- أَبُو كُدَيْنَة البَجلِيّ يحيى بن الْمُهلب تقدم ذكره
Ibn Saʿd (d. 845 CE) - al-Ṭabaqāt al-kubrā - ابن سعد - الطبقات الكبرى
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 4279 1. ابو كدينة22. آدم بن سليمان3 3. آدم بن علي2 4. آمنة بنت رقيش1 5. آمنة بنت قرط1 6. أبان العبدي1 7. أبان المحاربي3 8. أبان بن أبي عياش6 9. أبان بن تغلب2 10. أبان بن صالح1 11. أبان بن عبد الله1 12. أبان بن عثمان1 13. أبان بن يزيد1 14. أبو أبي ابن امرأة عبادة بن الصامت1 15. أبو أبي العشراء الدارمي2 16. أبو أحمد الزبيري1 17. أبو أحمد بن جحش1 18. أبو أسامة1 19. أبو أسيد الساعدي3 20. أبو أمامة الباهلي3 21. أبو أمامة بن ثعلبة1 22. أبو أمامة بن سهل3 23. أبو أمية الفزاري1 24. أبو أمية مولى عمر بن الخطاب1 25. أبو أويس2 26. أبو أيوب4 27. أبو أيوب الأزدي2 28. أبو إدريس الخولاني4 29. أبو إسحاق إبراهيم بن مسلم الهجري1 30. أبو إسحاق الزيات1 31. أبو إسحاق السبيعي4 32. أبو إسحاق الشيباني5 33. أبو إسحاق الفزاري3 34. أبو إسرائيل الملائي5 35. أبو إسماعيل المؤدب1 36. أبو الأحوص6 37. أبو الأسود الدؤلي3 38. أبو الأسود يتيم عروة1 39. أبو الأشعث الصنعاني4 40. أبو الأشهب2 41. أبو الأعور1 42. أبو البجير1 43. أبو البختري الطائي3 44. أبو البختري القاضي1 45. أبو البداح بن عاصم1 46. أبو البزري2 47. أبو التياح الضبعي3 48. أبو الجحاف1 49. أبو الجعد2 50. أبو الجلد الجوني1 51. أبو الجوزاء الربعي2 52. أبو الجويرية الجرمي1 53. أبو الحجاج الأزدي2 54. أبو الحلال العتكي3 55. أبو الحمراء3 56. أبو الحويرث1 57. أبو الخطاب5 58. أبو الخليل4 59. أبو الخير واسمه مرثد1 60. أبو الدرداء واسمه عويمر1 61. أبو الدهماء العدوي2 62. أبو الرجال3 63. أبو الرضراض1 64. أبو الروم بن عمير1 65. أبو الروى الدوسي1 66. أبو الزاهرية الحضرمي1 67. أبو الزبير1 68. أبو الزعراء6 69. أبو الزناد2 70. أبو الزنباع2 71. أبو السائب2 72. أبو السفر سعيد1 73. أبو السليل القيسي1 74. أبو السنابل بن بعكك2 75. أبو السوار العدوي2 76. أبو السوداء النهدي2 77. أبو الشعثاء المحاربي3 78. أبو الشموس البلوي2 79. أبو الصديق الناجي3 80. أبو الضحى1 81. أبو الطفيل1 82. أبو الطفيل عامر1 83. أبو العالية البراء3 84. أبو العالية الرياحي4 85. أبو العباس الشاعر1 86. أبو العبيدين1 87. أبو العجفاء السلمي2 88. أبو العدبس1 89. أبو العشراء الدارمي1 90. أبو العطوف2 91. أبو العفيف1 92. أبو العلاء القصاب1 93. أبو العنبس1 94. أبو العوام القطان1 95. أبو الغريف1 96. أبو الغصن2 97. أبو القاسم بن أبي الزناد1 98. أبو القاسم زوج بنت أبي مسلم1 99. أبو القعقاع الجرمي1 100. أبو القموص3 ▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn Saʿd (d. 845 CE) - al-Ṭabaqāt al-kubrā - ابن سعد - الطبقات الكبرى are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=157052&book=5516#7c9487
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ
الإِمَامُ، سَيِّدُ الحُفَّاظِ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ يَزِيْدَ بنِ فَرُّوْخٍ: مُحَدِّثُ الرَّيِّ.
وَدُخُوْلُ (الزَّاي) فِي نِسْبَتِهِ غَيْرُ مَقِيْسٍ، كَالمَرْوَزِيِّ.
مَوْلِدُهُ: بَعْدَ نَيِّفٍ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَطِيَّةَ بنِ نَجِيْحٍ، وَهُمَا مِمَّن تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فِيمَا بَلَغَنِي.
فإِمَّا وَقَعَ غَلَطٌ فِي وَفَاتِهِمَا، وَإِمَّا فِي مَوْلِدِهِ، وَإِمَّا فِي لُقِيِّهِ لَهُمَا.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ سَابِقٍ، وَقُرَّةَ بنِ حَبِيْبٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالقَعْنَبِيِّ، وَخَلاَّدِ بنِ يَحْيَى، وَعَمْرِو بنِ هَاشِمٍ، وَعِيْسَى بنِ مِينَاقَالُوْنَ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيِّ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَكَّارٍ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَطَبَقَتِهِم.قَالَ لَنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِي (تَهْذِيْبِهِ ) : هُوَ مَوْلَى عَيَّاشِ بنِ مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَيَّاشِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيِّ.... ثُمَّ سَرَدَ شُيُوْخَهُ، وَمِنْهُم:
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ بِشْرٍ البَجَلِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ البُوْرَانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضيُّ، وَالرَّبِيْعُ بنُ يَحْيَى الأُشنَانِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بَكَّارٍ الدَّارِمِيُّ، وَشَاذُ بنُ فَيَّاضٍ، وَقَبِيْصَةُ بنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِيهِم: أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيْلَ، وَهَذَا وَهْمٌ، لَمْ يُدْرِكْهُ، وَلاَ سَمِعَ مِنْهُ، وَلاَ دَخَلَ البَصْرَةَ، إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهِ بَأَعْوَامٍ.
وَطَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ وَهُوَ حَدَثٌ، وَارْتَحَلَ إِلَى الحِجَازِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَخُرَاسَانَ، وَكَتَبَ مَا لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَحَرْمَلَةُ بنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعُ المُرَادِيُّ - وَهُم مِنْ شُيُوْخِهِ - وَابْنُ وَارَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ، وَخَلْقٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ
الذَّهَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَعَدِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ وَالِدُ الحَافِظِ أَبِي أَحْمَدَ، وَمُوْسَى بنُ العَبَّاسِ الجُوَيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّارَكِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.وَابْنُ سَابِقٍ - شَيْخُهُ - وَهُوَ: مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ سَابِقٍ.
فَذَكَرَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ، أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ، قَالَ: لاَ أَعْلَمُ صَفَا لِي رِبَاطُ يَوْمٍ قَطُّ، أَمَّا بَيْرُوْتُ: فَأَرَدْنَا العَبَّاسَ بنَ الوَلِيْدِ بنِ مَزْيَدٍ، وَأَمَّا عَسْقلاَنُ: فَأَرَدْنَا مُحَمَّدَ بنَ أَبِي السَّرِيِّ، وَأَمَّا قَزْوِيْنَ: فمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ سَابِقٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: فَرُّوْخٌ؛ جَدُّ أَبِي زُرْعَةَ هُوَ مَوْلَى عَبَّاسِ بنِ مُطَرِّفٍ القُرَشِيِّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: سَمِعَ أَبُو زُرْعَةَ مِنْ: مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَقَبِيْصَةَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ.
قَالَ: وَكَانَ إِمَاماً رَبَّانِيّاً، حَافِظاً مُتْقِناً مُكْثِراً ... جَالَسَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَذَاكَرَهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَقَاسمٌ المُطَرِّزُ.
قَالَ تَمَّامٌ الرَّازِيُّ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ دِمَشْقَ قَدِيْماً، مِنْهُم: أَبُو يَحْيَى فَرْخَوَيْه، فَلَمَّا انصَرَفُوا - فِيمَا أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُم: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ - رَأَوْا هَذَا الفَتَى قَدْ كَاسَ -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ- فَقَالُوا لَهُ: نُكَنِّيْكَ بِكُنْيَةِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ.
ثُمَّ لَقِيَنِي أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ يُذَكِّرُنِي
هَذَا الحَدِيْثَ، وَيَقُوْلُ: بِكُنْيَتِكَ اكْتَنَيْتُ.قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَطَّةَ: سَمِعْتُ النَّجَّادَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ، يَقُوْلُ: لَمَّا وَرَدَ عَلَيْنَا أَبُو زُرْعَةَ، نَزَلَ عِنْدَنَا، فَقَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَي! قَدِ اعْتَضْتُ بِنَوَافِلِي مُذَاكرَةَ هَذَا الشَّيْخِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الرَّازِيِّ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ مائَةَ أَلْفٍ.
فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، تَقْدِرُ أَنْ تُمْلِي عَلَيَّ أَلْفَ حَدِيْثٍ مِنْ حِفْظٍ؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِن إِذَا أُلْقِيَ عَلَيَّ عَرَفْتُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: قُلْتُ لأَبِي زُرْعَةَ: يَجُوْزُ مَا كَتَبْتَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى مائَةَ أَلْفٍ؟
قَالَ: مائَةُ أَلْفٍ كَثِيْرٌ.
قُلْتُ: فَخَمْسِيْنَ أَلْفاً؟
قَالَ: نَعَمْ، وَسِتِّيْنَ وَسَبْعِيْنَ أَلْفاً.
حَدَّثَنِي مَنْ عَدَّ كِتَابَ الوُضُوْءِ وَالصَّلاَةِ، فَبَلَغَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ حَمْكَوَيْه بِالرَّيِّ، يَقُوْلُ:
سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلاَقِ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مائَتَي أَلفِ حَدِيْثٍ هَلْ حَنِثَ؟
فَقَالَ: لاَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَحْفَظُ مائَتَي أَلفِ حَدِيْثٍ، كَمَا يَحْفَظُ الإِنسَانُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإِخْلاصُ: 1] وَفِي المُذَاكَرَةِ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُرْسَلَةٌ، وَحِكَايَةُ صَالِحٍ جَزَرَةَ أَصَحُّ.رَوَى الخَطِيْبُ هَذِهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ السُّوذَرْجَانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَنْدَةَ يَقُوْلُ ذَلِكَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كُنْتُ بِالرَّيِّ، وَأَنَا غُلاَمٌ فِي البَزَّازِيْنَ، فَحَلَفَ رَجُلٌ بِطَلاَقِ امرَأَتِهِ: أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
فَذَهَبَ قَوْمٌ - أَنَا فِيهِم - إِلَى أَبِي زُرْعَةَ، فَسَأَلنَاهُ.
فَقَالَ: مَا حَمَلَهُ عَلَى الحَلْفِ بِالطَّلاَقِ؟
قِيْلَ: قَدْ جَرَى الآنَ مِنْهُ ذَلِكَ.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لِيُمْسِكِ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ، أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عُثْمَانَ التُّسْتَرِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
كُلُّ شَيْءٍ قَالَ الحَسَنُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَدْتُ لَهُ أَصْلاً، إِلاَّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: عَجِبْتُ مِمَّنْ يُفْتِي فِي مَسَائِلَ الطَّلاَقِ، يَحْفَظُ أَقَلَّ مِنْ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الرَّازِيَّ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ إِسْحَاقَ بِنَيْسَابُوْرَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ العِرَاقِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
صَحَّ مِنَ الحَدِيْثِ سَبْعُ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ وَكَسْرٌ، وَهَذَا الفَتَى -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ- قَدْ حَفِظَ سِتَّ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: أَبُو جَعْفَرٍ لَيْسَ بِثِقَةٍ.ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنِي الحَضْرَمِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَقِيْلَ لَهُ: مَنْ أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتَ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ.
ابْنُ المُقْرِئِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِينِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيَّ، يَقُوْلُ:
أَبُو زُرْعَةَ يُشَبَّهُ بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، مُسْنَدِهَا وَمُنْقَطَعِهَا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَكَذَلِكَ سَائِرِ العُلُوْمِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، فَقَالَ: إِمَامٌ.
قَالَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ القَطَّانُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُوْلُ:
مَا جَاوَزَ الجِسْرَ أَحَدٌ أَفْقَهُ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَلاَ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، يَقُوْلُ:
مَا سَمِعْنَا بِذِكْرِ أَحَدٍ فِي الحِفْظِ، إِلاَّ كَانَ اسْمُهُ أَكْبَرَ مِنْ رُؤْيَتِهِ، إِلاَّ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، فَإِنَّ مُشَاهَدَتَهُ كَانَتْ أَعْظَمَ مِنِ اسْمِهِ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ حِفْظَ الأَبْوَابِ وَالشُّيُوْخِ وَالتَّفْسِيْرِ، كَتَبْنَا بَانتِخَابِهِ بِوَاسِطَ سِتَّةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ شِمْرٍ، سَمِعْتُ سُوَيْدَ بنَ غَفَلَةَ، يَقُوْلُ : وعِيْسٍ عِيْنٍ.يُرِيْدُ: {حُوْرٍ عِيْنٍ} [الوَاقِعَةُ: 22] .
قَالَ صَالِحٌ: فَأَلقَيْتُ هَذَا عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، فَبَقِيَ مُتَعَجِّباً، فَقَالَ: أَنَا أَحْفَظُ فِي القِرَاءاتِ عَشْرَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: فَتَحْفَظُ هَذَا؟
قَالَ: لاَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عُثْمَانَ، سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، يَقُوْلُ:
كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، فلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ، يَقُوْلُ:
لَمَّا انصَرَفَ قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ إِلَى الرَّيِّ، سَأَلُوهُ أَنْ يُحَدِّثَهُم، فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكُم بَعْدَ أَنْ حَضَرَ مَجْلِسِي أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ؟
قَالُوا لَهُ: فَإِنَّ عِنْدَنَا غُلاَماً يَسْرُدُ كُلَّ مَا حَدَّثْتَ بِهِ، مَجْلِساً مَجْلِساً، قُمْ يَا أَبَا زُرْعَةَ.
قَالَ: فَقَامَ، فَسَرَدَ كُلَّ مَا حَدَّثَ بِهِ قُتَيْبَةُ، فَحَدَّثَهُم قُتَيْبَةُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ البَصْرَةَ، فَحَضَرْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَرَوَى حَدِيْثاً
فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ.ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غنيَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ.
فَقُلْتُ: هَذَا وَهْمٌ، وَهِمَ فِيْهِ إِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعْدٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جُبَيْرٍ.
قَالَ: مَنْ يَقُوْلُ هَذَا؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي غنيَةَ.
فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِي: مَا تَقُوْلُ فِيْمَنْ جَعَلَ الأَذَانَ مَكَانَ الإِقَامَةِ؟
قُلْتُ: يُعِيْدُ.
قَالَ: مَنْ قَالَ هَذَا؟
قُلْتُ: الشَّعْبِيُّ.
قَالَ: مَنْ عَنِ الشَّعْبِيِّ؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
قَالَ: وَمَنْ غَيْرُ هَذَا؟
قُلْتُ: إِبْرَاهِيْمُ، وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْهُ.
قَالَ: أَخْطَأْتَ. قُلْتُ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ.قَالَ: أَخْطَأْتَ.
قُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كدينَةَ، عَنْ مُغِيْرَةَ.
قَالَ: أَصَبْتَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: اشتَبَهَ عَلِيَّ، وَكَتَبْتُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ الثَّلاَثَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَمَا طَالَعْتُهَا مُنْذُ كَتَبْتُهَا.
ثُمَّ قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ غَيْرُ هَذَا؟
قُلْتُ: مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الحَسَنِ.
قَالَ: هَذَا سَرَقْتَهَ مِنِّي - وَصَدَقَ - كَانَ ذَاكَرَنِي بِهِ رَجُلٌ بِبَغْدَادَ، فَحَفِظتُهُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ جَزَرَةُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: مُرَّ بِنَا إِلَى سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيِّ نُذَاكِرُهُ.
قَالَ: فَذَهَبْنَا، فَمَا زَالَ يُذَاكِرُهُ حَتَّى عَجَزَ الشَّاذَكُوْنِيُّ عَنْ حِفْظِهِ، فَلَمَّا أَعيَاهُ، أَلقَى عَلَيْهِ حَدِيْثاً مِنْ حَدِيْثِ الرَّازِيِّينَ، فَلَم يَعْرِفْهُ أَبُو زُرْعَةَ.
فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا سُبْحَانَ اللهِ! حَدِيْثُ بَلَدِكَ، هَذَا مَخْرَجُهُ مِنْ عِنْدِكُم!؟ وَأَبُو زُرْعَةَ سَاكِتٌ، وَالشَّاذَكُوْنِيُّ يُخْجِلُهُ، وَيُرِي مَنْ حَضَرَ أَنَّهُ قَدْ عَجَزَ.
فَلَمَّا خَرَجْنَا، رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ قَدِ اغْتَمَّ، وَيَقُوْلُ: لاَ أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءَ بِهَذَا؟
فَقُلْتُ لَهُ: وَضَعَهُ فِي الوَقْتِ كِي تَعْجِزَ وتَخْجَلَ.
قَالَ: هَكَذَا؟
قُلْتُ: نَعَم، فَسُرِّيَ عَنْهُ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئَ، سَمِعْتُ فَضْلَكَ الصَّائِغَ، يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ المَدِيْنَةَ، فَصِرْتُ إِلَى بَابِ أَبِي مُصْعَبٍ، فَخَرَجَ إِليَّ شَيْخٌ مَخْضُوبٌ، وَكُنْتُ نَاعِساً، فَحَرَّكَنِي، وَقَالَ: يَا مردريك ! مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ أَيُّ شَيْءٍ تَنَامُ؟
قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، أَنَا مِنَ الرَّيِّ، مِنْ بَعْضِ شَاكردي أَبِي زُرْعَةَ.
فَقَالَ: تَرَكْتَ أَبَا زُرْعَةَ وَجِئتَنِي؟ لَقِيْتُ مَالِكاً
وَغَيْرَهُ، فَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ.قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى الرَّبِيْعِ بِمِصْرَ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ؟
قُلْتُ: مِنَ الرَّيِّ.
قَالَ: تَرَكْتَ أَبَا زُرْعَةَ وَجِئْتَ؟ إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ آيَةٌ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا جَعَلَ إِنسَاناً آيَةً، أَبَانَهُ مِنْ شَكْلِهِ، حَتَّى لاَ يَكُونَ لَهُ ثَانٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ تَوَاضُعاً مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، هُوَ وَأَبُو حَاتِمٍ إِمَامَا خُرَاسَان.
وَقَالَ يُوْسُفُ المَيَانَجِيُّ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيَّ القَاضِي، يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى يَوْماً، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ.
فَقِيْلَ لَهُ: مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ أَشْهَرُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا.
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَدْعُو اللهَ لأَبِي زُرْعَةَ.
وَسَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِد بنَ غِيَاثٍ، يَقُوْلُ: مَا رَأَى أَبُو زُرْعَةَ مِثْلَ نَفْسِهِ.
سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ:
لاَ يَزَالُ المُسْلِمُوْنَ بِخَيْرٍ مَا أَبْقَى اللهُ لَهُم مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ، يُعَلِّمُ النَّاسَ، وَمَا كَانَ اللهُ لِيَتْرُكَ الأَرْضَ إِلاَّ وَفِيْهَا مِثْلُ أَبِي زُرْعَةَ، يُعَلِّمُ النَّاسَ مَا جَهِلُوهُ.
عَلَّقَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ سَعِيْدٍ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمَانَ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ، وَمَا خَلَّفَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، عِلْماً وَفَهْماً وَصِيَانَةً وَحِذْقاً، وَهَذَا مَا لاَ يُرْتَابُ فِيْهِ، وَلاَ أَعْلَمُ مِنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ مَنْ كَانَ يَفْهَمُ هَذَا الشَّأْنَ مِثْلَهُ.ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ صَفْوَانَ، سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
أَزْهَدُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةٌ: آدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَذَكَرَ آخَرَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَبُو زُرْعَةَ رَازِيٌّ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ ابْنَ خِرَاشٍ يَقُوْلُ:
كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ مَوْعِدٌ أَنْ أُبَكِّرَ عَلَيْهِ، فَأُذَاكِرَهُ، فَبَكَّرتُ، فَمَرَرْتُ بِأَبِي حَاتِمٍ وَهُوَ قَاعِدٌ وَحدَهُ؛ فَأَجلَسَنِي مَعَهُ يُذَاكُرُنِي، حَتَّى أَضحَى النَّهَارُ.
فَقُلْتُ: بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ مَوْعِدٌ، فَجِئْتُ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ وَالنَّاسُ مُنْكَبُّوْنَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: تَأَخَرَّتَ عَنِ المَوْعِدِ.
قُلْتُ: بَكَّرْتُ، فَمَرَرْتُ بِهَذَا المُسْتَرْشِدِ، فَدَعَانِي، فَرَحِمْتُهُ لِوَحْدَتِهِ، وَهُوَ أَعْلَى إِسْنَاداً مِنْكَ، وَصِرْتَ أَنْتَ بِالدِّسْتِ.
أَوْ كَمَا قَالَ.
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا حَالُكَ؟ قَالَ: أَحْمَدُ اللهَ عَلَى الأَحْوَالِ
كُلِّهَا، إِنِّيْ حَضَرْتُ، فَوَقَفْت بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ لِي: يَا عُبَيْدَ اللهِ! لِمَ تَذَرَّعْتَ فِي القَوْلِ فِي عِبَادِي؟قُلْتُ: يَا رَبِّ! إِنَّهُم حَاوَلُوا دِيْنَكَ.
فَقَالَ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِطَاهِرٍ الخَلْقَانِي، فَاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي، فَضُرِبَ الحَدَّ مائَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الحَبْسِ، ثُمَّ قَالَ: أَلحِقُوا عُبَيْدَ اللهِ بِأَصْحَابِهِ، وَبأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ: سُفْيَان، وَمَالِك، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ.
رَوَاهَا عَنِ ابْنِ وَارَةَ أَيْضاً ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ أَخِي أَبِي زُرْعَةَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَرَّاقُ أَبِي زُرْعَةَ: حَضَرْنَا أَبَا زُرْعَةَ بِمَاشهرَان، وَهُوَ فِي السَّوْقِ، وَعِنْدَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ وَارَةَ، وَالمُنْذِرُ بنُ شَاذَانَ، وَغَيْرُهُم، فَذَكَرُوا حَدِيْثَ التَّلْقِيْن: (لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ) وَاسْتَحْيَوا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنْ يُلَقِّنُوهُ، فَقَالُوا: تَعَالَوا نَذْكُرِ الحَدِيْثَ.
فَقَالَ ابْنُ وَارَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: ابْنُ أَبِي، وَلَمْ يُجَاوزْهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بُنْدَار، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ وَلَمْ يُجَاوِزْ، وَالبَاقُوْنَ سَكَتُوا، فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَهُوَ فِي السَّوقِ:
حَدَّثَنَا بُنْدارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي عَرِيْبٍ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ
بنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، دَخَلَ الجَنَّةَ ) ، وَتُوُفِّيَ -رَحِمَهُ اللهُ -.رَوَاهَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الوَرَّاقِ الرَّازِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بِهَذَا.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ:
تُوُفِّيَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَوْلِدُهُ كَانَ فِي سَنَةِ مائَتَيْنِ.
وأَمَّا الحَاكِمُ، فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَهْدِيٍّ الرَّازِيِّ المُعَمَّرِ:
هَذَا الشَّيْخُ عِنْدِي صَدُوْقٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ.
فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ رَأَيتَهُ؟
فَقَالَ: أَسْوَدُ اللِّحْيَةِ، نَحِيْفٌ، أَسْمَرُ، وَهَذِهِ صِفَةُ أَبِي زُرْعَةَ، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: أَحْسَبُ أَبَا عَبْدِ اللهِ وَهِمَ فِي مقدَار سِنِّ أَبِي زُرْعَةَ، فَإِنَّهُ قَدِ ارْتَحَلَ بِنَفْسِهِ، وَسَمِعَ مِنْ: قَبِيْصَة، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ مائَتَيْنِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَقَدْ ذَكَرَ الحَاكِمُ فِي كِتَابِ: (الجَامِعِ لِذِكْرِ أَئِمَّةِ الأَعصَارِ المُزَكِّيْنَ لِرُوَاةِ الأَخْبَارِ) : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ الرَّازِيَّ الحَافِظَ يَقُوْلُ: وُلِدَ أَبُو زُرْعَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَارْتَحَلَ مِنَ الرَّيِّ، وَهُوَ ابْنُ ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَقَامَ بِالكُوْفَةِ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرَّيِّ، ثُمَّ خَرَجَ فِي رِحْلَتِهِ الثَّانِيَةِ، وَغَابَ عَنْ وَطَنِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَجَلَسَ للتَّحْدِيْثِ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَهَذَا القَوْلُ خطَأٌ فِي وَفَاتِهِ، وَالصَّحِيْحُ مَا مَرَّ.
وَذَكَرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَرْبٍ العَسْكرِيُّ أَنَّهُ رَأَى أَبَا زُرْعةَ الرَّازِيَّ، وَهُوَ يَؤُمُّ المَلاَئِكَةَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَقُلْتُ: بِمَ نِلْتَ هَذِهِ المَنْزِلَةَ؟
قَالَ: بِرَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ القُرَشِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: ذَاكَرْتُ أَبِي لَيْلَةً الحُفَّاظَ، فَقَالَ: يَا بُنَي! قَدْ كَانَ الحِفْظُ عِنْدَنَا، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى خُرَاسَانَ، إِلَى هَؤُلاَءِ الشَّبَابِ الأَرْبَعَةِ.
قُلْتُ: مَنْ هُم؟
قَالَ: أَبُو زُرْعَةَ ذَاكَ الرَّازيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ ذَاكَ البُخَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ذَاكَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ ذَاكَ البَلْخِيُّ.
قُلْتُ: يَا أَبَه فَمَنْ أَحْفَظُ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَمَّا أَبُو زُرْعَةَ؛ فَأَسْرَدُهُم، وَأَمَّا البُخَارِيُّ؛ فَأَعْرَفُهُم، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ -يَعْنِي: الدَّارِمِيَّ-؛ فَأَتقنهُم، وَأَمَّا ابْنُ شُجَاع؛ فَأَجْمَعُهُم للأَبْوَابِ.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ أُصَلِّي، وَأَنَا أَقْرَأُ {وَذَرُوَا مَا بَقِيَ
مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ ... } الآيَةَ فَوَقَفْتُ مُتَعَجِّباً مِنْ هَذَا الوَعِيْدِ سَاعَةً، وَرَجَعْتُ إِلَى أَوَّلِ الآيَةِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا كَانَتِ المَرَّةُ الثَّالِثَةُ وَقَعَتْ هَدَّةٌ مِنَ الزَّلْزَلَةِ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُم عَدُّوا بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ جِنَازَةٍ، حُمِلَتْ مِنَ الغَد بِالرَّيِّ.قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
إِذَا مَرِضْتُ شَهْراً أَوْ شَهْرَيْنِ، تَبَيَّنَ عَليَّ فِي حِفْظِ القُرْآنِ، وَأَمَّا الحَدِيْثُ، فَإِذَا تَرَكْتَ أَيَّاماً تَبَيَّنَ عَلَيْكَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: نَرَى قَوْماً مِنْ أَصْحَابِنَا، كَتَبُوا الحَدِيْثَ، تَرَكُوا المُجَالَسَةَ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، أَوِ أَقَلَّ، إِذَا جَلَسُوا اليَوْمَ مَعَ الأَحَدَاثِ كَأَنَّهُم لاَ يَعْرِفُونَ، أَوْ لاَ يُحْسِنُوْنَ الحَدِيْثَ.
ثُمَّ قَالَ: الحَدِيْثُ مِثْلُ الشَّمْسِ، إِذَا حُبِسَ عَنِ الشَّرْقِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، لاَ يَعْرِفُ السَّفَرَ، فَهَذَا الشَّانُ يَحْتَاجُ أَنْ تَتَعَاهَدَهُ أَبَداً.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
اخْتِيَارُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَمَا أَعْرِفُ فِي أَصْحَابِنَا أَسْودَ الرّأْسِ أَفْقَهَ مِنْ أَحْمَدَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ - وَسُئِلَ عَنْ مُرْسَلاتِ الثَّوْرِيِّ، وَمُرْسَلاَتِ شُعبَةَ - فَقَالَ: الثَّوْرِيُّ تَسَاهَلَ فِي الرِّجَالِ، وَشُعْبَةُ لاَ يُدَلِّسُ وَلاَ يُرْسِلُ.
قِيْلَ لَهُ: فَمَالِكٌ مُرْسَلاَتُهُ أَثْبَتُ أَمِ الأَوْزَاعِيُّ؟
قَالَ: مَالِكٌ لاَ يكَادُ يُرْسِلُ إِلاَّ عَنْ قَوْمٍ ثِقَاتٍ، مَالِكٌ مُتَثَبِّتٌ فِي أَهْلِ بَلَدِه جِدّاً، فَإِنْ تَسَاهَلَ، فَإِنَّمَا يَتَسَاهَلُ فِي قَوْمٍ غُرَبَاءَ لاَ يَعْرِفُهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
السَّيَّارِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ بنَ يَزِيْدَ الرَّازِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:ارْتَحَلْتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ المِصْرِيِّ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، مَعَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَتَذَاكَرْنَا إِلَى أَنْ ضَاقَ الوَقْتُ، ثُمَّ أَخرَجْتُ مِنْ كُمِّي أَطْرَافاً، فِيْهَا أَحَادِيْثُ سَأَلتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ لِي: تَعُودُ.
فَعُدْتُ مِنَ الغَد، وَمعِي أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَأَخْرَجْتُ الأَطرَافَ، وَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: تَعُودُ.
فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قُلْتَ لِي بِالأَمْسِ: تَعُودُ؟! مَا عِنْدَك مِمَّا يُكْتَبُ، أَوْرِدْ عَلَيَّ مُسْنَداً أَوْ مُرْسَلاً أَوْ حَرْفاً مِمَّا أَسْتَفِيْدُ، فَإِنْ لَمْ أَرْوِهِ لَكَ عَمَّنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْكَ، فلَسْتُ بِأَبِي زُرْعَةَ، ثُمَّ قُلْتُ : مَنْ هَا هُنَا مِمَّنْ نَكْتُبُ عَنْهُ؟
قَالُوا: يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ.
ابْنُ جَوْصَا: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيَّ يَقُوْلُ:
كُنَّا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا أَيَّاماً، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: بَلَغَنِي وُرُوْدُ هَذَا الغُلاَمِ -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ- فَدَرَسْتُ للالْتِقَاءِ بِهِ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَعَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ لاَ يَأْكُلُ الجُبْنَ، وَلاَ الخَلَّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي بِالمُذَاكَرَةِ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَحْمِلُوا خَطَأً، هَذَا ابْنُ المُبَارَكِ كَرِهَ أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُ بِالمذَاكَرَةِ، وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى: لاَ تَحْمِلُوا عَنِّي بِالمذَاكرَةِ شَيْئاً.
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: إِذَا انْفَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالحَدِيْثِ، لاَ يَكُونُ حُجَّةً.
ثُمَّ رَوَى لَهُ حَدِيْثَ القِرَاءةِ خَلْفَ الإِمَامِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ
الحَوضيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَقَبِيْصَةُ، يَقْدِرُوْنَ عَلَى الحِفْظِ، يَجِيْؤُونَ بِالحَدِيْثِ بِتَمَامٍ.وَذَكَرَ عَنْ قَبِيْصَةَ كَأَنَّهُ يَقْرَأُ مِنْ كِتَابٍ.
قُلْتُ: يُعْجِبُنِي كَثِيْراً كَلاَمَ أَبِي زُرْعَةَ فِي الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ، يَبِيْنُ عَلَيْهِ الوَرَعُ وَالمَخْبَرَةُ، بِخِلاَفِ رَفِيْقِهِ أَبِي حَاتِمٍ، فَإِنَّهُ جَرَّاحٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الفَقِيْهُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاهِدُ، وَسِتُّ القُضَاةِ؛ بِنْتُ يَحْيَى، قِرَاءةً، قَالُوا:
أَخْبَرَتْنَا كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الخَيْرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغْبَان فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفَجْأَةِ نَقْمَتِكَ، وَجَمِيْعِ سَخَطِكَ) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوِّ دَرَجَةٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنْبَاعِ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ الغَفَّارِ بنِ دَاوُدَ، عَنْ يَعْقُوْبَ، نَحْوهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ فِي كِتَابِهِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِر بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ الحَسَنِ بِأَصْبَهَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ العَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عبِيَدِةَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ وَاصِلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ البُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ نَوْفَل، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لِلأَنْبِيَاءِ مَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْلِسُوْنَ عَلَيْهَا، وَيَبْقَى مِنْبَرِيْ لَا أَجْلِسُ عَلَيْهِ) .
أَوْ قَالَ: (لَا أَقْعُدُ عَلَيْهِ، فِيمَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- مُنْتَصِباً، مَخَافَةَ أَنْ يُذْهَبَ بِي إِلَى الجَنَّةِ وَتَبْقَى أُمَّتِي، فَأَقُوْلُ: رَبِّ، أُمَّتِي، أُمَّتِي، فَيَقُوْلُ اللهُ تَعَالَى: وَمَا تُرِيْدُ أَنْ أَصْنَعَ بِأُمَّتِكَ؟ فَأَقُولُ: يَا رَبُّ!
عَجِّلْ حِسَابَهُمْ.فَيُدْعَى بِهِمْ، فَيُحَاسَبُوْنَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللهِ، وَمِنْهُم مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَتِي، فَمَا أَزَالُ أَشْفَعُ، حَتَّى أُعْطَى صَكّاً بِرِجَالٍ قَدْ بُعِثَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، حَتَّى إِنَّ مَالِكاً خَازِنَ النَّارِ يَقُوْلُ:
يَا مُحَمَّدُ! مَاْ تَرَكْتَ لِلنَّارِ وَلِغَضَبِ رَبِّكَ فِي أُمَّتِكَ مِنْ نَقْمَةٍ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ مُنْكَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ ؛ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، قَالَ البُخَارِيُّ: فِيْهِ نَظَرٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَرَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحْدَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّاعِدِيُّ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، وَبَالإِسْنَادِ إِلَى يَعْقُوْبَ، قَالَ:
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَرْزُوْقٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ يُوْنُسَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، أَخْبَرَنَا شَدَّادٌ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ أنْ تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُوْلُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى).
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ نوش، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ:سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ، فَقَالاَ: أَدْرَكْنَا العُلَمَاءَ فِي جَمِيْعِ الأَمْصَارِ، فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِم: أَنَّ اللهَ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، بِلاَ كَيْفٍ، أَحَاطَ بِكُلِّ شِيءٍ عِلْماً.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ البُنَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الهَيْثَمِ الفَسَوِيُّ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ حَمْدُوْنُ البَرْذَعِيُّ عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، لِكِتَابَةِ الحَدِيْثِ، دَخَلَ، فَرَأَى فِي دَارِهِ أَوَانِيَ وَفُرُشاً كَثِيْرَةً، وَكَانَ ذَلِكَ لأَخِيْهِ، قَالَ: فَهَمَّ أَنْ يَرْجِعَ وَلاَ يَكْتب، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ، رَأَى كَأَنَّهُ عَلَى شَطِّ بِرْكَةٍ، وَرَأَى ظِلَّ شَخْصٍ فِي المَاءِ، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي زَهِدْتَ فِي أَبِي زُرْعَةَ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ كَانَ مِنَ الأَبْدَالِ، فَلَمَّا مَاتَ أَبْدَلَ اللهُ مَكَانَهُ أَبَا زُرْعَةَ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَمُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُعَدَّلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ:
مَا حَالُكَ يَا أَبَا زُرْعَةَ؟قَالَ أَحْمُدُ اللهَ عَلَى أَحْوَالِهِ كُلِّهَا، إِنِّي حَضَرْتُ فَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ: يَا عُبَيْد اللهِ! لِمَ تَذَرَّعْتَ القَوْلَ فِي عِبَادِي؟
قُلْتُ: يَا رَبِّ! إِنَّهُم حَاوَلُوا دِيْنَكَ.
قَالَ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِطَاهِرٍ الخُلقَانِي، فَاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي تَعَالَى، فَضُرِبَ الحَدَّ مائَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الحَبْسِ، ثُمَّ قَالَ: أَلْحِقُوا عُبَيْدَ اللهِ بِأَصْحَابِهِ: أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
قُلْتُ: إِسْنَادُهَا كَالشَّمْسِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الخَلاَّلِ، أَخْبَرَنَا الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَالِكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الحَافِظُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الفَرَضِي، سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنَ، سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَافِظَ، سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ، يَقُوْلُ:
حَضَرْتُ أَنَا وَأَبُو حَاتِمٍ عِنْدَ وَفَاةِ أَبِي زُرْعَةَ، فَقُلْنَا: كَيْفَ تُلَقِّنُ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ؟
فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بُنْدَارُ فِي آخَرِيْنَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ:
حَدَّثَنَا بُنْدَارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَبِي عَرِيْبٍ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إلَهَ إِلاَّ الله) ، وَخَرَجَ رُوْحُهُ مَعَهُ.
الإِمَامُ، سَيِّدُ الحُفَّاظِ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ يَزِيْدَ بنِ فَرُّوْخٍ: مُحَدِّثُ الرَّيِّ.
وَدُخُوْلُ (الزَّاي) فِي نِسْبَتِهِ غَيْرُ مَقِيْسٍ، كَالمَرْوَزِيِّ.
مَوْلِدُهُ: بَعْدَ نَيِّفٍ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَطِيَّةَ بنِ نَجِيْحٍ، وَهُمَا مِمَّن تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فِيمَا بَلَغَنِي.
فإِمَّا وَقَعَ غَلَطٌ فِي وَفَاتِهِمَا، وَإِمَّا فِي مَوْلِدِهِ، وَإِمَّا فِي لُقِيِّهِ لَهُمَا.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ سَابِقٍ، وَقُرَّةَ بنِ حَبِيْبٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالقَعْنَبِيِّ، وَخَلاَّدِ بنِ يَحْيَى، وَعَمْرِو بنِ هَاشِمٍ، وَعِيْسَى بنِ مِينَاقَالُوْنَ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيِّ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَكَّارٍ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَطَبَقَتِهِم.قَالَ لَنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِي (تَهْذِيْبِهِ ) : هُوَ مَوْلَى عَيَّاشِ بنِ مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَيَّاشِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيِّ.... ثُمَّ سَرَدَ شُيُوْخَهُ، وَمِنْهُم:
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ بِشْرٍ البَجَلِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ البُوْرَانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضيُّ، وَالرَّبِيْعُ بنُ يَحْيَى الأُشنَانِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بَكَّارٍ الدَّارِمِيُّ، وَشَاذُ بنُ فَيَّاضٍ، وَقَبِيْصَةُ بنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِيهِم: أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيْلَ، وَهَذَا وَهْمٌ، لَمْ يُدْرِكْهُ، وَلاَ سَمِعَ مِنْهُ، وَلاَ دَخَلَ البَصْرَةَ، إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهِ بَأَعْوَامٍ.
وَطَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ وَهُوَ حَدَثٌ، وَارْتَحَلَ إِلَى الحِجَازِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَخُرَاسَانَ، وَكَتَبَ مَا لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَحَرْمَلَةُ بنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعُ المُرَادِيُّ - وَهُم مِنْ شُيُوْخِهِ - وَابْنُ وَارَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ، وَخَلْقٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ
الذَّهَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَعَدِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ وَالِدُ الحَافِظِ أَبِي أَحْمَدَ، وَمُوْسَى بنُ العَبَّاسِ الجُوَيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّارَكِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.وَابْنُ سَابِقٍ - شَيْخُهُ - وَهُوَ: مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ سَابِقٍ.
فَذَكَرَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ، أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ، قَالَ: لاَ أَعْلَمُ صَفَا لِي رِبَاطُ يَوْمٍ قَطُّ، أَمَّا بَيْرُوْتُ: فَأَرَدْنَا العَبَّاسَ بنَ الوَلِيْدِ بنِ مَزْيَدٍ، وَأَمَّا عَسْقلاَنُ: فَأَرَدْنَا مُحَمَّدَ بنَ أَبِي السَّرِيِّ، وَأَمَّا قَزْوِيْنَ: فمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ سَابِقٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: فَرُّوْخٌ؛ جَدُّ أَبِي زُرْعَةَ هُوَ مَوْلَى عَبَّاسِ بنِ مُطَرِّفٍ القُرَشِيِّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: سَمِعَ أَبُو زُرْعَةَ مِنْ: مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَقَبِيْصَةَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ.
قَالَ: وَكَانَ إِمَاماً رَبَّانِيّاً، حَافِظاً مُتْقِناً مُكْثِراً ... جَالَسَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَذَاكَرَهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَقَاسمٌ المُطَرِّزُ.
قَالَ تَمَّامٌ الرَّازِيُّ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ دِمَشْقَ قَدِيْماً، مِنْهُم: أَبُو يَحْيَى فَرْخَوَيْه، فَلَمَّا انصَرَفُوا - فِيمَا أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُم: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ - رَأَوْا هَذَا الفَتَى قَدْ كَاسَ -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ- فَقَالُوا لَهُ: نُكَنِّيْكَ بِكُنْيَةِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ.
ثُمَّ لَقِيَنِي أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ يُذَكِّرُنِي
هَذَا الحَدِيْثَ، وَيَقُوْلُ: بِكُنْيَتِكَ اكْتَنَيْتُ.قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَطَّةَ: سَمِعْتُ النَّجَّادَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ، يَقُوْلُ: لَمَّا وَرَدَ عَلَيْنَا أَبُو زُرْعَةَ، نَزَلَ عِنْدَنَا، فَقَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَي! قَدِ اعْتَضْتُ بِنَوَافِلِي مُذَاكرَةَ هَذَا الشَّيْخِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الرَّازِيِّ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ مائَةَ أَلْفٍ.
فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، تَقْدِرُ أَنْ تُمْلِي عَلَيَّ أَلْفَ حَدِيْثٍ مِنْ حِفْظٍ؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِن إِذَا أُلْقِيَ عَلَيَّ عَرَفْتُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: قُلْتُ لأَبِي زُرْعَةَ: يَجُوْزُ مَا كَتَبْتَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى مائَةَ أَلْفٍ؟
قَالَ: مائَةُ أَلْفٍ كَثِيْرٌ.
قُلْتُ: فَخَمْسِيْنَ أَلْفاً؟
قَالَ: نَعَمْ، وَسِتِّيْنَ وَسَبْعِيْنَ أَلْفاً.
حَدَّثَنِي مَنْ عَدَّ كِتَابَ الوُضُوْءِ وَالصَّلاَةِ، فَبَلَغَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ حَمْكَوَيْه بِالرَّيِّ، يَقُوْلُ:
سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلاَقِ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مائَتَي أَلفِ حَدِيْثٍ هَلْ حَنِثَ؟
فَقَالَ: لاَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَحْفَظُ مائَتَي أَلفِ حَدِيْثٍ، كَمَا يَحْفَظُ الإِنسَانُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإِخْلاصُ: 1] وَفِي المُذَاكَرَةِ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُرْسَلَةٌ، وَحِكَايَةُ صَالِحٍ جَزَرَةَ أَصَحُّ.رَوَى الخَطِيْبُ هَذِهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ السُّوذَرْجَانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَنْدَةَ يَقُوْلُ ذَلِكَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كُنْتُ بِالرَّيِّ، وَأَنَا غُلاَمٌ فِي البَزَّازِيْنَ، فَحَلَفَ رَجُلٌ بِطَلاَقِ امرَأَتِهِ: أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
فَذَهَبَ قَوْمٌ - أَنَا فِيهِم - إِلَى أَبِي زُرْعَةَ، فَسَأَلنَاهُ.
فَقَالَ: مَا حَمَلَهُ عَلَى الحَلْفِ بِالطَّلاَقِ؟
قِيْلَ: قَدْ جَرَى الآنَ مِنْهُ ذَلِكَ.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لِيُمْسِكِ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ، أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عُثْمَانَ التُّسْتَرِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
كُلُّ شَيْءٍ قَالَ الحَسَنُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَدْتُ لَهُ أَصْلاً، إِلاَّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: عَجِبْتُ مِمَّنْ يُفْتِي فِي مَسَائِلَ الطَّلاَقِ، يَحْفَظُ أَقَلَّ مِنْ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الرَّازِيَّ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ إِسْحَاقَ بِنَيْسَابُوْرَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ العِرَاقِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
صَحَّ مِنَ الحَدِيْثِ سَبْعُ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ وَكَسْرٌ، وَهَذَا الفَتَى -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ- قَدْ حَفِظَ سِتَّ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: أَبُو جَعْفَرٍ لَيْسَ بِثِقَةٍ.ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنِي الحَضْرَمِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَقِيْلَ لَهُ: مَنْ أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتَ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ.
ابْنُ المُقْرِئِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِينِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيَّ، يَقُوْلُ:
أَبُو زُرْعَةَ يُشَبَّهُ بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، مُسْنَدِهَا وَمُنْقَطَعِهَا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَكَذَلِكَ سَائِرِ العُلُوْمِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، فَقَالَ: إِمَامٌ.
قَالَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ القَطَّانُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُوْلُ:
مَا جَاوَزَ الجِسْرَ أَحَدٌ أَفْقَهُ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَلاَ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، يَقُوْلُ:
مَا سَمِعْنَا بِذِكْرِ أَحَدٍ فِي الحِفْظِ، إِلاَّ كَانَ اسْمُهُ أَكْبَرَ مِنْ رُؤْيَتِهِ، إِلاَّ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، فَإِنَّ مُشَاهَدَتَهُ كَانَتْ أَعْظَمَ مِنِ اسْمِهِ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ حِفْظَ الأَبْوَابِ وَالشُّيُوْخِ وَالتَّفْسِيْرِ، كَتَبْنَا بَانتِخَابِهِ بِوَاسِطَ سِتَّةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ شِمْرٍ، سَمِعْتُ سُوَيْدَ بنَ غَفَلَةَ، يَقُوْلُ : وعِيْسٍ عِيْنٍ.يُرِيْدُ: {حُوْرٍ عِيْنٍ} [الوَاقِعَةُ: 22] .
قَالَ صَالِحٌ: فَأَلقَيْتُ هَذَا عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، فَبَقِيَ مُتَعَجِّباً، فَقَالَ: أَنَا أَحْفَظُ فِي القِرَاءاتِ عَشْرَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: فَتَحْفَظُ هَذَا؟
قَالَ: لاَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عُثْمَانَ، سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، يَقُوْلُ:
كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، فلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ، يَقُوْلُ:
لَمَّا انصَرَفَ قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ إِلَى الرَّيِّ، سَأَلُوهُ أَنْ يُحَدِّثَهُم، فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكُم بَعْدَ أَنْ حَضَرَ مَجْلِسِي أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ؟
قَالُوا لَهُ: فَإِنَّ عِنْدَنَا غُلاَماً يَسْرُدُ كُلَّ مَا حَدَّثْتَ بِهِ، مَجْلِساً مَجْلِساً، قُمْ يَا أَبَا زُرْعَةَ.
قَالَ: فَقَامَ، فَسَرَدَ كُلَّ مَا حَدَّثَ بِهِ قُتَيْبَةُ، فَحَدَّثَهُم قُتَيْبَةُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ البَصْرَةَ، فَحَضَرْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَرَوَى حَدِيْثاً
فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ.ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غنيَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ.
فَقُلْتُ: هَذَا وَهْمٌ، وَهِمَ فِيْهِ إِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعْدٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جُبَيْرٍ.
قَالَ: مَنْ يَقُوْلُ هَذَا؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي غنيَةَ.
فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِي: مَا تَقُوْلُ فِيْمَنْ جَعَلَ الأَذَانَ مَكَانَ الإِقَامَةِ؟
قُلْتُ: يُعِيْدُ.
قَالَ: مَنْ قَالَ هَذَا؟
قُلْتُ: الشَّعْبِيُّ.
قَالَ: مَنْ عَنِ الشَّعْبِيِّ؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
قَالَ: وَمَنْ غَيْرُ هَذَا؟
قُلْتُ: إِبْرَاهِيْمُ، وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْهُ.
قَالَ: أَخْطَأْتَ. قُلْتُ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ.قَالَ: أَخْطَأْتَ.
قُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كدينَةَ، عَنْ مُغِيْرَةَ.
قَالَ: أَصَبْتَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: اشتَبَهَ عَلِيَّ، وَكَتَبْتُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ الثَّلاَثَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَمَا طَالَعْتُهَا مُنْذُ كَتَبْتُهَا.
ثُمَّ قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ غَيْرُ هَذَا؟
قُلْتُ: مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الحَسَنِ.
قَالَ: هَذَا سَرَقْتَهَ مِنِّي - وَصَدَقَ - كَانَ ذَاكَرَنِي بِهِ رَجُلٌ بِبَغْدَادَ، فَحَفِظتُهُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ جَزَرَةُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: مُرَّ بِنَا إِلَى سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيِّ نُذَاكِرُهُ.
قَالَ: فَذَهَبْنَا، فَمَا زَالَ يُذَاكِرُهُ حَتَّى عَجَزَ الشَّاذَكُوْنِيُّ عَنْ حِفْظِهِ، فَلَمَّا أَعيَاهُ، أَلقَى عَلَيْهِ حَدِيْثاً مِنْ حَدِيْثِ الرَّازِيِّينَ، فَلَم يَعْرِفْهُ أَبُو زُرْعَةَ.
فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا سُبْحَانَ اللهِ! حَدِيْثُ بَلَدِكَ، هَذَا مَخْرَجُهُ مِنْ عِنْدِكُم!؟ وَأَبُو زُرْعَةَ سَاكِتٌ، وَالشَّاذَكُوْنِيُّ يُخْجِلُهُ، وَيُرِي مَنْ حَضَرَ أَنَّهُ قَدْ عَجَزَ.
فَلَمَّا خَرَجْنَا، رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ قَدِ اغْتَمَّ، وَيَقُوْلُ: لاَ أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءَ بِهَذَا؟
فَقُلْتُ لَهُ: وَضَعَهُ فِي الوَقْتِ كِي تَعْجِزَ وتَخْجَلَ.
قَالَ: هَكَذَا؟
قُلْتُ: نَعَم، فَسُرِّيَ عَنْهُ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئَ، سَمِعْتُ فَضْلَكَ الصَّائِغَ، يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ المَدِيْنَةَ، فَصِرْتُ إِلَى بَابِ أَبِي مُصْعَبٍ، فَخَرَجَ إِليَّ شَيْخٌ مَخْضُوبٌ، وَكُنْتُ نَاعِساً، فَحَرَّكَنِي، وَقَالَ: يَا مردريك ! مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ أَيُّ شَيْءٍ تَنَامُ؟
قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، أَنَا مِنَ الرَّيِّ، مِنْ بَعْضِ شَاكردي أَبِي زُرْعَةَ.
فَقَالَ: تَرَكْتَ أَبَا زُرْعَةَ وَجِئتَنِي؟ لَقِيْتُ مَالِكاً
وَغَيْرَهُ، فَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ.قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى الرَّبِيْعِ بِمِصْرَ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ؟
قُلْتُ: مِنَ الرَّيِّ.
قَالَ: تَرَكْتَ أَبَا زُرْعَةَ وَجِئْتَ؟ إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ آيَةٌ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا جَعَلَ إِنسَاناً آيَةً، أَبَانَهُ مِنْ شَكْلِهِ، حَتَّى لاَ يَكُونَ لَهُ ثَانٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ تَوَاضُعاً مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، هُوَ وَأَبُو حَاتِمٍ إِمَامَا خُرَاسَان.
وَقَالَ يُوْسُفُ المَيَانَجِيُّ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيَّ القَاضِي، يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى يَوْماً، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ.
فَقِيْلَ لَهُ: مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ أَشْهَرُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا.
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَدْعُو اللهَ لأَبِي زُرْعَةَ.
وَسَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِد بنَ غِيَاثٍ، يَقُوْلُ: مَا رَأَى أَبُو زُرْعَةَ مِثْلَ نَفْسِهِ.
سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ:
لاَ يَزَالُ المُسْلِمُوْنَ بِخَيْرٍ مَا أَبْقَى اللهُ لَهُم مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ، يُعَلِّمُ النَّاسَ، وَمَا كَانَ اللهُ لِيَتْرُكَ الأَرْضَ إِلاَّ وَفِيْهَا مِثْلُ أَبِي زُرْعَةَ، يُعَلِّمُ النَّاسَ مَا جَهِلُوهُ.
عَلَّقَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ سَعِيْدٍ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمَانَ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ، وَمَا خَلَّفَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، عِلْماً وَفَهْماً وَصِيَانَةً وَحِذْقاً، وَهَذَا مَا لاَ يُرْتَابُ فِيْهِ، وَلاَ أَعْلَمُ مِنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ مَنْ كَانَ يَفْهَمُ هَذَا الشَّأْنَ مِثْلَهُ.ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ صَفْوَانَ، سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
أَزْهَدُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةٌ: آدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَذَكَرَ آخَرَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَبُو زُرْعَةَ رَازِيٌّ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ ابْنَ خِرَاشٍ يَقُوْلُ:
كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ مَوْعِدٌ أَنْ أُبَكِّرَ عَلَيْهِ، فَأُذَاكِرَهُ، فَبَكَّرتُ، فَمَرَرْتُ بِأَبِي حَاتِمٍ وَهُوَ قَاعِدٌ وَحدَهُ؛ فَأَجلَسَنِي مَعَهُ يُذَاكُرُنِي، حَتَّى أَضحَى النَّهَارُ.
فَقُلْتُ: بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ مَوْعِدٌ، فَجِئْتُ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ وَالنَّاسُ مُنْكَبُّوْنَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: تَأَخَرَّتَ عَنِ المَوْعِدِ.
قُلْتُ: بَكَّرْتُ، فَمَرَرْتُ بِهَذَا المُسْتَرْشِدِ، فَدَعَانِي، فَرَحِمْتُهُ لِوَحْدَتِهِ، وَهُوَ أَعْلَى إِسْنَاداً مِنْكَ، وَصِرْتَ أَنْتَ بِالدِّسْتِ.
أَوْ كَمَا قَالَ.
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا حَالُكَ؟ قَالَ: أَحْمَدُ اللهَ عَلَى الأَحْوَالِ
كُلِّهَا، إِنِّيْ حَضَرْتُ، فَوَقَفْت بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ لِي: يَا عُبَيْدَ اللهِ! لِمَ تَذَرَّعْتَ فِي القَوْلِ فِي عِبَادِي؟قُلْتُ: يَا رَبِّ! إِنَّهُم حَاوَلُوا دِيْنَكَ.
فَقَالَ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِطَاهِرٍ الخَلْقَانِي، فَاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي، فَضُرِبَ الحَدَّ مائَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الحَبْسِ، ثُمَّ قَالَ: أَلحِقُوا عُبَيْدَ اللهِ بِأَصْحَابِهِ، وَبأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ: سُفْيَان، وَمَالِك، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ.
رَوَاهَا عَنِ ابْنِ وَارَةَ أَيْضاً ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ أَخِي أَبِي زُرْعَةَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَرَّاقُ أَبِي زُرْعَةَ: حَضَرْنَا أَبَا زُرْعَةَ بِمَاشهرَان، وَهُوَ فِي السَّوْقِ، وَعِنْدَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ وَارَةَ، وَالمُنْذِرُ بنُ شَاذَانَ، وَغَيْرُهُم، فَذَكَرُوا حَدِيْثَ التَّلْقِيْن: (لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ) وَاسْتَحْيَوا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنْ يُلَقِّنُوهُ، فَقَالُوا: تَعَالَوا نَذْكُرِ الحَدِيْثَ.
فَقَالَ ابْنُ وَارَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: ابْنُ أَبِي، وَلَمْ يُجَاوزْهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بُنْدَار، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ وَلَمْ يُجَاوِزْ، وَالبَاقُوْنَ سَكَتُوا، فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَهُوَ فِي السَّوقِ:
حَدَّثَنَا بُنْدارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي عَرِيْبٍ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ
بنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، دَخَلَ الجَنَّةَ ) ، وَتُوُفِّيَ -رَحِمَهُ اللهُ -.رَوَاهَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الوَرَّاقِ الرَّازِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بِهَذَا.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ:
تُوُفِّيَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَوْلِدُهُ كَانَ فِي سَنَةِ مائَتَيْنِ.
وأَمَّا الحَاكِمُ، فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَهْدِيٍّ الرَّازِيِّ المُعَمَّرِ:
هَذَا الشَّيْخُ عِنْدِي صَدُوْقٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ.
فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ رَأَيتَهُ؟
فَقَالَ: أَسْوَدُ اللِّحْيَةِ، نَحِيْفٌ، أَسْمَرُ، وَهَذِهِ صِفَةُ أَبِي زُرْعَةَ، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: أَحْسَبُ أَبَا عَبْدِ اللهِ وَهِمَ فِي مقدَار سِنِّ أَبِي زُرْعَةَ، فَإِنَّهُ قَدِ ارْتَحَلَ بِنَفْسِهِ، وَسَمِعَ مِنْ: قَبِيْصَة، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ مائَتَيْنِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَقَدْ ذَكَرَ الحَاكِمُ فِي كِتَابِ: (الجَامِعِ لِذِكْرِ أَئِمَّةِ الأَعصَارِ المُزَكِّيْنَ لِرُوَاةِ الأَخْبَارِ) : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ الرَّازِيَّ الحَافِظَ يَقُوْلُ: وُلِدَ أَبُو زُرْعَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَارْتَحَلَ مِنَ الرَّيِّ، وَهُوَ ابْنُ ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَقَامَ بِالكُوْفَةِ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرَّيِّ، ثُمَّ خَرَجَ فِي رِحْلَتِهِ الثَّانِيَةِ، وَغَابَ عَنْ وَطَنِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَجَلَسَ للتَّحْدِيْثِ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَهَذَا القَوْلُ خطَأٌ فِي وَفَاتِهِ، وَالصَّحِيْحُ مَا مَرَّ.
وَذَكَرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَرْبٍ العَسْكرِيُّ أَنَّهُ رَأَى أَبَا زُرْعةَ الرَّازِيَّ، وَهُوَ يَؤُمُّ المَلاَئِكَةَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَقُلْتُ: بِمَ نِلْتَ هَذِهِ المَنْزِلَةَ؟
قَالَ: بِرَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ القُرَشِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: ذَاكَرْتُ أَبِي لَيْلَةً الحُفَّاظَ، فَقَالَ: يَا بُنَي! قَدْ كَانَ الحِفْظُ عِنْدَنَا، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى خُرَاسَانَ، إِلَى هَؤُلاَءِ الشَّبَابِ الأَرْبَعَةِ.
قُلْتُ: مَنْ هُم؟
قَالَ: أَبُو زُرْعَةَ ذَاكَ الرَّازيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ ذَاكَ البُخَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ذَاكَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ ذَاكَ البَلْخِيُّ.
قُلْتُ: يَا أَبَه فَمَنْ أَحْفَظُ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَمَّا أَبُو زُرْعَةَ؛ فَأَسْرَدُهُم، وَأَمَّا البُخَارِيُّ؛ فَأَعْرَفُهُم، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ -يَعْنِي: الدَّارِمِيَّ-؛ فَأَتقنهُم، وَأَمَّا ابْنُ شُجَاع؛ فَأَجْمَعُهُم للأَبْوَابِ.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ أُصَلِّي، وَأَنَا أَقْرَأُ {وَذَرُوَا مَا بَقِيَ
مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ ... } الآيَةَ فَوَقَفْتُ مُتَعَجِّباً مِنْ هَذَا الوَعِيْدِ سَاعَةً، وَرَجَعْتُ إِلَى أَوَّلِ الآيَةِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا كَانَتِ المَرَّةُ الثَّالِثَةُ وَقَعَتْ هَدَّةٌ مِنَ الزَّلْزَلَةِ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُم عَدُّوا بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ جِنَازَةٍ، حُمِلَتْ مِنَ الغَد بِالرَّيِّ.قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
إِذَا مَرِضْتُ شَهْراً أَوْ شَهْرَيْنِ، تَبَيَّنَ عَليَّ فِي حِفْظِ القُرْآنِ، وَأَمَّا الحَدِيْثُ، فَإِذَا تَرَكْتَ أَيَّاماً تَبَيَّنَ عَلَيْكَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: نَرَى قَوْماً مِنْ أَصْحَابِنَا، كَتَبُوا الحَدِيْثَ، تَرَكُوا المُجَالَسَةَ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، أَوِ أَقَلَّ، إِذَا جَلَسُوا اليَوْمَ مَعَ الأَحَدَاثِ كَأَنَّهُم لاَ يَعْرِفُونَ، أَوْ لاَ يُحْسِنُوْنَ الحَدِيْثَ.
ثُمَّ قَالَ: الحَدِيْثُ مِثْلُ الشَّمْسِ، إِذَا حُبِسَ عَنِ الشَّرْقِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، لاَ يَعْرِفُ السَّفَرَ، فَهَذَا الشَّانُ يَحْتَاجُ أَنْ تَتَعَاهَدَهُ أَبَداً.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
اخْتِيَارُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَمَا أَعْرِفُ فِي أَصْحَابِنَا أَسْودَ الرّأْسِ أَفْقَهَ مِنْ أَحْمَدَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ - وَسُئِلَ عَنْ مُرْسَلاتِ الثَّوْرِيِّ، وَمُرْسَلاَتِ شُعبَةَ - فَقَالَ: الثَّوْرِيُّ تَسَاهَلَ فِي الرِّجَالِ، وَشُعْبَةُ لاَ يُدَلِّسُ وَلاَ يُرْسِلُ.
قِيْلَ لَهُ: فَمَالِكٌ مُرْسَلاَتُهُ أَثْبَتُ أَمِ الأَوْزَاعِيُّ؟
قَالَ: مَالِكٌ لاَ يكَادُ يُرْسِلُ إِلاَّ عَنْ قَوْمٍ ثِقَاتٍ، مَالِكٌ مُتَثَبِّتٌ فِي أَهْلِ بَلَدِه جِدّاً، فَإِنْ تَسَاهَلَ، فَإِنَّمَا يَتَسَاهَلُ فِي قَوْمٍ غُرَبَاءَ لاَ يَعْرِفُهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
السَّيَّارِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ بنَ يَزِيْدَ الرَّازِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:ارْتَحَلْتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ المِصْرِيِّ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، مَعَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَتَذَاكَرْنَا إِلَى أَنْ ضَاقَ الوَقْتُ، ثُمَّ أَخرَجْتُ مِنْ كُمِّي أَطْرَافاً، فِيْهَا أَحَادِيْثُ سَأَلتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ لِي: تَعُودُ.
فَعُدْتُ مِنَ الغَد، وَمعِي أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَأَخْرَجْتُ الأَطرَافَ، وَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: تَعُودُ.
فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قُلْتَ لِي بِالأَمْسِ: تَعُودُ؟! مَا عِنْدَك مِمَّا يُكْتَبُ، أَوْرِدْ عَلَيَّ مُسْنَداً أَوْ مُرْسَلاً أَوْ حَرْفاً مِمَّا أَسْتَفِيْدُ، فَإِنْ لَمْ أَرْوِهِ لَكَ عَمَّنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْكَ، فلَسْتُ بِأَبِي زُرْعَةَ، ثُمَّ قُلْتُ : مَنْ هَا هُنَا مِمَّنْ نَكْتُبُ عَنْهُ؟
قَالُوا: يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ.
ابْنُ جَوْصَا: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيَّ يَقُوْلُ:
كُنَّا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا أَيَّاماً، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: بَلَغَنِي وُرُوْدُ هَذَا الغُلاَمِ -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ- فَدَرَسْتُ للالْتِقَاءِ بِهِ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَعَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ لاَ يَأْكُلُ الجُبْنَ، وَلاَ الخَلَّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي بِالمُذَاكَرَةِ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَحْمِلُوا خَطَأً، هَذَا ابْنُ المُبَارَكِ كَرِهَ أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُ بِالمذَاكَرَةِ، وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى: لاَ تَحْمِلُوا عَنِّي بِالمذَاكرَةِ شَيْئاً.
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: إِذَا انْفَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالحَدِيْثِ، لاَ يَكُونُ حُجَّةً.
ثُمَّ رَوَى لَهُ حَدِيْثَ القِرَاءةِ خَلْفَ الإِمَامِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ
الحَوضيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَقَبِيْصَةُ، يَقْدِرُوْنَ عَلَى الحِفْظِ، يَجِيْؤُونَ بِالحَدِيْثِ بِتَمَامٍ.وَذَكَرَ عَنْ قَبِيْصَةَ كَأَنَّهُ يَقْرَأُ مِنْ كِتَابٍ.
قُلْتُ: يُعْجِبُنِي كَثِيْراً كَلاَمَ أَبِي زُرْعَةَ فِي الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ، يَبِيْنُ عَلَيْهِ الوَرَعُ وَالمَخْبَرَةُ، بِخِلاَفِ رَفِيْقِهِ أَبِي حَاتِمٍ، فَإِنَّهُ جَرَّاحٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الفَقِيْهُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاهِدُ، وَسِتُّ القُضَاةِ؛ بِنْتُ يَحْيَى، قِرَاءةً، قَالُوا:
أَخْبَرَتْنَا كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الخَيْرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغْبَان فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفَجْأَةِ نَقْمَتِكَ، وَجَمِيْعِ سَخَطِكَ) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوِّ دَرَجَةٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنْبَاعِ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ الغَفَّارِ بنِ دَاوُدَ، عَنْ يَعْقُوْبَ، نَحْوهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ فِي كِتَابِهِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِر بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ الحَسَنِ بِأَصْبَهَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ العَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عبِيَدِةَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ وَاصِلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ البُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ نَوْفَل، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لِلأَنْبِيَاءِ مَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْلِسُوْنَ عَلَيْهَا، وَيَبْقَى مِنْبَرِيْ لَا أَجْلِسُ عَلَيْهِ) .
أَوْ قَالَ: (لَا أَقْعُدُ عَلَيْهِ، فِيمَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- مُنْتَصِباً، مَخَافَةَ أَنْ يُذْهَبَ بِي إِلَى الجَنَّةِ وَتَبْقَى أُمَّتِي، فَأَقُوْلُ: رَبِّ، أُمَّتِي، أُمَّتِي، فَيَقُوْلُ اللهُ تَعَالَى: وَمَا تُرِيْدُ أَنْ أَصْنَعَ بِأُمَّتِكَ؟ فَأَقُولُ: يَا رَبُّ!
عَجِّلْ حِسَابَهُمْ.فَيُدْعَى بِهِمْ، فَيُحَاسَبُوْنَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللهِ، وَمِنْهُم مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَتِي، فَمَا أَزَالُ أَشْفَعُ، حَتَّى أُعْطَى صَكّاً بِرِجَالٍ قَدْ بُعِثَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، حَتَّى إِنَّ مَالِكاً خَازِنَ النَّارِ يَقُوْلُ:
يَا مُحَمَّدُ! مَاْ تَرَكْتَ لِلنَّارِ وَلِغَضَبِ رَبِّكَ فِي أُمَّتِكَ مِنْ نَقْمَةٍ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ مُنْكَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ ؛ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، قَالَ البُخَارِيُّ: فِيْهِ نَظَرٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَرَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحْدَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّاعِدِيُّ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، وَبَالإِسْنَادِ إِلَى يَعْقُوْبَ، قَالَ:
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَرْزُوْقٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ يُوْنُسَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، أَخْبَرَنَا شَدَّادٌ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ أنْ تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُوْلُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى).
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ نوش، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ:سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ، فَقَالاَ: أَدْرَكْنَا العُلَمَاءَ فِي جَمِيْعِ الأَمْصَارِ، فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِم: أَنَّ اللهَ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، بِلاَ كَيْفٍ، أَحَاطَ بِكُلِّ شِيءٍ عِلْماً.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ البُنَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الهَيْثَمِ الفَسَوِيُّ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ حَمْدُوْنُ البَرْذَعِيُّ عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، لِكِتَابَةِ الحَدِيْثِ، دَخَلَ، فَرَأَى فِي دَارِهِ أَوَانِيَ وَفُرُشاً كَثِيْرَةً، وَكَانَ ذَلِكَ لأَخِيْهِ، قَالَ: فَهَمَّ أَنْ يَرْجِعَ وَلاَ يَكْتب، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ، رَأَى كَأَنَّهُ عَلَى شَطِّ بِرْكَةٍ، وَرَأَى ظِلَّ شَخْصٍ فِي المَاءِ، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي زَهِدْتَ فِي أَبِي زُرْعَةَ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ كَانَ مِنَ الأَبْدَالِ، فَلَمَّا مَاتَ أَبْدَلَ اللهُ مَكَانَهُ أَبَا زُرْعَةَ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَمُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُعَدَّلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ:
مَا حَالُكَ يَا أَبَا زُرْعَةَ؟قَالَ أَحْمُدُ اللهَ عَلَى أَحْوَالِهِ كُلِّهَا، إِنِّي حَضَرْتُ فَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ: يَا عُبَيْد اللهِ! لِمَ تَذَرَّعْتَ القَوْلَ فِي عِبَادِي؟
قُلْتُ: يَا رَبِّ! إِنَّهُم حَاوَلُوا دِيْنَكَ.
قَالَ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِطَاهِرٍ الخُلقَانِي، فَاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي تَعَالَى، فَضُرِبَ الحَدَّ مائَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الحَبْسِ، ثُمَّ قَالَ: أَلْحِقُوا عُبَيْدَ اللهِ بِأَصْحَابِهِ: أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
قُلْتُ: إِسْنَادُهَا كَالشَّمْسِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الخَلاَّلِ، أَخْبَرَنَا الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَالِكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الحَافِظُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الفَرَضِي، سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنَ، سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَافِظَ، سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ، يَقُوْلُ:
حَضَرْتُ أَنَا وَأَبُو حَاتِمٍ عِنْدَ وَفَاةِ أَبِي زُرْعَةَ، فَقُلْنَا: كَيْفَ تُلَقِّنُ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ؟
فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بُنْدَارُ فِي آخَرِيْنَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ:
حَدَّثَنَا بُنْدَارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَبِي عَرِيْبٍ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إلَهَ إِلاَّ الله) ، وَخَرَجَ رُوْحُهُ مَعَهُ.