Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=154773#fb182f
يوسف بن الحسن بن محمد أبو القاسم
الزنجاني الفقيه الشافعي المعروف بالتفكري في تاريخ الحافظ أبي سعد السمعاني قال: يوسف بن الحسن بن محمد بن التفكري، أبو القاسم، من أهل زنجان. سكن باب المراتب شرقي بغداد. رحل إلى أصبهان، وقرأ على أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ المعجم الكبير، والأوسط، والصغير للطبراني، ومسند أبي داود الطيالسي، وغيرها من الكتب. ثم انتقل إلى بغداد محدثاً فقيهاً، وسكنها إلى أن توفي بها. وكان ورعاً، زاهداً، عاملاً بعلمه، متنسكاً، بكاءً عند الذكر، خاشعاً، صدوقاً، متبركاً به، مشتغلاً بنفسه، مقبلاً على العبادة ونشر العلم. مولده سنة خمس وسبعين وثلاثمائة بزنجان.
قال أبو القاسم التفكري: سمعت أبا علي الحسن بن علي بن بندار الزنجاني يقول: كان هارون الرشيد بعث إلى مالك بن أنس يستحضره ليسمع منه ابناه الأمين والمأمون، فأبى عليه، وقال: إن العلم يؤتى، لا يأتي. فبعث إليه ثانياً، فقال: أبعثهما إليك يسمعان مع أصحابك، فقال مالك: بشريطة أنهما لا يتخطيان رقاب الناس، ويجلسان حيث ينتهي بهما المجلس. فحضراه بهذا الشرط.
وكان يحيى بن يحيى النيسابوري يحضر المجلس، فانكسر يوماً قلمه، وبجنبه المأمون، فناوله قلماً من ذهب، أو قلماً من فضة، من مقلمة ذهب، فامتنع من قبوله، فقال له المأمون: ما اسمك؟ قال: يحيى بن يحيى النيسابوري، فقال: تعرفني؟ قال: نعم، أنت المأمون ابن أمير المؤمنين. فكتب المأمون على ظهر جزئه: ناولت يحيى بن يحيى النيسابوري قلماً في مجلس مالك فلم يقبله.
فلما أفضت الخلافة إلى المأمون بعث إلى عامله بنيسابور، وأمره أن يولي يحيى بن يحيى القضاء. فبعث إليه يستدعيه، فقال بعض الناس: إنه يمتنع من الحضور. فأنفذ إليه كتاب المأمون، فقرئ عليه، فامتنع من القضاء. فرد إليه ثانياً وقال: إن أمير المؤمنين يأمرك بشيء، وأنت من رعيته، فتأبى عليه؟! فقال: قل لأمير المؤمنين: ناولتني قلماً وأنا شاب، فلم أقبله، فتجبرني الآن على القضاء وأنا شيخ! فرفع الخبر إلى المأمون بذلك، فقال: علمت امتناعه، ولكن، ول القضاء رجلاً يختاره. فبعث إليه العامل في ذلك، فاختار رجلاً من نيسابور، فولي القضاء.
قال: والرسم هناك أن يلبس القضاة السواد. فدخل ذلك القاضي على يحيى وعليه سواد، فضم يحيى فراشاً كن جالساً عليه، كراهية أن يجمعه وإياه. فقال: أيها الشيخ، ألم تخترني؟ قال: إنما قلت أختاره، وما قلت لك تقلد القضاء.
قال أبو الفضل بن خيرون: توفي أبو القاسم الزنجاني سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة.