Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=72920&book=5523#f4aec8
محمد بن عبد الله بن (محمد بن - ) عبد الرحمن بن ابى بكر الصديق وكنية جده محمد بن عبد الرحمن بن ابى عتيق يكنى ابا عتيق روى عن الزهري
ونافع روى عنه سليمان بن بلال وحاتم بن اسمعيل ويحيى بن ايوب ويزيد بن زريع سمعت أبي يقول ذلك.
Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=72920&book=5523#fd0898
(محمد بن عبد الله بن محمد بن ابى سبرة أبو بكر روى عن..، نا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل قال قال ابى محمد بن عبد الله بن ابى سبرة يضع الحديث وكان ابن جريج يحدث عن أبي بكر بن أبي سبرة - قال حجاج بن محمد فكتبتها وذهبت إليه فعرضتها عليه فقال عندي سبعون الفا في الحلال والحرام.
نا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول أبو بكر الذى يقال له السبرى ليس حديثه بشئ مدينى مات ببغداد - ) .
Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=72920&book=5523#b518d1
محمد بن عبد الله بن محمد
ابن جيجون بن خاقان ويقال: محمد بن نصر بن جيجون بن خاقان ويقال: محمد بن أبي نصر - المروروذي الصوفي حدث بجامع دمشق عن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن أحمد التميمي بسنده إلى ابن عمر قال: غدونا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عرفات، فمنا الملبي، ومنا المكبر.
قال أبو محمد الكتاني: وفيها - يعني سنة ثلاث وستين وأربع مئة - توفي أبو بكر محمد بن أبي نصر المروذي الصوفي في يوم السبت الخامس من رجب.
Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=72920&book=5523#7efca7
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بكر الصديق
وكنية جده مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن أَبُو عتيق، الْقُرَشِيّ أَدْرَكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَبِيه عَنْ عَائِشَةَ روى عَنْهُ سُلَيْمَان بْن بلال وعبد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد، وروى مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عتيق عَنْ عَامِرِ بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْرِ.
Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=72920&book=5523#e05b32
محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن زيد بن عبد الله ابن عمر بن الخطاب كان يسكن عسقلان روى عن ضمرة وزيد بن ابى الزرقاء سمع منه ابى بعسقلان.
محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم أبو عبد الله الرقاشى ابوابى قلابة البصري قدم بغداد روى عن مالك بن أنس وحماد بن زيد ووهيب وجعفر بن سليمان ويزيد بن زريع ومعتمر بن سليمان وبشر بن المفضل سمعت أبي يقول ذلك، قال أبو محمد روى عنه أبي ومحمد بن مسلم بن وارة وابنه ابو قلابة، نا عبد الرحمن قال سمعت ابى يقول حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي الثقة الرضا.
Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=72920&book=5523#745fae
محمد بن عبد الله بن محمد بن ابى سبرة أبو بكر روى عن (هشام ابن عروة ويحيى بن سعيد الأنصاري وعبيد الله بن عمر وزيد بن أسلم روى عنه محمد بن الحسن الصنعانى وسعيد بن سلام والوليد بن مزيد البيروتي، نا عبد الرحمن - ) نا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل قال قال أبي محمد بن عبد الله ابن ابى سبرة يضع الحديث وكان ابن جريج يحدث عن أبي بكر بن أبي سبرة قال حجاج بن محمد فكتبتها وذهبت إليه فعرضتها عليه فقال عندي سبعون الفا في الحلال والحرام، نا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول أبو بكر بن أبي سبرة الذى يقال له السبرى ليس حديثه بشئ هو مدينى مات ببغداد.
Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=72920&book=5523#e929f0
محمد بن عبد الله بن محمد
ابن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر بن عبد شمس بن عبد مناف ويقال: عبد الله بن محمد - أبو جراب القرشي قدم الشام غازياً.
روى عن غطاء في الصبي والمعتوه يقتلان قتيلاً، أنهما لا يرثانه، لأنهما قاتلان.
قال الزبير بن بكار:
فولد أمية الأصغر بن عبد شمس الحارث، فولد الحارث بن أمية عبد الله، وولد عبد الله بن الحارث علياً والوليد ومحمداً. ومن ولد عبد الله بن الحارث أبو جراب، قتله داود بن علي، وهو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر بن عبد شمس. وأمه رملة بنت العلاء بن طارق بن المرقع من كنانة.
قال ابن ماكولا: أبو جراب عبد الله بن محمد القرشي، سمع غطاء، روى عنه إسحاق بن سعيد. قاله مسلم.
Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=72920&book=5523#285f3d
محمد بن عبد الله بن محمد
ابن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم أبو عبد الله المهدي بن المنصور بويع له بالخلافة عند موت أبيه بالحجاز، وقدم دمشق في خلافته، ومضى إلى بيت المقدس.
قال يحيى بن حمزة: صليت خلف المهدي المغرب، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، فقلت: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: حدثني أبي عن جدي عن أبيه عبد الله بن عباس أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جهر بسم الله الرحمن الرحيم. فقلت: يا أمير المؤمنين، نأثره عنك؟ قال: نعم.
قال يعقوب: وفي سنة ثلاث وستين ومئة أقام الحج للناس علي بن المهدي، وأتى المهدي بيت المقدس، فصلى فيه.
وفي هذه السنة دخل دمشق.
قال أبو بكر الطيب: محمد أمير المؤمنين المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، يكنى أبا عبد الله. وأمه أم موسى بنت منصور الحميرية. ولد بإيذج في سنة سبع وعشرين ومئة. واستخلف يوم مات المنصور بمكة، وقام بأمر بيعته الربيع بن يونس، وأتاه بالخبر منارة البربري مولاه يوم الثلاثاء لست عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، والمهدي إذ ذاك ببغداد، فأقام بعد قدوم منارة يومين لم يظهر الخبر، ثم خطب الناس يوم الخميس، ونعى لهم المنصور، وبويع بيعة العامة. وذلك في سنة ثمان وخمسين ومئة.
روي عن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " المهدي من ولد العباس عمي ".
روى الخطيب البغدادي، بإسناده إلى عبد الله، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المهدي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي ".
وعن ابن عباس قال: منا ثلاثة؛ منا المنصور، ومنا السفاح، ومنا المهدي.
وعن كعب أنه قال: ما المهدي إلا من قريش، وما الخلافة إلا فيهم، غير أن له أصلاً ونسباً في اليمن.
قال يعقوب: سنة ثلاث وخمسين ومئة حج بالناس المهدي محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب.
وقال: وفي سنة ستين ومئة حج بالناس المهدي محمد بن عبد الله. وتوفي سنة ثلاث وستين.
قال خليفة: بويع المهدي محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، أمه أم موسى بنت منصور امرأة من حمير، في أول سنة تسع وخمسين ومئة. ومات أمير المؤمنين المهدي لثمان بقين من المحرم - يعني سنة تسع وستين - بالحمى، فصلى عليه ابنه هارون بن المهدي، وهو ابن ثمان وأربعين. قال: ورأيت في نسخة: سمعت من ابن عمران: ولد بالحميمة من أرض الشام سنة إحدى وعشرين ومئة. ويقال: مات وهو
ابن ثلاث وأربعين. قال: وقال عبد العزيز: ابن إحدى وأربعين. وكانت ولايته عشر سنين وشهراً ونصف.
قال أبو حسان الزيادي: سنة ثمان وخمسين ومئة، بها بويع المهدي محمد بن عبد الله بن محمد.. بويع يوم مات أبو جعفر بمكة وكان مولده سنة سبع وعشرين ومئة. وكان طويلاً أسمر جعداً، بعينه اليمنى نكتة بياض.
وقال يعقوب: وبايع الناس المهدي محمد بن عبد الله بن أبي جعفر أمير المؤمنين وولي عهدهم من بعد أبيه أبي جعفر، بمكة، يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، من سنة سبع وأربعين ومئة. وفيها - يعني سنة إحدى وخمسين ومئة - جدد أبو جعفر البيعة لنفسه وابنه المهدي ولعيسى بن موسى بعد المهدي على أهل بيته بمحضر منه في مجلسه، وذلك يوم جمعة عمهم بالإذن.
روى الخطيب بإسناده إلى المعاذي قال: لما جدد المهدي البيعة لنفسه بعد وفاة المنصور، كان أول من هنأه بالخلافة، وعزاه، أبو دلامة، فقال: من المتقارب
عيناي واحدة ترى مسرورة ... بأميرها جذلى، وأخرى تذرف
تبكي وتضحك تارة، ويسوءها ... ما أنكرت، ويسرها ما تعرف
فيسوءها موت الخليفة محرماً ... ويسرها أن قام هذا الأرأف
ما إن رأيت كما رأيت ولا أرى ... شعراً أرجله وآخر ينتف
هلك الخليفة يا لأمة أحمد ... وأتاكم من بعده من يخلف
أهدى لهذا الله فضل خلافة ... ولذاك جنات النعيم تزخرف
قال: فأمر المهدي بالنداء بالرصافة: إن الصلاة جامعة، وخطب، فنعى المنصور، وقال: إن أمير المؤمنين عبد دعي فأجاب، وأمر فأطاع، واغرورقت عيناه فقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بكى عند فراق الأحبة، ولقد فارقت عظيماً، وقلدت جسيماً، وعند الله احتسبت أمير المؤمنين، وبه - عز وجل - أستعين على خلافة المسلمين.
قال الأصمعي: كان نقش خاتم المهدي الله ثقة محمد وبه يؤمن.
وقال بعض أهل العلم: كان نقش خاتمه القوة لله.
روى الخطيب بإسناده إلى أبي العباس المنصوري قال: لما حصلت في يد المهدي الخزائن والأموال وذخائر المنصور، أخذ في رد المظالم، وإخراج ما في الخزائن، ففرقه، حتى أكثر من ذلك، وبر أهله وأقرباءه ومواليه وذوي الحرمة به، وأخرج لأهل بيته أرزاقاً لكل واحد منهم في كل شهر خمس مئة درهم، لكل رجل ستةآلاف درهم في السنة، وأخرج لهم في الأقسام لكل رجل عشرة آلاف درهم، وزاد بعضهم، وأمر ببناء مسجد الرصافة، وحاط حائطها، وخندق خندقها. وذلك كله في السنة التي قدم فيها مدينة السلام.
وبسنده إلى الربيع أنه قال: مات المنصور، وفي بيت المال شيء لم يجمعه خليفة قط قبله: مئة ألف ألف درهم وستون ألف ألف درهم. فلما صارت الخلافة إلى المهدي، قسم ذلك وأنفقه. وقال الربيع: نظرنا في نفقة المنصور، فإذا هو ينفق في كل سنة ألفي درهم مما يجيء من مال الشراة.
وبسنده إلى أبي عمرو الشغافي قال:
صلينا مع المهدي المغري، ومعنا العوفي - يعني الحسين بن الحسن بن عطية - وكان
على مظالم المهدي، فلما انصرف المهدي من المغرب، جاء العوفي، حتى قعد في قبلته، فقام يتنفل، فجذب ثوبه، فقال: ما شأنك؟ فقال: شيء أولى بك من النافلة. قال: وما ذاك؟ قال: سلام مولاك - قال: وهو قائم على رأسه - أوطأ قوماً الخيل، وغصبهم على ضيعتهم، وقد صح ذلك عندي، تأمر بردها، وتبعث من يخرجهم. فقال المهدي: يصح إن شاء الله. فقال العوفي: لا، إلا الساعة! فقال المهدي: فلان القائد، اذهب الساعة إلى موضع كذا وكذا، فأخرج من فيها، وسلم الضيعة إلى فلان. قال: فما أصبحوا، حتى ردت الضيعة على صاحبها.
وروى أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق قال: دخل محمد بن طلحة بن مصرف على المهدي في حاجة. قال: فجلس مع الناس أمام القصر والمهدي في بهو له قاعد مع أصحابه. قال: فجاء المطر. قال: فقام محمد بن طلحة على رجليه، فقال: يا أمير المؤمنين، أمن العدل هذا، أن تكون في الكن، ونحن في المطر؟! قال: فقال المهدي: من هذا؟ فقالوا: هذا محمد بن طلحة بن مصرف رجل فيه غفلة. قال: فقال المهدي: ها هنا يا عم، ها هنا يا عم اقعد. فجعل يدنو. قال: والمهدي يقول له: ها هنا يا عم. قال: حتى جاء محمد بن طلحة فوقف بجنب المهدي قال: فقال له: ها هنا يا عم. فقال له محمد بن طلحة: إنما أردت أن أستكن من المطر. فقال المهدي: أدركت، فحاجتك؟ قال: فسأل حاجته، فقال له المهدي: لم لا تقول لأخيك سفيان الثوري؟ قال: خشيت أن تكون له الحجة علي. قال: فقال له المهدي: كيف تكون له الحجة عليك؟ قال: يقول: قد عملوا بما علموا، فجاءهم ما لا يعلمون، فاحتاجوا إلي. قال: فقال له: فقل لنا أنت. قال: نعم، تقوم المحتسبات ببيتك، فترد على كل ذي حق حقه. قال: وغير هذا؟ قال: نعم، تأمر بالصلاة جامعة، واصعد المنبر، فاسأل الناس أن
يسوغوك ما في يديك، ثم تستقبل فيهم العدل الآن. فقال: مقبول منك يا عم. قال: فانصرف. فقال المهدي لجلسائه: هذا الذي قلتم إنه ما يعقل؟! قال صالح المري: دخلت على المهدي ها هنا بالرصافة، فلما مثلت بين يديه، قلت: يا أمير المؤمنين، احمل لله ما أكلمك به اليوم، فإن أولى الناس بالله - عز وجل - أحملهم لغلظة النصيحة فيه، وجدير بمن له قرابة برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرث أخلاقه، ويأتم بهديه، وقد ورثك الله من فهم العلم وإنارة الحجة ميراثاً قطع به عذرك، فمهما ادعيت من حجة، أو ركبت من شبهة لم يصح له برهان من الله - عز وجل -، حل بك من سخط الله - عز وجل - بقدر ما تجاهلته من العلم، أو أقدمت عليه من شبهة الباطل. واعلم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خصم من خالفه في أمته يبتزها أحكامها. ومن كان محمد خصمه، كان الله - عز وجل - خصمه. فأعد لمخاصمة الله عز وجل ولمخاصمة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حججاً تضمن لك النجاة، أو استسلم للهلكة. واعلم أن أبطأ الصرعى نهضة صريع هوى يدعيه إلى الله - عز وجل - قربة، وأن أثبت الناس قدماً يوم القيامة آخذهم بكتاب الله وسنة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فمثلك لا يكابر بتجريد المعصية، ولكن تمثل له الإساءة إحساناً، ويشهد له عليها خونة العلماء، وبهذه الحبالة تصيدت الدنيا نظراءك. فأحسن الحيل، فقد أحسنت إليك الأداء. قال: فبكى المهدي.
قال أبو همام: فأخبرني بعض الكتاب أنه رأى هذا الكلام مكتوباً في دواوين المهدي.
حدث الواقدي قال:
دخلت يوماً على المهدي، فدعا بمحبرته ودفتره، وكتب عني أشياء حدثته بها. ثم نهض وقال: كن بمكانك حتى أعود إليك، فدخل إلى دور الحرم، ثم خرج متنكراً ممتلئاً غيظاً، فلما جلس، قلت: يا أمير المؤمنين، خرجت على خلاف الحال التي دخلت
عليها! فقال: نعم، دخلت على الخيزران، فوثبت علي، ومدت يدها إلي، وخرقت ثوبي، وقالت: يا قشاش، وأي خبر رأيت منك؟! وإنها اشتريتها من نخاس، ورأت مني ما رأت، وعقدت لابنيها ولاية العهد، ويحك وأنا قشاش؟ قال: فقلت: يا أمير المؤمنين، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنهن يغلبن الكرام، ويغلبهن اللئام " وقال: " خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي " وقال: " خلقت المرأة من ضلع أعوج، إن قومته كسرته " وحدثته في هذا الباب بما حضرني. فسكن غضبه، وأسفر وجهه، وأمر لي بألفي دينار، وقال: أصلح بهذه من حالك. وانصرفت. فلما وصلت إلى منزلي وافاني رسول الخيزران، فقال: تقرأ عليك ستي السلام، وتقول لك: يا عمي قد سمعت جميع ما كلمت به أمير المؤمنين، فأحسن الله جزاءك، وهذه ألفا دينار إلا عشرة دنانير، بعثت بها إليك، لأني لا أحب أن أساوي صلة أمير المؤمنين؛ ووجهت إلي بأثواب.
قال محمد بن جعفر الخرائطي نا عمران بن موسى أو غيره قال: أهدر المهدي دم رجل من أهل الكوفة، كان سعى في فساد الدولة، وبذل لمن ذل عليه مئة ألف درهم، فاستخفى الرجل حيناً، ثم خرج إلى مدينة السلام، فكان كالمستخفي، فإنه لفي بعض طرقات المدينة إذ بصر به رجل قد كان عرف حاله، فأهوى إلى مجامع ثوبه وصاح: هذا فلان طلبة أمير المؤمنين، فبينما الرجل على تلك الحال، إذ سمع وقع حوافر الدواب، فالتفت، فإذا بموكب كثير الغاشية، فقال: من هذا؟ فقالوا: معن بن زائدة. قال: وما يكنى؟ قالوا: يكنى بأبي الوليد، فلما حاذاه،
قال: يا أبا الوليد، خائف فأجره، وميت فأحيه. فوقف معن في موكبه، وسأل عن حاله، فقال صاحبه: هذا طلبة أمير المؤمنين، قد جعل لمن جاء به مئة ألف درهم. قال: فاعلم أمير المؤمنين أني قد أجرته. وقال لبعض غلمانه: انزل عن دابتك، واركب أخانا. فركب، وانطلق به إلى منزله، ومضى الرجل إلى باب المهدي، فإذا سلام الأبرش يريد الدخول عليه، فقص عليه القصة، فدخل سلام المهدي، فأخبره. فقال: يحضر معن، فجاءته الرسل، فركب، وأوصى به حاشيته، ومن ببابه من مواليه، قال: لا يخلص إليه، وفيكم عين تطرف، فإن رامه أحد فموتوا دونه. ودخل معن على المهدي يسلم، فلم يرد عليه، وقال: يا معن، وتجير علي أيضاً؟! قال: نعم. قال: ونعم أيضاً؟! قال: نعم، يا أمير المؤمنين، قتلت في طاعتكم وعن دولتكم أربعة آلاف مصل في يوم واحد، ولا يجار لي رجل واحد استجار بي؟! فأطرق المهدي طويلاً، ثم رفع رأسه وقال: قد أجرنا من أجرت. قال: يا أمير المؤمنين، إن الرجل ضعيف الحال. قال: قد أمرنا له بثلاثين ألف درهم. قال: إن جنايته عظيمة، وصلات الخلفاء على حسب جناية الرعية. قال: قد أمرنا له بمئة ألف درهم. قال: أهنأ المعروف أعجله. قال: يتقدمه ما أمرنا له به. فانصرف معن، وقد سبقه المال، فأحضر الرجل، وقال: ادع الله لأمير المؤمنين، فقد حقن دمك، وأجزل صلتك. وأصلح نيتك فيما تستقبل.
روى أبو بكر الخطيب، بإسناده إلى الضحاك قال: قدم المهدي علينا البصرة، فخرج يصلي العصر، فقام إليه أعرابي فقال: يا أمير المؤمنين، مر المؤذن لا يقيم حتى أتوضأ. فضحك المهدي وقال للمؤذن: لا تقم حتى يتوضأ الأعرابي.
قال الأصمعي: سمعت المهدي على منبر البصرة يقول: إن الله أمر بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته، فقال: " إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه
وسلموا تسليماً " آثره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها من بين الرسل، واختصكم بها من بين الأمم، فقابلوا نعمة الله بالشكر.
وقال المهدي أمير المؤمنين: ما توسل أحد إلي بوسيلة، ولا تذرع بذريعة، هي أقرب إلى ما نحب من تذكيري يداً سلفت مني إليه، أبعها أختها، وأحسن ربها، لأن منع الأواخر يقطع شكر الأوائل.
حدث المدائني قال:
دخل على المهدي رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن المنصور شتمني، وقذف أبي، فإما أمرتني أن أحلله، وإما عوضتني فاستغفرت له. قال: ولم شتمك؟ قال: شتمت عدوه بحضرته فغضب. قال: ومن عدوه الذي غضب لشتمه؟ قال: إبراهيم بن عبد الله بن حسن. قال: إن إبراهيم أمس به رحماً وأوجب عليه حقاً، فإن كان شتمك كما زعمت، فعن رحمه ذب، وعن عرضه دفع، وما أساء من انتصر لابن عمه. قال: إنه كان عدواً له. قال: فلم ينتصر للعداوة، إنما انتصر للرحم. فأسكت الرجل فلما ذهب ليتولى، قال: لعلك أردت أمراً، فلم تجد له ذريعة عندك أبلغ من هذه الدعوى! قال: نعم. فتبسم، ثم أمر له بخمسة آلاف درهم.
روى أبو بكر الخطيب بإسناده إلى العتابي قال: دخل أبو دلامة على المهدي، فطلب كلباً، فأعطاه، ثم قائده، فأعطاه، ثم دابة، ثم جارية تطبخ الصيد، فأعطاه ذلك، فقال: من يعولها؟ أقطعني ضيعة أعيش فيها
وعيالي. قال: قد أقطعك أمير المؤمنين مئة جريب من العامر، ومئة جريب من الغامر. قال: وما الغامر؟ قال: الخراب الذي لا ينبت. فقال أبو دلامة: قد أقطعت أمير المؤمنين خمس مئة جريب من الغامر من أرض بني أسد. قال: فهل بقيت لك من حاجة؟ قال: نعم، تأذن لي أن أقبل يدك. قال: ما إلى ذلك سبيل. قال: والله ما رددتني عن حاجة أهون علي فقداً منها! روى الخطيب بإسناده أن الربيع قال: فتح المنصور يوماً خزانة مما قبض من خزائن مروان بن محمد، فأحصى فيها اثني عشر ألف عدل خز فأخرج منها ثوباً، وقال: يا ربيع، اقطع من هذا الثوب جبتين: لي واحدة، ولمحمد واحدة، فقلت: لا يجيء منه هذا. قال: اقطع لي منه جبة وقلنسوة. وبخل بثوب آخر يخرجه للمهدي. فلما أفضت الخلافة إلى المهدي، أمر بتلك الخزانة بعينها، ففرقت على الموالي والغلمان والخدم.
حدث الزبير بن بكار قال: حدثني شيخ من أهل المدينة قال: لما دق أمير المؤمنين المهدي المقصورة، وجلس لأشراف قريش، فأجازهم، وكساهم، وكان فيمن وصل عبد الأعلى بن عبيد الله بن محمد بن صفوان، فأجازه، وكساه. وتظلم إليه عبد الأعلى من زفر بن عاصم فيما له عنده من الأرزاق، فأمر زفر بدفع ذلك إليه. فقال له عبد الأعلى: وصلك الله يا أمير المؤمنين، وجعلني فداك، فقد وصلت الرحم، ورددت الظلامة، وعندي بنت عم أحب الناس إلي، غدوت اليوم وأنا مغاضب لها، فإن رأيت أن تجعل للصلح بيني وبينها موضعاً، فافعل. فأعطاه ألف دينار وخمسين ثوباً، وقال: هذا يصلح ما بينك وبينها؟ قال: نعم جعلني الله فداك. فقال له أمير المؤمنين المهدي: والله لو قلت: لا، ما زلت أزيدك إلى الليل.
قال عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله: دخل أبي وأصحابه على المهدي بالمدينة، فدخل عليه المغيرة بن عبد الرحمن
المخزومي وأبو السائب والعثماني وابن أخت الأحوص، فقال لهم: أنشدوني، فأنشده عبد العزيز الماجشون: من الطويل
وللناس بدر في السماء يرونه ... وأنت لنا بدر على الأرض مقمر
فبالله يا بدر السماء وضوءه ... تراك تكافي عشر ما لك أضمر
وما البدر إلا دون وجهك في الدجى ... يغيب، فتبدو حين غاب فتقمر
وما نظرت عيني إلى البدر طالعاً ... وأنت تمشى في الثياب فتسحر
وأنشده ابن أخت الأحوص: من البسيط
قالت كلابة: من هذا؟ فقلت لها: ... هذا الذي أنت من أعدائه زعموا
إني امرؤ لج بي حب فأحرضني ... حتى بكيت وحتى شفني السقم
وأنشده المغيرة بن عبد الرحمن: من الطويل
رمى البين من قلبي السواد فأوجعا ... وصاح فصيح بالرحيل، فأسمعا
وغرد حادي البين وانشقت العصا ... وأصبحت مسلوب الفؤاد مفجعا
كفى حزناً من حادث الدهر أنني ... أرى البين لا أسطيع للبين مدفعا
وقد كنت قبل البين بالبين جاهلاً ... فيا لك بين ما أمر وأفظعا
وأنشده أبو السائب: من الطويل
أصيخا لداعي حب ليلى فيمما ... صدور المطايا نحوها فتسمعا
خليلي إن ليلى أقامت فإنني ... مقيم وإن بانت فبينا بنا معا
وإن أثبتت ليلى بربع غدوها ... فعيذا لنا بالله أن تتزعزعا
قال: والله لأغنينكم. فأجاز أربعة بعشرة آلاف دينار، عشرة آلاف دينار.
وروى أيضاً عن أبيه قال: سألني المهدي أمير المؤمنين: يا ماجشون، ماذا قلت حين فقد أصحابك؟ - يعني الفقهاء - قال: قلت: من البسيط
أيا باك على أحبابه جزعاً ... قد كنت أحذر ذا من قبل أن يقعا
إن الزمان رأى إلف السرور بنا ... فدب بالهجر فيما بيننا وسعى
ما كان والله شؤم الدهر يتركني ... حتى يجرعني من غيظه جرعا
فليصنع الدهر بي ما شاء مجتهداً ... فلا زيادة شيء فوق ما صنعا
فقال: والله لأغنينك، فأجازه بعشرة آلاف دينار، فقدم بها المدينة، فأكلها ابنه في السخاء والكرم.
روى أبو بكر الحافظ بإسناده إلى فائقة بنت عبد الله أم عبد الواحد بن جعفر بن سليمان قالت: أنا يوماً عند المهدي أمير المؤمنين، وكان قد خرج متنزهاً إلى الأنبار إذ دخل عليه الربيع، ومعه قطعة من جراب، فيه كتابة برماد وخاتم من طين قد عجن بالرماد، وهو مطبوع بخاتم الخلافة، فقال: يا أمير المؤمنين، ما رأيت أعجب من هذه الرقعة، جاءني بها رجل أعرابي، وهو ينادي: هذا كتاب أمير المؤمنين المهدي، دلوني على هذا الرجل الذي يسمى الربيع، فقد أمرني أن أدفعها إليه، وهذه الرقعة. فأخذها المهدي وضحك، وقال: صدق؛ هذا خطي، وهذا خاتمي، أفلا أخبركم بالقصة كيف كانت؟ قلنا: أمير المؤمنين أعلى عيناً في ذلك. قال: خرجت أمس إلى الصيد في غب سماء، فلما أصبحت، هاج علينا ضباب شديد، وفقدت أصحابي، حتى ما رأيت منهم أحداً، وأصابني من البرد والجوع والعطش ما الله به أعلم، وتحيرت عند ذلك، فذكرت دعاء سمعته من أبي يحكيه عن أبيه عن جده عن ابن عباس، رفعه، قال: من قال إذا أصبح
وإذا أمسى: بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله، اعتصمت بالله، وتوكلت على الله، حسبي الله، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقي وكفي وشفي من الحرق والغرق والهدم وميتة السوء. فلما قلتها رفه لي ضوء نار، فقصدتها فإذا بهذا الأعرابي في خيمة له، وإذا هو يوقد ناراً بين يديه، فقلت: أيها الأعرابي، هل من ضيافة؟ قال: انزل، فنزلت، فقال لزوجته: هاتي ذاك الشعير، فأتت به، فقال: اطحنيه، فابتدأت تطحنه، فقلت له: اسقني ماء، فأتاني بسقاء فيه مذقة من لبن أكثرها ماء، فشربت منها شربة، ما شربت قط شيئاً إلا هي أطيب منه. قال: وأعطاني حلساً له، فوضعت رأسي عليه، فنمت نومة، ما نمت نومة أطيب منها وألذ. ثم انتبهت، فإذا هو قد وثب إلى شويهة، فذبحها، وإذا امرأته تقول له: ويحك قتلت نفسك وصبيتك إنما كان معاشكم من هذه الشاة، فذبحتها، فبأي شيء نعيش؟! قال: فقلت: لا عليك، هات الشاة، فشققت جوفها، واستخرجت كبدها بسكين كانت في خفي، فشرحتها، ثم طرحتها على النار، فأكلتها. ثم قلت: هل عندك شيء أكتب لك فيه؟ فجاءني بهذه القطعة جراب وأخذت عوداً من الرماد الذي كان بين يديه، فكتبت له هذا الكتاب، وختمته بهذا الخاتم، وأمرته أن يجيء، ويسأل عن الربيع، فيدفعها إليه. فإذا في الرقعة خمس مئة ألف درهم. فقال: والله ما أردت إلا خمسين ألف درهم، ولكن جرت بخمس مئة ألف درهم، لا أنقص والله منها درهماً واحداً، ولو لم يكن في بيت المال غيرها. احملوها معه. فما كان إلا قليلاً حتى كثرت إبله وشاؤه. وصار منزلاً من المنازل ينزله الناس، ممن أراد الحج من الأنبار إلى مكة. وسمي منزل مضيف أمير المؤمنين المهدي.
وروى بإسناده إلى إبراهيم بن محمد بن عرفة قال:
وخرج المهدي يوماً إلى الصيد، فانقطع عن خاصته، فدفع إلى أعرابي، وهو يريد
البول، فقال: يا أعرابي احفظ علي فرسي حتى أنزل، فسعى نحوه وأخذ بركابه، فنزل المهدي، ودفع الفرس إليه، فأقبل الأعرابي على السرج، يقلع حليته، وفطن المهدي، وقد أخذ حاجته، فقدم إليه فرسه. وجاءت الخيل نحوه، وأحاطت به، ونذر بها الأعرابي، فولى هارباً، فأمر برده، فقال - وخاف أن يكون قد غمز به، فقال -: خذوا ما أخذنا منكم، ودعونا نذهب إلى خزي الله وناره. فقال المهدي، وصاح به: تعال لا بأس عليك. فقال: ما تشاء، جعلني الله فداء فرسك؟ فضحك من حضره، وقالوا: ويلك، هل رأيت إنساناً قد قال هذا؟! قال: فما أقول؟ قالوا: قل جعلني الله فداءك يا أمير المؤمنين. قال: وهذا أمير المؤمنين؟ قالوا: نعم. قال: والله لئن أرضاه هذا مني، ما يرضيني ذاك فيه، ولكن جعل الله جبريل وميكائيل فداءه وجعلني فداءهما. فضحك المهدي، واستطابه، وأمر له بعشرة آلاف درهم، فأخذها، وانصرف.
وبالإسناد نفسه قال: وبلغني أن المهدي لما فرغ من بناء عيسى باذ، ركب في جماعة، يسير، لينظر، فدخله مفاجأة، وأخرج من كان هناك من الناس، وبقي رجلان تخفيا عن أبصار الأعوان، فرأى المهدي أحدهما، وهو دهش ما يعقل، فقال: من أنت؟ قال: أنا أنا أنا. قال: ويلك، من أنت؟ قال: لا أدري. قال: ألك حاجة؟ قال: لا، لا. قال: أخرجوه، أخرج الله نفسه! فدفع في قفاه، فلما خرج، قال لغلام له: اتبعه من حيث لا يعلم، فسل عن أمره ومهنته، فإني إخاله حائكاً. فخرج الغلام يقفوه. ثم رأى الآخر، فاستنطقه، فأجابه بقلب جريء ولسان بسيط. فقال: من أنت؟ فقال: رجل من أبناء رجال دعوتك. قال: ما جاء بك إلى ها هنا؟ قال: جئت لأنظر إلى هذا البناء الحسن، فأتمتع بالنظر، وأكثر الدعاء لأمير المؤمنين بطول المدة، وتمام النعمة، ونماء العز والسلامة. قال: أفلك حاجة؟ قال: نعم؛ خطبت ابنة عمي، فردني أبوها، وقال:
لا مال لك، والناس يرغبون في الأموال. وأنا بها مشغوف، ولها وامق. قال: قد أمرت لك بخمسين ألف درهم. قال: جعلني الله فداءك يا أمير المؤمنين، قد وصلت، فأجزلت الصلة، ومننت، فأعظمت المنة، فجعل الله باقي عمرك أكثر من ماضيه، وآخر أيامك خيراً من أولها، وأمتعك بما أنعم به، وأمتع رعيتك بك. فأمر أن يعجل له في صلته، ووجه بعض خاصته معه، وقال: سل عن مهنته، فإني إخاله كاتباً. فرجع الرسولان معاً، فقال الأول: وجدت الأول حائكاً، وقال الآخر: وجدت الرجل كاتباً. فقال المهدي: لم يخف علي مخاطبة الكاتب والحائك.
قال الأصمعي: حدثني حسن الوصيف الحاجب حاجب المهدي قال: كنا بزبالة، إذا أعرابي يقول: يا أمير المؤمنين، جعلني الله فداءك، إني عاشق. قال: وكان يحب ذكر العشاق والعشق. فدعا الأعرابي، فلما دخل عليه، قال: سلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قعد، فقال له: ما اسمك؟ قال: أبو مياس. قال: يا أبا مياس، من عشيقتك؟ قال: ابنة عمي، وقد أبى أن يزوجنيها. قال: لعله أكثر منك مالاً. قال: لا، بل أنا أكثر منه مالاً. قال: فما القصة؟ قال: أدن مني رأسك. فجعل المهدي يضحك، وأصغى إليه رأسه، فقال: إني هجين. قال: ليس يضرك ذاك، إخوة أمير المؤمنين وولده أكثرهم هجن، يا غلام، علي بعمه. قال: فأتي به، فإذا أشبه خلق الله بأبي مياس، كأنهما باقلاة فلقت، فقال المهدي: ما لك لا تزوج أبا مياس، وله هذا اللسان والأدب، وقرابته منك قرابته؟ قال: إنه هجين. قال: فإخوة أمير المؤمنين وولده أكثرهم هجين، فليس هذا مما ينقصه، زوجها منه، فقد أصدقتها عنه عشرة آلاف درهم. قال: قد فعلت. فأمر له بعشرين ألف درهم. فخرج أبو مياس، وهو يقول: من الكامل
ابتعت ظبية بالغلاء وإنما ... يعطي الغلاء بمثلها أمثالي
وتركت أسواق القباح لأهلهاإن القباح وإن رخصن غوال
قال المفضل بن محمد الضبي:
كنت يوماً جالساً على باب منزلي، أحتاج إلى درهم، وعلي دين عشرة آلاف درهم، إذ جاءني رسول المهدي، فقال: أجب أمير المؤمنين، فقلت في نفسي: وما بغية أمير المؤمنين؟ لعل ساعياً سعى بي إليه! ثم دخلت منزلي، ولبست ثيابي، وصرت إليه، فلما مثلت بين يديه، سلمت عليه، فقال: وعليك السلام، وأومأ لي بالجلوس. فجلست. فلما سكن جأشي، قال لي: يا مفضل، ما أفخر بيت قالته العرب؟ فأرتج علي ساعة، ثم قلت: يا أمير المؤمنين، بيت الخنساء، فاستوى جالساً، وكان متكئاً، ثم قال: أي بيت؟ قلت: قولها: من البسيط
وإن صخراً لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار
فقال: قد قلت له، وأبى علي! وأومأ إلى إسحاق بن بزيع. قلت: الصواب مع أمير المؤمنين. ثم قال: يا مفضل، حدثني. فحدثته حتى انتصف النهار. وقال: يا مفضل، كيف حالك؟ قلت: يا أمير المؤمنين، كيف يكون حال من عليه عشرة آلاف درهم، وليس معه درهم؟! فقال: يا إسحاق، أعطه عشرة آلاف درهم قضاءً لدينه، وعشرة آلاف درهم يستعين بها على دهره، وعشرة آلاف درهم يصلح بها من شأنه.
روى أبو بكر الخطيب بإسناده إلى يونس بن عبد الله الخياط قال: دخل ابن الخياط المكي على أمير المؤمنين المهدي، وقد مدحه، فأمر له بخمسين ألف درهم. فلما قبضها، فرقها على الناس، وقال: من الطويل
أخذت بكفي كفه أبتغي الغنى ... ولم أدر الجود من كفه يعدي
فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى ... أفدت، وأعداني فبددت ما عندي
فنمي إلى المهدي، فأعطاه بدل كل درهم ديناراً.
وروى بإسناده إلى محمد بن زياد قال: دخل مروان بن أبي حفصة على المهدي، وعنده جماعة، فأنشده: من الطويل
صحا بعد جهل واستراحت عواذله
قال: فقال: ويحك، كم هي بيتاً؟ قلت: يا أمير المؤمنين، سبعون بيتاً. قال: فإن لك عندي سبعين ألفاً. قال: فقلت في نفسي: بالنسيئة، إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم قلت: يا أمير المؤمنين، اسمع مني أبياتاً حضرت، فما في الأرض أنبل من كفيلي. قال: هات. فاندفعت، فأنشدته: من الطويل
كفاكم بعباس أبي الفضل والداً ... فما من أب إلا أبو الفضل فاضله
كأن أمير المؤمنين محمداً ... أبو جعفر في كل أمر يحاوله
إليك قصرنا النصف من صلواتنا ... مسيرة شهر بعد شهر نواصله
فلا نحن نخشى أن يخيب مسيرنا ... إليك، ولكن أهنأ الخير عاجله
قال: فتبسم، وقال: عجلوها له. فحملت إلي من وقتها.
وروى الخطيب بإسناده إلى جماعة قال: خرج المؤمل بن أميل المحاربي إلى المهدي، وهو أمير على الري، ممتدحاً له، فأمر له بعشرين ألف درهم، ورفع الخبر إلى المنصور، قال: فلما اتصل به قربي من العراق، أنفذ لي قاعداً على جسر النهروان يستقري القوافل، فلما مررت به قال: من أنت؟
قلت: المؤمل بن أميل مادح الأمير المهدي وشاعره. قال: إياك طلبت. فأخذ بيدي، فأدخلني على المنصور، وهو بقصر الذهب، فقال لي: أتيت غلاماً عراً، فخدعته؟! قال: بل أتيت غلاماً كريماً، فخدعته، فانخدع. قال: فأنشدني ما قلت فيه. فأنشدته: من الوافر
هو المهدي إلا أن فيه ... مشابه صورة القمر المنير
تشابه ذا وذا، فهما إذا ما ... أنارا يشكلان على البصير
فهذا في الظلام سراج نار ... وهذا بالنهار سراج نور
ولكن فضل الرحمن هذا ... على ذا بالمنابر والسرير
وبالملك العزيز، فذا أمير ... وماذا بالأمير ولا الوزير
ونقص الشهر يخمد ذا، وهذا ... منير عند نقصان الشهور
فيا بن خليفة الله المصفى ... به تعلو مفاخرة الفخور
لقد فت الملوك وقد توافوا ... إليك من السهولة والوعور
لقد سبق الملوك أبوك حتى ... بقوا من بين كاب أو حسير
وجئت وراءه تجري خبيباً ... وما بك حين تجري من فتور
فقال الناس ما هذان إلا ... كما بين الفتيل إلى النقير
فإن سبق الكبير فأهل سبق ... له فضل الكبير على الصغير
وإن بلغ الصغير مدىً كبيراً ... فقد خلق الصغير من الكبير
فقال: ما أحسن ما قلت، ولكن لا يساوي ما أخذت. يا ربيع حط ثقله، وخذ منه ستة عشر ألفاً، وخله والبقية. قال: فحط الربيع ثقلي، وأخذ مني ستة عشر ألفاً، فما
بقيت معي إلا نفيقة يسيرة، لأني كنت اشتريت لأهلي طرائف من طرائف الري، فشخصت، وآليت ألا أدخل بغداد، وللمنصور بها ولاية! فلما مات المنصور، واستخلف المهدين قدمت بغداد، فألفيت رجلاً، يقال له: ابن ثوبان، قد نصبه المهدي للمظالم، فكتبت قصة أشرح فيها ما جرى علي، فرفعها ابن ثوبان إلى المهدي، فلما قرأها، ضحك، حتى استلقى، ثم قال: هذه مظلمة أنا بها عارف. ردوا عليه ماله الأول، وضموا إليه عشرين ألفاً.
روى الزبير بن بكار عن بعض أصحابه قال: كان المهدي مستهتراً بالخيزران لا يكاد أن يفارقها في مجلس يلهو به، فجلس يوماً مع ندمائه، فاشتاق إليها، فكتب إليها بهذه الأبيات: من الخفيف
نحن في أطيب السرور ولكن ... ليس إلا بكم يطيب السرور
عيب ما نحن فيه يا أهل ودي ... أنكم غبتم ونحن حضور
فأغذوا المسير، بل إن قدرتم ... أن تطيروا مع الرياح، فطيروا
فأجابته الخيزران بهذه الأبيات:
قد أتانا الذي قد ذكرت من ال ... شوق فكدنا وما فعلنا نطير
ليت أن الرياح كن يؤد ... ين إليكم بما يجن الضمير
لم أزل صبة فإن كنت بعدي ... في سرور فطاب ذاك السرور
وقال عمر بن شبة: كانت للمهدي جارية يحبها حباً شديداً، وكانت شديدة الغيرة عليه في سائر
جواريه، فتعتاص عليه وتؤذيه، فقال فيها: من الوافر
أرى ماء وبي عطش شديد ... ولكن لا سبيل إلى الورود
أراح الله من بدني فؤادي ... وعجل لي إلى دار الخلود
أما يكفيك أنك تملكيني ... وأن الناس كلهم عبيدي
وأنك لو قطعت يدي ورجلي ... لقلت من الرضا أحسنت زيدي
وقال: أهدت جارية للمهدي إليه تفاحة مطيبة، فأخذها المهدي، وأنشأ يقول: من السريع
تفاحة من عند تفاحة ... جاءت فماذا صنعت بالفؤاد
والله إن أدري أأبصرتها ... يقظان أم أبصرتها في الرقاد
قال علي بن يقطين: خرجنا مع المهدي، فقال لنا يوماً: إني داخل ذاك البهو، فنائم فيه، فلا يوقظني أحد، حتى أستيقظ. قال: فنام، ونمنا، فما أنبهنا إلا بكاؤه، فقمنا فزعين، فقلنا: ما شأنك يا أمير المؤمنين؟ قال: أتاني الساعة آت في منامي، والله لو كان في مئة ألف شيخ لعرفته، فأخذ بعضادتي الباب وهو يقول: من الطويل
كأني بهذا القصر قد باد أهله ... وأوحش منه ركبه ومنازله
وصار عميد القوم من بعد بهجة ... وملك إلى قبر عليه جنادله
حدث محمد بن إدريس الشافعي أنه أخبر أن المهدي لما فرغ من بنيان قصر بناه، تحول إليه هو وحشمه، فبينا هو ذات ليلة نائم، إذ سمع صوتاً من زاوية القصر، وهو يهتف: من الطويل
كأني بهذا القصر قد باد أهله ... وقد درست أعلامه ومنازله
قال: فأجابه المهدي، وكان ذكياً:
كذاك أمور الناس يبلى جديدها ... وكل فتىً يوماً ستبلى فعائله
فأجابه الهاتف وهو يقول:
تزود من الدنيا فإنك ميت ... وإنك مسؤول، فما أنت قائله؟
فأجابه المهدي وهو يقول:
أقول بأن الله حق شهدته ... فذلك قول ليس تحصى فضائله
فأجابه الهاتف وهو يقول:
تزود من الدنيا فإنك راحل ... وقد أزف الأمر الذي بك نازله
فأجابه المهدي وهو يقول:
متى ذاك خبرني، هديت، فإنني ... سأفعل ما قد قلت لي وأعاجله
فأجابه الهاتف وهو يقول:
تلبث ثلاثاً بعد عشرين ليلة ... إلى منتهى شهر وما أنت كامله
قال: فقالت ريطة سرية المهدي: فوالله ما لبث إلا تسعة وعشرين يوماً حتى فارق الدنيا، رحمه الله.
حدث بعض أهل العلم قال: كان آخر ما تكلم به محمد بن عبد الله، وهو المهدي الحمد لله يحيي ويميت، وهو حي لا يموت.
قال أبو معشر السندي:
استخلف محمد بن عبد الله المهدي يوم الخميس، لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة، سنة ثمان وخمسين ومئة. قال: وتوفي لأربع عشرة مضت من المحرم، سنة تسع وستين ومئة.
وقال أبو معشر في رواية أخرى: توفي محمد بن عبد الله، وهو المهدي، في المحرم سنة تسع وستين ومئة، فكانت خلافته عشر سنين وخمسة وأربعين ليلة.
وقال ابن أبي السري: كانت خلافته عشر سنين وشهراً وثلاثة عشر يوماً، ومات بماسبذان، وكان خروجه إلى قرية يقال لها الرذ، بها قبره، ومات وهو ابن ثلاث وأربعين سنة، وصلى عليه ابن هارون. وكان طويلاً أسمر معتدل الخلق جعد الشعر، بعينه اليمنى نكتة بياض، رحمه الله، ومبلغ سنه على حساب مولده اثنتان وأربعون سنة وسبعة أشهر وأيام.
وقال أبو سليمان بن زبر: وفيها - يعني سنة تسع وستين ومئة - خرج المهدي إلى ماسبذان، في المحرم، فتوفي بها، ليلة الخميس، لثمان بقين من المحرم، وبويع ابنه موسى بن محمد الهادي.
محمد بن عبد الله بن محمد
ابن عثمان بن حماد بن سليمان بن الحسن بن أبان بن النعمان بن بشير الأنصاري روى عن عبد القدوس بن عبد السلام، بسنده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار، ولا عال من اقتصد ".