Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=84938&book=5525#a0202b
سفيان بن سعيد بن مسروق بن ربيع يكنى: أبا عبد الله: ثقة، "كوفي"، رجل صالح، زاهد، عابد، ثبت في الحديث، يقال: إنه ما رأى سفيان مثله.
قال العجلي، عن أبي صالح الضبي، قال: أرسلني شريك إلى سفيان، فقال: سله ما يقول في شهادة قوم يقولون: "إن الإيمان كلام" ينبغي إنكار شهادتهم؟ قال: فأتيته نصف النهار وهو يأكل تمرًا وسويقًا، فقال: كل يا أبا صالح. قال: فقلت: يا أبا عبد الله! ما تقول في قوم يقولون: "إن الإيمان كلام" ترى إنكار شهادتهم؟ فقال لي: ما بدا لك في هذا، ليس هذا من مسائلك، احذر شريكًا، فرجعت إليه فأخبرته، فقال: ما أعرفني به.
وأبو صالح الضبي "كوفي"، ثقة، وكان سفيان يقول إن سألوكم عن شيء، فلا تجيبوهم، يعني القضاة.
سمعت بعض الكوفيين يقول: قال شريك: قدم علينا سالم الأفطس فأتيته، ومعي قرطاس فيه مائة حديث، فسألته عنها، فحدثني بها، وسفيان يسمع، فلما فرغ، قال لي سفيان: أرني قرطاسك، قال: فأعطيته إياه فحرقه، قال: فرجعت إلى منزلي فاستلقيت على قفاي، فحفظت منها سبعة وتسعين، وهذبت علي ثلاثة. قال: وحفظها سفيان كلها.
كان سفيان ممدودًا لا يخالطه شيء من البلغم، لا يسمع شيئًا إلا حفظه، حتى كان يخاف عليه.
وعاد عمرو بن مرة مسروقًا -أبا سفيان- فسمع منه سفيان في منزلهم ثمانية عشر حديثًا حفظها كلها.
وكانت بضاعة سفيان الثوري ألفي حديث، وكان له ولد، فما زال يدعو عليه حتى مات.
وكان لسفيان بضاعة عند حمزة بن المغيرة فبنى دارًا فشيدها، فقال له سفيان: مثلك على دار أمثل هذه؟ فاعتل عليه، وقال: العيال. قال: رد علي بضاعتي، وأخذها منه.
وأجر سفيان نفسه من جمال إلى مكة، فأمروه أن يعمل لهم خبزة فلم يحسن خبزه، فضربه الجمال، فلما قدموا مكة دخل الجمال المسجد الحرام، فإذا سفيان قد أجمع إليه الناس، فقال الجمال لصاحب له: أليس هذا صاحبنا؟ قال: بلى، وسألوا عنه، فقيل لهم: هذا سفيان الثوري فاشتد على الجمال ما كان منه إليه، فمكث حتى انفض الناس عنه، فتقدم إليه، فقال: لم نعرفك يا أبا عبد الله! فقال: من يفسد طعام الناس يصيبه أكثر من هذا.
حدثني أبو داود الحفري، عن ابن أبي ذئب، قال: ما رأيت رجلا أشبه بالتابعين من سفيان الثوري.
وعن ابن المبارك، قال: ما كنت أفضل على سفيان أحدًا، ما أدري ما ابن عون.
قال العجلي: كان سفيان يقول: لا يعطى أحد من الزكاة أكثر من خمسين درهمًا، ولا يعطى منها أحد له خمسون درهمًا، وكان يذهب إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من كانت له خمسون فهو غني".
وكان الأنصاري محمد بن عبد الله قاضي البصرة، يقول: "يعطى منها إذا كان محتاجًا ألف درهم دفعة واحدة".
وذكره العجلي أيضًا فقال: سفيان بن سعيد بن مسروق بن ربيع الثوري: يكنى أبا عبد الله ولد سنة سبع وتسعين، وتوفي سنة ستين ومائة، وهو ابن ثمان وستين، وكان ثقة ثبتًا في الحديث، زاهدًا فقيهًا صاحب سنة واتباع، وكان من أقوى الناس بكلمة شديدة عند سلطان يتقى.
قال العجلي: أحسن إسناد الكوفة: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حضرت سفيان بمكة، يكتب عن عكرمة بن عمار وهو جاث على ركبتيه, وجعل يوقفه: سمعت فلانًا، سمعت فلانًا، سمعت فلانًا، فقال: قلت يا أبا عبد الله! أكتب لك؟ قال: لا ليس يكتب سماعي غيري.
وسمع سفيان بن عون بن أبي جحيفة.
قال العجلي: دخل سفيان على المهدي، فقال: السلام عليك كيف أنت أبا عبد الله، ثم جلس، فقال: حجّ عمر بن الخطاب فأنفق على حجته عشرين دينارًا، وأنت حججت فأنفقت في حجتك بيوت الأموال!! فقال: أتريد أن أكون مثلك؟ قال: فوق ما أنا فيه ودون ما أنت فيه، فقال وزيره أبو عبيد الله: أبا عبد الله قد جاءتنا كتبك فأنفذتها، قال: من هذا؟ قال: أبو عبيد الله وزيري، قال: احذره، فإنه كذاب، أنا كتبت إليك؟ ثم قام، فقال له المهدي: أين أبا عبد الله؟ قال: أعود. وقد كان ترك نعله حين قام، فعاد،
فأخذها، ثم مضى، فانتظره المهدي، فلم يعد، قال: وعدنا أن يعود فلم يعد، قيل له: إنه قد عاد لأخذ نعليه، فغضب، فقال قد أمن الناس إلا سفيان الثوري.
قال: وقال حماد بن زيد: كان يلقاني جعفر بن سليمان بن علي والي البصرة، فيقول لي: تراني لا أعرف أين سفيان، هو عند فلان في بيت كذا -لا يخطئ- ويقول: لا، علم الله أني لا أهيج سفيان.
قال العجلي: ألقى أبو إسحاق فريضة فلم يصنعوا فيها شيئًا، قال: لو كان الغلام الثوري فصلها الساعة، إذ أقبل سفيان، فقال له: ما تقول في كذا وكذا؟ قال سفيان: أنت حدثتنا عن علي بكذا وكذا. والأعمش حدثنا عن ابن مسعود بكذا وكذا، وفلان حدثنا فيها بكذا وكذا، فقال أبو إسحاق: كيف ترون من ساعة فصلها ألا تكونوا مثله.
ويروى عن الحسن بن صالح يعني ابن حر، قال: كنت عند ابن أبي ليلى وسفيان معنا، فألقى علينا ابن أبي ليلى مسألة فلم يفهمها سفيان، ثم أعادها فلم يفهمها، ثم أعادها فلم يفهمها، ثم أعادها عليه ففهمها، فجعل سفيان يحمد الله، فقلت: إنه يريد وجه الله.
سفيان الثوري أفقه من سفيان بن عيينة.
ومات سفيان الثوري سنة تسع وخمسين ومائة، ويقال: سنة إحدى وستين، ويقال: سنة سبع وخمسين ومائة، واختلفوا في سنه، فيقال: سنه ست وستون، ويقال: أربع وستون.
قلت: وقد تقدم أنه توفي وله ثلاث وستون، والله أعلم.