Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=151883&book=5519#c6e898
عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث
ابن نظام بن جشم بن عمرو بن مالك بن الحارث بن عبد الجن أبو المصبح الهمداني الشاعر الأعشى، المعروف بأعشى همدان.
شاعر فصيح، من أهل الكوفة، وكانت تحته أخت الشعبي الفقيه، وأخته تحت الشعبي، وكان فقيهاً، قارئاً، ثم ترك ذلك، واشتغل بقول الشعر، وقدم دمشق في صدر أيام بني أمية، وخرج مع ابن الأشعث فأتي به الحجاج، فقتله صبراً.
قال الأعشى للشعبي: يا أبا عمروٍ، رأيت كأني دخلت بيتاً فيه حنطة وشعير، فقبضت بيميني حنطة، وقبضت بيساري قبضة شعير، ثم خرجت، فنظرت، فإذا في يميني شعير، وإذا في يساري حنطة، فقال: لئن صدقت رؤياك لتستبدلن بالقرآن الشعر، فقال الأعشى الشعر بعدما كبر، وكان قبل ذلك إمام الحي ومقرئهم.
قال الهيثم بن عدي: لما عزل النعمان بن بشير عن الكوفة وولاه معاوية حمص وفد عليه أعشى همدان، فقال له: ما اقدمك أبا المصبح؟! قال: جئتك لتصلني وتحفظ قرابتي وتقضي ديني، قال: فأطرق ثم رفع رأسه، ثم قال، والله ما من شيء، ثم قال: هيه، كأنه ذكر شيئاً، فقام فصعد المنبر فقال: يا أهل حمص - وهم يومئذ في الديوان عشرون ألفاً - هذا ابن عم لكم، من أهل القرآن والشرف قدم عليكم يسترفدكم، فما ترون فيه؟ قالوا: أصلح الله الأمير احكم له فأبى عليهم، فقالوا له، فإنا قد حكمنا له على أنفسنا: من كل رجل في العطاء بدينارين دينارين، نعجلها له من بيت المال، فعجل له أربعين ألف دينار فقبضها ثم أنشأ يقول: الطويل
ولم أر للحاجات عند التماسها ... كنعمان نعمان الندى ابن بشير
إذا قال أوفى بالمقال ولم يكن ... كمدل إلى القوام حبل غرور
متى أكفر النعمان لا أك شاكراً ... وما خير من لا يقتدي بشكور
قال الشعبي: كنت أجالس الأحنف فأفاخر جلساءه من أهل البصرة بأهل الكوفة، فقال: إنما أنتم خول لنا، استنقذناكم من عبيدكم، فذكرت كلمة قالها أعشى همدان: الرمل
أفخرتم أن قتلتم أعبداً ... وهزمتم مرة آل رعل
نحن قدناكم إليهم عنوةً ... وجمعنا أمركم بعد الفشل
فإذا فاخرتمونا فاذكروا ... ما فعلناه بكم يوم الجمل
بين شيخٍ خاضب عثنونه ... أو فتى أبيض وضاح رفل
جاءنا يهدر في سابعةٍ ... فذبحناه كما ذبح الحمل
وعفونا فنسيتم عفونا ... وكفرتم نعمة الله الأجل
فقال الأحنف: يا جارية.، هاتي تلك الصحيفة الصفراء.
وعن عامر قال: كنت أجالس الأحنف بن قيس فأفاخر أهل البصرة بأهل الكوفة، فبلغ منه كلامي ذات يوم، وأنا لا أدري، فقال: يا جارية، هاتي ذلك الكتاب، فجاءت به، فقال: اقرأ وما يدري أحد من القوم ما فيه، قال: فقرأته فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم من المختار بن أبي عبيد إلى إلى الأحنف بن قيس ومن قبله من ربيعة ومضر، أسلم أنتم؟ فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد. فويل لأم ربيعة ومضر، وإن الأحنف مورد قومه سقر، حيث لا يستطيع بهم الصدر، وإني لا أملك لكم ما خط في القدر، وإنه بلغني أنكم تكذبون، وتؤذون رسلي، وقد كذبت الأنبياء، وأوذوا من قبلي، فلست بخير من كثير منهم والسلام. فملا قرأته قال: أخبرني، هذا من أهل البصرة أو من أهل الكوفة؟ قلت: يغفر الله لك أبا بحر، إنما كنا نمزح، ونضحك. قال: لتخبرني ممن هو، قلت: يغفر الله لك، أبا بحر، قال: لتخبرني، قلت: من أهل الكوفة، قال: فكيف تفاخر أهل البصرة وهذا منكم؟! ومما قاله أعشى همدان في المختار وشيعته: الطويل
شهدت عليكم أنكم سبئية ... وأني بكم يا شرطة الشرك عارف
وأقسم ما كرسيكم بسكينةٍ ... وإن كان قد لفت عليه اللفائف
وأن ليس كالتابوت فينا وإن سعت ... شبام حواليه ونهد وخارف
وإني امرؤ أحببت آل محمدٍ ... وتابعت وحياً ضمنته المصاحف
وبايعت عبد الله لما تبايعت ... عليه قريش شمطها والغطارف
يعني ابن الزبير، والكرسي كان مع المختار، يزعم أنه كالتابوت في بني إسرائيل.
وفي سنة ثلاث وثمانين زحف ابن الأشعث إلى البصرة، فلقي الحجاج بالزاوية، فاقتتلا، ثم إن ابن الأشعث توجه إلى الكوفة منهزماً من الحجاج لعشر خلون من المحرم، وخرج الحجاج في أثره حتى اجتمعوا في دير الجماجم، فكانت بين الحجاج وبين عبد الرحمن بن الأشعث ثمانون وقعة، ومضى ابن الأشعث في شعبان إلى البصرة، وتبعه الحجاج حتى أجلاه عنها نحو الهواز، وشخص في أثره فالتقوا بدجيل الأهواز، فهزمه الحجاج، وأسر من اصحابه ثلاثة آلاف رجل، فضرب أعناقهم كلهم، ووجه في طلب ابن الأشعث عمارة بن تميم ومحمد بن الحجاج، ورجع الحجاج إلى واسط، فابتدأ في بنائها.
وقتل الأعشى الهمداني الشاعر، قتله الحجاج صبراً يومئذ، وأتي به إليه أسيراً.