عبد الله بن كثير بن الْمطلب الْقرشِي الْمَكِّيّ القَاضِي أخرج البُخَارِيّ فِي أول السّلم عَن بن أبي نجيح عَنهُ عَن أبي الْمنْهَال عبد الرَّحْمَن بن مطعم وَلَيْسَ هُوَ بِعَبْد الله بن كثير المقرىء ذَلِك عبد الله بن كثير الدِّمَشْقِي الطَّوِيل يروي عَن الْأَوْزَاعِيّ سُئِلَ أَبُو زرْعَة عَنهُ فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ
Ibn Saʿd (d. 845 CE) - al-Ṭabaqāt al-kubrā - ابن سعد - الطبقات الكبرى
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 4279 1. عبد الله بن كثير بن المطلب42. آدم بن سليمان3 3. آدم بن علي2 4. آمنة بنت رقيش1 5. آمنة بنت قرط1 6. أبان العبدي1 7. أبان المحاربي3 8. أبان بن أبي عياش6 9. أبان بن تغلب2 10. أبان بن صالح1 11. أبان بن عبد الله1 12. أبان بن عثمان1 13. أبان بن يزيد1 14. أبو أبي ابن امرأة عبادة بن الصامت1 15. أبو أبي العشراء الدارمي2 16. أبو أحمد الزبيري1 17. أبو أحمد بن جحش1 18. أبو أسامة1 19. أبو أسيد الساعدي3 20. أبو أمامة الباهلي3 21. أبو أمامة بن ثعلبة1 22. أبو أمامة بن سهل3 23. أبو أمية الفزاري1 24. أبو أمية مولى عمر بن الخطاب1 25. أبو أويس2 26. أبو أيوب4 27. أبو أيوب الأزدي2 28. أبو إدريس الخولاني4 29. أبو إسحاق إبراهيم بن مسلم الهجري1 30. أبو إسحاق الزيات1 31. أبو إسحاق السبيعي4 32. أبو إسحاق الشيباني5 33. أبو إسحاق الفزاري3 34. أبو إسرائيل الملائي5 35. أبو إسماعيل المؤدب1 36. أبو الأحوص6 37. أبو الأسود الدؤلي3 38. أبو الأسود يتيم عروة1 39. أبو الأشعث الصنعاني4 40. أبو الأشهب2 41. أبو الأعور1 42. أبو البجير1 43. أبو البختري الطائي3 44. أبو البختري القاضي1 45. أبو البداح بن عاصم1 46. أبو البزري2 47. أبو التياح الضبعي3 48. أبو الجحاف1 49. أبو الجعد2 50. أبو الجلد الجوني1 51. أبو الجوزاء الربعي2 52. أبو الجويرية الجرمي1 53. أبو الحجاج الأزدي2 54. أبو الحلال العتكي3 55. أبو الحمراء3 56. أبو الحويرث1 57. أبو الخطاب5 58. أبو الخليل4 59. أبو الخير واسمه مرثد1 60. أبو الدرداء واسمه عويمر1 61. أبو الدهماء العدوي2 62. أبو الرجال3 63. أبو الرضراض1 64. أبو الروم بن عمير1 65. أبو الروى الدوسي1 66. أبو الزاهرية الحضرمي1 67. أبو الزبير1 68. أبو الزعراء6 69. أبو الزناد2 70. أبو الزنباع2 71. أبو السائب2 72. أبو السفر سعيد1 73. أبو السليل القيسي1 74. أبو السنابل بن بعكك2 75. أبو السوار العدوي2 76. أبو السوداء النهدي2 77. أبو الشعثاء المحاربي3 78. أبو الشموس البلوي2 79. أبو الصديق الناجي3 80. أبو الضحى1 81. أبو الطفيل1 82. أبو الطفيل عامر1 83. أبو العالية البراء3 84. أبو العالية الرياحي4 85. أبو العباس الشاعر1 86. أبو العبيدين1 87. أبو العجفاء السلمي2 88. أبو العدبس1 89. أبو العشراء الدارمي1 90. أبو العطوف2 91. أبو العفيف1 92. أبو العلاء القصاب1 93. أبو العنبس1 94. أبو العوام القطان1 95. أبو الغريف1 96. أبو الغصن2 97. أبو القاسم بن أبي الزناد1 98. أبو القاسم زوج بنت أبي مسلم1 99. أبو القعقاع الجرمي1 100. أبو القموص3 ▶ Next 100
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 4279 1. عبد الله بن كثير بن المطلب42. آدم بن سليمان3 3. آدم بن علي2 4. آمنة بنت رقيش1 5. آمنة بنت قرط1 6. أبان العبدي1 7. أبان المحاربي3 8. أبان بن أبي عياش6 9. أبان بن تغلب2 10. أبان بن صالح1 11. أبان بن عبد الله1 12. أبان بن عثمان1 13. أبان بن يزيد1 14. أبو أبي ابن امرأة عبادة بن الصامت1 15. أبو أبي العشراء الدارمي2 16. أبو أحمد الزبيري1 17. أبو أحمد بن جحش1 18. أبو أسامة1 19. أبو أسيد الساعدي3 20. أبو أمامة الباهلي3 21. أبو أمامة بن ثعلبة1 22. أبو أمامة بن سهل3 23. أبو أمية الفزاري1 24. أبو أمية مولى عمر بن الخطاب1 25. أبو أويس2 26. أبو أيوب4 27. أبو أيوب الأزدي2 28. أبو إدريس الخولاني4 29. أبو إسحاق إبراهيم بن مسلم الهجري1 30. أبو إسحاق الزيات1 31. أبو إسحاق السبيعي4 32. أبو إسحاق الشيباني5 33. أبو إسحاق الفزاري3 34. أبو إسرائيل الملائي5 35. أبو إسماعيل المؤدب1 36. أبو الأحوص6 37. أبو الأسود الدؤلي3 38. أبو الأسود يتيم عروة1 39. أبو الأشعث الصنعاني4 40. أبو الأشهب2 41. أبو الأعور1 42. أبو البجير1 43. أبو البختري الطائي3 44. أبو البختري القاضي1 45. أبو البداح بن عاصم1 46. أبو البزري2 47. أبو التياح الضبعي3 48. أبو الجحاف1 49. أبو الجعد2 50. أبو الجلد الجوني1 51. أبو الجوزاء الربعي2 52. أبو الجويرية الجرمي1 53. أبو الحجاج الأزدي2 54. أبو الحلال العتكي3 55. أبو الحمراء3 56. أبو الحويرث1 57. أبو الخطاب5 58. أبو الخليل4 59. أبو الخير واسمه مرثد1 60. أبو الدرداء واسمه عويمر1 61. أبو الدهماء العدوي2 62. أبو الرجال3 63. أبو الرضراض1 64. أبو الروم بن عمير1 65. أبو الروى الدوسي1 66. أبو الزاهرية الحضرمي1 67. أبو الزبير1 68. أبو الزعراء6 69. أبو الزناد2 70. أبو الزنباع2 71. أبو السائب2 72. أبو السفر سعيد1 73. أبو السليل القيسي1 74. أبو السنابل بن بعكك2 75. أبو السوار العدوي2 76. أبو السوداء النهدي2 77. أبو الشعثاء المحاربي3 78. أبو الشموس البلوي2 79. أبو الصديق الناجي3 80. أبو الضحى1 81. أبو الطفيل1 82. أبو الطفيل عامر1 83. أبو العالية البراء3 84. أبو العالية الرياحي4 85. أبو العباس الشاعر1 86. أبو العبيدين1 87. أبو العجفاء السلمي2 88. أبو العدبس1 89. أبو العشراء الدارمي1 90. أبو العطوف2 91. أبو العفيف1 92. أبو العلاء القصاب1 93. أبو العنبس1 94. أبو العوام القطان1 95. أبو الغريف1 96. أبو الغصن2 97. أبو القاسم بن أبي الزناد1 98. أبو القاسم زوج بنت أبي مسلم1 99. أبو القعقاع الجرمي1 100. أبو القموص3 ▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn Saʿd (d. 845 CE) - al-Ṭabaqāt al-kubrā - ابن سعد - الطبقات الكبرى are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=120341&book=5516#282d6c
عبد الله بن كثير بن الْمطلب الْقرشِي الْعَبدَرِي الْمَكِّيّ الْقَارِي
حدث عَن أبي الْمنْهَال عبد الرَّحْمَن بن مطعم رَوَى عَنهُ ابْن أبي نجيح فِي أول السّلم
حدث عَن أبي الْمنْهَال عبد الرَّحْمَن بن مطعم رَوَى عَنهُ ابْن أبي نجيح فِي أول السّلم
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=108481&book=5516#67896f
عَبْد اللَّهِ بْن كثير بْن الْمطلب الْقرشِي من أهل مَكَّة يروي عَنْ مُجَاهِد روى عَنهُ بن جريج مَاتَ بعد سنة عشْرين وَمِائَة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5516#7141a8
عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ أَبُو الْعَبَّاسِ، أُمُّهُ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنِ بْنِ بَجِيَّةَ بْنِ الْهَزْمِ بْنِ رُوبِيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْهِلَالِيُّ، كَانَ يُسَمَّى الْحَبْرَ وَالْبَحْرَ لِكَثْرَةِ عِلْمِهِ، وَحِدَّةِ فَهْمِهِ، وَحَبْرُ الْأُمَّةِ وَفَقِيهُهَا، وَلِسَانُ الْعَشِيرَةِ وَمِنْطِيقُهَا، مُحَنَّكٌ بِرِيقِ النُّبُوَّةِ، وَمَدْعُوٌّ لَهُ بِلِسَانِ الرِّسَالَةِ، فَقِهَ فِي الدِّينِ، وَعَلِمَ التَّأْوِيلَ، تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ، سَمِعَ نَجْوَى جِبْرِيلَ لِلرَّسُولِ وَعَايَنَهُ، كَانَ مَوْلِدُهُ عَامَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَقُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَتِينٌ، وَكَانُوا يَخْتِنُونَ لِلْبِلُوغِ، وَتُوُفِّيَ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَسَمَّاهُ رَبَّانِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَجَاءَ طَيْرٌ أَبْيَضُ فَدَخَلَ فِي أَكْفَانِهِ، وَسَمِعَ هَاتِفًا يَهْتِفُ مِنْ قَبْرِهِ {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً. . .} [الفجر: 28] الْآيَةَ، كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُدْنِيهِ وَيَسْأَلُهُ، وَيُدْخِلُهُ مَعَ مَشْيَخَةِ أَهْلِ بَدْرٍ، وَكَانَ لَهُ الْجَوَّابُ الْحَاضِرُ، وَالْوَجْهُ النَّاضِرُ، صَبِيحُ الْوَجْهِ، لَهُ وَفْرَةٌ مَخْضُوبَةٌ بِالْحِنَّاءِ، أَبْيَضُ طَوِيلٌ مُشْرَبٌ صُفْرَةً، جَسِيمٌ وَسِيمٌ، عِلْمُهُ غَزِيرٌ، وَخَبَرُهُ كَثِيرٌ، يَصْدُرُ الْجَاهِلُ عَنْ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ يَفِيضَانِ، وَالْجَائِعِ عَنْ خُبْزِهِ وَمَائِدَتِهِ شَبْعَانُ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا هَنَّادٌ، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبِي، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُسَمَّى الْبَحْرَ مِنْ كَثْرَةِ عِلْمِهِ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا أَبِي، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْبَحْرَ ابْنَ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَبْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ
- حَدَّثَنَا الطَّلْحِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِمْرَانَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا عَبْدُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنِ الْعَوَّامِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَعَا لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْرٍ كَثِيرٍ، وَقَالَ: «نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ أَنْتَ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، ثنا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ كُرَيْبًا، أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَجَعَلَنِي حِذَاءَهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: وَيَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ حِذَاءَكَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَعْطَاكَ اللهُ؟ «فَدَعَا اللهَ أَنْ يَزِيدَنِي فَهْمَا وَعِلْمًا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَدَّادٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَهْزَاذَ، ثنا حَاتِمُ بْنُ الْعَلَاءِ، سَمِعْتُ عَبْدَ الْمُؤْمِنِ بْنَ خَالِدٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ بُرَيْدٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: «إِنَّهُ كَائِنٌ حَبْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَاسْتَوْصَ بِهِ خَيْرًا»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْقُرَشِيُّ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ فِي الشِّعْبِ أَتَى أَبِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا أَرَى أُمَّ الْفَضْلِ إِلَّا قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى حَمْلٍ قَالَ: «لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُقِرَّ أَعْيُنَنَا مِنْهَا بِغُلَامٍ» ، فَأَتَى بِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي خِرْقَتِي فَحَنَّكَنِي قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا حُنِّكَ بِرِيقِ النُّبُوَّةِ غَيْرَهُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ح، وَحَدَّثَنَا فَارُوقٌ، وَسُلَيْمَانُ، قَالَا: ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ فَكَانَ كَالْمُعْرِضِ عَنْ أَبِي فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَقَالَ أَبِي: أَلَمْ تَرَ إِلَى ابْنِ عَمِّكَ كَالْمُعْرِضِ عَنِّي؟ فَقُلْتُ: يَا أَبِي كَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ قَالَ: وَكَانَ عِنْدَهُ أَحَدٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَرَجَعْنَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لِي: كَذَا وَكَذَا، هَلْ كَانَ عِنْدَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، رَأَيْتَهُ يَا عَبْدَ اللهِ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، هُوَ الَّذِي شَغَلَنِي عَنْكَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا هَاشِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهِلَالِيُّ، ثنا أَبُو عَامِرٍ الْأَسَدِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ،. . . . عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: سَأَلَ مُعَاوِيَةُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مَسَائِلَ، فَأَجَابَهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَشْهَدُ أَنَّكَ لِسَانُ أَهْلِ بَيْتِكَ، ثُمَّ قَالَ لِمَنْ عِنْدَهُ: مَا كَلَّمْتُهُ قَطُّ إِلَّا وَجَدْتُهُ مُسْتَعِدًّا
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبِي، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنبأ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ الْمُهَاجِرُونَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: ادْعُ أَبْنَاءَنَا كَمَا تَدْعُو ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: ذَاكُمْ فَتَى الْكُهُولِ، إِنَّ لَهُ لِسَانًا سَؤُولًا وَقَلْبًا عَقُولًا
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ذُكِرَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمًا فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَعْلَمَ بِسُنَّةٍ وَأَجْلَدَ رَأْيًا وَأَثْقَبَ نَظَرًا حَيْثُ نَظَرَ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ كَانَتِ الْأَقْضِيَةُ إِذَا كَانَ عُمَرُ عَضَلَهَا يَقُولُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّهَا قَدْ طَرَأَتْ عَلَيْنَا عَضْلُ أَقْضِيَةٍ، وَأَنْتَ لَهَا وَلِأَمْثَالِهَا ثُمَّ يَرْضَى بِقَوْلِهِ، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: عُمَرُ فِي جَدِّهِ فِي ذَاتِ اللهِ وَنَظَرِهِ لِلْمُسْلِمِينَ "
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَخْتُونٌ
- وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ، وَشُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ مَخْتُونٌ، وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ وَالصَّحِيحُ: حَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ لِمُوَافَقَتِهِ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: جِئْتُ أَنَا عَلَى أَتَانٍ وَقَدْ نَازَهْتُ الِاحْتِلَامَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا حَمْلٌ مِنْ كُتُبِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالُوا: وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَهُمْ فِي الشِّعْبِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو الزِّنْبَاعِ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَسِنُّهُ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَكَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ قَالَ: «وُلِدْتُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَنَحْنُ فِي الشِّعْبِ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا ضَمْرَةُ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ سَبْعِينَ بِالطَّائِفِ
- حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عِيسَى، ثنا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ، ثنا الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا وُضِعَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى أَكْفَانِهِ، ثُمَّ دَخَلَ فِيهَا فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ فَلَمَّا سُوِّيَ عَلَيْهِ سَمِعْنَا صَوْتَهُ نَسْمَعُ صَوْتَهُ، وَلَا نَرَى شَخْصَهُ {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 28]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ الدُّورِيُّ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ فَشَهِدْتُ جِنَازَتَهُ فَجَاءَ طَيْرٌ لَمْ يُرَ عَلَى خِلْقَتِهِ، وَدَخَلَ فِي نَعْشِهِ، ثُمَّ لَمْ يُرَ خَارِجًا مِنْهُ، فَلَمَّا دُفِنَ تُلِيَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، لَا يُرَى مَنْ تَلَاهَا {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 28] قَالَ: وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعِيسَى بْنُ عَلِيٍّ أَنَّهُ طَيْرٌ أَبْيَضُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ الْوَاسِطِيُّ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا كُفَّ بَصَرُهُ يَقُولُ لِقَائِدِهِ: إِذَا أَدْخَلَتْنِي عَلَى مُعَاوِيَةَ فَسَدِّدْنِي لِفِرَاشِهِ ثُمَّ أَرْسِلْ يَدَيَّ لَا تُشْمِتْ بِي مُعَاوِيَةَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ يَوْمًا، فَلَمَّا جَلَسَ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ قَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ آجَرَكَ اللهُ فِي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ: أَمَاتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: رَحْمَةُ اللهِ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِ، وَأَلْحَقَهُ بِصَالِحِ سَلَفِهِ، أَمَا وَاللهِ يَا مُعَاوِيَةُ لَا يَسُدُّ جَفْرَتَكَ، تَأْكُلُ رِزْقَهُ وَلَا تُخَلَّدُ بَعْدَهُ، وَلَقَدْ رُزِئْنَا بِأَعْظَمَ فَقْدًا مِنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا خَذَلَنَا اللهُ بَعْدَهُ "
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، ثنا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: شَتَمَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّكَ تَشْتُمُنِي وَفِيَّ ثَلَاثُ خِصَالٍ: إِنِّي لَآتِي عَلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَوَدِدْتُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَعْلَمُونَ مِنْهَا مَا أَعْلَمُ، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْحَاكِمِ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ يَعْدِلُ فِي حُكْمِهِ فَأَفْرَحُ بِهِ وَلَعَلِّي لَا أُقَاضِي إِلَيْهِ أَبَدًا، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْغَيْثِ قَدْ أَصَابَ الْبَلَدَ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَفْرَحُ بِهِ، وَمَا لِي بِهِ مِنْ سَائِمَةٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَا: ثنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: كَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَجْرَى الدُّمُوعِ كَأَنَّهُ الشِّرَاكُ الْبَالِي مِنَ الدُّمُوعِ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ طَاوُسًا، كَانَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ تَعْظِيمًا لِحُرُمَاتِ اللهِ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاللهِ إِنْ لَوْ أَشَاءُ إِذَا ذَكَرْتُهُ أَنْ أَبْكِيَ لَبَكَيْتُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ بَيْتًا أَكْثَرَ خُبْزًا وَلَحْمًا وَعِلْمًا مِنْ بَيْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَدَارَءُوا فِي شَيْءٍ أَتَوَا ابْنَ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عِيسَى، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، ثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ مَجْلِسًا أَكْرَمَ مِنْ مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَكْثَرَ فِقْهًا وَأَعْظَمَ جَفْنَةً، إِنَّ أَصْحَابَ الْقُرْآنِ عِنْدَهُ وَأَصْحَابَ الشِّعْرِ عِنْدَهُ، وَأَصْحَابَ الْفِقْهِ عِنْدَهُ يُصَدِّرُهُمْ كُلُّهُمْ فِي وَادٍ وَاسِعٍ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَوْصِلِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ شَيْخًا أَعْمَى مَخْضُوبَ اللِّحْيَةِ بِالْحِنَّاءِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ذُو وَفْرَةٍ، وَكَانَ ذَا قَرْنَيْنِ - يَعْنِي ضَفِيرَتَيْنِ - وَكَانَ طَوِيلًا مُشْرَبًا صُفْرَةً، وَكَانَ جَسِيمًا وَسِيمًا صَبِيحُ الْوَجْهِ
- وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِمَّا حَدَّثَنَاهُ أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ عَنْهُ، يَذْكُرُ السَّحَابَ الَّتِي سَقَتْ قَبْرَ ابْنِ عَبَّاسٍ
[البحر البسيط]
صَبَّتْ ثَلَاثًا سَمَاءَ اللهِ رَحْمَتَهَا ... بِالْمَاءِ مَرَّتْ عَلَى قَبْرِ ابْنِ عَبَّاسِ
قَدْ كَانَ يُخْبِرُنَا هَذَا وَنَعْلَمُهُ ... عِلْمَ الْيَقِينِ فَمِنْ وَاعٍ وَمِنْ نَاسِ
إِنَّ السَّمَاءَ تَرْوِي الْقَبْرَ رَحْمَتَهُ ... هَذَا لَعَمْرُكَ أَمْرٌ فِي يَدِ النَّاسِ
- وَمِمَّا أَسْنَدَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبَانُ، وَحَزْمٌ، وَشُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الغَلَابِيُّ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَسَطَ رَأْسِهِ وَسَمَّاهُ الْمُنْقِذَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا طَلْحَةُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُمْنُ الْخَيْلِ فِي شُقْرِهَا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ الْفَسَوِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ الْحَنَّاطِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلَامُ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، إِنَّ الْقَلَمَ قَدْ جَفَّ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وَرَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5516#f992d4
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب
ابن هاشم بن عبد مناف أبو العباس الهاشمي بن عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحبر الأمة وعالمها، وترجمان القرآن.
قدم دمشق وافداً على معاوية في السنة التي قتل فيها علي عليه السلام.
قال سعيد بن أبي الحسن: كنت عند ابن عباس إذ أتاه رجل فقال: إني إنسان، إنما معيشي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، قال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من صور صورة فإن الله يعذبه يوم القيامة حتى ينفخ فيها " وليس بنافع أبداً، قال: فربا لها الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه، ثم قال: ويحك، إن أتيت الآن تصنع فعليك بهذا الشجر، وكل شيء ليس فيه روح.
قال عبد الله بن عباس: دخلت على معاوية حين كان الصلح، وأول ماالتقيت أنا وهو، فإذا عنده أناس فقال: مرحباً يا بن عباس، ما تحاكت الفتنة بيني وبين أحد كان أعز علي بعداً ولا أحب إلي قرباً منك، الحمد لله الذي أمات علياً، قلت: إن الله عز وجل لا يذم في قضائه، وغير هذا الحديث أحسن منه، هل لك فيه؟ قال: ما هو؟ قلت: تعفيني من ذكر ابن عمي وأعفيك من ذكر ابن عمك. قال: ذلك لك، أنشدك الله يا بن عباس إلا حدثتني عن أبي سفيان، فقد حضرك من حضرك. قلت: تجر فربح، وأسلم فأفلح، وولد فأنجح، وكان في الشرك فكان نكساً حتى يقضي فقال: رحمك الله يا بن عباس، فوالله ما يعجزك في علمك أن تسر به جليسك، ولولا أن تراني قارضتك لأجزتك عن نفسك.
وعن مجاهد قال: قال ابن عباس: لما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب قال: أتى أبي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، أرى أم
الفضل قد اشتملت على حمل، فقال: لعل الله أن يقرأ أعينكم. قال: فأتى بي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا في خرقة، فحنكني بريقه.
قال مجاهد: فلا نعلم أحداً حنك بريق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيره.
وفي رواية: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى الله أن يبيض وجوهنا بغلام، فولدت عبد الله بن عباس.
قالوا: وولد قبل الهجرة بثلاث سنين وهو في الشعب.
وعن ابن عباس قال: قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن عشر سنين مختون.
وفي رواية: وقد قرأت القرآن.
وفي رواية: وقد جمعت المحكم. قيل: وما المحكم. قيل: وما المحكم؟ قال المفصل.
وفي رواية: توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن خمس عشرة سنة وأنا ختين.
وعن ابن عباس قال: أقبلت راكباً على أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي.
قال محمد بن عمر: لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس ولد في الشعب وبنو هاشم محصورون، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة. ألا تراه يقول في الحديث: راهقت الاحتلام في حجة الوداع.
قال عبيد الله بن أبي يزيد: سمعت ابن عباس يقول: أنا وأمي من المستضعفين، كانت أمي من النساء وأنا من الولدان.
ودعا سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن العباس وقال: اللهم أعطه الحكمة وعلمه التأويل وكان بحراً لا ينزف، ورأى جبريل عليه السلام، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى ألا يموت حتى يؤتى علماً ويذهب بصره. وكان عمر يأذن له مع المهاجرين ويسأله ويقول: غص غواص، وكان إذا رآه مقبلاً قال: أتاكم فتى الكهول، له لسان سؤول وقلب عقول.
وقيل في كنيته عبد الله بن العباس: أبو عبد الرحمن. وكان قد عمي قبل وفاته. ومات سنة ثمان وستين بالطائف في فتنة ابن الزبير، فصلى عليه محمد بن الحنيفية.
وغزا عبد الله بن عباس إفريقيةمع عبد الله بن سعد سنة سبع وعشرين.
وأمه أم الفضل أخت ميمونة زوج النبي صلى عليه وسلم واسمها لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وكان بنو العباس بن عبد المطلب عشرة: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، ومعبد، وقثم، وعبد الرحمن، وأمهم أم الفضل بنت الحارث. وكثير، والحارث، وعون، وتمام وهو أصغرهم فكان العباس يحمله يحمله ويقول: الرجز
تموا بتمام فصاروا عشرة ... يا رب فاجعلهم كراماً برره
واجعلهم ذكراً وأنم الثمره
مات كثير وقثم بينبع أخذته الذبحة، واستشهد الفضل بأجنادين، وعبد الرحمن
ومعبد بإفريقية، وعبد الله بالطائف، وعبيد الله باليمن. ويقال: مات قثم بسمرقند، وكان خرج مع سعيد بن عثمان بن عفان في زمن معاوية. قبره بها.
وكان مسلم بن قمادين المكي يقول: ما رأيت مثل بني أم واحدة إشراقةً، ولدوا في دار واحدة، أبعد قبوراً من بني أم الفضل.
وكان عبد الله أبيض طويلاً مشرباً صفرة، جسيماً، وسيماً، صبيح الوجه، له وفرة، يخضب بالحناء، وكان يسمى الحبر والبحر لكثرة علمه وحدة فهمه، حبر الأمة وفقيهها، ولسان العشرة ومنطيقها، محنك بريق النبوة، ومدعو له بلسان الرسالة: فقهه في الدين وعلمه التأويل. ترجمان القرآن، سمع نجوى جبريل عليه السلام للرسول وعاينه. ومولده كان عام الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين. وقبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ختين. وكانوا يختتنون للبلوغ، وتوفي بالطائف سنة ثمان وستين. وقيل سنة سبعين، وصلى عليه محمد بن الحنفية وسماه رباني هذه الأمة، وجاء طير أبيض فدخل في أكفانه، وسمع هاتف يهتف من قبره يقول: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً " الآية.
وكان عمر بن الخطاب يدنيه ويسأله ويستشيره، ويدخله مع مشيخة أهل بدر، وكان له الجواب الحاضر والوجه الناضر، صبيح الوجه، له وفرة مخضوبة بالحناء، أبيض طويل، مشرب صفرة، جسيم، وسيم، علمه غزير وخيره كثير، يصدر الجاهل عن علمه وحكمته يقظان، والجائع عن خيره ومائدته شبعان.
وكانت عائشة تقول: هو أعلم من بقي بالسنة، وكان ابن عمر يقول: هو أعلم الناس بما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وشهد ابن عباس مع علي بن أبي طالب عليه السلام صفين وقتال الخوارج
بالنهروان، وورد في صحبته المدائن، وكان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد الرجلين، وكان يخضب بالسواد.
قال ابن جريج:
كنا جلوساً مع عطاء بن أبي رباح في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس وفضله، وعلي بن عبد الله في الطواف وخلفه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس فعجبنا من تمام قامتهما وحسن وجوههما، قال عطاء: وأين حسنهما من حسن عبد الله بن عباس، ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة وأنا في المسجد الحرام طالعاً من جبل أبي قبيس إلا ذكرت وجه عبد الله بن عباس، ولقد رأيتنا جلوساً معه في الحجر إذ أتاه شيخ فديم بدوي من هذيل يهدج على عصاه فسأله عن مسألة فأجابه، فقال الشيخ لبعض من معه: من هذا الفتى؟ قالوا: هذا عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. قال الشيخ: سبحان الله الذي غيّر حسن عبد المطلب إلى ما أرى. قال عطاء: فسمعت ابن عباس يقول: سمعت أبي يقول: كان عبد المطلب أطول الناس قامة، وأحسن الناس وجهاً وما رآه أحد قط إلا أحبه. وكان له مفرش في الحجر لا يجلس عليه غيره، ولا يجلس عليه معه أحد، وكان الندي من قريش حرب بن أمية فمن دونه يجلسون حوله دون المفرش، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صغير، لم يبلغ، فجلس على المفرش فجبذه رجل، فبكى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال عبد المطلب - وذلك بعدما كف بصره -:ما لابني يبكي؟! قالوا له: أراد أن يجلس على المفرش فمنعوه، فقال عبد المطلب: دعوا ابني يجلس عليه، فإنه يحس من نفسه بشرف، وأرجو أيبلغ من الشرف ما لم يبلغ عربي قبله ولا بعده، ومات عبد المطلب والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن ثماني سنين، وكان خلف جنازة عبد المطلب يبكي حتى دفن بالحجون.
قال عكرمة: كان ابن عباس إذا مرّ في الطريق قلن النساء على الحيطان: أمر المسك أم مرّ ابن عباس؟
قال ابن عباس: أجلسني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجره، ومسح رأسي، ودعا لي بالبركة.
وعن ابن عباس قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فأخذ بيدي فجعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فصلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما انصرف قال لي: ما شأني أجعلك حذائي فتخنس؟! فقلت: يا رسول الله، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أعطاك الله عز وجل؟ قال: فأعجبه، فدعا الله لي أن يزيدني علماً وفهماً. قال: ثم رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نام حتى سمعته نفخ، ثم أتاه بلال فقال: يا رسول الله، الصلاة، فقام فصلى ما أعاد وضوءاً.
قال ابن عباس: دعا لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤتيني الحكمة والتأويل، قال: والحكمة: القرآن، والتأويل: تفسيره.
وعن ابن عباس قال: دعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخير كثير. وقال: نعم ترجمان القرآن أنت.
وعن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يده على رأس عبد الله فقال: اللهم، أعطه الحكمة، وعلمه التأويل، ووضع يده على صدره، فوجد عبد الله بن العباس بردها في ظهره، ثم قال: اللهم احش جوه حكماً وعلماً، فلم يستوحش في نفسه إلى مسألة أحد من الناس، ولم يزل حبر هذه الأمة حتى قبضه الله عز وجل.
وعن عمر قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أرأف أمتي بها أبو بكر، وإن أصلبها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء لعثمان،
وإن أقرأها لأبي، وإن أفرضها لزيد، وإن أقضاها لعلي، وإن أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ، وإن أصدقها لهجة لأبو ذر، وإن أمير هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس.
وعن ابن عباس قال: انتهيت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده جبريل عليه السلام، فقال له جبريل: إنه كائن حبر الأمة فاستوص به خيراً.
وعن ابن عمر قال: دعا النبي لعبد الله بن العباس فقال: اللهم، بارك فيه وانشر منه.
وعن ابن عباس قال: مررت برسول الله وعليه ثياب بياض نقية، وهو يناجي دحية بن خليفة الكلبي، وهو جبريل، وأنا لا أعلم، قال: فلم أسلم. قال جبريل: يا محمد، من هذا؟ قال: هذا ابن عمي، هذا ابن عباس قال: ما أشد وضح ثيابه، أما إن ذريته ستسود بعده، لو سلم لرددنا عليه. قال: فلما رجعت قال: فلما رجعت قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما منعك أن تسلم؟ قال: قلت يا رسول الله، رأيتك تناجي دحية الكلبي، فكرهت أن تقطعا منجاتكما. قال: وقد رأيته؟ قال: قلت: نعم، قال: أما إنه سيذهب بصرك، ويرده الله عليك في موتك. قال: فلما قبض ابن عباس ووضع على سريره جاء طير أبيض شديد الوضح فدخل في أكفانه فلمسوه، فقال لي عكرمة: ما تصنعون؟ هذه بشرى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فلما وضع في لحده تلقي بكلمة سمعها من كان على شفير القبر " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
وفي حديث آخر بمعناه: ورجل يناجيه ولم يذكر دحية الكلبي.
وفي حديث آخر بمعناه عن سعيد بن جبير قال: مر العباس وابنه على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبريل، فسلم العباس يعني: على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فلم يرد عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فشق عليه. قال: فلما جاز قال: يقول له ابنه: أبه، من الرجل الذي كان عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فشق على العباس وخشي أن يكون قد عرض لابنه شيء لأنه لم ير هو مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً، قال: فجاء العباس فقال: يا رسول الله، مررت بك فسلمت فلم ترد علي السلام. فلما مضيت قال لي ابني: من الرجل الذي مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فلقد رآه؟ ذاك جبريل. قال: فمسح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه ودعا له بالعلم.
وعن أنس قال: نظر علي بن أبي طالب إلى جبريل عله السلام مرة، ونظر إليه ابن عباس مرة.
وعن عبد الله بن عباس قال: دخلت على خالتي ميمونة في يومها من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو نائم، ورأسه في حجرها، فقلت يا أمه، أو يا خالة، دعيني أغمز رجل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: شأنك، فتناولت رجليه فجعلتهما في حجري، فانتبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا عبد الله، أحبك الذي أحببتني له، أما إن جبريل قد أوصى بك خيراً، وقال: إن عبد الله من خيار هذه الأمة وإن ولده يرزقون الخلافة في آخر الزمان، ويرزقون حسن مشية الدواب.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: يا غلام، ألا أعلمك شيئاً ينفعك الله به؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، ولو جهد الخلائق أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا، ولو جهد الخلائق أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا على ذلك.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني سألت الله عز وجل لكم يابني عبد المطلب أن يهدي ضالكم، وأن يثبت قائلكم، وكلمة سقطت عن ابن القاسم، وأن يجعلكم نجباً نجداً جوداً، ولو أن أحداً صفن صلاة ما بين الركن والمقام ثم مات وهو مبغض لكم دخل النار.
وعن ابن عباس شرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن شماله، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الشربة لك، فإن شئت آثرت بها خالداً، قال: ما أوثر على سؤر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً.
وعن ابن عباس قال: لما قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتعلم منهم فإنهم كثير، فقال: العجب والله لك يا بن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الأرض من ترى من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتركت ذلك، وأقبلت على المسألة وتتبع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل سمعه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآتيه فأجده قائلاً، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج، فإذا خرج قال: ما جاء بك يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: جئت، بلغني أنك تحدث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأحببت أن أسمعه منك، فيقول: هلا بعثت إلي حتى آتيك؟ فأقول: أنا كنت أحق أن آتيك. فكان هذا الرجل يمر بي وقد ذهب أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحتاج الناس إلي فيقول: أنت كنت أعقل مني.
وعن ابن عباس قال: كنت أكرم الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المهاجرين والأنصار، وأسألهم عن مغازي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما نزل من القرآن في ذلك، وكنت لا آتي أحداً منهم إلا سر بإتياني لقربى من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعلت أسأل أبي بن كعب يوماً وكان من الراسخين في العلم عما نزل من القرآن بالمدينة فقال: نزل سبع وعشرون سورة، وسائرها بمكة.
وكان ابن عباس يأتي أبا رافع مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول: ما صنع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم كذا وكذا؟ ومع ابن عباس ألواح يكتب ما يقول.
قال معمر: عامة علم ابن عباس عن ثلاثة: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب.
قال ابن عباس: طلبت العلم فلم أجده أكثر منه في الأنصار، فكنت آتي الرجل فأسأل عنه فيقال لي: نائم، فأتوسد ردائي ثم أضطجع حتى يخرج إلي الظهر فيقول: متى كنت ها هنا يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: منذ طويل فيقول: بئس ما صنعت، هلا أعلمتني؟ فأقول: أردت أن تخرج إلي وقد قضيت حاجتك.
وعن طاوس قال: قال ابن عباس: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقيل لابن عباس لطلب العلم، فعززت مطلوباً.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا ثلاثاً الرقيم وغسلين وحناناً.
وعن ابن عباس قال: قد حفظت السنة كلها، غير أني لا أدري أكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر أم لا، ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف " وقد بلغت من الكبر عتياً " أو عسياً.
قال ابن عباس: دخلت على عمر بن الخطاب يوماً فسألني عن مسألة كتب إليه بها يعلى بن أمية من اليمن، فأجبته فيها، فقال عمر: أشهد أنك تنطق عن بيت نبوة.
وعن سعيد بن جبير قال: قال عمر لابن عباس: لقد علمت علماً ما علمناه.
وعن سعيد بن جبير قال: كان أناس من المهاجرين قد وجدوا على عمرفي إدنائه ابن عباس دونهم قال: وكان
يسأله فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عن هذه الصورة: " إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " قال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجاً أن يحمدوه ويستغفروه. قال: فقال عمر: يا بن عباس، ألا تكلم قال: فقال: أعلمه من يموت. قال: " إذا جاء نصر الله والفتح " وفي رواية: والفتح فتح مكة " ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " فهي آيتك من الموت: فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " قال: ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها. فقال بعضهم: كنا نرى أنها في العشر الأوسط، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، قال: فأكثروا فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم: ثلاث وعشرين، وقال بعضهم: سبع وعشرين، فقال بعضهم لابن عباس: ألا تكلم! قال: الله أعلم. قال: قد نعلم أن الله أعلم، إنما نسألك عن علمك فقال ابن عباس: الله وتر يحب الوتر، خلق من خلقه سبع سموات فاستوى عليهن، وخلق الأرض سبعاً، وخلق عدة الأيام سبعاً، ورمي الجمار سبعاً، وبين الصفا والمروى سبعاً، وخلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع. قال: فقال عمر: وكيف خلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع فقد فهمت من هذا الأمر ما فهمته؟ قال ابن عباس: إن الله يقول: " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين " حتى بلغ إلى قوله: " فتبارك الله أحسن الخالقين " قال: ثم قرأ: " أنا صببنا الماء صباً ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً " وأما السبعة فلبني آدم، وأما الأب فما أنبتت الأرض للأنعام، وأما ليلة القدر فما نراها إن شاء الله إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين وسبع بقين.
وعن ابن عباس قال: كان عمر يجلس مع الأكابر من أصحاب محمد، ويقول لي: لا تكلم حتى يتكلموا، ثم
يسألني، ثم يقبل عليهم فيقول: ما يمنعكم أن تأتونيبمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه؟! وفي حديث آخر عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم. فقال بعضهم: يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله، فقال عمر: إنه ممن قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم، وأذن لي معهم فسألهم عن هذه السورة: " إذا جاء نصر الله والفتح " وساق الحديث بمعنى ما تقدم.
وعن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر: ألا ندعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاكم فتى الكهول، إن له لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً.
وعن ابن عباس قال: قدم على عمر رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قرأ منهم القرآن كذا وكذا، فقال ابن عباس: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزبرني عمر ثم قال: مه، قال: فانطلقت إلى منزلي مكتئباً حزيناً، فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل بمنزلة ما أراني إلا أني قد سقطت من نفسه، قال: فرجعت إلى منزلي فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، وما هو إلا الذي نقلني به عمر، قال: فبينا أن كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين، قال: فخرجت فإذا هو قائم قريباً ينتظرني، فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال: ما كرهت مما قال الرجل؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت أسأت فأستغفر الله وأتوب إليه، وأنزل حيث أحببت، قال: لتحدثني ما الذي كرهت مما قال الرجل، فقلت: يا أمير المؤمنين إنهم متى سارعوا هذه المسارعة يحتقوا ومتى يحتقوا اختلفوا، ومتى اختلفوا يقتتلوا، قال: لله أبوك، والله لقد كنت أكاتمها الناس حتى جئت بها.
وعن أبي الزناد: أن عمر بن الخطاب دخل على ابن عباس يعوده وهو يحم، فقال له عمر: أخل بنا مرضك، فالله المستعان.
وعن عبد الله بن عباس قال: قال لي أبي: إن عمر بن الخطاب يدنيك فاحفظ عني ثلاثاً: لا تشفين له سراً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا يجربن عليك كذباً.
قال الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف. قال: بل خير من عشرة آلاف.
وفي حديث آخر: ولا ابتدأته بشيء حتى يسألك عنه، عوضاً عن الكذب.
وفي حديث آخر: أن العباس بن عبد المطلب قال لابنه عبد الله بن العباس: يا بني أنت أعلم مني وأنا أفقه منك، إن هذا الرجل يدنيك، يعني: عمر بن الخطاب، فاحفظ عني ثلاثاً الحديث.
وعن عطاء بن يسار: أن عمر وعثمان كانا يدعوان ابن عباس فيسير مع أهل بدر، وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات.
قال المدائني: قال علي بن أبي طالب في عبد الله بن عباس: إنه ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، لعقله وفطنته بالأمور.
وعن عكرمة: أن علياً حرق ناساً ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تعذبوا بعذاب الله "، وكنت قاتلهم لقول
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من بدل دينه فاقتلوه "، فبلغ ذلك عليا فقال: ويح ابن أم الفضل إنه لغواص على الهنات.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: ما رأيت أحداً أحضر فهماً، ولا ألب لباً، ولا أكثر علماً، ولا أوسع حلماً من ابن عباس. ولقد رأيت عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات ثم يقول: عندك، قد جاءتك معضلة، ثم لا يجاوز قوله، وإن حوله لأهل بدر من المهاجرين والأنصار.
وعن مسروق قال: قال عبد الله: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد.
وفي رواية عنه قال: لوأن هذا الغلام من بني عبد المطلب أدرك ما أدركنا ما تعلقنا منه بشيء.
سألت امرأة ابن عمر عن مسألة فقال: ائتي ابن عباس، فإنه أعلم الناس بما أنزل الله عز وجل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن عمر: أن رجلاً أتاه يسأله عن " السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناها "، قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فسله ثم تعال فأخبرني ما قال. فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات. فرجع الرجل إلى ابن عمر، فأخبره، فقال: إن ابن عباس قد أوتي علماً. صدق، هكذا كانت، ثم قال ابن عمر: قد كنت أقول: ما تعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي علماً.
ولما مات ابن عباس قال جابر بن عبد الله لما بلغه موته، وصفق بإحدى يديه على الأخرى: مات أعلم الناس، وأحلم الناس، ولقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق.
ولما مات ابن عباس قال رافع بن خديج: مات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب في العلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ابن عباس أعلم الناس بالحج.
قال الشعبي: ركب زيد بن ثابت، فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: لا تفعل يابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال له زيد: أرني يديك، فأخرج يديه فقبلهما، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.
وعن ابن عباس قال: نحن أهل البيت شجرة النبوة، ومختلف الملائكة، وأهل بيت الرسالة، وأهل بيت الرحمة، ومعدن العلم.
وعن ابن عباس قال: لو كان المهدي في زماني لكنته، ولكنه في آخر الزمان، رجل من ولدي، أو قال مني.
وعن عكرمة قال: قال كعب الأخبار: مولاك رباني هذه الأمة هو أعلم من مات ومن عاش.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت أحداً كان أعلم بالسنة ولا أجلد رأياً، ولا أثقب نظراً حين ينظر من ابن عباس، وإن كان عمر بن الخطاب يقول له: لقد طرأت علينا عضل أقضية أنت لها، ولا منا لها، ثم يقول عبيد الله: وعمر عمر في جده في ذات الله وحسن نظره للمسلمين.
وعنه قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه،
وحلم ونسب ونائل. ما رأيت أحداً كان أعلم بما سبقه من حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه، ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية، ولا بتقسيم القرآن، ولا بحساب، ولا بفريضة منه، ولا أعلم بما مضى، ولا أثقب رأياً فيما احتيج إليه منه. ولقد كان يجلس يوماً ما يذكر فيه إلا الفقه، ويوماً التأويل، ويوماً المغازي، ويوماً الشعر، ويوماً أيام العرب. وما رأيت عالماً قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلاً قط سأله إلا وجد عنده علماً.
وقال عطاء: ما رأيت مجلساً قط كان أكرم من مجلس ابن عباس، أكثر علماً وأعظم جفنة، وإن أصحاب القرآن عنده يسألونه، وأصحاب النحو عنده يسألونه، وأصحاب الشعر عنده يسألونه، وأصحاب الفقه عنده يسألونه، كلهم يصدرهم في واد واسع.
وقال عطاء: كان أناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس لأيام العرب ووقائعها، وناس للعلم، فما منهم من صنف إلا يقبل عليهم بما شاؤوا.
وعن طاوس قال: كان ابن عباس قد سبق على الناس في العلم كما تبسق النخلة السحوق على الودي الصغار.
وعن طاوس قال: ما رأيت أحداً خالف ابن عباس قط فتركه حتى يقرره.
وعن ليث بن أبي سليم قال: قلت لطاوس: لزمت هذا الغلام يعني ابن عباس، وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارؤوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس.
وعن طاوس قال: أدركت خمسين أو سبعين من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سئلوا عن شيء فخالفوا ابن عباس لا يقومون حتى يقولوا: هو كما قلت، أو صدقت.
وعن ليث قال: قال لي طاوس: ما تعلمت من شيء فتعلم لنفسك، فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة. قال: وما رأيت رجلاً أعلم من ابن عباس ولا رأيت رجلاً أورع من ابن عمر. قال: وكان طاوس يعد الحديث حرفاً حرفاً.
وعن مجاهد قال: ما رئي مجلس ابن عباس. ولقد مات يوم مات، وإنه لحبر هذه الأمة.
وفي رواية: وما رأيت مثله قط أو قال: ما سمعت إلا أن يقول رجل: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال مجاهد: كان عبد الله بن العباس أمدهم قامة، وأعظمهم جفنة، وأوسعهم علماً. ولو شاء أن أبكي كلما ذكرته بكيت.
قال: وكان ابن عباس يسمى البحر، لكثرة علمه.
وعن مجاهد قال: كنا نفخر على الناس بأربعة: نفخر بفقيهنا، ونفخر بقاضينا، ونفخر بقارئنا ونفخر بمؤذننا: فأما فقيهنا فابن عباس، وأما قاضينا فعبيد بن عمير، وأما قارئنا فعبد الله بن السائب، وأما مؤذننا فأبو محذورة.
قال مجاهد: كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نوراً.
وقال: ما رأيت أحداً قط أعرب لساناً من ابن عباس.
وعن عمرو بن دينار قال: ما رأيت مجلساً قط أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، للحلال والحرام وتفسير القرآن والعربية والطعام، قال أبو هلال: ولا أراه إلا قال: والشعر.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين: ما رأيت بيتاً كان أكثر طعاماً ولا شراباً ولا فاكهة ولا علماً من بيت عبد الله بن عباس.
وقال الضحاك: ما رأيت بيتاً أكثر خبزاً ولحماً وعلماً من بيت ابن عباس.
قال أبو صالح: لقد رأيت في ابن عباس مجلساً لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها فخراً. لقد رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر على أن يجيء ولا أن يذهب. قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال: ضع لي وضوءاً قال: فتوضأ وجلس وقال: اخرج فقل لهم: من كان يريد أن يسأل عن القرآن وحروفه، وما أراد منه فليدخل وقال: فخرجت، فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم عنه وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن أو تأويله فليدخل.
قال: فخرجت فأذنتهم فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا فقلت لهم. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم، قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الفرائض وما أشبهها فليدخل. قال: فخرجت فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال:
اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن العربية والشعر والغريب من الكلام فليدخل. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله.
قال أبو صالح: ولو أن قريشاً كلها فخرت بذلك لكان فخراً. فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس.
قال جابر بن زيد: سألت البحر وكان يسمي ابن عباس البحر عن لحوم الحمر، فقرأ هذه الآي " قل لا أجد فيما أوحي غلي محرماً على طاعم يطعمه " إلى آخر الآية.
وفي حديث ابن الفرا: عن تحريم الخمر. وهو تصحيف.
وعن الحسن: أن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل، وكان ابن عباس من القرآن بمنزل. قال: وكان يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة وآل عمران فيفسرها آية آية. وكان مثجه غرباً غرباً، وكان عمر إذا ذكره قال: ذاكم فتى الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول.
قال أبو بكر الهذلي: دخلت على الحسن بن أبي الحسن، فجلست عنده وهو يصلي، فتذاكرنا آيات من القرآن. فلما انصرف قال: ما كنتم تقولون؟ قلنا: " حم " و" طسم ". قال. فواتح يفتح الله بها القرآن، فقلت له: فإن مولى ابن عباس يقول: كذا وكذا. قال: إن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل. وساق بقية الحديث.
قوله: كان مثجاً هو من العج والثج: السيلان. يريد أنه يصب الكلام صباً.
وعن ميمون بن مهران قال: لو أتيت ابن عباس بصحيفة فيها ستون حديثاً لرجعت ولم تسأله عنها، وسمعتها. قال: يسأله الناس فيكفونك.
قال عبد الله بن أبي الهذيل: أردت الخروج، فعلم بي أهل الكوفة، فجمعوا مسائل، ثم أتوني بها في صحيفة. فلما قدمت على ابن عباس خرج، فقعد للناس، فما زال يسألونه حتى ما بقي في صحيفتي شيء إلا سألوه عنه.
وعن مسروق انه قال: كنا إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا نطق قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس.
قال ابن أبي ملكية: دخلنا على ابن عباس فقال: إني لم أنم الليل، فقلنا له: لم يا أبا عباس؟ قال: طلع الكوكب ذوالذنب فخشيت أن يطرق الدخان. سلوني عن سورة البقرة، سلوني عن سورة يوسف، فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، وكان علي أعلمهما بالمبهمات، وسئل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن معنى قول عكرمة: إن ابن عباس أعلم بتفسير القرآن من علي، فقال: لم سمع ابن عباس عامة التفسير من علي فوعاه وجمعه، ثم ضم إليه ما سمعه من غيره مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعامة أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما ضم علم هؤلاء في التفسير إلى علم علي كان أعلم منه بالتفسير. وقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا له فقال ": اللهم علمه الكتاب وفهمه التأويل، وعلي أعلم منه بالمبهمات ومن غيره، فقد شهد عامة التنزيل فروى فيم نزل، وفي أي أمر كان.
قال شقيق: خطب ابن عباس وهو على الموسم، فافتتح سورة البقرة، فجعل يقرؤها ويفسر، فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله. لو سمعت فارس والروم لأسلمت.
وفي حديث بمعناه: فقرأ سورة النور.
وعن ابن عباس قال: لقد علمت علما من القرآن ما يسألني عنه أحد، لا أدري علمه الناس فلم يسألوا عنه أو لم يعلموها فيسألوا عنها.
وعن ابن عائشة قال: ما زال ابن عباس يستفيد حتى مات. وكان يقول: ما علمت ما " فاطر " حتى سمعت أعرابياً يخاصم رجلاً في بئر واحدهما يقول: أنا فطرتها، وكنت لا أدري ماء البعل حتى سمعت أعرابياً ينادي آخر يقول: يا بعل الناقة، فعلمت أنه ربها.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا أربع: غسلين، وحناناً، والأواه، والرقيم.
وعن عبيد الله بن أبي يزيد قال: كان ابن عباس إذا سئل عن شيء، فإن كان في كتاب الله عز وجل قال به، وإن لم يكن في كتاب الله عز وجل وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال به، فإن لم يكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال بما قال به أبو بكر وعمر، فإن لم يكن لأبي بكر وعمر، فيه شيء قال برأيه.
وعن القاسم بن محمد قال: ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلاً قط.
وعن سفيان بن عيينة قال: علماء الأزمنة ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه.
ورد صعصعة بن صوحان على علي بن أبي طالب من البصرة، فسأله عن عبد الله بن عباس، وكان على خلافته بها، فقال صعصعة: يا أمير المؤمنين، إنه آخذ بثلاث وتارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدث، ويحسن الاستماع إذا حدث، وبأيسر الأمرين إذا خولف. تارك للمراء، وتارك لمقاربة اللئيم، وتارك لما يعتذر منه.
وعن عبد الله بن بريدة قال: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك تشتمني وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل فلوددت أن جميع الناس علموا منها مثل الذي أعلم، وإني لأسمع الحاكم
من حكام المسلمين يقضي بالعدل فأفرج به ولعلي لا أقاضي إليه أبداً وإني لأسمع بالغيث يصيب الأرض من أرض المسلمين فأفرج به ومالي سائمة أبداً.
وعن ابن أبي ملكية قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين، إذا نزل قام ينتظر الليل، فيرتل القرآن حرفاً حرفاً، ويكثر من النشيج قلت: وما النشيج؟ قال: النحيب، البكاء، ويقرأ: " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ".
قال شعيب بن درهم: كان هذا الموضع وأومأ إلى مجرى الدموع من خديه من خدي ابن عباس، مثل الشراك البالي من كثرة البكاء.
جاء رجل إلى ابن عباس فقال: يا بن عباس، كيف صومك؟ قال: أصوم الاثنين والخميس، قال: ولم؟ قال: لأن الأعمال ترفع فيها، وأحب أن ترفع أعمالي وأنا صائم.
قال معاوية يوماً لعبد الله بن عباس: إنه ضربتني البارحة أمواج القرآن في آيتين لم أعرف تأويلهما، ففزعت إليك، فقال ابن عباس: ما هما؟ فقال معاوية: قول الله عز وجل: " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن تقدر عليه " فقلت: يونس رسول الله ظن أنه بقوته إذا أراده، ما ظن هذا مؤمن، وقول الله عز وجل: " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " فقلت سبحان الله! كيف يكون هذا أن يستيئس الرسل من نصر الله، أو
يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم! إن لهاتين الآيتين تأويلاً ما نعلمه. قال ابن عباس: أما يونس عله السلام فظن أن خطيئته لم تبلغ أن يقدر الله عليه تلك البلية، ولم يشك أن الله عز وجل إذا أراده قدر عليه. وأما قوله: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن من أعطاهم الرضا في العلانية أن يكذبهم في السريرة، وذلك أطول البلاء عليهم، ولم يستيئس الرسل من نصر الله، ولم يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم. فقال معاوية: فرجت عني فرج الله عنك. قال ابن عباس فإن رجلاً قرأ علي آية المحيض، قول الله عز وجل: " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض " إلى آخر الآية. يعني بالماء " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " يقول: طاهرات غير حيض، فقال معاوية: إن قريشاً لتغبط بك لا بل جميع العرب، لا بل جميع أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولولا خفتك مع علي عطفتني عليك العواطف، فقال أيمن بن خريم: البسيط
ما كان يعلم هذا العلم من أحد ... بعد النبي سوى الحبر ابن عباس
مستنبط العلم غضاً من معادنه ... هذا اليقين وما بالحق من باس
دينوا بقول ابن عباس وحكمته ... إن المنافي فيكم عالم الناس
كالقطب قطب الرحا في كل حادثة ... أو كالحمام فمنه موضع الراس
من ذا يفرج عنكم كل معضلة ... إن صار رهناً مقيماً بين أرماس؟
قال ابن ملكية: كتب ابن هرقل إلى معاوية يسأله عن ثلاث خلال: مكان إذا كنت عليه لم تدر أين قبلتك، ومكان طلعت الشمس لم تطلع فيه قبل ولا بعد، وعن المحو الذي في القمر. فقال معاوية: من لهذه؟ فقيل له: ابن عباس. فكتب إلى ابن عباس، فكتب إليه ابن عباس: أما المكان الذي إذا كنت فيه لم تدر أين قبلتك فإذا كنت على ظهر الكعبة. وأما المكان الذي طلعت الشمس ولم تطلع فيه قبل ولا بعد فالبحر يوم انفلق لموسى. وأما المحو الذي في القمر فإن الله عز وجل يقول: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل " فهو آية الليل، فكتب به معاوية إلى ابن هرقل. قال: فكتب إليه: ما هذا من كنزك ولا كنز أبيك، ولا خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن ابن عباس قال: كتب قيصر إلى معاوية: أما بعد، فأي كلمة أحب إلى الله والثانية والثالثة والرابعة والخامسة، ومن أكرم عباد الله وإمائه عليه، وأربعة أشياء فيهم الروح لم ترتكض في رحم، وقبر سار بصاحبه، ومكان لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة، والمجرة التي في السماء ما هي؟ وقوس قزح ما هو؟ فلما قرأ معاوية الكتاب قال لعبد الله: ما أدري ما هذا، وماله إلا ابن عباس، فأرسل إلى ابن عباس يسأله عن ذلك، فقال: أحب كلمة إلى الله: لا إله إلا الله، والثانية: سبحان الله، والثالثة: الحمد، والرابعة: الله أكبر، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. وأما أكرم عباد الله فآدم خلقه الله بيده وعلمه الأسماء كلها، وأكرم إمائه عنده مريم التي أحصنت فرجها، والرابعة التي فيها الروح لم ترتكض في رحم فآدم وحواء، وعصا موسى، وكبش إبراهيم، والقبر الذي سار بصاحبه قبر يونس بن متى في بطن الحوت.
والمكان الذي لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة فالبحر فلقه موسى بعصاه، وقوس قزح فأمان لأهل الأرض من الغرق وزاد في حديث آخر: بعد قوم نوح والمجرة فهي باب السماء.
وفي حديث آخر بمعناه: فقلت: أما أحب كلمة إلى الله: فلا إله إلا الله لا يقبل عمل إلا بها، والثانية: المنجية سبحان الله وصلاة الخلق، والثالثة: الحمد لله كلمة الشكر، والرابعة: الله أكبر فواتح الصلاة والركوع والسجود، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. فاكتب إليه بذلك، فإنهم سيعرفون فأما لا إله إلا الله فإذا قالها العبد قال: يقول الله - أخلص عبدي. فإذا قال: سبحان الله قال: عبدني عبدي، فإذا قال: الحمد لله، قال: أخلص عبدي، فإذا قال: الله أكبر، قال: صدق عبدي أنا أكبر، فإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله قال: ألقى إلي عبدي السلام الحديث.
وعن أبي الجويرية الجرمي قال: كتب قيصر إلى معاوية: أخبرني عمن لا قبلة له، وعمن لا أب له، وعمن لا عشيرة له، وعمن سار به قبره، وعن ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم، وعن شيء ونصف شيء ولا
شيء، وابعث إلي في هذه القارورة ببزر كل شيء. فبعث معاوية بالكتاب والقارورة إلى ابن عباس، وقيل إنالحسن بن علي بعث إليه بالكتاب والقارورة أما من لا قبلة له فالكعبة، وأما من لا أب له فعيسى، وأما من لا عشيرة له فآدم، وأما من سار به قبره فيونس. وأما ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم فكبش إبراهيم، وناقة ثمود، وعصا موسى. وأما شيء فالرجل له عقل، يعمل بعقله، وأما نصف شيء فالذي ليس له عقل ويعمل برأي ذوي العقول. وأما لا شيء فالذي ليس له عقل، يعمل بعقله، وملأ القارورة ماء، وقال: هذا بزر كل شيء. فبعث معاوية بالبزر والقارورة إلى قيصر. فلما وصل إليه الكتاب والقارورة قال: ما خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن حماد بن حميد قال: كتب رجل من أهل العلم إلى ابن عباس يسأله عن هذه المسائل وكان الرجل عالماً. قال: أخبرني عن رجل دخل الجنة ونهى الله محمداً أن يعمل بعمله، وأخبرني عن شيء تكلم ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء بنفس ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء له لحم ولم تلده أنثى ولا ذكر، وأخبرني عن شيء قليله وكثيره حرام، وأخبرني عن رسول بعثه الله ليس من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة، واخبرني عن نفس أوحى الله إليها ليست من الأشياء، وأخبرني عن منذر ليس من الجن ولا من الإنس، وأخبرني عن شيء حرم بعضه وحل بعضه، وأخبرني عن نفس ماتت وأحييت بنفس غيرها، وأخبرني عن نفس خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم، وأخبرني عناثنين تكلما ليس لهما لحم ولا دم، وأخبرني عن الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، وأخبرني عن شيء إن فعلته كان حراماً وإن تركته كان حراماً، وأخبرني عن موسى كم أرضعته أمه قبل أن تلقيه في البحر، وفي أي بحر قذفته، وأخبرني عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطم موسى فرعون، وأخبرني عن موسى حين كلمه الله تعالى من حمل التوراة إليه، وكم كانت الملائكة الذين حملوا التوراة إلى موسى، وأخبرني عن آدم كم كان طوله، وكم عاش، ومن كان وصيه، وأخبرني من كان بعد آدم من الرسل، ومن كان بعد نوح، ومن كان بعد هود، ومن كان بعد إبراهيم، ومن كان بعد لوط، ومن كان بعد إسحاق، ومن كان قبل
نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخبرني عن الأنبياء كم كانوا، وكم كان منهم الرسل، وكم كان منهم من الأنبياء، وأخبرني كم في القرآن منهم، وأخبرني عن رجل ولد من غير ذكر ولا أنثى ولم يمت، وأخبرني عن أرض لم تصبها الشمس إلا يوماً واحداً، وأخبرني عن الطير الذي لا يبيض ولا يحضن عليه طير.
قال: فلما قدمت المسائل على ابن عباس عجب من ذلك عجباً شديداً، ثم كتب إليه: أما سؤالك عن الرجل الذي دخل الجنة ونهي عنه محمداً أن يعمل بعمله فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نبينا وعليه وسلم الذي يقول: " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم " وأما الشيء الذي تكلم ليس له لحم ولا دم فهي النار التي تقول " هل من مزيد " وأما الرسول الذي بعثه الله من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة فهو الغراب الذي بعثه الله إلى ابن آدم ليريه كيف يواري سوأة أخيه. وأما الذي له لحم ودم لم تلده أنثى ولا ذكر فهو كبش إبراهيم الذي فدى به إسحاق. وأما الشيء الذي بنفس ليس له لحم ولا دم فهو الصبح، إذ يقول الله عز وجل " والصبح إذا تنفس " وأما النفس التي ماتت، وأحييت بنفس غيرها فهي البقرة التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الذي يقول: " اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى " الآية. وأما الطير الذي لم يبض ولم يحضن عليه طائر فهو الطير الذي نفخ فيه عيسى بن مريم، فكان طيراً بإذن الله، واما الشيء الذي قليله حلال وكثيره حرام فهو نهر طالوت الذي ابتلاهم الله به، وأما النفس التي خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي خرج من بطن الحوت.
وأما الاثنتان اللتان تكلمتا ليس لهما لحم ولا دم فهما السماء والأرض إذ يقول الله تعالى: " ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين "، وأما الشيء الذي مشى ليس له لحم
ولا دم فهو عصا موسى التي " تلقف ما يأفكون "، وأما الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فهو أرمنياً. وأما الشيء الذي إن فعلته كان حراما، وإن تركته كان حراماً فهي الصلاة: إن صليت وأنت سكران لا يحل لك، وإن تركتتها لا يحل لك. وسألت عن أم موسى كم أرضعته فإنها أرضعته ثلاثة أشهر قبل أن تقذفه في البحر، ثم ألقته في البحر بحر القلزم. وسألت عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطمه موسى فهي آسية امرأة فرعون، والرجل الذي كان يكمن إيمانه. وسألت عن موسى يوم كلمه الله تعالى وحملت التوراة إليه فإن الله كلم موسى يوم الجمعة، وأعطي التوراة، ونزلت بها الملائكة إلى موسى يوم الجمعة، ومر الله تعالى بكل حرف من التوراة فحمله ملك من السماء، فلا يعلم عدد ذلك إلا الله وحده لا شريك له. وأما الأرض التي لم تنظر إليها الشمس إلا يوماً فهي أرض البحر الذي فلقه الله عز وجل لموسى. وأما المنذر الذي ليس من الإنس ولا من الجن فهي النملة: " قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم "، وسألت عن آدم فهو أول الأنبياء خلقه الله من طين، وسواه ونفخ فيه من روحه. وكان طوله فيما بلغنا والله أعلم ستين ذرعاً، وكان نبياً وخليفة، وعاش ألف سنة إلا ستين عاماً. وكان وصيه شيث.
وسألت من كان بعد شيث من الأنبياء، كان بعد إدريس وهو أول الرسل. وكان بعد إدريس نوح، وكان بعد نوح هود، ثم كان بعد هود صالح، ثم كان بعد صالح إبراهيم، ثم كان بعد إبراهيم لوط ابن أخي إبراهيم، وكان بعد لوط إسماعيل، ثم كان بعد إسماعيل إسحاق، وكان بعد إسحاق، وكان بعد إسحاق يعقوب، ثم كان بعد يعقوب يوسف، ثم كان بعد يوسف موسى، ثم كان بعد موسى عيسى فأنزل الله عليه الإنجيل، ثم كان بعد نبينا نبي الرحمة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسألت عن عدد الأنبياء: كانوا فيما بلغنا والله أعلم ألف نبي ومئتي نبي وخمسة وسبعين نبياً. وكان منهم ثلاث مئة وخمسة عشر رسولاً، وسائرهم أنبياء صالحون نجد في القرآن منهم ثلاثة وثلاثين نبياً يقول الله عز وجل: " ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماً ".
وكان ابن عباس امير البصرة، وكان يغشى الناس في شهر رمضان، فلا ينقضي الشهر حتى يفقههم، وكان إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان يعظهم، ويتكلم بكلام يردعهم، ويقول: ملاك أمركم الدين، ووصلتكم الوفاء، وزينتكم العلم، وسلامتكم الحلم وطولكم المعروف. إن كان الله كفلكم الوسع، اتقوا الله ما استطعتم. قال: فقال اعرابي فقال: من أشعر الناس أيها الأمير؟ قال: أفي إثر العظة؟ قل يا أبا الأسود قال: فقال: أبو الأسود الدؤلي: أشعر الناس يقول: الطويل
فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
قال هذا لنابغة بني ذبيان.
فكان الرجل يأتي مجلس عبد الله بن عباس وقد انتعل القوم، فيخلع نعليه، فيقول له الرجل لا يحبسك مكاني يا أبا العباس، فيقول: ما أنا بقائم حتى آحادثك وتحدثني فأسمع منك.
قال محمد بن سلام: سعى ساع إلى ابن عباس برجل فقال: إن شئت نظرنا فينا قلت، فإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن كنت صادقاً مقتناك، وإن أحببت أقلناك. قال: هذه.
قال ابو محمد بن قتيبية في حديث علي: إنه كتب إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ماأخذ: إني أشركتك في أمانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي. فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو قد حرب، قلبت لابن عمك ظهر المجن بفراقه مع المفارقين وخذلانه مع الخاذلين، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمة اختطاف
الذئب الأزل دامية المعزى. وفي الكتاب: ضح رويداً، فكأن قد بلغت المدى، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي به ينادي المغتر بالحسرة، ويتمنى المضيع التوبة والظالم الرجعة.
قوله: قد حرب: أي غضب، وقوله قلبت لابن عمك ظهر المجن: هو مثل يضرب لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية ثم حال عن ذلك، والمجن: الترس. وقوله: اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى: خص الدامية دون غيرها لأن في طبع الذئب محبة الدم، فهو يؤثر الدامية على غيرها. ويبلغ به طبعه في ذلك أنه يرى الذئب مثله وقد دمي فيثيب عليه ليأكله.
نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر وقد فرع بكلامه، فقال: من هذا الذي قد نزل عن القوم في سنه وعلاهم في قوله؟ قالوا: هذا ابن عباس، هذا ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشأ يقول:
إني وجدت بيان المرء نافلة ... تهدى له ووجدت العي كالصمم
المرء يبلى ويبقى الكلم سائره ... وقد يلام الفتى يوماً ولم يلم
الكلم ها هنا جمع كلمة، وأصله الكلم بكسر اللام، فسكنه تخفيفاً لإقامة الوزن، كما قالوا: ملك في ملك. فأما الكلم الذي عين فعله ساكنة في أصل بنائه فإنه مصدر كلمه يكلمه كلماً بمعنى جرحه. وقوله: سائره يعني أنه يبقى سائر الكلام. يريد الحكم السائرة من الكلم.
اختصم إلى عمر بن الخطاب حسان بن ثابت وخصم له، فسمع منهم، وقضى على حسان، فخرج وهو مهموم، فمر بابن عباس فأخبره بقصته، فقال له ابن عباس: لو كنت أنا الحكم بينكما لحكمت لك، فرجع حسان إلى عمر فأخبره فبعث عمر إلى ابن عباس فأتاه فسأله عما قال حسان، فصدقه، فسأله عن الحجة في ذلك فأخبره، فرجع عمر إلى قول ابن عباس، وحكم لحسان، فخرج وهو آخذ بيد ابن عباس وهو يقول:
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه ... رأيت له في كل منزلة فضلا
قضى وشفى ما في النفوس فلم يدع ... لذي إربة في القول جداً ولا هزلا
ورويت هذه الأبيات في ابن عباس في قصة أخرى.
قال المدائني: تكلم رجل عند ابن عباس، فأكثر السقط في كلامه، فالتفت ابن عباس إلى عبد له
فأعتقه، فقيل له لم أعتقت عبدك؟ قال: شكراً لله إذ لم يجعلني مثل هذا. ثم أنشد المدائني:
عي الشريف يشين منصبه ... وترى الوضيع يزينه أدبه
ولما جاء معاوية نعي الحسن بن علي استأذن ابن عباس على معاوية، وكان ابن عباس قد ذهب بصره، فكان يقول لقائده: إذا دخلت بي على معاوية فلا تقدني، فإن معاوية يشمت بي. فلما جلس ابن عباس قال معاوية: لأخبرنه بما هو أشد عليه من أن أشمت به. فلما دخل قال: يا أبا العباس، هلك الحسن بن علي، فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون. وعرف ابن عباس أنه شامت به، فقال: أما والله يا معاوية لا تسد حفرتك، ولا تخلد بعده، ولقد أصبنا بأعظم منه، فخرنا الله بعده، ثمقام. فقال معاوية: لا والله، ما كلمت أحداً قط أعد جواباً ولا أعقل من ابن عباس.
وعن ربعي بن حراش قال:
استأذن عبد الله بن العباس على معاوية بن أبي سفيان، وقد تحلقت عنده بطون قريش، وسعيد بن العاص جالس عن يمينه. فلما نظر إليه معاوية مقبلاً قال لسعيد: والله لألقين على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها فقال سعيد: ليس مثل ابن عباس يعيا بمسائلك. فلما جلس قال له معاوية: ما تقول في أبي بكر الصديق قال: رحم الله أبا بكر، كان والله للقرآن تالياً، وللشر قالياً، وعن المثل نائياً، وعن الفحشاء ساهياً، وعن المنكر ناهياً، وبدينه عارفاً، ومن الله خائفاً، ومن المهلكات جانفاً، يخاف فلتة الدهر، وإحياء بالليل قائماً، وبالنهار صائماً، ومن دنياه سالماً، وعلى عدل البرية عازماً، وبالمعروف آمراً، وإليه صائراً، وفي الأحوال شاكراً، والله بالغدو والآصال ذاكراً، ولنفسه في المصالح قاهراً، فاق أصحابه ورعاً وكفافاً، وزهداً وعفافاً، وسراً وحياطة، فأعقب الله من ثلبه اللعائن إلى يوم التغابن.
قال معاوية: فما تقول في عمر بن الخطاب؟ فقال رحم الله أبا حفص، كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، وملاذ الضعفاء، ومعقل الحنفاء، للخلق
حصناً، وللناس عوناً قال بحق الله صابراً محتسباً حتى أظهر الدين وفتح الديار وذكر الله في الإفطار والمنار، وعلى التلال وفي الضواحي والبقاع. عبد الجبار في الرخاء والشدة شكوراً، له وفي كل وقت وآن ذكوراً، فأعقب الله من يبغضه اللعنة إلى يوم الحسرة.
قال معاوية: فما تقول في عثمان؟ قال: رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الحفدة، وأفضل البررة، وأصبر القراء، هجاد بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر الدار دائب الفكر فيما يعنيه بالليل والنهار، نهاضاً إلى كل مكرمة، سعاء إلى كل منقبة، فراراً من كل موبقة، صاحب جيش العسرة، وصاحب البئر، وختن المصطفى عليه السلام على ابنتيه، فأعقب الله من ثلبه الندامى إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: رحم الله أبا الحسن، كان والله علم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجا، وطود الندى، ونور السفر في ظلم الدجى، وداعياً إلى المحجة العظمى، وعالماً بما في الصحف الأولى، وقائماً بالتأويل والذكرى متعلقاً بأسباب الهدى، وتاركاً للجور والأذى وحائداً عن طرقات الردى، وخير من آمن واتقى، وسيد من تقمص وارتدى، وأفضل من حج وسعى، وأسمح من عدل وسوى، وأخطب أهل الدنيا سوى الأنبياء والمصطفى، وصاحب القبلتين وزوج خير النساء، وأبو السبطين، لم تر عين مثله، ولا ترى أبداً حتى القيام واللقاء. فعلى من لعنه لعنة الله والعباد إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في طلحة والزبير؟ قال: رحمة الله عليهما، كانا والله عفيفين، مسلمين، برين، طاهرين، مطهرين، شهيدين، عالمين بالله، لهما النصرة القديمة والصحبة الكريمة، والأفعال الجميلة وفي حديث آخر: زلا زلة الله غافرها لهما.
قال: ما تقول في العباس بن عبد المطلب؟ قال: رحم الله أبا الفضل، كان والله صنو أبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقرة عين صفي الله، لهميم الأقوام، وسيد الأعمام، قد علا بصراً للأمور، ونظراً في العواقب. علم تلاشت الأحساب عند ذكر فضيلته، وتباعدت
الأنساب عند فخر عشيرته، ولم لا يكون كذلك؟ وقد ساسه اكرم من ذهب وهب: عب المطلب أفخر من مشى من قريش وركب.
قال معاوية: فلما سميت قريش قريشاً؟ قال: لدابة تكون في البحر هي أعظم دواب البحر خطراً، لا تظفر بشيء من دواب البحر إلا أكلته، فسميت قريش لأنها أعظم العرب فعالاً. فقال: هل تروي في ذلك شعراً؟ فأنشده قول الجمحي:
وقريش هي التي تسكن البحر به ... اسميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا تترك ل ... ذي الجناحين ريشا
هكذا في البلاد حي قريش ... يأكلون البلاد أكلاً كشيشاً
ولهم آخر الزمان نبي ... يكثر القتل فيهم والخموشا
يملأ الأرض خيله ورجال ... يحشرون المطي حشراً كميشاً
فقال معاوية: صدقت يا بن عباس، أشهد أنك لسان أهل بيتك.
فلما خرج ابن عباس من عنده قال معاوية لمن عنده: ما كلمته قط إلا وجدته مستعداً.
وفي حديث آخر قال:
فأمر له معاوية بأربعة آلاف درهم فقبضها ثم صرفها في بني عبد المطلب. فقالوا له: لا نقبل صدقة. قال: إنها ليست بصدقة. وإنما هي هدية لم يبق منها شيء، فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه يلومه وأن يقصر عن ذلك فكتب إليه يقول:
بخيل يرى بالجود عاراً وإنما ... على المرء عار أن يضن ويبخلا
إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفعه ... صديق فلاقته المنية أولا
أنشد المبرد لعبد الله بن العباس، كتب به إلى معاوية لن أبي سفيان: الطويل
إني أغضيت عن غير بغضة ... لراع لأسباب المودة حافظ
وما زال يدعوني إلى الصرم ما أرى ... فآبى وتثنيني عليك الحفائظ
وأنتظر العتبى وأغضي على القذى ... وألبس طوراً مره وأغالظ
وأنتظر الإقبال بالود منكم ... وأصبر حتى أوجعتني المغايظ
وجربت ما يسلي المحب عن الهوى ... وأقصرت والتجريب للمرء واعط
لما خرج الحسين بن علي إلى الكوفة اجتمع ابنعباس وعبد الله وبن الزبير بمكة فضرب ابن عباس جنب ابن الزبير وتمثل: الرجز
يا لك من قبرة بمعمر ... خلا لك الجود فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
خلا لك والله يا بن الزبير الحجاز. وسار الحسين إلى العراق، فقال ابن الزبير لابن عباس: والله ما ترون إلا أنكم أحق بهذا الأمر من سائر الناس، فقال له ابن عباس: إنما يرى من كان في شك، فأما نحن من ذلك فعلى يقين، ولكن أخبرني عن نفسك لم زعمت أنك أحق بهذا الأمر من سائر العرب، قال ابن الزبير: لشرفي عليهم قديماً لا تنكرونه قال: فأيما أشرف، أنت أم من شرفت به؟ قال: إن الذي شرفت به زادني شرفاً. قال: وعلت أصواتهما، فقال ابن أخ لعبد الله بن الزبير: يا بن عباس، دعنا من قولك، فوالله لا تحبونا يا بني هاشم أبداً. قال: فخفقه عبد الله بن الزبير بالنعل وما استحق الضرب؟! وإنما يستحق الضرب من مرق ومذق. قال: يا بن عباس، أما تريد أن تعفو عن كلمة واحدة قال: إنما نعفو عمن أقر، فأما من هر فلا. قال: فقال ابن الزبير: فأين الفضل؟ قال ابن عباس: عندنا - أهل البيت - لا نضعه في غير موضعه فندم، ولا نزويه عن أهله
فنظلم. قال: أولست منهم؟ قال: بلى إن نبذت الحسد، ولزمت الجدد. قال: واعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما.
وعن ابن عباس قال: لو أن العلماء أخذوا العلم بحقه لأحبهم الله عز وجل والملائكة والصالحون من عباده، ولهابهم الناس، لفضل العلم وشرفه.
قال جندب لابن عباس: أوصني بوصية، قال: أوصيك بتوحيد الله، ولا عمل له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. فإن كل خير أنت آتيه بعد هذه الخصال منك مقبول وإلى الله مرفوع. يا جندب، إنك لن تزداد من يومك إلا قرباً، فصل صلاة مودع، وأصبح في الدنيا كأنك غريب مسافر، فإنك من أهل القبور، وابك على ذنبك، وتب من خطيئتك، ولتكن الدنيا أهون عليك من شسع نعليك، وكأن قد فارقتها، وصرت إلى عدل الله، ولن تنتفع بما خلفت، ولن ينفعك إلا عملك.
قال ابن بريدة: رأيت ابن عباس آخذاً بلسانه وهو يقول: ويحك، قل خيراً تغنم أو اسكت عن شر تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم. قال: فقيل له: يا بن عباس، لم تقول هذا؟! قال: إنه بلغني أن الإنسان أراه قال: ليس على شيء من جسده حنقاً أو غيظاً يوم القيامة لعله قال: منه على لسان إلا قال به خيراً أو أملى به خيراً.
قال وبرة المسلمين: أوصى ابن عباس بكلمات، لهن أحسن من الدهم الموقوفة فقال لي: لا تكلمن فيما لا يعنيك فإنه فضل، ولا آمن عليك فيه الوزر، ولا تكلمن فيما يعنيك حتى ترى له موضعاً، فرب متكلم قد تكلم بالحق في غير موضعه فعنت، ولا تمارين سفيهاً ولا حليماً، فإن الحليم يقيلك، والسفيه يريدك، ولا تذكرن أخاك إذا توارى عنك إلا بمثل الذي تحب أن يذكرك به إذا أنت تواريت عنه، واعمل عمل رجل يعلم أنه مجزي
بالإحسان، مأخوذ بالإجرام. قال: فقال رجل عنده: يا أبا عباس، هذه خير من عشرة آلاف. قال: فقال ابن عباس: كلمة واحدة منها خير من عشرة آلاف.
قال ابن عباس: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله، وتصغيره عنده، وستره، فإنه إذا عجله هيأه وإذا صغره عظمه، وإذا ستره فخمه.
قال ابن عباس:
أكرم الناس علي جليسي، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني.
قيل لابن عباس: من أكرم الناس عليك؟ قال: جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت ألا يقع الذباب على وجهه لفعلت.
وعن ابن عباس كان يقول: ثلاثة لا أكافئهم: رجل ضاق مجلسي فأوسع لي، ورجل كنت ظمآن فسقاني، ورجل اغبرت قدماه في الاختلاف على بابي، ورابع لا أقدر على مكافأته، ولا يكافئه عني إلا الله عز وجل: رجل حز به أمر فبات ليلته ساهراً. فلما أصبح لم يجد لحاجته معتمداً غيري. قال: وكان يقول: إني لأستحي من الرجل يطأ بساطي ثلاث مرات ثم لا يرى عليه أثر من أثري.
قال ابن عباس: ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا أنزلته أحد ثلاثة منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان نظيري تفضلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به. وهذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرض الله واسعة.
ولما أصيبت عين ابن عباس نحل جسمه. فلما ذهبت الأخرى عاد لحمه، فقيل له في ذلك، فقال: أصابني ما رأيتم في الأولة شفقة على الأخرى، فلما ذهبتا اطمأن قلبي.
قال عكرمة: لما وقع الماء في عين ابن عباس قيل له: تنزع الماء من عينيك، على أنك لا تصلي سبعة
أيام، فقال: لا إنه منترك الصلاة سبعة أيام وهو يقدر عليها لقي الله عز وجل وهو غضبان عليه.
وعن ابن عباس أنه قال حين أصيب بصره: ما آسى على شيء من الدنيا إلا لو أني كنت مشيت إلى بيت الله عز وجل، فإني سمعت الله عز وجل يقول: " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ".
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس في العلم بحراً ينشق له من الأمر الأمور. وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اللهم، ألهمه الحكمة، وعلمه التأويل ".فلما عمي أتاه ناس من أهل الطائف، ومعهم علم من علمه أو كتب من كتبه، فجعلوا يستقرؤونه، وجعل يقدم ويؤخر. فلما رأى ذلك قال: إني تلهت من مصيبتي هذه، فمن كان عنده علم من علمي، أو كتب من كتبي فليقرأ علي، فإن إقراري له به كقراءتي عليه. قال: فقرؤوا عليه، زاد في حديث آخر: ولا يكن في أنفسكم من ذلك شيء.
تله الرجل إذا تحير. والأصل وله. والعرب قد تقلب الواو تاء، يقولون: تجاه، والأصل: وجاه.
ولما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية بأولادهما ونسائهما حتى نزلوا مكة، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما يبايعان فيأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لك ولا لغيرك، فأبى، وألح عليهما إلحاحاً شديداً. وقال فيما يقول: والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن من هذا الرجل، فمشوا في الناس، فانتدب أربعة آلاف، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكة، وابن الزبير في المسجد، فانطلق هارباً حتى دخل دار الندوة ويقال: تعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ الله. قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنيفة وأصحابهما، وهم في
دور قريب من المسجد قد جمع الحطب، فأحاط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن ناراً تقع فيه مارئي منهم أحد حتى تقوم الساعة، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذرنا نرح الناس منه، فقال: لا، هذا بلد حرام حرمه الله، ما أحله لأحد إلا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيرونا. قال: فتحملوا، وإن منادياً ينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، فأقاموا ما شاء الله، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد الله بن عباس. قال: فبينا نحن عنده إذ قال في مرضه: إني أموت في خير عصابة على وجه الأرض أحبهم إلى الله وأكرمهم عليه، وأقربهم إلى الله زلفى، فإن كت فيكم فأنتم هم، فما لبث إلا ثمان ليال بعد هذا القول حتى توفي، رحمه الله. فصلى عليه محمد بن الحنيفة، وولينا حمله ودفنه.
قال منذرالثوري: سمعت محمد بن علي بن أبي طالب يقول يوم مات ابن عباس: اليوم مات رباني هذ الأمة.
وفي رواية عن كلثوم: اليوم مات رباني العلم.
وعن بجير بن أبي عبيد قال:
مات ابن عباس بالطائف. فلما خرجوا بنعشه جاء طير عظيم أبيض من قبل وج زاد في رواية: يقال له الغرنوق حتى خالط أكفانه، ثم لم يروه، زاد في رواية: قال: فكانوا يرون أنه علمه.
قال ميمون بن مهران: شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف. فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه، فالتمس فلم يوجد. فلما سوي عليه سمعنا صوتاً، نسمع صوته ولا
نرى شخصه " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
قال هشام بن محمد بن السائب: صلى محمد بن علي على عبد الله بن عباس، وكبر عليه أربعاً، وضرب على قبره فسطاطاً.
قال ابن بكير: توفي عبد الله بن عباس سنة خمس وستين. ويقال: ثمان وستين. وصلى عليه محمد بن الحنفية، وأدخله من قبل القبلة، وقيل: توفي سنة سبع وثمانين. وتوفي ابن الحنفية بعده.
وكان ابن عباس يصفر لحيته، وتوفي وسنه اثنتان وسبعون سنة، وقيل: إحدى وسبعون سنة، وقيل: أربع وسبعون سنة. والصحيح قول من قال: إنه توفي سنة ثمان وستين. والله أعلم.
ولما دفن قال محمد بن الحنفية: مات والله اليوم حبر الأمة.
قال الزبير: ويقال: قالت أم الفضل وهي ترقص عبد الله بن عباس:
ثكلت نفسي وثكلت بكري ... إن لم يسد فهراً وغير فهر
بحسب زاك وبذل الوفر
ابن هاشم بن عبد مناف أبو العباس الهاشمي بن عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحبر الأمة وعالمها، وترجمان القرآن.
قدم دمشق وافداً على معاوية في السنة التي قتل فيها علي عليه السلام.
قال سعيد بن أبي الحسن: كنت عند ابن عباس إذ أتاه رجل فقال: إني إنسان، إنما معيشي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، قال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من صور صورة فإن الله يعذبه يوم القيامة حتى ينفخ فيها " وليس بنافع أبداً، قال: فربا لها الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه، ثم قال: ويحك، إن أتيت الآن تصنع فعليك بهذا الشجر، وكل شيء ليس فيه روح.
قال عبد الله بن عباس: دخلت على معاوية حين كان الصلح، وأول ماالتقيت أنا وهو، فإذا عنده أناس فقال: مرحباً يا بن عباس، ما تحاكت الفتنة بيني وبين أحد كان أعز علي بعداً ولا أحب إلي قرباً منك، الحمد لله الذي أمات علياً، قلت: إن الله عز وجل لا يذم في قضائه، وغير هذا الحديث أحسن منه، هل لك فيه؟ قال: ما هو؟ قلت: تعفيني من ذكر ابن عمي وأعفيك من ذكر ابن عمك. قال: ذلك لك، أنشدك الله يا بن عباس إلا حدثتني عن أبي سفيان، فقد حضرك من حضرك. قلت: تجر فربح، وأسلم فأفلح، وولد فأنجح، وكان في الشرك فكان نكساً حتى يقضي فقال: رحمك الله يا بن عباس، فوالله ما يعجزك في علمك أن تسر به جليسك، ولولا أن تراني قارضتك لأجزتك عن نفسك.
وعن مجاهد قال: قال ابن عباس: لما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب قال: أتى أبي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، أرى أم
الفضل قد اشتملت على حمل، فقال: لعل الله أن يقرأ أعينكم. قال: فأتى بي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا في خرقة، فحنكني بريقه.
قال مجاهد: فلا نعلم أحداً حنك بريق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيره.
وفي رواية: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى الله أن يبيض وجوهنا بغلام، فولدت عبد الله بن عباس.
قالوا: وولد قبل الهجرة بثلاث سنين وهو في الشعب.
وعن ابن عباس قال: قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن عشر سنين مختون.
وفي رواية: وقد قرأت القرآن.
وفي رواية: وقد جمعت المحكم. قيل: وما المحكم. قيل: وما المحكم؟ قال المفصل.
وفي رواية: توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن خمس عشرة سنة وأنا ختين.
وعن ابن عباس قال: أقبلت راكباً على أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي.
قال محمد بن عمر: لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس ولد في الشعب وبنو هاشم محصورون، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة. ألا تراه يقول في الحديث: راهقت الاحتلام في حجة الوداع.
قال عبيد الله بن أبي يزيد: سمعت ابن عباس يقول: أنا وأمي من المستضعفين، كانت أمي من النساء وأنا من الولدان.
ودعا سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن العباس وقال: اللهم أعطه الحكمة وعلمه التأويل وكان بحراً لا ينزف، ورأى جبريل عليه السلام، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى ألا يموت حتى يؤتى علماً ويذهب بصره. وكان عمر يأذن له مع المهاجرين ويسأله ويقول: غص غواص، وكان إذا رآه مقبلاً قال: أتاكم فتى الكهول، له لسان سؤول وقلب عقول.
وقيل في كنيته عبد الله بن العباس: أبو عبد الرحمن. وكان قد عمي قبل وفاته. ومات سنة ثمان وستين بالطائف في فتنة ابن الزبير، فصلى عليه محمد بن الحنيفية.
وغزا عبد الله بن عباس إفريقيةمع عبد الله بن سعد سنة سبع وعشرين.
وأمه أم الفضل أخت ميمونة زوج النبي صلى عليه وسلم واسمها لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وكان بنو العباس بن عبد المطلب عشرة: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، ومعبد، وقثم، وعبد الرحمن، وأمهم أم الفضل بنت الحارث. وكثير، والحارث، وعون، وتمام وهو أصغرهم فكان العباس يحمله يحمله ويقول: الرجز
تموا بتمام فصاروا عشرة ... يا رب فاجعلهم كراماً برره
واجعلهم ذكراً وأنم الثمره
مات كثير وقثم بينبع أخذته الذبحة، واستشهد الفضل بأجنادين، وعبد الرحمن
ومعبد بإفريقية، وعبد الله بالطائف، وعبيد الله باليمن. ويقال: مات قثم بسمرقند، وكان خرج مع سعيد بن عثمان بن عفان في زمن معاوية. قبره بها.
وكان مسلم بن قمادين المكي يقول: ما رأيت مثل بني أم واحدة إشراقةً، ولدوا في دار واحدة، أبعد قبوراً من بني أم الفضل.
وكان عبد الله أبيض طويلاً مشرباً صفرة، جسيماً، وسيماً، صبيح الوجه، له وفرة، يخضب بالحناء، وكان يسمى الحبر والبحر لكثرة علمه وحدة فهمه، حبر الأمة وفقيهها، ولسان العشرة ومنطيقها، محنك بريق النبوة، ومدعو له بلسان الرسالة: فقهه في الدين وعلمه التأويل. ترجمان القرآن، سمع نجوى جبريل عليه السلام للرسول وعاينه. ومولده كان عام الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين. وقبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ختين. وكانوا يختتنون للبلوغ، وتوفي بالطائف سنة ثمان وستين. وقيل سنة سبعين، وصلى عليه محمد بن الحنفية وسماه رباني هذه الأمة، وجاء طير أبيض فدخل في أكفانه، وسمع هاتف يهتف من قبره يقول: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً " الآية.
وكان عمر بن الخطاب يدنيه ويسأله ويستشيره، ويدخله مع مشيخة أهل بدر، وكان له الجواب الحاضر والوجه الناضر، صبيح الوجه، له وفرة مخضوبة بالحناء، أبيض طويل، مشرب صفرة، جسيم، وسيم، علمه غزير وخيره كثير، يصدر الجاهل عن علمه وحكمته يقظان، والجائع عن خيره ومائدته شبعان.
وكانت عائشة تقول: هو أعلم من بقي بالسنة، وكان ابن عمر يقول: هو أعلم الناس بما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وشهد ابن عباس مع علي بن أبي طالب عليه السلام صفين وقتال الخوارج
بالنهروان، وورد في صحبته المدائن، وكان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد الرجلين، وكان يخضب بالسواد.
قال ابن جريج:
كنا جلوساً مع عطاء بن أبي رباح في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس وفضله، وعلي بن عبد الله في الطواف وخلفه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس فعجبنا من تمام قامتهما وحسن وجوههما، قال عطاء: وأين حسنهما من حسن عبد الله بن عباس، ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة وأنا في المسجد الحرام طالعاً من جبل أبي قبيس إلا ذكرت وجه عبد الله بن عباس، ولقد رأيتنا جلوساً معه في الحجر إذ أتاه شيخ فديم بدوي من هذيل يهدج على عصاه فسأله عن مسألة فأجابه، فقال الشيخ لبعض من معه: من هذا الفتى؟ قالوا: هذا عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. قال الشيخ: سبحان الله الذي غيّر حسن عبد المطلب إلى ما أرى. قال عطاء: فسمعت ابن عباس يقول: سمعت أبي يقول: كان عبد المطلب أطول الناس قامة، وأحسن الناس وجهاً وما رآه أحد قط إلا أحبه. وكان له مفرش في الحجر لا يجلس عليه غيره، ولا يجلس عليه معه أحد، وكان الندي من قريش حرب بن أمية فمن دونه يجلسون حوله دون المفرش، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صغير، لم يبلغ، فجلس على المفرش فجبذه رجل، فبكى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال عبد المطلب - وذلك بعدما كف بصره -:ما لابني يبكي؟! قالوا له: أراد أن يجلس على المفرش فمنعوه، فقال عبد المطلب: دعوا ابني يجلس عليه، فإنه يحس من نفسه بشرف، وأرجو أيبلغ من الشرف ما لم يبلغ عربي قبله ولا بعده، ومات عبد المطلب والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن ثماني سنين، وكان خلف جنازة عبد المطلب يبكي حتى دفن بالحجون.
قال عكرمة: كان ابن عباس إذا مرّ في الطريق قلن النساء على الحيطان: أمر المسك أم مرّ ابن عباس؟
قال ابن عباس: أجلسني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجره، ومسح رأسي، ودعا لي بالبركة.
وعن ابن عباس قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فأخذ بيدي فجعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فصلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما انصرف قال لي: ما شأني أجعلك حذائي فتخنس؟! فقلت: يا رسول الله، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أعطاك الله عز وجل؟ قال: فأعجبه، فدعا الله لي أن يزيدني علماً وفهماً. قال: ثم رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نام حتى سمعته نفخ، ثم أتاه بلال فقال: يا رسول الله، الصلاة، فقام فصلى ما أعاد وضوءاً.
قال ابن عباس: دعا لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤتيني الحكمة والتأويل، قال: والحكمة: القرآن، والتأويل: تفسيره.
وعن ابن عباس قال: دعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخير كثير. وقال: نعم ترجمان القرآن أنت.
وعن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يده على رأس عبد الله فقال: اللهم، أعطه الحكمة، وعلمه التأويل، ووضع يده على صدره، فوجد عبد الله بن العباس بردها في ظهره، ثم قال: اللهم احش جوه حكماً وعلماً، فلم يستوحش في نفسه إلى مسألة أحد من الناس، ولم يزل حبر هذه الأمة حتى قبضه الله عز وجل.
وعن عمر قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أرأف أمتي بها أبو بكر، وإن أصلبها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء لعثمان،
وإن أقرأها لأبي، وإن أفرضها لزيد، وإن أقضاها لعلي، وإن أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ، وإن أصدقها لهجة لأبو ذر، وإن أمير هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس.
وعن ابن عباس قال: انتهيت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده جبريل عليه السلام، فقال له جبريل: إنه كائن حبر الأمة فاستوص به خيراً.
وعن ابن عمر قال: دعا النبي لعبد الله بن العباس فقال: اللهم، بارك فيه وانشر منه.
وعن ابن عباس قال: مررت برسول الله وعليه ثياب بياض نقية، وهو يناجي دحية بن خليفة الكلبي، وهو جبريل، وأنا لا أعلم، قال: فلم أسلم. قال جبريل: يا محمد، من هذا؟ قال: هذا ابن عمي، هذا ابن عباس قال: ما أشد وضح ثيابه، أما إن ذريته ستسود بعده، لو سلم لرددنا عليه. قال: فلما رجعت قال: فلما رجعت قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما منعك أن تسلم؟ قال: قلت يا رسول الله، رأيتك تناجي دحية الكلبي، فكرهت أن تقطعا منجاتكما. قال: وقد رأيته؟ قال: قلت: نعم، قال: أما إنه سيذهب بصرك، ويرده الله عليك في موتك. قال: فلما قبض ابن عباس ووضع على سريره جاء طير أبيض شديد الوضح فدخل في أكفانه فلمسوه، فقال لي عكرمة: ما تصنعون؟ هذه بشرى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فلما وضع في لحده تلقي بكلمة سمعها من كان على شفير القبر " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
وفي حديث آخر بمعناه: ورجل يناجيه ولم يذكر دحية الكلبي.
وفي حديث آخر بمعناه عن سعيد بن جبير قال: مر العباس وابنه على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبريل، فسلم العباس يعني: على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فلم يرد عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فشق عليه. قال: فلما جاز قال: يقول له ابنه: أبه، من الرجل الذي كان عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فشق على العباس وخشي أن يكون قد عرض لابنه شيء لأنه لم ير هو مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً، قال: فجاء العباس فقال: يا رسول الله، مررت بك فسلمت فلم ترد علي السلام. فلما مضيت قال لي ابني: من الرجل الذي مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فلقد رآه؟ ذاك جبريل. قال: فمسح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه ودعا له بالعلم.
وعن أنس قال: نظر علي بن أبي طالب إلى جبريل عله السلام مرة، ونظر إليه ابن عباس مرة.
وعن عبد الله بن عباس قال: دخلت على خالتي ميمونة في يومها من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو نائم، ورأسه في حجرها، فقلت يا أمه، أو يا خالة، دعيني أغمز رجل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: شأنك، فتناولت رجليه فجعلتهما في حجري، فانتبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا عبد الله، أحبك الذي أحببتني له، أما إن جبريل قد أوصى بك خيراً، وقال: إن عبد الله من خيار هذه الأمة وإن ولده يرزقون الخلافة في آخر الزمان، ويرزقون حسن مشية الدواب.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: يا غلام، ألا أعلمك شيئاً ينفعك الله به؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، ولو جهد الخلائق أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا، ولو جهد الخلائق أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا على ذلك.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني سألت الله عز وجل لكم يابني عبد المطلب أن يهدي ضالكم، وأن يثبت قائلكم، وكلمة سقطت عن ابن القاسم، وأن يجعلكم نجباً نجداً جوداً، ولو أن أحداً صفن صلاة ما بين الركن والمقام ثم مات وهو مبغض لكم دخل النار.
وعن ابن عباس شرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن شماله، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الشربة لك، فإن شئت آثرت بها خالداً، قال: ما أوثر على سؤر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً.
وعن ابن عباس قال: لما قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتعلم منهم فإنهم كثير، فقال: العجب والله لك يا بن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الأرض من ترى من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتركت ذلك، وأقبلت على المسألة وتتبع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل سمعه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآتيه فأجده قائلاً، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج، فإذا خرج قال: ما جاء بك يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: جئت، بلغني أنك تحدث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأحببت أن أسمعه منك، فيقول: هلا بعثت إلي حتى آتيك؟ فأقول: أنا كنت أحق أن آتيك. فكان هذا الرجل يمر بي وقد ذهب أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحتاج الناس إلي فيقول: أنت كنت أعقل مني.
وعن ابن عباس قال: كنت أكرم الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المهاجرين والأنصار، وأسألهم عن مغازي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما نزل من القرآن في ذلك، وكنت لا آتي أحداً منهم إلا سر بإتياني لقربى من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعلت أسأل أبي بن كعب يوماً وكان من الراسخين في العلم عما نزل من القرآن بالمدينة فقال: نزل سبع وعشرون سورة، وسائرها بمكة.
وكان ابن عباس يأتي أبا رافع مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول: ما صنع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم كذا وكذا؟ ومع ابن عباس ألواح يكتب ما يقول.
قال معمر: عامة علم ابن عباس عن ثلاثة: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب.
قال ابن عباس: طلبت العلم فلم أجده أكثر منه في الأنصار، فكنت آتي الرجل فأسأل عنه فيقال لي: نائم، فأتوسد ردائي ثم أضطجع حتى يخرج إلي الظهر فيقول: متى كنت ها هنا يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: منذ طويل فيقول: بئس ما صنعت، هلا أعلمتني؟ فأقول: أردت أن تخرج إلي وقد قضيت حاجتك.
وعن طاوس قال: قال ابن عباس: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقيل لابن عباس لطلب العلم، فعززت مطلوباً.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا ثلاثاً الرقيم وغسلين وحناناً.
وعن ابن عباس قال: قد حفظت السنة كلها، غير أني لا أدري أكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر أم لا، ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف " وقد بلغت من الكبر عتياً " أو عسياً.
قال ابن عباس: دخلت على عمر بن الخطاب يوماً فسألني عن مسألة كتب إليه بها يعلى بن أمية من اليمن، فأجبته فيها، فقال عمر: أشهد أنك تنطق عن بيت نبوة.
وعن سعيد بن جبير قال: قال عمر لابن عباس: لقد علمت علماً ما علمناه.
وعن سعيد بن جبير قال: كان أناس من المهاجرين قد وجدوا على عمرفي إدنائه ابن عباس دونهم قال: وكان
يسأله فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عن هذه الصورة: " إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " قال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجاً أن يحمدوه ويستغفروه. قال: فقال عمر: يا بن عباس، ألا تكلم قال: فقال: أعلمه من يموت. قال: " إذا جاء نصر الله والفتح " وفي رواية: والفتح فتح مكة " ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " فهي آيتك من الموت: فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " قال: ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها. فقال بعضهم: كنا نرى أنها في العشر الأوسط، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، قال: فأكثروا فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم: ثلاث وعشرين، وقال بعضهم: سبع وعشرين، فقال بعضهم لابن عباس: ألا تكلم! قال: الله أعلم. قال: قد نعلم أن الله أعلم، إنما نسألك عن علمك فقال ابن عباس: الله وتر يحب الوتر، خلق من خلقه سبع سموات فاستوى عليهن، وخلق الأرض سبعاً، وخلق عدة الأيام سبعاً، ورمي الجمار سبعاً، وبين الصفا والمروى سبعاً، وخلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع. قال: فقال عمر: وكيف خلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع فقد فهمت من هذا الأمر ما فهمته؟ قال ابن عباس: إن الله يقول: " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين " حتى بلغ إلى قوله: " فتبارك الله أحسن الخالقين " قال: ثم قرأ: " أنا صببنا الماء صباً ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً " وأما السبعة فلبني آدم، وأما الأب فما أنبتت الأرض للأنعام، وأما ليلة القدر فما نراها إن شاء الله إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين وسبع بقين.
وعن ابن عباس قال: كان عمر يجلس مع الأكابر من أصحاب محمد، ويقول لي: لا تكلم حتى يتكلموا، ثم
يسألني، ثم يقبل عليهم فيقول: ما يمنعكم أن تأتونيبمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه؟! وفي حديث آخر عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم. فقال بعضهم: يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله، فقال عمر: إنه ممن قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم، وأذن لي معهم فسألهم عن هذه السورة: " إذا جاء نصر الله والفتح " وساق الحديث بمعنى ما تقدم.
وعن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر: ألا ندعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاكم فتى الكهول، إن له لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً.
وعن ابن عباس قال: قدم على عمر رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قرأ منهم القرآن كذا وكذا، فقال ابن عباس: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزبرني عمر ثم قال: مه، قال: فانطلقت إلى منزلي مكتئباً حزيناً، فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل بمنزلة ما أراني إلا أني قد سقطت من نفسه، قال: فرجعت إلى منزلي فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، وما هو إلا الذي نقلني به عمر، قال: فبينا أن كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين، قال: فخرجت فإذا هو قائم قريباً ينتظرني، فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال: ما كرهت مما قال الرجل؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت أسأت فأستغفر الله وأتوب إليه، وأنزل حيث أحببت، قال: لتحدثني ما الذي كرهت مما قال الرجل، فقلت: يا أمير المؤمنين إنهم متى سارعوا هذه المسارعة يحتقوا ومتى يحتقوا اختلفوا، ومتى اختلفوا يقتتلوا، قال: لله أبوك، والله لقد كنت أكاتمها الناس حتى جئت بها.
وعن أبي الزناد: أن عمر بن الخطاب دخل على ابن عباس يعوده وهو يحم، فقال له عمر: أخل بنا مرضك، فالله المستعان.
وعن عبد الله بن عباس قال: قال لي أبي: إن عمر بن الخطاب يدنيك فاحفظ عني ثلاثاً: لا تشفين له سراً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا يجربن عليك كذباً.
قال الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف. قال: بل خير من عشرة آلاف.
وفي حديث آخر: ولا ابتدأته بشيء حتى يسألك عنه، عوضاً عن الكذب.
وفي حديث آخر: أن العباس بن عبد المطلب قال لابنه عبد الله بن العباس: يا بني أنت أعلم مني وأنا أفقه منك، إن هذا الرجل يدنيك، يعني: عمر بن الخطاب، فاحفظ عني ثلاثاً الحديث.
وعن عطاء بن يسار: أن عمر وعثمان كانا يدعوان ابن عباس فيسير مع أهل بدر، وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات.
قال المدائني: قال علي بن أبي طالب في عبد الله بن عباس: إنه ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، لعقله وفطنته بالأمور.
وعن عكرمة: أن علياً حرق ناساً ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تعذبوا بعذاب الله "، وكنت قاتلهم لقول
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من بدل دينه فاقتلوه "، فبلغ ذلك عليا فقال: ويح ابن أم الفضل إنه لغواص على الهنات.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: ما رأيت أحداً أحضر فهماً، ولا ألب لباً، ولا أكثر علماً، ولا أوسع حلماً من ابن عباس. ولقد رأيت عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات ثم يقول: عندك، قد جاءتك معضلة، ثم لا يجاوز قوله، وإن حوله لأهل بدر من المهاجرين والأنصار.
وعن مسروق قال: قال عبد الله: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد.
وفي رواية عنه قال: لوأن هذا الغلام من بني عبد المطلب أدرك ما أدركنا ما تعلقنا منه بشيء.
سألت امرأة ابن عمر عن مسألة فقال: ائتي ابن عباس، فإنه أعلم الناس بما أنزل الله عز وجل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن عمر: أن رجلاً أتاه يسأله عن " السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناها "، قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فسله ثم تعال فأخبرني ما قال. فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات. فرجع الرجل إلى ابن عمر، فأخبره، فقال: إن ابن عباس قد أوتي علماً. صدق، هكذا كانت، ثم قال ابن عمر: قد كنت أقول: ما تعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي علماً.
ولما مات ابن عباس قال جابر بن عبد الله لما بلغه موته، وصفق بإحدى يديه على الأخرى: مات أعلم الناس، وأحلم الناس، ولقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق.
ولما مات ابن عباس قال رافع بن خديج: مات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب في العلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ابن عباس أعلم الناس بالحج.
قال الشعبي: ركب زيد بن ثابت، فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: لا تفعل يابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال له زيد: أرني يديك، فأخرج يديه فقبلهما، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.
وعن ابن عباس قال: نحن أهل البيت شجرة النبوة، ومختلف الملائكة، وأهل بيت الرسالة، وأهل بيت الرحمة، ومعدن العلم.
وعن ابن عباس قال: لو كان المهدي في زماني لكنته، ولكنه في آخر الزمان، رجل من ولدي، أو قال مني.
وعن عكرمة قال: قال كعب الأخبار: مولاك رباني هذه الأمة هو أعلم من مات ومن عاش.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت أحداً كان أعلم بالسنة ولا أجلد رأياً، ولا أثقب نظراً حين ينظر من ابن عباس، وإن كان عمر بن الخطاب يقول له: لقد طرأت علينا عضل أقضية أنت لها، ولا منا لها، ثم يقول عبيد الله: وعمر عمر في جده في ذات الله وحسن نظره للمسلمين.
وعنه قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه،
وحلم ونسب ونائل. ما رأيت أحداً كان أعلم بما سبقه من حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه، ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية، ولا بتقسيم القرآن، ولا بحساب، ولا بفريضة منه، ولا أعلم بما مضى، ولا أثقب رأياً فيما احتيج إليه منه. ولقد كان يجلس يوماً ما يذكر فيه إلا الفقه، ويوماً التأويل، ويوماً المغازي، ويوماً الشعر، ويوماً أيام العرب. وما رأيت عالماً قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلاً قط سأله إلا وجد عنده علماً.
وقال عطاء: ما رأيت مجلساً قط كان أكرم من مجلس ابن عباس، أكثر علماً وأعظم جفنة، وإن أصحاب القرآن عنده يسألونه، وأصحاب النحو عنده يسألونه، وأصحاب الشعر عنده يسألونه، وأصحاب الفقه عنده يسألونه، كلهم يصدرهم في واد واسع.
وقال عطاء: كان أناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس لأيام العرب ووقائعها، وناس للعلم، فما منهم من صنف إلا يقبل عليهم بما شاؤوا.
وعن طاوس قال: كان ابن عباس قد سبق على الناس في العلم كما تبسق النخلة السحوق على الودي الصغار.
وعن طاوس قال: ما رأيت أحداً خالف ابن عباس قط فتركه حتى يقرره.
وعن ليث بن أبي سليم قال: قلت لطاوس: لزمت هذا الغلام يعني ابن عباس، وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارؤوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس.
وعن طاوس قال: أدركت خمسين أو سبعين من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سئلوا عن شيء فخالفوا ابن عباس لا يقومون حتى يقولوا: هو كما قلت، أو صدقت.
وعن ليث قال: قال لي طاوس: ما تعلمت من شيء فتعلم لنفسك، فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة. قال: وما رأيت رجلاً أعلم من ابن عباس ولا رأيت رجلاً أورع من ابن عمر. قال: وكان طاوس يعد الحديث حرفاً حرفاً.
وعن مجاهد قال: ما رئي مجلس ابن عباس. ولقد مات يوم مات، وإنه لحبر هذه الأمة.
وفي رواية: وما رأيت مثله قط أو قال: ما سمعت إلا أن يقول رجل: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال مجاهد: كان عبد الله بن العباس أمدهم قامة، وأعظمهم جفنة، وأوسعهم علماً. ولو شاء أن أبكي كلما ذكرته بكيت.
قال: وكان ابن عباس يسمى البحر، لكثرة علمه.
وعن مجاهد قال: كنا نفخر على الناس بأربعة: نفخر بفقيهنا، ونفخر بقاضينا، ونفخر بقارئنا ونفخر بمؤذننا: فأما فقيهنا فابن عباس، وأما قاضينا فعبيد بن عمير، وأما قارئنا فعبد الله بن السائب، وأما مؤذننا فأبو محذورة.
قال مجاهد: كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نوراً.
وقال: ما رأيت أحداً قط أعرب لساناً من ابن عباس.
وعن عمرو بن دينار قال: ما رأيت مجلساً قط أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، للحلال والحرام وتفسير القرآن والعربية والطعام، قال أبو هلال: ولا أراه إلا قال: والشعر.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين: ما رأيت بيتاً كان أكثر طعاماً ولا شراباً ولا فاكهة ولا علماً من بيت عبد الله بن عباس.
وقال الضحاك: ما رأيت بيتاً أكثر خبزاً ولحماً وعلماً من بيت ابن عباس.
قال أبو صالح: لقد رأيت في ابن عباس مجلساً لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها فخراً. لقد رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر على أن يجيء ولا أن يذهب. قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال: ضع لي وضوءاً قال: فتوضأ وجلس وقال: اخرج فقل لهم: من كان يريد أن يسأل عن القرآن وحروفه، وما أراد منه فليدخل وقال: فخرجت، فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم عنه وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن أو تأويله فليدخل.
قال: فخرجت فأذنتهم فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا فقلت لهم. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم، قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الفرائض وما أشبهها فليدخل. قال: فخرجت فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال:
اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن العربية والشعر والغريب من الكلام فليدخل. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله.
قال أبو صالح: ولو أن قريشاً كلها فخرت بذلك لكان فخراً. فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس.
قال جابر بن زيد: سألت البحر وكان يسمي ابن عباس البحر عن لحوم الحمر، فقرأ هذه الآي " قل لا أجد فيما أوحي غلي محرماً على طاعم يطعمه " إلى آخر الآية.
وفي حديث ابن الفرا: عن تحريم الخمر. وهو تصحيف.
وعن الحسن: أن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل، وكان ابن عباس من القرآن بمنزل. قال: وكان يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة وآل عمران فيفسرها آية آية. وكان مثجه غرباً غرباً، وكان عمر إذا ذكره قال: ذاكم فتى الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول.
قال أبو بكر الهذلي: دخلت على الحسن بن أبي الحسن، فجلست عنده وهو يصلي، فتذاكرنا آيات من القرآن. فلما انصرف قال: ما كنتم تقولون؟ قلنا: " حم " و" طسم ". قال. فواتح يفتح الله بها القرآن، فقلت له: فإن مولى ابن عباس يقول: كذا وكذا. قال: إن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل. وساق بقية الحديث.
قوله: كان مثجاً هو من العج والثج: السيلان. يريد أنه يصب الكلام صباً.
وعن ميمون بن مهران قال: لو أتيت ابن عباس بصحيفة فيها ستون حديثاً لرجعت ولم تسأله عنها، وسمعتها. قال: يسأله الناس فيكفونك.
قال عبد الله بن أبي الهذيل: أردت الخروج، فعلم بي أهل الكوفة، فجمعوا مسائل، ثم أتوني بها في صحيفة. فلما قدمت على ابن عباس خرج، فقعد للناس، فما زال يسألونه حتى ما بقي في صحيفتي شيء إلا سألوه عنه.
وعن مسروق انه قال: كنا إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا نطق قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس.
قال ابن أبي ملكية: دخلنا على ابن عباس فقال: إني لم أنم الليل، فقلنا له: لم يا أبا عباس؟ قال: طلع الكوكب ذوالذنب فخشيت أن يطرق الدخان. سلوني عن سورة البقرة، سلوني عن سورة يوسف، فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، وكان علي أعلمهما بالمبهمات، وسئل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن معنى قول عكرمة: إن ابن عباس أعلم بتفسير القرآن من علي، فقال: لم سمع ابن عباس عامة التفسير من علي فوعاه وجمعه، ثم ضم إليه ما سمعه من غيره مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعامة أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما ضم علم هؤلاء في التفسير إلى علم علي كان أعلم منه بالتفسير. وقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا له فقال ": اللهم علمه الكتاب وفهمه التأويل، وعلي أعلم منه بالمبهمات ومن غيره، فقد شهد عامة التنزيل فروى فيم نزل، وفي أي أمر كان.
قال شقيق: خطب ابن عباس وهو على الموسم، فافتتح سورة البقرة، فجعل يقرؤها ويفسر، فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله. لو سمعت فارس والروم لأسلمت.
وفي حديث بمعناه: فقرأ سورة النور.
وعن ابن عباس قال: لقد علمت علما من القرآن ما يسألني عنه أحد، لا أدري علمه الناس فلم يسألوا عنه أو لم يعلموها فيسألوا عنها.
وعن ابن عائشة قال: ما زال ابن عباس يستفيد حتى مات. وكان يقول: ما علمت ما " فاطر " حتى سمعت أعرابياً يخاصم رجلاً في بئر واحدهما يقول: أنا فطرتها، وكنت لا أدري ماء البعل حتى سمعت أعرابياً ينادي آخر يقول: يا بعل الناقة، فعلمت أنه ربها.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا أربع: غسلين، وحناناً، والأواه، والرقيم.
وعن عبيد الله بن أبي يزيد قال: كان ابن عباس إذا سئل عن شيء، فإن كان في كتاب الله عز وجل قال به، وإن لم يكن في كتاب الله عز وجل وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال به، فإن لم يكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال بما قال به أبو بكر وعمر، فإن لم يكن لأبي بكر وعمر، فيه شيء قال برأيه.
وعن القاسم بن محمد قال: ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلاً قط.
وعن سفيان بن عيينة قال: علماء الأزمنة ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه.
ورد صعصعة بن صوحان على علي بن أبي طالب من البصرة، فسأله عن عبد الله بن عباس، وكان على خلافته بها، فقال صعصعة: يا أمير المؤمنين، إنه آخذ بثلاث وتارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدث، ويحسن الاستماع إذا حدث، وبأيسر الأمرين إذا خولف. تارك للمراء، وتارك لمقاربة اللئيم، وتارك لما يعتذر منه.
وعن عبد الله بن بريدة قال: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك تشتمني وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل فلوددت أن جميع الناس علموا منها مثل الذي أعلم، وإني لأسمع الحاكم
من حكام المسلمين يقضي بالعدل فأفرج به ولعلي لا أقاضي إليه أبداً وإني لأسمع بالغيث يصيب الأرض من أرض المسلمين فأفرج به ومالي سائمة أبداً.
وعن ابن أبي ملكية قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين، إذا نزل قام ينتظر الليل، فيرتل القرآن حرفاً حرفاً، ويكثر من النشيج قلت: وما النشيج؟ قال: النحيب، البكاء، ويقرأ: " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ".
قال شعيب بن درهم: كان هذا الموضع وأومأ إلى مجرى الدموع من خديه من خدي ابن عباس، مثل الشراك البالي من كثرة البكاء.
جاء رجل إلى ابن عباس فقال: يا بن عباس، كيف صومك؟ قال: أصوم الاثنين والخميس، قال: ولم؟ قال: لأن الأعمال ترفع فيها، وأحب أن ترفع أعمالي وأنا صائم.
قال معاوية يوماً لعبد الله بن عباس: إنه ضربتني البارحة أمواج القرآن في آيتين لم أعرف تأويلهما، ففزعت إليك، فقال ابن عباس: ما هما؟ فقال معاوية: قول الله عز وجل: " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن تقدر عليه " فقلت: يونس رسول الله ظن أنه بقوته إذا أراده، ما ظن هذا مؤمن، وقول الله عز وجل: " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " فقلت سبحان الله! كيف يكون هذا أن يستيئس الرسل من نصر الله، أو
يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم! إن لهاتين الآيتين تأويلاً ما نعلمه. قال ابن عباس: أما يونس عله السلام فظن أن خطيئته لم تبلغ أن يقدر الله عليه تلك البلية، ولم يشك أن الله عز وجل إذا أراده قدر عليه. وأما قوله: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن من أعطاهم الرضا في العلانية أن يكذبهم في السريرة، وذلك أطول البلاء عليهم، ولم يستيئس الرسل من نصر الله، ولم يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم. فقال معاوية: فرجت عني فرج الله عنك. قال ابن عباس فإن رجلاً قرأ علي آية المحيض، قول الله عز وجل: " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض " إلى آخر الآية. يعني بالماء " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " يقول: طاهرات غير حيض، فقال معاوية: إن قريشاً لتغبط بك لا بل جميع العرب، لا بل جميع أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولولا خفتك مع علي عطفتني عليك العواطف، فقال أيمن بن خريم: البسيط
ما كان يعلم هذا العلم من أحد ... بعد النبي سوى الحبر ابن عباس
مستنبط العلم غضاً من معادنه ... هذا اليقين وما بالحق من باس
دينوا بقول ابن عباس وحكمته ... إن المنافي فيكم عالم الناس
كالقطب قطب الرحا في كل حادثة ... أو كالحمام فمنه موضع الراس
من ذا يفرج عنكم كل معضلة ... إن صار رهناً مقيماً بين أرماس؟
قال ابن ملكية: كتب ابن هرقل إلى معاوية يسأله عن ثلاث خلال: مكان إذا كنت عليه لم تدر أين قبلتك، ومكان طلعت الشمس لم تطلع فيه قبل ولا بعد، وعن المحو الذي في القمر. فقال معاوية: من لهذه؟ فقيل له: ابن عباس. فكتب إلى ابن عباس، فكتب إليه ابن عباس: أما المكان الذي إذا كنت فيه لم تدر أين قبلتك فإذا كنت على ظهر الكعبة. وأما المكان الذي طلعت الشمس ولم تطلع فيه قبل ولا بعد فالبحر يوم انفلق لموسى. وأما المحو الذي في القمر فإن الله عز وجل يقول: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل " فهو آية الليل، فكتب به معاوية إلى ابن هرقل. قال: فكتب إليه: ما هذا من كنزك ولا كنز أبيك، ولا خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن ابن عباس قال: كتب قيصر إلى معاوية: أما بعد، فأي كلمة أحب إلى الله والثانية والثالثة والرابعة والخامسة، ومن أكرم عباد الله وإمائه عليه، وأربعة أشياء فيهم الروح لم ترتكض في رحم، وقبر سار بصاحبه، ومكان لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة، والمجرة التي في السماء ما هي؟ وقوس قزح ما هو؟ فلما قرأ معاوية الكتاب قال لعبد الله: ما أدري ما هذا، وماله إلا ابن عباس، فأرسل إلى ابن عباس يسأله عن ذلك، فقال: أحب كلمة إلى الله: لا إله إلا الله، والثانية: سبحان الله، والثالثة: الحمد، والرابعة: الله أكبر، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. وأما أكرم عباد الله فآدم خلقه الله بيده وعلمه الأسماء كلها، وأكرم إمائه عنده مريم التي أحصنت فرجها، والرابعة التي فيها الروح لم ترتكض في رحم فآدم وحواء، وعصا موسى، وكبش إبراهيم، والقبر الذي سار بصاحبه قبر يونس بن متى في بطن الحوت.
والمكان الذي لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة فالبحر فلقه موسى بعصاه، وقوس قزح فأمان لأهل الأرض من الغرق وزاد في حديث آخر: بعد قوم نوح والمجرة فهي باب السماء.
وفي حديث آخر بمعناه: فقلت: أما أحب كلمة إلى الله: فلا إله إلا الله لا يقبل عمل إلا بها، والثانية: المنجية سبحان الله وصلاة الخلق، والثالثة: الحمد لله كلمة الشكر، والرابعة: الله أكبر فواتح الصلاة والركوع والسجود، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. فاكتب إليه بذلك، فإنهم سيعرفون فأما لا إله إلا الله فإذا قالها العبد قال: يقول الله - أخلص عبدي. فإذا قال: سبحان الله قال: عبدني عبدي، فإذا قال: الحمد لله، قال: أخلص عبدي، فإذا قال: الله أكبر، قال: صدق عبدي أنا أكبر، فإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله قال: ألقى إلي عبدي السلام الحديث.
وعن أبي الجويرية الجرمي قال: كتب قيصر إلى معاوية: أخبرني عمن لا قبلة له، وعمن لا أب له، وعمن لا عشيرة له، وعمن سار به قبره، وعن ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم، وعن شيء ونصف شيء ولا
شيء، وابعث إلي في هذه القارورة ببزر كل شيء. فبعث معاوية بالكتاب والقارورة إلى ابن عباس، وقيل إنالحسن بن علي بعث إليه بالكتاب والقارورة أما من لا قبلة له فالكعبة، وأما من لا أب له فعيسى، وأما من لا عشيرة له فآدم، وأما من سار به قبره فيونس. وأما ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم فكبش إبراهيم، وناقة ثمود، وعصا موسى. وأما شيء فالرجل له عقل، يعمل بعقله، وأما نصف شيء فالذي ليس له عقل ويعمل برأي ذوي العقول. وأما لا شيء فالذي ليس له عقل، يعمل بعقله، وملأ القارورة ماء، وقال: هذا بزر كل شيء. فبعث معاوية بالبزر والقارورة إلى قيصر. فلما وصل إليه الكتاب والقارورة قال: ما خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن حماد بن حميد قال: كتب رجل من أهل العلم إلى ابن عباس يسأله عن هذه المسائل وكان الرجل عالماً. قال: أخبرني عن رجل دخل الجنة ونهى الله محمداً أن يعمل بعمله، وأخبرني عن شيء تكلم ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء بنفس ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء له لحم ولم تلده أنثى ولا ذكر، وأخبرني عن شيء قليله وكثيره حرام، وأخبرني عن رسول بعثه الله ليس من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة، واخبرني عن نفس أوحى الله إليها ليست من الأشياء، وأخبرني عن منذر ليس من الجن ولا من الإنس، وأخبرني عن شيء حرم بعضه وحل بعضه، وأخبرني عن نفس ماتت وأحييت بنفس غيرها، وأخبرني عن نفس خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم، وأخبرني عناثنين تكلما ليس لهما لحم ولا دم، وأخبرني عن الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، وأخبرني عن شيء إن فعلته كان حراماً وإن تركته كان حراماً، وأخبرني عن موسى كم أرضعته أمه قبل أن تلقيه في البحر، وفي أي بحر قذفته، وأخبرني عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطم موسى فرعون، وأخبرني عن موسى حين كلمه الله تعالى من حمل التوراة إليه، وكم كانت الملائكة الذين حملوا التوراة إلى موسى، وأخبرني عن آدم كم كان طوله، وكم عاش، ومن كان وصيه، وأخبرني من كان بعد آدم من الرسل، ومن كان بعد نوح، ومن كان بعد هود، ومن كان بعد إبراهيم، ومن كان بعد لوط، ومن كان بعد إسحاق، ومن كان قبل
نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخبرني عن الأنبياء كم كانوا، وكم كان منهم الرسل، وكم كان منهم من الأنبياء، وأخبرني كم في القرآن منهم، وأخبرني عن رجل ولد من غير ذكر ولا أنثى ولم يمت، وأخبرني عن أرض لم تصبها الشمس إلا يوماً واحداً، وأخبرني عن الطير الذي لا يبيض ولا يحضن عليه طير.
قال: فلما قدمت المسائل على ابن عباس عجب من ذلك عجباً شديداً، ثم كتب إليه: أما سؤالك عن الرجل الذي دخل الجنة ونهي عنه محمداً أن يعمل بعمله فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نبينا وعليه وسلم الذي يقول: " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم " وأما الشيء الذي تكلم ليس له لحم ولا دم فهي النار التي تقول " هل من مزيد " وأما الرسول الذي بعثه الله من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة فهو الغراب الذي بعثه الله إلى ابن آدم ليريه كيف يواري سوأة أخيه. وأما الذي له لحم ودم لم تلده أنثى ولا ذكر فهو كبش إبراهيم الذي فدى به إسحاق. وأما الشيء الذي بنفس ليس له لحم ولا دم فهو الصبح، إذ يقول الله عز وجل " والصبح إذا تنفس " وأما النفس التي ماتت، وأحييت بنفس غيرها فهي البقرة التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الذي يقول: " اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى " الآية. وأما الطير الذي لم يبض ولم يحضن عليه طائر فهو الطير الذي نفخ فيه عيسى بن مريم، فكان طيراً بإذن الله، واما الشيء الذي قليله حلال وكثيره حرام فهو نهر طالوت الذي ابتلاهم الله به، وأما النفس التي خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي خرج من بطن الحوت.
وأما الاثنتان اللتان تكلمتا ليس لهما لحم ولا دم فهما السماء والأرض إذ يقول الله تعالى: " ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين "، وأما الشيء الذي مشى ليس له لحم
ولا دم فهو عصا موسى التي " تلقف ما يأفكون "، وأما الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فهو أرمنياً. وأما الشيء الذي إن فعلته كان حراما، وإن تركته كان حراماً فهي الصلاة: إن صليت وأنت سكران لا يحل لك، وإن تركتتها لا يحل لك. وسألت عن أم موسى كم أرضعته فإنها أرضعته ثلاثة أشهر قبل أن تقذفه في البحر، ثم ألقته في البحر بحر القلزم. وسألت عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطمه موسى فهي آسية امرأة فرعون، والرجل الذي كان يكمن إيمانه. وسألت عن موسى يوم كلمه الله تعالى وحملت التوراة إليه فإن الله كلم موسى يوم الجمعة، وأعطي التوراة، ونزلت بها الملائكة إلى موسى يوم الجمعة، ومر الله تعالى بكل حرف من التوراة فحمله ملك من السماء، فلا يعلم عدد ذلك إلا الله وحده لا شريك له. وأما الأرض التي لم تنظر إليها الشمس إلا يوماً فهي أرض البحر الذي فلقه الله عز وجل لموسى. وأما المنذر الذي ليس من الإنس ولا من الجن فهي النملة: " قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم "، وسألت عن آدم فهو أول الأنبياء خلقه الله من طين، وسواه ونفخ فيه من روحه. وكان طوله فيما بلغنا والله أعلم ستين ذرعاً، وكان نبياً وخليفة، وعاش ألف سنة إلا ستين عاماً. وكان وصيه شيث.
وسألت من كان بعد شيث من الأنبياء، كان بعد إدريس وهو أول الرسل. وكان بعد إدريس نوح، وكان بعد نوح هود، ثم كان بعد هود صالح، ثم كان بعد صالح إبراهيم، ثم كان بعد إبراهيم لوط ابن أخي إبراهيم، وكان بعد لوط إسماعيل، ثم كان بعد إسماعيل إسحاق، وكان بعد إسحاق، وكان بعد إسحاق يعقوب، ثم كان بعد يعقوب يوسف، ثم كان بعد يوسف موسى، ثم كان بعد موسى عيسى فأنزل الله عليه الإنجيل، ثم كان بعد نبينا نبي الرحمة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسألت عن عدد الأنبياء: كانوا فيما بلغنا والله أعلم ألف نبي ومئتي نبي وخمسة وسبعين نبياً. وكان منهم ثلاث مئة وخمسة عشر رسولاً، وسائرهم أنبياء صالحون نجد في القرآن منهم ثلاثة وثلاثين نبياً يقول الله عز وجل: " ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماً ".
وكان ابن عباس امير البصرة، وكان يغشى الناس في شهر رمضان، فلا ينقضي الشهر حتى يفقههم، وكان إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان يعظهم، ويتكلم بكلام يردعهم، ويقول: ملاك أمركم الدين، ووصلتكم الوفاء، وزينتكم العلم، وسلامتكم الحلم وطولكم المعروف. إن كان الله كفلكم الوسع، اتقوا الله ما استطعتم. قال: فقال اعرابي فقال: من أشعر الناس أيها الأمير؟ قال: أفي إثر العظة؟ قل يا أبا الأسود قال: فقال: أبو الأسود الدؤلي: أشعر الناس يقول: الطويل
فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
قال هذا لنابغة بني ذبيان.
فكان الرجل يأتي مجلس عبد الله بن عباس وقد انتعل القوم، فيخلع نعليه، فيقول له الرجل لا يحبسك مكاني يا أبا العباس، فيقول: ما أنا بقائم حتى آحادثك وتحدثني فأسمع منك.
قال محمد بن سلام: سعى ساع إلى ابن عباس برجل فقال: إن شئت نظرنا فينا قلت، فإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن كنت صادقاً مقتناك، وإن أحببت أقلناك. قال: هذه.
قال ابو محمد بن قتيبية في حديث علي: إنه كتب إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ماأخذ: إني أشركتك في أمانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي. فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو قد حرب، قلبت لابن عمك ظهر المجن بفراقه مع المفارقين وخذلانه مع الخاذلين، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمة اختطاف
الذئب الأزل دامية المعزى. وفي الكتاب: ضح رويداً، فكأن قد بلغت المدى، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي به ينادي المغتر بالحسرة، ويتمنى المضيع التوبة والظالم الرجعة.
قوله: قد حرب: أي غضب، وقوله قلبت لابن عمك ظهر المجن: هو مثل يضرب لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية ثم حال عن ذلك، والمجن: الترس. وقوله: اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى: خص الدامية دون غيرها لأن في طبع الذئب محبة الدم، فهو يؤثر الدامية على غيرها. ويبلغ به طبعه في ذلك أنه يرى الذئب مثله وقد دمي فيثيب عليه ليأكله.
نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر وقد فرع بكلامه، فقال: من هذا الذي قد نزل عن القوم في سنه وعلاهم في قوله؟ قالوا: هذا ابن عباس، هذا ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشأ يقول:
إني وجدت بيان المرء نافلة ... تهدى له ووجدت العي كالصمم
المرء يبلى ويبقى الكلم سائره ... وقد يلام الفتى يوماً ولم يلم
الكلم ها هنا جمع كلمة، وأصله الكلم بكسر اللام، فسكنه تخفيفاً لإقامة الوزن، كما قالوا: ملك في ملك. فأما الكلم الذي عين فعله ساكنة في أصل بنائه فإنه مصدر كلمه يكلمه كلماً بمعنى جرحه. وقوله: سائره يعني أنه يبقى سائر الكلام. يريد الحكم السائرة من الكلم.
اختصم إلى عمر بن الخطاب حسان بن ثابت وخصم له، فسمع منهم، وقضى على حسان، فخرج وهو مهموم، فمر بابن عباس فأخبره بقصته، فقال له ابن عباس: لو كنت أنا الحكم بينكما لحكمت لك، فرجع حسان إلى عمر فأخبره فبعث عمر إلى ابن عباس فأتاه فسأله عما قال حسان، فصدقه، فسأله عن الحجة في ذلك فأخبره، فرجع عمر إلى قول ابن عباس، وحكم لحسان، فخرج وهو آخذ بيد ابن عباس وهو يقول:
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه ... رأيت له في كل منزلة فضلا
قضى وشفى ما في النفوس فلم يدع ... لذي إربة في القول جداً ولا هزلا
ورويت هذه الأبيات في ابن عباس في قصة أخرى.
قال المدائني: تكلم رجل عند ابن عباس، فأكثر السقط في كلامه، فالتفت ابن عباس إلى عبد له
فأعتقه، فقيل له لم أعتقت عبدك؟ قال: شكراً لله إذ لم يجعلني مثل هذا. ثم أنشد المدائني:
عي الشريف يشين منصبه ... وترى الوضيع يزينه أدبه
ولما جاء معاوية نعي الحسن بن علي استأذن ابن عباس على معاوية، وكان ابن عباس قد ذهب بصره، فكان يقول لقائده: إذا دخلت بي على معاوية فلا تقدني، فإن معاوية يشمت بي. فلما جلس ابن عباس قال معاوية: لأخبرنه بما هو أشد عليه من أن أشمت به. فلما دخل قال: يا أبا العباس، هلك الحسن بن علي، فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون. وعرف ابن عباس أنه شامت به، فقال: أما والله يا معاوية لا تسد حفرتك، ولا تخلد بعده، ولقد أصبنا بأعظم منه، فخرنا الله بعده، ثمقام. فقال معاوية: لا والله، ما كلمت أحداً قط أعد جواباً ولا أعقل من ابن عباس.
وعن ربعي بن حراش قال:
استأذن عبد الله بن العباس على معاوية بن أبي سفيان، وقد تحلقت عنده بطون قريش، وسعيد بن العاص جالس عن يمينه. فلما نظر إليه معاوية مقبلاً قال لسعيد: والله لألقين على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها فقال سعيد: ليس مثل ابن عباس يعيا بمسائلك. فلما جلس قال له معاوية: ما تقول في أبي بكر الصديق قال: رحم الله أبا بكر، كان والله للقرآن تالياً، وللشر قالياً، وعن المثل نائياً، وعن الفحشاء ساهياً، وعن المنكر ناهياً، وبدينه عارفاً، ومن الله خائفاً، ومن المهلكات جانفاً، يخاف فلتة الدهر، وإحياء بالليل قائماً، وبالنهار صائماً، ومن دنياه سالماً، وعلى عدل البرية عازماً، وبالمعروف آمراً، وإليه صائراً، وفي الأحوال شاكراً، والله بالغدو والآصال ذاكراً، ولنفسه في المصالح قاهراً، فاق أصحابه ورعاً وكفافاً، وزهداً وعفافاً، وسراً وحياطة، فأعقب الله من ثلبه اللعائن إلى يوم التغابن.
قال معاوية: فما تقول في عمر بن الخطاب؟ فقال رحم الله أبا حفص، كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، وملاذ الضعفاء، ومعقل الحنفاء، للخلق
حصناً، وللناس عوناً قال بحق الله صابراً محتسباً حتى أظهر الدين وفتح الديار وذكر الله في الإفطار والمنار، وعلى التلال وفي الضواحي والبقاع. عبد الجبار في الرخاء والشدة شكوراً، له وفي كل وقت وآن ذكوراً، فأعقب الله من يبغضه اللعنة إلى يوم الحسرة.
قال معاوية: فما تقول في عثمان؟ قال: رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الحفدة، وأفضل البررة، وأصبر القراء، هجاد بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر الدار دائب الفكر فيما يعنيه بالليل والنهار، نهاضاً إلى كل مكرمة، سعاء إلى كل منقبة، فراراً من كل موبقة، صاحب جيش العسرة، وصاحب البئر، وختن المصطفى عليه السلام على ابنتيه، فأعقب الله من ثلبه الندامى إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: رحم الله أبا الحسن، كان والله علم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجا، وطود الندى، ونور السفر في ظلم الدجى، وداعياً إلى المحجة العظمى، وعالماً بما في الصحف الأولى، وقائماً بالتأويل والذكرى متعلقاً بأسباب الهدى، وتاركاً للجور والأذى وحائداً عن طرقات الردى، وخير من آمن واتقى، وسيد من تقمص وارتدى، وأفضل من حج وسعى، وأسمح من عدل وسوى، وأخطب أهل الدنيا سوى الأنبياء والمصطفى، وصاحب القبلتين وزوج خير النساء، وأبو السبطين، لم تر عين مثله، ولا ترى أبداً حتى القيام واللقاء. فعلى من لعنه لعنة الله والعباد إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في طلحة والزبير؟ قال: رحمة الله عليهما، كانا والله عفيفين، مسلمين، برين، طاهرين، مطهرين، شهيدين، عالمين بالله، لهما النصرة القديمة والصحبة الكريمة، والأفعال الجميلة وفي حديث آخر: زلا زلة الله غافرها لهما.
قال: ما تقول في العباس بن عبد المطلب؟ قال: رحم الله أبا الفضل، كان والله صنو أبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقرة عين صفي الله، لهميم الأقوام، وسيد الأعمام، قد علا بصراً للأمور، ونظراً في العواقب. علم تلاشت الأحساب عند ذكر فضيلته، وتباعدت
الأنساب عند فخر عشيرته، ولم لا يكون كذلك؟ وقد ساسه اكرم من ذهب وهب: عب المطلب أفخر من مشى من قريش وركب.
قال معاوية: فلما سميت قريش قريشاً؟ قال: لدابة تكون في البحر هي أعظم دواب البحر خطراً، لا تظفر بشيء من دواب البحر إلا أكلته، فسميت قريش لأنها أعظم العرب فعالاً. فقال: هل تروي في ذلك شعراً؟ فأنشده قول الجمحي:
وقريش هي التي تسكن البحر به ... اسميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا تترك ل ... ذي الجناحين ريشا
هكذا في البلاد حي قريش ... يأكلون البلاد أكلاً كشيشاً
ولهم آخر الزمان نبي ... يكثر القتل فيهم والخموشا
يملأ الأرض خيله ورجال ... يحشرون المطي حشراً كميشاً
فقال معاوية: صدقت يا بن عباس، أشهد أنك لسان أهل بيتك.
فلما خرج ابن عباس من عنده قال معاوية لمن عنده: ما كلمته قط إلا وجدته مستعداً.
وفي حديث آخر قال:
فأمر له معاوية بأربعة آلاف درهم فقبضها ثم صرفها في بني عبد المطلب. فقالوا له: لا نقبل صدقة. قال: إنها ليست بصدقة. وإنما هي هدية لم يبق منها شيء، فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه يلومه وأن يقصر عن ذلك فكتب إليه يقول:
بخيل يرى بالجود عاراً وإنما ... على المرء عار أن يضن ويبخلا
إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفعه ... صديق فلاقته المنية أولا
أنشد المبرد لعبد الله بن العباس، كتب به إلى معاوية لن أبي سفيان: الطويل
إني أغضيت عن غير بغضة ... لراع لأسباب المودة حافظ
وما زال يدعوني إلى الصرم ما أرى ... فآبى وتثنيني عليك الحفائظ
وأنتظر العتبى وأغضي على القذى ... وألبس طوراً مره وأغالظ
وأنتظر الإقبال بالود منكم ... وأصبر حتى أوجعتني المغايظ
وجربت ما يسلي المحب عن الهوى ... وأقصرت والتجريب للمرء واعط
لما خرج الحسين بن علي إلى الكوفة اجتمع ابنعباس وعبد الله وبن الزبير بمكة فضرب ابن عباس جنب ابن الزبير وتمثل: الرجز
يا لك من قبرة بمعمر ... خلا لك الجود فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
خلا لك والله يا بن الزبير الحجاز. وسار الحسين إلى العراق، فقال ابن الزبير لابن عباس: والله ما ترون إلا أنكم أحق بهذا الأمر من سائر الناس، فقال له ابن عباس: إنما يرى من كان في شك، فأما نحن من ذلك فعلى يقين، ولكن أخبرني عن نفسك لم زعمت أنك أحق بهذا الأمر من سائر العرب، قال ابن الزبير: لشرفي عليهم قديماً لا تنكرونه قال: فأيما أشرف، أنت أم من شرفت به؟ قال: إن الذي شرفت به زادني شرفاً. قال: وعلت أصواتهما، فقال ابن أخ لعبد الله بن الزبير: يا بن عباس، دعنا من قولك، فوالله لا تحبونا يا بني هاشم أبداً. قال: فخفقه عبد الله بن الزبير بالنعل وما استحق الضرب؟! وإنما يستحق الضرب من مرق ومذق. قال: يا بن عباس، أما تريد أن تعفو عن كلمة واحدة قال: إنما نعفو عمن أقر، فأما من هر فلا. قال: فقال ابن الزبير: فأين الفضل؟ قال ابن عباس: عندنا - أهل البيت - لا نضعه في غير موضعه فندم، ولا نزويه عن أهله
فنظلم. قال: أولست منهم؟ قال: بلى إن نبذت الحسد، ولزمت الجدد. قال: واعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما.
وعن ابن عباس قال: لو أن العلماء أخذوا العلم بحقه لأحبهم الله عز وجل والملائكة والصالحون من عباده، ولهابهم الناس، لفضل العلم وشرفه.
قال جندب لابن عباس: أوصني بوصية، قال: أوصيك بتوحيد الله، ولا عمل له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. فإن كل خير أنت آتيه بعد هذه الخصال منك مقبول وإلى الله مرفوع. يا جندب، إنك لن تزداد من يومك إلا قرباً، فصل صلاة مودع، وأصبح في الدنيا كأنك غريب مسافر، فإنك من أهل القبور، وابك على ذنبك، وتب من خطيئتك، ولتكن الدنيا أهون عليك من شسع نعليك، وكأن قد فارقتها، وصرت إلى عدل الله، ولن تنتفع بما خلفت، ولن ينفعك إلا عملك.
قال ابن بريدة: رأيت ابن عباس آخذاً بلسانه وهو يقول: ويحك، قل خيراً تغنم أو اسكت عن شر تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم. قال: فقيل له: يا بن عباس، لم تقول هذا؟! قال: إنه بلغني أن الإنسان أراه قال: ليس على شيء من جسده حنقاً أو غيظاً يوم القيامة لعله قال: منه على لسان إلا قال به خيراً أو أملى به خيراً.
قال وبرة المسلمين: أوصى ابن عباس بكلمات، لهن أحسن من الدهم الموقوفة فقال لي: لا تكلمن فيما لا يعنيك فإنه فضل، ولا آمن عليك فيه الوزر، ولا تكلمن فيما يعنيك حتى ترى له موضعاً، فرب متكلم قد تكلم بالحق في غير موضعه فعنت، ولا تمارين سفيهاً ولا حليماً، فإن الحليم يقيلك، والسفيه يريدك، ولا تذكرن أخاك إذا توارى عنك إلا بمثل الذي تحب أن يذكرك به إذا أنت تواريت عنه، واعمل عمل رجل يعلم أنه مجزي
بالإحسان، مأخوذ بالإجرام. قال: فقال رجل عنده: يا أبا عباس، هذه خير من عشرة آلاف. قال: فقال ابن عباس: كلمة واحدة منها خير من عشرة آلاف.
قال ابن عباس: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله، وتصغيره عنده، وستره، فإنه إذا عجله هيأه وإذا صغره عظمه، وإذا ستره فخمه.
قال ابن عباس:
أكرم الناس علي جليسي، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني.
قيل لابن عباس: من أكرم الناس عليك؟ قال: جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت ألا يقع الذباب على وجهه لفعلت.
وعن ابن عباس كان يقول: ثلاثة لا أكافئهم: رجل ضاق مجلسي فأوسع لي، ورجل كنت ظمآن فسقاني، ورجل اغبرت قدماه في الاختلاف على بابي، ورابع لا أقدر على مكافأته، ولا يكافئه عني إلا الله عز وجل: رجل حز به أمر فبات ليلته ساهراً. فلما أصبح لم يجد لحاجته معتمداً غيري. قال: وكان يقول: إني لأستحي من الرجل يطأ بساطي ثلاث مرات ثم لا يرى عليه أثر من أثري.
قال ابن عباس: ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا أنزلته أحد ثلاثة منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان نظيري تفضلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به. وهذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرض الله واسعة.
ولما أصيبت عين ابن عباس نحل جسمه. فلما ذهبت الأخرى عاد لحمه، فقيل له في ذلك، فقال: أصابني ما رأيتم في الأولة شفقة على الأخرى، فلما ذهبتا اطمأن قلبي.
قال عكرمة: لما وقع الماء في عين ابن عباس قيل له: تنزع الماء من عينيك، على أنك لا تصلي سبعة
أيام، فقال: لا إنه منترك الصلاة سبعة أيام وهو يقدر عليها لقي الله عز وجل وهو غضبان عليه.
وعن ابن عباس أنه قال حين أصيب بصره: ما آسى على شيء من الدنيا إلا لو أني كنت مشيت إلى بيت الله عز وجل، فإني سمعت الله عز وجل يقول: " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ".
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس في العلم بحراً ينشق له من الأمر الأمور. وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اللهم، ألهمه الحكمة، وعلمه التأويل ".فلما عمي أتاه ناس من أهل الطائف، ومعهم علم من علمه أو كتب من كتبه، فجعلوا يستقرؤونه، وجعل يقدم ويؤخر. فلما رأى ذلك قال: إني تلهت من مصيبتي هذه، فمن كان عنده علم من علمي، أو كتب من كتبي فليقرأ علي، فإن إقراري له به كقراءتي عليه. قال: فقرؤوا عليه، زاد في حديث آخر: ولا يكن في أنفسكم من ذلك شيء.
تله الرجل إذا تحير. والأصل وله. والعرب قد تقلب الواو تاء، يقولون: تجاه، والأصل: وجاه.
ولما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية بأولادهما ونسائهما حتى نزلوا مكة، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما يبايعان فيأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لك ولا لغيرك، فأبى، وألح عليهما إلحاحاً شديداً. وقال فيما يقول: والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن من هذا الرجل، فمشوا في الناس، فانتدب أربعة آلاف، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكة، وابن الزبير في المسجد، فانطلق هارباً حتى دخل دار الندوة ويقال: تعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ الله. قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنيفة وأصحابهما، وهم في
دور قريب من المسجد قد جمع الحطب، فأحاط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن ناراً تقع فيه مارئي منهم أحد حتى تقوم الساعة، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذرنا نرح الناس منه، فقال: لا، هذا بلد حرام حرمه الله، ما أحله لأحد إلا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيرونا. قال: فتحملوا، وإن منادياً ينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، فأقاموا ما شاء الله، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد الله بن عباس. قال: فبينا نحن عنده إذ قال في مرضه: إني أموت في خير عصابة على وجه الأرض أحبهم إلى الله وأكرمهم عليه، وأقربهم إلى الله زلفى، فإن كت فيكم فأنتم هم، فما لبث إلا ثمان ليال بعد هذا القول حتى توفي، رحمه الله. فصلى عليه محمد بن الحنيفة، وولينا حمله ودفنه.
قال منذرالثوري: سمعت محمد بن علي بن أبي طالب يقول يوم مات ابن عباس: اليوم مات رباني هذ الأمة.
وفي رواية عن كلثوم: اليوم مات رباني العلم.
وعن بجير بن أبي عبيد قال:
مات ابن عباس بالطائف. فلما خرجوا بنعشه جاء طير عظيم أبيض من قبل وج زاد في رواية: يقال له الغرنوق حتى خالط أكفانه، ثم لم يروه، زاد في رواية: قال: فكانوا يرون أنه علمه.
قال ميمون بن مهران: شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف. فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه، فالتمس فلم يوجد. فلما سوي عليه سمعنا صوتاً، نسمع صوته ولا
نرى شخصه " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
قال هشام بن محمد بن السائب: صلى محمد بن علي على عبد الله بن عباس، وكبر عليه أربعاً، وضرب على قبره فسطاطاً.
قال ابن بكير: توفي عبد الله بن عباس سنة خمس وستين. ويقال: ثمان وستين. وصلى عليه محمد بن الحنفية، وأدخله من قبل القبلة، وقيل: توفي سنة سبع وثمانين. وتوفي ابن الحنفية بعده.
وكان ابن عباس يصفر لحيته، وتوفي وسنه اثنتان وسبعون سنة، وقيل: إحدى وسبعون سنة، وقيل: أربع وسبعون سنة. والصحيح قول من قال: إنه توفي سنة ثمان وستين. والله أعلم.
ولما دفن قال محمد بن الحنفية: مات والله اليوم حبر الأمة.
قال الزبير: ويقال: قالت أم الفضل وهي ترقص عبد الله بن عباس:
ثكلت نفسي وثكلت بكري ... إن لم يسد فهراً وغير فهر
بحسب زاك وبذل الوفر
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5516#b242dd
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو العباس الهاشمي له صحبة روى عنه عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبو الطفيل عامر بن واثلة وثعلبة بن الحكم وأبو أمامة بن سهل
ابن حنيف سمعت أبي يقول بعض ذلك وبعضه من قبلي.
ثنا عبد الرحمن نا أبو بجير المحاربي والأحمسي قالا نا أبو أسامة عن الأعمش عن مجاهد قال كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه.
ابن حنيف سمعت أبي يقول بعض ذلك وبعضه من قبلي.
ثنا عبد الرحمن نا أبو بجير المحاربي والأحمسي قالا نا أبو أسامة عن الأعمش عن مجاهد قال كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5516#82a282
عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطلب أَبُو الْعَبَّاس الْهَاشمي.
قَالَ الْحَسَن عَنْ (3) ضمرة: مات سنة سبعين وهو بالطائف، وَقَالَ أَبُو نعيم: مات سنة ثمان وستين [و (4) ] قال يَحْيَى بْن يوسف حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن عياش عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: وجدنا أكثر أحاديث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد هذا الحي من الأنصار أن كنت لآتي الرجل منهم فيقَالَ انه نائم فأدعه ولو شئت لايقظته
يستطيب حديثه (1) .
(2) أَحْمَد بْن يونس قَالَ (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ (3) عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني الْمُفَصَّلَ.
وَقَالَ عُمَر بْن حفص بْن غياث حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأعمش حَدَّثَنَا مُسْلِم (4) عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عبد الله رضي الله عَنْهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَدْرَكَ أَسْنَانَنَا مَا عَاشَرَهُ (5) رَجُلٌ مِنَّا (5) .
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ لَيْثٍ قَالَ قِيلَ لِطَاوُسٍ تَرَكْتَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَهَيْتَ إِلَى قَوْلِ غُلامٍ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارءوا في شئ انَتْهَوا إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَالَ (6) ابْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ (6) حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أبو اسحاق
سَمِعَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (1) شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بِشْرٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عن ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَقْرَأُ الْمُحْكَمَ [مِنَ الْقُرْآنِ (2) ] ، قِيلَ وَمَا الْمُحْكَمُ؟ قَالَ: الْمُفَصَّلُ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَأَنَا مَخْتُونٌ.
قَالَ الْحَسَن عَنْ (3) ضمرة: مات سنة سبعين وهو بالطائف، وَقَالَ أَبُو نعيم: مات سنة ثمان وستين [و (4) ] قال يَحْيَى بْن يوسف حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن عياش عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: وجدنا أكثر أحاديث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد هذا الحي من الأنصار أن كنت لآتي الرجل منهم فيقَالَ انه نائم فأدعه ولو شئت لايقظته
يستطيب حديثه (1) .
(2) أَحْمَد بْن يونس قَالَ (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ (3) عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني الْمُفَصَّلَ.
وَقَالَ عُمَر بْن حفص بْن غياث حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأعمش حَدَّثَنَا مُسْلِم (4) عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عبد الله رضي الله عَنْهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَدْرَكَ أَسْنَانَنَا مَا عَاشَرَهُ (5) رَجُلٌ مِنَّا (5) .
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ لَيْثٍ قَالَ قِيلَ لِطَاوُسٍ تَرَكْتَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَهَيْتَ إِلَى قَوْلِ غُلامٍ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارءوا في شئ انَتْهَوا إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَالَ (6) ابْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ (6) حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أبو اسحاق
سَمِعَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (1) شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بِشْرٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عن ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَقْرَأُ الْمُحْكَمَ [مِنَ الْقُرْآنِ (2) ] ، قِيلَ وَمَا الْمُحْكَمُ؟ قَالَ: الْمُفَصَّلُ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَأَنَا مَخْتُونٌ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5516#b35d1e
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف، أَبُو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ الهاشمي ابْنُ عم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كني بابنه الْعَبَّاس، وهو أكبر ولده، وأمه لبابة الكبرى بِنْت الحارث بْن حزن الهلالية، وهو ابْنُ خالة خَالِد بْن الوليد.
وكان يسمى البحر، لسعة علمه، ويسمى حبر الأمة، ولد والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب من مكَّة، فأُتي بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه بريقه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل غير ذَلِكَ، ورأى جبريل عند النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(781) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الْفَقِيهُ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ "
(782) قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ "
(783) أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، أَخْبَرَنَا الْمُخَلِّصُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلائِكَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرِّسَالَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ الْعِلْمِ "
(784) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الْبَهَاءِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّرَّادُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا جَاءَتْهُ الأَقْضِيَةُ الْمُعْضِلَةُ، قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّهَا قَدْ طَرَّتْ لَنَا أَقْضِيَةٌ وَعُضِلَ، فَأَنْتَ لَهَا وَلأَمْثَالِهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَمَا كَانَ يَدْعُو لِذَلِكَ أَحَدًا سِوَاهُ "
عبيد اللَّه: وعمر عُمَر، يعني: فِي حذقه واجتهاده لله وللمسلمين.
وقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة: كَانَ ابْنُ عَبَّاس قَدْ فات النَّاس بخصال: بعلم ما سبقه وفقه فيما احتيج إِلَيْه من رأيه، وحلم، ونسب، ونائل، وما رَأَيْت أحدًا كَانَ أعلم بما سبقه من حديث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، ولا بقضاء أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان مِنْهُ، ولا أفقه فِي رأي مِنْهُ، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن، ولا بحساب ولا بفريضة مِنْهُ، ولا أثقب رأيًا فيما احتيج إِلَيْه مِنْهُ، ولقد كَانَ يجلس يومًا ولا يذكر فِيهِ إلا الفقه، ويومًا التأويل، ويومًا المغازي، ويومًا الشعر، ويومًا أيام العرب، ولا رَأَيْت عالمًا قط جلس إِلَيْه إلا خضع لَهُ، وما رَأَيْت سائلًا قط سأله إلا وجد عنده علمًا.
وقَالَ ليث بْن أَبِي سليم: قلت لطاوس: لزمت هَذَا الغلام، يعني ابْنَ عَبَّاس، وتركت الأكابر من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَ: إني رَأَيْت سبعين رجلًا من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تدارءُوا فِي أمر صاروا إلى قول ابْنِ عَبَّاس.
وقَالَ المعتمر بْن سُلَيْمَان، عن شُعَيْب بْن درهم، قَالَ: كَانَ هَذَا المكان، وأُومأ إلى مجرى الدموع من خدية، من خدي ابْنِ عَبَّاس مثل الشراك البالي، من كثرة البكاء.
واستعمله عليّ بْن أَبِي طَالِب عَلَى البصرة، فبقي عليها أميرًا، ثُمَّ فارقها قبل أن يقتل عليّ بْن أبي طَالِب، وعاد إلى الحجاز، وشهد مَعَ عليّ صفين، وكان أحد الأمراء فيها.
وروى ابْنُ عَبَّاس: عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن عُمَر، وعلي، ومعاذ بْن جبل، وأبي ذر.
روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن عُمَر، وأنس بْن مَالِك، وأبو الطفيل، وأبو أمامة بْن سهل بْن حنيف، وأخوه كَثِير بْن عَبَّاس، وولده عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومواليه: عكرمة، وكريب، وأبو معبد نافذ، وعطاء بْن أبي رباح، ومجاهد، وابن أَبِي مليكة، وعمرو بْن دينار، وعبيد بْن عمير، وسعيد بْن المسيب، والقاسم بْن مُحَمَّد، وعبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة، وسليمان بْن يسار، وعروة بْن الزُّبَيْر، وعلي بْن الْحُسَيْن، وأبو الزُّبَيْر، ومحمد بْن كعب، وطاوس، ووهب بْن منبه، وأبو الضحى، وخلق كَثِير غير هَؤُلَاءِ.
(785) أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ التِّرْمِذِيّ ُ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، الْمَعْنَى وَاحِدٍ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ " قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر الواقدي، حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن عطية بْنِ سعد بْن جنادة العوفي القاضي، عن أَبِيهِ، عن جَدّه، قَالَ: " لما وقعت الفتنة بين عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر، وعبد الملك بْن مروان، ارتحل عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومحمد بْن الحنفية، بأولادهما، ونسائهما، حتَّى نزلوا مكَّة، فبعث عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر إليهما: تبايعان؟ فأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لَكَ ولا لغيرك، فأبى وألحّ عليهما إلحاحًا شديدًا، فَقَالَ لهما فيما يَقُولُ: لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل إلى شيعتهم بالكوفة، وقالا: إنا لا نأمن هَذَا الرجل، فانتدب أربعة آلاف، فدخلوا مكَّة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكَّة، وابن الزُّبَيْر، فانطلق هاربًا حتَّى دخل دار الندوة، وَيُقَال: تعلق بأستار الكعبة، وقَالَ: أَنَا عائذ بالبيت، قَالَ: ثُمَّ ملنا إلى ابْنِ عَبَّاس، وابن الحنفية وأصحابهما، وهم فِي دور قريب من المسجد، قَدْ جمع الحطب، فأحاط بهم حتَّى بلغ رءوس الجدر، لو أن نارًا تقع فِيهِ ما رؤي منهم أحد، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عَبَّاس: ذرنا نريح النَّاس مِنْهُ، فَقَالَ: لا، هَذَا بلد حرام، حرمه اللَّه، ما أحله عَزَّ وَجَلَّ لأحد إلا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيزونا، قَالَ: فتحملوا، وإن مناديًا ينادي فِي الخيل: غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هَذِهِ السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا، فخرجوا بهم حتَّى أنزلوهم مني، فأقاموا ما شاء اللَّه، ثُمَّ خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، فبينا نَحْنُ عنده إذ قَالَ فِي مرضه: إني أموت فِي خير عصابة عَلَى وجه الأرض، أحبهم إلى اللَّه، وأكرمهم عَلَيْهِ، وأقربهم إلى اللَّه زلفى، فإن مت فيكم فأنتم هُمْ، فما لبث إلا ثماني ليال بعد هَذَا القول حتَّى توفي رَضِي اللَّه عَنْهُ، فصلى عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن الحنفية، فأقبل طائر أبيض، فدخل فِي أكفانه، فما خرج منها حتَّى دفن معه، فلما سوي عَلَيْهِ التراب، قَالَ ابْنُ الحنفية: مات والله اليوم حبر هَذِهِ الأمة ".
وكان لَهُ لما توفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، وتوفي سنة ثمان وستين بالطائف، وهو ابْنُ سبعين سنة، وقيل: إحدى وسبعين سنة، وقيل: مات سنة سبعين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين، وهذا القول غريب.
وكان يُصَفّر لحيته، وقيل: كَانَ يخضب بالحناء، وكان جميلًا أبيض طويلًا، مشربًا صفرة، جسيمًا، وسيمًا، صبيح الوجه، فصيحًا.
وحج بالناس لما حُصر عثمان، وكان قَدْ عمي فِي آخر عمره، فَقَالَ فِي ذَلِكَ:
إن يأخذ اللَّه من عيني نورهما ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل وفي فمي صارم كالسيف مأثور
أَخْرَجَهُ الثلاثة.
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف، أَبُو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ الهاشمي ابْنُ عم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كني بابنه الْعَبَّاس، وهو أكبر ولده، وأمه لبابة الكبرى بِنْت الحارث بْن حزن الهلالية، وهو ابْنُ خالة خَالِد بْن الوليد.
وكان يسمى البحر، لسعة علمه، ويسمى حبر الأمة، ولد والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب من مكَّة، فأُتي بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه بريقه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل غير ذَلِكَ، ورأى جبريل عند النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(781) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الْفَقِيهُ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ "
(782) قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ "
(783) أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، أَخْبَرَنَا الْمُخَلِّصُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلائِكَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرِّسَالَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ الْعِلْمِ "
(784) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الْبَهَاءِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّرَّادُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا جَاءَتْهُ الأَقْضِيَةُ الْمُعْضِلَةُ، قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّهَا قَدْ طَرَّتْ لَنَا أَقْضِيَةٌ وَعُضِلَ، فَأَنْتَ لَهَا وَلأَمْثَالِهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَمَا كَانَ يَدْعُو لِذَلِكَ أَحَدًا سِوَاهُ "
عبيد اللَّه: وعمر عُمَر، يعني: فِي حذقه واجتهاده لله وللمسلمين.
وقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة: كَانَ ابْنُ عَبَّاس قَدْ فات النَّاس بخصال: بعلم ما سبقه وفقه فيما احتيج إِلَيْه من رأيه، وحلم، ونسب، ونائل، وما رَأَيْت أحدًا كَانَ أعلم بما سبقه من حديث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، ولا بقضاء أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان مِنْهُ، ولا أفقه فِي رأي مِنْهُ، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن، ولا بحساب ولا بفريضة مِنْهُ، ولا أثقب رأيًا فيما احتيج إِلَيْه مِنْهُ، ولقد كَانَ يجلس يومًا ولا يذكر فِيهِ إلا الفقه، ويومًا التأويل، ويومًا المغازي، ويومًا الشعر، ويومًا أيام العرب، ولا رَأَيْت عالمًا قط جلس إِلَيْه إلا خضع لَهُ، وما رَأَيْت سائلًا قط سأله إلا وجد عنده علمًا.
وقَالَ ليث بْن أَبِي سليم: قلت لطاوس: لزمت هَذَا الغلام، يعني ابْنَ عَبَّاس، وتركت الأكابر من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَ: إني رَأَيْت سبعين رجلًا من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تدارءُوا فِي أمر صاروا إلى قول ابْنِ عَبَّاس.
وقَالَ المعتمر بْن سُلَيْمَان، عن شُعَيْب بْن درهم، قَالَ: كَانَ هَذَا المكان، وأُومأ إلى مجرى الدموع من خدية، من خدي ابْنِ عَبَّاس مثل الشراك البالي، من كثرة البكاء.
واستعمله عليّ بْن أَبِي طَالِب عَلَى البصرة، فبقي عليها أميرًا، ثُمَّ فارقها قبل أن يقتل عليّ بْن أبي طَالِب، وعاد إلى الحجاز، وشهد مَعَ عليّ صفين، وكان أحد الأمراء فيها.
وروى ابْنُ عَبَّاس: عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن عُمَر، وعلي، ومعاذ بْن جبل، وأبي ذر.
روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن عُمَر، وأنس بْن مَالِك، وأبو الطفيل، وأبو أمامة بْن سهل بْن حنيف، وأخوه كَثِير بْن عَبَّاس، وولده عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومواليه: عكرمة، وكريب، وأبو معبد نافذ، وعطاء بْن أبي رباح، ومجاهد، وابن أَبِي مليكة، وعمرو بْن دينار، وعبيد بْن عمير، وسعيد بْن المسيب، والقاسم بْن مُحَمَّد، وعبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة، وسليمان بْن يسار، وعروة بْن الزُّبَيْر، وعلي بْن الْحُسَيْن، وأبو الزُّبَيْر، ومحمد بْن كعب، وطاوس، ووهب بْن منبه، وأبو الضحى، وخلق كَثِير غير هَؤُلَاءِ.
(785) أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ التِّرْمِذِيّ ُ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، الْمَعْنَى وَاحِدٍ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ " قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر الواقدي، حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن عطية بْنِ سعد بْن جنادة العوفي القاضي، عن أَبِيهِ، عن جَدّه، قَالَ: " لما وقعت الفتنة بين عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر، وعبد الملك بْن مروان، ارتحل عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومحمد بْن الحنفية، بأولادهما، ونسائهما، حتَّى نزلوا مكَّة، فبعث عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر إليهما: تبايعان؟ فأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لَكَ ولا لغيرك، فأبى وألحّ عليهما إلحاحًا شديدًا، فَقَالَ لهما فيما يَقُولُ: لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل إلى شيعتهم بالكوفة، وقالا: إنا لا نأمن هَذَا الرجل، فانتدب أربعة آلاف، فدخلوا مكَّة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكَّة، وابن الزُّبَيْر، فانطلق هاربًا حتَّى دخل دار الندوة، وَيُقَال: تعلق بأستار الكعبة، وقَالَ: أَنَا عائذ بالبيت، قَالَ: ثُمَّ ملنا إلى ابْنِ عَبَّاس، وابن الحنفية وأصحابهما، وهم فِي دور قريب من المسجد، قَدْ جمع الحطب، فأحاط بهم حتَّى بلغ رءوس الجدر، لو أن نارًا تقع فِيهِ ما رؤي منهم أحد، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عَبَّاس: ذرنا نريح النَّاس مِنْهُ، فَقَالَ: لا، هَذَا بلد حرام، حرمه اللَّه، ما أحله عَزَّ وَجَلَّ لأحد إلا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيزونا، قَالَ: فتحملوا، وإن مناديًا ينادي فِي الخيل: غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هَذِهِ السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا، فخرجوا بهم حتَّى أنزلوهم مني، فأقاموا ما شاء اللَّه، ثُمَّ خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، فبينا نَحْنُ عنده إذ قَالَ فِي مرضه: إني أموت فِي خير عصابة عَلَى وجه الأرض، أحبهم إلى اللَّه، وأكرمهم عَلَيْهِ، وأقربهم إلى اللَّه زلفى، فإن مت فيكم فأنتم هُمْ، فما لبث إلا ثماني ليال بعد هَذَا القول حتَّى توفي رَضِي اللَّه عَنْهُ، فصلى عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن الحنفية، فأقبل طائر أبيض، فدخل فِي أكفانه، فما خرج منها حتَّى دفن معه، فلما سوي عَلَيْهِ التراب، قَالَ ابْنُ الحنفية: مات والله اليوم حبر هَذِهِ الأمة ".
وكان لَهُ لما توفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، وتوفي سنة ثمان وستين بالطائف، وهو ابْنُ سبعين سنة، وقيل: إحدى وسبعين سنة، وقيل: مات سنة سبعين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين، وهذا القول غريب.
وكان يُصَفّر لحيته، وقيل: كَانَ يخضب بالحناء، وكان جميلًا أبيض طويلًا، مشربًا صفرة، جسيمًا، وسيمًا، صبيح الوجه، فصيحًا.
وحج بالناس لما حُصر عثمان، وكان قَدْ عمي فِي آخر عمره، فَقَالَ فِي ذَلِكَ:
إن يأخذ اللَّه من عيني نورهما ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل وفي فمي صارم كالسيف مأثور
أَخْرَجَهُ الثلاثة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5516#a0586c
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب كنيته أبو عباس ولد قبل الهجرة يعنى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بأربع سنين ومات بالطائف سنة ثمان وستين وقد قيل سنة سبعين وصلى عليه محمد بن الحنفية وكبر عليه أربعا وقبره بالطائف مشهور يزار
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=151563&book=5516#7ce1f6
عبد الله بن جعفر ذي الجناحين
الطيار بن أبي طالب أبو جعفر ويقال: أبو محمد.
ولد بأرض الحبشة إذ كان أبواه مهاجرين بها، وأمه أسماء بنت عميس، وكان جواداً ممدوحاً.
سكن المدينة، وقدم دمشق على معاوية ويزيد وعبد الملك بن مروان، وأمر له يزيد بن معاوية بألفي ألف.
حدث عبد الله بن جعفر قال: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل القثاء بالرطب.
وعنه قال: أردفني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم خلفه، فأسر إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس. قال: وكان أحب ما استتر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجته هدف أو حائش نخل، فدخل حائط رجل من الأنصار فإذا جمل. فلما رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حن وذرفت عيناه، فأتاه
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمسح سراته وذفراه فسكن، ثم قال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل. فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال: ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلى أنك تجيعه وتدئبه.
وعن عبد الله بن جعفر قال:
بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جيشاً واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال: إن قتل زيد واستشهد فأميركم جعفر، فإن قتل واستشهد فأميركم عبد الله بن رواحة. فلقوا العدو فأخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله عليه، وأتى خبرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخرج إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن إخوانكم لقوا العدو، وإن زيداً أخذ الراية فقاتل أو استشهد، ثم أخذ الراية بعده جعفر بن أبي طالب فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح الله عليه، ثم أمهل آل جعفر ثلاثاً أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال: لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ادعوا لي بني أخي. قال: فجيء بنا كأننا أفرخ فقال: ادعوا لي الحلاق؛ فجيء بالحلاق فحلق رؤوسنا ثم قال: أما محمد فشبه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبه خلقي وخلقي، ثم أخذ بيدي فأشالها فقال: اللهم، اخلف جعفراً في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه، قالها ثلاث مرات. قال: فجاءت أمنا فذكرت له يتمنا، وجعلت تفرخ له، فقال: آلعيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة؟ قال عبد الله بن جعفر: إنما أحفظ حين دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أمي فنعى لها أبي، فأنظر إليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي، وعيناه تهراقان الدموع حتى تقطر لحيته ثم قال: اللهم إن جعفراً
قد قدم إلى أحسن الثواب فاخلفه في ذريته ما خلفت أحداً من عبادك في ذريته، ثم قال يا أسماء: ألا أبشرك؟ قالت: بأبي وأمي، قال: فإن الله جل وعز جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة. قالت: بأبي وأمي يا رسول الله فأعلم الناس ذلك، فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخذ بيدي يمسح بيده رأسي حتى رقي على النبر وأجلسني أمامه على الدرجة السفلي والحزن يعرف عليه فتكلم فقال: إن المرء كثير بأخيه وابن عمه، ألا إن جعفراً قد استشهد وقد جعل الله له جناحين يطير بهما في الجنة، ثم نزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل بيته وأدخلني، وأمر بطعام يصنع لأهلي وأرسل إلى أخي فتغدينا عنده والله غداءً طيباً مباركاً. عمدت سلمى خادمه إلى شعير فطحنته ثم نسفته ثم أنضجته ثم أدمته بزيت، وجعلت عليه فلفلاً فتغديت أنا وأخي معه، فأقمنا ثلاثة أيام في بيته ندور معه، كلما صار في بيت إحدى نسائه، ثم رجعنا إلى بيتنا. فأتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أساوم بشاة أخ لي فقال: اللهم بارك له في صفقته. قال عبد الله: فما بعت شيئاً ولا اشتريت إلا بورك لي فيه.
وعن عروة: أن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر بايعا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهما ابنا سبع سنين، وإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رآهما تبسم وبسط يده فبايعهما.
وعن عبد الله بن جعفر قال: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بيته، وإنه قدم من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فاطمة إما حسن وإما حسين فأردفه خلفه فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة.
وعن عبد الله بن جعفر قال: سمعت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمة ما أحب أن لي بها حمر النعم. سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: جعفراً أشبه خلقي وخلقي. وأما أنت يا عبد الله فأشبه خلق الله بأبيك. وعنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يا عبد الله، هنيئاً لك مريئاً: خلقت من طينتي وأبوك يطير مع الملائكة في السماء.
خطب الحسن والحسين عليهما السلام وعبد الله بن جعفر عليهما السلام إلى المسيب بن نجية ابنته الجنان، فقال لهم: إن لي فيها أميراً لن أعدو أمره، فأتى علي بن أبي طالب فأخبره خبرهم واستشاره، فقال له علي: أما الحسن فإنه رجل مطلاق وليس يحظين عنده، وأما الحسين فإنما هي حاجة الرجل إلى أهله، وأما عبد الله بن جعفر فقد رضيته لك فزوجه السائب ابنته.
وعن ابن عمر: أنه كان يأتي عبد الله بن جعفر فقال له الناس: إنك تكثر إتيان عبد الله بن جعفر فقال ابن عمر: لو رأيتم أباه أحببتم هذا، وجد فيما بين قرنه إلى قدمه سبعون بين ضربةٍ بسيف وطعنةٍ برمح.
وفد عبد الله بن جعفر على معاوية فأنزله في داره، فقالت له ابنة قرظة امرأته: إن جارك هذا يسمع الغناء، قال: فإذا كان ذلك فأعلميني، فأعلمته، فاطلع عليه وجارية له تغنيه:
إنك والله لذو ملةٍ ... يطرفك الأدنى عن الأبعد
وهو يقول: يا صدقكاه. قال: ثم قال: اسقني، قالت: ما أسقيك؟ قال: ماء وعسلاً، قال: فانصرف معاوية وهو يقول: ما رأى بأساً. فلما كان بعد ذلك قالت له: إن جارك هذا لا يدعنا ننام الليل من قراءة القرآن. قال: هكذا قومي: رهبان بالليل ملوك بالنهار.
قدم عبد الله بن جعفر على معاوية وكانت له منه وفادة في كل سنة، يعطيه ألف ألف درهم، ويقضي له مئة حاجة، فقال: يا أمير المؤمنين، اقض عني ديني فإني إنما أخذته عليك، وابسط أملي بإعطاء يومك، ودعني وغداً، فإنك غداً خير منك اليوم، كما أنك اليوم خير منك أمس ثم قال:
يوماك: يوم يفيض نائله ... وخير يوميك ما بقيت غدا
ولا يمنعك من قضاء حقنا، وصلة أرحامنا حاجتنا إليك، وغناك عنا، فإنه ليس كل حاجة تتم، ولا كل غنى يدوم، وقد عودتنا من نفسك عادة صارت لنا عليك فريضة إن تقف بنا عندها رضينا بها، وإن زدتنا عليها حملنا زيادتها، ونحن وأنت كما قال الأعشى لقيس بن النمر:
عودت كندة عادةً فاصبر لها ... اغفر لجاهلها وروّ سجالها
وأعلم أنك لا تقضي لنا حاجة إلا قضينا لك مثلها، ولا تقبض عنا يدك فوالله إنه لتجيء منك الفلتة من الحرمان فكأنما جاءت من غيرك، يشك فيها الشاهد، ويكذب بها الغائب، ويطلب لها أهل الرأي المخرج لك منها حتى يبتغوا لك من الغدر ما يجوز الحرمان، وكذلك بحظك الغالب وقدرك الجالب. فقال معاوية: حسبك فما يتسع بيت ما لي لمكافأتك، والله ما في قريش رجل أحب أن يكون ابن هند منك، ولكني إذا ذكرت مكانك من علي ومكان علي منك انقبضت عنك، ثم أذكر أني لا أقيس بك رجلاً من قريش إلا عظمت عنه، ولا أزنك إلا رجحت به فعطفت عليك. فالغالب على ذلك الأوليان، بك مني وسيلة لا أخيب دالتها، وأثرة لا أستكثر عطيتها، وأما ما عودتكم فهو لكم ما كنتم لي، وأما أن تقضي من حقك فإني لا أكون على حال إلا وفي يديك مني أكثر مما في يدي منك، وأما البخل فكيف أبخل بمال، إنما تغيب عني أربعة أشهر حتى يرجع إلي بيت مالي، فقد اعتقدت به المنن، وما أحبسه إلا لأعطيه، وما أجمعه لأمنعه، ولأنا بإعطائه أشد سروراً منكم بأخذه، وقد قدمت علي وقد خلفت الحقوق في المال، ولك عودة، والدهر بيني وبينك أطرق مشتت، فلا تضربن بيني وبينك بالإساءة. كم دينك يا بن جعفر؟ قال: ألف ألف درهم. فقال معاوية: يا سعد، اقضها عنه، واجبهاغداً من فسا ودرابجرد، فغضبت قريش الشام حين أعطاه ألف ألف درهم فقالت: نظن معاوية هائباً لابن جعفر، فقال معاوية من أبيات:
تقول قريش حين خفت حلومها ... نظن ابن هند هائباً لابن جعفر
فمن ثم يقضي ألف ألف ديونه ... وحاجته مقضية لم تؤخر
فقلت: ادعوا لي لا أباً لأبيكم ... فما منكم فيض له غير أعور
أليس فتى البطحاء ما تنكرونه ... وأول من أثني بتقواه خنصرى
وكان أبوه جعفر ساد قومه ... ولم يك في الحرب العوان بجيدر
فما ألف ألف فاسكتوا لابن جعفركثير ولا أمثالها لي بمنكر
ولا تحسدوه وافعلوا كفعاله ... ولن تدركوه كل ممشى ومحضر
دخل عبد الله بن جعفر على معاوية وعنده يزيد ابنه، فجعل يزيد يعرض بعبد الله في كلامه وينسبه إلى الإسراف في غير مرضاة الله، فقال عبد الله ليزيد: إني لأرفع نفسي عن جوابك، ولو صاحب السرير يكلمني لأجبته. فقال معاوية: كأنك تظن أنك أشرف منه. قال: أي، والله ومنك ومن أبيك وجدك. فقال معاوية: ما كنت أحب أن أحداً في عصر حرب بن أمية أشرف من حرب بن أمية. فقال عبد الله: بلى والله أشرف من حرب من أكفأ عليه إناءه، وأجاره بردائه. قال: صدقت يا أبا جعفر، وسل حاجتك، فقضى حوائجه وخرج.
قال الشعبي:
ومعنى قول عبد الله لمعاوية: إن أشرف من حرب من أكفأ عليه إناءه وأجاره بردائه، لأن حرب بني أمية كان إذا كان في سفر وعرضت له ثنية أو عقبة تنحنح، فلم يجترئ أحد أن يربأها حتى يجوز حرب بن أمية، فكان في سفر، فعرضت له ثنية فتنحنح، فوقف الناس ليجوز، فجاء غلام من بني تميم فقال: ومن حرب؟ ثم تقدمه فنظر إليه حرب فتهدده وقال: سيمكنني الله تعالى منك إذا دخلت مكة. فضرب الدهر من ضربه. ثم إن التميمي بدت له حاجة بمكة فسأل عن أعز أهل مكة فقيل له: عبد المطلب بن هاشم فقال: أردت دون عبد المطلب فقيل له: الزبير بن عبد المطلب، فقدم إلى مكة فأتى باب الزبير بن عبد المطلب فقرع عليه بابه، فخرج إليه الزبير فقال: ما أنت؟ إن كنت
مستجيراً أجرناك، وإن كنت طالب قرى قريناك، فأنشأ التميمي يقول:
لاقيت حرباً بالثنية مقبلاً ... والصبح أبلج ضوءه للساري
قف لا تصاعد واكتنى ليروعني ... ودعا بدعوة معلن وشعار
فتركته خلفي وسرت أمامه ... وكذاك كنت أكون في الأسفار
فمضى يهددني الوعيد ببلدة ... فيها الزبير كمثل ليث ضار
فتركته كالكلب ينبح وحده ... وأتيت قرم مكارم وفخار
قرما هزبراً يستجار بقربه ... رحب المياه مكرماً للجار
وحلفت بالبيت العتيق وركنه ... وبزمزم والحجر ذي الأستار
إن الزبير لما نعي بمهند ... عضب المهزة صارم بتار
فقال الزبير: قد أجرتك وأنا ابن عبد المطلب، فسر أمامي فإنا - معشر بني عبد المطلب - إذا أجرنا رجلاً لم نتقدمه، فمضى بين يديه والزبير في إثره فليقه حرب فقال: التميمي، ورب الكعبة، ثم شد عليه ثم اخترط سيفه الزبير، ونادى في إخوته، ومضى حرب يشتد، والزبير في إثره حتى صار إلى دار عبد المطلب، فلقيه عبد المطلب خارجاً من الدار فقال: مهيم ياحرب، فقال: ابنك. قال: ادخل الدار، فدخل فأكفأ عليه جفنة هاشم التي كان يهشم فيها الثريد. وتلاحق بنو عبد المطلب بعضهم على إثر بعض، فلم يجترئوا أن يدخلوا دار أبيهم فاحتبوا بحمائل سيوفهم، وجلسوا على الباب فخرج إليهم عبد المطلب. فلما نظر إليهم سره ما رأى منهم فقال: يا بني، أصبحتم أسود العرب. ثم دخل إلى حرب فقال له: قم فاخرج، فقال: يا أبا الحارث، هربت من واحد وأخرج إلى عشرة؟! فقال: خذ ردائي هذا فالبسه، فإنهم إذا رأوا ردائي عليك لم يهيجوك، فلبس رداءه وخرج فرفعوا رؤوسهم، فلما نظروا إلى الرداء عليه نكسوا رؤوسهم، ومضى حرب، فهو قوله: إن أشرف من حرب من أكفأ عليه إناءه وأجاره بردائه.
قال عمرو بن العاص لعبد الله بن جعفر عند معاوية ليصغر منه: يا بن جعفر، فقال له عبد الله: لئن نسبتيني إلى جعفر فلست بدعي ولا أبتر، ثم ولى وهو يقول:
تعرضت قرن الشمس وقت ظهيرة ... لتستر منها ضوءها بظلامكا
كفرت اختياراً ثم آمنت خيفة ... وبغضك إيانا شهيد بذلكا
قوله: لست بدعي ولا أبتر لأن العاص قال: إن محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبتر، فأنزل الله عز وجل " إن شانئك هو الأبتر ".
روي عن عبد الله بن جعفر أنه أسلف الزبير بن العوام ألف ألف درهم. فلما توفي الزبير قال ابن الزبير لعبد الله بن جعفر: إني وجدت في كتب أبي أن له عليك ألف ألف درهم، فقال: هو صادق فاقبضها إذا شئت. ثم لقيه بعد فقال: يا أبا جعفر، إنما وهمت، المال لك عليه، قال: فهو له. قال: لا أريد ذلك، قال: فاختر، إن شئت فهو له، وإن كرهت ذلك فلك فيه نظرة ما شئت، فإن لم ترد ذلك فبعني من ماله ما شئت، قال: أبيعك، ولكني أقوم فقوم الأموال ثم أتاه فقال: أحب ألا يحضرني وإياك أحد. فقال له عبد الله: يحضرنا الحسن والحسين فيشهدان لك، قال: ما أحب أن يحضرنا أحد. قال: انطلق، فمضى معه فأعطاه خراباً وسباخاً لا عمارة له، وقومه عليه، حتى إذا فرغ قال عبد الله لغلامه: ألق لي في هذا الموضع مصلى، فألقى له في أغلظ موضع من تلك المواضع مصلى، فصلى ركعتين وسجد فأطال السجود يدعو. فلما قضى ما أراد من الدعاء قال لغلامه: احفر في موضع سجودي فحفر، فإذا عين قد أنبطها، فقال له ابن الزبير: أقلني. قال: أما دعائي وإجابة الله إياي فلا أقيلك، فصار ما أخذ منه أعمر ما في أيدي ابن الزبير.
وعن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله.
فكان عبد الله بن جعفر يقول لخازنه اذهب فخذ لي بدين، فإني أكره أن أبيت ليلة إلا والله معي بعد الذي سمعت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن الحسين قال: علمنا عبد الله بن جعفر السخاء.
وعن هشام: أن دهقانا كلم عبد الله بن جعفر أن يكلم علي بن أبي طالب في حاجة، فكلمه فقضاها: فأهدى إليه الدهقان أربعين ألفاً فردها عليه وقال: إنا لا نأخذ على المعروف ثمناً.
حج معاوية فنزل في دار مروان بالمدينة، فطال عليه النهار يوماً، وفرغ من القائلة فقال: يا غلام، انظر من بالباب، هل ترى الحسن بن علي أو الحسين أو عبد الله بن جعفر أو عبد الله بن أبي أحمد بن جحش، فأدخله علي، فخرج الغلام فلم ير منهم أحداً، وسأل عنهم فأخبر أنهم مجتمعون عند عبد الله بن جعفر يتغدون عنده، فأتاه فأخبره فقال: والله ما أنا إلا كأحدهم، ولقد كنت أجامعهم في مثل هذا، فقام فأخذ عصاً فتوكأ عليها وقال: سر يا غلام، فخرج بين يديه حتى دق عليهم الباب فقال: هذا يا أمير المؤمنين فدخل فأوسع له عبد الله بن جعفر عن صدر فراشه فجلس فقال: غداءً يا بن جعفر، قال: ما يشتهي أمير المؤمنين من بيتي فليدع به قال: أطعمنا مخاً، قال: يا غلام، هات مخاً. قال: فأتي بقصعة فيها مخ، فأقبل معاوية يأكل، ثم قال عبد الله: يا غلام زدنا مخاً، فزاد، ثم قال: يا غلام مخاً، فزاد. فقال معاوية: إنما كنا نقول: يا غلام زدنا سخيناً، فأما قولك: يا غلام، زدنا مخاً فلم أسمع به قبل اليوم، يا بن جعفر، ما يسعك إلا الكثير، فقال عبد الله: يعين الله على ما ترى يا أمير المؤمنين. قال: فأمر له يومئذ بأربعين ألف دينار، وكان عبد الله بن جعفر قد ذبح ذلك اليوم كذا وكذا من شاة، وأمر بمخهن فنكت له، فوافق ذلك معاوية.
كتب رجل إلى عبد الله بن جعفر رقعة، فجعلها في ثني وسادة التي يتكئ عليها، فقلب عبد الله الوسادة فبصر بالرقعة فقرأها، فردها في موضعها، وجعل مكانها كيساً فيه خمسة آلاف دينار، فجاء الرجل فقال: قلب المرفقة فخذ ما تحتها فأخذ الكيس وخرج وأنشأ يقول:
زاد معروفك عندي عظماً ... أنه عندك مستور حقير
تتناساه كأن لم تأته ... وهو عند الله مشهور كبير
خرج عبد الله بن جعفر إلى حيطان المدينة، فبينا هو كذلك إذ نظر إلى أسود على بعض الحيطان وهو يأكل وبين يديه كلب، وعبد الله بن جعفر واقف على دابته ينظر
إليه، فلما فرغ دنا منه فقال له: يا غلام لمن أنت؟ فقال: لورثة عثمان بن عفان فقال: لقد رأيت منك عجباً فقال له: وما الذي رأيت من العجب؟ قال: رأيتك تأكل، فكلما أكلت لقمة رميت للكلب لقمة، فقال: يا مولاي، هو رفيقي منذ سنين، ولا بد أن أجعله كأسوتي في الطعام، فقال له: فدون هذا يجزئك؟ فقال له: يا مولاي، إني لأستحي من الله أن آكل، وعين تنظر إلي لا تأكل. ثم مضى عنه حتى ورثة عثمان بن عفان فنزل عندهم فقال: جئت في حاجة، تبيعوني الحائط الفلاني قالوا: قد وهبناه لك فقال: لست آخذه إلا بضعف فباعوه، فقال لهم: وتبيعوني الغلام الأسود؟ فقال له: إن الأسود ربيناه وهو كأحدنا، فلم يزل بهم حتى باعوه، فلما أصبح غدا على الغلام وهو في الحائط، فخرج إليه فقال له: أشعرت أني قد اشتريتك واشتريت الحائط من مواليك؟ فقال: بارك الله لك فيما اشتريت، ولقد غمني مفارقتي لموالي، إنهم ربوني، فقال له: فأنت حر والحائط لك فقال: إن كنت صادقاً يا مولاي فاشهد أني أوقفته على ورثة عثمان بن عفان. فتعجب عبد الله بن جعفر منه وقال: ما رأيت كاليوم، فقال: بارك الله فيه ودعا له ومضى.
قال معاوية لعبد الله بن جعفر: ما العيش يا أبا جعفر؟ قال: ركوب الهوى وترك الحياء.
خرج حسين بن علي وعبد الله بن جعفر وسعيد بن العاص إلى مكة في حج أو عمرة. فلما قفلوا اشتاقوا إلى المدينة، فركبوا صدور رواحلهم بأبدانهم، وخلفوا أثقالهم، وكان ذلك في الشتاء فلما بلغوا المنحنين قرب الليل أصابهم مطر واشتد عليهم البرد، فاحتاجوا إلى مبيت وكن، فنظروا إلى نار تلوح لهم عن ناحية من الطريق، فأموها، فإذا هي نار لإنسان من مزينة فسألوا المبيت فقال: نعم، والقرى، فأنزلهم وأدخلهم خباءه وحجز بينهم وبين امرأته وصبيانه بكساء أو شيء ثم قام إلى شاة عنده فذبحها وسلخها، ثم قربها إليهم، وأضرم لهم ناراً عظيمة، فباتوا عليها، ودخل على امرأته وهو يظن أنهم قد ناموا فقالت له: ويحك، ما صنعت بأصبيتك؟! فجعتهم بشويهتهم، لم يكن لهم غيرها يصيبون من لبنها، لقوم مروا بك كسحابة أفرغت ما فيها ثم استقلت، لا خير عندهم.
قال: ويحك، والله لقد رأيت أوجهاً صباحاً لا تسلمهم إلا إلى خير. قال: فباتوا عنده. فلما أرادوا المضي قالوا: يا أخا مزينة، هل عندك من صحيفة ودواة؟ قال: لا والله، إن هذا الشيء ما اتخذته قط. قال: فكتبوا أسماءهم في خرقة بحممة ثم قالوا: احتفظ بها، قال: فأكنها المزني. وأيس من خيرهم. فمكث بذلك ما شاء الله. ثم إنه نزل قوم من أهل المدينة قريباً منه، فذهب إليهم بالخرقة فقال: أتعرفون هؤلاء بأبي أنتم؟ قالوا: ويلك من أين لك هؤلاء؟ فأخبرهم بقصتهم فقالوا: انطلق معنا. قال: فانطلق المزني مع المدنيين حتى قدم المدينة فغدا إلى سعيد وهو كان أمير المدينة، فلما نظر إليه رحب به وقال: أنت المزني؟ قال: نعم، قال: جئت واحداً من أصحابي؟ قال: لا. قال: يا كعب، اذهب فأعطه ألف شاة ورعاتها، فقال له كعب: إن شئت اشترينا لك وإن شئت فإغلاء القيمة، فاختار الثمن، فأعطاه الثمن.
ثم صار إلى حسين فرحب به وقال: جئت واحداً من أصحابي؟ قال: نعم سعيداً. قال: فما صنع بك؟ قال: أعطاني ألف شاة ورعاتها فقال لقيمه: أعطه ألف شاة ورعاتها وزده عشرة آلاف درهم. فقال: إن شئت اشترينا لك، فاختار الثمن.
ثم ذهب إلى عبد الله بن جعفر فرحب به وقال: هل جئت أحداً من أصحابي؟ قال: نعم كلاهما. قال: فما صنعا؟ قال: أما سعيد فأعطاني ألف شاة برعاتها، وأما حسين فأعطاني ألف شاة ورعاتها وعشرة آلاف درهم. قال: يا بديح، أعطه ألف شاة ورعاتها وسجل له فلانة بينبع، قال: لعين عظيمة الخطر تغل مالاً كثيراً.
قال: هم أولئك المزنيون الذين يسكنون الخليج، وهم مياسير إلى اليوم.
قال بديح مولى عبد الله بن جعفر: خرجت معه في بعض أسفاره فنزلنا إلى جانب خباء من شعر وإذا بصاحب الخباء رجل من بني عذرة، فبينا نحن كذلك إذا أعرابي يسوق ناقة حتى وقف علينا ثم قال: ابغوني شفرة فناولناه الشفرة، فوجأ في لبتها، وقال شأنكم بها. قال: وأقمنا اليوم الثاني
وإذا نحن بالشيخ العذري يسوق ناقة أخرى فقال: ابغوني شفرة. قال: فقلنا: إن عندنا من اللحم ما ترى فقال: أبحضرتي تأكلون الغاب؟! ناولوني الشفرة فوجأ في لبتها ثم قال: شأنكم بها، وبقينا اليوم الثالث، فإذا نحن بالعذري يسوق أخرى فقال: أي قوم، ابغوني شفرة فقلنا: إن معنا من اللحم ما ترى، قال: أبحضرتي تأكلون الغاب؟! إني لأحسبكم قوماً لئاماً، ناولوني الشفرة فناولناه، فوجأ في لبتها ثم قال: شأنكم بها. قال: وأخذنا في الرحيل، فقال ابن جعفر لخازنه: ما معك؟ قال: رزمة ثياب وأربع مئة دينار. قال: اذهب بها إلى الشيخ العذري، فذهب بها فإذا جارية في الخباء فقال: يا هذه، خذي هدية ابن جعفر، قالت: إنا قوم لا نقبل على قرانا أجراً، فجاء إلى ابن جعفر فأخبره فقال: عد إليها، فإن هي قبلت وإلا فارم بها على الخيمة، فعاودها فقالت: اذهب عنا، فوالله لئن جاء شيخي فرآك ها هنا لتلقن منه أذى، فرمى بالرزمة والصرة على باب الخباء، ثم ارتحلنا، فما سرنا إلا قليلاً حتى إذا نحن بالشيخ العذري ومعه الصرة والرزمة فرمى بذلك إلينا ثم ولى مدبراً، فجعلنا ننظر في قفاه هل يلتفت فهيهات. فكان جعفر يقول: ما غلبنا بالسخاء إلا الشيخ العذري.
جاءت امرأة إلى عبد الله بن جعفر بدجاجة مسموطة في مكتل، فقالت: بأبي أنت، هذه الدجاجة كانت مثل بنيتي، آكل من بيضها وتؤنسني، فآليت أن لا أدفنها إلا في أكرم موضع أقدر عليه، ولا والله ما في الأرض موضع أكرم من بطنك. قال: خذوها منها، واحملوا إليها من الحنطة كذا ومن التمر كذا، وأعطوها من الدراهم كذا، فعدد شيئاً. فلما رأت ذلك قالت: بأبي " إن الله لا يحب المسرفين ".
قال ابن أبي الفخر: سمنت بهمة لي ثم خرجت بها أبيعها، فمررت بعبد الله بن جعفر. قال: يا صاحب البهمة، أتبيع؟ قلت: لا والله ولكن هي لكم، ثم انصرفت وتركته، فأقمنا أياماً، ثم إذا الحمالون على الباب، فإذا عشرون يحملون حنطة، وعشرة يحملون زيتاً، وخمسة يحملون كسوة، وواحد يحمل مالاً حتى أدخلت علينا.
وعن محمد بن سيرين أن رجلاً جلب سكراً إلى المدينة فكسد عليه. فقالوا له: ائت عبد الله بن جعفر، فأتاه فاشتراه منه بده دوازده وقال: من شاء أخذ، فقال الرجل: آخذ معهم؟ قال: خذ.
جاء أعرابي إلى عبد الله بن جعفر وهو محموم، فأنشأ يقول:
كم لوعة للندى وكم قلق ... للجود والمكرمات من قلقك
ألبسك الله منه عافية ... في نومك المعتري وفي أرقك
أخرج من جسمك السقام كما ... أخرج ذم الفعال من عنقك
فأمر له بمئة ألف دينار.
قال أبو إسحاق المالكي: وجه يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن جعفر مالاً جليلاً هدية له، ففرقه في أهل المدينة، ولم يدخل منزله منه شيئاً، فبلغ ذلك عبد الله بن الزبير فقال: إن عبد الله بن جعفر لمن المسرفين. فأنهي ذلك إلى عبد الله بن جعفر فقال:
بخيل يرى في الجود عاراً وإنما ... على المرء عار أن يضن ويبخلا
إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفعه ... صديق فلاقته المنية أولا
فبلغ ما فعل عبيد الله بن قيس الرقيات فقال في قصيدة له يمدح بها بعض الأمراء:
وما كنت إلا كالأعز ابن جعفر ... رأى المال لا يبقى فأبقى به ذكرا
دخل ابن أبي عمار وهو فقيه الحجاز يومئذ على نخاس يعترض منه جارية، فعرض عليه جارية بأكثر مما كان معه من الثمن، وكانت حسنة الوجه جداً، فعلق بها. وأخذه أمر
عظيم، ورآه النخاس فتباعد عليه في الثمن، واستهتر بذكرها، فمشى إليه عطاء وطاوس ومجاهد يعذلونه فكان جوابه أن قال:
يلومني فيك أقوام أجالسهم ... فما أبالي أطار اللوم أو وقعا
فبلغ خبره عبد الله بن جعفر فلم يكن له همة غيرها. فبعث إلى مولى الجارية فاشتراها بأربعين ألف درهم، وأمر قيمة جواريه أن تزينها، وتحليها ففعلت، وقدم المدينة، فجاءه الناس يسلمون عليه، وجاءه جلة أهل الحجاز فقال: ما لي لا أرى ابن أبي عمار زائراً؟ فأخبر الشيخ فأتاه. فلما أراد أن ينهض استجلسه، فقال له ابن جعفر: ما فعل حبك فلانة؟ قال: في اللحم والدم والمخ والعصب والعظام. قال: أتعرفها إن رأيتها؟ قال: جعلت فداك، هي مصورة نصب عيني عند كل خطرة وفكرة، ولو أدخلت الجنة ما كنت أنكرها. قال: والله ما نظرت إليها مذ ملكتها، يا جارية، أخرجيها فأخرجت ترفل في الحلي والحلل فقال: هي هذه وأنشأ يقول:
هي التي هام قلبي من تذكرها ... والنفس مشغولة أيضاً بذكراها
قال: فشأنك بها فخذها، بارك الله فيها. قال: جعلت فداك، لقد تفضلت بشيء ما كان يتفضل به إلا الله. فلما ولى بها قال: يا غلام، احمل معها مئة ألف درهم كي لا يهتم بها ولا تهتم به. فبكى ابن أبي عمار سروراً ثم قال: الله يعلم حيث يجعل رسالاته، والله - جعلت فداك - لئن كان الله وعدنا بنعيم الآخرة لقد عجلت نعيم الدنيا.
كانت عند عبد الله بن جعفر جارية مغنية يقال لها عمارة وكان يجد بها وجداً شديداً وكان له منه مكان لم يكن لأحد من جواريه. فلما وفد عبد الله بن جعفر على معاوية خرج بها معه. فزاره يزيد ذات يوم فأخرجها إليه، فلما نظر إليها وسمع غناءها وقعت في نفسه، فأجره عليها مالاً لا يملكه، وجعل لا يمنعه أن يبوح بما يجد بها إلا مكان أبيه مع يأسه من الظفر بها. فلم يزل يكاتم الناس أمرها إلى أن مات معاوية وأفضى الأمر إليه، فاستشار بعض من قدم عليه من أهل المدينة وعامة من يثق به في أمرها، وكيف الحيلة
فيها: فقيل له: إن عبد الله بن جعفر لا يرام، ومنزلته من الخاصة والعامة ومنك ما قد علمت، وأنت لا تستجيز إكراهه وهو لا يبيعها بشيء أبداً، وليس يغني في هذا إلا الحيلة، قال: انظروا لي رجلاً عراقياً له أدب وظرف ومعرفة، فطلبوه فأتوه به. فلما دخل رأى بياناً وحلاوة وفهماً. فقال يزيد: إنني دعوتك لأمر إن ظفرت به فهو حظوتك آخر الدهر ويد أكافئك عليها إن شاء الله، ثم أخبره بأمره فقال له: إن عبد الله بن جعفر ليس يرام ما قبله إلا بالخديعة، ولن يقدر أحد على ما سألت، فأرجو أن أكونه، والقوة بالله فأعني بالمال. قال: خذ ما أحببت، فأخذ من طرف الشام وثياب مصر، واشترى متاعاً للتجارة من رقيق ودواب وغير ذلك، ثم شخص إلى المدينة فأناخ بعرصة عبد الله بن جعفر، واكترى منزلاً إلى جانبه ثم توسسل إليه وقال: رجل من أهل العراق قدمت بتجارة فأحببت أن أكون في عز جوارك وكنفك إلى أن أبيع ما جئت به، فبعث عبد الله إلى قهرمانة أن أكرم الرجل ووسع عليه في نزله، فلما اطمأن العراقي سلم عليه أياماً وعرفه نفسه وهيأ له بغلة فارهة وثياباً من ثياب العراق، وألطافاً، فبعث بها إليه وكتب معه: يا سيدي، إني رجل تاجر ونعمة الله علي سابغة، وقد بعثت إليك بشيء من لطف، وكذا وكذا من الثياب والعطر، وبعثت ببغلة خفيفة العنان وطيئة الظهر فاتخذها لرحلك، فأنا أسألك بقرابتك من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا قبلت هديتي ولم توحشني بردها، فإني أدين الله بمواصلتك، فأمر عبد الله بقبض هديته وخرج إلى الصلاة. فلما رجع مر بالعراقي في منزله فقام إليه وقبل يده واستكثر منه، فرأى أدباً وظرفاً وفصاحة فأعجب به، وسر بنزوله عليه، فجعل العراقي في كل يوم يبعث إلى عبد الله بلطف يطرفه، فقال عبد الله: جزى اله ضيفنا هذا خيراً، فقد ملأنا شكراً، وما نقدر على مكافأته.
فإنه لكذلك إلى أن دعاه عبد الله ودعا بعمارة وبجواريه. فلما طاب لهما المجلس وسمع غناء عمارة تعجب، وجعل يزيد في عجبه. فلما رأى ذلك عبد الله سر به إلى أن قال: هل رأيت مثل عمارة قال: لا والله يا سيدي، ما رأيت مثلها، وما تصلح إلا لك، وما ظننت أن يكون في الدنيا مثل هذه الجارية حسن وجه وحسن عمل، قال: فكم تساوي عندك؟ قال: ما لها ثمن إلا الخلافة، قال: تقول هذا لتزين لي رأيي فيها، وتجتلب سروري، فقال له: يا سيدي، والله إني لأحب سرورك، وما قلت إلا الجد، وبعد فإني تاجر أجمع
الدرهم طلباً للربح، ولو أعطيتها بعشرة آلاف دينار لأخذتها، فقال عبد الله: عشرة آلاف دينار؟ قال: نعم، ولم يكن في ذلك الزمان جارية تعرف بهذا الثمن. فقال له عبد الله: أنا أبيعكها بعشرة آلاف دينار. قال: قد أخذتها. قال: هي لك. قال: قد وجب البيع، وانصرف العراقي.
فلما أصبح عبد الله لم يشعر إلا بالمال قد وافى، فقيل لعبد الله: قد بعث العراقي بعشرة آلاف دينار وقال: هذا ثمن عمارة. فردها وكتب إليه: إنما كنت أمزح معك، وأعلمك أن مثلي لا يبيع مثلها، فقال له: جعلت فداك إن الجد والهزل في البيع سواء، فقال عبد الله: ويحك ما أعلم جارية تساوي ما بذلت، ولو كنت بائعها من أحد لآثرتك، ولكني كنت مازحاً وماأبيعها بملك الدنيا لحرمتها لي وموضعها من قلبي، فقال العراقي: إن كنت مازحاً فإني كنت جاداً، وما اطلعت على ما في نفسك، وقد ملكت الجارية وبعثت بثمنها إليك، وليست تحل لك ومالي من أخذها بد، فمانعه إياها، فقال له: ليست لي بينة، ولكني أستحلفك عند قبر رسول الله صلىالله عليه وسلم ومنبره. فلما رأى عبد الله الجد قال: بئس الضيف أنت، ما طرقنا طارق أعظم بلية منك أتحلفني فيقول الناس: اضطهد عبد الله ضيفه وقهره وألجأه إلى أن استحلفه؟ أما والله ليعلمن الله أني ساءلته في هذا الأمر الصبر وحسن العزاء، ثم أمر قهرمانه بقبض المال منه وبتجهيز الجارية بما يشبهها من الثياب والخدم والطيب، فجهزت بنحو من ثلاثة آلاف دينار وقال: هذا لك ولها عوضاً مما ألطفتنا، والله المستعان. فقبض العراقي الجارية وخرج بها.
فلما برز من المدينة قال لها: يا عمارة، إني والله ما ملكتك قط، ولا أنت لي ملا مثلي يشتري جارية بعشرة آلاف دينار، وما كنت لأقدم على ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلبه أحب الناس إليه لنفسي، ولكني دسيس من يزيد بن معاوية وأنت له، وفي طلبك بعثني فاستتري مني، وإن داخلني الشيطان في أمرك أو تاقت نفسي إليك فامتنعي، ثم مضى بها حتى ورد دمشق فتلقاه الناس بجنازة يزيد وقد استخلف ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية، فأقام الرجل أياماً ثم تلطف للدخول عليه، فشرح له القصة ولم يكن أحد من بني أمية يعدل بمعاوية بن يزيد في زمانه نبلاً ونسكاً. فلما أخبره قال: هي لك وكل ما دفعه إليك في أمرها لك، وارحل من يومك ولا أسمع خبرك في شيء من بلاد الشام، فرحل
العراقي، ثم قال للجارية: إني قلت لك ما قلت حين خرجت بك من المدينة، وأخبرتك أنك ليزيد وقد صرت لي وأنا أشهد الله أنك لعبد الله بن جعفر، وإني قد رددتك عليه فاستتري.
ثم خرج بها حتى قدم المدينة فنزل قريباً من عبد الله بن جعفر فقيل لعبد الله: هذا العراقي ضيفك الذي صنع بنا ما صنع قد نزل العرصة لا حياه الله، فقال عبد الله: مه، أنزلوا الرجل وأكرموه، فلما استقر بعث إلى عبد الله بن جعفر: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي أذنة خفيفة لأشافهك بشيء فعلت: فأذن له. فلما دخل سلم عليه وقبل يديه، وقربه عبد الله، ثم قص عليه القصة حتى فرغ، ثم قال: قد والله وهبتها لك قبل أن أراها أو أضع يدي عليها، فهي لك ومردودة عليك، وقد علم الله إني ما رأيت لها وجهاً إلا عندك، وبعث إليها فجاءت، وجاءت بما جهزها به موفراً، فلما نظرت إلى عبد الله خرت مغشياً عليها، وأهوى إليها فضمها إليه، وخرج العراقي وتصايح أهل الدار: عمارة عمارة، فجعل عبد الله يقول ودموعه تجري: أحلم هذا؟ أحق هذا؟ ما أصدق بهذا. فقال له العراقي جعلت فداك، ردها الله عليك بإيثارك الوفاء وصبرك على الحق وانقيادك له، فقال عبد الله: الحمد لله، اللهم إنك تعلم أني صبرت عنها، وآثرت الوفاء، وسلمت لأمرك، فرددتها علي بمنك. قالت: الحمد لله، ثم قال: يا أخا العراق، ما في الأرض أعظم منك منة وسيجازيك الله تعالى. فأقام العراقي أياماً وباع عبد الله غنماً بثلاثة آلاف دينار، وقال لقهرمانه: احملها إليه وقل له: اعذر واعلم أني لو وصلتك بكل ما أملك لرأيتك أهلاً لأكثر منه، فرحل العراقي محموداً وافر العرض والمال.
قيل لمعاوية بن عبد الله: ما بلغ من كرم عبد الله بن جعفر؟ قال: كان ليس له مال دون الناس، هو والناس في ماله شركاء، كان من سأله أعطاه ومن استمنحه شيئاً منحه، لا يرى أنه يقتصر فيقصر، ولا يرى أنه يحتاج فيدخر. قال الشماخ بن ضرار لعبد الله بن جعفر:
إنك يا بن جعفر نعم الفتى ... ونعم مأوى طارق إذا أتى
ورب ضيف طرق الحي سرى ... صادف زاداً وحديثاً ما اشتهى
إن الحديث جانب من القرى
قال خلف الأحمر: ومن سنة الأعراب إذا حدثوا الغريب وهشوا إليه وفاكهوه أيقن بالقرى، وإذا أعرضوا عنه أيقن بالحرمان. فمن ثم قيل: إن الحديث جانب من القرى.
بعث رجل من أهل المدينة بابنة له إلى عبد الله بن جعفر فقال: إنا نريد أن نخدرها وقد أحببت أن تمسح يدك على ناصيتها، وتدعو لها بالبركة. قال: فأقعدها في حجره ومسح بيده على ناصيتها ودعا لها بالبركة، ثم دعا مولى له فساره بشيء، فذهب المولى ثم جاء فأتاه بشيء، فصره عبد الله في خمار الجارية، ثم دفعها إلى الرسول. قال: فنظروا، فإذا لؤلؤة، فأخرجت إلى السوق لتباع فعرفت وقيل: لؤلؤة ابن جعفر حبا بها ابنة جاره. قال: فبيعت بثلاثين ألف درهم.
مر عبد الله بن جعفر ومعه عدة من أصحابه بمنزل رجل قد أعرس، وإذا مغنية تقول:
قل لكرام ببابنا يلجوا ... ما في التصابي على الفتى حرج
فقال عبد الله لأصحابه: لجوا فقد أذن لنا القوم، فنزل ونزلوا فدخلوا. فلما رآه صاحب المنزل تلقاه وأجلسه على الفرش، فقال للرجل: كم أنفقت على وليمتك؟ قال: مئتي دينار. قال: فكم مهر امرأتك؟ قال: كذا وكذا، فأمر له بمئتي دينار ومهر امرأته وبمئة دينار بعد ذلك معونة، واعتذر إليه وانصرف.
قال إبراهيم بن صالح: عوتب عبد الله بن جعفر على السخاء فقال: يا هؤلاء إني عودت الله عادة وعودني عادة، وإني أخاف إن قطعتها قطعني.
بلغ معاوية أن عبد الله بن جعفر أصابه جهد فكتب إليه:
لمال المرء يصلحه فيغني ... مفاقره أعف من القنوع
يسد به نوائب تعتريه ... من الأيام كالنهل الشروع
وكتب إليه يأمره بالقصد ويرغبه فيه، وينهاه عن السرف ويعيبه عليه. قال: فأجابه عبد الله بن جعفر:
سلي الطارق المعتر يا أم خالد ... إذا ما أتاني بين ناري ومجزري
أأبسط وجهي إنه أول القرى ... وأبذل معروفي لهم دون منكري
وقد أشتري عرضي بمالي وما عسى ... أخول إذا ما ضيع العرض يشتري
يؤدي إلي الليل إتيان ماجد ... كريم ومالي سارح مال مقتر
فأعجب معاوية ما كتب إليه به، وبعث بأربعين ألف دينار عوناً له على دينه.
قال عبد الله بن جعفر:
ليس الجواد الذي يعطي بعد المسألة، لأن الذي يبذل السائل من وجهه وكلامه أفضل مما يبذل من نائله، وإنما الجواد الذي يبتدئ بالمعروف.
قال محمد بن سلام الجمحي: رئي عبد الله بن جعفر يماكس في دهم فقيل له: تماكس في درهم وأنت تجود من المال بكذا وكذا؟! فقال: ذلك مالي جدت به، وهذا عقلي بخلت به.
أنشد عبد الله بن جعفر:
إن الصنيعة لا تكون صنيعة ... حتى يصاب بها طريق المصنع
فقال: هذا رجل أراد أن يبخل الناس، أمطر المعروف مطراً، فإن صادفت موضعاً فذاك ما أردت، وإلا رجع إليك فكتب أهله.
قال أعرابي لعبد الله بن جعفر: لا ابتلاك الله ببلاء يعجز عنه صبرك، وأنعم عليك نعمة يعجز عنها شكرك.
كان عبد الله بن جعفر يصبغ بالوسمة.
توفي عبد الله بن جعفر سنة ثمانين وهو عام الجحاف - سيل كان ببطن مكة جحف الحاج، وذهب بالإبل وعليها الحمولة - وكان الوالي يومئذ أبان بن عثمان في خلافة عبد الملك بن مروان وكان عمر عبد الله بن جعفر تسعين سنة. وحمل أبان السرير بين العمودين فما فارقه حتى وضعه بالبقيع، ودموعه تسيل وهو يقول: كنت، والله خيراً لا شر شققن الجيوب، والناس يزدحمون على سريره.
وقيل: توفي عبد الله سنة ست وثمانين.
وقيل: إنه كان يوم توفي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن عشر سنين.
وقيل: إنه ولد في السنة التي توفي فيها سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقيل: سنة أربع أو خمس وثمانين وهو ابن ثمانين سنة.
قال: وهذا أشبه بالصواب.
وقيل: إن عبد الله بن جعفر توفي سنة تسعين وهو ابن تسعين.
قال هشام بن سليمان المخزومي: أجمع أهل الحجاز وأهل البصرة وأهل الكوفة أنهم لم يسمعوا بيتين أحسن من بيتين رأوهما على قبر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:
مقيم إلى أن يبعث الله خلقه ... لقاؤك لا يرجى وأنت قريب
تزيد بلى في كل يوم وليلة ... وتنسى كما تبلى وأنت حبيب
الطيار بن أبي طالب أبو جعفر ويقال: أبو محمد.
ولد بأرض الحبشة إذ كان أبواه مهاجرين بها، وأمه أسماء بنت عميس، وكان جواداً ممدوحاً.
سكن المدينة، وقدم دمشق على معاوية ويزيد وعبد الملك بن مروان، وأمر له يزيد بن معاوية بألفي ألف.
حدث عبد الله بن جعفر قال: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل القثاء بالرطب.
وعنه قال: أردفني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم خلفه، فأسر إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس. قال: وكان أحب ما استتر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجته هدف أو حائش نخل، فدخل حائط رجل من الأنصار فإذا جمل. فلما رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حن وذرفت عيناه، فأتاه
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمسح سراته وذفراه فسكن، ثم قال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل. فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال: ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلى أنك تجيعه وتدئبه.
وعن عبد الله بن جعفر قال:
بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جيشاً واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال: إن قتل زيد واستشهد فأميركم جعفر، فإن قتل واستشهد فأميركم عبد الله بن رواحة. فلقوا العدو فأخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله عليه، وأتى خبرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخرج إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن إخوانكم لقوا العدو، وإن زيداً أخذ الراية فقاتل أو استشهد، ثم أخذ الراية بعده جعفر بن أبي طالب فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح الله عليه، ثم أمهل آل جعفر ثلاثاً أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال: لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ادعوا لي بني أخي. قال: فجيء بنا كأننا أفرخ فقال: ادعوا لي الحلاق؛ فجيء بالحلاق فحلق رؤوسنا ثم قال: أما محمد فشبه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبه خلقي وخلقي، ثم أخذ بيدي فأشالها فقال: اللهم، اخلف جعفراً في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه، قالها ثلاث مرات. قال: فجاءت أمنا فذكرت له يتمنا، وجعلت تفرخ له، فقال: آلعيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة؟ قال عبد الله بن جعفر: إنما أحفظ حين دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أمي فنعى لها أبي، فأنظر إليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي، وعيناه تهراقان الدموع حتى تقطر لحيته ثم قال: اللهم إن جعفراً
قد قدم إلى أحسن الثواب فاخلفه في ذريته ما خلفت أحداً من عبادك في ذريته، ثم قال يا أسماء: ألا أبشرك؟ قالت: بأبي وأمي، قال: فإن الله جل وعز جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة. قالت: بأبي وأمي يا رسول الله فأعلم الناس ذلك، فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخذ بيدي يمسح بيده رأسي حتى رقي على النبر وأجلسني أمامه على الدرجة السفلي والحزن يعرف عليه فتكلم فقال: إن المرء كثير بأخيه وابن عمه، ألا إن جعفراً قد استشهد وقد جعل الله له جناحين يطير بهما في الجنة، ثم نزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل بيته وأدخلني، وأمر بطعام يصنع لأهلي وأرسل إلى أخي فتغدينا عنده والله غداءً طيباً مباركاً. عمدت سلمى خادمه إلى شعير فطحنته ثم نسفته ثم أنضجته ثم أدمته بزيت، وجعلت عليه فلفلاً فتغديت أنا وأخي معه، فأقمنا ثلاثة أيام في بيته ندور معه، كلما صار في بيت إحدى نسائه، ثم رجعنا إلى بيتنا. فأتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أساوم بشاة أخ لي فقال: اللهم بارك له في صفقته. قال عبد الله: فما بعت شيئاً ولا اشتريت إلا بورك لي فيه.
وعن عروة: أن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر بايعا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهما ابنا سبع سنين، وإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رآهما تبسم وبسط يده فبايعهما.
وعن عبد الله بن جعفر قال: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بيته، وإنه قدم من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فاطمة إما حسن وإما حسين فأردفه خلفه فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة.
وعن عبد الله بن جعفر قال: سمعت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمة ما أحب أن لي بها حمر النعم. سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: جعفراً أشبه خلقي وخلقي. وأما أنت يا عبد الله فأشبه خلق الله بأبيك. وعنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يا عبد الله، هنيئاً لك مريئاً: خلقت من طينتي وأبوك يطير مع الملائكة في السماء.
خطب الحسن والحسين عليهما السلام وعبد الله بن جعفر عليهما السلام إلى المسيب بن نجية ابنته الجنان، فقال لهم: إن لي فيها أميراً لن أعدو أمره، فأتى علي بن أبي طالب فأخبره خبرهم واستشاره، فقال له علي: أما الحسن فإنه رجل مطلاق وليس يحظين عنده، وأما الحسين فإنما هي حاجة الرجل إلى أهله، وأما عبد الله بن جعفر فقد رضيته لك فزوجه السائب ابنته.
وعن ابن عمر: أنه كان يأتي عبد الله بن جعفر فقال له الناس: إنك تكثر إتيان عبد الله بن جعفر فقال ابن عمر: لو رأيتم أباه أحببتم هذا، وجد فيما بين قرنه إلى قدمه سبعون بين ضربةٍ بسيف وطعنةٍ برمح.
وفد عبد الله بن جعفر على معاوية فأنزله في داره، فقالت له ابنة قرظة امرأته: إن جارك هذا يسمع الغناء، قال: فإذا كان ذلك فأعلميني، فأعلمته، فاطلع عليه وجارية له تغنيه:
إنك والله لذو ملةٍ ... يطرفك الأدنى عن الأبعد
وهو يقول: يا صدقكاه. قال: ثم قال: اسقني، قالت: ما أسقيك؟ قال: ماء وعسلاً، قال: فانصرف معاوية وهو يقول: ما رأى بأساً. فلما كان بعد ذلك قالت له: إن جارك هذا لا يدعنا ننام الليل من قراءة القرآن. قال: هكذا قومي: رهبان بالليل ملوك بالنهار.
قدم عبد الله بن جعفر على معاوية وكانت له منه وفادة في كل سنة، يعطيه ألف ألف درهم، ويقضي له مئة حاجة، فقال: يا أمير المؤمنين، اقض عني ديني فإني إنما أخذته عليك، وابسط أملي بإعطاء يومك، ودعني وغداً، فإنك غداً خير منك اليوم، كما أنك اليوم خير منك أمس ثم قال:
يوماك: يوم يفيض نائله ... وخير يوميك ما بقيت غدا
ولا يمنعك من قضاء حقنا، وصلة أرحامنا حاجتنا إليك، وغناك عنا، فإنه ليس كل حاجة تتم، ولا كل غنى يدوم، وقد عودتنا من نفسك عادة صارت لنا عليك فريضة إن تقف بنا عندها رضينا بها، وإن زدتنا عليها حملنا زيادتها، ونحن وأنت كما قال الأعشى لقيس بن النمر:
عودت كندة عادةً فاصبر لها ... اغفر لجاهلها وروّ سجالها
وأعلم أنك لا تقضي لنا حاجة إلا قضينا لك مثلها، ولا تقبض عنا يدك فوالله إنه لتجيء منك الفلتة من الحرمان فكأنما جاءت من غيرك، يشك فيها الشاهد، ويكذب بها الغائب، ويطلب لها أهل الرأي المخرج لك منها حتى يبتغوا لك من الغدر ما يجوز الحرمان، وكذلك بحظك الغالب وقدرك الجالب. فقال معاوية: حسبك فما يتسع بيت ما لي لمكافأتك، والله ما في قريش رجل أحب أن يكون ابن هند منك، ولكني إذا ذكرت مكانك من علي ومكان علي منك انقبضت عنك، ثم أذكر أني لا أقيس بك رجلاً من قريش إلا عظمت عنه، ولا أزنك إلا رجحت به فعطفت عليك. فالغالب على ذلك الأوليان، بك مني وسيلة لا أخيب دالتها، وأثرة لا أستكثر عطيتها، وأما ما عودتكم فهو لكم ما كنتم لي، وأما أن تقضي من حقك فإني لا أكون على حال إلا وفي يديك مني أكثر مما في يدي منك، وأما البخل فكيف أبخل بمال، إنما تغيب عني أربعة أشهر حتى يرجع إلي بيت مالي، فقد اعتقدت به المنن، وما أحبسه إلا لأعطيه، وما أجمعه لأمنعه، ولأنا بإعطائه أشد سروراً منكم بأخذه، وقد قدمت علي وقد خلفت الحقوق في المال، ولك عودة، والدهر بيني وبينك أطرق مشتت، فلا تضربن بيني وبينك بالإساءة. كم دينك يا بن جعفر؟ قال: ألف ألف درهم. فقال معاوية: يا سعد، اقضها عنه، واجبهاغداً من فسا ودرابجرد، فغضبت قريش الشام حين أعطاه ألف ألف درهم فقالت: نظن معاوية هائباً لابن جعفر، فقال معاوية من أبيات:
تقول قريش حين خفت حلومها ... نظن ابن هند هائباً لابن جعفر
فمن ثم يقضي ألف ألف ديونه ... وحاجته مقضية لم تؤخر
فقلت: ادعوا لي لا أباً لأبيكم ... فما منكم فيض له غير أعور
أليس فتى البطحاء ما تنكرونه ... وأول من أثني بتقواه خنصرى
وكان أبوه جعفر ساد قومه ... ولم يك في الحرب العوان بجيدر
فما ألف ألف فاسكتوا لابن جعفركثير ولا أمثالها لي بمنكر
ولا تحسدوه وافعلوا كفعاله ... ولن تدركوه كل ممشى ومحضر
دخل عبد الله بن جعفر على معاوية وعنده يزيد ابنه، فجعل يزيد يعرض بعبد الله في كلامه وينسبه إلى الإسراف في غير مرضاة الله، فقال عبد الله ليزيد: إني لأرفع نفسي عن جوابك، ولو صاحب السرير يكلمني لأجبته. فقال معاوية: كأنك تظن أنك أشرف منه. قال: أي، والله ومنك ومن أبيك وجدك. فقال معاوية: ما كنت أحب أن أحداً في عصر حرب بن أمية أشرف من حرب بن أمية. فقال عبد الله: بلى والله أشرف من حرب من أكفأ عليه إناءه، وأجاره بردائه. قال: صدقت يا أبا جعفر، وسل حاجتك، فقضى حوائجه وخرج.
قال الشعبي:
ومعنى قول عبد الله لمعاوية: إن أشرف من حرب من أكفأ عليه إناءه وأجاره بردائه، لأن حرب بني أمية كان إذا كان في سفر وعرضت له ثنية أو عقبة تنحنح، فلم يجترئ أحد أن يربأها حتى يجوز حرب بن أمية، فكان في سفر، فعرضت له ثنية فتنحنح، فوقف الناس ليجوز، فجاء غلام من بني تميم فقال: ومن حرب؟ ثم تقدمه فنظر إليه حرب فتهدده وقال: سيمكنني الله تعالى منك إذا دخلت مكة. فضرب الدهر من ضربه. ثم إن التميمي بدت له حاجة بمكة فسأل عن أعز أهل مكة فقيل له: عبد المطلب بن هاشم فقال: أردت دون عبد المطلب فقيل له: الزبير بن عبد المطلب، فقدم إلى مكة فأتى باب الزبير بن عبد المطلب فقرع عليه بابه، فخرج إليه الزبير فقال: ما أنت؟ إن كنت
مستجيراً أجرناك، وإن كنت طالب قرى قريناك، فأنشأ التميمي يقول:
لاقيت حرباً بالثنية مقبلاً ... والصبح أبلج ضوءه للساري
قف لا تصاعد واكتنى ليروعني ... ودعا بدعوة معلن وشعار
فتركته خلفي وسرت أمامه ... وكذاك كنت أكون في الأسفار
فمضى يهددني الوعيد ببلدة ... فيها الزبير كمثل ليث ضار
فتركته كالكلب ينبح وحده ... وأتيت قرم مكارم وفخار
قرما هزبراً يستجار بقربه ... رحب المياه مكرماً للجار
وحلفت بالبيت العتيق وركنه ... وبزمزم والحجر ذي الأستار
إن الزبير لما نعي بمهند ... عضب المهزة صارم بتار
فقال الزبير: قد أجرتك وأنا ابن عبد المطلب، فسر أمامي فإنا - معشر بني عبد المطلب - إذا أجرنا رجلاً لم نتقدمه، فمضى بين يديه والزبير في إثره فليقه حرب فقال: التميمي، ورب الكعبة، ثم شد عليه ثم اخترط سيفه الزبير، ونادى في إخوته، ومضى حرب يشتد، والزبير في إثره حتى صار إلى دار عبد المطلب، فلقيه عبد المطلب خارجاً من الدار فقال: مهيم ياحرب، فقال: ابنك. قال: ادخل الدار، فدخل فأكفأ عليه جفنة هاشم التي كان يهشم فيها الثريد. وتلاحق بنو عبد المطلب بعضهم على إثر بعض، فلم يجترئوا أن يدخلوا دار أبيهم فاحتبوا بحمائل سيوفهم، وجلسوا على الباب فخرج إليهم عبد المطلب. فلما نظر إليهم سره ما رأى منهم فقال: يا بني، أصبحتم أسود العرب. ثم دخل إلى حرب فقال له: قم فاخرج، فقال: يا أبا الحارث، هربت من واحد وأخرج إلى عشرة؟! فقال: خذ ردائي هذا فالبسه، فإنهم إذا رأوا ردائي عليك لم يهيجوك، فلبس رداءه وخرج فرفعوا رؤوسهم، فلما نظروا إلى الرداء عليه نكسوا رؤوسهم، ومضى حرب، فهو قوله: إن أشرف من حرب من أكفأ عليه إناءه وأجاره بردائه.
قال عمرو بن العاص لعبد الله بن جعفر عند معاوية ليصغر منه: يا بن جعفر، فقال له عبد الله: لئن نسبتيني إلى جعفر فلست بدعي ولا أبتر، ثم ولى وهو يقول:
تعرضت قرن الشمس وقت ظهيرة ... لتستر منها ضوءها بظلامكا
كفرت اختياراً ثم آمنت خيفة ... وبغضك إيانا شهيد بذلكا
قوله: لست بدعي ولا أبتر لأن العاص قال: إن محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبتر، فأنزل الله عز وجل " إن شانئك هو الأبتر ".
روي عن عبد الله بن جعفر أنه أسلف الزبير بن العوام ألف ألف درهم. فلما توفي الزبير قال ابن الزبير لعبد الله بن جعفر: إني وجدت في كتب أبي أن له عليك ألف ألف درهم، فقال: هو صادق فاقبضها إذا شئت. ثم لقيه بعد فقال: يا أبا جعفر، إنما وهمت، المال لك عليه، قال: فهو له. قال: لا أريد ذلك، قال: فاختر، إن شئت فهو له، وإن كرهت ذلك فلك فيه نظرة ما شئت، فإن لم ترد ذلك فبعني من ماله ما شئت، قال: أبيعك، ولكني أقوم فقوم الأموال ثم أتاه فقال: أحب ألا يحضرني وإياك أحد. فقال له عبد الله: يحضرنا الحسن والحسين فيشهدان لك، قال: ما أحب أن يحضرنا أحد. قال: انطلق، فمضى معه فأعطاه خراباً وسباخاً لا عمارة له، وقومه عليه، حتى إذا فرغ قال عبد الله لغلامه: ألق لي في هذا الموضع مصلى، فألقى له في أغلظ موضع من تلك المواضع مصلى، فصلى ركعتين وسجد فأطال السجود يدعو. فلما قضى ما أراد من الدعاء قال لغلامه: احفر في موضع سجودي فحفر، فإذا عين قد أنبطها، فقال له ابن الزبير: أقلني. قال: أما دعائي وإجابة الله إياي فلا أقيلك، فصار ما أخذ منه أعمر ما في أيدي ابن الزبير.
وعن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله.
فكان عبد الله بن جعفر يقول لخازنه اذهب فخذ لي بدين، فإني أكره أن أبيت ليلة إلا والله معي بعد الذي سمعت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن الحسين قال: علمنا عبد الله بن جعفر السخاء.
وعن هشام: أن دهقانا كلم عبد الله بن جعفر أن يكلم علي بن أبي طالب في حاجة، فكلمه فقضاها: فأهدى إليه الدهقان أربعين ألفاً فردها عليه وقال: إنا لا نأخذ على المعروف ثمناً.
حج معاوية فنزل في دار مروان بالمدينة، فطال عليه النهار يوماً، وفرغ من القائلة فقال: يا غلام، انظر من بالباب، هل ترى الحسن بن علي أو الحسين أو عبد الله بن جعفر أو عبد الله بن أبي أحمد بن جحش، فأدخله علي، فخرج الغلام فلم ير منهم أحداً، وسأل عنهم فأخبر أنهم مجتمعون عند عبد الله بن جعفر يتغدون عنده، فأتاه فأخبره فقال: والله ما أنا إلا كأحدهم، ولقد كنت أجامعهم في مثل هذا، فقام فأخذ عصاً فتوكأ عليها وقال: سر يا غلام، فخرج بين يديه حتى دق عليهم الباب فقال: هذا يا أمير المؤمنين فدخل فأوسع له عبد الله بن جعفر عن صدر فراشه فجلس فقال: غداءً يا بن جعفر، قال: ما يشتهي أمير المؤمنين من بيتي فليدع به قال: أطعمنا مخاً، قال: يا غلام، هات مخاً. قال: فأتي بقصعة فيها مخ، فأقبل معاوية يأكل، ثم قال عبد الله: يا غلام زدنا مخاً، فزاد، ثم قال: يا غلام مخاً، فزاد. فقال معاوية: إنما كنا نقول: يا غلام زدنا سخيناً، فأما قولك: يا غلام، زدنا مخاً فلم أسمع به قبل اليوم، يا بن جعفر، ما يسعك إلا الكثير، فقال عبد الله: يعين الله على ما ترى يا أمير المؤمنين. قال: فأمر له يومئذ بأربعين ألف دينار، وكان عبد الله بن جعفر قد ذبح ذلك اليوم كذا وكذا من شاة، وأمر بمخهن فنكت له، فوافق ذلك معاوية.
كتب رجل إلى عبد الله بن جعفر رقعة، فجعلها في ثني وسادة التي يتكئ عليها، فقلب عبد الله الوسادة فبصر بالرقعة فقرأها، فردها في موضعها، وجعل مكانها كيساً فيه خمسة آلاف دينار، فجاء الرجل فقال: قلب المرفقة فخذ ما تحتها فأخذ الكيس وخرج وأنشأ يقول:
زاد معروفك عندي عظماً ... أنه عندك مستور حقير
تتناساه كأن لم تأته ... وهو عند الله مشهور كبير
خرج عبد الله بن جعفر إلى حيطان المدينة، فبينا هو كذلك إذ نظر إلى أسود على بعض الحيطان وهو يأكل وبين يديه كلب، وعبد الله بن جعفر واقف على دابته ينظر
إليه، فلما فرغ دنا منه فقال له: يا غلام لمن أنت؟ فقال: لورثة عثمان بن عفان فقال: لقد رأيت منك عجباً فقال له: وما الذي رأيت من العجب؟ قال: رأيتك تأكل، فكلما أكلت لقمة رميت للكلب لقمة، فقال: يا مولاي، هو رفيقي منذ سنين، ولا بد أن أجعله كأسوتي في الطعام، فقال له: فدون هذا يجزئك؟ فقال له: يا مولاي، إني لأستحي من الله أن آكل، وعين تنظر إلي لا تأكل. ثم مضى عنه حتى ورثة عثمان بن عفان فنزل عندهم فقال: جئت في حاجة، تبيعوني الحائط الفلاني قالوا: قد وهبناه لك فقال: لست آخذه إلا بضعف فباعوه، فقال لهم: وتبيعوني الغلام الأسود؟ فقال له: إن الأسود ربيناه وهو كأحدنا، فلم يزل بهم حتى باعوه، فلما أصبح غدا على الغلام وهو في الحائط، فخرج إليه فقال له: أشعرت أني قد اشتريتك واشتريت الحائط من مواليك؟ فقال: بارك الله لك فيما اشتريت، ولقد غمني مفارقتي لموالي، إنهم ربوني، فقال له: فأنت حر والحائط لك فقال: إن كنت صادقاً يا مولاي فاشهد أني أوقفته على ورثة عثمان بن عفان. فتعجب عبد الله بن جعفر منه وقال: ما رأيت كاليوم، فقال: بارك الله فيه ودعا له ومضى.
قال معاوية لعبد الله بن جعفر: ما العيش يا أبا جعفر؟ قال: ركوب الهوى وترك الحياء.
خرج حسين بن علي وعبد الله بن جعفر وسعيد بن العاص إلى مكة في حج أو عمرة. فلما قفلوا اشتاقوا إلى المدينة، فركبوا صدور رواحلهم بأبدانهم، وخلفوا أثقالهم، وكان ذلك في الشتاء فلما بلغوا المنحنين قرب الليل أصابهم مطر واشتد عليهم البرد، فاحتاجوا إلى مبيت وكن، فنظروا إلى نار تلوح لهم عن ناحية من الطريق، فأموها، فإذا هي نار لإنسان من مزينة فسألوا المبيت فقال: نعم، والقرى، فأنزلهم وأدخلهم خباءه وحجز بينهم وبين امرأته وصبيانه بكساء أو شيء ثم قام إلى شاة عنده فذبحها وسلخها، ثم قربها إليهم، وأضرم لهم ناراً عظيمة، فباتوا عليها، ودخل على امرأته وهو يظن أنهم قد ناموا فقالت له: ويحك، ما صنعت بأصبيتك؟! فجعتهم بشويهتهم، لم يكن لهم غيرها يصيبون من لبنها، لقوم مروا بك كسحابة أفرغت ما فيها ثم استقلت، لا خير عندهم.
قال: ويحك، والله لقد رأيت أوجهاً صباحاً لا تسلمهم إلا إلى خير. قال: فباتوا عنده. فلما أرادوا المضي قالوا: يا أخا مزينة، هل عندك من صحيفة ودواة؟ قال: لا والله، إن هذا الشيء ما اتخذته قط. قال: فكتبوا أسماءهم في خرقة بحممة ثم قالوا: احتفظ بها، قال: فأكنها المزني. وأيس من خيرهم. فمكث بذلك ما شاء الله. ثم إنه نزل قوم من أهل المدينة قريباً منه، فذهب إليهم بالخرقة فقال: أتعرفون هؤلاء بأبي أنتم؟ قالوا: ويلك من أين لك هؤلاء؟ فأخبرهم بقصتهم فقالوا: انطلق معنا. قال: فانطلق المزني مع المدنيين حتى قدم المدينة فغدا إلى سعيد وهو كان أمير المدينة، فلما نظر إليه رحب به وقال: أنت المزني؟ قال: نعم، قال: جئت واحداً من أصحابي؟ قال: لا. قال: يا كعب، اذهب فأعطه ألف شاة ورعاتها، فقال له كعب: إن شئت اشترينا لك وإن شئت فإغلاء القيمة، فاختار الثمن، فأعطاه الثمن.
ثم صار إلى حسين فرحب به وقال: جئت واحداً من أصحابي؟ قال: نعم سعيداً. قال: فما صنع بك؟ قال: أعطاني ألف شاة ورعاتها فقال لقيمه: أعطه ألف شاة ورعاتها وزده عشرة آلاف درهم. فقال: إن شئت اشترينا لك، فاختار الثمن.
ثم ذهب إلى عبد الله بن جعفر فرحب به وقال: هل جئت أحداً من أصحابي؟ قال: نعم كلاهما. قال: فما صنعا؟ قال: أما سعيد فأعطاني ألف شاة برعاتها، وأما حسين فأعطاني ألف شاة ورعاتها وعشرة آلاف درهم. قال: يا بديح، أعطه ألف شاة ورعاتها وسجل له فلانة بينبع، قال: لعين عظيمة الخطر تغل مالاً كثيراً.
قال: هم أولئك المزنيون الذين يسكنون الخليج، وهم مياسير إلى اليوم.
قال بديح مولى عبد الله بن جعفر: خرجت معه في بعض أسفاره فنزلنا إلى جانب خباء من شعر وإذا بصاحب الخباء رجل من بني عذرة، فبينا نحن كذلك إذا أعرابي يسوق ناقة حتى وقف علينا ثم قال: ابغوني شفرة فناولناه الشفرة، فوجأ في لبتها، وقال شأنكم بها. قال: وأقمنا اليوم الثاني
وإذا نحن بالشيخ العذري يسوق ناقة أخرى فقال: ابغوني شفرة. قال: فقلنا: إن عندنا من اللحم ما ترى فقال: أبحضرتي تأكلون الغاب؟! ناولوني الشفرة فوجأ في لبتها ثم قال: شأنكم بها، وبقينا اليوم الثالث، فإذا نحن بالعذري يسوق أخرى فقال: أي قوم، ابغوني شفرة فقلنا: إن معنا من اللحم ما ترى، قال: أبحضرتي تأكلون الغاب؟! إني لأحسبكم قوماً لئاماً، ناولوني الشفرة فناولناه، فوجأ في لبتها ثم قال: شأنكم بها. قال: وأخذنا في الرحيل، فقال ابن جعفر لخازنه: ما معك؟ قال: رزمة ثياب وأربع مئة دينار. قال: اذهب بها إلى الشيخ العذري، فذهب بها فإذا جارية في الخباء فقال: يا هذه، خذي هدية ابن جعفر، قالت: إنا قوم لا نقبل على قرانا أجراً، فجاء إلى ابن جعفر فأخبره فقال: عد إليها، فإن هي قبلت وإلا فارم بها على الخيمة، فعاودها فقالت: اذهب عنا، فوالله لئن جاء شيخي فرآك ها هنا لتلقن منه أذى، فرمى بالرزمة والصرة على باب الخباء، ثم ارتحلنا، فما سرنا إلا قليلاً حتى إذا نحن بالشيخ العذري ومعه الصرة والرزمة فرمى بذلك إلينا ثم ولى مدبراً، فجعلنا ننظر في قفاه هل يلتفت فهيهات. فكان جعفر يقول: ما غلبنا بالسخاء إلا الشيخ العذري.
جاءت امرأة إلى عبد الله بن جعفر بدجاجة مسموطة في مكتل، فقالت: بأبي أنت، هذه الدجاجة كانت مثل بنيتي، آكل من بيضها وتؤنسني، فآليت أن لا أدفنها إلا في أكرم موضع أقدر عليه، ولا والله ما في الأرض موضع أكرم من بطنك. قال: خذوها منها، واحملوا إليها من الحنطة كذا ومن التمر كذا، وأعطوها من الدراهم كذا، فعدد شيئاً. فلما رأت ذلك قالت: بأبي " إن الله لا يحب المسرفين ".
قال ابن أبي الفخر: سمنت بهمة لي ثم خرجت بها أبيعها، فمررت بعبد الله بن جعفر. قال: يا صاحب البهمة، أتبيع؟ قلت: لا والله ولكن هي لكم، ثم انصرفت وتركته، فأقمنا أياماً، ثم إذا الحمالون على الباب، فإذا عشرون يحملون حنطة، وعشرة يحملون زيتاً، وخمسة يحملون كسوة، وواحد يحمل مالاً حتى أدخلت علينا.
وعن محمد بن سيرين أن رجلاً جلب سكراً إلى المدينة فكسد عليه. فقالوا له: ائت عبد الله بن جعفر، فأتاه فاشتراه منه بده دوازده وقال: من شاء أخذ، فقال الرجل: آخذ معهم؟ قال: خذ.
جاء أعرابي إلى عبد الله بن جعفر وهو محموم، فأنشأ يقول:
كم لوعة للندى وكم قلق ... للجود والمكرمات من قلقك
ألبسك الله منه عافية ... في نومك المعتري وفي أرقك
أخرج من جسمك السقام كما ... أخرج ذم الفعال من عنقك
فأمر له بمئة ألف دينار.
قال أبو إسحاق المالكي: وجه يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن جعفر مالاً جليلاً هدية له، ففرقه في أهل المدينة، ولم يدخل منزله منه شيئاً، فبلغ ذلك عبد الله بن الزبير فقال: إن عبد الله بن جعفر لمن المسرفين. فأنهي ذلك إلى عبد الله بن جعفر فقال:
بخيل يرى في الجود عاراً وإنما ... على المرء عار أن يضن ويبخلا
إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفعه ... صديق فلاقته المنية أولا
فبلغ ما فعل عبيد الله بن قيس الرقيات فقال في قصيدة له يمدح بها بعض الأمراء:
وما كنت إلا كالأعز ابن جعفر ... رأى المال لا يبقى فأبقى به ذكرا
دخل ابن أبي عمار وهو فقيه الحجاز يومئذ على نخاس يعترض منه جارية، فعرض عليه جارية بأكثر مما كان معه من الثمن، وكانت حسنة الوجه جداً، فعلق بها. وأخذه أمر
عظيم، ورآه النخاس فتباعد عليه في الثمن، واستهتر بذكرها، فمشى إليه عطاء وطاوس ومجاهد يعذلونه فكان جوابه أن قال:
يلومني فيك أقوام أجالسهم ... فما أبالي أطار اللوم أو وقعا
فبلغ خبره عبد الله بن جعفر فلم يكن له همة غيرها. فبعث إلى مولى الجارية فاشتراها بأربعين ألف درهم، وأمر قيمة جواريه أن تزينها، وتحليها ففعلت، وقدم المدينة، فجاءه الناس يسلمون عليه، وجاءه جلة أهل الحجاز فقال: ما لي لا أرى ابن أبي عمار زائراً؟ فأخبر الشيخ فأتاه. فلما أراد أن ينهض استجلسه، فقال له ابن جعفر: ما فعل حبك فلانة؟ قال: في اللحم والدم والمخ والعصب والعظام. قال: أتعرفها إن رأيتها؟ قال: جعلت فداك، هي مصورة نصب عيني عند كل خطرة وفكرة، ولو أدخلت الجنة ما كنت أنكرها. قال: والله ما نظرت إليها مذ ملكتها، يا جارية، أخرجيها فأخرجت ترفل في الحلي والحلل فقال: هي هذه وأنشأ يقول:
هي التي هام قلبي من تذكرها ... والنفس مشغولة أيضاً بذكراها
قال: فشأنك بها فخذها، بارك الله فيها. قال: جعلت فداك، لقد تفضلت بشيء ما كان يتفضل به إلا الله. فلما ولى بها قال: يا غلام، احمل معها مئة ألف درهم كي لا يهتم بها ولا تهتم به. فبكى ابن أبي عمار سروراً ثم قال: الله يعلم حيث يجعل رسالاته، والله - جعلت فداك - لئن كان الله وعدنا بنعيم الآخرة لقد عجلت نعيم الدنيا.
كانت عند عبد الله بن جعفر جارية مغنية يقال لها عمارة وكان يجد بها وجداً شديداً وكان له منه مكان لم يكن لأحد من جواريه. فلما وفد عبد الله بن جعفر على معاوية خرج بها معه. فزاره يزيد ذات يوم فأخرجها إليه، فلما نظر إليها وسمع غناءها وقعت في نفسه، فأجره عليها مالاً لا يملكه، وجعل لا يمنعه أن يبوح بما يجد بها إلا مكان أبيه مع يأسه من الظفر بها. فلم يزل يكاتم الناس أمرها إلى أن مات معاوية وأفضى الأمر إليه، فاستشار بعض من قدم عليه من أهل المدينة وعامة من يثق به في أمرها، وكيف الحيلة
فيها: فقيل له: إن عبد الله بن جعفر لا يرام، ومنزلته من الخاصة والعامة ومنك ما قد علمت، وأنت لا تستجيز إكراهه وهو لا يبيعها بشيء أبداً، وليس يغني في هذا إلا الحيلة، قال: انظروا لي رجلاً عراقياً له أدب وظرف ومعرفة، فطلبوه فأتوه به. فلما دخل رأى بياناً وحلاوة وفهماً. فقال يزيد: إنني دعوتك لأمر إن ظفرت به فهو حظوتك آخر الدهر ويد أكافئك عليها إن شاء الله، ثم أخبره بأمره فقال له: إن عبد الله بن جعفر ليس يرام ما قبله إلا بالخديعة، ولن يقدر أحد على ما سألت، فأرجو أن أكونه، والقوة بالله فأعني بالمال. قال: خذ ما أحببت، فأخذ من طرف الشام وثياب مصر، واشترى متاعاً للتجارة من رقيق ودواب وغير ذلك، ثم شخص إلى المدينة فأناخ بعرصة عبد الله بن جعفر، واكترى منزلاً إلى جانبه ثم توسسل إليه وقال: رجل من أهل العراق قدمت بتجارة فأحببت أن أكون في عز جوارك وكنفك إلى أن أبيع ما جئت به، فبعث عبد الله إلى قهرمانة أن أكرم الرجل ووسع عليه في نزله، فلما اطمأن العراقي سلم عليه أياماً وعرفه نفسه وهيأ له بغلة فارهة وثياباً من ثياب العراق، وألطافاً، فبعث بها إليه وكتب معه: يا سيدي، إني رجل تاجر ونعمة الله علي سابغة، وقد بعثت إليك بشيء من لطف، وكذا وكذا من الثياب والعطر، وبعثت ببغلة خفيفة العنان وطيئة الظهر فاتخذها لرحلك، فأنا أسألك بقرابتك من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا قبلت هديتي ولم توحشني بردها، فإني أدين الله بمواصلتك، فأمر عبد الله بقبض هديته وخرج إلى الصلاة. فلما رجع مر بالعراقي في منزله فقام إليه وقبل يده واستكثر منه، فرأى أدباً وظرفاً وفصاحة فأعجب به، وسر بنزوله عليه، فجعل العراقي في كل يوم يبعث إلى عبد الله بلطف يطرفه، فقال عبد الله: جزى اله ضيفنا هذا خيراً، فقد ملأنا شكراً، وما نقدر على مكافأته.
فإنه لكذلك إلى أن دعاه عبد الله ودعا بعمارة وبجواريه. فلما طاب لهما المجلس وسمع غناء عمارة تعجب، وجعل يزيد في عجبه. فلما رأى ذلك عبد الله سر به إلى أن قال: هل رأيت مثل عمارة قال: لا والله يا سيدي، ما رأيت مثلها، وما تصلح إلا لك، وما ظننت أن يكون في الدنيا مثل هذه الجارية حسن وجه وحسن عمل، قال: فكم تساوي عندك؟ قال: ما لها ثمن إلا الخلافة، قال: تقول هذا لتزين لي رأيي فيها، وتجتلب سروري، فقال له: يا سيدي، والله إني لأحب سرورك، وما قلت إلا الجد، وبعد فإني تاجر أجمع
الدرهم طلباً للربح، ولو أعطيتها بعشرة آلاف دينار لأخذتها، فقال عبد الله: عشرة آلاف دينار؟ قال: نعم، ولم يكن في ذلك الزمان جارية تعرف بهذا الثمن. فقال له عبد الله: أنا أبيعكها بعشرة آلاف دينار. قال: قد أخذتها. قال: هي لك. قال: قد وجب البيع، وانصرف العراقي.
فلما أصبح عبد الله لم يشعر إلا بالمال قد وافى، فقيل لعبد الله: قد بعث العراقي بعشرة آلاف دينار وقال: هذا ثمن عمارة. فردها وكتب إليه: إنما كنت أمزح معك، وأعلمك أن مثلي لا يبيع مثلها، فقال له: جعلت فداك إن الجد والهزل في البيع سواء، فقال عبد الله: ويحك ما أعلم جارية تساوي ما بذلت، ولو كنت بائعها من أحد لآثرتك، ولكني كنت مازحاً وماأبيعها بملك الدنيا لحرمتها لي وموضعها من قلبي، فقال العراقي: إن كنت مازحاً فإني كنت جاداً، وما اطلعت على ما في نفسك، وقد ملكت الجارية وبعثت بثمنها إليك، وليست تحل لك ومالي من أخذها بد، فمانعه إياها، فقال له: ليست لي بينة، ولكني أستحلفك عند قبر رسول الله صلىالله عليه وسلم ومنبره. فلما رأى عبد الله الجد قال: بئس الضيف أنت، ما طرقنا طارق أعظم بلية منك أتحلفني فيقول الناس: اضطهد عبد الله ضيفه وقهره وألجأه إلى أن استحلفه؟ أما والله ليعلمن الله أني ساءلته في هذا الأمر الصبر وحسن العزاء، ثم أمر قهرمانه بقبض المال منه وبتجهيز الجارية بما يشبهها من الثياب والخدم والطيب، فجهزت بنحو من ثلاثة آلاف دينار وقال: هذا لك ولها عوضاً مما ألطفتنا، والله المستعان. فقبض العراقي الجارية وخرج بها.
فلما برز من المدينة قال لها: يا عمارة، إني والله ما ملكتك قط، ولا أنت لي ملا مثلي يشتري جارية بعشرة آلاف دينار، وما كنت لأقدم على ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلبه أحب الناس إليه لنفسي، ولكني دسيس من يزيد بن معاوية وأنت له، وفي طلبك بعثني فاستتري مني، وإن داخلني الشيطان في أمرك أو تاقت نفسي إليك فامتنعي، ثم مضى بها حتى ورد دمشق فتلقاه الناس بجنازة يزيد وقد استخلف ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية، فأقام الرجل أياماً ثم تلطف للدخول عليه، فشرح له القصة ولم يكن أحد من بني أمية يعدل بمعاوية بن يزيد في زمانه نبلاً ونسكاً. فلما أخبره قال: هي لك وكل ما دفعه إليك في أمرها لك، وارحل من يومك ولا أسمع خبرك في شيء من بلاد الشام، فرحل
العراقي، ثم قال للجارية: إني قلت لك ما قلت حين خرجت بك من المدينة، وأخبرتك أنك ليزيد وقد صرت لي وأنا أشهد الله أنك لعبد الله بن جعفر، وإني قد رددتك عليه فاستتري.
ثم خرج بها حتى قدم المدينة فنزل قريباً من عبد الله بن جعفر فقيل لعبد الله: هذا العراقي ضيفك الذي صنع بنا ما صنع قد نزل العرصة لا حياه الله، فقال عبد الله: مه، أنزلوا الرجل وأكرموه، فلما استقر بعث إلى عبد الله بن جعفر: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي أذنة خفيفة لأشافهك بشيء فعلت: فأذن له. فلما دخل سلم عليه وقبل يديه، وقربه عبد الله، ثم قص عليه القصة حتى فرغ، ثم قال: قد والله وهبتها لك قبل أن أراها أو أضع يدي عليها، فهي لك ومردودة عليك، وقد علم الله إني ما رأيت لها وجهاً إلا عندك، وبعث إليها فجاءت، وجاءت بما جهزها به موفراً، فلما نظرت إلى عبد الله خرت مغشياً عليها، وأهوى إليها فضمها إليه، وخرج العراقي وتصايح أهل الدار: عمارة عمارة، فجعل عبد الله يقول ودموعه تجري: أحلم هذا؟ أحق هذا؟ ما أصدق بهذا. فقال له العراقي جعلت فداك، ردها الله عليك بإيثارك الوفاء وصبرك على الحق وانقيادك له، فقال عبد الله: الحمد لله، اللهم إنك تعلم أني صبرت عنها، وآثرت الوفاء، وسلمت لأمرك، فرددتها علي بمنك. قالت: الحمد لله، ثم قال: يا أخا العراق، ما في الأرض أعظم منك منة وسيجازيك الله تعالى. فأقام العراقي أياماً وباع عبد الله غنماً بثلاثة آلاف دينار، وقال لقهرمانه: احملها إليه وقل له: اعذر واعلم أني لو وصلتك بكل ما أملك لرأيتك أهلاً لأكثر منه، فرحل العراقي محموداً وافر العرض والمال.
قيل لمعاوية بن عبد الله: ما بلغ من كرم عبد الله بن جعفر؟ قال: كان ليس له مال دون الناس، هو والناس في ماله شركاء، كان من سأله أعطاه ومن استمنحه شيئاً منحه، لا يرى أنه يقتصر فيقصر، ولا يرى أنه يحتاج فيدخر. قال الشماخ بن ضرار لعبد الله بن جعفر:
إنك يا بن جعفر نعم الفتى ... ونعم مأوى طارق إذا أتى
ورب ضيف طرق الحي سرى ... صادف زاداً وحديثاً ما اشتهى
إن الحديث جانب من القرى
قال خلف الأحمر: ومن سنة الأعراب إذا حدثوا الغريب وهشوا إليه وفاكهوه أيقن بالقرى، وإذا أعرضوا عنه أيقن بالحرمان. فمن ثم قيل: إن الحديث جانب من القرى.
بعث رجل من أهل المدينة بابنة له إلى عبد الله بن جعفر فقال: إنا نريد أن نخدرها وقد أحببت أن تمسح يدك على ناصيتها، وتدعو لها بالبركة. قال: فأقعدها في حجره ومسح بيده على ناصيتها ودعا لها بالبركة، ثم دعا مولى له فساره بشيء، فذهب المولى ثم جاء فأتاه بشيء، فصره عبد الله في خمار الجارية، ثم دفعها إلى الرسول. قال: فنظروا، فإذا لؤلؤة، فأخرجت إلى السوق لتباع فعرفت وقيل: لؤلؤة ابن جعفر حبا بها ابنة جاره. قال: فبيعت بثلاثين ألف درهم.
مر عبد الله بن جعفر ومعه عدة من أصحابه بمنزل رجل قد أعرس، وإذا مغنية تقول:
قل لكرام ببابنا يلجوا ... ما في التصابي على الفتى حرج
فقال عبد الله لأصحابه: لجوا فقد أذن لنا القوم، فنزل ونزلوا فدخلوا. فلما رآه صاحب المنزل تلقاه وأجلسه على الفرش، فقال للرجل: كم أنفقت على وليمتك؟ قال: مئتي دينار. قال: فكم مهر امرأتك؟ قال: كذا وكذا، فأمر له بمئتي دينار ومهر امرأته وبمئة دينار بعد ذلك معونة، واعتذر إليه وانصرف.
قال إبراهيم بن صالح: عوتب عبد الله بن جعفر على السخاء فقال: يا هؤلاء إني عودت الله عادة وعودني عادة، وإني أخاف إن قطعتها قطعني.
بلغ معاوية أن عبد الله بن جعفر أصابه جهد فكتب إليه:
لمال المرء يصلحه فيغني ... مفاقره أعف من القنوع
يسد به نوائب تعتريه ... من الأيام كالنهل الشروع
وكتب إليه يأمره بالقصد ويرغبه فيه، وينهاه عن السرف ويعيبه عليه. قال: فأجابه عبد الله بن جعفر:
سلي الطارق المعتر يا أم خالد ... إذا ما أتاني بين ناري ومجزري
أأبسط وجهي إنه أول القرى ... وأبذل معروفي لهم دون منكري
وقد أشتري عرضي بمالي وما عسى ... أخول إذا ما ضيع العرض يشتري
يؤدي إلي الليل إتيان ماجد ... كريم ومالي سارح مال مقتر
فأعجب معاوية ما كتب إليه به، وبعث بأربعين ألف دينار عوناً له على دينه.
قال عبد الله بن جعفر:
ليس الجواد الذي يعطي بعد المسألة، لأن الذي يبذل السائل من وجهه وكلامه أفضل مما يبذل من نائله، وإنما الجواد الذي يبتدئ بالمعروف.
قال محمد بن سلام الجمحي: رئي عبد الله بن جعفر يماكس في دهم فقيل له: تماكس في درهم وأنت تجود من المال بكذا وكذا؟! فقال: ذلك مالي جدت به، وهذا عقلي بخلت به.
أنشد عبد الله بن جعفر:
إن الصنيعة لا تكون صنيعة ... حتى يصاب بها طريق المصنع
فقال: هذا رجل أراد أن يبخل الناس، أمطر المعروف مطراً، فإن صادفت موضعاً فذاك ما أردت، وإلا رجع إليك فكتب أهله.
قال أعرابي لعبد الله بن جعفر: لا ابتلاك الله ببلاء يعجز عنه صبرك، وأنعم عليك نعمة يعجز عنها شكرك.
كان عبد الله بن جعفر يصبغ بالوسمة.
توفي عبد الله بن جعفر سنة ثمانين وهو عام الجحاف - سيل كان ببطن مكة جحف الحاج، وذهب بالإبل وعليها الحمولة - وكان الوالي يومئذ أبان بن عثمان في خلافة عبد الملك بن مروان وكان عمر عبد الله بن جعفر تسعين سنة. وحمل أبان السرير بين العمودين فما فارقه حتى وضعه بالبقيع، ودموعه تسيل وهو يقول: كنت، والله خيراً لا شر شققن الجيوب، والناس يزدحمون على سريره.
وقيل: توفي عبد الله سنة ست وثمانين.
وقيل: إنه كان يوم توفي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن عشر سنين.
وقيل: إنه ولد في السنة التي توفي فيها سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقيل: سنة أربع أو خمس وثمانين وهو ابن ثمانين سنة.
قال: وهذا أشبه بالصواب.
وقيل: إن عبد الله بن جعفر توفي سنة تسعين وهو ابن تسعين.
قال هشام بن سليمان المخزومي: أجمع أهل الحجاز وأهل البصرة وأهل الكوفة أنهم لم يسمعوا بيتين أحسن من بيتين رأوهما على قبر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:
مقيم إلى أن يبعث الله خلقه ... لقاؤك لا يرجى وأنت قريب
تزيد بلى في كل يوم وليلة ... وتنسى كما تبلى وأنت حبيب
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155759&book=5516#0e1fbd
عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيُّ
ابْنِ زَاذَانَ بنِ فَيْرُوْزَانَ بنِ هُرْمُزَ، الإِمَامُ، العَلَمُ، مُقْرِئُ مَكَّةَ، وَأَحَدُ القُرَّاءِ السَّبعَةِ، أَبُو مَعْبَدٍ الكِنَانِيُّ، الدَّارِيُّ، المَكِّيُّ، مَوْلَى عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ الكِنَانِيِّ.
وَقِيْلَ: يُكْنَى: أَبَا عَبَّادٍ.
وَقِيْلَ: أَبَا بَكْرٍ، فَارِسِيُّ الأَصْلِ.
وَكَانَ دَارِيّاً؛ وَهُوَ العَطَّارُ.
وَقَدْ وَهِمَ البُخَارِيُّ، فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: هُوَ مِنْ قَوْمِ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَالدَّارُ: بَطْنٌ مِنْ لَخْمٍ، أَبُوْهُمُ الدَّارُ بنُ هَانِئ بنِ حَبِيْبِ بنِ نُمَارَةَ بنِ لَخْمِ، مِنْ أُدَدَ بنِ سَبَأٍ.
وَكَذَا تَابَعَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، فَوَهِمَا.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: الَّذِي لاَ يَبرحُ مِنْ دَارِه هُوَ الدَّارِيُّ، فَلاَ يَطلُبُ مَعَاشاً.
وَعَنْهُ، قَالَ: كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ عَطَّاراً.
قُلْتُ: هَذَا الحَقُّ، وَاشتِرَاكُ الأَنسَابِ لاَ يُبطِلُ ذَلِكَ.
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسٍ الَّذِيْنَ بَعَثَهُم كِسْرَى إِلَى صَنْعَاءِ اليَمَنِ، فَطَردُوا عَنْهَا الحَبَشَةَ.
قِيْلَ: قَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ المَخْزُوْمِيِّ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ، وَالمَشْهُوْرُ تِلاَوَتُه عَلَى: مُجَاهِدٍ، وَدِرْبَاسٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ، وَمَعْرُوْفُ بُن مُشْكَانَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ قُسْطَنْطِيْنَ، وَعِدَّةٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي المِنْهَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُطْعِمٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَغَيْرِهِم.
وَهُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: أَيُّوْبُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ، وَزَمْعَةُ بنُ صَالِحٍ،
وَعُمَرُ بنُ حَبِيْبٍ المَكِّيُّ، وَلَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَجِيْحٍ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَآخَرُوْنَ.وَثَّقَهُ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ رَجُلاً مَهِيْباً، طَوِيْلاً، أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ، جَسِيْماً، أَسْمَرَ، أَشهَلَ العَيْنَيْنِ، تَعلُوْهُ سَكِيْنَةٌ وَوَقَارٌ، وَكَانَ فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، وَاعِظاً، كَبِيْرَ الشَّأْنِ.
يُقَالُ: إِنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ أَدْرَكَه، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَلَمْ يَصِحَّ، إِنَّمَا شَهِدَ جَنَازَتَه.
وَقَدْ وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ أَيْضاً.
وَعَاشَ: خَمْساً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُهُ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ، وَيَقُصُّ لِلْجَمَاعَةِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ قَادْشَاه، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيْلَ إِذَا بَلَغُوا ذَا طُوَىً، نَزَعُوا نِعَالَهُم.
عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ يَبِيْعُ العِطرَ قَدِيْماً.
وَقَالَ شِبْلُ بنُ عَبَّادٍ: وُلِدَ ابْنُ كَثِيْرٍ بِمَكَّةَ، سَنَةَ 48، وَمَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ المُقْرِئُ ثِقَةً، لَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ:
سَمِعْتُ مُطَرِّفاً بِمَكَّةَ فِي جَنَازَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، وَأَنَا غُلاَمٌ سَنَةَ عِشْرِيْنَ، قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ، ثُمَّ قَالَ:
وَقَالَ عَلِيٌّ: قِيْلَ لابْنِ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتَ عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ؟
قَالَ: رَأَيْتُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، أَسْمَع قَصَصَه وَأَنَا غُلاَمٌ، كَانَ قَاصَّ الجَمَاعَةِ.
قُلْتُ: فَهَاذَانِ قَوْلاَنِ لابْنِ عُيَيْنَةَ، فَإِمَّا شَكَّ، وَإِمَّا عَنَى بِأَنَّ الَّذِي مَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ السَّهْمِيُّ؛ الَّذِي خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الجَنَائِزِ، مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْهُ، وَهَذَا أَشْبَهُ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ: حَدِيْثُ السَّلَفِ يَرْوِيْهِ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ قَالَ:فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ القَابِسِيُّ، وَغَيْرُهُ: هُوَ ابْنُ كَثِيْرٍ القَارِئُ.
ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيْحٍ، بَلْ هُوَ ابْنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ السَّهْمِيُّ، كَذَا نَسَبَه الكَلاَبَاذِيُّ، وَهُوَ أَخُو كَثِيْرِ بنِ كَثِيْرٍ، لاَ شَيْءَ لَهُ فِي الصَّحِيْحِ سِوَى حَدِيْث السّلمِ، عَنْ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) .
وَكَذَا ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ، وَغَيْرُهُمَا عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ فِي رِجَالِ (الصَّحِيْحَيْنِ) .
وَذَكَرَهُ: البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) ، لَكِنَّهُ وَهِمَ فِي نِسبَتِه إِلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرٍ القَارِئُ الدَّارِيُّ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قَدْ رَوَى عَنِ الدَّارِيِّ: أَيُّوْبُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ ثِقَةً.
حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ: رَأَيْتُ أَبَا عَمْرٍو بنَ العَلاَءِ يَقْرَأُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ أَحَدٌ أَقرَأَ مِنْ حُمَيْدِ بنِ قَيْسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ.
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ فَصِيْحاً بِالقُرْآنِ.
وَذَكَرَ الدَّانِيُّ: أَنَّ ابْنَ كَثِيْرٍ أَخَذَ القِرَاءةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ.
ابْنُ مُجَاهِدٍ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ الرَّحَّالُ فِي جَنَازَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ -يَعْنِي: فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ-.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالمُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا
هِبَةُ اللهِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ، وَالنَّاسُ يُسْلِفُوْنَ فِي التَّمْرِ العَامَ وَالعَامَيْنِ -أَوْ قَالَ: عَامَيْنِ وَثَلاَثَةً- فَقَالَ: (مَنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُوْمٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُوْمٍ) .
أَخرَجُوْهُ سِتَّتُهُم، عَنْ رِجَالِهِم، مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ.
فَتَرَدَّدْنَا فِي ابْنِ كَثِيْرٍ هَذَا، هَلْ هُوَ الدَّارِيُّ أَوِ السَّهْمِيُّ؟ وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ قَبْلَنَا فِيْهِ، وَفِي (رِجَالِ مُسْلِمٍ) لِلدَّارَقُطْنِيِّ ذَكَرَ السَّهْمِيَّ فَقَطْ، وَذَكَرَ فِي (رِجَالِ البُخَارِيِّ) عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ المَكِّيَّ فَقَطْ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَكِّيٌّ، وَالَّذِي عُلِمَ بِالتَأَمُّلِ، أَنَّ الدَّارِيَّ رَجُلٌ كَبِيْرٌ شهِيْرٌ، وَأَنَّ السَّهْمِيَّ لاَ يَكَادُ يُعْرَفُ إِلاَّ بِحَدِيْثٍ وَاحِدٍ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) ، وَهُوَ مُعَلَّلٌ فِي اسْتِغفَارِه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَهْلِ البَقِيْعِ.
تَفَرَّدَ بِهِ: ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: فِي خُرُوْجِه - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - لَيْلاً، وَاسْتِغفَارِه لَهُم.
وَهُوَ مِنَ المُوَافَقَاتِ العَالِيَةِ فِي (فَوَائِدِ الإِخْمِيْمِيِّ) .
ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ فِي عَقِبِه:
وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَجَّاجَ بنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ - رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ بِهَذَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ أَبِي وَدَاعَةَ.
قُلْتُ: المُطَّلِبُ هَذَا هُوَ: ابْنُ الحَارِثِ بنِ صُبَيْرَةَ بنِ سَعِيْدِ بنِ سَعْدِ بنِ سَهْمٍ القُرَشِيُّ.
وَلِعَبْدِ اللهِ إِخوَةٌ: كَثِيْرٌ، وَجَعْفَرٌ، وَسَعِيْدٌ، وَلَيْسُوا بِالمَشْهُوْرِيْنَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: عَنْ يُوْسُفَ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ.ثُمَّ قَالَ النَّسَائِيُّ: حَجَّاجٌ فِي ابْنِ جُرَيْجٍ عِنْدَنَا، أَثْبَتُ مِنِ ابْنِ وَهْبٍ.
قُلْتُ: مَا اخْتَلَفَا فِيْهِ، وَإِنَّمَا ابْنُ مُسْلِمٍ زَادَ مِنْ عِنْدِه إِيْضَاحاً بِحَسبِ ظنِّهِ، فَقَالَ بَعْدَ عَبْدِ اللهِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ.
فَهَذَا مَا عِنْدَنَا مِنْ ذِكْرِ السَّهْمِيِّ، وَلَمْ نَتَيَقَّنْ لَهُ رِوَايَةَ حَدِيْثٍ سِوَى هَذَا.
وَأَمَّا حَدِيْثُ السَّلَفِ، فَمُتجَاذَبٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِيِّ، فَلْيُلْتَمَسْ مُرَجِّحٌ لأَحَدِهِمَا - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا الكَلاَبَاذِيُّ، فَقَالَ فِي رِجَالِ البُخَارِيِّ:
عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ القُرَشِيُّ العَبْدَرِيُّ المَكِّيُّ القَاصُّ حَدَّثَ عَنْ أَبِي المِنْهَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُطْعِمٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ فِي أَوَّلِ السَّلْمِ، فَهَذَا كَمَا تَرَى: جَعَلَ ابْنَ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ عَبْدَرِيّاً، وَإِنَّمَا هُوَ سَهْمِيٌّ، وَجَعَلَهُ القَاصَّ، وَإِنَّمَا القَاصُّ الدَّارِيُّ القَارِئُ.
وَكَذَا قَالَ البُخَارِيُّ فِي ابْنِ المُطَّلِبِ: إِنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بنِ قُصَيٍّ.
وَمَا ذَكرَ فِي (تَارِيْخِهِ ) سِوَاهُ، وَمَا ذَكرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سِوَاهُ، إِلاَّ ابْنَ كَثِيْرٍ الطَّوِيْلَ الدِّمَشْقِيَّ.
ابْنِ زَاذَانَ بنِ فَيْرُوْزَانَ بنِ هُرْمُزَ، الإِمَامُ، العَلَمُ، مُقْرِئُ مَكَّةَ، وَأَحَدُ القُرَّاءِ السَّبعَةِ، أَبُو مَعْبَدٍ الكِنَانِيُّ، الدَّارِيُّ، المَكِّيُّ، مَوْلَى عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ الكِنَانِيِّ.
وَقِيْلَ: يُكْنَى: أَبَا عَبَّادٍ.
وَقِيْلَ: أَبَا بَكْرٍ، فَارِسِيُّ الأَصْلِ.
وَكَانَ دَارِيّاً؛ وَهُوَ العَطَّارُ.
وَقَدْ وَهِمَ البُخَارِيُّ، فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: هُوَ مِنْ قَوْمِ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَالدَّارُ: بَطْنٌ مِنْ لَخْمٍ، أَبُوْهُمُ الدَّارُ بنُ هَانِئ بنِ حَبِيْبِ بنِ نُمَارَةَ بنِ لَخْمِ، مِنْ أُدَدَ بنِ سَبَأٍ.
وَكَذَا تَابَعَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، فَوَهِمَا.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: الَّذِي لاَ يَبرحُ مِنْ دَارِه هُوَ الدَّارِيُّ، فَلاَ يَطلُبُ مَعَاشاً.
وَعَنْهُ، قَالَ: كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ عَطَّاراً.
قُلْتُ: هَذَا الحَقُّ، وَاشتِرَاكُ الأَنسَابِ لاَ يُبطِلُ ذَلِكَ.
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسٍ الَّذِيْنَ بَعَثَهُم كِسْرَى إِلَى صَنْعَاءِ اليَمَنِ، فَطَردُوا عَنْهَا الحَبَشَةَ.
قِيْلَ: قَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ المَخْزُوْمِيِّ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ، وَالمَشْهُوْرُ تِلاَوَتُه عَلَى: مُجَاهِدٍ، وَدِرْبَاسٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ، وَمَعْرُوْفُ بُن مُشْكَانَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ قُسْطَنْطِيْنَ، وَعِدَّةٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي المِنْهَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُطْعِمٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَغَيْرِهِم.
وَهُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: أَيُّوْبُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ، وَزَمْعَةُ بنُ صَالِحٍ،
وَعُمَرُ بنُ حَبِيْبٍ المَكِّيُّ، وَلَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَجِيْحٍ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَآخَرُوْنَ.وَثَّقَهُ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ رَجُلاً مَهِيْباً، طَوِيْلاً، أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ، جَسِيْماً، أَسْمَرَ، أَشهَلَ العَيْنَيْنِ، تَعلُوْهُ سَكِيْنَةٌ وَوَقَارٌ، وَكَانَ فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، وَاعِظاً، كَبِيْرَ الشَّأْنِ.
يُقَالُ: إِنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ أَدْرَكَه، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَلَمْ يَصِحَّ، إِنَّمَا شَهِدَ جَنَازَتَه.
وَقَدْ وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ أَيْضاً.
وَعَاشَ: خَمْساً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُهُ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ، وَيَقُصُّ لِلْجَمَاعَةِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ قَادْشَاه، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيْلَ إِذَا بَلَغُوا ذَا طُوَىً، نَزَعُوا نِعَالَهُم.
عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ يَبِيْعُ العِطرَ قَدِيْماً.
وَقَالَ شِبْلُ بنُ عَبَّادٍ: وُلِدَ ابْنُ كَثِيْرٍ بِمَكَّةَ، سَنَةَ 48، وَمَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ المُقْرِئُ ثِقَةً، لَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ:
سَمِعْتُ مُطَرِّفاً بِمَكَّةَ فِي جَنَازَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، وَأَنَا غُلاَمٌ سَنَةَ عِشْرِيْنَ، قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ، ثُمَّ قَالَ:
وَقَالَ عَلِيٌّ: قِيْلَ لابْنِ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتَ عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ؟
قَالَ: رَأَيْتُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، أَسْمَع قَصَصَه وَأَنَا غُلاَمٌ، كَانَ قَاصَّ الجَمَاعَةِ.
قُلْتُ: فَهَاذَانِ قَوْلاَنِ لابْنِ عُيَيْنَةَ، فَإِمَّا شَكَّ، وَإِمَّا عَنَى بِأَنَّ الَّذِي مَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ السَّهْمِيُّ؛ الَّذِي خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الجَنَائِزِ، مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْهُ، وَهَذَا أَشْبَهُ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ: حَدِيْثُ السَّلَفِ يَرْوِيْهِ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ قَالَ:فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ القَابِسِيُّ، وَغَيْرُهُ: هُوَ ابْنُ كَثِيْرٍ القَارِئُ.
ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيْحٍ، بَلْ هُوَ ابْنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ السَّهْمِيُّ، كَذَا نَسَبَه الكَلاَبَاذِيُّ، وَهُوَ أَخُو كَثِيْرِ بنِ كَثِيْرٍ، لاَ شَيْءَ لَهُ فِي الصَّحِيْحِ سِوَى حَدِيْث السّلمِ، عَنْ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) .
وَكَذَا ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ، وَغَيْرُهُمَا عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ فِي رِجَالِ (الصَّحِيْحَيْنِ) .
وَذَكَرَهُ: البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) ، لَكِنَّهُ وَهِمَ فِي نِسبَتِه إِلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرٍ القَارِئُ الدَّارِيُّ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قَدْ رَوَى عَنِ الدَّارِيِّ: أَيُّوْبُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ ثِقَةً.
حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ: رَأَيْتُ أَبَا عَمْرٍو بنَ العَلاَءِ يَقْرَأُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ أَحَدٌ أَقرَأَ مِنْ حُمَيْدِ بنِ قَيْسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ.
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ فَصِيْحاً بِالقُرْآنِ.
وَذَكَرَ الدَّانِيُّ: أَنَّ ابْنَ كَثِيْرٍ أَخَذَ القِرَاءةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ.
ابْنُ مُجَاهِدٍ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ الرَّحَّالُ فِي جَنَازَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ -يَعْنِي: فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ-.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالمُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا
هِبَةُ اللهِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ، وَالنَّاسُ يُسْلِفُوْنَ فِي التَّمْرِ العَامَ وَالعَامَيْنِ -أَوْ قَالَ: عَامَيْنِ وَثَلاَثَةً- فَقَالَ: (مَنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُوْمٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُوْمٍ) .
أَخرَجُوْهُ سِتَّتُهُم، عَنْ رِجَالِهِم، مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ.
فَتَرَدَّدْنَا فِي ابْنِ كَثِيْرٍ هَذَا، هَلْ هُوَ الدَّارِيُّ أَوِ السَّهْمِيُّ؟ وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ قَبْلَنَا فِيْهِ، وَفِي (رِجَالِ مُسْلِمٍ) لِلدَّارَقُطْنِيِّ ذَكَرَ السَّهْمِيَّ فَقَطْ، وَذَكَرَ فِي (رِجَالِ البُخَارِيِّ) عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ المَكِّيَّ فَقَطْ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَكِّيٌّ، وَالَّذِي عُلِمَ بِالتَأَمُّلِ، أَنَّ الدَّارِيَّ رَجُلٌ كَبِيْرٌ شهِيْرٌ، وَأَنَّ السَّهْمِيَّ لاَ يَكَادُ يُعْرَفُ إِلاَّ بِحَدِيْثٍ وَاحِدٍ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) ، وَهُوَ مُعَلَّلٌ فِي اسْتِغفَارِه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَهْلِ البَقِيْعِ.
تَفَرَّدَ بِهِ: ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: فِي خُرُوْجِه - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - لَيْلاً، وَاسْتِغفَارِه لَهُم.
وَهُوَ مِنَ المُوَافَقَاتِ العَالِيَةِ فِي (فَوَائِدِ الإِخْمِيْمِيِّ) .
ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ فِي عَقِبِه:
وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَجَّاجَ بنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ - رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ بِهَذَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ أَبِي وَدَاعَةَ.
قُلْتُ: المُطَّلِبُ هَذَا هُوَ: ابْنُ الحَارِثِ بنِ صُبَيْرَةَ بنِ سَعِيْدِ بنِ سَعْدِ بنِ سَهْمٍ القُرَشِيُّ.
وَلِعَبْدِ اللهِ إِخوَةٌ: كَثِيْرٌ، وَجَعْفَرٌ، وَسَعِيْدٌ، وَلَيْسُوا بِالمَشْهُوْرِيْنَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: عَنْ يُوْسُفَ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ.ثُمَّ قَالَ النَّسَائِيُّ: حَجَّاجٌ فِي ابْنِ جُرَيْجٍ عِنْدَنَا، أَثْبَتُ مِنِ ابْنِ وَهْبٍ.
قُلْتُ: مَا اخْتَلَفَا فِيْهِ، وَإِنَّمَا ابْنُ مُسْلِمٍ زَادَ مِنْ عِنْدِه إِيْضَاحاً بِحَسبِ ظنِّهِ، فَقَالَ بَعْدَ عَبْدِ اللهِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ.
فَهَذَا مَا عِنْدَنَا مِنْ ذِكْرِ السَّهْمِيِّ، وَلَمْ نَتَيَقَّنْ لَهُ رِوَايَةَ حَدِيْثٍ سِوَى هَذَا.
وَأَمَّا حَدِيْثُ السَّلَفِ، فَمُتجَاذَبٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِيِّ، فَلْيُلْتَمَسْ مُرَجِّحٌ لأَحَدِهِمَا - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا الكَلاَبَاذِيُّ، فَقَالَ فِي رِجَالِ البُخَارِيِّ:
عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ القُرَشِيُّ العَبْدَرِيُّ المَكِّيُّ القَاصُّ حَدَّثَ عَنْ أَبِي المِنْهَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُطْعِمٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ فِي أَوَّلِ السَّلْمِ، فَهَذَا كَمَا تَرَى: جَعَلَ ابْنَ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ عَبْدَرِيّاً، وَإِنَّمَا هُوَ سَهْمِيٌّ، وَجَعَلَهُ القَاصَّ، وَإِنَّمَا القَاصُّ الدَّارِيُّ القَارِئُ.
وَكَذَا قَالَ البُخَارِيُّ فِي ابْنِ المُطَّلِبِ: إِنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بنِ قُصَيٍّ.
وَمَا ذَكرَ فِي (تَارِيْخِهِ ) سِوَاهُ، وَمَا ذَكرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سِوَاهُ، إِلاَّ ابْنَ كَثِيْرٍ الطَّوِيْلَ الدِّمَشْقِيَّ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64163&book=5516#cbd63c
- وعبد الله بن الحارث بن نوفل. ناقلة إلى البصرة, أمه هند بنت أبي سفيان بن حرب.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64163&book=5516#bef381
عبد الله بن الحارث روى عن عمر بن عبد العزيز روى عنه الشيباني سمعت أبي يقول ذلك.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64163&book=5516#c250cf
عبد الله بن الحارث بن جزء بن عبد العزى بن عريج بن عمرو بن زبيد
- عبد الله بن الحارث بن جزء بن عبد العزى بن عريج بن عمرو بن زبيد. من ساكني مصر. روى: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تستقبل القبلة بغائط أو بول.
- عبد الله بن الحارث بن جزء بن عبد العزى بن عريج بن عمرو بن زبيد. من ساكني مصر. روى: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تستقبل القبلة بغائط أو بول.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64163&book=5516#786a5b
عبد الله بن الْحَارِث تَمْيِيز م ع المَخْزُومِي الْمَكِّيّ شيخ الإِمَام الشَّافِعِي وَالْإِمَام أَحْمد وثقوه ذكرته تمييزا تَنْبِيه لَهُم جمَاعَة معدلون غَيرهم يُقَال لكل مِنْهُم عبد الله بن الْحَارِث وَالله أعلم.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64163&book=5516#9417c1
عبد الله بْن الْحَارِث، أَبُو رفاعة العدوي.
وهو من بنى عدىّ ابن عبد مناة بن أدبن طابخة، أخي مزينة، هُوَ مشهور بكنيته، واختلف فِي اسمه، فقيل: عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث. وقيل: تميم بْن أسيد، وقد ذكرناه فِي الكنى. روى عنه حميد بن هلال.
وهو من بنى عدىّ ابن عبد مناة بن أدبن طابخة، أخي مزينة، هُوَ مشهور بكنيته، واختلف فِي اسمه، فقيل: عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث. وقيل: تميم بْن أسيد، وقد ذكرناه فِي الكنى. روى عنه حميد بن هلال.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64163&book=5516#accfd2
عبد الله بن الحارث، عن رجل من أصحاب النبي
د ع: عبد الله بن الحارث عن رجل من الصحابة.
3384 روى شعبة، عن عبد الحميد صاحب الزيادي، عن عبد الله بن الحارث، عن رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " تسحروا ولو بجزعة ".
أخرجه ابن منده، وأبو نعيم.
د ع: عبد الله بن الحارث عن رجل من الصحابة.
3384 روى شعبة، عن عبد الحميد صاحب الزيادي، عن عبد الله بن الحارث، عن رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " تسحروا ولو بجزعة ".
أخرجه ابن منده، وأبو نعيم.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64163&book=5516#d8e493
عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا بُنْدَارٌ، ثنا غُنْدَرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ كَرْدِيدٍ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَسَحَّرُ، وَقَالَ: «إِنَّهُ بَرَكَةٌ أَعْطَاكُمُوهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا تَدَعُوهُ» رَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا بُنْدَارٌ، ثنا غُنْدَرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ كَرْدِيدٍ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَسَحَّرُ، وَقَالَ: «إِنَّهُ بَرَكَةٌ أَعْطَاكُمُوهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا تَدَعُوهُ» رَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64163&book=5516#40e9b3
عبد الله بن الْحَارِث
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64163&book=5516#508a09
- وعبد الله بن الحارث بن جزء بن عبد الله بن عويج بن عمرو بن زبيد.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64163&book=5516#ebd079
- عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم. أمه هند بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية, يكنى أبا محمد. مات بعمان بعد الثمانين.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64163&book=5516#d2190a
عبد الله بن الْحَارِث قَالَ بَعضهم النجراني وَقَالَ غَيره الزبيدِيّ الْمكتب الْكُوفِي
روى عَن جُنْدُب فِي الصَّلَاة
روى عَنهُ عَمْرو بن مرّة
روى عَن جُنْدُب فِي الصَّلَاة
روى عَنهُ عَمْرو بن مرّة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=133956&book=5516#3bd934
عبد اللَّه بْن مُوسَى بْن إسحاق بْن حمزة بْن عيسى بْن علي بْن عَبْد اللَّه بن العباس بْن عَبْد المطلب، أَبُو الْعَبَّاس الهاشمي :
سَمع علي بن سراج الْمصْرِيّ، وحامد بن مُحَمَّد بن شعيب البلخي، والْحَسَن بن
مُحَمَّد بن عنبر الوشاء، والْحَسَن بن الطيب البلخي، والْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عفير الْأَنْصَارِيّ، ومُحَمَّد بن جرير الطبري ومُحَمَّد بن عبدة البصري، وأبا خبيب البرتي، وإِسْمَاعِيل بن موسى الحاسب، وشعيب بن مُحَمَّد الذارع، والْحَسَن بن المخرمي، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد الباغندي، وأبا القاسم البغوي، وأبا بَكْر بْن أَبِي داود، وخلقا كثيرًا غيرهم. حَدَّثَنَا عنه مُحَمَّد بن طلحة النعالي، وأبو مُحَمَّد الخلال، والْقَاضِيان أَبُو العلاء الواسطي، وَأَبُو الْقَاسِم التنوخي، والأزهري، والعتيقي، وعبد العزيز الأزجي، والْحَسَن بن علي الجوهري، وغيرهم.
قَال مُحَمَّد بن أبي الفوارس: كان فيه تساهل شديد. وقال الأزهري: كان عبد الله ابن موسى الهاشمي يضعف.
وسألت البرقاني عن أبي العباس الهاشمي فَقَالَ: ضعيف، وجدت له أصولًا رديئة.
حدثت عَن أَبِي الْحَسَن بْن الفرات قَالَ: توفي أبو العباس الهاشمي في آخر ذي الحجة سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وكان ثقة مستورًا من أهل القرآن، وكان عنده حديث كثير، ومضى على ستر وثقة وأمر جَميل.
أَخْبَرَنَا العتيقي قَالَ: سنة أربع وسبعين وثلاثمائة فيها توفي أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ يوم الأحد لسبع بقين من ذي الحجة، وكان ثقة مستورًا من أهل القرآن، ومن فضلاء المسلمين، رحمه اللَّه.
ذكر من اسمه عبد الله واسم أبيه مروان
سَمع علي بن سراج الْمصْرِيّ، وحامد بن مُحَمَّد بن شعيب البلخي، والْحَسَن بن
مُحَمَّد بن عنبر الوشاء، والْحَسَن بن الطيب البلخي، والْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عفير الْأَنْصَارِيّ، ومُحَمَّد بن جرير الطبري ومُحَمَّد بن عبدة البصري، وأبا خبيب البرتي، وإِسْمَاعِيل بن موسى الحاسب، وشعيب بن مُحَمَّد الذارع، والْحَسَن بن المخرمي، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد الباغندي، وأبا القاسم البغوي، وأبا بَكْر بْن أَبِي داود، وخلقا كثيرًا غيرهم. حَدَّثَنَا عنه مُحَمَّد بن طلحة النعالي، وأبو مُحَمَّد الخلال، والْقَاضِيان أَبُو العلاء الواسطي، وَأَبُو الْقَاسِم التنوخي، والأزهري، والعتيقي، وعبد العزيز الأزجي، والْحَسَن بن علي الجوهري، وغيرهم.
قَال مُحَمَّد بن أبي الفوارس: كان فيه تساهل شديد. وقال الأزهري: كان عبد الله ابن موسى الهاشمي يضعف.
وسألت البرقاني عن أبي العباس الهاشمي فَقَالَ: ضعيف، وجدت له أصولًا رديئة.
حدثت عَن أَبِي الْحَسَن بْن الفرات قَالَ: توفي أبو العباس الهاشمي في آخر ذي الحجة سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وكان ثقة مستورًا من أهل القرآن، وكان عنده حديث كثير، ومضى على ستر وثقة وأمر جَميل.
أَخْبَرَنَا العتيقي قَالَ: سنة أربع وسبعين وثلاثمائة فيها توفي أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ يوم الأحد لسبع بقين من ذي الحجة، وكان ثقة مستورًا من أهل القرآن، ومن فضلاء المسلمين، رحمه اللَّه.
ذكر من اسمه عبد الله واسم أبيه مروان
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=127701&book=5516#d8369c
عبد الله بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب بْن أَسَد بْن عبد العزى ابْن قصي القرشي الأسدي.
أمه قريبة بِنْت أَبِي أُمَيَّة أخت أم سَلَمَة أم المؤمنين،
كَانَ من أشراف قريش، وَكَانَ يأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، يعد في أهل المدينة.
وَرَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، وعروة بْن الزُّبَيْر، فحديث أَبِي بَكْر عَنْهُ أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مروا أَبَا بَكْر فليصل بالناس. وروى عَنْهُ عُرْوَة ثلاثة أحاديث: أحدها- أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر النساء فَقَالَ: يضرب أحدكم المرأة ضرب العبد، ثُمَّ يضاجعها من آخر يومه! والثاني- أَنَّهُ ذكر الضرطة فوعظهم فيها، فَقَالَ: لم يضحك أحدكم مما يفعل. والثالث- أَنَّهُ ذكر ناقة صَالِح، فَقَالَ: انبعث لَهَا رجل عزيز عارم منيع فِي رهطه مثل أَبِي زمعة فِي قومه. وربما جمع هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ هَذِهِ الأحاديث الثلاثة فِي حديث واحد.
وأبو زمعة هَذَا هُوَ الأسود بْن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي، كني بابنه زمعة، وقتل زمعة بْن الأسود، وأخوه عُقَيْل بْن الأسود يَوْم بدر كافرين، وأبوهما الأسود، كان أحد المستهزءين الذين قَالَ الله تعالى فيهم :
إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ 15: 95.
ذكروا أن جبريل رمى فِي وجهه بورقة فعمي، وكانت تحت عَبْد اللَّهِ بْن زمعة زينب بِنْت أَبِي سَلَمَة، وهي أم بنته، وابنه يَزِيد بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة، قتله مسرف بْن عقبة صبرا يَوْم الحرة، وذلك أَنَّهُ أتى بِهِ مسرف بْن عقبة أسيرا.
فقال لَهُ: بايع على أنك خول لأمير المؤمنين، يَعْنِي يَزِيد، يحكم فِي دمك ومالك.
فقال: أبايعه على الكتاب والسنة، وأنا ابْن عم أمير المؤمنين، يحكم فِي دمي وأهلي ومالي، وَكَانَ صديقا ليزيد وصفيا لَهُ، فلما قَالَ ذَلِكَ قَالَ مسرف: اضربوا عنقه، فوثب مَرَوَان فضمه إِلَيْهِ لما كَانَ يعرف بينه وبين يَزِيد. فقال مَرَوَان:
نعم يبايعك على مَا أحببت، وقال مسرف: والله لا أقبله أبدا. وقال: إن تنحى عَنْهُ مَرَوَان وإلا فاقتلوهما معا، فتركه مَرَوَان، وضربت عنق يَزِيد بن عبد الله ابن زمعة، وقتل يومئذ إخوته فِي القتال، فيقال: إنه قتل لعبد الله بْن زمعة يَوْم الحرة بنون. ومن ولد عَبْد اللَّهِ بْن زمعة كَثِير بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة، وَهُوَ جد أَبُو البختري، والقاضي وَهْب بْن وَهْب بْن كَثِير بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنِي أبو البختري قال: قال لي مصعب ابن ثَابِتٍ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: وَهْبُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَبْدٍ الْكَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: فَمَا لَكَ لا تَقُولُ كَثِيرًا؟ لَعَلَّكَ كَرِهْتَ ذَلِكَ، أَتَدْرِي مَنْ سَمَّاهُ كَثِيرًا؟
جَدَّتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
أمه قريبة بِنْت أَبِي أُمَيَّة أخت أم سَلَمَة أم المؤمنين،
كَانَ من أشراف قريش، وَكَانَ يأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، يعد في أهل المدينة.
وَرَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، وعروة بْن الزُّبَيْر، فحديث أَبِي بَكْر عَنْهُ أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مروا أَبَا بَكْر فليصل بالناس. وروى عَنْهُ عُرْوَة ثلاثة أحاديث: أحدها- أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر النساء فَقَالَ: يضرب أحدكم المرأة ضرب العبد، ثُمَّ يضاجعها من آخر يومه! والثاني- أَنَّهُ ذكر الضرطة فوعظهم فيها، فَقَالَ: لم يضحك أحدكم مما يفعل. والثالث- أَنَّهُ ذكر ناقة صَالِح، فَقَالَ: انبعث لَهَا رجل عزيز عارم منيع فِي رهطه مثل أَبِي زمعة فِي قومه. وربما جمع هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ هَذِهِ الأحاديث الثلاثة فِي حديث واحد.
وأبو زمعة هَذَا هُوَ الأسود بْن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي، كني بابنه زمعة، وقتل زمعة بْن الأسود، وأخوه عُقَيْل بْن الأسود يَوْم بدر كافرين، وأبوهما الأسود، كان أحد المستهزءين الذين قَالَ الله تعالى فيهم :
إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ 15: 95.
ذكروا أن جبريل رمى فِي وجهه بورقة فعمي، وكانت تحت عَبْد اللَّهِ بْن زمعة زينب بِنْت أَبِي سَلَمَة، وهي أم بنته، وابنه يَزِيد بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة، قتله مسرف بْن عقبة صبرا يَوْم الحرة، وذلك أَنَّهُ أتى بِهِ مسرف بْن عقبة أسيرا.
فقال لَهُ: بايع على أنك خول لأمير المؤمنين، يَعْنِي يَزِيد، يحكم فِي دمك ومالك.
فقال: أبايعه على الكتاب والسنة، وأنا ابْن عم أمير المؤمنين، يحكم فِي دمي وأهلي ومالي، وَكَانَ صديقا ليزيد وصفيا لَهُ، فلما قَالَ ذَلِكَ قَالَ مسرف: اضربوا عنقه، فوثب مَرَوَان فضمه إِلَيْهِ لما كَانَ يعرف بينه وبين يَزِيد. فقال مَرَوَان:
نعم يبايعك على مَا أحببت، وقال مسرف: والله لا أقبله أبدا. وقال: إن تنحى عَنْهُ مَرَوَان وإلا فاقتلوهما معا، فتركه مَرَوَان، وضربت عنق يَزِيد بن عبد الله ابن زمعة، وقتل يومئذ إخوته فِي القتال، فيقال: إنه قتل لعبد الله بْن زمعة يَوْم الحرة بنون. ومن ولد عَبْد اللَّهِ بْن زمعة كَثِير بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة، وَهُوَ جد أَبُو البختري، والقاضي وَهْب بْن وَهْب بْن كَثِير بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنِي أبو البختري قال: قال لي مصعب ابن ثَابِتٍ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: وَهْبُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَبْدٍ الْكَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: فَمَا لَكَ لا تَقُولُ كَثِيرًا؟ لَعَلَّكَ كَرِهْتَ ذَلِكَ، أَتَدْرِي مَنْ سَمَّاهُ كَثِيرًا؟
جَدَّتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=102822&book=5516#642d93
عبد الله بن زَمعَة بن الْأسود بن الْمطلب بن أَسد بن عبد العزى الْقرشِي لَهُ صُحْبَة
روى عَنهُ عُرْوَة بن الزبير فِي صفة النَّار
روى عَنهُ عُرْوَة بن الزبير فِي صفة النَّار
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=102822&book=5516#afa570
عَبْدُ اللهِ بْنُ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، أُمُّهُ قُرَيْبَةُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ كَوْثَرٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا عِيسَى بْنُ مِينَاءَ قَالُونُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِي خُطْبَتِهِ ذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا فَقَالَ: «انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَارِمٌ عَزِيزٌ مَنِيعٌ مِثْلُ ابْنِ زَمْعَةَ» ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ: «لِمَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ وَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ؟» ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ فَقَالَ: «مَا يُضْحِكُ أَحَدَكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟» رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَأَبُو صَخْرَةَ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ قَعْنَبٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَوُهَيْبُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ هِشَامٍ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ كَوْثَرٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا عِيسَى بْنُ مِينَاءَ قَالُونُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِي خُطْبَتِهِ ذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا فَقَالَ: «انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَارِمٌ عَزِيزٌ مَنِيعٌ مِثْلُ ابْنِ زَمْعَةَ» ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ: «لِمَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ وَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ؟» ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ فَقَالَ: «مَا يُضْحِكُ أَحَدَكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟» رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَأَبُو صَخْرَةَ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ قَعْنَبٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَوُهَيْبُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ هِشَامٍ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=102822&book=5516#381c5c
عبد الله بن زَمعَة بن الْأسود بن الْمطلب بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي الْقرشِي الْمدنِي
سمع النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَى عَنهُ عُرْوَة بن الزبير فِي الْأَنْبِيَاء وَالنِّكَاح وَتَفْسِير ((وَالشَّمْس)) وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد كَاتب الْوَاقِدِيّ توفّي النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن خمس عشرَة سنة
سمع النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَى عَنهُ عُرْوَة بن الزبير فِي الْأَنْبِيَاء وَالنِّكَاح وَتَفْسِير ((وَالشَّمْس)) وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد كَاتب الْوَاقِدِيّ توفّي النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن خمس عشرَة سنة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=102822&book=5516#72487c
عَبْد اللَّه بْن زَمعَة بْن الْأسود بْن الْمطلب بْن أَسد بْن عَبْد الْعُزَّى بْن قصي الْقرشِي وَكَانَ زَمعَة أحد المطعمين يَوْم بدر مَعَ الْمُشْركين وَقتل يَوْمئِذٍ كَافِرًا وَأم عَبْد اللَّه بْن زَمعَة قريبَة الْكُبْرَى بنت أبي أُميَّة الْمُغيرَة بْن عَبْد اللَّه بْن عمر بْن مَخْزُوم وَكَانَ أَبُو أُميَّة يلقب بزاد الرَّاكِب وَقتل عَبْد اللَّه بْن زَمعَة يَوْم الْحرَّة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَكَانَ قد قبض النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بن خمس عشرَة سنة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=102822&book=5516#85b0fa
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ الْبَزَّارُ، نا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نا رِشْدِينُ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ كُنْتُ عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , دَعَاهُ بِلَالٌ لِلصَّلَاةِ , فَقَالَ: «مُرُوهُ , فَلْيَأْمُرِ النَّاسَ بِالصَّلَاةِ»
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا الْحُمَيْدِيُّ، نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَمْعَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ النِّسَاءَ - فَقَالَ: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَيَضْرِبُهَا - يَعْنِي ضَرْبَ الْعَبْدِ - ثُمَّ يُعَانِقُهَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ»
«وَعَاتَبَ النَّاسَ فِي الضَّحِكِ عَنِ الضَّرْطَةِ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ، نا الْحِمَّانِيُّ، نا ابْنُ نُمَيْرٍ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: «خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا , وَوَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ»
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ الْبَزَّارُ، نا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نا رِشْدِينُ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ كُنْتُ عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , دَعَاهُ بِلَالٌ لِلصَّلَاةِ , فَقَالَ: «مُرُوهُ , فَلْيَأْمُرِ النَّاسَ بِالصَّلَاةِ»
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا الْحُمَيْدِيُّ، نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَمْعَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ النِّسَاءَ - فَقَالَ: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَيَضْرِبُهَا - يَعْنِي ضَرْبَ الْعَبْدِ - ثُمَّ يُعَانِقُهَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ»
«وَعَاتَبَ النَّاسَ فِي الضَّحِكِ عَنِ الضَّرْطَةِ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ، نا الْحِمَّانِيُّ، نا ابْنُ نُمَيْرٍ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: «خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا , وَوَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ»
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=94197&book=5516#29acdd
عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أبو داود مولى بني عبد المطلب ( ك) سمع أبا هريرة وأبا سعيد وابن بحبنة سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد روى عنه الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن يحيى ابن حبان وأبو الزناد وعبد الله بن الفضل وعمرو بن أبي عمرو ويحيى ابن أبي كثير وعلقمة بن أبي علقمة وصالح بن كيسان وجعفر بن ربيعة وعبد الله بن عياش.
نا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عنه فقال مديني ثقة.
قال أبو محمد روى عنه الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن يحيى ابن حبان وأبو الزناد وعبد الله بن الفضل وعمرو بن أبي عمرو ويحيى ابن أبي كثير وعلقمة بن أبي علقمة وصالح بن كيسان وجعفر بن ربيعة وعبد الله بن عياش.
نا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عنه فقال مديني ثقة.