سعد بن عبادة بن دليم
ابن حارثة بن أبي حزيمة ويقال: حارثة بن حرام بن حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج ابن ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة أبو ثابت ويقال: أبو قيس الخزرجي، سيد الخزرج.
شهد العقبة، وروى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث. سكن دمشق، ومات بحوران، وقيل: إن قبره بالمنيحة من إقليم بيت الآبار.
حدث سعد بن عبادة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
ماتت أمي وعليه نذرٌ، فسألت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمرني أن أقضيه عنها.
وعن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن هذا الحي من الأنصار مجنة، حبهم إيمان، وبغضهم نفاق ".
وسعد بن عبادة نقيبٌ شهد بدراً. وقيل: لم يشهد بدراً. مات بالشام في خلافة أبي بكر رضي الله عنه. وقيل: في أول خلافة عمر رضي الله عنه.
قال محمد بن سعد: في الطبقة الأولى ممن لم يشهد بدراً: سعد بن عباد بن دليم أحد بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، ويكنى أبا ثابت. كان يتهيأ للخروج إلى بدر فنهش، فأقام، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لئن كان سعدٌ لم يشهدها لقد كان حريصاً عليها ". وفي رواية: لقد كان فيها راغباً.
وكان سعد بن عبادة لما أخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجهاز كان يأتي دور الأنصار، يحضهم على الخروج، فنهش ببعض تلك الأماكن فمنعه ذلك من الخروج، فضرب له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسهمه وأجره.
وكان عقيباً نقيباً سيداً جواداً.
وكان سعد في الجاهلية يكتب بالعربية، وكانت الكتابة في العرب قليلاً، وكان يحسن العوم والرمي، وكان من أحسن ذلك سمي الكامل.
وكان سعد بن عبادة وعدة آباءٍ له قبله في الجاهلية ينادي على أطمهم: من أحب الشحم واللحم فليأت أطم دليم بن حارثة.
وكان سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو وأبو دجانة لما أسلموا يكسرون أصنام بني ساعدة.
وسعدٌ شهد العقبة مع السبعين من الأنصار، وكان أحد النقباء الاثني عشر، ولم يشهد بدراً.
وروى بعضهم: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرب له بسهمه وأجره، ولا يثبت ذلك.
وشهد أحداً والخندق والمشاهد كلها مع سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكان سعد لما قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبعث إليه في كل يوم جفنة فيها ثريد بلحم، أو ثريد بلبن، أو بخل وزيت، أو بسمنٍ، وأكثر ذلك اللحم، فكانت جفنة سعد تدور مع
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيوت أزواجه. وكانت أمه عمرة بنت مسعود من المبايعات فتوفيت بالمدينة ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غائبٌ في غزوة دومة الجندل، وكانت في ربيع الأول سنة خمس من الهجرة، وكان سعد بن عبادة معه في تلك الغزوة، فلما قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة أتى قبرها فصلى عليها.
ولما أراد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يهاجر سمع صوتاً بمكة يقول: من الطويل
إن يسلم السعدان يصبح محمدٌ ... من الأمن لا يخشى خلاف المخالف
فقالت قريش: لو علمنا من السعدان لفعلنا وفعلنا. قال: فسمعوا من القابلة وهو يقول:
فيا سعد سعد الأوس كن أنت مانعاً ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا ... على الله في الفردوس زلفة عارف
زاد في رواية أخرى:
فإن ثواب الله للطالب الهدى ... جنانٌ من الفردوس ذات رفارف
قال: سعد الأوس: سعدٌ بن معاذ، وسعد الخزرجين سعد بن عبادة.
الغطارف: الكرام.
قال ابن إسحاق: لما تفرق الناس عن بيعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة العقبة ونفروا وكان الغد فتشت قريش عن الخبر والبيعة، فوجدوه حقاً، فانطلقوا في طلب القوم، فأدركوا سعد بن عبادة وفاتهم منذر بن عمرو، فشدوا يدي سعد إلى عنقه بنسعةٍ، وكان ذا شعر كثير، فطفقوا يجبذونه بجمته، ويصكونه ويلكزونه. قال سعد بن عبادة: فوالله! إني لفي أيديهم
يسحبونني إذ طلع نفرٌ من قريش فيهم فتًى أبيض حلو شعشاع، وضيء، فقلت: إن يك عند أحدٍ من القوم خيرٌ فعند هذا، وهو سهيل بن عمرو، فلما دنا مني رفع يده فلكمني لكمةً شديدة، فقلت: والله ما في القوم خيرٌ بعد هذا، فوالله إني لفي أيديهم إذ غمز رجل منهم فخذي فقال: هل بينك وبين أحد من قريش عهدٌ؟ فقلت: نعم، لا أبا لك، اهتف بالرجلين. ففعلت، فذهب إليهما فقال: إن هذا الرجل الذي في أيدي نفر من قريش يعبثون به يهتف بكما، يزعم أنه قد كان بينه وبينكم عقد وجوار. فقالا: من هو؟ فقال: سعد بن عبادة. فقالا: صدق والله، إن كان ليفعل. ثم جاءا إلي حتى أطلقاني من أيديهم، ثم خليا سبيلي، فانطلقت.
فكان أول شعرٍ قيل في الإسلام شيءٌ قاله ضرار بن الخطاب بن مرداس الفهري في ذلك: من الطويل
تداركت سعداً عنوةً فأسرته ... وكان شفاءً لو تداركت منذرا
فأجابه حسان بن ثابت فقال من أبيات: من الطويل
لست إلى سعدٍ ولا المرء منذرٍ ... إذا ما مطايا القوم أصبحن ضمرا
ولولا أبو وهبٍ لمرت قصائدٌ ... على شرف الخرقاء يلمعن حسرا
قال محمد بن عبد الوهاب: قلت لعلي بن عثام: لم سموا نقباء؟ قال: النقيب الضمين، ضمنوا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إسلام قومهم، فسموا بذلك نقباء.
وعن ابن عباس قال: كان عدة أهل بدرٍ ثلاث مئة وثلاثة عشر رجلاً، كان المهاجرون سبعة وسبعين رجلاً، والأنصار مئتين وستةً وثلاثين رجلاً، وكان صاحب راية المهاجرين علي بن أبي طالب، وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة.
وعن ابن عباس قال: كانت راية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المواطن كلها: راية المهاجرين مع علي بن أبي طالب، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة.
ولما كان يوم فتح مكة دفعت راية قضاعة إلى أبي عبيدة بن الجراح، ودفعت راية بني سليم إلى خالد بن الوليد، وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة، وراية المهاجرين مع علي بن أبي طالب.
وفي حديث آخر بمعناه: وكان إذا استحر القتال كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يكون تحت راية الأنصار.
وعن أنس قال: لما بلغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إقفال أبي سفيان قال: أشيروا علي. فقام أبو بكر فقال له: اجلس. ثم قام عمر فقال له: اجلس. فقام سعد بن عبادة فقال: إيانا تريد يا رسول الله. فلو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادنا إلى برك الغماد لفعلنا ذلك.
وعن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قتل قتيلاً فله كذا، ومن أسر أسيراً فله كذا ". وكانوا قتلوا سبعين، وأسروا سبعين، فجاء أبو اليسر بن عمرو بأسيرين فقال: يا رسول الله، إنك وعدتنا: من قتل قتيلاً فله كذا، ومن أسر أسيراً فله كذا، فقد جئت بأسيرين. فقام سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله، إنا لم يمنعنا زهادة في الآخرة، ولا جبن عن العدو، ولكنا قمنا هذا المقام خشية أن يقتطعك المشركون، فإنك إن تعط هؤلاء لا يبق لأصحابك شيء. فجعل هؤلاء يقولون، وهؤلاء يقولون، فنزلت: " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ". قال: فسلموا
الغنيمة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ثم نزلت: " واعلموا أنما غنمتم من شيءٍ فأن لله خمسه.. " الآية.
وروي عن عدة طرقٍ عن أنس أو غيره: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استأذن على سعد بن عبادة فقال: السلام عليك ورحمة الله، فقال سعد: وعليك السلام ورحمة الله. ولم يسمع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى سلم ثلاثاً ورد عليه سعد ثلاثاً، ولم يسمعه: فرجع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاتبعه سعد فقال: يا رسول الله، بأبي أنت، ما سلمت تسليمةً إلا وهي بأذني، ولقد رددت عليك، ولم أسمعك، أحببت أن استكثر من سلامك ومن البركة. ثم دخلوا البيت فقرب إليه زينباً، فأكل نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما فرغ قال: أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون.
وفي حديث آخر عن قيس بن سعد بمعناه: فرجع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واتبعه سعد فقال: يا رسول الله، قد كنت أسمع تسليمك، وأرد عليك رداً خفياً، لتكثر علينا من السلام. قال: فانصرف معه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر له سعد بغسل، فوضع فاغتسل، ثم ناوله ملحفة مصبوغةً بزعفران وورسٍ، فاشتمل بها، ثم رفع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يديه وهو يقول: اللهم، اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة. قال: ثم أصاب من الطعام، فلما أراد الانصراف قرب إليه سعد حماراً قد وطأ عليه بقطيفة، فركب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال سعد: يا قيس، اصحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال قيس: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اركب، فأبيت، ثم قال: إما أن تركب وإما أن تنصرف، قال: فانصرفت.
وفي حديث آخر بمعناه عن أم طارق مولاة سعد:
فقال: إنه لم يمنعني أن نأذن لك إلا أنا أردنا أن تزيدنا. قالت: فسمعت صوتاً على الباب يستأذن ولم أر شيئاً، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أنت؟ فقال: أم ملدم. فقال: لا مرحباً بك ولا أهلاً، اذهبي إلى أهل قبا. قالت: نعم. قال: فاذهبي إليهم.
وعن سهل بن سعد: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخطب المرأة ويصدقها، صداقها، ويشرط لها: صحفة سعدٍ تدور معي إذا درت إليك. وكان سعد بن عبادة يرسل إلى نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصفحةٍ كل ليلةٍ، حيث كان جاءته.
وعن يحيى بن أبي كثير قال: كانت لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من سعد بن عبادة جفنة من ثريد كل يوم، تدور معه أينما دار من نسائه. وكان إذا انصرف من صلاة مكتوبةٍ قال: اللهم، ارزقني مالاً أستعين به على خصالي، فإنه لا يصلح الفعال إلا المال.
قال سعيد بن محمد بن أبي زيد: سألت عمارة بن غزية وعمرو بن يحيى عن جفنة سعد بن عبادة فقالا: كانت مرةً بلحمٍ، ومرةً بسمنٍ، ومرةً بلبنٍ، يبعث بها إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلما دار دارت معه الجفنة.
وعن سعد بن عبادة: أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصحفةٍ أو جفنةٍ مملوءةٍ مخاً فقال: يا أبا ثابت ما هذا؟ فقال: والذي بعثك بالحق لقد نحرت أو ذبحت أربعين ذات كبدٍ، فأحببت أن أشبعك من المخ. قال: فأكل، ودعا له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخيرٍ.
قال إبراهيم بن حبيب: سمعت أن الخيزران حدثت بهذا الحديث، فقسمت قسماً من مالها على ولد سعد بن عبادة وقالت: أكافىء به ولد سعد على فعله برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن جابر قال: أمر أبي بحريرة فصنعت، ثم أمرني فأتيت بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فأتيته وهو في منزله: قال: قال لي: ماذا معك يا جابر، ألحمٌ ذا؟ قلت: لا. قال: فأتيت أبي فقال
لي: هل رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: قلت: نعم، قال لي: ماذا معك يا جابر ألحمٌ ذا؟ قال: لعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكون اشتهى اللحم، فأمر بشاة لنا داجن فذبحت، ثم أمر بها فشويت، ثم أمرني فأتيت بها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: ماذا معك يا جابر؟ فأخبرته فقال: جزى الله الأنصار عنا خيراً ولا سيما عبد الله بن عمرو بن حرام وسعد بن عبادة.
روى محمد بن عمر الواقدي عن رجاله قالوا: وأقام سعد بن عبادة يعني في غزوة الغابة في ثلاث مئة من قومه يحرسون المدينة خمس ليالٍ حتى رجع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعث إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأحمال تمر، وبعشر جزائر بذي قرد، وكان في الناس قيس بن سعد على فرس له يقال له الورد. وكان هو الذي قرب الجزر والتمر إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا قيس، بعثك أبوك فارساً، وقوى المجاهدين، وحرس المدينة من العدو، اللهم ارحم سعداً وآل سعد ". ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم المرء سعد بن عبادة. فتكلمت الخزرج فقالت: يا رسول الله، هو نقيبنا، وسيدنا، وابن سيدنا، كانوا يطعمون في المحل ويحملون في الكل، ويقرون الضيف، ويعطون في النائبة، ويحملون عن العشيرة. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خيار الناس في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا في الدين ".
قال الواقدي: وجاء سعد بن عبادة وابنه قيس بن سعد بزاملةٍ تحمل زاداً يؤمان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني يوم ضلت زاملته في حجة الوداع، حتى يجدا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واقفاً عند باب منزله قد أتى الله بزاملته. فقال سعد: يا رسول الله، بلغنا أن زاملتك أضلت مع الغلام وهذه زاملةٌ مكانها. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قد جاء الله بزاملتنا فارجعا بزاملتكما بارك الله
عليكما، أما يكفيك يا أبا ثابت ما تصنع بنا في ضيافتك منذ نزلنا المدينة؟ قال سعد: يا رسول الله، المنة لله ولرسوله، والله يا رسول الله للذي تأخذ من أموالنا أحب إلينا من الذي تدع. قال: صدقتم يا أبا ثابت، أبشر فقد أفلحت، إن الأخلاق بيد الله فمن أراد أن يمنحه منها خلقاً صالحاً منحه، ولقد منحك الله خلقاً صالحاً. فقال سعد: الحمد لله هو فعل ذلك.
وعن زيد بن ثابت قال:
دخل سعد بن عبادة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه ابنه، فسلم فقال رسول الله ر هاهنا. وأجلسه عن يمينه، وقال: مرحباً بالأنصار، مرحباً بالأنصار. وأقام ابنه بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجلس، فجلس، فقال: ادن. فدنا فقبل يد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجله، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وأثابي الأنصار، وأثابي فراخ الأنصار. فقال سعد: أكرمك الله عز وجل كما أكرمتنا. فقال: إن الله عز وجل قد أكرمكم قبل كرامتي، إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض.
وعن ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه استعمل سعد بن عبادة فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلم عليه فقال له: إياك أن تجيء يوم القيامة تحمل بعيراً على عنقك، يقول سعد: يا رسول الله، فإن فعلت إن ذلك لكائن!؟ قال: نعم. قال سعد: قد علمت أني أسأل فأعطي، فأعفني، فأعفاه.
وعن عبد الله بن عمر أنه قال: كنا جلوساً مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ جاء رجل من الأنصار فسلم عليه، ثم أدبر الأنصاري فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا أخا الأنصار، كيف أخي سعد بن عبادة؟ فقال: صالحٌ يا رسول الله. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يعوده منكم؟ فقام وقمنا معه، ونحن بضعةٌ ما علينا نعال ولا خفاف ولا قلانس ولا قمص نمشي في تلك السباخ حتى جئنا، فاستأخر قومه من حوله حتى دنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه الذين معه.
وعن ابن عباس قال: لما نزلت: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلودهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً ". قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار: أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا معشر الأنصار، ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم؟ قالوا: يا رسول الله، لا تلمه فإنه رجل غيور، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكراً، ولا طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته. فقال سعد: والله يا رسول الله، إني لأعلم أنها حقٌ وأنها من عند الله، ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاع قد تفخذها رجلٌ لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه، حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله إني لا آتي بهم حتى يقضي حاجته. قالوا: فما لبثوا إلا يسيراً حتى جاء هلال بن أمية، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، فجاء من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلاً، فذكر الحديث في اللعان بطوله.
وعن محمد بن سيرين قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أمسى قسم ناساً من أهل الصفة بين ناس من أصحابه: فكان الرجل يذهب بالرجل، والرجل يذهب بالرجلين، والرجل يذهب بالثلاثة حتى ذكر عشرة، وكان سعد بن عبادة يرجع كل ليلة إلى أهله بثمانين منهم يعشيهم.
وعن عروة بن الزبير قال: كان سعد بن معاذ يقول: اللهم، ارزقني مجداً، وارزقني حمداً، وارزقني. اللهم، إنه لا حمد إلا بمجد، ولا مجد إلا بمال، ولا مال إلا بفعال. اللهم، إنه لا يصلحني القليل ولا أصلح له، ولا يصلحني إلا الكثير ولا أصلح إلا عليه. قال: وكان له منادٍ ينادي على أطم داره: من أراد شحماً ولحماً فليأت سعداً. قال عروة بن الزبير: وأدركت ابنه قيس بن سعد يفعل مثل صنيع أبيه.
وعن ابن أبي سبرة قال: كان سعد بن عبادة يبسط رداءه ويقول: اللهم، ارزقني بالكثير فإن القليل لا يكفيني.
وعن سعد بن عبادة أنه قال لابنه: يا بني، أوصيك بوصية فاحفظها، فإن أنت ضيعتها فأنت لغيرها من الأمر أضيع، إذا توضأت فأتم الوضوء ثم صل صلاة امرىءٍ مودع ترى أنك لا تعود، وأظهر اليأس من الناس فإنه غنى، وإياك وطلب الحوائج إليهم فإنه فقٌ حاضر، وإياك وكل شيءٍ يعتذر منه.
وعن الزبير بن المنذر بن أبي أسيد الساعدي:
أن أبا بكر بعث إلى سعد بن عبادة أن أقبل فبايع فقد بايع الناس وبايع قومك. فقال: لا والله لا أبايعكم حتى أرميكم بما في كنانتي، وأقاتلكم بمن معي من قومي وعشيرتي. فلما جاء الخبر إلى أبي بكر قال بشير بن سعد: يا خليفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنه قد أبى ولج، وليس بمبايعكم أو يقتل، ولن يقتل حتى يقتل معه ولده وعشيرته، ولن يقتلوا حتى تقتل الخزرج، ولن تقتل الخزرج حتى تقتل الأوس، فلا تحركوه فقد استقام لكم الأمر، فإنه ليس بضاركم، إنما هو رجل وحده ما ترك. فقبل أبو بكر نصيحة بشير، فترك سعداً. فلما ولي لقيه ذات يومٍ في طريق المدينة فقال: إيه يا سعد، فقال سعد: إيه يا عمر، فقال عمر: أنت صاحب ما أنت صاحبه. فقال سعد: نعم أنا ذاك، وقد أفضى إليك هذا الأمر، كان والله صاحبك أحب إلينا منك، وقد والله أصبحت كارهاً لجوارك. فقال عمر: إنه من كره جوار جاره تحول عنه. فقال سعد: أما إني غير مستنسىء بذلك، وأنا متحول إلى جوار من هو خيرٌ منك. قال: فلم يلبث إلا قليلاً حتى خرج مهاجراً إلى الشام في أول خلافة عمر، فمات بحوران.
حدث مالك بن أنس: أنه بلغه أن راهباً كان بالشام. فلما رأى أوائل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين قدموا الشام معاذ بن جبل ونظراءه قال: والذي نفسي بيده ما بلغ حواري عيسى بن مريم الذين صلبوا
على الخشب، ونشروا بالمناشير من الاجتهاد ما بلغ أصحاب محمد. قال عبد الله بن وهب: فقلت لمالك بن أنس يسميهم، فسمى أبا عبيدة، ومعاذاً، وبلالاً، وسعد بن عبادة.
ويقال: إن الجن قتلت سعد بن عبادة.
حدث عبد الأعلى: أن سعد بن عبادة بال قائماً فرمي، فلم يدر بذلك حتى سمعوا: من مجزوء الهزج
قتلنا سيد الخزر ... ج سعد بن عباده
رميناه بسهمين ... فلم نخط فؤاده
قال عبد العزيز: فما علم بموته بالمدينة حتى سمع غلمان في بئر منبه أو بئر سكن وهم يقتحمون نصف النهار في حر شديد قائلاً يقول من البئر البيتين، فذعر الغلمان، فحفظ ذلك اليوم، فوجدوه اليوم الذي مات فيه سعد. وإنما جلس يبول في نفق، فاقتتل فمات من ساعته.
وروي فافتتل بالفاء. ووجدوه قد اخضر جلده.
وعن سعد بن عبد العزيز قال: أول مدينة فتحت بالشام بصرى، وفيها مات سعد بن عبادة.
قال أبو رجاء: قتل سعد بن عبادة بالشام سنة خمس عشرة بحوران، ورمته الجن. وقيل: توفي في خلافة أبي بكر، وقيل: توفي لسنتين من خلافة عمر. وقيل: لسنتين ونصف من خلافة عمر، بحوران.
وقيل: توفي سنة إحدى عشرة. وقيل: سنة أربع عشرة، وقيل: سنة ست عشرة في أول خلافة عمر، رمته الجن فقتلته.
ابن حارثة بن أبي حزيمة ويقال: حارثة بن حرام بن حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج ابن ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة أبو ثابت ويقال: أبو قيس الخزرجي، سيد الخزرج.
شهد العقبة، وروى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث. سكن دمشق، ومات بحوران، وقيل: إن قبره بالمنيحة من إقليم بيت الآبار.
حدث سعد بن عبادة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
ماتت أمي وعليه نذرٌ، فسألت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمرني أن أقضيه عنها.
وعن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن هذا الحي من الأنصار مجنة، حبهم إيمان، وبغضهم نفاق ".
وسعد بن عبادة نقيبٌ شهد بدراً. وقيل: لم يشهد بدراً. مات بالشام في خلافة أبي بكر رضي الله عنه. وقيل: في أول خلافة عمر رضي الله عنه.
قال محمد بن سعد: في الطبقة الأولى ممن لم يشهد بدراً: سعد بن عباد بن دليم أحد بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، ويكنى أبا ثابت. كان يتهيأ للخروج إلى بدر فنهش، فأقام، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لئن كان سعدٌ لم يشهدها لقد كان حريصاً عليها ". وفي رواية: لقد كان فيها راغباً.
وكان سعد بن عبادة لما أخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجهاز كان يأتي دور الأنصار، يحضهم على الخروج، فنهش ببعض تلك الأماكن فمنعه ذلك من الخروج، فضرب له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسهمه وأجره.
وكان عقيباً نقيباً سيداً جواداً.
وكان سعد في الجاهلية يكتب بالعربية، وكانت الكتابة في العرب قليلاً، وكان يحسن العوم والرمي، وكان من أحسن ذلك سمي الكامل.
وكان سعد بن عبادة وعدة آباءٍ له قبله في الجاهلية ينادي على أطمهم: من أحب الشحم واللحم فليأت أطم دليم بن حارثة.
وكان سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو وأبو دجانة لما أسلموا يكسرون أصنام بني ساعدة.
وسعدٌ شهد العقبة مع السبعين من الأنصار، وكان أحد النقباء الاثني عشر، ولم يشهد بدراً.
وروى بعضهم: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرب له بسهمه وأجره، ولا يثبت ذلك.
وشهد أحداً والخندق والمشاهد كلها مع سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكان سعد لما قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبعث إليه في كل يوم جفنة فيها ثريد بلحم، أو ثريد بلبن، أو بخل وزيت، أو بسمنٍ، وأكثر ذلك اللحم، فكانت جفنة سعد تدور مع
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيوت أزواجه. وكانت أمه عمرة بنت مسعود من المبايعات فتوفيت بالمدينة ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غائبٌ في غزوة دومة الجندل، وكانت في ربيع الأول سنة خمس من الهجرة، وكان سعد بن عبادة معه في تلك الغزوة، فلما قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة أتى قبرها فصلى عليها.
ولما أراد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يهاجر سمع صوتاً بمكة يقول: من الطويل
إن يسلم السعدان يصبح محمدٌ ... من الأمن لا يخشى خلاف المخالف
فقالت قريش: لو علمنا من السعدان لفعلنا وفعلنا. قال: فسمعوا من القابلة وهو يقول:
فيا سعد سعد الأوس كن أنت مانعاً ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا ... على الله في الفردوس زلفة عارف
زاد في رواية أخرى:
فإن ثواب الله للطالب الهدى ... جنانٌ من الفردوس ذات رفارف
قال: سعد الأوس: سعدٌ بن معاذ، وسعد الخزرجين سعد بن عبادة.
الغطارف: الكرام.
قال ابن إسحاق: لما تفرق الناس عن بيعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة العقبة ونفروا وكان الغد فتشت قريش عن الخبر والبيعة، فوجدوه حقاً، فانطلقوا في طلب القوم، فأدركوا سعد بن عبادة وفاتهم منذر بن عمرو، فشدوا يدي سعد إلى عنقه بنسعةٍ، وكان ذا شعر كثير، فطفقوا يجبذونه بجمته، ويصكونه ويلكزونه. قال سعد بن عبادة: فوالله! إني لفي أيديهم
يسحبونني إذ طلع نفرٌ من قريش فيهم فتًى أبيض حلو شعشاع، وضيء، فقلت: إن يك عند أحدٍ من القوم خيرٌ فعند هذا، وهو سهيل بن عمرو، فلما دنا مني رفع يده فلكمني لكمةً شديدة، فقلت: والله ما في القوم خيرٌ بعد هذا، فوالله إني لفي أيديهم إذ غمز رجل منهم فخذي فقال: هل بينك وبين أحد من قريش عهدٌ؟ فقلت: نعم، لا أبا لك، اهتف بالرجلين. ففعلت، فذهب إليهما فقال: إن هذا الرجل الذي في أيدي نفر من قريش يعبثون به يهتف بكما، يزعم أنه قد كان بينه وبينكم عقد وجوار. فقالا: من هو؟ فقال: سعد بن عبادة. فقالا: صدق والله، إن كان ليفعل. ثم جاءا إلي حتى أطلقاني من أيديهم، ثم خليا سبيلي، فانطلقت.
فكان أول شعرٍ قيل في الإسلام شيءٌ قاله ضرار بن الخطاب بن مرداس الفهري في ذلك: من الطويل
تداركت سعداً عنوةً فأسرته ... وكان شفاءً لو تداركت منذرا
فأجابه حسان بن ثابت فقال من أبيات: من الطويل
لست إلى سعدٍ ولا المرء منذرٍ ... إذا ما مطايا القوم أصبحن ضمرا
ولولا أبو وهبٍ لمرت قصائدٌ ... على شرف الخرقاء يلمعن حسرا
قال محمد بن عبد الوهاب: قلت لعلي بن عثام: لم سموا نقباء؟ قال: النقيب الضمين، ضمنوا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إسلام قومهم، فسموا بذلك نقباء.
وعن ابن عباس قال: كان عدة أهل بدرٍ ثلاث مئة وثلاثة عشر رجلاً، كان المهاجرون سبعة وسبعين رجلاً، والأنصار مئتين وستةً وثلاثين رجلاً، وكان صاحب راية المهاجرين علي بن أبي طالب، وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة.
وعن ابن عباس قال: كانت راية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المواطن كلها: راية المهاجرين مع علي بن أبي طالب، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة.
ولما كان يوم فتح مكة دفعت راية قضاعة إلى أبي عبيدة بن الجراح، ودفعت راية بني سليم إلى خالد بن الوليد، وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة، وراية المهاجرين مع علي بن أبي طالب.
وفي حديث آخر بمعناه: وكان إذا استحر القتال كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يكون تحت راية الأنصار.
وعن أنس قال: لما بلغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إقفال أبي سفيان قال: أشيروا علي. فقام أبو بكر فقال له: اجلس. ثم قام عمر فقال له: اجلس. فقام سعد بن عبادة فقال: إيانا تريد يا رسول الله. فلو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادنا إلى برك الغماد لفعلنا ذلك.
وعن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قتل قتيلاً فله كذا، ومن أسر أسيراً فله كذا ". وكانوا قتلوا سبعين، وأسروا سبعين، فجاء أبو اليسر بن عمرو بأسيرين فقال: يا رسول الله، إنك وعدتنا: من قتل قتيلاً فله كذا، ومن أسر أسيراً فله كذا، فقد جئت بأسيرين. فقام سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله، إنا لم يمنعنا زهادة في الآخرة، ولا جبن عن العدو، ولكنا قمنا هذا المقام خشية أن يقتطعك المشركون، فإنك إن تعط هؤلاء لا يبق لأصحابك شيء. فجعل هؤلاء يقولون، وهؤلاء يقولون، فنزلت: " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ". قال: فسلموا
الغنيمة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ثم نزلت: " واعلموا أنما غنمتم من شيءٍ فأن لله خمسه.. " الآية.
وروي عن عدة طرقٍ عن أنس أو غيره: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استأذن على سعد بن عبادة فقال: السلام عليك ورحمة الله، فقال سعد: وعليك السلام ورحمة الله. ولم يسمع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى سلم ثلاثاً ورد عليه سعد ثلاثاً، ولم يسمعه: فرجع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاتبعه سعد فقال: يا رسول الله، بأبي أنت، ما سلمت تسليمةً إلا وهي بأذني، ولقد رددت عليك، ولم أسمعك، أحببت أن استكثر من سلامك ومن البركة. ثم دخلوا البيت فقرب إليه زينباً، فأكل نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما فرغ قال: أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون.
وفي حديث آخر عن قيس بن سعد بمعناه: فرجع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واتبعه سعد فقال: يا رسول الله، قد كنت أسمع تسليمك، وأرد عليك رداً خفياً، لتكثر علينا من السلام. قال: فانصرف معه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر له سعد بغسل، فوضع فاغتسل، ثم ناوله ملحفة مصبوغةً بزعفران وورسٍ، فاشتمل بها، ثم رفع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يديه وهو يقول: اللهم، اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة. قال: ثم أصاب من الطعام، فلما أراد الانصراف قرب إليه سعد حماراً قد وطأ عليه بقطيفة، فركب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال سعد: يا قيس، اصحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال قيس: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اركب، فأبيت، ثم قال: إما أن تركب وإما أن تنصرف، قال: فانصرفت.
وفي حديث آخر بمعناه عن أم طارق مولاة سعد:
فقال: إنه لم يمنعني أن نأذن لك إلا أنا أردنا أن تزيدنا. قالت: فسمعت صوتاً على الباب يستأذن ولم أر شيئاً، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أنت؟ فقال: أم ملدم. فقال: لا مرحباً بك ولا أهلاً، اذهبي إلى أهل قبا. قالت: نعم. قال: فاذهبي إليهم.
وعن سهل بن سعد: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخطب المرأة ويصدقها، صداقها، ويشرط لها: صحفة سعدٍ تدور معي إذا درت إليك. وكان سعد بن عبادة يرسل إلى نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصفحةٍ كل ليلةٍ، حيث كان جاءته.
وعن يحيى بن أبي كثير قال: كانت لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من سعد بن عبادة جفنة من ثريد كل يوم، تدور معه أينما دار من نسائه. وكان إذا انصرف من صلاة مكتوبةٍ قال: اللهم، ارزقني مالاً أستعين به على خصالي، فإنه لا يصلح الفعال إلا المال.
قال سعيد بن محمد بن أبي زيد: سألت عمارة بن غزية وعمرو بن يحيى عن جفنة سعد بن عبادة فقالا: كانت مرةً بلحمٍ، ومرةً بسمنٍ، ومرةً بلبنٍ، يبعث بها إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلما دار دارت معه الجفنة.
وعن سعد بن عبادة: أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصحفةٍ أو جفنةٍ مملوءةٍ مخاً فقال: يا أبا ثابت ما هذا؟ فقال: والذي بعثك بالحق لقد نحرت أو ذبحت أربعين ذات كبدٍ، فأحببت أن أشبعك من المخ. قال: فأكل، ودعا له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخيرٍ.
قال إبراهيم بن حبيب: سمعت أن الخيزران حدثت بهذا الحديث، فقسمت قسماً من مالها على ولد سعد بن عبادة وقالت: أكافىء به ولد سعد على فعله برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن جابر قال: أمر أبي بحريرة فصنعت، ثم أمرني فأتيت بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فأتيته وهو في منزله: قال: قال لي: ماذا معك يا جابر، ألحمٌ ذا؟ قلت: لا. قال: فأتيت أبي فقال
لي: هل رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: قلت: نعم، قال لي: ماذا معك يا جابر ألحمٌ ذا؟ قال: لعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكون اشتهى اللحم، فأمر بشاة لنا داجن فذبحت، ثم أمر بها فشويت، ثم أمرني فأتيت بها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: ماذا معك يا جابر؟ فأخبرته فقال: جزى الله الأنصار عنا خيراً ولا سيما عبد الله بن عمرو بن حرام وسعد بن عبادة.
روى محمد بن عمر الواقدي عن رجاله قالوا: وأقام سعد بن عبادة يعني في غزوة الغابة في ثلاث مئة من قومه يحرسون المدينة خمس ليالٍ حتى رجع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعث إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأحمال تمر، وبعشر جزائر بذي قرد، وكان في الناس قيس بن سعد على فرس له يقال له الورد. وكان هو الذي قرب الجزر والتمر إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا قيس، بعثك أبوك فارساً، وقوى المجاهدين، وحرس المدينة من العدو، اللهم ارحم سعداً وآل سعد ". ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم المرء سعد بن عبادة. فتكلمت الخزرج فقالت: يا رسول الله، هو نقيبنا، وسيدنا، وابن سيدنا، كانوا يطعمون في المحل ويحملون في الكل، ويقرون الضيف، ويعطون في النائبة، ويحملون عن العشيرة. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خيار الناس في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا في الدين ".
قال الواقدي: وجاء سعد بن عبادة وابنه قيس بن سعد بزاملةٍ تحمل زاداً يؤمان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني يوم ضلت زاملته في حجة الوداع، حتى يجدا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واقفاً عند باب منزله قد أتى الله بزاملته. فقال سعد: يا رسول الله، بلغنا أن زاملتك أضلت مع الغلام وهذه زاملةٌ مكانها. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قد جاء الله بزاملتنا فارجعا بزاملتكما بارك الله
عليكما، أما يكفيك يا أبا ثابت ما تصنع بنا في ضيافتك منذ نزلنا المدينة؟ قال سعد: يا رسول الله، المنة لله ولرسوله، والله يا رسول الله للذي تأخذ من أموالنا أحب إلينا من الذي تدع. قال: صدقتم يا أبا ثابت، أبشر فقد أفلحت، إن الأخلاق بيد الله فمن أراد أن يمنحه منها خلقاً صالحاً منحه، ولقد منحك الله خلقاً صالحاً. فقال سعد: الحمد لله هو فعل ذلك.
وعن زيد بن ثابت قال:
دخل سعد بن عبادة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه ابنه، فسلم فقال رسول الله ر هاهنا. وأجلسه عن يمينه، وقال: مرحباً بالأنصار، مرحباً بالأنصار. وأقام ابنه بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجلس، فجلس، فقال: ادن. فدنا فقبل يد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجله، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وأثابي الأنصار، وأثابي فراخ الأنصار. فقال سعد: أكرمك الله عز وجل كما أكرمتنا. فقال: إن الله عز وجل قد أكرمكم قبل كرامتي، إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض.
وعن ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه استعمل سعد بن عبادة فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلم عليه فقال له: إياك أن تجيء يوم القيامة تحمل بعيراً على عنقك، يقول سعد: يا رسول الله، فإن فعلت إن ذلك لكائن!؟ قال: نعم. قال سعد: قد علمت أني أسأل فأعطي، فأعفني، فأعفاه.
وعن عبد الله بن عمر أنه قال: كنا جلوساً مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ جاء رجل من الأنصار فسلم عليه، ثم أدبر الأنصاري فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا أخا الأنصار، كيف أخي سعد بن عبادة؟ فقال: صالحٌ يا رسول الله. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يعوده منكم؟ فقام وقمنا معه، ونحن بضعةٌ ما علينا نعال ولا خفاف ولا قلانس ولا قمص نمشي في تلك السباخ حتى جئنا، فاستأخر قومه من حوله حتى دنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه الذين معه.
وعن ابن عباس قال: لما نزلت: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلودهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً ". قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار: أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا معشر الأنصار، ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم؟ قالوا: يا رسول الله، لا تلمه فإنه رجل غيور، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكراً، ولا طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته. فقال سعد: والله يا رسول الله، إني لأعلم أنها حقٌ وأنها من عند الله، ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاع قد تفخذها رجلٌ لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه، حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله إني لا آتي بهم حتى يقضي حاجته. قالوا: فما لبثوا إلا يسيراً حتى جاء هلال بن أمية، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، فجاء من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلاً، فذكر الحديث في اللعان بطوله.
وعن محمد بن سيرين قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أمسى قسم ناساً من أهل الصفة بين ناس من أصحابه: فكان الرجل يذهب بالرجل، والرجل يذهب بالرجلين، والرجل يذهب بالثلاثة حتى ذكر عشرة، وكان سعد بن عبادة يرجع كل ليلة إلى أهله بثمانين منهم يعشيهم.
وعن عروة بن الزبير قال: كان سعد بن معاذ يقول: اللهم، ارزقني مجداً، وارزقني حمداً، وارزقني. اللهم، إنه لا حمد إلا بمجد، ولا مجد إلا بمال، ولا مال إلا بفعال. اللهم، إنه لا يصلحني القليل ولا أصلح له، ولا يصلحني إلا الكثير ولا أصلح إلا عليه. قال: وكان له منادٍ ينادي على أطم داره: من أراد شحماً ولحماً فليأت سعداً. قال عروة بن الزبير: وأدركت ابنه قيس بن سعد يفعل مثل صنيع أبيه.
وعن ابن أبي سبرة قال: كان سعد بن عبادة يبسط رداءه ويقول: اللهم، ارزقني بالكثير فإن القليل لا يكفيني.
وعن سعد بن عبادة أنه قال لابنه: يا بني، أوصيك بوصية فاحفظها، فإن أنت ضيعتها فأنت لغيرها من الأمر أضيع، إذا توضأت فأتم الوضوء ثم صل صلاة امرىءٍ مودع ترى أنك لا تعود، وأظهر اليأس من الناس فإنه غنى، وإياك وطلب الحوائج إليهم فإنه فقٌ حاضر، وإياك وكل شيءٍ يعتذر منه.
وعن الزبير بن المنذر بن أبي أسيد الساعدي:
أن أبا بكر بعث إلى سعد بن عبادة أن أقبل فبايع فقد بايع الناس وبايع قومك. فقال: لا والله لا أبايعكم حتى أرميكم بما في كنانتي، وأقاتلكم بمن معي من قومي وعشيرتي. فلما جاء الخبر إلى أبي بكر قال بشير بن سعد: يا خليفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنه قد أبى ولج، وليس بمبايعكم أو يقتل، ولن يقتل حتى يقتل معه ولده وعشيرته، ولن يقتلوا حتى تقتل الخزرج، ولن تقتل الخزرج حتى تقتل الأوس، فلا تحركوه فقد استقام لكم الأمر، فإنه ليس بضاركم، إنما هو رجل وحده ما ترك. فقبل أبو بكر نصيحة بشير، فترك سعداً. فلما ولي لقيه ذات يومٍ في طريق المدينة فقال: إيه يا سعد، فقال سعد: إيه يا عمر، فقال عمر: أنت صاحب ما أنت صاحبه. فقال سعد: نعم أنا ذاك، وقد أفضى إليك هذا الأمر، كان والله صاحبك أحب إلينا منك، وقد والله أصبحت كارهاً لجوارك. فقال عمر: إنه من كره جوار جاره تحول عنه. فقال سعد: أما إني غير مستنسىء بذلك، وأنا متحول إلى جوار من هو خيرٌ منك. قال: فلم يلبث إلا قليلاً حتى خرج مهاجراً إلى الشام في أول خلافة عمر، فمات بحوران.
حدث مالك بن أنس: أنه بلغه أن راهباً كان بالشام. فلما رأى أوائل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين قدموا الشام معاذ بن جبل ونظراءه قال: والذي نفسي بيده ما بلغ حواري عيسى بن مريم الذين صلبوا
على الخشب، ونشروا بالمناشير من الاجتهاد ما بلغ أصحاب محمد. قال عبد الله بن وهب: فقلت لمالك بن أنس يسميهم، فسمى أبا عبيدة، ومعاذاً، وبلالاً، وسعد بن عبادة.
ويقال: إن الجن قتلت سعد بن عبادة.
حدث عبد الأعلى: أن سعد بن عبادة بال قائماً فرمي، فلم يدر بذلك حتى سمعوا: من مجزوء الهزج
قتلنا سيد الخزر ... ج سعد بن عباده
رميناه بسهمين ... فلم نخط فؤاده
قال عبد العزيز: فما علم بموته بالمدينة حتى سمع غلمان في بئر منبه أو بئر سكن وهم يقتحمون نصف النهار في حر شديد قائلاً يقول من البئر البيتين، فذعر الغلمان، فحفظ ذلك اليوم، فوجدوه اليوم الذي مات فيه سعد. وإنما جلس يبول في نفق، فاقتتل فمات من ساعته.
وروي فافتتل بالفاء. ووجدوه قد اخضر جلده.
وعن سعد بن عبد العزيز قال: أول مدينة فتحت بالشام بصرى، وفيها مات سعد بن عبادة.
قال أبو رجاء: قتل سعد بن عبادة بالشام سنة خمس عشرة بحوران، ورمته الجن. وقيل: توفي في خلافة أبي بكر، وقيل: توفي لسنتين من خلافة عمر. وقيل: لسنتين ونصف من خلافة عمر، بحوران.
وقيل: توفي سنة إحدى عشرة. وقيل: سنة أربع عشرة، وقيل: سنة ست عشرة في أول خلافة عمر، رمته الجن فقتلته.