حاطب بن أبي بلتعة اللخمي
من ولد لخم بن عدي في قول بعضهم.
يكنى أبا عَبْد الله وقيل يكنى أبا مُحَمَّد، واسم أبي بلتعة عمرو [بن عمير بن سلمة بن عمرو ] ، وقيل حاطب بن عمرو بن راشد بن معاذ اللخمي، حليف قريش، ويقال: إنه من مذحج، وقيل: هو حليف الزبير بن العوام.
وقيل: كان عبدا لعبيد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي، فكاتبه فأدى كتابته يوم الفتح، وهو من أهل اليمن.
والأكثر أنه حليف لبني أسد بن عَبْد العزى.
شهد بدرًا، والحديبية، ومات سنة ثلاثين بالمدينة، وهو ابن خمس وستين سنة، وصلى عليه عثمان، وقد شهد الله لحاطب بن أبي بلتعة بالإيمان في قوله : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ 60: 1. وذلك إن حاطبًا كتب إلى أهل مكة قبل حركة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إليها عام الفتح يحبرهم ببعض ما يريد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بهم من
الغزو إليهم، وبعث بكتابه مع امرأة، فنزل جبريل عليه السلام بذلك على النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ. فبعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في طلب المرأة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وآخر معه. قيل المقداد بن الأسود، وقيل الزبير بن العوام، فأدركا المرأة بروضة خاخ ، فأخذا الكتاب، ووقف رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ حاطبًا، فاعتذر إليه، وقال:
ما فعلته رغبة عن ديني، فنزلت فيه آيات من صدر سورة «الممتحنة» ، وأراد عمر بن الخطاب قتله، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إنه شهد بدرًا ... الحديث.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قال: حدثنا الحارث ابن أَبِي أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالا:
أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَشْتَكِي حَاطِبًا، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: كَذَبْتَ، لا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا، وَالْحُدَيْبِيَةَ.
وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. وروى يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: جاء غلام
لحاطب بن أبي بلتعة إلى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فقال: لا يدخل حاطب الجنة، وكان شديدًا على الرقيق، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية. قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: ما ذكر يحيى بن أبي كثير في حديثه هذا من أن حاطبًا كان شديدًا على الرقيق، يشهد له ما في الموطأ من قول عمر لحاطب حين انتحر رقيقه ناقة لرجل من مزينة: أراك تجيعهم، وأضعف عليه القيمة على جهة الأدب والردع.
وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بعث حاطب بن أبي بلتعة في سنة ست من الهجرة إلى المقوقس صاحب مصر والإسكندرية، فأتاه من عنده بهدية، منها مارية القبطية، وسيرين أختها، فاتخذ رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مارية لنفسه، فولدت له إبراهيم ابنه على ما ذكرنا من ذلك في صدر هذا الكتاب، ووهب سيرين لحسان بن ثابت، فولد له عَبْد الرحمن.
وبعث أبو بكر الصديق حاطب بن أبى بلتعة أيضا إلى المقوقس بصر، فصالحهم، ولم يزالوا كذلك حتى دخلها عمرو بن العاص فنقض الصلح [وقاتلهم] وافتتح مصر، وذلك سنة عشرين في خلافة عمر.
وروى حاطب بن أبي بلتعة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال: من رآني
بعد موتي فكأنما رآني في حياتي، ومن مات في أحد الحرمين بعث في الآمنين يوم القيامة. لا أعلم له غير هذا الحديث.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، قَالَ:
بَعَثَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الْمُقَوْقِسِ مَلِكِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَجِئْتُهُ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فأنزلنى في منزله، وأقمت عنده ليالي، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ وَقَدْ جَمَعَ بَطَارِقَتَهُ فَقَالَ: إِنِّي سَأُكَلِّمُكَ بِكَلامٍ أُحِبُّ أَنْ تَفْهَمَهُ مِنِّي. قَالَ قُلْتُ: هَلُمَّ. قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَاحِبِكَ، أَلَيْسَ هُوَ نَبِيًّا؟
قُلْتُ: بَلَى، هُوَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَمَا لَهُ حَيْثُ كَانَ هَكَذَا لَمْ يَدْعُ عَلَى قَوْمِهِ حَيْثُ أَخْرَجُوهُ مِنْ بَلْدَتِهِ إِلَى غَيْرِهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: فَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ أَتَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَمَا لَهُ [حَيْثُ] أَخَذَهُ قَوْمُهُ فَأَرَادُوا صَلْبَهُ أَلا يَكُونَ دَعَا عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ حَتَّى رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا! قَالَ: أَحْسَنْتَ، أَنْتَ حَكِيمٌ جَاءَ مِنْ عِنْدِ حَكِيمٍ، هَذِهِ هَدَايَا أَبْعَثُ بِهَا مَعَكَ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَأَرْسِلْ معك من يبلعك إِلَى مَأْمَنِكَ. قَالَ: فَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم ثلاث جوار، منهنّ أم إِبْرَاهِيم بْن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأُخْرَى وَهَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لأَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيِّ، وَأُخْرَى وَهَبَهَا لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَرْسَلَ بِثِيَابٍ مع طرف من طرفهم.
من ولد لخم بن عدي في قول بعضهم.
يكنى أبا عَبْد الله وقيل يكنى أبا مُحَمَّد، واسم أبي بلتعة عمرو [بن عمير بن سلمة بن عمرو ] ، وقيل حاطب بن عمرو بن راشد بن معاذ اللخمي، حليف قريش، ويقال: إنه من مذحج، وقيل: هو حليف الزبير بن العوام.
وقيل: كان عبدا لعبيد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي، فكاتبه فأدى كتابته يوم الفتح، وهو من أهل اليمن.
والأكثر أنه حليف لبني أسد بن عَبْد العزى.
شهد بدرًا، والحديبية، ومات سنة ثلاثين بالمدينة، وهو ابن خمس وستين سنة، وصلى عليه عثمان، وقد شهد الله لحاطب بن أبي بلتعة بالإيمان في قوله : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ 60: 1. وذلك إن حاطبًا كتب إلى أهل مكة قبل حركة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إليها عام الفتح يحبرهم ببعض ما يريد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بهم من
الغزو إليهم، وبعث بكتابه مع امرأة، فنزل جبريل عليه السلام بذلك على النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ. فبعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في طلب المرأة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وآخر معه. قيل المقداد بن الأسود، وقيل الزبير بن العوام، فأدركا المرأة بروضة خاخ ، فأخذا الكتاب، ووقف رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ حاطبًا، فاعتذر إليه، وقال:
ما فعلته رغبة عن ديني، فنزلت فيه آيات من صدر سورة «الممتحنة» ، وأراد عمر بن الخطاب قتله، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إنه شهد بدرًا ... الحديث.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قال: حدثنا الحارث ابن أَبِي أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالا:
أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَشْتَكِي حَاطِبًا، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: كَذَبْتَ، لا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا، وَالْحُدَيْبِيَةَ.
وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. وروى يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: جاء غلام
لحاطب بن أبي بلتعة إلى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فقال: لا يدخل حاطب الجنة، وكان شديدًا على الرقيق، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية. قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: ما ذكر يحيى بن أبي كثير في حديثه هذا من أن حاطبًا كان شديدًا على الرقيق، يشهد له ما في الموطأ من قول عمر لحاطب حين انتحر رقيقه ناقة لرجل من مزينة: أراك تجيعهم، وأضعف عليه القيمة على جهة الأدب والردع.
وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بعث حاطب بن أبي بلتعة في سنة ست من الهجرة إلى المقوقس صاحب مصر والإسكندرية، فأتاه من عنده بهدية، منها مارية القبطية، وسيرين أختها، فاتخذ رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مارية لنفسه، فولدت له إبراهيم ابنه على ما ذكرنا من ذلك في صدر هذا الكتاب، ووهب سيرين لحسان بن ثابت، فولد له عَبْد الرحمن.
وبعث أبو بكر الصديق حاطب بن أبى بلتعة أيضا إلى المقوقس بصر، فصالحهم، ولم يزالوا كذلك حتى دخلها عمرو بن العاص فنقض الصلح [وقاتلهم] وافتتح مصر، وذلك سنة عشرين في خلافة عمر.
وروى حاطب بن أبي بلتعة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال: من رآني
بعد موتي فكأنما رآني في حياتي، ومن مات في أحد الحرمين بعث في الآمنين يوم القيامة. لا أعلم له غير هذا الحديث.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، قَالَ:
بَعَثَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الْمُقَوْقِسِ مَلِكِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَجِئْتُهُ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فأنزلنى في منزله، وأقمت عنده ليالي، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ وَقَدْ جَمَعَ بَطَارِقَتَهُ فَقَالَ: إِنِّي سَأُكَلِّمُكَ بِكَلامٍ أُحِبُّ أَنْ تَفْهَمَهُ مِنِّي. قَالَ قُلْتُ: هَلُمَّ. قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَاحِبِكَ، أَلَيْسَ هُوَ نَبِيًّا؟
قُلْتُ: بَلَى، هُوَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَمَا لَهُ حَيْثُ كَانَ هَكَذَا لَمْ يَدْعُ عَلَى قَوْمِهِ حَيْثُ أَخْرَجُوهُ مِنْ بَلْدَتِهِ إِلَى غَيْرِهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: فَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ أَتَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَمَا لَهُ [حَيْثُ] أَخَذَهُ قَوْمُهُ فَأَرَادُوا صَلْبَهُ أَلا يَكُونَ دَعَا عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ حَتَّى رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا! قَالَ: أَحْسَنْتَ، أَنْتَ حَكِيمٌ جَاءَ مِنْ عِنْدِ حَكِيمٍ، هَذِهِ هَدَايَا أَبْعَثُ بِهَا مَعَكَ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَأَرْسِلْ معك من يبلعك إِلَى مَأْمَنِكَ. قَالَ: فَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم ثلاث جوار، منهنّ أم إِبْرَاهِيم بْن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأُخْرَى وَهَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لأَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيِّ، وَأُخْرَى وَهَبَهَا لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَرْسَلَ بِثِيَابٍ مع طرف من طرفهم.