مصعب بْن مصعب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف الْقُرَشِيّ الزُّهْرِيّ.
Al-Bukhārī (d. 870 CE) - al-Tārikh al-kabīr - البخاري - التاريخ الكبير
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
[
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 13266 11462. مصعب بن عبد الرحمن بن أبي ذئب1 11463. مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري1 11464. مصعب بن عبد الله بن مصعب2 11465. مصعب بن عبيد الله بن جنادة1 11466. مصعب بن محمد بن شرحبيل2 11467. مصعب بن مصعب بن عبد الرحمن211468. مصعب بن نوح الأنصاري1 11469. مصعد أبو يزيد1 11470. مضاء أبو إبراهيم الفائشي الكوفي1 11471. مضاء بن جارود الشامي1 11472. مضارب العجلي4 11473. مضارب بن بشير التميمي2 11474. مضارب بن حزن التميمي3 11475. مضرس بن عبد الله بن وهب3 11476. مضرس بن عثمان الجهني4 11477. مطر الاعنق ابن عبد الرحمن1 11478. مطر الطفاوي2 11479. مطر بن أبي مطر1 11480. مطر بن العلاء الفزاري الشامي1 11481. مطر بن دراج أبو العلاء1 11482. مطر بن سليمان القشيري1 11483. مطر بن طهمان أبو رجاء الوراق الخراساني...1 11484. مطر بن عكامس السلمي5 11485. مطر بن فيل3 11486. مطر بن كثير الخولاني3 11487. مطر بن ميمون المحاربي5 11488. مطرح الأسدي1 11489. مطرح بن يزيد أبو المهلب الكناني1 11490. مطرف السعدي3 11491. مطرف بن أبي بكر الهذلي1 11492. مطرف بن طريف الحارثي أبو بكر1 11493. مطرف بن عبد الله بن الشخير7 11494. مطرف بن عبد الله بن مطرف1 11495. مطرف بن عتبة2 11496. مطرف بن عوف3 11497. مطرف بن مازن الكناني3 11498. مطرف بن مالك أبو الرباب القشيري1 11499. مطرف بن معقل أبو بكر الشقري1 11500. مطعم2 11501. مطعم بن المقدام3 11502. مطعم بن المقدام بن غنيم الكلاعي1 11503. مطلب بن أبي وداعة السهمي القرشي1 11504. مطلب بن السائب بن أبي وداعة1 11505. مطلب بن زياد الكوفي الثقفي3 11506. مطلب بن عبد الله1 11507. مطلب بن عبد الله بن حنطب القرشي1 11508. مطلب بن عبد الله بن قيس2 11509. مطهر بصري1 11510. مطهر بن جويرية السدوسي الخراساني1 11511. مطير5 11512. مطير بن ثعلبة3 11513. مطيع الغزال1 11514. مطيع بن الأسود القرشي1 11515. مظاهر بن أسلم3 11516. مظاهر بن أسلم المخزومي1 11517. مظفر بن مدرك أبو كامل1 11518. معاذ أبو زهرة1 11519. معاذ المكى1 11520. معاذ بن أبي بن كعب الأنصاري1 11521. معاذ بن أسد أبو عبد الله1 11522. معاذ بن أنس الجهني2 11523. معاذ بن الحارث2 11524. معاذ بن العلاء بن عمار أبو غسان2 11525. معاذ بن جبل أبو عبد الرحمن الأنصاري1 11526. معاذ بن حرملة2 11527. معاذ بن خالد بن شقيق بن دينار1 11528. معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي الأنصاري...1 11529. معاذ بن سعد السكسكي4 11530. معاذ بن سعوة الرقاشي1 11531. معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي3 11532. معاذ بن عبد الله بن بسر1 11533. معاذ بن عبد الله بن خبيث1 11534. معاذ بن عبيد الله بن معمر1 11535. معاذ بن عفراء3 11536. معاذ بن عمرو بن الجموح الأنصاري1 11537. معاذ بن فضالة أبو زيد البصري2 11538. معاذ بن محمد بن معاذ2 11539. معاذ بن معاذ بن نصر1 11540. معاذ بن هانئ البصري1 11541. معاذ بن هشام بن أبي عبد الله1 11542. معارك2 11543. معارك بن بشر بن عياذ1 11544. معارك بن زيد1 11545. معارك بن عبد الله القيسي3 11546. معافي بن عمران الموصلي ابن مسعود كناه...1 11547. معان بن رفاعة السلامي الدمشقي1 11548. معاوية الجعفي2 11549. معاوية القرشي3 11550. معاوية الليثي7 11551. معاوية المهري3 11552. معاوية الهذلي7 11553. معاوية بن أبي تحيا1 11554. معاوية بن أبي سفيان بن حرب2 11555. معاوية بن أبي عياش الزرقي الأنصاري المدني...1 11556. معاوية بن أبي مزرد1 11557. معاوية بن إسحاق بن طلحة بن عبيد2 11558. معاوية بن الحكم السلمي7 11559. معاوية بن السائب بن أبي لبابة الأنصاري...1 11560. معاوية بن بعجة بن عبد الله2 11561. معاوية بن ثابت2 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Al-Bukhārī (d. 870 CE) - al-Tārikh al-kabīr - البخاري - التاريخ الكبير are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=109536&book=5519#82bfb9
مُصعب بن مُصعب بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ ابْن أبي حَاتِم ضَعَّفُوهُ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=109536&book=5519#a2a420
مُصعب بْن مُصْعَب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف الزُّهْرِيّ يروي عَن أَبِيه رَوَى عَنْهُ أهل الْحجاز وَمُحَمّد بْن إِسْحَاق
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64493&book=5519#f3b65e
- مصعب بن عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب. أمه أم ولد تدعى أم حريث، اسمها كبشة بنت عبد الله بن النعمان من تنوخ، يكنى أبا زرارة. مات سنة أربع وستين.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64493&book=5519#6b2580
مصعب بن عَبْدُ الرَّحْمَنِ
- مصعب بن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عبد بن الحارث بن زهرة. ويكنى أبا زرارة وأمه أم حريث من سبي بهراء من قضاعة. فولد مصعب بن عبد الرحمن زرارة وبه كان يكنى وعبد الرحمن وأمهما ليلى بنت الأسود بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بن الحارث بن زهرة. ومصعب بن مصعب وأمه أم ولد. وأم الفضل وأمها أم سعيد بنت المخارق بن عروة. وفاطمة وأم عون وأمهما أم كلثوم بنت عبيد الله بْن شهاب بْن عَبْد الله بْن الحارث بن زهرة. قالوا: ولما ولي مروان بن الحكم المدينة في خلافة معاوية في المرة الثانية استعمل مصعب بن عبد الرحمن بن عوف على شرطه وولاه قضاءه بالمدينة. وكان شديدا على المريب. وكان ولاة المدينة هم الذين يختارون القضاة ويولونهم. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: لَحِقَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ. فَلَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ مَكَّةَ يُرِيدُ قِتَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَجَّهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مُصْعَبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَيْهِ فِي جَمْعٍ فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ عَنْهُ وَأُسِرَ أَسْرًا وَذَاكَ أَنَّهُ هَرَبَ فَدَخَلَ دَارَ ابْنِ عَلْقَمَةَ فَغَلَّقَهَا عَلَيْهِ فَأَحَاطَ به مصعب بن عبد الرحمن. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا فِي قِتَالِ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ وَقَدْ أَخْرَجَ الْمِسْوَرُ سِلاحًا حمله من الْمَدِينَةِ. فَرَأَيْتُنَا مَرَّةً وَنَحْنُ نَقْتَتِلُ وَالْمِسْوَرُ عَلَيْهِ سِلاحُهُ وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَسُوقُهُمْ سَوْقًا عَنِيفًا. وَحَمَلُوا عَلَيْنَا فَكَشَفُونَا فَقَالَ الْمِسْوَرُ لِمُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يَا ابْنَ خَالِ أَلا تَرَى مَا قَدْ نَالَ هَؤُلاءِ مِنَّا؟ قَالَ: فَمَا الرَّأْيُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: نَكْمُنُ لَهُمْ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَظْفَرَ اللَّهُ بِهِمْ. وَاخْتَرْ مَعَكَ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْجَلَدِ. فكمن لهم مُصْعَبٌ بِأَصْحَابِهِ فَمَا أَفْلَتَ مِنْهُمْ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ هَرَبَ. وَجَاءَ الْخَبَرُ الْمِسْوَرَ فَسُرَّ بِذَلِكَ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَ الْمِسْوَرِ مَا شَعَرْتُ إِلا بِابْنِ صَفْوَانَ يَقُولُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَقَدْ سَرَّنَا مَا صَنَعَ مُصْعَبٌ بِهَؤُلاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا يَنَالُونَ مِنَّا مَا يَنَالُونَ. فَقَالَ الْمِسْوَرُ: وَهُوَ سُرُورُهُمْ. اللَّهُمَّ أَبْقِ لَنَا مُصْعَبًا فَإِنَّهُ أَجْزَأُ مَنْ مَعَنَا وَأَنْكَاهُ لِعَدُوِّنَا. قَالَ الْمِسْوَرُ: هُوَ هكذا. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْنَا كَتِيبَةً خَشْنَاءَ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيُّ فَنَالُوا مِنَّا أَقْبَحَ الْقَوْلِ وَأَسْمَجَهُ. فَرَأَيْتُ أَبِي حَنِقًا عَلَيْهِمْ وَقَالَ: مَا لِلْحَرْبِ وَمَا لِهَذَا؟ هَذَا فِعْلُ النِّسَاءِ. فَقَالَ لِمُصْعَبٍ: أَبَا زُرَارَةَ احْمِلْ بِنَا. فحمل مصعب كأنه جمل صؤول وحمل أبي وتبعتهم فيقوم مِنَّا أَهْلُ نِيَّاتٍ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ السُّيُوفَ رَكَدَتْ سَاعَةً وَلَكَأَنَّ هَامَ الرِّجَالِ وَأَذْرُعَهُمْ أَجري الْقِثَّاءِ حَتَّى خَلَصْنَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعَدَةَ فَضَرَبَهُ مُصْعَبٌ ضَرْبَةً فَقَطَعَ السَّيْفُ الدِّرْعَ وَخَلَصَ إِلَى فَخِذِهِ. وَضَرَبَهُ ابْنُ أَبِي ذِرَاعٍ مِنْ جَانِبِهِ الآخَرِ فَجَرَحَهُ جُرْحًا آخَرَ. فَمَا عَلِمْتُ أَنَّا رَأَيْنَاهُ يَخْرُجُ إِلَيْنَا بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَقَامَ في عسكرهم جريحا حتى ولوا منصرفين. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نَعْرِفُ قَتْلَى مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ قَتْلَى غَيْرِهِ بِشَحْوِهِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا الْمَوْطِنَ الَّذِي قَامَ فِيهِ ابْنُ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيُّ وَهُوَ يُقَاتِلُ يَوْمَئِذٍ. فَلَمَّا انْصَرَفُوا عَدَدْتُ الْقَتْلَى مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فوجدت أربعة عشر قتيلا مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَبْعَةَ نَفَرٍ نعرفهم بالشحو وشحوه وثبه. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَدْ قَتَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ عَدَدًا كَثِيرًا وَلَكِنْ سَاعَةَ يُقْتَلُ مِنْهُمْ إِنْسَانٌ يُوَارَى فَلا يُرَى لَهُمْ قَتِيلٌ. ثُمَّ يَقُولُ لَقَدْ بَرَزَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَوْمًا كَانَتِ الدَّوْلَةُ فِيهِ لابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَتَلَ بِيَدِهِ خَمْسَةً ثُمَّ رَجَعَ وَإِنَّ سيفه لمنحن يَقُولُ: إِنَّا لَنُورِدُهَا بِيضًا وَنُصْدِرُهَا ... حُمُرًا وَفِيهَا انْحِنَاءٌ بَعْدَ تَقْوِيمٍ ثُمَّ قَالَ أَبِي: مَا كَانَتْ مِنْ مُصْعَبٍ إِلا ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا اليتم. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَصَابَ الْحَجَرُ خَدَّ الْمِسْوَرِ وَصُدْغَهُ الأَيْسَرَ غُشِيَ عَلَيْهِ فَاحْتَمَلْنَاهُ. وَجَاءَ الْخَبَرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَأَقْبَلَ يَعْدُو إِلَيْنَا فَكَانَ فِيمَنْ حَمَلَهُ. وَأَدْرَكَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بن عوف وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ. ثُمَّ مَاتَ فَوَلُّوهُ وَدَفَنُوهُ. وَتُوُفِّيَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ وَفَاةً. وَذَلِكَ وَالْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ بَعْدُ بِمَكَّةَ. فَلَمَّا مَاتَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَظْهَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الدُّعَاءَ لِنَفْسِهِ وَبَايَعَهُ النَّاسُ بِالْخِلافَةِ. وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يُرِيَهُمْ أَنَّ الأَمْرَ شُورَى بَيْنَهُمْ. وَكَانَ شِعَارُهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ الْمِسْوَرُ وَمُصْعَبُ: لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ. وَكَانَتْ وَفَاةُ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
- مصعب بن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عبد بن الحارث بن زهرة. ويكنى أبا زرارة وأمه أم حريث من سبي بهراء من قضاعة. فولد مصعب بن عبد الرحمن زرارة وبه كان يكنى وعبد الرحمن وأمهما ليلى بنت الأسود بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بن الحارث بن زهرة. ومصعب بن مصعب وأمه أم ولد. وأم الفضل وأمها أم سعيد بنت المخارق بن عروة. وفاطمة وأم عون وأمهما أم كلثوم بنت عبيد الله بْن شهاب بْن عَبْد الله بْن الحارث بن زهرة. قالوا: ولما ولي مروان بن الحكم المدينة في خلافة معاوية في المرة الثانية استعمل مصعب بن عبد الرحمن بن عوف على شرطه وولاه قضاءه بالمدينة. وكان شديدا على المريب. وكان ولاة المدينة هم الذين يختارون القضاة ويولونهم. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: لَحِقَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ. فَلَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ مَكَّةَ يُرِيدُ قِتَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَجَّهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مُصْعَبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَيْهِ فِي جَمْعٍ فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ عَنْهُ وَأُسِرَ أَسْرًا وَذَاكَ أَنَّهُ هَرَبَ فَدَخَلَ دَارَ ابْنِ عَلْقَمَةَ فَغَلَّقَهَا عَلَيْهِ فَأَحَاطَ به مصعب بن عبد الرحمن. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا فِي قِتَالِ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ وَقَدْ أَخْرَجَ الْمِسْوَرُ سِلاحًا حمله من الْمَدِينَةِ. فَرَأَيْتُنَا مَرَّةً وَنَحْنُ نَقْتَتِلُ وَالْمِسْوَرُ عَلَيْهِ سِلاحُهُ وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَسُوقُهُمْ سَوْقًا عَنِيفًا. وَحَمَلُوا عَلَيْنَا فَكَشَفُونَا فَقَالَ الْمِسْوَرُ لِمُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يَا ابْنَ خَالِ أَلا تَرَى مَا قَدْ نَالَ هَؤُلاءِ مِنَّا؟ قَالَ: فَمَا الرَّأْيُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: نَكْمُنُ لَهُمْ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَظْفَرَ اللَّهُ بِهِمْ. وَاخْتَرْ مَعَكَ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْجَلَدِ. فكمن لهم مُصْعَبٌ بِأَصْحَابِهِ فَمَا أَفْلَتَ مِنْهُمْ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ هَرَبَ. وَجَاءَ الْخَبَرُ الْمِسْوَرَ فَسُرَّ بِذَلِكَ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَ الْمِسْوَرِ مَا شَعَرْتُ إِلا بِابْنِ صَفْوَانَ يَقُولُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَقَدْ سَرَّنَا مَا صَنَعَ مُصْعَبٌ بِهَؤُلاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا يَنَالُونَ مِنَّا مَا يَنَالُونَ. فَقَالَ الْمِسْوَرُ: وَهُوَ سُرُورُهُمْ. اللَّهُمَّ أَبْقِ لَنَا مُصْعَبًا فَإِنَّهُ أَجْزَأُ مَنْ مَعَنَا وَأَنْكَاهُ لِعَدُوِّنَا. قَالَ الْمِسْوَرُ: هُوَ هكذا. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْنَا كَتِيبَةً خَشْنَاءَ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيُّ فَنَالُوا مِنَّا أَقْبَحَ الْقَوْلِ وَأَسْمَجَهُ. فَرَأَيْتُ أَبِي حَنِقًا عَلَيْهِمْ وَقَالَ: مَا لِلْحَرْبِ وَمَا لِهَذَا؟ هَذَا فِعْلُ النِّسَاءِ. فَقَالَ لِمُصْعَبٍ: أَبَا زُرَارَةَ احْمِلْ بِنَا. فحمل مصعب كأنه جمل صؤول وحمل أبي وتبعتهم فيقوم مِنَّا أَهْلُ نِيَّاتٍ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ السُّيُوفَ رَكَدَتْ سَاعَةً وَلَكَأَنَّ هَامَ الرِّجَالِ وَأَذْرُعَهُمْ أَجري الْقِثَّاءِ حَتَّى خَلَصْنَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعَدَةَ فَضَرَبَهُ مُصْعَبٌ ضَرْبَةً فَقَطَعَ السَّيْفُ الدِّرْعَ وَخَلَصَ إِلَى فَخِذِهِ. وَضَرَبَهُ ابْنُ أَبِي ذِرَاعٍ مِنْ جَانِبِهِ الآخَرِ فَجَرَحَهُ جُرْحًا آخَرَ. فَمَا عَلِمْتُ أَنَّا رَأَيْنَاهُ يَخْرُجُ إِلَيْنَا بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَقَامَ في عسكرهم جريحا حتى ولوا منصرفين. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نَعْرِفُ قَتْلَى مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ قَتْلَى غَيْرِهِ بِشَحْوِهِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا الْمَوْطِنَ الَّذِي قَامَ فِيهِ ابْنُ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيُّ وَهُوَ يُقَاتِلُ يَوْمَئِذٍ. فَلَمَّا انْصَرَفُوا عَدَدْتُ الْقَتْلَى مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فوجدت أربعة عشر قتيلا مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَبْعَةَ نَفَرٍ نعرفهم بالشحو وشحوه وثبه. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَدْ قَتَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ عَدَدًا كَثِيرًا وَلَكِنْ سَاعَةَ يُقْتَلُ مِنْهُمْ إِنْسَانٌ يُوَارَى فَلا يُرَى لَهُمْ قَتِيلٌ. ثُمَّ يَقُولُ لَقَدْ بَرَزَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَوْمًا كَانَتِ الدَّوْلَةُ فِيهِ لابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَتَلَ بِيَدِهِ خَمْسَةً ثُمَّ رَجَعَ وَإِنَّ سيفه لمنحن يَقُولُ: إِنَّا لَنُورِدُهَا بِيضًا وَنُصْدِرُهَا ... حُمُرًا وَفِيهَا انْحِنَاءٌ بَعْدَ تَقْوِيمٍ ثُمَّ قَالَ أَبِي: مَا كَانَتْ مِنْ مُصْعَبٍ إِلا ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا اليتم. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَصَابَ الْحَجَرُ خَدَّ الْمِسْوَرِ وَصُدْغَهُ الأَيْسَرَ غُشِيَ عَلَيْهِ فَاحْتَمَلْنَاهُ. وَجَاءَ الْخَبَرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَأَقْبَلَ يَعْدُو إِلَيْنَا فَكَانَ فِيمَنْ حَمَلَهُ. وَأَدْرَكَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بن عوف وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ. ثُمَّ مَاتَ فَوَلُّوهُ وَدَفَنُوهُ. وَتُوُفِّيَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ وَفَاةً. وَذَلِكَ وَالْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ بَعْدُ بِمَكَّةَ. فَلَمَّا مَاتَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَظْهَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الدُّعَاءَ لِنَفْسِهِ وَبَايَعَهُ النَّاسُ بِالْخِلافَةِ. وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يُرِيَهُمْ أَنَّ الأَمْرَ شُورَى بَيْنَهُمْ. وَكَانَ شِعَارُهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ الْمِسْوَرُ وَمُصْعَبُ: لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ. وَكَانَتْ وَفَاةُ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=135694&book=5519#675d7f
مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، أبو عبد الله:
وأمه الرباب بنت أنيف الكلبية. كان من أحسن الناس وجها، وأشجعهم قلبا، وأسخاهم كفا. وولي إمارة العراقين وقت دعى لأخيه عبد الله بن الزبير بالخلافة، فلم يزل كذلك حتى سار إليه عبد الملك بن مروان، فقتله بمسكن في موضع قريب من أوانا، على نهر دجيل، عند دير الجاثليق، وقبره إلى الآن معروف هناك.
أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطّان، حدّثنا محمّد بن الفضل السقطي، حدّثنا محمّد بن عبيد بن حساب، حدّثنا محمّد بن حمدان، حدّثنا عيسى بن عبد الرّحمن السلمي، أَخْبَرَنِي الشعبي قَالَ: مر بي مصعب بن الزبير وأنا على باب داري. قَالَ: فقال بيده هكذا، قَالَ فتبعته، قَالَ: فلما دخل أذن لي فدخلت عليه، فتحدثت معه ساعة ثم قَالَ بيده هكذا، فرفع الستر فإذا عائشة بنت طلحة امرأته. فقال: يا شعبي رأيت مثل هذه قط؟ قَالَ: قلت لا، ثم خرجت، ثم لقيني بعد ذلك فقال: يا شعبي تدري ما قالت لي؟ قلت: لا، قالت: تجلوني عليه ولا تعطيه شيئا، قَالَ: فقد أمرت لك بعشرة آلاف، فاخذتها فكان أول مال ملكته.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا محمّد بن خلف بن المرزبان، أخبرني أبو علي السجستاني، حَدَّثَنِي أبو عبد الله بن سلمويه قَالَ: أسر مصعب بن الزبير رجلا فأمر بضرب عنقه، فقال: أعز الله الأمير، ما أقبح بمثلي أن يقوم يوم القيامة فأتعلق بأطرافك الحسنة، وبوجهك الذي يستضاء به، فأقول: يا رب سل مصعبا فيم قتلني؟ فقال يا غلام اعف عنه. فقال: أعز الله الأمير إن رأيت أن تجعل ما وهبت من حياتي في عيش رخي، قَالَ: يا غلام أعطه مائة ألف، فقال: أعز الله الأمير فإني أشهد الله وأشهدك أني قد جعلت لابن قيس الرقيات منها خمسين ألفا، فقال له: ولم؟ قَالَ: لقوله فيك:
إنما مصعب شهاب من الله ... تجلت عن وجهه الظلماء
أَخْبَرَنَا الجوهري والتنوخي قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العبّاس الخزّاز، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَف بْن المرزبان قَالَ: حدَّثَنِي أبو العبّاس محمّد بن إسحاق، حَدَّثَنَا ابن عائشة قَالَ:
سمعت أبي يقول: قيل لعبد الملك بن مروان- وهو يحارب مصعبا: إن مصعبا قد شرب الشراب. فقال عبد الملك: مصعب يشرب الشراب؟ والله لو علم مصعب أن الماء ينقص من مروءته ما روى منه.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن المخلص وأحمد بن عبد الله الدوري قالا: حَدَّثَنَا أحمد بن سليمان الطّوسيّ، حدّثنا الزّبير بن بكّار، حَدَّثَنِي محمد بن الحسن عن زافر بن قتيبة عن الكلبي قَالَ: قَالَ عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه: من أشجع العرب؟ فقالوا: شبيب، قطري، فلان، فلان. فقال عبد الملك: إن أشجع العرب لرجل جمع بين سكينة بنت حسين، وعائشة بنت طلحة، وأمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وأمه رباب بنت أنيف الكلبي سيد ضاحية العرب، وولي العراقين خمس سنين فأصاب ألف ألف، وألف ألف، وألف ألف، وأعطي الأمان فأبَى، ومشى بسيفه حتى مات. ذلك مصعب بن زبير، لا من قطع الجسور مرة هاهنا ومرة هاهنا.
أَخْبَرَنَا أَبُو يعلى أَحْمَد بن عبد الواحد الوكيل، أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدّثنا محمّد بن موسى المارستاني، حدّثنا الزّبير ابن أبي بكر، حَدَّثَنِي فليح بن إسماعيل وجعفر بن أبي كثير عن أبيه قَالَ: لما وضع رأس مصعب بن الزبير بين يدي عبد الملك بن مروان قَالَ:
لقد أردى الفوارس يوم عبس ... غلاما غير مناع المتاع
ولا فرح بخير إن أتاه ... ولا هلع من الحدثان لاع
ولا وقافة والخيل تعدو ... ولا خال كأنبوب اليراع
فقال الذي جاءه برأسه: والله يا أمير المؤمنين لو رأيته والرمح في يده تارة، والسيف تارة، يضرب بهذا، ويطعن بهذا، لرأيت رجلا يملأ القلب والعين شجاعة وإقداما، ولكنه لما تفرقت رجاله وكثر من قصده، وبقي وحده ما زال ينشد:
وإني على المكروه عند حضوره ... أكذب نفسي والجفون له تنضي
وما ذاك من ذل، ولكن حفيظة ... أذب بها عند المكارم عن عرضي
وإني لأهل الشر بالشر مرصد ... وإني لذي سلم أذل من الأرض
فقال عبد الملك: كان والله كما وصف نفسه وصدق، ولقد كان من أحب الناس إلي، وأشدهم لي إلفا ومودة، ولكن الملك عقيم.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جعفر بن درستويه، حدّثنا يعقوب بن سفيان، حدّثنا سليمان بن حرب، حَدَّثَنِي غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد قَالَ:
وثب عبيد الله بن زياد بن ظبيبان على مصعب، فقتله عند دير الجاثليق على شاطئ نهر يقال له دجيل من أرض مسكن واحتز رأسه، فذهب التميمي به إلى عبد الملك، فسجد عبد الملك لما أتي برأسه، قَالَ يعقوب: سنة اثنتين وسبعين فيها قتل مصعب بن الزبير.
أَخْبَرَنَا عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الضبي، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن مسلم المخرمي، حَدَّثَنَا أبو سعيد عبد الله بن شبيب، حَدَّثَنِي أبو محلم قَالَ: لما قتل مصعب بن الزبير خرجت سكينة تطلبه في القتلى، فعرفته بشامة في فخذه، فأكبت عليه فقالت: يرحمك الله، نعم والله حليل المسلمة كنت، أدركك والله ما قَالَ عنترة:
وحليل غانية تركت مجدلا ... بالقاع لم يعهد ولم يتثلم
فهتكت بالرمح الطويل إهابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن المخلص وأحمد بن عبد الله الدوري قالا: حَدَّثَنَا أحمد بن سليمان الطّوسيّ، حَدَّثَنَا الزبير بْن بكار قَالَ:
حَدَّثَنِي مصعب بن عثمان قَالَ: قتل مصعب بن الزبير وهو ابن أربعين سنة.
قال الزّبير: حدثني إبراهيم بن حمزة قَالَ: قتل مصعب بن الزبير وهو ابن خمس وثلاثين سنة.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عمي مصعب قَالَ: يقولون: قتل مصعب بن الزبير وهو ابن خمس وأربعين سنة. قَالَ الزبير وَقَالَ عبيد الله بن قيس يرثي مصعبا:
لقد أورث المصرين خزيا وذلة ... قتيل بدير الجاثليق مقيم
فما نصحت لله بكر بن وائل ... ولا صدقت يوم اللقاء تميم
وفي رواية المخلص بنهر الجاثليق-.
وأمه الرباب بنت أنيف الكلبية. كان من أحسن الناس وجها، وأشجعهم قلبا، وأسخاهم كفا. وولي إمارة العراقين وقت دعى لأخيه عبد الله بن الزبير بالخلافة، فلم يزل كذلك حتى سار إليه عبد الملك بن مروان، فقتله بمسكن في موضع قريب من أوانا، على نهر دجيل، عند دير الجاثليق، وقبره إلى الآن معروف هناك.
أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطّان، حدّثنا محمّد بن الفضل السقطي، حدّثنا محمّد بن عبيد بن حساب، حدّثنا محمّد بن حمدان، حدّثنا عيسى بن عبد الرّحمن السلمي، أَخْبَرَنِي الشعبي قَالَ: مر بي مصعب بن الزبير وأنا على باب داري. قَالَ: فقال بيده هكذا، قَالَ فتبعته، قَالَ: فلما دخل أذن لي فدخلت عليه، فتحدثت معه ساعة ثم قَالَ بيده هكذا، فرفع الستر فإذا عائشة بنت طلحة امرأته. فقال: يا شعبي رأيت مثل هذه قط؟ قَالَ: قلت لا، ثم خرجت، ثم لقيني بعد ذلك فقال: يا شعبي تدري ما قالت لي؟ قلت: لا، قالت: تجلوني عليه ولا تعطيه شيئا، قَالَ: فقد أمرت لك بعشرة آلاف، فاخذتها فكان أول مال ملكته.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا محمّد بن خلف بن المرزبان، أخبرني أبو علي السجستاني، حَدَّثَنِي أبو عبد الله بن سلمويه قَالَ: أسر مصعب بن الزبير رجلا فأمر بضرب عنقه، فقال: أعز الله الأمير، ما أقبح بمثلي أن يقوم يوم القيامة فأتعلق بأطرافك الحسنة، وبوجهك الذي يستضاء به، فأقول: يا رب سل مصعبا فيم قتلني؟ فقال يا غلام اعف عنه. فقال: أعز الله الأمير إن رأيت أن تجعل ما وهبت من حياتي في عيش رخي، قَالَ: يا غلام أعطه مائة ألف، فقال: أعز الله الأمير فإني أشهد الله وأشهدك أني قد جعلت لابن قيس الرقيات منها خمسين ألفا، فقال له: ولم؟ قَالَ: لقوله فيك:
إنما مصعب شهاب من الله ... تجلت عن وجهه الظلماء
أَخْبَرَنَا الجوهري والتنوخي قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العبّاس الخزّاز، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَف بْن المرزبان قَالَ: حدَّثَنِي أبو العبّاس محمّد بن إسحاق، حَدَّثَنَا ابن عائشة قَالَ:
سمعت أبي يقول: قيل لعبد الملك بن مروان- وهو يحارب مصعبا: إن مصعبا قد شرب الشراب. فقال عبد الملك: مصعب يشرب الشراب؟ والله لو علم مصعب أن الماء ينقص من مروءته ما روى منه.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن المخلص وأحمد بن عبد الله الدوري قالا: حَدَّثَنَا أحمد بن سليمان الطّوسيّ، حدّثنا الزّبير بن بكّار، حَدَّثَنِي محمد بن الحسن عن زافر بن قتيبة عن الكلبي قَالَ: قَالَ عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه: من أشجع العرب؟ فقالوا: شبيب، قطري، فلان، فلان. فقال عبد الملك: إن أشجع العرب لرجل جمع بين سكينة بنت حسين، وعائشة بنت طلحة، وأمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وأمه رباب بنت أنيف الكلبي سيد ضاحية العرب، وولي العراقين خمس سنين فأصاب ألف ألف، وألف ألف، وألف ألف، وأعطي الأمان فأبَى، ومشى بسيفه حتى مات. ذلك مصعب بن زبير، لا من قطع الجسور مرة هاهنا ومرة هاهنا.
أَخْبَرَنَا أَبُو يعلى أَحْمَد بن عبد الواحد الوكيل، أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدّثنا محمّد بن موسى المارستاني، حدّثنا الزّبير ابن أبي بكر، حَدَّثَنِي فليح بن إسماعيل وجعفر بن أبي كثير عن أبيه قَالَ: لما وضع رأس مصعب بن الزبير بين يدي عبد الملك بن مروان قَالَ:
لقد أردى الفوارس يوم عبس ... غلاما غير مناع المتاع
ولا فرح بخير إن أتاه ... ولا هلع من الحدثان لاع
ولا وقافة والخيل تعدو ... ولا خال كأنبوب اليراع
فقال الذي جاءه برأسه: والله يا أمير المؤمنين لو رأيته والرمح في يده تارة، والسيف تارة، يضرب بهذا، ويطعن بهذا، لرأيت رجلا يملأ القلب والعين شجاعة وإقداما، ولكنه لما تفرقت رجاله وكثر من قصده، وبقي وحده ما زال ينشد:
وإني على المكروه عند حضوره ... أكذب نفسي والجفون له تنضي
وما ذاك من ذل، ولكن حفيظة ... أذب بها عند المكارم عن عرضي
وإني لأهل الشر بالشر مرصد ... وإني لذي سلم أذل من الأرض
فقال عبد الملك: كان والله كما وصف نفسه وصدق، ولقد كان من أحب الناس إلي، وأشدهم لي إلفا ومودة، ولكن الملك عقيم.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جعفر بن درستويه، حدّثنا يعقوب بن سفيان، حدّثنا سليمان بن حرب، حَدَّثَنِي غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد قَالَ:
وثب عبيد الله بن زياد بن ظبيبان على مصعب، فقتله عند دير الجاثليق على شاطئ نهر يقال له دجيل من أرض مسكن واحتز رأسه، فذهب التميمي به إلى عبد الملك، فسجد عبد الملك لما أتي برأسه، قَالَ يعقوب: سنة اثنتين وسبعين فيها قتل مصعب بن الزبير.
أَخْبَرَنَا عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الضبي، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن مسلم المخرمي، حَدَّثَنَا أبو سعيد عبد الله بن شبيب، حَدَّثَنِي أبو محلم قَالَ: لما قتل مصعب بن الزبير خرجت سكينة تطلبه في القتلى، فعرفته بشامة في فخذه، فأكبت عليه فقالت: يرحمك الله، نعم والله حليل المسلمة كنت، أدركك والله ما قَالَ عنترة:
وحليل غانية تركت مجدلا ... بالقاع لم يعهد ولم يتثلم
فهتكت بالرمح الطويل إهابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن المخلص وأحمد بن عبد الله الدوري قالا: حَدَّثَنَا أحمد بن سليمان الطّوسيّ، حَدَّثَنَا الزبير بْن بكار قَالَ:
حَدَّثَنِي مصعب بن عثمان قَالَ: قتل مصعب بن الزبير وهو ابن أربعين سنة.
قال الزّبير: حدثني إبراهيم بن حمزة قَالَ: قتل مصعب بن الزبير وهو ابن خمس وثلاثين سنة.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عمي مصعب قَالَ: يقولون: قتل مصعب بن الزبير وهو ابن خمس وأربعين سنة. قَالَ الزبير وَقَالَ عبيد الله بن قيس يرثي مصعبا:
لقد أورث المصرين خزيا وذلة ... قتيل بدير الجاثليق مقيم
فما نصحت لله بكر بن وائل ... ولا صدقت يوم اللقاء تميم
وفي رواية المخلص بنهر الجاثليق-.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69201&book=5519#ff6c52
- ومصعب بن الزبير بن العوام. أمه الرباب بنت أنيف بن عبيد بن حصين بن الربيع بن منقذ بن عليم بن خباب بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن كلب بن وبرة, يكنى أبا عبد الله. قتل سنة اثنتين وسبعين.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69201&book=5519#e9338e
مصعب بن الزبير بن العوام
ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب أبو عيسى، ويقال: أبو عبد الله، الأسدي، الزبيري وفد على معاوية، وكان أخوه عبد الله بن الزبير ولاه الصرة، ثم عزله بابنه حمزة، ثن ولاها إياه ثانية وجمع له معها الكوفة.
عن الحكم، أن رجلاً من عبد القيس كان يدخل على امرأة فنهاها زوجها عن ذلك وأشهد عليه أهل المجلس، فجاء يوماً فرآه في بيته، فقتله، فرفع إلى مصعب بن الزبير، فقال: لولا أن عمر عقل هذا ما عقلته، فوداه.
وقال جرير بن حازم: قدم على معاوية شباب من أهل المدينة من قريش وافدين، فيهم عمرو بن سعيد
وعبد الملك بن مروان وعبد الرحمن بن أم الحكم ومصعب بن الزبير، فأنزلهم في منازل حسنة وأكرمهم، ووافق ذلك قدوم زياد عليه. فقال له معاوية: يا أبا المغيرة، إنه قدم علي شباب من قومي يزعم أهل المدية وغيرهم أنهم أفضل من وراءهم، فأت كل رجل منهم حتى تجالسه وتسأله وتبلوا ما عنده، ثم انصرف فعرفني.
فجعل زياد يزور كل واحد منهم فيتحدث عنده ساعة، ومنهم من يتحدث عنده يزماً وليلة، ثم أتاه، فقال: صفهم لي ولا تسمهم؛ فقال: أما رجل منهم فبسيط اللسان، حسن العقل، لم يدع التيه فيه فضلاً، وهو خليق أن يطلب هذا الأمر فتعطيه. قال: هو - والله - عمرو بن سعيد. قال: هو هو.
قال: ورجل له مثل عقله، حسن اللسان، إلا أن لصاحبه فضل حلاوة عليه، فذكر العفة ويتحظى بها، وهو خليق أن يبلغ غايته في نفسه. قال: هو - والله - عبد الملك. قال: هو هو.
قال: ورجل آخر هو أحيا من فتاة مخدرة حيية، وهو أحبهم إلي، لك أن تصطنعه. قال: هذا - والله - مصعب بن الزبير. قال: هو هو.
قال: وكيف رأيت عبد الرحمن؟ قال: قد غلب عليه قول الشعر وذهب به. قال: لعن الله من لا يموت دونك.
قال الزبير بن بكار في تسمية ولد الزبير: ومصعب وحمزة ورملة بني الزبير، وأمهم الرباب بنت أنيف بن عبيد بن قصاد بن كعب بن عليم بن جناب بن هبل، من كلب، وكان مصعب سمى آنية النحل، من كرمه وجوده. قال الشاعر: " من الطويل "
لا تحسب السلطان عاراً عقابها ... ولا ذلة عند الحفئظ في الأصل
فقد قتل السلطان عمراً ومصعباً ... قريعي قريش واللذين هما مثلي
عماد بني العاص الرفع عمادها ... وقرم بن العباس آنية النحل
ولي العراقين لأخيه عبد الله بن الزبير، وكان شجاعاً ممدحاً، يقول عببيد الله بن قيس الرقيات: " من الخفيف "
إنما مصعب شهاب من الل ... هـ تجلت عن وجهه الظلماء
ملكه ملك عزة ليس فيها ... جبروت منه ولا كبرياء
يتقي الله في الأمور وقد أف ... لح من كان همه الاتقاء
وقال أحد الكلبيين يذكر ولادة من ولدوا: " من الطويل "
وعبد العزيز قد ولدنا ومصعباً ... وكلب أب للصالحين ولود
قال محمد بن سعد: مصعب بن الزبير بن العوام قتل بالعراق سنة اثنتين وسبعين، ويكنى أبا عبد الله ولم يكن له ابن يسمى عبد الله.
قال أبو بكر الخطيب: كان من أحسن الناس وجهاً، وأشجعهم قلباً، وأسخاهم كفاً، وولي إمارة العراقين وقت دعي لأخيه عبد الله بن الزبير بالخلافة، فلم يزل كذلك حتى سار إليه عبد الملك بن مروان فقتله بمسكن في موضع قريب من أوانا على نهر دجيل عند دير الجاثليق، وقبره إلى الآن معروف هناك.
عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز الزهراني، أن جميلاً نظر إلى مصعب بن الزبير على جبال عرفة فقال: إن ها هنا لفتى أكره أن تراه بثينة.
قال الشعبي: ما رأيت أميراً قط على منبر أحسن من مصعب بن الزبير.
عن الوليد بن هشام، قال: كان مصعب بن الزبير يحسد الناس على الجمال، فإنه ليخطب الناس بالبصرة إذ أهل ابن جودان من ناحية الأزد، فأعرض بوجهه عن تلك الناحية إلى ناحية بني تميم، فأقبل ابن حيران من تلك الناحية، فأعرض ببصره عنها ورمى ببصره إلى مؤخر المسجد، فأقبل الحسن البصري من مؤخر المسجد، فأفف مصعب ونزل عن المنبر.
عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: اجتمع في الحجر مصعب بن عروة وعبد الله بنو الزبير، وعبد الله بن عمر، فقالوا: تمنوا. فقال عبد الله بن الزبير: أما أنا فأتمنى الخلافة. وقال عروة: أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم. وقال مصعب: أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين، وقال عبد الله بن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة.
قال: فنالوا كلهم ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر له.
قالخليفة: وفيها - يعني سنة سبع وستين - جمع عبد الله بن الزبير العراق لأخيه مصعب بن الزبير.
وقال: سنة ثمان وستين: فيها عزل ابن الزبير ابنه حمزة عن العراق وجمعها لمصعب بن الزبير، فأقام بها - يعني الكوفة - مصعب نحواً من سنتين، ثم انحدر إلى البصرة واستخلف القباع الحارث بن عبد الله المخزومي، ثم رجع مصعب فلم يزل بها حتى قتل.
وسار مصعب يريد الشام، وسار عبد الملك يريد العراق، فأتى مصعب باجميرا أقصى عمل العراق، وأتى عبد الملك بطنان حبيب أقصى عمل الشام، وهجم عليهما الشتاء فرجعا، وكذلك كانا يفعلان في كل عام حتى قتل مصعب، وفي ذلك يقول: " من الرجز "
أبيت يا مصعب إلا سيراً ... في كل عام لك باجميرا
تغزو بنا ولا تفيد خيرا
عن عبد الله بن أبس بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: قدم وفد من أهل العراق على عبد الله بن الزبير، فأتوه في المسجد، فسلموا عليه، فسألهم عن مصعب بن الزبير وعن سيرته فيهم، فقالوا: أحسن الناس سيرة، وأقضاهم بحق، وأعدلهم في حكم؛ وذلك يوم الجمعة، فلما صلى عبد الله بنالزبير بالناس الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه، ثم تمثل: " من الرجز "
قد جربوني ثم جربوني ... من غلوتين ومن المئين
حتى إذا شابوا وشيبوني ... خلوا عناني ثم سيبوني
أيها الناس، إني قد سألت هذا الوفد من أهل العراق عن عاملهم مصعب بن الزبير فأحسنوا الثناء، وذكروا منه ما أحب، إن مصعباً اطبى القلوب حتى لا يعدل به، والأهواء حتى لا تحول عنه، واستمال الألسن بثنائها، والقلوب بصحتها، والأنفس بمحبتها، فهو المحبوب في خاصته، المأمون في عامته، بما أطلق الله به لسانه من الخير، وبسط به من البذل. ثم نزل.
عن علي بن زيد، قال: بلغ مصعب بن الزبير عن عريف الأنصار شيء. فهم به، فدخل عليه أنس بن مالك فقال له: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " استوصوا بالأنصار خيراً - أو قال: معروفاً - اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئتهم ". فألقى مصعب نفسه عن سريره وألزق خده بالبساط وقال: أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرأس والعين. فتركه.
عن عبد الله بن المبارك، قال: دخل أيقف نجران على مصعب بن الزبير، فرمى إليه مصعب بشيء فشجه، فقال: له الأسقف: أعطني الأمان حتى أخبرك بما أنزل الله على عيسى بن مريم في الأنجيل. فقال له: لك الأمان. وما أنزل الله عليه؟ فقال للأسقف: أنزل الله عليه: ما للأمير وللغضب ومن عنده يطلب الحلم! وما له وللجور ومن عنده يطلب العدل! وما له وللبخل ومن عنده يطلب البذل! عز وجل من أهل العلم، قال: بلغ مصعب بن الزبير عن رجل من أهل البصرة كبر، فقال مصعب: العجب من ابن آدم، كيف يتكبر وقد جرى في مجرى البول مرتين؟
قال أبو عبد الله بن سلمويه: أسر عبد الله بن الزبير رجلاً فأمر بضرب عنقه، فقال: أعز الله الأمير، ما أقبح بمثلي أن يقوم يوم القيامة فأتعلق بأطرافك الحسنة وبوجهك الذي يستضاء به فأقول: يا رب سل مصعباً فيم قتلني؟ فقال: يا غلام، اعف عنه. فقال: أعز الله الأمير، إن رأيت أن تجعل ما وهبت لي من حياتي في عيش رخي. قال: يا غلام، أعطه مئة ألف. فقال: أعز الله الأمير، فإني أشهد الله وأشهدك أني قد جعلت لابن قيس الرقيات منها خمسين ألفاً، فقال له: ولم؟ فقال: لقوله فيك: " من الخفيف "
إنما مصعب شهاب من الله ... تجلت عن وجهه الظلماء
قال الشعبي: مر بي مصعب بن الزبير وأنا على باب داري، قال: فقال بيده هكذا. قال فتبعته. قال: فلما دخل أذن لي فدخلت عليه فتحدثت معه ساعة. ثم قال بيده هكذا، فرفع الستر، فإذا عائشة بنت طلحة امرأته. فقال: يا شعبي، رأيت مثل هذه قط؟ قال: قلت: لا، ثم خرجت. ثم لقيني بعد ذلك فقال لي: يا شعبي، تدري ما قالت لي؟ قلت: لا، قال: قالت: تجلوني عليه ولا تعطيه شيئاً. قال: فقد أمرت لك بعشرة آلاف. فأخذتها. فكان أول مال ملكته.
قال الزبير بن بكار: حدثني عمي، قال: أهديت لمصعب بن الزبير نخلة ذهبية، عناقيدها من صنوف الجوهر، فدعا لها المقومين فقوموها بألفي ألف دينار، وكانت من متاع الفرس. فقال: والله ما أدري ما أصنع بها، أما إني سأعطيها رجلاً أحبه. فاستشرف لها ولده ومن حواليه، فدفعها إلى عبد الله بن أبي فروة.
عن عبد الله بن نافع، قال: كان عبد الله بن الزبير لا يكسو أسماء بنت أبي بكر بكسوة إلا كساها مصعب مثلها.
قال أبو عاصم النبيل: قيل لعبد الملك: شرب المصعب الشراب. فقال: والله لو كان ترك الماء مروءة عند مصعب لترك الماء.
وكان عبد الله بن الزبير إذا كتب لرجل بجائزة إلى مصعب بألف درهم جعلها مصعب مئة ألف.
عن الحكم، قال: أول من عرف بالكوفة مصعب بن الزبير.
قال عبد الله بن عمرا: كتبت إلى عبد الملك بن مروان، وكتبت إلى عبد الله بن الزبير، ولم يمنعني أن أكتب إلى مصعب بن الزبير إلا مخافة تزيد أهل العراق.
عن سعيد، قال: جاء ابن عمر مصعب بن الزبير فسلم عليه، فقال: من أنت؟ قال: أنا ابن أخيك مصعب بن الزبير، قال: صاحب العراق؟ قال: نعم. قال ابن عمر: أسألك عن قوم خالفوا وخلعوا وقاتلوا، حتى إذا غلبوا دخلوا قصراً وتحصنوا فيه وسألوا الأمان على دمائهم فأعطوا، ثم قتلوا بعد ذلك. قال: وكم العدد؟ قال: خمسة آلاف. قال: فسبح، ثم قال: عمرك الله يا مصعب لو أن امرءاً أتى ماشية للزبير فذبح منها خمسة آلاف شاة في غداة، أكنت تعده أو تراه مسرفاً. قال: فسكت مصعب. فقال: أجبني. قال: نعم، إني لأعد رجلاً يذبح خمسة آلاف شاة مسرفاً. قال: أفتراه إسرافاً في البهائم، لا تعبد الله وتدري ما الله، وقتلت من وحد الله؟ أما كان فيهم مستكره يراجع به التوبة أو جاهل ترجى رجعته؟ أصب يا ابن أخي من الماء البارد ما استطعت في دنياك.
عن عمر بن حمزة، قال: سمعت سالم بن عبد الله يسأل عبد الله بن عمر: أي ابني الزبير أشجع؟ قال: كلاهما جاءه الموت وهو ينظر إليه.
عن عبد الله بن مصعب، عن أبيه، قال: لما تفرق عن مصعب جنده قال له بعض أودائه: لو اعتصمت ببعض القلاع، وكاتبت من بعد عنك من أوليائك كمثل المهل والأشتر وفلان وفلان، فإذا اجتمع لك من ترضاه لقيت القوم بأكفائهم، فقد ضعفت جداً واختل أصحابك. فلبس سلاحه وخرج فيمن بقي من أصحابه وهو يتمثل بشعر - قيل: لطريف العنبري، وكان طريف يعد بألف فارس من فرسان خراسان - فقال: " من الطويل "
علام تقول السيف يثقل عاتقي ... إذا أنا لم أركب به المركب الصعبا
سأحميكم حتى أموت ومن يمت ... كريماً فلا لوماً عليه ولا عتبا
عن سعيد بن يزيد، قال: سار عبد الملك إلى مصعب، وسار مصعب حتى نزل الكوفة، فقال إبراهيم بن الأشتر لمصعب: ابعث إلى ابن زياد بن عمرو ومالك بن مسمع ووجوه من وجوه البصرة فاضرب أعناقهم، فإنهم قد أجمعوا على أن يغدروا بك. فأبى. قال: فقال إبراهيم: فإني أخرج الآن في الخيل، فإذا قتلت فأنت أعلم. فقاتل حتى قتل. فلما التقى المصعب وعبد الملك قلب القوم ترستهم ولحقوا بعبد الملك.
قال: فقتل المصعب وقتل معه ابنه عيسى وإبراهيم بن الأشتر، وخرج مسلم بن عمرو الباهلي فقال: احملوني إلى خالد بن يزيد، فحمل إليه، فاستأمن له، ووثب عبيد الله بن زياد بن ظبيان على مصعب فقتله عند دير الجاثليق على شاطئ نهر يقال له: دجيل من أرض مسكن، واحتز رأسه فذهب به إلى عبد الملك، فسجد عبد الملك لما أتى برأسه؛ وكان عبيد الله بن زياد بن ظبيان فاتكاً رديئاً، فكان يتلهف ويقول: كيف لم أقتل عبد الملك يومئذ حين سجد، فأكون قد قتلت ملكي العرب!.
فقال عبد الملك لحاجبه: أقص هذا الأعرابي عني أخر إذنه ما استطعت. فكان يفعل به ذلك.
فجاء يوماً فأذن الحاجب للناس وحبسه حتى أخذ الناس مجالسهم، ثم أنزله، فدخل والناس حول سرير عبد الملك، فمضى حتى جلس مع عبد الملك على السرير، فغضب عد الملك فأقبل عليه فقال: يا ابن ظبيان، لقد بلغني أنك لا تشبه أباك. فقال: والله لأنا أشبه من الغراب بالغراب، والقذة بالقذة، والماء بالماء، والتمرة بالتمرة، ولكن إن شئت - يا أمير المؤمنين - أخبرتك بمن لم تنضجه الأرحام، ولم يولد لتمام، ولم يشبه الأخوال والأعمام. قال: ومن ذاك ويحك؟ قال: سويد بن منجوف بن ثور السدوسي، وهو قد تجالس معه. فقال عبد الملك: أكذاك يا سويد؟ قال سويد: إن ذلك ليقال -
وكان عبد الملك ولد لسعة أشهر - فلما خرجا قال ابن ظبيان: ما أحب أن لي بفطنتك حمر النعم. قال سويد: وأنا - والله - ما سرني أن لي بما قلت حمر النعم وسودها.
وسار عبد الملك من فوره حتى دخل الكوفة، وعمرو بن حريث يسير بين يديه.
عن جعفر بن أبي كثير، عن أبيه، قال: لما وضع رأس مصعب بن الزبير بين يدي عبد الملك بن مروان قال: " من الوافر "
لقد أردى الفوارس يوم عبس ... غلاماً غير مناع المتاع
ولا فرح لخير إن أتاه ... ولا هلع من الحدثان لاع
ولا وقافة والخيل تعدو ... ولا خال كأنبوب اليراع
فقال الذي جاء برأسه: والله - يا أمير المؤمنين - لو رأيته والرمح في يده تارة، والسيف تارة، يفري بهذا ويطعن بهذا لرأيت رجلاً يملأ القلب والعين شجاعة وإقداماً، ولكنه لما تفرقت رجاله وكثر من قصده وبقي وحده، ما زال يشهد: " من الطويل "
وإني على المكروه عند حضوره ... أكذب نفسي والجفون له تنضي
وما ذاك من ذل ولكن حفيظة ... أذب بها عند المكارم عن عرضي
وإني لأهل الشر بالشر مرصد ... وإني لذي سلم أذل من الأرض
فقال عبد الملك: كان والله كما وصف نفسه وصدق، ولقد كان من أحب الناس إلي، وأشدهم لي إلفاً ومودة، ولكن الملك عقيم.
حدث أبو محلم، قال: لما قتل مصعب بن الزبير خرجت سكينة تطلبه في القتلى، فعرفته بشامة في فخذه، فأكبت عليه، فقالت: يرحمك الله، نعم - والله - حليل المسلمة كنت، أدركك - والله - ما قال عنترة: " من الكامل "
وحليل غانية تركت مجدلاً ... بالقاع لم يعهد ولم يتثلم
فتهتكت بالرمح الطويل إهانه ... ليس الكريم على القنا بمحرم
عن الكلبي، قال: قال عبد الملك بن مروان يوماً لجلسائه: من أشجع العرب؟ قالوا: شبيب، قطري، فلان، فلان. فقال عبد الملك: إن أشجع العرب لرجل جمع بين سكينة بنت حسين وعائشة بنت طلحة وأمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وأمه رباب بنت أنيف الكلبي سيد ضاحية العرب، وولي العراقين خمس سنين فأصاب ألف ألف، وألف ألف، وألف ألف، وأعطي الأمان فأبى. ومشى بسيفه حتى مات، ذلك مصعب بن الزبير. لا من قطع الجسور مرة ها هنا ومرة ها هنا.
عن عبد الملك بن عمير، قال: رأيت عجباً، رأيت رأس الحسين أتي به حتى وضع بين يدي عبيد الله بن زياد، ثم رأيت رأس عبيد الله أتي به حتى وضع بين يدي المختار، ثم رأيت رأس المختار أتي به حتى وضع بين يدي مصعب بن الزبير، ثم أتي برأس مصعب حتى وضع بين يدي عبد الملك.
حدث شيخ من أهل مكة سنة مئة، قال:
لما قتل مصعب بن الزبير بالعراق وبلغ عبد الله بن الزبير بمكة، فظع به فأضرب عن ذكر مقتله أياماً حتى تحث به العبيد والإماء في سكك المدينة، ثم صعد ذات يوم المنبر فأسكت عليه هنيهة، فنظرت إليه فإذا جبينه يعرق، وإذا أثر الكآبة على وجهه لا تخفى، فقلت لأخ لي إلى جانبي: أما والله إنه للبيب النهد؟ قال: فلعله يريد أن يذكر مقتل سيد فتيان العرب المصعب بن الزبير، ففظع بذلك وغير ملوم.
فما كان بأسرع أن قام فقال: الحمد لله الذي له الخلق والأمر، وملك الدنيا والآخرة، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من
يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ألا وإنه لم يذلل من كان الحق معه وإن كان فرداً، ولم يعز الله من كان من أولياء الشيطان وحزبه وإن كان معه الناس طراً، إنه أتانا خبر من قبل العراق أحزننا وأفرحنا، قتل مصعب بن الزبير رحمة الله عليه؛ فأما الذي أحزننا من ذلك قإن لفراق الحميم لوعة يجدها له حميمة عند المصيبة له، ثم يرعوي بعدها ذو الرأي إلى جميل الصبر وكريم العزاء؛ وأما الذي أفرحنا له فإنا قد علمنا أن قتله له شهادة، وأن الله جعل ذلك لنا وله خيرة، ألا إن أهل العراق أهل الغدر والنفاق أسلموه وباعوه بأقل ثمن كانوا يأخذونه منه إسلام النعام المخطم فقتل؛ وإن يقتل مصعب فقد قتل أبوه وأخوه وعمه وخاله، وكانوا الخيار الصالحين، إنا والله ما نموت حبجاً، ما نموت إلا قتلاً قتلاً، قعصاً بالرماح وموتاً تحت ظلال السيوف.
ثم قال: ألا إن الدنيا عارية من الملك إلا على الذي لا يزول سلطانه ولا يبيد، فإن تقبل علي الدنييا لا آخذها أخذ الأشر البطر، وإن تدبر عني لا أبكي عليها بكاء الخرف المهتر. ثم نزل.
قوله: أخوه، يعني المنذر بن الزبير، وعمه، يعني السائب بن العوام قتل يوم اليمامة شهيداً. وخاله، ويعني خال أبيه حمزة بن عبد المطلب.
عن الزبير بن خبيب، قال: قام عبد الله بن الزبير بعد المقام الذي نعى فيه بمصعب لقد صبت بأبي الزبير. فظننت أن لا أجتبرها، ثم استمرت مريرتي، وما كنت خلواً من مصيبة عثمان، وما كان مصعب إلا فتى من فتياني؛ ثم جعل يرد البكاء وإنه ليغلبه، ويقول: " من الطويل "
هم دفعوا الدنيا على حين أعرضت ... كراماً وسنوا للكرام التأسيا
قتل مصعب سنة إحدى وسبعين،، وقيل: سنة اثنتين وسبعين، يوم الخميس للنصف من جمادى الأولى، وقتل معه ابنه عيسى.
قال عبيد الله بن قيس الرقيات يرثي مصعب بن الزبير: " من الطويل "
لقد أورثت المصرين خزياً وذلة ... قتيل بدير الجاثليق مقيم
فما نصحت لله بكر بن وائل ... ولا صدقت يوم الحفاظ تميم
فلو كان بكرياً تعطف حوله ... كتائب يغلي حمومها ويديم
ولكنه ضاع الذمام ولم يكن ... بها مضري يوم ذاك حكيم
جزى الله كويفي تميم ملامة ... بفعلهما إن المليم مليم
فنحن بنو العلات أخلوا ظهورنا ... لذي حرمة في المسلمين حريم
ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب أبو عيسى، ويقال: أبو عبد الله، الأسدي، الزبيري وفد على معاوية، وكان أخوه عبد الله بن الزبير ولاه الصرة، ثم عزله بابنه حمزة، ثن ولاها إياه ثانية وجمع له معها الكوفة.
عن الحكم، أن رجلاً من عبد القيس كان يدخل على امرأة فنهاها زوجها عن ذلك وأشهد عليه أهل المجلس، فجاء يوماً فرآه في بيته، فقتله، فرفع إلى مصعب بن الزبير، فقال: لولا أن عمر عقل هذا ما عقلته، فوداه.
وقال جرير بن حازم: قدم على معاوية شباب من أهل المدينة من قريش وافدين، فيهم عمرو بن سعيد
وعبد الملك بن مروان وعبد الرحمن بن أم الحكم ومصعب بن الزبير، فأنزلهم في منازل حسنة وأكرمهم، ووافق ذلك قدوم زياد عليه. فقال له معاوية: يا أبا المغيرة، إنه قدم علي شباب من قومي يزعم أهل المدية وغيرهم أنهم أفضل من وراءهم، فأت كل رجل منهم حتى تجالسه وتسأله وتبلوا ما عنده، ثم انصرف فعرفني.
فجعل زياد يزور كل واحد منهم فيتحدث عنده ساعة، ومنهم من يتحدث عنده يزماً وليلة، ثم أتاه، فقال: صفهم لي ولا تسمهم؛ فقال: أما رجل منهم فبسيط اللسان، حسن العقل، لم يدع التيه فيه فضلاً، وهو خليق أن يطلب هذا الأمر فتعطيه. قال: هو - والله - عمرو بن سعيد. قال: هو هو.
قال: ورجل له مثل عقله، حسن اللسان، إلا أن لصاحبه فضل حلاوة عليه، فذكر العفة ويتحظى بها، وهو خليق أن يبلغ غايته في نفسه. قال: هو - والله - عبد الملك. قال: هو هو.
قال: ورجل آخر هو أحيا من فتاة مخدرة حيية، وهو أحبهم إلي، لك أن تصطنعه. قال: هذا - والله - مصعب بن الزبير. قال: هو هو.
قال: وكيف رأيت عبد الرحمن؟ قال: قد غلب عليه قول الشعر وذهب به. قال: لعن الله من لا يموت دونك.
قال الزبير بن بكار في تسمية ولد الزبير: ومصعب وحمزة ورملة بني الزبير، وأمهم الرباب بنت أنيف بن عبيد بن قصاد بن كعب بن عليم بن جناب بن هبل، من كلب، وكان مصعب سمى آنية النحل، من كرمه وجوده. قال الشاعر: " من الطويل "
لا تحسب السلطان عاراً عقابها ... ولا ذلة عند الحفئظ في الأصل
فقد قتل السلطان عمراً ومصعباً ... قريعي قريش واللذين هما مثلي
عماد بني العاص الرفع عمادها ... وقرم بن العباس آنية النحل
ولي العراقين لأخيه عبد الله بن الزبير، وكان شجاعاً ممدحاً، يقول عببيد الله بن قيس الرقيات: " من الخفيف "
إنما مصعب شهاب من الل ... هـ تجلت عن وجهه الظلماء
ملكه ملك عزة ليس فيها ... جبروت منه ولا كبرياء
يتقي الله في الأمور وقد أف ... لح من كان همه الاتقاء
وقال أحد الكلبيين يذكر ولادة من ولدوا: " من الطويل "
وعبد العزيز قد ولدنا ومصعباً ... وكلب أب للصالحين ولود
قال محمد بن سعد: مصعب بن الزبير بن العوام قتل بالعراق سنة اثنتين وسبعين، ويكنى أبا عبد الله ولم يكن له ابن يسمى عبد الله.
قال أبو بكر الخطيب: كان من أحسن الناس وجهاً، وأشجعهم قلباً، وأسخاهم كفاً، وولي إمارة العراقين وقت دعي لأخيه عبد الله بن الزبير بالخلافة، فلم يزل كذلك حتى سار إليه عبد الملك بن مروان فقتله بمسكن في موضع قريب من أوانا على نهر دجيل عند دير الجاثليق، وقبره إلى الآن معروف هناك.
عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز الزهراني، أن جميلاً نظر إلى مصعب بن الزبير على جبال عرفة فقال: إن ها هنا لفتى أكره أن تراه بثينة.
قال الشعبي: ما رأيت أميراً قط على منبر أحسن من مصعب بن الزبير.
عن الوليد بن هشام، قال: كان مصعب بن الزبير يحسد الناس على الجمال، فإنه ليخطب الناس بالبصرة إذ أهل ابن جودان من ناحية الأزد، فأعرض بوجهه عن تلك الناحية إلى ناحية بني تميم، فأقبل ابن حيران من تلك الناحية، فأعرض ببصره عنها ورمى ببصره إلى مؤخر المسجد، فأقبل الحسن البصري من مؤخر المسجد، فأفف مصعب ونزل عن المنبر.
عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: اجتمع في الحجر مصعب بن عروة وعبد الله بنو الزبير، وعبد الله بن عمر، فقالوا: تمنوا. فقال عبد الله بن الزبير: أما أنا فأتمنى الخلافة. وقال عروة: أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم. وقال مصعب: أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين، وقال عبد الله بن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة.
قال: فنالوا كلهم ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر له.
قالخليفة: وفيها - يعني سنة سبع وستين - جمع عبد الله بن الزبير العراق لأخيه مصعب بن الزبير.
وقال: سنة ثمان وستين: فيها عزل ابن الزبير ابنه حمزة عن العراق وجمعها لمصعب بن الزبير، فأقام بها - يعني الكوفة - مصعب نحواً من سنتين، ثم انحدر إلى البصرة واستخلف القباع الحارث بن عبد الله المخزومي، ثم رجع مصعب فلم يزل بها حتى قتل.
وسار مصعب يريد الشام، وسار عبد الملك يريد العراق، فأتى مصعب باجميرا أقصى عمل العراق، وأتى عبد الملك بطنان حبيب أقصى عمل الشام، وهجم عليهما الشتاء فرجعا، وكذلك كانا يفعلان في كل عام حتى قتل مصعب، وفي ذلك يقول: " من الرجز "
أبيت يا مصعب إلا سيراً ... في كل عام لك باجميرا
تغزو بنا ولا تفيد خيرا
عن عبد الله بن أبس بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: قدم وفد من أهل العراق على عبد الله بن الزبير، فأتوه في المسجد، فسلموا عليه، فسألهم عن مصعب بن الزبير وعن سيرته فيهم، فقالوا: أحسن الناس سيرة، وأقضاهم بحق، وأعدلهم في حكم؛ وذلك يوم الجمعة، فلما صلى عبد الله بنالزبير بالناس الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه، ثم تمثل: " من الرجز "
قد جربوني ثم جربوني ... من غلوتين ومن المئين
حتى إذا شابوا وشيبوني ... خلوا عناني ثم سيبوني
أيها الناس، إني قد سألت هذا الوفد من أهل العراق عن عاملهم مصعب بن الزبير فأحسنوا الثناء، وذكروا منه ما أحب، إن مصعباً اطبى القلوب حتى لا يعدل به، والأهواء حتى لا تحول عنه، واستمال الألسن بثنائها، والقلوب بصحتها، والأنفس بمحبتها، فهو المحبوب في خاصته، المأمون في عامته، بما أطلق الله به لسانه من الخير، وبسط به من البذل. ثم نزل.
عن علي بن زيد، قال: بلغ مصعب بن الزبير عن عريف الأنصار شيء. فهم به، فدخل عليه أنس بن مالك فقال له: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " استوصوا بالأنصار خيراً - أو قال: معروفاً - اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئتهم ". فألقى مصعب نفسه عن سريره وألزق خده بالبساط وقال: أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرأس والعين. فتركه.
عن عبد الله بن المبارك، قال: دخل أيقف نجران على مصعب بن الزبير، فرمى إليه مصعب بشيء فشجه، فقال: له الأسقف: أعطني الأمان حتى أخبرك بما أنزل الله على عيسى بن مريم في الأنجيل. فقال له: لك الأمان. وما أنزل الله عليه؟ فقال للأسقف: أنزل الله عليه: ما للأمير وللغضب ومن عنده يطلب الحلم! وما له وللجور ومن عنده يطلب العدل! وما له وللبخل ومن عنده يطلب البذل! عز وجل من أهل العلم، قال: بلغ مصعب بن الزبير عن رجل من أهل البصرة كبر، فقال مصعب: العجب من ابن آدم، كيف يتكبر وقد جرى في مجرى البول مرتين؟
قال أبو عبد الله بن سلمويه: أسر عبد الله بن الزبير رجلاً فأمر بضرب عنقه، فقال: أعز الله الأمير، ما أقبح بمثلي أن يقوم يوم القيامة فأتعلق بأطرافك الحسنة وبوجهك الذي يستضاء به فأقول: يا رب سل مصعباً فيم قتلني؟ فقال: يا غلام، اعف عنه. فقال: أعز الله الأمير، إن رأيت أن تجعل ما وهبت لي من حياتي في عيش رخي. قال: يا غلام، أعطه مئة ألف. فقال: أعز الله الأمير، فإني أشهد الله وأشهدك أني قد جعلت لابن قيس الرقيات منها خمسين ألفاً، فقال له: ولم؟ فقال: لقوله فيك: " من الخفيف "
إنما مصعب شهاب من الله ... تجلت عن وجهه الظلماء
قال الشعبي: مر بي مصعب بن الزبير وأنا على باب داري، قال: فقال بيده هكذا. قال فتبعته. قال: فلما دخل أذن لي فدخلت عليه فتحدثت معه ساعة. ثم قال بيده هكذا، فرفع الستر، فإذا عائشة بنت طلحة امرأته. فقال: يا شعبي، رأيت مثل هذه قط؟ قال: قلت: لا، ثم خرجت. ثم لقيني بعد ذلك فقال لي: يا شعبي، تدري ما قالت لي؟ قلت: لا، قال: قالت: تجلوني عليه ولا تعطيه شيئاً. قال: فقد أمرت لك بعشرة آلاف. فأخذتها. فكان أول مال ملكته.
قال الزبير بن بكار: حدثني عمي، قال: أهديت لمصعب بن الزبير نخلة ذهبية، عناقيدها من صنوف الجوهر، فدعا لها المقومين فقوموها بألفي ألف دينار، وكانت من متاع الفرس. فقال: والله ما أدري ما أصنع بها، أما إني سأعطيها رجلاً أحبه. فاستشرف لها ولده ومن حواليه، فدفعها إلى عبد الله بن أبي فروة.
عن عبد الله بن نافع، قال: كان عبد الله بن الزبير لا يكسو أسماء بنت أبي بكر بكسوة إلا كساها مصعب مثلها.
قال أبو عاصم النبيل: قيل لعبد الملك: شرب المصعب الشراب. فقال: والله لو كان ترك الماء مروءة عند مصعب لترك الماء.
وكان عبد الله بن الزبير إذا كتب لرجل بجائزة إلى مصعب بألف درهم جعلها مصعب مئة ألف.
عن الحكم، قال: أول من عرف بالكوفة مصعب بن الزبير.
قال عبد الله بن عمرا: كتبت إلى عبد الملك بن مروان، وكتبت إلى عبد الله بن الزبير، ولم يمنعني أن أكتب إلى مصعب بن الزبير إلا مخافة تزيد أهل العراق.
عن سعيد، قال: جاء ابن عمر مصعب بن الزبير فسلم عليه، فقال: من أنت؟ قال: أنا ابن أخيك مصعب بن الزبير، قال: صاحب العراق؟ قال: نعم. قال ابن عمر: أسألك عن قوم خالفوا وخلعوا وقاتلوا، حتى إذا غلبوا دخلوا قصراً وتحصنوا فيه وسألوا الأمان على دمائهم فأعطوا، ثم قتلوا بعد ذلك. قال: وكم العدد؟ قال: خمسة آلاف. قال: فسبح، ثم قال: عمرك الله يا مصعب لو أن امرءاً أتى ماشية للزبير فذبح منها خمسة آلاف شاة في غداة، أكنت تعده أو تراه مسرفاً. قال: فسكت مصعب. فقال: أجبني. قال: نعم، إني لأعد رجلاً يذبح خمسة آلاف شاة مسرفاً. قال: أفتراه إسرافاً في البهائم، لا تعبد الله وتدري ما الله، وقتلت من وحد الله؟ أما كان فيهم مستكره يراجع به التوبة أو جاهل ترجى رجعته؟ أصب يا ابن أخي من الماء البارد ما استطعت في دنياك.
عن عمر بن حمزة، قال: سمعت سالم بن عبد الله يسأل عبد الله بن عمر: أي ابني الزبير أشجع؟ قال: كلاهما جاءه الموت وهو ينظر إليه.
عن عبد الله بن مصعب، عن أبيه، قال: لما تفرق عن مصعب جنده قال له بعض أودائه: لو اعتصمت ببعض القلاع، وكاتبت من بعد عنك من أوليائك كمثل المهل والأشتر وفلان وفلان، فإذا اجتمع لك من ترضاه لقيت القوم بأكفائهم، فقد ضعفت جداً واختل أصحابك. فلبس سلاحه وخرج فيمن بقي من أصحابه وهو يتمثل بشعر - قيل: لطريف العنبري، وكان طريف يعد بألف فارس من فرسان خراسان - فقال: " من الطويل "
علام تقول السيف يثقل عاتقي ... إذا أنا لم أركب به المركب الصعبا
سأحميكم حتى أموت ومن يمت ... كريماً فلا لوماً عليه ولا عتبا
عن سعيد بن يزيد، قال: سار عبد الملك إلى مصعب، وسار مصعب حتى نزل الكوفة، فقال إبراهيم بن الأشتر لمصعب: ابعث إلى ابن زياد بن عمرو ومالك بن مسمع ووجوه من وجوه البصرة فاضرب أعناقهم، فإنهم قد أجمعوا على أن يغدروا بك. فأبى. قال: فقال إبراهيم: فإني أخرج الآن في الخيل، فإذا قتلت فأنت أعلم. فقاتل حتى قتل. فلما التقى المصعب وعبد الملك قلب القوم ترستهم ولحقوا بعبد الملك.
قال: فقتل المصعب وقتل معه ابنه عيسى وإبراهيم بن الأشتر، وخرج مسلم بن عمرو الباهلي فقال: احملوني إلى خالد بن يزيد، فحمل إليه، فاستأمن له، ووثب عبيد الله بن زياد بن ظبيان على مصعب فقتله عند دير الجاثليق على شاطئ نهر يقال له: دجيل من أرض مسكن، واحتز رأسه فذهب به إلى عبد الملك، فسجد عبد الملك لما أتى برأسه؛ وكان عبيد الله بن زياد بن ظبيان فاتكاً رديئاً، فكان يتلهف ويقول: كيف لم أقتل عبد الملك يومئذ حين سجد، فأكون قد قتلت ملكي العرب!.
فقال عبد الملك لحاجبه: أقص هذا الأعرابي عني أخر إذنه ما استطعت. فكان يفعل به ذلك.
فجاء يوماً فأذن الحاجب للناس وحبسه حتى أخذ الناس مجالسهم، ثم أنزله، فدخل والناس حول سرير عبد الملك، فمضى حتى جلس مع عبد الملك على السرير، فغضب عد الملك فأقبل عليه فقال: يا ابن ظبيان، لقد بلغني أنك لا تشبه أباك. فقال: والله لأنا أشبه من الغراب بالغراب، والقذة بالقذة، والماء بالماء، والتمرة بالتمرة، ولكن إن شئت - يا أمير المؤمنين - أخبرتك بمن لم تنضجه الأرحام، ولم يولد لتمام، ولم يشبه الأخوال والأعمام. قال: ومن ذاك ويحك؟ قال: سويد بن منجوف بن ثور السدوسي، وهو قد تجالس معه. فقال عبد الملك: أكذاك يا سويد؟ قال سويد: إن ذلك ليقال -
وكان عبد الملك ولد لسعة أشهر - فلما خرجا قال ابن ظبيان: ما أحب أن لي بفطنتك حمر النعم. قال سويد: وأنا - والله - ما سرني أن لي بما قلت حمر النعم وسودها.
وسار عبد الملك من فوره حتى دخل الكوفة، وعمرو بن حريث يسير بين يديه.
عن جعفر بن أبي كثير، عن أبيه، قال: لما وضع رأس مصعب بن الزبير بين يدي عبد الملك بن مروان قال: " من الوافر "
لقد أردى الفوارس يوم عبس ... غلاماً غير مناع المتاع
ولا فرح لخير إن أتاه ... ولا هلع من الحدثان لاع
ولا وقافة والخيل تعدو ... ولا خال كأنبوب اليراع
فقال الذي جاء برأسه: والله - يا أمير المؤمنين - لو رأيته والرمح في يده تارة، والسيف تارة، يفري بهذا ويطعن بهذا لرأيت رجلاً يملأ القلب والعين شجاعة وإقداماً، ولكنه لما تفرقت رجاله وكثر من قصده وبقي وحده، ما زال يشهد: " من الطويل "
وإني على المكروه عند حضوره ... أكذب نفسي والجفون له تنضي
وما ذاك من ذل ولكن حفيظة ... أذب بها عند المكارم عن عرضي
وإني لأهل الشر بالشر مرصد ... وإني لذي سلم أذل من الأرض
فقال عبد الملك: كان والله كما وصف نفسه وصدق، ولقد كان من أحب الناس إلي، وأشدهم لي إلفاً ومودة، ولكن الملك عقيم.
حدث أبو محلم، قال: لما قتل مصعب بن الزبير خرجت سكينة تطلبه في القتلى، فعرفته بشامة في فخذه، فأكبت عليه، فقالت: يرحمك الله، نعم - والله - حليل المسلمة كنت، أدركك - والله - ما قال عنترة: " من الكامل "
وحليل غانية تركت مجدلاً ... بالقاع لم يعهد ولم يتثلم
فتهتكت بالرمح الطويل إهانه ... ليس الكريم على القنا بمحرم
عن الكلبي، قال: قال عبد الملك بن مروان يوماً لجلسائه: من أشجع العرب؟ قالوا: شبيب، قطري، فلان، فلان. فقال عبد الملك: إن أشجع العرب لرجل جمع بين سكينة بنت حسين وعائشة بنت طلحة وأمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وأمه رباب بنت أنيف الكلبي سيد ضاحية العرب، وولي العراقين خمس سنين فأصاب ألف ألف، وألف ألف، وألف ألف، وأعطي الأمان فأبى. ومشى بسيفه حتى مات، ذلك مصعب بن الزبير. لا من قطع الجسور مرة ها هنا ومرة ها هنا.
عن عبد الملك بن عمير، قال: رأيت عجباً، رأيت رأس الحسين أتي به حتى وضع بين يدي عبيد الله بن زياد، ثم رأيت رأس عبيد الله أتي به حتى وضع بين يدي المختار، ثم رأيت رأس المختار أتي به حتى وضع بين يدي مصعب بن الزبير، ثم أتي برأس مصعب حتى وضع بين يدي عبد الملك.
حدث شيخ من أهل مكة سنة مئة، قال:
لما قتل مصعب بن الزبير بالعراق وبلغ عبد الله بن الزبير بمكة، فظع به فأضرب عن ذكر مقتله أياماً حتى تحث به العبيد والإماء في سكك المدينة، ثم صعد ذات يوم المنبر فأسكت عليه هنيهة، فنظرت إليه فإذا جبينه يعرق، وإذا أثر الكآبة على وجهه لا تخفى، فقلت لأخ لي إلى جانبي: أما والله إنه للبيب النهد؟ قال: فلعله يريد أن يذكر مقتل سيد فتيان العرب المصعب بن الزبير، ففظع بذلك وغير ملوم.
فما كان بأسرع أن قام فقال: الحمد لله الذي له الخلق والأمر، وملك الدنيا والآخرة، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من
يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ألا وإنه لم يذلل من كان الحق معه وإن كان فرداً، ولم يعز الله من كان من أولياء الشيطان وحزبه وإن كان معه الناس طراً، إنه أتانا خبر من قبل العراق أحزننا وأفرحنا، قتل مصعب بن الزبير رحمة الله عليه؛ فأما الذي أحزننا من ذلك قإن لفراق الحميم لوعة يجدها له حميمة عند المصيبة له، ثم يرعوي بعدها ذو الرأي إلى جميل الصبر وكريم العزاء؛ وأما الذي أفرحنا له فإنا قد علمنا أن قتله له شهادة، وأن الله جعل ذلك لنا وله خيرة، ألا إن أهل العراق أهل الغدر والنفاق أسلموه وباعوه بأقل ثمن كانوا يأخذونه منه إسلام النعام المخطم فقتل؛ وإن يقتل مصعب فقد قتل أبوه وأخوه وعمه وخاله، وكانوا الخيار الصالحين، إنا والله ما نموت حبجاً، ما نموت إلا قتلاً قتلاً، قعصاً بالرماح وموتاً تحت ظلال السيوف.
ثم قال: ألا إن الدنيا عارية من الملك إلا على الذي لا يزول سلطانه ولا يبيد، فإن تقبل علي الدنييا لا آخذها أخذ الأشر البطر، وإن تدبر عني لا أبكي عليها بكاء الخرف المهتر. ثم نزل.
قوله: أخوه، يعني المنذر بن الزبير، وعمه، يعني السائب بن العوام قتل يوم اليمامة شهيداً. وخاله، ويعني خال أبيه حمزة بن عبد المطلب.
عن الزبير بن خبيب، قال: قام عبد الله بن الزبير بعد المقام الذي نعى فيه بمصعب لقد صبت بأبي الزبير. فظننت أن لا أجتبرها، ثم استمرت مريرتي، وما كنت خلواً من مصيبة عثمان، وما كان مصعب إلا فتى من فتياني؛ ثم جعل يرد البكاء وإنه ليغلبه، ويقول: " من الطويل "
هم دفعوا الدنيا على حين أعرضت ... كراماً وسنوا للكرام التأسيا
قتل مصعب سنة إحدى وسبعين،، وقيل: سنة اثنتين وسبعين، يوم الخميس للنصف من جمادى الأولى، وقتل معه ابنه عيسى.
قال عبيد الله بن قيس الرقيات يرثي مصعب بن الزبير: " من الطويل "
لقد أورثت المصرين خزياً وذلة ... قتيل بدير الجاثليق مقيم
فما نصحت لله بكر بن وائل ... ولا صدقت يوم الحفاظ تميم
فلو كان بكرياً تعطف حوله ... كتائب يغلي حمومها ويديم
ولكنه ضاع الذمام ولم يكن ... بها مضري يوم ذاك حكيم
جزى الله كويفي تميم ملامة ... بفعلهما إن المليم مليم
فنحن بنو العلات أخلوا ظهورنا ... لذي حرمة في المسلمين حريم
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=98421&book=5519#8cc8d9
مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القرشى الزهري وكان مع [ابن - ] الزبير قتل يوم الحرة ك) روى عن أبيه روى عنه المطلب بن عبد الله بن حنطب سمعت ابى يقول ذلك.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=106593&book=5519#b772b5
مُصعب بن عبد الرَّحْمَن بن شُرَحْبِيل من بني عبد الدَّار يروي الْمَرَاسِيل روى عَنهُ يحيى بْن سعيد الْأنْصَارِيّ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=98424&book=5519#b64cbb
مصعب بن عبد الرحمن بن ذؤيب روى عن عبد الله بن الزبير روى عنه محمد بن إسحاق سمعت ابى يقول ذلك.