَا أبو الطيب مُحَمَّد بن أَحْمَد بن حمدون الذهلي، حَدَّثَنِي أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُول: سَمِعْتُ نعيم بن حماد يَقُول: كان عبد اللَّه بن المبارك يكثر الجلوس في بيته، فقيل له: ألا تستوحش؟ فَقَالَ: كيف أستوحش وأنا مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه.
أَخْبَرَنِي الحسن بن محمّد الخلّال، حدّثنا أحمد بن إبراهيم، أخبرنا الحسين بن محمّد بن عفير، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن سنان قَالَ: بلغني أن ابن المبارك أتى حماد بن زيد
في أول الأمر، قَالَ: فنظر إليه فأعجبه نحوه، قَالَ له من أين أنت؟ قَالَ: من أهل خراسان، قَالَ: من أي خراسان؟ قَالَ: من مرو، قَالَ: تعرف رجلًا يقَالُ له عبد الله ابن المبارك؟ قَالَ: نعم! قَالَ: ما فعل؟ قَالَ: هو الذي تخاطب، قَالَ: فسلم عليه ورحب به، وحسن الذي بينهم.
أَخْبَرَنَا عبيد اللَّه بن عمر الواعظ، حَدَّثَنَا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بن علي بن إِسْمَاعِيل قَالَ: بلغني عن ابن المبارك أنه حضر عند حماد بن زيد مسلمًا عليه فقَال أصحاب الحديث لِحماد بن زيد: يا أبا إِسْمَاعِيل تسأل أبا عبد الرحمن أن يُحدِّثَنَا؟
فَقَالَ: يا أبا عبد الرحمن تحدثهم، فإنهم قد سألوني قَالَ: سبحان اللَّه يا أبا إِسْمَاعِيل، أحدث وأنت حاضر! قَالَ: فَقَالَ أقسمت لتفعلن- أو نحوه- قَالَ: فَقَالَ ابن المبارك خذوا؛ حَدَّثَنَا أبو إِسْمَاعِيل حماد بن زيد، فما حدث بحرف إلا عن حماد بن زيد.
أجاز لي مُحَمَّد بن أسد الكاتب- وَحَدَّثَنِي أبو مُحَمَّد الخلال عنه- قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن نصير، حدّثنا أحمد بن مسروق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حميد قَالَ:
عطس رجلٌ عند ابن المبارك قَالَ: فقَالَ له ابن المبارك: أيش يَقُول الرجل إذا عطس؟
قَالَ: يَقُول الحمد لله، قَالَ: فَقَال له ابن المبارك: يرحمك اللَّه، قَالَ فعجبنا كلنا من حسن أدبه.
أَخْبَرَنَا حمزة بن مُحَمَّد بن طاهر، حدّثنا الوليد بن بكر، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي، حَدَّثَنِي أبي قَالَ: عبد اللَّه بن المبارك خراساني ثقة، ثبت في الحديث، رجل صالح، وكان يَقُول الشعر، وكان جامعًا للعلم.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الواحد المروروذي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الحافظ- بنيسابور- أخبرنا أبو العبّاس السّيّاري، حدّثنا عيسى بن محمّد بن عيسى، حَدَّثَنَا العباس بن مصعب قَالَ: جمع عبد اللَّه بن المبارك، الحديث، والفقه، والعربية، وأيام الناس، والشجاعة، والتجارة، والسخاء، والمحبة عند الْفِرَق.
وأخبرنا أبو حازم العبدوي، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَد بْنِ مُحَمَّد بْنِ عُمَر، أَخْبَرَنَا عمرو بن عبد اللَّه الغازي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن عبد الوهاب الفراء يَقُول:
ما أخرجت خراسان مثل هؤلاء الثلاثة، ابن المبارك، والنّضر بن شميل، ويحيى بن معين.
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن عبد اللَّه بن الجراح المعدل- بمرو- حدّثنا يحيى بن ساسويه، حَدَّثَنَا عبد الكريم بن أبي عبد الكريم السّكّري، حدّثنا وهب بن زمعة عن فضالة النوسي قال: كنت أجالس أصحاب الحديث بالكوفة، وكانوا إذا تشاجروا في حديث قَالُوا مروا بنا إلى هذا الطبيب حتى نسأله، يعنون عبد اللَّه بن المبارك.
وقَالَ ابن نعيم: أَخْبَرَنِي أبو النّضر الفقيه، حَدَّثَنَا عُثْمَان بن سعيد الدارمي قَالَ:
سمعت نعيم بن حماد يَقُول: سمعت يَحْيَى بن آدم يَقُول: كنت إذا طلبت الدقيق من المسائل فلم أجده في كتب ابن المبارك، آيست منه.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن التوزي، أَخْبَرَنَا يوسف بن عمر القواس، حدّثنا أحمد بن العبّاس البغوي، حدّثنا علي بن زيد- يعني الفرائضيّ- حَدَّثَنِي علي بن صدقة قَالَ: سمعت شعيب بن حرب قَالَ: ما لقي ابن المبارك رجل إلا زين. والمراد أفضل منه.
وقَالَ علي بن صدقة: سمعت أبا أسامة يَقُول: ابن المبارك في أصحاب الحديث مثل أمير المؤمنين في الناس.
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيُّ- بساوة- حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن جعفر المعروف بصاحب الخان- بارمية- حدّثنا محمّد بن إبراهيم الديبلي، حدّثنا علي ابن زيد، حَدَّثَنَا علي بن صدقة قَالَ: سمعت أبا أسامة يَقُول: كان ابن المبارك في أصحاب الحديث مثل أمير المؤمنين في الناس.
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ الطَّيِّبِ الدَّسْكَرِيُّ- بِحُلْوَانَ- أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ الإسماعيلي- بجرجان- أَخْبَرَنَا أبو الْحُسَيْن الرازي عبيد اللَّه بْنُ إبراهيم، حدّثنا محمّد بن علي الهمذاني- بهمذان- حدّثنا أبو حفص عمر بن مدرك، حدّثنا ابن عبد الرّحمن، حَدَّثَنَا أشعث بن شعبة المصيصي قَالَ: قدم هارون الرشيد أمير المؤمنين الرقة، فانجفل الناس خلف عبد اللَّه بن المبارك، وتقطعت النعال، وارتفعت الغبرة، فأشرفت أم ولد لأمير المؤمنين من برج من قصر الخشب، فلما رأت الناس قَالت: ما هذا؟ قَالُوا: عالم من أهل خراسان قدم الرقة يقَالُ له عبد اللَّه بن المبارك، فقَالت: هذا واللَّه الملك لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان.
أخبرني أبو القاسم الأزهري، أخبرنا محمّد بن المظفر، حدّثنا الحسن بن آدم، حدّثنا عثمان بن خرزاذ، حدّثنا محمّد بن حسّان، حدّثنا عبد الرّحمن بن يزيد الجهضمي قَالَ: قَالَ الأوزاعي: رأيت ابن المبارك؟ قلت: لا، قَالَ: لو رأيته لقرت عينك.
أخبرنا أبو بكر البرقاني، حدّثني محمّد بن العبّاس الخزّاز، حدّثنا محمّد بن هارون ابن حميد، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي رَزْمَةَ.
وأَخْبَرَنِي أَبُو الْفَرَجِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الطناجيري، حدّثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدّثنا الحسين بن أحمد بن صدقة، حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَزْمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: عَرَفْتَ ابْنَ الْمُبَارَكِ؟ قُلْتُ:
نَعَمْ! قَالَ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ نَاحِيَتِكُمْ مِثْلُهُ، وَلَمْ يَقُلِ الْبَرْقَانِيُّ عَلَيْنَا.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْن الْحُسَيْن المحاملي، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيُّ، حدّثنا عبد المجيد بن إبراهيم، حدّثنا وهب بن زمعة، حَدَّثَنَا معاذ بن خالد قَالَ: تعرفت إلى إِسْمَاعِيل بن عياش بعبد اللَّه بن المبارك، قَالَ: فقَال إِسْمَاعِيل بن عياش: ما على وجه الأرض مثل عبد اللَّه بن المبارك، ولا أعلم أن اللَّه خلق خصلة من خصال الخير إلا وقد جعلها في عبد اللَّه بن المبارك، ولقد حَدَّثَنِي أصحابي أنهم صحبوه من مصر إلى مكة فكان يطعمهم الخبيص، وهو الدهر صائم.
أَخْبَرَنَا ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عمر، حدّثنا محمّد بن المنذر، حدّثني عمر بن سعيد الطائي، حَدَّثَنَا عمر بن حفص الصوفي- بِمنبج- قَالَ: خرج ابن المبارك من بغداد يريد المصيصة، فصحبه الصوفية فقَال لَهم:
أنتم لكم أنفس تحتشمون أن ينفق عليكم، يا غلام هات الطست، فألقى على الطست منديلًا ثم قَالَ: يلقي كل رجل منكم تحت المنديل ما معه، قال: فجعل الرجل يلقي عشرة دراهم والرجل يلقي عشرين، فأنفق عليهم إلى المصيصة، فلما بلغ المصيصة قَالَ: هذه بلاد نفير، فنقسم ما بقي، فجعل يعطي الرجل عشرين دينارًا. فيَقُول: يا أبا عبد الرحمن إنما أعطيت عشرين درهمًا، فيَقُول: وما تنكر أن يبارك اللَّه للغازي في نفقته!!
أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، وأبو مُحَمَّد الْحَسَن بن مُحَمَّد الخلال قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْكَاتِبُ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن الْحَسَن المقرئ قَالَ: سمعت عبد اللَّه بن أَحْمَد الدورقي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحَسَن بن شقيق قَالَ: سمعت أبي قَالَ: كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع عليه إخوانه من أهل مرو، فيَقُولون نصحبك يا أبا عبد الرحمن؟ فيَقُول لهم: هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق فيقفل عليها، ثم يكتري لَهم ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام. وأطيب الحلواء ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي وأجمل مروءة، حتى يصلوا إِلَى مدينة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا صاروا إلى المدينة قَالَ لكل رجل منهم: ما أمروك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيَقُول كذا فيشتري لهم ثم يخرجهم إلى مكة فإذا وصلوا إلى مكة وقضوا حجهم قَالَ لكل واحد منهم ما أمروك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيَقُول كذا وكذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فإذا وصل إلى مرو جصص أبوابهم ودورهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام صنع لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته بعد أن كتب عليها اسمه.
قَالَ أبي: أَخْبَرَنِي خادمه أنه عمل آخر سفرة سافرها دعوة، فقدم إلى الناس خمسة وعشرين خوانًا فالوذج. قال أبي: وبلغنا أنه قَالَ للفضيل بن عياض: لولاك وأصحابك ما اتجرت، قَالَ أبي: وكان ينفق على الفقراء في كل سنة مائة ألف درهم.
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، حدّثني محمّد بن علي النّحويّ، حدّثنا أحمد بن علي بن رزين، أَخْبَرَنَا علي بن خشرم قَالَ: حَدَّثَنِي سلمة بن سليمان قَالَ: جاء رجل إلى عبد اللَّه بن المبارك فسأله أن يقضي دينًا عليه، فكتب له إلى وكيل له، فلما ورد عليه الكتاب قَال له الوكيل- كم الدين الذي سألت فيه عبد اللَّه أن يقضيه عنك؟ قال: سبعمائة درهم، فكتب إلى عبد اللَّه إن هذا الرجل سألك أن تقضي عنه سبعمائة درهم، وكتبت له سبعة آلاف درهم، وقد فنيت الغلات، فكتب إليه عبد اللَّه: إن كانت الغلات قد فنيت فإن العمر أيضًا قد فني، فأجز له ما سبق به قلمي.
وقَالَ ابن نعيم: أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عمر، حدّثنا محمّد بن المنذر، حدثني يعقوب بن إسحاق، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عيسى قَالَ: كان عبد اللَّه بن المبارك كثير الاختلاف إلى طرسوس وكان ينزل الرقة في خان فكان شاب يختلف إليه ويقوم بحوائجه، ويسمع منه الحديث، قال: فقدم عبد الله: الرقة مرة فلم ير ذلك الشاب، وكان مستعجلًا فخرج في النفير فلما قفل من غزوته، ورجع الرقة سأل عن الشاب قَالَ: فقَالُوا إنه محبوس لدين ركبه، فقَال عبد اللَّه وكم مبلغ دينه؟ فقَالُوا: عشرة آلاف درهم، فلم يزل يستقصي حتى دل على صاحب المال، فدعا به ليلًا ووزن له عشرة آلاف درهم، وحلفه أن لا يخبر أحدًا ما دام عبد اللَّه حيًّا، وقَالَ إذا أصبحت فأخرج الرجل من الحبس، وأدلج عبد اللَّه، فأخرج الفتى من الحبس، وقيل له عبد اللَّه بن المبارك كان هاهنا، وكان يذكرك، وقد خرج. فخرج الفتى في أثره فلحقه على مرحلتين- أو ثلاث- من الرقة، فقَال: يا فتى أين كنت، لم أرك في الخان؟ قَالَ: نعم يا أبا عبد الرحمن، كنت محبوسًا بدين قَالَ: فكيف كان سبب خلاصك؟ قَالَ: جاء رجل فقضى ديني ولم أعلم به حتى أخرجت من الحبس، فقَالَ له عبد اللَّه: يا فتى احمد اللَّه على ما وفق لك من قضاء دينك. فلم يخبر ذلك الرجل أحدًا إلا بعد موت عبد اللَّه.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن الْحُسَيْنِ بْنِ رامين الأستراباذي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن جعفر الجرجاني، حَدَّثَنَا السراج وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن إسحاق النيسابوري قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم بن بشار يَقُول: حَدَّثَنِي علي بن الفضيل قَالَ: سمعت أبي وهو يقول لابن المبارك: أنت تأمرنا بالزهد، والتقلل، والبلغة، ونراك تأتي بالبضائع من بلاد خراسان إلى البلد الحرام، كيف ذا؟ فقَالَ ابن المبارك: يا أبا علي إنما أفعل ذا لأصون به وجهي، وأكرم به عرضي، واستعين به على طاعة ربي، لا أرى لله حقًا إلا سارعت إليه حتى أقوم به. فقَالَ له الفضيل: يا ابن المبارك ما أحسن ذا، إن تم ذا.
أَخْبَرَنِي أبو القاسم منصور بن عمر الكرخي قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بن مُحَمَّد بن أَحْمَد المقرئ. وأَخْبَرَنَا عبيد الله بن عمر الواعظ، حَدَّثَنِي أبي قَالَا: حَدَّثَنَا عثمان بن أَحْمَد، حَدَّثَنَا الفتح بن شخرف قَالَ: حَدَّثَنِي عباس بن يزيد، حَدَّثَنَا حبان بن موسى قَالَ: عوتب ابن المبارك فيما يفرق المال في البلدان ولا يفعل في أهل بلده، قَالَ: إني
أعرف مكان قوم لَهم فضل وصدق، طلبوا الحديث فأحسنوا الطلب للحديث، بحاجة الناس إليهم احتاجوا، فإن تركناهم ضاع عليهم، وإن أعناهم بثوا العلم لأمة مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أعلم بعد النبوة أفضل من بث العلم.
أَخْبَرَنَا هبة اللَّه بن الحسن الطبري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حامد، أخبرنا محمّد بن عمر بن يزيد، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُول: ما رأيت أحدًا يحدث لله إلا ستة نفر، منهم عبد اللَّه بن المبارك.
وأخبرنا هبة الله الطبري، أخبرنا علي بن محمّد بن عمر، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم، حَدَّثَنَا أبي قَالَ: سمعت ابن الطباع يحدث عن عبد الرحمن بن مهدي قَالَ: الأئمة أربعة، سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وحماد بن زيد، وابن المبارك.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي البصري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصفار، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شعيب المدائنيّ- بمصر- حدّثنا محمّد بن عمر- وهو ابن نافع المعدل- حدّثنا أحمد بن محمّد بن شبويه، حَدَّثَنَا الثقة عن ابن مهدي قَالَ: ما رأيت رجلًا أعلم بالحديث من سفيان الثوري، ولا أحسن عقلًا من مالك، ولا أقشف من شعبة، ولا أنصح لِهذه الأمة من عبد اللَّه بن المبارك.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أبو العلاء مُحَمَّد بن علي الواسطيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن حبش المقرئ- بالدينور- حَدَّثَنَا الْحَسَن بن عَليّ بن زيد البَزَّاز قَالَ: سمعت أبا موسى مُحَمَّد بن المثنى يَقُولُ: سمعت عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي يَقُولُ: ما رأت عيناي مثل أربعة؛ ما رأيت أحفظ للحديث من الثوري، ولا أشد تقشفًا من شعبة، ولا أعقل من مالك بن أنس، ولا أنصح للأمة من عبد اللَّه بن المبارك.
أَنْبَأَنَا أَبُو زُرعة رَوح بْن مُحَمَّد الرازي، أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد بن عمر الفقيه، أخبرنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم، حَدَّثَنَا أبو نشيط مُحَمَّد بْن هارون قَالَ: سمعت نعيم بن حماد قَالَ: قلت لعبد الرحمن بن مهدي أيهما أفضل عندك ابن المبارك، أو سفيان الثوري؟ فقَالَ: ابن المبارك، فقلت: إن الناس يخالفونك قَالَ: إن الناس لم يجربوا، ما رأيت مثل ابن المبارك.
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أخبرنا علي بن حمشاذ المعدل، حدّثنا محمّد بن أيّوب، حدّثنا نوح بن حبيب، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديّ، حَدَّثَنِي ابن المبارك- وكان نسيج وحده-.
قرأت على أبي بكر الْبَرْقَانِيّ عن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد ابن مسعدة الفزاريّ، حدّثنا جعفر بن درستويه، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: سمعت ابن مهدي يَقُول: كان ابن المبارك أعلم من سفيان الثوري.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الحسين القطّان، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا محمد ابن إِبْرَاهِيمَ بن يوسف الْمَرْوَزِيّ قَالَ: سمعت أبا الوزير مُحَمَّد بن أعين يَقُول: سمعت عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي يَقُولُ- وقدم بغداد في بيع دار له- فاجتمع إليه أصحاب الحديث فقَالُوا له جالست سفيان الثوري وسمعت منه، وسمعت من عبد اللَّه، فأيهما أرجح؟ فقَالَ: ما تقولون! لو أن سفيان جهد جهده على أن يكون يومًا مثل عبد اللَّه لم يقدر.
أخبرنا البرقاني، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْبُنْدَارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ. قَالَ سُفْيَانُ: إِنِّي لأَشْتَهِي مِنْ عُمُرِي كُلِّهِ أَنْ أَكُونَ سَنَةً وَاحِدَةً مِثْلَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَمَا أَقْدِرُ أَنْ أَكُونَ وَلا ثَلاثَةَ أيام.
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أخبرنا محمّد بن أحمد بن عمر، حدّثنا محمّد بن المنذر، حدّثنا إبراهيم بن بحر الدّمشقيّ، حدّثنا عمران بن موسى الطرسوسي قَالَ: جاء رجل فسأل سفيان الثوري عن مسألة، فقَالَ له: من أين أنت؟
فقَالَ من أهل المشرق، قَالَ: أو ليس عندكم أعلم أهل المشرق! قَالَ: ومن هو يا أبا عبد اللَّه؟ قَالَ: عبد اللَّه بن المبارك، قَالَ: وهو أعلم أهل المشرق؟ قَالَ: نعم وأهل المغرب.
وقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المنذر، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الْحُسَيْن القرشي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن عبدة قَالَ: كان فضيل وسفيان ومشيخة جلوسًا في المسجد الحرام، فطلع ابن المبارك من الثنية، فقَالَ سفيان: هذا رجل أهل المشرق، فقَالَ فضيل: هذا رجل أهل المشرق والمغرب وما بينهما.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي المحتسب، أخبرنا يوسف بن عمر القواس، حدّثنا أحمد بن العبّاس البغوي- إملاء- حدّثنا علي بن زيد- يعني الفرائضيّ- حدّثني عبد الرّحمن
ابن أبي جَميل قَالَ: كنا حول ابن المبارك بمكة، فقلنا له: يا عالم المشرق حَدِّثْنَا، وسفيان قريب منا فسمع، قَالَ: ويحكم عالم المشرق والمغرب وما بينهما.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الله الكاتب، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الدغولي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قهزاذ قَالَ: سمعت أبا الوزير يَقُول: قدمت على سفيان بن عيينة فقَالُوا له: هذا وصي عبد اللَّه، فقَالَ: رحم اللَّه عبد اللَّه، ما خلف بِخراسان مثله، قَالَ: فقَالُوا لا يرضون، قَالَ: ما يَقُولون قَالَ: يَقُولون ولا بالعراق، قَالَ: ما أخلق، ما أخلق، ما أخلق، ثلاثًا.
أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المقرئ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري، حدّثنا أحمد بن يوسف التغلبي، حدّثنا أحمد بن أبي الحواري، حَدَّثَنَا أبو عصمة قَالَ: شهدت سفيان وفضيل بن عياض، فقَالَ سفيان لفضيل، يا أبا علي أي رجل ذهب- يعني ابن المبارك- فقَالَ له فضيل: يا أبا مُحَمَّد وبقي بعد ابن المبارك من يستحيى منه؟! أَخْبَرَنِي حمزة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدقاق، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدّثنا محمّد بن مخلد، حَدَّثَنِي عبد الصمد بن حميد قَالَ: سمعت أبا الحسن عبد الوهاب ابن عبد الحكم يَقُول: لَمَّا مات ابن المبارك بلغني أن هارون أمير المؤمنين قَالَ: مات سيد العلماء.
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: قرأتُ عَلَى أبي حاتِم بن أبي الفضل الهروي أخبركم الحسين ابن إدريس قَالَ: سمعت المسيب بن واضح يَقُول: سمعت أبا إسحاق الفزاري يَقُول:
ابن المبارك إمام المسلمين أجمعين.
أَخْبَرَنَا هبة اللَّه بن الحسن الطبري، أخبرنا علي بن محمّد بن عمر، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم، حدثني أبي، حدّثنا المسيّب بن واضح قال: سمعت أبا إسحاق الفزاري يَقُول: ابن المبارك إمام المسلمين. ورأيت أبا إسحاق بين يدي ابن المبارك قاعدًا يسائله.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ، أَخْبَرَنَا أبو حامد أَحْمَد بن مُحَمَّد الخطيب- بمرو- حَدَّثَنَا أبو وهب أَحْمَد بن رافع- وراق سويد بن نصر- قَالَ: سمعت علي بن إسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَقُول: قَالَ ابن
عيينة: نظرت في أمر الصحابة، وأمر ابن المبارك، فما رأيت لهم عليه فضلًا إلا بصحبتهم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وغزوهم معه.
أخبرنا أحمد بن محمّد العتيقي، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الفضل الكرابيسي الْمَرْوَزِيّ قَالَ: سمعت عمر بْن أَحْمَد الجوهري يَقُول: سمعت محمود بن والان يَقُول: سمعت عمار بن الْحَسَن يَمدح ابن المبارك ويَقُول:
إذا سار عبد اللَّه من مرو ليلة ... فقد سار منها نورها وجمالها
إذا ذكر الأحبار في كل بلدة ... فهم أنجم فيها وأنت هلالُها
حَدَّثَنِي مكي بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشيرازي، أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن عمر التجيبي- بِمصر- أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بن أبي الأصبغ، أخبرنا هاشم بن مرثد، حَدَّثَنَا عثمان بن طالوت قَالَ: سمعت علي بن المديني يَقُول: انتهى العلم إلى رجلين؛ إلى عبد اللَّه بن المبارك ثم من بعده إلى يَحْيَى بن معين.
أَخْبَرَنَا منصور بن ربيعة الزّهريّ الخطيب- بالدينور- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ راشد، أخبرنا علي بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قَالَ عَلِيّ بن المدينيّ: عبد الله ابن المبارك هو أوسع علمًا من عبد الرحمن بن مهدي، ويَحْيَى بن آدم.
أَخْبَرَنِي أَبُو الفرج الطناجيري، حَدَّثَنَا عُمَر بْن أحمد الواعظ، حدّثنا الحسين بن أحمد بن صدقة، حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة، حَدَّثَنَا موسى بن إِسْمَاعِيل قَالَ:
سمعت سلام بن أَبِي مطيع يَقُول: ما خلف ابن المبارك بالمشرق مثله.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بن علي الجوهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْقَاسِم بْن جَعْفَر الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: سمعت يحيى ابن معين- وذكروا عبد اللَّه بن المبارك- فقَالَ رجل: إنه لم يكن حافظًا، فقَالَ يَحْيَى ابن معين: كان عبد اللَّه بن المبارك رحمه اللَّه كيسًا مستثبتًا ثقة، وكان عالِمًا صحيح الحديث وكانت كتبه التي حدث بِها عشرين ألفًا- أو واحدًا وعشرين ألفًا-.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حَدَّثَنَا أبو سعد عبد الرحمن بن مُحَمَّد الإدريسي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن خالد المطوعي البخاري يَقُول: سمعت الْحَسَن بْن الْحُسَيْن البخاري يَقُول:
سمعت أبا معشر حمدويه بن الخطاب يَقُول: سمعت أبا السري نصر بن المغيرة البخاري يَقُول: سمعت إِبْرَاهِيم بن شماس يَقُول: رأيت أفقه الناس، وأورع الناس،
وأحفظ الناس، فأما أفقه الناس فابن المبارك، وأما أورع الناس ففضيل بن عياض، وأما أحفظ الناس فوكيع بن الجراح.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بن أبي بكر، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطّان، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي خيثمة قَالَ: سمعت يَحْيَى بن معين يَقُول: وذكر أصحاب سفيان فذكر ابن المبارك فبدأ به، وقَالَ هم خمسة، ابن المبارك، ووكيع، ويَحْيَى، وعبد الرحمن، وأبو نعيم.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بن أَبِي بكر، أخبرنا أبو سهل بن زياد، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَان الطيالسي قَالَ: قلت ليَحْيَى بن معين: إذا اختلف يَحْيَى القطان ووكيع؟ قَالَ: القول قول يَحْيَى، قلت: إذا اختلف عبد الرحمن ويَحْيَى؟ قَالَ: يحتاج من يفضل بينهما، قلت: أبو نعيم وعبد الرحمن؟ قَالَ: يحتاج من يفضل بينهما. قلت الأشجعي؟ قَالَ:
مات الأشجعي ومات حديثه معه. قلت: ابن المبارك؟ قَالَ: ذاك أمير المؤمنين.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمّد بن عبد الله النّيسابوريّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن العباس الخطيب- بِمرو- قَالَ: سمعت محمود بن والان يَقُول:
سمعت مُحَمَّد بن موسى يَقُول: سمعت إِبْرَاهِيم بن موسى يقول: كنت عند يحيى ابن معين فجاءه رجل فقَالَ: يا أبا زكريا من كان أثبت في معمر، عبد الرزاق، أو عبد اللَّه بن المبارك؟ وكان متكئًا فاستوى جالسًا فَقَال: كان ابن المبارك خيرًا من عبد الرزاق، ومن أهل قريته، ثم قَالَ: تضم عبد الرزاق إلى عبد اللَّه! قَالَ: وقَالَ يَحْيَى- وذكر عنده ابن المبارك- فَقَالَ: سيد من سادات المسلمين.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن أَبِي جعفر القطيعي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيمَ بن الخليل الجلاب قَالَ: سئل إِبْرَاهِيم الحربي إذا اختلف أصحاب معمر فالقول قول من؟ قَالَ: القول قول ابن المبارك.
أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الدغولي، حدّثنا يحيى بن زكريا، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن النضر بن مساور قَالَ: قَالَ أبي: قلت لعبد اللَّه- يعني ابن المبارك- يا أبا عبد الرحمن هل تحفظ الحديث؟ قال: فتغير لونه وقَالَ: ما تحفظت حديثًا قط، إنما آخذ الكتاب فأنظر فيه، فما أشتهيه علق بقلبي.
أخبرني ابن يعقوب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نعيم قَالَ: قرأت بِخط إبراهيم بن علي الذهلي، حَدَّثَنِي أَحْمَد بن الخليل قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بن عيسى، أَخْبَرَنِي صخر- صديق ابن المبارك- قَالَ: كنا غلمانًا في الكتاب، فمررت أنا وابن المبارك ورجل يخطب، فخطب خطبة طويلة، فلما فرغ قَالَ لي ابن المبارك قد حفظتها، فسمعه رجل من القوم، فقَالَ هاتها، فأعادها عليهم ابن المبارك، وقد حفظها.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمّد بن عبد الله النّيسابوريّ، أَخْبَرَنِي أبو جعفر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبيد الله البغداديّ، حدّثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حَدَّثَنَا نعيم بن حماد قَالَ: سمعت عبد اللَّه بن المبارك قَالَ: قَالَ لي أبي: لئن وجدت كتبك لأحرقتها، قَالَ: فقلت له وما علي من ذلك وهو في صدري.
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أخبرنا أبو العبّاس السّيّاري، حدّثنا عيسى بن محمّد، حَدَّثَنَا العباس بن مصعب قَالَ: قَالَ أبو وهب مُحَمَّد بن مزاحم:
العجب مِمن يسمع الحديث من ابن المبارك عن رجل ثم يأتي ذلك الرجل حتى يحدثه به.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن طلحة بْن مُحَمَّد الْمُقْرِئ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يزيد الغازي، أخبرنا محمد بن محمد بن داود الكرجي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قَالَ: عبد اللَّه بن المبارك مروزي ثقة.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن الْحُسَيْنِ بْنِ رَامِينَ الإِسْتَرَابَاذِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاضِي أَبَا بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمَيَانِجِيُّ- بِدِمَشْقَ- يَقُولُ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ- بِالْبَصْرَةِ- قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ بِمَكَّةَ أَتَى زَمْزَمَ فاستقى منه شربة، ثم استقبل الكعبة، ثم قال: اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ أَبِي الْموال حَدَّثَنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» وَهَذَا أَشْرَبُهُ لِعَطَشِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ شَرِبَهُ.
أَخْبَرَنَا عَليّ بن أَحْمَد الرّزّاز، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى النيسابوري، أَخْبَرَنَا بكر بن مُحَمَّد بن إسحاق بن خزيمة، حَدَّثَنَا أبو أَحْمَد مُحَمَّد بن عبد الوهاب قَالَ: سمعت الخليل أبا مُحَمَّد قَالَ: كان ابن المبارك إذا خرج إلى مكة يَقُول:
بغض الحياة وخوف اللَّه أخرجني ... وبيع نفسي بما ليست له ثمنا
إني وزنت الذي يبقى ليعدله ... ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا
أخبرنا محمّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمّد بن عبد الله النّيسابوريّ، أخبرني أحمد بن محمّد العنزي، حَدَّثَنَا عُثْمَان بن سعيد الدارمي قَالَ: سمعت نعيم بن حماد يَقُول: كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق يصير كأنه ثور منحور، أو بقرة منحورة من البكاء، لا يجترئ أحد منا أن يدنو منه، أو يسأله عن شيء إلا دفعه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْن عَلِيِّ بْن مُحَمَّد القرشي، أخبرنا عمر بن أحمد ابن هارون المقرئ، حدّثنا حمد بن حمدويه المروزيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن سعيد بن مسعود الْمَرْوَزِيّ، حَدَّثَنَا أبو حاتم الرازي قَالَ: سمعت عبدة بن سليمان- يعني الْمَرْوَزِيّ- يَقُول: كنا في سرية مع عبد اللَّه بن المبارك في بلاد الروم، فصادفنا العدو، فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو فدعا إلى البراز، فخرج إليه رجل فقتله، ثم آخر فقتله، ثم دعا إلى البراز فخرج إليه فطارده ساعة فطعنه فقتله، فازدحم إليه الناس، فكنت فيمن ازدحم إليه فإذا هو يلثم وجهه بكمه فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو عبد اللَّه بن المبارك فَقَالَ: وأنت يا أبا عمرو مِمن يشنع علينا!! أَخْبَرَنِي ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاس قاسم بْن الْقَاسِم السياري، حدّثنا عيسى بن محمّد بن عيسى، حَدَّثَنَا العباس بن مصعب قَالَ: حَدَّثَنِي بعض أصحابنا قَالَ: سمعت أبا وهب يَقُول: مر ابن المبارك برجل أعمى، قَالَ: فَقَالَ أسألك أن تدعو اللَّه أن يرد اللَّه عَليّ بصري، قَالَ: فدعا اللَّه فرد عليه بصره وأنا أنظر.
أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيّ عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بن أحمد بن فضالة النيسابوري- بالري- أَخْبَرَنَا أبو الفضل مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مجاهد- بالشاش- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جبريل بن الحارث التونكسي- في مجلس الأرزناني- قَالَ: سمعت أبا حسان البصري عيسى بن عبد اللَّه يَقُول: سمعت الْحَسَن بن عرفة يَقُول: قَالَ لي ابن المبارك: استعرت قلمًا بأرض الشام فذهب عَليّ أن أرده إلى صاحبه، فلما قدمت مرو نظرت فإذا هو معي، فرجعت يا أبا علي الْحَسَن بن عرفة إلى أرض الشام حتى رددته على صاحبه.
قرأت على البرقاني عن أبي إسحاق المزكي قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السّرّاج، حدّثنا حاتم الجوهريّ، حَدَّثَنَا أسود بن سالِم قَالَ: كان ابن المبارك إمامًا يُقتدى به، كان من أثبت الناس في السنة، إذا رأيت رجلًا يغمز ابن المبارك بشيء فاتهمه على الإسلام.
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أخبرنا علي بن محمّد المروزيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن موسى بن حاتم قَالَ: سمعت عبدان بن عثمان يَقُول: خرج عبد اللَّه إلى العراق أول ما خرج سنة إحدى وأربعين ومائة، ومات بهيت وعانات لثلاث عشر خلت من رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة.
أَخْبَرَنَا منصور بن ربيعة الزهري- بالدينور- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ راشد، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قال علي بن المديني: وعبد اللَّه بن المبارك مولى لبني حنظلة، ويكنى أبا عبد الرحمن، مات سنة إحدى وثَمانين ومائة بِهيت.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدّثنا حنبل بن إسحاق، حدّثني أبو عبد الله، حَدَّثَنَا حسن بن الربيع قَالَ: وسألت ابن المبارك قبل أن يموت قال: أنا ابن ثلاث وستين، ومات سنة إحدى وثمانين. وقَالَ أبو عبد اللَّه:
ذهبت لأسمع منه فلم أدركه، وكان قدم فخرج إلى الثغر فلم أسمع منه، ولم أره.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بْن سفيان قَالَ:
سَمعت الْحَسَن بن الربيع يَقُول: شهدت موت ابن المبارك، مات سنة إحدى وثمانين ومائة في رمضان لعشر مضين منه، مات سحرًا ودفناه بهيت، وسألت ابن المبارك قبل أن يموت، قال: أنا ابن ثلاث وستين.
أَخْبَرَنَا عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بشران المعدل، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعي، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدّنيا، حدّثنا محمّد بن علي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بن الأشعث قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن فضيل بن عياض قَالَ: رأيت عبد اللَّه بن المبارك في المنام، فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل؟ قَالَ: الأمر الذي كنت فيه، قلت الرباط والجهاد؟ قَالَ: نعم! قلت: وأي شيء صنع بك؟ قَالَ: غفر لي مغفرة ما بعدها مغفرة، وكلمتني امرأة من أهل الجنة أو امرأة من الحور العين.
وَقَالَ ابْن أَبِي الدنيا: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، حدّثني علي بن إسحاق، حَدَّثَنِي صخر بن راشد قَالَ: رأيت عبد اللَّه بن المبارك في منامي بعد موته، فقلت: أليس قد مت؟ قَالَ: بلى! قلت: فما صنع بك ربك؟ قَالَ: غفر لي مغفرة أحاطت بكل ذنب، قلت: فسفيان الثوري؟ قَالَ: بخ بخ ذاك: مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً
[النساء 69] .
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عمر، حدّثنا محمّد بن المنذر، حدّثني شعيب بن محمّد، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْفِرْيَابِيَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فَعَلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟ فَقَالَ: مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً
[النساء 69] قلت: ما فعل وكيع؟ فحرك يديه فقال: أَكْثَرَ أَكْثَرَ- يَعْنِي فِي الْحَدِيثِ-.
530 عبد اللَّه بن المبارك، مولى بني هاشم:
حدث عن همام بن يَحْيَى العوذي، وعيسى بن ميمون. روى عنه عمر بن حفص السدوسي.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الخوّاص المعروف بالخلدي- إملاء- حدّثنا عمر بن حفص السدوسي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْبَغْدَادِيُّ- مَوْلَى العبّاس سنة تسع عشرة- حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ صَالِحٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: «اتَّقُوا اللَّهُ فِي الصَّلاةِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» وَجَعَلَ يُكَرِّرُهَا.
وحدث عن هذا الشيخ أَحْمَد بن القاسم بن مساور الجوهري فَقَالَ: حَدَّثَنَا عبد اللَّه بن المبارك الخراساني- ببغداد- في مسجد الجامع حَدَّثَنَا همام بن يَحْيَى
سمع هشام بْن عروة، وإِسْمَاعِيل بْن أبي خَالِد، وسليمان الأعمش، وسليمان التيمي، وحميد الطويل، وعبد اللَّه بن عون، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاريّ، وموسى
ابن عقبة، وسعيد الجريري، ومعمر بن راشد، وابن جريج، وابن أَبِي ذئب، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، وشعبة، والأوزاعي، والليث بن سعد، ويونس بن يزيد، وإِبْرَاهِيم بن سعد، وزهير بن معاوية، وأبا عوانة.
وكان من الربانيين في العلم، الموصوفين بالحفظ، ومن المذكورين بالزهد.
حدث عنه داود بن عبد الرحمن العطار، وسفيان بن عيينة، وأبو إسحاق الفزاري، ومعتمر بن سُلَيْمَان، ويحيى بن سعيد الْقَطَّان، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد اللَّه بن وهب، ويَحْيَى بن آدم، وعبد الرزاق بن همام، وأبو أسامة، ومكي بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وموسى بن إِسْمَاعِيل، ومسلم بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وعبدان بن عثمان، ويعمر بن بشر، وأبو النضر هاشم بن القاسم، ويَحْيَى بْن معين، وأبو بَكْر بْن أبي شيبة، والْحَسَن بْن الربيع البوراني، والْحَسَن بن عرفة، ويعقوب الدورقي، وإِبْرَاهِيم بن مجشر، وغيرهم.
قدم عبد اللَّه بغداد غير مرة وحدث بها.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بن الْحُسَيْن بن العباس، أخبرنا جدي إسحاق بن محمّد النعالي، أخبرنا عبد الله بن إسحاق المدائنيّ، حَدَّثَنَا قعنب بن المحرر الباهلي قَالَ: عبد اللَّه بن المبارك الخراساني مولى بني عبد شمس، من بني سعد تميم.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل القطّان، أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي، حدّثنا أبو أحمد ابن فارس، حَدَّثَنَا البخاري قَالَ: عبد اللَّه بن المبارك أبو عبد الرحمن مولى بني حنظلة.
أَخْبَرَنِي محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ، أخبرنا أبو العبّاس السّيّاري، حَدَّثَنَا عِيسَى بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا العباس بن مصعب قَالَ: كانت أم عبد اللَّه بن المبارك خوارزمية، وأبوه تركي، وكان عبد الرجل من التجار من همذان من بني حنظلة، وكان عبد اللَّه إذا قدم همذان يخضع لولده ويعظمهم.
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن علي بن السيبي، حدّثنا محمّد بن أحمد ابن حمّاد بن سفيان الكوفيّ- بها- حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن قتيبة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رزمة قَالَ:
سمعتُ أبي يَقُول: سمعتُ عَبْد اللَّهِ بْن المبارك يَقُول: نظر أبو حنيفة إلى أبي فَقَال:
أدت أمه إليك الأمانة، وكان أشبه الناس بعبد الله.
حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدثنا حنبل بن إسحاق قال: حدثني أبو عبد اللَّه قَالَ: ابن المبارك ثمان عشرة- يعني ولد سنة ثَمان عشرة-.
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد الرّزّاز، حدّثنا أبو علي بن الصّوّاف، حدّثنا بشر بن موسى، حدثنا عمرو بن علي قال: ولد عبد اللَّه بن المبارك سنة ثمان عشرة ومائة.
أَخْبَرَنِي محمد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أَخْبَرَنِي أبو أَحْمَد بن أبي عبد اللَّه الحمادي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن موسى بن حاتم الباشاني يَقُول: سمعت عبدان بن عثمان يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن المبارك يَقُول: ولدت سنة تسع عشرة ومائة.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جعفر بن درستويه، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان قَالَ: سمعت بشر بن أبي الأزهر قَالَ: قَالَ ابن المبارك: ذاكرني عبد اللَّه بن إدريس السن فقَالَ: ابن كم أنت؟ فقلت: إن العجم لا يكادون يَحفظون ذلك، ولكن أذكر أني لبست السواد وأنا صغير عند ما خرج أبو مسلم. قَالَ: فقَال لي: وقد ابتليت بلبس السواد؟ قلت: إني كنت أصغر من ذلك، كان أبو مسلم أخذ الناس كلهم بلبس السواد. الصغار، والكبار.
أَخْبَرَنَا أبو حازم عمر بن أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ العبدوي- بنيسابور- أَخْبَرَنَا أبو الطيب مُحَمَّد بن أَحْمَد بن حمدون الذهلي، حَدَّثَنِي أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُول: سَمِعْتُ نعيم بن حماد يَقُول: كان عبد اللَّه بن المبارك يكثر الجلوس في بيته، فقيل له: ألا تستوحش؟ فَقَالَ: كيف أستوحش وأنا مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه.
أَخْبَرَنِي الحسن بن محمّد الخلّال، حدّثنا أحمد بن إبراهيم، أخبرنا الحسين بن محمّد بن عفير، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن سنان قَالَ: بلغني أن ابن المبارك أتى حماد بن زيد
في أول الأمر، قَالَ: فنظر إليه فأعجبه نحوه، قَالَ له من أين أنت؟ قَالَ: من أهل خراسان، قَالَ: من أي خراسان؟ قَالَ: من مرو، قَالَ: تعرف رجلًا يقَالُ له عبد الله ابن المبارك؟ قَالَ: نعم! قَالَ: ما فعل؟ قَالَ: هو الذي تخاطب، قَالَ: فسلم عليه ورحب به، وحسن الذي بينهم.
أَخْبَرَنَا عبيد اللَّه بن عمر الواعظ، حَدَّثَنَا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بن علي بن إِسْمَاعِيل قَالَ: بلغني عن ابن المبارك أنه حضر عند حماد بن زيد مسلمًا عليه فقَال أصحاب الحديث لِحماد بن زيد: يا أبا إِسْمَاعِيل تسأل أبا عبد الرحمن أن يُحدِّثَنَا؟
فَقَالَ: يا أبا عبد الرحمن تحدثهم، فإنهم قد سألوني قَالَ: سبحان اللَّه يا أبا إِسْمَاعِيل، أحدث وأنت حاضر! قَالَ: فَقَالَ أقسمت لتفعلن- أو نحوه- قَالَ: فَقَالَ ابن المبارك خذوا؛ حَدَّثَنَا أبو إِسْمَاعِيل حماد بن زيد، فما حدث بحرف إلا عن حماد بن زيد.
أجاز لي مُحَمَّد بن أسد الكاتب- وَحَدَّثَنِي أبو مُحَمَّد الخلال عنه- قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن نصير، حدّثنا أحمد بن مسروق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حميد قَالَ:
عطس رجلٌ عند ابن المبارك قَالَ: فقَالَ له ابن المبارك: أيش يَقُول الرجل إذا عطس؟
قَالَ: يَقُول الحمد لله، قَالَ: فَقَال له ابن المبارك: يرحمك اللَّه، قَالَ فعجبنا كلنا من حسن أدبه.
أَخْبَرَنَا حمزة بن مُحَمَّد بن طاهر، حدّثنا الوليد بن بكر، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي، حَدَّثَنِي أبي قَالَ: عبد اللَّه بن المبارك خراساني ثقة، ثبت في الحديث، رجل صالح، وكان يَقُول الشعر، وكان جامعًا للعلم.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الواحد المروروذي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الحافظ- بنيسابور- أخبرنا أبو العبّاس السّيّاري، حدّثنا عيسى بن محمّد بن عيسى، حَدَّثَنَا العباس بن مصعب قَالَ: جمع عبد اللَّه بن المبارك، الحديث، والفقه، والعربية، وأيام الناس، والشجاعة، والتجارة، والسخاء، والمحبة عند الْفِرَق.
وأخبرنا أبو حازم العبدوي، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَد بْنِ مُحَمَّد بْنِ عُمَر، أَخْبَرَنَا عمرو بن عبد اللَّه الغازي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن عبد الوهاب الفراء يَقُول:
ما أخرجت خراسان مثل هؤلاء الثلاثة، ابن المبارك، والنّضر بن شميل، ويحيى بن معين.
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن عبد اللَّه بن الجراح المعدل- بمرو- حدّثنا يحيى بن ساسويه، حَدَّثَنَا عبد الكريم بن أبي عبد الكريم السّكّري، حدّثنا وهب بن زمعة عن فضالة النوسي قال: كنت أجالس أصحاب الحديث بالكوفة، وكانوا إذا تشاجروا في حديث قَالُوا مروا بنا إلى هذا الطبيب حتى نسأله، يعنون عبد اللَّه بن المبارك.
وقَالَ ابن نعيم: أَخْبَرَنِي أبو النّضر الفقيه، حَدَّثَنَا عُثْمَان بن سعيد الدارمي قَالَ:
سمعت نعيم بن حماد يَقُول: سمعت يَحْيَى بن آدم يَقُول: كنت إذا طلبت الدقيق من المسائل فلم أجده في كتب ابن المبارك، آيست منه.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن التوزي، أَخْبَرَنَا يوسف بن عمر القواس، حدّثنا أحمد بن العبّاس البغوي، حدّثنا علي بن زيد- يعني الفرائضيّ- حَدَّثَنِي علي بن صدقة قَالَ: سمعت شعيب بن حرب قَالَ: ما لقي ابن المبارك رجل إلا زين. والمراد أفضل منه.
وقَالَ علي بن صدقة: سمعت أبا أسامة يَقُول: ابن المبارك في أصحاب الحديث مثل أمير المؤمنين في الناس.
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيُّ- بساوة- حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن جعفر المعروف بصاحب الخان- بارمية- حدّثنا محمّد بن إبراهيم الديبلي، حدّثنا علي ابن زيد، حَدَّثَنَا علي بن صدقة قَالَ: سمعت أبا أسامة يَقُول: كان ابن المبارك في أصحاب الحديث مثل أمير المؤمنين في الناس.
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ الطَّيِّبِ الدَّسْكَرِيُّ- بِحُلْوَانَ- أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ الإسماعيلي- بجرجان- أَخْبَرَنَا أبو الْحُسَيْن الرازي عبيد اللَّه بْنُ إبراهيم، حدّثنا محمّد بن علي الهمذاني- بهمذان- حدّثنا أبو حفص عمر بن مدرك، حدّثنا ابن عبد الرّحمن، حَدَّثَنَا أشعث بن شعبة المصيصي قَالَ: قدم هارون الرشيد أمير المؤمنين الرقة، فانجفل الناس خلف عبد اللَّه بن المبارك، وتقطعت النعال، وارتفعت الغبرة، فأشرفت أم ولد لأمير المؤمنين من برج من قصر الخشب، فلما رأت الناس قَالت: ما هذا؟ قَالُوا: عالم من أهل خراسان قدم الرقة يقَالُ له عبد اللَّه بن المبارك، فقَالت: هذا واللَّه الملك لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان.
أخبرني أبو القاسم الأزهري، أخبرنا محمّد بن المظفر، حدّثنا الحسن بن آدم، حدّثنا عثمان بن خرزاذ، حدّثنا محمّد بن حسّان، حدّثنا عبد الرّحمن بن يزيد الجهضمي قَالَ: قَالَ الأوزاعي: رأيت ابن المبارك؟ قلت: لا، قَالَ: لو رأيته لقرت عينك.
أخبرنا أبو بكر البرقاني، حدّثني محمّد بن العبّاس الخزّاز، حدّثنا محمّد بن هارون ابن حميد، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي رَزْمَةَ.
وأَخْبَرَنِي أَبُو الْفَرَجِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الطناجيري، حدّثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدّثنا الحسين بن أحمد بن صدقة، حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَزْمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: عَرَفْتَ ابْنَ الْمُبَارَكِ؟ قُلْتُ:
نَعَمْ! قَالَ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ نَاحِيَتِكُمْ مِثْلُهُ، وَلَمْ يَقُلِ الْبَرْقَانِيُّ عَلَيْنَا.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْن الْحُسَيْن المحاملي، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيُّ، حدّثنا عبد المجيد بن إبراهيم، حدّثنا وهب بن زمعة، حَدَّثَنَا معاذ بن خالد قَالَ: تعرفت إلى إِسْمَاعِيل بن عياش بعبد اللَّه بن المبارك، قَالَ: فقَال إِسْمَاعِيل بن عياش: ما على وجه الأرض مثل عبد اللَّه بن المبارك، ولا أعلم أن اللَّه خلق خصلة من خصال الخير إلا وقد جعلها في عبد اللَّه بن المبارك، ولقد حَدَّثَنِي أصحابي أنهم صحبوه من مصر إلى مكة فكان يطعمهم الخبيص، وهو الدهر صائم.
أَخْبَرَنَا ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عمر، حدّثنا محمّد بن المنذر، حدّثني عمر بن سعيد الطائي، حَدَّثَنَا عمر بن حفص الصوفي- بِمنبج- قَالَ: خرج ابن المبارك من بغداد يريد المصيصة، فصحبه الصوفية فقَال لَهم:
أنتم لكم أنفس تحتشمون أن ينفق عليكم، يا غلام هات الطست، فألقى على الطست منديلًا ثم قَالَ: يلقي كل رجل منكم تحت المنديل ما معه، قال: فجعل الرجل يلقي عشرة دراهم والرجل يلقي عشرين، فأنفق عليهم إلى المصيصة، فلما بلغ المصيصة قَالَ: هذه بلاد نفير، فنقسم ما بقي، فجعل يعطي الرجل عشرين دينارًا. فيَقُول: يا أبا عبد الرحمن إنما أعطيت عشرين درهمًا، فيَقُول: وما تنكر أن يبارك اللَّه للغازي في نفقته!!
أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، وأبو مُحَمَّد الْحَسَن بن مُحَمَّد الخلال قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْكَاتِبُ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن الْحَسَن المقرئ قَالَ: سمعت عبد اللَّه بن أَحْمَد الدورقي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحَسَن بن شقيق قَالَ: سمعت أبي قَالَ: كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع عليه إخوانه من أهل مرو، فيَقُولون نصحبك يا أبا عبد الرحمن؟ فيَقُول لهم: هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق فيقفل عليها، ثم يكتري لَهم ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام. وأطيب الحلواء ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي وأجمل مروءة، حتى يصلوا إِلَى مدينة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا صاروا إلى المدينة قَالَ لكل رجل منهم: ما أمروك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيَقُول كذا فيشتري لهم ثم يخرجهم إلى مكة فإذا وصلوا إلى مكة وقضوا حجهم قَالَ لكل واحد منهم ما أمروك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيَقُول كذا وكذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فإذا وصل إلى مرو جصص أبوابهم ودورهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام صنع لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته بعد أن كتب عليها اسمه.
قَالَ أبي: أَخْبَرَنِي خادمه أنه عمل آخر سفرة سافرها دعوة، فقدم إلى الناس خمسة وعشرين خوانًا فالوذج. قال أبي: وبلغنا أنه قَالَ للفضيل بن عياض: لولاك وأصحابك ما اتجرت، قَالَ أبي: وكان ينفق على الفقراء في كل سنة مائة ألف درهم.
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، حدّثني محمّد بن علي النّحويّ، حدّثنا أحمد بن علي بن رزين، أَخْبَرَنَا علي بن خشرم قَالَ: حَدَّثَنِي سلمة بن سليمان قَالَ: جاء رجل إلى عبد اللَّه بن المبارك فسأله أن يقضي دينًا عليه، فكتب له إلى وكيل له، فلما ورد عليه الكتاب قَال له الوكيل- كم الدين الذي سألت فيه عبد اللَّه أن يقضيه عنك؟ قال: سبعمائة درهم، فكتب إلى عبد اللَّه إن هذا الرجل سألك أن تقضي عنه سبعمائة درهم، وكتبت له سبعة آلاف درهم، وقد فنيت الغلات، فكتب إليه عبد اللَّه: إن كانت الغلات قد فنيت فإن العمر أيضًا قد فني، فأجز له ما سبق به قلمي.
وقَالَ ابن نعيم: أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عمر، حدّثنا محمّد بن المنذر، حدثني يعقوب بن إسحاق، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عيسى قَالَ: كان عبد اللَّه بن المبارك كثير الاختلاف إلى طرسوس وكان ينزل الرقة في خان فكان شاب يختلف إليه ويقوم بحوائجه، ويسمع منه الحديث، قال: فقدم عبد الله: الرقة مرة فلم ير ذلك الشاب، وكان مستعجلًا فخرج في النفير فلما قفل من غزوته، ورجع الرقة سأل عن الشاب قَالَ: فقَالُوا إنه محبوس لدين ركبه، فقَال عبد اللَّه وكم مبلغ دينه؟ فقَالُوا: عشرة آلاف درهم، فلم يزل يستقصي حتى دل على صاحب المال، فدعا به ليلًا ووزن له عشرة آلاف درهم، وحلفه أن لا يخبر أحدًا ما دام عبد اللَّه حيًّا، وقَالَ إذا أصبحت فأخرج الرجل من الحبس، وأدلج عبد اللَّه، فأخرج الفتى من الحبس، وقيل له عبد اللَّه بن المبارك كان هاهنا، وكان يذكرك، وقد خرج. فخرج الفتى في أثره فلحقه على مرحلتين- أو ثلاث- من الرقة، فقَال: يا فتى أين كنت، لم أرك في الخان؟ قَالَ: نعم يا أبا عبد الرحمن، كنت محبوسًا بدين قَالَ: فكيف كان سبب خلاصك؟ قَالَ: جاء رجل فقضى ديني ولم أعلم به حتى أخرجت من الحبس، فقَالَ له عبد اللَّه: يا فتى احمد اللَّه على ما وفق لك من قضاء دينك. فلم يخبر ذلك الرجل أحدًا إلا بعد موت عبد اللَّه.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن الْحُسَيْنِ بْنِ رامين الأستراباذي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن جعفر الجرجاني، حَدَّثَنَا السراج وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن إسحاق النيسابوري قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم بن بشار يَقُول: حَدَّثَنِي علي بن الفضيل قَالَ: سمعت أبي وهو يقول لابن المبارك: أنت تأمرنا بالزهد، والتقلل، والبلغة، ونراك تأتي بالبضائع من بلاد خراسان إلى البلد الحرام، كيف ذا؟ فقَالَ ابن المبارك: يا أبا علي إنما أفعل ذا لأصون به وجهي، وأكرم به عرضي، واستعين به على طاعة ربي، لا أرى لله حقًا إلا سارعت إليه حتى أقوم به. فقَالَ له الفضيل: يا ابن المبارك ما أحسن ذا، إن تم ذا.
أَخْبَرَنِي أبو القاسم منصور بن عمر الكرخي قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بن مُحَمَّد بن أَحْمَد المقرئ. وأَخْبَرَنَا عبيد الله بن عمر الواعظ، حَدَّثَنِي أبي قَالَا: حَدَّثَنَا عثمان بن أَحْمَد، حَدَّثَنَا الفتح بن شخرف قَالَ: حَدَّثَنِي عباس بن يزيد، حَدَّثَنَا حبان بن موسى قَالَ: عوتب ابن المبارك فيما يفرق المال في البلدان ولا يفعل في أهل بلده، قَالَ: إني
أعرف مكان قوم لَهم فضل وصدق، طلبوا الحديث فأحسنوا الطلب للحديث، بحاجة الناس إليهم احتاجوا، فإن تركناهم ضاع عليهم، وإن أعناهم بثوا العلم لأمة مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أعلم بعد النبوة أفضل من بث العلم.
أَخْبَرَنَا هبة اللَّه بن الحسن الطبري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حامد، أخبرنا محمّد بن عمر بن يزيد، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُول: ما رأيت أحدًا يحدث لله إلا ستة نفر، منهم عبد اللَّه بن المبارك.
وأخبرنا هبة الله الطبري، أخبرنا علي بن محمّد بن عمر، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم، حَدَّثَنَا أبي قَالَ: سمعت ابن الطباع يحدث عن عبد الرحمن بن مهدي قَالَ: الأئمة أربعة، سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وحماد بن زيد، وابن المبارك.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي البصري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصفار، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شعيب المدائنيّ- بمصر- حدّثنا محمّد بن عمر- وهو ابن نافع المعدل- حدّثنا أحمد بن محمّد بن شبويه، حَدَّثَنَا الثقة عن ابن مهدي قَالَ: ما رأيت رجلًا أعلم بالحديث من سفيان الثوري، ولا أحسن عقلًا من مالك، ولا أقشف من شعبة، ولا أنصح لِهذه الأمة من عبد اللَّه بن المبارك.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أبو العلاء مُحَمَّد بن علي الواسطيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن حبش المقرئ- بالدينور- حَدَّثَنَا الْحَسَن بن عَليّ بن زيد البَزَّاز قَالَ: سمعت أبا موسى مُحَمَّد بن المثنى يَقُولُ: سمعت عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي يَقُولُ: ما رأت عيناي مثل أربعة؛ ما رأيت أحفظ للحديث من الثوري، ولا أشد تقشفًا من شعبة، ولا أعقل من مالك بن أنس، ولا أنصح للأمة من عبد اللَّه بن المبارك.
أَنْبَأَنَا أَبُو زُرعة رَوح بْن مُحَمَّد الرازي، أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد بن عمر الفقيه، أخبرنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم، حَدَّثَنَا أبو نشيط مُحَمَّد بْن هارون قَالَ: سمعت نعيم بن حماد قَالَ: قلت لعبد الرحمن بن مهدي أيهما أفضل عندك ابن المبارك، أو سفيان الثوري؟ فقَالَ: ابن المبارك، فقلت: إن الناس يخالفونك قَالَ: إن الناس لم يجربوا، ما رأيت مثل ابن المبارك.
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أخبرنا علي بن حمشاذ المعدل، حدّثنا محمّد بن أيّوب، حدّثنا نوح بن حبيب، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديّ، حَدَّثَنِي ابن المبارك- وكان نسيج وحده-.
قرأت على أبي بكر الْبَرْقَانِيّ عن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد ابن مسعدة الفزاريّ، حدّثنا جعفر بن درستويه، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: سمعت ابن مهدي يَقُول: كان ابن المبارك أعلم من سفيان الثوري.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الحسين القطّان، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا محمد ابن إِبْرَاهِيمَ بن يوسف الْمَرْوَزِيّ قَالَ: سمعت أبا الوزير مُحَمَّد بن أعين يَقُول: سمعت عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي يَقُولُ- وقدم بغداد في بيع دار له- فاجتمع إليه أصحاب الحديث فقَالُوا له جالست سفيان الثوري وسمعت منه، وسمعت من عبد اللَّه، فأيهما أرجح؟ فقَالَ: ما تقولون! لو أن سفيان جهد جهده على أن يكون يومًا مثل عبد اللَّه لم يقدر.
أخبرنا البرقاني، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْبُنْدَارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ. قَالَ سُفْيَانُ: إِنِّي لأَشْتَهِي مِنْ عُمُرِي كُلِّهِ أَنْ أَكُونَ سَنَةً وَاحِدَةً مِثْلَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَمَا أَقْدِرُ أَنْ أَكُونَ وَلا ثَلاثَةَ أيام.
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أخبرنا محمّد بن أحمد بن عمر، حدّثنا محمّد بن المنذر، حدّثنا إبراهيم بن بحر الدّمشقيّ، حدّثنا عمران بن موسى الطرسوسي قَالَ: جاء رجل فسأل سفيان الثوري عن مسألة، فقَالَ له: من أين أنت؟
فقَالَ من أهل المشرق، قَالَ: أو ليس عندكم أعلم أهل المشرق! قَالَ: ومن هو يا أبا عبد اللَّه؟ قَالَ: عبد اللَّه بن المبارك، قَالَ: وهو أعلم أهل المشرق؟ قَالَ: نعم وأهل المغرب.
وقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المنذر، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الْحُسَيْن القرشي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن عبدة قَالَ: كان فضيل وسفيان ومشيخة جلوسًا في المسجد الحرام، فطلع ابن المبارك من الثنية، فقَالَ سفيان: هذا رجل أهل المشرق، فقَالَ فضيل: هذا رجل أهل المشرق والمغرب وما بينهما.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي المحتسب، أخبرنا يوسف بن عمر القواس، حدّثنا أحمد بن العبّاس البغوي- إملاء- حدّثنا علي بن زيد- يعني الفرائضيّ- حدّثني عبد الرّحمن
ابن أبي جَميل قَالَ: كنا حول ابن المبارك بمكة، فقلنا له: يا عالم المشرق حَدِّثْنَا، وسفيان قريب منا فسمع، قَالَ: ويحكم عالم المشرق والمغرب وما بينهما.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الله الكاتب، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الدغولي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قهزاذ قَالَ: سمعت أبا الوزير يَقُول: قدمت على سفيان بن عيينة فقَالُوا له: هذا وصي عبد اللَّه، فقَالَ: رحم اللَّه عبد اللَّه، ما خلف بِخراسان مثله، قَالَ: فقَالُوا لا يرضون، قَالَ: ما يَقُولون قَالَ: يَقُولون ولا بالعراق، قَالَ: ما أخلق، ما أخلق، ما أخلق، ثلاثًا.
أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المقرئ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري، حدّثنا أحمد بن يوسف التغلبي، حدّثنا أحمد بن أبي الحواري، حَدَّثَنَا أبو عصمة قَالَ: شهدت سفيان وفضيل بن عياض، فقَالَ سفيان لفضيل، يا أبا علي أي رجل ذهب- يعني ابن المبارك- فقَالَ له فضيل: يا أبا مُحَمَّد وبقي بعد ابن المبارك من يستحيى منه؟! أَخْبَرَنِي حمزة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدقاق، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدّثنا محمّد بن مخلد، حَدَّثَنِي عبد الصمد بن حميد قَالَ: سمعت أبا الحسن عبد الوهاب ابن عبد الحكم يَقُول: لَمَّا مات ابن المبارك بلغني أن هارون أمير المؤمنين قَالَ: مات سيد العلماء.
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: قرأتُ عَلَى أبي حاتِم بن أبي الفضل الهروي أخبركم الحسين ابن إدريس قَالَ: سمعت المسيب بن واضح يَقُول: سمعت أبا إسحاق الفزاري يَقُول:
ابن المبارك إمام المسلمين أجمعين.
أَخْبَرَنَا هبة اللَّه بن الحسن الطبري، أخبرنا علي بن محمّد بن عمر، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم، حدثني أبي، حدّثنا المسيّب بن واضح قال: سمعت أبا إسحاق الفزاري يَقُول: ابن المبارك إمام المسلمين. ورأيت أبا إسحاق بين يدي ابن المبارك قاعدًا يسائله.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ، أَخْبَرَنَا أبو حامد أَحْمَد بن مُحَمَّد الخطيب- بمرو- حَدَّثَنَا أبو وهب أَحْمَد بن رافع- وراق سويد بن نصر- قَالَ: سمعت علي بن إسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَقُول: قَالَ ابن
عيينة: نظرت في أمر الصحابة، وأمر ابن المبارك، فما رأيت لهم عليه فضلًا إلا بصحبتهم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وغزوهم معه.
أخبرنا أحمد بن محمّد العتيقي، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الفضل الكرابيسي الْمَرْوَزِيّ قَالَ: سمعت عمر بْن أَحْمَد الجوهري يَقُول: سمعت محمود بن والان يَقُول: سمعت عمار بن الْحَسَن يَمدح ابن المبارك ويَقُول:
إذا سار عبد اللَّه من مرو ليلة ... فقد سار منها نورها وجمالها
إذا ذكر الأحبار في كل بلدة ... فهم أنجم فيها وأنت هلالُها
حَدَّثَنِي مكي بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشيرازي، أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن عمر التجيبي- بِمصر- أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بن أبي الأصبغ، أخبرنا هاشم بن مرثد، حَدَّثَنَا عثمان بن طالوت قَالَ: سمعت علي بن المديني يَقُول: انتهى العلم إلى رجلين؛ إلى عبد اللَّه بن المبارك ثم من بعده إلى يَحْيَى بن معين.
أَخْبَرَنَا منصور بن ربيعة الزّهريّ الخطيب- بالدينور- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ راشد، أخبرنا علي بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قَالَ عَلِيّ بن المدينيّ: عبد الله ابن المبارك هو أوسع علمًا من عبد الرحمن بن مهدي، ويَحْيَى بن آدم.
أَخْبَرَنِي أَبُو الفرج الطناجيري، حَدَّثَنَا عُمَر بْن أحمد الواعظ، حدّثنا الحسين بن أحمد بن صدقة، حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة، حَدَّثَنَا موسى بن إِسْمَاعِيل قَالَ:
سمعت سلام بن أَبِي مطيع يَقُول: ما خلف ابن المبارك بالمشرق مثله.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بن علي الجوهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْقَاسِم بْن جَعْفَر الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: سمعت يحيى ابن معين- وذكروا عبد اللَّه بن المبارك- فقَالَ رجل: إنه لم يكن حافظًا، فقَالَ يَحْيَى ابن معين: كان عبد اللَّه بن المبارك رحمه اللَّه كيسًا مستثبتًا ثقة، وكان عالِمًا صحيح الحديث وكانت كتبه التي حدث بِها عشرين ألفًا- أو واحدًا وعشرين ألفًا-.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حَدَّثَنَا أبو سعد عبد الرحمن بن مُحَمَّد الإدريسي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن خالد المطوعي البخاري يَقُول: سمعت الْحَسَن بْن الْحُسَيْن البخاري يَقُول:
سمعت أبا معشر حمدويه بن الخطاب يَقُول: سمعت أبا السري نصر بن المغيرة البخاري يَقُول: سمعت إِبْرَاهِيم بن شماس يَقُول: رأيت أفقه الناس، وأورع الناس،
وأحفظ الناس، فأما أفقه الناس فابن المبارك، وأما أورع الناس ففضيل بن عياض، وأما أحفظ الناس فوكيع بن الجراح.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بن أبي بكر، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطّان، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي خيثمة قَالَ: سمعت يَحْيَى بن معين يَقُول: وذكر أصحاب سفيان فذكر ابن المبارك فبدأ به، وقَالَ هم خمسة، ابن المبارك، ووكيع، ويَحْيَى، وعبد الرحمن، وأبو نعيم.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بن أَبِي بكر، أخبرنا أبو سهل بن زياد، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَان الطيالسي قَالَ: قلت ليَحْيَى بن معين: إذا اختلف يَحْيَى القطان ووكيع؟ قَالَ: القول قول يَحْيَى، قلت: إذا اختلف عبد الرحمن ويَحْيَى؟ قَالَ: يحتاج من يفضل بينهما، قلت: أبو نعيم وعبد الرحمن؟ قَالَ: يحتاج من يفضل بينهما. قلت الأشجعي؟ قَالَ:
مات الأشجعي ومات حديثه معه. قلت: ابن المبارك؟ قَالَ: ذاك أمير المؤمنين.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمّد بن عبد الله النّيسابوريّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن العباس الخطيب- بِمرو- قَالَ: سمعت محمود بن والان يَقُول:
سمعت مُحَمَّد بن موسى يَقُول: سمعت إِبْرَاهِيم بن موسى يقول: كنت عند يحيى ابن معين فجاءه رجل فقَالَ: يا أبا زكريا من كان أثبت في معمر، عبد الرزاق، أو عبد اللَّه بن المبارك؟ وكان متكئًا فاستوى جالسًا فَقَال: كان ابن المبارك خيرًا من عبد الرزاق، ومن أهل قريته، ثم قَالَ: تضم عبد الرزاق إلى عبد اللَّه! قَالَ: وقَالَ يَحْيَى- وذكر عنده ابن المبارك- فَقَالَ: سيد من سادات المسلمين.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن أَبِي جعفر القطيعي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيمَ بن الخليل الجلاب قَالَ: سئل إِبْرَاهِيم الحربي إذا اختلف أصحاب معمر فالقول قول من؟ قَالَ: القول قول ابن المبارك.
أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الدغولي، حدّثنا يحيى بن زكريا، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن النضر بن مساور قَالَ: قَالَ أبي: قلت لعبد اللَّه- يعني ابن المبارك- يا أبا عبد الرحمن هل تحفظ الحديث؟ قال: فتغير لونه وقَالَ: ما تحفظت حديثًا قط، إنما آخذ الكتاب فأنظر فيه، فما أشتهيه علق بقلبي.
أخبرني ابن يعقوب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نعيم قَالَ: قرأت بِخط إبراهيم بن علي الذهلي، حَدَّثَنِي أَحْمَد بن الخليل قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بن عيسى، أَخْبَرَنِي صخر- صديق ابن المبارك- قَالَ: كنا غلمانًا في الكتاب، فمررت أنا وابن المبارك ورجل يخطب، فخطب خطبة طويلة، فلما فرغ قَالَ لي ابن المبارك قد حفظتها، فسمعه رجل من القوم، فقَالَ هاتها، فأعادها عليهم ابن المبارك، وقد حفظها.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمّد بن عبد الله النّيسابوريّ، أَخْبَرَنِي أبو جعفر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبيد الله البغداديّ، حدّثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حَدَّثَنَا نعيم بن حماد قَالَ: سمعت عبد اللَّه بن المبارك قَالَ: قَالَ لي أبي: لئن وجدت كتبك لأحرقتها، قَالَ: فقلت له وما علي من ذلك وهو في صدري.
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أخبرنا أبو العبّاس السّيّاري، حدّثنا عيسى بن محمّد، حَدَّثَنَا العباس بن مصعب قَالَ: قَالَ أبو وهب مُحَمَّد بن مزاحم:
العجب مِمن يسمع الحديث من ابن المبارك عن رجل ثم يأتي ذلك الرجل حتى يحدثه به.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن طلحة بْن مُحَمَّد الْمُقْرِئ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يزيد الغازي، أخبرنا محمد بن محمد بن داود الكرجي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قَالَ: عبد اللَّه بن المبارك مروزي ثقة.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن الْحُسَيْنِ بْنِ رَامِينَ الإِسْتَرَابَاذِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاضِي أَبَا بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمَيَانِجِيُّ- بِدِمَشْقَ- يَقُولُ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ- بِالْبَصْرَةِ- قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ بِمَكَّةَ أَتَى زَمْزَمَ فاستقى منه شربة، ثم استقبل الكعبة، ثم قال: اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ أَبِي الْموال حَدَّثَنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» وَهَذَا أَشْرَبُهُ لِعَطَشِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ شَرِبَهُ.
أَخْبَرَنَا عَليّ بن أَحْمَد الرّزّاز، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى النيسابوري، أَخْبَرَنَا بكر بن مُحَمَّد بن إسحاق بن خزيمة، حَدَّثَنَا أبو أَحْمَد مُحَمَّد بن عبد الوهاب قَالَ: سمعت الخليل أبا مُحَمَّد قَالَ: كان ابن المبارك إذا خرج إلى مكة يَقُول:
بغض الحياة وخوف اللَّه أخرجني ... وبيع نفسي بما ليست له ثمنا
إني وزنت الذي يبقى ليعدله ... ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا
أخبرنا محمّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمّد بن عبد الله النّيسابوريّ، أخبرني أحمد بن محمّد العنزي، حَدَّثَنَا عُثْمَان بن سعيد الدارمي قَالَ: سمعت نعيم بن حماد يَقُول: كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق يصير كأنه ثور منحور، أو بقرة منحورة من البكاء، لا يجترئ أحد منا أن يدنو منه، أو يسأله عن شيء إلا دفعه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْن عَلِيِّ بْن مُحَمَّد القرشي، أخبرنا عمر بن أحمد ابن هارون المقرئ، حدّثنا حمد بن حمدويه المروزيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن سعيد بن مسعود الْمَرْوَزِيّ، حَدَّثَنَا أبو حاتم الرازي قَالَ: سمعت عبدة بن سليمان- يعني الْمَرْوَزِيّ- يَقُول: كنا في سرية مع عبد اللَّه بن المبارك في بلاد الروم، فصادفنا العدو، فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو فدعا إلى البراز، فخرج إليه رجل فقتله، ثم آخر فقتله، ثم دعا إلى البراز فخرج إليه فطارده ساعة فطعنه فقتله، فازدحم إليه الناس، فكنت فيمن ازدحم إليه فإذا هو يلثم وجهه بكمه فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو عبد اللَّه بن المبارك فَقَالَ: وأنت يا أبا عمرو مِمن يشنع علينا!! أَخْبَرَنِي ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاس قاسم بْن الْقَاسِم السياري، حدّثنا عيسى بن محمّد بن عيسى، حَدَّثَنَا العباس بن مصعب قَالَ: حَدَّثَنِي بعض أصحابنا قَالَ: سمعت أبا وهب يَقُول: مر ابن المبارك برجل أعمى، قَالَ: فَقَالَ أسألك أن تدعو اللَّه أن يرد اللَّه عَليّ بصري، قَالَ: فدعا اللَّه فرد عليه بصره وأنا أنظر.
أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيّ عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بن أحمد بن فضالة النيسابوري- بالري- أَخْبَرَنَا أبو الفضل مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مجاهد- بالشاش- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جبريل بن الحارث التونكسي- في مجلس الأرزناني- قَالَ: سمعت أبا حسان البصري عيسى بن عبد اللَّه يَقُول: سمعت الْحَسَن بن عرفة يَقُول: قَالَ لي ابن المبارك: استعرت قلمًا بأرض الشام فذهب عَليّ أن أرده إلى صاحبه، فلما قدمت مرو نظرت فإذا هو معي، فرجعت يا أبا علي الْحَسَن بن عرفة إلى أرض الشام حتى رددته على صاحبه.
قرأت على البرقاني عن أبي إسحاق المزكي قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السّرّاج، حدّثنا حاتم الجوهريّ، حَدَّثَنَا أسود بن سالِم قَالَ: كان ابن المبارك إمامًا يُقتدى به، كان من أثبت الناس في السنة، إذا رأيت رجلًا يغمز ابن المبارك بشيء فاتهمه على الإسلام.
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أخبرنا علي بن محمّد المروزيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن موسى بن حاتم قَالَ: سمعت عبدان بن عثمان يَقُول: خرج عبد اللَّه إلى العراق أول ما خرج سنة إحدى وأربعين ومائة، ومات بهيت وعانات لثلاث عشر خلت من رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة.
أَخْبَرَنَا منصور بن ربيعة الزهري- بالدينور- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ راشد، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قال علي بن المديني: وعبد اللَّه بن المبارك مولى لبني حنظلة، ويكنى أبا عبد الرحمن، مات سنة إحدى وثَمانين ومائة بِهيت.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدّثنا حنبل بن إسحاق، حدّثني أبو عبد الله، حَدَّثَنَا حسن بن الربيع قَالَ: وسألت ابن المبارك قبل أن يموت قال: أنا ابن ثلاث وستين، ومات سنة إحدى وثمانين. وقَالَ أبو عبد اللَّه:
ذهبت لأسمع منه فلم أدركه، وكان قدم فخرج إلى الثغر فلم أسمع منه، ولم أره.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بْن سفيان قَالَ:
سَمعت الْحَسَن بن الربيع يَقُول: شهدت موت ابن المبارك، مات سنة إحدى وثمانين ومائة في رمضان لعشر مضين منه، مات سحرًا ودفناه بهيت، وسألت ابن المبارك قبل أن يموت، قال: أنا ابن ثلاث وستين.
أَخْبَرَنَا عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بشران المعدل، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعي، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدّنيا، حدّثنا محمّد بن علي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بن الأشعث قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن فضيل بن عياض قَالَ: رأيت عبد اللَّه بن المبارك في المنام، فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل؟ قَالَ: الأمر الذي كنت فيه، قلت الرباط والجهاد؟ قَالَ: نعم! قلت: وأي شيء صنع بك؟ قَالَ: غفر لي مغفرة ما بعدها مغفرة، وكلمتني امرأة من أهل الجنة أو امرأة من الحور العين.
وَقَالَ ابْن أَبِي الدنيا: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، حدّثني علي بن إسحاق، حَدَّثَنِي صخر بن راشد قَالَ: رأيت عبد اللَّه بن المبارك في منامي بعد موته، فقلت: أليس قد مت؟ قَالَ: بلى! قلت: فما صنع بك ربك؟ قَالَ: غفر لي مغفرة أحاطت بكل ذنب، قلت: فسفيان الثوري؟ قَالَ: بخ بخ ذاك: مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً
[النساء 69] .
أخبرني ابن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عمر، حدّثنا محمّد بن المنذر، حدّثني شعيب بن محمّد، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْفِرْيَابِيَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فَعَلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟ فَقَالَ: مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً
[النساء 69] قلت: ما فعل وكيع؟ فحرك يديه فقال: أَكْثَرَ أَكْثَرَ- يَعْنِي فِي الْحَدِيثِ-.
530 عبد اللَّه بن المبارك، مولى بني هاشم:
حدث عن همام بن يَحْيَى العوذي، وعيسى بن ميمون. روى عنه عمر بن حفص السدوسي.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الخوّاص المعروف بالخلدي- إملاء- حدّثنا عمر بن حفص السدوسي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْبَغْدَادِيُّ- مَوْلَى العبّاس سنة تسع عشرة- حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ صَالِحٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: «اتَّقُوا اللَّهُ فِي الصَّلاةِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» وَجَعَلَ يُكَرِّرُهَا.
وحدث عن هذا الشيخ أَحْمَد بن القاسم بن مساور الجوهري فَقَالَ: حَدَّثَنَا عبد اللَّه بن المبارك الخراساني- ببغداد- في مسجد الجامع حَدَّثَنَا همام بن يَحْيَى
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=134464&book=5528#c9a465
عبد الغافر بن سلامة بن أحمد بن عبد الغافر بن سلامة بن أزهر، أبو هاشم الحضرمي :
من أهل حمص كان جوالا، حدث في عدة مواضع، وقدم بغداد وَحَدَّثَ بها عَنْ يَحْيَى بْن عُثْمَان الحمصي، وكثير بن عبيد الحذاء، ومزداذ بن جميل البهراني، ومحمّد ابن عوف الطائي. روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وأبو الحسين بن حمة الخلال، ومُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جامع الدهان، ويوسف بن عمر القواس، وابن الصّلت
الأهوازي- وهو آخر من روى عنه من البغداديين- والقاضي أبو عمر الهاشمي البصري- وهو آخر من روى عنه في الدنيا كلها- وكَانَ ثقة.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيُّ- بِالْبَصْرَةِ- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ سَلامَةَ بْنِ أَزْهَرَ الحضرمي- في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة- حدّثنا يحيى بن عثمان القرشيّ، حَدَّثَنَا ابْنُ حِمْيَرَ.
وأَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ، أخبرنا عليّ بن عمر الدارقطني، حدّثنا أبو هشام عبد الغافر بن سلامة بن أحمد بن عبد الغافر الحمصيّ، حدّثنا يحيى ابن عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الحمصيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا- وَفِي حَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ حَدَّثَنِي- شُعَيْبُ بْنُ أَبِي الأَشْعَثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ» .
لَيْسَ فِي حَدِيثِ الدارقطني أنه قال: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي الأَشْعَثِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرَ.
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ سَلامَةَ بْنِ أَحْمَدَ بن عبد الغافر بن سلامة بن أزهر الْحِمْصِيُّ- بِبَغْدَادَ فِي مَجْلِسِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ فِي الْجَامِعِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَجْلِسٍ قَعَدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وعشرين وثلاثمائة- حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نُمَيْرٍ الْحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ بِلالٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عن الْخِمَارِ وَالْمُوقَيْنِ .
قرأت فِي كتاب أَبِي الفتح أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سهل المالكي الحمصي الذي سمعه من أبي هاشم عبد الغافر بن سلامة. قال أبو هاشم: كنا نسمع من يحيى ابن عثمان في داره بحمص وحضرت له مجالس كثيرة، وكان عمرو بن عثمان يقعد مع أخيه، وأحسب أني سمعت عمرو بن عثمان، وضاعت الكتب، ورحلت مع عمي وجماعة من أصحابنا إلى حبلة وبابنياس فسمعنا من أبي ثوبان مزداذ بن
جميل مجالس كثيرة، وكنا سمعنا منه قبل ذلك بحمص، وكان عندهم من الأبدال، وكنا نسمع من أبي حميد بن سيار في دكانه في سوق العتيق، وكنت أحضر مجلسه بالعشي أتعلم الفرائض من المغرب إلى العشاء الآخرة، وكنا نسمع من أبي شرحبيل عيسى بن خالد بن نافع بن أخي أبي اليمان الحكم بن نافع في مسجد الجامع، وكان يقرئ الناس القرآن، وكنت أقرأ عليه، وسمعت من محمد بن عوف في مسجد الجامع قبل أن يذهب بصره، وقبل أن يخضب، ثم خضب وقدح، فأبصر أياما ثم لم يبصر، وسمعت من أبي الجماهر- وكان إمامنا- وعمران بن بكار، وأبو الحسين بن خلي، وسعيد بن عمرو السكوني، وصفوان بن عمرو، ومحمد بن عمرو بن حنان، وجماعة شيوخنا بحمص. وضاعت الكتب، وكنت أسمع مع عمي أنا وابنه. وتوفي عمي أبو جعفر بن أزهر سنة خمس وستين ومائتين، وولد لي قبل أن يموت عمي ولدان، وكنت قد قاربت الأربعين، ولا أحفظ مولدي، وتوفي أبي وأنا صغير، وظهرت لي كتب بحمص فيها سماعي عن عمرو بن عثمان وغيره من الشيوخ، فيها سمع أبو سعيد بن أزهر وابنه، فلم أحفظ أني سمعت مع أبي شيئا، إنما سمعت مع عمي فلم أحدث بها.
قلت: بلغني أن عبد الغافر مات بالبصرة في سنة ثلاث وثلاثمائة.
من أهل حمص كان جوالا، حدث في عدة مواضع، وقدم بغداد وَحَدَّثَ بها عَنْ يَحْيَى بْن عُثْمَان الحمصي، وكثير بن عبيد الحذاء، ومزداذ بن جميل البهراني، ومحمّد ابن عوف الطائي. روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وأبو الحسين بن حمة الخلال، ومُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جامع الدهان، ويوسف بن عمر القواس، وابن الصّلت
الأهوازي- وهو آخر من روى عنه من البغداديين- والقاضي أبو عمر الهاشمي البصري- وهو آخر من روى عنه في الدنيا كلها- وكَانَ ثقة.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيُّ- بِالْبَصْرَةِ- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ سَلامَةَ بْنِ أَزْهَرَ الحضرمي- في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة- حدّثنا يحيى بن عثمان القرشيّ، حَدَّثَنَا ابْنُ حِمْيَرَ.
وأَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ، أخبرنا عليّ بن عمر الدارقطني، حدّثنا أبو هشام عبد الغافر بن سلامة بن أحمد بن عبد الغافر الحمصيّ، حدّثنا يحيى ابن عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الحمصيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا- وَفِي حَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ حَدَّثَنِي- شُعَيْبُ بْنُ أَبِي الأَشْعَثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ» .
لَيْسَ فِي حَدِيثِ الدارقطني أنه قال: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي الأَشْعَثِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرَ.
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ سَلامَةَ بْنِ أَحْمَدَ بن عبد الغافر بن سلامة بن أزهر الْحِمْصِيُّ- بِبَغْدَادَ فِي مَجْلِسِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ فِي الْجَامِعِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَجْلِسٍ قَعَدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وعشرين وثلاثمائة- حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نُمَيْرٍ الْحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ بِلالٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عن الْخِمَارِ وَالْمُوقَيْنِ .
قرأت فِي كتاب أَبِي الفتح أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سهل المالكي الحمصي الذي سمعه من أبي هاشم عبد الغافر بن سلامة. قال أبو هاشم: كنا نسمع من يحيى ابن عثمان في داره بحمص وحضرت له مجالس كثيرة، وكان عمرو بن عثمان يقعد مع أخيه، وأحسب أني سمعت عمرو بن عثمان، وضاعت الكتب، ورحلت مع عمي وجماعة من أصحابنا إلى حبلة وبابنياس فسمعنا من أبي ثوبان مزداذ بن
جميل مجالس كثيرة، وكنا سمعنا منه قبل ذلك بحمص، وكان عندهم من الأبدال، وكنا نسمع من أبي حميد بن سيار في دكانه في سوق العتيق، وكنت أحضر مجلسه بالعشي أتعلم الفرائض من المغرب إلى العشاء الآخرة، وكنا نسمع من أبي شرحبيل عيسى بن خالد بن نافع بن أخي أبي اليمان الحكم بن نافع في مسجد الجامع، وكان يقرئ الناس القرآن، وكنت أقرأ عليه، وسمعت من محمد بن عوف في مسجد الجامع قبل أن يذهب بصره، وقبل أن يخضب، ثم خضب وقدح، فأبصر أياما ثم لم يبصر، وسمعت من أبي الجماهر- وكان إمامنا- وعمران بن بكار، وأبو الحسين بن خلي، وسعيد بن عمرو السكوني، وصفوان بن عمرو، ومحمد بن عمرو بن حنان، وجماعة شيوخنا بحمص. وضاعت الكتب، وكنت أسمع مع عمي أنا وابنه. وتوفي عمي أبو جعفر بن أزهر سنة خمس وستين ومائتين، وولد لي قبل أن يموت عمي ولدان، وكنت قد قاربت الأربعين، ولا أحفظ مولدي، وتوفي أبي وأنا صغير، وظهرت لي كتب بحمص فيها سماعي عن عمرو بن عثمان وغيره من الشيوخ، فيها سمع أبو سعيد بن أزهر وابنه، فلم أحفظ أني سمعت مع أبي شيئا، إنما سمعت مع عمي فلم أحدث بها.
قلت: بلغني أن عبد الغافر مات بالبصرة في سنة ثلاث وثلاثمائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=157256&book=5528#d50fc9
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلِ بنِ هِلاَلٍ الشَّيْبَانِيُّ
(س) الإِمَام، الحَافِظ، النَّاقِد، مُحَدِّث بَغْدَاد، أَبُو عبد الرَّحْمَن ابْن شَيْخ الْعَصْر أَبِي عَبْدِ اللهِ الذُّهْلِيّ الشَّيْبَانِيّ، المَرْوَزِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فَكَانَ أَصغر مِنْ أَخِيْهِ صَالِح بن أَحْمَد قَاضِي الأَصْبَهَانيّين.رَوَى عَنْ أَبِيْهِ شَيْئاً كَثِيْراً، مِنْ جملَته (المُسْنَد) كُلّه، وَ (الزُّهْد) ، وَعَنْ يَحْيَى بنِ عَبْدوَيْهِ صَاحِب شُعبَة، وَامْتَنَعَ مِنَ الأَخَذَ عَنْ عَلِيٍّ بن الجَعْد لِوَقْفِهِ فِي مَسْأَلَة القُرْآن، وَعَنْ: شَيْبَان بن فرُّوخ، وَحَوْثَرَة بن أَشْرَس، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بن مَعِيْن، وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الدُّوْلاَبِيّ، وَالهَيْثَم بن خَارِجَة، وَعبد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَأَبِي الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، وَأَبِي بَكْر بن أَبِي شَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاج السَّامِي، وَعُبَيد الله القَوَارِيْرِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْر المُقَدَّمِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْب، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْم المَوْصِلِيّ، وَإِسْحَاق بن مُوْسَى الخَطْمِيّ، وَأَبِي مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْل بن إِبْرَاهِيْم الهُذَلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عُبَيْدٍ بن أَبِي كَرِيْمَةَ، وَالحَكَم بن مُوْسَى القَنْطَرِيّ، وَخَلَف بن هِشَامٍ البَزَّار، وَدَاوُد بن رُشَيْدٍ، وَدَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ، وَرَوْح بن عَبْد المُؤْمِن، وَأَبِي خَيْثَمَة، وَسُرَيْج بن يُوْنُس، وَعَبَّاد بن يَعْقُوْبَ، وَعَبْد اللهِ بن عَوْنٍ الخرَّاز، وَعُبيد الله بن مُعَاذٍ، وَكَامِل بن طَلْحَة، وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ البَلْخِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبَّاد المَكِّيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّار، وَمُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن أَبِي الشَّوَارِبِ، وَمَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَوَهْب بن بَقِيَّة، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ حَدِيْثَيْنِ فِي (سُننه) ، وَالبَغَوِيّ، وَابْن صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَالخَضِر بن المُثَنَّى الكِنْدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بن زِيَادٍ،
وَمُحَمَّد بن مَخْلَدٍ، وَالمَحَامِلِيّ، وَدَعْلَج، وَإِسْحَاق بن أَحْمَدَ الكَاذِي، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَأَبُو أَحْمَدَ العسَّال، وَقَاسم بن أَصْبَغ، وَأَحْمَد بن كَامِلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.قَالَ إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدِ بنِ بَشِيْر: سَمِعْتُ عبَّاساً الدُّوْرِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ يَوْماً عِنْد أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، فَدَخَلَ ابْن عَبْد اللهِ فَقَالَ لِي أَحْمَدُ: يَا عَبَّاس! إِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن قَدْ وَعَى عِلْماً كَثِيْراً.
وَمن شُيُوْخه: أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيّ، وَأَحْمَد بن أَيُّوْب بن رَاشِدٍ، وَأَحْمَد بن بُدَيْل، وَأَحْمَد بن جَنَاب، وَأَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ جُنَيدب، وَأَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ خِرَاشٍ، وَأَحْمَد بن خَالِد الخَلاَّل، وَأَحْمَد بن سَعِيْدٍ الدَّارِمِيّ، وَأَحْمَد بن حُمَيْد، وَأَحْمَد بن حَاتِمٍ، وَأَحْمَد بن عَبْدَة البَصْرِيّ، وَأَحْمَد بن عُمَر الوَكِيْعِيّ، وَابْن عِيْسَى التُّسْتَرِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ المُغِيْرَة الحِمْصِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَطَّان، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَسَن البَاهِلِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن زِيَادٍ سَبَلان، وَإِبْرَاهِيْم بن سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ اللهِ بنِ بَشَّار وَاسِطِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن نَصْر - وَهُوَ ابْن أَبِي اللَّيْث - وَإِسْحَاق بن إِسْمَاعِيْل الطَّالقَانِي، وَإِسْحَاق الكَوْسَج، وَإِسْمَاعِيْل بن إِبْرَاهِيْم التَّرْجُمَانِيّ، وَأَبُو معمر الهُذَلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عُبَيْدٍ بن أَبِي كَرِيْمَةَ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ المُعقِّب، وَإِسْمَاعِيْل بن مَهْدِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُوْسَى.
وَحُمِيد، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْل، وَجَعْفَر بن مِهْرَان بن السَّبَّاك، وَجَعْفَر بن أَبِي هُرَيْرَة، وَحَجَّاج بن الشَّاعِرِ، وَالحَسَن بن قَزَعَة، وَالحَسَن بن أَبِي الرَّبِيْع، وَحَوْثَرَة بن أَشْرَس. وَأَبُو مُسْلِمٍ الخَلِيْل بن سَلْم - لَقِي عبد
الوَارِث - وَخَلاَّد بن أَسْلَم.وَرَوْح بن عبد المُؤْمِن، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى زَحْمَوَيْه، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى الرَّقَاشِيّ، وَزِيَاد بن أَيُّوْب.
وَسَعِيْد بن أَبِي الرَّبِيْع السَّمَّان، وَسَعِيْد بن مُحَمَّدٍ الجَرْمِيّ، وَسَعِيْد بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، وَسُفْيَان بن وَكِيْع، وَسُلَيْمَان بن أَيُّوْبَ صَاحِب البَصْرِيّ، وَأَبُو الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، وَسُلَيْمَان بن مُحَمَّدٍ المُبَارَك، وَشُجَاع بن مَخْلَدٍ.
وَصَالِح بن عَبْدِ اللهِ التِّرْمِذِيّ، وَالصَّلْت بن مَسْعُوْدٍ.
وَعَاصِم بن عُمَر المُقَدَّمِيّ، وَعَبَّاس العَنْبَرِيّ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَالعَبَّاس بن الوَلِيْد النَّرْسِيّ، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي زِيَاد، وَعَبْد اللهِ بن سَالِم المفْلُوج، وَعَبْد اللهِ بن سَعْد الزُّهْرِيّ، وَعَبْد اللهِ بن صَنْدل عَنِ الفُضَيْل بن عِيَاض، وَعَبْد اللهِ بن عَامِرِ بنِ زُرَارَةَ، وَعَبْد اللهِ مُشْكُدَانَة، وَعَبْد اللهِ بن عِمْرَانَ الرَّازِيّ، وَعَبْد الوَاحِد بن غِيَاث، وَالقَوَارِيْرِيّ، وَعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَعُقْبَة بن مُكْرَمٍ العَمِّيّ، وَعَلِيّ بن إِشكَاب، وَأَبُو الشَّعْثَاء عليّ بن الحَسَنِ، وَعَلِيّ بن حَكِيْم، وَعَلِيّ بن مُسْلِم، وَعِمْرَان بن بَكَّارٍ الحِمْصِيّ، وَعَمْرو الفَلاَّس، وَعَمْرو النَّاقِد، وَعِيْسَى بن سَالِم.
وَأَبُو كَامِل الفُضَيْل الجَحْدَرِيّ، وَفِطْر بن حَمَّادٍ، وَقَاسم بن دِيْنَارٍ، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ كِتَابَةً، وَقَطَن بن نُسير.
وَكَثِيْر بن يَحْيَى الحَنَفِيّ، وَلَيْث بن خَالِد البَلْخِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيّ.
وَمُحَمَّد بن إِسْحَاق المُسَيَّبِي، وَبُنْدَار، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيّ، وَمُحَمَّد بن بَكَّارٍ مَوْلَى بن هَاشِمٍ، وَمُحَمَّد بن تَمِيْم النَّهْشَلِيّ، وَمُحَمَّد بن ثَعْلَبَة بن سوَاء، وَمُحَمَّد بن حَسَّان السَّمتِي، وَمُحَمَّد بن إِشكَاب، وَمُحَمَّد لُوَيْن، وَمُحَمَّد بن صُدرَان، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ - جَار لَهُم يُكْنَى أَبَا بَكْرٍ - وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الرُّزِّي، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَة،
وَمُحَمَّد بن عُبَيْدٍ بن حَسَّان، وَمُحَمَّد بن عُبَيْدٍ المُحَارِبِيّ، وَمُحَمَّد بن عُثْمَانَ العُثْمَانِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيق، وَمُحَمَّد بن عَمْرٍو البَاهِلِيّ، وَأَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّد بن العَلاَءِ، وَمُحَمَّد بن أَبِي غَالِب، وَمُحَمَّد بن المُثَنَّى، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ أَخُو حجَّاج، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّان، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ أَبِي سَمِينَة، وَمُحَمَّد بن يَزِيْدَ العِجْلِيّ، وَمُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ أَبُو الهَيْثَمِ - سَمِعَ: مُعْتمراً -.وَمُحْرِز بن عَوْنٍ، وَمَخْلَد بن الحَسَنِ، وَمُصْعَب الزُّبَيْرِيّ، وَمُعَاوِيَة بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ الزُّبَيْرِيّ، عَنْ سَلاَّم أَبِي المُنْذِر.
وَنَصْر بن عَلِيٍّ، وَنُوْح بن حَبِيْب.
وَهَارُوْن بن مَعْرُوف، وَهُدْبَة بن خَالِدٍ، وَهَدِيَّة بن عَبْد الوَهَّابِ، وَهُرَيم بن عَبْدِ الأَعْلَى، وَهَنَّاد.
وَيَحْيَى بن أَيُّوْبَ البَلْخِيّ، وَيَحْيَى بن عُثْمَانَ الحَرْبِيّ، وَيَعْقُوْب بن إِسْمَاعِيْلَ بنِ حَمَّاد بن زَيْدٍ، وَيُوْسُف بن يَعْقُوْبَ الصَّفَّار، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البَصْرِيّ العَنْبَرِيّ، كَأَنَّهُ مُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الفُضَيْل، وَأَبُو مُوْسَى الهَرَوِيّ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْمَ.
وَسَائِر هَؤُلاَءِ حَدَّثَ عَنْهُم فِي (مُسْنَد) أَبِيْهِ، سِوَى بَعْض الأَحمدين.
قَالَ أَبُو يَعْلَى بن الفَرَّاء: وَجدْتُ عَلَى ظهر كِتَابٍ رَوَاهُ أَبُو الحُسَيْنِ السُّوْسَنْجِرْديّ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ الخُطَبِيّ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ابْني عَبْد اللهِ محظوظٌ مِنْ عِلْم الحَدِيْث، الخُطَبِيّ يشُكّ، لاَ يكَادُ يُذَاكرنِي إِلاَّ بِمَا لاَ أَحْفَظ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف: قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ: كُلّ شَيْءٍ أَقُول: قَالَ أَبِي، فَقَدْ سَمِعتُه مَرَّتين وثَلاَثَة، وَأَقلُّه مرَّة.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ بِمَسَائِل أَبِيْهِ، وَبعلل الحَدِيْث.وَقَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ المُنَادِي: لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا أَحَدٌ أَرْوَى عَنْ أَبِيْهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، لأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ (المُسْنَد) وَهُوَ ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، وَ (التَّفْسِيْر) وَهُوَ مائَة أَلْف وَعِشْرُوْنَ أَلْفاً، سَمِعَ مِنْهُ ثَمَانِيْنَ أَلْفاً، وَالبَاقِي وِجَادَةً، وَسَمِعَ (النَّاسخ وَالمنسوخ) ، وَ (التَّارِيْخ) ، وَ (حَدِيْث شُعبَة) ، وَ (المقدَّم وَالمُؤخَّر فِي كِتَاب الله) ، وَ (جَوَابَات القُرْآن) ، وَ (المنَاسك الكَبِيْر) ، وَ (الصَّغِيْر) ، وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ التَّصَانِيْف، وَحَدِيْث الشُّيُوْخ.
قَالَ: وَمَازِلنَا نرَى أَكَابر شُيوخنَا يَشْهدُوْنَ لَهُ بِمَعْرِفَة الرِّجَال وَعِلَل الحَدِيْث، وَالأَسْمَاء وَالكُنَى، وَالموَاظَبَة عَلَى طَلَب الحَدِيْث فِي العِرَاق وَغيرهَا، وَيذكرُوْنَ عَنْ أَسلاَفِهم الإِقْرَار لَهُ بِذَلِكَ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُم أَسرَف فِي تَقْرِيْظِه إِيَّاهُ بِالمعرفَة، وَزِيَادَة السَّمَاع لِلْحَدِيْثِ عَلَى أَبِيْهِ.
قُلْتُ: مَازِلنَا نَسْمَعُ بِهَذَا (التَّفْسِيْر) الكَبِيْر لأَحْمَدَ عَلَى أَلْسِنَة الطَّلَبَة وَعُمْدَتَهُم حِكَايَةُ ابْنِ المُنَادِي هَذِهِ، وَهُوَ كَبِيْرٌ قَدْ سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَمن عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ، لَكِنْ مَا رأَينَا أَحَداً أَخْبَرَنَا عَنْ وَجودِ هَذَا (التَّفْسِيْر) ، وَلاَ بَعْضه وَلاَ كُرَّاسَة مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَجود، أَوْ لِشَيْءٍ مِنْهُ لَنَسَخُوهُ، وَلاعتَنَى بِذَلِكَ طلبَةُ العِلْم، وَلَحَصَّلُّوا ذَلِكَ، وَلنُقِل إِلَيْنَا، وَلاشْتُهِرَ، وَلَتَنَافَسَ أَعيَانُ البَغْدَادِيِّيْنَ فِي تَحصِيله، وَلَنَقَل مِنْهُ ابْنُ جَرِيْر فَمَنْ بَعْدَهُ فِي تفَاسيرِهِم، وَلاَ -وَاللهِ- يَقْتَضِي أَنْ يَكُوْنَ عِنْد الإِمَام أَحْمَد فِي التَّفْسِيْر مائَة أَلْف وَعِشْرُوْنَ أَلف حَدِيْث، فَإِنَّ هَذَا يَكُون فِي قدر (مُسْنَده) ، بَلْ أَكْثَر بِالضَّعْف، ثُمَّ الإِمَام أَحْمَد لَوْ جَمَعَ شَيْئاً فِي ذَلِكَ، لكَانَ يَكُوْنُ مُنَقَّحاً مهذَّباً عَنِ المشَاهير، فَيَصْغُر لِذَلِكَ حَجْمه، وَلكَانَ يَكُوْنُ نَحْواً مِنْ عَشْرَة آلاَف حَدِيْث بِالجَهْد، بَلِ أَقلّ.ثُمَّ الإِمَام أَحْمَد كَانَ لاَ يرَى التَّصْنِيْف، وَهَذَا كِتَاب (المُسْنَد) لَهُ لَمْ يصنِّفه هُوَ، وَلاَ رتَّبه، وَلاَ اعتنَى بتَهْذِيْبه، بَلْ كَانَ يَرْوِيْهِ لوَلَده نُسَخاً وَأَجزَاءاً، وَيَأْمره: أَن ضَعْ هَذَا فِي مُسْنَدِ فُلاَن، وَهَذَا فِي مُسْنَد فُلاَن، وَهَذَا (التَّفْسِيْر) لاَ وُجود لَهُ، وَأَنَا أَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، فَبغدَاد لَمْ تَزَل دَارَ الخُلَفَاء، وَقُبَّةَ الإِسْلاَم، وَدَارَ الحَدِيْث، وَمحلَّةَ السُّنَن، وَلَمْ يَزَلْ أَحْمَد فِيْهَا مُعَظَّماً فِي سَائِرِ الأَعصَار، وَلَهُ تَلاَمِذَةٌ كِبَار، وَأَصْحَابُ أَصْحَابٍ، وَهَلُمَّ جَرَّا إِلَى بِالأَمس، حِيْنَ اسْتبَاحَهَا جَيْشُ المَغُول، وَجَرَت بِهَا مِنَ الدِّمَاء سُيول، وَقَدِ اشْتُهِرَ بِبَغْدَادَ (تَفْسِيْر) ابْن جَرِيْرٍ، وَتَزَاحَمَ عَلَى تَحْصِيله العُلَمَاء، وَسَارَتْ بِهِ الرُّكْبَان، وَلَمْ نعرِف مثلَه فِي مَعْنَاهُ، وَلاَ أُلِّف قبلَه أَكبَرُ مِنْهُ، وَهُوَ فِي عِشْرِيْنَ مُجَلَّدَةً، وَمَا يحْتَمل أَنْ يَكُوْنَ عِشْرِيْنَ أَلْف حَدِيْث، بَلْ لَعَلَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلف إِسْنَادٍ، فَخُذْهُ، فَعُدَّهُ إِنْ شِئْتَ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: نَبُل عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بِأَبِيهِ، وَلَهُ فِي نَفْسِهِ مَحلٌّ فِي العِلْمِ، أَحيَا عِلْمَ أَبِيْهِ مِنْ (مُسنده) الَّذِي قرأَ عَلَيْهِ أَبُوْهُ خُصُوصاً قَبْلَ أَنْ يقرأَه عَلَى غَيْره، وَمِمَّا سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ روَاة الحَدِيْث، فَأَخْبَرَهُ بِهِ مَا لَمْ يسأَلْه غَيْرُه، وَلَمْ يكتُب عَنْ أَحَدٍ، إِلاَّ مَنْ أَمَرَهُ أَبُوْهُ أَنْ يكْتب عَنْهُ.قَالَ بَدْر بن أَبِي بدر البَغْدَادِيّ: عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ جِهْبِذ ابْن جِهْبِذ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ : كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً فَهماً.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف: وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَمَاتَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: عَاشَ فِي عُمُر أَبِيْهِ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيّ: مَاتَ يَوْم الأَحَد، وَدُفِنَ: فِي آخِر النَّهَار لتسعِ لَيَالٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة تِسْعِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيْهِ زُهَيْر بن صَالِحٍ، وَدُفِنَ فِي مقَابر بَاب التِّبْن، وَكَانَ الجَمْعُ كَثِيْراً فَوْقَ المِقدَار.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ أَمرَهُم أَنْ يَدْفِنوهُ هُنَاكَ، وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ هُنَاكَ قَبْر نَبِيٍّ، وَلأَنْ أَكُون فِي جِوَار نَبِيّ أَحَبُّ إِليَّ أَنْ أَكُون فِي جِوَار أَبِي.
وَلعَبْد اللهِ كِتَاب: (الرَّد عَلَى الجَهْمِيَّة) ، فِي مُجَلَّد، وَلَهُ كِتَاب: (الْجمل) .
وَكَانَ صَيِّناً دَيِّناً صَادِقاً، صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَاتِّبَاع وَبصرٍ بِالرِّجَال، لَمْ يدخلْ فِي غَيْر الحَدِيْث، وَلَهُ زِيَادَاتٌ كَثِيْرَةٌ فِي (مُسند) وَالده وَاضحَةٌ عَنْ عَوَالِي شُيوخه، وَلَمْ يُحَرِّر تَرْتِيْبَ (المُسْنَد) وَلاَ سَهَّله، فَهُوَ مُحتَاج إِلَى عَمَلٍ وَتَرْتِيْب، رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَسَمِعَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ كَثِيْراً مِنْهُ مِنْ أَبِي عَلِيّ بن الصَّوَّاف، وَعَامَّته مِنْ أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَحَدَّثَ القَطِيْعِيّ مَرَّات، وَقرأَه عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَغَيْرهُ، وَلَمْ يَكُنِ القَطِيْعِيّ مِنْ فُرْسَان الحَدِيْث، وَلاَ مجوِّداً، بَلْ أدَّى مَا تَحَمَّله، إِن سَلِم مِنْ أَوهَام فِي بَعْضِ الأَسَانيد وَالمتُوْنَ.وَآخر مِنْ رَوَى (المُسْنَد) كَامِلاً عَنْهُ - سِوَى نَزْرٍ يَسِيْر مِنْهُ، أُسقط مِنَ النُّسخ - الشَّيْخ الوَاعِظ أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِب، وَلَمْ يَكُنْ صَاحِب حَدِيْثٍ، بَلِ احتيجَ إِلَيْهِ فِي سَمَاع هَذَا الكِتَاب، فَرَوَاهُ فِي الجُمْلَةِ، وَعَاشَ بَعْدَهُ عَشْرَة أَعْوَام الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، فَكَانَ خَاتمَةَ أَصْحَاب القَطِيْعِيّ، وَتَفَرَّد عَنْهُ بِعِدَّةِ أَجزَاءٍ عَالِيَةٍ، وَبسَمَاع مُسْند العشرَة مِنَ (المُسْنَد) .
ثمَّ حَدَّث بِالكِتَابِ كُلِّه آخِرُ أَصْحَاب ابْن المُذْهِب وَفَاةً: الشَّيْخ الرَّئيس الكَاتِب أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بن مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيّ بن الحُصَيْن، شَيْخٌ جليلٌ مُسْنِدٌ، انْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَاد، بِمِثْل قُبَّة الإِسْلاَم بَغْدَاد، وَكَانَ عَرِيّاً مِنْ مَعْرِفَة هَذَا الشَّأْن أَيْضاً، رَوَى الكِتَاب عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْ جملتِهِم: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّاب إِمَام العَرَبِيَّة، وَالحَافِظ أَبُو الفَضْلِ بنُ نَاصر، وَالإِمَام ذُو الفنُوْنَ أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ، وَالحَافِظ الكَبِيْر أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ، وَالحَافِظ العَلاَّمَة شَيْخُ هَمَذَان أَبُو العَلاَء العَطَّار، وَالحَافِظ الكَبِيْر أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِر، وَالقَاضِي أَبُو الفَتْحِ بنُ المَنْدَائِيّ الوَاسِطِيّ، وَالشَّيْخ عَبْد اللهِ بن أَبِي المَجد الحَرْبِيّ، وَالمُبَارَك بن المَعْطُوش، وَالشَّيْخ المُبَارَك حَنْبَل بن عَبْدِ اللهِ
الرَّصَافِيّ فِي آخَرين.فَأَمَّا الحَافِظ أَبُو مُوْسَى: فَرَوَى مِنْهُ الْكثير فِي تآلِيفه، وَلَمْ يُقْدِم عَلَى تَرتيبه وَلاَ تَحريره.
وَأَمَّا ابْنُ عَسَاكِر: فَأَلَّف كِتَاباً فِي أَسْمَاء الصَّحَابَة الَّذِيْنَ فِيْهِ عَلَى المُعْجَم، وَنَبَّه عَلَى تَرْتِيْب الكِتَاب.
وَأَمّا ابْن الجَوْزِيِّ: فطَالَعَ الكِتَاب مَرَّات عِدَّة، وَملأَ تآلِيفه مِنْهُ، ثُمَّ صَنّف (جَامع المسَانيد) ، وَأَودعَ فِيْهِ أَكْثَرَ مُتُوْنِ (المُسْنَد) ، وَرتَّب وَهَذَّب، وَلَكِن مَا اسْتوعبَ.
فلَعَلَّ الله يُقَيِّضُ لِهَذَا الدِّيْوَان العَظِيْم مَنْ يُرَتّبهُ وَيهذِّبه، وَيَحْذِفُ مَا كُرِّرَ فِيْهِ، وَيُصْلِح مَا تَصَحَّفَ، وَيُوضِحُ حَال كَثِيْر مِنْ رِجَاله، وَينبِّه عَلَى مُرْسله، وَيُوْهِنُ مَا يَنْبَغِي مِنْ مَنَاكِيْره، وَيُرَتِّبُ الصَّحَابَة عَلَى المُعْجَم، وَكَذَلِكَ أَصْحَابَهُم عَلَى المُعْجَم، وَيَرْمِزُ عَلَى رُؤُوْس الحَدِيْث بِأَسْمَاء الكُتُب السِّتَّة، وَإِن رتَّبه عَلَى الأَبْوَاب فَحَسَنٌ جَمِيلٌ، وَلَوْلاَ أَنِّي قَدْ عَجِزت عَنْ ذَلِكَ لِضَعْف الْبَصَر، وَعدم النيَّة، وَقُربِ الرَّحيل، لعملتُ فِي ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَالمُسَلَّم بن مُحَمَّدٍ الكَاتِب كِتَابَةً، قَالاَ: أَخْبَرَنَا حَنْبَل بن عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِب، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ القَطِيْعِيّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُمَيّ
النُّعْمَان بن أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ يَصُوْمُ عَبْدٌ يَوْماً فِي سَبِيْلِ الله، إِلاَّ بَاعَدَ الله بِذَلِكَ اليَوْمِ النَّارَ عَنْ وَجْهِهِ سَبْعِيْنَ خَرِيْفاً).
وَبِهِ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ طَارِق بن مُرَقّع، عَنْ صَفْوَانَ بن أُمَيَّةَ: أَنَّ رَجُلاً سَرَقَ بُرْدَةً، فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ.
فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْهُ.
قَالَ: (فَلَوْلاَ كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ يَا أَبَا وَهَبْ) .
فَقَطَعَهُ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أَخرجهُمَا النَّسَائِيّ فِي (سُنَنَه ) ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، فوقعَا عَاليَينِ.
(س) الإِمَام، الحَافِظ، النَّاقِد، مُحَدِّث بَغْدَاد، أَبُو عبد الرَّحْمَن ابْن شَيْخ الْعَصْر أَبِي عَبْدِ اللهِ الذُّهْلِيّ الشَّيْبَانِيّ، المَرْوَزِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فَكَانَ أَصغر مِنْ أَخِيْهِ صَالِح بن أَحْمَد قَاضِي الأَصْبَهَانيّين.رَوَى عَنْ أَبِيْهِ شَيْئاً كَثِيْراً، مِنْ جملَته (المُسْنَد) كُلّه، وَ (الزُّهْد) ، وَعَنْ يَحْيَى بنِ عَبْدوَيْهِ صَاحِب شُعبَة، وَامْتَنَعَ مِنَ الأَخَذَ عَنْ عَلِيٍّ بن الجَعْد لِوَقْفِهِ فِي مَسْأَلَة القُرْآن، وَعَنْ: شَيْبَان بن فرُّوخ، وَحَوْثَرَة بن أَشْرَس، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بن مَعِيْن، وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الدُّوْلاَبِيّ، وَالهَيْثَم بن خَارِجَة، وَعبد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَأَبِي الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، وَأَبِي بَكْر بن أَبِي شَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاج السَّامِي، وَعُبَيد الله القَوَارِيْرِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْر المُقَدَّمِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْب، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْم المَوْصِلِيّ، وَإِسْحَاق بن مُوْسَى الخَطْمِيّ، وَأَبِي مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْل بن إِبْرَاهِيْم الهُذَلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عُبَيْدٍ بن أَبِي كَرِيْمَةَ، وَالحَكَم بن مُوْسَى القَنْطَرِيّ، وَخَلَف بن هِشَامٍ البَزَّار، وَدَاوُد بن رُشَيْدٍ، وَدَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ، وَرَوْح بن عَبْد المُؤْمِن، وَأَبِي خَيْثَمَة، وَسُرَيْج بن يُوْنُس، وَعَبَّاد بن يَعْقُوْبَ، وَعَبْد اللهِ بن عَوْنٍ الخرَّاز، وَعُبيد الله بن مُعَاذٍ، وَكَامِل بن طَلْحَة، وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ البَلْخِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبَّاد المَكِّيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّار، وَمُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن أَبِي الشَّوَارِبِ، وَمَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَوَهْب بن بَقِيَّة، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ حَدِيْثَيْنِ فِي (سُننه) ، وَالبَغَوِيّ، وَابْن صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَالخَضِر بن المُثَنَّى الكِنْدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بن زِيَادٍ،
وَمُحَمَّد بن مَخْلَدٍ، وَالمَحَامِلِيّ، وَدَعْلَج، وَإِسْحَاق بن أَحْمَدَ الكَاذِي، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَأَبُو أَحْمَدَ العسَّال، وَقَاسم بن أَصْبَغ، وَأَحْمَد بن كَامِلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.قَالَ إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدِ بنِ بَشِيْر: سَمِعْتُ عبَّاساً الدُّوْرِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ يَوْماً عِنْد أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، فَدَخَلَ ابْن عَبْد اللهِ فَقَالَ لِي أَحْمَدُ: يَا عَبَّاس! إِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن قَدْ وَعَى عِلْماً كَثِيْراً.
وَمن شُيُوْخه: أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيّ، وَأَحْمَد بن أَيُّوْب بن رَاشِدٍ، وَأَحْمَد بن بُدَيْل، وَأَحْمَد بن جَنَاب، وَأَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ جُنَيدب، وَأَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ خِرَاشٍ، وَأَحْمَد بن خَالِد الخَلاَّل، وَأَحْمَد بن سَعِيْدٍ الدَّارِمِيّ، وَأَحْمَد بن حُمَيْد، وَأَحْمَد بن حَاتِمٍ، وَأَحْمَد بن عَبْدَة البَصْرِيّ، وَأَحْمَد بن عُمَر الوَكِيْعِيّ، وَابْن عِيْسَى التُّسْتَرِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ المُغِيْرَة الحِمْصِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَطَّان، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَسَن البَاهِلِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن زِيَادٍ سَبَلان، وَإِبْرَاهِيْم بن سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ اللهِ بنِ بَشَّار وَاسِطِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن نَصْر - وَهُوَ ابْن أَبِي اللَّيْث - وَإِسْحَاق بن إِسْمَاعِيْل الطَّالقَانِي، وَإِسْحَاق الكَوْسَج، وَإِسْمَاعِيْل بن إِبْرَاهِيْم التَّرْجُمَانِيّ، وَأَبُو معمر الهُذَلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عُبَيْدٍ بن أَبِي كَرِيْمَةَ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ المُعقِّب، وَإِسْمَاعِيْل بن مَهْدِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُوْسَى.
وَحُمِيد، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْل، وَجَعْفَر بن مِهْرَان بن السَّبَّاك، وَجَعْفَر بن أَبِي هُرَيْرَة، وَحَجَّاج بن الشَّاعِرِ، وَالحَسَن بن قَزَعَة، وَالحَسَن بن أَبِي الرَّبِيْع، وَحَوْثَرَة بن أَشْرَس. وَأَبُو مُسْلِمٍ الخَلِيْل بن سَلْم - لَقِي عبد
الوَارِث - وَخَلاَّد بن أَسْلَم.وَرَوْح بن عبد المُؤْمِن، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى زَحْمَوَيْه، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى الرَّقَاشِيّ، وَزِيَاد بن أَيُّوْب.
وَسَعِيْد بن أَبِي الرَّبِيْع السَّمَّان، وَسَعِيْد بن مُحَمَّدٍ الجَرْمِيّ، وَسَعِيْد بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، وَسُفْيَان بن وَكِيْع، وَسُلَيْمَان بن أَيُّوْبَ صَاحِب البَصْرِيّ، وَأَبُو الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، وَسُلَيْمَان بن مُحَمَّدٍ المُبَارَك، وَشُجَاع بن مَخْلَدٍ.
وَصَالِح بن عَبْدِ اللهِ التِّرْمِذِيّ، وَالصَّلْت بن مَسْعُوْدٍ.
وَعَاصِم بن عُمَر المُقَدَّمِيّ، وَعَبَّاس العَنْبَرِيّ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَالعَبَّاس بن الوَلِيْد النَّرْسِيّ، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي زِيَاد، وَعَبْد اللهِ بن سَالِم المفْلُوج، وَعَبْد اللهِ بن سَعْد الزُّهْرِيّ، وَعَبْد اللهِ بن صَنْدل عَنِ الفُضَيْل بن عِيَاض، وَعَبْد اللهِ بن عَامِرِ بنِ زُرَارَةَ، وَعَبْد اللهِ مُشْكُدَانَة، وَعَبْد اللهِ بن عِمْرَانَ الرَّازِيّ، وَعَبْد الوَاحِد بن غِيَاث، وَالقَوَارِيْرِيّ، وَعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَعُقْبَة بن مُكْرَمٍ العَمِّيّ، وَعَلِيّ بن إِشكَاب، وَأَبُو الشَّعْثَاء عليّ بن الحَسَنِ، وَعَلِيّ بن حَكِيْم، وَعَلِيّ بن مُسْلِم، وَعِمْرَان بن بَكَّارٍ الحِمْصِيّ، وَعَمْرو الفَلاَّس، وَعَمْرو النَّاقِد، وَعِيْسَى بن سَالِم.
وَأَبُو كَامِل الفُضَيْل الجَحْدَرِيّ، وَفِطْر بن حَمَّادٍ، وَقَاسم بن دِيْنَارٍ، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ كِتَابَةً، وَقَطَن بن نُسير.
وَكَثِيْر بن يَحْيَى الحَنَفِيّ، وَلَيْث بن خَالِد البَلْخِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيّ.
وَمُحَمَّد بن إِسْحَاق المُسَيَّبِي، وَبُنْدَار، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيّ، وَمُحَمَّد بن بَكَّارٍ مَوْلَى بن هَاشِمٍ، وَمُحَمَّد بن تَمِيْم النَّهْشَلِيّ، وَمُحَمَّد بن ثَعْلَبَة بن سوَاء، وَمُحَمَّد بن حَسَّان السَّمتِي، وَمُحَمَّد بن إِشكَاب، وَمُحَمَّد لُوَيْن، وَمُحَمَّد بن صُدرَان، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ - جَار لَهُم يُكْنَى أَبَا بَكْرٍ - وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الرُّزِّي، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَة،
وَمُحَمَّد بن عُبَيْدٍ بن حَسَّان، وَمُحَمَّد بن عُبَيْدٍ المُحَارِبِيّ، وَمُحَمَّد بن عُثْمَانَ العُثْمَانِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيق، وَمُحَمَّد بن عَمْرٍو البَاهِلِيّ، وَأَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّد بن العَلاَءِ، وَمُحَمَّد بن أَبِي غَالِب، وَمُحَمَّد بن المُثَنَّى، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ أَخُو حجَّاج، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّان، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ أَبِي سَمِينَة، وَمُحَمَّد بن يَزِيْدَ العِجْلِيّ، وَمُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ أَبُو الهَيْثَمِ - سَمِعَ: مُعْتمراً -.وَمُحْرِز بن عَوْنٍ، وَمَخْلَد بن الحَسَنِ، وَمُصْعَب الزُّبَيْرِيّ، وَمُعَاوِيَة بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ الزُّبَيْرِيّ، عَنْ سَلاَّم أَبِي المُنْذِر.
وَنَصْر بن عَلِيٍّ، وَنُوْح بن حَبِيْب.
وَهَارُوْن بن مَعْرُوف، وَهُدْبَة بن خَالِدٍ، وَهَدِيَّة بن عَبْد الوَهَّابِ، وَهُرَيم بن عَبْدِ الأَعْلَى، وَهَنَّاد.
وَيَحْيَى بن أَيُّوْبَ البَلْخِيّ، وَيَحْيَى بن عُثْمَانَ الحَرْبِيّ، وَيَعْقُوْب بن إِسْمَاعِيْلَ بنِ حَمَّاد بن زَيْدٍ، وَيُوْسُف بن يَعْقُوْبَ الصَّفَّار، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البَصْرِيّ العَنْبَرِيّ، كَأَنَّهُ مُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الفُضَيْل، وَأَبُو مُوْسَى الهَرَوِيّ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْمَ.
وَسَائِر هَؤُلاَءِ حَدَّثَ عَنْهُم فِي (مُسْنَد) أَبِيْهِ، سِوَى بَعْض الأَحمدين.
قَالَ أَبُو يَعْلَى بن الفَرَّاء: وَجدْتُ عَلَى ظهر كِتَابٍ رَوَاهُ أَبُو الحُسَيْنِ السُّوْسَنْجِرْديّ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ الخُطَبِيّ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ابْني عَبْد اللهِ محظوظٌ مِنْ عِلْم الحَدِيْث، الخُطَبِيّ يشُكّ، لاَ يكَادُ يُذَاكرنِي إِلاَّ بِمَا لاَ أَحْفَظ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف: قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ: كُلّ شَيْءٍ أَقُول: قَالَ أَبِي، فَقَدْ سَمِعتُه مَرَّتين وثَلاَثَة، وَأَقلُّه مرَّة.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ بِمَسَائِل أَبِيْهِ، وَبعلل الحَدِيْث.وَقَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ المُنَادِي: لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا أَحَدٌ أَرْوَى عَنْ أَبِيْهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، لأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ (المُسْنَد) وَهُوَ ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، وَ (التَّفْسِيْر) وَهُوَ مائَة أَلْف وَعِشْرُوْنَ أَلْفاً، سَمِعَ مِنْهُ ثَمَانِيْنَ أَلْفاً، وَالبَاقِي وِجَادَةً، وَسَمِعَ (النَّاسخ وَالمنسوخ) ، وَ (التَّارِيْخ) ، وَ (حَدِيْث شُعبَة) ، وَ (المقدَّم وَالمُؤخَّر فِي كِتَاب الله) ، وَ (جَوَابَات القُرْآن) ، وَ (المنَاسك الكَبِيْر) ، وَ (الصَّغِيْر) ، وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ التَّصَانِيْف، وَحَدِيْث الشُّيُوْخ.
قَالَ: وَمَازِلنَا نرَى أَكَابر شُيوخنَا يَشْهدُوْنَ لَهُ بِمَعْرِفَة الرِّجَال وَعِلَل الحَدِيْث، وَالأَسْمَاء وَالكُنَى، وَالموَاظَبَة عَلَى طَلَب الحَدِيْث فِي العِرَاق وَغيرهَا، وَيذكرُوْنَ عَنْ أَسلاَفِهم الإِقْرَار لَهُ بِذَلِكَ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُم أَسرَف فِي تَقْرِيْظِه إِيَّاهُ بِالمعرفَة، وَزِيَادَة السَّمَاع لِلْحَدِيْثِ عَلَى أَبِيْهِ.
قُلْتُ: مَازِلنَا نَسْمَعُ بِهَذَا (التَّفْسِيْر) الكَبِيْر لأَحْمَدَ عَلَى أَلْسِنَة الطَّلَبَة وَعُمْدَتَهُم حِكَايَةُ ابْنِ المُنَادِي هَذِهِ، وَهُوَ كَبِيْرٌ قَدْ سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَمن عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ، لَكِنْ مَا رأَينَا أَحَداً أَخْبَرَنَا عَنْ وَجودِ هَذَا (التَّفْسِيْر) ، وَلاَ بَعْضه وَلاَ كُرَّاسَة مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَجود، أَوْ لِشَيْءٍ مِنْهُ لَنَسَخُوهُ، وَلاعتَنَى بِذَلِكَ طلبَةُ العِلْم، وَلَحَصَّلُّوا ذَلِكَ، وَلنُقِل إِلَيْنَا، وَلاشْتُهِرَ، وَلَتَنَافَسَ أَعيَانُ البَغْدَادِيِّيْنَ فِي تَحصِيله، وَلَنَقَل مِنْهُ ابْنُ جَرِيْر فَمَنْ بَعْدَهُ فِي تفَاسيرِهِم، وَلاَ -وَاللهِ- يَقْتَضِي أَنْ يَكُوْنَ عِنْد الإِمَام أَحْمَد فِي التَّفْسِيْر مائَة أَلْف وَعِشْرُوْنَ أَلف حَدِيْث، فَإِنَّ هَذَا يَكُون فِي قدر (مُسْنَده) ، بَلْ أَكْثَر بِالضَّعْف، ثُمَّ الإِمَام أَحْمَد لَوْ جَمَعَ شَيْئاً فِي ذَلِكَ، لكَانَ يَكُوْنُ مُنَقَّحاً مهذَّباً عَنِ المشَاهير، فَيَصْغُر لِذَلِكَ حَجْمه، وَلكَانَ يَكُوْنُ نَحْواً مِنْ عَشْرَة آلاَف حَدِيْث بِالجَهْد، بَلِ أَقلّ.ثُمَّ الإِمَام أَحْمَد كَانَ لاَ يرَى التَّصْنِيْف، وَهَذَا كِتَاب (المُسْنَد) لَهُ لَمْ يصنِّفه هُوَ، وَلاَ رتَّبه، وَلاَ اعتنَى بتَهْذِيْبه، بَلْ كَانَ يَرْوِيْهِ لوَلَده نُسَخاً وَأَجزَاءاً، وَيَأْمره: أَن ضَعْ هَذَا فِي مُسْنَدِ فُلاَن، وَهَذَا فِي مُسْنَد فُلاَن، وَهَذَا (التَّفْسِيْر) لاَ وُجود لَهُ، وَأَنَا أَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، فَبغدَاد لَمْ تَزَل دَارَ الخُلَفَاء، وَقُبَّةَ الإِسْلاَم، وَدَارَ الحَدِيْث، وَمحلَّةَ السُّنَن، وَلَمْ يَزَلْ أَحْمَد فِيْهَا مُعَظَّماً فِي سَائِرِ الأَعصَار، وَلَهُ تَلاَمِذَةٌ كِبَار، وَأَصْحَابُ أَصْحَابٍ، وَهَلُمَّ جَرَّا إِلَى بِالأَمس، حِيْنَ اسْتبَاحَهَا جَيْشُ المَغُول، وَجَرَت بِهَا مِنَ الدِّمَاء سُيول، وَقَدِ اشْتُهِرَ بِبَغْدَادَ (تَفْسِيْر) ابْن جَرِيْرٍ، وَتَزَاحَمَ عَلَى تَحْصِيله العُلَمَاء، وَسَارَتْ بِهِ الرُّكْبَان، وَلَمْ نعرِف مثلَه فِي مَعْنَاهُ، وَلاَ أُلِّف قبلَه أَكبَرُ مِنْهُ، وَهُوَ فِي عِشْرِيْنَ مُجَلَّدَةً، وَمَا يحْتَمل أَنْ يَكُوْنَ عِشْرِيْنَ أَلْف حَدِيْث، بَلْ لَعَلَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلف إِسْنَادٍ، فَخُذْهُ، فَعُدَّهُ إِنْ شِئْتَ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: نَبُل عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بِأَبِيهِ، وَلَهُ فِي نَفْسِهِ مَحلٌّ فِي العِلْمِ، أَحيَا عِلْمَ أَبِيْهِ مِنْ (مُسنده) الَّذِي قرأَ عَلَيْهِ أَبُوْهُ خُصُوصاً قَبْلَ أَنْ يقرأَه عَلَى غَيْره، وَمِمَّا سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ روَاة الحَدِيْث، فَأَخْبَرَهُ بِهِ مَا لَمْ يسأَلْه غَيْرُه، وَلَمْ يكتُب عَنْ أَحَدٍ، إِلاَّ مَنْ أَمَرَهُ أَبُوْهُ أَنْ يكْتب عَنْهُ.قَالَ بَدْر بن أَبِي بدر البَغْدَادِيّ: عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ جِهْبِذ ابْن جِهْبِذ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ : كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً فَهماً.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف: وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَمَاتَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: عَاشَ فِي عُمُر أَبِيْهِ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيّ: مَاتَ يَوْم الأَحَد، وَدُفِنَ: فِي آخِر النَّهَار لتسعِ لَيَالٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة تِسْعِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيْهِ زُهَيْر بن صَالِحٍ، وَدُفِنَ فِي مقَابر بَاب التِّبْن، وَكَانَ الجَمْعُ كَثِيْراً فَوْقَ المِقدَار.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ أَمرَهُم أَنْ يَدْفِنوهُ هُنَاكَ، وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ هُنَاكَ قَبْر نَبِيٍّ، وَلأَنْ أَكُون فِي جِوَار نَبِيّ أَحَبُّ إِليَّ أَنْ أَكُون فِي جِوَار أَبِي.
وَلعَبْد اللهِ كِتَاب: (الرَّد عَلَى الجَهْمِيَّة) ، فِي مُجَلَّد، وَلَهُ كِتَاب: (الْجمل) .
وَكَانَ صَيِّناً دَيِّناً صَادِقاً، صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَاتِّبَاع وَبصرٍ بِالرِّجَال، لَمْ يدخلْ فِي غَيْر الحَدِيْث، وَلَهُ زِيَادَاتٌ كَثِيْرَةٌ فِي (مُسند) وَالده وَاضحَةٌ عَنْ عَوَالِي شُيوخه، وَلَمْ يُحَرِّر تَرْتِيْبَ (المُسْنَد) وَلاَ سَهَّله، فَهُوَ مُحتَاج إِلَى عَمَلٍ وَتَرْتِيْب، رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَسَمِعَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ كَثِيْراً مِنْهُ مِنْ أَبِي عَلِيّ بن الصَّوَّاف، وَعَامَّته مِنْ أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَحَدَّثَ القَطِيْعِيّ مَرَّات، وَقرأَه عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَغَيْرهُ، وَلَمْ يَكُنِ القَطِيْعِيّ مِنْ فُرْسَان الحَدِيْث، وَلاَ مجوِّداً، بَلْ أدَّى مَا تَحَمَّله، إِن سَلِم مِنْ أَوهَام فِي بَعْضِ الأَسَانيد وَالمتُوْنَ.وَآخر مِنْ رَوَى (المُسْنَد) كَامِلاً عَنْهُ - سِوَى نَزْرٍ يَسِيْر مِنْهُ، أُسقط مِنَ النُّسخ - الشَّيْخ الوَاعِظ أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِب، وَلَمْ يَكُنْ صَاحِب حَدِيْثٍ، بَلِ احتيجَ إِلَيْهِ فِي سَمَاع هَذَا الكِتَاب، فَرَوَاهُ فِي الجُمْلَةِ، وَعَاشَ بَعْدَهُ عَشْرَة أَعْوَام الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، فَكَانَ خَاتمَةَ أَصْحَاب القَطِيْعِيّ، وَتَفَرَّد عَنْهُ بِعِدَّةِ أَجزَاءٍ عَالِيَةٍ، وَبسَمَاع مُسْند العشرَة مِنَ (المُسْنَد) .
ثمَّ حَدَّث بِالكِتَابِ كُلِّه آخِرُ أَصْحَاب ابْن المُذْهِب وَفَاةً: الشَّيْخ الرَّئيس الكَاتِب أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بن مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيّ بن الحُصَيْن، شَيْخٌ جليلٌ مُسْنِدٌ، انْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَاد، بِمِثْل قُبَّة الإِسْلاَم بَغْدَاد، وَكَانَ عَرِيّاً مِنْ مَعْرِفَة هَذَا الشَّأْن أَيْضاً، رَوَى الكِتَاب عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْ جملتِهِم: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّاب إِمَام العَرَبِيَّة، وَالحَافِظ أَبُو الفَضْلِ بنُ نَاصر، وَالإِمَام ذُو الفنُوْنَ أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ، وَالحَافِظ الكَبِيْر أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ، وَالحَافِظ العَلاَّمَة شَيْخُ هَمَذَان أَبُو العَلاَء العَطَّار، وَالحَافِظ الكَبِيْر أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِر، وَالقَاضِي أَبُو الفَتْحِ بنُ المَنْدَائِيّ الوَاسِطِيّ، وَالشَّيْخ عَبْد اللهِ بن أَبِي المَجد الحَرْبِيّ، وَالمُبَارَك بن المَعْطُوش، وَالشَّيْخ المُبَارَك حَنْبَل بن عَبْدِ اللهِ
الرَّصَافِيّ فِي آخَرين.فَأَمَّا الحَافِظ أَبُو مُوْسَى: فَرَوَى مِنْهُ الْكثير فِي تآلِيفه، وَلَمْ يُقْدِم عَلَى تَرتيبه وَلاَ تَحريره.
وَأَمَّا ابْنُ عَسَاكِر: فَأَلَّف كِتَاباً فِي أَسْمَاء الصَّحَابَة الَّذِيْنَ فِيْهِ عَلَى المُعْجَم، وَنَبَّه عَلَى تَرْتِيْب الكِتَاب.
وَأَمّا ابْن الجَوْزِيِّ: فطَالَعَ الكِتَاب مَرَّات عِدَّة، وَملأَ تآلِيفه مِنْهُ، ثُمَّ صَنّف (جَامع المسَانيد) ، وَأَودعَ فِيْهِ أَكْثَرَ مُتُوْنِ (المُسْنَد) ، وَرتَّب وَهَذَّب، وَلَكِن مَا اسْتوعبَ.
فلَعَلَّ الله يُقَيِّضُ لِهَذَا الدِّيْوَان العَظِيْم مَنْ يُرَتّبهُ وَيهذِّبه، وَيَحْذِفُ مَا كُرِّرَ فِيْهِ، وَيُصْلِح مَا تَصَحَّفَ، وَيُوضِحُ حَال كَثِيْر مِنْ رِجَاله، وَينبِّه عَلَى مُرْسله، وَيُوْهِنُ مَا يَنْبَغِي مِنْ مَنَاكِيْره، وَيُرَتِّبُ الصَّحَابَة عَلَى المُعْجَم، وَكَذَلِكَ أَصْحَابَهُم عَلَى المُعْجَم، وَيَرْمِزُ عَلَى رُؤُوْس الحَدِيْث بِأَسْمَاء الكُتُب السِّتَّة، وَإِن رتَّبه عَلَى الأَبْوَاب فَحَسَنٌ جَمِيلٌ، وَلَوْلاَ أَنِّي قَدْ عَجِزت عَنْ ذَلِكَ لِضَعْف الْبَصَر، وَعدم النيَّة، وَقُربِ الرَّحيل، لعملتُ فِي ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَالمُسَلَّم بن مُحَمَّدٍ الكَاتِب كِتَابَةً، قَالاَ: أَخْبَرَنَا حَنْبَل بن عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِب، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ القَطِيْعِيّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُمَيّ
النُّعْمَان بن أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ يَصُوْمُ عَبْدٌ يَوْماً فِي سَبِيْلِ الله، إِلاَّ بَاعَدَ الله بِذَلِكَ اليَوْمِ النَّارَ عَنْ وَجْهِهِ سَبْعِيْنَ خَرِيْفاً).
وَبِهِ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ طَارِق بن مُرَقّع، عَنْ صَفْوَانَ بن أُمَيَّةَ: أَنَّ رَجُلاً سَرَقَ بُرْدَةً، فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ.
فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْهُ.
قَالَ: (فَلَوْلاَ كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ يَا أَبَا وَهَبْ) .
فَقَطَعَهُ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أَخرجهُمَا النَّسَائِيّ فِي (سُنَنَه ) ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، فوقعَا عَاليَينِ.