Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=133107&book=5519#bd632d
خَالِد بْن يزيد، أَبُو الهيثم التَّمِيمِيّ :
خراساني الأصل كَانَ أحد كتاب الجيش بِبَغْدَادَ، وَله شعر مدون، وَشعره كله فِي الغزل، وَعاش دهرا طويلا، وَاختلط فِي آخر عمره، وَيقال إنه عاش إلى خلافة المعتمد.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن علان الورّاق أنبأنا أبو الفرج أحمد بن محمّد ابن أحمد الصّامت حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن جَعْفَر أَبُو الْحَسَن البرمكي جحظة. قَالَ: كنا جلوسا على باب عَبْد الصمد بْن علي وَمعنا رجل ينشدنا أشعار عَبْد الصمد بْن المعدل، إذ أقبل أَبُو الهيثم خَالِد بْن يزيد الكاتب فجلس إلينا فَقَالَ: فيم كنتم؟ فقلنا بجهلنا: هذا ينشدنا شيئا من أشعار عَبْد الصمد، فالتفت إليه خَالِد فَقَالَ: يا فتى من الَّذِي يقول:
تناسيت ما أوعيت سمعك يا سمعي ... كأنك بعد الضر خال من النفع
ثُمَّ قَالَ له: يا فتى هل أحسن عَبْد الصمد أن يجعل للسمع سمعا؟ قَالَ لا، ثُمَّ أنشده:
لئن كَانَ أضحى فوق خديه روضة ... فإن على خدي غديرا من الدمع
ثُمَّ نهض فَقَالَ لنا المنشد: من هذا؟ فقلنا: خَالِد، فعدا خلفه، وَانقطعت نعله، وَانقلبت محبرته، حتى كتب البيتين!.
أخبرني عليّ بن أيّوب القمي أنبأنا مُحَمَّد بْن عمران الكاتب قَالَ أنشدني المظفر ابن يحيى لخالد الكاتب:
هبك الخليفة حين ير ... كب فِي مواكبه وَجنده
أَوْ هبك كنت وَزيره ... أَوْ هبك كنت وَلي عهده
هل كنت تقدر أن تز ... يد المبتلي بك فوق جهده؟
أنبأنا الحسن بن أبي بكر أنبأنا أَحْمَد بْن كامل الْقَاضِي- فيما أجاز لنا روايته عنه- أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْن علي بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد الْقُرَشِيّ- من أَهْل حران- قَالَ سمعت هلال بن العلاء يقول: رأيت خالدا الكاتب الشاعر بمدينة السلام، وَالناس يصيحون به يا بارد، يا بارد، وَيرمونه بالحجارة، فتساند إِلَى حائط وَقَالَ: وَيلكم كيف أكون باردا وَأنا الَّذِي أقول:
وَلامسه قلبي فآلم كفه ... فمن لمس قلبي فِي أنامله عقر
وَمر بفكري خاطرا فجرحته ... وَلم أر خلقا قط يجرحه الفكر!
أنبأنا عليّ بن طلحة المقرئ أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمران حدّثنا صالح بن محمّد حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن سهل. قَالَ: مر خَالِد الكاتب يوما بصبيان فجعلوا يرجمونه ويزنونه وَيقولون له: يا خَالِد يا بارد فَقَالَ لهم: وَيلكم أنا بارد، وَأنا الَّذِي أقول:
سيدي أنت لم أقل سيدي أن ... ت لخلق سواك والصب عبد
خذ فؤادي فقد أتاك بود ... وهو بكر ما افتضه قط وَجد
كبد رطبة يفتتها الوج ... د وخد فيه من الدمع خد
أنبأنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني أنبأنا المعافى بن زكريّا الجريري حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الفضل بْن حيان الحلواني حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن ضباب قَالَ سمعت بعض أصحابنا بالرقة يقول: كبر خَالِد الكاتب حتى دق عظمه، وَرق جلده، فوسوس، فرأيته بِبَغْدَادَ وَالصبيان يتبعونه وَيصيحون به، يا بارد، يا بارد، فأسند ظهره إلى قصر المعتصم فَقَالَ لهم: كيف أكون باردا وَأنا الَّذِي أقول:
بكى عاذلي من رحمتي فرحمته ... وَكم مسعد من مثله وَمعين
وَرقت دموع العين حتى كأنها ... دموع دموعي لا دموع جفوني
أنبأنا علي بْن أَبِي علي قَالَ أنشدنا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الخزاز قَالَ أنشدنا مُحَمَّد بْن الْقَاسِم الأَنْبَارِيّ لخالد الكاتب:
قد القضيب حكى رشاقة قده ... وَالورد يحسد وَرده فِي خده
وَالشمس جوهر نورها من نوره ... وَالبدر أسعد سعده من سعده
خشف أرق من البهاء بهاؤه ... وَمن الفرند المحض فِي إفرنده
لو مكنت عيناك من وَجناته ... لرأيت وَجهك فِي صفيحة خده
قَالَ وَله أَيْضًا:
اللَّه جارك يا سمعي وَيا بصري ... من العيون الَّتِي ترميك بالنظر
وَمن نفاسة خديك اللذين لك الم ... نى وَقد وَسما بالشمس وَالقمر
فحاسناك فما فازا بحسنهما ... وَخاطراك فما فاتاك بالخطر
من كَانَ فيك إلى العذال معتذرا ... من الآثام فإني غير معتذر
أنبأنا أبو عليّ محمّد بن الحسن الجازي حدّثنا المعافى بن زكريّا حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن مُوسَى البرمكي- جحظة- حدّثني خالد الكاتب قَالَ: قَالَ لي علي بْن الجهم: هب لي بيتك:
ليت ما أصبح من رق ... ة خديك بقلبك
قَالَ فقلت له: أرأيت أحدا يهب ولده؟.
أنبأنا الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد الكلوذاني فيما أذن أن نرويه عنه- أنبأنا أبو عمر محمد ابن عبد الواحد الزاهد أنبأنا ثعلب قَالَ: ما أحد من الشعراء تكلم في الليل الأقارب، إِلا خَالِد الكاتب فإنه أبدع فِي قوله:
وَليل المحب بلا آخر
فإنه لم يجعل لليل آخرا! وَأنشدنا:
رقدت فلم ترث للساهر ... وَليل المحب بلا آخر
ولم تدر بعد ذهاب الرقا ... د صنع الدمع بالناظر
أيا من تعبد فِي طرفه ... أجرني من طرفك الجائر
وَجد للفؤاد فداك الفؤا ... د من طرفك الفاتن الفاتر
فمضيت إِلَى خَالِد في سنة إحدى وستين وأنشدني هذا الشعر.
أنبأنا الْحَسَن بْن أَبِي بَكْر. قَالَ قَالَ أَحْمَد بْن كامل الْقَاضِي: حدثت عَنْ خَالِد الكاتب. قَالَ قيل له من أين قلت فِي قصيدتك: وَليل المحب بلا آخر؟ فَقَالَ وَقفت
على باب وَسائل عَلَيْهِ مكفوف وَهُوَ يقول: الليل وَالنهار علي سواء، فأخذت هذا منه.
أنبأنا الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عمرو الدلوي حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِم الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن حبيب النيسابوري قَالَ سمعت أبا الْقَاسِم عَبْد الرَّحْمَنِ بْن المظفر الأَنْبَارِيّ يقول سمعت أبا الْقَاسِم بْن أَبِي حية يقول سمعت خَالِد بْن يزيد الكاتب يقول: بينا أنا مار بباب الطاق، إذا براكب خلفي على بغلة، فلما لحقني نخسني بسوطه فَقَالَ: أنت القائل يا خويلد، وَليل المحب بلا آخر؟ قلت نعم! قَالَ لله أبوك، وَصف امرؤ القيس الليل الطويل فِي ثلاثة أبيات، وَوصفه النابغة فِي ثلاثة أبيات، وَوصفه بشار بْن برد فِي ثلاثة أبيات، وَبرزت عليهم بشطر كلمة؟! فلله أبوك. قلت وَبم وَصفه امرؤ القيس؟ فَقَالَ بقوله:
وَليل كموج البحر أرخى سدوله ... علي بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بصلبه ... وَأردف أعجازا وَناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبح وَما الإصباح منك بأمثل
قلت: وَبم وَصفه النابغة؟ فَقَالَ: بقوله:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وَليل أقاسيه بطيء الكواكب
وَصدر أزاح الليل عازب همه ... فضاعف فيه الهم من كل جانب
تقاعس حتى قلت ليس بمنقض ... وَليس الَّذِي يهدي النجوم بآئب
قلت له: وَبم وَصفه بشار؟ فَقَالَ: بقوله:
خليلي ما بال الدجى لا تزحزح ... وَما بال ضوء الصبح لا يتوضح
أظن الدجى طالت وَما طالت الدجى ... وَلكن أطال الليل سقم مبرح
أضل النهار المستنير طريقه ... أم الدهر ليل كله ليس يبرح؟
قلت له: يا مولاي هل لك فِي شعر قلته لم أسبق إليه؟ قَالَ نعم! فقلت:
كلما اشتد خضوعي ... لجوى بين ضلوعي
ركضت فِي حلبتي خد ... ي خيل من دموعي
قَالَ: فثنى رجله عَنْ بغلته وَقَالَ: هاكها فاركبها فأنت أحق بها مني. فلما مضى سألت عنه فقيل: هو أَبُو تمام حبيب بْن أوس الطائي.
أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَتْحِ هِلالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ أنبأنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الْوَاعِظُ قَالَ أنشدنا أَحْمَد بْن نصر بْن سندويه البصلاني قال أنشدنا أبو الهيثم خالد ابن يزيد:
حرق الشوق وَاتقاد الغليل ... وَاتصال الهوى بقلب عليل
وكلا بالجفون إذ نفد الدم ... ع دما وَاكفا قريح المسيل
تركاني أنوح فِي غسق اللي ... ل على جسمي السقيم النحيل
تب إلى اللَّه وَاشك هذا إليه ... يا قتيل الهوى بغير قتيل
وأخبرني هلال الحفّار أنبأنا عُمَر بْن أَحْمَد قَالَ أنشدنا أَحْمَد بْن نصر بْن سندويه قَالَ أنشدنا خَالِد بْن يزيد أَبُو الهيثم:
كيف احتيالي وَأنت لا تصل ... قل اصطباري وَضاقت الحيل
منعت عيني بالصد رقدتها ... فجفنها بالسهاد مكتحل
يا حسن الوجه إن تكن مثلا ... فإن بي فيك يضرب المثل
إن كان جسمي هواك أنحله ... فإن قلبي عليك يتكل
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن علي الشروطي حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن علي المروزي الكاتب حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سهل. قَالَ: سأل خَالِد الكاتب رجلا حاجة فكان مما استفتح به كلامه أن قَالَ له: فقد الصديق ألجأني إلى كلامك.
أنبأنا عليّ بن أبي علي حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الْكَاتِبُ حدثني أبو محمد عبد الله بن محمد المعروف بابن السقاء الواسطي- بها- قَالَ حَدَّثَنِي جحظة. قَالَ قَالَ لي خَالِد الكاتب: أضقت حتى عدمت القوت أياما، فلما كَانَ فِي بعض الأيام بين المغرب وَعشاء الآخرة، فإذا بأبي يدق، فقلت: من هذا؟ فَقَالَ: من إذا خرجت إليه رأيته، فخرجت فرأيت رجلا راكبا على حمار، عَلَيْهِ طيلسان أسود، وَعلى رأسه قلنسوة طويلة وَمعه خادم، فَقَالَ لي أنت الَّذِي تقول:
أقول للسقم عد إلى بدني ... حبا لشيء يَكُون من سببك؟
قَالَ: قلت: نعم! قَالَ: أحب أن تنزل لي عنه، فقلت وَهل ينزل الرجل عَنْ وَلده؟
فتبسم ثُمَّ قَالَ: يا غلام أعطه ما معك، فأومأ إلي بصرة فِي ديباجة سوداء مختومة، فقلت: إني لا أقبل عطاء من لا أعرفه فمن أنت؟ فَقَالَ: أنا إِبْرَاهِيم بْن المهدي.
أخبرني عليّ بن أيّوب القمي أنبأنا محمّد بن عمران المرزبانيّ أخبرني محمّد بن يحيى حدّثني الحسين بن إسحاق حَدَّثَنِي أَبُو الْهَيْثَمِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاتِبُ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ بِالْخِلافَةِ، طَلَبَنِي وَقَدْ كَانَ يَعْرِفُنِي، وَكُنْتُ مُتَّصِلا بِبَعْضِ أسبابه، فأدخلت عليه فَقَالَ: يَا خَالِدُ أَنْشِدْنِي مِنْ شِعْرِكَ، فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ شِعْرِي مِنَ الشِّعْرِ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكَمًا »
. وَإِنَّمَا أَمْزَحُ وَأَهْزِلُ، وَلَيْسَ مِمَّا يَنْشُدُهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لِي: لا تَقُلْ هَذَا يَا خَالِدُ، فَإِنَّ جِدَّ الأَدَبِ وَهَزْلِهِ جَدٌّ، أَنْشِدْنِي فَأَنْشَدْتُهُ:
عش فحبيك سريعا قَاتِلِي ... وَالضَّنَى إِنْ لَمْ تَصِلْنِي وَاصِلِي
ظَفَرَ الشَّوْقُ بِقَلْبٍ كَمِدٍ ... فِيكَ وَالسُّقْمُ بِجِسْمٍ نَاحِلِ
فَهُمَا بَيْنَ اكْتِئَابٍ وَبِلَى ... تَرَكَانِي كَالْقَضِيبِ الذَّابِلِ
وَبَكَى الْعَاذِلُ لِي مِنْ رَحْمَةٍ ... فَبُكَائِي لِبُكَاءِ الْعَاذِلِ
فَاسْتَمْلَحَ ذَلِكَ وَوَصَلَنِي.