Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=152458&book=5519#88753c
علي بن عبد الله بن خالد
ابن يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان أبو الحسن الأموي السفياني، المعوف بأبي العميطر بويع له بالخلافة بدمشق في ولاية الأمين في ذي الحجة سنة خمس وتسعين ومئة، وغلب على دمشق مدة.
قال الهيثم بن مروان: سمعت أبا مسهر يقول: سمعت شيخاً من قريش أثق به يقول: سأل المهديّ ابن علاثة: لم رددت شهادة محمد بن إسحاق بن يسار؟ قال: لأنه كان لا يرى جمعة ولا جماعة، فسألت أبا مسهر حين خلا: من الرجل؛ فقال: أبو الحسن علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية. وكان مع المهدي في تلك السفرة، فلقيت عبد الله بن يعقوب فقال: سمعته من أبي مسهر، فسألت أصحاب محمد بن إسحاق، فقالوا: كان يروي حديث علي بن أبي طالب: لا جمعة إلا في مصر مع إمام عادل.
قال محمد بن عبد الرحمن الجرشي: كان علي بن عبد الله بن خالد، كنيته أبو الحسن، وكان يجالسنا، فكنا يوماً نتحدث إلى أن ذكرنا كنى البهائم، فقال لنا علي بن عبد الله: أي شيء كنية
الحرذون؟ فقلنا: ما ندري، فقال: كنيته أبو العميطر، قال: فلقبناه بذلك، فكان يغضب، فقال لنا شيخ من القدماء: ترون هذا اللقب سيخرجه إلى أمر عظيم.
ولما خرج علي بن عبد الله بن خالد، وادعى الخلافة، وقاتل عليها وبويع له في سنة خمس وتسعين ومئة، قال يفتخر: أنا ابن العير والنفير، وأنا ابن شيخي صفين، أنا علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وأمي نفيسة بنت عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب. يعني شيخي صفين: علياً ومعاوية. وقد ولداه جميعاً.
وكان أبو العميطر يسكن المزة، وكان له دار بمدينة دمشق في رحبة البصل، وخرج يوم خرج بالمزة، ودعا لنفسه بالخلافة وهو ابن تسعين سنة. وكان الوليد بن مسلم يقول غير مرة: لو لم يبق من سنة خمس وتسعين ومئة إلا يوم واحد لخرج السفياني، فخرج أبو العميطر في هذه السنة.
قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل للهيثم بن خارجة: كيف كان مخرج السفياني بدمشق أيام ابن زبيدة بعد سليمان بن أبي جعفر؟ فوصفه بهيئة جميلة، واعتزال للشرّ قبل خروجه، ثم وصفه حين خرج بالظلم، فقال: أرادوه على الخروج مراراً فأبى، فحفر له خطاب الدمشقي المعروف بابن وجه الفلس، وأصحابه تحت بيته سرباً ثم دخّلوه في الليل، ونادوه: اخرج فقد آن لك، فقال: هذا شيطان، ثم أتوه في الليلة الثانية، فوقع في نفسه، ثم أتوه في الليلة الثالثة. فلما أصبح خرج، فقال أحمد بن حنبل: أفسدوه.
قال عبد الحميد الميموني: ولى محمد بن زبيدة سليمان بن أبي جعفر حمص ودمشق، فوثب به الخطاب ابن وجه الفلس، فخلع سليمان بن أبي جعفر، وبايع لعلي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية. قال ابن سراج: وجه الفلس هذا مولى الوليد بن عبد الملك وكان ابن الخطاب
خرج بصيدا من ساحل دمشق، فضبطها ودعا لنفسه في أيام أبي العميطر فاستأمن بعد ذلك إلى عبد الله بن طاهر، فحمله عبد الله بن طاهر إلى خراسان مع مكرز بن حفص العامري، وكان قد خرج أيضاً في ساحل دمشق، فماتا بخراسان. ولما ظهر السفياني بدمشق سنة خمس وتسعين ومئة ودعا إلى نفسه وطرد عنها سليمان بن أبي جعفر بعد حصره إياه بدمشق لم يفلت منهم إلا بعد اليأس فوجّه محمد المخلوع الحسن بن علي بن عيسى بن ماهان، فلم ينفذ إليه، ولكنه لما صار إلى الرقة أقام بها.
وكان بدو أمر محمد بن صالح بن بيهس بن زميل بن عمرو بنهبيرة بن زفر بن عامر بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة أن سليمان بن أبي جعفر ولي دمشق عقيب فتنة وعصبية كانت بين قيس واليمن، وكان علي بن عبد الله أبو العميطر من ولد يزيد بن معاوية، وكان بنو أمية يروون فيه الروايات، ويذكرون أن فيه علامات السفياني، وأن أموره لا تتم له إلا بكلب، وأنهم أنصاره، فمالوا إليهم وتوددوهم، وأيقنوا أنهم لا يتم لهم أمر مع محمد بن صالح، وأن تمام أمر السفياني إنما هو بسباء نساء قيس وسفك دمائهم، وفاندسوا إلى سليمان بن أبي جعفر، فقالوا له: إن هذا الفساد في عملك بسبب هذه الزواقيل، وأن رؤساءهم وصناديدهم ومن معهم من الضّباب وهم عشيرة ابن بيهس تجنبهم، واحتالوا له حتى أخذه واحتبسوه. فلما أشغلوه أحكموا أمرهم، واجتمعوا على أي العميطر فبايعوه، وبعثوا إلى زواقيلهم، فلم يشعر سليمان بن أبي جعفر وهو في قصر الحجاج خارج دمشق حتى أحاطت به الرجّالة، فحصروه، فبعث إلى ابن بيهس، وهو محبوس معه في القصر. فقال له: ما ترى ما يصنع أهل بلدك؟ قال: هذا الذي أراد القوم بتحميلهم إياك عليّ، والآن الذي أرى أن تخرج معي إلى حوران، فأخرج بك في البرية إلى الكوفة وأنشأ أبياتاً فحمله سليمان خيراً، وقال: لا تسامعت العرب أني هربت، وقال شعراً يجيب به محمد بن صالح، ثم خرج
سليمان بن أبي جعفر هارباً من دمشق، متوجهاً إلى العراق، وخرج معه ابن بيهس حتى أجازه ثنيّة العقاب، ولحقه الغوغاء والرّعاع فنهبوا مواخر عسكره، وانصرف ابن بيهس إلى حوران.
قال هارون بن محمد العقيلي كان أبو العميطر يوماً يقرأ علينا في كتاب أنه يخرج من بني أبي سفيان رجل من دمشق أضل من بعير أهله. قال: فلما خرج أبو العميطر قال له مولى لنا: أما تذكر ما حدثتنا به؟ فقال له: يا بن الخبيثة، ما أحفظك لرواية السوء! قال الطفيل بن عبيد ة بن عبد الرحمن بن عبيدة: كنا بباب هارون الرشيد بمدينة الرقة، ومعنا أبو العميطر، فقال لي: إنه سيخرج عن قريب بمدينة دمشق رجل منا، وذلك بعد موت هارون الرشيد، يزعم أنه السفياني، وهو كذاب، قال: فما مرت الأيام والليالي حتى بلغني خروج أبي العميطر، فكتبت إليه أذكّره ما كان قال لي، فكان أول شيء بدأ به أن قصد قومي.
قال أبو هشام عبد الصمد بن عبد الله: وجهني أبو قبظم محمد بن خريم إلى أبي العميطر حين ذكر أنه يريد الخروج فأتيته وهو في قرية قرحتاء، فقلت له: إن أخاك محمد بن خريم يقرئك السلام، ويقول لك: يا أبا الحسن، قد كبرت سنّك، وقد حملنا عنك علماً كثيراً، فلا تفسد نفسك، فلم يردّ عليّ جواباً، وكان في مجلسه محمد بن معيوف الكلمي، فوثب علي وقال: ارجع إلى صاحبك فقل له: علي بن عبد الله الخليفة، وقد استوسق أمره، وبايعه الناس، فادخل فيما دخلوا فيه، ودع عنك ما لا يعنيك، قال: فرجعت إلى محمد بن خريم، فأخبرته، فقال: إن لله وإنا إليه راجعون، ثم دعا غلاماً له فقال: ائتني بذلك القمطر، فأتاه بقمطر، ملئ كتباً فأخرجها ثم أمر بإحراقها، وكان كلها مما كتبه من أبي العميطر.
قال أبو عامر موسى بنعامر: كان الوليد بن مسلم يحدث أن السفياني إذا خرج فصعد منبر دمشق دعا بماء، فشرب على المنبر، قال أبو عامر: فرأيت أبا العميطر على المنبر، وقد دعا بماء، فقام إليه أبو مسهر بكوب فيه ماء فشرب.
حدث شعيب مولى أبي أمية، وكان وكنيته أبو عبد الله: أن أبا سيحان شيخاً وربما قال في ولاية هشام بن عبد الملك: يا شعيب، كأنك بالرايات السود قد أقبلت، قلت: نعم، قال: وكأنك السفياني قد خرج عليهم، ثم قال لي: يا شعيب، إن رأيت خارجياً من آل أبي سفيان يدعو إلى نفسه، فلا يغرنّك ذلك، وإن رأيته قد جلس على منبر دمشق، فليس بشيء، حتى ترى الرايات الصفر من قبل المغرب، فإذا كان ذلك فهو أول مخرجه.
ولما خرج أبو العميطر بدمشق بعصب اليمانية فخرج بنفسه إلى قرية الحرجلّة، فقلت من ظفر به من بني سليم ونهبها وأحرقها، ثم جعل يطلب من بمدينة دمشق من القيسية، فكان القرشيون وأصحابه من اليمن يمرون بالدار من دور دمشق فيقولون: ريح قيسي يشمّ من هاهنا فيضرمونها بالنار.
ولما أخذ أبو العميطر المصّيصة قرية بناحية على باب دمشق دخل عليه بعض أصحابه، فقال: يا أمير المؤمنين، قد أخذنا المصيصة، فخرّ أبو العميطر ساجداً وهو يقول: الحمد لله الذي ملّكنا الثغر، توّهم أنهم قد أخذوا المصيصة التي عند طرسوس.
قال عمرو بن عبد الله النصري: دخلت على أبي العميطر، فسلمت عليه بالخلافة، فردّ علي، فقلت: يا أمير المؤمنين، حوانيت لي ورثتها من أبي أخذت من يدي، فقال: من قريش أنت؟ قلت: لا، قال: فمن مواليهم؟ قلت: لا، قال: ليس كل من قال حوانيتي يقبل منه، قال: ففزعت إلى أبي مسهر وهو يومئذ يلي القضاء فكتب له: يا أمير المؤمنين؛ بلغنا عن
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: " لا قدست أمّة لا يقضى فيها بالحق، فيأخذ ضعيفها حقّه من قويّها، غير متعتع "، فأوصلنا إليه الكتاب، فقال: اذهبوا خذوا حوانيتكم، قال: فجئنا فكسرنا الأقفال عنها وأخذناها.
وكان الركيني يأخذ البيعة على الناس لأبي العميطر في الأسواق، وكان يدور على منازل أهل دمشق، فمن خرج إليه أخذ عليه البيعة، ومن لم يخرج قال: يا غلام، سمّر بابه، وأشمت به جاره.
قال شيبة بن الوليد: لما خرج أبو العميطر اتخذ حرساً على بابه وعلى سور مدينة دمشق، فكانوا ينادون بالليل والنهار، يا علي، يا مختار، يا من اختاره الجبّار على بني هاشم الأشرار.
قال محمد بن قادم: كان أصحاب أبي العميطر يوم ادعى الخلافة يدور في أسواق مدينة دمشق، ويقول للناس: قوموا بايعوا مهدي الله.
قال جرير بن زبر: أخذني أصحاب أبي العميطر، فأدخلوني إليه، فقالوا لي: بايع، فقلت: إني قد عاهدت الله ألا أقبض ديواناً من أيام هارون، فقال لي: ذاك ديوان أهل بيت اللعنة.
قال يحيى بن قادم: كان أصحاب أبي العميطر يدورون على الناس، ويقولون: قوموا بايعوا الرضا من آل محمد يريدون: أبا العميطر فمروا بمحمد بن الوليد العبسي الخفاف، فقالوا له: قم فبايع الرضا من آل محمد، فقال لهم: الرضا من آل محمد من بني العباس وليس من بني حرب، فضربوه، وأفلت من أيديهم، فلم يزل مختفياً حتى دخل ابن بيهس دمشق.