عمران بن عصام أبو عمارة الضبعي
من أهل البصرة، ووفد على عبد الملك بن مروان.
حدث عن عمران بن حصين عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في الشفع والوتر قال: " هي الصلاة منها شفع، ومنها وتر ".
وقال الحسن: العيد، وقال ابن عباس: الشفع يوم النحر، والوتر يوم عرفة، وقال آخرون: الله الوتر، وخلقه الشفع.
قال الحجاج بن يوسف يوماً لأهل ثقته من جلسائه: ما من أحد من بني أمية أشد نصباً لي من عمر بن عبد العزيز بن مروان، وليس يوم من الأيام إلا وأنا أتخوف أن تأتيني منه قارعة، فهل من رجل تدلوني عليه له لسان وشعر وجلد؟ قالوا: نعم، عمران بن عصام العنزي، قال: فدعاه، فأخلاه، ثم قال: اخرج بكتابي إلى أمير المؤمنين فاقدح في قلبه من ابنه شيئاً من الولاية، فقال له عمران: رسّ إلي أيها الأمير رسيساً، فقال له الحجاج: إن العوان لا تعلّم الخمرة، فخرج بكتاب الحجاج. فلما دخل على
عبد الملك، ودفع إليه الكتاب، وسأله عن الحجاج وأمير العراق اندفع يقول: الوافر
أمير المؤمنين إليك أهدي ... على النّأي التحية والسّلاما
أجبني عن بنيك يكن جوابي ... لهم أكرومة ولنا نظاما
ولو أن الوليد أطاع فيه ... جعلت له الخلافة والذّماما
شبيهك حول قبّته قريش ... به يستمطر الناس الغماما
ومثلك في التقى لم يصب يوماً ... لدن خلع القلائد والتّماما
قال: فكتب عبد الملك إلى عبد العزيز يسأله أن يجعل الولاية بعده للوليد، فكتب إليه عبد العزيز: إن رأيت ألاّ تعجل عليّ بالقطيعة، ولا يأتي عليّ الموت إلا وأنت لي واصل، فافعل، وذكر قرب الأجل. قال: فرقّ عبد الملك رقة شديدة لكتابه، ثم قال: لا يكون إلى الصلة أسرع منين وكفّ عن ذكر ذلك، وما لبث عبد العزيز إلا ستة أشهر حتى مات.
وفي رواية: أن عبد العزيز لما أبى أن يجيب عبد الملك إلى ما أراد قال عبد الملك: اللهم، إنه قد قطعني فاقطعه. فلما مات عبد العزيز قال أهل الشام: إنه ردّ على أمير المؤمنين أمره فدع عليه، فاستجيب له، وقال عبد الملك لابنيه: هل قارفتما حراماً قط؟ قالا: لا والله، قال: الله أكبر، نلتماها إذاً ورب الكعبة.
ولما كان زمان ابن الأشعث خرج عمران بن عصام مع ابن الأشعث على الحجاج، فأتى به الحجاج حين قتل ابن الأشعث فقتله سنة أربع أو خمس وثمانين فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان فقال: قطع الله يد الحجاج، وأقتله وهو الذي يقول: الكامل
وبعثت من ولد الأغرّ معتّبٌ ... صقراً يلوذ حمامه بالعوسج
وإذا طبخت له بنار أنضجت ... وإذا طبخت بغيره لم تنضج
معتّب هو جد الحجاج. وكان عمران بن عصام، أحور، شريفاً، من بني هميم، بعثه الحجاج إلى عبد الملك بن مروان لحضه على توكيد بيعة الوليد وخلع أخيه عبد العزيز.
واختصم سويد بن منجوف ومسمع في الرئاسة إلى عمران فجعل الرئاسة لسويد، فقال شاعر منهم: الطويل
وحكّم عمران الهميمي قومكم ... وأخّر عن عقد الرئاسة مسمعا
ولعمران: الكامل
قبح الإله عدواةً لا تتقى ... وقرابة تدلى بها لا تنفع
ولعمران يعاتب عامر بن مسمع: الوافر
عذيري من أخٍ إن أدن شبراً ... يزدني في مباعدةٍ ذراعا
أبت نفسي له إلا وصالاً ... وتأبى نفسه إلاّ انقطاعا
كلانا جاهدٌ أدنوا وينأى ... كذلك ما استطعت وما استطاعا
قال المثنى بن سعيد:
أدركت عمران بن عصام الضبعي يختم القرآن في مسجد بني ضبيعة، في كل ثلاث يؤمهم. قال: ثم أمّهم قتادة نم بعده فجعل يختم في كل سبع، قال: ثم جعلها بعد ذلك عشراً.
كتب عبد الملك إلى الحجاج أن ادع الناس إلى البيعة، فمن أقر بالكفر فخلّ سبيله إلا رجل نصب رأيه أو شتم أمير المؤمنين، فدعا الناس إلى البيعة على ذلك حتى جاءت بنو ضبيعة، فقرأ عليهم الكتاب، فنهض عمران بن عصام فدعا به الحجاج فقال: اشهد على نفسك بالكفر، قال: ما كفرت مذ آمنت فقتله.
وقيل: إنه لما أتى به الحجاج قال: عمران بن عصام؟ قال: نعم، قال: ألم أقدم العراق وأوفدتك إلى أمير المؤمنين، ولا يوفد مثلك؟ قال: بلى، قال: وزوجتك سيدة قومها ماوية بنت مسمع، ولم تك لها بأهل؟ قال: بلى، قال: فما حملك على الخروج مع
عدو الله ابن الأشعث؟! قال: أخرجني باذان، قال: فأين كنت حجلة أهلك؟ قال: أخرجني باذان، قال: فأين كنت عن خرب البصرة؟ قال: أخرجني باذان؟ قال: فكشط رجل العمامة عن رأسه، فإذا محلوق، قال: ومحلوق أيضاً؟ لا أقالني الله إن أقلتك، فضربت عنقه.
وقال خليفة: إن الحجاج قتله صبراً يوم وقعة الزاوية في محرم سنة اثنتين وثمانين. وقيل: إنه أتي به الحجاج أسيراً بدير الجماجم فقتله البصري.
من أهل البصرة، ووفد على عبد الملك بن مروان.
حدث عن عمران بن حصين عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في الشفع والوتر قال: " هي الصلاة منها شفع، ومنها وتر ".
وقال الحسن: العيد، وقال ابن عباس: الشفع يوم النحر، والوتر يوم عرفة، وقال آخرون: الله الوتر، وخلقه الشفع.
قال الحجاج بن يوسف يوماً لأهل ثقته من جلسائه: ما من أحد من بني أمية أشد نصباً لي من عمر بن عبد العزيز بن مروان، وليس يوم من الأيام إلا وأنا أتخوف أن تأتيني منه قارعة، فهل من رجل تدلوني عليه له لسان وشعر وجلد؟ قالوا: نعم، عمران بن عصام العنزي، قال: فدعاه، فأخلاه، ثم قال: اخرج بكتابي إلى أمير المؤمنين فاقدح في قلبه من ابنه شيئاً من الولاية، فقال له عمران: رسّ إلي أيها الأمير رسيساً، فقال له الحجاج: إن العوان لا تعلّم الخمرة، فخرج بكتاب الحجاج. فلما دخل على
عبد الملك، ودفع إليه الكتاب، وسأله عن الحجاج وأمير العراق اندفع يقول: الوافر
أمير المؤمنين إليك أهدي ... على النّأي التحية والسّلاما
أجبني عن بنيك يكن جوابي ... لهم أكرومة ولنا نظاما
ولو أن الوليد أطاع فيه ... جعلت له الخلافة والذّماما
شبيهك حول قبّته قريش ... به يستمطر الناس الغماما
ومثلك في التقى لم يصب يوماً ... لدن خلع القلائد والتّماما
قال: فكتب عبد الملك إلى عبد العزيز يسأله أن يجعل الولاية بعده للوليد، فكتب إليه عبد العزيز: إن رأيت ألاّ تعجل عليّ بالقطيعة، ولا يأتي عليّ الموت إلا وأنت لي واصل، فافعل، وذكر قرب الأجل. قال: فرقّ عبد الملك رقة شديدة لكتابه، ثم قال: لا يكون إلى الصلة أسرع منين وكفّ عن ذكر ذلك، وما لبث عبد العزيز إلا ستة أشهر حتى مات.
وفي رواية: أن عبد العزيز لما أبى أن يجيب عبد الملك إلى ما أراد قال عبد الملك: اللهم، إنه قد قطعني فاقطعه. فلما مات عبد العزيز قال أهل الشام: إنه ردّ على أمير المؤمنين أمره فدع عليه، فاستجيب له، وقال عبد الملك لابنيه: هل قارفتما حراماً قط؟ قالا: لا والله، قال: الله أكبر، نلتماها إذاً ورب الكعبة.
ولما كان زمان ابن الأشعث خرج عمران بن عصام مع ابن الأشعث على الحجاج، فأتى به الحجاج حين قتل ابن الأشعث فقتله سنة أربع أو خمس وثمانين فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان فقال: قطع الله يد الحجاج، وأقتله وهو الذي يقول: الكامل
وبعثت من ولد الأغرّ معتّبٌ ... صقراً يلوذ حمامه بالعوسج
وإذا طبخت له بنار أنضجت ... وإذا طبخت بغيره لم تنضج
معتّب هو جد الحجاج. وكان عمران بن عصام، أحور، شريفاً، من بني هميم، بعثه الحجاج إلى عبد الملك بن مروان لحضه على توكيد بيعة الوليد وخلع أخيه عبد العزيز.
واختصم سويد بن منجوف ومسمع في الرئاسة إلى عمران فجعل الرئاسة لسويد، فقال شاعر منهم: الطويل
وحكّم عمران الهميمي قومكم ... وأخّر عن عقد الرئاسة مسمعا
ولعمران: الكامل
قبح الإله عدواةً لا تتقى ... وقرابة تدلى بها لا تنفع
ولعمران يعاتب عامر بن مسمع: الوافر
عذيري من أخٍ إن أدن شبراً ... يزدني في مباعدةٍ ذراعا
أبت نفسي له إلا وصالاً ... وتأبى نفسه إلاّ انقطاعا
كلانا جاهدٌ أدنوا وينأى ... كذلك ما استطعت وما استطاعا
قال المثنى بن سعيد:
أدركت عمران بن عصام الضبعي يختم القرآن في مسجد بني ضبيعة، في كل ثلاث يؤمهم. قال: ثم أمّهم قتادة نم بعده فجعل يختم في كل سبع، قال: ثم جعلها بعد ذلك عشراً.
كتب عبد الملك إلى الحجاج أن ادع الناس إلى البيعة، فمن أقر بالكفر فخلّ سبيله إلا رجل نصب رأيه أو شتم أمير المؤمنين، فدعا الناس إلى البيعة على ذلك حتى جاءت بنو ضبيعة، فقرأ عليهم الكتاب، فنهض عمران بن عصام فدعا به الحجاج فقال: اشهد على نفسك بالكفر، قال: ما كفرت مذ آمنت فقتله.
وقيل: إنه لما أتى به الحجاج قال: عمران بن عصام؟ قال: نعم، قال: ألم أقدم العراق وأوفدتك إلى أمير المؤمنين، ولا يوفد مثلك؟ قال: بلى، قال: وزوجتك سيدة قومها ماوية بنت مسمع، ولم تك لها بأهل؟ قال: بلى، قال: فما حملك على الخروج مع
عدو الله ابن الأشعث؟! قال: أخرجني باذان، قال: فأين كنت حجلة أهلك؟ قال: أخرجني باذان، قال: فأين كنت عن خرب البصرة؟ قال: أخرجني باذان؟ قال: فكشط رجل العمامة عن رأسه، فإذا محلوق، قال: ومحلوق أيضاً؟ لا أقالني الله إن أقلتك، فضربت عنقه.
وقال خليفة: إن الحجاج قتله صبراً يوم وقعة الزاوية في محرم سنة اثنتين وثمانين. وقيل: إنه أتي به الحجاج أسيراً بدير الجماجم فقتله البصري.