- وزيد بن صوحان بن حجر بن الهجرس بن عجل بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس. يكنى أبا عائشة, قتل يوم الجمل مع علي سنة ست وثلاثين. ويقال: زيد بن صوحان بن حجر بن الهجرس بن صبرة بن حدرجان بن ليث بن ظالم بن ذهل بن عجل بن وديعة بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس.
زيد بن صوحان بن حجر [بن الحارث ] بن الهجرس، العبدي
أخو صعصعة وسيحان، كان مسلما على عهد النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، يكنى أبا سليمان. ويقَالَ: أبا سلمان. ويقَالَ: أبا عائشة، لا أعلم له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواية، وإنما يروى عن عمر، وعلي، روى عنه أبو وائل. قتل يوم الجمل. ذكره محمد بن السائب الكلبي عن أشياخه في تسمية من شهد الجمل،
فَقَالَ: وزيد بن صوحان العبدي، وكان قد أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحبه، هكذا قَالَ. ولا أعلم له صحبة، ولكنه ممن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، بسنه مسلما، وكان فاضلا دينا، سيدا في قومه هو وإخوته.
روى حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال. قَالَ: أرتث زيد بن صوحان يوم الجمل، فَقَالَ له أصحابه: هنيئا لك يا أبا سليمان الجنة. فَقَالَ. وما يدريكم؟
غزونا القوم في ديارهم وقتلنا إمامهم، فيا ليتنا إذ ظلمنا صبرنا، ولقد مضى عثمان على الطريق.
وروى العوام بن حوشب، عن أبي معشر، عن الحي الذي كان فيهم زيد ابن صوحان قَالَ: لما أوصى قالوا له: أبشر يا أبا عائشة. روى عنه من وجوه أنه قَالَ: شدوا على ثيابي، ولا تنزعوا عنى ثوبا، ولا تغسلوا دما، فإني رجل مخاصم. أو قَالَ: فإنا قوم مخاصمون.
وكانت بيده راية عبد القيس يوم الجمل. وَرَوَى قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ أَبِي قُدَامَةَ، قَالَ: كُنْتُ فِي جَيْشٍ عَلَيْهِمْ سَلْمَانُ، فَكَانَ زيد بن صوحان يؤمّهم بأمره بدون سلمان.
وروى من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مسيرة له، فبينما هو يسير إذ هوم فجعل يقول: زيد وما زيد! جندب وما جندب! فسئل عن ذَلِكَ فَقَالَ:
رجلان من أمتي، أما أحدهما فتسبقه يده، أو قَالَ: بعض جسده إلى الجنة، ثم يتبعه سائر جسده. وأما الآخر فيضرب ضربة يفرق بها بين الحق والباطل. قَالَ أبو عمر: أصيبت يد زيد يوم جلولاء، ثم قتل يوم الجمل مع على ابن أبى طالب.
وجندب قاتل الساحر قد ذكرناه في بابه من هذا الكتاب.
وروى إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، قَالَ: أنبئت أن عائشة أم المؤمنين سمعت كلام خالد يوم الجمل، فقالت: خالد بن الواشمة؟
قَالَ: نعم. قالت: أنشدك الله أصادقي أنت إن سألتك؟ قلت: نعم، وما يمنعني أن أفعل؟ قالت: ما فعل طلحة؟ قلت: قتل، قالت: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 ثم قالت: ما فعل الزبير؟ قلت: قتل. قالت: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 قلت: بل نحن للَّه ونحن إليه راجعون ، على زيد وأصحاب زيد. قالت: زيد ابن صوحان؟ قلت: نعم. فقالت: له خيرا. فقلت: والله لا يجمع الله بينهما في الجنة أبدا. قالت: لا تقل، فإن رحمة الله واسعة، وهو على كل شيء قدير.
أخو صعصعة وسيحان، كان مسلما على عهد النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، يكنى أبا سليمان. ويقَالَ: أبا سلمان. ويقَالَ: أبا عائشة، لا أعلم له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواية، وإنما يروى عن عمر، وعلي، روى عنه أبو وائل. قتل يوم الجمل. ذكره محمد بن السائب الكلبي عن أشياخه في تسمية من شهد الجمل،
فَقَالَ: وزيد بن صوحان العبدي، وكان قد أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحبه، هكذا قَالَ. ولا أعلم له صحبة، ولكنه ممن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، بسنه مسلما، وكان فاضلا دينا، سيدا في قومه هو وإخوته.
روى حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال. قَالَ: أرتث زيد بن صوحان يوم الجمل، فَقَالَ له أصحابه: هنيئا لك يا أبا سليمان الجنة. فَقَالَ. وما يدريكم؟
غزونا القوم في ديارهم وقتلنا إمامهم، فيا ليتنا إذ ظلمنا صبرنا، ولقد مضى عثمان على الطريق.
وروى العوام بن حوشب، عن أبي معشر، عن الحي الذي كان فيهم زيد ابن صوحان قَالَ: لما أوصى قالوا له: أبشر يا أبا عائشة. روى عنه من وجوه أنه قَالَ: شدوا على ثيابي، ولا تنزعوا عنى ثوبا، ولا تغسلوا دما، فإني رجل مخاصم. أو قَالَ: فإنا قوم مخاصمون.
وكانت بيده راية عبد القيس يوم الجمل. وَرَوَى قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ أَبِي قُدَامَةَ، قَالَ: كُنْتُ فِي جَيْشٍ عَلَيْهِمْ سَلْمَانُ، فَكَانَ زيد بن صوحان يؤمّهم بأمره بدون سلمان.
وروى من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مسيرة له، فبينما هو يسير إذ هوم فجعل يقول: زيد وما زيد! جندب وما جندب! فسئل عن ذَلِكَ فَقَالَ:
رجلان من أمتي، أما أحدهما فتسبقه يده، أو قَالَ: بعض جسده إلى الجنة، ثم يتبعه سائر جسده. وأما الآخر فيضرب ضربة يفرق بها بين الحق والباطل. قَالَ أبو عمر: أصيبت يد زيد يوم جلولاء، ثم قتل يوم الجمل مع على ابن أبى طالب.
وجندب قاتل الساحر قد ذكرناه في بابه من هذا الكتاب.
وروى إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، قَالَ: أنبئت أن عائشة أم المؤمنين سمعت كلام خالد يوم الجمل، فقالت: خالد بن الواشمة؟
قَالَ: نعم. قالت: أنشدك الله أصادقي أنت إن سألتك؟ قلت: نعم، وما يمنعني أن أفعل؟ قالت: ما فعل طلحة؟ قلت: قتل، قالت: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 ثم قالت: ما فعل الزبير؟ قلت: قتل. قالت: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 قلت: بل نحن للَّه ونحن إليه راجعون ، على زيد وأصحاب زيد. قالت: زيد ابن صوحان؟ قلت: نعم. فقالت: له خيرا. فقلت: والله لا يجمع الله بينهما في الجنة أبدا. قالت: لا تقل، فإن رحمة الله واسعة، وهو على كل شيء قدير.
زيد بن صوحان بن حجر
ابن الحارث بن الهجرس بن صبرة بن حدرجان بن عساس بن ليث ينتهي نسبه إلى ربيعة بن نزار. أبو عائشة، ويقال: أبو سلمان ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو سليمان العبدي ويقال: أبو مسلم. أخو صعصعة بن صوحان.
له وفادة على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان من جملة من سيره عثمان بن عفان من أهل الكوفة إلى دمشق.
حدث زيد بن صوحان عن أبي كعب أنه قال:
وجدت في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مئة دينار، فذكرت له أمرها، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عرفها حولاً، قال: فقلت له: أرأيت إن لم أجد صاحبها؟ قال: استنفقها، قال: ورد علي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تعريفها ثلاث مرات كلما راجعته فيها.
وعن زيد بن صوحان قال: قال عمر: ما يمنعكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس ألا تعربوا عليه؟ قالوا: نتقي لسانه. قال: ذلك أدنى ألا تكونوا شهداء.
وعن حميد بن هلالٍ قال: قام زيد بن صوحان إلى عثمان بن عفان فقال: يا أمير المؤمنين، ملت فمالت أمتك،
اعتدل تعتدل أمتك، ثلاث مرات. قال: أسامعٌ مطيع أنت؟ قال: نعم. قال: الحق بالشام. قال: فخرج من فوره ذلك، فطلق امرأته، ثم لحق بحيث أمره، وكانوا يرون الطاعة عليهم حقاً.
وذكر البلاذري في كتاب جمل أنسب الأشراف قال: قالوا: ولما خرج المسيرون من قراء أهل الكوفة فاجتمعوا بدمشق نزلوا مع عمرو بن زرارة، فبرهم معاوية، وأكرمهم، ثم إنه جرى بينه وبين الأشتر قولٌ حتى تغالطا فيه، فحبسه معاوية، فقام عمرو بن زرارة فقال: لئن حبسته لتجدن من يمنعه. فأمر بحبس عمرو، فتكلم سائر القوم فقالوا: أحسن جوارنا يا معاوية، ثم سكتوا، فقال لهم معاوية: ما لكم لا تكلمون؟ فقال زيد بن صوحان: وما نصنع بالكلام؟ لئن كنا ظالمين فنحن نتوب إلى الله، وإن كنا مظلومين فإنا نسأل الله العافية. فقال معاوية: يا أبا عائشة، أنت رجل صدقٍ، وأذن له في اللحاق بالكوفة، وكتب إلى سعيد بن العاص: أما بعد. فإني قد أذنت لزيد بن صوحان في المصير إلى منزله بالكوفة لما رأيت من فضله وقصده وحسن هديه، فأحسن جواره، وكف الأذى عنه، وأقبل إليه بوجهك وودك، فإنه قد أعطاني موثقاً ألا ترى منه مكروهاً. فشكر زيدٌ معاوية، وسأله عند وداعه إخراج من حبس ففعل.
قال غيلان بن جرير: كان زيد بن صوحان مؤاخياً لسلمان، فاكتنى من حبه أبا سلمان.
قتل زيد بن صوحان يوم الجمل مع علي بن أبي طالب سنة ست وثلاثين.
وعن الحارث الأعور قال: كان ممن ذكره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد الخير، وهو زيد بن صوحان. قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سيكون بعدي رجل من التابعين وهو زيد الخير يسبقه بعض أعضائه إلى الجنة بعشرين سنة، فقطعت يده اليسرى بنهاوند، ثم عاش بعد ذلك عشرين سنة، ثم قتل،
يوم الجمل بين يدي علي، وقال قبل أن يقتل: إني رأيت يداً خرجت من السماء تشير إلي أن تعال، وأنا لاحق بها يا أمير المؤمنين، فادفنوني في دمي: فإني مخاصمٌ القوم.
وحدث جماعة من الرواة قال: كانوا في مسير مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسوق بهم، فقال: زيد وما زيد! جندب، وما جندب! ثم قال: رجلان من أمتي أحدهما يسبقه بعض جسده إلى الجنة ثم يتبعه سائر جسده إلى الجنة، وأما الآخر فيفرق بين الحق والباطل، وجندب هو الذي قتل الساحر بالكوفة.
حدث هشام بن محمد: أن زيد بن صوحان أصيبت يده في بعض فتوح العراق، فتبسم والدماء تشخب، فقال له رجل من قومه: ما هذا موضع تبسم! فقال زيد: ألم حل يفوته ثواب الله عز وجل عليه، أفأردفه بألم الجزع الذي لا جدوى فيه، ولا دريكة لفائت معه؟ وفي تبسمي تعزية لبعض المؤتسين من المؤمنين. فقال الرجل: أنت أعلم بالله مني.
وعن إبراهيم قال: كان زيد بن صوحان يحدث، فقال أعرابي: إن حدثتك ليعجبني، وإن يدك لتريبني، فقال: أو ما تراها الشمال؟. فقال: والله ما أدري، اليمين يقطعون أم الشمال. فقال زيد: صدق الله: " الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ". فذكر الأعمش أن يد زيدٍ قطعت يوم نهاوند.
وعن الحكم بن عتيبة: أن زيد بن صوحان كان عند عمر، فقام إليه عمر، وهو يريد أن يركب دابته، فأمسك بركابه، ثم قال لمن حضره: هكذا فاصنعوا بزيد وإخوته وأصحابه.
قال حميد بن هلال:
كان زيد بن صوحان يقوم الليل، ويصوم النهار، وإذا كانت ليلة الجمعة أحياها، وإن كان ليكرهها إذا جاءت مما يلقى فيها. فبلغ سلمان ما كان يصنع، فأتاه فقال: أين زيد؟ قالت امرأته: ليس ههنا. قال: فإني أقسم عليك لما صنعت طعاماً ولبست محاسن ثيابك. ثم بعث إلى زيد، قال: فجاء زيد، فقرب الطعام، فقال سلمان: كل يا زييد. قال: إني صائم. قال: كل يا زييد لا تنقص أو تبغض دينك، إن شر السير الحقحقة، إن لعينك عليك حقاً، وإن لبدنك عليك حقاً، وإن لزوجتك عليك حقاً، كل يا زييد. فأكل، وترك ما كان يصنع.
عمد زيد بن صوحان إلى رجال من أهل البصرة قد تفرغوا للعبادة، وليست لهم تجارات ولا غلات، فبنى لهم داراً ثم أسكنهم إياها، ثم أوصى بهم من أهله من يقوم في حاجتهم، ويتعاهدهم في مطعمهم ومشربهم وما يصلحهم، فبينما هم كذلك إذ جاءهم ذات يوم، وكان يتعاهدهم بالزيارة، فلم يجدهم، فسأل عنهم، فقيل: دعاهم ابن عامرٍ بن كريز، وكان على البصرة في عهد عثمان، فخرج مسرعاً حتى وجدهم بسدة ابن عامر، فدخل على ابن عامر قبلهم فقال: ما تريد بهؤلاء القوم؟ فقال: أريد أن أقربهم فيشفعوا فأشفعهم، ويسألوا فأعطيهم، ويشيروا علي فأقبل منهم. قال: كلا، والله لا أدعك تهيل عليهم من دنياك، وتشركهم في أمرك، وتذيقهم حلاوة ما أنت فيه حتى إذا انقطعت شرتك منهم تركتهم، فطاحوا بينك وبين ربهم.
قال سلمان لزيد بن صوحان: كيف أنت يا زيد إذا اقتتل القرآن والسلطان؟ قال: أكون مع القرآن. قال: نعم الزيد أنت إذاً، قال أبو قرة: إذاً أجلس في بيتي. فقال: لو كنت في أقصى تسعة أبيات لكنت مع أحد الفريقين. وكان أبو قرة يكره القتال.
حدث جابر عن محمد بن علي ومحمد بن المطلب وزيد بن حسن قالوا: شهد مع علي بن أبي طالب في حربه من أصحاب بدر سبعون رجلاً، وشهد معه ممن بايع تحت الشجرة سبع مئة رجل فيما لا يحصى من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد معه من التابعين ثلاثة بلغنا أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهد لهم بالجنة: أويس القرني، وزيد بن صوحان، وجندب الخير: فأما أويس القرني فقتل في الرجالة يوم صفين، وأما زيد بن صوحان فقتل يوم الجمل.
قال أبو معشر: حدثني الحي الذين مات فيهم زيد بن صوحان حين رفع من المعركة وهو جريح قال: قلنا له: أبشر أبا عائشة. فقال: أتقولون قادرين، أتيناهم في ديارهم وقتلنا أميرهم، وعثمان على الطريق! فيا ليتنا إذا ابتلينا صبرنا، ثم قال: شدوا علي إزاري، فإني مخاصم، وأفضوا بخدي إلى الأرض، وأسرعوا الانكفات عني.
وكان سيحان بن صوحان قتل يوم الجمل أيضاً، ودفن هو وزيد بن صوحان في قبر، وكان زيد بن صوحان أوصى أن يدفن معه مصفحه.
قال خالد بن الواشمة: لما فرغ من أصحاب الجمل نزلت عائشة منزلها دخلت عليها، فقلت: السلام عليك يا أم المؤمنين، فقالت: من هذا؟ فقلت: خالد بن الواشمة. قالت: ما فعل طلحة؟ قلت: أصيب. قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، يرحمه الله. قالت: ما فعل الزبير؟ قلت: أصيب. قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، يرحمه الله. قلت: بل نحن لله وإنا إليه راجعون في زيد بن صوحان. قالت: وأصيب؟ قلت: نعم. قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون يرحمه الله. فقلت: يا أم المؤمنين، ذكرت طلحة فقلت: يرحمه الله، وذكرت الزبير فقلت: يرحمه الله، وذكرت زيداً فقلت: يرحمه الله، وقد قتل بعضهم بعضاً! والله لا يجمعهم الله في الجنة أبداً. قالت: أو لا تدري أن رحمة الله واسعة وهو على كل شيء قدير. قال: فكانت أفضل مني.
ابن الحارث بن الهجرس بن صبرة بن حدرجان بن عساس بن ليث ينتهي نسبه إلى ربيعة بن نزار. أبو عائشة، ويقال: أبو سلمان ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو سليمان العبدي ويقال: أبو مسلم. أخو صعصعة بن صوحان.
له وفادة على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان من جملة من سيره عثمان بن عفان من أهل الكوفة إلى دمشق.
حدث زيد بن صوحان عن أبي كعب أنه قال:
وجدت في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مئة دينار، فذكرت له أمرها، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عرفها حولاً، قال: فقلت له: أرأيت إن لم أجد صاحبها؟ قال: استنفقها، قال: ورد علي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تعريفها ثلاث مرات كلما راجعته فيها.
وعن زيد بن صوحان قال: قال عمر: ما يمنعكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس ألا تعربوا عليه؟ قالوا: نتقي لسانه. قال: ذلك أدنى ألا تكونوا شهداء.
وعن حميد بن هلالٍ قال: قام زيد بن صوحان إلى عثمان بن عفان فقال: يا أمير المؤمنين، ملت فمالت أمتك،
اعتدل تعتدل أمتك، ثلاث مرات. قال: أسامعٌ مطيع أنت؟ قال: نعم. قال: الحق بالشام. قال: فخرج من فوره ذلك، فطلق امرأته، ثم لحق بحيث أمره، وكانوا يرون الطاعة عليهم حقاً.
وذكر البلاذري في كتاب جمل أنسب الأشراف قال: قالوا: ولما خرج المسيرون من قراء أهل الكوفة فاجتمعوا بدمشق نزلوا مع عمرو بن زرارة، فبرهم معاوية، وأكرمهم، ثم إنه جرى بينه وبين الأشتر قولٌ حتى تغالطا فيه، فحبسه معاوية، فقام عمرو بن زرارة فقال: لئن حبسته لتجدن من يمنعه. فأمر بحبس عمرو، فتكلم سائر القوم فقالوا: أحسن جوارنا يا معاوية، ثم سكتوا، فقال لهم معاوية: ما لكم لا تكلمون؟ فقال زيد بن صوحان: وما نصنع بالكلام؟ لئن كنا ظالمين فنحن نتوب إلى الله، وإن كنا مظلومين فإنا نسأل الله العافية. فقال معاوية: يا أبا عائشة، أنت رجل صدقٍ، وأذن له في اللحاق بالكوفة، وكتب إلى سعيد بن العاص: أما بعد. فإني قد أذنت لزيد بن صوحان في المصير إلى منزله بالكوفة لما رأيت من فضله وقصده وحسن هديه، فأحسن جواره، وكف الأذى عنه، وأقبل إليه بوجهك وودك، فإنه قد أعطاني موثقاً ألا ترى منه مكروهاً. فشكر زيدٌ معاوية، وسأله عند وداعه إخراج من حبس ففعل.
قال غيلان بن جرير: كان زيد بن صوحان مؤاخياً لسلمان، فاكتنى من حبه أبا سلمان.
قتل زيد بن صوحان يوم الجمل مع علي بن أبي طالب سنة ست وثلاثين.
وعن الحارث الأعور قال: كان ممن ذكره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد الخير، وهو زيد بن صوحان. قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سيكون بعدي رجل من التابعين وهو زيد الخير يسبقه بعض أعضائه إلى الجنة بعشرين سنة، فقطعت يده اليسرى بنهاوند، ثم عاش بعد ذلك عشرين سنة، ثم قتل،
يوم الجمل بين يدي علي، وقال قبل أن يقتل: إني رأيت يداً خرجت من السماء تشير إلي أن تعال، وأنا لاحق بها يا أمير المؤمنين، فادفنوني في دمي: فإني مخاصمٌ القوم.
وحدث جماعة من الرواة قال: كانوا في مسير مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسوق بهم، فقال: زيد وما زيد! جندب، وما جندب! ثم قال: رجلان من أمتي أحدهما يسبقه بعض جسده إلى الجنة ثم يتبعه سائر جسده إلى الجنة، وأما الآخر فيفرق بين الحق والباطل، وجندب هو الذي قتل الساحر بالكوفة.
حدث هشام بن محمد: أن زيد بن صوحان أصيبت يده في بعض فتوح العراق، فتبسم والدماء تشخب، فقال له رجل من قومه: ما هذا موضع تبسم! فقال زيد: ألم حل يفوته ثواب الله عز وجل عليه، أفأردفه بألم الجزع الذي لا جدوى فيه، ولا دريكة لفائت معه؟ وفي تبسمي تعزية لبعض المؤتسين من المؤمنين. فقال الرجل: أنت أعلم بالله مني.
وعن إبراهيم قال: كان زيد بن صوحان يحدث، فقال أعرابي: إن حدثتك ليعجبني، وإن يدك لتريبني، فقال: أو ما تراها الشمال؟. فقال: والله ما أدري، اليمين يقطعون أم الشمال. فقال زيد: صدق الله: " الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ". فذكر الأعمش أن يد زيدٍ قطعت يوم نهاوند.
وعن الحكم بن عتيبة: أن زيد بن صوحان كان عند عمر، فقام إليه عمر، وهو يريد أن يركب دابته، فأمسك بركابه، ثم قال لمن حضره: هكذا فاصنعوا بزيد وإخوته وأصحابه.
قال حميد بن هلال:
كان زيد بن صوحان يقوم الليل، ويصوم النهار، وإذا كانت ليلة الجمعة أحياها، وإن كان ليكرهها إذا جاءت مما يلقى فيها. فبلغ سلمان ما كان يصنع، فأتاه فقال: أين زيد؟ قالت امرأته: ليس ههنا. قال: فإني أقسم عليك لما صنعت طعاماً ولبست محاسن ثيابك. ثم بعث إلى زيد، قال: فجاء زيد، فقرب الطعام، فقال سلمان: كل يا زييد. قال: إني صائم. قال: كل يا زييد لا تنقص أو تبغض دينك، إن شر السير الحقحقة، إن لعينك عليك حقاً، وإن لبدنك عليك حقاً، وإن لزوجتك عليك حقاً، كل يا زييد. فأكل، وترك ما كان يصنع.
عمد زيد بن صوحان إلى رجال من أهل البصرة قد تفرغوا للعبادة، وليست لهم تجارات ولا غلات، فبنى لهم داراً ثم أسكنهم إياها، ثم أوصى بهم من أهله من يقوم في حاجتهم، ويتعاهدهم في مطعمهم ومشربهم وما يصلحهم، فبينما هم كذلك إذ جاءهم ذات يوم، وكان يتعاهدهم بالزيارة، فلم يجدهم، فسأل عنهم، فقيل: دعاهم ابن عامرٍ بن كريز، وكان على البصرة في عهد عثمان، فخرج مسرعاً حتى وجدهم بسدة ابن عامر، فدخل على ابن عامر قبلهم فقال: ما تريد بهؤلاء القوم؟ فقال: أريد أن أقربهم فيشفعوا فأشفعهم، ويسألوا فأعطيهم، ويشيروا علي فأقبل منهم. قال: كلا، والله لا أدعك تهيل عليهم من دنياك، وتشركهم في أمرك، وتذيقهم حلاوة ما أنت فيه حتى إذا انقطعت شرتك منهم تركتهم، فطاحوا بينك وبين ربهم.
قال سلمان لزيد بن صوحان: كيف أنت يا زيد إذا اقتتل القرآن والسلطان؟ قال: أكون مع القرآن. قال: نعم الزيد أنت إذاً، قال أبو قرة: إذاً أجلس في بيتي. فقال: لو كنت في أقصى تسعة أبيات لكنت مع أحد الفريقين. وكان أبو قرة يكره القتال.
حدث جابر عن محمد بن علي ومحمد بن المطلب وزيد بن حسن قالوا: شهد مع علي بن أبي طالب في حربه من أصحاب بدر سبعون رجلاً، وشهد معه ممن بايع تحت الشجرة سبع مئة رجل فيما لا يحصى من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد معه من التابعين ثلاثة بلغنا أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهد لهم بالجنة: أويس القرني، وزيد بن صوحان، وجندب الخير: فأما أويس القرني فقتل في الرجالة يوم صفين، وأما زيد بن صوحان فقتل يوم الجمل.
قال أبو معشر: حدثني الحي الذين مات فيهم زيد بن صوحان حين رفع من المعركة وهو جريح قال: قلنا له: أبشر أبا عائشة. فقال: أتقولون قادرين، أتيناهم في ديارهم وقتلنا أميرهم، وعثمان على الطريق! فيا ليتنا إذا ابتلينا صبرنا، ثم قال: شدوا علي إزاري، فإني مخاصم، وأفضوا بخدي إلى الأرض، وأسرعوا الانكفات عني.
وكان سيحان بن صوحان قتل يوم الجمل أيضاً، ودفن هو وزيد بن صوحان في قبر، وكان زيد بن صوحان أوصى أن يدفن معه مصفحه.
قال خالد بن الواشمة: لما فرغ من أصحاب الجمل نزلت عائشة منزلها دخلت عليها، فقلت: السلام عليك يا أم المؤمنين، فقالت: من هذا؟ فقلت: خالد بن الواشمة. قالت: ما فعل طلحة؟ قلت: أصيب. قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، يرحمه الله. قالت: ما فعل الزبير؟ قلت: أصيب. قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، يرحمه الله. قلت: بل نحن لله وإنا إليه راجعون في زيد بن صوحان. قالت: وأصيب؟ قلت: نعم. قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون يرحمه الله. فقلت: يا أم المؤمنين، ذكرت طلحة فقلت: يرحمه الله، وذكرت الزبير فقلت: يرحمه الله، وذكرت زيداً فقلت: يرحمه الله، وقد قتل بعضهم بعضاً! والله لا يجمعهم الله في الجنة أبداً. قالت: أو لا تدري أن رحمة الله واسعة وهو على كل شيء قدير. قال: فكانت أفضل مني.