Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=98288&book=5524#009e42
مسلمة بن عبد الملك بن مروان
ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس أبو سعيد، وأبو الأصبغ، يكنى بهما جميعاً، الأموي وكانت داره بدمشق في محلة القباب عند باب الجامع القبلي، وولي الموسم في أيام الوليد، وغزا الروم غزوات، وحاصر القسطنطينية، وولاه أخوه يزيد إمرة العراقين، ثم عزله، وولى أرمينية.
عن مسلمة بن عبد الملك، قال: لما احتضر عمر بن عبد العزيز كنا عنده في قبة، فأومأ إلينا أن اخرجوا، فخرجنا فقعدنا حول القبة، وبقي عنده وصيف، فسمعناه يقرأ هذه الآية " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علو في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين " ما أنتم بإنس ولا جان، ثم خرج الوصيف فأومأ إلينا أن ادخلوا، فدخلنا فإذا هو قد قبض.
قال الزبير بن بكار في تسمية ولد عبد الملك، قال: ومسلمة بن عبد الملك، كان من رجالهم، وكان يلقب الجرادةالصفراء، وله آثار كثيرة في الحروب ونكاية في الروم.
عن خليفة، قال: قال ابن الكلبي: وفي سنة ست وثمانين غزا مسلمة بن عبد الملك بلاد الروم، ففتح حصن تولق وحصن الأخرم قبل وفاة عبد الملك.
وفيها - يعني سنة سبع وثمانين - غزا مسلمة بن عبد الملك فافتتح قميقم وبحيرة الفرسان، وبلغ عسكره قلوذيمانس فقتل وسبى.
وفيها - يعني سنة ثمان وثمانين - غزا مسلمة بن عبد الملك والعباس بن الوليد بن عبد الملك قرى أنطاكية وطوانة من أرض الروم وشتوا عليها فجمعت لهم الروم جمعاً كثيراً، فساروا إليهم، فهزم الله الروم، وقتل منهم بشراً كثيراً يقال: خمسون ألفاً وفتح الطوانة والجرجومة.
وفيها - يعني سنة تسع وثمانين - غزا مسلمة بن عبد الملك عمورية فلقي جمعاً للمشركين فهزمهم الله.
وفيها - يعني سنة تسعين - غزا مسلمة بن عبد الملك سورية ففتح الحصون الخمسة التي بها.
وفيها - يعني سنة إحدى وتسعين - عزل الوليد محمد بن مروان عن الجزيرة وأرمينية وأذربيجان وولاها مسلمة بن عبد الملك، فغزا مسلمة سنة إحدى وتسعين الترك حتى بلغ الباب من بحر أذربيجان، ففتح مدائن وحصوناً، ودان له من وراء الباب.
وفيها - يعني سنة ثلاث وتسعين - غزا مسلمة بن عبد الملك أرض الروم، فافتتح سندرة؛ وأقام الحج مسلمة بن عبد الملك.
وفيها - يعني سنة خمس وتسعين - فتح مسلمة بن عبد الملك مدينة الباب من أرمينية، وهدم مدينتها وأخربها، ثم بناها مسلمة بعد ذلك وبتسع سنين؛ حدثني أبو خالد عن أبي البراء، جدثني يزيد بن أسيد، قال: غزا مسلمة سنة خمس وتسعين، وافتتح مدينتين سروان وجمران والبران ومدينة صول، حتى أتى مدينة الباب.
وأغزى سليمان بن عبد الملك الصائفة مسلمة بن عبد الملك - يعني سنة ست وتسعين -.
وفيها - يعني سنة سبع وتسعين - غزا مسلمة بن عبد الملك برجمة، والحصن الذي افتتح الوضاح وهو حصن ابن عوف، وافتتح مسلمة أيضاً حصن الحديد وسردا، وشتا بضواحي الروم.
وفي سنة ثمان وتسعين، شتا مسلمة بضواحي الروم، وشتا عمر بن هبيرة البحر، فسار مسلمة من مشتاه حتى صار إلى القسطنطينية في البحر والبر، فجاوز الخليج وافتتح مدينة السقالبة، وأغارت خيل برجان على مسلمة، فهزمهم الله، وخرب مسلمة ما بين الخليج وقسطنطينية.
عن عبيد الله بن بشر الغنوي، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش ". قال: فدعاني مسلمة بن عبد الملك. قال: فحدثته بهذا الحديث فغزاهم.
قال الأصمعي: حاصر مسلمة بن عبد الملك حصناً، فأصابهم فيه جهد عظيم، فندب الناس إلى نقب منه، فما دخله أحد، فجاء رجل من الجند فدخله، ففتح الله عليهم، فنادى مسلمة: أين صاحب الثقب؟ فما وجد أحد، حتى نادى مرتين أو ثلاثاً أو أربعً. فجاء في الرابعة رجل فقال: أنا أيها الأمير صاحب النقب، آخذ عهوداً ومواثيقاً ثلاثاً؛ لا تسودوا اسمي في صحيفة، ولا تأمروا لي بشيء، ولا تشغلوني عن أمري. قال: فقال مسلمة: قد فعلنا ذلك بك. قال: فغاب بعد ذلك فلم ير؛ فكان مسلمة بعد ذلك يقول في دبر صلاته: اللهم اجعلني مع صاحب النقب.
عن الأوزاعي، قال: لما غزا مسلمة بن عبد الملك الروم أخذه صداع شديد، فبعث إليه ملك الروم بقلنسوة، فقال: ضعها على رأسك، فإنها تذهب بصداعك. فقال: مكيدة؛ فأخذها فوضعها على بعض البهائم فلم ير إلا خيراً، ثم أخذها فوضعها على رأس بعض أصحابه فلم ير إلا خيراً، ثم أخذها فوضعها على رأسه فذهب الصداع عنه؛ فأمر بها ففتقت فإذا فيها كتاب فيه سبعون سطراً هذه الآية مكررة " إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إن الله كان حليماً غفوراً ".
قال خليفة: وفيها - يعني سنة إحدى ومئة - جمع يزيد بن عبد الملك لمسلمة بن عبد الملك العراق. وأمره بمحاربة يزيد بن المهلب.
وفي آخر سنة اثنتين ومئة أو أول سنة ثلاث ومئة عزل مسلمة بن عبد الملك عن العراق.
وفيها - يعني سنة سبع ومئة - عزل هشام بن عبد الملك الجراح بن عبد الله الحكمي عن أرمينية وأذربيجان، وولاها مسلمة بن عبد الملك، فوجه مسلمة الحارث بن عمرو الطائي.
قال أبو خالد: قال أبو البراء: وغزا مسلمة من ذلك العام فأدرب من ملطية فأناخ على قيسارية، فافتتحها عنوة، وذلك لأربع خلون من شهر رمضان سنة سبع ومئة.
وفيها - يعني سنة ثمان ومئة - غزا مسلمة بن عبد الملك الصائفة اليمنى.
وفيها - يعني سنة تسع ومئة - غزا مسلمة بن عبد الملك وسرح الجيوش في أذربيجان، فشتوا بها. ثم عزله سنة تسع.
وفيها - يعني سنة عشر ومئة - غزا مسلمة بلاد الخزر وهي الغزاة التي تسمى غزاة الطين.
وفيها - يعني سنة إحدى عشرة - عزل هشام بن عبد الملك أخاه مسلمة عن أرمينية وأذربيجان، وولى الجراح بن عبد الله الحكمي الولاية الثانية.
قال: قال ابن الكلبي: وخرج مسلمة بن عبد الملك في شوال سنة اثنتي عشرة ومئة في طلب الترك في شدة من المطر والثلج حتى جاوز الباب، وخلف الحارث بن عمرو الطائي في بنيان الباب وتحصينه، وقطع له بعثاً، ثم بعث الجيوش فافتتح مدائن وحصوناً فحرق أعداء الله أنفسهم بالنار في مدائنهم؛ وقتل الجراح سنة اثنتي عشرة ومئة، فولى سعيد بن عمرو الحرشي، ثم عزله سنة ثلاث عشرة وولى مسلمة بن عبد الملك ففعل مسلمة، واستخلف مروان بن محمد، وولاها هشام مروان بن محمد في أول سنة أربع عشرة ومئة.
وفيها - يعني سنة أربع عشرة ومئة - عزل هشام مسلمة بن عبد الملك عن أرمينية وأذربيجان والجزيرة وولاها مروان ن محمد بن مروان مستهل المحرم.
عن العتبي، قال: دخل مسلمة إلى الوليد فاسترضاه من شيء بلغه عنه، فرضي عنه. وخرج مسلمة بعد المغرب فقال الوليد: خذوا الشمع بين يدي أبي سعيد، فقال مسلمة: يا أمير المؤمنين لا سريت الليلة إلا في ضياء رضاك.
قال مسلمة: إن أقل الناس هماً في الآخرة أقلهم هماً بالدنيا.
وقال: ما أحمدت نفسي على ظفر ابتدأته بعجز، ولا لمتها على مكروه ابتدأته بحزم.
وقال: مروءتان ظاهرتان: الرياس والفصاحة.
عن شيخ من باهلة، قال: كان مسلمة بن عبد الملك إذا كثر عليه أصحاب الحوائج وخاف أن يضجر قال لآذنه: ائذن لجلسائي، فيأذن لهم، فيفتن ويفتنون في محاسن الناس ومروءاتهم، فيتطرب لها ويرتاح عليها، ويصيبه ما يصيب صاحب الشراب، فيقول لأصحابه: ائذن لأصحاب الحوائج؛ فلا يبقى أحد إلا قضيت حاجته.
قال المدائني: قال مسلمة لنصيب: سلني، قال: لا، لأن كفك الجزيل أكثر من مسائلتي باللسان، فأعطاه ألف دينار.
قال مسلمة: الأنبياء لا يتثاءبون، ما تثاءب نبي قط.
عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، قال: قال مسلمة بن عبد الملك: أليس قد أمرتم بطاعتنا؟ يعني " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ". قال: قلت: إن الله قد انتزعه منكم إذا خالفتم الحق، قال الله تعالى: " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ". قال: فأين الله؟ قلت: الكتاب. قال: فأين الرسول؟ قلت: السنة.
قال مسلمة: " من الوافر "
فلو بعض الحلال ذهلت عنه ... لأغناك الحلال عن الفضول
وقال في صديق كان له فمات، فجزع عليه: " من الطويل "
يسخي بنفسي عن شراحيل أنني ... إذا شئت لاقيت امرءاً مات صاحبه
عن عوانة، قال: كان بين مسلمة بن عبد الملك وبين العباس بن الوليد بن عبد الملك مباعدة، فبلغ مسلمة أن العباس ينتقصه، فكتب إليه بهذه الأبيات: " من الوافر "
فلولا أن أصلك حيث تنمى ... وفرعك منتهى فرعي وأصلي
وإني إن رميتك هيض عظمي ... ونالتني إذا نالتك نبلي
إذا أنكرتني إنكار خوف ... تضم حشاك عن شتمي وعذلي
فكم من سورة أبطأت عنها ... بنى لك مجدها طلبي وجملي
ومبهمة عييت بها فأبد ... حويلي عن مخارجها وفضلي
كقول المرء عمرو في القوافي ... لقيس حين خالفه بفعل
عذيرك من خليل من مراد ... أريد حباءه ويريد قتلي
عن موسى بن زهير بن مضرس بن منظور بن زيان بن سيار، عن أبيه، قال: كنت في عسكر هشام بن عبد الملك لما مات مسلمة بن عبد الملك، فرأيت هشاما في شرطته، ونظرت إلى الوليد بن يزيد قد أقبل يجر مطرف خز عليه حتى وقف على هشام، والوليد نشوان، فقال: يا أمير المؤمنين، إن عقبى من بقي لحوق من مضى، وقد أقفر بعد مسلمة الصيد والمرمى، واختل الثغر فوهى، وعلى أثر من سلف يمضي من خلف " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ". فلم يحر هشام جواباً، وسكت الناس فلم يترهسم أحد بشيء، فأنشأ الوليد يقول: " من الوافر "
أهيمنة حديث القوم أم هم ... نيام بعد ما متع النهار
عزيز كان بينهم نبياً ... فقول القوم وحي لا يحار
كأنا بعد مسلمة المرجى ... شروب طوحت هم عقار
أو ألاف هجائن في قيود ... تلفت كلما جنت ظؤار
فليتك لم تمت وفداك قوم ... تراخى بينهم عنا الديار
سقيم الصدر أو شرف نكيد ... وآخر لا يزور ولا يزار
قال: سقيمالصدر، عنى به يزيد بنالوليد الناقص. والشرف النكيد: عن به هشاماً. والذي لا يزور ولايزار: مروان بن محمد.
قال خليفة: وفي سنة عشرين ومئة مات مسلمة بنعبد الملك، يوم الأربعاء في المحرم بالشام! وقيل: سنة إحدى وعشرين.