هند بنت معاوية بن أبي سفيان
صخر بن حرب الأموية ولهند ورملة ابنتي معاوية يقول عبد الرحمن بن الحكم:
أؤمل هنداً أن يموت ابن عامر ... ورملة يوماً أن يطلقها عمرو
وعبد الله بن عامر بن كريز زوج هند بنت معاوية، كان قد زوجه إياها معاوية. فلما كانت ليلة البناء بها امتنعت منه امتناعاً شديداً حتى لم يقدر منها على شيء، فضربها، فبكت. فلما سمع جواريها بكاءها صخن، فسمع معاوية الصوت، فجاء مبادراً، فأخبروه، فدخل عليه، فقال: مثل هذه تضرب؟! قبح الله رأيك، وقبح ما أتيت به، اخرج عني إلى غير هذا البيت. فلما خرج قال معاوية لابنته: لا تفعلي، فإنما هو زوجك الذي أحله الله لك، أما سمعت قول الشاعر:
من الخفرات البيض أما حرامها ... فصعب وأما حلها فذلول
ثم خرج، ورجع زوجها إليها، فلانت له حتى نال منها حاجته.
وقيل: إن معاوية لما زوج ابنته من عبد الله بن عامر بنى لها قصراً إلى جنب قصره، وجعل بينهما باباً، وأدخلها عليه، وهي بنت تسع سنين. قال: فبينا هو في المشرقة يوماً إذ مرت به حاضنتها، فقال لها: ما فعلت تلكم؟ فقالت: بخير يا أمير المؤمنين، قال: فإني أعزم عليك، بحقي عليك، قالت: يا أمير المؤمنين، إنها مصعت، واعتاصت عليه، فقام حافياً آخذاً بأزرار ثيابه، ودخل عليها، فسلم، والنسوة عندها، فكسرت له نمرقة فجلس، فقال: السلام عليكن يا بنية، بيض عطرات، أوانس خفرات، أما حرامهن فصعب، وأما حلالهن فسهل، به سمحات، ثم رجع إلى مجلسه، فمر به ابن عامر، فقال له: النجاء إلى أهلك، فرب صعب قد ذللته لكم، وحزن قد سهلته لكم. قال: ثم مرت به الحاضنة من الغد، فقال لها: كيف تلكم، فقالت: صارت امرأة من النساء.
وكانت هند أبر شيء بعبد الله بن عامر. وكانت تتولى خدمته بنفسها، فجاءته يوماً بالمرآة والمشط، فنظر في المرآة، فالتقى وجهها ووجهه في المرآة، فرأى شبابها وجمالها، ورأى الشيب في لحيته قد ألحقه بالشيوخ، فرفع رأسه غليها وقال: الحقي بأبيك، فانطلقت إلى أبيها، فأخبرته. فقال: وهل تطلق الحرة؟ قالت: ما أتي من قبلي، وأخبرته خبرها، فأرسل إليه، فقال: أكرمتك ببنتي، ثم رددتها علي! قال: إن الله من علي بفضله، وخلقني كريماً، لا احب ان يتفضل علي أحد، وإن ابنتك اعجزتني مكافأتها، لحسن صحبتها، فنظرت فإذا أنا شيخ، وهي شابة، لا أزيدها مالاً إلى مالها، ولا شرفاً إلى شرفها، فرأيت أن أردها إليك لتزوجها فتى من فتيانك، كأن وجهه ورقة مصحف.
صخر بن حرب الأموية ولهند ورملة ابنتي معاوية يقول عبد الرحمن بن الحكم:
أؤمل هنداً أن يموت ابن عامر ... ورملة يوماً أن يطلقها عمرو
وعبد الله بن عامر بن كريز زوج هند بنت معاوية، كان قد زوجه إياها معاوية. فلما كانت ليلة البناء بها امتنعت منه امتناعاً شديداً حتى لم يقدر منها على شيء، فضربها، فبكت. فلما سمع جواريها بكاءها صخن، فسمع معاوية الصوت، فجاء مبادراً، فأخبروه، فدخل عليه، فقال: مثل هذه تضرب؟! قبح الله رأيك، وقبح ما أتيت به، اخرج عني إلى غير هذا البيت. فلما خرج قال معاوية لابنته: لا تفعلي، فإنما هو زوجك الذي أحله الله لك، أما سمعت قول الشاعر:
من الخفرات البيض أما حرامها ... فصعب وأما حلها فذلول
ثم خرج، ورجع زوجها إليها، فلانت له حتى نال منها حاجته.
وقيل: إن معاوية لما زوج ابنته من عبد الله بن عامر بنى لها قصراً إلى جنب قصره، وجعل بينهما باباً، وأدخلها عليه، وهي بنت تسع سنين. قال: فبينا هو في المشرقة يوماً إذ مرت به حاضنتها، فقال لها: ما فعلت تلكم؟ فقالت: بخير يا أمير المؤمنين، قال: فإني أعزم عليك، بحقي عليك، قالت: يا أمير المؤمنين، إنها مصعت، واعتاصت عليه، فقام حافياً آخذاً بأزرار ثيابه، ودخل عليها، فسلم، والنسوة عندها، فكسرت له نمرقة فجلس، فقال: السلام عليكن يا بنية، بيض عطرات، أوانس خفرات، أما حرامهن فصعب، وأما حلالهن فسهل، به سمحات، ثم رجع إلى مجلسه، فمر به ابن عامر، فقال له: النجاء إلى أهلك، فرب صعب قد ذللته لكم، وحزن قد سهلته لكم. قال: ثم مرت به الحاضنة من الغد، فقال لها: كيف تلكم، فقالت: صارت امرأة من النساء.
وكانت هند أبر شيء بعبد الله بن عامر. وكانت تتولى خدمته بنفسها، فجاءته يوماً بالمرآة والمشط، فنظر في المرآة، فالتقى وجهها ووجهه في المرآة، فرأى شبابها وجمالها، ورأى الشيب في لحيته قد ألحقه بالشيوخ، فرفع رأسه غليها وقال: الحقي بأبيك، فانطلقت إلى أبيها، فأخبرته. فقال: وهل تطلق الحرة؟ قالت: ما أتي من قبلي، وأخبرته خبرها، فأرسل إليه، فقال: أكرمتك ببنتي، ثم رددتها علي! قال: إن الله من علي بفضله، وخلقني كريماً، لا احب ان يتفضل علي أحد، وإن ابنتك اعجزتني مكافأتها، لحسن صحبتها، فنظرت فإذا أنا شيخ، وهي شابة، لا أزيدها مالاً إلى مالها، ولا شرفاً إلى شرفها، فرأيت أن أردها إليك لتزوجها فتى من فتيانك، كأن وجهه ورقة مصحف.