يزيد بن أبي مسلم أبو العلاء الثقفي
مولاهم. استكتبه الحجاج بن يوسف، وكانت فيه كفاية، ونهضة. وقدم على سليما بن عبد الملك، ثم استعمله يزيد بن عبد الملك على إفريقية.
قال رقبة بن مسقلة:
خرج يزيد بن أبي مسلم من عند الحجاج فقال: لقد قضى الأمير بقضية، فقال له الشعبي: وما هي؟ فقال: قال: ما كان للرجل فهو للرجل، وما كان للنساء فهو للمرأة. فقال الشعبي: قضاء رجل من أهل بدر، قال: ومن هو؟ قال: لا أخبرك، قال: من هو؟ علي عهد الله وميثاقه ألا أخبره، قال: هو علي بن أبي طالب. قال: فدخل على الحجاج، فأخبره، فقال الحجاج: صدق، ويحك! إنا لم ننقم على علي قضاءه، قد علمنا أن علياً كان أقضاهم.
عن نعيم بن أبي هند قال: كنت جالساً إلى يزيد بن أبي مسلم أيام الحجاج، وهو يعذب الناس، فذكر رجلاً في السجن، فبعث إليه بغيظ وغضب، فأتي به، وما أشك أنه سيقع به، فلما قام بين يديه رأيت الرجل يحرك شفتيه بشيء لم نسمعه، فرفع رأسه إليه، فقال: خلوا سبيله، أو ردوه. قال: فقمت إلى الرجل، فقلت له: شهدت هذا حين أرسل إليك بغيظ وغضب، ولا أشك أنه سيقع بك، فلما قمت بين يديه رأيتك حركت شفتيك بشيء لم
أسمعه، فأمر فيك بما ترى، فما الذي قلت؟ قال: قلت: اللهم إني أسألك بقدرتك التي تمسك بها السماوات السبع أن يقع بعضهن على بعض أن تكفينيه.
قال حبيب أبو الأشعث: كان يزيد بن أبي مسلم صفرياً.
قال الأصمعي: لقي أعرابي بين مكة والمدينة، فسئل عن شيء، فقال: ما أرى الناس إلا بقرنائهم؛ انظروا إلى الحجاج من قيض له ابن أبي مسلم؟ وإلى فرعون من قيض له هامان؟ وانظروا إلى عمر بن عبد العزيز من قيض له رجاء بن حيوة؟ فما أرى الناس إلا بقرنائهم.
قال عبيد الله: دخلت على الحجاج، قال: فأشار بيده؟ فقلت: عبيد الله بن يزيد بن أبي مسلم الثقفي، قال: وقد فرضنا لك في كذا وكذا. قال عبيد الله: فلما مات الحجاج في بقية خلافة الوليد أقر الوليد يزيد بن أبي مسلم على العراق أربعة أشهر، فلما هلك الوليد وولي سليمان عزله وولى يزيد بن المهلب العراق فأشخصه إلى سليمان، فقدم عليه وهو بالبلقاء، فأوقفه للناس، فما أتى أحد يتظلم منه بشيء، إلا أن رجلاً من أهل المدينة أدلى بأن يزيد قد نال منه بالعراق لطمة فسأل القود منه، فأقاده، فلطمه لطمة أخضرت عينه، فلما رأى سليمان أن أحداً لا يتبعه بمظلمة أدخله عليه، وجعل يسائله عن أمور الناس، وعن سير الحجاج وأعماله، فكلما أخبره ببعض ما يكره يقول: ويحك يا يزيد، ما ترى الله صانعاً بالحجاج يوم القيامة؟! قال: فسكت يزيد، فلما أكثر عليه قال: أقول يا أمير المؤمنين إن الله سيجعله ثالثاً لأبيك وأخيك وبينهما، فإن دخلا الجنة
فعاملهما، والمنفذ لأمرهما، وإن دخلا النار فأسفل منهما. قال: فقال سليمان: ويحك يا فلان! اكتب إلى العامة أن يكفوا عن لعن الحجاج، فلا يذكروه بلعنة، ولا بصلاة. قال: وقد كان كتب إلى العامة ألا يذكروه إلا بلعنة، قال: فكانوا يفعلون. قال: وأذن له بالانصراف إلى أهله، فقدم دمشق، فتهيأ للرواح إلى المسجد، فراح معتماً حتى قام من غرب المسجد، فقام يصلي فيه، فنظر أهل المسجد الذي يلونه بعضهم إلى بعض، فقالوا: هذا ابن أبي مسلم قد صلى، وهو الآن يأتيكم للمجالسة والألفة التي كانت بينكم وبينه فقوموا إليه، فازجروه عنكم قبل أن يأتيكم، فإنكم إن أتاكم فزجرتموه كانت به عليكم شهرة وأحدوثة. قال: فقاموا إليه، فلما رآهم ظن أنهم أتوه ليسلموا عليه، ورحب بهم. فقالوا: يا هذا، إليك عنا، كنت تجالسنا، وقد فعلت بالعراق وفعلت، فلا تجالسنا، ولا تقربنا. قال: فقال بيده يحركها، وقال: فعلت وفعلت، أم والله ما أجدني آسى على شيء إلا على نفوس كثيرة تركتها في سجون العراق ألا أكون أتيت عليها.
دخل يزيد بن أبي مسلم القيسي على سليمان بن عبد الملك بعد وفاة الحجاج، وكان يزيد دميماً قصيراً، فقال له سليمان: ما جاء بك؟ من استكتبك، ومن قلدك؟ قبحك الله! فقال له يزيد: يا أمير المؤمنين، نظرت إلي وقد أدبر أمري فصغر في عينك ما عظم في عين غيرك.
وهم باستكتابه، فقال له عمر بن عبد العزيز: أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن تحيي ذكر الحجاج باستكتابك كاتبه! قال: يا أبا حفص، إني كشفته فلم أجد عليه خيانة، فقال عمر: أنا أوجدك من هو أعف عن الدينار والدرهم منه، فقال سليمان: ومن هذا؟ قال: إبليس، ما مس ديناراً، ولا درهماً بيده، وقد أهلك هذا الخلق، فتركه سليمان.
ولما وقف سليمان بن عبد الملك يزيد بن أبي مسلم للناس على درج دمشق، ونصبه للمظالم أقبل جرير على راحلته، وقال: أفرجوا عني حتى وصل إليه، ثم أنشأ يقول: من البسيط
كم في وعائك من أموال موتمة ... شعث صغار وكم خربت من دار
ورد عمر بن عبد العزيز ابن أبي مسلم من دابق، وقال: ليس بمثله يستعين به المسلمون على قتال عدوهم. وكان عطاؤه ألفين فحط إلى ثلاثين أو خمسة وعشرين فرجع من دابق إلى أطرابلس؛ لأنه كان سيافاً للحجاج، وكان ثقفياً.
قال يعقوب: وفيها يعني سنة إحدى ومائة أمر يزيد بن أبي مسلم على إفريقية، ونزع إسماعيل بن عبيد الله.
وقال خليفة: وفيها يعني سنة اثنتين ومائة وثب الجند على يزيد بن أبي مسلم، فقتلوه.
مولاهم. استكتبه الحجاج بن يوسف، وكانت فيه كفاية، ونهضة. وقدم على سليما بن عبد الملك، ثم استعمله يزيد بن عبد الملك على إفريقية.
قال رقبة بن مسقلة:
خرج يزيد بن أبي مسلم من عند الحجاج فقال: لقد قضى الأمير بقضية، فقال له الشعبي: وما هي؟ فقال: قال: ما كان للرجل فهو للرجل، وما كان للنساء فهو للمرأة. فقال الشعبي: قضاء رجل من أهل بدر، قال: ومن هو؟ قال: لا أخبرك، قال: من هو؟ علي عهد الله وميثاقه ألا أخبره، قال: هو علي بن أبي طالب. قال: فدخل على الحجاج، فأخبره، فقال الحجاج: صدق، ويحك! إنا لم ننقم على علي قضاءه، قد علمنا أن علياً كان أقضاهم.
عن نعيم بن أبي هند قال: كنت جالساً إلى يزيد بن أبي مسلم أيام الحجاج، وهو يعذب الناس، فذكر رجلاً في السجن، فبعث إليه بغيظ وغضب، فأتي به، وما أشك أنه سيقع به، فلما قام بين يديه رأيت الرجل يحرك شفتيه بشيء لم نسمعه، فرفع رأسه إليه، فقال: خلوا سبيله، أو ردوه. قال: فقمت إلى الرجل، فقلت له: شهدت هذا حين أرسل إليك بغيظ وغضب، ولا أشك أنه سيقع بك، فلما قمت بين يديه رأيتك حركت شفتيك بشيء لم
أسمعه، فأمر فيك بما ترى، فما الذي قلت؟ قال: قلت: اللهم إني أسألك بقدرتك التي تمسك بها السماوات السبع أن يقع بعضهن على بعض أن تكفينيه.
قال حبيب أبو الأشعث: كان يزيد بن أبي مسلم صفرياً.
قال الأصمعي: لقي أعرابي بين مكة والمدينة، فسئل عن شيء، فقال: ما أرى الناس إلا بقرنائهم؛ انظروا إلى الحجاج من قيض له ابن أبي مسلم؟ وإلى فرعون من قيض له هامان؟ وانظروا إلى عمر بن عبد العزيز من قيض له رجاء بن حيوة؟ فما أرى الناس إلا بقرنائهم.
قال عبيد الله: دخلت على الحجاج، قال: فأشار بيده؟ فقلت: عبيد الله بن يزيد بن أبي مسلم الثقفي، قال: وقد فرضنا لك في كذا وكذا. قال عبيد الله: فلما مات الحجاج في بقية خلافة الوليد أقر الوليد يزيد بن أبي مسلم على العراق أربعة أشهر، فلما هلك الوليد وولي سليمان عزله وولى يزيد بن المهلب العراق فأشخصه إلى سليمان، فقدم عليه وهو بالبلقاء، فأوقفه للناس، فما أتى أحد يتظلم منه بشيء، إلا أن رجلاً من أهل المدينة أدلى بأن يزيد قد نال منه بالعراق لطمة فسأل القود منه، فأقاده، فلطمه لطمة أخضرت عينه، فلما رأى سليمان أن أحداً لا يتبعه بمظلمة أدخله عليه، وجعل يسائله عن أمور الناس، وعن سير الحجاج وأعماله، فكلما أخبره ببعض ما يكره يقول: ويحك يا يزيد، ما ترى الله صانعاً بالحجاج يوم القيامة؟! قال: فسكت يزيد، فلما أكثر عليه قال: أقول يا أمير المؤمنين إن الله سيجعله ثالثاً لأبيك وأخيك وبينهما، فإن دخلا الجنة
فعاملهما، والمنفذ لأمرهما، وإن دخلا النار فأسفل منهما. قال: فقال سليمان: ويحك يا فلان! اكتب إلى العامة أن يكفوا عن لعن الحجاج، فلا يذكروه بلعنة، ولا بصلاة. قال: وقد كان كتب إلى العامة ألا يذكروه إلا بلعنة، قال: فكانوا يفعلون. قال: وأذن له بالانصراف إلى أهله، فقدم دمشق، فتهيأ للرواح إلى المسجد، فراح معتماً حتى قام من غرب المسجد، فقام يصلي فيه، فنظر أهل المسجد الذي يلونه بعضهم إلى بعض، فقالوا: هذا ابن أبي مسلم قد صلى، وهو الآن يأتيكم للمجالسة والألفة التي كانت بينكم وبينه فقوموا إليه، فازجروه عنكم قبل أن يأتيكم، فإنكم إن أتاكم فزجرتموه كانت به عليكم شهرة وأحدوثة. قال: فقاموا إليه، فلما رآهم ظن أنهم أتوه ليسلموا عليه، ورحب بهم. فقالوا: يا هذا، إليك عنا، كنت تجالسنا، وقد فعلت بالعراق وفعلت، فلا تجالسنا، ولا تقربنا. قال: فقال بيده يحركها، وقال: فعلت وفعلت، أم والله ما أجدني آسى على شيء إلا على نفوس كثيرة تركتها في سجون العراق ألا أكون أتيت عليها.
دخل يزيد بن أبي مسلم القيسي على سليمان بن عبد الملك بعد وفاة الحجاج، وكان يزيد دميماً قصيراً، فقال له سليمان: ما جاء بك؟ من استكتبك، ومن قلدك؟ قبحك الله! فقال له يزيد: يا أمير المؤمنين، نظرت إلي وقد أدبر أمري فصغر في عينك ما عظم في عين غيرك.
وهم باستكتابه، فقال له عمر بن عبد العزيز: أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن تحيي ذكر الحجاج باستكتابك كاتبه! قال: يا أبا حفص، إني كشفته فلم أجد عليه خيانة، فقال عمر: أنا أوجدك من هو أعف عن الدينار والدرهم منه، فقال سليمان: ومن هذا؟ قال: إبليس، ما مس ديناراً، ولا درهماً بيده، وقد أهلك هذا الخلق، فتركه سليمان.
ولما وقف سليمان بن عبد الملك يزيد بن أبي مسلم للناس على درج دمشق، ونصبه للمظالم أقبل جرير على راحلته، وقال: أفرجوا عني حتى وصل إليه، ثم أنشأ يقول: من البسيط
كم في وعائك من أموال موتمة ... شعث صغار وكم خربت من دار
ورد عمر بن عبد العزيز ابن أبي مسلم من دابق، وقال: ليس بمثله يستعين به المسلمون على قتال عدوهم. وكان عطاؤه ألفين فحط إلى ثلاثين أو خمسة وعشرين فرجع من دابق إلى أطرابلس؛ لأنه كان سيافاً للحجاج، وكان ثقفياً.
قال يعقوب: وفيها يعني سنة إحدى ومائة أمر يزيد بن أبي مسلم على إفريقية، ونزع إسماعيل بن عبيد الله.
وقال خليفة: وفيها يعني سنة اثنتين ومائة وثب الجند على يزيد بن أبي مسلم، فقتلوه.