يوسف بن إبراهيم أبو الحسن الكاتب
أظنه بغدادياً. كان في خدمة إبراهيم بن المهدي. قدم دمشق سنة خمس وعشرين ومائتين. وكان من ذوي المروءات.
قال: كانت بيني وبين أحمد بن محمد بن مدبر سوالف ترعى، ويحافظ عليها؛ فلما تولى مصر رأى حسن ظاهري، فظن ذلك عن أموال جمة لدي، فجدني في المطالبة، وأخرج علي بقايا لعقود انكسرت من آفات عرضت لضياعها، ولم يسمع الاحتجاج فيها، واستقصر ما أوردته، وإنما كان عن حيلة، واحتبسني مع المتضمنين، وكان يغدو في كل يوم غلام له يحجبه يعرف بفضل، فيكتب على كل رجل ما مورده في يومه، فإن شكا أنه لا يصل إلى شيء أخرجه، فحملت عليه الحجارة، وطولب أعنف مطالبة، فلم تزل الحاجة علي حتى بعت حصر داري قضاءً عما فيها، وعرضت دوري، فمنعني من بيعها، ووجه إلي: فأين تكون حرمك؟
وأنفذ إلي ورقة نسختها: يا أبا الحسن أعزك الله قد ألويت بما بقي عليك وهو ستة عشر ألف ديناراً، وآثرنا صيانتك عن خطة المطالبة هذه المدة؛ فإن أزحت العلة فيها، وإلا سلمناك إلى أبي الفوارس مزاحم بن خاقان أيده الله. فكتبت إليه رقعة أحلف فيها أني ما أملك عدد هذه حب حنطة، ولو كان لي شيء لصنت به نفسي. فإن رأى السيد رعاية السالف بيني وبينه، وستر تخلفي كان أهلاً لما يأتيه، وإن سلمني إلى هذا الرجل رجوت من الله عز وجل ما لا يخطئ من رجائه.
فرجع إلي بعض غلمانه، ومعه رقعة مختومة، فاستركبني، وصار بي إلى مزاحم. فلما قرئت عليه الرقعة أدخلني عليه، وعنده كاتب له يعرف بالمروذي، فعرفني، ولم أعرفه، وكان أبوه في الحارة التي فيها داري بسر من رأى. فقال: انت كاتب إبراهيم بن المهدي؟ قلت: نعم أيد الله الأمير قال: كنت أراك وأنا صبي في حارتنا، ووالله ما طلب ابن المدبر أن يروج علي مالاً، وإنما أراد أن أقتلك بالمطالبة. وقد رأيت أن أكتب إلى أمير المؤمنين أعرفه قصور يدك عن أداء المال، وأعلمه خدمتك لسلفه، وأسأله
أن يتطول بإسقاط هذه البقية عنك، فإن سهل ذلك وإلا نجمها علي وعلى رجالي حتى يقاضوا بها في كل نجم. ثم قال للمروذي: هذا رجل من مشايخي، وأم زوجته ببغداد تولت تربيتي، وقد استكتبته على أموري، وما احتاج إلى قباله من الضياع بمصر، وليس يزيلك عن رسمك. فأخذ خاتماً له كان يختم به الكتب بحضرته فأعطانيه، وسألني عن العجوز التي ربته، فقلت له: هي معي بمصر، وانصرفت من عنده إلى منزلي. فكان أول من هنأني بمحلي منه ابن المدبر، ورجعت إلى نعمتي معه في مدة يسيرة.
أظنه بغدادياً. كان في خدمة إبراهيم بن المهدي. قدم دمشق سنة خمس وعشرين ومائتين. وكان من ذوي المروءات.
قال: كانت بيني وبين أحمد بن محمد بن مدبر سوالف ترعى، ويحافظ عليها؛ فلما تولى مصر رأى حسن ظاهري، فظن ذلك عن أموال جمة لدي، فجدني في المطالبة، وأخرج علي بقايا لعقود انكسرت من آفات عرضت لضياعها، ولم يسمع الاحتجاج فيها، واستقصر ما أوردته، وإنما كان عن حيلة، واحتبسني مع المتضمنين، وكان يغدو في كل يوم غلام له يحجبه يعرف بفضل، فيكتب على كل رجل ما مورده في يومه، فإن شكا أنه لا يصل إلى شيء أخرجه، فحملت عليه الحجارة، وطولب أعنف مطالبة، فلم تزل الحاجة علي حتى بعت حصر داري قضاءً عما فيها، وعرضت دوري، فمنعني من بيعها، ووجه إلي: فأين تكون حرمك؟
وأنفذ إلي ورقة نسختها: يا أبا الحسن أعزك الله قد ألويت بما بقي عليك وهو ستة عشر ألف ديناراً، وآثرنا صيانتك عن خطة المطالبة هذه المدة؛ فإن أزحت العلة فيها، وإلا سلمناك إلى أبي الفوارس مزاحم بن خاقان أيده الله. فكتبت إليه رقعة أحلف فيها أني ما أملك عدد هذه حب حنطة، ولو كان لي شيء لصنت به نفسي. فإن رأى السيد رعاية السالف بيني وبينه، وستر تخلفي كان أهلاً لما يأتيه، وإن سلمني إلى هذا الرجل رجوت من الله عز وجل ما لا يخطئ من رجائه.
فرجع إلي بعض غلمانه، ومعه رقعة مختومة، فاستركبني، وصار بي إلى مزاحم. فلما قرئت عليه الرقعة أدخلني عليه، وعنده كاتب له يعرف بالمروذي، فعرفني، ولم أعرفه، وكان أبوه في الحارة التي فيها داري بسر من رأى. فقال: انت كاتب إبراهيم بن المهدي؟ قلت: نعم أيد الله الأمير قال: كنت أراك وأنا صبي في حارتنا، ووالله ما طلب ابن المدبر أن يروج علي مالاً، وإنما أراد أن أقتلك بالمطالبة. وقد رأيت أن أكتب إلى أمير المؤمنين أعرفه قصور يدك عن أداء المال، وأعلمه خدمتك لسلفه، وأسأله
أن يتطول بإسقاط هذه البقية عنك، فإن سهل ذلك وإلا نجمها علي وعلى رجالي حتى يقاضوا بها في كل نجم. ثم قال للمروذي: هذا رجل من مشايخي، وأم زوجته ببغداد تولت تربيتي، وقد استكتبته على أموري، وما احتاج إلى قباله من الضياع بمصر، وليس يزيلك عن رسمك. فأخذ خاتماً له كان يختم به الكتب بحضرته فأعطانيه، وسألني عن العجوز التي ربته، فقلت له: هي معي بمصر، وانصرفت من عنده إلى منزلي. فكان أول من هنأني بمحلي منه ابن المدبر، ورجعت إلى نعمتي معه في مدة يسيرة.