يرفا مولى عمر بن الخطاب وحاجبه
قال اليرفا: قال لي عمر بن الخطاب: إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة والي اليتيم: إن احتجت أخذت منه، فإذا أيسرت رددته، وإن استغنيت استعففت.
وقال: قال لي عمر: إني على أمر من الناس جسيم، فإذا رأيتني قد حلفت على شيء فأطعم عني عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من بر.
لما استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أبي عبيدة: أما بعد. فإن أبا بكر الصديق خليفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفي، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله أبا بكر العامل بالحق والآمر بالقسط، الآخذ بالعرف والسهل، القريب الوادع الحليم، فرغب إلى الله في العصمة برحمته، والعمل بطاعته، والخلود في جنته إنه على كل شيء قدير. والسلام.
فخرج يرفا مولاه حتى أتى أبا عبيدة بن الجراح، فقرأ كتاب عمر، فلم يسمع فيه بيعة أحد، فدعا أبو عبيدة معاذ بن جبل، فأقرأه الكتاب، فالتفت معاذ إلى الرسول فقال: رحم الله أبا بكر، ويح غيرك، ما فعل المسلمون؟ فقال: استخلف أبو بكر عمر فقال: الحمد لله، وفقوا وأصابوا، فقال أبو عبيدة: ما منعني عن مسألته منذ قرأت الكتاب إلا مخافة أن يستقبلني فيخبرني أنه ولى غير عمر، فقال له الرسول: يا أبا عبيدة، إن عمر بن الخطاب يقول لك: أخبرني عن حال الناس، وأخبرني عن خالد بن الوليد أي رجل هو؟ وأخبرني عن يزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص كيف هما في حالهما ونصيحتهما للمسلمين، فقال: خالد خير رجل وأنصحه للإسلام، وأشده على عدوهم من الكفار، وعمرو ويزيد في نصيحتهما وجدهما كما يحب، وقال: وأخبرني عن أخويك سعيد بن زيد ومعاذ بن جبل، فقال: هما كما عهدت إلا أن السؤدد زادهما في الدنيا زهداً، وفي الآخرة رغبة. ثم قام الرسول، فقالا: أين تريد؟ قال: أرجع، فقالا: سبحان الله، انتظر حتى نكتب معك فكتبا: بسم الله الرحمن الرحيم. من أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطاب، سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد. فإنا عهدناك وأمر نفسك لك مهم، يا عمر، قد أصبحت وقد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها، يجلس بين يديك العدو والصديق، والضعيف والشديد، ولكل عليك حصة من العدل، فانظر كيف تكون عند ذلك يا عمر، وإنا نذكرك يوماً تبلى فيه السرائر، وتنكشف فيه العورات، وتعنت فيه الوجوه لعزة ملك قهرهم جبروته، فالناس له داخرون، يخافون، وينتظرون قضاءه، وإنه بلغنا أنه يكون في هذه الأمة رجال يكونون إخوان العلانية،
أعداء السريرة، وإنا نعوذ بالله أن ينزل كتابنا منك بغير المنزلة التي أنزلناها من أنفسنا، والسلام عليك.
فمضى الرسول بالكتاب إليه، وقال أبو عبيدة لمعاذ بن جبل: والله ما أمرنا عمر أن نظهر هلاك أبي بكر للناس، وما نعاه إليهم، فما يرى أن نذكر من ذلك شيئاً دون أن يكون هو الذي يذكره، قال معاذ: نعم ما رأيت، فسكتا، فلم يذكر للناس من ذلك شيئاً.
قال نافع: سمعت ابن عمر يحدث سعيد بن جبير قال: بلغ عمر بن الخطاب أن يزيد بن أبي سفيان يأكل ألوان الطعام فقال عمر لمولى له يقال له: يرفا: إذا علمت أنه قد حضر عشاؤه فأعلمني، فأعلمه، فأتى عمر فسلم، ورجل يقرب عشاءه، فجاء بثريدة لحم، فأكل عمر معه منها، ثم قرب شواء، فبسط يزيد يده، وكف عمر، وقال: الله يا يزيد، أطعام بعد طعام؟! والذي نفس عمر بيده لئن خالفتهم عن سنتهم ليخالفن بكم عن طريقهم.
قال الزهري: كان عمر يأذن عليه مولاه يرفا.
قال المغيرة بن شعبة: أنا أول من رشا في الإسلام، كنت آتي فأجلس بالباب أنتظر الدخول على عمر، فقلت ليرفا حاجبه: خذ هذه العمامة، فإن عندي أختاً لها لتلبسها، فكان يدخلني، أجلس وراء الباب، فمن رآني قال: إنه ليدخل على عمر في ساعة ما يدخل عليه فيها أحد.
وعن المغيرة قال: قال رجل له: إن آذنك يعرف رجالاً فيؤثرهم بالإذن، قال: عذره الله، والله إن المعرفة لتبلغ عند الكلب العقور، والجمل الصؤول، فلا بك من الرجل الخير ذي الحسب؟ والله إن كنا لنصانع أرفى آذن عمر رضي الله عنه.
قال اليرفا: قال لي عمر بن الخطاب: إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة والي اليتيم: إن احتجت أخذت منه، فإذا أيسرت رددته، وإن استغنيت استعففت.
وقال: قال لي عمر: إني على أمر من الناس جسيم، فإذا رأيتني قد حلفت على شيء فأطعم عني عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من بر.
لما استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أبي عبيدة: أما بعد. فإن أبا بكر الصديق خليفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفي، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله أبا بكر العامل بالحق والآمر بالقسط، الآخذ بالعرف والسهل، القريب الوادع الحليم، فرغب إلى الله في العصمة برحمته، والعمل بطاعته، والخلود في جنته إنه على كل شيء قدير. والسلام.
فخرج يرفا مولاه حتى أتى أبا عبيدة بن الجراح، فقرأ كتاب عمر، فلم يسمع فيه بيعة أحد، فدعا أبو عبيدة معاذ بن جبل، فأقرأه الكتاب، فالتفت معاذ إلى الرسول فقال: رحم الله أبا بكر، ويح غيرك، ما فعل المسلمون؟ فقال: استخلف أبو بكر عمر فقال: الحمد لله، وفقوا وأصابوا، فقال أبو عبيدة: ما منعني عن مسألته منذ قرأت الكتاب إلا مخافة أن يستقبلني فيخبرني أنه ولى غير عمر، فقال له الرسول: يا أبا عبيدة، إن عمر بن الخطاب يقول لك: أخبرني عن حال الناس، وأخبرني عن خالد بن الوليد أي رجل هو؟ وأخبرني عن يزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص كيف هما في حالهما ونصيحتهما للمسلمين، فقال: خالد خير رجل وأنصحه للإسلام، وأشده على عدوهم من الكفار، وعمرو ويزيد في نصيحتهما وجدهما كما يحب، وقال: وأخبرني عن أخويك سعيد بن زيد ومعاذ بن جبل، فقال: هما كما عهدت إلا أن السؤدد زادهما في الدنيا زهداً، وفي الآخرة رغبة. ثم قام الرسول، فقالا: أين تريد؟ قال: أرجع، فقالا: سبحان الله، انتظر حتى نكتب معك فكتبا: بسم الله الرحمن الرحيم. من أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطاب، سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد. فإنا عهدناك وأمر نفسك لك مهم، يا عمر، قد أصبحت وقد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها، يجلس بين يديك العدو والصديق، والضعيف والشديد، ولكل عليك حصة من العدل، فانظر كيف تكون عند ذلك يا عمر، وإنا نذكرك يوماً تبلى فيه السرائر، وتنكشف فيه العورات، وتعنت فيه الوجوه لعزة ملك قهرهم جبروته، فالناس له داخرون، يخافون، وينتظرون قضاءه، وإنه بلغنا أنه يكون في هذه الأمة رجال يكونون إخوان العلانية،
أعداء السريرة، وإنا نعوذ بالله أن ينزل كتابنا منك بغير المنزلة التي أنزلناها من أنفسنا، والسلام عليك.
فمضى الرسول بالكتاب إليه، وقال أبو عبيدة لمعاذ بن جبل: والله ما أمرنا عمر أن نظهر هلاك أبي بكر للناس، وما نعاه إليهم، فما يرى أن نذكر من ذلك شيئاً دون أن يكون هو الذي يذكره، قال معاذ: نعم ما رأيت، فسكتا، فلم يذكر للناس من ذلك شيئاً.
قال نافع: سمعت ابن عمر يحدث سعيد بن جبير قال: بلغ عمر بن الخطاب أن يزيد بن أبي سفيان يأكل ألوان الطعام فقال عمر لمولى له يقال له: يرفا: إذا علمت أنه قد حضر عشاؤه فأعلمني، فأعلمه، فأتى عمر فسلم، ورجل يقرب عشاءه، فجاء بثريدة لحم، فأكل عمر معه منها، ثم قرب شواء، فبسط يزيد يده، وكف عمر، وقال: الله يا يزيد، أطعام بعد طعام؟! والذي نفس عمر بيده لئن خالفتهم عن سنتهم ليخالفن بكم عن طريقهم.
قال الزهري: كان عمر يأذن عليه مولاه يرفا.
قال المغيرة بن شعبة: أنا أول من رشا في الإسلام، كنت آتي فأجلس بالباب أنتظر الدخول على عمر، فقلت ليرفا حاجبه: خذ هذه العمامة، فإن عندي أختاً لها لتلبسها، فكان يدخلني، أجلس وراء الباب، فمن رآني قال: إنه ليدخل على عمر في ساعة ما يدخل عليه فيها أحد.
وعن المغيرة قال: قال رجل له: إن آذنك يعرف رجالاً فيؤثرهم بالإذن، قال: عذره الله، والله إن المعرفة لتبلغ عند الكلب العقور، والجمل الصؤول، فلا بك من الرجل الخير ذي الحسب؟ والله إن كنا لنصانع أرفى آذن عمر رضي الله عنه.